هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
80 حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ : أَنْ يُرْفَعَ العِلْمُ وَيَثْبُتَ الجَهْلُ ، وَيُشْرَبَ الخَمْرُ ، وَيَظْهَرَ الزِّنَا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
80 حدثنا عمران بن ميسرة ، قال : حدثنا عبد الوارث ، عن أبي التياح ، عن أنس بن مالك ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن من أشراط الساعة : أن يرفع العلم ويثبت الجهل ، ويشرب الخمر ، ويظهر الزنا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ : أَنْ يُرْفَعَ العِلْمُ وَيَثْبُتَ الجَهْلُ ، وَيُشْرَبَ الخَمْرُ ، وَيَظْهَرَ الزِّنَا .

Narrated Anas:

Allah's Messenger (ﷺ) said, From among the portents of the Hour are (the following): -1. Religious knowledge will be taken away (by the death of Religious learned men). -2. (Religious) ignorance will prevail. -3. Drinking of Alcoholic drinks (will be very common). -4. There will be prevalence of open illegal sexual intercourse.

0080 Anas dit : Le Messager de Dieu dit : « Parmi les signes précurseurs de l’Heure, il y a : la disparition de la Science, l’extension de l’ignorance, la consommation des boissons spiritueuses et la propagation de l’adultère.« 

":"ہم سے عمران بن میسرہ نے بیان کیا ، ان سے عبدالوارث نے ابوالتیاح کے واسطے سے نقل کیا ، وہ حضرت انس سے روایت کرتے ہیں کہرسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا ۔ علامات قیامت میں سے یہ ہے کہ ( دینی ) علم اٹھ جائے گا اور جہل ہی جہل ظاہر ہو جائے گا ۔ اور ( علانیہ ) شراب پی جائے گی اور زنا پھیل جائے گا ۔

0080 Anas dit : Le Messager de Dieu dit : « Parmi les signes précurseurs de l’Heure, il y a : la disparition de la Science, l’extension de l’ignorance, la consommation des boissons spiritueuses et la propagation de l’adultère.« 

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [80] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ فِي بَعْضِهَا عِمْرَانُ غَيْرُ مَذْكُورِ الْأَبِ وَقَدْ عُرِفَ مِنَ الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى أَنَّهُ بن مَيْسَرَةَ وَقَدْ خَرَّجَهُ النَّسَائِيُّ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُوسَى الْقَزَّازِ وَلَيْسَ هُوَ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ فِيهِ قَوْله عبد الْوَارِث هُوَ بن سَعِيدٍ عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ بِمُثَنَّاةٍ مَفْتُوحَةٍ فَوْقَانِيَّةٍ بَعْدَهَا تَحْتَانِيَّةٌ ثَقِيلَةٌ وَآخِرُهُ حَاءٌ مُهْمَلَةٌ كَمَا تَقَدَّمَ .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَنَسٍ زَادَ الْأَصِيلِيُّ وَأَبُو ذَر بن مَالِكٍ وَلِلنَّسَائِيِّ حَدَّثَنَا أَنَسٌ وَرِجَالُ هَذَا الْإِسْنَادِ كُلُّهُمْ بَصْرِيُّونَ وَكَذَا الَّذِي بَعْدَهُ .

     قَوْلُهُ  أَشْرَاطُ السَّاعَةِ أَيْ عَلَامَاتُهَا كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْإِيمَانِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ مِنْهَا مَا يَكُونُ مِنْ قَبِيلِ الْمُعْتَادِ وَمِنْهَا مَا يَكُونُ خَارِقًا لِلْعَادَةِ .

     قَوْلُهُ  أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ هُوَ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ لِأَنَّهُ اسْمُ إِنَّ وَسَقَطَتْ إِنَّ مِنْ رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ حَيْثُ أَخْرَجَهُ عَنْ عِمْرَانَ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ فَعَلَى رِوَايَتِهِ يَكُونُ مَرْفُوعَ الْمَحَلِّ وَالْمُرَادُ بِرَفْعِهِ مَوْتُ حَمَلَتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ .

     قَوْلُهُ  وَيَثْبُتُ هُوَ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ وَضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَيُبَثُّ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ بَعْدَهَا مُثَلَّثَةٌ أَيْ يَنْتَشِرُ وَغَفَلَ الْكِرْمَانِيُّ فَعَزَاهَا لِلْبُخَارِيِّ وَإِنَّمَا حَكَاهَا النَّوَوِيُّ فِي الشَّرْحِ لِمُسْلِمٍ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ وَفِي رِوَايَةِ وَيَنْبُتُ بِالنُّونِ بَدَلَ الْمُثَلَّثَةِ مِنَ النَّبَاتِ وَحَكَى بن رَجَبٍ عَنْ بَعْضِهِمْ وَيَنُثُّ بِنُونٍ وَمُثَلَّثَةٍ مِنَ النَّثِّ وَهُوَ الْإِشَاعَةُ.

.

قُلْتُ وَلَيْسَتْ هَذِهِ فِي شَيْءٍ مِنَ الصَّحِيحَيْنِ .

     قَوْلُهُ  وَيُشْرَبُ الْخَمْرُ هُوَ بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ أَوَّلَهُ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ عَلَى الْعَطْفِ وَالْمُرَادُ كَثْرَةُ ذَلِكَ وَاشْتِهَارُهُ وَعِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي النِّكَاحِ مِنْ طَرِيقِ هِشَامٍ عَنْ قَتَادَةَ وَيَكْثُرُ شُرْبُ الْخَمْرِ فَالْعَلَامَةُ مَجْمُوعُ مَا ذُكِرَ .

     قَوْلُهُ  وَيظْهر الزِّنَى أَيْ يَفْشُو كَمَا فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [80] حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ، وَيَثْبُتَ الْجَهْلُ، وَيُشْرَبَ الْخَمْرُ، وَيَظْهَرَ الزِّنَا».
[الحديث أطرافه في: 81، 5231، 5577، 6808] .
وبالسند السابق إلى المؤلف قال: ( حدّثنا عمران بن ميسرة) ضد الميمنة المنقريالبصري، المتوفى سنة ثلاث وعشرين ومائتين ( قال: حدّثنا عبد الوارث) بن سعيد بن ذكوان التميمي البصري ( عن أبي التيّاح) بفتح المثناة الفوقية وتشديد التحتية آخره مهملة يزيد بن حميد الضبعي، المتوفى سنة ثمان وعشرين ومائة ( عن أنس) وللأصيلي زيادة ابن مالك أنه ( قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) : ( إن من أشراط الساعة) بفتح الهمزة أي علاماتها ( أن يرفع العلم) بموت حملته وقبض نقلته لا بمحوه من صدورهم، ويرفع بضم أوّله، وعند النسائي من أشراط الساعة بحذف إن، وحينئذ فيكون محل أن يرفع العلم رفعًا على الابتداء وخبره مقدّم ( و) أن ( يثبت الجهل) بفتح المثناة التحتية من الثبوت بالمثلثة وهو ضد النفي، وعند مسلم ويبث من البث بموحدة فمثلثة وهو الظهور والفشوّ.
( و) أن ( يشرب) بضم المثناة التحتية ( الخمر) أي يكثر شربه.
وفي النكاح من طريق هشام عن قتادة ويكثر شرب الخمر فالمطلق محمول على المقيد خلافًا لمن ذهب إلى أنه لا يجب حمله عليه، والاحتياط بالحمل هاهنا أولى لأن حمل كلام النبوّة على أقوى محامله أقرب، فإن السياق يفهم أن المراد بأشراط الساعة وقوع أشياء لم تكن معهودة حين المقالة، فإذا ذكر شيئًا كان موجودًا عند المقالة فحمله على أن المراد بجعله علامة أن يتصف بصفة زائدة على ما كان موجودًا كالكثرة والشهرة أقرب، ( و) أن ( يظهر) أي يفشو ( الزنا) بالقصر على لغة أهل الحجاز وبها جاء التنزيل وبالمد لأهل نجد والنسبة إلى الأوّل زنوي وإلى الآخر زناوي، فوجود الأربع هو العلامة لوقوع الساعة.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [80] حدّثنا عِمْرَانُ بنُ مَيْسَرَةَ قَالَ: حدّثنا عَبْدُ الوارِثِ عنْ أبي التَّيَّاحِ عنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( إِنَّ منْ أشْرَاطِ السَّاعَةِ أنْ يُرْفَعَ العِلْمُ وَيَثْبُتَ الجَهْلُ وَيُشْرَبَ الخَمْرُ وَيَظْهَرَ الزِّنا) .. مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
بَيَان رِجَاله: وهم أَرْبَعَة.
الأول: عمرَان، بِكَسْر الْعين: ابْن ميسرَة، بِفَتْح الْمِيم، ضد الميمنة: أَبُو الْحسن الْمنْقري الْبَصْرِيّ، روى عَنهُ أَبُو زرْعَة وَأَبُو حَاتِم وَالْبُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد، مَاتَ سنة ثَلَاث وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ.
الثَّانِي: عبد الْوَارِث بن سعيد بن ذكْوَان التَّيْمِيّ الْبَصْرِيّ، وَقد تقدم.
الثَّالِث: أَبُو التياح، بِفَتْح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف والحاء الْمُهْملَة: اسْمه يزِيد بن زِيَادَة بن حميد الضبعِي، من أنفسهم، وَلَيْسَ فِي الْكتب السِّتَّة من يشْتَرك مَعَه فِي هَذِه الكنية، وَرُبمَا كنى بِأبي حَمَّاد، وَهُوَ ثِقَة ثَبت صَالح: مَاتَ سنة ثَمَان وَعشْرين وَمِائَة، روى عَنهُ الْجَمَاعَة.
الرَّابِع: أنس بن مَالك، رَضِي الله عَنهُ.
بَيَان لطائف إِسْنَاده: مِنْهَا: أَن فِيهِ التحديث والعنعنة: وَمِنْهَا: أَن رُوَاته كلهم بصريون.
وَمِنْهَا: أَن إِسْنَاده رباعي.
بَيَان من أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ هُنَا عَن عمرَان بن ميسرَة، وَمُسلم فِي الْقدر عَن شَيبَان بن فروخ، وَالنَّسَائِيّ فِي الْعلم عَن عمرَان بن مُوسَى الْقَزاز، ثَلَاثَتهمْ عَن عبد الْوَارِث عَنهُ بِهِ.
بَيَان اللُّغَات: قَوْله: ( من أَشْرَاط السَّاعَة) ، بِفَتْح الْهمزَة: أَي: علاماتها، وَهُوَ جمع شَرط، بِفَتْح الشين وَالرَّاء، وَبِه سميت: شَرط السُّلْطَان، لأَنهم جعلُوا لأَنْفُسِهِمْ عَلَامَات يعْرفُونَ بهَا.
وَقد مر زِيَادَة الْكَلَام فِيهِ فِي الْإِيمَان.
قَوْله: ( وَيثبت الْجَهْل) ، من الثُّبُوت، بالثاء الْمُثَلَّثَة وَهُوَ ضد النَّفْي.
وَفِي رِوَايَة لمُسلم: ( ويبث) ، من البث، بِالْبَاء الْمُوَحدَة والثاء الْمُثَلَّثَة.
وَهُوَ الظُّهُور والفشو..
     وَقَالَ  بَعضهم: وغفل الْكرْمَانِي فعزاها إِلَى البُخَارِيّ، وَإِنَّمَا حَكَاهَا النَّوَوِيّ فِي ( شرح مُسلم) .
قلت: لم يقل الْكرْمَانِي: وَفِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ، وَلَا قَالَ: روى، وَإِنَّمَا قَالَ: وَفِي بعض النّسخ: يبث من البث، وَهُوَ النشر، وَلَا يلْزم من هَذِه الْعبارَة نسبته إِلَى البُخَارِيّ، لِأَنَّهُ يُمكن أَن تكون هَذِه الرِّوَايَة من غير البُخَارِيّ وَقد كتب فِي كِتَابه، وَكَذَا قَالَ الْكرْمَانِي: وَفِي بَعْضهَا: ينْبت من النَّبَات، بالنُّون.
والمعترض الْمَذْكُور أَيْضا، وَلَيْسَت هَذِه فِي شَيْء من الصَّحِيحَيْنِ قَالَ وَلَا يلْزم من عدم اطِّلَاعه على ذَلِك نَفْيه بِالْكُلِّيَّةِ، وَرُبمَا ثَبت ذَلِك عِنْد أَحْمد من نَقله ( الصَّحِيحَيْنِ) ، فنقله ثمَّ جعل ذَلِك نُسْخَة، وَالْمُدَّعِي بالفن لَا يقدر على إحاطة جَمِيع مَا فِيهِ، وَلَا سِيمَا علم الرِّوَايَة، فَإِنَّهُ علم وَاسع لَا يدْرك ساحله.
قَوْله: ( وَيشْرب الْخمر) قَالَ بَعضهم: المُرَاد كَثْرَة ذَلِك واشتهاره، ثمَّ أكد كَلَامه بقوله: وَعند المُصَنّف فِي النِّكَاح من طَرِيق هِشَام عَن قَتَادَة: ( وَيكثر شرب الْخمر) .
أَو الْعَلامَة مَجْمُوع ذَلِك.
قلت: لَا نسلم أَن المُرَاد كَثْرَة ذَلِك، بل شرب الْخمر مُطلقًا هُوَ جُزْء الْعلَّة من أَشْرَاط السَّاعَة، وَقَوله فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى: ( وَيكثر شرب الْخمر) لَا يسْتَلْزم أَن يكون نفي مُطلق الشّرْب من أشراطها، لِأَن الْمُقَيد بِحكم لَا يسْتَلْزم نفي الحكم الْمُطلق، وَالْأَصْل إِجْرَاء كل لفظ على مُقْتَضَاهُ، وَلَا تنَافِي بَين حكم يُمكن حُصُوله مُعَلّقا بِشَرْط تَارَة، وَبِغَيْرِهِ أُخْرَى، وَنَظِيره: الْملك، فَإِنَّهُ يُوجد بِالشِّرَاءِ وَغَيره، وَهَذَا الْقَائِل أَخذ مَا قَالَه من كَلَام الْكرْمَانِي حَيْثُ قَالَ: فَإِن قلت: شرب الْخمر كَيفَ يكون من علاماتها، وَالْحَال أَنه كَانَ وَاقعا فِي جَمِيع الْأَزْمَان، وَقد حد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعض النَّاس لشربه إِيَّاهَا؟ قلت: المُرَاد مِنْهُ أَن يشرب شرباً فاشياً، أَو أَن نقس الشّرْب وَحده لَيْسَ عَلامَة، بل الْعَلامَة مَجْمُوع الْأُمُور الْمَذْكُورَة.
قلت: هَذَا السُّؤَال غير وَارِد لِأَنَّهُ لَا يلْزم من وُقُوعهَا فِي جَمِيع الْأَزْمَان، وحد النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، شاربها أَن لَا يكون من عَلَامَات السَّاعَة.
نعم قَوْله: بل الْعَلامَة مَجْمُوع الْأُمُور الْمَذْكُورَة هُوَ كَذَلِك، لِأَنَّهُ، عَلَيْهِ الصَّلَاةوَالسَّلَام، جمع بَين الْأَشْيَاء الْأَرْبَعَة بِحرف الْجمع، وَالْجمع بِحرف الْجمع كالجمع بِلَفْظ الْجمع، وَوُجُود الْمَجْمُوع هُوَ الْعَلامَة لوُقُوع السَّاعَة، وكل مِنْهَا جُزْء الْعلَّة، فحينئذٍ تَقْيِيد الشّرْب بِالْكَثْرَةِ لَا يُفِيد.
وَقد قُلْنَا: إِن مَا ورد من قَوْله: وَيكثر شرب الْخمر، لَا يُنَافِي كَون مُطلق الشّرْب جُزْء عِلّة، وكل من الشّرْب الْمُطلق وَالشرب الْمُقَيد بِالْكَثْرَةِ والشهرة جُزْء عِلّة لِأَن الْعلَّة الدَّالَّة على وُقُوع الحكم هِيَ الْعلَّة المركبة من وجود الْأَشْيَاء الْأَرْبَعَة.
ثمَّ الْخمر فِي اللُّغَة من التخمير، وَهُوَ: التغطية.
سميت بِهِ لِأَنَّهَا تغطي الْعقل.
وَمِنْه الْخمار للْمَرْأَة، وَفِي ( الْعباب) : يُقَال: خمرة وخمر وخمور.
مِثَال تَمْرَة وتمر وتمور، وَيُقَال: خمرة صرف، وَفِي الحَدِيث: ( الْخمْرَة مَا خامر الْعقل) ..
     وَقَالَ  ابْن الْأَعرَابِي: سميت الْخمْرَة خمرًا لِأَنَّهَا تركت فَاخْتَمَرت، واختمارها تَغْيِير رِيحهَا، وَعند الْفُقَهَاء: الْخمر هِيَ النيء من مَاء الْعِنَب إِذا غلا وَاشْتَدَّ وَقذف بالزبد، وَيلْحق بهَا غَيرهَا من الْأَشْرِبَة إِذا أسكر.
قَوْله: ( وَيظْهر الزِّنَا) أَي: يفشو وينتشر، وَفِي رِوَايَة مُسلم: ( ويفشو الزِّنَا) ، وَالزِّنَا: يمد وَيقصر، وَالْقصر لأهل الْحجاز قَالَ الله تَعَالَى: { وَلَا تقربُوا الزِّنَا} ( الْإِسْرَاء: 32) وَالْمدّ لأهل نجد، وَقد زنى يَزْنِي وَهُوَ من النواقص اليائية، وَالنِّسْبَة إِلَى الْمَقْصُور: زنوي، وَإِلَى المدود: زنائي.
بَيَان الْإِعْرَاب: قَوْله: ( أَن) : حرف من الْحُرُوف المشبهة بِالْفِعْلِ يرفع وَينصب فَقَوله: ( أَن يرفع الْعلم) فِي مَحل النصب إسمها، و: أَن، مَصْدَرِيَّة تَقْرِيره: رفع الْعلم.
وخبرها قَوْله: ( من أَشْرَاط السَّاعَة) وَفِي رِوَايَة النَّسَائِيّ: ( من أَشْرَاط السَّاعَة أَن يرفع الْعلم) ، من غير أَن فِي أَوله، فعلى هَذِه الرِّوَايَة يكون مَحل ( أَن يرفع الْعلم) الرّفْع على الِابْتِدَاء، وَخَبره مقدما ( من أَشْرَاط السَّاعَة) ..
     وَقَالَ  بَعضهم: وَسَقَطت: أَن، من رِوَايَة النَّسَائِيّ حَيْثُ أخرجه عَن عمرَان شيخ البُخَارِيّ.
قلت: هَذَا غَفلَة وسهو، لِأَن شيخ البُخَارِيّ هُوَ عمرَان بن ميسرَة، وَشَيخ النَّسَائِيّ هُوَ عمرَان بن مُوسَى.
قَوْله: ( وَيثبت) بِالنّصب عطفا على: ( أَن يرفع) ، وَكَذَلِكَ: ( وَيشْرب وَيظْهر) منصوبان بالْعَطْف على الْمَنْصُوب، و: أَن، مقدرَة فِي الْجمع، و: يرفع وَيشْرب، مَجْهُولَانِ، و: وَيثبت وَيظْهر، معلومان.
بَيَان الْمعَانِي: قَوْله: ( أَن يرفع الْعلم) فِيهِ إِسْنَاد مجازي، وَالْمرَاد: رَفعه بِمَوْت حَملته وَقبض الْعلمَاء، وَلَيْسَ المُرَاد محوه من صُدُور الْحفاظ وَقُلُوب الْعلمَاء، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي بَاب: كَيفَ يقبض الْعلم؟ عَن عبد اللَّه بن عمر، قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: ( إِن الله عز وَجل لَا يقبض الْعلم انتزاعاً ينتزعه من الْعباد، وَلَكِن يقبض الْعلم بِقَبض الْعلمَاء حَتَّى إِذا لم يبْق عَالما اتخذ النَّاس رُؤَسَاء جُهَّالًا فيسألوا، فافتوا بِغَيْر علم فضلوا وأضلوا) .
وَبَين بِهَذَا الحَدِيث أَن المُرَاد بِرَفْع الْعلم هُنَا قبض أَهله وهم الْعلمَاء لَا محوه من الصُّدُور، لَكِن بِمَوْت أَهله واتخاذ النَّاس رُؤَسَاء جُهَّالًا فيحكمون فِي دين الله تَعَالَى برأيهم ويفتون بجهلهم، قَالَ القَاضِي عِيَاض: وَقد وجد ذَلِك فِي زَمَاننَا، كَمَا أخبر بِهِ، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام.
قَالَ الشَّيْخ قطب الدّين: قلت: هَذَا قَوْله مَعَ توفر الْعلمَاء فِي زَمَانه، فَكيف بزماننا؟ قَالَ العَبْد الضَّعِيف: هَذَا قَوْله مَعَ كَثْرَة الْفُقَهَاء وَالْعُلَمَاء من الْمذَاهب الْأَرْبَعَة والمحدثين الْكِبَار فِي زَمَانه، فَكيف بزماننا الَّذِي خلت الْبِلَاد عَنْهُم، وتصدرت الْجُهَّال بالإفتاء والتعين فِي الْمجَالِس والتدريس فِي الْمدَارِس؟ فنسأل السَّلامَة والعافية.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ رَفْعِ الْعِلْمِ)
مَقْصُودُ الْبَابِ الْحَثُّ عَلَى تَعَلُّمِ الْعِلْمِ فَإِنَّهُ لَا يُرْفَعُ إِلَّا بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ كَمَا سَيَأْتِي صَرِيحًا وَمَا دَامَ مَنْ يَتَعَلَّمُ الْعِلْمَ مَوْجُودًا لَا يَحْصُلُ الرَّفْعُ وَقَدْ تَبَيَّنَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ أَنَّ رَفْعَهُ مِنْ عَلَامَاتِ السَّاعَةِ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  رَبِيعَةُ هُوَ بن أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْفَقِيهُ الْمَدَنِيُّ الْمَعْرُوفُ بِرَبِيعَةَ الرَّأْيِ بِإِسْكَانِ الْهَمْزَةِ قِيلَ لَهُ ذَلِكَ لِكَثْرَةِ اشْتِغَالِهِ بِالِاجْتِهَادِ وَمُرَادُ رَبِيعَةَ أَنَّ مَنْ كَانَ فِيهِ فَهْمٌ وَقَابِلِيَّةٌ لِلْعِلْمِ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُهْمِلَ نَفْسَهُ فَيَتْرُكَ الِاشْتِغَالَ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ ذَلِكَ إِلَى رَفْعِ الْعِلْمِ أَوْ مُرَادُهُ الْحَثُّ عَلَى نَشْرِ الْعِلْمِ فِي أَهْلِهِ لِئَلَّا يَمُوتَ الْعَالِمُ قَبْلَ ذَلِكَ فَيُؤَدِّيَ إِلَى رَفْعِ الْعِلْمِ أَوْ مُرَادُهُ أَنْ يُشْهِرَ الْعَالِمُ نَفْسَهُ وَيَتَصَدَّى لِلْأَخْذِ عَنْهُ لِئَلَّا يَضِيعَ عِلْمُهُ وَقِيلَ مُرَادُهُ تَعْظِيمُ الْعِلْمِ وَتَوْقِيرُهُ فَلَا يُهِينُ نَفْسَهُ بِأَنْ يَجْعَلَهُ عَرَضًا لِلدُّنْيَا وَهَذَا مَعْنًى حَسَنٌ لَكِنَّ اللَّائِقَ بِتَبْوِيبِ الْمُصَنِّفِ مَا تَقَدَّمَ وَقَدْ وَصَلَ أَثَرَ رَبِيعَةَ الْمَذْكُورَ الْخَطِيبُ فِي الْجَامِعِ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَدْخَلِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْأُوَيْسِيِّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ رَبِيعَةَ

[ قــ :80 ... غــ :80] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ فِي بَعْضِهَا عِمْرَانُ غَيْرُ مَذْكُورِ الْأَبِ وَقَدْ عُرِفَ مِنَ الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى أَنَّهُ بن مَيْسَرَةَ وَقَدْ خَرَّجَهُ النَّسَائِيُّ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُوسَى الْقَزَّازِ وَلَيْسَ هُوَ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ فِيهِ قَوْله عبد الْوَارِث هُوَ بن سَعِيدٍ عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ بِمُثَنَّاةٍ مَفْتُوحَةٍ فَوْقَانِيَّةٍ بَعْدَهَا تَحْتَانِيَّةٌ ثَقِيلَةٌ وَآخِرُهُ حَاءٌ مُهْمَلَةٌ كَمَا تَقَدَّمَ .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَنَسٍ زَادَ الْأَصِيلِيُّ وَأَبُو ذَر بن مَالِكٍ وَلِلنَّسَائِيِّ حَدَّثَنَا أَنَسٌ وَرِجَالُ هَذَا الْإِسْنَادِ كُلُّهُمْ بَصْرِيُّونَ وَكَذَا الَّذِي بَعْدَهُ .

     قَوْلُهُ  أَشْرَاطُ السَّاعَةِ أَيْ عَلَامَاتُهَا كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْإِيمَانِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ مِنْهَا مَا يَكُونُ مِنْ قَبِيلِ الْمُعْتَادِ وَمِنْهَا مَا يَكُونُ خَارِقًا لِلْعَادَةِ .

     قَوْلُهُ  أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ هُوَ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ لِأَنَّهُ اسْمُ إِنَّ وَسَقَطَتْ إِنَّ مِنْ رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ حَيْثُ أَخْرَجَهُ عَنْ عِمْرَانَ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ فَعَلَى رِوَايَتِهِ يَكُونُ مَرْفُوعَ الْمَحَلِّ وَالْمُرَادُ بِرَفْعِهِ مَوْتُ حَمَلَتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ .

     قَوْلُهُ  وَيَثْبُتُ هُوَ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ وَضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَيُبَثُّ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ بَعْدَهَا مُثَلَّثَةٌ أَيْ يَنْتَشِرُ وَغَفَلَ الْكِرْمَانِيُّ فَعَزَاهَا لِلْبُخَارِيِّ وَإِنَّمَا حَكَاهَا النَّوَوِيُّ فِي الشَّرْحِ لِمُسْلِمٍ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ وَفِي رِوَايَةِ وَيَنْبُتُ بِالنُّونِ بَدَلَ الْمُثَلَّثَةِ مِنَ النَّبَاتِ وَحَكَى بن رَجَبٍ عَنْ بَعْضِهِمْ وَيَنُثُّ بِنُونٍ وَمُثَلَّثَةٍ مِنَ النَّثِّ وَهُوَ الْإِشَاعَةُ.

.

قُلْتُ وَلَيْسَتْ هَذِهِ فِي شَيْءٍ مِنَ الصَّحِيحَيْنِ .

     قَوْلُهُ  وَيُشْرَبُ الْخَمْرُ هُوَ بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ أَوَّلَهُ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ عَلَى الْعَطْفِ وَالْمُرَادُ كَثْرَةُ ذَلِكَ وَاشْتِهَارُهُ وَعِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي النِّكَاحِ مِنْ طَرِيقِ هِشَامٍ عَنْ قَتَادَةَ وَيَكْثُرُ شُرْبُ الْخَمْرِ فَالْعَلَامَةُ مَجْمُوعُ مَا ذُكِرَ .

     قَوْلُهُ  وَيظْهر الزِّنَى أَيْ يَفْشُو كَمَا فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب رَفْعِ الْعِلْمِ، وَظُهُورِ الْجَهْلِ.

وَقَالَ رَبِيعَةُ: لاَ يَنْبَغِي لأَحَدٍ عِنْدَهُ شَىْءٌ مِنَ الْعِلْمِ أَنْ يُضَيِّعَ نَفْسَهُ
( باب رفع العلم وظهور الجهل) الأوّل مستلزم للثاني وأتى به للإيضاح ( وقال ربيعة) الرأي بالهمزة الساكنة ابن أبي عبد الرحمن المدني التابعي شيخ إمام الأئمة مالك، المتوفى بالمدينة سنة ست وثلاثين ومائة، وإنما قيل له الرأي لكثرة اشتغاله بالرأي والاجتهاد، ومقول قوله الموصول عند الخطيب في جامعه والبيهقي في مدخله ( لا ينبغي لأحد عنده شيء من العلم) أي الفهم ( أن يضيع نفسه) بترك الاشتغال أو بعدم إفادته لأهله لئلا يموت العلم فيؤدي ذلك إلى رفع العلم المستلزم لظهور الجهل، وفي رواية الأربعة يضيع نفسه بحذف أن.


[ قــ :80 ... غــ : 80 ]
- حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ، وَيَثْبُتَ الْجَهْلُ، وَيُشْرَبَ الْخَمْرُ، وَيَظْهَرَ الزِّنَا».
[الحديث 80 - أطرافه في: 81، 5231، 5577، 6808] .

وبالسند السابق إلى المؤلف قال: ( حدّثنا عمران بن ميسرة) ضد الميمنة المنقري البصري، المتوفى سنة ثلاث وعشرين ومائتين ( قال: حدّثنا عبد الوارث) بن سعيد بن ذكوان التميمي البصري ( عن أبي التيّاح) بفتح المثناة الفوقية وتشديد التحتية آخره مهملة يزيد بن حميد الضبعي، المتوفى سنة ثمان وعشرين ومائة ( عن أنس) وللأصيلي زيادة ابن مالك أنه ( قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( إن من أشراط الساعة) بفتح الهمزة أي علاماتها ( أن يرفع العلم) بموت حملته وقبض نقلته لا بمحوه من صدورهم، ويرفع بضم أوّله، وعند النسائي من أشراط الساعة بحذف إن، وحينئذ فيكون محل أن يرفع العلم رفعًا على الابتداء وخبره مقدّم ( و) أن ( يثبت الجهل) بفتح المثناة التحتية من الثبوت بالمثلثة وهو ضد النفي، وعند مسلم ويبث من البث بموحدة فمثلثة وهو الظهور والفشوّ.
( و) أن ( يشرب) بضم المثناة التحتية ( الخمر) أي يكثر شربه.
وفي النكاح من طريق هشام

عن قتادة ويكثر شرب الخمر فالمطلق محمول على المقيد خلافًا لمن ذهب إلى أنه لا يجب حمله عليه، والاحتياط بالحمل هاهنا أولى لأن حمل كلام النبوّة على أقوى محامله أقرب، فإن السياق يفهم أن المراد بأشراط الساعة وقوع أشياء لم تكن معهودة حين المقالة، فإذا ذكر شيئًا كان موجودًا عند المقالة فحمله على أن المراد بجعله علامة أن يتصف بصفة زائدة على ما كان موجودًا كالكثرة والشهرة أقرب، ( و) أن ( يظهر) أي يفشو ( الزنا) بالقصر على لغة أهل الحجاز وبها جاء التنزيل وبالمد لأهل نجد والنسبة إلى الأوّل زنوي وإلى الآخر زناوي، فوجود الأربع هو العلامة لوقوع الساعة.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ رفْعِ العِلْمِ وظُهُورِ الجَهْلِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان رفع الْعلم وَظُهُور الْجَهْل، وَإِنَّمَا قَالَ: وَظُهُور الْجَهْل، مَعَ أَن رفع الْعلم يسْتَلْزم ظُهُور الْجَهْل، لزِيَادَة الْإِيضَاح.
وَوجه الْمُنَاسبَة بَين الْبابَُُيْنِ من حَيْثُ إِن الْمَذْكُور فِي الْبابُُ الأول: فضل الْعَالم والمتعلم، وَفِيه التَّرْغِيب فِي تَحْصِيل الْعلم وَالْإِشَارَة إِلَى فَضِيلَة الْعلم، وَهَذَا الْبابُُ فِيهِ ضد ذَلِك، لِأَن فِيهِ: رفع الْعلم المستلزم لظُهُور الْجَهْل، وَفِيه التحذير وذم الْجَهْل وبالضد تتبين الْأَشْيَاء.

وَقَالَ رَبيعَةُ لَا يَنْبَغِي لأحَدٍ عِنْدَهُ شَيْءٌ مِنَ العِلْمِ أنْ يُضَيِّعَ نَفْسَهُ.

ربيعَة: هُوَ الْمَشْهُور بربيعة الرَّأْي، بِإِسْكَان الْهمزَة، إِنَّمَا قيل لَهُ ذَلِك لِكَثْرَة اشْتِغَاله بِالرَّأْيِ وَالِاجْتِهَاد، وَهُوَ ابْن أبي عبد الرَّحْمَن فروخ، بِالْفَاءِ وَالرَّاء الْمُشَدّدَة المضمومة وبالخاء الْمُعْجَمَة، الْمدنِي التَّابِعِيّ الْفَقِيه، شيخ مَالك بن أنس، روى عَنهُ الْأَعْلَام مِنْهُم أَبُو حنيفَة.
توفّي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَمِائَة بِالْمَدِينَةِ، وَقيل: بالأنبار، فِي دولة أبي الْعَبَّاس.
فَإِن قلت: مَا وَجه مُنَاسبَة قَول ربيعَة هَذَا للتبويب فِي رفع الْعلم؟ قلت: من كَانَ لَهُ فهم وَقبُول يلْزمه من فرض الْعلم مَا لَا يلْزم غَيره، فَيَنْبَغِي أَن يجْتَهد فِيهِ وَلَا يضيع علمه فيضيع نَفسه، فَإِنَّهُ إِذا لم يتَعَلَّم أفْضى إِلَى رفع الْعلم، لِأَن البليد لَا يقبل الْعلم، فَهُوَ عَنهُ مُرْتَفع.
فَلَو لم يتَعَلَّم الْفَهم لارتفع الْعلم عَنهُ أَيْضا، فيرتفع عُمُوما، وَذَلِكَ من أَشْرَاط السَّاعَة.
وَيُقَال: معنى كَلَام ربيعَة: الْحَث على نشر الْعلم، لِأَن الْعَالم فِي قومه إِذا لم ينشر علمه، وَمَات قبل ذَلِك، أدّى ذَلِك إِلَى رفع الْعلم وَظُهُور الْجَهْل، وَهَذَا الْمَعْنى أَيْضا يُنَاسب التَّبْوِيب.
وَيُقَال: مَعْنَاهُ: أَنه لَا يَنْبَغِي للْعَالم أَن يَأْتِي بِعِلْمِهِ أهل الدُّنْيَا.
وَلَا يتواضع لَهُم إجلالاً للْعلم.
فعلى هَذَا فَالْمَعْنى فِي مُنَاسبَة التَّبْوِيب مَا يُؤَدِّي إِلَيْهِ من قلَّة الإشتغال بِالْعلمِ والاهتمام بِهِ لما يرى من ابتذال أَهله وَقلة الاحترام لَهُم.
قَوْله: ( أَن يضيع) وَفِي بعض النّسخ: يضيع، بِدُونِ: أَن، مَعْنَاهُ، بِأَن لَا يُفِيد النَّاس وَلَا يسْعَى فِي تَعْلِيم الْغَيْر، وَقد قيل:
( وَمن منع المستوجبين فقد ظلم)

وَقَالَ التَّيْمِيّ: قَالَ الْفُقَهَاء: لزم معِين الْبَلَد للْقَضَاء طلبه لحَاجَة إِلَى رزقة من بَيت المَال أَو لخمول ذكره وَعدم شهرة فضيلته، يَعْنِي: إِذا ولي الْقَضَاء انْتَشَر علمه.
فَإِن قلت: مَا حَال هَذَا التَّعْلِيق؟ قلت: قد علم أَن مَا يذكر البُخَارِيّ بِصِيغَة الْجَزْم يدل على صِحَّته عِنْده، وَمَا يذكرهُ بِصِيغَة التمريض يدل على ضعفه.
وَهَذَا بِصِيغَة الْجَزْم وَوَصله الْخَطِيب فِي ( الْجَامِع) وَالْبَيْهَقِيّ فِي ( الْمدْخل) من طَرِيق عبد الْعَزِيز الأويسي عَن مَالك عَن ربيعَة.



[ قــ :80 ... غــ :80 ]
- حدّثنا عِمْرَانُ بنُ مَيْسَرَةَ قَالَ: حدّثنا عَبْدُ الوارِثِ عنْ أبي التَّيَّاحِ عنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( إِنَّ منْ أشْرَاطِ السَّاعَةِ أنْ يُرْفَعَ العِلْمُ وَيَثْبُتَ الجَهْلُ وَيُشْرَبَ الخَمْرُ وَيَظْهَرَ الزِّنا) ..
مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.

بَيَان رِجَاله: وهم أَرْبَعَة.
الأول: عمرَان، بِكَسْر الْعين: ابْن ميسرَة، بِفَتْح الْمِيم، ضد الميمنة: أَبُو الْحسن الْمنْقري الْبَصْرِيّ، روى عَنهُ أَبُو زرْعَة وَأَبُو حَاتِم وَالْبُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد، مَاتَ سنة ثَلَاث وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ.
الثَّانِي: عبد الْوَارِث بن سعيد بن ذكْوَان التَّيْمِيّ الْبَصْرِيّ، وَقد تقدم.
الثَّالِث: أَبُو التياح، بِفَتْح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف والحاء الْمُهْملَة: اسْمه يزِيد بن زِيَادَة بن حميد الضبعِي، من أنفسهم، وَلَيْسَ فِي الْكتب السِّتَّة من يشْتَرك مَعَه فِي هَذِه الكنية، وَرُبمَا كنى بِأبي حَمَّاد، وَهُوَ ثِقَة ثَبت صَالح: مَاتَ سنة ثَمَان وَعشْرين وَمِائَة، روى عَنهُ الْجَمَاعَة.
الرَّابِع: أنس بن مَالك، رَضِي الله عَنهُ.

بَيَان لطائف إِسْنَاده: مِنْهَا: أَن فِيهِ التحديث والعنعنة: وَمِنْهَا: أَن رُوَاته كلهم بصريون.
وَمِنْهَا: أَن إِسْنَاده رباعي.

بَيَان من أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ هُنَا عَن عمرَان بن ميسرَة، وَمُسلم فِي الْقدر عَن شَيبَان بن فروخ، وَالنَّسَائِيّ فِي الْعلم عَن عمرَان بن مُوسَى الْقَزاز، ثَلَاثَتهمْ عَن عبد الْوَارِث عَنهُ بِهِ.

بَيَان اللُّغَات: قَوْله: ( من أَشْرَاط السَّاعَة) ، بِفَتْح الْهمزَة: أَي: علاماتها، وَهُوَ جمع شَرط، بِفَتْح الشين وَالرَّاء، وَبِه سميت: شَرط السُّلْطَان، لأَنهم جعلُوا لأَنْفُسِهِمْ عَلَامَات يعْرفُونَ بهَا.
وَقد مر زِيَادَة الْكَلَام فِيهِ فِي الْإِيمَان.
قَوْله: ( وَيثبت الْجَهْل) ، من الثُّبُوت، بالثاء الْمُثَلَّثَة وَهُوَ ضد النَّفْي.
وَفِي رِوَايَة لمُسلم: ( ويبث) ، من البث، بِالْبَاء الْمُوَحدَة والثاء الْمُثَلَّثَة.
وَهُوَ الظُّهُور والفشو..
     وَقَالَ  بَعضهم: وغفل الْكرْمَانِي فعزاها إِلَى البُخَارِيّ، وَإِنَّمَا حَكَاهَا النَّوَوِيّ فِي ( شرح مُسلم) .
قلت: لم يقل الْكرْمَانِي: وَفِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ، وَلَا قَالَ: روى، وَإِنَّمَا قَالَ: وَفِي بعض النّسخ: يبث من البث، وَهُوَ النشر، وَلَا يلْزم من هَذِه الْعبارَة نسبته إِلَى البُخَارِيّ، لِأَنَّهُ يُمكن أَن تكون هَذِه الرِّوَايَة من غير البُخَارِيّ وَقد كتب فِي كِتَابه، وَكَذَا قَالَ الْكرْمَانِي: وَفِي بَعْضهَا: ينْبت من النَّبَات، بالنُّون.
والمعترض الْمَذْكُور أَيْضا، وَلَيْسَت هَذِه فِي شَيْء من الصَّحِيحَيْنِ قَالَ وَلَا يلْزم من عدم اطِّلَاعه على ذَلِك نَفْيه بِالْكُلِّيَّةِ، وَرُبمَا ثَبت ذَلِك عِنْد أَحْمد من نَقله ( الصَّحِيحَيْنِ) ، فنقله ثمَّ جعل ذَلِك نُسْخَة، وَالْمُدَّعِي بالفن لَا يقدر على إحاطة جَمِيع مَا فِيهِ، وَلَا سِيمَا علم الرِّوَايَة، فَإِنَّهُ علم وَاسع لَا يدْرك ساحله.
قَوْله: ( وَيشْرب الْخمر) قَالَ بَعضهم: المُرَاد كَثْرَة ذَلِك واشتهاره، ثمَّ أكد كَلَامه بقوله: وَعند المُصَنّف فِي النِّكَاح من طَرِيق هِشَام عَن قَتَادَة: ( وَيكثر شرب الْخمر) .
أَو الْعَلامَة مَجْمُوع ذَلِك.
قلت: لَا نسلم أَن المُرَاد كَثْرَة ذَلِك، بل شرب الْخمر مُطلقًا هُوَ جُزْء الْعلَّة من أَشْرَاط السَّاعَة، وَقَوله فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى: ( وَيكثر شرب الْخمر) لَا يسْتَلْزم أَن يكون نفي مُطلق الشّرْب من أشراطها، لِأَن الْمُقَيد بِحكم لَا يسْتَلْزم نفي الحكم الْمُطلق، وَالْأَصْل إِجْرَاء كل لفظ على مُقْتَضَاهُ، وَلَا تنَافِي بَين حكم يُمكن حُصُوله مُعَلّقا بِشَرْط تَارَة، وَبِغَيْرِهِ أُخْرَى، وَنَظِيره: الْملك، فَإِنَّهُ يُوجد بِالشِّرَاءِ وَغَيره، وَهَذَا الْقَائِل أَخذ مَا قَالَه من كَلَام الْكرْمَانِي حَيْثُ قَالَ: فَإِن قلت: شرب الْخمر كَيفَ يكون من علاماتها، وَالْحَال أَنه كَانَ وَاقعا فِي جَمِيع الْأَزْمَان، وَقد حد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعض النَّاس لشربه إِيَّاهَا؟ قلت: المُرَاد مِنْهُ أَن يشرب شرباً فاشياً، أَو أَن نقس الشّرْب وَحده لَيْسَ عَلامَة، بل الْعَلامَة مَجْمُوع الْأُمُور الْمَذْكُورَة.
قلت: هَذَا السُّؤَال غير وَارِد لِأَنَّهُ لَا يلْزم من وُقُوعهَا فِي جَمِيع الْأَزْمَان، وحد النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، شاربها أَن لَا يكون من عَلَامَات السَّاعَة.
نعم قَوْله: بل الْعَلامَة مَجْمُوع الْأُمُور الْمَذْكُورَة هُوَ كَذَلِك، لِأَنَّهُ، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، جمع بَين الْأَشْيَاء الْأَرْبَعَة بِحرف الْجمع، وَالْجمع بِحرف الْجمع كالجمع بِلَفْظ الْجمع، وَوُجُود الْمَجْمُوع هُوَ الْعَلامَة لوُقُوع السَّاعَة، وكل مِنْهَا جُزْء الْعلَّة، فحينئذٍ تَقْيِيد الشّرْب بِالْكَثْرَةِ لَا يُفِيد.
وَقد قُلْنَا: إِن مَا ورد من قَوْله: وَيكثر شرب الْخمر، لَا يُنَافِي كَون مُطلق الشّرْب جُزْء عِلّة، وكل من الشّرْب الْمُطلق وَالشرب الْمُقَيد بِالْكَثْرَةِ والشهرة جُزْء عِلّة لِأَن الْعلَّة الدَّالَّة على وُقُوع الحكم هِيَ الْعلَّة المركبة من وجود الْأَشْيَاء الْأَرْبَعَة.
ثمَّ الْخمر فِي اللُّغَة من التخمير، وَهُوَ: التغطية.
سميت بِهِ لِأَنَّهَا تغطي الْعقل.
وَمِنْه الْخمار للْمَرْأَة، وَفِي ( الْعبابُ) : يُقَال: خمرة وخمر وخمور.
مِثَال تَمْرَة وتمر وتمور، وَيُقَال: خمرة صرف، وَفِي الحَدِيث: ( الْخمْرَة مَا خامر الْعقل) ..
     وَقَالَ  ابْن الْأَعرَابِي: سميت الْخمْرَة خمرًا لِأَنَّهَا تركت فَاخْتَمَرت، واختمارها تَغْيِير رِيحهَا، وَعند الْفُقَهَاء: الْخمر هِيَ النيء من مَاء الْعِنَب إِذا غلا وَاشْتَدَّ وَقذف بالزبد، وَيلْحق بهَا غَيرهَا من الْأَشْرِبَة إِذا أسكر.
قَوْله: ( وَيظْهر الزِّنَا) أَي: يفشو وينتشر، وَفِي رِوَايَة مُسلم: ( ويفشو الزِّنَا) ، وَالزِّنَا: يمد وَيقصر، وَالْقصر لأهل الْحجاز قَالَ الله تَعَالَى: { وَلَا تقربُوا الزِّنَا} ( الْإِسْرَاء: 32) وَالْمدّ لأهل نجد، وَقد زنى يَزْنِي وَهُوَ من النواقص اليائية، وَالنِّسْبَة إِلَى الْمَقْصُور: زنوي، وَإِلَى المدود: زنائي.

بَيَان الْإِعْرَاب: قَوْله: ( أَن) : حرف من الْحُرُوف المشبهة بِالْفِعْلِ يرفع وَينصب فَقَوله: ( أَن يرفع الْعلم) فِي مَحل النصب إسمها، و: أَن، مَصْدَرِيَّة تَقْرِيره: رفع الْعلم.
وخبرها قَوْله: ( من أَشْرَاط السَّاعَة) وَفِي رِوَايَة النَّسَائِيّ: ( من أَشْرَاط السَّاعَة أَن يرفع الْعلم) ، من غير أَن فِي أَوله، فعلى هَذِه الرِّوَايَة يكون مَحل ( أَن يرفع الْعلم) الرّفْع على الِابْتِدَاء، وَخَبره مقدما ( من أَشْرَاط السَّاعَة) ..
     وَقَالَ  بَعضهم: وَسَقَطت: أَن، من رِوَايَة النَّسَائِيّ حَيْثُ أخرجه عَن عمرَان شيخ البُخَارِيّ.
قلت: هَذَا غَفلَة وسهو، لِأَن شيخ البُخَارِيّ هُوَ عمرَان بن ميسرَة، وَشَيخ النَّسَائِيّ هُوَ عمرَان بن مُوسَى.
قَوْله: ( وَيثبت) بِالنّصب عطفا على: ( أَن يرفع) ، وَكَذَلِكَ: ( وَيشْرب وَيظْهر) منصوبان بالْعَطْف على الْمَنْصُوب، و: أَن، مقدرَة فِي الْجمع، و: يرفع وَيشْرب، مَجْهُولَانِ، و: وَيثبت وَيظْهر، معلومان.

بَيَان الْمعَانِي: قَوْله: ( أَن يرفع الْعلم) فِيهِ إِسْنَاد مجازي، وَالْمرَاد: رَفعه بِمَوْت حَملته وَقبض الْعلمَاء، وَلَيْسَ المُرَاد محوه من صُدُور الْحفاظ وَقُلُوب الْعلمَاء، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي بابُُ: كَيفَ يقبض الْعلم؟ عَن عبد اللَّه بن عمر، قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: ( إِن الله عز وَجل لَا يقبض الْعلم انتزاعاً ينتزعه من الْعباد، وَلَكِن يقبض الْعلم بِقَبض الْعلمَاء حَتَّى إِذا لم يبْق عَالما اتخذ النَّاس رُؤَسَاء جُهَّالًا فيسألوا، فافتوا بِغَيْر علم فضلوا وأضلوا) .
وَبَين بِهَذَا الحَدِيث أَن المُرَاد بِرَفْع الْعلم هُنَا قبض أَهله وهم الْعلمَاء لَا محوه من الصُّدُور، لَكِن بِمَوْت أَهله واتخاذ النَّاس رُؤَسَاء جُهَّالًا فيحكمون فِي دين الله تَعَالَى برأيهم ويفتون بجهلهم، قَالَ القَاضِي عِيَاض: وَقد وجد ذَلِك فِي زَمَاننَا، كَمَا أخبر بِهِ، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام.
قَالَ الشَّيْخ قطب الدّين: قلت: هَذَا قَوْله مَعَ توفر الْعلمَاء فِي زَمَانه، فَكيف بزماننا؟ قَالَ العَبْد الضَّعِيف: هَذَا قَوْله مَعَ كَثْرَة الْفُقَهَاء وَالْعُلَمَاء من الْمذَاهب الْأَرْبَعَة والمحدثين الْكِبَار فِي زَمَانه، فَكيف بزماننا الَّذِي خلت الْبِلَاد عَنْهُم، وتصدرت الْجُهَّال بالإفتاء والتعين فِي الْمجَالِس والتدريس فِي الْمدَارِس؟ فنسأل السَّلامَة والعافية.