هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
596 وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيُّ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ ، مَوْلَى آلِ السَّائِبِ ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ ، قَالَ : ذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْغَائِطِ ، فَلَمَّا جَاءَ قُدِّمَ لَهُ طَعَامٌ ، فَقِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا تَوَضَّأُ ؟ قَالَ : لِمَ ؟ أَلِلصَّلَاةِ ؟
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
596 وحدثنا يحيى بن يحيى ، أخبرنا محمد بن مسلم الطائفي ، عن عمرو بن دينار ، عن سعيد بن الحويرث ، مولى آل السائب ، أنه سمع عبد الله بن عباس ، قال : ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الغائط ، فلما جاء قدم له طعام ، فقيل : يا رسول الله ألا توضأ ؟ قال : لم ؟ أللصلاة ؟
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

شرح الحديث من فـــتح المــــنعم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الغائط.
فلما جاء، قدم له طعام.
فقيل: يا رسول الله! ألا توضأ؟ قال: لم أللصلاة؟.


المعنى العام

جاء الإسلام وسطا بين مادية اليهود ورهبانية النصارى، جاء بخيري الدنيا والآخرة، جاء باليسر والرفق في الأمور وكانت القاعدة أوغل في الدين برفق، فإن المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى جاء بصفاء الروح والتقشف والزهد، كما جاء بالتمتع بالمتع الدنيوية المباحة { { واتبغ فيما أتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا } } [القصص: 77] ويضرب الرسول صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى لأمته، والقدوة الصالحة الحسنة.

فيلازم الوضوء في عامة أحواله، ولا يخرج من الخلاء فيشتغل بأمر أهم من الوضوء، ويلحظ الصحابة هذه الملازمة، فيظنون التزامها، ويكاد يستقر في نفوسهم وجوبها، لكنه صلى الله عليه وسلم رسول من أنفسنا، عزيز عليه عنتنا، حريص علينا بالمؤمنين رءوف رحيم، كان إذا واظب على أمر خالفه ولو مرة، خشية أن يفرضه الله على أمته فيعجزوا عنه، وليزيل من عقائدهم المشادة في الدين، ووجوب ما ليس بواجب، ومن هذا القبيل ما يحكيه هذا الحديث.
لقد خرج من الخلاء، وانتهى من قضاء الحاجة ولم يتجه نحو الوضوء، بل وجد أهله قد أعدوا الطعام فاتجه إليه، فقال أصحابه: يا رسول الله إنك لم تتوضأ كعادتك، ألا تتوضأ قبل أن تأكل؟ فقال: إني لم أقصد الصلاة، وإنما يجب الوضوء عند إرادة الصلاة، وفي الوقت متسع، وإن لبدنك عليك حقا، والدين يسر، فيسروا ولا تعسروا، وإذا حضر العشاء والعشاء فقدموا العشاء على العشاء؛ ولا صلاة كاملة بحضرة طعام.
فصلى الله وسلم عليه.

المباحث العربية

( كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه) على بمعنى في أي في كل أوقاته، وفي جميع أحواله، متوضئا كان أو محدثا، جنبا أو غير جنب، والمقصود من كل الغالب والكثير، فلم يكن يذكر حين قضاء الحاجة، ولا وهو مستغرق في النوم مثلا.

( خرج من الخلاء) أصل الخلاء بفتح الخاء الموضع الخالي، وسمي به موضع قضاء الحاجة، لأنهم كانوا يقصدون المكان الخالي للحاجة، وخروجه صلى الله عليه وسلم من الخلاء يشعر بأن هذا الموضع كان ميسورا مهيأ لذلك، حتى يدخل إليه صاحب الحاجة، ويخرج منه.

( فأتي بطعام) التعبير بالفاء للإشارة إلى الترتيب والتعقيب، وعدم الفصل بين الخروج من الخلاء والإتيان بالطعام بوضوء.

( فذكروا له الوضوء) معطوف على محذوف، أي فأقبل على الطعام، فظنوا أنه نسي أن يتوضأ قبل أن يأكل، فذكروه، بأن قالوا له: يا رسول الله.
ألا تتوضأ قبل الطعام؟

( فقال: أريد أن أصلي فأتوضأ؟) الكلام على الاستفهام، والأصل: أأريد أن أصلي فأتوضأ؟ والاستفهام إنكاري بمعنى النفي أي لا أريد أن أصلي حتى أتوضأ.

( فجاء من الغائط) الغائط في الأصل المنخفض من الأرض في الفضاء، وسمي به موضع قضاء الحاجة؛ لأنهم كانوا يقصدونه للتستر فيه، ومنه هذا الحديث وقوله تعالى: { { أو جاء أحد منكم من الغائط } } ثم اتسع فيه حتى صار يطلق على الخارج المعروف من دبر الآدمي.
وليس مرادا هنا، لاحتمال أنه جاء من البول.

( ألا توضأ؟) أصله: ألا تتوضأ؟ فحذف إحدى التاءين، وألا للعرض.

( أأصلي فأتوضأ) ؟ أي أأريد الصلاة وأقصدها فأتوضأ لها؟ والاستفهام إنكاري كما سبق.

( إنك لم توضأ) أصله: إنك لم تتوضأ، والمقصود التذكير ليتوضأ.

فقه الحديث

قال النووي: اعلم أن العلماء مجمعون على أن للمحدث أن يأكل ويشرب ويذكر الله سبحانه وتعالى، ويقرأ القرآن، ويجامع، ولا كراهة في شيء من ذلك، وقد تظاهرت على هذا كله دلائل السنة الصحيحة المشهورة، مع إجماع الأمة.

وقد اختلف أصحابنا -رحمهم الله- في وقت وجوب الوضوء، هل هو بخروج الحدث ويكون وجوبا موسعا؟ أم لا يجب إلا بالقيام إلى الصلاة! أم يجب بخروج الحدث والقيام إلى الصلاة معا! ثلاثة أوجه، أصحها عندهم الثالث.

ثم قال: والمراد من الوضوء في هذا الحديث الوضوء الشرعي، وحمله القاضي عياض على الوضوء اللغوي، وجعل المراد غسل الكفين، وحكي اختلاف العلماء في كراهة غسل الكفين قبل الطعام، واستحبابه، وحكي الكراهة عن مالك والثوري -رحمهما الله تعالى- والظاهر ما قدمناه أن المراد الوضوء الشرعي.
اهـ.

وسبب تذكير الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم عهدوه إذا خرج من الخلاء توضأ وأنه كان محافظا على الوضوء في جميع أوقاته، وهو الداعي إلى مداومة الوضوء، لأنه سلاح المؤمن.

وإنما تركه صلى الله عليه وسلم هذه المرة متعمدا البيان الجواز وتبليغ التشريع ورفع ما يمكن أن يحل بنفوس أصحابه أنه لا يجوز لمن خرج من الخلاء أن يأكل قبل أن يتوضأ.

أما ذكر الله تعالى فقد قال النووي: ويكره للقاعد على قضاء الحاجة أن يذكر الله تعالى بشيء من الأذكار، فلا يسبح ولا يهلل، ولا يرد السلام ولا يشمث العاطس، ولا يحمد الله تعالى إذا عطس، ولا يقول مثل ما يقول المؤذن، ولا يأتي بشيء من هذه الأذكار في حال الجماع، وإذا عطس في هذه الأحوال يحمد الله تعالى في نفسه، ولا يحرك به لسانه.
ثم قال: وهذا الذي ذكرناه من كراهة الذكر في حال البول والجماع هو كراهة تنزيه لا تحريم، فلا إثم على فاعله، فقول عائشة كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على جميع أحواله مخصوص بما سوى هذه الأحوال، والكثير الغالب ينزل منزلة الكل.

والمقصود أنه صلى الله عليه وسلم كان يذكر الله متطهرا ومحدثا وجنبا، وقائما وقاعدا ومضطجعا وماشيا.

ثم قال: واختلف العلماء في جواز قراءة القرآن للجنب والحائض.
فالجمهور على تحريم القراءة عليهما جميعا، ولا فرق عندنا بين آية وبعض آية، فإن الجميع يحرم، ولو قال الجنب: بسم الله أو الحمد لله، ونحو ذلك، إن قصد به القرآن حرم عليه؛ وإن قصد به الذكر، أو لم يقصد شيئا لم يحرم، ويجوز للجنب والحائض أن يجريا القرآن على قلوبهما، وأن ينظرا في المصحف، ويستحب لهما إذا أرادا الاغتسال أن يقولا: بسم الله، على قصد الذكر.

والله أعلم