هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
6011 حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ ، عَنْ أَبِي العَالِيَةِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو عِنْدَ الكَرْبِ يَقُولُ : لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ العَظِيمُ الحَلِيمُ ، لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ ، وَرَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
6011 حدثنا مسلم بن إبراهيم ، حدثنا هشام ، حدثنا قتادة ، عن أبي العالية ، عن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو عند الكرب يقول : لا إله إلا الله العظيم الحليم ، لا إله إلا الله رب السموات والأرض ، ورب العرش العظيم
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Ibn `Abbas:

The Prophet (ﷺ) used to invoke Allah at the time of distress, saying, La ilaha illal-lahu Al-`Azim, al- Halim, La ilaha illal-lahu Rabbu-s-samawati wal-ard wa Rabbu-l-arsh il-azim.

":"ہم سے مسلم بن ابراہیم نے بیان کیا ، انہوں نے کہا ہم سے ہشام بن عروہ نے بیان کیا ، انہوں نے کہا ہم سے قتادہ نے بیان کیا ، ان سے ابو العالیہ نے اور ان سے حضرت ابن عباس رضی اللہ عنہما نے کہنبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم پریشانی کے وقت یہ دعا کرتے تھے لا إله إلا الله العظيم الحليم ، ‏‏‏‏ لا إله إلا الله رب السموات والأرض ، ‏‏‏‏ رب العرش العظيم ‏ ” اللہ کے سوا کوئی معبودنہیں جو بہت عظمت والا ہے اور برد بار ہے ، اللہ کے سوا کوئی معبود نہیں جو آسمانوں اور زمین کا رب اور بڑے بھاری عرش کارب ہے ۔ “

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [6345] .

     قَوْلُهُ  هِشَامٌ وَفِي الطَّرِيقِ الثَّانِيَةِ هِشَامُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ الدَّسْتَوَائِيُّ وَأَبُو الْعَالِيَةِ هُوَ الرِّيَاحِيُّ بِتَحْتَانِيَّةٍ ثُمَّ مُهْمَلَةٍ وَاسْمُهُ رُفَيْعٌ وَقَدْ رَوَاهُ قَتَادَةُ عَنْهُ بِالْعَنْعَنَةِ وَهُوَ مُدَلِّسٌ وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو دَاوُدَ فِي السُّنَنِ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ عَقِبَ حَدِيثِ أَبِي خَالِدٍ الدَّالَانِيِّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ شُعْبَةُ إِنَّمَا سَمِعَ قَتَادَةُ مِنْ أَبِي الْعَالِيَةِ أَرْبَعَةَ أَحَادِيثَ حَدِيثَ يُونُس بن مَتى وَحَدِيث بن عُمَرَ فِي الصَّلَاةِ وَحَدِيثَ الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ وَحَدِيثَ بن عَبَّاس شهد عِنْدِي رجال مرضيون وروى بن أَبِي حَاتِمٍ فِي الْمَرَاسِيلِ بِسَنَدِهِ عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ عَنْ شُعْبَةَ قَالَ لَمْ يَسْمَعْ قَتَادَةُ مِنْ أَبِي الْعَالِيَةِ إِلَّا ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ فَذَكَرَهَا بِنَحْوِهِ وَلم يذكر حَدِيث بن عُمَرَ وَكَأَنَّ الْبُخَارِيَّ لَمْ يَعْتَبِرْبِهَذَا الْحَصْرِ لِأَنَّ شُعْبَةَ مَا كَانَ يُحَدِّثُ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الْمُدَلِّسِينَ إِلَّا بِمَا يَكُونُ ذَلِكَ الْمُدَلِّسُ قَدْ سَمِعَهُ مِنْ شَيْخِهِ وَقَدْ حَدَّثَ شُعْبَةُ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ قَتَادَةَ وَهَذَا هُوَ السِّرُّ فِي إِيرَادِهِ لَهُ مُعَلَّقًا فِي آخِرِ التَّرْجَمَةِ مِنْ رِوَايَةِ شُعْبَةَ وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ الْحَدِيثَ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ أَبَا الْعَالِيَةِ حَدَّثَهُ وَهَذَا صَرِيحٌ فِي سَمَاعِهِ لَهُ مِنْهُ وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ غَيْرَ هَذَا وَهُوَ حَدِيثُ رُؤْيَةِ مُوسَى وَغَيْرِهِ لَيْلَة أسرى بِهِ واخرج مُسْلِمٌ أَيْضًا وَقَولُهُ فِي هَذَا الْمُعَلَّقِ.

     وَقَالَ  وَهْبٌ كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَلِلْمُسْتَمْلِي وَحْدَهُ وُهَيْبٌ بِالتَّصْغِيرِ.

     وَقَالَ  أَبُو ذَرٍّ الصَّوَابُ الْأَوَّلُ.

.

قُلْتُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي زَيْدٍ الْمَرْوَزِيِّ وَهْبُ بْنُ جرير أَي بن حَازِمٍ فَأَزَالَ الْإِشْكَالَ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْبُخَارِيَّ أَخْرَجَ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ فِي التَّوْحِيدِ مِنْ طَرِيقِ وُهَيْبٍ بِالتَّصْغِيرِ وَهُوَ بن خَالِدٍ فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ فَظَهَرَ أَنَّهُ عِنْدَ وُهَيْبٍ بِالتَّصْغِيرِ عَنْ سَعِيدٍ بِالْمُهْمَلَةِ وَالدَّالِ وَعِنْدَ وَهْبٍ بِسُكُونِ الْهَاءِ عَنْ شُعْبَةَ بِالْمُعْجَمَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ .

     قَوْلُهُ  كَانَ يَدْعُو عِنْدَ الْكَرْبِ أَيْ عِنْدَ حُلُولِ الْكَرْبِ وَعِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ كَانَ يَدْعُو بِهِنَّ وَيَقولُهُنَّ عِنْدَ الْكَرْبِ وَلَهُ مِنْ رِوَايَةِ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أَبِي الْحَارِثِ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ كَانَ إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ وَهُوَ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالزَّايِ وَبِالْمُوَحَّدَةِ أَيْ هَجَمَ عَلَيْهِ أَوْ غَلَبَهُ وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عِنْدَ النَّسَائِيِّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ لَقَّنَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ وَأَمَرَنِي إِنْ نَزَلَ بِي كَرْبٌ أَوْ شِدَّةٌ أَنْ أَقُولَهُا .

     قَوْلُهُ  لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ وَوَقَعَ فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي بَعْدَهَا بِلَفْظِ وَرَبُّ الْأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ.

     وَقَالَ  فِي أَوَّلِهِ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ بَدَلَ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ وَوَقَعَ جَمِيعُ مَا تَضَمَّنَتْهُ هَاتَانِ الرِّوَايَتَانِ فِي رِوَايَةِ وُهَيْبِ بْنِ خَالِدٍ الَّتِي أَشَرْتُ إِلَيْهَا لَكِنْ قَالَ الْعَلِيمُ الْحَلِيمُ بِاللَّامِ بَدَلَ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَذَا هُوَ لِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ مُعَاذِ بْنِ هِشَامٍ.

     وَقَالَ  الْعَظِيمُ بَدَلَ الْعَلِيمُ قَوْله رب الْعَرْش الْعَظِيم نقل بن التِّينِ عَنِ الدَّاوُدِيِّ أَنَّهُ رَوَاهُ بِرَفْعِ الْعَظِيمِ وَكَذَا بِرَفْعِ الْكَرِيمِ فِي قَوْلِهِ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمُ عَلَى أَنَّهُمَا نَعْتَانِ لِلرَّبِّ وَالَّذِي ثَبَتَ فِي رِوَايَةِ الْجُمْهُورِ بِالْجَرِّ عَلَى أَنَّهُ نَعْتٌ لِلْعَرْشِ وَكَذَا قَرَأَ الْجُمْهُورُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى رب الْعَرْش الْعَظِيم وَرب الْعَرْش الْكَرِيم بِالرَّفْع وَقَرَأَ بن مُحَيْصِنٍ بِالْجَرِّ فِيهِمَا وَجَاءَ ذَلِكَ أَيْضًا عَنِ بن كَثِيرٍ وَعَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَدَنِيِّ وَأُعْرِبَ بِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا مَا تَقَدَّمَ وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ مَعَ الرَّفْعِ نَعْتًا لِلْعَرْشِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ قُطِعَ عَمَّا قَبْلَهُ لِلْمَدْحِ وَرُجِّحَ لِحُصُولِ تَوَافُقِ الْقِرَاءَتَيْنِ وَرَجَّحَ أَبُو بَكْرٍ الْأَصَمُّ الْأَوَّلَ لِأَنَّ وَصْفَ الرَّبِّ بِالْعَظِيمِ أَوْلَى مِنْ وَصْفِ الْعَرْشِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ وَصْفَ مَا يُضَافُ لِلْعَظِيمِ بِالْعَظِيمِ أَقْوَى فِي تَعْظِيمِ الْعَظِيمِ فَقَدْ نَعَتَ الْهُدْهُدُ عَرْشَ بَلْقِيسَ بِأَنَّهُ عَرْشٌ عَظِيمٌ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ سُلَيْمَانُ قَالَ الْعُلَمَاءُ الْحَلِيمُ الَّذِي يُؤَخِّرُ الْعُقُوبَةَ مَعَ الْقُدْرَةِ وَالْعَظِيمُ الَّذِي لَا شَيْءَ يَعْظُمُ عَلَيْهِ وَالْكَرِيمُ الْمُعْطِي فَضْلًا وَسَيَأْتِي لِذَلِكَ مَزِيدٌ فِي شَرْحِ الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى قَرِيبًا.

     وَقَالَ  الطِّيبِيُّ صَدَّرَ هَذَا الثَّنَاءَ بِذِكْرِ الرَّبِّ لِيُنَاسِبَ كَشْفَ الْكَرْبِ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى التَّرْبِيَةِ وَفِيهِ التَّهْلِيلُ الْمُشْتَمِلُ عَلَى التَّوْحِيدِ وَهُوَ أَصْلُ التَّنْزِيهَاتِ الْجَلَالِيَّةِ وَالْعَظَمَةُ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى تَمَامِ الْقُدْرَةِ وَالْحِلْمُ الَّذِي يَدُلُّ عَلَى الْعِلْمِ إِذِ الْجَاهِلُ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ حِلْمٌ وَلَا كَرَمٌ وَهُمَا أَصْلُ الْأَوْصَافِ الْإِكْرَامِيَّةِ وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ الَّذِي أَشَرْتُ إِلَيْهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْكَرِيمُ الْعَظِيمُ سُبْحَانَ اللَّهِ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَفِي لَفْظِ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ فِي الْأَوَّلِ وَفِي لَفْظِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ لَاإِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ وَفِي لَفْظِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ سُبْحَانَهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمُ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ أَخْرَجَهَا كلهَا النَّسَائِيّ قَالَ الطَّبَرِيّ معنى قَول بن عَبَّاسٍ يَدْعُو وَإِنَّمَا هُوَ تَهْلِيلٌ وَتَعْظِيمٌ يَحْتَمِلُ أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمُرَادَ تَقْدِيمُ ذَلِكَ قُبَيْلَ الدُّعَاءِ كَمَا وَرَدَ مِنْ طَرِيقِ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ الْمَذْكُورَةِ وَفِي آخِرِهِ ثُمَّ يَدْعُو.

.

قُلْتُ وَكَذَا هُوَ عِنْدَ أَبِي عَوَانَةَ فِي مُسْتَخْرَجِهِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَعِنْدَ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ كَانَ إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ قَالَ فَذَكَرَ الذِّكْرَ الْمَأْثُورَ وَزَادَ ثُمَّ دَعَا وَفِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ مِنْ طَرِيق عبد الله بن الْحَارِث سَمِعت بن عَبَّاسٍ فَذَكَرَهُ وَزَادَ فِي آخِرِهِ اللَّهُمَّ اصْرِفْ عَنِّي شَرَّهُ قَالَ الطَّبَرِيُّ وَيُؤَيِّدُ هَذَا مَا رَوَى الْأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ كَانَ يُقَالُ إِذَا بَدَأَ الرَّجُلُ بِالثَّنَاءِ قَبْلَ الدُّعَاءِ اسْتُجِيبَ وَإِذَا بَدَأَ بِالدُّعَاءِ قَبْلَ الثَّنَاءِ كَانَ عَلَى الرَّجَاء ثَانِيهمَا مَا أجَاب بِهِ بن عُيَيْنَةَ فِيمَا حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ حَسَنٍ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ سَأَلت بن عُيَيْنَةَ عَنِ الْحَدِيثِ الَّذِي فِيهِ أَكْثَرُ مَا كَانَ يَدْعُو بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَفَةَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ الْحَدِيثَ فَقَالَ سُفْيَانُ هُوَ ذِكْرٌ وَلَيْسَ فِيهِ دُعَاءٌ وَلَكِنْ قَالَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَنْ شَغَلَهُ ذِكْرِي عَنْ مَسْأَلَتِي أَعْطَيْتُهُ أَفْضَلَ مَا أُعْطِي السَّائِلِينَ قَالَ.

     وَقَالَ  أُمَيَّةُ بن أَبِي الصَّلْتِ فِي مَدْحِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُدْعَانَ أَأَذْكُرُ حَاجَتِي أَمْ قَدْ كَفَانِي حَيَاؤُكَ إِنَّ شِيمَتَكَ الْحَيَاءُ إِذَا أَثْنَى عَلَيْكَ الْمَرْءُ يَوْمًا كَفَاهُ مِنْ تَعَرُّضِكَ الثَّنَاءُ قَالَ سُفْيَانُ فَهَذَا مَخْلُوقٌ حِينَ نُسِبَ إِلَى الْكَرَمِ اكْتَفَى بِالثَّنَاءِ عَنِ السُّؤَالِ فَكَيْفَ بِالْخَالِقِ.

.

قُلْتُ وَيُؤَيِّدُ الِاحْتِمَالَ الثَّانِيَ حَدِيثُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَفَعَهُ دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ وَفِي لَفْظٍ لِلْحَاكِمِ فَقَالَ رَجُلٌ أَكَانَتْ لِيُونُسَ خَاصَّةً أَمْ لِلْمُؤْمِنِينَ عَامَّةً فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلا تَسْمَعُ إِلَى قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤمنِينَ.

     وَقَالَ  بن بَطَّالٍ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيُّ قَالَ كُنْتُ بِأَصْبَهَانَ عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ أَكْتُبُ الْحَدِيثَ وَهُنَاكَ شَيْخٌ يُقَالُ لَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَلِيٍّ عَلَيْهِ مَدَارُ الْفُتْيَا فَسُعِيَ بِهِ عِنْدَ السُّلْطَانِ فَسُجِنَ فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنَامِ وَجِبْرِيلُ عَنْ يَمِينِهِ يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ بالتسبيح لَا يفتر فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْ لِأَبِي بَكْرِ بْنِ عَلِيٍّ يَدْعُو بِدُعَاءِ الْكَرْبِ الَّذِي فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ حَتَّى يُفَرِّجَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ فَأَصْبَحْتُ فَأَخْبَرْتُهُ فَدَعَا بِهِ فَلَمْ يَكُنْ إِلَّا قَلِيلا حَتَّى اخْرُج انْتهى واخرج بن أَبِي الدُّنْيَا فِي كِتَابِ الْفَرَجِ بَعْدَ الشِّدَّةِ لَهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ كَتَبَ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ إِلَى عُثْمَانَ بْنِ حَيَّانَ انْظُرِ الْحَسَنَ بْنَ الْحَسَنِ فَاجْلِدْهُ مِائَةَ جَلْدَةٍ وَأَوْقِفْهُ لِلنَّاسِ قَالَ فَبَعَثَ إِلَيْهِ فَجِيءَ بِهِ فَقَامَ إِلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن فَقَالَ يَا بن عَمَّ تَكَلَّمْ بِكَلِمَاتِ الْفَرَجِ يُفَرِّجِ اللَّهُ عَنْكَ فَذَكَرَ حَدِيثَ عَلِيٍّ بِاللَّفْظِ الثَّانِي فَقَالَهَا فَرَفَعَ إِلَيْهِ عُثْمَانُ رَأْسَهُ فَقَالَ أَرَى وَجْهَ رَجُلٍ كُذِبَ عَلَيْهِ خَلُّوا سَبِيلَهُ فَسَأَكْتُبُ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ بِعُذْرِهِ فَأَطْلَقَ وَأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ وَالطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ لَمَّا زَوَّجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ ابْنَتَهُ قَالَ لَهَا إِنْ نَزَلَ بِكِ أَمْرٌ فَاسْتَقْبِلِيهِ بِأَنْ تَقُولِي لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ سُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ قَالَ الْحَسَنُ فَأَرْسَلَ إِلَيَّ الْحَجَّاجُ فَقُلْتُهُنَّ فَقَالَ وَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَقْتُلَكَ فَلَأَنْتَ الْيَوْمَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا وَزَادَ فِي لَفْظٍ فَسَلْ حَاجَتَكَ وَمِمَّا وَرَدَ مِنْدَعَوَاتِ الْكَرْبِ مَا أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ إِلَّا التِّرْمِذِيَّ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ قَالَتْ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا أُعَلِّمُكِ كَلِمَاتٍ تَقُولِيهِنَّ عِنْدَ الْكَرْبِ اللَّهُ اللَّهُ رَبِّي لَا أُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرِيّ من طَرِيق أبي الجوزاء عَن بن عَبَّاس مثله وَلأبي دَاوُد وَصَححهُ بن حِبَّانَ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَفَعَهُ دَعَوَاتُ الْمَكْرُوبِ اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو فَلَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ وَأَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ لَا اله الا أَنْت ( قَولُهُ بَابُ التَّعَوُّذِ مِنْ جَهْدِ الْبَلَاءِ) الْجَهْدُ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَبِضَمِّهَا الْمَشَقَّةُ وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ فِي حَدِيثِ بَدْءِ الْوَحْيِ أَوَّلَ الْكِتَابِ وَالْبَلَاءُ بِالْفَتْحِ مَعَ الْمَدِّ وَيَجُوزُ الْكَسْرُ مَعَ الْقَصْرِ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( وَله بَابُ الدُّعَاءِ عِنْدَ الْكَرْبِ)
بِفَتْحِ الْكَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ هُوَ مَا يُدْهِمُ الْمَرْءَ مِمَّا يَأْخُذُ بِنَفْسِهِ فَيَغُمُّهُ وَيُحْزِنُهُ

[ قــ :6011 ... غــ :6345] .

     قَوْلُهُ  هِشَامٌ وَفِي الطَّرِيقِ الثَّانِيَةِ هِشَامُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ الدَّسْتَوَائِيُّ وَأَبُو الْعَالِيَةِ هُوَ الرِّيَاحِيُّ بِتَحْتَانِيَّةٍ ثُمَّ مُهْمَلَةٍ وَاسْمُهُ رُفَيْعٌ وَقَدْ رَوَاهُ قَتَادَةُ عَنْهُ بِالْعَنْعَنَةِ وَهُوَ مُدَلِّسٌ وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو دَاوُدَ فِي السُّنَنِ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ عَقِبَ حَدِيثِ أَبِي خَالِدٍ الدَّالَانِيِّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ شُعْبَةُ إِنَّمَا سَمِعَ قَتَادَةُ مِنْ أَبِي الْعَالِيَةِ أَرْبَعَةَ أَحَادِيثَ حَدِيثَ يُونُس بن مَتى وَحَدِيث بن عُمَرَ فِي الصَّلَاةِ وَحَدِيثَ الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ وَحَدِيثَ بن عَبَّاس شهد عِنْدِي رجال مرضيون وروى بن أَبِي حَاتِمٍ فِي الْمَرَاسِيلِ بِسَنَدِهِ عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ عَنْ شُعْبَةَ قَالَ لَمْ يَسْمَعْ قَتَادَةُ مِنْ أَبِي الْعَالِيَةِ إِلَّا ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ فَذَكَرَهَا بِنَحْوِهِ وَلم يذكر حَدِيث بن عُمَرَ وَكَأَنَّ الْبُخَارِيَّ لَمْ يَعْتَبِرْ بِهَذَا الْحَصْرِ لِأَنَّ شُعْبَةَ مَا كَانَ يُحَدِّثُ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الْمُدَلِّسِينَ إِلَّا بِمَا يَكُونُ ذَلِكَ الْمُدَلِّسُ قَدْ سَمِعَهُ مِنْ شَيْخِهِ وَقَدْ حَدَّثَ شُعْبَةُ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ قَتَادَةَ وَهَذَا هُوَ السِّرُّ فِي إِيرَادِهِ لَهُ مُعَلَّقًا فِي آخِرِ التَّرْجَمَةِ مِنْ رِوَايَةِ شُعْبَةَ وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ الْحَدِيثَ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ أَبَا الْعَالِيَةِ حَدَّثَهُ وَهَذَا صَرِيحٌ فِي سَمَاعِهِ لَهُ مِنْهُ وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ غَيْرَ هَذَا وَهُوَ حَدِيثُ رُؤْيَةِ مُوسَى وَغَيْرِهِ لَيْلَة أسرى بِهِ واخرج مُسْلِمٌ أَيْضًا وَقَولُهُ فِي هَذَا الْمُعَلَّقِ.

     وَقَالَ  وَهْبٌ كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَلِلْمُسْتَمْلِي وَحْدَهُ وُهَيْبٌ بِالتَّصْغِيرِ.

     وَقَالَ  أَبُو ذَرٍّ الصَّوَابُ الْأَوَّلُ.

.

قُلْتُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي زَيْدٍ الْمَرْوَزِيِّ وَهْبُ بْنُ جرير أَي بن حَازِمٍ فَأَزَالَ الْإِشْكَالَ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْبُخَارِيَّ أَخْرَجَ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ فِي التَّوْحِيدِ مِنْ طَرِيقِ وُهَيْبٍ بِالتَّصْغِيرِ وَهُوَ بن خَالِدٍ فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ فَظَهَرَ أَنَّهُ عِنْدَ وُهَيْبٍ بِالتَّصْغِيرِ عَنْ سَعِيدٍ بِالْمُهْمَلَةِ وَالدَّالِ وَعِنْدَ وَهْبٍ بِسُكُونِ الْهَاءِ عَنْ شُعْبَةَ بِالْمُعْجَمَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ .

     قَوْلُهُ  كَانَ يَدْعُو عِنْدَ الْكَرْبِ أَيْ عِنْدَ حُلُولِ الْكَرْبِ وَعِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ كَانَ يَدْعُو بِهِنَّ وَيَقولُهُنَّ عِنْدَ الْكَرْبِ وَلَهُ مِنْ رِوَايَةِ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أَبِي الْحَارِثِ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ كَانَ إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ وَهُوَ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالزَّايِ وَبِالْمُوَحَّدَةِ أَيْ هَجَمَ عَلَيْهِ أَوْ غَلَبَهُ وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عِنْدَ النَّسَائِيِّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ لَقَّنَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ وَأَمَرَنِي إِنْ نَزَلَ بِي كَرْبٌ أَوْ شِدَّةٌ أَنْ أَقُولَهُا .

     قَوْلُهُ  لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ وَوَقَعَ فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي بَعْدَهَا بِلَفْظِ وَرَبُّ الْأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ.

     وَقَالَ  فِي أَوَّلِهِ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ بَدَلَ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ وَوَقَعَ جَمِيعُ مَا تَضَمَّنَتْهُ هَاتَانِ الرِّوَايَتَانِ فِي رِوَايَةِ وُهَيْبِ بْنِ خَالِدٍ الَّتِي أَشَرْتُ إِلَيْهَا لَكِنْ قَالَ الْعَلِيمُ الْحَلِيمُ بِاللَّامِ بَدَلَ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَذَا هُوَ لِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ مُعَاذِ بْنِ هِشَامٍ.

     وَقَالَ  الْعَظِيمُ بَدَلَ الْعَلِيمُ قَوْله رب الْعَرْش الْعَظِيم نقل بن التِّينِ عَنِ الدَّاوُدِيِّ أَنَّهُ رَوَاهُ بِرَفْعِ الْعَظِيمِ وَكَذَا بِرَفْعِ الْكَرِيمِ فِي قَوْلِهِ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمُ عَلَى أَنَّهُمَا نَعْتَانِ لِلرَّبِّ وَالَّذِي ثَبَتَ فِي رِوَايَةِ الْجُمْهُورِ بِالْجَرِّ عَلَى أَنَّهُ نَعْتٌ لِلْعَرْشِ وَكَذَا قَرَأَ الْجُمْهُورُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى رب الْعَرْش الْعَظِيم وَرب الْعَرْش الْكَرِيم بِالرَّفْع وَقَرَأَ بن مُحَيْصِنٍ بِالْجَرِّ فِيهِمَا وَجَاءَ ذَلِكَ أَيْضًا عَنِ بن كَثِيرٍ وَعَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَدَنِيِّ وَأُعْرِبَ بِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا مَا تَقَدَّمَ وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ مَعَ الرَّفْعِ نَعْتًا لِلْعَرْشِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ قُطِعَ عَمَّا قَبْلَهُ لِلْمَدْحِ وَرُجِّحَ لِحُصُولِ تَوَافُقِ الْقِرَاءَتَيْنِ وَرَجَّحَ أَبُو بَكْرٍ الْأَصَمُّ الْأَوَّلَ لِأَنَّ وَصْفَ الرَّبِّ بِالْعَظِيمِ أَوْلَى مِنْ وَصْفِ الْعَرْشِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ وَصْفَ مَا يُضَافُ لِلْعَظِيمِ بِالْعَظِيمِ أَقْوَى فِي تَعْظِيمِ الْعَظِيمِ فَقَدْ نَعَتَ الْهُدْهُدُ عَرْشَ بَلْقِيسَ بِأَنَّهُ عَرْشٌ عَظِيمٌ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ سُلَيْمَانُ قَالَ الْعُلَمَاءُ الْحَلِيمُ الَّذِي يُؤَخِّرُ الْعُقُوبَةَ مَعَ الْقُدْرَةِ وَالْعَظِيمُ الَّذِي لَا شَيْءَ يَعْظُمُ عَلَيْهِ وَالْكَرِيمُ الْمُعْطِي فَضْلًا وَسَيَأْتِي لِذَلِكَ مَزِيدٌ فِي شَرْحِ الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى قَرِيبًا.

     وَقَالَ  الطِّيبِيُّ صَدَّرَ هَذَا الثَّنَاءَ بِذِكْرِ الرَّبِّ لِيُنَاسِبَ كَشْفَ الْكَرْبِ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى التَّرْبِيَةِ وَفِيهِ التَّهْلِيلُ الْمُشْتَمِلُ عَلَى التَّوْحِيدِ وَهُوَ أَصْلُ التَّنْزِيهَاتِ الْجَلَالِيَّةِ وَالْعَظَمَةُ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى تَمَامِ الْقُدْرَةِ وَالْحِلْمُ الَّذِي يَدُلُّ عَلَى الْعِلْمِ إِذِ الْجَاهِلُ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ حِلْمٌ وَلَا كَرَمٌ وَهُمَا أَصْلُ الْأَوْصَافِ الْإِكْرَامِيَّةِ وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ الَّذِي أَشَرْتُ إِلَيْهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْكَرِيمُ الْعَظِيمُ سُبْحَانَ اللَّهِ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَفِي لَفْظِ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ فِي الْأَوَّلِ وَفِي لَفْظِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ وَفِي لَفْظِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ سُبْحَانَهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمُ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ أَخْرَجَهَا كلهَا النَّسَائِيّ قَالَ الطَّبَرِيّ معنى قَول بن عَبَّاسٍ يَدْعُو وَإِنَّمَا هُوَ تَهْلِيلٌ وَتَعْظِيمٌ يَحْتَمِلُ أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمُرَادَ تَقْدِيمُ ذَلِكَ قُبَيْلَ الدُّعَاءِ كَمَا وَرَدَ مِنْ طَرِيقِ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ الْمَذْكُورَةِ وَفِي آخِرِهِ ثُمَّ يَدْعُو.

.

قُلْتُ وَكَذَا هُوَ عِنْدَ أَبِي عَوَانَةَ فِي مُسْتَخْرَجِهِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَعِنْدَ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ كَانَ إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ قَالَ فَذَكَرَ الذِّكْرَ الْمَأْثُورَ وَزَادَ ثُمَّ دَعَا وَفِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ مِنْ طَرِيق عبد الله بن الْحَارِث سَمِعت بن عَبَّاسٍ فَذَكَرَهُ وَزَادَ فِي آخِرِهِ اللَّهُمَّ اصْرِفْ عَنِّي شَرَّهُ قَالَ الطَّبَرِيُّ وَيُؤَيِّدُ هَذَا مَا رَوَى الْأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ كَانَ يُقَالُ إِذَا بَدَأَ الرَّجُلُ بِالثَّنَاءِ قَبْلَ الدُّعَاءِ اسْتُجِيبَ وَإِذَا بَدَأَ بِالدُّعَاءِ قَبْلَ الثَّنَاءِ كَانَ عَلَى الرَّجَاء ثَانِيهمَا مَا أجَاب بِهِ بن عُيَيْنَةَ فِيمَا حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ حَسَنٍ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ سَأَلت بن عُيَيْنَةَ عَنِ الْحَدِيثِ الَّذِي فِيهِ أَكْثَرُ مَا كَانَ يَدْعُو بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَفَةَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ الْحَدِيثَ فَقَالَ سُفْيَانُ هُوَ ذِكْرٌ وَلَيْسَ فِيهِ دُعَاءٌ وَلَكِنْ قَالَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَنْ شَغَلَهُ ذِكْرِي عَنْ مَسْأَلَتِي أَعْطَيْتُهُ أَفْضَلَ مَا أُعْطِي السَّائِلِينَ قَالَ.

     وَقَالَ  أُمَيَّةُ بن أَبِي الصَّلْتِ فِي مَدْحِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُدْعَانَ أَأَذْكُرُ حَاجَتِي أَمْ قَدْ كَفَانِي حَيَاؤُكَ إِنَّ شِيمَتَكَ الْحَيَاءُ إِذَا أَثْنَى عَلَيْكَ الْمَرْءُ يَوْمًا كَفَاهُ مِنْ تَعَرُّضِكَ الثَّنَاءُ قَالَ سُفْيَانُ فَهَذَا مَخْلُوقٌ حِينَ نُسِبَ إِلَى الْكَرَمِ اكْتَفَى بِالثَّنَاءِ عَنِ السُّؤَالِ فَكَيْفَ بِالْخَالِقِ.

.

قُلْتُ وَيُؤَيِّدُ الِاحْتِمَالَ الثَّانِيَ حَدِيثُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَفَعَهُ دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ وَفِي لَفْظٍ لِلْحَاكِمِ فَقَالَ رَجُلٌ أَكَانَتْ لِيُونُسَ خَاصَّةً أَمْ لِلْمُؤْمِنِينَ عَامَّةً فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلا تَسْمَعُ إِلَى قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤمنِينَ.

     وَقَالَ  بن بَطَّالٍ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيُّ قَالَ كُنْتُ بِأَصْبَهَانَ عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ أَكْتُبُ الْحَدِيثَ وَهُنَاكَ شَيْخٌ يُقَالُ لَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَلِيٍّ عَلَيْهِ مَدَارُ الْفُتْيَا فَسُعِيَ بِهِ عِنْدَ السُّلْطَانِ فَسُجِنَ فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنَامِ وَجِبْرِيلُ عَنْ يَمِينِهِ يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ بالتسبيح لَا يفتر فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْ لِأَبِي بَكْرِ بْنِ عَلِيٍّ يَدْعُو بِدُعَاءِ الْكَرْبِ الَّذِي فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ حَتَّى يُفَرِّجَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ فَأَصْبَحْتُ فَأَخْبَرْتُهُ فَدَعَا بِهِ فَلَمْ يَكُنْ إِلَّا قَلِيلا حَتَّى اخْرُج انْتهى واخرج بن أَبِي الدُّنْيَا فِي كِتَابِ الْفَرَجِ بَعْدَ الشِّدَّةِ لَهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ كَتَبَ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ إِلَى عُثْمَانَ بْنِ حَيَّانَ انْظُرِ الْحَسَنَ بْنَ الْحَسَنِ فَاجْلِدْهُ مِائَةَ جَلْدَةٍ وَأَوْقِفْهُ لِلنَّاسِ قَالَ فَبَعَثَ إِلَيْهِ فَجِيءَ بِهِ فَقَامَ إِلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن فَقَالَ يَا بن عَمَّ تَكَلَّمْ بِكَلِمَاتِ الْفَرَجِ يُفَرِّجِ اللَّهُ عَنْكَ فَذَكَرَ حَدِيثَ عَلِيٍّ بِاللَّفْظِ الثَّانِي فَقَالَهَا فَرَفَعَ إِلَيْهِ عُثْمَانُ رَأْسَهُ فَقَالَ أَرَى وَجْهَ رَجُلٍ كُذِبَ عَلَيْهِ خَلُّوا سَبِيلَهُ فَسَأَكْتُبُ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ بِعُذْرِهِ فَأَطْلَقَ وَأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ وَالطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ لَمَّا زَوَّجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ ابْنَتَهُ قَالَ لَهَا إِنْ نَزَلَ بِكِ أَمْرٌ فَاسْتَقْبِلِيهِ بِأَنْ تَقُولِي لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ سُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ قَالَ الْحَسَنُ فَأَرْسَلَ إِلَيَّ الْحَجَّاجُ فَقُلْتُهُنَّ فَقَالَ وَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَقْتُلَكَ فَلَأَنْتَ الْيَوْمَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا وَزَادَ فِي لَفْظٍ فَسَلْ حَاجَتَكَ وَمِمَّا وَرَدَ مِنْ دَعَوَاتِ الْكَرْبِ مَا أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ إِلَّا التِّرْمِذِيَّ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ قَالَتْ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا أُعَلِّمُكِ كَلِمَاتٍ تَقُولِيهِنَّ عِنْدَ الْكَرْبِ اللَّهُ اللَّهُ رَبِّي لَا أُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرِيّ من طَرِيق أبي الجوزاء عَن بن عَبَّاس مثله وَلأبي دَاوُد وَصَححهُ بن حِبَّانَ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَفَعَهُ دَعَوَاتُ الْمَكْرُوبِ اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو فَلَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ وَأَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ لَا اله الا أَنْت

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب الدُّعَاءِ عِنْدَ الْكَرْبِ
( باب) ذكر ( الدعاء عند الكرب) بفتح الكاف وسكون الراء بعدها موحدة وهو ما يدهم الإنسان فيأخذ بنفسه فيغمه ويحزنه.


[ قــ :6011 ... غــ : 6345 ]
- حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَبِى الْعَالِيَةِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ: كَانَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَدْعُو عِنْدَ الْكَرْبِ يَقُولُ: «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ».

وبه قال: ( حدّثنا مسلم بن إبراهيم) الأزدي الفراهيدي بالفاء البصري قال: ( حدّثنا هشام) الدستوائي قال: ( حدّثنا قتادة) بن دعامة السدوسي الحافظ المفسر ( عن أبي العالية) رفيع الرياحي ( عن ابن عباس) -رضي الله عنهما- أنه ( قال: كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يدعو عند) حلول ( الكرب) ولمسلم من رواية يوسف بن عبد الله بن الحارث عن أبي العالية كان إذا حزبه أمر وهو بفتح الحاء المهملة والزاي وبالموحدة أي هجم عليه أو غلبه ( يقول) :
( لا إله إلا الله العظيم) المطلق البالغ أقصى مراتب العظمة الذي لا يتصوّره عقل ولا يحيط بكنهه بصيرة ( الحليم) الذي لا يستفزه غضب ولا يحمله غيظ على استعجال العقوبة والمسارعة إلى الانتقام وسقط لغير أبي ذر لفظ يقول ( لا إله إلا الله رب السماوات والأرض ورب العرش العظيم) بالجر صفة للعرش ووصف العرش بالعظيم لأنه أعظم خلق الله مطافًا لأهل السماء وقبلة للدعاء، وضبطه الداودي فيما نقله عنه ابن التين السفاقسي بالرفع وبه قرأ ابن محيصن آخر التوبة نعتًا للرب قال أبو بكر الأصم: جعل العظيم صفة لله أولى من جعله صفة للعرش وثبتت الواو في قوله ورب العرش لأبي ذر.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ الدُّعاءِ عِنْدَ الكَرْبِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان الدُّعَاء عِنْد الكرب بِفَتْح الْكَاف وَسُكُون الرَّاء وبالباء الْمُوَحدَة وَهُوَ حزن يَأْخُذ بِالنَّفسِ.



[ قــ :6011 ... غــ :6345 ]
- حدَّثنا مُسْلِمُ بنُ إبْرَاهِيمَ حَدثنَا هِشامٌ حَدثنَا قَتادَةُ عنْ أبي العالِيَةِ عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كانَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَدْعُو عِنْدَ الكَرْبِ يَقُولُ: لَا إلهَ إلاّ الله العَظِيمُ الحَلِيمُ، لَا إِلَه إلاَّ الله ربُّ السَّمَوَاتِ والأرْض، ربُّ العَرْشِ العَظِيمِ.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة فِي قَوْله: ( يَدْعُو عِنْد الكرب)
إِلَى آخِره.
وَهِشَام هُوَ ابْن أبي عبد الله الدستوَائي، وَأَبُو الْعَالِيَة من الْعُلُوّ اسْمه رفيع بِضَم الرَّاء وَفتح الْفَاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالعين الْمُهْملَة الريَاحي بِكَسْر الرَّاء وَتَخْفِيف الْيَاء آخر الْحُرُوف وَبِالْحَاءِ الْمُهْملَة فَإِن قلت: قَتَادَة مُدَلّس وَقد روى أَبُو دَاوُد فِي ( سنَنه) فِي كتاب الطَّهَارَة عقيب حَدِيث أبي خَالِد الدالاني عَن قَتَادَة عَن أبي الْعَالِيَة، قَالَ شُعْبَة: إِنَّمَا سمع قَتَادَة من أبي الْعَالِيَة أَرْبَعَة أَحَادِيث: حَدِيث يُونُس بن مَتى، وَحَدِيث ابْن عمر فِي الصَّلَاة، وَحَدِيث الْقُضَاة ثَلَاثَة، وَحَدِيث ابْن عَبَّاس: شهد عِنْدِي رجال مرضيون.
قلت: لم يعْتَبر البُخَارِيّ هَذَا الْحصْر لِأَن شُعْبَة مَا كَانَ يحدث عَن أحد من المدلسين إلاَّ أَن يكون ذَلِك المدلس قد سَمعه من شَيْخه، وَقد حدث شُعْبَة هَذَا الحَدِيث عَن قَتَادَة، فَلذَلِك أوردهُ البُخَارِيّ مُعَلّقا فِي آخر التَّرْجَمَة، حَيْثُ قَالَ:.

     وَقَالَ  وهب: حَدثنَا شُعْبَة عَن قَتَادَة مثله، على مَا يَجِيء بَيَانه إِن شَاءَ الله تَعَالَى.

قَوْله: ( كَانَ يَدْعُو عِنْد الكرب) أَي: عِنْد حُلُول الكرب، وَفِي رِوَايَة مُسلم: كَانَ يَدْعُو بِهن ويقولهن عِنْد الكرب.
قَوْله: ( لَا إِلَه إلاَّ الله الْعَظِيم الْحَلِيم) اشْتَمَل هَذَا على التَّوْحِيد الَّذِي هُوَ أصل التنزيهات المسمات بالأوصاف الجلالية، وعَلى العظمة الَّتِي تدل على الْقُدْرَة الْعَظِيمَة إِذْ الْعَاجِز لَا يكون عَظِيما، وعَلى الْحلم الَّذِي يدل على الْعلم، إِذْ الْجَاهِل بالشَّيْء لَا يتَصَوَّر مِنْهُ الْحلم، وهما أصل الصِّفَات الوجودية الْحَقِيقِيَّة الْمُسَمَّاة بالأوصاف الإكرامية، وَوجه تَخْصِيص الذّكر بالحليم لِأَن كرب الْمُؤمن غَالِبا إِنَّمَا هُوَ على نوع تَقْصِير فِي الطَّاعَات أَو غَفلَة فِي الْحَالَات وَهَذَا يشْعر برجاء الْعَفو المقلل للحزن فَإِن قلت: الْحلم هُوَ الطُّمَأْنِينَة عِنْد الْغَضَب، فَكيف تطلق على الله عز وَجل؟ قلت: تطلق على الله وَيُرَاد لازمها وَهُوَ تَأْخِير الْعقُوبَة.
فَإِن قلت: هَذَا ذكر لَا دُعَاء.
قلت: إِنَّه ذكر يستفتح بِهِ الدُّعَاء لكشف الكرب.
قَوْله: ( رب السَّمَوَات وَالْأَرْض) خصهما بِالذكر لِأَنَّهُمَا من أعظم المشاهدات، وَمعنى: الرب فِي اللُّغَة يُطلق على الْمَالِك وَالسَّيِّد وَالْمُدبر والمربى والمتمم والمنعم وَلَا يُطلق غير مُضَاف إلاَّ على الله تَعَالَى، وَإِذا أطلق على غَيره أضيف فَيُقَال: رب كَذَا.
قَوْله: ( رب الْعَرْش الْعَظِيم) ذَا أَيْضا يشْتَمل على التَّوْحِيد والربوبية وعظمة الْعَرْش، وَجه الأول قد ذَكرْنَاهُ، وَوجه ذكر الثَّانِي أَعنِي: لفظ الرب، من بَين سَائِر الْأَسْمَاء الْحسنى هُوَ كَونه مناسباً لكشف الكرب الَّذِي هُوَ مُقْتَضى التربية، وَوجه الثَّالِث: وَهُوَ تَخْصِيص الْعَرْش بِالذكر لِأَنَّهُ أعظم أجسام الْعَالم فَيدْخل الْجَمِيع تَحْتَهُ دُخُول الْأَدْنَى تَحت الْأَعْلَى، ثمَّ لفظ: الْعَظِيم، صفة للعرش بِالْجَرِّ عِنْد الْجُمْهُور، وَنقل ابْن التِّين عَن الدَّاودِيّ أَنه رَوَاهُ بِرَفْع الْعَظِيم على أَنه نعت للرب، ويروى: وَرب الْعَرْش الْعَظِيم، بِالْوَاو.