هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
76 حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : أَقْبَلْتُ رَاكِبًا عَلَى حِمَارٍ أَتَانٍ ، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ قَدْ نَاهَزْتُ الِاحْتِلاَمَ ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِمِنًى إِلَى غَيْرِ جِدَارٍ ، فَمَرَرْتُ بَيْنَ يَدَيْ بَعْضِ الصَّفِّ ، وَأَرْسَلْتُ الأَتَانَ تَرْتَعُ ، فَدَخَلْتُ فِي الصَّفِّ ، فَلَمْ يُنْكَرْ ذَلِكَ عَلَيَّ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
76 حدثنا إسماعيل بن أبي أويس ، قال : حدثني مالك ، عن ابن شهاب ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، عن عبد الله بن عباس ، قال : أقبلت راكبا على حمار أتان ، وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بمنى إلى غير جدار ، فمررت بين يدي بعض الصف ، وأرسلت الأتان ترتع ، فدخلت في الصف ، فلم ينكر ذلك علي
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : أَقْبَلْتُ رَاكِبًا عَلَى حِمَارٍ أَتَانٍ ، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ قَدْ نَاهَزْتُ الِاحْتِلاَمَ ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِمِنًى إِلَى غَيْرِ جِدَارٍ ، فَمَرَرْتُ بَيْنَ يَدَيْ بَعْضِ الصَّفِّ ، وَأَرْسَلْتُ الأَتَانَ تَرْتَعُ ، فَدَخَلْتُ فِي الصَّفِّ ، فَلَمْ يُنْكَرْ ذَلِكَ عَلَيَّ .

Narrated Ibn `Abbas:

Once I came riding a she-ass and had (just) attained the age of puberty. Allah's Messenger (ﷺ) was offering the prayer at Mina. There was no wall in front of him and I passed in front of some of the row while they were offering their prayers. There I let the she-ass loose to graze and entered the row, and nobody objected to it.

0076 Abd-ul-Lâh ben Abbâs dit : « Une fois, à l’époque où je m’approchais de la puberté, j’arrivai sur une ânesse au moment où le Messager de Dieu était à Mina en train de prier sans qu’il y eût devant lui une chose. De passage devant l’un des rangs des fidèles qui étaient en prière je lâchai l’ânesse pour aller paître et me mis dans le rang sans qu’on me reprochât ce comportement. »  

":"ہم سے اسماعیل نے بیان کیا ، ان سے مالک نے ، ان سے ابن شہاب نے ، ان سے عبیداللہ بن عبداللہ بن عتبہ نے ، وہ عبداللہ بن عباس رضی اللہ عنہما سے روایت کرتے ہیں کہمیں ( ایک مرتبہ ) گدھی پر سوار ہو کر چلا ، اس زمانے میں ، میں بلوغ کے قریب تھا ۔ رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم منیٰ میں نماز پڑھ رہے تھے اور آپ کے سامنے دیوار ( کی آڑ ) نہ تھی ، تو میں بعض صفوں کے سامنے سے گزرا اور گدھی کو چھوڑ دیا ۔ وہ چرنے لگی ، جب کہ میں صف میں شامل ہو گیا ( مگر ) کسی نے مجھے اس بات پر ٹوکا نہیں ۔

0076 Abd-ul-Lâh ben Abbâs dit : « Une fois, à l’époque où je m’approchais de la puberté, j’arrivai sur une ânesse au moment où le Messager de Dieu était à Mina en train de prier sans qu’il y eût devant lui une chose. De passage devant l’un des rangs des fidèles qui étaient en prière je lâchai l’ânesse pour aller paître et me mis dans le rang sans qu’on me reprochât ce comportement. »  

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [76] قَوْله حَدثنَا إِسْمَاعِيل هُوَ بن أَبِي أُوَيْسٍ وَقَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ .

     قَوْلُهُ  عَلَى حِمَارٍ هُوَ اسْمُ جِنْسٍ يَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى كَقَوْلِكَ بَعِيرٌ وَقَدْ شَذَّ حِمَارَةٌ فِي الْأُنْثَى حَكَاهُ فِي الصِّحَاحِ وَأَتَانٌ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَشَذَّ كَسْرُهَا كَمَا حَكَاهُ الصَّغَانِيُّ هِيَ الْأُنْثَى مِنَ الْحَمِيرِ وَرُبَّمَا قَالُوا لِلْأُنْثَى أَتَانَةٌ حَكَاهُ يُونُسُ وَأَنْكَرَهُ غَيْرُهُ فَجَاءَ فِي الرِّوَايَةِ عَلَى اللُّغَةِ الْفُصْحَى وَحِمَارٌ أَتَانٌ بِالتَّنْوِينِ فِيهِمَا عَلَى النَّعْتِ أَوِ الْبَدَلِ وَرُوِيَ بِالْإِضَافَةِ وَذكر بن الْأَثِيرِ أَنَّ فَائِدَةَ التَّنْصِيصِ عَلَى كَوْنِهَا أُنْثَى لِلِاسْتِدْلَالِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى عَلَى أَنَّ الْأُنْثَى مِنْ بَنِي آدَمَ لَا تَقْطَعُ الصَّلَاةَ لِأَنَّهُنَّ أَشْرَفُ وَهُوَ قِيَاسٌ صَحِيحٌ مِنْ حَيْثُ النَّظَرِ إِلَّا أَنَّ الْخَبَرَ الصَّحِيحَ لَا يُدْفَعُ بِمِثْلِهِ كَمَا سَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ فِي الصَّلَاةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  نَاهَزْتُ أَيْ قَارَبْتُ وَالْمُرَادُ بِالِاحْتِلَامِ الْبُلُوغُ الشَّرْعِيُّ .

     قَوْلُهُ  إِلَى غَيْرِ جِدَارٍ أَيْ إِلَى غَيْرِ سُتْرَةٍ قَالَهُ الشَّافِعِيُّ وَسِيَاقُ الْكَلَام يدل على ذَلِك لِأَن بن عَبَّاسٍ أَوْرَدَهُ فِي مَعْرِضِ الِاسْتِدْلَالِ عَلَى أَنَّ الْمُرُورَ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي لَا يَقْطَعُ صَلَاتَهُ وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ الْبَزَّارِ بِلَفْظِ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ لَيْسَ لِشَيْءٍ يَسْتُرُهُ .

     قَوْلُهُ  بَيْنَ يَدَيْ بَعْضِ الصَّفِّ هُوَ مَجَازٌ عَنِ الْأَمَامِ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ لِأَنَّ الصَّفَّ لَيْسَ لَهُ يَدٌ وَبَعْضُ الصَّفِّ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ صَفٌّ مِنَ الصُّفُوفِ أَوْ بَعْضٌ مِنْ أَحَدِ الصُّفُوفِ قَالَهُ الْكِرْمَانِيُّ .

     قَوْلُهُ  تَرْتَعُ بِمُثَنَّاتَيْنِ مَفْتُوحَتَيْنِ وَضَمِّ الْعَيْنِ أَيْ تَأْكُلُ مَا تَشَاءُ وَقِيلَ تُسْرِعُ فِي الْمَشْيِ وَجَاءَ أَيْضًا بِكَسْرِ الْعَيْنِ بِوَزْنِ يَفْتَعِلُ مِنَ الرَّعْيِ وَأَصْلُهُ تَرْتَعِي لَكِنْ حُذِفَتِ الْيَاءُ تَخْفِيفًا وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ رِوَايَةُ الْمُصَنِّفِ فِي الْحَجِّ نَزَلْتُ عَنْهَا فَرَتَعَتْ .

     قَوْلُهُ  وَدَخَلْتُوَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ فَدَخَلْتُ بِالْفَاءِ .

     قَوْلُهُ  فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيَّ أَحَدٌ قِيلَ فِيهِ جَوَازُ تَقْدِيمِ الْمَصْلَحَةِ الرَّاجِحَةِ عَلَى الْمَفْسَدَةِ الْخَفِيفَةِ لِأَنَّ الْمُرُورَ مَفْسَدَةٌ خَفِيفَةٌ وَالدُّخُولُ فِي الصَّلَاةِ مَصْلَحَةٌ رَاجِحَةٌ وَاسْتَدَلَّ بن عَبَّاسٍ عَلَى الْجَوَازِ بِعَدَمِ الْإِنْكَارِ لِانْتِفَاءِ الْمَوَانِعِ إِذْ ذَاكَ وَلَا يُقَالُ مَنَعَ مِنَ الْإِنْكَارِ اشْتِغَالُهُمْ بِالصَّلَاةِ لِأَنَّهُ نَفَى الْإِنْكَارَ مُطْلَقًا فَتَنَاوَلَ مَا بَعْدَ الصَّلَاةِ وَأَيْضًا فَكَانَ الْإِنْكَارُ يُمْكِنُ بِالْإِشَارَةِ وَفِيهِ مَا تُرْجِمَ لَهُ أَنَّ التَّحَمُّلَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ كَمَالُ الْأَهْلِيَّةِ وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ عِنْدَ الْأَدَاءِ وَيُلْحَقُ بِالصَّبِيِّ فِي ذَلِكَ الْعَبْدُ وَالْفَاسِق وَالْكَافِر وَقَامَت حِكَايَة بن عَبَّاسٍ لِفِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَقْرِيرُهُ مَقَامُ حِكَايَةِ قَوْلِهِ إِذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ فِي شَرَائِطِ الْأَدَاءِ فَإِنْ قِيلَ التَّقْيِيدُ بِالصَّبِيِّ وَالصَّغِيرِ فِي التَّرْجَمَةِ لَا يُطَابق حَدِيث بن عَبَّاسٍ أَجَابَ الْكِرْمَانِيُّ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالصَّغِيرِ غَيْرُ الْبَالِغِ وَذِكْرَ الصَّبِيَّ مَعَهُ مِنْ بَابِ التَّوْضِيحِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لَفْظُ الصَّغِيرِ يَتَعَلَّقُ بِقِصَّةِ مَحْمُودٍ وَلَفْظُ الصَّبِيِّ يَتَعَلَّقُ بِهِمَا مَعًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَسَيَأْتِي بَاقِي مَبَاحِثِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [76] حدّثنا إِسْماعِيلُ بنُ أبي أُوَيْسٍ قَالَ حدّثني مالِكٌ عَن ابْن شِهابٍ عنْ عُبَيدِ اللَّه ابنِ عَبْدِ اللَّه بنِ عُتْبَةَ عنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أقْبَلْتُ راكِباً عَلَى حِمارٍ أَتانٍ، وأنَا يوْمَئِذٍ قَدْ ناهَزْتُ الإحْتِلامَ، ورَسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي بِمِنَى إِلى غَيْرِ جِدارٍ، فَمَرَرْتُ بَيْنَ يَدَيْ بَعْضِ الصَّفِّ وأرْسَلْتُ الأَتَانَ تَرْتَعُ، فَدَخَلْتُ فِي الصَّفِّ فَلَمْ يُنْكَرْ ذَلِك علَيَّ.. مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن الْعلمَاء جوزوا الْمُرُور بَين يَدي الْمُصَلِّي، إِذا لم يكن ستْرَة، بِرِوَايَة ابْن عَبَّاس هَذِه، وَابْن عَبَّاس تحمل هَذَا فِي حَالَة الصبى، فَعلم مِنْهُ قبُول سَماع الصَّبِي إِذا أَدَّاهُ بعد الْبلُوغ.
فَإِن قلت: التَّرْجَمَة فِي سَماع الصَّغِير وَلَيْسَ فِي هَذَا الحَدِيث سَماع الصَّبِي.
قلت: الْمَقْصُود من السماع هُوَ وَمَا يقوم مقَامه لتقرير الرَّسُول، عَلَيْهِ السَّلَام، فِي مَسْأَلَتنَا لمروره.
فَإِن قلت: عقد الْبَاب على الصَّبِي الصَّغِير، أَو الصَّغِير فَقَط، على اخْتِلَاف الرِّوَايَة، والمناهز للاحتلام لَيْسَ صَغِيرا، فَمَا وَجه الْمُطَابقَة؟ قلت: المُرَاد من الصَّغِير غير الْبَالِغ، وَذكره مَعَ الصَّبِي من بَاب التَّوْضِيح وَالْبَيَان.
بَيَان رِجَاله: وهم خَمْسَة، كلهم قد ذكرُوا، وَإِسْمَاعِيل هُوَ: ابْن عبد اللَّه الْمَشْهُور بِابْن أبي أويس، ابْن أُخْت مَالك، وَابْن شهَاب: هُوَ مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ، وَعتبَة، بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة.
بَيَان لطائف إِسْنَاده: مِنْهَا: أَن فِيهِ التحديث بِصِيغَة الْجمع وَصِيغَة الْإِفْرَاد والعنعنة.
وَمِنْهَا: أَن رُوَاته كلهم مدنيون.
وَمِنْهَا: أَن فِيهِ رِوَايَة التَّابِعِيّ عَن التَّابِعِيّ.
بَيَان تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ هُنَا عَن إِسْمَاعِيل، وَفِي الصَّلَاة عَن عبد اللَّه بن يُوسُف والقعنبي، ثَلَاثَتهمْ عَن مَالك، وَفِي الْحَج عَن إِسْحَاق عَن يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم ابْن سعد عَن ابْن أخي ابْن شهَاب، وَفِي الْمَغَازِي،.

     وَقَالَ  اللَّيْث: حَدثنِي يُونُس.
وَأخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة عَن يحيى بن يحيى عَن مَالك، وَعَن يحيى بن يحيى، وَعَمْرو النَّاقِد، وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، ثَلَاثَتهمْ عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة، وَعَن حَرْمَلَة بن يحيى عَن ابْن وهب عَن يُونُس، وَعَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، وَعَن عبد بن حميد كِلَاهُمَا عِنْد عبد الرَّزَّاق عَن معمر، خمستهم عَنهُ بِهِ.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن عُثْمَان بن أبي شيبَة عَن سُفْيَان بِهِ.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن مُحَمَّد بن الْمَالِك أبي الشَّوَارِب عَن يزِيد بن زُرَيْع عَن معمر نَحوه.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن مُحَمَّد بن مَنْصُور عَن سُفْيَان بِهِ، وَفِي الْعلم عَن مُحَمَّد بن سَلمَة عَن ابْن الْقَاسِم عَن مَالك، وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الصَّلَاة عَن هِشَام بن عمار عَن سُفْيَان بِهِ.
بَيَان اللُّغَات: قَوْله: ( على حمَار) ، قَالَ فِي ( الْعباب) : الْحمار العير، وَالْجمع: حمير وحمر وحمر وحمرات واحمرة ومحمور، والحمارة: الأتان، والحمارة أَيْضا: الْفرس الهجين، وَهِي بِالْفَارِسِيَّةِ: يالانى،، واليحمور حمَار الْوَحْش.
( أتان) ، بِفَتْح الْهمزَة وبالتاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَفِي آخِره نون: وَهِي الْأُنْثَى من الْحمر، وَقد يُقَال، بِكَسْر الْهمزَة، حَكَاهُ الصغاني فِي ( شوارده) ،وَالْجَوَاز دَلِيل على عدم إِفْسَاد الصَّلَاة..
     وَقَالَ  عِيَاض: وَقَوله: ( ناهزت الِاحْتِلَام) يصحح قَول الْوَاقِدِيّ: إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، توفّي وَابْن عَبَّاس ابْن ثَلَاث عشرَة سنة.
وَقَول الزبير بن بكار: إِنَّه ولد فِي الشّعب قبل الْهِجْرَة بِثَلَاث سِنِين.
وَمَا رُوِيَ عَن سعيد بن جُبَير عَنهُ، توفّي النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَأَنا ابْن خمس عشرَة سنة.
قَالَ أَحْمد: هَذَا هُوَ الصَّوَاب، وَهُوَ يرد رِوَايَة من يروي عَنهُ، أَنه قَالَ: توفّي النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَأَنا ابْن عشر سِنِين.
وَقد يتَأَوَّل، إِن صَحَّ، على أَن مَعْنَاهُ رَاجع إِلَى مَا بعده، وَهُوَ قَوْله وَقد قَرَأت ( الْمُحكم) .
بَيَان استنباط الاحكام: الأول: فِيهِ جَوَاز سَماع الصَّغِير، وَضَبطه السّنَن والتحمل لَا يشْتَرط فِيهِ كَمَال الْأَهْلِيَّة، وَإِنَّمَا يشْتَرط عِنْد الْأَدَاء.
ويلتحق بِالصَّبِيِّ فِي ذَلِك: العَبْد وَالْفَاسِق وَالْكَافِر.
وَقَامَت حِكَايَة ابْن عَبَّاس لفعل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَتَقْرِيره مقَام حِكَايَة قَوْله.
الثَّانِي: فِيهِ إجَازَة من علم الشَّيْء صَغِيرا وَأَدَّاهُ كَبِيرا، وَلَا خلاف فِيهِ، وَأَخْطَأ من حكى فِيهِ خلافًا، وَكَذَا الْفَاسِق وَالْكَافِر إِذا أديا حَال الْكَمَال.
الثَّالِث: فِيهِ احْتِمَال بعض الْمَفَاسِد لمصْلحَة أرجح مِنْهَا، فَإِن الْمُرُور أَمَام الْمُصَلِّين مفْسدَة، وَالدُّخُول فِي الصَّلَاة وَفِي الصَّفّ مصلحَة راجحة، فاغتفرت الْمفْسدَة للْمصْلحَة الراجحة من غير إِنْكَار.
الرَّابِع: فِيهِ جَوَاز الرّكُوب إِلَى صَلَاة الْجَمَاعَة.
الْخَامِس: قَالَ الْمُهلب: فِيهِ أَن التَّقَدُّم إِلَى الْقعُود لسَمَاع الْخطْبَة إِذا لم يضر أحدا والخطيب يخْطب جَائِز، بِخِلَاف مَا إِذا تخطى رقابهم.
السَّادِس: أَن مُرُور الْحمار لَا يقطع الصَّلَاة، وَعَلِيهِ بوب أَبُو دَاوُد، فِي ( سنَنه) ، وَمَا ورد من قطع ذَلِك مَحْمُول على قطع الْخُشُوع.
السَّابِع: فِيهِ صِحَة صَلَاة الصَّبِي.
الثَّامِن: فِيهِ أَنه إِذا فُعل بَين يَدي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَيْء وَلم يُنكره فَهُوَ حجَّة.
التَّاسِع: جَوَاز إرْسَال الدَّابَّة من غير حَافظ أَو مَعَ حَافظ غير مُكَلّف.
الْعَاشِر: قَالَ ابْن بطال وأبوعمر وَالْقَاضِي عِيَاض: فِيهِ دَلِيل على أَن ستْرَة الإِمَام ستْرَة لمن خَلفه، وَكَذَا بوب عَلَيْهِ البُخَارِيّ، وَحكى ابْن بطال وَأَبُو عمر فِيهِ الْإِجْمَاع.
قَالَا: وَقد قيل: الإِمَام نَفسه ستْرَة لمن خَلفه، وَأما وَجه الدّلَالَة فَقَالَ عِيَاض: قَوْله: فَلم يُنكر ذَلِك أحد، لِأَنَّهُ إِن كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَآهُ، وَهُوَ الظَّاهِر لقَوْله، بَين يَدي الصَّفّ فَهُوَ حجَّة لتقريره، وَإِن كَانَ بِموضع لم يره فقد رَآهُ أَصْحَابه بجملتهم فَلم ينكروه، وَلَا أحد مِنْهُم، فَدلَّ على أَنه لَيْسَ عِنْدهم بمنكر،.

     وَقَالَ  غَيره: يحْتَمل أَن لَفْظَة: أحد، تَشْمَل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَغَيره، لما فِيهَا من الْعُمُوم، لكنه ضَعِيف بِأَنَّهُ لَا معنى لعدم إِنْكَار غير النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَ حُضُوره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَعدم إِنْكَاره أَيْضا، فَيجوز أَن يكون الصَّفّ ممتداً فَلَا يرَاهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَلِهَذَا أَن ابْن عَبَّاس ذكر الرائين وَلم يذكر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم احْتِرَازًا مِنْهُ.
قلت: فعلى هَذَا لَا يكون من بَاب الْمَرْفُوع قطعا، بل مِمَّا يتَوَجَّه فِيهِ الْخلاف، وَيحْتَمل كَمَا قَالُوا فِي شبهه..
     وَقَالَ  أَبُو عمر: حَدِيث ابْن عَبَّاس، رَضِي الله عَنْهُمَا، هَذَا يخص بِحَدِيث ابْن سعيد الْخُدْرِيّ، رَضِي الله عَنهُ، يرفعهُ: ( إِذا كَانَ أحدكُم يُصَلِّي فَلَا يدع أحدا يمر بَين يَدَيْهِ) .
قَالَ: فَحَدِيث أبي سعيد هَذَا يحمل على الإِمَام وَالْمُنْفَرد، فَأَما الْمَأْمُوم فَلَا يضرّهُ من مر بَين يَدَيْهِ لحَدِيث ابْن عَبَّاس هَذَا، قَالَ: وَهَذَا كُله لَا خلاف فِيهِ بَين الْعلمَاء، وَمِمَّا يُوضحهُ حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا: ( أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى بهم الظّهْر، أَو الْعَصْر، فَجَاءَت بَهِيمَة تمر بَين يَدَيْهِ، فَجعل يدرؤها حَتَّى رَأَيْته ألصق مَنْكِبَيْه بالجدار فمرت من خَلفه) .
قلت: أخرجه أَبُو دَاوُد من أَبُو دَاوُد من أَوله: كَانَ يُصَلِّي إِلَى جدر، وَفِيه: حَتَّى ألصق بَطْنه بالجدر.
وَبَوَّبَ عَلَيْهِ: بَاب ستْرَة الإِمَام ستْرَة لمن خَلفه.
قَالَ: والمرور بَين يَدي الْمُصَلِّي مَكْرُوه إِذا كَانَ إِمَامًا أَو مُنْفَردا أَو مُصَليا إِلَى ستْرَة، وَأَشد مِنْهُ أَن يدْخل الْمَار بَين الستْرَة وَبَينه، وَأما الْمَأْمُوم فَلَا يضرّهُ من مر بَين يَدَيْهِ، كَمَا أَن الإِمَام أَو الْمُنْفَرد لَا يضر وَاحِد مِنْهُمَا مَا مر من وَرَاء سترته، لِأَن ستْرَة الإِمَام ستْرَة لمن خَلفه.
وَقد قيل: إِن الإِمَام نَفسه ستْرَة لمن خَلفه.
قَالَ: وَهَذَا كُله إِجْمَاع لَا خلاف فِيهِ..
     وَقَالَ  ابْن بطال: اخْتلف أَصْحَاب مَالك فِيمَن صلى إِلَى غير ستْرَة فِي فضاء يَأْمَن أَن يمر أحد بَين يَدَيْهِ، فَقَالَ ابْن الْقَاسِم: يجوز وَلَا حرج عَلَيْهِ،.

     وَقَالَ  ابْن الْمَاجشون ومطرف: السّنة أَن يُصَلِّي إِلَى ستْرَة مُطلقًا.
قَالَ: وَحَدِيث ابْن عَبَّاس يشْهد لصِحَّة قَول ابْن الْقَاسِم وَهُوَ قَول عَطاء وَسَالم وَعُرْوَة وَالقَاسِم وَالشعْبِيّ وَالْحسن، وَكَانُوا يصلونَ فِي الفضاء إِلَى غير ستْرَة، وَسَيَأْتِي بسط الْكَلَام فِيهِ فِي مَوْضِعه إِن شَاءَ الله تَعَالَى.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ مَتَى يَصِحُّ سَمَاعُ الصَّغِيرِ)
زَادَ الْكُشْمِيهَنِيُّ الصَّبِيُّ الصَّغِيرُ وَمَقْصُودُ الْبَابِ الِاسْتِدْلَالُ عَلَى أَنَّ الْبُلُوغَ لَيْسَ شَرْطًا فِي التَّحَمُّلِ.

     وَقَالَ  الْكِرْمَانِيُّ إِنَّ مَعْنَى الصِّحَّةِ هُنَا جَوَازُ قَبُولِ مَسْمُوعِهِ.

.

قُلْتُ وَهَذَا تَفْسِيرٌ لِثَمَرَةِ الصِّحَّةِ لَا لِنَفْسِ الصِّحَّةِ وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِهَذَا إِلَى اخْتِلَافِ وَقَعَ بَيْنَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَيَحْيَى بْنِ مَعِينٍ رَوَاهُ الْخَطِيبُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ أَنَّ يَحْيَى قَالَ أَقَلُّ سِنِّ التَّحَمُّلِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً لِكَوْنِ بن عُمَرَ رُدَّ يَوْمَ أُحُدٍ إِذْ لَمْ يَبْلُغْهَا فَبَلَغَ ذَلِكَ أَحْمَدَ فَقَالَ بَلْ إِذَا عَقَلَ مَا يسمع وَإِنَّمَا قصَّة بن عُمَرَ فِي الْقِتَالِ ثُمَّ أَوْرَدَ الْخَطِيبُ أَشْيَاءَ مِمَّا حَفِظَهَا جَمْعٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ فِي الصِّغَرِ وَحَدَّثُوا بِهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَقُبِلَتْ عَنْهُم وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمد وَمَا قَالَه بن مَعِينٍ إِنْ أَرَادَ بِهِ تَحْدِيدَ ابْتِدَاءِ الطَّلَبِ بِنَفْسِهِ فَمُوَجَّهٌ وَإِنْ أَرَادَ بِهِ رَدَّ حَدِيثِ مَنْ سَمِعَ اتِّفَاقًا أَوِ اعْتَنَى بِهِ فَسَمِعَ وَهُوَ صَغِير فَلَا وَقد نقل بن عَبْدِ الْبَرِّ الِاتِّفَاقَ عَلَى قَبُولِ هَذَا وَفِيهِ دَلِيل على أَن مُرَاد بن مَعِينٍ الْأَوَّلُ.

.
وَأَمَّا احْتِجَاجُهُ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَدَّ الْبَرَاءَ وَغَيْرَهُ يَوْمَ بَدْرٍ مِمَّنْ كَانَ لَمْ يَبْلُغْ خَمْسَ عَشْرَةَ فَمَرْدُودٌ بِأَنَّ الْقِتَالَ يُقْصَدُ فِيهِ مَزِيدُ الْقُوَّةِ وَالتَّبَصُّرُ فِي الْحَرْبِ فَكَانَتْ مَظِنَّتُهُ سِنَّ الْبُلُوغِ وَالسَّمَاعُ يُقْصَدُ فِيهِ الْفَهْمُ فَكَانَتْ مَظِنَّتُهُ التَّمْيِيزَ وَقَدِ احْتَجَّ الْأَوْزَاعِيُّ لِذَلِكَ بِحَدِيثِ مُرُوهُمْ بِالصَّلَاةِ لسبع

[ قــ :76 ... غــ :76] قَوْله حَدثنَا إِسْمَاعِيل هُوَ بن أَبِي أُوَيْسٍ وَقَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ .

     قَوْلُهُ  عَلَى حِمَارٍ هُوَ اسْمُ جِنْسٍ يَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى كَقَوْلِكَ بَعِيرٌ وَقَدْ شَذَّ حِمَارَةٌ فِي الْأُنْثَى حَكَاهُ فِي الصِّحَاحِ وَأَتَانٌ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَشَذَّ كَسْرُهَا كَمَا حَكَاهُ الصَّغَانِيُّ هِيَ الْأُنْثَى مِنَ الْحَمِيرِ وَرُبَّمَا قَالُوا لِلْأُنْثَى أَتَانَةٌ حَكَاهُ يُونُسُ وَأَنْكَرَهُ غَيْرُهُ فَجَاءَ فِي الرِّوَايَةِ عَلَى اللُّغَةِ الْفُصْحَى وَحِمَارٌ أَتَانٌ بِالتَّنْوِينِ فِيهِمَا عَلَى النَّعْتِ أَوِ الْبَدَلِ وَرُوِيَ بِالْإِضَافَةِ وَذكر بن الْأَثِيرِ أَنَّ فَائِدَةَ التَّنْصِيصِ عَلَى كَوْنِهَا أُنْثَى لِلِاسْتِدْلَالِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى عَلَى أَنَّ الْأُنْثَى مِنْ بَنِي آدَمَ لَا تَقْطَعُ الصَّلَاةَ لِأَنَّهُنَّ أَشْرَفُ وَهُوَ قِيَاسٌ صَحِيحٌ مِنْ حَيْثُ النَّظَرِ إِلَّا أَنَّ الْخَبَرَ الصَّحِيحَ لَا يُدْفَعُ بِمِثْلِهِ كَمَا سَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ فِي الصَّلَاةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  نَاهَزْتُ أَيْ قَارَبْتُ وَالْمُرَادُ بِالِاحْتِلَامِ الْبُلُوغُ الشَّرْعِيُّ .

     قَوْلُهُ  إِلَى غَيْرِ جِدَارٍ أَيْ إِلَى غَيْرِ سُتْرَةٍ قَالَهُ الشَّافِعِيُّ وَسِيَاقُ الْكَلَام يدل على ذَلِك لِأَن بن عَبَّاسٍ أَوْرَدَهُ فِي مَعْرِضِ الِاسْتِدْلَالِ عَلَى أَنَّ الْمُرُورَ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي لَا يَقْطَعُ صَلَاتَهُ وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ الْبَزَّارِ بِلَفْظِ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ لَيْسَ لِشَيْءٍ يَسْتُرُهُ .

     قَوْلُهُ  بَيْنَ يَدَيْ بَعْضِ الصَّفِّ هُوَ مَجَازٌ عَنِ الْأَمَامِ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ لِأَنَّ الصَّفَّ لَيْسَ لَهُ يَدٌ وَبَعْضُ الصَّفِّ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ صَفٌّ مِنَ الصُّفُوفِ أَوْ بَعْضٌ مِنْ أَحَدِ الصُّفُوفِ قَالَهُ الْكِرْمَانِيُّ .

     قَوْلُهُ  تَرْتَعُ بِمُثَنَّاتَيْنِ مَفْتُوحَتَيْنِ وَضَمِّ الْعَيْنِ أَيْ تَأْكُلُ مَا تَشَاءُ وَقِيلَ تُسْرِعُ فِي الْمَشْيِ وَجَاءَ أَيْضًا بِكَسْرِ الْعَيْنِ بِوَزْنِ يَفْتَعِلُ مِنَ الرَّعْيِ وَأَصْلُهُ تَرْتَعِي لَكِنْ حُذِفَتِ الْيَاءُ تَخْفِيفًا وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ رِوَايَةُ الْمُصَنِّفِ فِي الْحَجِّ نَزَلْتُ عَنْهَا فَرَتَعَتْ .

     قَوْلُهُ  وَدَخَلْتُ وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ فَدَخَلْتُ بِالْفَاءِ .

     قَوْلُهُ  فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيَّ أَحَدٌ قِيلَ فِيهِ جَوَازُ تَقْدِيمِ الْمَصْلَحَةِ الرَّاجِحَةِ عَلَى الْمَفْسَدَةِ الْخَفِيفَةِ لِأَنَّ الْمُرُورَ مَفْسَدَةٌ خَفِيفَةٌ وَالدُّخُولُ فِي الصَّلَاةِ مَصْلَحَةٌ رَاجِحَةٌ وَاسْتَدَلَّ بن عَبَّاسٍ عَلَى الْجَوَازِ بِعَدَمِ الْإِنْكَارِ لِانْتِفَاءِ الْمَوَانِعِ إِذْ ذَاكَ وَلَا يُقَالُ مَنَعَ مِنَ الْإِنْكَارِ اشْتِغَالُهُمْ بِالصَّلَاةِ لِأَنَّهُ نَفَى الْإِنْكَارَ مُطْلَقًا فَتَنَاوَلَ مَا بَعْدَ الصَّلَاةِ وَأَيْضًا فَكَانَ الْإِنْكَارُ يُمْكِنُ بِالْإِشَارَةِ وَفِيهِ مَا تُرْجِمَ لَهُ أَنَّ التَّحَمُّلَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ كَمَالُ الْأَهْلِيَّةِ وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ عِنْدَ الْأَدَاءِ وَيُلْحَقُ بِالصَّبِيِّ فِي ذَلِكَ الْعَبْدُ وَالْفَاسِق وَالْكَافِر وَقَامَت حِكَايَة بن عَبَّاسٍ لِفِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَقْرِيرُهُ مَقَامُ حِكَايَةِ قَوْلِهِ إِذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ فِي شَرَائِطِ الْأَدَاءِ فَإِنْ قِيلَ التَّقْيِيدُ بِالصَّبِيِّ وَالصَّغِيرِ فِي التَّرْجَمَةِ لَا يُطَابق حَدِيث بن عَبَّاسٍ أَجَابَ الْكِرْمَانِيُّ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالصَّغِيرِ غَيْرُ الْبَالِغِ وَذِكْرَ الصَّبِيَّ مَعَهُ مِنْ بَابِ التَّوْضِيحِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لَفْظُ الصَّغِيرِ يَتَعَلَّقُ بِقِصَّةِ مَحْمُودٍ وَلَفْظُ الصَّبِيِّ يَتَعَلَّقُ بِهِمَا مَعًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَسَيَأْتِي بَاقِي مَبَاحِثِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب مَتَى يَصِحُّ سَمَاعُ الصَّغِيرِ؟
هذا ( باب) بالتنوين ( متى يصح سماع الصغير) وللكشميهني الصبي، ومراده أن البلوغ ليس شرطًا في التحمل.


[ قــ :76 ... غــ : 76 ]
- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَقْبَلْتُ رَاكِبًا عَلَى حِمَارٍ أَتَانٍ -وَأَنَا يَوْمَئِذٍ قَدْ نَاهَزْتُ الاِحْتِلاَمَ- وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي بِمِنًى إِلَى غَيْرِ جِدَارٍ، فَمَرَرْتُ بَيْنَ يَدَىْ بَعْضِ الصَّفِّ، وَأَرْسَلْتُ الأَتَانَ تَرْتَعُ فَدَخَلْتُ الصَّفَّ، فَلَمْ يُنْكَرْ ذَلِكَ عَلَىَّ.
[الحديث 76 - أطرافه في: 493، 861، 1857، 4412] .

وبالسند إلى المؤلف قال: ( حدّثنا إسماعيل بن أبي أُويس) كما في رواية كريمة ( قال: حدّثني) بالإفراد ( مالك) هو ابن أنس الإمام ( عن ابن شهاب) الزهري ( عن عبيد الله) بتصغير العبد ( ابن عبد الله بن عتبة) بضم العين وسكون المثناة الفوقية وفتح الموحدة ( عن عبد الله بن عباس) رضي الله عنهما ( قال) :
( أقبلت) حال كوني ( راكبًا على حمار أتان) بفتح الهمزة وبالمثناة الفوقية الأُنثى من الحمير، ولما كان الحمار شاملاً للذكر والأُنثى خصّصه بقوله: أتان، وإنما لمن يقل حمارة، ويكتفى عن تعميم حمار ثم تخصيصه لأن التاء تحتمل الموحدة كذا قاله الكرماني، لكن تعقبه البرماوي بأن حمارًا مفرد لا اسم

جنس جمعي كتمر.
وقال العيني: الأحسن في الجواب أن الحمارة قد تطلق على الفرس الهجين كما قاله الصغاني، فلو قال على حمارة لربما كان يفهم أنه أقبل على فرس هجين وليس الأمر كذلك، على أن الجوهري حكى أن الحمارة في الأُنثى شاذة وأتان بالجر والتنوين كسابقه على النعت أو بدل الغلط أو بدل بعض من كل، لأن الحمار يطلق على الجنس فيشمل الذكر والأنثى أو بدل كل من كل نحو شجرة زيتونة، ويروى بإضافة حمار إلى أتان أي حمار هذا النوع وهو الأتان.
قال البدر الدماميني، قال سراج بن عبد الملك: كذا وجدته مضبوطًا في بعض الأصول، واستنكرها السهيلي وقال: إنما يجوّزه من جوّز إضافة الشيء إلى نفسه إذا اختلف اللفظان، وذكر ابن الأثير أن فائدة التنصيص على كونها أُنثى الاستدلال بطريق الأولى على أن الأُنثى من بني آدم لا تقطع الصلاة لأنهنّ أشرف، وعورض بأن العلة ليست مجرد الأنوثة فقط بل الأُنوثة بقيد البشرية لأنها مظنة الشهوة.

( وأنا يومئذ قد ناهزت) أي قاربت ( الاحتلام ورسول الله -صلى اله عليه وسلم- يصلي بمنى) بالصرف وعدمه والأجود الصرف وكتابته بالألف وسميت بذلك لما يمنى أي يراق بها من الدماء ( إلى غير جدار) قال في فتح الباري: أي إلى غير سترة أصلاً قاله الشافعي، وسياق الكلام يدل عليه لأن ابن عباس أورده في معرض الاستدلال على أن المرور بين يدي المصلي لا يقطع صلاته، ويؤيده رواية البزار بلفظ: والنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يصلي المكتوبة ليس شيء يستره ( فمررت بين يدي) أي قدام ( بعض الصف) فالتعبير باليد مجاز وإلا فالصف لا يد له ( وأرسلت الأتان ترتع) أي تأكل وترتع مرفوع، والجملة في محل نصب على الحال من الأتان وهي حال مقدّرة لأنه لم يرسلها في تلك الحال، وإنما أرسلها قبل مقدّرًا كونها على تلك الحال، وجوّز ابن السيد فيه أن يريد لترتع، فلما حذف الناصب رفع كقوله تعالى: { قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي} [الزمر: 64] قاله البدر الدماميني، وقيل ترتع تسرع في المشي والأوّل أصوب، ويدل عليه رواية المؤلف في الحج نزلت عنها فرتعت ( ودخلت الصف) وللكشميهني فدخلت بالفاء في الصف ( فلم ينكر) بفتح الكاف ( ذلك على) أي لم ينكره عليّ رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولا غيره، واستدل المؤلف بسياق هذا على ما ترجم له، وهو أن التحمل لا يشترط فيه كمال الأهلية، وإنما يشترط عند الأداء، ويلحق بالصبي في ذلك العبد والفاسق والكافر، وأدخل المصنف هذا الحديث في ترجمة سماع الصبي وليس فيه سماع لتنزيل عدم إنكار المرور منزلة قوله إنه جائز، والمراد من الصغير غير البالغ، وذكره مع الصبي من باب التوضيح والبيان.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ متَى يَصِحُّ سَماعُ الصَّغِيرِ)

وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: الصَّبِي الصَّغِير، أَي: هَذَا بابُُ، وَهُوَ منون، وَكلمَة: مَتى، للاستفهام.
إِذا قلت: مَتى الْقِتَال؟ كَانَ الْمَعْنى الْيَوْم أم غَدا أم بعد غَد.
وَبني لتَضَمّنه معنى حرف الِاسْتِفْهَام، كَمَا فِي الْمِثَال الْمَذْكُور.
قَالَ الْكرْمَانِي: معنى الصِّحَّة جَوَاز قبُول مسموعه..
     وَقَالَ  بَعضهم هَذَا تَفْسِير لثمرة الصِّحَّة لَا لنَفس الصِّحَّة.
قلت: كَأَنَّهُ فهم: أَن الْجَوَاز هُوَ ثَمَرَة الصِّحَّة وَلَيْسَ كَذَلِك، بل الْجَوَاز هُوَ الصِّحَّة وَثَمَرَة الصِّحَّة عدم ترَتّب الشَّيْء.
عَلَيْهِ عِنْد الْعَمَل فَإِن قلت: مَا وَجه الْمُنَاسبَة بَين الْبابَُُيْنِ؟ قلت: من حَيْثُ إِن مَا ذكر فِي الْبابُُ الأول من دُعَائِهِ، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، لِابْنِ عَبَّاس، إِنَّمَا كَانَ وَابْن عَبَّاس إِذْ ذَاك غُلَام مُمَيّز، وَالْمَذْكُور فِي هَذَا الْبابُُ حَال الْغُلَام الْمُمَيز فِي السماع، على أَن الْقَضِيَّة هَهُنَا لِابْنِ عَبَّاس أَيْضا، كَمَا كَانَت فِي الْبابُُ الأول، وَمرَاده الِاسْتِدْلَال على أَن الْبلُوغ لَيْسَ شرطا فِي التَّحَمُّل.
وَاخْتلفُوا فِي السن الَّذِي يَصح فِيهِ السماع للصَّغِير، فَقَالَ مُوسَى بن هَارُون الْحَافِظ: إِذا فرق بَين الْبَقَرَة وَالدَّابَّة..
     وَقَالَ  أَحْمد بن حَنْبَل: إِذا عقل وَضبط..
     وَقَالَ  يحيى بن معِين: أقل سنّ التَّحَمُّل خَمْسَة عشر سنة، لكَون ابْن عمر، رَضِي الله عَنْهُمَا، رد يَوْم أُحد، إِذْ لم يبلغهَا، وَلما بلغ أَحْمد أنكر ذَلِك..
     وَقَالَ : بئس القَوْل..
     وَقَالَ  عِيَاض: حدد أهل الصّفة ذَلِك أَن أَقَله سنّ مَحْمُود بن الرّبيع، ابْن خمس.
كَذَا ذكره البُخَارِيّ.
وَفِي رِوَايَة أُخْرَى أَنه كَانَ ابْن أَربع،.

     وَقَالَ  ابْن الصّلاح: والتحديد بِخمْس هُوَ الَّذِي اسْتَقر عَلَيْهِ عمل أهل الحَدِيث من الْمُتَأَخِّرين، فيكتبون لِابْنِ خمس سِنِين فَصَاعِدا سمع ولدون حضر أَو أحضر، وَالَّذِي يَنْبَغِي فِي ذَلِك اعْتِبَار التَّمْيِيز، فَإِن فهم الْخطاب ورد الْجَواب كَانَ مُمَيّزا وصحيح السماع، وَإِن كَانَ دون خمس.
وَإِن لم يكن كَذَلِك لم يَصح سَمَاعه وَلَو كَانَ ابْن خمس، بل ابْن خمسين.
وَعَن إِبْرَاهِيم بن سعيد الْجَوْهَرِي قَالَ: رَأَيْت صَبيا، ابْن أَربع سِنِين، قد حمل إِلَى الْمَأْمُون قد قَرَأَ الْقُرْآن وَنظر فِي الْآي، غير أَنه إِذا جَاع بَكَى.
وَحفظ الْقُرْآن أَبُو مُحَمَّد عبد اللَّه بن مُحَمَّد الْأَصْبَهَانِيّ وَله خمس سِنِين، فامتحنه فِيهِ أَبُو بكر بن الْمقري وَكتب لَهُ بِالسَّمَاعِ وَهُوَ ابْن أَربع سِنِين، وَحَدِيث مَحْمُود لَا يدل على التَّحْدِيد بِمثل سنه.



[ قــ :76 ... غــ :76 ]
- حدّثنا إِسْماعِيلُ بنُ أبي أُوَيْسٍ قَالَ حدّثني مالِكٌ عَن ابْن شِهابٍ عنْ عُبَيدِ اللَّه ابنِ عَبْدِ اللَّه بنِ عُتْبَةَ عنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أقْبَلْتُ راكِباً عَلَى حِمارٍ أَتانٍ، وأنَا يوْمَئِذٍ قَدْ ناهَزْتُ الإحْتِلامَ، ورَسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي بِمِنَى إِلى غَيْرِ جِدارٍ، فَمَرَرْتُ بَيْنَ يَدَيْ بَعْضِ الصَّفِّ وأرْسَلْتُ الأَتَانَ تَرْتَعُ، فَدَخَلْتُ فِي الصَّفِّ فَلَمْ يُنْكَرْ ذَلِك علَيَّ..
مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن الْعلمَاء جوزوا الْمُرُور بَين يَدي الْمُصَلِّي، إِذا لم يكن ستْرَة، بِرِوَايَة ابْن عَبَّاس هَذِه، وَابْن عَبَّاس تحمل هَذَا فِي حَالَة الصبى، فَعلم مِنْهُ قبُول سَماع الصَّبِي إِذا أَدَّاهُ بعد الْبلُوغ.
فَإِن قلت: التَّرْجَمَة فِي سَماع الصَّغِير وَلَيْسَ فِي هَذَا الحَدِيث سَماع الصَّبِي.
قلت: الْمَقْصُود من السماع هُوَ وَمَا يقوم مقَامه لتقرير الرَّسُول، عَلَيْهِ السَّلَام، فِي مَسْأَلَتنَا لمروره.
فَإِن قلت: عقد الْبابُُ على الصَّبِي الصَّغِير، أَو الصَّغِير فَقَط، على اخْتِلَاف الرِّوَايَة، والمناهز للاحتلام لَيْسَ صَغِيرا، فَمَا وَجه الْمُطَابقَة؟ قلت: المُرَاد من الصَّغِير غير الْبَالِغ، وَذكره مَعَ الصَّبِي من بابُُ التَّوْضِيح وَالْبَيَان.

بَيَان رِجَاله: وهم خَمْسَة، كلهم قد ذكرُوا، وَإِسْمَاعِيل هُوَ: ابْن عبد اللَّه الْمَشْهُور بِابْن أبي أويس، ابْن أُخْت مَالك، وَابْن شهَاب: هُوَ مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ، وَعتبَة، بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة.

بَيَان لطائف إِسْنَاده: مِنْهَا: أَن فِيهِ التحديث بِصِيغَة الْجمع وَصِيغَة الْإِفْرَاد والعنعنة.
وَمِنْهَا: أَن رُوَاته كلهم مدنيون.
وَمِنْهَا: أَن فِيهِ رِوَايَة التَّابِعِيّ عَن التَّابِعِيّ.

بَيَان تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ هُنَا عَن إِسْمَاعِيل، وَفِي الصَّلَاة عَن عبد اللَّه بن يُوسُف والقعنبي، ثَلَاثَتهمْ عَن مَالك، وَفِي الْحَج عَن إِسْحَاق عَن يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم ابْن سعد عَن ابْن أخي ابْن شهَاب، وَفِي الْمَغَازِي،.

     وَقَالَ  اللَّيْث: حَدثنِي يُونُس.
وَأخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة عَن يحيى بن يحيى عَن مَالك، وَعَن يحيى بن يحيى، وَعَمْرو النَّاقِد، وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، ثَلَاثَتهمْ عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة، وَعَن حَرْمَلَة بن يحيى عَن ابْن وهب عَن يُونُس، وَعَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، وَعَن عبد بن حميد كِلَاهُمَا عِنْد عبد الرَّزَّاق عَن معمر، خمستهم عَنهُ بِهِ.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن عُثْمَان بن أبي شيبَة عَن سُفْيَان بِهِ.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن مُحَمَّد بن الْمَالِك أبي الشَّوَارِب عَن يزِيد بن زُرَيْع عَن معمر نَحوه.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن مُحَمَّد بن مَنْصُور عَن سُفْيَان بِهِ، وَفِي الْعلم عَن مُحَمَّد بن سَلمَة عَن ابْن الْقَاسِم عَن مَالك، وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الصَّلَاة عَن هِشَام بن عمار عَن سُفْيَان بِهِ.

بَيَان اللُّغَات: قَوْله: ( على حمَار) ، قَالَ فِي ( الْعبابُ) : الْحمار العير، وَالْجمع: حمير وحمر وحمر وحمرات واحمرة ومحمور، والحمارة: الأتان، والحمارة أَيْضا: الْفرس الهجين، وَهِي بِالْفَارِسِيَّةِ: يالانى،، واليحمور حمَار الْوَحْش.
( أتان) ، بِفَتْح الْهمزَة وبالتاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَفِي آخِره نون: وَهِي الْأُنْثَى من الْحمر، وَقد يُقَال، بِكَسْر الْهمزَة، حَكَاهُ الصغاني فِي ( شوارده) ، وَلَا يُقَال: أتانة.
وَحكى يُونُس وَغَيره: أتانة،.

     وَقَالَ  الْجَوْهَرِي: الاتان الحمارة وَلَا يُقَال: أتانة.
وَثَلَاث أتن مثل: عنَاق وأعنق، وَالْكثير اتن واتن، والمأتونا الاتن مثل، المعبورا.
قَوْله: ( ناهزت الِاحْتِلَام) ، أَي: قاربت يُقَال: ناهز الصَّبِي الْبلُوغ إِذا قاربه وداناه.
قَالَ صَاحب ( الْأَفْعَال) : ناهز الصَّبِي الْفِطَام دنا مِنْهُ، ونهز الشَّيْء أَي: قرب،.

     وَقَالَ  شمر: المناهزة الْمُبَادرَة، فَقيل للأسد: نهز، لِأَنَّهُ يُبَادر مَا يفترسه، والنهزة بِالضَّمِّ: الفرصة.
ونهزت الشَّيْء دَفعته، ونهزت إِلَيْهِ: نهضت إِلَيْهِ.
والاحتلام: الْبلُوغ الشَّرْعِيّ، وَهُوَ مُشْتَقّ من الحالم بِالضَّمِّ، وَهُوَ مَا يرَاهُ النَّائِم.
قَوْله: ( بمنى) ، مَقْصُور: مَوضِع بِمَكَّة تذبح فِيهِ الْهَدَايَا وترمى فِيهِ الجمرات.
قَالَ الْجَوْهَرِي: مُذَكّر مَصْرُوف؛ قلت: لِأَنَّهُ علم للمكان فَلم يُوجد فِيهِ شَرط الْمَنْع..
     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: فِيهِ لُغَتَانِ: الصّرْف وَالْمَنْع، وَلِهَذَا يكْتب بِالْألف وَالْيَاء، والأجود صرفهَا وكتابتها بِالْألف، سميت بهَا لما يمنى بهَا من الدِّمَاء أَي: تراق.
قَوْله: ( ترتع) ، بتاءين مثناتين من فَوق مفتوحتين وَضم الْعين أَي: تَأْكُل مَا تشَاء، من: رتعت الْمَاشِيَة ترتع رتوعاً.
وَقيل: تسرع فِي الْمَشْي وَجَاء أَيْضا، بِكَسْر الْعين على وزن تفتعل، من: الرَّعْي: وَأَصله: ترتعي، وَلَكِن حذفت الْيَاء تَخْفِيفًا، وَالْأول أصوب وَيدل عَلَيْهِ رِوَايَة البُخَارِيّ فِي الْحَج: نزلت عَنْهَا فرتعت.

بَيَان الْإِعْرَاب: قَوْله: ( أَقبلت) جملَة من الْفِعْل وَالْفَاعِل.
قَوْله: ( رَاكِبًا) نصب على الْحَال.
( وعَلى حمَار) يتَعَلَّق بِهِ قَوْله: ( أتان) : صفة للحمار أَو بدل مِنْهُ.
فَإِن قلت: من أَي قسم من أَقسَام الْبَدَل؟ قلت: قيل: إِنَّه بدل غلط،.

     وَقَالَ  القَاضِي: وَعِنْدِي أَنه بدل الْبَعْض من الْكل، إِذْ قد يُطلق الْحمار على الْجِنْس فَيشْمَل الذّكر وَالْأُنْثَى، كَمَا قَالُوا: بعير..
     وَقَالَ  النَّوَوِيّ والقرطبي وَغَيرهمَا أَيْضا: إِن الْحمار اسْم جنس للذّكر والانثى، كلفظة الشَّاة وَالْإِنْسَان..
     وَقَالَ  الشَّيْخ قطب الدّين فِي بعض طرقه: على حمَار، أَرَادَ بِهِ الْجِنْس وَلم يرد الذُّكُورَة، وَفِي بَعْضهَا: أتان.
وَجمع البُخَارِيّ بَينهمَا، فَقَالَ: ( على حمَار أتان) ..
     وَقَالَ  القَاضِي: وَجَاء فِي البُخَارِيّ ( على حمَار أتان) ، بِالتَّنْوِينِ فيهمَا، إِمَّا على الْبَدَل أَو الْوَصْف.
وَقد ذَكرْنَاهُ، وَرُوِيَ: ( على حمَار أتان) ، بِالْإِضَافَة، أَي: حمَار أُنْثَى، كفحل اتن..
     وَقَالَ  ابْن الْأَثِير: إِنَّمَا استدرك الحمارة بِالْأُنْثَى ليعلم أَن الْأُنْثَى من الْحمر لَا تقطع الصَّلَاة، فَكَذَلِك لَا تقطعها الْمَرْأَة..
     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: لم قَالَ: على حمارة، فيستغني عَن لفظ: أتان؟ قلت: لِأَن التَّاء فِي حمارة يحْتَمل أَن تكون للوحدة وللتأنيث فَلَا تكون نصا فِي الْأُنُوثَة.
قلت: هُنَا قرينَة تدل على تَرْجِيح المُرَاد بأنوثته فَلَا يَقع الْجَواب موقعه، وَالْأَحْسَن أَن يُقَال فِي الْجَواب: إِن الحمارة قد تطلق على الْفرس الهجين، كَمَا نَقَلْنَاهُ عَن الصغاني عَن قريب، فَلَو قَالَ: على حمارة، رُبمَا كَانَ يفهم أَنه أقبل على فرس هجين، وَلَيْسَ الْأَمر كَذَلِك، على أَن الْجَوْهَرِي حكى أَن الحمارة فِي الْأُنْثَى شَاذ.
قَوْله: ( وَأَنا يَوْمئِذٍ) ، الْوَاو: فِيهِ للْحَال و: أَنا، مُبْتَدأ وَخَبره قَوْله: ( قد ناهزت الِاحْتِلَام) .
قَوْله: ( وَرَسُول الله) صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْوَاو: فِيهِ للْحَال، وَهُوَ مُبْتَدأ وَخَبره قَوْله: ( يُصَلِّي) .
قَوْله: ( بمنى) ، نصب على الظّرْف.
قَوْله: ( إِلَى غير جِدَار) فِي مَحل النصب على الْحَال، وَفِيه حذف تَقْدِيره: يُصَلِّي غير مُتَوَجّه إِلَى جِدَار.
قَوْله: ( وارسلت) ، عطف على: مَرَرْت، و: الأتان، بِالنّصب مَفْعُوله.
قَوْله: ( ترتع) جملَة فِي مَحل النصب على الْحَال من الْأَحْوَال الْمقدرَة، وَالتَّقْدِير: مُقَدرا رتوعها.
قَوْله: ( وَدخلت) ، بِالْوَاو عطف على: ( أرْسلت) .
وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: ( فد خلت) ، وبالفاء الَّتِي للتعقيب.
قَوْله: ( فَلم يُنكر) على صِيغَة الْمَعْلُوم، أَي: فَلم يُنكر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَلِك عَليّ، وَرُوِيَ بِلَفْظ الْمَجْهُول: أَي لم يُنكر أحد لَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا غَيره مِمَّن كَانُوا مَعَه.

بَيَان الْمعَانِي: قَوْله: ( أَقبلت رَاكِبًا على حمَار) ، وَزَاد البُخَارِيّ فِيهِ فِي الْحَج: ( أَقبلت أَسِير على أتان حَتَّى صرت بَين يَدي الصَّفّ ثمَّ نزلت عَنْهَا) .
وَلمُسلم: ( فَسَار الْحمار بَين يَدي بعض الصَّفّ) .
قَوْله: ( إِلَى غير جِدَار) يَعْنِي: إِلَى غير ستْرَة.
فَإِن قلت: لَفْظَة إِلَى غير جِدَار، لَا يَنْفِي شَيْئا غَيره، فَكيف يُفَسر، بِغَيْر ستْرَة؟ إِخْبَار ابْن عَبَّاس عَن مروره بالقوم وَعَن عدم جِدَار، مَعَ أَنهم لم ينكروا عَلَيْهِ، وَأَنه مَظَنَّة إِنْكَار يدل على حُدُوث أَمر لم يعْهَد قبل ذَلِك، من كَون الْمُرُور مَعَ الستْرَة غير مُنكر، فَلَو فرض ستْرَة أُخْرَى غير الْجِدَار لم يكن لهَذَا الْإِخْبَار فَائِدَة.
قَوْله: ( بَين يَدي بعض الصَّفّ) : هُوَ مجَاز عَن القدام، لِأَن الصَّفّ لَا يَد لَهُ، وَبَعض الصَّفّ يحْتَمل أَن يكون المُرَاد بِهِ صف من الصُّفُوف، أَو بعض من الصَّفّ الْوَاحِد، يَعْنِي المُرَاد بِهِ: إِمَّا جُزْء من الصَّفّ، وَإِمَّا جزئي مِنْهُ.
قَوْله: ( ناهزت الِاحْتِلَام) قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين: فِيهِ معنى يَقْتَضِي تَأْكِيد الحكم، وَهُوَ عدم بطلَان الصَّلَاة بمرور الْحمار، لِأَنَّهُ اسْتدلَّ على ذَلِك بِعَدَمِ الْإِنْكَار، وَعدم الْإِنْكَار على من هُوَ فِي مثل هَذَا السن أدل على هَذَا الحكم، فَإِنَّهُ لَو كَانَ فِي سنّ عدم التَّمْيِيز لاحتمل أَن يكون عدم الْإِنْكَار عَلَيْهِ لعدم مؤاخذته لصِغَر سنه، فَعدم الْإِنْكَار دَلِيل على جَوَاز الْمُرُور، وَالْجَوَاز دَلِيل على عدم إِفْسَاد الصَّلَاة..
     وَقَالَ  عِيَاض: وَقَوله: ( ناهزت الِاحْتِلَام) يصحح قَول الْوَاقِدِيّ: إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، توفّي وَابْن عَبَّاس ابْن ثَلَاث عشرَة سنة.
وَقَول الزبير بن بكار: إِنَّه ولد فِي الشّعب قبل الْهِجْرَة بِثَلَاث سِنِين.
وَمَا رُوِيَ عَن سعيد بن جُبَير عَنهُ، توفّي النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَأَنا ابْن خمس عشرَة سنة.
قَالَ أَحْمد: هَذَا هُوَ الصَّوَاب، وَهُوَ يرد رِوَايَة من يروي عَنهُ، أَنه قَالَ: توفّي النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَأَنا ابْن عشر سِنِين.
وَقد يتَأَوَّل، إِن صَحَّ، على أَن مَعْنَاهُ رَاجع إِلَى مَا بعده، وَهُوَ قَوْله وَقد قَرَأت ( الْمُحكم) .

بَيَان استنباط الاحكام: الأول: فِيهِ جَوَاز سَماع الصَّغِير، وَضَبطه السّنَن والتحمل لَا يشْتَرط فِيهِ كَمَال الْأَهْلِيَّة، وَإِنَّمَا يشْتَرط عِنْد الْأَدَاء.
ويلتحق بِالصَّبِيِّ فِي ذَلِك: العَبْد وَالْفَاسِق وَالْكَافِر.
وَقَامَت حِكَايَة ابْن عَبَّاس لفعل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَتَقْرِيره مقَام حِكَايَة قَوْله.
الثَّانِي: فِيهِ إجَازَة من علم الشَّيْء صَغِيرا وَأَدَّاهُ كَبِيرا، وَلَا خلاف فِيهِ، وَأَخْطَأ من حكى فِيهِ خلافًا، وَكَذَا الْفَاسِق وَالْكَافِر إِذا أديا حَال الْكَمَال.
الثَّالِث: فِيهِ احْتِمَال بعض الْمَفَاسِد لمصْلحَة أرجح مِنْهَا، فَإِن الْمُرُور أَمَام الْمُصَلِّين مفْسدَة، وَالدُّخُول فِي الصَّلَاة وَفِي الصَّفّ مصلحَة راجحة، فاغتفرت الْمفْسدَة للْمصْلحَة الراجحة من غير إِنْكَار.
الرَّابِع: فِيهِ جَوَاز الرّكُوب إِلَى صَلَاة الْجَمَاعَة.
الْخَامِس: قَالَ الْمُهلب: فِيهِ أَن التَّقَدُّم إِلَى الْقعُود لسَمَاع الْخطْبَة إِذا لم يضر أحدا والخطيب يخْطب جَائِز، بِخِلَاف مَا إِذا تخطى رقابهم.
السَّادِس: أَن مُرُور الْحمار لَا يقطع الصَّلَاة، وَعَلِيهِ بوب أَبُو دَاوُد، فِي ( سنَنه) ، وَمَا ورد من قطع ذَلِك مَحْمُول على قطع الْخُشُوع.
السَّابِع: فِيهِ صِحَة صَلَاة الصَّبِي.
الثَّامِن: فِيهِ أَنه إِذا فُعل بَين يَدي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَيْء وَلم يُنكره فَهُوَ حجَّة.
التَّاسِع: جَوَاز إرْسَال الدَّابَّة من غير حَافظ أَو مَعَ حَافظ غير مُكَلّف.
الْعَاشِر: قَالَ ابْن بطال وأبوعمر وَالْقَاضِي عِيَاض: فِيهِ دَلِيل على أَن ستْرَة الإِمَام ستْرَة لمن خَلفه، وَكَذَا بوب عَلَيْهِ البُخَارِيّ، وَحكى ابْن بطال وَأَبُو عمر فِيهِ الْإِجْمَاع.
قَالَا: وَقد قيل: الإِمَام نَفسه ستْرَة لمن خَلفه، وَأما وَجه الدّلَالَة فَقَالَ عِيَاض: قَوْله: فَلم يُنكر ذَلِك أحد، لِأَنَّهُ إِن كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَآهُ، وَهُوَ الظَّاهِر لقَوْله، بَين يَدي الصَّفّ فَهُوَ حجَّة لتقريره، وَإِن كَانَ بِموضع لم يره فقد رَآهُ أَصْحَابه بجملتهم فَلم ينكروه، وَلَا أحد مِنْهُم، فَدلَّ على أَنه لَيْسَ عِنْدهم بمنكر،.

     وَقَالَ  غَيره: يحْتَمل أَن لَفْظَة: أحد، تَشْمَل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَغَيره، لما فِيهَا من الْعُمُوم، لكنه ضَعِيف بِأَنَّهُ لَا معنى لعدم إِنْكَار غير النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَ حُضُوره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَعدم إِنْكَاره أَيْضا، فَيجوز أَن يكون الصَّفّ ممتداً فَلَا يرَاهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَلِهَذَا أَن ابْن عَبَّاس ذكر الرائين وَلم يذكر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم احْتِرَازًا مِنْهُ.
قلت: فعلى هَذَا لَا يكون من بابُُ الْمَرْفُوع قطعا، بل مِمَّا يتَوَجَّه فِيهِ الْخلاف، وَيحْتَمل كَمَا قَالُوا فِي شبهه..
     وَقَالَ  أَبُو عمر: حَدِيث ابْن عَبَّاس، رَضِي الله عَنْهُمَا، هَذَا يخص بِحَدِيث ابْن سعيد الْخُدْرِيّ، رَضِي الله عَنهُ، يرفعهُ: ( إِذا كَانَ أحدكُم يُصَلِّي فَلَا يدع أحدا يمر بَين يَدَيْهِ) .
قَالَ: فَحَدِيث أبي سعيد هَذَا يحمل على الإِمَام وَالْمُنْفَرد، فَأَما الْمَأْمُوم فَلَا يضرّهُ من مر بَين يَدَيْهِ لحَدِيث ابْن عَبَّاس هَذَا، قَالَ: وَهَذَا كُله لَا خلاف فِيهِ بَين الْعلمَاء، وَمِمَّا يُوضحهُ حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا: ( أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى بهم الظّهْر، أَو الْعَصْر، فَجَاءَت بَهِيمَة تمر بَين يَدَيْهِ، فَجعل يدرؤها حَتَّى رَأَيْته ألصق مَنْكِبَيْه بالجدار فمرت من خَلفه) .
قلت: أخرجه أَبُو دَاوُد من أَبُو دَاوُد من أَوله: كَانَ يُصَلِّي إِلَى جدر، وَفِيه: حَتَّى ألصق بَطْنه بالجدر.
وَبَوَّبَ عَلَيْهِ: بابُُ ستْرَة الإِمَام ستْرَة لمن خَلفه.
قَالَ: والمرور بَين يَدي الْمُصَلِّي مَكْرُوه إِذا كَانَ إِمَامًا أَو مُنْفَردا أَو مُصَليا إِلَى ستْرَة، وَأَشد مِنْهُ أَن يدْخل الْمَار بَين الستْرَة وَبَينه، وَأما الْمَأْمُوم فَلَا يضرّهُ من مر بَين يَدَيْهِ، كَمَا أَن الإِمَام أَو الْمُنْفَرد لَا يضر وَاحِد مِنْهُمَا مَا مر من وَرَاء سترته، لِأَن ستْرَة الإِمَام ستْرَة لمن خَلفه.
وَقد قيل: إِن الإِمَام نَفسه ستْرَة لمن خَلفه.
قَالَ: وَهَذَا كُله إِجْمَاع لَا خلاف فِيهِ..
     وَقَالَ  ابْن بطال: اخْتلف أَصْحَاب مَالك فِيمَن صلى إِلَى غير ستْرَة فِي فضاء يَأْمَن أَن يمر أحد بَين يَدَيْهِ، فَقَالَ ابْن الْقَاسِم: يجوز وَلَا حرج عَلَيْهِ،.

     وَقَالَ  ابْن الْمَاجشون ومطرف: السّنة أَن يُصَلِّي إِلَى ستْرَة مُطلقًا.
قَالَ: وَحَدِيث ابْن عَبَّاس يشْهد لصِحَّة قَول ابْن الْقَاسِم وَهُوَ قَول عَطاء وَسَالم وَعُرْوَة وَالقَاسِم وَالشعْبِيّ وَالْحسن، وَكَانُوا يصلونَ فِي الفضاء إِلَى غير ستْرَة، وَسَيَأْتِي بسط الْكَلَام فِيهِ فِي مَوْضِعه إِن شَاءَ الله تَعَالَى.