هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
75 حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا خَالِدٌ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : ضَمَّنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ : اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الكِتَابَ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
75 حدثنا أبو معمر ، قال : حدثنا عبد الوارث ، قال : حدثنا خالد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : ضمني رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : اللهم علمه الكتاب
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : ضَمَّنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ : اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الكِتَابَ .

Narrated Ibn `Abbas:

Once the Prophet (ﷺ) embraced me and said, O Allah! Bestow on him the knowledge of the Book (Qur'an).

0075 Ibn Abbâs dit : Une fois, le Messager de Dieu me serra dans ses bras en disant : « Seigneur fais-lui apprendre le Livre !«   

":"ہم سے ابومعمر نے بیان کیا ، ان سے عبدالوارث نے ، ان سے خالد نے عکرمہ کے واسطے سے بیان کیا ، وہ حضرت ابن عباس رضی اللہ عنہما سے روایت کرتے ہیں ۔ انھوں نے فرمایا کہ( ایک مرتبہ ) رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم نے مجھے ( سینے سے ) لگا لیا اور دعا دیتے ہوئے فرمایا کہ ’’ اے اللہ اسے علم کتاب ( قرآن ) عطا فرمائیو ‘‘ ۔

0075 Ibn Abbâs dit : Une fois, le Messager de Dieu me serra dans ses bras en disant : « Seigneur fais-lui apprendre le Livre !«   

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [75] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو بْنِ أَبِي الْحَجَّاجِ الْمَعْرُوفُ بِالْمُقْعَدِ الْبَصْرِيِّ .

     قَوْلُهُ  حَدثنَا خَالِد هُوَ بن مهْرَانالْحَذَّاءُ .

     قَوْلُهُ  ضَمَّنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَادَ الْمُصَنِّفِ فِي فضل بن عَبَّاسٍ عَنْ مُسَدَّدٍ عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ إِلَى صَدره وَكَانَ بن عَبَّاسٍ إِذْ ذَاكَ غُلَامًا مُمَيِّزًا فَيُسْتَفَادُ مِنْهُ جَوَازُ احْتِضَانِ الصَّبِيِّ الْقَرِيبِ عَلَى سَبِيلِ الشَّفَقَةِ .

     قَوْلُهُ  عَلِّمْهُ الْكِتَابَ بَيَّنَ الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ عَن بن عَبَّاسٍ سَبَبَ هَذَا الدُّعَاءِ وَلَفْظُهُ دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخَلَاءَ فَوَضَعْتُ لَهُ وَضُوءًا زَادَ مُسْلِمٌ فَلَمَّا خَرَجَ قَالَ مَنْ وضع هَذَا فَأخْبر وَلمُسلم قَالُوا بن عَبَّاس وَلأَحْمَد وبن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْهُ أَنَّ مَيْمُونَةَ هِيَ الَّتِي أَخْبَرَتْهُ بِذَلِكَ وَأَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي بَيْتِهَا لَيْلًا وَلَعَلَّ ذَلِكَ كَانَ فِي اللَّيْلَة الَّتِي بَات بن عَبَّاسٍ فِيهَا عِنْدَهَا لِيَرَى صَلَاةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا سَيَأْتِي فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَدْ أَخْرَجَ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ كُرَيْبٍ عَن بن عَبَّاسٍ فِي قِيَامِهِ خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ وَفِيهِ فَقَالَ لِي مَا بَالُكَ أَجْعَلُكَ حِذَائِي فَتَخْلُفُنِي فَقُلْتُ أَو يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يُصَلِّيَ حِذَاءَكَ وَأَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ فَدَعَا لِي أَنْ يَزِيدَنِي اللَّهُ فَهْمًا وَعِلْمًا وَالْمُرَادُ بِالْكِتَابِ الْقُرْآنُ لِأَنَّ الْعُرْفَ الشَّرْعِيَّ عَلَيْهِ وَالْمُرَادُ بِالتَّعْلِيمِ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ حِفْظِهِ وَالتَّفَهُّمِ فِيهِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُسَدَّدٍ الْحِكْمَةُ بَدَلَ الْكِتَابِ وَذَكَرَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الثَّابِتُ فِي الطُّرُقِ كُلِّهَا عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ كَذَا قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ أَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ وُهَيْبٍ عَنْ خَالِدٍ بِلَفْظِ الْكِتَابِ أَيْضًا فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحِكْمَةِ أَيْضًا الْقُرْآنُ فَيَكُونُ بَعْضُهُمْ رَوَاهُ بِالْمَعْنَى وَلِلنَّسَائِيِّ وَالتِّرْمِذِيّ من طَرِيق عَطاء عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ دَعَا لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أُوتَى الْحِكْمَةَ مَرَّتَيْنِ فَيُحْتَمَلُ تَعَدُّدُ الْوَاقِعَةِ فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالْكِتَابِ الْقُرْآنَ وَبِالْحِكْمَةِ السُّنَّةَ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ فِي رِوَايَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ الَّتِي قَدَّمْنَاهَا عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ لَكِنْ لَمْ يَقَعْ عِنْدَ مُسْلِمٍ فِي الدِّينِ وَذَكَرَ الْحُمَيْدِيُّ فِي الْجَمْعِ أَنَّ أَبَا مَسْعُودٍ ذَكَرَهُ فِي أَطْرَافِ الصَّحِيحَيْنِ بِلَفْظِ اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ قَالَ الْحُمَيْدِيُّ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ لَيْسَتْ فِي الصَّحِيحَيْنِ.

.

قُلْتُ وَهُوَ كَمَا قَالَ نَعَمْ هِيَ فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ الَّتِي قدمناها عِنْد أَحْمد وبن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ وَرَوَاهَا بن سَعْدٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عِكْرِمَةَ مُرْسَلًا وَأَخْرَجَ الْبَغَوِيُّ فِي مُعْجَمِ الصَّحَابَةِ مِنْ طَرِيقِ زيد بن أسلم عَن بن عمر كَانَ عمر يَدْعُو بن عَبَّاسٍ وَيُقَرِّبُهُ وَيَقُولُ إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَاكَ يَوْمًا فَمَسَحَ رَأْسَكَ.

     وَقَالَ  اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيل وَوَقع فِي بعض نسخ بن مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيِّ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ فِي حَدِيثِ الْبَابِ بِلَفْظِ اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الْحِكْمَةَ وَتَأْوِيلَ الْكِتَابِ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ مُسْتَغْرَبَةٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَقَدْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْوَهَّابِ بِدُونِهَا وَقَدْ وَجدتهَا عِنْد بن سَعْدٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ بن عَبَّاسٍ قَالَ دَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَسَحَ عَلَى نَاصِيَتِي.

     وَقَالَ  اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الْحِكْمَةَ وَتَأْوِيلَ الْكِتَابِ وَقَدْ رَوَاهُ أَحْمَدُ عَنْ هُشَيْمٍ عَنْ خَالِدٍ فِي حَدِيثِ الْبَابِ بِلَفْظِ مَسَحَ عَلَى رَأْسِي وَهَذِهِ الدَّعْوَةُ مِمَّا تَحَقَّقَ إِجَابَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا لما علم من حَال بن عَبَّاسٍ فِي مَعْرِفَةِ التَّفْسِيرِ وَالْفِقْهِ فِي الدِّينِ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُ وَاخْتَلَفَ الشُّرَّاحُ فِي الْمُرَادِ بِالْحِكْمَةِ هُنَا فَقِيلَ الْقُرْآنُ كَمَا تَقَدَّمَ وَقِيلَ الْعَمَلُ بِهِ وَقِيلَ السُّنَّةُ وَقِيلَ الْإِصَابَةُ فِي الْقَوْلِ وَقِيلَ الْخَشْيَةُ وَقِيلَ الْفَهْمُ عَنِ اللَّهِ وَقِيلَ الْعَقْلُ وَقِيلَ مَا يَشْهَدُ الْعَقْلُ بِصِحَّتِهِ وَقِيلَ نُورُ يُفَرَّقُ بِهِ بَيْنَ الْإِلْهَامِ وَالْوَسْوَاسِ وَقِيلَ سُرْعَةُ الْجَوَابِ مَعَ الْإِصَابَةِ وَبَعْضُ هَذِهِ الْأَقْوَالِ ذَكَرَهَا بَعْضُ أَهْلِ التَّفْسِيرِ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى وَلَقَد آتَيْنَا لُقْمَان الْحِكْمَة والاقرب أَن المُرَاد بهَا فِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ الْفَهْمُ فِي الْقُرْآنِ وَسَيَأْتِي مَزِيدٌ لِذَلِكَ فِي الْمَنَاقِبِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى( قَولُهُ بَابُ مَتَى يَصِحُّ سَمَاعُ الصَّغِيرِ) زَادَ الْكُشْمِيهَنِيُّ الصَّبِيُّ الصَّغِيرُ وَمَقْصُودُ الْبَابِ الِاسْتِدْلَالُ عَلَى أَنَّ الْبُلُوغَ لَيْسَ شَرْطًا فِي التَّحَمُّلِ.

     وَقَالَ  الْكِرْمَانِيُّ إِنَّ مَعْنَى الصِّحَّةِ هُنَا جَوَازُ قَبُولِ مَسْمُوعِهِ.

.

قُلْتُ وَهَذَا تَفْسِيرٌ لِثَمَرَةِ الصِّحَّةِ لَا لِنَفْسِ الصِّحَّةِ وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِهَذَا إِلَى اخْتِلَافِ وَقَعَ بَيْنَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَيَحْيَى بْنِ مَعِينٍ رَوَاهُ الْخَطِيبُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ أَنَّ يَحْيَى قَالَ أَقَلُّ سِنِّ التَّحَمُّلِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً لِكَوْنِ بن عُمَرَ رُدَّ يَوْمَ أُحُدٍ إِذْ لَمْ يَبْلُغْهَا فَبَلَغَ ذَلِكَ أَحْمَدَ فَقَالَ بَلْ إِذَا عَقَلَ مَا يسمع وَإِنَّمَا قصَّة بن عُمَرَ فِي الْقِتَالِ ثُمَّ أَوْرَدَ الْخَطِيبُ أَشْيَاءَ مِمَّا حَفِظَهَا جَمْعٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ فِي الصِّغَرِ وَحَدَّثُوا بِهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَقُبِلَتْ عَنْهُم وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمد وَمَا قَالَه بن مَعِينٍ إِنْ أَرَادَ بِهِ تَحْدِيدَ ابْتِدَاءِ الطَّلَبِ بِنَفْسِهِ فَمُوَجَّهٌ وَإِنْ أَرَادَ بِهِ رَدَّ حَدِيثِ مَنْ سَمِعَ اتِّفَاقًا أَوِ اعْتَنَى بِهِ فَسَمِعَ وَهُوَ صَغِير فَلَا وَقد نقل بن عَبْدِ الْبَرِّ الِاتِّفَاقَ عَلَى قَبُولِ هَذَا وَفِيهِ دَلِيل على أَن مُرَاد بن مَعِينٍ الْأَوَّلُ.

.
وَأَمَّا احْتِجَاجُهُ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَدَّ الْبَرَاءَ وَغَيْرَهُ يَوْمَ بَدْرٍ مِمَّنْ كَانَ لَمْ يَبْلُغْ خَمْسَ عَشْرَةَ فَمَرْدُودٌ بِأَنَّ الْقِتَالَ يُقْصَدُ فِيهِ مَزِيدُ الْقُوَّةِ وَالتَّبَصُّرُ فِي الْحَرْبِ فَكَانَتْ مَظِنَّتُهُ سِنَّ الْبُلُوغِ وَالسَّمَاعُ يُقْصَدُ فِيهِ الْفَهْمُ فَكَانَتْ مَظِنَّتُهُ التَّمْيِيزَ وَقَدِ احْتَجَّ الْأَوْزَاعِيُّ لِذَلِكَ بِحَدِيثِ مُرُوهُمْ بِالصَّلَاةِ لسبع

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [75] حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: ضَمَّنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ: «اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الْكِتَابَ».
[الحديث أطرافه في: 143، 3756، 7270] .
وبالسند إلى المؤلف قال: ( حدّثنا أبو معمر) بميمين مفتوحتين بينهما عين مهملة ساكنة آخره راء عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج البصري المقعد بضم الميم وفتح العين المنقري الحافظ القدري الموثق من ابن معين، المتوفى سنة تسع وعشرين ومائتين ( قال: حدّثنا عبد الوارث) بن سعيد بن ذكوان التميمي العنبري أبو عبيدة البصرى، المتوفى فى المحرم سنة ثمانين ومائة.
( قال حدّثنا خالد) هو ابن مهران الحذاء ولم يكن حذاء، وإنما كان يجلس إليهم التابعي الموثق من يحيى وأحمد، المتوفى سنة إحدى وأربعين ومائة ( عن عكرمة) أبي عبد الله المدني المتكلم فيه لرأيه رأي الخوارج، نعم اعتمده البخاري في أكثر ما يصح عنه من الروايات، المتوفى سنة خمس أو ست أو سبع ومائة ( عن ابن عباس) عبد الله رضي الله عنهما ( قال) : ( ضمني رسول الله) وفي رواية لأبي ذر النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) إلى نفسه أو صدره كما في رواية مسدّد عن عبد الوارث ( وقال: اللهمَّ علّمه) أي عرفه ( الكتاب) بالنصب مفعول ثانٍ والأوّل الضمير أي القرآن، والمراد تعليم لفظه باعتبار دلالته على معانيه، وفي رواية عطاء عن ابن عباس عند الترمذي والنسائي أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دعا له أن يؤتى الحكمة مرتين.
وفي رواية ابن عمر عند البغوي في معجم الصحابة مسح رأسه وقال "اللهمّ فقّهه في الدين وعلّمه التأويل" وفي رواية طاوس مسح رأسه وقال: "اللهمّ علّمه الحكمة وتأويل الكتاب" وقد تحققت إجابته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فقد كان ابن عباس بحر العلم وحبر الأمة ورئيس المفسرين وترجمان القرآن.
18 - باب مَتَى يَصِحُّ سَمَاعُ الصَّغِيرِ؟ هذا ( باب) بالتنوين ( متى يصح سماع الصغير) وللكشميهني الصبي، ومراده أن البلوغ ليس شرطًا في التحمل.
76 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَقْبَلْتُ رَاكِبًا عَلَى حِمَارٍ أَتَانٍ -وَأَنَا يَوْمَئِذٍ قَدْ نَاهَزْتُ الاِحْتِلاَمَ- وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي بِمِنًى إِلَى غَيْرِ جِدَارٍ، فَمَرَرْتُ بَيْنَ يَدَىْ بَعْضِ الصَّفِّ، وَأَرْسَلْتُ الأَتَانَ تَرْتَعُ فَدَخَلْتُ الصَّفَّ، فَلَمْ يُنْكَرْ ذَلِكَ عَلَىَّ.
[الحديث 76 - أطرافه في: 493، 861، 1857، 4412] .
وبالسند إلى المؤلف قال: ( حدّثنا إسماعيل بن أبي أُويس) كما في رواية كريمة ( قال: حدّثني) بالإفراد ( مالك) هو ابن أنس الإمام ( عن ابن شهاب) الزهري ( عن عبيد الله) بتصغير العبد ( ابن عبد الله بن عتبة) بضم العين وسكون المثناة الفوقية وفتح الموحدة ( عن عبد الله بن عباس) رضي الله عنهما ( قال) : ( أقبلت) حال كوني ( راكبًا على حمار أتان) بفتح الهمزة وبالمثناة الفوقية الأُنثى من الحمير، ولما كان الحمار شاملاً للذكر والأُنثى خصّصه بقوله: أتان، وإنما لمن يقل حمارة، ويكتفى عن تعميم حمار ثم تخصيصه لأن التاء تحتمل الموحدة كذا قاله الكرماني، لكن تعقبه البرماوي بأن حمارًا مفرد لا اسم جنس جمعي كتمر.
وقال العيني: الأحسن في الجواب أن الحمارة قد تطلق على الفرس الهجين كما قاله الصغاني، فلو قال على حمارة لربما كان يفهم أنهأقبل على فرس هجين وليس الأمر كذلك، على أن الجوهري حكى أن الحمارة في الأُنثى شاذة وأتان بالجر والتنوين كسابقه على النعت أو بدل الغلط أو بدل بعض من كل، لأن الحمار يطلق على الجنس فيشمل الذكر والأنثى أو بدل كل من كل نحو شجرة زيتونة، ويروى بإضافة حمار إلى أتان أي حمار هذا النوع وهو الأتان.
قال البدر الدماميني، قال سراج بن عبد الملك: كذا وجدته مضبوطًا في بعض الأصول، واستنكرها السهيلي وقال: إنما يجوّزه من جوّز إضافة الشيء إلى نفسه إذا اختلف اللفظان، وذكر ابن الأثير أن فائدة التنصيص على كونها أُنثى الاستدلال بطريق الأولى على أن الأُنثى من بني آدم لا تقطع الصلاة لأنهنّ أشرف، وعورض بأن العلة ليست مجرد الأنوثة فقط بل الأُنوثة بقيد البشرية لأنها مظنة الشهوة.
( وأنا يومئذ قد ناهزت) أي قاربت ( الاحتلام ورسول الله -صلى اله عليه وسلم- يصلي بمنى) بالصرف وعدمه والأجود الصرف وكتابته بالألف وسميت بذلك لما يمنى أي يراق بها من الدماء ( إلى غير جدار) قال في فتح الباري: أي إلى غير سترة أصلاً قاله الشافعي، وسياق الكلام يدل عليه لأن ابن عباس أورده في معرض الاستدلال على أن المرور بين يدي المصلي لا يقطع صلاته، ويؤيده رواية البزار بلفظ: والنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يصلي المكتوبة ليس شيء يستره ( فمررت بين يدي) أي قدام ( بعض الصف) فالتعبير باليد مجاز وإلا فالصف لا يد له ( وأرسلت الأتان ترتع) أي تأكل وترتع مرفوع، والجملة في محل نصب على الحال من الأتان وهي حال مقدّرة لأنه لم يرسلها في تلك الحال، وإنما أرسلها قبل مقدّرًا كونها على تلك الحال، وجوّز ابن السيد فيه أن يريد لترتع، فلما حذف الناصب رفع كقوله تعالى: { قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي} [الزمر: 64] قاله البدر الدماميني، وقيل ترتع تسرع في المشي والأوّل أصوب، ويدل عليه رواية المؤلف في الحج نزلت عنها فرتعت ( ودخلت الصف) وللكشميهني فدخلت بالفاء في الصف ( فلم ينكر) بفتح الكاف ( ذلك على) أي لم ينكره عليّ رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولا غيره، واستدل المؤلف بسياق هذا على ما ترجم له، وهو أن التحمل لا يشترط فيه كمال الأهلية، وإنما يشترط عند الأداء، ويلحق بالصبي في ذلك العبد والفاسق والكافر، وأدخل المصنف هذا الحديث في ترجمة سماع الصبي وليس فيه سماع لتنزيل عدم إنكار المرور منزلة قوله إنه جائز، والمراد من الصغير غير البالغ، وذكره مع الصبي من باب التوضيح والبيان.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [75] حدّثناأبُو مَعْمَرٍ قَالَ: حدّثنا عَبْدُ الوَارثِ قَالَ: حَدثنَا خالِدٌ عنْ عِكْرِمَةَ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ: ضَمَّني رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

     وَقَالَ : ( اللَّهُمَّ عَلَّمُهُ الكِتابَ) .. مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، بل هُوَ عين التَّرْجَمَة.
بَيَان رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: أَبُو معمر، بِفَتْح الميمين: عبد اللَّه بن عَمْرو بن أبي الْحجَّاج ميسرَة، الْبَصْرِيّ المقعد، بِضَم الْمِيم وَفتح الْعين، الْمنْقري الْحَافِظ الْحجَّة، سمع عبد الْوَارِث الدَّرَاورْدِي وَغَيرهمَا، روى عَنهُ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ وَالْبُخَارِيّ، وروى أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن رجل عَنهُ.
قَالَ يحيى بن معِين: هُوَ ثِقَة عَاقل، وَفِي رِوَايَة: ثَبت، وَكَانَ يَقُول بِالْقدرِ، توفّي سنة تسع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ.
الثَّانِي: عبد الْوَارِث بن سعيد ابْن ذكْوَان التَّمِيمِي الْعَنْبَري أَبُو عُبَيْدَة الْبَصْرِيّ، روى عَن أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ وَغَيره، قَالَ ابْن سعد: كَانَ ثِقَة حجَّة.
توفّي بِالْبَصْرَةِ فِي الْمحرم سنة ثَمَانِينَ وَمِائَة، روى لَهُ الْجَمَاعَة.
الثَّالِث: خَالِد بن مهْرَان الْحذاء، أَبُو الْمنَازل، بِضَم الْمِيم، كَذَا ذكره أَبُو الْحسن،.

     وَقَالَ  عبد الْغَنِيّ: مَا كَانَ من منَازِل فَهُوَ بِضَم الْمِيم إلاَّ يُوسُف بن منَازِل فَإِنَّهُ بِفَتْح الْمِيم.
قَالَ الْبَاجِيّ: قَرَأت على الشَّيْخ أبي ذَر، يَعْنِي الْهَرَوِيّ، فِي كتاب ( الْأَسْمَاء والكنى) لمُسلم: خَالِد بن مهْرَان أَبُو الْمنَازل، بِفَتْح الْمِيم، وَكَذَا ذكره فِي سَائِر الْبَاب، وَالضَّم أظهر..
     وَقَالَ  مُحَمَّد ابْن سعد: هُوَ مولى لأبي عبد اللَّه عَامر بن كريز الْقرشِي، وَلم يكن بحذّاء إِنَّمَا كَانَ يجلس إِلَيْهِم.
يُقَال إِنَّه مَا حذا نعلا قطّ، وَإِنَّمَا كَانَ يجلس إِلَى صديق لَهُ حذاء.
وَقيل: إِنَّه كَانَ يَقُول: أخذُوا عَليّ هَذَا النَّحْو، فلقب بِهِ.
تَابِعِيّ، رأى أنس بن مَالك، قَالَ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ: يكْتب حَدِيثه وَلَا يحْتَج بِهِ،.

     وَقَالَ  يحيى وَأحمد: ثِقَة، توفّي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَمِائَة، روى لَهُ الْجَمَاعَة.
الرَّابِع: عِكْرِمَة مولى عبد اللَّه بن عَبَّاس، أَبُو عبد اللَّه الْمدنِي.
أَصله من البربر من أهل الْمغرب، سمع مَوْلَاهُ وَعبد اللَّه بن عمر وخلقاً من الصَّحَابَة، وَكَانَ من الْعلمَاء فِي زَمَانه بِالْعلمِ وَالْقُرْآن، وَعنهُ أَيُّوب وخَالِد الْحذاء وَخلق، وَتكلم فِيهِ بِرَأْيهِ، رَأْي الْخَوَارِج، وَأطلق نَافِع وَغَيره عَلَيْهِ الْكَذِب، وروى لَهُ مُسلم مَقْرُونا بطاوس وَسَعِيد بن جُبَير، وَاعْتَمدهُ البُخَارِيّ فِي أَكثر مَا يَصح عَنهُ من الرِّوَايَات، وَرُبمَا عيب عَلَيْهِ إِخْرَاج حَدِيثه، وَمَات ابْن عَبَّاس وَعِكْرِمَة مَمْلُوك فَبَاعَهُ عَليّ ابْنه من خَالِد بن مُعَاوِيَة بأَرْبعَة آلَاف دِينَار، فَقَالَ لَهُ عِكْرِمَة: بِعْت علم أَبِيك بأَرْبعَة آلَاف دِينَار؟ فاستقاله فأقاله وَأعْتقهُ.
وَكَانَ جوالاً فِي الْبِلَاد، وَمَات بِالْمَدِينَةِ سنة خمس، أَو سِتّ، أَو سبع وَمِائَة، وَمَات مَعَه فِي ذَلِك الْيَوْم كُثَيِّر الشَّاعِر، فَقيل: مَاتَ الْيَوْم أفقه النَّاس وأشعر النَّاس.
وَقيل: مَاتَ عِكْرِمَة سنة خمس عشرَة وَمِائَة، وَقد بلغ ثَمَانِينَ.
وَاجْتمعَ حفاظ ابْن عَبَّاس على عِكْرِمَة، فيهم عَطاء وَطَاوُسفِي هَذَا الْبَاب حَال الْغُلَام الْمُمَيز فِي السماع، على أَن الْقَضِيَّة هَهُنَا لِابْنِ عَبَّاس أَيْضا، كَمَا كَانَت فِي الْبَاب الأول، وَمرَاده الِاسْتِدْلَال على أَن الْبلُوغ لَيْسَ شرطا فِي التَّحَمُّل.
وَاخْتلفُوا فِي السن الَّذِي يَصح فِيهِ السماع للصَّغِير، فَقَالَ مُوسَى بن هَارُون الْحَافِظ: إِذا فرق بَين الْبَقَرَة وَالدَّابَّة..
     وَقَالَ  أَحْمد بن حَنْبَل: إِذا عقل وَضبط..
     وَقَالَ  يحيى بن معِين: أقل سنّ التَّحَمُّل خَمْسَة عشر سنة، لكَون ابْن عمر، رَضِي الله عَنْهُمَا، رد يَوْم أُحد، إِذْ لم يبلغهَا، وَلما بلغ أَحْمد أنكر ذَلِك..
     وَقَالَ : بئس القَوْل..
     وَقَالَ  عِيَاض: حدد أهل الصّفة ذَلِك أَن أَقَله سنّ مَحْمُود بن الرّبيع، ابْن خمس.
كَذَا ذكره البُخَارِيّ.
وَفِي رِوَايَة أُخْرَى أَنه كَانَ ابْن أَربع،.

     وَقَالَ  ابْن الصّلاح: والتحديد بِخمْس هُوَ الَّذِي اسْتَقر عَلَيْهِ عمل أهل الحَدِيث من الْمُتَأَخِّرين، فيكتبون لِابْنِ خمس سِنِين فَصَاعِدا سمع ولدون حضر أَو أحضر، وَالَّذِي يَنْبَغِي فِي ذَلِك اعْتِبَار التَّمْيِيز، فَإِن فهم الْخطاب ورد الْجَواب كَانَ مُمَيّزا وصحيح السماع، وَإِن كَانَ دون خمس.
وَإِن لم يكن كَذَلِك لم يَصح سَمَاعه وَلَو كَانَ ابْن خمس، بل ابْن خمسين.
وَعَن إِبْرَاهِيم بن سعيد الْجَوْهَرِي قَالَ: رَأَيْت صَبيا، ابْن أَربع سِنِين، قد حمل إِلَى الْمَأْمُون قد قَرَأَ الْقُرْآن وَنظر فِي الْآي، غير أَنه إِذا جَاع بَكَى.
وَحفظ الْقُرْآن أَبُو مُحَمَّد عبد اللَّه بن مُحَمَّد الْأَصْبَهَانِيّ وَله خمس سِنِين، فامتحنه فِيهِ أَبُو بكر بن الْمقري وَكتب لَهُ بِالسَّمَاعِ وَهُوَ ابْن أَربع سِنِين، وَحَدِيث مَحْمُود لَا يدل على التَّحْدِيد بِمثل سنه.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الْكِتَابَ)
اسْتَعْمَلَ لَفْظَ الْحَدِيثِ تَرْجَمَةً تَمَسُّكًا بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَخْتَصُّ جَوَازُهُ بِابْنِ عَبَّاسٍ وَالضَّمِيرُ عَلَى هَذَا لِغَيْرِ مَذْكُورٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِابْنِ عَبَّاسٍ نَفْسِهِ لِتَقَدُّمِ ذِكْرِهِ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ الَّذِيَ وَقَعَ لِابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ غَلَبَتِهِ لِلْحُرِّ بْنِ قَيْسٍ إِنَّمَا كَانَ بِدُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ

[ قــ :75 ... غــ :75] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو بْنِ أَبِي الْحَجَّاجِ الْمَعْرُوفُ بِالْمُقْعَدِ الْبَصْرِيِّ .

     قَوْلُهُ  حَدثنَا خَالِد هُوَ بن مهْرَان الْحَذَّاءُ .

     قَوْلُهُ  ضَمَّنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَادَ الْمُصَنِّفِ فِي فضل بن عَبَّاسٍ عَنْ مُسَدَّدٍ عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ إِلَى صَدره وَكَانَ بن عَبَّاسٍ إِذْ ذَاكَ غُلَامًا مُمَيِّزًا فَيُسْتَفَادُ مِنْهُ جَوَازُ احْتِضَانِ الصَّبِيِّ الْقَرِيبِ عَلَى سَبِيلِ الشَّفَقَةِ .

     قَوْلُهُ  عَلِّمْهُ الْكِتَابَ بَيَّنَ الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ عَن بن عَبَّاسٍ سَبَبَ هَذَا الدُّعَاءِ وَلَفْظُهُ دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخَلَاءَ فَوَضَعْتُ لَهُ وَضُوءًا زَادَ مُسْلِمٌ فَلَمَّا خَرَجَ قَالَ مَنْ وضع هَذَا فَأخْبر وَلمُسلم قَالُوا بن عَبَّاس وَلأَحْمَد وبن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْهُ أَنَّ مَيْمُونَةَ هِيَ الَّتِي أَخْبَرَتْهُ بِذَلِكَ وَأَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي بَيْتِهَا لَيْلًا وَلَعَلَّ ذَلِكَ كَانَ فِي اللَّيْلَة الَّتِي بَات بن عَبَّاسٍ فِيهَا عِنْدَهَا لِيَرَى صَلَاةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا سَيَأْتِي فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَدْ أَخْرَجَ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ كُرَيْبٍ عَن بن عَبَّاسٍ فِي قِيَامِهِ خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ وَفِيهِ فَقَالَ لِي مَا بَالُكَ أَجْعَلُكَ حِذَائِي فَتَخْلُفُنِي فَقُلْتُ أَو يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يُصَلِّيَ حِذَاءَكَ وَأَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ فَدَعَا لِي أَنْ يَزِيدَنِي اللَّهُ فَهْمًا وَعِلْمًا وَالْمُرَادُ بِالْكِتَابِ الْقُرْآنُ لِأَنَّ الْعُرْفَ الشَّرْعِيَّ عَلَيْهِ وَالْمُرَادُ بِالتَّعْلِيمِ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ حِفْظِهِ وَالتَّفَهُّمِ فِيهِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُسَدَّدٍ الْحِكْمَةُ بَدَلَ الْكِتَابِ وَذَكَرَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الثَّابِتُ فِي الطُّرُقِ كُلِّهَا عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ كَذَا قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ أَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ وُهَيْبٍ عَنْ خَالِدٍ بِلَفْظِ الْكِتَابِ أَيْضًا فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحِكْمَةِ أَيْضًا الْقُرْآنُ فَيَكُونُ بَعْضُهُمْ رَوَاهُ بِالْمَعْنَى وَلِلنَّسَائِيِّ وَالتِّرْمِذِيّ من طَرِيق عَطاء عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ دَعَا لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أُوتَى الْحِكْمَةَ مَرَّتَيْنِ فَيُحْتَمَلُ تَعَدُّدُ الْوَاقِعَةِ فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالْكِتَابِ الْقُرْآنَ وَبِالْحِكْمَةِ السُّنَّةَ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ فِي رِوَايَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ الَّتِي قَدَّمْنَاهَا عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ لَكِنْ لَمْ يَقَعْ عِنْدَ مُسْلِمٍ فِي الدِّينِ وَذَكَرَ الْحُمَيْدِيُّ فِي الْجَمْعِ أَنَّ أَبَا مَسْعُودٍ ذَكَرَهُ فِي أَطْرَافِ الصَّحِيحَيْنِ بِلَفْظِ اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ قَالَ الْحُمَيْدِيُّ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ لَيْسَتْ فِي الصَّحِيحَيْنِ.

.

قُلْتُ وَهُوَ كَمَا قَالَ نَعَمْ هِيَ فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ الَّتِي قدمناها عِنْد أَحْمد وبن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ وَرَوَاهَا بن سَعْدٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عِكْرِمَةَ مُرْسَلًا وَأَخْرَجَ الْبَغَوِيُّ فِي مُعْجَمِ الصَّحَابَةِ مِنْ طَرِيقِ زيد بن أسلم عَن بن عمر كَانَ عمر يَدْعُو بن عَبَّاسٍ وَيُقَرِّبُهُ وَيَقُولُ إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَاكَ يَوْمًا فَمَسَحَ رَأْسَكَ.

     وَقَالَ  اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيل وَوَقع فِي بعض نسخ بن مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيِّ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ فِي حَدِيثِ الْبَابِ بِلَفْظِ اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الْحِكْمَةَ وَتَأْوِيلَ الْكِتَابِ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ مُسْتَغْرَبَةٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَقَدْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْوَهَّابِ بِدُونِهَا وَقَدْ وَجدتهَا عِنْد بن سَعْدٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ بن عَبَّاسٍ قَالَ دَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَسَحَ عَلَى نَاصِيَتِي.

     وَقَالَ  اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الْحِكْمَةَ وَتَأْوِيلَ الْكِتَابِ وَقَدْ رَوَاهُ أَحْمَدُ عَنْ هُشَيْمٍ عَنْ خَالِدٍ فِي حَدِيثِ الْبَابِ بِلَفْظِ مَسَحَ عَلَى رَأْسِي وَهَذِهِ الدَّعْوَةُ مِمَّا تَحَقَّقَ إِجَابَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا لما علم من حَال بن عَبَّاسٍ فِي مَعْرِفَةِ التَّفْسِيرِ وَالْفِقْهِ فِي الدِّينِ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُ وَاخْتَلَفَ الشُّرَّاحُ فِي الْمُرَادِ بِالْحِكْمَةِ هُنَا فَقِيلَ الْقُرْآنُ كَمَا تَقَدَّمَ وَقِيلَ الْعَمَلُ بِهِ وَقِيلَ السُّنَّةُ وَقِيلَ الْإِصَابَةُ فِي الْقَوْلِ وَقِيلَ الْخَشْيَةُ وَقِيلَ الْفَهْمُ عَنِ اللَّهِ وَقِيلَ الْعَقْلُ وَقِيلَ مَا يَشْهَدُ الْعَقْلُ بِصِحَّتِهِ وَقِيلَ نُورُ يُفَرَّقُ بِهِ بَيْنَ الْإِلْهَامِ وَالْوَسْوَاسِ وَقِيلَ سُرْعَةُ الْجَوَابِ مَعَ الْإِصَابَةِ وَبَعْضُ هَذِهِ الْأَقْوَالِ ذَكَرَهَا بَعْضُ أَهْلِ التَّفْسِيرِ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى وَلَقَد آتَيْنَا لُقْمَان الْحِكْمَة والاقرب أَن المُرَاد بهَا فِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ الْفَهْمُ فِي الْقُرْآنِ وَسَيَأْتِي مَزِيدٌ لِذَلِكَ فِي الْمَنَاقِبِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب قَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الْكِتَابَ»
( باب قول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اللهمّ علّمه) أي حفظه أو فهمه ( الكتاب) أي القرآن، والضمير يحتمل أن يكون لابن عباس لسبق ذكره في الحديث السابق إشارة إلى أن ما وقع من غلبته للحرّ بن قيس إنما كان بدعائه له -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أو استعمل لفظ الحديث الآتي ترجمة إشارة إلى أن ذلك لا يختص جوازه به، والضمير على هذا الغير المذكور، وهل يقال لمثل هذا مما سبق في الباب سنده تعليق فيه خلاف.


[ قــ :75 ... غــ : 75 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: ضَمَّنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

     وَقَالَ : «اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الْكِتَابَ».
[الحديث 75 - أطرافه في: 143، 3756، 7270] .

وبالسند إلى المؤلف قال: ( حدّثنا أبو معمر) بميمين مفتوحتين بينهما عين مهملة ساكنة آخره راء عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج البصري المقعد بضم الميم وفتح العين المنقري الحافظ القدري

الموثق من ابن معين، المتوفى سنة تسع وعشرين ومائتين ( قال: حدّثنا عبد الوارث) بن سعيد بن ذكوان التميمي العنبري أبو عبيدة البصرى، المتوفى فى المحرم سنة ثمانين ومائة.
( قال حدّثنا خالد) هو ابن مهران الحذاء ولم يكن حذاء، وإنما كان يجلس إليهم التابعي الموثق من يحيى وأحمد، المتوفى سنة إحدى وأربعين ومائة ( عن عكرمة) أبي عبد الله المدني المتكلم فيه لرأيه رأي الخوارج، نعم اعتمده البخاري في أكثر ما يصح عنه من الروايات، المتوفى سنة خمس أو ست أو سبع ومائة ( عن ابن عباس) عبد الله رضي الله عنهما ( قال) :
( ضمني رسول الله) وفي رواية لأبي ذر النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) إلى نفسه أو صدره كما في رواية مسدّد عن عبد الوارث ( وقال: اللهمَّ علّمه) أي عرفه ( الكتاب) بالنصب مفعول ثانٍ والأوّل الضمير أي القرآن، والمراد تعليم لفظه باعتبار دلالته على معانيه، وفي رواية عطاء عن ابن عباس عند الترمذي والنسائي أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دعا له أن يؤتى الحكمة مرتين.
وفي رواية ابن عمر عند البغوي في معجم الصحابة مسح رأسه وقال "اللهمّ فقّهه في الدين وعلّمه التأويل" وفي رواية طاوس مسح رأسه وقال: "اللهمّ علّمه الحكمة وتأويل الكتاب" وقد تحققت إجابته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فقد كان ابن عباس بحر العلم وحبر الأمة ورئيس المفسرين وترجمان القرآن.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ قوْل النَّبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الكِتَابَ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي قَول النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، هَذَا لفظ الحَدِيث، وَضعه تَرْجَمَة على صُورَة التَّعْلِيق، ثمَّ ذكره مُسْندًا، وَهل يُقَال لمثله مُرْسل أم لَا؟ فِيهِ خلاف.
فَإِن قلت: مَا أَرَادَ من وضع هَذَا تَرْجَمَة؟ قلت: أَشَارَ بِهِ إِلَى أَن هَذَا لَا يخْتَص جَوَازه بِابْن عَبَّاس، رَضِي الله عَنْهُمَا.
فَإِن قلت: مَا وَجه الْمُنَاسبَة بَين الْبابَُُيْنِ؟ قلت: من حَيْثُ إِن من جملَة الْمَذْكُور فِي الْبابُُ الأول غَلَبَة ابْن عَبَّاس على حر بن قيس فِي تماريهما فِي صَاحب مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَام، وَذَاكَ من كَثْرَة علمه وغزارة فَضله، وَفِي هَذَا الْبابُُ إِشَارَة إِلَى أَن علمه الغزير وفضيلته الْكَامِلَة ببركة دُعَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَيْثُ قَالَ لَهُ: ( اللَّهُمَّ علمه الْكتاب) .
وَوجه آخر: أَن فِي الْبابُُ الأول بَيَان استفادة مُوسَى، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، من الْخضر من الْعلم الَّذِي لم يكن عِنْده من ذَلِك شَيْء، وَفِي هَذَا الْبابُُ بَيَان استفادة ابْن عَبَّاس علم الْكتاب من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.



[ قــ :75 ... غــ :75 ]
- حدّثناأبُو مَعْمَرٍ قَالَ: حدّثنا عَبْدُ الوَارثِ قَالَ: حَدثنَا خالِدٌ عنْ عِكْرِمَةَ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ: ضَمَّني رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

     وَقَالَ : ( اللَّهُمَّ عَلَّمُهُ الكِتابَ) ..
مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، بل هُوَ عين التَّرْجَمَة.

بَيَان رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: أَبُو معمر، بِفَتْح الميمين: عبد اللَّه بن عَمْرو بن أبي الْحجَّاج ميسرَة، الْبَصْرِيّ المقعد، بِضَم الْمِيم وَفتح الْعين، الْمنْقري الْحَافِظ الْحجَّة، سمع عبد الْوَارِث الدَّرَاورْدِي وَغَيرهمَا، روى عَنهُ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ وَالْبُخَارِيّ، وروى أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن رجل عَنهُ.
قَالَ يحيى بن معِين: هُوَ ثِقَة عَاقل، وَفِي رِوَايَة: ثَبت، وَكَانَ يَقُول بِالْقدرِ، توفّي سنة تسع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ.
الثَّانِي: عبد الْوَارِث بن سعيد ابْن ذكْوَان التَّمِيمِي الْعَنْبَري أَبُو عُبَيْدَة الْبَصْرِيّ، روى عَن أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ وَغَيره، قَالَ ابْن سعد: كَانَ ثِقَة حجَّة.
توفّي بِالْبَصْرَةِ فِي الْمحرم سنة ثَمَانِينَ وَمِائَة، روى لَهُ الْجَمَاعَة.
الثَّالِث: خَالِد بن مهْرَان الْحذاء، أَبُو الْمنَازل، بِضَم الْمِيم، كَذَا ذكره أَبُو الْحسن،.

     وَقَالَ  عبد الْغَنِيّ: مَا كَانَ من منَازِل فَهُوَ بِضَم الْمِيم إلاَّ يُوسُف بن منَازِل فَإِنَّهُ بِفَتْح الْمِيم.
قَالَ الْبَاجِيّ: قَرَأت على الشَّيْخ أبي ذَر، يَعْنِي الْهَرَوِيّ، فِي كتاب ( الْأَسْمَاء والكنى) لمُسلم: خَالِد بن مهْرَان أَبُو الْمنَازل، بِفَتْح الْمِيم، وَكَذَا ذكره فِي سَائِر الْبابُُ، وَالضَّم أظهر..
     وَقَالَ  مُحَمَّد ابْن سعد: هُوَ مولى لأبي عبد اللَّه عَامر بن كريز الْقرشِي، وَلم يكن بحذّاء إِنَّمَا كَانَ يجلس إِلَيْهِم.
يُقَال إِنَّه مَا حذا نعلا قطّ، وَإِنَّمَا كَانَ يجلس إِلَى صديق لَهُ حذاء.
وَقيل: إِنَّه كَانَ يَقُول: أخذُوا عَليّ هَذَا النَّحْو، فلقب بِهِ.
تَابِعِيّ، رأى أنس بن مَالك، قَالَ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ: يكْتب حَدِيثه وَلَا يحْتَج بِهِ،.

     وَقَالَ  يحيى وَأحمد: ثِقَة، توفّي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَمِائَة، روى لَهُ الْجَمَاعَة.
الرَّابِع: عِكْرِمَة مولى عبد اللَّه بن عَبَّاس، أَبُو عبد اللَّه الْمدنِي.
أَصله من البربر من أهل الْمغرب، سمع مَوْلَاهُ وَعبد اللَّه بن عمر وخلقاً من الصَّحَابَة، وَكَانَ من الْعلمَاء فِي زَمَانه بِالْعلمِ وَالْقُرْآن، وَعنهُ أَيُّوب وخَالِد الْحذاء وَخلق، وَتكلم فِيهِ بِرَأْيهِ، رَأْي الْخَوَارِج، وَأطلق نَافِع وَغَيره عَلَيْهِ الْكَذِب، وروى لَهُ مُسلم مَقْرُونا بطاوس وَسَعِيد بن جُبَير، وَاعْتَمدهُ البُخَارِيّ فِي أَكثر مَا يَصح عَنهُ من الرِّوَايَات، وَرُبمَا عيب عَلَيْهِ إِخْرَاج حَدِيثه، وَمَات ابْن عَبَّاس وَعِكْرِمَة مَمْلُوك فَبَاعَهُ عَليّ ابْنه من خَالِد بن مُعَاوِيَة بأَرْبعَة آلَاف دِينَار، فَقَالَ لَهُ عِكْرِمَة: بِعْت علم أَبِيك بأَرْبعَة آلَاف دِينَار؟ فاستقاله فأقاله وَأعْتقهُ.
وَكَانَ جوالاً فِي الْبِلَاد، وَمَات بِالْمَدِينَةِ سنة خمس، أَو سِتّ، أَو سبع وَمِائَة، وَمَات مَعَه فِي ذَلِك الْيَوْم كُثَيِّر الشَّاعِر، فَقيل: مَاتَ الْيَوْم أفقه النَّاس وأشعر النَّاس.
وَقيل: مَاتَ عِكْرِمَة سنة خمس عشرَة وَمِائَة، وَقد بلغ ثَمَانِينَ.
وَاجْتمعَ حفاظ ابْن عَبَّاس على عِكْرِمَة، فيهم عَطاء وَطَاوُس وَسَعِيد بن جُبَير فَجعلُوا يسْأَلُون عِكْرِمَة عَن حَدِيث ابْن عَبَّاس، فَجعل يُحَدِّثهُمْ.
وَسَعِيد كلما حدث بِحَدِيث وضع أُصْبُعه الْإِبْهَام على السبابَُة، أَي سوى، حَتَّى سَأَلُوهُ عَن الْحُوت وقصة مُوسَى، فَقَالَ عِكْرِمَة: كَانَ يسايرهما فِي ضحضاح من المَاء، فَقَالَ سعيد: أشهد على ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: يحملانه فِي مكتل، يعْنى الزنبيل.
قَالَ أَيُّوب: ورأيي، وَالله أعلم، أَن ابْن عَبَّاس حدث بالخبرين جَمِيعًا.
الْخَامِس: عبد اللَّه بن عَبَّاس.

بَيَان الْأَنْسَاب: الْمنْقري، بِكَسْر الْمِيم وَسُكُون النُّون وَفتح الْقَاف بعْدهَا رَاء، نِسْبَة إِلَى منقر بن عبيد بن الْحَارِث، وَهُوَ مقاعس بن عَمْرو بن كَعْب بن سعيد بن زيد مَنَاة بن تَمِيم.
قَالَ ابْن دُرَيْد: من نقرت عَن الْأَمر: كشفت عَنهُ.
التَّمِيمِي: فِي مُضر ينْسب إِلَى تَمِيم بن مر ابْن أد بن طابخة بن الياس.
الْعَنْبَري، بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون النُّون وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة بعْدهَا رَاء، فِي تَمِيم ينْسب إِلَى العنبر بن عَمْرو بن تَمِيم.

بَيَان لطائف إِسْنَاده: مِنْهَا: أَن فِيهِ التحديث، والعنعنة.
وَمِنْهَا: أَن رُوَاته بصريون خلا عِكْرِمَة وَابْن عَبَّاس.
وهما أَيْضا سكنا الْبَصْرَة مُدَّة.
وَمِنْهَا: أَن إِسْنَاده على شَرط الْأَئِمَّة السِّتَّة، قَالَه بعض الشَّارِحين.
وَفِيه نظر.
وَمِنْهَا: أَن فِيهِ رِوَايَة تَابِعِيّ عَن تَابِعِيّ.

بَيَان تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه هُنَا عَن أبي معمر، وَأخرجه أَيْضا فِي فَضَائِل الصَّحَابَة عَن أبي معمر ومسدد عَن عبد الْوَارِث وَعَن مُوسَى عَن وهيب، كِلَاهُمَا عَن خَالِد، قَالَ أَبُو مَسْعُود الدِّمَشْقِي: هُوَ عِنْد القواريري عَن عبد الْوَارِث، وَأخرجه أَيْضا فِي الطَّهَارَة عَن عبد اللَّه بن مُحَمَّد، حَدثنَا هَاشم بن الْقَاسِم.
وَأخرجه مُسلم فِي فَضَائِل ابْن عَبَّاس، حَدثنَا زُهَيْر وَأَبُو بكر بن أبي النَّصْر، حَدثنَا هَاشم بن الْقَاسِم، حَدثنَا وَرْقَاء عَن عبيد اللَّه بن أبي يزِيد عَن ابْن عَبَّاس، رَضِي الله عَنْهُمَا.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي المناقب عَن مُحَمَّد بن بشار عَن الثَّقَفِيّ عَن عبد الْوَارِث بِهِ،.

     وَقَالَ : حسن صَحِيح، وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن عمر بن مُوسَى عَن عبد الْوَارِث بِهِ.
وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي السّنة عَن مُحَمَّد بن الْمثنى وَأبي بكر بن خَلاد، كِلَاهُمَا عَن الثَّقَفِيّ بِهِ.

بَيَان اللُّغَات: قَوْله: ( ضمني) : من ضم يضم ضماً، وضممت الشَّيْء إِلَى الشَّيْء فانضم إِلَيْهِ، وَهُوَ من بابُُ: نصر ينصر.
قَوْله: ( اللَّهُمَّ) أَصله: يَا الله، فَحذف حرف النداء وَعوض عَنهُ الْمِيم، وَلذَلِك لَا يَجْتَمِعَانِ.
وَأما قَول الشَّاعِر:

( وَمَا عَلَيْك أَن تَقول كلماسبحت أَو صليت يَا اللهما)

ارْدُدْ علينا شَيخنَا مُسلما
فَلَيْسَ يثبت، وَهَذَا من خَصَائِص اسْم الله تَعَالَى، كَمَا اخْتصَّ بِالْبَاء فِي الْقسم، وبقطع همزته فِي: يَا الله، وَبِغير ذَلِك.
وَكَأَنَّهُم لما أَرَادوا أَن يكون نداؤه باسمه متميزاً عَن نِدَاء عباده باسمائهم من أول الْأَمر، حذفوا حرف النداء من الأول وَزَادُوا الْمِيم لقربها من حرف الْعلَّة، كالنون فِي الآخر، وخصت لِأَن النُّون كَانَت ملتبسة بضمير النِّسَاء صُورَة، وشددت لِأَنَّهَا خلف من حرفين، وَاخْتَارَ سِيبَوَيْهٍ أَن لَا تُوصَف، لِأَن وُقُوع خلف حرف النداء بَين الْمَوْصُوف وَالصّفة، كوقوع حرف النداء بَينهمَا، وَمذهب الْكُوفِيّين أَن أَصله: يَا الله أم، أَي: أقصد بِخَير، فتصرف فِيهِ، وَرجح الْأَكْثَرُونَ قَول الْبَصرِيين، وَرجح الإِمَام فَخر الدّين الرَّازِيّ قَول الْكُوفِيّين من وَجه وَكَأن الأَصْل أَن: يَا، الَّذِي هُوَ حرف النداء لَا يدْخل على مَا فِيهِ الْألف وَاللَّام إلاَّ بِوَاسِطَة، كَقَوْلِه تَعَالَى: { يَا أَيهَا المزمل} ( المزمل: 1) وَشبهه، وَإِنَّمَا ادخلوها هُنَا لخصوصية هَذَا الِاسْم الشريف بِاللَّه تَعَالَى، وَاللَّام فِيهِ لَازِمَة غير مُفَارقَة لِأَنَّهَا عوض عَمَّا حذف مِنْهُ، وَهِي الْهمزَة.

بَيَان الْإِعْرَاب: قَوْله: ( ضمني) فعل ومفعول، و: ( رَسُول الله) فَاعله، وَالْجُمْلَة مقول القَوْل.
قَوْله: (.

     وَقَالَ )
، عطف على: ( ضمني) .
قَوْله: ( اللَّهُمَّ علمه الْكتاب) ، مقول القَوْل، وَالْهَاء فِي: علمه، مفعول أول لعلم، و: الْكتاب، مفعول ثَان.
فَإِن قلت: هَذَا الْبابُُ، أَعنِي: التَّعْلِيم، يتَعَدَّى إِلَى ثَلَاثَة مفاعيل، ومفعوله الأول كمفعول أَعْطَيْت، وَالثَّانِي وَالثَّالِث كمفعولي: علمت، يَعْنِي لَا يجوز حذف الثَّانِي أَو الثَّالِث فَقَط، فَكيف هَهُنَا؟ قلت: علمه بِمَعْنى عرفه، فَلَا يَقْتَضِي إلاَّ مفعولين.

بَيَان الْمعَانِي: قَوْله: ( ضمني) فِيهِ حذف تَقْدِيره ضمني إِلَى نَفسه، أَو إِلَى صَدره، وَقد جَاءَ بذلك مُصَرحًا فِي رِوَايَته الْأُخْرَى عَن مُسَدّد عَن عبد الْوَارِث: ( إِلَى صَدره) .
قَوْله: ( الْكتاب) أَي: الْقُرْآن، لِأَن الْجِنْس الْمُطلق مَحْمُول على الْكَامِل، وَلِأَن الْعرف الشَّرْعِيّ عَلَيْهِ، أَو لِأَن اللَّام للْعهد.
فَإِن قلت: المُرَاد نفس الْقُرْآن أَي: لَفظه، أَو مَعَانِيه أَي: أَحْكَام الدّين؟ قلت: اللَّفْظ، بِاعْتِبَار دلَالَته على مَعَانِيه، وَوَقع فِي رِوَايَة مُسَدّد: ( الْحِكْمَة) بدل: ( الْكتاب) .
وَذكر الْإِسْمَاعِيلِيّ أَن ذَلِك هُوَ الثَّابِت فِي الطّرق كلهَا عَن خَالِد الْحذاء، وَفِيه نظر، لِأَن البُخَارِيّ أخرجه أَيْضا من حَدِيث وهيب عَن خَالِد بِلَفْظ: الْكتاب، أَيْضا فَيحمل على أَن المُرَاد بالحكمة أَيْضا الْقُرْآن، فَيكون بَعضهم رَوَاهُ بِالْمَعْنَى..
     وَقَالَ  جمَاعَة من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ فِي قَوْله تَعَالَى: { يُؤْتِي الْحِكْمَة من يَشَاء وَمن يُؤْت الْحِكْمَة} الْآيَة ( الْبَقَرَة: 269) .
إِن الْحِكْمَة الْقُرْآن.
فَإِن قلت: روى التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ من طَرِيق عَطاء عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: دَعَا لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن أَوتى الْحِكْمَة مرَّتَيْنِ.
قلت: يحْتَمل تعدد الْوَاقِعَة فَيكون المُرَاد بِالْكتاب الْقُرْآن، وبالحكمة السّنة، وَقد فسرت الْحِكْمَة بِالسنةِ فِي قَوْله تَعَالَى: { وَيُعلمهُم الْكتاب وَالْحكمَة} ( الْبَقَرَة: 129) قَالُوا: المُرَاد بالحكمة هُنَا السّنة الَّتِي سنّهَا رَسُول الله، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، بِوَحْي من الله تَعَالَى، وَيُؤَيّد ذَلِك رِوَايَة عبد اللَّه بن أبي يزِيد عَن ابْن عَبَّاس، رَضِي الله عَنْهُمَا، الَّتِي أخرجهَا الشَّيْخَانِ بِلَفْظ: ( اللَّهُمَّ فقهه) ، وَزَاد البُخَارِيّ فِي رِوَايَة: ( فِي الدّين) .
وَذكر الْحميدِي فِي ( الْجمع) : أَن أَبَا مَسْعُود ذكر فِي ( أَطْرَاف الصَّحِيحَيْنِ) ، بِلَفْظ: ( اللَّهُمَّ فقهه فِي الدّين وَعلمه التَّأْوِيل) .
قَالَ الْحميدِي: هَذِه الزِّيَادَة لَيست فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَهِي فِي رِوَايَة سعيد بن جُبَير عِنْد أَحْمد وَابْن حبَان، وَوَقع فِي بعض نسخ ابْن مَاجَه من طَرِيق عبد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ عَن خَالِد الْحذاء بِلَفْظ: ( اللَّهُمَّ علمه الْحِكْمَة وَتَأْويل الْكتاب) .
وَهَذِه الرِّوَايَة غَرِيبَة من هَذَا الْوَجْه، وَقد رَوَاهَا التِّرْمِذِيّ والإسماعيلي وَغَيرهمَا من طَرِيق عبد الْوَهَّاب بِدُونِهَا، وروى ابْن سعد من وَجه آخر عَن طَاوس عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: ( دَعَاني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمسح على ناصيتي.

     وَقَالَ : اللَّهُمَّ علمه الْحِكْمَة وَتَأْويل الْكتاب)
.
وَقد رَوَاهُ أَحْمد عَن هشيم عَن خَالِد فِي حَدِيث الْبابُُ بِلَفْظ: ( مسح على رَأْسِي) .
فَإِن قلت: مَا معنى تَسْمِيَة الْكتاب وَالسّنة بالحكمة؟ قلت: أما الْكتاب فَلِأَن الله تَعَالَى أحكم فِيهِ لِعِبَادِهِ حَلَاله وَحَرَامه، وَأمره وَنَهْيه.
وَأما السّنة فحكمة فصل بهَا بَين الْحق وَالْبَاطِل، وبيَّن بهَا مُجمل الْقُرْآن..
     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: هَل جَازَ أَن لَا يُسْتَجَاب دُعَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ قلت: لكل نَبِي دَعْوَة مستجابة، وَإجَابَة الْبَاقِي فِي مَشِيئَة الله تَعَالَى، وَأما هَذَا الدُّعَاء فمما لَا شكّ فِي قبُوله، لِأَنَّهُ كَانَ عَالما بِالْكتاب، حبر الْأمة، بَحر الْعلم، رَئِيس الْمُفَسّرين، ترجمان الْقُرْآن.
وَكَونه فِي الدرجَة القصوى فِي الْمحل الْأَعْلَى مِنْهُ، مِمَّا لَا يخفى..
     وَقَالَ  ابْن بطال: كَانَ ابْن عَبَّاس من الْأَحْبَار الراسخين فِي علم الْقُرْآن وَالسّنة، أجيبت فِيهِ الدعْوَة، إِلَى هُنَا كَلَام الْكرْمَانِي.
قلت: هَذَا السُّؤَال لَا يُعجبنِي، فَإِن فِيهِ بشاعة، وَأَنا لَا أَشك أَن جَمِيع دعوات النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مستجابة.
وَقَوله: ( لكل نَبِي دَعْوَة مستجابة) ، لَا يَنْفِي ذَلِك، لِأَنَّهُ لَيْسَ بمحصور.
فَإِن قلت: مَا كَانَ سَبَب هَذَا الدُّعَاء لِابْنِ عَبَّاس؟ قلت: بيَّن ذَلِك البُخَارِيّ وَمُسلم فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى عَن ابْن عَبَّاس.
قَالَ: ( دخل النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، الْخَلَاء فَوضعت لَهُ وضوأ) .
زَاد مُسلم: ( فَلَمَّا خرج ثمَّ اتفقَا قَالَ: من وضع هَذَا؟ فَأخْبر) .
وَلمُسلم: ( قَالُوا: ابْن عَبَّاس) .
وَفِي رِوَايَة أَحْمد وَابْن حبَان من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَنهُ أَن مَيْمُونَة هِيَ الَّتِي أخْبرته بذلك،، وَأَن ذَلِك كَانَ فِي بَيتهَا لَيْلًا.
قلت: وَلَعَلَّ ذَلِك فِي اللَّيْلَة الَّتِي بَات فِيهَا ابْن عَبَّاس عِنْدهَا ليرى صَلَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لما سَيَأْتِي فِي مَوْضِعه إِن شَاءَ الله تَعَالَى.

بَيَان استناط الْأَحْكَام: الأول: فِيهِ بركَة دُعَائِهِ، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وإجابته.
الثَّانِي: فِيهِ فضل الْعلم والحض على تعلمه وعَلى حفظ الْقُرْآن وَالدُّعَاء بذلك.
الثَّالِث: فِيهِ اسْتِحْبابُُ الضَّم، وَهُوَ إِجْمَاع للطفل والقادم من سفر ولغيرهما، ومكروه عِنْد الْبَغَوِيّ، وَالْمُخْتَار جَوَازه، وَمحل ذَلِك إِذا لم يؤد إِلَى تَحْرِيك شَهْوَة.
هَذَا مَذْهَب الشَّافِعِي، وَمذهب أبي حنيفَة أَن ذَلِك يجوز إِذا كَانَ عَلَيْهِ قَمِيص،.

     وَقَالَ  الإِمَام أَبُو مَنْصُور الماتريدي: الْمَكْرُوه من المعانقة مَا كَانَ على وَجه الشَّهْوَة، وَأما على وَجه الْبر والكرامة فَجَائِز.