هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
610 حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الحُوَيْرِثِ ، أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِي ، فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً ، وَكَانَ رَحِيمًا رَفِيقًا ، فَلَمَّا رَأَى شَوْقَنَا إِلَى أَهَالِينَا ، قَالَ : ارْجِعُوا فَكُونُوا فِيهِمْ ، وَعَلِّمُوهُمْ ، وَصَلُّوا ، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
610 حدثنا معلى بن أسد ، قال : حدثنا وهيب ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن مالك بن الحويرث ، أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في نفر من قومي ، فأقمنا عنده عشرين ليلة ، وكان رحيما رفيقا ، فلما رأى شوقنا إلى أهالينا ، قال : ارجعوا فكونوا فيهم ، وعلموهم ، وصلوا ، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم ، وليؤمكم أكبركم
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن مَالِكِ بْنِ الحُوَيْرِثِ ، أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِي ، فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً ، وَكَانَ رَحِيمًا رَفِيقًا ، فَلَمَّا رَأَى شَوْقَنَا إِلَى أَهَالِينَا ، قَالَ : ارْجِعُوا فَكُونُوا فِيهِمْ ، وَعَلِّمُوهُمْ ، وَصَلُّوا ، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ .

Narrated Malik bin Huwairith:

I came to the Prophet (ﷺ) with some men from my tribe and stayed with him for twenty nights. He was kind and merciful to us. When he realized our longing for our families, he said to us, Go back and stay with your families and teach them the religion, and offer the prayer and one of you should pronounce the Adhan for the prayer when its time is due and the oldest one amongst you should lead the prayer.

":"ہم سے معلی بن سعد اسد بصریٰ نے بیان کیا ، کہا ہم سے وہیب بن خالد نے ابوایوب سے بیان کیا ، انھوں نے ابوقلابہ سے ، انھوں نے مالک بن حویرث رضی اللہ عنہ سے ، کہا کہمیں نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم کی خدمت میں اپنی قوم ( بنی لیث ) کے چند آدمیوں کے ساتھ حاضر ہوا اور میں نے آپ صلی اللہ علیہ وسلم کی خدمت شریف میں بیس راتوں تک قیام کیا ۔ آپ صلی اللہ علیہ وسلم بڑے رحم دل اور ملنسار تھے ۔ جب آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے ہمارے اپنے گھر پہنچنے کا شوق محسوس کر لیا تو فرمایا کہ اب تم جا سکتے ہو ۔ وہاں جا کر اپنی قوم کو دین سکھاؤ اور ( سفر میں ) نماز پڑھتے رہنا ۔ جب نماز کا وقت آ جائے تو تم میں سے ایک شخص اذان دے اور جو تم میں سب سے بڑا ہو وہ امامت کرائے ۔

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [628] قَوْله رَفِيقًا بفاء ثمَّ قَاف من الرِّفْق وَفِي رِوَايَة الْأصيلِيّ قيل والكشميهني بقافين أَي رَقِيق الْقلب قَوْله وصلوا زَاد فِي رِوَايَة إِسْمَاعِيل بن عَلَيْهِ عَن أَيُّوب كَمَا رَأَيْتُمُونِي أصلى وَهُوَ فِي بَاب رَحْمَة النَّاس والبهائم من كتاب الْأَدَب وَمثله فِي بَاب خبر الْوَاحِد مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيِّ عَنْ أَيُّوبَ قَوْله فَإِذا حصرت الصَّلَاة وَجه مطابقته للتَّرْجَمَة مَعَ أَن ظَاهرهيُخَالِفهَا لقَوْله فكونوا فيهم وعلموهم فَإِذا حضرت فَظَاهره أَن ذَلِك بعد وصولهم إِلَى أهلهم وتعليمهم لَكِن المُصَنّف أَشَارَ إِلَى الرِّوَايَة الْآتِيَة فِي الْبَاب الَّذِي بعد هَذَا فَإِن فِيهَا إِذْ أَنْتُمَا خرجتما فأذنا وَلَا تعَارض بَينهمَا أَيْضا وَبَين قَوْله فِي هَذِه التَّرْجَمَة مُؤذن وَاحِد لِأَن المُرَاد بقوله أذنا أَي من أحب مِنْكُمَا أَن يُؤذن فليؤذن وَذَلِكَ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْفضل وَلَا يعْتَبر فِي الْأَذَان السن بِخِلَاف الْإِمَامَة وَهُوَ وَاضح من سِيَاق حَدِيث الْبَاب حَيْثُ قَالَ فَيُؤذن لكم أحدكُم وليؤمكم أكبركم وَاسْتدلَّ بِهَذَا على أَفضَلِيَّة الْإِمَامَة على الْأَذَان وعَلى وجوب الْأَذَان وَقد تقدم القَوْل فِيهِ فِي أَوَائِل وَبَيَان خطأ من نقل الْإِجْمَاع على عدم الْوُجُوب وَسَيَأْتِي بَقِيَّةُ الْكَلَامِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَاب إِذا اسْتَووا فِي الْقِرَاءَة من أَبْوَاب الْإِمَامَة إِن شَاءَ الله تَعَالَى ( قَولُهُ بَابُ الْأَذَانِ لِلْمُسَافِرِينَ) كَذَا لِلْكُشْمِيهَنِيِّ وَلِلْبَاقِينَ لِلْمُسَافِرِ بِالْإِفْرَادِ وَهُوَ لِلْجِنْسِ .

     قَوْلُهُ  إِذَا كَانُوا جَمَاعَةً هُوَ مُقْتَضَى الْأَحَادِيثِ الَّتِي أَوْرَدَهَا لَكِنْ لَيْسَ فِيهَا مَا يَمْنَعُ أَذَانَ الْمُنْفَرِدِ وَقَدْ رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنِ بن عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ إِنَّمَا التَّأْذِينُ لِجَيْشٍ أَوْ رَكْبٍ عَلَيْهِمْ أَمِيرٌ فَيُنَادَى بِالصَّلَاةِ لِيَجْتَمِعُوا لَهَا فَأَمَّا غَيْرُهُمْ فَإِنَّمَا هِيَ الْإِقَامَةُ وَحُكِيَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ وَذَهَبَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ وَالثَّوْرِيُّ وَغَيْرُهُمْ إِلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْأَذَانِ لِكُلِّ أَحَدٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ فِي بَابِ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالنِّدَاءِ وَهُوَ يَقْتَضِي اسْتِحْبَابَ الْأَذَانِ لِلْمُنْفَرِدِ وَبَالَغَ عَطَاءٌ فَقَالَ إِذَا كُنْتَ فِي سَفَرٍ فَلَمْ تُؤَذِّنْ وَلَمْ تُقِمْ فَأَعِدِ الصَّلَاةَ وَلَعَلَّهُ كَانَ يَرَى ذَلِكَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ أَوْ يَرَىاسْتِحْبَابَ الْإِعَادَةِ لَا وُجُوبَهَا .

     قَوْلُهُ  وَالْإِقَامَةِ بِالْخَفْضِ عَطْفًا عَلَى الْأَذَانِ وَلَمْ يُخْتَلَفْ فِي مَشْرُوعِيَّةِ الْإِقَامَةِ فِي كُلِّ حَالٍ .

     قَوْلُهُ  وَكَذَلِكَ بِعَرَفَةَ لَعَلَّهُ يُشِيرُ إِلَى حَدِيثِ جَابِرٍ الطَّوِيلِ فِي صِفَةِ الْحَجِّ وَهُوَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَفِيهِ أَنَّ بِلَالًا أَذَّنَ وَأَقَامَ لَمَّا جَمَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ يَوْمَ عَرَفَةَ .

     قَوْلُهُ  وَجَمْعٍ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْمِيمِ هِيَ مُزْدَلِفَةُ وَكَأَنَّهُ أَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى حَدِيثِ بن مَسْعُودٍ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الْحَجِّ وَفِيهِ أَنَّهُ صَلَّى الْمَغْرِبَ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ وَالْعِشَاءَ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ ثُمَّ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُهُ .

     قَوْلُهُ  وَقَوْلِ الْمُؤَذِّنِ هُوَ بالخفض أَيْضا وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ مُسْتَوْفًى فِي بَابِ الْإِبْرَادِ بِالظُّهْرِ فِي الْمَوَاقِيتِ وَفِيهِ الْبَيَانُ أَنَّ الْمُؤَذِّنَ هُوَ بِلَالٌ وَأَنَّهُ أذن وَأقَام فيطابق هَذِه التَّرْجَمَة

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [628] حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ "أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِي، فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً، وَكَانَ رَحِيمًا رَفِيقًا.
فَلَمَّا رَأَى شَوْقَنَا إِلَى أَهَالِينَا قَالَ: ارْجِعُوا فَكُونُوا فِيهِمْ وَعَلِّمُوهُمْ وَصَلُّوا، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ».
[الحديث أطرافه في: 630، 631، 658، 685، 819، 2848، 6008، 7246] .
وبالسند قال: ( حدّثنا معلى بن أسد) بضم الميم وفتح العين المهملة واللام المشدّدة البصري ( قال: حدّثنا وهيب) بضم الواو مصغر، ابن خالد البصري الكرابيسي ( عن أيوب) السختياني ( عن أبي قلابة) بكسر القاف، عبد الله بن زيد ( عن مالك بن الحويرث) بضم الحاء المهملة وفتح الواو آخره مثلثة مصغرًا، ابن أشيم الليثي رضي الله عنه ( أتيت النبي) وللأصيلى وابن عساكر قال: أتيت النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فى نفر) بفتح الفاء عدة رجال من ثلاثة إلى عشرة ( من قومي) بني ليث بن بكر بن عبد مناف، وكان قدومهم فيما ذكره ابن سعد والنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يتجهز لتبوك، ( فأقمنا عنده) عليه الصلاة والسلام ( عشرين ليلة) بأيامها ( وكان) عليه الصلاة والسلام ( رحيمًا) بالمؤمنين ( رفيقًا) بهم بفاء ثم قاف، من الرفق، وللكشميهني والأصيلي وابن عساكر: رقيقًا بقافين من الرقة، ( فلما رأى) عليه الصلاة والسلام ( شوقنا إلى أهالينا) بالألف بعد الهاء جمع أهل.
قال في القاموس: أهل جمعه أهلون.
وأهال وأهلات انتهى.
فأهال جمع تكسير، وأهلون جمع تصحيح بالواو والنون، وأهلات جمع بالألف والتاء فهو من النوادر حيث جمع كذلك.
وللأربعة: إلى أهلينا ( قال) عليه الصلاة والسلام: ( ارجعوا) إلى أهليكم ( فكونوا فيهم وعلموهم وصلوا) في سفركم وحضركم كما رأيتموني أصلي ( فأحضرت الصلاة) المكتوبة، أي حان وقتها، أي في السفر ( فليؤذن لكم أحدكم) ظاهره أن ذلك بعد وصولهم إلى أهليهم، لكن الرواية الآتية: إذا أنتما خرجتما فأذّنا، ( وليؤمكم أكبركم) في السن.
وإنما قدّمه وإن كان الأفقه مقدمًا عليه، لأنهم استووا في الفضل، لأنهم مكثوا عنده عشرين ليلة، فاستووا في الأخذ عنه عادة، فلم يبق ما يقدم به السن.
واستدل به على أفضلية الإمامة على الأذان، وعلى وجوب الأذان.
لكن الإجماع صارف للأمر عن الوجوب.
ورواة هذا الحديث الخمسة بصريون، وفيه رواية تابعي عن تابعي على قول من يقول: إن أيوب رأى أنس بن مالك، وفيه التحديث والعنعنة والقول، وأخرجه المؤلّف أيضًا في الصلاة والأدب والجهاد، ومسلم في الصلاة، وكذا أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة.
18 - باب الأَذَانِ لِلْمُسَافِرِين إِذَا كَانُوا جَمَاعَةً وَالإِقَامَةِ، وَكَذَلِكَ بِعَرَفَةَ وَجَمْعٍ وَقَوْلِ الْمُؤَذِّنِ: "الصَّلاَةُ فِي الرِّحَالِ" فِي اللَّيْلَةِ الْبَارِدَةِ أَوِ الْمَطِيرَةِ.
( باب) حكم ( الأذان للمسافر) بالإفراد، والألف واللام للجنس، وحينئذ فيطابق قوله ( إذا كانوا جماعة) وللكشميهني للمسافرين بالجمع ( والإقامة) بالجر عطفًا على الأذان ( وكذلك) الأذان ( بعرفة) مكان الوقوف ( وجمع) بفتح الجيم وسكون الميم، وهو المزدلفة وسمي لاجتماع الناس فيها ليلة العيد ( وقول المؤذّن) بالجر أيضًا، عطفًا على الإقامة، ( الصلاة) أي أدّوها، أو بالرفع مبتدأ خبره ( في الرجال) أي الصلاة تصلّى في الرجال، وجمع رحل بسكون الحاء المهملة ( في الليلة الباردة أو) الليلة ( المطيرة) بفتح الميم: فعيلة من المطر، أي فيها.
وإسناد المطر إلى الليلة مجاز.
629 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْمُهَاجِرِ أَبِي الْحَسَنِ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: "كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سَفَرٍ، فَأَرَادَ الْمُؤَذِّنُ أَنْ يُؤَذِّنَ فَقَالَ لَهُ: أَبْرِدْ.
ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُؤَذِّنَ فَقَالَ لَهُ: أَبْرِدْ.
ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُؤَذِّنَ فَقَالَ لَهُ: أَبْرِدْ، حَتَّى سَاوَى الظِّلُّ التُّلُولَ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ».
وبالسند قال: ( حدّثنا مسلم بن إبراهيم) الأزدي الفراهيدي القصاب البصري ( قال: حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( عن المهاجر أبي الحسن) التميمي مولاهم الكوفي ( عن زيد بن وهب) الجهني أبي سليمان الكوفي المخضرم ( عن أبي ذر) بالمعجمة جندب بن جنادة الغفاري المتوفى سنة اثنتين وثلاثين في خلافة عثمان رضي الله عنهما ( قال: كنا مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في سفر فأراد المؤذن أن يؤذن فقال له) عليه الصلاة والسلام: ( أبرد) ( ثم أراد) المؤذن ( أن يؤذن فقال له:) عليه الصلاة والسلام: ( أبرد) ( ثم أراد) المؤذن ( أن يؤذن فقال له:) عليه الصلاةوالسلام ( أبرد) ( حتى ساوى الظل التلول) أي صار الظل مساوي التل أي مثله، وثبتت لفظة المؤذن الأخيرة لأبي ذر ( فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) : ( إن شدة الحر من فيح جهنم) .

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [628] ثنا معلى بن أسد: ثنا وهيب، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن مالك بن الحويرث، قال: اتيت النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في نفر من قومي، فأقمنا عنده عشرين ليلة، وكان رحيما رقيقا، فلما رأى شوقنا إلى اهلنا، قال: ( ( ارجعوا، فكونوا فيهم، وعلموهم، وصلوا، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم، وليؤمكم أكبركم) ) .
مراده: أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر مالك بن الحويرث وأصحابه بالرجوع إلى اهلهم، وأمرهم إذا حضرت الصلاة ان يؤذن احدهم، كان دليلاً على ان المسافرين لا يشرع لهم تكرير الاذان وإعادته مرتين في الفجر ولا في غيره.
ويعضد هذا: أنه لم ينقل عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه كان له في السفر مؤذنان، يؤذن أحدهما بعد الاخر.
وحديث زياد بن الحارث الصدائي المتقدم يدل على ذلك.
ولكن اللفظ الذي ساقه البخاري في هذا الباب انما يدل على انه امرهم بذلك إذا رجعوا إلى اهليهم، لا انه أمرهم به في سفرهم قبل وصولهم، وقد نبه على ذلك الاسماعيلي، وترجم عليه النسائي:( ( اجتزاء المرء بأذان غيره في الحضر) ) .
وقد خرجه البخاري في الباب الذي يلي هذا بلفظ صريح، بأنه أمرهم بذلك في حال رجوعهم إلى أهلهم وسفرهم، فكان تخريجه بذلك اللفظ في هذا الباب أولى من تخرجه بهذا اللفظ الذي يدل على انه لم يأمرهم بذلك في السفر.
فإن قيل: بل قوله: ( ( إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم احدكم) ) عام في السفر والحضر، ولا يمنع من عمومه تخصيص أول الكلام بالحضر.
قيل: إن سلم ذلك لم يكن فيه دليل على انه لا تستحب الزيادة على مؤذن واحد في السفر خاصة، لان الكلام إذا كان شاملا للحضر والسفر فلا خلاف أنه في الحضر لا يكره اتخاذ مؤذنين، فكيف خص كراهة ذلك بالسفر وقد شملها عموم واحد؟ وفي حديث عمرو بن سلمة الجرمي، عن أبيه، أنه لما قدم على النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لهم: ( ( إذا حضرت صلاة فليؤذن لكم احدكم) ) - وذكر الحديث.
وقد خرجه البخاري في موضع آخر.
وامره هذا لا يختص بحال سفرهم، بل يشمل سفرهم وإقامتهم في حيهم.
18 - باب الأذان للمسافرين إذا كانوا جماعة والاقامة وكذلك بعرفة وجمع وقول المؤذن: ( ( الصلاة في الرحال) ) ، في الليلة الباردة أو المطيرة الاذان بعرفة وجمع، لم [يخرج] فيه هاهنا شيئا، إنما خرج أحاديث في ( ( ابواب: الجمع بين الصلاتين) ) ، وفي ( ( كتاب الحج) ) ، والكلام فيه يأتي في موضوعه - إن شاء الله تعالى.
واشار اليه هاهنا اشارة؛ لان فيه ذكر الاذان في السفر، وإنما خرج هاهنا أربعة أحاديث مما يدخل في بقية ترجمة الباب.
الحديث الاول:

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ)
تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى فَوَائِدِهِ قَبْلَ بَابٍ وَتَرْجَمَ هُنَا بِلَفْظِ الْحَدِيثِ وَهُنَاكَ بِبَعْضِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ قَولُهُ بَابُ مَنْ قَالَ لِيُؤَذِّنْ فِي السَّفَرِ مُؤَذِّنٌ وَاحِدٌ كَأَنَّهُ يُشِيرُ إِلَى مَا رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق بِإِسْنَاد صَحِيح أَن بن عُمَرَ كَانَ يُؤَذِّنُ لِلصُّبْحِ فِي السَّفَرِ أَذَانَيْنِ وَهَذَا مَصِيرٌ مِنْهُ إِلَى التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ وَظَاهِرُ حَدِيثِ الْبَابِ أَنَّ الْأَذَانَ فِي السَّفَرِ لَا يَتَكَرَّرُ لِأَنَّهُ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الصُّبْح وَغَيرهَا وَالتَّعْلِيل الْمَاضِي فِي حَدِيث بن مَسْعُودٍ يُؤَيِّدُهُ وَعَلَى هَذَا فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ مُؤَذِّنٌ وَاحِدٌ فِي السَّفَرِ لِأَنَّ الْحَضَرَ أَيْضًا لَا يُؤَذِّنُ فِيهِ إِلَّا وَاحِدٌ وَلَوِ احْتِيجَ إِلَى تَعَدُّدِهِمْ لِتَبَاعُدِ أَقْطَارِ الْبَلَدِ أَذَّنَ كُلُّ وَاحِدٍ فِي جِهَةٍ وَلَا يُؤَذِّنُونَ جَمِيعًا وَقَدْ قِيلَ إِنَّ أَوَّلَ مَنْ أَحْدَثَ التَّأْذِينَ جَمِيعًا بَنُو أُمَيَّةَ.

     وَقَالَ  الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَأُحِبُّ أَنْ يُؤَذِّنَ مُؤَذِّنٌ بَعْدَ مُؤَذِّنٍ وَلَا يُؤَذِّنُ جَمَاعَةٌ مَعًا وَإِنْ كَانَ مَسْجِدٌ كَبِيرٌ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُؤَذِّنَ فِي كُلِّ جِهَةٍ مِنْهُ مُؤَذِّنٌ يُسْمِعُ مَنْ يَلِيهِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ قَوْله فِي نفر هم من ثَلَاثَة إِلَى عشرَة قَوْله من قومِي هم بَنو لَيْث بن بكر بن عبد منَاف بن كنَانَة وَكَانَ قدوم وَفد بني لَيْث فِيمَا ذكره بن سعد بأسانيد متعدده أَن وَاثِلَة اللَّيْثِيّ قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يتجهز لتبوك

[ قــ :610 ... غــ :628] قَوْله رَفِيقًا بفاء ثمَّ قَاف من الرِّفْق وَفِي رِوَايَة الْأصيلِيّ قيل والكشميهني بقافين أَي رَقِيق الْقلب قَوْله وصلوا زَاد فِي رِوَايَة إِسْمَاعِيل بن عَلَيْهِ عَن أَيُّوب كَمَا رَأَيْتُمُونِي أصلى وَهُوَ فِي بَاب رَحْمَة النَّاس والبهائم من كتاب الْأَدَب وَمثله فِي بَاب خبر الْوَاحِد مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيِّ عَنْ أَيُّوبَ قَوْله فَإِذا حصرت الصَّلَاة وَجه مطابقته للتَّرْجَمَة مَعَ أَن ظَاهره يُخَالِفهَا لقَوْله فكونوا فيهم وعلموهم فَإِذا حضرت فَظَاهره أَن ذَلِك بعد وصولهم إِلَى أهلهم وتعليمهم لَكِن المُصَنّف أَشَارَ إِلَى الرِّوَايَة الْآتِيَة فِي الْبَاب الَّذِي بعد هَذَا فَإِن فِيهَا إِذْ أَنْتُمَا خرجتما فأذنا وَلَا تعَارض بَينهمَا أَيْضا وَبَين قَوْله فِي هَذِه التَّرْجَمَة مُؤذن وَاحِد لِأَن المُرَاد بقوله أذنا أَي من أحب مِنْكُمَا أَن يُؤذن فليؤذن وَذَلِكَ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْفضل وَلَا يعْتَبر فِي الْأَذَان السن بِخِلَاف الْإِمَامَة وَهُوَ وَاضح من سِيَاق حَدِيث الْبَاب حَيْثُ قَالَ فَيُؤذن لكم أحدكُم وليؤمكم أكبركم وَاسْتدلَّ بِهَذَا على أَفضَلِيَّة الْإِمَامَة على الْأَذَان وعَلى وجوب الْأَذَان وَقد تقدم القَوْل فِيهِ فِي أَوَائِل وَبَيَان خطأ من نقل الْإِجْمَاع على عدم الْوُجُوب وَسَيَأْتِي بَقِيَّةُ الْكَلَامِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَاب إِذا اسْتَووا فِي الْقِرَاءَة من أَبْوَاب الْإِمَامَة إِن شَاءَ الله تَعَالَى

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب
من قال: ليؤذن في السفر مؤذن واحد
[ قــ :610 ... غــ :628 ]
- ثنا معلى بن أسد: ثنا وهيب، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن مالك بن الحويرث، قال: اتيت النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في نفر من قومي، فأقمنا عنده عشرين ليلة، وكان رحيما رقيقا، فلما رأى شوقنا إلى اهلنا، قال: ( ( ارجعوا، فكونوا فيهم، وعلموهم، وصلوا، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم، وليؤمكم أكبركم) ) .

مراده: أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر مالك بن الحويرث وأصحابه بالرجوع إلى اهلهم، وأمرهم إذا حضرت الصلاة ان يؤذن احدهم، كان دليلاً على ان المسافرين لا يشرع لهم تكرير الاذان وإعادته مرتين في الفجر ولا في غيره.

ويعضد هذا: أنه لم ينقل عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه كان له في السفر مؤذنان، يؤذن أحدهما بعد الاخر.

وحديث زياد بن الحارث الصدائي المتقدم يدل على ذلك.

ولكن اللفظ الذي ساقه البخاري في هذا الباب انما يدل على انه امرهم بذلك إذا رجعوا إلى اهليهم، لا انه أمرهم به في سفرهم قبل وصولهم، وقد نبه على ذلك الاسماعيلي، وترجم عليه النسائي: ( ( اجتزاء المرء بأذان غيره في الحضر) ) .

وقد خرجه البخاري في الباب الذي يلي هذا بلفظ صريح، بأنه أمرهم بذلك في حال رجوعهم إلى أهلهم وسفرهم، فكان تخريجه بذلك اللفظ في هذا الباب أولى من تخرجه بهذا اللفظ الذي يدل على انه لم يأمرهم بذلك في السفر.

فإن قيل: بل قوله: ( ( إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم احدكم) ) عام في السفر والحضر، ولا يمنع من عمومه تخصيص أول الكلام بالحضر.

قيل: إن سلم ذلك لم يكن فيه دليل على انه لا تستحب الزيادة على مؤذن واحد في السفر خاصة، لان الكلام إذا كان شاملا للحضر والسفر فلا خلاف أنه في الحضر لا يكره اتخاذ مؤذنين، فكيف خص كراهة ذلك بالسفر وقد شملها عموم واحد؟
وفي حديث عمرو بن سلمة الجرمي، عن أبيه، أنه لما قدم على النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لهم: ( ( إذا حضرت صلاة فليؤذن لكم احدكم) ) - وذكر الحديث.

وقد خرجه البخاري في موضع آخر.

وامره هذا لا يختص بحال سفرهم، بل يشمل سفرهم وإقامتهم في حيهم.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب مَنْ قَالَ: لِيُؤَذِّنْ فِي السَّفَرِ مُؤَذِّنٌ وَاحِدٌ
( باب من قال ليؤذن) بالجزم بلام الأمر ( في السفر مؤذن واحد) أذانًا واحدًا في الصبح وغيرها، وكان ابن عمر يؤذن للصبح أذانين في السفر، رواه عبد الرزاق بإسناد صحيح، ولا مفهوم لقوله مؤذن واحد في السفر لأن الحضر أيضًا كذلك، والتأذين جماعة أحدثه بنو أمية.


[ قــ :610 ... غــ : 628 ]
- حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ "أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِي، فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً، وَكَانَ رَحِيمًا رَفِيقًا.
فَلَمَّا

رَأَى شَوْقَنَا إِلَى أَهَالِينَا قَالَ: ارْجِعُوا فَكُونُوا فِيهِمْ وَعَلِّمُوهُمْ وَصَلُّوا، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ».
[الحديث 628 - أطرافه في: 630، 631، 658، 685، 819، 2848، 6008، 7246] .

وبالسند قال: ( حدّثنا معلى بن أسد) بضم الميم وفتح العين المهملة واللام المشدّدة البصري ( قال: حدّثنا وهيب) بضم الواو مصغر، ابن خالد البصري الكرابيسي ( عن أيوب) السختياني ( عن أبي قلابة) بكسر القاف، عبد الله بن زيد ( عن مالك بن الحويرث) بضم الحاء المهملة وفتح الواو آخره مثلثة مصغرًا، ابن أشيم الليثي رضي الله عنه ( أتيت النبي) وللأصيلى وابن عساكر قال: أتيت النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فى نفر) بفتح الفاء عدة رجال من ثلاثة إلى عشرة ( من قومي) بني ليث بن بكر بن عبد مناف، وكان قدومهم فيما ذكره ابن سعد والنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يتجهز لتبوك، ( فأقمنا عنده) عليه الصلاة والسلام ( عشرين ليلة) بأيامها ( وكان) عليه الصلاة والسلام ( رحيمًا) بالمؤمنين ( رفيقًا) بهم بفاء ثم قاف، من الرفق، وللكشميهني والأصيلي وابن عساكر: رقيقًا بقافين من الرقة، ( فلما رأى) عليه الصلاة والسلام ( شوقنا إلى أهالينا) بالألف بعد الهاء جمع أهل.

قال في القاموس: أهل جمعه أهلون.
وأهال وأهلات انتهى.
فأهال جمع تكسير، وأهلون جمع تصحيح بالواو والنون، وأهلات جمع بالألف والتاء فهو من النوادر حيث جمع كذلك.

وللأربعة: إلى أهلينا ( قال) عليه الصلاة والسلام: ( ارجعوا) إلى أهليكم ( فكونوا فيهم وعلموهم وصلوا) في سفركم وحضركم كما رأيتموني أصلي ( فأحضرت الصلاة) المكتوبة، أي حان وقتها، أي في السفر ( فليؤذن لكم أحدكم) ظاهره أن ذلك بعد وصولهم إلى أهليهم، لكن الرواية الآتية: إذا أنتما خرجتما فأذّنا، ( وليؤمكم أكبركم) في السن.

وإنما قدّمه وإن كان الأفقه مقدمًا عليه، لأنهم استووا في الفضل، لأنهم مكثوا عنده عشرين ليلة، فاستووا في الأخذ عنه عادة، فلم يبق ما يقدم به السن.
واستدل به على أفضلية الإمامة على الأذان، وعلى وجوب الأذان.
لكن الإجماع صارف للأمر عن الوجوب.

ورواة هذا الحديث الخمسة بصريون، وفيه رواية تابعي عن تابعي على قول من يقول: إن أيوب رأى أنس بن مالك، وفيه التحديث والعنعنة والقول، وأخرجه المؤلّف أيضًا في الصلاة والأدب والجهاد، ومسلم في الصلاة، وكذا أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  بابُُ مَنْ قَال لِيُؤَذِّن فِي السَّفَرِ مُؤَذِّنٌ واحِدٌ
أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان قَول: من قَالَ ... إِلَى آخِره،.
وَكَأَنَّهُ أَشَارَ بِهَذِهِ التَّرْجَمَة إِلَى أَن وَاحِدًا من الْمُسَافِرين إِذا أذن يَكْفِي وَلَا يحْتَاج إِلَى أَذَان الْبَقِيَّة، لِأَنَّهُ رُبمَا كَانَ يتخيل أَنه لَا يَكْفِي الْأَذَان إلاَّ من جَمِيعهم، لِأَن حَدِيث الْبابُُ يدل ظَاهرا أَن الْأَذَان فِي السّفر لَا يتَكَرَّر، سَوَاء كَانَ فِي الصُّبْح أَو فِي غَيره.



[ قــ :610 ... غــ :628 ]
- حدَّثنا مُعَلَّى بنُ أسَدٍ قَالَ حَدثنَا وُهَيْبٌ عنْ أيُّوبَ عَنْ أبِي قلاِبِةَ عنْ مالِكِ بنِ الحُوَيْرِثِ قالَ أتيْتُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي نَفَرٍ منْ قَوْمِي فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً وكانَ رَحِيما رَفيقا فَلَمَّا رَأى شَوْقَنا إلَى أهَالِينَا قَالَ ارْجِعُوا فكونُوا فِيهِمْ وعَلِّمُوهُمْ وصَلوا فإذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أحَدُكُمْ وَلْيَؤُمُّكُمْ أكْبَرُكُمْ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( فليؤذن لكم أحدكُم) .

ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: مُعلى بن أَسد، بِضَم الْمِيم وَفتح الْعين الْمُهْملَة وَتَشْديد اللَّام الْمَفْتُوحَة: أَبُو الْهَيْثَم الْبَصْرِيّ الْعمريّ، أَخُو بهز بن أَسد، مَاتَ بِالْبَصْرَةِ فِي شهر رَمَضَان سنة ثَمَان عشرَة وَمِائَتَيْنِ.
الثَّانِي: وهيب، مصغر وهب، ابْن خَالِد الْبَصْرِيّ الْكَرَابِيسِي، وَقد تقدم.
الثَّالِث: أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ، وَقد تقدم غير مرّة.
الرَّابِع: أَبُو قلَابَة، بِكَسْر الْقَاف: عبد الله بن زيد.
الْخَامِس: مَالك بن الْحُوَيْرِث، مصغر الْحَارِث، بالثاء الْمُثَلَّثَة: ابْن أَشْيَم اللَّيْثِيّ.

ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين.
وَفِيه: العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع.
وَفِيه: القَوْل فِي موضِعين.
وَفِيه: أَن رُوَاته كلهم بصريون.
وَفِيه: رِوَايَة التَّابِعِيّ عَن التَّابِعِيّ على قَول من قَالَ: إِن أَيُّوب رأى أنس بن مَالك.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الصَّلَاة عَن سُلَيْمَان بن حَرْب، وَفِي خبر الْوَاحِد عَن مُحَمَّد بن الْمثنى، وَفِي الْأَدَب عَن مُسَدّد، وَفِي الصَّلَاة أَيْضا عَن مُحَمَّد بن يُوسُف، وَفِيه وَفِي الْجِهَاد عَن أَحْمد بن يُونُس.
وَأخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة أَيْضا عَن زُهَيْر بن حَرْب، وَعَن أبي الرّبيع الزهْرَانِي، وَخلف بن هِشَام، وَعَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَعَن أبي سعيد الأشبح.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن مُسَدّد.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن مَحْمُود بن غيلَان.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن حَاجِب بن الْوَلِيد وَعَن زِيَاد بن أَيُّوب وَعَن عَليّ بن حجر.
وَأخرجه ابْن مَاجَه فِيهِ عَن بشر بن هِلَال الصَّواف.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: ( فِي نفر) ، بِفَتْح الْفَاء: عدَّة رجال من ثَلَاثَة إِلَى عشرَة، والنفير مثله وَلَا وَاحِد لَهُ من لَفظه، وَسموا بذلك لأَنهم إِذا حزبهم أَمر اجْتَمعُوا ثمَّ نفروا إِلَى عدوهم.
وَفِي ( الواعي) : وَلَا يَقُولُونَ عشرُون نَفرا وَلَا ثَلَاثُونَ نَفرا.
قَوْله: ( من قومِي) هم: بَنو لَيْث بن بكر بن عبد منَاف بن كنَانَة.
قَوْله: ( فَأَقَمْنَا عِنْده) أَي: عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ( عشْرين لَيْلَة) : المُرَاد بأيامها، بِدَلِيل الرِّوَايَة الثَّانِيَة فِي الْبابُُ: ( بعد عشْرين يَوْمًا وَلَيْلَة) .
قَوْله: ( وَكَانَ) أَي: النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قَوْله: ( رحِيما) بِمَعْنى: ذَا رَحْمَة وشفقة ورقة قلب.
قَوْله: ( رَقِيقا) ، بقافين فِي رِوَايَة الْأصيلِيّ، قيل: والكشميهني أَيْضا، وَمَعْنَاهُ: كَانَ رَقِيق الْقلب، وَفِي رِوَايَة غَيرهمَا: ( رَفِيقًا) بِالْفَاءِ أَولا ثمَّ بِالْقَافِ، من: الرِّفْق..
     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: رِوَايَة البُخَارِيّ بِوَجْهَيْنِ: بالقافين وبالفاء وَالْقَاف، وَرِوَايَة مُسلم بالقافين خَاصَّة..
     وَقَالَ  ابْن قرقول: رِوَايَة الْقَابِسِيّ بِالْفَاءِ، والأصيلي وَأبي الْهَيْثَم بِالْقَافِ.
قَوْله: ( إِلَى أَهْلينَا) ، هُوَ جمع أهل، والأهل من النَّوَادِر حَيْثُ يجمع مكسرا نَحْو: الأهالي، ومصححا بِالْوَاو وَالنُّون نَحْو: الأهلون، وبالألف وَالتَّاء نَحْو: الأهلات.
قَوْله: ( ارْجعُوا) من الرُّجُوع لَا من الرجع.
قَوْله: ( وصلوا) زَاد فِي رِوَايَة إِسْمَاعِيل بن علية عَن أَيُّوب: ( كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي) .
قَوْله: ( فَإِذا حضرت الصَّلَاة) يَعْنِي: إِذا حَان وَقتهَا.
قَوْله: ( فليؤذن لكم أحدكُم) .
فَإِن قلت: فِي الرِّوَايَة الْآتِيَة فِي الْبابُُ الَّذِي يَلِيهِ فِي حَدِيث مَالك بن الْحُوَيْرِث أَيْضا: ( إِذا أَنْتُمَا خرجتما فأذنا ثمَّ أقيما) ، وَبَينهمَا تعَارض ظَاهر؟ قلت: قيل مَعْنَاهُ: من أحب مِنْكُمَا أَن يُؤذن فليؤذن، وَذَلِكَ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْفضل، وَفِيه نظر..
     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: قد يُقَال: فلَان قَتله بَنو تَمِيم، مَعَ أَن الْقَاتِل وَاحِد مِنْهُم، وَكَذَا فِي الْإِنْشَاء يُقَال: يَا تَمِيم اقْتُلُوهُ.
قلت: حَاصله أَن التَّثْنِيَة تذكر وَيُرَاد بِهِ الْوَاحِد، مثل قَوْله:
( قفا نبْكِ)

وَمرَاده الْخطاب للْوَاحِد، وَكَذَلِكَ يَأْتِي فِي الْجمع،.

     وَقَالَ  التَّيْمِيّ: المُرَاد من قَوْله: أذنا الْفضل وإلاَّ فأذان الْوَاحِد يجزىء.

ذكر اخْتِلَاف الفاظ هَذَا الحَدِيث) : الرِّوَايَة هَهُنَا: ( أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي نفر من قومِي) ، وَعَن خَالِد بن أبي قلَابَة فِي بابُُ الْأَذَان للمسافرين إِذا كَانُوا جمَاعَة: ( أَتَى رجلَانِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُريدَان السّفر، فَقَالَ إِذا أَنْتُمَا خرجتما فأذنا ثمَّ أقيما ثمَّ ليؤمكما أكبركما) .
وَفِي: بابُُ: الإثنان فَمَا فَوْقهمَا جمَاعَة: ( إِذا حضرت الصَّلَاة فأذنا) الحَدِيث.
وَفِي بابُُ: إِذا اسْتَووا فِي الْقِرَاءَة: ( فليؤمهم أكبرهم) ، قدمنَا على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَنحن شببة متقاربون، وَفِيه: ( لَو رجعتم إِلَى بِلَادكُمْ فعلمتموهم فليصلوا صَلَاة كَذَا فِي حِين كَذَا، وَصَلَاة كَذَا فِي حِين كَذَا.
وَفِي إجَازَة خبر الْوَاحِد: ( فَلَمَّا ظن أَنا قد اشتقنا إِلَى أهلنا سَأَلنَا عَمَّن تركنَا بَعدنَا، فَأَخْبَرنَاهُ، فَقَالَ: إرجعوا إِلَى أهليكم فأقيموا فيهم وعلموهم، ومروهم ... وَذكر أَشْيَاء أحفظها أَو لَا أحفظها وصلوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي) الحَدِيث.
وَفِي بابُُ رَحْمَة النَّاس والبهائم، نَحوه.
وَعند أبي دَاوُد: ( كُنَّا يَوْمئِذٍ متقاربين فِي الْعلم) .
وَفِي رِوَايَة لأبي قلَابَة: ( فَأَيْنَ الْقُرْآن؟ قَالَ: إنَّهُمَا كَانَا متقاربين) .
وَفِي رِوَايَة ابْن حزم: ( متقارنين) ، بالنُّون فِي الْمَوْضِعَيْنِ، من: الْمُقَارنَة.
يُقَال: فلَان قرين فلَان، إِذا كَانَ قرينه فِي السن، وَكَذَا إِذا كَانَ فِي الْعلم..
     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيّ: يحْتَمل أَن تكون هَذِه الْأَلْفَاظ المتعددة كَانَت مِنْهُ فِي وفادتين أَو فِي وفادة وَاحِدَة، غير أَن النَّقْل تكَرر مِنْهُ، وَمن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: فِيهِ: الْأَمر بِأَذَان للْجَمَاعَة، وَهُوَ عَام للْمُسَافِر وَغَيره، وكافة الْعلمَاء على اسْتِحْبابُُ الْأَذَان للْمُسَافِر، إِلَّا عَطاء فَإِنَّهُ قَالَ: إِذا لم يُؤذن وَلم يقم أعَاد الصَّلَاة، وإلاَّ مُجَاهدًا فَإِنَّهُ قَالَ: إِذا نسي الْإِقَامَة أعَاد، وأخذا بِظَاهِر الْأَمر، وَهُوَ: أذنا وأقيما.
وَقيل: الْإِجْمَاع صَارف عَن الْوُجُوب، وَفِيه نظر، وَحكى الطَّبَرِيّ عَن مَالك أَنه: يُعِيد إِذا ترك الْأَذَان، ومشهور مذْهبه الِاسْتِحْبابُُ.
وَفِي ( الْمُخْتَصر) عَن مَالك: وَلَا أَذَان على مُسَافر، وَإِنَّمَا الْأَذَان على من يجْتَمع إِلَيْهِ لتأذينه، وبوجوبه على الْمُسَافِر قَالَ دَاوُد.
قَالَت طَائِفَة: هُوَ مُخَيّر، إِن شَاءَ أذن وَأقَام، وَرُوِيَ ذَلِك عَن عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَهُوَ قَول عُرْوَة وَالثَّوْري وَالنَّخَعِيّ..
     وَقَالَ ت طَائِفَة: تجزيه الْإِقَامَة، رُوِيَ ذَلِك عَن مَكْحُول وَالْحسن وَالقَاسِم، وَكَانَ ابْن عمر يُقيم فِي السّفر لكل صَلَاة إلاَّ الصُّبْح فَإِنَّهُ كَانَ يُؤذن لَهَا وَيُقِيم..
     وَقَالَ  قاضيخان: من أَصْحَابنَا رجل صلى فِي سفر أَو فِي بَيته بِغَيْر أَذَان وَإِقَامَة يكره.
قَالَ: فالكراهة مَقْصُورَة على الْمُسَافِر، وَمن صلى فِي بَيته فَالْأَفْضَل لَهُ أَن يُؤذن وَيُقِيم ليَكُون على هَيْئَة الْجَمَاعَة، وَلِهَذَا كَانَ الْجَهْر بِالْقِرَاءَةِ فِي حَقه أفضل..
     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيّ فِي قَوْله: ( ثمَّ ليؤمكما أكبركما) يدل على تساويهما فِي شُرُوط الْإِمَامَة، وَرجح أَحدهمَا بِالسِّنِّ.
قلت: لِأَن هَؤُلَاءِ كَانُوا مستورين فِي بَاقِي الْخِصَال، لأَنهم هَاجرُوا جَمِيعًا، وَأَسْلمُوا جَمِيعًا وصحبوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ولازموه عشْرين لَيْلَة، فاستووا فِي الْأَخْذ عَنهُ.
فَلم يبْق مَا يقدم بِهِ إلاَّ السن.

وَفِيه: حجَّة لِأَصْحَابِنَا فِي تَفْضِيل الْإِمَامَة على الْأَذَان لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ( ليؤمكما أكبركما) خص الْإِمَامَة بالأكبر.

وَفِيه: دَلِيل على أَن الْجَمَاعَة تصح بِإِمَام ومأموم، وَهُوَ إِجْمَاع الْمُسلمين.

وَفِيه: الحض على الْمُحَافظَة على الْأَذَان فِي الْحَضَر وَالسّفر.

وَفِيه: أَن الْأَذَان وَالْجَمَاعَة مشروعان على الْمُسَافِرين.

[رم 18
2
بابُُ الآذَانِ للْمُسَافِرِينَ إذَا كَانُوا جَمَاعَةً والإِقَامَةَ
أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم الْأَذَان للمسافرين، وَأَشَارَ بِهَذِهِ التَّرْجَمَة إِلَى أَن للْمُسَافِر أَن يُؤذن.
وَقَوله: إِذا كَانُوا جمَاعَة.
هُوَ مُقْتَضى أَحَادِيث الْبابُُ، وَلَكِن لَيْسَ فِيهَا مَا يمْنَع أَذَان الْمُنْفَرد.
وَقَوله: ( للمسافرين) ، بِلَفْظ الْجمع هُوَ رِوَايَة الْكشميهني، وَهُوَ مُنَاسِب لقَوْله: ( إِذا كَانُوا جمَاعَة) ، وَفِي رِوَايَة البَاقِينَ: ( للْمُسَافِر) ، بِلَفْظ الْإِفْرَاد، فيؤول على أَن تكون الْألف وَاللَّام فِيهِ للْجِنْس، وَفِيه معنى الْجمع فحصلت الْمُنَاسبَة من هَذَا الْوَجْه.
قَوْله: ( وَالْإِقَامَة) ، بِالْجَرِّ عطفا على الآذان.

وكَذَلِكَ بِعَرَفَةَ وَجَمْعٍ
أَي: وَكَذَلِكَ الْأَذَان وَالْإِقَامَة بِعَرَفَة وَجمع، بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الْمِيم: وَهُوَ الْمزْدَلِفَة، سميت بِجمع لِاجْتِمَاع النَّاس فِيهَا لَيْلَة الْعِيد.
وَأما عَرَفَة فَإِنَّهَا تطلق على الزَّمَان، وَهُوَ التَّاسِع من ذِي الْحجَّة، وعَلى الْمَكَان وَهُوَ الْموضع الْمَعْرُوف الَّذِي يقف فِيهِ الْحجَّاج يَوْم عَرَفَة، وَلم يذكر فِي: جمع، حَدِيثا، فَكَأَنَّهُ اكْتفى بِحَدِيث ابْن مَسْعُود الَّذِي ذكره فِي كتاب الْجمع، وَفِيه: أَنه صلى الْمغرب بِأَذَان وَإِقَامَة، وَالْعشَاء بِأَذَان وَإِقَامَة، ثمَّ قَالَ: رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَفْعَله، وَكَذَلِكَ لم يذكر فِي عَرَفَة شَيْئا، وَقد روى جَابر فِي حَدِيث طَوِيل أخرجه مُسلم، وَفِيه: ( أَن بِلَالًا أذن وَأقَام لما جمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين الظّهْر وَالْعصر يَوْم عَرَفَة) .

وقَوْلِ المُؤَذِّنِ الصَّلاَةُ فِي الرِّحَالِ فِي اللَّيْلَةِ البَارِدَةِ أوْ المَطِيرَةِ
وَقَول: مجرور أَيْضا عطفا على قَوْله: ( وَالْإِقَامَة) ، وَإِلَى هُنَا كُله من التَّرْجَمَة.
قَوْله: ( الصَّلَاة) ، بِالنّصب أَي: أدوها، ويروى بِالرَّفْع على أَنه مُبْتَدأ وَخَبره قَوْله: ( فِي الرّحال) ، تَقْدِيره: الصَّلَاة تصلى فِي الرّحال.
وَهُوَ جمع: رَحل، ورحل الشَّخْص: منزله.
قَوْله: ( أَو الْمَطِيرَة) بِفَتْح الْمِيم، على وزن: فعيلة، بِمَعْنى: الماطرة.
وَإسْنَاد الْمَطَر إِلَى اللَّيْلَة بالمجاز، إِذْ اللَّيْل ظرف لَهُ لَا فَاعل، وللعلماء فِي: أنبت الرّبيع البقل، أَقْوَال أَرْبَعَة: مجَاز فِي الْإِسْنَاد، أَو فِي أنبت، أَو فِي الرّبيع، وَسَماهُ السكاكي: اسْتِعَارَة بِالْكِنَايَةِ، أَو الْمَجْمُوع مجَاز عَن الْمَقْصُود، وَذكر الإِمَام الرَّازِيّ أَن الْمجَاز الْعقلِيّ، وَإِنَّمَا لم يَجْعَل الْمَطِيرَة بِمَعْنى الممطور فِيهَا لِأَن فعيلة إِنَّمَا تجْعَل بِمَعْنى مفعولة إِذا لم يذكر موصوفها مَعهَا، وَهَهُنَا اللَّيْلَة موصوفها مَذْكُور، فَلذَلِك دَخلهَا تَاء التَّأْنِيث، وَعند عدم ذَلِك لَا تدخل فِيهَا تَاء التَّأْنِيث.


هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :610 ... غــ :628 ]
- حدَّثنا مُعَلَّى بنُ أسَدٍ قَالَ حَدثنَا وُهَيْبٌ عنْ أيُّوبَ عَنْ أبِي قلاِبِةَ عنْ مالِكِ بنِ الحُوَيْرِثِ قالَ أتيْتُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي نَفَرٍ منْ قَوْمِي فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً وكانَ رَحِيما رَفيقا فَلَمَّا رَأى شَوْقَنا إلَى أهَالِينَا قَالَ ارْجِعُوا فكونُوا فِيهِمْ وعَلِّمُوهُمْ وصَلوا فإذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أحَدُكُمْ وَلْيَؤُمُّكُمْ أكْبَرُكُمْ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( فليؤذن لكم أحدكُم) .

ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: مُعلى بن أَسد، بِضَم الْمِيم وَفتح الْعين الْمُهْملَة وَتَشْديد اللَّام الْمَفْتُوحَة: أَبُو الْهَيْثَم الْبَصْرِيّ الْعمريّ، أَخُو بهز بن أَسد، مَاتَ بِالْبَصْرَةِ فِي شهر رَمَضَان سنة ثَمَان عشرَة وَمِائَتَيْنِ.
الثَّانِي: وهيب، مصغر وهب، ابْن خَالِد الْبَصْرِيّ الْكَرَابِيسِي، وَقد تقدم.
الثَّالِث: أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ، وَقد تقدم غير مرّة.
الرَّابِع: أَبُو قلَابَة، بِكَسْر الْقَاف: عبد الله بن زيد.
الْخَامِس: مَالك بن الْحُوَيْرِث، مصغر الْحَارِث، بالثاء الْمُثَلَّثَة: ابْن أَشْيَم اللَّيْثِيّ.

ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين.
وَفِيه: العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع.
وَفِيه: القَوْل فِي موضِعين.
وَفِيه: أَن رُوَاته كلهم بصريون.
وَفِيه: رِوَايَة التَّابِعِيّ عَن التَّابِعِيّ على قَول من قَالَ: إِن أَيُّوب رأى أنس بن مَالك.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الصَّلَاة عَن سُلَيْمَان بن حَرْب، وَفِي خبر الْوَاحِد عَن مُحَمَّد بن الْمثنى، وَفِي الْأَدَب عَن مُسَدّد، وَفِي الصَّلَاة أَيْضا عَن مُحَمَّد بن يُوسُف، وَفِيه وَفِي الْجِهَاد عَن أَحْمد بن يُونُس.
وَأخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة أَيْضا عَن زُهَيْر بن حَرْب، وَعَن أبي الرّبيع الزهْرَانِي، وَخلف بن هِشَام، وَعَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَعَن أبي سعيد الأشبح.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن مُسَدّد.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن مَحْمُود بن غيلَان.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن حَاجِب بن الْوَلِيد وَعَن زِيَاد بن أَيُّوب وَعَن عَليّ بن حجر.
وَأخرجه ابْن مَاجَه فِيهِ عَن بشر بن هِلَال الصَّواف.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: ( فِي نفر) ، بِفَتْح الْفَاء: عدَّة رجال من ثَلَاثَة إِلَى عشرَة، والنفير مثله وَلَا وَاحِد لَهُ من لَفظه، وَسموا بذلك لأَنهم إِذا حزبهم أَمر اجْتَمعُوا ثمَّ نفروا إِلَى عدوهم.
وَفِي ( الواعي) : وَلَا يَقُولُونَ عشرُون نَفرا وَلَا ثَلَاثُونَ نَفرا.
قَوْله: ( من قومِي) هم: بَنو لَيْث بن بكر بن عبد منَاف بن كنَانَة.
قَوْله: ( فَأَقَمْنَا عِنْده) أَي: عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ( عشْرين لَيْلَة) : المُرَاد بأيامها، بِدَلِيل الرِّوَايَة الثَّانِيَة فِي الْبابُُ: ( بعد عشْرين يَوْمًا وَلَيْلَة) .
قَوْله: ( وَكَانَ) أَي: النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قَوْله: ( رحِيما) بِمَعْنى: ذَا رَحْمَة وشفقة ورقة قلب.
قَوْله: ( رَقِيقا) ، بقافين فِي رِوَايَة الْأصيلِيّ، قيل: والكشميهني أَيْضا، وَمَعْنَاهُ: كَانَ رَقِيق الْقلب، وَفِي رِوَايَة غَيرهمَا: ( رَفِيقًا) بِالْفَاءِ أَولا ثمَّ بِالْقَافِ، من: الرِّفْق..
     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: رِوَايَة البُخَارِيّ بِوَجْهَيْنِ: بالقافين وبالفاء وَالْقَاف، وَرِوَايَة مُسلم بالقافين خَاصَّة..
     وَقَالَ  ابْن قرقول: رِوَايَة الْقَابِسِيّ بِالْفَاءِ، والأصيلي وَأبي الْهَيْثَم بِالْقَافِ.
قَوْله: ( إِلَى أَهْلينَا) ، هُوَ جمع أهل، والأهل من النَّوَادِر حَيْثُ يجمع مكسرا نَحْو: الأهالي، ومصححا بِالْوَاو وَالنُّون نَحْو: الأهلون، وبالألف وَالتَّاء نَحْو: الأهلات.
قَوْله: ( ارْجعُوا) من الرُّجُوع لَا من الرجع.
قَوْله: ( وصلوا) زَاد فِي رِوَايَة إِسْمَاعِيل بن علية عَن أَيُّوب: ( كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي) .
قَوْله: ( فَإِذا حضرت الصَّلَاة) يَعْنِي: إِذا حَان وَقتهَا.
قَوْله: ( فليؤذن لكم أحدكُم) .
فَإِن قلت: فِي الرِّوَايَة الْآتِيَة فِي الْبابُُ الَّذِي يَلِيهِ فِي حَدِيث مَالك بن الْحُوَيْرِث أَيْضا: ( إِذا أَنْتُمَا خرجتما فأذنا ثمَّ أقيما) ، وَبَينهمَا تعَارض ظَاهر؟ قلت: قيل مَعْنَاهُ: من أحب مِنْكُمَا أَن يُؤذن فليؤذن، وَذَلِكَ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْفضل، وَفِيه نظر..
     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: قد يُقَال: فلَان قَتله بَنو تَمِيم، مَعَ أَن الْقَاتِل وَاحِد مِنْهُم، وَكَذَا فِي الْإِنْشَاء يُقَال: يَا تَمِيم اقْتُلُوهُ.
قلت: حَاصله أَن التَّثْنِيَة تذكر وَيُرَاد بِهِ الْوَاحِد، مثل قَوْله:
( قفا نبْكِ)

وَمرَاده الْخطاب للْوَاحِد، وَكَذَلِكَ يَأْتِي فِي الْجمع،.

     وَقَالَ  التَّيْمِيّ: المُرَاد من قَوْله: أذنا الْفضل وإلاَّ فأذان الْوَاحِد يجزىء.

ذكر اخْتِلَاف الفاظ هَذَا الحَدِيث) : الرِّوَايَة هَهُنَا: ( أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي نفر من قومِي) ، وَعَن خَالِد بن أبي قلَابَة فِي بابُُ الْأَذَان للمسافرين إِذا كَانُوا جمَاعَة: ( أَتَى رجلَانِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُريدَان السّفر، فَقَالَ إِذا أَنْتُمَا خرجتما فأذنا ثمَّ أقيما ثمَّ ليؤمكما أكبركما) .
وَفِي: بابُُ: الإثنان فَمَا فَوْقهمَا جمَاعَة: ( إِذا حضرت الصَّلَاة فأذنا) الحَدِيث.
وَفِي بابُُ: إِذا اسْتَووا فِي الْقِرَاءَة: ( فليؤمهم أكبرهم) ، قدمنَا على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَنحن شببة متقاربون، وَفِيه: ( لَو رجعتم إِلَى بِلَادكُمْ فعلمتموهم فليصلوا صَلَاة كَذَا فِي حِين كَذَا، وَصَلَاة كَذَا فِي حِين كَذَا.
وَفِي إجَازَة خبر الْوَاحِد: ( فَلَمَّا ظن أَنا قد اشتقنا إِلَى أهلنا سَأَلنَا عَمَّن تركنَا بَعدنَا، فَأَخْبَرنَاهُ، فَقَالَ: إرجعوا إِلَى أهليكم فأقيموا فيهم وعلموهم، ومروهم ... وَذكر أَشْيَاء أحفظها أَو لَا أحفظها وصلوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي) الحَدِيث.
وَفِي بابُُ رَحْمَة النَّاس والبهائم، نَحوه.
وَعند أبي دَاوُد: ( كُنَّا يَوْمئِذٍ متقاربين فِي الْعلم) .
وَفِي رِوَايَة لأبي قلَابَة: ( فَأَيْنَ الْقُرْآن؟ قَالَ: إنَّهُمَا كَانَا متقاربين) .
وَفِي رِوَايَة ابْن حزم: ( متقارنين) ، بالنُّون فِي الْمَوْضِعَيْنِ، من: الْمُقَارنَة.
يُقَال: فلَان قرين فلَان، إِذا كَانَ قرينه فِي السن، وَكَذَا إِذا كَانَ فِي الْعلم..
     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيّ: يحْتَمل أَن تكون هَذِه الْأَلْفَاظ المتعددة كَانَت مِنْهُ فِي وفادتين أَو فِي وفادة وَاحِدَة، غير أَن النَّقْل تكَرر مِنْهُ، وَمن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: فِيهِ: الْأَمر بِأَذَان للْجَمَاعَة، وَهُوَ عَام للْمُسَافِر وَغَيره، وكافة الْعلمَاء على اسْتِحْبابُُ الْأَذَان للْمُسَافِر، إِلَّا عَطاء فَإِنَّهُ قَالَ: إِذا لم يُؤذن وَلم يقم أعَاد الصَّلَاة، وإلاَّ مُجَاهدًا فَإِنَّهُ قَالَ: إِذا نسي الْإِقَامَة أعَاد، وأخذا بِظَاهِر الْأَمر، وَهُوَ: أذنا وأقيما.
وَقيل: الْإِجْمَاع صَارف عَن الْوُجُوب، وَفِيه نظر، وَحكى الطَّبَرِيّ عَن مَالك أَنه: يُعِيد إِذا ترك الْأَذَان، ومشهور مذْهبه الِاسْتِحْبابُُ.
وَفِي ( الْمُخْتَصر) عَن مَالك: وَلَا أَذَان على مُسَافر، وَإِنَّمَا الْأَذَان على من يجْتَمع إِلَيْهِ لتأذينه، وبوجوبه على الْمُسَافِر قَالَ دَاوُد.
قَالَت طَائِفَة: هُوَ مُخَيّر، إِن شَاءَ أذن وَأقَام، وَرُوِيَ ذَلِك عَن عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَهُوَ قَول عُرْوَة وَالثَّوْري وَالنَّخَعِيّ..
     وَقَالَ ت طَائِفَة: تجزيه الْإِقَامَة، رُوِيَ ذَلِك عَن مَكْحُول وَالْحسن وَالقَاسِم، وَكَانَ ابْن عمر يُقيم فِي السّفر لكل صَلَاة إلاَّ الصُّبْح فَإِنَّهُ كَانَ يُؤذن لَهَا وَيُقِيم..
     وَقَالَ  قاضيخان: من أَصْحَابنَا رجل صلى فِي سفر أَو فِي بَيته بِغَيْر أَذَان وَإِقَامَة يكره.
قَالَ: فالكراهة مَقْصُورَة على الْمُسَافِر، وَمن صلى فِي بَيته فَالْأَفْضَل لَهُ أَن يُؤذن وَيُقِيم ليَكُون على هَيْئَة الْجَمَاعَة، وَلِهَذَا كَانَ الْجَهْر بِالْقِرَاءَةِ فِي حَقه أفضل..
     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيّ فِي قَوْله: ( ثمَّ ليؤمكما أكبركما) يدل على تساويهما فِي شُرُوط الْإِمَامَة، وَرجح أَحدهمَا بِالسِّنِّ.
قلت: لِأَن هَؤُلَاءِ كَانُوا مستورين فِي بَاقِي الْخِصَال، لأَنهم هَاجرُوا جَمِيعًا، وَأَسْلمُوا جَمِيعًا وصحبوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ولازموه عشْرين لَيْلَة، فاستووا فِي الْأَخْذ عَنهُ.
فَلم يبْق مَا يقدم بِهِ إلاَّ السن.

وَفِيه: حجَّة لِأَصْحَابِنَا فِي تَفْضِيل الْإِمَامَة على الْأَذَان لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ( ليؤمكما أكبركما) خص الْإِمَامَة بالأكبر.

وَفِيه: دَلِيل على أَن الْجَمَاعَة تصح بِإِمَام ومأموم، وَهُوَ إِجْمَاع الْمُسلمين.

وَفِيه: الحض على الْمُحَافظَة على الْأَذَان فِي الْحَضَر وَالسّفر.

وَفِيه: أَن الْأَذَان وَالْجَمَاعَة مشروعان على الْمُسَافِرين.

[رم 18
2
بابُُ الآذَانِ للْمُسَافِرِينَ إذَا كَانُوا جَمَاعَةً والإِقَامَةَ
أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم الْأَذَان للمسافرين، وَأَشَارَ بِهَذِهِ التَّرْجَمَة إِلَى أَن للْمُسَافِر أَن يُؤذن.
وَقَوله: إِذا كَانُوا جمَاعَة.
هُوَ مُقْتَضى أَحَادِيث الْبابُُ، وَلَكِن لَيْسَ فِيهَا مَا يمْنَع أَذَان الْمُنْفَرد.
وَقَوله: ( للمسافرين) ، بِلَفْظ الْجمع هُوَ رِوَايَة الْكشميهني، وَهُوَ مُنَاسِب لقَوْله: ( إِذا كَانُوا جمَاعَة) ، وَفِي رِوَايَة البَاقِينَ: ( للْمُسَافِر) ، بِلَفْظ الْإِفْرَاد، فيؤول على أَن تكون الْألف وَاللَّام فِيهِ للْجِنْس، وَفِيه معنى الْجمع فحصلت الْمُنَاسبَة من هَذَا الْوَجْه.
قَوْله: ( وَالْإِقَامَة) ، بِالْجَرِّ عطفا على الآذان.

وكَذَلِكَ بِعَرَفَةَ وَجَمْعٍ
أَي: وَكَذَلِكَ الْأَذَان وَالْإِقَامَة بِعَرَفَة وَجمع، بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الْمِيم: وَهُوَ الْمزْدَلِفَة، سميت بِجمع لِاجْتِمَاع النَّاس فِيهَا لَيْلَة الْعِيد.
وَأما عَرَفَة فَإِنَّهَا تطلق على الزَّمَان، وَهُوَ التَّاسِع من ذِي الْحجَّة، وعَلى الْمَكَان وَهُوَ الْموضع الْمَعْرُوف الَّذِي يقف فِيهِ الْحجَّاج يَوْم عَرَفَة، وَلم يذكر فِي: جمع، حَدِيثا، فَكَأَنَّهُ اكْتفى بِحَدِيث ابْن مَسْعُود الَّذِي ذكره فِي كتاب الْجمع، وَفِيه: أَنه صلى الْمغرب بِأَذَان وَإِقَامَة، وَالْعشَاء بِأَذَان وَإِقَامَة، ثمَّ قَالَ: رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَفْعَله، وَكَذَلِكَ لم يذكر فِي عَرَفَة شَيْئا، وَقد روى جَابر فِي حَدِيث طَوِيل أخرجه مُسلم، وَفِيه: ( أَن بِلَالًا أذن وَأقَام لما جمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين الظّهْر وَالْعصر يَوْم عَرَفَة) .

وقَوْلِ المُؤَذِّنِ الصَّلاَةُ فِي الرِّحَالِ فِي اللَّيْلَةِ البَارِدَةِ أوْ المَطِيرَةِ
وَقَول: مجرور أَيْضا عطفا على قَوْله: ( وَالْإِقَامَة) ، وَإِلَى هُنَا كُله من التَّرْجَمَة.
قَوْله: ( الصَّلَاة) ، بِالنّصب أَي: أدوها، ويروى بِالرَّفْع على أَنه مُبْتَدأ وَخَبره قَوْله: ( فِي الرّحال) ، تَقْدِيره: الصَّلَاة تصلى فِي الرّحال.
وَهُوَ جمع: رَحل، ورحل الشَّخْص: منزله.
قَوْله: ( أَو الْمَطِيرَة) بِفَتْح الْمِيم، على وزن: فعيلة، بِمَعْنى: الماطرة.
وَإسْنَاد الْمَطَر إِلَى اللَّيْلَة بالمجاز، إِذْ اللَّيْل ظرف لَهُ لَا فَاعل، وللعلماء فِي: أنبت الرّبيع البقل، أَقْوَال أَرْبَعَة: مجَاز فِي الْإِسْنَاد، أَو فِي أنبت، أَو فِي الرّبيع، وَسَماهُ السكاكي: اسْتِعَارَة بِالْكِنَايَةِ، أَو الْمَجْمُوع مجَاز عَن الْمَقْصُود، وَذكر الإِمَام الرَّازِيّ أَن الْمجَاز الْعقلِيّ، وَإِنَّمَا لم يَجْعَل الْمَطِيرَة بِمَعْنى الممطور فِيهَا لِأَن فعيلة إِنَّمَا تجْعَل بِمَعْنى مفعولة إِذا لم يذكر موصوفها مَعهَا، وَهَهُنَا اللَّيْلَة موصوفها مَذْكُور، فَلذَلِك دَخلهَا تَاء التَّأْنِيث، وَعند عدم ذَلِك لَا تدخل فِيهَا تَاء التَّأْنِيث.