هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
5461 حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لاَ عَدْوَى وَلاَ صَفَرَ ، وَلاَ هَامَةَ فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَمَا بَالُ الإِبِلِ ، تَكُونُ فِي الرَّمْلِ كَأَنَّهَا الظِّبَاءُ ، فَيُخَالِطُهَا البَعِيرُ الأَجْرَبُ فَيُجْرِبُهَا ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَمَنْ أَعْدَى الأَوَّلَ وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ : سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ ، بَعْدُ يَقُولُ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لاَ يُورِدَنَّ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ وَأَنْكَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ حَدِيثَ الأَوَّلِ ، قُلْنَا : أَلَمْ تُحَدِّثْ أَنَّهُ : لاَ عَدْوَى فَرَطَنَ بِالحَبَشِيَّةِ ، قَالَ أَبُو سَلَمَةَ : فَمَا رَأَيْتُهُ نَسِيَ حَدِيثًا غَيْرَهُ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  وهو المراد هنا كانوا يتشاءمون بها وقيل هي البومة> هامة فقال أعرابي : يا رسول الله ، فما بال الإبل ، تكون في الرمل كأنها الظباء ، فيخالطها البعير الأجرب فيجربها ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فمن أعدى الأول وعن أبي سلمة : سمع أبا هريرة ، بعد يقول : قال النبي صلى الله عليه وسلم : لا يوردن ممرض على مصح وأنكر أبو هريرة حديث الأول ، قلنا : ألم تحدث أنه : لا عدوى فرطن بالحبشية ، قال أبو سلمة : فما رأيته نسي حديثا غيره
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Abu Huraira:

The Prophet (ﷺ) said, 'No 'Adha (i.e. no contagious disease is conveyed to others without Allah's permission); nor (any evil omen m the month of) Safar; nor Hama A bedouin said, O Allah's Messenger (ﷺ)! What about the camels which, when on the sand (desert) look like deers, but when a mangy camel mixes with them they all get infected with mange? On that Allah s Apostle said, Then who conveyed the (mange) disease to the first (mangy)

camel?

":"مجھ سے عبداللہ بن محمد مسندی نے بیان کیا ، کہا ہم سے ہشام بن یوسف نے بیان کیا ، کہا ہم کو معمر نے خبر دی ، انہیں زہری نے ، انہیں ابوسلمہ بن عبدالرحمٰن بن عوف نے ، ان سے حضرت ابوہریرہ رضی اللہ عنہ نے بیان کیا کہنبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا چھوت لگ جانا ، صفر کی نحوست اور الو کی نحوست کوئی چیز نہیں ۔ ایک دیہاتی نے کہا کہ یا رسول اللہ ! پھر اس اونٹ کے متعلق کیا کہا جائے گا جو ریگستان میں ہرن کی طرح صاف چمکدار ہوتا ہے لیکن خارش والا اونٹ اسے مل جاتا ہے اور اسے بھی خارش لگا دیتا ہے ۔ آنحضرت صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا لیکن پہلے اونٹ کو کس نے خارش لگائی تھی ؟

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [5770] .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَبِي سَلَمَةَ فِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ وَهِيَ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ .

     قَوْلُهُ  لَا عَدْوَى تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي بَابِ الْجُذَامِ وَكَيْفِيَّةُ الْجَمْعِ بَيْنَ قَوْلِهِ لَا عَدْوَى وَبَيْنَ قَوْلِهِ لَا يُورِدُ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ وَكَذَا تَقَدَّمَ شَرْحُ قَوْلِهِ وَلَا صَفَرَ وَلَا هَامَةَ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ .

     قَوْلُهُ  تَكُونُ فِي الرَّمْلِ كَأَنَّهَا الظِّبَاءُ فِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ أَمْثَالُ الظِّبَاءِ بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ وَبِالْمَدِّ جَمْعُ ظَبْيٍ شَبَّهَهَا بِهَا فِي النَّشَاطِ وَالْقُوَّةِ وَالسَّلَامَةِ مِنَ الدَّاءِ .

     قَوْلُهُ  فَيُجَرِّبُهَا فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَيَدْخُلُ فِيهَا وَيُجَرِّبُهَا بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَهُوَ بِنَاءً عَلَى مَا كَانُوا يَعْتَقِدُونَ من الْعَدْوى أَي يكون سَببا لوُقُوع الجرب بِهَا وَهَذَا مِنْ أَوْهَامِ الْجُهَّالِ كَانُوا يَعْتَقِدُونَ أَنَّ الْمَرِيضَ إِذَا دَخَلَ فِي الْأَصِحَّاءِ أَمْرَضَهُمْفَنَفَى الشَّارِعُ ذَلِكَ وَأَبْطَلَهُ فَلَمَّا أَوْرَدَ الْأَعْرَابِيُّ الشُّبْهَةَ رَدَّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ فَمَنْ أَعْدَى الْأَوَّلَ وَهُوَ جَوَابٌ فِي غَايَةِ الْبَلَاغَةِ وَالرَّشَاقَةِ وَحَاصِلُهُ مِنْ أَيْنَ جَاءَ الْجَرَبُ لِلَّذِي أَعْدَى بِزَعْمِهِمْ فَإِنْ أُجِيبَ مِنْ بَعِيرٍ آخَرَ لَزِمَ التَّسَلْسُلُ أَوْ سَبَبٌ آخَرُ فَلْيُفْصِحْ بِهِ فَإِنْ أُجِيبَ بِأَنَّ الَّذِي فَعَلَهُ فِي الْأَوَّلِ هُوَ الَّذِي فَعَلَهُ فِي الثَّانِي ثَبَتَ الْمُدَّعَى وَهُوَ أَنَّ الَّذِي فَعَلَ بِالْجَمِيعِ ذَلِكَ هُوَ الْخَالِقُ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى .

     قَوْلُهُ  وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ بَعْدُ يَقُولَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُورِدَنَّ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ كَذَا فِيهِ بِتَأْكِيدِ النَّهْيِ عَنِ الْإِيرَادِ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ لَا يُورِدُ بِلَفْظِ النَّفْيِ وَكَذَا تَقَدَّمَ مِنْ رِوَايَةِ صَالِحٍ وَغَيْرِهِ وَهُوَ خَبَرٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ بِدَلِيلِ رِوَايَةِ الْبَابِ وَالْمُمْرِضُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ ثَانِيهِ وَكَسْرِ الرَّاءِ بَعْدَهَا ضَادٌ مُعْجَمَةٌ هُوَ الَّذِي لَهُ إِبِلٌ مَرْضَى وَالْمُصِحُّ بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا مُهْمَلَةٌ مَنْ لَهُ إِبِلٌ صِحَاحٌ نَهَى صَاحِبَ الْإِبِلِ الْمَرِيضَةِ أَنْ يُورِدَهَا عَلَى الْإِبِلِ الصَّحِيحَةِ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ الْمُمْرِضُ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ أَمْرَضَ الرَّجُلُ إِذَا أَصَابَ مَاشِيَتَهُ مَرَضٌ وَالْمُصِحُّ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ أَصَحَّ إِذَا أَصَابَ مَاشِيَتَهُ عَاهَةٌ ثُمَّ ذَهَبَ عَنْهَا وَصَحَّتْ .

     قَوْلُهُ  وَأَنْكَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي وَالسَّرَخْسِيِّ حَدِيثُ الْأَوَّلِ وَهُوَ كَقَوْلِهِمْ مَسْجِدُ الْجَامِعِ وَفِي رِوَايَةِ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُهُمَا كِلَيْهِمَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ صَمَتَ أَبُو هُرَيْرَةَ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ قَوْلِهِ لَا عَدْوَى .

     قَوْلُهُ  وَقُلْنَا أَلَمْ تُحَدِّثْ أَنَّهُ لَا عَدْوَى فِي رِوَايَةِ يُونُسَ فَقَالَ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي ذُبَابٍ بِضَمِّ الْمُعْجَمَة وموحدتين وَهُوَ بن عَمِّ أَبِي هُرَيْرَةَ قَدْ كُنْتُ أَسْمَعُكَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ تُحَدِّثُنَا مَعَ هَذَا الْحَدِيثِ حَدِيثَ لَا عَدْوَى فَأَبَى أَنْ يَعْرِفَ ذَلِكَ وَوَقَعَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ رِوَايَةِ شُعَيْبٍ فَقَالَ الْحَارِثُ إِنَّكَ حَدَّثْتَنَا فَذَكَرَهُ قَالَ فَأَنْكَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَغَضِبَ.

     وَقَالَ  لَمْ أُحَدِّثْكَ مَا تَقُولُ .

     قَوْلُهُ  فَرَطَنَ بِالْحَبَشِيَّةِ فِي رِوَايَةِ يُونُسَ فَمَا رَآهُ الْحَارِثُ فِي ذَلِكَ حَتَّى غَضِبَ أَبُو هُرَيْرَةَ حَتَّى رَطَنَ بِالْحَبَشِيَّةِ فَقَالَ لِلْحَارِثِ أَتَدْرِي مَاذَا.

.

قُلْتُ قَالَ لَا قَالَ إِنِّي.

.

قُلْتُ أَبَيْتُ .

     قَوْلُهُ  فَمَا رَأَيْتُهُ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فَمَا رَأَيْنَاهُ نَسِيَ حَدِيثًا غَيْرَهُ فِي رِوَايَةِ يُونُسَ قَالَ أَبُو سَلَمَةَ وَلَعَمْرِي لَقَدْ كَانَ يُحَدِّثُنَا بِهِ فَمَا أَدْرِي أَنَسِيَ أَبُو هُرَيْرَةَ أَمْ نَسَخَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ لِلْآخَرِ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ أَبُو سَلَمَةَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ كَانَ يَعْتَقِدُ أَنَّ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ تَمَامَ التَّعَارُضِ وَقَدْ تَقَدَّمَ وَجْهُ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا فِي بَابِ الْجُذَامِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَهُ لَا عَدْوَى نَهْيٌ عَنِ اعْتِقَادِهَا وَقَولُهُ لَا يُورِدُ سَبَبُ النَّهْيِ عَنِ الْإِيرَادِ خَشْيَةُ الْوُقُوعِ فِي اعْتِقَادِ الْعَدْوَى أَوْ خَشْيَةُ تَأْثِيرِ الْأَوْهَامِ كَمَا تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي حَدِيثِ فِرَّ مِنَ الْمَجْذُومِ لِأَنَّ الَّذِي لَا يَعْتَقِدُ أَنَّ الْجُذَامَ يُعْدِي يَجِدُ فِي نَفْسِهِ نَفْرَةً حَتَّى لَوْ أَكْرَهَهَا عَلَى الْقُرْبِ مِنْهُ لَتَأَلَّمَتْ بِذَلِكَ فَالْأَوْلَى بِالْعَاقِلِ أَنْ لَا يَتَعَرَّضَ لِمِثْلِ ذَلِكَ بَلْ يُبَاعِدُ أَسْبَابَ الْآلَامِ وَيُجَانِبُ طُرُقَ الأوهام وَالله أعلم قَالَ بن التِّينِ لَعَلَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يَسْمَعُ هَذَا الْحَدِيثَ قَبْلَ أَنْ يَسْمَعْ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثَ مَنْ بَسَطَ رِدَاءَهُ ثُمَّ ضَمَّهُ إِلَيْهِ لَمْ يَنْسَ شَيْئًا سَمِعَهُ مِنْ مَقَالَتِي وَقَدْ قِيلَ فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ إِنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يَنْسَى تِلْكَ الْمَقَالَةَ الَّتِي قَالَهَا ذَلِكَ الْيَوْمَ لَا أَنَّهُ يَنْتَفِي عَنْهُ النِّسْيَانُ أَصْلًا وَقِيلَ كَانَ الْحَدِيثُ الثَّانِي نَاسِخًا لِلْأَوَّلِ فَسَكَتَ عَنِ الْمَنْسُوخِ وَقِيلَ مَعْنَى قَوْلِهِ لَا عَدْوَى النَّهْيُ عَنِ الِاعْتِدَاءِ وَلَعَلَّ بَعْضَ مَنْ أُجْلِبَ عَلَيْهِ إِبِلًا جَرْبَاءَ أَرَادَ تَضْمِينَهُ فَاحْتَجَّ عَلَيْهِ فِي إِسْقَاطِ الضَّمَانِ بِأَنَّهُ إِنَّمَا أَصَابَهَا مَا قُدِّرَ عَلَيْهَا وَمَا لَمْ تَكُنْ تَنْجُو مِنْهُ لِأَنَّ الْعَجْمَاءَ جُبَارٌ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَالَ هَذَا عَلَى ظَنِّهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ خِلَافُ ذَلِكَ انْتَهَى فَأَمَّا دَعْوَى نِسْيَانِ أَبِي هُرَيْرَةَ لِلْحَدِيثِ فَهُوَ بِحَسَبِ مَا ظَنَّ أَبُو سَلَمَةَ وَقَدْ بَيَّنَتْ ذَلِكَ رِوَايَةُ يُونُسَ الَّتِي أَشَرْتُ إِلَيْهَا.

.
وَأَمَّا دَعْوَى النَّسْخِ فَمَرْدُودَةٌ لِأَنَّ النَّسْخَ لَا يُصَارُ إِلَيْهِ بِالِاحْتِمَالِ وَلَا سِيَّمَا مَعَإِمْكَانِ الْجَمْعِ.

.
وَأَمَّا الِاحْتِمَالُ الثَّالِثُ فَبَعِيدٌ مِنْ مَسَاقِ الْحَدِيثِ وَالَّذِي بَعْدَهُ أَبْعَدُ مِنْهُ وَيُحْتَمَلُ أَيْضًا أَنَّهُمَا لَمَّا كَانَا خَبَرَيْنِ مُتَغَايِرَيْنِ عَنْ حُكْمَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ لَا مُلَازَمَةَ بَيْنَهُمَا جَازَ عِنْدَهُ أَنْ يُحَدِّثَ بِأَحَدِهِمَا وَيَسْكُتَ عَنِ الْآخَرِ حَسْبَمَا تَدْعُو إِلَيْهِ الْحَاجَةُ قَالَهُ الْقُرْطُبِيُّ فِي الْمُفْهِمِ قَالَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ خَافَ اعْتِقَادَ جَاهِلٍ يَظُنُّهُمَا مُتَنَاقِضَيْنِ فَسَكَتَ عَنْ أَحَدِهِمَا وَكَانَ إِذَا أُمِنَ ذَلِكَ حَدَّثَ بِهِمَا جَمِيعًا قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَفِي جَوَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْأَعْرَابِيِّ جَوَازُ مُشَافَهَةِ مَنْ وَقَعَتْ لَهُ شُبْهَةٌ فِي اعْتِقَادِهِ بِذِكْرِ الْبُرْهَانِ الْعَقْلِيِّ إِذَا كَانَ السَّائِلُ أَهْلًا لِفَهْمِهِ.

.
وَأَمَّا مَنْ كَانَ قَاصِرًا فَيُخَاطَبُ بِمَا يَحْتَمِلُهُ عَقْلُهُ مِنَ الْإِقْنَاعِيَّاتِ قَالَ وَهَذِهِ الشُّبْهَةُ الَّتِي وَقَعَتْ لِلْأَعْرَابِيِّ هِيَ الَّتِي وَقَعَتْ لِلطَّبَائِعِيِّينَ أَوَّلًا وَلِلْمُعْتَزِلَةِ ثَانِيًا فَقَالَ الطَّبَائِعِيُّونُ بِتَأْثِيرِ الْأَشْيَاءِ بَعْضِهَا فِي بَعْضٍ وَإِيجَادِهَا إِيَّاهَا وَسَمَّوُا الْمُؤَثِّرَ طَبِيعَةً.

     وَقَالَ  الْمُعْتَزِلَةُ بِنَحْوِ ذَلِكَ فِي الْحَيَوَانَاتِ وَالْمُتَوَلِّدَاتِ وَأَنَّ قَدَرَهُمْ مُؤَثِّرَةٌ فِيهَا بِالْإِيجَادِ وَأَنَّهُمْ خَالِقُونَ لِأَفْعَالِهِمْ مُسْتَقِلُّونَ بِاخْتِرَاعِهَا وَاسْتَنَدَ الطَّائِفَتَانِ إِلَى الْمُشَاهَدَةِ الْحِسِّيَّةِ وَنَسَبُوا مَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ إِلَى إِنْكَارِ الْبَدِيهَةِ وَغَلِطَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ غَلَطًا فَاحِشًا لِالْتِبَاسِ إِدْرَاكِ الْحِسِّ بِإِدْرَاكِ الْعَقْلِ فَإِنَّ الْمُشَاهَدَ إِنَّمَا هُوَ تَأْثِيرُ شَيْءٍ عِنْدَ شَيْءٍ آخَرَ وَهَذَا حَظُّ الْحِسِّ فَأَمَّا تَأْثِيرُهُ فَهُوَ فِيهِ حَظُّ الْعَقْلِ فَالْحِسُّ أَدْرَكَ وُجُودَ شَيْءٍ عِنْدَ وُجُودِ شَيْءٍ وَارْتِفَاعَهُ عِنْدَ ارْتِفَاعِهِ أَمَّا إِيجَادُهُ بِهِ فَلَيْسَ لِلْحِسِّ فِيهِ مَدْخَلٌ فَالْعَقْلُ هُوَ الَّذِي يُفَرِّقُ فَيُحْكَمُ بِتَلَازُمِهِمَا عَقْلًا أَوْ عَادَةً مَعَ جَوَازِ التَّبَدُّلِ عَقْلًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِيهِ وُقُوعُ تَشْبِيهِ الشَّيْءِ بِالشَّيْءِ إِذَا جَمَعَهُمَا وَصْفٌ خَاصٌّ وَلَوْ تَبَايَنَا فِي الصُّورَةِ وَفِيهِ شِدَّةُ وَرَعِ أَبِي هُرَيْرَةَ لِأَنَّهُ مَعَ كَوْنِ الْحَارِثِ أَغْضَبَهُ حَتَّى تَكَلَّمَ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ خَشِيَ أَنْ يَظُنَّ الْحَارِثُ أَنَّهُ قَالَ فِيهِ شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَفَسَّرَ لَهُ فِي الْحَال مَا قَالَ وَالله أعلم( قَولُهُ بَابُ لَا عَدْوَى) تَقَدَّمَ تَفْسِيرُهَا وَذَكَرَ فِي الْبَابِ ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ الْأَوَّلُ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ لَا هَامَةَ)
قَالَ أَبُو زَيْدٍ هِيَ بِالتَّشْدِيدِ وَخَالَفَهُ الْجَمِيعُ فَخَفَّفُوهَا وَهُوَ الْمَحْفُوظُ فِي الرِّوَايَةِ وَكَأَنَّ مَنْ شَدَّدَهَا ذَهَبَ إِلَى وَاحِدَةِ الْهَوَامِّ وَهِيَ ذَوَاتُ السَّمُومِ وَقِيلَ دَوَابُّ الْأَرْضِ الَّتِي تَهِمُّ بِأَذَى النَّاسِ وَهَذَا لَا يَصح نَفْيه إِلَّا إِنْ أُرِيدَ أَنَّهَا لَا تَضُرُّ لِذَوَاتِهَا وَإِنَّمَا تَضُرُّ إِذَا أَرَادَ اللَّهُ إِيقَاعَ الضَّرَرِ بِمَنْ أَصَابَتْهُ وَقَدْ ذَكَرَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ فِي الْمُوَفَّقِيَّاتِ أَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تَقُولُ إِذَا قُتِلَ الرَّجُلُ وَلَمْ يُؤْخَذْ بِثَأْرِهِ خَرَجَتْ مِنْ رَأْسِهِ هَامَةٌ وَهِيَ دُودَةٌ فَتَدُورُ حَوْلَ قَبْرِهِ فَتَقُولُ اسْقُونِي اسْقُونِي فَإِنْ أُدْرِكَ بِثَأْرِهِ ذَهَبَتْ وَإِلَّا بَقِيَتْ وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ شَاعِرُهُمْ يَا عَمْرُو إِلَّا تَدَعْ شَتْمِي وَمَنْقَصَتِي أَضْرِبْكَ حَتَّى تَقُولَ الْهَامَةُ اسْقُونِي قَالَ وَكَانَتِ الْيَهُودُ تَزْعُمُ أَنَّهَا تَدُورُ حَوْلَ قَبْرِهِ سَبْعَة أَيَّام ثمَّ تذْهب وَذكر بن فَارِسٍ وَغَيْرُهُ مِنَ اللُّغَوِيِّينَ نَحْوَ الْأَوَّلِ إِلَّا أَنَّهُمْ لَمْ يُعَيِّنُوا كَوْنَهَا دُودَةً بَلْ قَالَ الْقَزَّازُ الْهَامَةُ طَائِرٌ مِنْ طَيْرِ اللَّيْلِ كَأَنَّهُ يَعْنِي البومة.

     وَقَالَ  بن الْأَعْرَابِيِّ كَانُوا يَتَشَاءَمُونَ بِهَا إِذَا وَقَعَتْ عَلَى بَيْتِ أَحَدِهِمْ يَقُولُ نَعَتَ إِلَيَّ نَفْسِي أَوْ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ دَارِي.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدٍ كَانُوا يَزْعُمُونَ أَنَّ عِظَامَ الْمَيِّتِ تَصِيرُ هَامَةً فَتَطِيرُ وَيُسَمُّونَ ذَلِكَ الطَّائِرَ الصَّدَى فَعَلَى هَذَا فَالْمَعْنَى فِي الْحَدِيثِ لَا حَيَاةَ لِهَامَةِ الْمَيِّتِ وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا شُؤْمَ بِالْبُومَةِ وَنَحْوِهَا وَلَعَلَّ الْمُؤَلِّفَ تَرْجَمَ لَا هَامَةَ مَرَّتَيْنِ بِالنَّظَرِ لِهَذَيْنِ التَّفْسِيرَيْنِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[ قــ :5461 ... غــ :5770] .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَبِي سَلَمَةَ فِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ وَهِيَ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ .

     قَوْلُهُ  لَا عَدْوَى تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي بَابِ الْجُذَامِ وَكَيْفِيَّةُ الْجَمْعِ بَيْنَ قَوْلِهِ لَا عَدْوَى وَبَيْنَ قَوْلِهِ لَا يُورِدُ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ وَكَذَا تَقَدَّمَ شَرْحُ قَوْلِهِ وَلَا صَفَرَ وَلَا هَامَةَ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ .

     قَوْلُهُ  تَكُونُ فِي الرَّمْلِ كَأَنَّهَا الظِّبَاءُ فِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ أَمْثَالُ الظِّبَاءِ بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ وَبِالْمَدِّ جَمْعُ ظَبْيٍ شَبَّهَهَا بِهَا فِي النَّشَاطِ وَالْقُوَّةِ وَالسَّلَامَةِ مِنَ الدَّاءِ .

     قَوْلُهُ  فَيُجَرِّبُهَا فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَيَدْخُلُ فِيهَا وَيُجَرِّبُهَا بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَهُوَ بِنَاءً عَلَى مَا كَانُوا يَعْتَقِدُونَ من الْعَدْوى أَي يكون سَببا لوُقُوع الجرب بِهَا وَهَذَا مِنْ أَوْهَامِ الْجُهَّالِ كَانُوا يَعْتَقِدُونَ أَنَّ الْمَرِيضَ إِذَا دَخَلَ فِي الْأَصِحَّاءِ أَمْرَضَهُمْ فَنَفَى الشَّارِعُ ذَلِكَ وَأَبْطَلَهُ فَلَمَّا أَوْرَدَ الْأَعْرَابِيُّ الشُّبْهَةَ رَدَّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ فَمَنْ أَعْدَى الْأَوَّلَ وَهُوَ جَوَابٌ فِي غَايَةِ الْبَلَاغَةِ وَالرَّشَاقَةِ وَحَاصِلُهُ مِنْ أَيْنَ جَاءَ الْجَرَبُ لِلَّذِي أَعْدَى بِزَعْمِهِمْ فَإِنْ أُجِيبَ مِنْ بَعِيرٍ آخَرَ لَزِمَ التَّسَلْسُلُ أَوْ سَبَبٌ آخَرُ فَلْيُفْصِحْ بِهِ فَإِنْ أُجِيبَ بِأَنَّ الَّذِي فَعَلَهُ فِي الْأَوَّلِ هُوَ الَّذِي فَعَلَهُ فِي الثَّانِي ثَبَتَ الْمُدَّعَى وَهُوَ أَنَّ الَّذِي فَعَلَ بِالْجَمِيعِ ذَلِكَ هُوَ الْخَالِقُ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى .

     قَوْلُهُ  وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ بَعْدُ يَقُولَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُورِدَنَّ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ كَذَا فِيهِ بِتَأْكِيدِ النَّهْيِ عَنِ الْإِيرَادِ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ لَا يُورِدُ بِلَفْظِ النَّفْيِ وَكَذَا تَقَدَّمَ مِنْ رِوَايَةِ صَالِحٍ وَغَيْرِهِ وَهُوَ خَبَرٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ بِدَلِيلِ رِوَايَةِ الْبَابِ وَالْمُمْرِضُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ ثَانِيهِ وَكَسْرِ الرَّاءِ بَعْدَهَا ضَادٌ مُعْجَمَةٌ هُوَ الَّذِي لَهُ إِبِلٌ مَرْضَى وَالْمُصِحُّ بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا مُهْمَلَةٌ مَنْ لَهُ إِبِلٌ صِحَاحٌ نَهَى صَاحِبَ الْإِبِلِ الْمَرِيضَةِ أَنْ يُورِدَهَا عَلَى الْإِبِلِ الصَّحِيحَةِ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ الْمُمْرِضُ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ أَمْرَضَ الرَّجُلُ إِذَا أَصَابَ مَاشِيَتَهُ مَرَضٌ وَالْمُصِحُّ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ أَصَحَّ إِذَا أَصَابَ مَاشِيَتَهُ عَاهَةٌ ثُمَّ ذَهَبَ عَنْهَا وَصَحَّتْ .

     قَوْلُهُ  وَأَنْكَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي وَالسَّرَخْسِيِّ حَدِيثُ الْأَوَّلِ وَهُوَ كَقَوْلِهِمْ مَسْجِدُ الْجَامِعِ وَفِي رِوَايَةِ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُهُمَا كِلَيْهِمَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ صَمَتَ أَبُو هُرَيْرَةَ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ قَوْلِهِ لَا عَدْوَى .

     قَوْلُهُ  وَقُلْنَا أَلَمْ تُحَدِّثْ أَنَّهُ لَا عَدْوَى فِي رِوَايَةِ يُونُسَ فَقَالَ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي ذُبَابٍ بِضَمِّ الْمُعْجَمَة وموحدتين وَهُوَ بن عَمِّ أَبِي هُرَيْرَةَ قَدْ كُنْتُ أَسْمَعُكَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ تُحَدِّثُنَا مَعَ هَذَا الْحَدِيثِ حَدِيثَ لَا عَدْوَى فَأَبَى أَنْ يَعْرِفَ ذَلِكَ وَوَقَعَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ رِوَايَةِ شُعَيْبٍ فَقَالَ الْحَارِثُ إِنَّكَ حَدَّثْتَنَا فَذَكَرَهُ قَالَ فَأَنْكَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَغَضِبَ.

     وَقَالَ  لَمْ أُحَدِّثْكَ مَا تَقُولُ .

     قَوْلُهُ  فَرَطَنَ بِالْحَبَشِيَّةِ فِي رِوَايَةِ يُونُسَ فَمَا رَآهُ الْحَارِثُ فِي ذَلِكَ حَتَّى غَضِبَ أَبُو هُرَيْرَةَ حَتَّى رَطَنَ بِالْحَبَشِيَّةِ فَقَالَ لِلْحَارِثِ أَتَدْرِي مَاذَا.

.

قُلْتُ قَالَ لَا قَالَ إِنِّي.

.

قُلْتُ أَبَيْتُ .

     قَوْلُهُ  فَمَا رَأَيْتُهُ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فَمَا رَأَيْنَاهُ نَسِيَ حَدِيثًا غَيْرَهُ فِي رِوَايَةِ يُونُسَ قَالَ أَبُو سَلَمَةَ وَلَعَمْرِي لَقَدْ كَانَ يُحَدِّثُنَا بِهِ فَمَا أَدْرِي أَنَسِيَ أَبُو هُرَيْرَةَ أَمْ نَسَخَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ لِلْآخَرِ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ أَبُو سَلَمَةَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ كَانَ يَعْتَقِدُ أَنَّ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ تَمَامَ التَّعَارُضِ وَقَدْ تَقَدَّمَ وَجْهُ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا فِي بَابِ الْجُذَامِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَهُ لَا عَدْوَى نَهْيٌ عَنِ اعْتِقَادِهَا وَقَولُهُ لَا يُورِدُ سَبَبُ النَّهْيِ عَنِ الْإِيرَادِ خَشْيَةُ الْوُقُوعِ فِي اعْتِقَادِ الْعَدْوَى أَوْ خَشْيَةُ تَأْثِيرِ الْأَوْهَامِ كَمَا تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي حَدِيثِ فِرَّ مِنَ الْمَجْذُومِ لِأَنَّ الَّذِي لَا يَعْتَقِدُ أَنَّ الْجُذَامَ يُعْدِي يَجِدُ فِي نَفْسِهِ نَفْرَةً حَتَّى لَوْ أَكْرَهَهَا عَلَى الْقُرْبِ مِنْهُ لَتَأَلَّمَتْ بِذَلِكَ فَالْأَوْلَى بِالْعَاقِلِ أَنْ لَا يَتَعَرَّضَ لِمِثْلِ ذَلِكَ بَلْ يُبَاعِدُ أَسْبَابَ الْآلَامِ وَيُجَانِبُ طُرُقَ الأوهام وَالله أعلم قَالَ بن التِّينِ لَعَلَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يَسْمَعُ هَذَا الْحَدِيثَ قَبْلَ أَنْ يَسْمَعْ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثَ مَنْ بَسَطَ رِدَاءَهُ ثُمَّ ضَمَّهُ إِلَيْهِ لَمْ يَنْسَ شَيْئًا سَمِعَهُ مِنْ مَقَالَتِي وَقَدْ قِيلَ فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ إِنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يَنْسَى تِلْكَ الْمَقَالَةَ الَّتِي قَالَهَا ذَلِكَ الْيَوْمَ لَا أَنَّهُ يَنْتَفِي عَنْهُ النِّسْيَانُ أَصْلًا وَقِيلَ كَانَ الْحَدِيثُ الثَّانِي نَاسِخًا لِلْأَوَّلِ فَسَكَتَ عَنِ الْمَنْسُوخِ وَقِيلَ مَعْنَى قَوْلِهِ لَا عَدْوَى النَّهْيُ عَنِ الِاعْتِدَاءِ وَلَعَلَّ بَعْضَ مَنْ أُجْلِبَ عَلَيْهِ إِبِلًا جَرْبَاءَ أَرَادَ تَضْمِينَهُ فَاحْتَجَّ عَلَيْهِ فِي إِسْقَاطِ الضَّمَانِ بِأَنَّهُ إِنَّمَا أَصَابَهَا مَا قُدِّرَ عَلَيْهَا وَمَا لَمْ تَكُنْ تَنْجُو مِنْهُ لِأَنَّ الْعَجْمَاءَ جُبَارٌ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَالَ هَذَا عَلَى ظَنِّهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ خِلَافُ ذَلِكَ انْتَهَى فَأَمَّا دَعْوَى نِسْيَانِ أَبِي هُرَيْرَةَ لِلْحَدِيثِ فَهُوَ بِحَسَبِ مَا ظَنَّ أَبُو سَلَمَةَ وَقَدْ بَيَّنَتْ ذَلِكَ رِوَايَةُ يُونُسَ الَّتِي أَشَرْتُ إِلَيْهَا.

.
وَأَمَّا دَعْوَى النَّسْخِ فَمَرْدُودَةٌ لِأَنَّ النَّسْخَ لَا يُصَارُ إِلَيْهِ بِالِاحْتِمَالِ وَلَا سِيَّمَا مَعَ إِمْكَانِ الْجَمْعِ.

.
وَأَمَّا الِاحْتِمَالُ الثَّالِثُ فَبَعِيدٌ مِنْ مَسَاقِ الْحَدِيثِ وَالَّذِي بَعْدَهُ أَبْعَدُ مِنْهُ وَيُحْتَمَلُ أَيْضًا أَنَّهُمَا لَمَّا كَانَا خَبَرَيْنِ مُتَغَايِرَيْنِ عَنْ حُكْمَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ لَا مُلَازَمَةَ بَيْنَهُمَا جَازَ عِنْدَهُ أَنْ يُحَدِّثَ بِأَحَدِهِمَا وَيَسْكُتَ عَنِ الْآخَرِ حَسْبَمَا تَدْعُو إِلَيْهِ الْحَاجَةُ قَالَهُ الْقُرْطُبِيُّ فِي الْمُفْهِمِ قَالَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ خَافَ اعْتِقَادَ جَاهِلٍ يَظُنُّهُمَا مُتَنَاقِضَيْنِ فَسَكَتَ عَنْ أَحَدِهِمَا وَكَانَ إِذَا أُمِنَ ذَلِكَ حَدَّثَ بِهِمَا جَمِيعًا قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَفِي جَوَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْأَعْرَابِيِّ جَوَازُ مُشَافَهَةِ مَنْ وَقَعَتْ لَهُ شُبْهَةٌ فِي اعْتِقَادِهِ بِذِكْرِ الْبُرْهَانِ الْعَقْلِيِّ إِذَا كَانَ السَّائِلُ أَهْلًا لِفَهْمِهِ.

.
وَأَمَّا مَنْ كَانَ قَاصِرًا فَيُخَاطَبُ بِمَا يَحْتَمِلُهُ عَقْلُهُ مِنَ الْإِقْنَاعِيَّاتِ قَالَ وَهَذِهِ الشُّبْهَةُ الَّتِي وَقَعَتْ لِلْأَعْرَابِيِّ هِيَ الَّتِي وَقَعَتْ لِلطَّبَائِعِيِّينَ أَوَّلًا وَلِلْمُعْتَزِلَةِ ثَانِيًا فَقَالَ الطَّبَائِعِيُّونُ بِتَأْثِيرِ الْأَشْيَاءِ بَعْضِهَا فِي بَعْضٍ وَإِيجَادِهَا إِيَّاهَا وَسَمَّوُا الْمُؤَثِّرَ طَبِيعَةً.

     وَقَالَ  الْمُعْتَزِلَةُ بِنَحْوِ ذَلِكَ فِي الْحَيَوَانَاتِ وَالْمُتَوَلِّدَاتِ وَأَنَّ قَدَرَهُمْ مُؤَثِّرَةٌ فِيهَا بِالْإِيجَادِ وَأَنَّهُمْ خَالِقُونَ لِأَفْعَالِهِمْ مُسْتَقِلُّونَ بِاخْتِرَاعِهَا وَاسْتَنَدَ الطَّائِفَتَانِ إِلَى الْمُشَاهَدَةِ الْحِسِّيَّةِ وَنَسَبُوا مَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ إِلَى إِنْكَارِ الْبَدِيهَةِ وَغَلِطَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ غَلَطًا فَاحِشًا لِالْتِبَاسِ إِدْرَاكِ الْحِسِّ بِإِدْرَاكِ الْعَقْلِ فَإِنَّ الْمُشَاهَدَ إِنَّمَا هُوَ تَأْثِيرُ شَيْءٍ عِنْدَ شَيْءٍ آخَرَ وَهَذَا حَظُّ الْحِسِّ فَأَمَّا تَأْثِيرُهُ فَهُوَ فِيهِ حَظُّ الْعَقْلِ فَالْحِسُّ أَدْرَكَ وُجُودَ شَيْءٍ عِنْدَ وُجُودِ شَيْءٍ وَارْتِفَاعَهُ عِنْدَ ارْتِفَاعِهِ أَمَّا إِيجَادُهُ بِهِ فَلَيْسَ لِلْحِسِّ فِيهِ مَدْخَلٌ فَالْعَقْلُ هُوَ الَّذِي يُفَرِّقُ فَيُحْكَمُ بِتَلَازُمِهِمَا عَقْلًا أَوْ عَادَةً مَعَ جَوَازِ التَّبَدُّلِ عَقْلًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِيهِ وُقُوعُ تَشْبِيهِ الشَّيْءِ بِالشَّيْءِ إِذَا جَمَعَهُمَا وَصْفٌ خَاصٌّ وَلَوْ تَبَايَنَا فِي الصُّورَةِ وَفِيهِ شِدَّةُ وَرَعِ أَبِي هُرَيْرَةَ لِأَنَّهُ مَعَ كَوْنِ الْحَارِثِ أَغْضَبَهُ حَتَّى تَكَلَّمَ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ خَشِيَ أَنْ يَظُنَّ الْحَارِثُ أَنَّهُ قَالَ فِيهِ شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَفَسَّرَ لَهُ فِي الْحَال مَا قَالَ وَالله أعلم

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب لاَ هَامَةَ
هذا ( باب) بالتنوين ( لا هامة) بتخفيف الميم على المشهور.


[ قــ :5461 ... غــ : 5770 ]
- حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ: قَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لاَ عَدْوَى، وَلاَ صَفَرَ، وَلاَ هَامَةَ».
فَقَالَ أَعْرَابِىٌّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا بَالُ الإِبِلِ تَكُونُ فِى الرَّمْلِ كَأَنَّهَا الظِّبَاءُ فَيُخَالِطُهَا الْبَعِيرُ الأَجْرَبُ فَيُجْرِبُهَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «فَمَنْ أَعْدَى الأَوَّلَ».

وبه قال: ( حدّثني) بالإفراد ( عبد الله بن محمد) المسندي قال: ( حدّثنا هشام بن يوسف) الصنعاني قال: ( أخبرنا معمر) هو ابن راشد ( عن الزهري) محمد بن مسلم ( عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن بن عوف ( عن أبي هريرة -رضي الله عنه-) أنه ( قال: قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( لا عدوى) أي لا تجاوز العلة من صاحبها إلى غيره ( ولا صفر) داء يأخذ في البطن يزعمون أنه يعدي وقيل غير ذلك مما سبق ( ولا هامة) بتخفيف الميم لا تشاؤم بالبومة ولا حياة لهامة الموتى إذ كانوا يزعمون أن عظم الميتة يصير هامة ويحيا ويطير ( فقال أعرابي) : لم أعرف اسمه ( يا رسول الله فما بال الإبل تكون في الرمل كأنها الظباء) بكسر المعجمة وبعدها موحدة فهمزة ممدودًا جمع ظبي أي في النشاط والقوّة والسلامة وصفاء بدنها وكأنها حال من الضمير المستتر في خبر كان ( فيخالطها البعير الأجرب فيجربها) بضم أوله أي يكون سببًا لوقوع الجرب بها كانوا يعتقدون أن المريض إذا دخل على الأصحاء أمرضهم فنفى -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذلك وأبطله فلما أورد الأعرابيّ الشبهة ( فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) له ( فمن أعدى) البعير ( الأول) أي ممن سرى إليه الجرب فإن قالوا من بعير آخر لزم التسلسل أو قالوا بسبب آخر فعليهم أن يبينوه وإن قالوا الفاعل في الأول هو الفاعل في الثاني ثبت المدعى وهو أن الذي فعل ذلك بالجميع هو الله فالجواب في غاية الرشاقة والبلاغة.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :5461 ... غــ : 5771 ]
- وَعَنْ أَبِى سَلَمَةَ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ بَعْدُ يَقُولُ: قَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لاَ يُورِدَنَّ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ».
وَأَنْكَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ حَدِيثَ الأَوَّلِ قُلْنَا أَلَمْ تُحَدِّثْ أَنَّهُ لاَ عَدْوَى؟ فَرَطَنَ بِالْحَبَشِيَّةِ قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: فَمَا رَأَيْتُهُ نَسِىَ حَدِيثًا غَيْرَهُ.
[الحديث 5771 - طرفه في: 5774] .

( وعن أبي سلمة) بن عبد الرحمن بن عوف بالسند السابق أنه ( سمع أبا هريرة) رضي الله عنه ( بعد) أي بعد أن سمع منه لا عدوى الخ ( يقول قال النبي) ولأبي ذر قال رسول الله ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( لا يوردن) بكسر الراء ونون التأكيد الثقيلة ( ممرض) بضم الميم الأولى وسكون الثانية وكسر الراء بعدها ضاد معجمة الذي له إبل مرضى ( على مصح) بضم الميم وكسر الصاد المهملة بعدها حاء مهملة أيضًا من له إبل صحاح لا يوردن إبله المريضة على إبل غيره الصحيحة، وجمع ابن بطال بين هذا والسابق فقال: لا عدوى إعلام بأنها لا حقيقة لها وأما النهي فلئلا يتوهم المصح أن مرضها حدث من أجل ورود المريض عليها فيكون داخلاً بتوهمه ذلك في تصحيح ما أبطله النبى -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وقيل غير ذلك ( وأنكر أبو هريرة حديث الأول) قال في الفتح: بالإضافة كمسجد الجامع، ولأبي ذر عن المستملي والكشميهني الحديث الأول، ولمسلم من رواية يونس عن الزهري عن أبي سلمة كان أبو هريرة يحدثهما كليهما عن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ ثم صمت أبو هريرة بعد ذلك عن قوله لا عدوى ( قلنا) ولأبي ذر: وقلنا ( ألم تحدّث أنه لا عدوى) وفي رواية يونس بن أبي ذباب بضم المعجمة بعدها موحدتان بينهما ألف وهو ابن عم أبي هريرة قد كنت أسمعك يا أبا هريبرة تحدّثنا بهذا الحديث: لا عدوى فأبى أن يعرف ذلك، وعند الإسماعيلي من رواية شعيب فقال الحارث: إنك حدّثنا فذكره، قال: فأنكر أبو هريرة وغضب وقال: لم أحدّثك ما تقول ( فرطن) تكلم ( با) للغة.
( الحبشية) بما لا يفهم، وقال العيني: لا رطانة بالحبشية هنا حقيقة وإنما هو غضب فتكلم بما لا يفهم ( قال أبو سلمة) بن عبد الرحمن ( فما رأيته) أي أبا هريرة وللكشميهني رأيناه ( نسى حديثًا غيره) .
وفي رواية يونس، قال أبو سلمة لقد كان يحدّثنا به فما
أدري أنسي أبو هريرة أم نسخ أحد القولين الآخر.
وقال السفاقسي: لعل هذا من الأحاديث التي سمعها قبل بسط ردائه ثم ضمه إليه عند فراغ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من مقالته في الحديث المشهور.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابٌُ لَا هامَة)

أَي: هَذَا بابُُ يذكر فِيهِ: لَا هَامة، وَقد مر تَفْسِيره فِي: بابُُ الجذام، وَهُوَ بتَخْفِيف الْمِيم فِي رِوَايَة الكافة، وَخَالفهُم أَبُو زيد فَقَالَ: هِيَ بِالتَّشْدِيدِ فَكَأَنَّهُ يَجعله من بابُُ: هم بِالْأَمر إِذا عزم عَلَيْهِ، وَمِنْه الحَدِيث: كَانَ يعوذ الْحسن وَالْحُسَيْن عَلَيْهِمَا السَّلَام فَيَقُول: أُعِيذكُمَا بِكَلِمَات الله التَّامَّة من كل سامة وَهَامة، والهامة كل ذَات سم تقتل، وَالْجمع: الْهَوَام، فَأَما مَا يسم وَلَا يقتل فَهُوَ السامة كالعقرب والزنبور، وَقد يَقع الْهَوَام على مَا يدب من الْحَيَوَان وَإِن لم يقتل كالحشرات.



[ قــ :5461 ... غــ :5770 ]
- حدّثني عبْدُ الله بنُ مُحَمَّدٍ حَدثنَا هِشامُ بنُ يُوسُفَ أخبرنَا مَعْمَرٌ عنِ الزُّهْرِيِّ عنْ أبي سَلَمَةَ عنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا عَدْوَى وَلَا صَفَرَ وَلَا هامَةَ، فَقَالَ أعْرَابيٌّ: يَا رسولَ الله! فَما بالُ الإبِلِ تَكُونُ فِي الرَّمْلِ كأنَّها الظِّباءُ، فَيُخالِطها البَعِيرُ الأجْرَبُ فَيُجْرِبها؟ فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَمَنْ أعْدَى الأوَّلَ.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( وَلَا هَامة) وَعبد الله بن مُحَمَّد المسندي، وَبَقِيَّة الرِّجَال قد تَكَرَّرت فِي الْكتاب.

والْحَدِيث مضى فِي: بابُُ لَا صفر، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عبد الْعَزِيز عَن إِبْرَاهِيم بن سعد عَن أبي صَالح عَن ابْن شهَاب عَن أبي سَلمَة وَغَيره، وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الطِّبّ عَن مُحَمَّد بن المتَوَكل الْعَسْقَلَانِي وَغَيره.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى.

قَوْله: ( لَا عدوى) أَي: لَا سرَايَة للمرض عَن صَاحبه إِلَى غَيره، وَقد مر تَحْقِيقه غير مرّة، وَكَذَا مر تَفْسِير قَوْله: ( وَلَا صفر وَلَا هَامة) فِي: بابُُ الجذام.
قَوْله: ( فَمَا بَال الْإِبِل) بِالْبَاء الْمُوَحدَة أَي: فَمَا شَأْنهَا.
قَوْله: ( كَأَنَّهَا الظباء) بِكَسْر الظَّاء الْمُعْجَمَة جمع ظَبْي، شبهها بهَا فِي صفاء بدنهَا وسلامتها من الجرب وَغَيره من الأدواء.
قَوْله: ( فيخالطها) من المخالطة، يَعْنِي: يدْخل الْبَعِير الأجرب بَين الْإِبِل الصِّحَاح عَن الجرب فيجربها، بِضَم الْيَاء، يَعْنِي: يعدي جربه إِلَيْهَا فتجرب.
قَوْله: فَمن أعدى الأول؟ أَي من أجرب الْبَعِير الأُول، يَعْنِي مِمَّن سرى إِلَيْهِ الجرب؟ فَإِن قلت: من بعير آخر يلْزم التسلسل، وَإِن قلت: بِسَبَب آخر، فَعَلَيْك بَيَانه، وَإِن قلت: إِن الَّذِي فعله فِي الأول هُوَ الَّذِي فعله فِي الثَّانِي، ثَبت الْمُدَّعِي، وَهُوَ أَن الَّذِي فعل فِي الْجَمِيع ذَلِك هُوَ الله الْخَالِق الْقَادِر على كل شَيْء، وَهَذَا جَوَاب من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غَايَة البلاغة والرشاقة.


هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :5461 ... غــ :5771 ]
- حدّثنا وعنْ أبي سَلَمَةَ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ بَعْدُ يَقُولُ: قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يُورِدَنَّ مُمْرِضٌ على مُصِحٍّ.
وأنْكَرَ أبُو هُرَيْرَةَ حَدِيثَ الأوَّلِ، قُلْنا: ألَمْ تُحَدِّثْ أنَّهُ لَا عَدْوى؟ فَرَطَنَ بالحَبَشِيَّةِ.

قَالَ: أبُو سلَمَةَ: فَما رأيْتُهُ نسيَ حَدِيثاً غَيْرَهُ.
( انْظُر الحَدِيث: 5771 طرفه فِي: 5774) .


قَوْله: وَعَن أبي سَلمَة سمع أَبَا هُرَيْرَة، عطف على قَوْله: عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة.
قَوْله: ( بعد) أَي بعد أَن سمع مِنْهُ لَا عدوى إِلَى آخِره.
يَقُول: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( لَا يوردن ممرض) إِلَى آخِره.
قَوْله: ( لَا يوردن) بنُون التَّأْكِيد للنَّهْي عَن الْإِيرَاد وَفِي رِوَايَة مُسلم: لَا يُورد، بِلَفْظ النَّفْي وَهُوَ خبر بِمَعْنى النَّهْي، ومفعول: لَا يوردن مَحْذُوف تَقْدِيره: لَا يوردن ممرض مَاشِيَة على مَاشِيَة مصح.
قَوْله: ( ممرض) بِضَم الْمِيم الأولى وَسُكُون الثَّانِيَة وَكسر الرَّاء وبالضاد الْمُعْجَمَة، وَهُوَ اسْم فَاعل من الإمراض من أمرض الرجل إِذا وَقع فِي مَاله آفَة، وَالْمرَاد بالممرض هُنَا الَّذِي لَهُ إبل مرضى.
قَوْله: ( على مصح) بِضَم الْمِيم وَكسر الصَّاد الْمُهْملَة وَتَشْديد الْحَاء، وَهُوَ الَّذِي لَهُ إبل صِحَاح، والتوفيق بَين الْحَدِيثين بِمَا قَالَه ابْن بطال وَهُوَ: أَن لَا عدوى، إِعْلَام بِأَنَّهَا لَا حَقِيقَة لَهَا، وَأما النَّهْي فلئلا يتَوَهَّم المصح أَن مَرضهَا من أجل وُرُود المرضى عَلَيْهَا فَيكون دَاخِلا بتوهمه ذَلِك فِي تَصْحِيح مَا أبْطلهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْعَدْوى..
     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: المُرَاد بقوله: ( لَا عدوى) يَعْنِي: مَا كَانُوا يعتقدونه أَن الْمَرَض يعدي بطبعه، وَلم ينف حُصُول الضَّرَر عِنْد ذَلِك بقدرة الله تَعَالَى وَجعله، وَبِقَوْلِهِ: ( لَا يوردن) الْإِرْشَاد إِلَى مجانبة مَا يحصل الضَّرَر عِنْده فِي الْعَادة بِفعل الله وَقدره، وَقيل: النَّهْي لَيْسَ للعدوى بل للتأذي بالرائحة الكريهة وَنَحْوهَا.
قَوْله: ( وَأنكر أَبُو هُرَيْرَة الحَدِيث الأول) وَهُوَ قَوْله: ( لَا عدوى) إِلَى آخِره، وَوَقع فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي والسرخسي: حَدِيث الأول، بِالْإِضَافَة وَهُوَ من قبيل قَوْلهم: مَسْجِد الْجَامِع.
قَوْله: ( قُلْنَا ألم تحدِّث) عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: ( لَا عدوى) الخ ... الْقَائِل أَبُو سَلمَة وَمن مَعَه فِي ذَلِك الْوَقْت أَي: قُلْنَا لأبي هُرَيْرَة ألم تحدث عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: لَا عدوى إِلَى آخِره.
قَوْله: ( فرطن بالحبشية) قَالَ الْكرْمَانِي: أَي تكلم بالعجمية أَي: تكلم بِمَا لَا يفهم، وَالْحَاصِل فِي ذَلِك أَنه غضب فَتكلم بِمَا لَا يفهم، وَلَا رطانة بالحبشية هُنَا حَقِيقَة.
قَوْله: ( فَمَا رَأَيْته) أَي: أَبَا هُرَيْرَة.
قَوْله: ( غَيره) أَي: غير الحَدِيث الَّذِي هُوَ قَوْله: لَا عدوى إِلَى آخِره.

فَإِن قلت: قد مضى فِي: بابُُ حفظ الْعلم، أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: فَمَا نسيت شَيْئا بعده أَي: بعد بسط الرِّدَاء بَين يَدي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قلت: هُوَ قَالَ: مَا رَأَيْته نسي، وَلَا يلْزم من عدم رُؤْيَته النسْيَان نسيانه..
     وَقَالَ  فِي ( صَحِيح مُسلم) بِهَذِهِ الْعبارَة: لَا أَدْرِي أنسي أَبُو هُرَيْرَة أَو نسخ أحد الْقَوْلَيْنِ الآخر،.

     وَقَالَ  ابْن التِّين: لَعَلَّ أَبَا هُرَيْرَة كَانَ سمع هَذَا الحَدِيث قبل أَن يسمع من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَدِيث: من بسط رِدَاءَهُ ثمَّ ضمه إِلَيْهِ لم ينس شَيْئا سَمعه من مَقَالَتي، وَقيل: المُرَاد أَنه لَا ينسى تِلْكَ الْمقَالة الَّتِي قَالَهَا ذَلِك الْيَوْم، لَا أَنه يَنْتَفِي عَنهُ النسْيَان أصلا، وَقيل: كَانَ الحَدِيث الثَّانِي نَاسِخا للْأولِ فَسكت عَن الْمَنْسُوخ، وَفِيه نظر لَا يخفى.