هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
6023 حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ ، وَالدَّرَاوَرْدِيُّ ، عَنْ يَزِيدَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ ، قَالَ : قُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، هَذَا السَّلاَمُ عَلَيْكَ ، فَكَيْفَ نُصَلِّي ؟ قَالَ : قُولُوا : اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَآلِ إِبْرَاهِيمَ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
6023 حدثنا إبراهيم بن حمزة ، حدثنا ابن أبي حازم ، والدراوردي ، عن يزيد ، عن عبد الله بن خباب ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قلنا : يا رسول الله ، هذا السلام عليك ، فكيف نصلي ؟ قال : قولوا : اللهم صل على محمد عبدك ورسولك ، كما صليت على إبراهيم ، وبارك على محمد ، وعلى آل محمد ، كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Abu Sa`id Al-Khudri:

We said, O Allah's Messenger (ﷺ) This is (i.e. we know) the greeting to you; will you tell us how to send Salat on you? He said, Say: 'Allahumma Salli 'ala Muhammadin `Abdika wa rasulika kama sal-laita 'ala Ibrahima wa barik 'ala Muhammadin wa all Muhammadin kama barakta 'ala Ibrahima wa `Ali Ibrahim.

":"ہم سے ابراہیم بن حمزہ زبیری نے بیان کیا ، انہوں نے کہا ہم سے ابن ابی حازم اور دراوردی نے بیان کیا ، ان سے یزید بن عبداللہ بن اسامہ نے بیان کیا ، ان سے عبداللہ بن خباب نے بیان کیا اور ان سے ابو سعید خدری رضی اللہ عنہ نے بیان کیا کہہم نے کہا اے اللہ کے رسول ! آپ کو سلام اس طرح کیا جاتا ہے ، لیکن آپ پر درود کس طرح بھیجا جاتاہے ؟ آنحضرت صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ اس طرح کہو اللهم صل على محمد عبدك ورسولك ، ‏‏‏‏ كما صليت على إبراهيم ، ‏‏‏‏ وبارك على محمد وعلى آل محمد ، ‏‏‏‏ كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم اے اللہ ! اپنی رحمت نازل کرحضرت محمد ( صلی اللہ علیہ وسلم ) پر جو تیرے بندے ہیں اور تیرے رسول ہیں جس طرح تو نے رحمت نازل کی ابراہیم پر اور برکت بھیج محمد ( صلی اللہ علیہ وسلم ) پر اور ان کی آل پر جس طرح برکت بھیجی تو نے ابراہم پر اور آل ابراہیم پر ۔

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [6358] بن أَبِي حَازِمٍ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ اسْمُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَبْدُ الْعَزِيز وبن أَبِي حَازِمٍ مِمَّنْ يَحْتَجُّ بِهِ الْبُخَارِيُّ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ إِنَّمَا يُخَرِّجُ لَهُ فِي الْمُتَابَعَاتِ أَوْ مَقْرُونًا بآخر وَيزِيد شيخهما هُوَ بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَبَّابٍ بِمُعْجَمَةٍ وَمُوَحَّدَتَيْنِ الْأُولَى ثَقِيلَةٌ .

     قَوْلُهُ  هَذَا السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيْ عَرَفْنَاهُ كَمَا وَقَعَ تَقْرِيرُهُ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ وَتَقَدَّمَتْ بَقِيَّةُ فَوَائِدِهِ فِي الَّذِي قَبْلَهُ وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى تَعَيُّنِ هَذَا اللَّفْظِ الَّذِي عَلَّمَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَلِأَصْحَابِهِ فِي امْتِثَالِ الْأَمْرِ سَوَاءٌ قُلْنَا بِالْوُجُوبِ مُطْلَقًا أَوْ مُقَيَّدًا بِالصَّلَاةِ.

.
وَأَمَّا تَعَيُّنُهُ فِي الصَّلَاةِ فَعَنْ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةٍ وَالْأَصَحُّ عِنْدَ أَتْبَاعِهِ لَا تَجِبُ وَاخْتُلِفَ فِي الْأَفْضَلِ فَعَنْ أَحْمَدَ أَكْمَلُ مَا وَرَدَ وَعَنْهُ يَتَخَيَّرُ.

.
وَأَمَّا الشَّافِعِيَّةُ فَقَالُوا يَكْفِي أَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَاخْتَلَفُوا هَلْ يَكْفِي الْإِتْيَانُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ كَأَنْ يَقُولَهُ بِلَفْظِ الْخَبَرِ فَيَقُولُ صَلَّى اللَّهِ عَلَى مُحَمَّدٍ مَثَلًا وَالْأَصَحُّ إِجْزَاؤُهُ وَذَلِكَ أَنَّ الدُّعَاءَ بِلَفْظِ الْخَبَرِ آكَدُ فَيَكُونُ جَائِزًا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَمَنْ مَنَعَ وَقَفَ عِنْد التَّعَبُّد وَهُوَ الَّذِي رَجحه بن الْعَرَبِيِّ بَلْ كَلَامُهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الثَّوَابَ الْوَارِدَ لِمَنْ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا يَحْصُلُ لِمَنْ صَلَّى عَلَيْهِ بِالْكَيْفِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَاتَّفَقَ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى الْخَبَرِ كَأَنْ يَقُولَ الصَّلَاةُ عَلَى مُحَمَّدٍ إِذْ لَيْسَ فِيهِ إِسْنَادُ الصَّلَاةِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَاخْتَلَفُوا فِي تَعَيُّنِ لَفْظِ مُحَمَّدٍ لَكِنْ جَوَّزُوا الِاكْتِفَاءَ بِالْوَصْفِ دُونَ الِاسْمِ كَالنَّبِيِّ وَرَسُولِ اللَّهِ لِأَنَّ لَفْظَ مُحَمَّدٍ وَقَعَ التَّعَبُّدُ بِهِ فَلَا يُجْزِئُ عَنْهُ إِلَّا مَا كَانَ أَعلَى مِنْهُ وَلِهَذَا قَالُوا لَا يُجْزِئُ الْإِتْيَانُ بِالضَّمِيرِ وَلَا بِأَحْمَدَ مَثَلًا فِي الْأَصَحِّ فِيهِمَا مَعَ تَقَدُّمِ ذِكْرِهِ فِي التَّشَهُّدِ بِقَوْلِهِ النَّبِيِّ وَبِقَوْلِهِ مُحَمَّدٍ وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى الِاجْتِزَاءِ بِكُلِّ لَفْظٍ أَدَّى الْمُرَادَ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى قَالَ بَعضهم لَو قَالَ فِي أَثْنَاءِ التَّشَهُّدِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ أَجْزَأَ وَكَذَا لَوْ قَالَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ بِخِلَافِ مَا إِذَا قَدَّمَ عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَهَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَنْبَنِيَ عَلَى أَنَّ تَرْتِيبَ أَلْفَاظِ التَّشَهُّدِ لَا يُشْتَرَطُ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَلَكِنْ دَلِيلُ مُقَابِلِهِ قَوِيٌّ لِقولِهِمْ كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ وَقَول بن مَسْعُودٍ عَدَّهُنَّ فِي يَدَيَّ وَرَأَيْتُ لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ فِيهِ تَصْنِيفًا وَعُمْدَةُ الْجُمْهُورِ فِي الِاكْتِفَاءِ بِمَا ذُكِرَ أَنَّ الْوُجُوبَ ثَبَتَ بِنَصِّ الْقُرْآنِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى صلوا عَلَيْهِ وسلموا تَسْلِيمًا فَلَمَّا سَأَلَ الصَّحَابَةُ عَنِ الْكَيْفِيَّةِ وَعَلَّمَهَا لَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاخْتَلَفَ النَّقْلُ لِتِلْكَ الْأَلْفَاظِ اقْتَصَرَ عَلَى مَا اتَّفَقَتْ عَلَيْهِ الرِّوَايَاتُ وَتَرَكَ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ كَمَا فِي التَّشَهُّدِ إِذْ لَوْ كَانَ الْمَتْرُوكُ وَاجِبًا لَمَا سَكَتَ عَنْهُ انْتَهَى وَقَدِ اسْتَشْكَلَ ذَلِكَ بن الْفِرْكَاحِ فِي الْإِقْلِيدِ فَقَالَ جَعْلُهُمْ هَذَا هُوَ الْأَقَلَّ يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِمُسَمَّى الصَّلَاةِ فَإِنَّ الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ لَيْسَ فِيهَا الِاقْتِصَارُ وَالْأَحَادِيثَ الَّتِي فِيهَا الْأَمْرُ بِمُطْلَقِ الصَّلَاةِ لَيْسَ فِيهَا مَا يُشِيرُ إِلَى مَا يَجِبُ مِنْ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ وَأَقَلُّ مَا وَقَعَ فِي الرِّوَايَاتِ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَمِنْ ثَمَّ حَكَى الْفُورَانِيُّ عَنْ صَاحِبِ الْفُرُوعِ فِي إِيجَابِ ذِكْرِ إِبْرَاهِيمَ وَجْهَيْنِ وَاحْتَجَّ لِمَنْ لَمْ يُوجِبْهُ بِأَنَّهُ وَرَدَ بِدُونِ ذِكْرِهِ فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ خَارِجَةَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ بِسَنَدٍ قَوِيٍّ وَلَفْظُهُ صَلُّوا عَلَيَّ وَقُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ مِنِ اخْتِصَارِ بَعْضِ الرُّوَاةِ فَإِنَّ النَّسَائِيَّ أَخْرَجَهُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِتَمَامِهِ وَكَذَا الطَّحَاوِيُّ وَاخْتُلِفَ فِي إِيجَابِ الصَّلَاةِ عَلَى الْآلِ فَفِي تَعَيُّنِهَا أَيْضًا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ رِوَايَتَانِ وَالْمَشْهُورُ عِنْدَهُمْ لَا وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَادَّعَى كَثِيرٌ مِنْهُمْ فِيهِ الْإِجْمَاعَ وَأَكْثَرُ مَنْ أَثْبَتَ الْوُجُوبَ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ نَسَبُوهُ إِلَى التُّرُنْجِيِّ وَنَقَلَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ وَهُوَ مِنْ كِبَارِ الشَّافِعِيَّةِ قَالَ أَنَا أَعْتَقِدُ وُجُوبَهَا قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَفِي الْأَحَادِيثِ الثَّابِتَةِ دَلَالَةٌ عَلَى صِحَّةِ مَا قَالَ.

.

قُلْتُ وَفِي كَلَامِ الطَّحَاوِيِّ فِي مُشْكِلِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ حَرْمَلَةَ نَقَلَهُ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَاسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ وَآلِهِ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَالْمُصَحَّحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ اسْتِحْبَابُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَقَطْ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّخْفِيفِ.

.
وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَبَنَاهُ الْأَصْحَابُ عَلَى حُكْمِ ذَلِكَ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ إِنْ قُلْنَا بِالْوُجُوبِ.

.

قُلْتُ وَاسْتُدِلَّ بِتَعْلِيمِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ الْكَيْفِيَّةَ بَعْدَ سُؤَالِهِمْ عَنْهَا بِأَنَّهَا أَفْضَلُ كَيْفِيَّاتِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يَخْتَارُ لِنَفْسِهِ إِلَّا الْأَشْرَفَ الْأَفْضَلَ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ لَوْ حَلَفَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ أَفْضَلَ الصَّلَاةِ فَطَرِيقُ الْبِرِّ أَنْ يَأْتِيَ بِذَلِكَ هَكَذَا صَوَّبَهُ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ بعدذِكْرِ حِكَايَةِ الرَّافِعِيِّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْمَرْوَزِيِّ أَنَّهُ قَالَ يَبَرُّ إِذَا قَالَ كُلَّمَا ذَكَرَهُ الذَّاكِرُونَ وَكُلَّمَا سَهَا عَنْ ذِكْرِهِ الْغَافِلُونَ قَالَ النَّوَوِيُّ وَكَأَنَّهُ أَخَذَ ذَلِكَ مِنْ كَوْنِ الشَّافِعِيِّ ذَكَرَ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةَ.

.

قُلْتُ وَهِيَ فِي خُطْبَةِ الرِّسَالَةِ لَكِنْ بِلَفْظِ غَفَلَ بَدَلَ سَهَا.

     وَقَالَ  الْأَذْرَعِيُّ إِبْرَاهِيمُ الْمَذْكُورُ كَثِيرُ النَّقْلِ مِنْ تَعْلِيقَةِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ وَمَعَ ذَلِكَ فَالْقَاضِي قَالَ فِي طَرِيقِ الْبِرِّ يَقُولُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ كَمَا هُوَ أَهْلُهُ وَمُسْتَحِقُّهُ وَكَذَا نَقَلَهُ الْبَغَوِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ.

.

قُلْتُ وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَهَا فَقَالَ مَا فِي الْحَدِيثِ وَأَضَافَ إِلَيْهِ أَثَرَ الشَّافِعِيِّ وَمَا قَالَهُ الْقَاضِي لَكَانَ أَشْمَلَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ يَعْمِدُ إِلَى جَمِيعِ مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ الرِّوَايَاتُ الثَّابِتَةُ فَيَسْتَعْمِلُ مِنْهَا ذِكْرًا يَحْصُلُ بِهِ الْبِرُّ وَذَكَرَ شَيْخُنَا مَجْدُ الدِّينِ الشِّيرَازِيُّ فِي جُزْءٍ لَهُ فِي فَضْلِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ قَالَ أَفْضَلُ الْكَيْفِيَّاتِ أَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ وَعَلَى آلِهِ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَسَلِّمْ عَدَدَ خَلْقِكَ وَرِضَا نَفْسِكَ وَزِنَةَ عَرْشِكَ وَمِدَادَ كَلِمَاتِكَ وَعَنْ آخَرَ نَحْوَهُ لَكِنْ قَالَ عَدَدَ الشَّفْعِ وَالْوِتْرِ وَعَدَدَ كَلِمَاتِكَ التَّامَّةِ وَلَمْ يُسَمِّ قَائِلَهَا وَالَّذِي يُرْشِدُ إِلَيْهِ الدَّلِيلُ أَنَّ الْبِرَّ يَحْصُلُ بِمَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ لِقولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَكْتَالَ بِالْمِكْيَالِ الْأَوْفَى إِذا صلى علينا فَلْيقل اللَّهُمَّ صلي عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ وَأَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَذُرِّيَّتِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ الْحَدِيثَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ تَنْبِيه إِنْ كَانَ مُسْتَنَدُ الْمَرْوَزِيِّ مَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ فَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلَّهِ تَعَالَى فَإِنَّ لَفْظَهُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ كُلَّمَا ذَكَرَهُ الذَّاكِرُونَ فَكَانَ حَقُّ مَنْ غَيَّرَ عِبَارَتَهُ أَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ كُلَّمَا ذَكَرَكَ الذَّاكِرُونَ إِلَخْ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ الصَّلَاةِ عَلَى غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْوَاوَ لَا تَقْتَضِي التَّرْتِيبَ لِأَنَّ صِيغَةَ الْأَمْرِ وَرَدَتْ بِالصَّلَاةِ وَالتَّسْلِيمِ بِالْوَاوِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا وَقَدَّمَ تَعْلِيمَ السَّلَامِ قَبْلَ الصَّلَاةِ كَمَا قَالُوا عُلِّمْنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْكَ فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى رَدِّ قَوْلِ النَّخَعِيِّ يُجْزِئُ فِي امْتِثَالِ الْأَمْرِ بِالصَّلَاةِ .

     قَوْلُهُ  السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ فِي التَّشَهُّدِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَمَا قَالَ لَأَرْشَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ إِلَى ذَلِكَ وَلَمَا عَدَلَ إِلَى تَعْلِيمِهِمْ كَيْفِيَّةً أُخْرَى وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ إِفْرَادَ الصَّلَاةِ عَنِ التَّسْلِيمِ لَا يُكْرَهُ وَكَذَا الْعَكْسُ لِأَنَّ تَعْلِيمَ التَّسْلِيمِ تَقَدَّمَ قَبْلَ تَعْلِيمِ الصَّلَاةِ كَمَا تَقَدَّمَ فَأَفْرَدَ التَّسْلِيمَ مُدَّةً فِي التَّشَهُّدِ قَبْلَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَقَدْ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ بِالْكَرَاهَةِ وَاسْتُدِلَّ بِوُرُودِ الْأَمْرِ بِهِمَا مَعًا فِي الْآيَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ نَعَمْ يُكْرَهُ أَنْ يُفْرِدَ الصَّلَاةَ وَلَا يُسَلِّمَ أَصْلًا أَمَّا لَوْ صَلَّى فِي وَقْتٍ وَسَلَّمَ فِي وَقْتٍ آخَرَ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُمْتَثِلًا وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى فَضِيلَةِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ جِهَةِ وُرُودِ الْأَمْرِ بِهَا وَاعْتِنَاءِ الصَّحَابَةِ بِالسُّؤَالِ عَنْ كَيْفِيَّتِهَا وَقَدْ وَرَدَ فِي التَّصْرِيحِ بِفَضْلِهَا أَحَادِيثُ قَوِيَّةٌ لَمْ يُخَرِّجِ الْبُخَارِيُّ مِنْهَا شَيْئًا مِنْهَا مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرًا وَلَهُ شَاهِدٌ عَنْ أَنَسٍ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالنَّسَائِيِّ وَصَحَّحَهُ بن حِبَّانَ وَعَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ نِيَارٍ وَأَبِي طَلْحَةَ كِلَاهُمَا عِنْدَ النَّسَائِيِّ وَرُوَاتُهُمَا ثِقَاتٌ وَلَفْظُ أَبِي بُرْدَةَ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ مِنْ أُمَّتِي صَلَاةً مُخْلِصًا مِنْ قَلْبِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرَ صَلَوَاتٍ وَرَفَعَهُ بِهَا عَشْرَ دَرَجَاتٍ وَكَتَبَ لَهُ بِهَا عَشْرَ حَسَنَاتٍ وَمَحَا عَنْهُ عَشْرَ سَيِّئَاتٍ وَلَفْظُ أَبِي طَلْحَةَ عِنْدَهُ نَحْوُهُ وَصَححهُ بن حبَان وَمِنْهَا حَدِيث بن مَسْعُودٍ رَفَعَهُ إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلَاةً وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ بن حِبَّانَ وَلَهُ شَاهِدٌ عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بِلَفْظِ صَلَاةُ أُمَّتِي تُعْرَضُ عَلَيَّ فِي كُلِّ يَوْمِ جُمْعَةٍ فَمَنْ كَانَ أَكْثَرَهُمْ عَلَيَّ صَلَاةً كَانَ أَقْرَبَهُمْ مِنِّي مَنْزِلَةً وَلَا بَأْسَ بِسَنَدِهِ وَوَرَدَ الْأَمْرُ بِإِكْثَارِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مِنْ حَدِيثِ أَوْسِ بْنِ أَوْسٍ وَهُوَ عِنْد احْمَد وَأبي دَاوُد وَصَححهُ بن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَمِنْهَا حَدِيثُ الْبَخِيلِمَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وبن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَإِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي وَأَطْنَبَ فِي تَخْرِيجِ طُرُقِهِ وَبَيَانِ الِاخْتِلَافِ فِيهِ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِهِ الْحُسَيْنِ وَلَا يَقْصُرُ عَنْ دَرَجَةِ الْحَسَنِ وَمِنْهَا حَدِيثُ مَنْ نَسِيَ الصَّلَاةَ عَليّ خطئَ طَرِيق الْجنَّة أخرجه بن ماجة عَن بن عَبَّاسٍ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَة وبن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ وَهَذِهِ الطُّرُقُ يَشُدُّ بَعْضُهَا بَعْضًا وَحَدِيثُ رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ فَمَاتَ فَدَخَلَ النَّارَ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ وَلَهُ شَاهِدٌ عِنْدَهُ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ فِي الطَّبَرَانِيِّ واخر عَن أنس عِنْد بن أَبِي شَيْبَةَ وَآخَرُ مُرْسَلٌ عَنِ الْحَسَنِ عِنْدَ سعيد بن مَنْصُور وَأخرجه بن حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمِنْ حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ وَمِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ وَمِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ عِنْدَ الْفِرْيَابِيِّ وَعِنْدَ الْحَاكِمِ مِنْ حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ بِلَفْظِ بَعُدَ مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ وَعِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ رَفَعَهُ شَقِيَ عَبْدٌ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ وَعِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ مِنْ مُرْسَلِ قَتَادَةَ مِنَ الْجَفَاءِ أَنْ أُذْكَرَ عِنْدَ رَجُلٍ فَلَا يُصَلِّي عَلَيَّ وَمِنْهَا حَدِيثُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلَاةَ فَمَا أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي قَالَ مَا شِئْتَ قَالَ الثُّلُثَ قَالَ مَا شِئْتَ وَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ إِلَى أَنْ قَالَ أَجْعَلُ لَكَ كُلَّ صَلَاتِي قَالَ إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ بِسَنَدٍ حَسَنٍ فَهَذَا الْجَيِّدُ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ وَفِي الْبَابِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ ضَعِيفَةٌ وَوَاهِيَةٌ.

.
وَأَمَّا مَا وَضَعَهُ الْقَصَّاصُ فِي ذَلِكَ فَلَا يُحْصَى كَثْرَةً وَفِي الْأَحَادِيثِ الْقَوِيَّةِ غُنْيَةٌ عَنْ ذَلِكَ قَالَ الْحَلِيمِيُّ الْمَقْصُودُ بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّقَرُّبُ إِلَى اللَّهِ بِامْتِثَالِ أَمْرِهِ وَقَضَاءِ حَقِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْنَا وَتَبعهُ بن عَبْدِ السَّلَامِ فَقَالَ لَيْسَتْ صَلَاتُنَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَفَاعَةً لَهُ فَإِنَّ مِثْلَنَا لَا يَشْفَعُ لِمِثْلِهِ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَمَرَنَا بِمُكَافَأَةِ مَنْ أَحْسَنَ إِلَيْنَا فَإِنْ عَجَزْنَا عَنْهَا كَافَأْنَاهُ بِالدُّعَاءِ فَأَرْشَدَنَا اللَّهُ لِمَا عَلِمَ عَجْزَنَا عَنْ مُكَافَأَةِ نَبِيِّنَا إِلَى الصَّلَاةِ عَلَيْهِ.

     وَقَالَ  بن الْعَرَبِيِّ فَائِدَةُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ تَرْجِعُ إِلَى الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْهِ لِدَلَالَةِ ذَلِكَ عَلَى نُصُوعِ الْعَقِيدَةِ وَخُلُوصِ النِّيَّةِ وَإِظْهَارِ الْمَحَبَّةِ وَالْمُدَاوَمَةِ عَلَى الطَّاعَةِ وَالِاحْتِرَامِ لِلْوَاسِطَةِ الْكَرِيمَةِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ تَمَسَّكَ بِالْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ مَنْ أَوْجَبَ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ كُلَّمَا ذُكِرَ لِأَنَّ الدُّعَاءَ بِالرَّغْمِ وَالْإِبْعَادِ وَالشَّقَاءِ وَالْوَصْفِ بِالْبُخْلِ وَالْجَفَاءِ يَقْتَضِي الْوَعِيدَ وَالْوَعِيدُ عَلَى التَّرْكِ مِنْ عَلَامَاتِ الْوُجُوبِ وَمِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى أَنَّ فَائِدَةَ الْأَمْرِ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ مُكَافَأَتُهُ عَلَى إِحْسَانِهِ وَإِحْسَانُهُ مُسْتَمِرٌّ فَيَتَأَكَّدُ إِذَا ذُكِرَ وَتَمَسَّكُوا أَيْضًا بِقَوْلِهِ لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا فَلَوْ كَانَ إِذَا ذُكِرَ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ لَكَانَ كَآحَادِ النَّاسِ وَيَتَأَكَّدُ ذَلِكَ إِذَا كَانَ الْمَعْنى بقوله دُعَاء الرَّسُول الدُّعَاءَ الْمُتَعَلِّقَ بِالرَّسُولِ وَأَجَابَ مَنْ لَمْ يُوجِبْ ذَلِكَ بِأَجْوِبَةٍ مِنْهَا أَنَّهُ قَوْلٌ لَا يُعْرَفُ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فَهُوَ قَوْلٌ مُخْتَرَعٌ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى عُمُومِهِ لَلَزِمَ الْمُؤَذِّنَ إِذَا أَذَّنَ وَكَذَا سَامِعَهُ وَلَلَزِمَ الْقَارِئَ إِذَا مَرَّ ذِكْرُهُ فِي الْقُرْآنِ وَلَلَزِمَ الدَّاخِلَ فِي الْإِسْلَامِ إِذَا تَلَفَّظَ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَلَكَانَ فِي ذَلِكَ مِنَ الْمَشَقَّةِ وَالْحَرَجِ مَا جَاءَتِ الشَّرِيعَةُ السَّمْحَةُ بِخِلَافِهِ وَلَكَانَ الثَّنَاءُ عَلَى اللَّهِ كُلَّمَا ذُكِرَ أَحَقَّ بِالْوُجُوبِ وَلَمْ يَقُولُوا بِهِ وَقَدْ أَطْلَقَ الْقُدُورِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الْقَوْلَ بِوُجُوبِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ كُلَّمَا ذُكِرَ مُخَالِفٌ لِلْإِجْمَاعِ الْمُنْعَقِدِ قَبْلَ قَائِلِهِ لِأَنَّهُ لَا يُحْفَظُ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ أَنَّهُ خَاطَبَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَتَفَرَّغِ السَّامِعُ لِعِبَادَةٍ أُخْرَى وَأَجَابُوا عَنِ الْأَحَادِيثِ بِأَنَّهَا خَرَجَتْ مَخْرَجَ الْمُبَالَغَةِ فِي تَأْكِيدِ ذَلِكَ وَطَلَبِهِ وَفِي حَقِّمَنِ اعْتَادَ تَرْكَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ دَيْدَنًا وَفِي الْجُمْلَةِ لَا دَلَالَةَ عَلَى وُجُوبِ تَكَرُّرِ ذَلِكَ بِتَكَرُّرِ ذِكْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ وَاحْتَجَّ الطَّبَرِيُّ لِعَدَمِ الْوُجُوبِ أَصْلًا مَعَ وُرُودِ صِيغَةِ الْأَمْرِ بِذَلِكَ بِالِاتِّفَاقِ مِنْ جَمِيعِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ لَازِمٍ فَرْضًا حَتَّى يَكُونَ تَارِكُهُ عَاصِيًا قَالَ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ فِيهِ لِلنَّدَبِ وَيَحْصُلُ الِامْتِثَالُ لِمَنْ قَالَهُ وَلَوْ كَانَ خَارِجَ الصَّلَاةِ وَمَا ادَّعَاهُ مِنَ الْإِجْمَاعِ مُعَارَضٌ بِدَعْوَى غَيْرِهِ الْإِجْمَاعَ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ إِمَّا بِطَرِيقِ الْوُجُوبِ وَإِمَّا بِطَرِيقِ النَّدْبِ وَلَا يُعْرَفُ عَنِ السَّلَفِ لِذَلِكَ مُخَالف الا مَا أخرجه بن أَبِي شَيْبَةَ وَالطَّبَرِيُّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّهُ كَانَ يَرَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَلِّي فِي التَّشَهُّدِ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ يجزيء عَنِ الصَّلَاةِ وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يُخَالِفْ فِي أَصْلِ الْمَشْرُوعِيَّةِ وَإِنَّمَا ادَّعَى إِجْزَاءَ السَّلَامِ عَنِ الصَّلَاةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَمِنَ الْمَوَاطِنِ الَّتِي اخْتُلِفَ فِي وُجُوبِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ فِيهَا التَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ وَخُطْبَةُ الْجُمُعَةِ وَغَيْرُهَا مِنَ الْخُطَبِ وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ وَمِمَّا يَتَأَكَّدُ وَوَرَدَتْ فِيهِ أَخْبَارٌ خَاصَّةٌ أَكْثَرُهَا بِأَسَانِيدَ جَيِّدَةٍ عَقِبَ إِجَابَةِ الْمُؤَذِّنِ وَأَوَّلَ الدُّعَاءِ وَأَوْسَطَهُ وَآخِرَهُ وَفِي أَوَّلِهِ آكَدُ وَفِي آخِرِ الْقُنُوتِ وَفِي أَثْنَاءِ تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ وَعِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ وَالْخُرُوجِ مِنْهُ وَعِنْدَ الِاجْتِمَاعِ وَالتَّفَرُّقِ وَعِنْدَ السَّفَرِ وَالْقُدُومِ وَعِنْدَ الْقِيَامِ لِصَلَاةِ اللَّيْلِ وَعِنْدَ خَتْمِ الْقُرْآنِ وَعِنْدَ الْهَمِّ وَالْكَرْبِ وَعِنْدَ التَّوْبَةِ من الذَّنب وَعند قِرَاءَة الحَدِيث وتبليغ الْعِلْمِ وَالذِّكْرِ وَعِنْدَ نِسْيَانِ الشَّيْءِ وَوَرَدَ ذَلِكَ أَيْضًا فِي أَحَادِيثَ ضَعِيفَةٍ وَعِنْدَ اسْتِلَامِ الْحَجَرِ وَعِنْدَ طَنِينِ الْأُذُنِ وَعِنْدَ التَّلْبِيَةِ وَعَقِبَ الْوُضُوءِ وَعِنْدَ الذَّبْحِ وَالْعُطَاسِ وَوَرَدَ الْمَنْعُ مِنْهَا عِنْدَهُمَا أَيْضًا وَوَرَدَ الْأَمْرُ بِالْإِكْثَارِ مِنْهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي حَدِيث صَحِيح كَمَا تقدم ( قَولُهُ بَابُ هَلْ يُصَلَّى عَلَى غَيْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَيِ اسْتِقْلَالًا أَوْ تَبَعًا وَيَدْخُلُ فِي الْغَيْرِ الْأَنْبِيَاءُ وَالْمَلَائِكَةُ وَالْمُؤْمِنُونَ فَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْأَنْبِيَاءِ فَوَرَدَ فِيهَا أَحَادِيثُ أَحَدُهَا حَدِيثُ عَلِيٍّ فِي الدُّعَاءِ بِحِفْظِ الْقُرْآنِ فَفِيهِ وَصَلِّ عَلَيَّ وَعَلَى سَائِرِ النَّبِيِّينَ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ وَحَدِيثُ بُرَيْدَةَ رَفَعَهُ لَا تَتْرُكَنَّ فِي التَّشَهُّدِ الصَّلَاةَ عَلَيَّ وَعَلَى أَنْبِيَاءِ اللَّهِ الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ بِسَنَدٍ وَاهٍ وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ صَلُّوا عَلَى أَنْبِيَاءِ اللَّهِ الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ إِسْمَاعِيل القَاضِي بِسَنَد ضَعِيف وَحَدِيث بن عَبَّاسٍ رَفَعَهُ إِذَا صَلَّيْتُمْ عَلَيَّ فَصَلُّوا عَلَى أَنْبِيَاءِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ بَعَثَهُمْ كَمَا بَعَثَنِي أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَرُوِّينَاهُ فِي فَوَائِدِ الْعِيسَوِيِّ وَسَنَدُهُ ضَعِيف أَيْضا وَقد ثَبت عَن بن عَبَّاسٍ اخْتِصَاصِ ذَلِكَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخرجه بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْهُ قَالَ مَا أَعْلَمُ الصَّلَاةَتنبغي عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا سَنَدٌ صَحِيحٌ وَحُكِيَ الْقَوْلُ بِهِ عَنْ مَالِكٍ.

     وَقَالَ  مَا تَعَبَّدَنَا بِهِ وَجَاءَ نَحْوُهُ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَعَنْ مَالِكٍ يُكْرَهُ.

     وَقَالَ  عِيَاضٌ عَامَّةُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى الْجَوَازِ.

     وَقَالَ  سُفْيَانُ يُكْرَهُ أَنْ يُصَلَّى إِلَّا عَلَى نَبِيٍّ وَوَجَدْتُ بِخَطِّ بَعْضِ شُيُوخِي مَذْهَبِ مَالِكٍ لَا يَجُوزُ أَنْ يُصَلَّى إِلَّا عَلَى مُحَمَّدٍ وَهَذَا غَيْرُ مَعْرُوفٍ عَنْ مَالِكٍ وَإِنَّمَا قَالَ أَكْرَهُ الصَّلَاةَ عَلَى غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ وَمَا يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَعَدَّى مَا أُمِرْنَا بِهِ وَخَالَفَهُ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى فَقَالَ لَا بَأْسَ بِهِ وَاحْتَجَّ بِأَنَّ الصَّلَاةَ دُعَاءٌ بِالرَّحْمَةِ فَلَا يُمْنَعُ إِلَّا بِنَصٍّ أَوْ إِجْمَاعٍ قَالَ عِيَاضٌ وَالَّذِي أَمِيلُ إِلَيْهِ قَوْلُ مَالِكٍ وَسُفْيَانَ وَهُوَ قَوْلُ الْمُحَقِّقِينَ مِنَ الْمُتَكَلِّمِينَ وَالْفُقَهَاءِ قَالُوا يُذْكَرُ غَيْرُ الْأَنْبِيَاءِ بِالرِّضَا وَالْغُفْرَانِ وَالصَّلَاةِ عَلَى غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ يَعْنِي اسْتِقْلَالًا لَمْ تَكُنْ مِنَ الْأَمْرِ الْمَعْرُوفِ وَإِنَّمَا أُحْدِثَتْ فِي دَوْلَةِ بَنِي هَاشِمٍ.

.
وَأَمَّا الْمَلَائِكَةُ فَلَا أَعْرِفُ فِيهِ حَدِيثًا نَصًّا وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنَ الَّذِي قَبْلَهُ إِنْ ثَبَتَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَمَّاهُمْ رُسُلًا.

.
وَأَمَّا الْمُؤْمِنُونَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ فَقِيلَ لَا تَجُوزُ إِلَّا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ كَمَا تَقَدَّمَ .

     .

     وَقَالَتْ  
طَائِفَةٌ لَا تَجُوزُ مُطْلَقًا اسْتِقْلَالًا وَتَجُوزُ تَبَعًا فِيمَا وَرَدَ بِهِ النَّصُّ أَوْ أُلْحِقَ بِهِ لِقولِهِ تَعَالَى لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضكُم بَعْضًا وَلِأَنَّهُ لَمَّا عَلَّمَهُمُ السَّلَامَ قَالَ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ وَلَمَّا عَلَّمَهُمُ الصَّلَاةَ قَصَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهَذَا الْقَوْلُ اخْتَارَهُ الْقُرْطُبِيُّ فِي الْمُفْهِمِ وَأَبُو الْمَعَالِي مِنَ الْحَنَابِلَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ فِي تَفْسِيرِ سُورَة الْأَحْزَاب وَهُوَ اخْتِيَار بن تَيْمِيَةَ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ .

     .

     وَقَالَتْ  
طَائِفَةٌ تَجُوزُ تَبَعًا مُطْلَقًا وَلَا تَجُوزُ اسْتِقْلَالًا وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَجَمَاعَةٍ .

     .

     وَقَالَتْ  
طَائِفَةٌ تُكْرَهُ اسْتِقْلَالًا لَا تَبَعًا وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ.

     وَقَالَ  النَّوَوِيُّ هُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى .

     .

     وَقَالَتْ  
طَائِفَةٌ تَجُوزُ مُطْلَقًا وَهُوَ مُقْتَضَى صَنِيعِ الْبُخَارِيِّ فَإِنَّهُ صَدَّرَ بِالْآيَةِ وَهِي قَوْله تَعَالَى وصل عَلَيْهِم ثُمَّ عَلَّقَ الْحَدِيثَ الدَّالَّ عَلَى الْجَوَازِ مُطْلَقًا وَعَقَّبَهُ بِالْحَدِيثِ الدَّالِّ عَلَى الْجَوَازِ تَبَعًا فَأَمَّا الْأَوَّلُ وَهُوَ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى فَتَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ وَوَقَعَ مِثْلُهُ عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَفَعَ يَدَيْهِ وَهُوَ يَقُولُ اللَّهُمَّ اجْعَلْ صَلَوَاتِكَ وَرَحْمَتَكَ عَلَى آلِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَسَنَدُهُ جَيِّدٌ وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّ امْرَأَتَهُ قَالَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلِّ عَلَيَّ وَعَلَى زَوْجِي فَفَعَلَ أَخْرَجَهُ احْمَد مطولا ومختصرا وَصَححهُ بن حِبَّانَ وَهَذَا الْقَوْلُ جَاءَ عَنِ الْحَسَنِ وَمُجَاهِدٍ وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ وَبِهِ قَالَ إِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ وَالطَّبَرِيُّ وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَته وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا إِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَقُولُ لِرُوحِ الْمُؤْمِنِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكِ وَعَلَى جَسَدِكِ وَأَجَابَ الْمَانِعُونَ عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ بِأَنَّ ذَلِكَ صَدَرَ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَلَهُمَا أَنْ يَخُصَّا مَنْ شَاءَا بِمَا شَاءَا وَلَيْسَ ذَلِكَ لِأَحَدٍ غَيْرِهِمَا.

     وَقَالَ  الْبَيْهَقِيُّ يحمل قَول بن عَبَّاسٍ بِالْمَنْعِ إِذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ التَّعْظِيمِ لَا مَا إِذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الدُّعَاءِ بِالرَّحْمَةِ وَالْبركَة.

     وَقَالَ  بن الْقَيِّمِ الْمُخْتَارُ أَنْ يُصَلَّى عَلَى الْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ وَأَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَأَهْلِ الطَّاعَةِ عَلَى سَبِيلِ الْإِجْمَالِ وَتُكْرَهُ فِي غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ لِشَخْصٍ مُفْرَدٍ بِحَيْثُ يَصِيرُ شِعَارًا وَلَا سِيَّمَا إِذَا تُرِكَ فِي حَقِّ مِثْلِهِ أَوْ أَفْضَلَ مِنْهُ كَمَا يَفْعَلُهُ الرَّافِضَةُ فَلَوِ اتَّفَقَ وُقُوعُ ذَلِكَ مُفْرَدًا فِي بَعْضِ الْأَحَايِينِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُتَّخَذَ شِعَارًا لَمْ يَكُنْ بِهِ بَأْسٌ وَلِهَذَا لَمْ يَرِدْ فِي حَقِّ غَيْرِ مِنْ أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِ ذَلِكَ لَهُمْ وَهُمْ مَنْ أَدَّى زَكَاتَهُ إِلَّا نَادِرًا كَمَا فِي قِصَّةِ زَوْجَةِ جَابِرٍ وَآلِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ تَنْبِيهٌ اخْتُلِفَ فِي السَّلَامِ عَلَى غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ بَعْدَ الِاتِّفَاقِ عَلَى مَشْرُوعِيَّتِهِ فِي تَحِيَّةِ الْحَيِّ فَقِيلَ يُشْرَعُ مُطْلَقًا وَقِيلَ بَلْ تَبَعًا وَلَا يُفْرَدُ لِوَاحِدٍ لِكَوْنِهِ صَارَ شِعَارًا لِلرَّافِضَةِ وَنَقَلَهُ النَّوَوِيُّ عَنِ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيِّ .

     قَوْلُهُ  فِي ثَانِي حَدِيثَيِ الْبَابِ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [ قــ :6023 ... غــ :6358] بن أَبِي حَازِمٍ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ اسْمُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَبْدُ الْعَزِيز وبن أَبِي حَازِمٍ مِمَّنْ يَحْتَجُّ بِهِ الْبُخَارِيُّ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ إِنَّمَا يُخَرِّجُ لَهُ فِي الْمُتَابَعَاتِ أَوْ مَقْرُونًا بآخر وَيزِيد شيخهما هُوَ بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَبَّابٍ بِمُعْجَمَةٍ وَمُوَحَّدَتَيْنِ الْأُولَى ثَقِيلَةٌ .

     قَوْلُهُ  هَذَا السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيْ عَرَفْنَاهُ كَمَا وَقَعَ تَقْرِيرُهُ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ وَتَقَدَّمَتْ بَقِيَّةُ فَوَائِدِهِ فِي الَّذِي قَبْلَهُ وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى تَعَيُّنِ هَذَا اللَّفْظِ الَّذِي عَلَّمَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ فِي امْتِثَالِ الْأَمْرِ سَوَاءٌ قُلْنَا بِالْوُجُوبِ مُطْلَقًا أَوْ مُقَيَّدًا بِالصَّلَاةِ.

.
وَأَمَّا تَعَيُّنُهُ فِي الصَّلَاةِ فَعَنْ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةٍ وَالْأَصَحُّ عِنْدَ أَتْبَاعِهِ لَا تَجِبُ وَاخْتُلِفَ فِي الْأَفْضَلِ فَعَنْ أَحْمَدَ أَكْمَلُ مَا وَرَدَ وَعَنْهُ يَتَخَيَّرُ.

.
وَأَمَّا الشَّافِعِيَّةُ فَقَالُوا يَكْفِي أَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَاخْتَلَفُوا هَلْ يَكْفِي الْإِتْيَانُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ كَأَنْ يَقُولَهُ بِلَفْظِ الْخَبَرِ فَيَقُولُ صَلَّى اللَّهِ عَلَى مُحَمَّدٍ مَثَلًا وَالْأَصَحُّ إِجْزَاؤُهُ وَذَلِكَ أَنَّ الدُّعَاءَ بِلَفْظِ الْخَبَرِ آكَدُ فَيَكُونُ جَائِزًا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَمَنْ مَنَعَ وَقَفَ عِنْد التَّعَبُّد وَهُوَ الَّذِي رَجحه بن الْعَرَبِيِّ بَلْ كَلَامُهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الثَّوَابَ الْوَارِدَ لِمَنْ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا يَحْصُلُ لِمَنْ صَلَّى عَلَيْهِ بِالْكَيْفِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَاتَّفَقَ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى الْخَبَرِ كَأَنْ يَقُولَ الصَّلَاةُ عَلَى مُحَمَّدٍ إِذْ لَيْسَ فِيهِ إِسْنَادُ الصَّلَاةِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَاخْتَلَفُوا فِي تَعَيُّنِ لَفْظِ مُحَمَّدٍ لَكِنْ جَوَّزُوا الِاكْتِفَاءَ بِالْوَصْفِ دُونَ الِاسْمِ كَالنَّبِيِّ وَرَسُولِ اللَّهِ لِأَنَّ لَفْظَ مُحَمَّدٍ وَقَعَ التَّعَبُّدُ بِهِ فَلَا يُجْزِئُ عَنْهُ إِلَّا مَا كَانَ أَعلَى مِنْهُ وَلِهَذَا قَالُوا لَا يُجْزِئُ الْإِتْيَانُ بِالضَّمِيرِ وَلَا بِأَحْمَدَ مَثَلًا فِي الْأَصَحِّ فِيهِمَا مَعَ تَقَدُّمِ ذِكْرِهِ فِي التَّشَهُّدِ بِقَوْلِهِ النَّبِيِّ وَبِقَوْلِهِ مُحَمَّدٍ وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى الِاجْتِزَاءِ بِكُلِّ لَفْظٍ أَدَّى الْمُرَادَ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى قَالَ بَعضهم لَو قَالَ فِي أَثْنَاءِ التَّشَهُّدِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ أَجْزَأَ وَكَذَا لَوْ قَالَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ بِخِلَافِ مَا إِذَا قَدَّمَ عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَهَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَنْبَنِيَ عَلَى أَنَّ تَرْتِيبَ أَلْفَاظِ التَّشَهُّدِ لَا يُشْتَرَطُ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَلَكِنْ دَلِيلُ مُقَابِلِهِ قَوِيٌّ لِقولِهِمْ كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ وَقَول بن مَسْعُودٍ عَدَّهُنَّ فِي يَدَيَّ وَرَأَيْتُ لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ فِيهِ تَصْنِيفًا وَعُمْدَةُ الْجُمْهُورِ فِي الِاكْتِفَاءِ بِمَا ذُكِرَ أَنَّ الْوُجُوبَ ثَبَتَ بِنَصِّ الْقُرْآنِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى صلوا عَلَيْهِ وسلموا تَسْلِيمًا فَلَمَّا سَأَلَ الصَّحَابَةُ عَنِ الْكَيْفِيَّةِ وَعَلَّمَهَا لَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاخْتَلَفَ النَّقْلُ لِتِلْكَ الْأَلْفَاظِ اقْتَصَرَ عَلَى مَا اتَّفَقَتْ عَلَيْهِ الرِّوَايَاتُ وَتَرَكَ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ كَمَا فِي التَّشَهُّدِ إِذْ لَوْ كَانَ الْمَتْرُوكُ وَاجِبًا لَمَا سَكَتَ عَنْهُ انْتَهَى وَقَدِ اسْتَشْكَلَ ذَلِكَ بن الْفِرْكَاحِ فِي الْإِقْلِيدِ فَقَالَ جَعْلُهُمْ هَذَا هُوَ الْأَقَلَّ يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِمُسَمَّى الصَّلَاةِ فَإِنَّ الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ لَيْسَ فِيهَا الِاقْتِصَارُ وَالْأَحَادِيثَ الَّتِي فِيهَا الْأَمْرُ بِمُطْلَقِ الصَّلَاةِ لَيْسَ فِيهَا مَا يُشِيرُ إِلَى مَا يَجِبُ مِنْ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ وَأَقَلُّ مَا وَقَعَ فِي الرِّوَايَاتِ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَمِنْ ثَمَّ حَكَى الْفُورَانِيُّ عَنْ صَاحِبِ الْفُرُوعِ فِي إِيجَابِ ذِكْرِ إِبْرَاهِيمَ وَجْهَيْنِ وَاحْتَجَّ لِمَنْ لَمْ يُوجِبْهُ بِأَنَّهُ وَرَدَ بِدُونِ ذِكْرِهِ فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ خَارِجَةَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ بِسَنَدٍ قَوِيٍّ وَلَفْظُهُ صَلُّوا عَلَيَّ وَقُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ مِنِ اخْتِصَارِ بَعْضِ الرُّوَاةِ فَإِنَّ النَّسَائِيَّ أَخْرَجَهُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِتَمَامِهِ وَكَذَا الطَّحَاوِيُّ وَاخْتُلِفَ فِي إِيجَابِ الصَّلَاةِ عَلَى الْآلِ فَفِي تَعَيُّنِهَا أَيْضًا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ رِوَايَتَانِ وَالْمَشْهُورُ عِنْدَهُمْ لَا وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَادَّعَى كَثِيرٌ مِنْهُمْ فِيهِ الْإِجْمَاعَ وَأَكْثَرُ مَنْ أَثْبَتَ الْوُجُوبَ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ نَسَبُوهُ إِلَى التُّرُنْجِيِّ وَنَقَلَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ وَهُوَ مِنْ كِبَارِ الشَّافِعِيَّةِ قَالَ أَنَا أَعْتَقِدُ وُجُوبَهَا قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَفِي الْأَحَادِيثِ الثَّابِتَةِ دَلَالَةٌ عَلَى صِحَّةِ مَا قَالَ.

.

قُلْتُ وَفِي كَلَامِ الطَّحَاوِيِّ فِي مُشْكِلِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ حَرْمَلَةَ نَقَلَهُ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَاسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ وَآلِهِ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَالْمُصَحَّحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ اسْتِحْبَابُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَقَطْ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّخْفِيفِ.

.
وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَبَنَاهُ الْأَصْحَابُ عَلَى حُكْمِ ذَلِكَ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ إِنْ قُلْنَا بِالْوُجُوبِ.

.

قُلْتُ وَاسْتُدِلَّ بِتَعْلِيمِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ الْكَيْفِيَّةَ بَعْدَ سُؤَالِهِمْ عَنْهَا بِأَنَّهَا أَفْضَلُ كَيْفِيَّاتِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يَخْتَارُ لِنَفْسِهِ إِلَّا الْأَشْرَفَ الْأَفْضَلَ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ لَوْ حَلَفَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ أَفْضَلَ الصَّلَاةِ فَطَرِيقُ الْبِرِّ أَنْ يَأْتِيَ بِذَلِكَ هَكَذَا صَوَّبَهُ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ بعد ذِكْرِ حِكَايَةِ الرَّافِعِيِّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْمَرْوَزِيِّ أَنَّهُ قَالَ يَبَرُّ إِذَا قَالَ كُلَّمَا ذَكَرَهُ الذَّاكِرُونَ وَكُلَّمَا سَهَا عَنْ ذِكْرِهِ الْغَافِلُونَ قَالَ النَّوَوِيُّ وَكَأَنَّهُ أَخَذَ ذَلِكَ مِنْ كَوْنِ الشَّافِعِيِّ ذَكَرَ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةَ.

.

قُلْتُ وَهِيَ فِي خُطْبَةِ الرِّسَالَةِ لَكِنْ بِلَفْظِ غَفَلَ بَدَلَ سَهَا.

     وَقَالَ  الْأَذْرَعِيُّ إِبْرَاهِيمُ الْمَذْكُورُ كَثِيرُ النَّقْلِ مِنْ تَعْلِيقَةِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ وَمَعَ ذَلِكَ فَالْقَاضِي قَالَ فِي طَرِيقِ الْبِرِّ يَقُولُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ كَمَا هُوَ أَهْلُهُ وَمُسْتَحِقُّهُ وَكَذَا نَقَلَهُ الْبَغَوِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ.

.

قُلْتُ وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَهَا فَقَالَ مَا فِي الْحَدِيثِ وَأَضَافَ إِلَيْهِ أَثَرَ الشَّافِعِيِّ وَمَا قَالَهُ الْقَاضِي لَكَانَ أَشْمَلَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ يَعْمِدُ إِلَى جَمِيعِ مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ الرِّوَايَاتُ الثَّابِتَةُ فَيَسْتَعْمِلُ مِنْهَا ذِكْرًا يَحْصُلُ بِهِ الْبِرُّ وَذَكَرَ شَيْخُنَا مَجْدُ الدِّينِ الشِّيرَازِيُّ فِي جُزْءٍ لَهُ فِي فَضْلِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ قَالَ أَفْضَلُ الْكَيْفِيَّاتِ أَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ وَعَلَى آلِهِ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَسَلِّمْ عَدَدَ خَلْقِكَ وَرِضَا نَفْسِكَ وَزِنَةَ عَرْشِكَ وَمِدَادَ كَلِمَاتِكَ وَعَنْ آخَرَ نَحْوَهُ لَكِنْ قَالَ عَدَدَ الشَّفْعِ وَالْوِتْرِ وَعَدَدَ كَلِمَاتِكَ التَّامَّةِ وَلَمْ يُسَمِّ قَائِلَهَا وَالَّذِي يُرْشِدُ إِلَيْهِ الدَّلِيلُ أَنَّ الْبِرَّ يَحْصُلُ بِمَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ لِقولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَكْتَالَ بِالْمِكْيَالِ الْأَوْفَى إِذا صلى علينا فَلْيقل اللَّهُمَّ صلي عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ وَأَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَذُرِّيَّتِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ الْحَدِيثَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ تَنْبِيه إِنْ كَانَ مُسْتَنَدُ الْمَرْوَزِيِّ مَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ فَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلَّهِ تَعَالَى فَإِنَّ لَفْظَهُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ كُلَّمَا ذَكَرَهُ الذَّاكِرُونَ فَكَانَ حَقُّ مَنْ غَيَّرَ عِبَارَتَهُ أَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ كُلَّمَا ذَكَرَكَ الذَّاكِرُونَ إِلَخْ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ الصَّلَاةِ عَلَى غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْوَاوَ لَا تَقْتَضِي التَّرْتِيبَ لِأَنَّ صِيغَةَ الْأَمْرِ وَرَدَتْ بِالصَّلَاةِ وَالتَّسْلِيمِ بِالْوَاوِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا وَقَدَّمَ تَعْلِيمَ السَّلَامِ قَبْلَ الصَّلَاةِ كَمَا قَالُوا عُلِّمْنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْكَ فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى رَدِّ قَوْلِ النَّخَعِيِّ يُجْزِئُ فِي امْتِثَالِ الْأَمْرِ بِالصَّلَاةِ .

     قَوْلُهُ  السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ فِي التَّشَهُّدِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَمَا قَالَ لَأَرْشَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ إِلَى ذَلِكَ وَلَمَا عَدَلَ إِلَى تَعْلِيمِهِمْ كَيْفِيَّةً أُخْرَى وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ إِفْرَادَ الصَّلَاةِ عَنِ التَّسْلِيمِ لَا يُكْرَهُ وَكَذَا الْعَكْسُ لِأَنَّ تَعْلِيمَ التَّسْلِيمِ تَقَدَّمَ قَبْلَ تَعْلِيمِ الصَّلَاةِ كَمَا تَقَدَّمَ فَأَفْرَدَ التَّسْلِيمَ مُدَّةً فِي التَّشَهُّدِ قَبْلَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَقَدْ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ بِالْكَرَاهَةِ وَاسْتُدِلَّ بِوُرُودِ الْأَمْرِ بِهِمَا مَعًا فِي الْآيَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ نَعَمْ يُكْرَهُ أَنْ يُفْرِدَ الصَّلَاةَ وَلَا يُسَلِّمَ أَصْلًا أَمَّا لَوْ صَلَّى فِي وَقْتٍ وَسَلَّمَ فِي وَقْتٍ آخَرَ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُمْتَثِلًا وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى فَضِيلَةِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ جِهَةِ وُرُودِ الْأَمْرِ بِهَا وَاعْتِنَاءِ الصَّحَابَةِ بِالسُّؤَالِ عَنْ كَيْفِيَّتِهَا وَقَدْ وَرَدَ فِي التَّصْرِيحِ بِفَضْلِهَا أَحَادِيثُ قَوِيَّةٌ لَمْ يُخَرِّجِ الْبُخَارِيُّ مِنْهَا شَيْئًا مِنْهَا مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرًا وَلَهُ شَاهِدٌ عَنْ أَنَسٍ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالنَّسَائِيِّ وَصَحَّحَهُ بن حِبَّانَ وَعَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ نِيَارٍ وَأَبِي طَلْحَةَ كِلَاهُمَا عِنْدَ النَّسَائِيِّ وَرُوَاتُهُمَا ثِقَاتٌ وَلَفْظُ أَبِي بُرْدَةَ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ مِنْ أُمَّتِي صَلَاةً مُخْلِصًا مِنْ قَلْبِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرَ صَلَوَاتٍ وَرَفَعَهُ بِهَا عَشْرَ دَرَجَاتٍ وَكَتَبَ لَهُ بِهَا عَشْرَ حَسَنَاتٍ وَمَحَا عَنْهُ عَشْرَ سَيِّئَاتٍ وَلَفْظُ أَبِي طَلْحَةَ عِنْدَهُ نَحْوُهُ وَصَححهُ بن حبَان وَمِنْهَا حَدِيث بن مَسْعُودٍ رَفَعَهُ إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلَاةً وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ بن حِبَّانَ وَلَهُ شَاهِدٌ عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بِلَفْظِ صَلَاةُ أُمَّتِي تُعْرَضُ عَلَيَّ فِي كُلِّ يَوْمِ جُمْعَةٍ فَمَنْ كَانَ أَكْثَرَهُمْ عَلَيَّ صَلَاةً كَانَ أَقْرَبَهُمْ مِنِّي مَنْزِلَةً وَلَا بَأْسَ بِسَنَدِهِ وَوَرَدَ الْأَمْرُ بِإِكْثَارِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مِنْ حَدِيثِ أَوْسِ بْنِ أَوْسٍ وَهُوَ عِنْد احْمَد وَأبي دَاوُد وَصَححهُ بن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَمِنْهَا حَدِيثُ الْبَخِيلِ مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وبن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَإِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي وَأَطْنَبَ فِي تَخْرِيجِ طُرُقِهِ وَبَيَانِ الِاخْتِلَافِ فِيهِ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِهِ الْحُسَيْنِ وَلَا يَقْصُرُ عَنْ دَرَجَةِ الْحَسَنِ وَمِنْهَا حَدِيثُ مَنْ نَسِيَ الصَّلَاةَ عَليّ خطئَ طَرِيق الْجنَّة أخرجه بن ماجة عَن بن عَبَّاسٍ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَة وبن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ وَهَذِهِ الطُّرُقُ يَشُدُّ بَعْضُهَا بَعْضًا وَحَدِيثُ رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ فَمَاتَ فَدَخَلَ النَّارَ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ وَلَهُ شَاهِدٌ عِنْدَهُ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ فِي الطَّبَرَانِيِّ واخر عَن أنس عِنْد بن أَبِي شَيْبَةَ وَآخَرُ مُرْسَلٌ عَنِ الْحَسَنِ عِنْدَ سعيد بن مَنْصُور وَأخرجه بن حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمِنْ حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ وَمِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ وَمِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ عِنْدَ الْفِرْيَابِيِّ وَعِنْدَ الْحَاكِمِ مِنْ حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ بِلَفْظِ بَعُدَ مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ وَعِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ رَفَعَهُ شَقِيَ عَبْدٌ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ وَعِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ مِنْ مُرْسَلِ قَتَادَةَ مِنَ الْجَفَاءِ أَنْ أُذْكَرَ عِنْدَ رَجُلٍ فَلَا يُصَلِّي عَلَيَّ وَمِنْهَا حَدِيثُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلَاةَ فَمَا أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي قَالَ مَا شِئْتَ قَالَ الثُّلُثَ قَالَ مَا شِئْتَ وَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ إِلَى أَنْ قَالَ أَجْعَلُ لَكَ كُلَّ صَلَاتِي قَالَ إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ بِسَنَدٍ حَسَنٍ فَهَذَا الْجَيِّدُ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ وَفِي الْبَابِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ ضَعِيفَةٌ وَوَاهِيَةٌ.

.
وَأَمَّا مَا وَضَعَهُ الْقَصَّاصُ فِي ذَلِكَ فَلَا يُحْصَى كَثْرَةً وَفِي الْأَحَادِيثِ الْقَوِيَّةِ غُنْيَةٌ عَنْ ذَلِكَ قَالَ الْحَلِيمِيُّ الْمَقْصُودُ بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّقَرُّبُ إِلَى اللَّهِ بِامْتِثَالِ أَمْرِهِ وَقَضَاءِ حَقِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْنَا وَتَبعهُ بن عَبْدِ السَّلَامِ فَقَالَ لَيْسَتْ صَلَاتُنَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَفَاعَةً لَهُ فَإِنَّ مِثْلَنَا لَا يَشْفَعُ لِمِثْلِهِ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَمَرَنَا بِمُكَافَأَةِ مَنْ أَحْسَنَ إِلَيْنَا فَإِنْ عَجَزْنَا عَنْهَا كَافَأْنَاهُ بِالدُّعَاءِ فَأَرْشَدَنَا اللَّهُ لِمَا عَلِمَ عَجْزَنَا عَنْ مُكَافَأَةِ نَبِيِّنَا إِلَى الصَّلَاةِ عَلَيْهِ.

     وَقَالَ  بن الْعَرَبِيِّ فَائِدَةُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ تَرْجِعُ إِلَى الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْهِ لِدَلَالَةِ ذَلِكَ عَلَى نُصُوعِ الْعَقِيدَةِ وَخُلُوصِ النِّيَّةِ وَإِظْهَارِ الْمَحَبَّةِ وَالْمُدَاوَمَةِ عَلَى الطَّاعَةِ وَالِاحْتِرَامِ لِلْوَاسِطَةِ الْكَرِيمَةِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ تَمَسَّكَ بِالْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ مَنْ أَوْجَبَ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ كُلَّمَا ذُكِرَ لِأَنَّ الدُّعَاءَ بِالرَّغْمِ وَالْإِبْعَادِ وَالشَّقَاءِ وَالْوَصْفِ بِالْبُخْلِ وَالْجَفَاءِ يَقْتَضِي الْوَعِيدَ وَالْوَعِيدُ عَلَى التَّرْكِ مِنْ عَلَامَاتِ الْوُجُوبِ وَمِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى أَنَّ فَائِدَةَ الْأَمْرِ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ مُكَافَأَتُهُ عَلَى إِحْسَانِهِ وَإِحْسَانُهُ مُسْتَمِرٌّ فَيَتَأَكَّدُ إِذَا ذُكِرَ وَتَمَسَّكُوا أَيْضًا بِقَوْلِهِ لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا فَلَوْ كَانَ إِذَا ذُكِرَ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ لَكَانَ كَآحَادِ النَّاسِ وَيَتَأَكَّدُ ذَلِكَ إِذَا كَانَ الْمَعْنى بقوله دُعَاء الرَّسُول الدُّعَاءَ الْمُتَعَلِّقَ بِالرَّسُولِ وَأَجَابَ مَنْ لَمْ يُوجِبْ ذَلِكَ بِأَجْوِبَةٍ مِنْهَا أَنَّهُ قَوْلٌ لَا يُعْرَفُ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فَهُوَ قَوْلٌ مُخْتَرَعٌ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى عُمُومِهِ لَلَزِمَ الْمُؤَذِّنَ إِذَا أَذَّنَ وَكَذَا سَامِعَهُ وَلَلَزِمَ الْقَارِئَ إِذَا مَرَّ ذِكْرُهُ فِي الْقُرْآنِ وَلَلَزِمَ الدَّاخِلَ فِي الْإِسْلَامِ إِذَا تَلَفَّظَ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَلَكَانَ فِي ذَلِكَ مِنَ الْمَشَقَّةِ وَالْحَرَجِ مَا جَاءَتِ الشَّرِيعَةُ السَّمْحَةُ بِخِلَافِهِ وَلَكَانَ الثَّنَاءُ عَلَى اللَّهِ كُلَّمَا ذُكِرَ أَحَقَّ بِالْوُجُوبِ وَلَمْ يَقُولُوا بِهِ وَقَدْ أَطْلَقَ الْقُدُورِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الْقَوْلَ بِوُجُوبِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ كُلَّمَا ذُكِرَ مُخَالِفٌ لِلْإِجْمَاعِ الْمُنْعَقِدِ قَبْلَ قَائِلِهِ لِأَنَّهُ لَا يُحْفَظُ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ أَنَّهُ خَاطَبَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَتَفَرَّغِ السَّامِعُ لِعِبَادَةٍ أُخْرَى وَأَجَابُوا عَنِ الْأَحَادِيثِ بِأَنَّهَا خَرَجَتْ مَخْرَجَ الْمُبَالَغَةِ فِي تَأْكِيدِ ذَلِكَ وَطَلَبِهِ وَفِي حَقِّ مَنِ اعْتَادَ تَرْكَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ دَيْدَنًا وَفِي الْجُمْلَةِ لَا دَلَالَةَ عَلَى وُجُوبِ تَكَرُّرِ ذَلِكَ بِتَكَرُّرِ ذِكْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ وَاحْتَجَّ الطَّبَرِيُّ لِعَدَمِ الْوُجُوبِ أَصْلًا مَعَ وُرُودِ صِيغَةِ الْأَمْرِ بِذَلِكَ بِالِاتِّفَاقِ مِنْ جَمِيعِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ لَازِمٍ فَرْضًا حَتَّى يَكُونَ تَارِكُهُ عَاصِيًا قَالَ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ فِيهِ لِلنَّدَبِ وَيَحْصُلُ الِامْتِثَالُ لِمَنْ قَالَهُ وَلَوْ كَانَ خَارِجَ الصَّلَاةِ وَمَا ادَّعَاهُ مِنَ الْإِجْمَاعِ مُعَارَضٌ بِدَعْوَى غَيْرِهِ الْإِجْمَاعَ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ إِمَّا بِطَرِيقِ الْوُجُوبِ وَإِمَّا بِطَرِيقِ النَّدْبِ وَلَا يُعْرَفُ عَنِ السَّلَفِ لِذَلِكَ مُخَالف الا مَا أخرجه بن أَبِي شَيْبَةَ وَالطَّبَرِيُّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّهُ كَانَ يَرَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَلِّي فِي التَّشَهُّدِ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ يجزيء عَنِ الصَّلَاةِ وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يُخَالِفْ فِي أَصْلِ الْمَشْرُوعِيَّةِ وَإِنَّمَا ادَّعَى إِجْزَاءَ السَّلَامِ عَنِ الصَّلَاةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَمِنَ الْمَوَاطِنِ الَّتِي اخْتُلِفَ فِي وُجُوبِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ فِيهَا التَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ وَخُطْبَةُ الْجُمُعَةِ وَغَيْرُهَا مِنَ الْخُطَبِ وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ وَمِمَّا يَتَأَكَّدُ وَوَرَدَتْ فِيهِ أَخْبَارٌ خَاصَّةٌ أَكْثَرُهَا بِأَسَانِيدَ جَيِّدَةٍ عَقِبَ إِجَابَةِ الْمُؤَذِّنِ وَأَوَّلَ الدُّعَاءِ وَأَوْسَطَهُ وَآخِرَهُ وَفِي أَوَّلِهِ آكَدُ وَفِي آخِرِ الْقُنُوتِ وَفِي أَثْنَاءِ تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ وَعِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ وَالْخُرُوجِ مِنْهُ وَعِنْدَ الِاجْتِمَاعِ وَالتَّفَرُّقِ وَعِنْدَ السَّفَرِ وَالْقُدُومِ وَعِنْدَ الْقِيَامِ لِصَلَاةِ اللَّيْلِ وَعِنْدَ خَتْمِ الْقُرْآنِ وَعِنْدَ الْهَمِّ وَالْكَرْبِ وَعِنْدَ التَّوْبَةِ من الذَّنب وَعند قِرَاءَة الحَدِيث وتبليغ الْعِلْمِ وَالذِّكْرِ وَعِنْدَ نِسْيَانِ الشَّيْءِ وَوَرَدَ ذَلِكَ أَيْضًا فِي أَحَادِيثَ ضَعِيفَةٍ وَعِنْدَ اسْتِلَامِ الْحَجَرِ وَعِنْدَ طَنِينِ الْأُذُنِ وَعِنْدَ التَّلْبِيَةِ وَعَقِبَ الْوُضُوءِ وَعِنْدَ الذَّبْحِ وَالْعُطَاسِ وَوَرَدَ الْمَنْعُ مِنْهَا عِنْدَهُمَا أَيْضًا وَوَرَدَ الْأَمْرُ بِالْإِكْثَارِ مِنْهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي حَدِيث صَحِيح كَمَا تقدم

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :6023 ... غــ : 6358 ]
- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى حَازِمٍ وَالدَّرَاوَرْدِىُّ عَنْ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ، عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ: قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا السَّلاَمُ عَلَيْكَ فَكَيْفَ
نُصَلِّى؟ قَالَ: قُولُوا «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَآلِ إِبْرَاهِيمَ».

وبه قال: ( حدّثنا إبراهيم بن حمزة) بالحاء المهملة والزاي ابن محمد بن حمزة بن مصعب بن الزبير بن العوّام أبو إسحاق القرشي الأسدي الزبيري المدني والد مصعب بن إبراهيم قال: ( حدّثنا ابن أبي حازم) عبد العزيز واسم أبي حازم سلمة بن دينار المدني ( والدراوردي) بفتح الدّال المهملة والراء وبعد الألف واو مفتوحة فراء ساكنة فدال مهملة مكسورة عبد العزيز بن محمد ( عن يزيد) من الزيادة بن عبد الله بن أسامة بن الهاد الليثي ( عن عبد الله بن خباب) بفتح الخاء المعجمة وتشديد الموحدة ويعد الألف موحدة أخرى الأنصاري ( عن أبي سعيد الخدري) -رضي الله عنه- أنه ( قال: قلنا يا رسول الله هذا السلام عليك) أي قد عرفناه ( فكيف نصلي) أي عليك ( قال) :
( قولوا اللهم صل على محمد عبدك ورسولك كما صليت على إبراهيم وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم) بإسقاط على في آل في الموضعين وإثبات إبراهيم في الموضعين.
نعم الذي في اليونينية في قوله: وبارك على محمد وعلى آل محمد بإثبات على بخلاف الحديث الأول فأسقطها في الموضعين، وسبق أن بعض الرواة حفظ ما لم يحفظه الآخر فلا حاجة إلى القول بأن ذكر الآل مقحم على رواية الحديث الأول كما لا يخفى.

فإن قلت: لم قال: كما صليت على إبراهيم ولم يقل على موسى؟ أجاب المرجاني: بأن موسى كان التجلي له بالجلال فخرّ موسى صعقًا، والخليل كان التجلي له بالجمال لأن المحبة والخلة من آثار التجلي بالجمال فلذا أمر نبينا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن نصلي عليه كما صلّى الله على إبراهيم لنسأل له التجلي بالجمال، وهذا لا يقتضي التسوية بينه وبين الخليل في الوصف الذي هو التجلي بالجمال فإن الحق سبحانه يتجلى بالجمال لشخصين بحسب مقامهما وإن اشتركا في وصف التجلي بالجمال فيتجلى لكل واحد منهما بحسب مقامه عنده ومكانته.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :6023 ... غــ :6358 ]
- حدَّثنا إبْراهِيمُ بنُ حَمْزَةَ حدّثنا ابنُ أبي حازِمٍ والدَّراوَرْدِيُّ عنْ يَزِيدُ عنْ عَبْدِ الله ابنِ خَبَّابٍ عنْ أبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قَالَ: قلْنا: يَا رسولَ الله} هَذَا السَّلامُ عَلَيْكَ، فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قَالَ: قُولُوا: أللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ ورَسولِكَ كَمَا صَلَّيْتَ على إبْراهِيمَ، وبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بارَكْتَ عَلى إبْراهِيمَ وآلِ إبْراهِيمَ.
( انْظُر الحَدِيث 4798) .


مطابقته للتَّرْجَمَة مثل مَا ذكرنَا فِي الحَدِيث السَّابِق وَإِبْرَاهِيم بن حَمْزَة أَبُو إِسْحَاق الزبيرِي الْمَدِينِيّ، وَابْن أبي حَازِم هُوَ عبد الْعَزِيز بن أبي حَازِم بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالزَّاي واسْمه سَلمَة بن دِينَار، والدراوردي هُوَ عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد وَيزِيد من الزِّيَادَة ابْن عبد الله بن أُسَامَة بن الْهَاد اللَّيْثِيّ، وَعبد الله بن خبابُ بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة الأولى مولى بني عدي ابْن النجار الْأنْصَارِيّ، وَأَبُو سعيد الْخُدْرِيّ اسْمه سعد بن مَالك.

والْحَدِيث مضى أَيْضا فِي تَفْسِير سُورَة الْأَحْزَاب،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: شَرط التَّشْبِيه أَن يكون الْمُشبه بِهِ أقوى، وَهَاهُنَا بِالْعَكْسِ لِأَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أفضل من إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام وَأجَاب بِأَن هَذَا التَّشْبِيه لَيْسَ من بابُُ إِلْحَاق النَّاقِص بالكامل بل من بابُُ بَيَان حَال من لَا يعرف بِمَا يعرف فَلَا يشْتَرط ذَلِك والتشبيه فِيمَا يسْتَقْبل وَهُوَ أقوى، أَو الْمَجْمُوع شبه بالمجموع، وَلَا شكّ أَن آل إِبْرَاهِيم أفضل من آل مُحَمَّد إِذْ فيهم الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام وَلَا نَبِي فِي آل مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.