هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
69 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو التَّيَّاحِ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : يَسِّرُوا وَلاَ تُعَسِّرُوا ، وَبَشِّرُوا ، وَلاَ تُنَفِّرُوا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
69 حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا يحيى بن سعيد ، قال : حدثنا شعبة ، قال : حدثني أبو التياح ، عن أنس بن مالك ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : يسروا ولا تعسروا ، وبشروا ، ولا تنفروا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : يَسِّرُوا وَلاَ تُعَسِّرُوا ، وَبَشِّرُوا ، وَلاَ تُنَفِّرُوا .

Narrated Anas bin Malik:

The Prophet (ﷺ) said, Facilitate things to people (concerning religious matters), and do not make it hard for them and give them good tidings and do not make them run away (from Islam).

0069 D’après Anas, le Prophète dit : « Facilitez les choses et ne les rendez pas difficiles ! Annoncez aux gens des choses agréables et ne les effrayez pas !«   

":"ہم سے محمد بن بشار نے بیان کیا ، ان سے یحییٰ بن سعید نے ، ان سے شعبہ نے ، ان سے ابوالتیاح نے ، انھوں نے حضرت انس بن مالک رضی اللہ عنہ سے نقل کیا ، وہ رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم سے روایت کرتے ہیں کہآپ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا ، آسانی کرو اور سختی نہ کرو اور خوش کرو اور نفرت نہ دلاؤ ۔

0069 D’après Anas, le Prophète dit : « Facilitez les choses et ne les rendez pas difficiles ! Annoncez aux gens des choses agréables et ne les effrayez pas !«   

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [69] .

     قَوْلُهُ  أَبُو التَّيَّاحِ تَقَدَّمَ أَنَّهُ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقَانِيَّةِ وَتَشْدِيدِ التَّحْتَانِيَّةِ وَآخِرُهُ مُهْمَلَةٌ .

     قَوْلُهُ  وَلَا تُعَسِّرُوا الْفَائِدَةُ فِيهِ التَّصْرِيحُ بِاللَّازِمِ تَأْكِيدًا.

     وَقَالَ  النَّوَوِيُّ لَوِ اقْتَصَرَ عَلَى يَسِّرُوا لَصَدَقَ عَلَى مَنْ يَسَّرَ مَرَّةً وَعَسَّرَ كَثِيرًا فَقَالَ وَلَا تُعَسِّرُوا لِنَفْيِ التَّعْسِيرِ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ وَكَذَا الْقَوْلُ فِي عَطْفِهِ عَلَيْهِ وَلَا تُنَفِّرُوا وَأَيْضًا فَإِنَّ الْمَقَامَ مَقَامُ الْإِطْنَابِ لَا الْإِيجَازِ .

     قَوْلُهُ  وَبَشِّرُوا بَعْدَ قَوْلِهِ يَسِّرُوا فِيهِ الْجِنَاسُ الْخَطِّيُّ وَوَقَعَ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي الْأَدَبِ عَنْ آدَمَ عَنْ شُعْبَةَ بَدَلَهَا وَسَكِّنُوا وَهِيَ الَّتِي تُقَابِلُ وَلَا تُنَفِّرُوا لِأَنَّ السُّكُونَ ضِدُّ النُّفُورِ كَمَا أَنَّ ضِدَّ الْبِشَارَةِ النِّذَارَةُ لَكِنْ لَمَّا كَانَتِ النِّذَارَةُ وَهِيَ الْإِخْبَارُ بِالشَّرِّ فِي ابْتِدَاءِ التَّعْلِيمِ تُوجِبُ النُّفْرَةَ قُوبِلَتِ الْبِشَارَةُ بِالتَّنْفِيرِ وَالْمُرَادُ تَأْلِيفُ مَنْ قَرُبَ إِسْلَامُهُ وَتَرْكُ التَّشْدِيدِ عَلَيْهِ فِي الِابْتِدَاءِ وَكَذَلِكَ الزَّجْرُ عَنِ الْمَعَاصِي يَنْبَغِي أَن يكون بتلطف ليقبل وَكَذَا تَعْلِيم الْعِلْمَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بِالتَّدْرِيجِ لِأَنَّ الشَّيْءَ إِذَا كَانَ فِي ابْتِدَائِهِ سَهْلًا حُبِّبَ إِلَى مَنْ يَدْخُلُ فِيهِ وَتَلَقَّاهُ بِانْبِسَاطٍ وَكَانَتْ عَاقِبَتُهُ غَالِبًا الِازْدِيَادَ بِخِلَافِ ضِدِّهِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ( قَولُهُ بَابُ مَنْ جَعَلَ لِأَهْلِ الْعِلْمِ يَوْمًا مَعْلُومًا) فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ أَيَّامًا مَعْلُومَةً وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ مَعْلُومَات وَكَأَنَّهُ أَخذ هَذَا من صَنِيع بن مَسْعُودٍ فِي تَذْكِيرِهِ كُلَّ خَمِيسٍ أَوْ مِنِ اسْتِنْبَاطِ عَبْدِ اللَّهِ ذَلِكَ مِنَ الْحَدِيثِ الَّذِي أوردهُ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [69] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو التَّيَّاحِ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «يَسِّرُوا وَلاَ تُعَسِّرُوا، وَبَشِّرُوا وَلاَ تُنَفِّرُوا».
[اللحديث طرفه في: 6125] .
وبه قال: ( حدّثنا محمد بن بشار) بفتح الموحدة وتشديد المعجمة ابن داود الملقب ببندار بضم الموحدة وسكون النون وبالدال المهملة العبدي نسبة إلى عبد مضر بن كلاب البصري، المتوفى في رجب سنة اثنتين وخمسين ومائتين ( قال: حدّثنا يحيى) وفي رواية أبي ذر والأصيلي وأبي الوقت ( ابن سعيد) أي الأحول القطان ( قال: حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( قال: حدّثني) بالإفراد ( أبو التياح) بفتح المثناة الفوقية وتشديد التحتية آخره مهملة يزيد بن حميد بالتصغير الضبعي بضم المعجمة وفتح الموحدة نسبة إلى ضبعة بن يزيد، المتوفى سنة سبع وعشرين ومائة ( عن أنس) أي ابن مالك كما في رواية الأصيلي ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال) : ( يسروا) أمر من اليسر نقيض العسر ( ولا تعسروا) نهي من عسر تعسيرًا، واستشكل الإتيان بالثاني بعد الأوّل لأن الأمر بالإتيان بالشيء نهي عن ضده.
وأجيب بأنه إنما صرح باللازم للتأكيد وبأنه لو اقتصر على الأول لصدق على من أتى به مرة وأتى بالثاني غالب أوقاته، فلما قال: ولا تعسروا انتفى التعسير في كل الأوقات من جميع الوجوه، ( وبشروا) أمر من البشارة وهي الإخبار بالخير نقيض النذارة ( ولا تنفروا) نهي من نفر بالتشديد أي بشروا الناس أو المؤمنين بفضل الله وثوابه وجزيل عطائه وسعة رحمته، ولا تنفروهم بذكر التخويف وأنواع الوعيد لا يقال كان المناسب أن يأتي بدل ولا تنفروا ولا تنذروا لأنه نقيض التبشير لا التنفير لأنهم قالوا: المقصود من الإنذار التنفير، فصرّح بما هو المقصود منه ولم يقتصر على أحدهما كما لم يقتصر في الأوّلين لعموم النكرة في سياق النفي، لأنه لا يلزم من عدم التعسير ثبوت التيسير، ولا من عدم التنفير ثبوت التبشير، فجمع بين هذه الألفاظ لثبوت هذه المعاني لا سيما والمقام مقام إطناب، وفي قوله: بشروا بعد يسروا الجناس الخطي.
12 - باب مَنْ جَعَلَ لأَهْلِ الْعِلْمِ أَيَّامًا مَعْلُومَة هذا ( باب من جعل لأهل العلم أيامًا معلومة) بالجمع في الأول والإفراد في الثاني أو بالجمع فيهما أو بالإفراد فيهما، فالأوّل لكريمة، والثاني للكشميهني، والثالث لغيرهما، وباب خبر مبتدأ محذوف ومضاف لتاليه.
70 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُذَكِّرُ النَّاسَ فِي كُلِّ خَمِيسٍ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَوَدِدْتُ أَنَّكَ ذَكَّرْتَنَا كُلَّ يَوْمٍ.
قَالَ: أَمَا إِنَّهُ يَمْنَعُنِي مِنْ ذَلِكَ أَنِّي أَكْرَهُ أَنْ أُمِلَّكُمْ، وَإِنِّي أَتَخَوَّلُكُمْ بِالْمَوْعِظَةِ كَمَا كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَتَخَوَّلُنَا بِهَا مَخَافَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا.
وبالسند إلى المؤلف قال: ( حدّثنا عثمان بن أبي شيبة) هو عثمان بن محمد بن إبراهيم بن أبي شيبة بن عثمان بن خواستي بضم الخاء المعجمة وبعد الألف سين مهملة ساكنة ثم مثناة فوقية العبسي الكوفي، المتوفى لثلاث بقين من المحرم سنة تسع وثلاثين ومائتين ( قال: حدّثنا جرير) هو ابن عبد الحميد بن قرط العبسي الكوفي، المتوفى في سنة ثمان أو سبع وثمانين ومائة ( عن منصور) هو ابن المعتمر بن عبد الله المتوفى سنة ثلاث أو اثنتين وثلاثين ومائة ( عن أبي وائل) شقيق بن سلمة أنه ( قال) : ( كان عبد الله) بن مسعود رضي الله عنه ( يذكر الناس في كل خميس فقال له) أي لابن مسعود ( رجل) .
قال في فتح الباري: يشبه أن يكون هو يزيد بن عبد الله النخعي ( يا أبا عبد الرحمن) وهو كنية ابن مسعود ( لوددت) أي والله لأحببت ( أنك) بفتح الهمزة مفعول سابقه ( ذكرتنا) بتشديد الكاف ( كل) أي في كل ( يوم) .
قاله استحلاء للذكر لما وجد من بركته ونوره.
( قال) عبد الله: ( أما) بفتح الهمزة وتخفيف الميم حرفتنبيه عند الكرماني واستفتاح بمنزلة ألا أو بمعنى حقًا عند غيره ( إنّه) بكسر الهمزة أو بفتحها على قول إن أما بمعنى حقًّا والضمير للشأن ( يمنعني من ذلك أني) بفتح الهمزة فاعل يمنعني ( أكره أن أُملكم) بضم الهمزة وكسر الميم وتشديد اللام المفتوحة أي أكره إملالكم وضجركم ( وإني) بكسر الهمزة ( أتخولكم) بالخاء المعجمة أي أتعهدكم ( بالموعظة كما كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يتخوّلنا بها) أي بالموعظة في مظان القبول ولا يكثر ( مخافة السآمة علينا) إما أن يتعلق بالمخافة أو بالسآمة.
وزعم بعضهم أن الصواب يتحوّلنا بالحاء المهملة، لكن الروايات الصحيحة بالخاء المعجمة.
13 - باب مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ هذا ( باب) بالتنوين ( من) أي الذي ( يرد الله به خيرًا) بالنصب مفعول يرد المجزوم لأنه فعل الشرط إذ الموصول متضمن معنى الشرط وكسر لالتقاء الساكنين وجواب الشرط ( يفقهه) فالهاء ساكنة، وفي رواية للكشميهني زيادة ( في الدين) وهي ساقطة عند الباقين، والفقه في الأصل الفهم يقال: فقه الرجل بالكسر يفقه فقهًا إذا فهم وعلم، وفقه بالضم إذا صار فقيهًا عالمًا وجعله العرف خاصًّا بعلم الشريعة ومخصصًا بعلم الفروع وإنما خصّ علم الشريعة بالفقه لأنه علم مستنبط بالقوانين والأدلة والأقيسة والنظر الدقيق بخلاف علم اللغة والنحو وغيرهما.
روي: أن سليمان نزل على نبطية بالعراق فقال لها: هل هنا مكان نظيف أصلي فيه؟ فقالت: طهّر قلبك وصلِّ حيث شئت.
فقال: فقهت وفطنت الحق، ولو قال: علمت لم يقع هذا الموقع، ومفهومه أن من لم يتفقه في الدين فقد حرم الخير.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [69] حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ قَالَ: حدّثنا يَحْيَى بنُ سَعِيدٍ قَالَ: حدّثنا شُعْبَةُ قَالَ: حدّثنيأبو التَّيَّاح عَن أنسٍ، رَضِي الله عَنهُ، عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ( يَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا وبشِّرُوا وَلَا تُنَفِّرُوا) .
( الحَدِيث 69 طرفه فِي: 6125) .
هَذَا الحَدِيث للتَّرْجَمَة الثَّانِيَة كَمَا ذَكرْنَاهُ.
بَيَان رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: مُحَمَّد بن بشار، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَتَشْديدقَوْله: ( يسروا) ، وَهُوَ نكرَة لصدق ذَلِك على من يسر مرّة وعسر فِي مُعظم الْحَالَات، فَإِذا قَالَ: وَلَا تُعَسِّرُوا، انْتَفَى التعسير فِي جَمِيع الْأَحْوَال من جَمِيع الْوُجُوه، وَكَذَلِكَ الْجَواب عَن قَوْله: ( وَلَا تنفرُوا) لَا يُقَال: كَانَ يَنْبَغِي أَن يقْتَصر على قَوْله: ( وَلَا تُعَسِّرُوا وَلَا تنفرُوا) لعُمُوم النكرَة فِي سِيَاق النَّفْي، لِأَنَّهُ لَا يلْزم من عدم التعسير ثُبُوت التَّيْسِير، وَلَا من عدم التنفير ثُبُوت التَّيْسِير، فَجمع بَين هَذِه الْأَلْفَاظ لثُبُوت هَذِه الْمعَانِي، لِأَن هَذَا الْمحل يَقْتَضِي الإسهاب، وَكَثْرَة الْأَلْفَاظ لَا الِاخْتِصَار لشبهه بالوعظ، وَالْمعْنَى: وبشروا النَّاس أَو الْمُؤمنِينَ بِفضل الله تَعَالَى وثوابه، وجزيل عطائه وسعة رَحمته، وَكَذَا الْمَعْنى فِي قَوْله: ( وَلَا تنفرُوا) يَعْنِي: بِذكر التخويف وأنواع الْوَعيد، فيتألف من قرب إِسْلَامه بترك التَّشْدِيد عَلَيْهِم، وَكَذَلِكَ من قَارب الْبلُوغ من الصّبيان، وَمن بلغ وَتَابَ من الْمعاصِي يتلطف بجميعهم بأنواع الطَّاعَة قَلِيلا قَلِيلا، كَمَا كَانَت أُمُور الْإِسْلَام على التدريج فِي التَّكْلِيف شَيْئا بعد شَيْء، لِأَنَّهُ مَتى يسر على الدَّاخِل فِي الطَّاعَة المريد للدخول فِيهَا، سهلت عَلَيْهِ وتزايد فِيهَا غَالِبا، وَمَتى عسر عَلَيْهِ أوشك أَن لَا يدْخل فِيهَا.
وَإِن دخل أوشك أَن لَا يَدُوم أَو لَا يستحملها.
وَفِيه الْأَمر للولاة بالرفق، وَهَذَا الحَدِيث من جَوَامِع الْكَلم لاشْتِمَاله على خيري الدُّنْيَا وَالْآخِرَة، لِأَن الدُّنْيَا دَار الْأَعْمَال، وَالْآخِرَة دَار الْجَزَاء، فَأمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَا يتَعَلَّق بالدنيا بالتسهيل، وَفِيمَا يتَعَلَّق بِالآخِرَة بالوعد بِالْخَيرِ والإخبار بالسرور تَحْقِيقا لكَونه رَحْمَة للْعَالمين فِي الدَّاريْنِ.
بَيَان البديع: اعْلَم أَن بَين: ( يسروا) ، وَبَين ( بشروا) ، جناس خطي، والجناس بَين اللَّفْظَيْنِ تشابههما فِي اللَّفْظ، وَهَذَا من الجناس التَّام الْمُتَشَابه، وَهَذَا بَاب من أَنْوَاع البديع الَّذِي يزِيد فِي كَلَام البليغ حسنا وطلاوة.
فَإِن قلت: كَانَ الْمُنَاسب أَن يُقَال بدل: ( وَلَا تنفرُوا) وَلَا تنذروا، لِأَن الْإِنْذَار وَهُوَ نقيض التبشير لَا التنفير.
قلت: الْمَقْصُود من الْإِنْذَار التنفير، فَصرحَ بِمَا هُوَ الْمَقْصُود مِنْهُ.
12 - ( بَاب مَنْ جَعَلَ لأهْلِ العِلْمِ أيَّاماً مَعلُومَةً) أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان من جعل، فالباب مَرْفُوع على أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف مُضَاف إِلَى: من، هَذَا رِوَايَة كَرِيمَة.
وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: ( أَيَّامًا مَعْلُومَات) ، وَفِي رِوَايَة غَيرهمَا: ( يَوْمًا مَعْلُوما) .
وَجه الْمُنَاسبَة بَين الْبَابَيْنِ ظَاهر، لِأَن الْبَاب الأول فِي التخويل بِالْمَوْعِظَةِ وَالْعلم، وَقد ذكرنَا أَن مَعْنَاهُ هُوَ التعهد فِي أَيَّام خوفًا من الْملَل والضجر، وَهَذَا الْبَاب أَيْضا كَذَلِك.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [ قــ :69 ... غــ :69] .

     قَوْلُهُ  أَبُو التَّيَّاحِ تَقَدَّمَ أَنَّهُ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقَانِيَّةِ وَتَشْدِيدِ التَّحْتَانِيَّةِ وَآخِرُهُ مُهْمَلَةٌ .

     قَوْلُهُ  وَلَا تُعَسِّرُوا الْفَائِدَةُ فِيهِ التَّصْرِيحُ بِاللَّازِمِ تَأْكِيدًا.

     وَقَالَ  النَّوَوِيُّ لَوِ اقْتَصَرَ عَلَى يَسِّرُوا لَصَدَقَ عَلَى مَنْ يَسَّرَ مَرَّةً وَعَسَّرَ كَثِيرًا فَقَالَ وَلَا تُعَسِّرُوا لِنَفْيِ التَّعْسِيرِ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ وَكَذَا الْقَوْلُ فِي عَطْفِهِ عَلَيْهِ وَلَا تُنَفِّرُوا وَأَيْضًا فَإِنَّ الْمَقَامَ مَقَامُ الْإِطْنَابِ لَا الْإِيجَازِ .

     قَوْلُهُ  وَبَشِّرُوا بَعْدَ قَوْلِهِ يَسِّرُوا فِيهِ الْجِنَاسُ الْخَطِّيُّ وَوَقَعَ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي الْأَدَبِ عَنْ آدَمَ عَنْ شُعْبَةَ بَدَلَهَا وَسَكِّنُوا وَهِيَ الَّتِي تُقَابِلُ وَلَا تُنَفِّرُوا لِأَنَّ السُّكُونَ ضِدُّ النُّفُورِ كَمَا أَنَّ ضِدَّ الْبِشَارَةِ النِّذَارَةُ لَكِنْ لَمَّا كَانَتِ النِّذَارَةُ وَهِيَ الْإِخْبَارُ بِالشَّرِّ فِي ابْتِدَاءِ التَّعْلِيمِ تُوجِبُ النُّفْرَةَ قُوبِلَتِ الْبِشَارَةُ بِالتَّنْفِيرِ وَالْمُرَادُ تَأْلِيفُ مَنْ قَرُبَ إِسْلَامُهُ وَتَرْكُ التَّشْدِيدِ عَلَيْهِ فِي الِابْتِدَاءِ وَكَذَلِكَ الزَّجْرُ عَنِ الْمَعَاصِي يَنْبَغِي أَن يكون بتلطف ليقبل وَكَذَا تَعْلِيم الْعِلْمَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بِالتَّدْرِيجِ لِأَنَّ الشَّيْءَ إِذَا كَانَ فِي ابْتِدَائِهِ سَهْلًا حُبِّبَ إِلَى مَنْ يَدْخُلُ فِيهِ وَتَلَقَّاهُ بِانْبِسَاطٍ وَكَانَتْ عَاقِبَتُهُ غَالِبًا الِازْدِيَادَ بِخِلَافِ ضِدِّهِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :69 ... غــ : 69 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو التَّيَّاحِ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «يَسِّرُوا وَلاَ تُعَسِّرُوا، وَبَشِّرُوا وَلاَ تُنَفِّرُوا».
[اللحديث 69 - طرفه في: 6125] .

وبه قال: ( حدّثنا محمد بن بشار) بفتح الموحدة وتشديد المعجمة ابن داود الملقب ببندار بضم الموحدة وسكون النون وبالدال المهملة العبدي نسبة إلى عبد مضر بن كلاب البصري، المتوفى في رجب سنة اثنتين وخمسين ومائتين ( قال: حدّثنا يحيى) وفي رواية أبي ذر والأصيلي وأبي الوقت ( ابن سعيد) أي الأحول القطان ( قال: حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( قال: حدّثني) بالإفراد ( أبو التياح) بفتح المثناة الفوقية وتشديد التحتية آخره مهملة يزيد بن حميد بالتصغير الضبعي بضم المعجمة وفتح الموحدة نسبة إلى ضبعة بن يزيد، المتوفى سنة سبع وعشرين ومائة ( عن أنس) أي ابن مالك كما في رواية الأصيلي ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال) :
( يسروا) أمر من اليسر نقيض العسر ( ولا تعسروا) نهي من عسر تعسيرًا، واستشكل الإتيان بالثاني بعد الأوّل لأن الأمر بالإتيان بالشيء نهي عن ضده.
وأجيب بأنه إنما صرح باللازم للتأكيد وبأنه لو اقتصر على الأول لصدق على من أتى به مرة وأتى بالثاني غالب أوقاته، فلما قال: ولا تعسروا انتفى التعسير في كل الأوقات من جميع الوجوه، ( وبشروا) أمر من البشارة وهي الإخبار بالخير نقيض النذارة ( ولا تنفروا) نهي من نفر بالتشديد أي بشروا الناس أو المؤمنين بفضل الله وثوابه وجزيل عطائه وسعة رحمته، ولا تنفروهم بذكر التخويف وأنواع الوعيد لا يقال كان المناسب أن يأتي بدل ولا تنفروا ولا تنذروا لأنه نقيض التبشير لا التنفير لأنهم قالوا: المقصود من الإنذار التنفير،
فصرّح بما هو المقصود منه ولم يقتصر على أحدهما كما لم يقتصر في الأوّلين لعموم النكرة في سياق النفي، لأنه لا يلزم من عدم التعسير ثبوت التيسير، ولا من عدم التنفير ثبوت التبشير، فجمع بين هذه الألفاظ لثبوت هذه المعاني لا سيما والمقام مقام إطناب، وفي قوله: بشروا بعد يسروا الجناس الخطي.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :69 ... غــ :69 ]
- حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ قَالَ: حدّثنا يَحْيَى بنُ سَعِيدٍ قَالَ: حدّثنا شُعْبَةُ قَالَ: حدّثنيأبو التَّيَّاح عَن أنسٍ، رَضِي الله عَنهُ، عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ( يَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا وبشِّرُوا وَلَا تُنَفِّرُوا) .

( الحَدِيث 69 طرفه فِي: 6125) .

هَذَا الحَدِيث للتَّرْجَمَة الثَّانِيَة كَمَا ذَكرْنَاهُ.

بَيَان رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: مُحَمَّد بن بشار، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَتَشْديد الشين الْمُعْجَمَة، ابْن عُثْمَان بن دَاوُد بن كيسَان الْعَبْدي الْبَصْرِيّ، كنيته أَبُو بكر ولقبه بنْدَار، واشتهر بِهِ لِأَنَّهُ كَانَ بنداراً فِي الحَدِيث، جمع حَدِيث بَلَده، وَبُنْدَار، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون النُّون وَالدَّال الْمُهْملَة وبالراء: الْحَافِظ..
     وَقَالَ  أَحْمد: كتبت عَنهُ نَحوا من خمسين ألف حَدِيث، روى عَنهُ السِّتَّة وَإِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ وَأَبُو زرْعَة وَأَبُو حَاتِم الرازيان وَعبد اللَّه بن مُحَمَّد الْبَغَوِيّ وَمُحَمّد بن إِسْحَاق بن خُزَيْمَة، وَعنهُ قَالَ: كتب عني خَمْسَة قُرُون، وسألوني الحَدِيث وَأَنا ابْن ثَمَان عشرَة سنة..
     وَقَالَ : ولدت سنة سبع وَسِتِّينَ وَمِائَة،.

     وَقَالَ  البُخَارِيّ: مَاتَ فِي رَجَب سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين يَعْنِي وَمِائَتَيْنِ.
الثَّانِي: يحيى بن سعيد الْقطَّان الْأَحول.
الثَّالِث: شُعْبَة بن الْحجَّاج.
الرَّابِع: أَبُو التياح، بِفَتْح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره حاء مُهْملَة، واسْمه يزِيد بن حميد، بِالتَّصْغِيرِ، الضبعِي من أنفسهم، سمع أنسا وَعمْرَان بن حُصَيْن من الصَّحَابَة، وخلقاً من التَّابِعين وَمن بعدهمْ، قَالَ أَحْمد: هُوَ ثِقَة ثَبت..
     وَقَالَ  عَليّ بن الْمَدِينِيّ: هُوَ مَعْرُوف ثِقَة، مَاتَ سنة ثَمَان وَعشْرين وَمِائَة، روى لَهُ الْجَمَاعَة.
الْخَامِس: أنس بن مَالك.

بَيَان الْأَنْسَاب: الْعَبْدي: نِسْبَة إِلَى عبد بن نصر بن كلاب بن مرّة فِي قُرَيْش، وَفِي ربيعَة بن نزار عبد الْقَيْس بن أفصى، وَفِي تَمِيم عبد اللَّه بن دارم، وَفِي خولان عبد اللَّه بن جَبَّار، وَفِي هَمدَان عبد بن غيلَان بن أرحب.
الضبعِي، بِضَم الضَّاد الْمُعْجَمَة وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة: نِسْبَة إِلَى ضبيعة بن زيد بن مَالك فِي الْأَنْصَار، وَفِي ربيعَة بن نزار ضبيعة بن ربيعَة بن نزار، وَفِي بني ثَعْلَبَة ضبيعة بن قيس.

بَيَان لطائف إِسْنَاده: مِنْهَا: أَن فِيهِ التحديث بِالْجمعِ والإفراد والعنعنة.
وَمِنْهَا: أَن رُوَاته كلهم بصريون.
وَمِنْهَا: أَنهم أَئِمَّة أجلاء.

بَيَان تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْأَدَب عَن آدم عَن شُعْبَة بِهِ، وَرَوَاهُ مُسلم فِي الْمَغَازِي عَن عبد اللَّه بن معَاذ عَن أَبِيه، وَعَن أبي بكر بن أبي شيبَة عَن عبيد بن سعيد، وَعَن مُحَمَّد بن الْوَلِيد عَن غنْدر، كلهم عَن شُعْبَة بِهِ، فَوَقع للْبُخَارِيّ عَالِيا رباعياً من طَرِيق آدم، وآدَم مِمَّن انْفَرد بِهِ البُخَارِيّ عَن مُسلم، وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْعلم عَن بنْدَار بِهِ.

بَيَان اللُّغَات: قَوْله: ( يسروا) ، أَمر من: يسر ييسر تيسيراً من الْيُسْر، وَهُوَ نقيض الْعسر.
قَوْله: ( وَلَا تُعَسِّرُوا) ، من عسر تعسيراً.
يُقَال: عسرت الْغَرِيم أعسره عسراً، إِذا طلبت مِنْهُ الدّين على عسرته..
     وَقَالَ  ابْن طريف: هَذَا مِمَّا جَاءَ على فعل وأفعل: كعسرتك عسراً وأعسرتك، إِذا طلبت مِنْك الدّين على عسرة، وعسر الشَّيْء وعسر، بِضَم السِّين وَكسرهَا، عسراً وعسارة، وعسر الرجل: قل سماحه وضاق خلقه، وأعسر الرجل: افْتقر.
وَفِي ( الْعبابُ) : قد عسر الْأَمر، بِالضَّمِّ، عسراً فَهُوَ عسر وعسير، وعسر عَلَيْهِ الْأَمر، بِالْكَسْرِ، يعسر عسراً، بِالتَّحْرِيكِ، أَي: التاث، فَهُوَ عسر.
وَيُقَال: عسرت النَّاقة بذنبها تعسر عسراً أَو عسراناً، مِثَال: ضرب يضْرب ضربا وضربانا: إِذا شالت بِهِ، وعسرت الْمَرْأَة إِذا عسر ولادها، وعسرني فلَان إِذا جَاءَ على يساري، والمعسور ضد الميسور، والمعسرة ضد الميسرة، وهما مصدران..
     وَقَالَ  سِيبَوَيْهٍ: هما صفتان، والعسرى نقيض الْيُسْرَى.
قَوْله: ( وبشروا) ، من الْبشَارَة وَهِي الْإِخْبَار بِالْخَيرِ، وَهِي نقيض: النذارة، وَهِي الْإِخْبَار بِالشَّرِّ.
يُقَال: بشرت الرجل أُبَشِّرهُ، بِالضَّمِّ، بشرا وبشوراً من الْبشرَة، وَكَذَلِكَ الإبشار والتبشير.
يُقَال: أبشر وَبشر.
قَالَ الله تَعَالَى: { وابشروا بِالْجنَّةِ} ( فصلت: 30) { وبشروا الَّذين آمنُوا} ( الْبَقَرَة: 25، وَيُونُس: 2) { ذَلِك الَّذِي يبشر} ( الشورى: 23) ثَلَاث لُغَات فِي الْقُرْآن أبشر وَبشر وَبشر بِالتَّخْفِيفِ، وَالِاسْم: الْبشَارَة والبشارة، بِالْكَسْرِ وَالضَّم، تَقول: بَشرته بمولود، وأبشرتك بِالْخَيرِ، وبشرتك..
     وَقَالَ  الصغاني: الْبشَارَة، بِالْكَسْرِ وَالضَّم، أَي حق مَا يعْطى على التبشير..
     وَقَالَ  اللحياني، رَحمَه الله تَعَالَى: الْبشَارَة مَا بشرت من بطن الْأَدِيم،.

     وَقَالَ  ابْن الْأَعرَابِي: الْبشَارَة والقشارة والخسارة.
إِسْقَاط النَّاس، وبشرت بِكَذَا، بِكَسْر الشين، أبشر، أَي: استبشرت.
قَوْله: ( وَلَا تنفرُوا) ، من: نفر، بِالتَّشْدِيدِ، تنفيراً.
وَقد مر الْكَلَام فِيهِ عَن قريب.

بَيَان الْإِعْرَاب: قَوْله: ( يسروا) جملَة من الْفِعْل وَالْفَاعِل مقول القَوْل.
قَوْله: ( وَلَا تُعَسِّرُوا) عطف على: يسروا، وَيجوز عطف النَّهْي على الْأَمر كَمَا بِالْعَكْسِ، وَالْخلاف فِي عطف الْخَبَر على الْإِنْشَاء وَبِالْعَكْسِ، كَمَا عرف فِي مَوْضِعه، وَكَذَا الْكَلَام فِي قَوْله: ( بشروا وَلَا تنفرُوا) .

بَيَان الْمعَانِي: قَوْله: ( يسروا) أَمر بالتيسير، لَا يُقَال: الْأَمر بالشَّيْء نهي عَن ضِدّه، فَمَا الْفَائِدَة فِي قَوْله: ( وَلَا تُعَسِّرُوا) ؟ لأَنا نقُول: لَا نسلم ذَلِك، وَلَئِن سلمنَا فالغرض التَّصْرِيح بِمَا لزم ضمنا للتَّأْكِيد.
وَيُقَال: لَو اقْتصر على قَوْله: ( يسروا) ، وَهُوَ نكرَة لصدق ذَلِك على من يسر مرّة وعسر فِي مُعظم الْحَالَات، فَإِذا قَالَ: وَلَا تُعَسِّرُوا، انْتَفَى التعسير فِي جَمِيع الْأَحْوَال من جَمِيع الْوُجُوه، وَكَذَلِكَ الْجَواب عَن قَوْله: ( وَلَا تنفرُوا) لَا يُقَال: كَانَ يَنْبَغِي أَن يقْتَصر على قَوْله: ( وَلَا تُعَسِّرُوا وَلَا تنفرُوا) لعُمُوم النكرَة فِي سِيَاق النَّفْي، لِأَنَّهُ لَا يلْزم من عدم التعسير ثُبُوت التَّيْسِير، وَلَا من عدم التنفير ثُبُوت التَّيْسِير، فَجمع بَين هَذِه الْأَلْفَاظ لثُبُوت هَذِه الْمعَانِي، لِأَن هَذَا الْمحل يَقْتَضِي الإسهاب، وَكَثْرَة الْأَلْفَاظ لَا الِاخْتِصَار لشبهه بالوعظ، وَالْمعْنَى: وبشروا النَّاس أَو الْمُؤمنِينَ بِفضل الله تَعَالَى وثوابه، وجزيل عطائه وسعة رَحمته، وَكَذَا الْمَعْنى فِي قَوْله: ( وَلَا تنفرُوا) يَعْنِي: بِذكر التخويف وأنواع الْوَعيد، فيتألف من قرب إِسْلَامه بترك التَّشْدِيد عَلَيْهِم، وَكَذَلِكَ من قَارب الْبلُوغ من الصّبيان، وَمن بلغ وَتَابَ من الْمعاصِي يتلطف بجميعهم بأنواع الطَّاعَة قَلِيلا قَلِيلا، كَمَا كَانَت أُمُور الْإِسْلَام على التدريج فِي التَّكْلِيف شَيْئا بعد شَيْء، لِأَنَّهُ مَتى يسر على الدَّاخِل فِي الطَّاعَة المريد للدخول فِيهَا، سهلت عَلَيْهِ وتزايد فِيهَا غَالِبا، وَمَتى عسر عَلَيْهِ أوشك أَن لَا يدْخل فِيهَا.
وَإِن دخل أوشك أَن لَا يَدُوم أَو لَا يستحملها.

وَفِيه الْأَمر للولاة بالرفق، وَهَذَا الحَدِيث من جَوَامِع الْكَلم لاشْتِمَاله على خيري الدُّنْيَا وَالْآخِرَة، لِأَن الدُّنْيَا دَار الْأَعْمَال، وَالْآخِرَة دَار الْجَزَاء، فَأمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَا يتَعَلَّق بالدنيا بالتسهيل، وَفِيمَا يتَعَلَّق بِالآخِرَة بالوعد بِالْخَيرِ والإخبار بالسرور تَحْقِيقا لكَونه رَحْمَة للْعَالمين فِي الدَّاريْنِ.

بَيَان البديع: اعْلَم أَن بَين: ( يسروا) ، وَبَين ( بشروا) ، جناس خطي، والجناس بَين اللَّفْظَيْنِ تشابههما فِي اللَّفْظ، وَهَذَا من الجناس التَّام الْمُتَشَابه، وَهَذَا بابُُ من أَنْوَاع البديع الَّذِي يزِيد فِي كَلَام البليغ حسنا وطلاوة.
فَإِن قلت: كَانَ الْمُنَاسب أَن يُقَال بدل: ( وَلَا تنفرُوا) وَلَا تنذروا، لِأَن الْإِنْذَار وَهُوَ نقيض التبشير لَا التنفير.
قلت: الْمَقْصُود من الْإِنْذَار التنفير، فَصرحَ بِمَا هُوَ الْمَقْصُود مِنْهُ.