6974 حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ ، عَنِ الحُسَيْنِ ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ المُزَنِيُّ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : صَلُّوا قَبْلَ صَلاَةِ المَغْرِبِ ، قَالَ فِي الثَّالِثَةِ : لِمَنْ شَاءَ ، كَرَاهِيَةَ أَنْ يَتَّخِذَهَا النَّاسُ سُنَّةً |
6974 حدثنا أبو معمر ، حدثنا عبد الوارث ، عن الحسين ، عن ابن بريدة ، حدثني عبد الله المزني ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : صلوا قبل صلاة المغرب ، قال في الثالثة : لمن شاء ، كراهية أن يتخذها الناس سنة |
Narrated `Abdullah Al Muzam:
The Prophet (ﷺ) said, Perform (an optional) prayer before Maghrib prayer. (He repeated it thrice) and the third time he said, Whoever wants to offer it can do so, lest the people should take it as a Sunna (tradition). (See Hadith No. 277, Vol. 2)
":"ہم سے ابو معمر نے بیان کیا ‘ کہا ہم سے عبدالوارث بن سعید نے بیان کیا ‘ ان سے حسین بن ذکوان معلم نے ‘ ان سے عبیداللہ بن بریدہ نے ‘ کہا مجھ سے عبداللہ بن مغفل مزنی نے بیان کیااور ان سے نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ مغرب کی نماز سے پہلے بھی نماز پڑھو اور تیسری مرتبہ میں فرمایا کہ جس کا جی چاہے کیونکہ آپ پسند نہیں کرتے تھے کہ اسے لوگ لازمی سنت بنا لیں ۔
شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث
[7368] .
قَوْلُهُ عَبْدُ الْوَارِث هُوَ بن سعيد وحسين هُوَ بن ذكْوَان الْمعلموَوَقع مَنْسُوبا فِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ وبن بُرَيْدَة هُوَ عبد الله وَعبد الله الْمُزنِيّ هُوَ بن مُغَفَّلٍ بِالْمُعْجَمَةِ وَالْفَاءِ الثَّقِيلَةِ وَوَقَعَ بَيَانُهُ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ وَبَيَّنَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ سَبَبُ الِاقْتِصَارِ عَلَى قَوْلِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ دُونَ ذِكْرِ أَبِيهِ فَأَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ فَقَالَ فِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ كَالَّذِي هُنَا.
وَقَالَ كَتَبْتُهُ فَنسيته لَا أَدْرِي بن مُغفل أَو بن مَعْقِلٍ أَيْ بِالْمُعْجَمَةِ وَالْفَاءِ أَوِ الْمُهْمَلَةِ وَالْقَافِ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ الْحَدِيثِ فِي بَابِ كَمْ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ وَمَوْضِعُ التَّرْجَمَةِ مِنْهُ .
قَوْلُهُ فِي آخِرِهِ لِمَنْ شَاءَ فَإِنَّ فِيهِ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ الْأَمْرَ حَقِيقَةٌ فِي الْوُجُوبِ فَلِذَلِكَ أَرْدَفَهُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ فَكَانَ ذَلِكَ صَارِفًا لِلْحَمْلِ عَلَى الْوُجُوبِ .
قَوْلُهُ خَشْيَةَ أَنْ يَتَّخِذَهَا النَّاسُ سُنَّةً أَيْ طَرِيقَةً لَازِمَةً لَا يَجُوزُ تَرْكُهَا أَوْ سُنَّةً رَاتِبَةً يُكْرَهُ تَرْكُهَا وَلَيْسَ المُرَاد مَا يُقَابل الْوُجُوب لما تقدم( قَولُهُ بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَينهم وشاورهم فِي الْأَمر)
هَكَذَا وَقَعَتْ هَذِهِ التَّرْجَمَةُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى اللَّتَيْنِ بَعْدَهَا عِنْدَ أَبِي ذَرٍّ وَلِغَيْرِهِ مُؤَخَّرَةٌ عَنْهُمَا وَأَخَّرَهَا النَّسَفِيُّ أَيْضًا لَكِنْ سَقَطَتْ عِنْدَهُ تَرْجَمَةُ النَّهْيِ عَلَى التَّحْرِيمِ وَمَا مَعَهَا فَأَمَّا الْآيَةُ الأولى فَأخْرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد وبن أَبِي حَاتِمٍ بِسَنَدٍ قَوِيٍّ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ مَا تَشَاوَرَ قَوْمٌ قَطُّ بَيْنَهُمْ إِلَّا هَدَاهُمُ اللَّهُ لِأَفْضَلِ مَا يَحْضُرُهُمْ وَفِي لَفْظِ إِلَّا عَزَمَ اللَّهُ لَهُمْ بِالرُّشْدِ أَوْ بِالَّذِي يَنْفَعُ واما الْآيَة الثَّانِيَة فَأخْرج بن أَبِي حَاتِمٍ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنِ الْحَسَنِ أَيْضًا قَالَ قَدْ عَلِمَ أَنَّهُ مَا بِهِ إِلَيْهِمْ حَاجَةٌ وَلَكِنْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَنَّ بِهِ مَنْ بعده وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَكْثَرَ مَشُورَةً لِأَصْحَابِهِ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ وَقَدْ أَشَارَ إِلَيْهِ التِّرْمِذِيُّ فِي الْجِهَادِ فَقَالَ وَيُرْوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَذَكَرَهُ وَتَقَدَّمَ فِي الشُّرُوطِ مِنْ حَدِيثِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشِيرُوا عَلَيَّ فِي هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ وَفِيهِ جَوَابُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعَمَلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا أَشَارَا بِهِ وَهُوَ فِي الْحَدِيثِ الطَّوِيلِ فِي صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ قَوْله وان الْمُشَاورَة قبل الْعَزْم والتبين لقَوْله تَعَالَى فَإِذا عزمت فتوكل على الله وَجْهُ الدَّلَالَةِ مَا وَرَدَ عَنْ قِرَاءَةِ عِكْرِمَةَ وَجَعْفَرٍ الصَّادِقِ بِضَمِّ التَّاءِ مِنْ عَزَمْتَ أَيْ إِذَا أَرْشَدْتُكَ إِلَيْهِ فَلَا تَعْدِلْ عَنْهُ فَكَأَنَّ الْمُشَاوَرَةَ إِنَّمَا تُشْرَعُ عِنْدَ عَدَمِ الْعَزْمِ وَهُوَ وَاضِحٌ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي مُتَعَلَّقِ الْمُشَاوَرَةِ فَقِيلَ فِي كُلِّ شَيْءٍ لَيْسَ فِيهِ نَصٌّ وَقِيلَ فِي الْأَمْرِ الدُّنْيَوِيِّ فَقَطْ.
وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ إِنَّمَا كَانَ يشاورهم فِي أَمْرِ الْحَرْبِ مِمَّا لَيْسَ فِيهِ حُكْمٌ لِأَنَّ مَعْرِفَةَ الْحُكْمِ إِنَّمَا تُلْتَمَسُ مِنْهُ قَالَ وَمن زعم انه كَانَ يشاورهم فِي الْأَحْكَامِ فَقَدْ غَفَلَ غَفْلَةً عَظِيمَةً.
.
وَأَمَّا فِي غَيْرِ الْأَحْكَامِ فَرُبَّمَا رَأَى غَيْرُهُ أَوْ سَمِعَ مَا لَمْ يَسْمَعْهُ أَوْ يَرَهُ كَمَا كَانَ يَسْتَصْحِبُ الدَّلِيلَ فِي الطَّرِيقِ.
وَقَالَ غَيْرُهُ اللَّفْظُ وَإِنْ كَانَ عَامًّا لَكِنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْخُصُوصُ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُشَاوِرُهُمْ فِي فَرَائِضِ الْأَحْكَامِ.
.
قُلْتُ وَفِي هَذَا الْإِطْلَاقِ نظر فقد اخْرُج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَصَححهُ بن حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ الْآيَةَ قَالَ لِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا تَرَى دِينَارٌ.
.
قُلْتُ لَا يُطِيقُونَهُ قَالَ فَنِصْفُ دِينَارٍ.
.
قُلْتُ لَا يُطِيقُونَهُ قَالَ فَكَمْ.
.
قُلْتُ شَعِيرَةٌ قَالَ إِنَّكَ لَزَهِيدٌ فَنَزَلَتْ أَأَشْفَقْتُمْ الْآيَةَ قَالَ فَبِي خَفَّفَ اللَّهُ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ الْمُشَاوَرَةُ فِي بعض الْأَحْكَام وَنقل السُّهيْلي عَن بن عَبَّاسٍ أَنَّ الْمُشَاوَرَةَ مُخْتَصَّةٌ بِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَلَعَلَّهُ مِنْ تَفْسِيرِ الْكَلْبِيِّ ثُمَّ وَجَدْتُ لَهُ مُسْتَنَدًا فِي فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ لِأَسَدِ بْنِ مُوسَى وَالْمَعْرِفَةِ لِيَعْقُوبَ بْنِ سُفْيَانَ بِسَنَدٍ لَا بَأْسَ بِهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِبْنِ غَنْمٍ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ النُّونِ وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِي صُحْبَتِهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ لَوْ أَنَّكُمَا تَتَّفِقَانِ عَلَى أَمْرٍ وَاحِدٍ مَا عَصَيْتُكُمَا فِي مَشُورَةٍ أَبَدًا وَقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ فِي نَوْمِهِمْ فِي الْوَادِي إِنْ تُطِيعُوا أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ تَرْشُدُوا لَكِنْ لَا حُجَّةَ فِيهِ لِلتَّخْصِيصِ وَوَقَعَ فِي الْأَدَبِ مِنْ رِوَايَة طَاوس عَن بن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ قَالَ فِي بَعْضُ الْأَمْرِ قِيلَ وَهَذَا تَفْسِيرٌ لَا تِلَاوَة وَنَقله بَعضهم قِرَاءَة عَن بن مَسْعُودٍ وَعَدَّ كَثِيرٌ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ الْمُشَاوَرَةَ فِي الْخَصَائِصِ وَاخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِهَا فَنَقَلَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ الِاسْتِحْبَابَ عَنِ النَّصِّ وَبِهِ جَزَمَ أَبُو نصر الفشيري فِي تَفْسِيرِهِ وَهُوَ الْمُرَجَّحُ .
قَوْلُهُ فَإِذَا عَزَمَ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ لِبَشَرٍ التَّقَدُّمُ عَلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ يُرِيدُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ الْمَشُورَةِ إِذَا عَزَمَ عَلَى فِعْلِ أَمْرٍ مِمَّا وَقَعَتْ عَلَيْهِ الْمَشُورَةُ وَشَرَعَ فِيهِ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يُشِيرَ عَلَيْهِ بِخِلَافِهِ لِوُرُودِ النَّهْيِ عَنِ التَّقَدُّمِ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فِي آيَةِ الْحُجُرَاتِ وَظَهَرَ مِنَ الْجَمْعِ بَيْنَ آيَةِ الْمَشُورَةِ وَبَيْنَهَا تَخْصِيصُ عُمُومِهَا بِالْمَشُورَةِ فَيَجُوزُ التَّقَدُّمُ لَكِنْ بِإِذْنٍ مِنْهُ حَيْثُ يَسْتَشِيرُ وَفِي غَيْرِ صُورَةِ الْمَشُورَةِ لَا يَجُوزُ لَهُمُ التَّقَدُّمُ فَأَبَاحَ لَهُمُ الْقَوْلَ جَوَابَ الِاسْتِشَارَةِ وَزَجَرَهُمْ عَنِ الِابْتِدَاءِ بِالْمَشُورَةِ وَغَيْرَهَا وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الِاعْتِرَاضُ عَلَى مَا يَرَاهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَيُسْتَفَادُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ أَمْرَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ثَبَتَ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ أَنْ يُخَالِفَهُ وَلَا يَتَحَيَّلَ فِي مُخَالَفَتِهِ بَلْ يَجْعَلُهُ الْأَصْلَ الَّذِي يَرُدُّ إِلَيْهِ مَا خَالَفَهُ لَا بِالْعَكْسِ كَمَا يَفْعَلُ بَعْضُ الْمُقَلِّدِينَ وَيَغْفُلُ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ الْآيَةَ وَالْمَشُورَةُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ وَبِسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْوَاوِ لُغَتَانِ وَالْأُولَى أَرْجَحُ .
قَوْلُهُ وَشَاوَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ يَوْمَ أُحُدٍ فِي الْمُقَامِ وَالْخُرُوجِ إِلَخْ هَذَا مِثَالٌ لِمَا تَرْجَمَ بِهِ أَنَّهُ شَاوَرَ فَإِذَا عَزَمَ لَمْ يَرْجِعْ وَالْقَدْرُ الَّذِي ذَكَرَهُ هُنَا مُخْتَصَرٌ مِنْ قِصَّةٍ طَوِيلَةٍ لَمْ تَقَعْ مَوْصُولَةً فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنَ الْجَامِعِ الصَّحِيحِ وَقَدْ وَصَلَهَا الطَّبَرَانِيُّ وَصَحَّحَهَا الْحَاكِمُ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ تَنَفَّلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَيْفَهُ ذَا الْفَقَارِ يَوْمَ بَدْرٍ وَهُوَ الَّذِي رَأَى فِيهِ الرُّؤْيَا يَوْمَ أُحُدٍ وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا جَاءَهُ الْمُشْرِكُونَ يَوْمَ أُحُدٍ كَانَ رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُقِيمَ بِالْمَدِينَةِ فَيُقَاتِلَهُمْ فِيهَا فَقَالَ لَهُ نَاسٌ لَمْ يَكُونُوا شَهِدُوا بَدْرًا اخْرُجْ بِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلَيْهِمْ نُقَاتِلَهُمْ بِأُحُدٍ وَنَرْجُو أَنْ نُصِيبَ مِنَ الْفَضِيلَةِ مَا أَصَابَ أَهْلُ بَدْرٍ فَمَا زَالُوا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى لَبِسَ لَأْمَتَهُ فَلَمَّا لَبِسَهَا نَدِمُوا وَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَقِمْ فَالرَّأْيُ رَأْيُكَ فَقَالَ مَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ أَنْ يَضَعَ أَدَاتَهُ بَعْدَ أَنْ لَبِسَهَا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدُوِّهُ وَكَانَ ذَكَرَ لَهُمْ قَبْلُ أَنْ يَلْبَسَ الْأَدَاةَ أَنِّي رَأَيْتُ أَنِّي فِي دِرْعٍ حَصِينَةٍ فَأَوَّلْتُهَا الْمَدِينَةَ وَهَذَا سَنَدٌ حَسَنٌ وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ وَالدَّارِمِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ نَحْوَهُ وَتَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ فِي كِتَابِ التَّعْبِيرِ وَسَنَدُهُ صَحِيحٌ وَلَفْظُ أَحْمَدَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ رَأَيْتُ كَأَنِّي فِي دِرْعٍ حَصِينَةٍ وَرَأَيْتُ بَقَرًا تُنْحَرُ فَأَوَّلْتُ الدِّرْعَ الْحَصِينَةَ الْمَدِينَةَ الْحَدِيثَ وَقَدْ سَاقَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ هَذِهِ الْقِصَّةَ فِي الْمَغَازِي مُطَوَّلَةً وَفِيهَا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ رَأْسَ الْخَزْرَجِ كَانَ رَأْيُهُ الْإِقَامَةَ فَلَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَضِبَ.
وَقَالَ أَطَاعَهُمْ وَعَصَانِي فَرَجَعَ بِمَنْ أَطَاعَهُ وَكَانُوا ثُلُثَ النَّاسِ .
قَوْلُهُ فَلَمَّا لَبِسَ لَأْمَتَهُ بِسُكُونِ الْهَمْزَةِ هِيَ الدِّرْعُ وَقِيلَ الْأَدَاةُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَتَخْفِيفِ الدَّالِ وَهِيَ الْآلَةُ مِنْ دِرْعٍ وَبَيْضَةٍ وَغَيْرِهِمَا مِنَ السِّلَاحِ وَالْجَمْعُ لَأْمٌ بِسُكُونِ الْهَمْزَةِ مِثْلُ تَمْرَةٍ وَتَمْرٌ وَقَدْ تُسَهَّلُ وَتُجْمَعُ أَيْضًا عَلَى لُؤَمٍ بِضَمٍّ ثُمَّ فَتْحٍ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ وَاسْتَلْأَمَ لِلْقِتَالِ إِذَا لَبِسَ سِلَاحَهُ كَامِلًا .
قَوْلُهُ وَشَاوَرَ عَلِيًّا وَأُسَامَةَ فِيمَا رَمَى بِهِ أَهْلُ الْإِفْكِ عَائِشَةَ فَسَمِعَ مِنْهُمَا حَتَّى نَزَلَ الْقُرْآنُ فَجَلَدَ الرامين قَالَ بن بَطَّالٍ عَنِ الْقَابِسِيِّ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ مِنْهُمَا لعَلي وَأُسَامَةوَأَمَّا جَلْدُهُ الرَّامِينَ فَلَمْ يَأْتِ فِيهِ بِإِسْنَادٍ.
.
قُلْتُ أَمَّا أَصْلُ مُشَاوَرَتِهِمَا فَذَكَرَهُ مَوْصُولًا فِي الْبَابِ بِاخْتِصَارٍ وَتَقَدَّمَ فِي قِصَّةِ الْإِفْكِ مُطَوَّلًا فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ النُّورِ مَشْرُوحًا وَقَولُهُ فَسَمِعَ مِنْهُمَا أَيْ فَسَمِعَ كَلَامَهُمَا وَلَمْ يَعْمَلْ بِجَمِيعِهِ حَتَّى نَزَلَ الْوَحْيُ أَمَّا عَلِيٌّ فَأَوْمَأَ إِلَى الْفِرَاقِ بِقَوْلِهِ وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ وَتَقَدَّمَ بَيَانُ عُذْرِهِ فِي ذَلِكَ.
.
وَأَمَّا أُسَامَةُ فَنَفَى أَنْ يَعْلَمَ عَلَيْهَا إِلَّا الْخَيْرَ فَلَمْ يَعْمَلْ بِمَا أَوْمَأَ إِلَيْهِ عَلِيٌّ مِنَ الْمُفَارَقَةِ وَعَمِلَ بِقَوْلِهِ وَسَلِ الْجَارِيَةَ فَسَأَلَهَا وَعَمِلَ بِقَوْلِ أُسَامَةَ فِي عَدَمِ الْمُفَارَقَةِ وَلَكِنَّهُ أَذِنَ لَهَا فِي التَّوَجُّهِ إِلَى بَيْتِ أَبِيهَا.
.
وَأَمَّا .
قَوْلُهُ فَجَلَدَ الرَّامِينَ فَلَمْ يَقَعْ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِ حَدِيثِ الْإِفْكِ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَلَا أَحَدِهِمَا وَهُوَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَأَصْحَابِ السُّنَنِ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَمَّا نَزَلَتْ بَرَاءَتِي قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَدَعَا بِهِمْ وَحَدَّهُمْ وَفِي لَفْظٍ فَأَمَرَ بِرَجُلَيْنِ وَامْرَأَةٍ فَضُرِبُوا حَدَّهُمْ وَسُمُّوا فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ مِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ وَحَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ وَحَمْنَةُ بِنْتُ جَحْشٍ قَالَ التِّرْمِذِيُّ حسن لَا نعرفه الا من حَدِيث بن إِسْحَاقَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.
.
قُلْتُ وَوَقَعَ التَّصْرِيحُ بِتَحْدِيثِهِ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ فِي شَرْحِ حَدِيثِ الْإِفْكِ فِي التَّفْسِيرِ .
قَوْلُهُ وَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى تَنَازُعِهِمْ وَلَكِن حكم بِمَا أمره الله قَالَ بن بَطَّالٍ عَنِ الْقَابِسِيِّ كَأَنَّهُ أَرَادَ تَنَازُعَهُمَا فَسَقَطَتِ الْأَلِفُ لِأَنَّ الْمُرَادَ أُسَامَةُ وَعَلِيٌّ.
وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ الْقِيَاسُ أَنْ يُقَالَ تَنَازُعُهُمَا إِلَّا أَنْ يُقَالَ إِنَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ اثْنَانِ أَوْ أَرَادَ بِالْجَمْعِ هُمَا وَمَنْ مَعَهُمَا أَوْ مَنْ وَافَقَهُمَا عَلَى ذَلِك انْتهى واخرج الطَّبَرَانِيّ عَن بن عُمَرَ فِي قِصَّةِ الْإِفْكِ وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ وَبَرِيرَةَ فَكَأَنَّهُ أَشَارَ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ إِلَى ضَمِّ بَرِيرَةَ إِلَى عَلِيٍّ وَأُسَامَةَ لَكِنِ اسْتَشْكَلَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ ظَاهِرَ سِيَاقِ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ حَاضِرَةً لِتَصْرِيحِهِ بِأَنَّهُ أَرْسَلَ إِلَيْهَا وَجَوَابُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّنَازُعِ اخْتِلَافُ قَوْلِ الْمَذْكُورِينَ عِنْدَ مُسَاءَلَتِهِمْ وَاسْتِشَارَتِهِمْ وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونُوا مُجْتَمِعِينَ أَوْ مُتَفَرِّقِينَ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى تَنَازُعِهِمْ كُلًّا مِنَ الْفَرِيقَيْنِ فِي قِصَّتَيْ أُحُدٍ وَالْإِفْكِ .
قَوْلُهُ وَكَانَتِ الْأَئِمَّةُ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَشِيرُونَ الْأُمَنَاءَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْأُمُورِ الْمُبَاحَةِ لِيَأْخُذُوا بِأَسْهَلِهَا أَيْ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا نَصٌّ بِحُكْمٍ مُعَيَّنٍ وَكَانَتْ عَلَى أَصْلِ الْإِبَاحَةِ فَمُرَادُهُ مَا احْتَمَلَ الْفِعْلَ وَالتَّرْكَ احْتِمَالًا وَاحِدًا.
.
وَأَمَّا مَا عُرِفَ وَجْهُ الْحُكْمِ فِيهِ فَلَا.
.
وَأَمَّا تَقْيِيدُهُ بِالْأُمَنَاءِ فَهِيَ صِفَةٌ مُوَضِّحَةٌ لِأَنَّ غَيْرَ الْمُؤْتَمَنِ لَا يُسْتَشَارُ وَلَا يُلْتَفَتُ لِقَوْلِهِ.
.
وَأَمَّا .
قَوْلُهُ بِأَسْهَلِهَا فَلِعُمُومِ الْأَمْرِ بِالْأَخْذِ بِالتَّيْسِيرِ وَالتَّسْهِيلِ وَالنَّهْيِ عَنِ التَّشْدِيدِ الَّذِي يُدْخِلِ الْمَشَقَّةَ عَلَى الْمُسْلِمِ قَالَ الشَّافِعِيُّ إِنَّمَا يُؤْمَرُ الْحَاكِمُ بِالْمَشُورَةِ لِكَوْنِ الْمُشِيرِ يُنَبِّهُهُ عَلَى مَا يَغْفُلُ عَنْهُ ويدله على مَالا يَسْتَحْضِرُهُ مِنَ الدَّلِيلِ لَا لِيُقَلِّدَ الْمُشِيرَ فِيمَا يَقُولُهُ فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ هَذَا لِأَحَدٍ بَعْدَ رَسُولُ اللَّهَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ وَرَدَ مِنَ اسْتِشَارَةِ الْأَئِمَّةِ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَارٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا مُشَاوَرَةُ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي قِتَالِ أَهْلِ الرِّدَّةِ وَقَدْ أَشَارَ إِلَيْهَا الْمُصَنِّفُ وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ كَانَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ إِذَا وَرَدَ عَلَيْهِ أَمْرٌ نَظَرَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَإِنْ وَجَدَ فِيهِ مَا يَقْضِي بِهِ قَضَى بَيْنَهُمْ وَإِنْ عَلِمَهُ مِنْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ خَرَجَ فَسَأَلَ الْمُسْلِمِينَ عَنِ السُّنَّةِ فان اعياه ذَلِك دَعَا رُؤُوس الْمُسْلِمِينَ وَعُلَمَاءَهُمْ وَاسْتَشَارَهُمْ وَأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا أَنَّ الْقُرَّاءَ كَانُوا أَصْحَابَ مَجْلِسِ عُمَرَ وَمُشَاوَرَتِهِ وَمُشَاوَرَةُ عُمَرَ الصَّحَابَةَ فِي حَدِّ الْخَمْرِ تَقَدَّمَتْ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ وَمُشَاوَرَةُ عُمَرَ الصَّحَابَةَ فِي إِمْلَاصِ الْمَرْأَةِ تَقَدَّمَتْ فِي الدِّيَاتِ وَمُشَاوَرَةُ عُمَرَ فِي قِتَالِ الْفُرْسِ تَقَدَّمَتْ فِي الْجِهَادِ وَمُشَاوَرَةُ عُمَرَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ ثُمَّ قُرَيْشًا لَمَّا أَرَادُوا دُخُولَ الشَّامِ وَبَلَغَهُ أَنَّ الطَّاعُونَ وَقَعَ بِهَا وَقَدْ مَضَى مُطَوَّلًا مَعَ شَرْحِهِ فِي كِتَابِ الطِّبِّ وَرُوِّينَا فِي القطعياتوَوَقع مَنْسُوبا فِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ وبن بُرَيْدَة هُوَ عبد الله وَعبد الله الْمُزنِيّ هُوَ بن مُغَفَّلٍ بِالْمُعْجَمَةِ وَالْفَاءِ الثَّقِيلَةِ وَوَقَعَ بَيَانُهُ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ وَبَيَّنَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ سَبَبُ الِاقْتِصَارِ عَلَى قَوْلِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ دُونَ ذِكْرِ أَبِيهِ فَأَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ فَقَالَ فِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ كَالَّذِي هُنَا.
وَقَالَ كَتَبْتُهُ فَنسيته لَا أَدْرِي بن مُغفل أَو بن مَعْقِلٍ أَيْ بِالْمُعْجَمَةِ وَالْفَاءِ أَوِ الْمُهْمَلَةِ وَالْقَافِ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ الْحَدِيثِ فِي بَابِ كَمْ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ وَمَوْضِعُ التَّرْجَمَةِ مِنْهُ .
قَوْلُهُ فِي آخِرِهِ لِمَنْ شَاءَ فَإِنَّ فِيهِ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ الْأَمْرَ حَقِيقَةٌ فِي الْوُجُوبِ فَلِذَلِكَ أَرْدَفَهُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ فَكَانَ ذَلِكَ صَارِفًا لِلْحَمْلِ عَلَى الْوُجُوبِ .
قَوْلُهُ خَشْيَةَ أَنْ يَتَّخِذَهَا النَّاسُ سُنَّةً أَيْ طَرِيقَةً لَازِمَةً لَا يَجُوزُ تَرْكُهَا أَوْ سُنَّةً رَاتِبَةً يُكْرَهُ تَرْكُهَا وَلَيْسَ المُرَاد مَا يُقَابل الْوُجُوب لما تقدم( قَولُهُ بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَينهم وشاورهم فِي الْأَمر)
هَكَذَا وَقَعَتْ هَذِهِ التَّرْجَمَةُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى اللَّتَيْنِ بَعْدَهَا عِنْدَ أَبِي ذَرٍّ وَلِغَيْرِهِ مُؤَخَّرَةٌ عَنْهُمَا وَأَخَّرَهَا النَّسَفِيُّ أَيْضًا لَكِنْ سَقَطَتْ عِنْدَهُ تَرْجَمَةُ النَّهْيِ عَلَى التَّحْرِيمِ وَمَا مَعَهَا فَأَمَّا الْآيَةُ الأولى فَأخْرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد وبن أَبِي حَاتِمٍ بِسَنَدٍ قَوِيٍّ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ مَا تَشَاوَرَ قَوْمٌ قَطُّ بَيْنَهُمْ إِلَّا هَدَاهُمُ اللَّهُ لِأَفْضَلِ مَا يَحْضُرُهُمْ وَفِي لَفْظِ إِلَّا عَزَمَ اللَّهُ لَهُمْ بِالرُّشْدِ أَوْ بِالَّذِي يَنْفَعُ واما الْآيَة الثَّانِيَة فَأخْرج بن أَبِي حَاتِمٍ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنِ الْحَسَنِ أَيْضًا قَالَ قَدْ عَلِمَ أَنَّهُ مَا بِهِ إِلَيْهِمْ حَاجَةٌ وَلَكِنْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَنَّ بِهِ مَنْ بعده وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَكْثَرَ مَشُورَةً لِأَصْحَابِهِ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ وَقَدْ أَشَارَ إِلَيْهِ التِّرْمِذِيُّ فِي الْجِهَادِ فَقَالَ وَيُرْوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَذَكَرَهُ وَتَقَدَّمَ فِي الشُّرُوطِ مِنْ حَدِيثِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشِيرُوا عَلَيَّ فِي هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ وَفِيهِ جَوَابُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعَمَلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا أَشَارَا بِهِ وَهُوَ فِي الْحَدِيثِ الطَّوِيلِ فِي صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ قَوْله وان الْمُشَاورَة قبل الْعَزْم والتبين لقَوْله تَعَالَى فَإِذا عزمت فتوكل على الله وَجْهُ الدَّلَالَةِ مَا وَرَدَ عَنْ قِرَاءَةِ عِكْرِمَةَ وَجَعْفَرٍ الصَّادِقِ بِضَمِّ التَّاءِ مِنْ عَزَمْتَ أَيْ إِذَا أَرْشَدْتُكَ إِلَيْهِ فَلَا تَعْدِلْ عَنْهُ فَكَأَنَّ الْمُشَاوَرَةَ إِنَّمَا تُشْرَعُ عِنْدَ عَدَمِ الْعَزْمِ وَهُوَ وَاضِحٌ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي مُتَعَلَّقِ الْمُشَاوَرَةِ فَقِيلَ فِي كُلِّ شَيْءٍ لَيْسَ فِيهِ نَصٌّ وَقِيلَ فِي الْأَمْرِ الدُّنْيَوِيِّ فَقَطْ.
وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ إِنَّمَا كَانَ يشاورهم فِي أَمْرِ الْحَرْبِ مِمَّا لَيْسَ فِيهِ حُكْمٌ لِأَنَّ مَعْرِفَةَ الْحُكْمِ إِنَّمَا تُلْتَمَسُ مِنْهُ قَالَ وَمن زعم انه كَانَ يشاورهم فِي الْأَحْكَامِ فَقَدْ غَفَلَ غَفْلَةً عَظِيمَةً.
.
وَأَمَّا فِي غَيْرِ الْأَحْكَامِ فَرُبَّمَا رَأَى غَيْرُهُ أَوْ سَمِعَ مَا لَمْ يَسْمَعْهُ أَوْ يَرَهُ كَمَا كَانَ يَسْتَصْحِبُ الدَّلِيلَ فِي الطَّرِيقِ.
وَقَالَ غَيْرُهُ اللَّفْظُ وَإِنْ كَانَ عَامًّا لَكِنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْخُصُوصُ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُشَاوِرُهُمْ فِي فَرَائِضِ الْأَحْكَامِ.
.
قُلْتُ وَفِي هَذَا الْإِطْلَاقِ نظر فقد اخْرُج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَصَححهُ بن حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ الْآيَةَ قَالَ لِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا تَرَى دِينَارٌ.
.
قُلْتُ لَا يُطِيقُونَهُ قَالَ فَنِصْفُ دِينَارٍ.
.
قُلْتُ لَا يُطِيقُونَهُ قَالَ فَكَمْ.
.
قُلْتُ شَعِيرَةٌ قَالَ إِنَّكَ لَزَهِيدٌ فَنَزَلَتْ أَأَشْفَقْتُمْ الْآيَةَ قَالَ فَبِي خَفَّفَ اللَّهُ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ الْمُشَاوَرَةُ فِي بعض الْأَحْكَام وَنقل السُّهيْلي عَن بن عَبَّاسٍ أَنَّ الْمُشَاوَرَةَ مُخْتَصَّةٌ بِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَلَعَلَّهُ مِنْ تَفْسِيرِ الْكَلْبِيِّ ثُمَّ وَجَدْتُ لَهُ مُسْتَنَدًا فِي فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ لِأَسَدِ بْنِ مُوسَى وَالْمَعْرِفَةِ لِيَعْقُوبَ بْنِ سُفْيَانَ بِسَنَدٍ لَا بَأْسَ بِهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِبْنِ غَنْمٍ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ النُّونِ وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِي صُحْبَتِهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ لَوْ أَنَّكُمَا تَتَّفِقَانِ عَلَى أَمْرٍ وَاحِدٍ مَا عَصَيْتُكُمَا فِي مَشُورَةٍ أَبَدًا وَقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ فِي نَوْمِهِمْ فِي الْوَادِي إِنْ تُطِيعُوا أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ تَرْشُدُوا لَكِنْ لَا حُجَّةَ فِيهِ لِلتَّخْصِيصِ وَوَقَعَ فِي الْأَدَبِ مِنْ رِوَايَة طَاوس عَن بن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ قَالَ فِي بَعْضُ الْأَمْرِ قِيلَ وَهَذَا تَفْسِيرٌ لَا تِلَاوَة وَنَقله بَعضهم قِرَاءَة عَن بن مَسْعُودٍ وَعَدَّ كَثِيرٌ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ الْمُشَاوَرَةَ فِي الْخَصَائِصِ وَاخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِهَا فَنَقَلَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ الِاسْتِحْبَابَ عَنِ النَّصِّ وَبِهِ جَزَمَ أَبُو نصر الفشيري فِي تَفْسِيرِهِ وَهُوَ الْمُرَجَّحُ .
قَوْلُهُ فَإِذَا عَزَمَ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ لِبَشَرٍ التَّقَدُّمُ عَلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ يُرِيدُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ الْمَشُورَةِ إِذَا عَزَمَ عَلَى فِعْلِ أَمْرٍ مِمَّا وَقَعَتْ عَلَيْهِ الْمَشُورَةُ وَشَرَعَ فِيهِ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يُشِيرَ عَلَيْهِ بِخِلَافِهِ لِوُرُودِ النَّهْيِ عَنِ التَّقَدُّمِ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فِي آيَةِ الْحُجُرَاتِ وَظَهَرَ مِنَ الْجَمْعِ بَيْنَ آيَةِ الْمَشُورَةِ وَبَيْنَهَا تَخْصِيصُ عُمُومِهَا بِالْمَشُورَةِ فَيَجُوزُ التَّقَدُّمُ لَكِنْ بِإِذْنٍ مِنْهُ حَيْثُ يَسْتَشِيرُ وَفِي غَيْرِ صُورَةِ الْمَشُورَةِ لَا يَجُوزُ لَهُمُ التَّقَدُّمُ فَأَبَاحَ لَهُمُ الْقَوْلَ جَوَابَ الِاسْتِشَارَةِ وَزَجَرَهُمْ عَنِ الِابْتِدَاءِ بِالْمَشُورَةِ وَغَيْرَهَا وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الِاعْتِرَاضُ عَلَى مَا يَرَاهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَيُسْتَفَادُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ أَمْرَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ثَبَتَ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ أَنْ يُخَالِفَهُ وَلَا يَتَحَيَّلَ فِي مُخَالَفَتِهِ بَلْ يَجْعَلُهُ الْأَصْلَ الَّذِي يَرُدُّ إِلَيْهِ مَا خَالَفَهُ لَا بِالْعَكْسِ كَمَا يَفْعَلُ بَعْضُ الْمُقَلِّدِينَ وَيَغْفُلُ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ الْآيَةَ وَالْمَشُورَةُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ وَبِسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْوَاوِ لُغَتَانِ وَالْأُولَى أَرْجَحُ .
قَوْلُهُ وَشَاوَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ يَوْمَ أُحُدٍ فِي الْمُقَامِ وَالْخُرُوجِ إِلَخْ هَذَا مِثَالٌ لِمَا تَرْجَمَ بِهِ أَنَّهُ شَاوَرَ فَإِذَا عَزَمَ لَمْ يَرْجِعْ وَالْقَدْرُ الَّذِي ذَكَرَهُ هُنَا مُخْتَصَرٌ مِنْ قِصَّةٍ طَوِيلَةٍ لَمْ تَقَعْ مَوْصُولَةً فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنَ الْجَامِعِ الصَّحِيحِ وَقَدْ وَصَلَهَا الطَّبَرَانِيُّ وَصَحَّحَهَا الْحَاكِمُ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ تَنَفَّلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَيْفَهُ ذَا الْفَقَارِ يَوْمَ بَدْرٍ وَهُوَ الَّذِي رَأَى فِيهِ الرُّؤْيَا يَوْمَ أُحُدٍ وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا جَاءَهُ الْمُشْرِكُونَ يَوْمَ أُحُدٍ كَانَ رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُقِيمَ بِالْمَدِينَةِ فَيُقَاتِلَهُمْ فِيهَا فَقَالَ لَهُ نَاسٌ لَمْ يَكُونُوا شَهِدُوا بَدْرًا اخْرُجْ بِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلَيْهِمْ نُقَاتِلَهُمْ بِأُحُدٍ وَنَرْجُو أَنْ نُصِيبَ مِنَ الْفَضِيلَةِ مَا أَصَابَ أَهْلُ بَدْرٍ فَمَا زَالُوا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى لَبِسَ لَأْمَتَهُ فَلَمَّا لَبِسَهَا نَدِمُوا وَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَقِمْ فَالرَّأْيُ رَأْيُكَ فَقَالَ مَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ أَنْ يَضَعَ أَدَاتَهُ بَعْدَ أَنْ لَبِسَهَا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدُوِّهُ وَكَانَ ذَكَرَ لَهُمْ قَبْلُ أَنْ يَلْبَسَ الْأَدَاةَ أَنِّي رَأَيْتُ أَنِّي فِي دِرْعٍ حَصِينَةٍ فَأَوَّلْتُهَا الْمَدِينَةَ وَهَذَا سَنَدٌ حَسَنٌ وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ وَالدَّارِمِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ نَحْوَهُ وَتَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ فِي كِتَابِ التَّعْبِيرِ وَسَنَدُهُ صَحِيحٌ وَلَفْظُ أَحْمَدَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ رَأَيْتُ كَأَنِّي فِي دِرْعٍ حَصِينَةٍ وَرَأَيْتُ بَقَرًا تُنْحَرُ فَأَوَّلْتُ الدِّرْعَ الْحَصِينَةَ الْمَدِينَةَ الْحَدِيثَ وَقَدْ سَاقَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ هَذِهِ الْقِصَّةَ فِي الْمَغَازِي مُطَوَّلَةً وَفِيهَا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ رَأْسَ الْخَزْرَجِ كَانَ رَأْيُهُ الْإِقَامَةَ فَلَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَضِبَ.
وَقَالَ أَطَاعَهُمْ وَعَصَانِي فَرَجَعَ بِمَنْ أَطَاعَهُ وَكَانُوا ثُلُثَ النَّاسِ .
قَوْلُهُ فَلَمَّا لَبِسَ لَأْمَتَهُ بِسُكُونِ الْهَمْزَةِ هِيَ الدِّرْعُ وَقِيلَ الْأَدَاةُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَتَخْفِيفِ الدَّالِ وَهِيَ الْآلَةُ مِنْ دِرْعٍ وَبَيْضَةٍ وَغَيْرِهِمَا مِنَ السِّلَاحِ وَالْجَمْعُ لَأْمٌ بِسُكُونِ الْهَمْزَةِ مِثْلُ تَمْرَةٍ وَتَمْرٌ وَقَدْ تُسَهَّلُ وَتُجْمَعُ أَيْضًا عَلَى لُؤَمٍ بِضَمٍّ ثُمَّ فَتْحٍ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ وَاسْتَلْأَمَ لِلْقِتَالِ إِذَا لَبِسَ سِلَاحَهُ كَامِلًا .
قَوْلُهُ وَشَاوَرَ عَلِيًّا وَأُسَامَةَ فِيمَا رَمَى بِهِ أَهْلُ الْإِفْكِ عَائِشَةَ فَسَمِعَ مِنْهُمَا حَتَّى نَزَلَ الْقُرْآنُ فَجَلَدَ الرامين قَالَ بن بَطَّالٍ عَنِ الْقَابِسِيِّ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ مِنْهُمَا لعَلي وَأُسَامَةوَأَمَّا جَلْدُهُ الرَّامِينَ فَلَمْ يَأْتِ فِيهِ بِإِسْنَادٍ.
.
قُلْتُ أَمَّا أَصْلُ مُشَاوَرَتِهِمَا فَذَكَرَهُ مَوْصُولًا فِي الْبَابِ بِاخْتِصَارٍ وَتَقَدَّمَ فِي قِصَّةِ الْإِفْكِ مُطَوَّلًا فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ النُّورِ مَشْرُوحًا وَقَولُهُ فَسَمِعَ مِنْهُمَا أَيْ فَسَمِعَ كَلَامَهُمَا وَلَمْ يَعْمَلْ بِجَمِيعِهِ حَتَّى نَزَلَ الْوَحْيُ أَمَّا عَلِيٌّ فَأَوْمَأَ إِلَى الْفِرَاقِ بِقَوْلِهِ وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ وَتَقَدَّمَ بَيَانُ عُذْرِهِ فِي ذَلِكَ.
.
وَأَمَّا أُسَامَةُ فَنَفَى أَنْ يَعْلَمَ عَلَيْهَا إِلَّا الْخَيْرَ فَلَمْ يَعْمَلْ بِمَا أَوْمَأَ إِلَيْهِ عَلِيٌّ مِنَ الْمُفَارَقَةِ وَعَمِلَ بِقَوْلِهِ وَسَلِ الْجَارِيَةَ فَسَأَلَهَا وَعَمِلَ بِقَوْلِ أُسَامَةَ فِي عَدَمِ الْمُفَارَقَةِ وَلَكِنَّهُ أَذِنَ لَهَا فِي التَّوَجُّهِ إِلَى بَيْتِ أَبِيهَا.
.
وَأَمَّا .
قَوْلُهُ فَجَلَدَ الرَّامِينَ فَلَمْ يَقَعْ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِ حَدِيثِ الْإِفْكِ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَلَا أَحَدِهِمَا وَهُوَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَأَصْحَابِ السُّنَنِ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَمَّا نَزَلَتْ بَرَاءَتِي قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَدَعَا بِهِمْ وَحَدَّهُمْ وَفِي لَفْظٍ فَأَمَرَ بِرَجُلَيْنِ وَامْرَأَةٍ فَضُرِبُوا حَدَّهُمْ وَسُمُّوا فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ مِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ وَحَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ وَحَمْنَةُ بِنْتُ جَحْشٍ قَالَ التِّرْمِذِيُّ حسن لَا نعرفه الا من حَدِيث بن إِسْحَاقَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.
.
قُلْتُ وَوَقَعَ التَّصْرِيحُ بِتَحْدِيثِهِ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ فِي شَرْحِ حَدِيثِ الْإِفْكِ فِي التَّفْسِيرِ .
قَوْلُهُ وَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى تَنَازُعِهِمْ وَلَكِن حكم بِمَا أمره الله قَالَ بن بَطَّالٍ عَنِ الْقَابِسِيِّ كَأَنَّهُ أَرَادَ تَنَازُعَهُمَا فَسَقَطَتِ الْأَلِفُ لِأَنَّ الْمُرَادَ أُسَامَةُ وَعَلِيٌّ.
وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ الْقِيَاسُ أَنْ يُقَالَ تَنَازُعُهُمَا إِلَّا أَنْ يُقَالَ إِنَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ اثْنَانِ أَوْ أَرَادَ بِالْجَمْعِ هُمَا وَمَنْ مَعَهُمَا أَوْ مَنْ وَافَقَهُمَا عَلَى ذَلِك انْتهى واخرج الطَّبَرَانِيّ عَن بن عُمَرَ فِي قِصَّةِ الْإِفْكِ وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ وَبَرِيرَةَ فَكَأَنَّهُ أَشَارَ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ إِلَى ضَمِّ بَرِيرَةَ إِلَى عَلِيٍّ وَأُسَامَةَ لَكِنِ اسْتَشْكَلَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ ظَاهِرَ سِيَاقِ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ حَاضِرَةً لِتَصْرِيحِهِ بِأَنَّهُ أَرْسَلَ إِلَيْهَا وَجَوَابُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّنَازُعِ اخْتِلَافُ قَوْلِ الْمَذْكُورِينَ عِنْدَ مُسَاءَلَتِهِمْ وَاسْتِشَارَتِهِمْ وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونُوا مُجْتَمِعِينَ أَوْ مُتَفَرِّقِينَ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى تَنَازُعِهِمْ كُلًّا مِنَ الْفَرِيقَيْنِ فِي قِصَّتَيْ أُحُدٍ وَالْإِفْكِ .
قَوْلُهُ وَكَانَتِ الْأَئِمَّةُ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَشِيرُونَ الْأُمَنَاءَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْأُمُورِ الْمُبَاحَةِ لِيَأْخُذُوا بِأَسْهَلِهَا أَيْ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا نَصٌّ بِحُكْمٍ مُعَيَّنٍ وَكَانَتْ عَلَى أَصْلِ الْإِبَاحَةِ فَمُرَادُهُ مَا احْتَمَلَ الْفِعْلَ وَالتَّرْكَ احْتِمَالًا وَاحِدًا.
.
وَأَمَّا مَا عُرِفَ وَجْهُ الْحُكْمِ فِيهِ فَلَا.
.
وَأَمَّا تَقْيِيدُهُ بِالْأُمَنَاءِ فَهِيَ صِفَةٌ مُوَضِّحَةٌ لِأَنَّ غَيْرَ الْمُؤْتَمَنِ لَا يُسْتَشَارُ وَلَا يُلْتَفَتُ لِقَوْلِهِ.
.
وَأَمَّا .
قَوْلُهُ بِأَسْهَلِهَا فَلِعُمُومِ الْأَمْرِ بِالْأَخْذِ بِالتَّيْسِيرِ وَالتَّسْهِيلِ وَالنَّهْيِ عَنِ التَّشْدِيدِ الَّذِي يُدْخِلِ الْمَشَقَّةَ عَلَى الْمُسْلِمِ قَالَ الشَّافِعِيُّ إِنَّمَا يُؤْمَرُ الْحَاكِمُ بِالْمَشُورَةِ لِكَوْنِ الْمُشِيرِ يُنَبِّهُهُ عَلَى مَا يَغْفُلُ عَنْهُ ويدله على مَالا يَسْتَحْضِرُهُ مِنَ الدَّلِيلِ لَا لِيُقَلِّدَ الْمُشِيرَ فِيمَا يَقُولُهُ فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ هَذَا لِأَحَدٍ بَعْدَ رَسُولُ اللَّهَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ وَرَدَ مِنَ اسْتِشَارَةِ الْأَئِمَّةِ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَارٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا مُشَاوَرَةُ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي قِتَالِ أَهْلِ الرِّدَّةِ وَقَدْ أَشَارَ إِلَيْهَا الْمُصَنِّفُ وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ كَانَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ إِذَا وَرَدَ عَلَيْهِ أَمْرٌ نَظَرَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَإِنْ وَجَدَ فِيهِ مَا يَقْضِي بِهِ قَضَى بَيْنَهُمْ وَإِنْ عَلِمَهُ مِنْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ خَرَجَ فَسَأَلَ الْمُسْلِمِينَ عَنِ السُّنَّةِ فان اعياه ذَلِك دَعَا رُؤُوس الْمُسْلِمِينَ وَعُلَمَاءَهُمْ وَاسْتَشَارَهُمْ وَأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا أَنَّ الْقُرَّاءَ كَانُوا أَصْحَابَ مَجْلِسِ عُمَرَ وَمُشَاوَرَتِهِ وَمُشَاوَرَةُ عُمَرَ الصَّحَابَةَ فِي حَدِّ الْخَمْرِ تَقَدَّمَتْ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ وَمُشَاوَرَةُ عُمَرَ الصَّحَابَةَ فِي إِمْلَاصِ الْمَرْأَةِ تَقَدَّمَتْ فِي الدِّيَاتِ وَمُشَاوَرَةُ عُمَرَ فِي قِتَالِ الْفُرْسِ تَقَدَّمَتْ فِي الْجِهَادِ وَمُشَاوَرَةُ عُمَرَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ ثُمَّ قُرَيْشًا لَمَّا أَرَادُوا دُخُولَ الشَّامِ وَبَلَغَهُ أَنَّ الطَّاعُونَ وَقَعَ بِهَا وَقَدْ مَضَى مُطَوَّلًا مَعَ شَرْحِهِ فِي كِتَابِ الطِّبِّ وَرُوِّينَا فِي القطعياتأَحَادِيثَ الَأْوَّلُ .
قَوْلُهُ .
.
وَقَالَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ نُهِينَا عَنِ اتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ وَلَمْ يَعْزِمْ عَلَيْنَا تَقَدَّمَ مَوْصُولًا فِي كِتَابِ الْجَنَائِزِ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ حَدِيثِ جَابِرٍ فَرْقٌ مِنْ جِهَةِ اخْتِلَافِ السَّبَبَيْنِ فَالْقِصَّةُ الَّتِي فِي رِوَايَةِ جَابِرٍ كَانَتْ إِبَاحَةً بَعْدَ حَظْرٍ فَلَا تَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ لِلْقَرِينَةِ الْمَذْكُورَةِ لَكِنْ أَرَادَ جَابِرٌ التَّأْكِيدَ فِي ذَلِكَ وَالْقِصَّةُ الَّتِي فِي حَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ نَهْيٌ بَعْدَ إِبَاحَةٍ فَكَانَ ظَاهِرًا فِي التَّحْرِيمِ فَأَرَادَتْ أَنْ تُبَيِّنَ لَهُمْ أَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ لَهُمْ بِالتَّحْرِيمِ وَالصَّحَابِيُّ أَعْرَفُ بِالْمُرَادِ مِنْ غَيْرِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ ذَلِكَ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الْجَنَائِزِ الْحَدِيثُ الثَّانِي
[ قــ
:6974 ... غــ
:7368] .
قَوْلُهُ عَبْدُ الْوَارِث هُوَ بن سعيد وحسين هُوَ بن ذكْوَان الْمعلم
وَوَقع مَنْسُوبا فِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ وبن بُرَيْدَة هُوَ عبد الله وَعبد الله الْمُزنِيّ هُوَ بن مُغَفَّلٍ بِالْمُعْجَمَةِ وَالْفَاءِ الثَّقِيلَةِ وَوَقَعَ بَيَانُهُ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ وَبَيَّنَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ سَبَبُ الِاقْتِصَارِ عَلَى قَوْلِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ دُونَ ذِكْرِ أَبِيهِ فَأَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ فَقَالَ فِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ كَالَّذِي هُنَا.
وَقَالَ كَتَبْتُهُ فَنسيته لَا أَدْرِي بن مُغفل أَو بن مَعْقِلٍ أَيْ بِالْمُعْجَمَةِ وَالْفَاءِ أَوِ الْمُهْمَلَةِ وَالْقَافِ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ الْحَدِيثِ فِي بَابِ كَمْ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ وَمَوْضِعُ التَّرْجَمَةِ مِنْهُ .
قَوْلُهُ فِي آخِرِهِ لِمَنْ شَاءَ فَإِنَّ فِيهِ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ الْأَمْرَ حَقِيقَةٌ فِي الْوُجُوبِ فَلِذَلِكَ أَرْدَفَهُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ فَكَانَ ذَلِكَ صَارِفًا لِلْحَمْلِ عَلَى الْوُجُوبِ .
قَوْلُهُ خَشْيَةَ أَنْ يَتَّخِذَهَا النَّاسُ سُنَّةً أَيْ طَرِيقَةً لَازِمَةً لَا يَجُوزُ تَرْكُهَا أَوْ سُنَّةً رَاتِبَةً يُكْرَهُ تَرْكُهَا وَلَيْسَ المُرَاد مَا يُقَابل الْوُجُوب لما تقدم
[ قــ
:6974 ... غــ
: 7368 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنِ الْحُسَيْنِ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ الْمُزَنِىُّ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «صَلُّوا قَبْلَ صَلاَةِ الْمَغْرِبِ» قَالَ فِى الثَّالِثَةِ: لِمَنْ شَاءَ كَرَاهِيَةَ أَنْ يَتَّخِذَهَا النَّاسُ سُنَّةً.
وبه قال: ( حدّثنا أبو معمر) بفتح الميمين عبد الله بن عمرو المقعد البصري قال: ( حدّثنا عبد الوارث) بن سعيد ( عن الحسين) بضم الحاء ابن ذكوان المعلم ( عن ابن بريدة) بضم الموحدة وفتح الراء عبيد الله الأسلمي قاضي مروانه قال: ( حدّثني) بالإفراد ( عبد الله) بن مغفل بالغين المعجمة المفتوحة والفاء المفتوحة المشددة ( المزني) -رضي الله عنه- ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال) :
( صلوا قبل صلاة المغرب.
قال في الثالثة لمن شاء كراهية) أي لأجل كراهية ( أن يتخذها الناس سُنّة) طريقة لازمة لا يجوز تركها وفيه إشارة إلى أن الأمر حقيقة في الوجوب فلذلك
أردفه بما يدل على التخيير بين الفعل والترك فكان ذلك صارفًا للحمل على الوجوب.
وهذا الباب بعد الباب التالي لهذا ويليه باب كراهية الخلاف.
والحديث سبق في الصلاة في باب كم بين الأذان والإقامة.
[ قــ
:6974 ... غــ
:7368 ]
- حدّثنا أبُو مَعْمَرٍ، حدّثنا عبْدُ الوَارِثِ، عنِ الحُسَيْنِ، عنِ ابنِ بُرَيْدَةَ، حدّثني عَبْدُ الله المُزَنِيُّ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: صَلُّوا قَبْلَ صَلاَةِ المَغْرب قَالَ فِي الثَّالِثَةِ: لِمَنْ شاءَ كَرَاهِيَة أنْ يَتَّخِذَها النَّاسُ سُنَّةً.
انْظُر الحَدِيث 1183
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: لمن شَاءَ فَإِن فِيهِ إِشَارَة إِلَى أَن الْأَمر حَقِيقَة فِي الْوُجُوب إلاَّ إِذا قَامَت قرينَة تدل على التَّخْيِير بَين الْفِعْل وَالتّرْك.
وَقَوله: لمن شَاءَ إِشَارَة إِلَيْهِ فَكَانَ هَذَا صارفاً عَن الْحمل على الْوُجُوب.
وَأَبُو معمر بِفَتْح الميمين عبد الله بن عَمْرو المقعد الْبَصْرِيّ مَاتَ بِالْبَصْرَةِ سنة أَربع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ، وَعبد الْوَارِث بن سعيد، وَالْحُسَيْن بن ذكْوَان الْمعلم، وَابْن بُرَيْدَة بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَفتح الرَّاء عبيد الله الْأَسْلَمِيّ قَاضِي مرو، وَعبد الله الْمُزنِيّ بالزاي وَالنُّون هُوَ ابْن مُغفل على صِيغَة اسْم الْمَفْعُول من التغفيل بالغين الْمُعْجَمَة وَالْفَاء.
والْحَدِيث مضى فِي كتاب الصَّلَاة فِي: بابُُ كم بَين الْأَذَان وَالْإِقَامَة.
قَوْله: كَرَاهِيَة أَي: لأجل كَرَاهِيَة أَن يتخذها النَّاس سنة أَي: طَريقَة لَازِمَة لَا يجوز تَركهَا، أَو سنة راتبة يكره تَركهَا.