هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
5427 حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى ، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَنْفُثُ عَلَى نَفْسِهِ فِي المَرَضِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ ، فَلَمَّا ثَقُلَ كُنْتُ أَنْفِثُ عَلَيْهِ بِهِنَّ ، وَأَمْسَحُ بِيَدِ نَفْسِهِ لِبَرَكَتِهَا فَسَأَلْتُ الزُّهْرِيَّ : كَيْفَ يَنْفِثُ ؟ قَالَ : كَانَ يَنْفِثُ عَلَى يَدَيْهِ ، ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
5427 حدثني إبراهيم بن موسى ، أخبرنا هشام ، عن معمر ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة رضي الله عنها : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينفث على نفسه في المرض الذي مات فيه بالمعوذات ، فلما ثقل كنت أنفث عليه بهن ، وأمسح بيد نفسه لبركتها فسألت الزهري : كيف ينفث ؟ قال : كان ينفث على يديه ، ثم يمسح بهما وجهه
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated `Aisha:

During the Prophet's fatal illness, he used to recite the Mu'auwidhat (Surat An-Nas and Surat Al- Falaq) and then blow his breath over his body. When his illness was aggravated, I used to recite those two Suras and blow my breath over him and make him rub his body with his own hand for its blessings. (Ma`mar asked Az-Zuhri: How did the Prophet (ﷺ) use to blow? Az-Zuhri said: He used to blow on his hands and then passed them over his face.)

":"مجھ سے ابراہیم بن موسیٰ نے بیان کیا ، کہا ہم کو ہشام نے خبر دی ، انہیں معمر نے ، انہیں زہری نے ، انہیں عروہ نے اور ان سے حضرت عائشہ رضی اللہ عنہا نے کہنبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم اپنے مرض الوفات میں اپنے اوپر معوذات ( سورۃ الاخلاص ، الفلق اور الناس ) کا دم کیا کرتے تھے ۔ پھر جب آپ کے لیے دشوار ہو گیا تو میں ان کادم آپ پر کیا کرتی تھی اور برکت کے لیے آنحضرت صلی اللہ علیہ وسلم کاہاتھ آپ کے جسم مبارک پر بھی پھیر لیتی تھی ۔ پھر میں نے اس کے متعلق پوچھا کہ آنحضرت صلی اللہ علیہ وسلم کس طرح دم کرتے تھے ، انہوں نے بتایا کہ اپنے ہاتھ پر دم کر کے ہاتھ کو چہرے پر پھیرا کرتے تھے ۔

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [5735] .

     قَوْلُهُ  هِشَامٌ هُوَ بن يُوسُفَ الصَّنْعَانِيُّ .

     قَوْلُهُ  كَانَ يَنْفُثُ عَلَى نَفْسِهِ فِي الْمَرَضِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ دَلَالَتُهُ عَلَى الْمَعْطُوفِ فِي التَّرْجَمَةِ ظَاهِرَةٌ وَفِي دَلَالَتِهِ عَلَى الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ مَشْرُوعِيَّةِ الرُّقَى بِالْمُعَوِّذَاتِ أَنْ يُشْرَعَ بِغَيْرِهَا مِنَ الْقُرْآنِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ فِي الْمُعَوِّذَاتِ سِرٌّ لَيْسَ فِي غَيْرِهَا وَقَدْ ذَكَرْنَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرَكَ مَا عَدَا الْمُعَوِّذَاتِ لَكِنْ ثَبَتَتِ الرُّقْيَةُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَدَلَّ عَلَى أَنْ لَا اخْتِصَاصَ لِلْمُعَوِّذَاتِ وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ السِّرُّ فِي تَعْقِيبِ الْمُصَنِّفِ هَذِهِ التَّرْجَمَةَ بِبَابِ الرُّقَى بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَفِي الْفَاتِحَةِ مِنْ مَعْنَى الِاسْتِعَاذَةِ بِاللَّهِ الِاسْتِعَانَة بِهِ فمهما كَانَ فِيهِ استعاذة أَوِ اسْتِعَانَةٌ بِاللَّهِ وَحْدَهُ أَوْ مَا يُعْطِي مَعْنَى ذَلِكَ فَالِاسْتِرْقَاءُ بِهِ مَشْرُوعٌ وَيُجَابُ عَنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ تَرَكَ مَا كَانَ يُتَعَوَّذُ بِهِ مِنَ الْكَلَامِ غَيْرَ الْقُرْآنِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ فِي التَّرْجَمَةِ الرُّقَى بِالْقُرْآنِ بَعْضَهُ فَإِنَّهُ اسْمُ جِنْسٍ يَصْدُقُ عَلَى بَعْضِهِ وَالْمُرَادُ مَا كَانَ فِيهِ الْتِجَاءٌ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَمِنْ ذَلِكَ الْمُعَوِّذَاتُ وَقد ثبتَتْ الِاسْتِعَاذَةُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ فِي عِدَّةِ أَحَادِيثَ كَمَا مضى قَالَ بن بَطَّالٍ فِي الْمُعَوِّذَاتِ جَوَامِعُ مِنَ الدُّعَاءِ نَعَمْ أَكْثَرُ الْمَكْرُوهَاتِ مِنَ السِّحْرِ وَالْحَسَدِ وَشَرِّ الشَّيْطَانِ وَوَسْوَسَتِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَلِهَذَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكْتَفِي بِهَا.

.

قُلْتُ وَسَيَأْتِي فِي بَابِ السِّحْرِ شَيْءٌ مِنْ هَذَا وَقَولُهُ فِي الْمَرَضِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ لَيْسَ قَيْدًا فِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا أَشَارَتْ عَائِشَةُ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ وَأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يُنْسَخْ .

     قَوْلُهُ  أَنْفُثْ عَنْهُ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ عَلَيْهِ وَسَيَأْتِي بَابٌ مُفْرَدٌ فِي النَّفْثِ فِي الرُّقْيَةِ .

     قَوْلُهُ  وَأَمْسَحُ بِيَدِهِ نَفْسَهُ بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ أَيِ امْسَحُ جَسَدَهُ بِيَدِهِ وَبِالْكَسْرِ عَلَى الْبَدَلِ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِيَدِ نَفْسِهِ وَهُوَ يُؤَيِّدُ الِاحْتِمَالَ الثَّانِي قَالَ عِيَاضٌ فَائِدَةُ النَّفْثِ التَّبَرُّكُ بِتِلْكَ الرُّطُوبَةِ أَوِ الْهَوَاءِ الَّذِي مَاسَّهُ الذِّكْرُ كَمَا يُتَبَرَّكُ بِغُسَالَةِ مَا يُكْتَبُ مِنَ الذِّكْرِ وَقَدْ يَكُونُ عَلَى سَبِيلِ التَّفَاؤُلِ بِزَوَالِ ذَلِكَ الْأَلَمِ عَنِ الْمَرِيضِ كَانْفِصَالِ ذَلِكَ عَنِ الرَّاقِي انْتَهَى وَلَيْسَ بَيْنَ قَوْلِهِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ كَانَ يَنْفُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَبَيْنَ الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى كَانَ يَأْمُرُنِي أَنْ أَفْعَلَ ذَلِكَ مُعَارَضَةً لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ فِي ابْتِدَاءِ الْمَرَضِ كَانَ يَفْعَلُهُ بِنَفْسِهِ وَفِي اشْتِدَادِهِ كَانَ يَأْمُرُهَا بِهِ وَتَفْعَلُهُ هِيَ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهَا .

     قَوْلُهُ  فَسَأَلْتُ الزُّهْرِيَّ الْقَائِلُمَعْمَرٌ وَهُوَ مَوْصُولٌ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ وَفِي الْحَدِيثِ التَّبَرُّكُ بِالرَّجُلِ الصَّالِحِ وَسَائِرِ أَعْضَائِهِ وَخُصُوصًا الْيَدَ اليمني ( قَولُهُ بَابُ الرُّقَى بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ) وَيُذْكَرُ عَنِ بن عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَكَذَا ذَكَرَهُ بِصِيغَةِ التَّمْرِيضِ وَهُوَ يُعَكِّرُ عَلَى مَا تَقَرَّرَ بَيْنَ أَهْلِ الْحَدِيثِ أَنَّ الَّذِي يُورِدُهُ الْبُخَارِيُّ بِصِيغَةِ التَّمْرِيضِ لَا يَكُونُ عَلَى شَرطه مَعَ أَنه أخرج حَدِيث بن عَبَّاسٍ فِي الرُّقْيَةِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ عَقِبَ هَذَا الْبَابِ وَأَجَابَ شَيْخُنَا فِي كَلَامِهِ عَلَى عُلُومِ الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ قَدْ يَصْنَعُ ذَلِكَ إِذَا ذَكَرَ الْخَبَر بِالْمَعْنَى وَلَا شكّ أَن خبر بن عَبَّاسٍ لَيْسَ فِيهِ التَّصْرِيحُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالرُّقْيَةِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَإِنَّمَا فِيهِ تَقْرِيرُهُ عَلَى ذَلِكَ فَنِسْبَةُ ذَلِكَ إِلَيْهِ صَرِيحًا تَكُونُ نِسْبَةً مَعْنَوِيَّةً وَقَدْ عَلَّقَ الْبُخَارِيُّ بَعْضَ هَذَا الْحَدِيثِ بِلَفْظِهِ فَأَتَى بِهِ مَجْزُومًا كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْإِجَارَةِ فِي بَابِ مَا يُعْطي فِي الرّقية بِفَاتِحَة الْكتاب.

     وَقَالَ  بن عَبَّاسٍ إِنَّ أَحَقُّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ ثُمَّ قَالَ شَيْخُنَا لَعَلَّ لِابْنِ عَبَّاسٍ حَدِيثًا آخَرَ صَرِيحًا فِي الرُّقْيَةِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ لَيْسَ عَلَى شَرْطِهِ فَلِذَلِكَ أَتَى بِهِ بِصِيغَةِ التَّمْرِيضِ.

.

قُلْتُ وَلَمْ يَقَعْ لِي ذَلِكَ بعد التتبع ثُمَّ ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ فِي قِصَّةِ الَّذِينَ أَتَوْا عَلَى الْحَيِّ فَلَمْ يَقْرُوهُمْ فَلُدِغَ سَيِّدُ الْحَيِّ فَرَقَاهُ أَبُو سَعِيدٍ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ مُسْتَوفى.

     وَقَالَ  بن الْقَيِّمِ إِذَا ثَبَتَ أَنَّ لِبَعْضِ الْكَلَامِ خَوَاصَّ وَمَنَافِعَ فَمَا الظَّنُّ بِكَلَامِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ثُمَّ بِالْفَاتِحَةِ الَّتِي لَمْ يَنْزِلْ فِي الْقُرْآنِ وَلَا غَيْرِهِ مِنَ الْكُتُبِ مِثْلُهَا لِتَضَمُّنِهَا جَمِيعَ مَعَانِي الْكِتَابِ فَقَدِ اشْتَمَلَتْ عَلَى ذِكْرِ أُصُولِ أَسْمَاءِ اللَّهِ وَمَجَامِعِهَا وَإِثْبَاتِ الْمَعَادِ وَذِكْرِ التَّوْحِيدِ وَالِافْتِقَارِ إِلَى الرَّبِّ فِي طَلَبِ الْإِعَانَةِ بِهِ وَالْهِدَايَةِ مِنْهُ وَذِكْرِ أَفْضَلِ الدُّعَاءِ وَهُوَ طَلَبُ الْهِدَايَةِ إِلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ الْمُتَضَمِّنِ كَمَالَ مَعْرِفَتِهِ وَتَوْحِيدِهِ وعبادته بِفعل أَمَرَ بِهِ وَاجْتِنَابِ مَا نَهَى عَنْهُ وَالِاسْتِقَامَةِ عَلَيْهِ وَلِتَضَمُّنِهَا ذِكْرَ أَصْنَافِ الْخَلَائِقِ وَقِسْمَتِهِمُ إِلَى مُنْعَمٍ عَلَيْهِ لِمَعْرِفَتِهِ بِالْحَقِّ وَالْعَمَلِ بِهِ وَمَغْضُوبٍ عَلَيْهِ لِعُدُولِهِ عَنِ الْحَقِّ بَعْدَ مَعْرِفَتِهِ وَضَالٌّ لِعَدَمِ مَعْرِفَتِهِ لَهُ مَعَ مَا تَضَمَّنَتْهُ مِنْ إِثْبَاتِ الْقَدَرِ وَالشَّرْعِ وَالْأَسْمَاءِ وَالْمَعَادِ وَالتَّوْبَةِ وَتَزْكِيَةِ النَّفْسِ وَإِصْلَاحِ الْقَلْبِ وَالرَّدِّ عَلَى جَمِيعِ أَهْلِ الْبِدَعِ وَحَقِيقٌ بِسُورَةٍ هَذَا بَعْضُ شَأْنِهَا أَنْ يُسْتَشْفَى بِهَا مِنْ كُلِّ دَاءٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ( قَولُهُ بَابُ الشُّرُوطِ فِي الرُّقْيَةِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ) تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَى هَذِهِ التَّرْجَمَةِ فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ الرُّقَى)
بِضَمِّ الرَّاءِ وَبِالْقَافِ مَقْصُورٌ جَمْعُ رُقْيَةٍ بِسُكُونِ الْقَافِ يُقَالُ رَقَى بِالْفَتْحِ فِي الْمَاضِي يَرْقِي بِالْكَسْرِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَرَقَيْتُ فُلَانًا بِكَسْرِ الْقَافِ أَرْقِيهِ وَاسْتَرْقَى طَلَبَ الرُّقْيَةَ وَالْجَمْعُ بِغَيْرِ هَمْزٍ وَهُوَ بِمَعْنَى التَّعْوِيذِ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ .

     قَوْلُهُ  بِالْقُرْآنِ وَالْمُعَوِّذَاتِ هُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُعَوِّذَاتِ سُورَةُ الْفَلَقِ وَالنَّاسِ وَالْإِخْلَاصِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَوَاخِرِ التَّفْسِيرِ فَيَكُونُ مِنْ بَابِ التَّغْلِيبِ أَوِ الْمُرَادُ الْفَلَقُ وَالنَّاسُ وَكُلُّ مَا وَرَدَ مِنَ التَّعْوِيذِ فِي الْقُرْآنِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بك من همزات الشَّيَاطِين فاستعذ بِاللَّه من الشَّيْطَان الرَّجِيم وَغَيْرِ ذَلِكَ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى فَقَدْ أَخْرَجَ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَصَححهُ بن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَة عَن بن مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَكْرَهُ عَشْرَ خِصَالٍ فَذَكَرَ فِيهَا الرُّقَى إِلَّا بِالْمُعَوِّذَاتِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَرْمَلَةَ قَالَ الْبُخَارِيُّ لَا يَصِحُّ حَدِيثُهُ.

     وَقَالَ  الطَّبَرِيُّ لَا يُحْتَجُّ بِهَذَا الْخَبَرِ لِجَهَالَةِ رَاوِيهِ وَعَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهِ فَهُوَ مَنْسُوخٌ بِالْإِذْنِ فِي الرُّقْيَةِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَأَشَارَ الْمُهَلَّبُ إِلَى الْجَوَابِ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ فِي الْفَاتِحَةِ مَعْنَى الِاسْتِعَاذَةِ وَهُوَ الِاسْتِعَانَةُ فَعَلَى هَذَا يَخْتَصُّ الْجَوَازُ بِمَا يَشْتَمِلُ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى وَقَدْ أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَعَوَّذُ مِنَ الْجَانِّ وَعَيْنِ الْإِنْسَانِ حَتَّى نَزَلَتِ الْمُعَوِّذَاتُ فَأَخَذَ بِهَا وَتَرَكَ مَا سِوَاهَا وَهَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى الْمَنْعِ مِنَ التَّعَوُّذِ بِغَيْرِ هَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ بَلْ يَدُلُّ عَلَى الْأَوْلَوِيَّةِ وَلَا سِيَّمَا مَعَ ثُبُوتِ التَّعَوُّذِ بِغَيْرِهِمَا وَإِنَّمَا اجْتَزَأَ بِهِمَا لِمَا اشْتَمَلَتَا عَلَيْهِ مِنْ جَوَامِعِ الِاسْتِعَاذَةِ مِنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ الرُّقَى عِنْدَ اجْتِمَاعِ ثَلَاثَةِ شُرُوطٍ أَنْ يَكُونَ بِكَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَبِاللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ أَوْ بِمَا يُعْرَفُ مَعْنَاهُ مِنْ غَيْرِهِ وَأَنْ يُعْتَقَدَ أَنَّ الرُّقْيَةَ لَا تُؤَثِّرُ بِذَاتِهَا بَلْ بِذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَاخْتَلَفُوا فِي كَوْنِهَا شَرْطًا وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ اعْتِبَارِ الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كُنَّا نَرْقِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تَرَى فِي ذَلِكَ فَقَالَ اعْرِضُوا عَلَيَّ رُقَاكُمْ لَا بَأْسَ بِالرُّقَى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شِرْكٌ وَلَهُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الرُّقَى فَجَاءَ آلُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ كَانَتْ عِنْدَنَا رُقْيَةٌ نَرْقِي بِهَا مِنَ الْعَقْرَبِ قَالَ فَعَرَضُوا عَلَيْهِ فَقَالَ مَا أَرَى بَأْسًا مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَنْفَعْهُ وَقَدْ تَمَسَّكَ قَوْمٌ بِهَذَا الْعُمُومِ فَأَجَازُوا كُلَّ رُقْيَةٍ جُرِّبَتْ مَنْفَعَتُهَا وَلَوْ لَمْ يُعْقَلْ مَعْنَاهَا لَكِنْ دَلَّ حَدِيثُ عَوْفٍ أَنَّهُ مَهْمَا كَانَ مِنَ الرُّقَى يُؤَدِّي إِلَى الشِّرْكِ يُمْنَعُ وَمَا لَا يُعْقَلُ مَعْنَاهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يُؤَدِّيَ إِلَى الشِّرْكِ فَيَمْتَنِعُ احْتِيَاطًا وَالشَّرْطُ الْآخِرُ لَا بُدَّ مِنْهُ.

     وَقَالَ  قَوْمٌ لَا تَجُوزُ الرُّقْيَةُ إِلَّا مِنَ الْعَيْنِ وَاللَّدْغَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ مَنِ اكْتَوَى مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ لَا رُقْيَةَ إِلَّا مِنْ عَيْنٍ أَوْ حُمَةٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَعْنَى الْحَصْرِ فِيهِ أَنَّهُمَا أصل كُلِّ مَا يَحْتَاجُ إِلَى الرُّقْيَةِ فَيَلْتَحِقُ بِالْعَيْنِ جَوَازُ رُقْيَةِ مَنْ بِهِ خَبَلٌ أَوْ مَسٌّ وَنَحْوُ ذَلِكَ لِاشْتِرَاكِهَا فِي كَوْنِهَا تَنْشَأُ عَنْ أَحْوَالٍ شَيْطَانِيَّةٍ مِنْ إِنْسِيٍّ أَوْ جِنِّيٍّ وَيَلْتَحِقُ بِالسُّمِّ كُلُّ مَا عَرَضَ لِلْبَدَنِ مِنْ قَرْحٍ وَنَحْوِهِ مِنَ الْمَوَادِّ السُّمِّيَّةِ وَقَدْ وَقَعَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ مِثْلُ حَدِيثِ عِمْرَانَ وَزَادَ أَوْ دَمٍ وَفِي مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الرُّقَى مِنَ الْعَيْنِ وَالْحُمَةِ وَالنَّمْلَةِ وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ وَالْأُذُنِ وَلِأَبِي دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ الشِّفَاءِ بِنْتِ عَبْدِ اللَّهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا أَلَا تَعْلَمِينَ هَذِهِ يَعْنِي حَفْصَةَ رُقْيَةَ النَّمْلَةِ وَالنَّمْلَةُ قُرُوحٌ تَخْرُجُ فِي الْجَنْبِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْجَسَدِ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالْحَصْرِ مَعْنَى الْأَفْضَلِ أَيْ لَا رُقْيَةَ أَنْفَعُ كَمَا قِيلَ لَا سَيْفَ إِلَّا ذُو الْفَقَارِ.

     وَقَالَ  قَوْمٌ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ مِنَ الرُّقَى مَا يَكُونُ قَبْلَ وُقُوعِ الْبَلَاءِ وَالْمَأْذُونُ فِيهِ مَا كَانَ بَعْدَ وُقُوعِهِ ذكره بن عَبْدِ الْبَرِّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَفِيهِ نَظَرٌ وَكَأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنَ الْخَبَرِ الَّذِي قُرِنَتْ فِيهِ التَّمَائِمُ بالرقى فَأخْرج أَبُو دَاوُد وبن ماجة وَصَححهُ الْحَاكِم من طَرِيق بن أخي زَيْنَب امْرَأَة بن مَسْعُود عَنْهَا عَن بن مَسْعُودٍ رَفَعَهُ إِنَّ الرُّقَى وَالتَّمَائِمَ وَالتِّوَلَةَ شِرْكٌ وَفِي الْحَدِيثِ قِصَّةٌ وَالتَّمَائِمُ جَمْعُ تَمِيمَةٍ وَهِيَ خَرَزٌ أَوْ قِلَادَةٌ تُعَلَّقُ فِي الرَّأْسِ كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ ذَلِكَ يَدْفَعُ الْآفَاتِ وَالتِّوَلَةُ بِكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الْوَاوِ وَاللَّامِ مُخَفَّفًا شَيْءٌ كَانَتِ الْمَرْأَةُ تَجْلِبُ بِهِ مَحَبَّةَ زَوْجِهَا وَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ السِّحْرِ وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِنَ الشِّرْكِ لِأَنَّهُمُ أَرَادُوا دَفْعَ الْمَضَارِّ وَجَلْبَ الْمَنَافِعِ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ وَلَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مَا كَانَ بِأَسْمَاءِ اللَّهِ وَكَلَامِهِ فَقَدْ ثَبَتَ فِي الْأَحَادِيثِ اسْتِعْمَالُ ذَلِكَ قَبْلَ وُقُوعِهِ كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا فِي بَابِ الْمَرْأَةِ تَرْقِي الرَّجُلَ مِنْ حَدِيثَ عَائِشَةَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ يَنْفُثُ بِالْمُعَوِّذَاتِ وَيَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ الْحَدِيثَ وَمضى فِي أَحَادِيث الْأَنْبِيَاء حَدِيث بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُعَوِّذُ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ الْحَدِيثَ وَصَحَّحَ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ خَوْلَةَ بِنْتِ حَكِيمٍ مَرْفُوعًا مَنْ نَزَلَ مَنْزِلًا فَقَالَ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ حَتَّى يَتَحَوَّلَ وَعِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَسْلَمَ جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ لُدِغْتُ اللَّيْلَةَ فَلَمْ أَنَمْ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ قُلْتَ حِينَ أَمْسَيْتَ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ لَمْ يَضُرَّكَ وَالْأَحَادِيثُ فِي هَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودَةٌ لَكِنْ يَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ إِنَّ الرُّقَى أَخَصُّ مِنَ التَّعَوُّذِ وَإِلَّا فَالْخِلَافُ فِي الرُّقَى مَشْهُورٌ وَلَا خِلَافَ فِي مَشْرُوعِيَّةِ الْفَزَعِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَالِالْتِجَاءِ إِلَيْهِ فِي كُلِّ مَا وَقع وَمَا يتَوَقَّع.

     وَقَالَ  بن التِّينِ الرُّقَى بِالْمُعَوِّذَاتِ وَغَيْرِهَا مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ هُوَ الطِّبُّ الرُّوحَانِيُّ إِذَا كَانَ عَلَى لِسَانِ الْأَبْرَارِ مِنَ الْخَلْقِ حَصَلَ الشِّفَاءُ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَمَّا عَزَّ هَذَا النَّوْعُ فَزِعَ النَّاسُ إِلَى الطِّبِّ الْجُسْمَانِيِّ وَتِلْكَ الرُّقَى الْمَنْهِيُّ عَنْهَا الَّتِي يَسْتَعْمِلُهَا الْمُعَزِّمُ وَغَيْرُهُ مِمَّنْ يَدَّعِي تَسْخِيرَ الْجِنِّ لَهُ فَيَأْتِي بِأُمُورٍ مُشْتَبِهَةٍ مُرَكَّبَةٍ مِنْ حَقٍّ وَبَاطِلٍ يَجْمَعُ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَأَسْمَائِهِ مَا يَشُوبُهُ مِنْ ذِكْرِ الشَّيَاطِينِ وَالِاسْتِعَانَةِ بِهِمْ وَالتَّعَوُّذُ بِمَرَدَتِهِمْ وَيُقَالُ إِنَّ الْحَيَّةَ لِعَدَاوَتِهَا لِلْإِنْسَانِ بِالطَّبْعِ تُصَادِقُ الشَّيَاطِينَ لِكَوْنِهِمْ أَعْدَاءَ بَنِي آدَمَ فَإِذَا عَزَّمَ عَلَى الْحَيَّةِ بِأَسْمَاءِ الشَّيَاطِينِ أَجَابَتْ وَخَرَجَتْ مِنْ مَكَانِهَا وَكَذَا اللَّدِيغُ إِذَا رُقِيَ بِتِلْكَ الْأَسْمَاءِ سَالَتْ سَمُومُهَا مِنْ بَدَنِ الْإِنْسَانِ فَلِذَلِكَ كُرِهَ مِنَ الرُّقَى مَا لَمْ يَكُنْ بِذِكْرِ اللَّهِ وَأَسْمَائِهِ خَاصَّةً وَبِاللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ الَّذِي يُعْرَفُ مَعْنَاهُ لِيَكُونَ بَرِيئًا مِنَ الشِّرْكِ وَعَلَى كَرَاهَةِ الرُّقَى بِغَيْرِ كِتَابِ اللَّهِ عُلَمَاءُ الْأَمَةِ.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ الرُّقَى ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ أَحَدُهَا مَا كَانَ يُرْقَى بِهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِمَّا لَا يُعْقَلُ مَعْنَاهُ فَيَجِبُ اجْتِنَابُهُ لِئَلَّا يَكُونَ فِيهِ شِرْكٌ أَوْ يُؤَدِّي إِلَى الشِّرْكِ الثَّانِي مَا كَانَ بِكَلَامِ اللَّهِ أَوْ بِأَسْمَائِهِ فَيَجُوزُ فَإِنْ كَانَ مَأْثُورًا فَيُسْتَحَبُّ الثَّالِثُ مَا كَانَ بِأَسْمَاءِ غَيْرِ اللَّهِ مِنْ مَلَكٍ أَوْ صَالِحٍ أَوْ مُعَظَّمٍ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ كَالْعَرْشِ قَالَ فَهَذَا فَلَيْسَ مِنَ الْوَاجِبِ اجْتِنَابُهُ وَلَا مِنَ الْمَشْرُوعِ الَّذِي يَتَضَمَّنُ الِالْتِجَاءَ إِلَى اللَّهِ وَالتَّبَرُّكَ بِأَسْمَائِهِ فَيَكُونُ تَرْكُهُ أَوْلَى إِلَّا أَنْ يَتَضَمَّنَ تَعْظِيمَ الْمُرْقَى بِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُجْتَنَبَ كَالْحَلِفِ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى.

.

قُلْتُ وَيَأْتِي بَسْطُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

     وَقَالَ  للربيع سَأَلْتُ الشَّافِعِيَّ عَنِ الرُّقْيَةِ فَقَالَ لَا بَأْسَ أَنْ يُرْقَى بِكِتَابِ اللَّهِ وَمَا يُعْرَفُ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ.

.

قُلْتُ أَيَرْقِي أَهْلُ الْكِتَابِ الْمُسْلِمِينَ قَالَ نَعَمُ إِذَا رَقَوْا بِمَا يُعْرَفُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَبِذِكْرِ اللَّهِ اه وَفِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ لِلْيَهُودِيَّةِ الَّتِي كَانَتْ ترقى عَائِشَة ارقيها بِكِتَاب الله وروى بن وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ كَرَاهَةَ الرُّقْيَةِ بِالْحَدِيدَةِ وَالْمِلْحِ وَعَقْدِ الْخَيْطِ وَالَّذِي يَكْتُبُ خَاتَمَ سُلَيْمَانَ.

     وَقَالَ  لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ الْقَدِيمَ.

     وَقَالَ  الْمَازِرِيُّ اخْتُلِفَ فِي اسْتِرْقَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ فَأَجَازَهَا قَوْمٌ وَكَرِهَهَا مَالِكٌ لِئَلَّا يَكُونَ مِمَّا بَدَّلُوهُ وَأَجَابَ مَنْ أَجَازَ بِأَنَّ مِثْلَ هَذَا يَبْعُدُ أَنْ يَقُولُوهُ وَهُوَ كَالطِّبِّ سَوَاءٌ كَانَ غَيْرُ الْحَاذِقِ لَا يُحْسِنُ أَنْ يَقُولَ وَالْحَاذِقُ يَأْنَفُ أَنْ يُبَدِّلَ حِرْصًا عَلَى اسْتِمْرَارِ وَصْفِهِ بِالْحِذْقِ لِتَرْوِيجِ صِنَاعَتِهِ وَالْحَقُّ أَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاص وَالْأَحْوَال وَسُئِلَ بن عَبْدِ السَّلَامِ عَنِ الْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ فَمَنَعَ مِنْهَا مَا لَا يُعْرَفُ لِئَلَّا يَكُونَ فِيهَا كُفْرٌ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى مَنْ مَنَعَ الرُّقَى أَصْلًا فِي بَابِ مَنْ لَمْ يَرْقِ بَعْدَ خَمْسَةِ أَبْوَابٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

[ قــ :5427 ... غــ :5735] .

     قَوْلُهُ  هِشَامٌ هُوَ بن يُوسُفَ الصَّنْعَانِيُّ .

     قَوْلُهُ  كَانَ يَنْفُثُ عَلَى نَفْسِهِ فِي الْمَرَضِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ دَلَالَتُهُ عَلَى الْمَعْطُوفِ فِي التَّرْجَمَةِ ظَاهِرَةٌ وَفِي دَلَالَتِهِ عَلَى الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ مَشْرُوعِيَّةِ الرُّقَى بِالْمُعَوِّذَاتِ أَنْ يُشْرَعَ بِغَيْرِهَا مِنَ الْقُرْآنِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ فِي الْمُعَوِّذَاتِ سِرٌّ لَيْسَ فِي غَيْرِهَا وَقَدْ ذَكَرْنَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرَكَ مَا عَدَا الْمُعَوِّذَاتِ لَكِنْ ثَبَتَتِ الرُّقْيَةُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَدَلَّ عَلَى أَنْ لَا اخْتِصَاصَ لِلْمُعَوِّذَاتِ وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ السِّرُّ فِي تَعْقِيبِ الْمُصَنِّفِ هَذِهِ التَّرْجَمَةَ بِبَابِ الرُّقَى بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَفِي الْفَاتِحَةِ مِنْ مَعْنَى الِاسْتِعَاذَةِ بِاللَّهِ الِاسْتِعَانَة بِهِ فمهما كَانَ فِيهِ استعاذة أَوِ اسْتِعَانَةٌ بِاللَّهِ وَحْدَهُ أَوْ مَا يُعْطِي مَعْنَى ذَلِكَ فَالِاسْتِرْقَاءُ بِهِ مَشْرُوعٌ وَيُجَابُ عَنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ تَرَكَ مَا كَانَ يُتَعَوَّذُ بِهِ مِنَ الْكَلَامِ غَيْرَ الْقُرْآنِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ فِي التَّرْجَمَةِ الرُّقَى بِالْقُرْآنِ بَعْضَهُ فَإِنَّهُ اسْمُ جِنْسٍ يَصْدُقُ عَلَى بَعْضِهِ وَالْمُرَادُ مَا كَانَ فِيهِ الْتِجَاءٌ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَمِنْ ذَلِكَ الْمُعَوِّذَاتُ وَقد ثبتَتْ الِاسْتِعَاذَةُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ فِي عِدَّةِ أَحَادِيثَ كَمَا مضى قَالَ بن بَطَّالٍ فِي الْمُعَوِّذَاتِ جَوَامِعُ مِنَ الدُّعَاءِ نَعَمْ أَكْثَرُ الْمَكْرُوهَاتِ مِنَ السِّحْرِ وَالْحَسَدِ وَشَرِّ الشَّيْطَانِ وَوَسْوَسَتِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَلِهَذَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكْتَفِي بِهَا.

.

قُلْتُ وَسَيَأْتِي فِي بَابِ السِّحْرِ شَيْءٌ مِنْ هَذَا وَقَولُهُ فِي الْمَرَضِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ لَيْسَ قَيْدًا فِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا أَشَارَتْ عَائِشَةُ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ وَأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يُنْسَخْ .

     قَوْلُهُ  أَنْفُثْ عَنْهُ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ عَلَيْهِ وَسَيَأْتِي بَابٌ مُفْرَدٌ فِي النَّفْثِ فِي الرُّقْيَةِ .

     قَوْلُهُ  وَأَمْسَحُ بِيَدِهِ نَفْسَهُ بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ أَيِ امْسَحُ جَسَدَهُ بِيَدِهِ وَبِالْكَسْرِ عَلَى الْبَدَلِ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِيَدِ نَفْسِهِ وَهُوَ يُؤَيِّدُ الِاحْتِمَالَ الثَّانِي قَالَ عِيَاضٌ فَائِدَةُ النَّفْثِ التَّبَرُّكُ بِتِلْكَ الرُّطُوبَةِ أَوِ الْهَوَاءِ الَّذِي مَاسَّهُ الذِّكْرُ كَمَا يُتَبَرَّكُ بِغُسَالَةِ مَا يُكْتَبُ مِنَ الذِّكْرِ وَقَدْ يَكُونُ عَلَى سَبِيلِ التَّفَاؤُلِ بِزَوَالِ ذَلِكَ الْأَلَمِ عَنِ الْمَرِيضِ كَانْفِصَالِ ذَلِكَ عَنِ الرَّاقِي انْتَهَى وَلَيْسَ بَيْنَ قَوْلِهِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ كَانَ يَنْفُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَبَيْنَ الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى كَانَ يَأْمُرُنِي أَنْ أَفْعَلَ ذَلِكَ مُعَارَضَةً لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ فِي ابْتِدَاءِ الْمَرَضِ كَانَ يَفْعَلُهُ بِنَفْسِهِ وَفِي اشْتِدَادِهِ كَانَ يَأْمُرُهَا بِهِ وَتَفْعَلُهُ هِيَ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهَا .

     قَوْلُهُ  فَسَأَلْتُ الزُّهْرِيَّ الْقَائِلُ مَعْمَرٌ وَهُوَ مَوْصُولٌ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ وَفِي الْحَدِيثِ التَّبَرُّكُ بِالرَّجُلِ الصَّالِحِ وَسَائِرِ أَعْضَائِهِ وَخُصُوصًا الْيَدَ اليمني

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب الرُّقَى بِالْقُرْآنِ وَالْمُعَوِّذَاتِ
( باب الرقى) بضم الراء وفتح القاف مقصورًا جمع رقية بسكون القاف أي التعويذ ( بالقرآن
والمعوذات)
بكسر الواو المشددة الفلق والناس والإخلاص من باب تسمية التغليب أو المراد المعوّذتان وسائر العوذ { قل رب أعوذ بك من همزات الشياطين} [المؤمنون: 97] أو جمع اعتبارًا بأن أقل الجمع اثنان وإنما اجتزأ بهما لما اشتملتا عليه من جوامع الاستعاذة المكروهات جملةً وتفصيلاً من السحر والحسد وشرّ الشيطان ووسوسته وغير ذلك والعطف من عطف الخاص على العام أو المراد بالقرآن بعضه لأنه اسم جنس يصدق على بعضه، أو المراد ما كان فيه التجاء إلى الله تعالى.


[ قــ :5427 ... غــ : 5735 ]
- حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَنْفُثُ عَلَى نَفْسِهِ فِى الْمَرَضِ الَّذِى مَاتَ فِيهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ فَلَمَّا ثَقُلَ كُنْتُ أَنْفِثُ عَلَيْهِ بِهِنَّ وَأَمْسَحُ بِيَدِ نَفْسِهِ لِبَرَكَتِهَا فَسَأَلْتُ الزُّهْرِىَّ كَيْفَ يَنْفِثُ؟ قَالَ: كَانَ يَنْفِثُ عَلَى يَدَيْهِ ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ.

وبه قال: ( حدّثني) بالإفراد ( إبراهيم بن موسى) بن يزيد الرازي الصغير قال: ( أخبرنا هشام) هو ابن يوسف الصنعاني ( عن معمر) هو ابن راشد ( عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب ( عن عروة) بن الزبير ( عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان ينفث) بضم الفاء وكسرها بعدها مثلثة أي ينفخ نفخًا لطيفًا أقل من التفل ( على نفسه في المرض الذي مات فيه) كالمرض الذي قبله واستمر ذلك فلم ينسخ ( بالمعوّذات) وهذا هو الطب الروحاني وإذا كان على لسان الأبرار حصل به الشفاء.
قال القاضي عياض: فائدة النفث التبرك بتلك الرطوبة أو الهواء الذي يمسه الذكر كما يتبرك بغسالة ما يكتب من الذكر، قالت عائشة: ( فلما ثقل) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في مرضه ( كنت أنفث) بفتح الهمزة وكسر الفاء ( عليه) وللحموي والمستملي: عنه ( بهن) بالمعوّذات ( وأمسح) عليه ( بيد نفسه لبركتها) وللحموي والمستملي بيده نفسه بهاء الضمير بعد الدال وجر نفسه على البدل، وضبطه في الفتح أيضًا بالنصب على المفعولية.
وقال بعضهم: لعله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لما علم أنه آخر
مرضه وارتحاله عن قريب ترك ذلك قال معمر بالسند السابق ( فسألت الزهري كيف ينفث؟ قال: كان ينفث) بكسر الفاء فيهما ( على يديه ثم يمسح بهما وجهه) وفيه جواز الرقية لكن بشروط أن تكون بكلام الله تعالى أو بأسمائه وصفاته وباللسان العربي أو بما يعرف معناه من غيره وأن يعتقد أن الرقية غير مؤثرة بنفسها بل بتقدير الله عز وجل، وقال الربيع: سألت الشافعي عن الرقية فقال: لا بأس أن يرقى بكتاب الله عز وجل وبما يعرف من ذكر الله.
قلت: أيرقي أهل الكتاب المسلمين؟ قال: نعم إذا راقوا بما يعرف من كتاب الله وذكر الله، وفي الموطأ أن أبا بكر قال لليهودية التي كانت ترقي عائشة: ارقيها بكتاب الله وروى ابن وهب عن مالك كراهية الرقية بالحديدة والملح وعقد الخيط والذي يكتب خاتم سليمان وقال: لم يكن ذلك من أمر الناس القديم.

وهذا الحديث أخرجه مسلم في الطب.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ الرُّقَى بالقُرْآنِ والمعَوِّذَاتِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان الرقى، بِضَم الرَّاء وبالقاف مَقْصُور، جمع رقية بِضَم الرَّاء وَسُكُون الْقَاف، وَيُقَال: رقى بِالْفَتْح يرقي بِالْكَسْرِ من بابُُ رمى يَرْمِي، ورقيت فلَانا بِكَسْر الْقَاف أرقيه، واسترقى طلب الرّقية وَالْكل بِلَا همز، وَمعنى الرّقية: التعويذ، بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة،.

     وَقَالَ  ابْن الْأَثِير: الرّقية والرقى والاسترقاء: العوذة الَّتِي يرقى بهَا صَاحب الآفة كالحمى والصرع وَغير ذَلِك من الْآفَات.
قَوْله: ( بِالْقُرْآنِ) أَي: بِقِرَاءَة شَيْء من الْقُرْآن.
قَوْله: ( والمعوذات) من عطف الْخَاص على الْعَام.
قَالَ الْكرْمَانِي: وَكَانَ حَقه أَن يَقُول: والمعوذتين لِأَنَّهُمَا سورتان فَجمع إِمَّا لإِرَادَة هَاتين السورتين وَمَا يشبههما من الْقُرْآن، أَو بِاعْتِبَار أَن أقل الْجمع اثْنَان، وَيُقَال: المُرَاد بالمعوذات: سُورَة الفلق وَالنَّاس وَسورَة الْإِخْلَاص 7 لِأَنَّهُ جَاءَ فِي بعض الرِّوَايَات أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يرقي بِسُورَة الْإِخْلَاص والمعوذتين، وَهُوَ من بابُُ التغليب.



[ قــ :5427 ... غــ :5735 ]
- حدّثني إبْرَاهيمُ بنُ مُوسَى أخبرنَا هِشامٌ عنْ مَعْمَرٍ عَن الزُّهْريِّ عنْ عُرْوَةَ عنْ عائِشَةَ رَضِي الله عَنْهَا أنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، كانَ يَنْفُثُ عَلى نَفْسِهِ فِي المَرَضِ الَّذِي ماتَ فيهِ بالمُعَوِّذاتِ، فَلَمّا ثَقُلَ كُنْتُ أنْفِثُ عنهُ بِهِنَّ، وأمْسَحُ بِيَدِ نَفْسِهِ لِبَرَكَتها.

فَسَألْتُ الزُّهْرِيَّ: كَيْفَ يَنْفِثُ؟ قَالَ: كَانَ يَنْفِثُ على يَدَيْهِ ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِما وجْهَهُ.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( بالمعوذات) وَإِبْرَاهِيم بن مُوسَى بن يزِيد الرَّازِيّ يعرف بالصغير، وَهِشَام هُوَ ابْن يُوسُف الصَّنْعَانِيّ، وَمعمر بِفَتْح الميمين هُوَ ابْن رَاشد.

والْحَدِيث أخرجه فِي الْأَدَب أَيْضا عَن عبد الله بن مُحَمَّد.
وَأخرجه مُسلم فِي الطِّبّ عَن عبد بن حميد.

قَوْله: ( كَانَ ينفث) بِضَم الْفَاء وَكسرهَا والنفث شبه النفخ وَهُوَ أقل من التفل والتفل لَا بُد فِيهِ شَيْء من الرِّيق.
قَوْله: ( فِي الْمَرَض الَّذِي مَاتَ فِيهِ) أشارت بِهِ عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا إِلَى أَن ذَلِك وَقع فِي آخر حَيَاته: وَأَن ذَلِك لم ينْسَخ.
قَوْله: ( كنت أنفث عَنهُ) وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: عَلَيْهِ.
قَوْله: ( وامسح بيد نَفسه) هَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَة الْكشميهني، وَفِي رِوَايَة غَيره: وامسح بِيَدِهِ نَفسه، وَنَفسه مَنْصُوب على المفعولية، أَي: أَمسَح بجسده بِيَدِهِ.
قَوْله: ( لبركتها) أَي: للتبرك بِتِلْكَ الرُّطُوبَة أَو الْهَوَاء وَالنَّفس الْمُبَاشر لتِلْك الرّقية وَالذكر، وَقد يكون على وَجه التفاؤل بِزَوَال الْأَلَم عَن الْمَرِيض وانفصاله عَنهُ، كَمَا ينْفَصل ذَلِك النفث عَن الراقي.

قَوْله: ( فَسَأَلت الزُّهْرِيّ) السَّائِل هُوَ معمر وَهُوَ مَوْصُول بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور.

وَفِيه: التَّبَرُّك بِالرجلِ الصَّالح وَسَائِر أَعْضَائِهِ خُصُوصا الْيَد الْيُمْنَى.

ثمَّ الْكَلَام هُنَا على أَنْوَاع.

الأول: قَالَ ابْن الْأَثِير: وَقد جَاءَ فِي بعض الْأَحَادِيث جَوَاز الرقى، وَفِي بَعْضهَا النَّهْي عَنْهَا، فَمن الْجَوَاز قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم استرقوا لَهَا فَإِن بهَا النظرة، أَي: اطْلُبُوا لَهَا من يرقيها، وَمن النَّهْي قَوْله: لَا يسْتَرقونَ وَلَا يَكْتَوُونَ، وَالْأَحَادِيث فِي الْقسمَيْنِ كَثِيرَة، وَوجه الْجمع بَينهمَا أَن الرقى يكره مِنْهَا مَا كَانَ بِغَيْر اللِّسَان الْعَرَبِيّ وَبِغير أَسمَاء الله تَعَالَى وَصِفَاته وَكَلَامه فِي كتبه الْمنزلَة، وَأَن يعْتَقد أَن الرّقية نافعة لَا محَالة، فيتكل عَلَيْهَا، وَإِيَّاهَا أَرَادَ بقوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا توكل من استرقى، وَلَا يكره مِنْهَا مَا كَانَ بِخِلَاف ذَلِك، كالتعوذ بِالْقُرْآنِ وَأَسْمَاء الله تَعَالَى والرقى المروية.
وَفِي ( موطأ مَالك) رَضِي الله عَنهُ: أَن أَبَا بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ دخل على عَائِشَة وَهِي تَشْتَكِي وَيَهُودِيَّة ترقيها، فَقَالَ أَبُو بكر: إرقيها بِكِتَاب الله، يَعْنِي بِالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيل، وَلما ذكره ابْن حبَان ذكره مَرْفُوعا: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل ... الحَدِيث.

الثَّانِي: هَل يجوز رقية الْكَافِر للْمُسلمِ؟ فَروِيَ عَن مَالك جَوَاز رقية الْيَهُودِيّ وَالنَّصْرَانِيّ للْمُسلمِ إِذا رقى بِكِتَاب الله، وَهُوَ قَول الشَّافِعِي، وَرُوِيَ عَن مَالك أَنه قَالَ: أكره رقي أهل الْكتاب وَلَا أحبه لأَنا لَا نعلم هَل يرقون بِكِتَاب الله أَو بالمكروه الَّذِي يضاهي السحر، وروى ابْن وهب أَن مَالِكًا سُئِلَ عَن الْمَرْأَة ترقي بالحديدة وَالْملح، وَعَن الَّذِي يكْتب الْكتاب يعلقه عَلَيْهِ، ويعقد فِي الْخَيط الَّذِي يرْبط بِهِ الْكتاب سبع عقد، وَالَّذِي يكْتب خَاتم سُلَيْمَان فِي الْكتاب، فكرهه كُله مَالك،.

     وَقَالَ : لم يكن ذَلِك من أَمر النَّاس.

الثَّالِث: فِيهِ إِبَاحَة النفث فِي الرقى وَالرَّدّ على من أنكر ذَلِك من الإسلاميين، وَقد روى الثَّوْريّ عَن الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: إِذا رقيت بآي الْقُرْآن فَلَا تنفث..
     وَقَالَ  الْأسود: أكره النفث، وَكَانَ لَا يرى بالنفخ بَأْسا، وَكَرِهَهُ أَيْضا عِكْرِمَة وَالْحكم وَحَمَّاد، قَالَ أَبُو عمر: أَظن حجَّة من كرهه ظَاهر قَوْله عز وَجل: { وَمن شَرّ النفاثات فِي العقد} ( الفلق: 4) ، وَذَلِكَ نفث سحر وَالسحر محرم، وَمَا جَاءَ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أولى، وَفِيه الْخَيْر وَالْبركَة.

الرَّابِع: فِيهِ الْمسْح بِالْيَدِ عِنْد الرّقية، وَفِي مَعْنَاهُ الْمسْح بِالْيَدِ على مَا يُرْجَى بركته وشفاؤه وخيره، مثل الْمسْح على رَأس الْيَتِيم وَشبهه.