هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
7156 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الوَهَّابِ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ ، وَالقَاسِمِ التَّمِيمِيِّ ، عَنْ زَهْدَمٍ ، قَالَ : كَانَ بَيْنَ هَذَا الحَيِّ مِنْ جُرْمٍ وَبَيْنَ الأَشْعَرِيِّينَ وُدٌّ وَإِخَاءٌ ، فَكُنَّا عِنْدَ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ فَقُرِّبَ إِلَيْهِ الطَّعَامُ ، فِيهِ لَحْمُ دَجَاجٍ وَعِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَيْمِ اللَّهِ كَأَنَّهُ مِنَ المَوَالِي ، فَدَعَاهُ إِلَيْهِ فَقَالَ : إِنِّي رَأَيْتُهُ يَأْكُلُ شَيْئًا فَقَذِرْتُهُ فَحَلَفْتُ لاَ آكُلُهُ ، فَقَالَ : هَلُمَّ فَلْأُحَدِّثْكَ عَنْ ذَاكَ : إِنِّي أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَفَرٍ مِنَ الأَشْعَرِيِّينَ نَسْتَحْمِلُهُ ، قَالَ : وَاللَّهِ لاَ أَحْمِلُكُمْ وَمَا عِنْدِي مَا أَحْمِلُكُمْ ، فَأُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَهْبِ إِبِلٍ ، فَسَأَلَ عَنَّا ، فَقَالَ : أَيْنَ النَّفَرُ الأَشْعَرِيُّونَ ؟ ، فَأَمَرَ لَنَا بِخَمْسِ ذَوْدٍ غُرِّ الذُّرَى ، ثُمَّ انْطَلَقْنَا قُلْنَا : مَا صَنَعْنَا حَلَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنْ لاَ يَحْمِلَنَا وَمَا عِنْدَهُ مَا يَحْمِلُنَا ؟ ثُمَّ حَمَلَنَا تَغَفَّلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمِينَهُ وَاللَّهِ لاَ نُفْلِحُ أَبَدًا ، فَرَجَعْنَا إِلَيْهِ فَقُلْنَا لَهُ : فَقَالَ : لَسْتُ أَنَا أَحْمِلُكُمْ ، وَلَكِنَّ اللَّهَ حَمَلَكُمْ ، وَإِنِّي وَاللَّهِ لاَ أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا إِلَّا أَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ وَتَحَلَّلْتُهَا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
7156 حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب ، حدثنا عبد الوهاب ، حدثنا أيوب ، عن أبي قلابة ، والقاسم التميمي ، عن زهدم ، قال : كان بين هذا الحي من جرم وبين الأشعريين ود وإخاء ، فكنا عند أبي موسى الأشعري فقرب إليه الطعام ، فيه لحم دجاج وعنده رجل من بني تيم الله كأنه من الموالي ، فدعاه إليه فقال : إني رأيته يأكل شيئا فقذرته فحلفت لا آكله ، فقال : هلم فلأحدثك عن ذاك : إني أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في نفر من الأشعريين نستحمله ، قال : والله لا أحملكم وما عندي ما أحملكم ، فأتي النبي صلى الله عليه وسلم بنهب إبل ، فسأل عنا ، فقال : أين النفر الأشعريون ؟ ، فأمر لنا بخمس ذود غر الذرى ، ثم انطلقنا قلنا : ما صنعنا حلف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أن لا يحملنا وما عنده ما يحملنا ؟ ثم حملنا تغفلنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يمينه والله لا نفلح أبدا ، فرجعنا إليه فقلنا له : فقال : لست أنا أحملكم ، ولكن الله حملكم ، وإني والله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها إلا أتيت الذي هو خير منه وتحللتها
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Zahdam:

There were good relations and brotherhood between this tribe of Jurm and the Ash`ariyyin. Once, while we were sitting with Abu Musa Al-Ash`ari, there was brought to him a meal which contained chicken meat, and there was sitting beside him, a man from the tribe of Bani Taimul-lah who looked like one of the Mawali. Abu Musa invited the man to eat but the man said, I have seen chicken eating some dirty things, and I have taken an oath not to eat chicken. Abu Musa said to him, Come along, let me tell you something in this regard. Once I went to the Prophet (ﷺ) with a few men from Ash`ariyyin and we asked him for mounts. The Prophet (ﷺ) said, By Allah, I will not mount you on anything; besides I do not have anything to mount you on.' Then a few camels from the war booty were brought to the Prophet, and he asked about us, saying, 'Where are the group of Ash`ariyyin?' So he ordered for five fat camels to be given to us and then we set out. We said, 'What have we done? Allah's Messenger (ﷺ) took an oath that he would not give us anything to ride and that he had nothing for us to ride, yet he provided us with mounts. We made Allah's Messenger (ﷺ) forget his oath! By Allah, we will never be successful.' So we returned to him and reminded him of his oath. He said, 'I have not provided you with the mount, but Allah has done so. By Allah, I may take an oath to do something, but on finding something else which is better, I do that which is better and make the expiation for my oath.'

":"ہم سے عبداللہ بن عبدالوہاب نے بیان کیا ‘ ان سے عبدالوہاب نے ‘ کہا ہم سے ایوب سختیانی نے ‘ ان سے ابوقلابہ اور قاسم تمیمی نے ‘ ان سے زہدم نے بیان کیا کہاس قبیلہ جرم اور اشعریوں میں محبت اور بھائی چارہ کا معاملہ تھا ۔ ایک مرتبہ ہم ابوموسیٰ اشعری رضی اللہ عنہ کے پاس تھے کہ ان کے پاس کھانا لایا گیا جس میں مرغی کا گوشت بھی تھا ۔ ان کے ہاں ایک بنی تیم اللہ کا بھی شخص تھا ۔ غالباً وہ عرب کے غلام لوگوں میں سے تھا ۔ ابوموسیٰ رضی اللہ عنہ نے اسے اپنے پاس بلایا تو اس نے کہا کہ میں نے مرغی کو گندگی کھاتے دیکھا ہے اور اسی وقت سے قسم کھا لی کہ اس کا گوشت نہیں کھاؤں گا ابوموسیٰ رضی اللہ عنہ نے کہا ‘ سنو ! میں تم سے اس کے متعلق ایک حدیث رسول کریم صلی اللہ علیہ وسلم کی بیان کرتا ہوں ۔ میں آنحضرت صلی اللہ علیہ وسلم کے پاس اشعریوں کے کچھ افراد کو لے کر حاضر ہوا اور ہم نے آپ سے سواری مانگی ۔ آنحضرت صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ واللہ ! میں تمہارے لیے سواری کا انتظام نہیں کر سکتا ‘ نہ میرے پاس کوئی ایسی چیز ہے جسے میں تمہیں سواری کے لیے دوں ۔ پھر آنحضرت صلی اللہ علیہ وسلم کے پاس مال غنیمت میں سے کچھ اونٹ آئے تو آنحضرت صلی اللہ علیہ وسلم نے ہمارے متعلق پوچھا کہ اشعری لوگ کہاں ہیں ؟ چنانچہ آپ نے ہمیں پانچ عمدہ اونٹ دینے کا حکم دیا ۔ ہم انہیں لے کر چلے تو ہم نے اپنے عمل کے متعلق سوچا کہ آنحضرت صلی اللہ علیہ وسلم نے قسم کھا ئی تھی کہ ہمیں سواری کے لیے کوئی جانور نہیں دیں گے اور نہ آپ کے پاس کوئی ایسا جانور ہے جو ہمیں سواری کے لیے دیں ۔ ہم نے سوچا کہ آنحضرت صلی اللہ علیہ وسلم نے اپنی قسم بھول گئے ہیں واللہ ! ہم کبھی فلاح نہیں پا سکتے ۔ ہم واپس آنحضرت صلی اللہ علیہ وسلم کے پاس پہنچے اور آپ سے صورت حال کے متعلق پوچھا ۔ آپ نے فرمایا کہ میں تمہیں یہ سواری نہیں دے رہا ہوں بلکہ اللہ دے رہا ہے ۔ واللہ ! میں اگر کوئی قسم کھا لیتا ہوں اور پھر اس کے خلاف میں دیکھتا ہوں تو میں وہی کرتا ہوجس میں بھلائی ہوتی ہے اور قسم کا کفارہ دے دیتا ہوں ۔

شرح الحديث من إرشاد الساري

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،    باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:
{ وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [الصافات: 96] { إِنَّا كُلَّ شَىْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49] وَيُقَالُ لِلْمُصَوِّرِينَ: أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ { إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِى خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِى اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف: 54] قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: بَيَّنَ اللَّهُ الْخَلْقَ مِنَ الأَمْرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: { أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ} وَسَمَّى النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الإِيمَانَ عَمَلاً قَالَ أَبُو ذَرٍّ: وَأَبُو هُرَيْرَةَ سُئِلَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَىُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَجِهَادٌ فِى سَبِيلِهِ،.

     وَقَالَ : { جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأحقاف: 14] .

     وَقَالَ  وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ لِلنَّبِىِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُرْنَا بِجُمَلٍ مِنَ الأَمْرِ إِنْ عَمِلْنَا بِهَا دَخَلْنَا الْجَنَّةَ، فَأَمَرَهُمْ بِالإِيمَانِ وَالشَّهَادَةِ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ فَجَعَلَ ذَلِكَ كُلَّهُ عَمَلاً.

( باب قول الله تعالى { والله خلقكم} ) أي أتعبدون من الأصنام ما تنحتونها وتعملونها بأيديكم والله خلقكم ( { وما تعملون} [الصافات: 96] ) أي وخلق عملكم وهو التصوير والنحت كعمل الصائغ السوار أي صاغه فجوهرها بخلق الله وتصوير أشكالها وإن كان من عملهم فبخلقه تعالى أقدارهم على ذلك، وحينئذٍ فما مصدرية على ما اختاره سيبويه لاستغنائها عن الحذف والإضمار منصوبة المحل عطفًا على الكاف والميم في خلقكم، وقيل: هي موصولة بمعنى الذي على حذف الضمير منصوبة المحل عطفًا على الكاف والميم من خلقكم أيضًا أي أتعبدون الذي تنحتون والله خلقكم وخلق الذي تعملونه بالنحت، ويرجح كونها بمعنى الذي ما قبلها وهو قوله تعالى: { أتعبدون ما تنحتون} [الصافات: 95] توبيخًا لهم على عبادة ما عملوه بأيديهم من الأصنام لأن كلمة ما عامة تتناول ما يعملونه من الأوضاع والحركات والمعاصي والطاعات وغير ذلك، فإن المراد بأفعال العباد المختلف في كونها بخلق العبد أو بخلق الرب عز وجل هو ما يقع بكسب العبد ويسند إليه مثل الصوم والصلاة والأكل والشرب والقيام والقعود ونحو ذلك، وقيل إنها استفهامية منصوبة المحل بقوله تعملون استفهام توبيخ وتحقير لشأنها وقيل نكرة موصوفة حكمها حكم الموصوف، وقيل نافية أي إن العمل في الحقيقة ليس لكم فأنتم لا تعملون ذلك لكن الله هو خالقه، والذي ذهب إليه أكثر أهل السُّنّة أنها مصدرية.

وقال المعتزلة: إنها موصولة محاولة لمعتقدهم الفاسد وقالوا التقدير أتعبدون حجارة تنحتونها والله خلقكم وخلق تلك الحجارة التي تعملونها.
قال السهيلي في نتائج الفكر: ولا يصح ذلك من جهة النحو إذ ما لا يصح أن تكون مع الفعل الخاص إلا مصدرية فعلى هذا فالآية ترد مذهبهم وتفسد قولهم والنظم على قول أهل السُّنَّة أبدع.

فإن قيل: قد تقول عملت الصحفة وصنعت الجفنة وكذا يصح عملت الصنم قلنا: لا يتعلق ذلك إلا بالصورة التي هي التركيب والتأليف وهي الفعل الذي هو الأحداث دون الجواهر بالاتفاق ولأن الآية وردت في إثبات استحقاق الخالق العبادة لانفراده بالخلق وإقامة الحجة على من يعبد ما لا يخلق وهم يخلقون.
فقال: أتعبدون ما لا يخلق وتدعون عبادة من خلقكم وخلق أعمالكم التي تعملون، ولو كان كما زعموا لما قامت الحجة من هذا الكلام لأنه لو جعلهم خالقين لأعمالهم وهو خالق الأجناس لشركهم معه في الخلق تعالى الله عن إفكهم.

وقال البيهقي في كتاب الاعتقاد قال الله تعالى: { ذلكم الله ربكم خالق كل شيء} [غافر: 62] فدخل فيه الأعيان والأفعال من الخير والشر وقال تعالى: { أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم قل الله خالق كل شيء وهو الواحد القهار} [الرعد: 16] فنفى أن يكون خالق غيره ونفى أن يكون شيء سواه غير مخلوق، فلو كانت الأفعال غير مخلوقة له لكان خالق بعض شيء وهو بخلاف الآية ومن المعلوم أن الأفعال أكثر من الأعيان فلو كان الله خالق الأعيان والناس خالقي الأفعال لكان مخلوقات الناس أكثر من مخلوقات الله تعالى الله عن ذلك.

وقال الشمس الأصفهاني في تفسير قوله: { وما تعملون} أي عملكم وفيه دليل على أن أفعال العباد مخلوقة لله تعالى وأنها مكتسبة للعباد حيث أثبت لهم عملاً فأبطلت هذه الآية مذهب القدرية والجبرية معًا، وقد رجح بعض العلماء كونها مصدرية لأنهم لم يعبدوا الأصنام إلا لعملهم لا لجزم الصنم وإلا لكانوا يعبدونه قبل النحت فكأنهم عبدوا العمل فأنكر عليهم عبادة المنحوت الذي لم ينفك عن عمل المخلوق.

وقال الشيخ تقي الدين بن تيمية سلمنا أنها موصولة لكن لا نسلم أن للمعتزلة فيها حجة لأن قوله تعالى: { والله خلقكم} يدخل فيه ذاتهم وصفاهم، وعلى هذا إذا كان خلقكم وخلق الذي تعملونه إن كان المراد خلقه لها قبل النحت لزم أن يكون المعمول غير المخلوق وهو باطل، فثبت أن المراد خلقه لها قبل النحت وبعده وأن الله خلقها بما فيها من التصوير والنحت فثبت أنه خالق ما تولد من فعلهم، ففي الآية دليل على أن الله تعالى خلق أفعالهم القائمة بهم وخلق ما تولد عنها.

وقال الحافظ عماد الدين بن كثير كل من قولي المصدر والموصول متلازم والأظهر ترجيح المصدرية لما رواه البخاري في كتاب خلق أفعال العباد من حديث حذيفة مرفوعًا: إن الله يصنع كل صانع وصنعته وأقوال الأئمة في هذه المسألة كثيرة، والحاصل أن العمل يكون مسند إلى العبد من حيث إن له قدرة عليه وهو المسمى بالكسب ومسندًا إلى الله تعالى من حيث إن وجودهُ بتأثيره فله جهتان بإحداهما ينفي الجبر وبالأخرى ينفي القدر وإسناده إلى الله حقيقة وإلى العبد عادة وهي صفة يترتب عليها الأمر والنهي والفعل والترك فكل ما أسند من أفعال العباد إلى الله تعالى فهو بالنظر إلى تأثير القدرة ويقال له الخلق وما أسند إلى العبد إنما يحصل بتقدير الله تعالى، ويقال له الكسب وعليه يقع المدح والذم كما يذم المشوّه الوجه ويحمد الجميل الصورة، وأما الثواب أو العقاب فهو علامة والعبد إنما هو ملك لله يفعل فيه ما يشاء والله أعلم.

وقوله تعالى: ( { إنّا كل شيء خلقناه بقدر} [القمر: 49] ) مقدرًا مرتبًا على مقتضى الحكمة أو مقدرًا مكتوبًا في اللوح المحفوظ معلومًا قبل كونه قد علمنا حاله وزمانه وكل شيء منصوب على الاشتغال وقرأ أبو السمال بالرفع ورجح الناس النصب بل أوجبه ابن الحاجب حذرًا من لبس المفسر بالصفة لأن الرفع يوهم ما لا يجوز على قواعد أهل السُّنَّة وذلك لأنه إذا رفع كان مبتدأ وخلقناه صفة لكل أو لشيء وبقدر خبره، وحينئذٍ يكون له مفهوم لا يخفى على متأمله فيلزم أن يكون الشيء الذي ليس مخلوقًا لله تعالى لا بقدر وقال أبو البقاء وإنما المكان النصب أولى لدلالته على عموم الخلق والرفع لا يدل على عمومه بل يفيد أن كل شيء مخلوق فهو بقدر اهـ.

وإنما دل النصب في كل على العموم لأن التقدير إنّا خلقنا شيء خلقناه بقدر، فخلقناه تأكيد وتفسير لخلقناه المضمر الناصب لكل وإذا حذفته، وأظهرت الأول صار التقدير إنّا خلقنا كل شيء بقدر فخلقناه تأكيد وتفسير لخلقنا المضمر الناصب لكل له شيء فهذا لفظ عام يعم جميع
المخلوقات ولا يجوز أن يكون خلقناه صفة لشيء لأن الصفة والصلة لا يعملان فيما قبل الموصوف ولا الموصول ولا يكونان تفسيرًا لما يعمل فيما قبلهما، فإذا لم يبق خلقناه صفة لم يبق إلا أنه تأكيد وتفسير للمضمر الناصب وذلك يدل على العموم، وقد نازع الرضى ابن الحاجب في قوله السابق فقال المعنى في الآية لا يتفاوت بجعل الفعل خبرًا أو صفة وذلك لأن مراد الله تعالى بكل شيء كل مخلوق نصبت كل أو رفعته سواء جعلت خلقناه صفة كل مع الرفع أو خبرًا عنه وذلك أن قوله خلقنا كل شيء بقدر لا يريد به خلقنا كل ما يقع عليه اسم شيء لأنه تعالى لم يخلق الممكنات غير المتناهية ويقع على كل واحد منها اسم شيء فكل شيء في هذه الآية ليس كما في قوله تعالى والله على كل شيء قدير لأن معناه أنه قادر على كل ممكن غير متناهٍ فإذا تقرر هذا قلنا إن معنى كل شيء خلقناه بقدر على أن خلقناه هو الخبر كل مخلوق مخلوق بقدر وعلى أن خلقناه صفة كل شيء مخلوق كائن بقدر والمعنيان واحد إذ لفظ كل شيء في الآية مختص بالمخلوقات سواء كان خلقناه صفة له أو خبرًا وليس مع التقدير الأول أعم منه مع التقدير الثاني كما في مثالنا.

( ويقال) بضم أوله ( للمصورين) يوم القيامة ولأبي ذر عن الكشميهني: ويقول أي الله أو الملك بأمره تعالى ( أحيوا) بفتح الهمزة ( ما خلقتم) أسند الخلق إليهم على سبيل الاستهزاء والتعجيز والتشبيه في الصورة فقط وقال ابن بطال إنما نسب خلقها إليهم تقريعًا لهم لمضاهاتهم الله تعالى في خلقه فبكّتهم بأن قال إذ شابهتم بما صوّرتم مخلوقات الله تعالى فأحيوها كما أحيا هو جل وعلا ما خلق.

وقال في الكواكب: أسند الخلق إليهم صريحًا وهو خلاف الترجمة لكن المراد كسبهم فأطلق لفظ الخلق عليه استهزاء أو ضمن خلقتم معنى صوّرتم تشبيهًا بالخلق أو أطلق بناءً على زعمهم فيه.

( { إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام} ) أي في ستة أوقات أو مقدار ستة أيام فإن المتعارف زمان طلوع الشمس إلى غروبها ولم يكن حينئذٍ وفي خلق الأشياء تدريجيًّا مع القدرة على إيجادها دفعة دليل على الاختيار واعتبار للنظار وحثّ على التأني في الأمور ( { ثم استوى على العرش} ) الاستواء افتعال من السواء والسواء يكون بمعنى العدل والوسط وبمعنى الإقبال كما نقله الهروي عن الفراء وتبعه ابن عرفة بمعنى الاستيلاء، وأنكره ابن الأعرابي.
وقال الحرب: لا تقول استولى إلا لمن له مضادّ وفيما قاله نظر فإن الاستيلاء من الولاء وهو القرب أو من الولاية وكلاهما لا يفتقر في إطلاقه لمضادّ، وبمعنى اعتدل وبمعنى علا وإذا علم هذا فينزل على ذلك الاستواء الثابت للباري تعالى على الوجه اللائق به وقد ثبت عن الإمام مالك أنه سئل كيف استوى؟ فقال: كيف غير معقول والاستواء غير مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة فقوله: كيف غير معقول أي كيف من صفات الحوادث وكل ما كان من صفات الحوادث فإثباته في صفات الله تعالى ينافي ما يقتضيه العقل فيجزم بنفيه عن الله تعالى وقوله والاستواء غير مجهول أي أنه معلوم المعنى عند أهل اللغة والإيمان به على الوجه اللائق به تعالى واجب لأنه من
الإيمان بالله تعالى، وكتبه والسؤال عنه بدعة أي حادث لأن الصحابة رضي الله عنهم كانوا عالمين بمعناه اللائق بحسب اللغة فلم يحتاجوا للسؤال عنه فلما جاء من لم يحط بأوضاع لغتهم ولا له نور كنورهم يهديه لنور صفات الباري تعالى شرع يسأل عن ذلك فكان سؤاله سببًا لاشتباهه على الناس وزيغهم على العلماء حينئذٍ أن يهملوا البيان وقد مر أن استوى افتعل وأصله العدل، وحقيقة الاستواء المنسوب إلى الله تعالى في كتابه بمعنى اعتدل أي قام بالعدل وأصله من قوله شهد الله أنه لا إله إلا هو إلى قوله قائمًا بالقسط والعدل وهو استواؤه ويرجع معناه إلى أنه أعطى بعزته كل شيء خلقه موزونًا بحكمته المبالغة في التعريف لخلقه بوحدانيته ولذلك قرنه بقوله لا إله إلا هو العزيز الحكيم والاستواء المذكور في القرآن استواءان سماويّ وعرشي فالأول معدّى بإلى قال تعالى: { ثم استوى إلى السماء} [البقرة: 29] والثاني بعلى لأنه تعالى قام بالقسط متعرقًا بوحدانيته في عالمين عالم الخلق وعالم الأمر وهو عالم التدبير فكان استواؤه على العرش للتدبير بعد انتهاء عالم الخلق وبهذا يفهم سر تعدية الاستواء العرشي بعلى لأن التدبير للأمر لا بد فيه من استعلاء واستيلاء والعرش جسم كسائر الأجسام سمي به لارتفاعه أو للتشبيه بسرير الملك فإن الأمور والتدابير تنزل منه ( { يغشي الليل النهار} ) يغطيه ولم يذكر عكسه للعلم به ( { يطلبه حثيثًا} ) يعقبه سريعًا كالطالب له لا يفصل بينهما شيء والحثيث فعيل من الحث وهو صفة مصدر محذوف أو حال من الفاعل بمعنى حاثًّا أو المفعول بمعنى محثوثًا ( { والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره} ) بقضائه وتصريفه ونصبها بالعطف على السماوات ونصب مسخرات على الحال ( { ألا له الخلق والأمر} ) فإنه الموجد والمتصرف ( { تبارك الله رب العالمين} [الأعراف: 54] ) تعالى بالوحدانية في الألوهية وتعظم بالتفرد في الربوبية وسقط لأبي ذر قوله: { في ستة أيام} إلى آخر الآية.
وقال بعد قوله والأرض إلى تبارك الله رب العالمين.

( قال ابن عيينة) سفيان فيما وصله ابن أبي حاتم في كتاب الرد على الجهمية ( بين الله الخلق من الأمر) أي فرق بينهما ( بقوله تعالى) في الآية السابقة ( { ألا له الخلق والأمر} ) حيث عطف أحدهما على الآخر فالخلق هو المخلوقات والأمر هو الكلام فالأوّل حادث والثاني قديم وفيه أن لا خلق لغيره تعالى حيث حصر على ذاته تعالى بتقديم الخبر على المبتدأ ( وسمى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الإيمان عملاً.
قال أبو ذر)
الغفاري -رضي الله عنه- فيما وصله المؤلف في العتق ( وأبو هريرة) -رضي الله عنه- فيما وصله في الإيمان والحج ( سئل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أيّ الأعمال أفضل؟ قال: إيمان بالله وجهاد في سبيله.
وقال)
تعالى: ( { جزاء بما كانوا يعملون} [الأحقاف: 14] ) من الإيمان وغيره من الطاعات فسمي الإيمان عملاً حيث أدخله في جملة الأعمال ( وقال وفد عبد القيس) ربيعة ( للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) فيما وصله المؤلف بعد ( مرنا بجمل) أمور كلية مجملة ( من الأمر وإن عملنا بها دخلنا الجنة فأمرهم بالإيمان) أي بتصديق الشارع عليه الصلاة والسلام فيما علم مجيئه به ضرورة ( والشهادة) بالوحدانية لله تعالى ( وإقام الصلاة) المفروضة ( وإيتاء الزكاة) المكتوبة ( فجعل) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( ذلك كله) ومن جملته الإيمان ( عملاً) .


[ قــ :7156 ... غــ : 7555 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ وَالْقَاسِمِ التَّمِيمِىِّ، عَنْ زَهْدَمٍ قَالَ: كَانَ بَيْنَ هَذَا الْحَىِّ مِنْ جُرْمٍ وَبَيْنَ الأَشْعَرِيِّينَ وُدٌّ وَإِخَاءٌ فَكُنَّا عِنْدَ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ فَقُرِّبَ إِلَيْهِ الطَّعَامُ فِيهِ لَحْمُ دَجَاجٍ، وَعِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِى تَيْمِ اللَّهِ كَأَنَّهُ مِنَ الْمَوَالِى فَدَعَاهُ إِلَيْهِ فَقَالَ: إِنِّى رَأَيْتُهُ يَأْكُلُ شَيْئًا فَقَذِرْتُهُ، فَحَلَفْتُ لاَ آكُلُهُ فَقَالَ: هَلُمَّ فَلأُحَدِّثْكَ عَنْ ذَاكَ إِنِّى أَتَيْتُ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِى نَفَرٍ مِنَ الأَشْعَرِيِّينَ نَسْتَحْمِلُهُ قَالَ: وَاللَّهِ لاَ أَحْمِلُكُمْ وَمَا عِنْدِى مَا أَحْمِلُكُمْ فَأُتِىَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِنَهْبِ إِبِلٍ فَسَأَلَ عَنَّا فَقَالَ: أَيْنَ النَّفَرُ الأَشْعَرِيُّونَ؟ فَأَمَرَ لَنَا بِخَمْسِ ذَوْدٍ غُرِّ الذُّرَى ثُمَّ انْطَلَقْنَا قُلْنَا: مَا صَنَعْنَا حَلَفَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لاَ يَحْمِلُنَا وَمَا عِنْدَهُ مَا يَحْمِلُنَا، ثُمَّ حَمَلَنَا تَغَفَّلْنَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَمِينَهُ وَاللَّهِ لاَ نُفْلِحُ أَبَدًا، فَرَجَعْنَا إِلَيْهِ فَقُلْنَا لَهُ: فَقَالَ: «لَسْتُ أَنَا أَحْمِلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَمَلَكُمْ، إِنِّى وَاللَّهِ لاَ أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا إِلاَّ أَتَيْتُ الَّذِى هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ وَتَحَلَّلْتُهَا».

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن الوهاب) الحجبي قال: ( حدّثنا عبد الوهاب) بن عبد المجيد الثقفي قال: ( حدّثنا أيوب) بن أبي تميمة أبو بكر السختياني الإمام ( عن أبي قلابة) بكسر القاف عبد الله بن زيد الجرمي ( والقاسم) بن عاصم ( التميمي) وقيل الكلبي وقيل الليثي كلاهما ( عن زهدم) بفتح الزاي وبالدال المهملة بينهما هاء ساكنة ابن مضرب بالضاد المعجمة المفتوحة والراء المشددة المكسورة من التضريب أنه ( قال: كان بين هذا الحي من جرم) بفتح الجيم وسكون الراء ( وبين الأشعريين) جمع أشعري نسبة إلى أشعر أبي قبيلة من اليمن ( ود) بضم الواو وتشديد الدال محبة ( وإخاء) بكسر الهمزة وتخفيف الخاء المعجمة ممدودًا مؤاخاة ( فكنا عند أبي موسى) عبد الله بن قيس ( الأشعري) -رضي الله عنه- ( فقرّب إليه الطعام) بضم القاف مبنيًّا للمفعول والطعام معرّف وللأصيلي طعام كذا رأيته في أصل معتمد وهو الذي في اليونينية والذي في الفرع بالتنكير فقط غير معزوّ ( فيه لحم دجاج) مثلث الدال يقع على الذكر والأنثى ( وعنده) وعند أبي موسى ( رجل من بني تيم الله) بفتح الفوقية وسكون التحتية قبيلة من قضاعة ( كأنه) وللأصيلي مما ليس في الفرع كان ( من الموالي فدعاه) أبو موسى ( إليه) أي إلى لحم الدجاج ( فقال) الرجل ( إني رأيته يأكل شيئًا) من النجاسة وثبت شيئًا للكشميهني وسقط لغيره ( فقذرته) بكسر الذال المعجمة أي فكرهته ( فحلفت لا آكله) .
وللكشميهني أن لا آكله واختلف في الجلالة فقال مالك لا بأس بأكل الجلالة من الدجاج وغيره إنما جاء النهي عنها للتقذر، ولأبي داود والنسائي من حديث عبد الله بن عمرو بن العاصي نهى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية وعن الجلالة إذا تغير لحمها بأكل النجاسة، وصحح النووي أنه إذا ظهر تغير لحم الجلالة من نعم أو دجاج بالرائحة والنتن في عرقها وغيره كره أكلها، وذهب جماعة من الشافعية وهو قول الحنابلة إلى أن النهي للتحريم وهو الذي صححه الشيخ أبو إسحاق المروزي وإمام الحرمين والبغوي والغزالي ولم يسم الرجل المذكور في الحديث.
وفي سياق الترمذي أنه زهدم وكذا عند أبي عوانة في صحيحه، ويحتمل أن يكون كلٌّ من زهدم
والآخر امتنعا من الأكل ( فقال) أبو موسى له ( هلم) تعال ( فلأحدثك عن ذاك) أي فوالله لأحدّثك أي عن الطريق في حل اليمين وفي أصل اليونينية فلأحدّثك بسكون اللام والمثلثة ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: فلأحدّثنّك بنون التأكيد عن ذلك باللام قبل الكاف ( إني أتيت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في نفر من الأشعريين) ما بين الثلاثة إلى العشرة من الرجال ( نستحمله) نطلب منه أن يحملنا ويحمل أثقالنا في غزوة تبوك على شيء من الإبل ( قال) صلوات الله وسلامه عليه:
( والله لا أحملكم وما عندي ما أحملكم) أي عليه ( فأتي النبي) بضم الهمزة مبنيًّا للمفعول ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بنهب إبل) من غنيمة ( فسأل عنا فقال: أين النفر الأشعريون) فأتينا ( فأمر لنا بخمس ذود) بفتح الذال المعجمة وسكون الواو بعدها دال مهملة وهو من الإبل ما بين الثنيتين إلى التسعة وقيل ما بين الثلاثة إلى العشرة واللفظة مؤنثة لا واحد لها من لفظها كالنعم.
وقال أبو عبيد: الذود من الإناث دون المذكور وفي غزوة تبوك ستة أبعرة وفي الأيمان والنذور بثلاثة ذود ولا تنافي في ذلك لأن ذكر عدد لا ينافي غيره وقوله خمس بالتنوين وفي رواية بغير تنوين على الإضافة واستنكره أبو البقاء في غريبه، وقال: والصواب تنوين خمس وأن يكون ذود بدلاً من خمس فإنه لو كان بغير تنوين لتغير المعنى لأن العدد المضاف غير المضاف إليه فيلزم أن يكون خمس خمسة عشر بعيرًا لأن الإبل الذود ثلاثة، وتعقبه الحافظ ابن حجر فقال: ما أدري كيف حكم بفساد المعنى إذا كان العدد كذا وليكن عدد الإبل خمسة عشر بعيرًا فما الذي يضر، وقد ثبت في بعض طرقه خذ هذين القرينين وهذين القرينين إلى أن عدست مرات، والذي قاله إنما يتم أن لو جاءت رواية صريحة أنه لم يعطهم سوى خمسة أبعرة ( غرّ الذرى) بضم الغين المعجمة وتشديد الراء والذرى بالذال المعجمة المضمومة وفتح الراء ذروة وهي أعلى كل شيء أي ذوي الأسنمة البيض من سمنهن وكثرة شحومهن.

( ثم انطلقنا قلنا ما صنعنا) بسكون العين ( حلف رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لا يحملنا) ولأبي ذر أن لا يحملنا ( وما عنده ما يحملنا ثم حملنا) بفتح اللام في الأخير ( تغفلنا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يمينه) بسكون اللام أي طلبنا غفلته وكنا سبب ذهوله عما وقع ( والله لا نفلح أبدًا فرجعنا إليه) صلوات الله وسلامه عليه ( فقلنا له) ذلك ( فقال: لست أنا أحملكم ولكن الله حملكم) حقيقة لأنه خالق أفعال العباد.

وهذا مناسب لما ترجم به.
وقال ابن المنير: الذي يظهر أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حلف لا يحملهم فلما حملهم راجعوه في يمينه فقال: ما أنا حملتكم ولكن الله حملكم فبيّن أن يمينه إنما انعقدت فيما يملك فلو حملهم على ما يملك لحنث وكفر ولكنه حملهم على ما لا يملك ملكًا خاصًّا وهو مال الله وبهذا لا يكون قد حنث في يمينه هذا مع قصده عليه الصلاة والسلام في الأوّل أنه لا يحملهم على ما لا يملك بقرض يتكلفه ونحو ذلك.
وأما قوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عقب ذلك لا أحلف على يمين الخ فتأسيس قاعدة مبتدأة كأنه يقول ولو كنت حلفت ثم رأيت ترك ما حلفت عليه خيرًا منه لأحنثت
نفسي وكفّرت عن يميني قال وهم إنما سألوه ظنًّا أنه يملك حملانًا فحلف لا يحملهم على شيء يملكه لكونه كان حينئذٍ لا يملك شيئًا من ذلك اهـ.

ووجه البدر الدماميني في مصابيحه بأن مكارم أخلاقه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ورأفته بالمؤمنين ورحمته بهم تأبى أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يحلف على عدم حملانهم مطلقًا قال: والذي يظهر لي أن قوله وما عندي ما أحملكم جملة حالية من فاعل الفعل المنفي بلا أو مفعوله أي لا أحملكم في حالة عدم وجداني لشيء أحملكم عليه أي أنه لا يتكلف حملهم بقرض أو غيره لما رآه من المصلحة المقتضية لذلك، وحينئذٍ فحمله لهم على ما جاءه من مال الله لا يكون مقتضيًا لحنثه.

وأجيب: بأن المعنى إزالة المنّة عنهم وإضافة النعمة لمالكها الأصلي، ولم يرد أنه لا صنع له أصلاً في حملهم لأنه لو أراد ذلك ما قال بعد ( إني) ولأبي ذر وإني ( والله لا أحلف على يمين) أي على محلوف يمين وسماه يمينًا مجازًا للملابسة بينهما، والمراد ما شأنه أن يكون محلوفًا عليه، وإلا فهو قبل اليمين ليس محلوفًا عليه فيكون من مجاز الاستعارة ومثله صلى على قبره بعدما دفن أي صلى على صاحب القبر وأطلق القبر على صاحب القبر ويدل لهذا التأويل رواية مسلم حيث قال فيها بدل قوله على يمين على أمر ( فأرى غيرها خيرًا منها) أي خيرًا من الخصلة المحلوف عليها ( إلا أتيت الذي هو خير وتحللتها) .
بالكفارة، وفي الأيمان والنذور فأرى غيرها خيرًا منها إلا كفّرت
عن يميني وأتيت الذي هو خير فقدّم الكفّارة على الإتيان ففيه دلالة على الجواز لأن الواو لا تقتضي الترتيب، وقد ذهب أكثر الصحابة إلى جواز تقدم الكفّارة على اليمين وإليه ذهب الشافعي ومالك وأحمد إلا أن الشافعي -استثنى الصائم فقال: لا يجزئ إلا بعد الحنث واحتجوا له بأن الصيام من حقوق الأبدان ولا يجوز تقديمها قبل وقتها كالصلاة بخلاف العتق والكسرة والإطعام فإنها من حقوق الأموال فيجوز تقديمها كالزكاة.
وقال أصحاب الرأي لا تجزئ قبله.

والحديث سبق في المغازي والنذور والذبائح وغيرها.