هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
5233 حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، قَالَ عَمْرٌو : قُلْتُ لِجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ : يَزْعُمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ حُمُرِ الأَهْلِيَّةِ ؟ فَقَالَ : قَدْ كَانَ يَقُولُ ذَاكَ الحَكَمُ بْنُ عَمْرٍو الغِفَارِيُّ ، عِنْدَنَا بِالْبَصْرَةِ وَلَكِنْ أَبَى ذَاكَ البَحْرُ ابْنُ عَبَّاسٍ ، وَقَرَأَ : { قُلْ لاَ أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا }
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
5233 حدثنا علي بن عبد الله ، حدثنا سفيان ، قال عمرو : قلت لجابر بن زيد : يزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن حمر الأهلية ؟ فقال : قد كان يقول ذاك الحكم بن عمرو الغفاري ، عندنا بالبصرة ولكن أبى ذاك البحر ابن عباس ، وقرأ : { قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما }
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated `Amr:

I said to Jabir bin Zaid, The people claim that Allah's Messenger (ﷺ) forbade the eating of donkey's meat. He said, Al-Hakam bin `Amr Al-Ghifari used to say so when he was with us, but Ibn `Abbas, the great religious learned man, refused to give a final verdict and recited:-- 'Say: I find not in that which has been inspired to me anything forbidden to be eaten by one who wishes to eat it, unless it be carrion, blood poured forth or the flesh of swine...' (6.145)

":"ہم سے علی بن عبداللہ نے بیان کیا ، کہا ہم سے سفیان نے بیان کیا ، ان سے عمرو نے بیان کیا کہ میں نے حضرت جابر بن زید رضی اللہ عنہما سے پوچھا کہلوگوں کا خیال ہے کہ رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم نے پالتو گدھوں کا گوشت کھانے سے منع کیا تھا ؟ انہوں نے کہا کہ حکم بن عمرو غفاری رضی اللہ عنہ نے ہمیں بصرہ میں یہی بتایا تھا لیکن علم کے سمندر حضرت ابن عباس رضی اللہ عنہما نے اس سے انکار کیا اور ( استدلال میں ) اس آیت کی تلاوت کی ” قل لا اجد فیما اوحی الی محرما “

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [5529] قَوْله سُفْيَان هُوَ بن عُيَيْنَة وَعَمْرو هُوَ بن دِينَارٍ .

     قَوْلُهُ .

.

قُلْتُ لِجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ هُوَ أَبُو الشَّعْثَاءِ بِمُعْجَمَةٍ وَمُثَلَّثَةٍ الْبَصْرِيُّ .

     قَوْلُهُ  يَزْعُمُونَ لَمْ أَقِفْ عَلَى تَسْمِيَةِ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ أَنَّ عَمْرَو بْنِ دِينَارٍ رَوَى ذَلِكَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَأَنَّ مِنَ الرُّوَاةِ مَنْ قَالَ عَنْهُ عَنْ جَابِرٍ بِلَا وَاسِطَةٍ .

     قَوْلُهُ  قَدْ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ الْحَكَمُ بْنُ عَمْرٍو الْغِفَارِيُّ عِنْدَنَا بِالْبَصْرَةِ زَادَ الْحُمَيْدِيُّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ سُفْيَانَ بِهَذَا السَّنَدِ قَدْ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ الْحَكَمُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأخرجه أَبُو دَاوُد من رِوَايَة بن جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ مَضْمُومًا إِلَى حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فِي النَّهْيِ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ مَرْفُوعًا وَلَمْ يُصَرِّحْ بِرَفْعِ حَدِيثِ الْحَكَمِ .

     قَوْلُهُ  وَلَكِنْ أَبَى ذَلِكَ الْبَحْرُ بن عَبَّاس وَأبي مِنَ الْإِبَاءِ أَيِ امْتَنَعَ وَالْبَحْرُ صِفَةٌ لِابْنِ عَبَّاسٍ قِيلَ لَهُ لِسَعَةِ عِلْمِهِ وَهُوَ مِنْ تَقْدِيمِ الصِّفَةِ عَلَى الْمَوْصُوفِ مُبَالَغَةً فِي تَعْظِيمِ الْمَوْصُوفِ كَأَنَّهُ صَارَ عَلَمًا عَلَيْهِ وَإِنَّمَا ذُكِرَ لِشُهْرَتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ لِاحْتِمَالِ خَفَائِهِ عَلَى بَعْضِ النَّاس وَوَقع فِي رِوَايَة بن جريج وَأبي ذَلِك الْبَحْر يُرِيد بن عَبَّاس وَهَذَا يشْعر بِأَن فِي رِوَايَة بن عُيَيْنَةَ إِدْرَاجًا .

     قَوْلُهُ  وَقَرَأَ قُلْ لَا أَجِدُ فِيمَا أوحى إِلَى محرما فِي رِوَايَة بن مَرْدَوَيْهِ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ شَرِيكٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي الشعْثَاء عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَأْكُلُونَ أَشْيَاءَ وَيَتْرُكُونَ أَشْيَاءَ تَقَذُّرًا فَبَعَثَ اللَّهُ نَبِيَّهُ وَأَنْزَلَ كِتَابَهُ وَأَحَلَّ حَلَالَهُ وَحَرَّمَ حَرَامَهُ فَمَا أَحَلَّ فِيهِ فَهُوَ حَلَالٌ وَمَا حَرَّمَ فِيهِ فَهُوَ حَرَامٌ وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ عَفْوٌ وَتَلَا هَذِه قل لَا أجد إِلَى آخِرِهَا وَالِاسْتِدْلَالُ بِهَذَا لِلْحِلِّ إِنَّمَا يَتِمُّ فِيمَا لَمْ يَأْتِ فِيهِ نَصٌّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَحْرِيمِهِ وَقَدْ تَوَارَدَتِ الْأَخْبَارُ بِذَلِكَ وَالتَّنْصِيصُ عَلَى التَّحْرِيمِ مُقَدَّمٌ عَلَى عُمُومِ التَّحْلِيلِ وَعَلَى الْقِيَاسِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْمَغَازِي عَن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ تَوَقَّفَ فِي النَّهْيِ عَنِ الْحُمُرِ هَلْ كَانَ لِمَعْنًى خَاصٍّ أَوْ لِلتَّأْيِيدِ فَفِيهِ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لَا أَدْرِي أَنَهَى عَنْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ أَجْلِ أَنَّهُ كَانَ حَمُولَةَ النَّاسِ فَكَرِهَ أَنْ تَذْهَبَ حُمُولَتُهُمْ أَوْ حَرَّمَهَا أَلْبَتَّةَ يَوْمَ خَيْبَرَ وَهَذَا التَّرَدُّدُ أَصَحُّ مِنَ الْخَبَرِ الَّذِي جَاءَ عَنْهُ بِالْجَزْمِ بِالْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَكَذَا فِيمَا أخرجه الطَّبَرَانِيّ وبن مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ قَالَ إِنَّمَا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحُمُرَ الْأَهْلِيَّةَ مَخَافَةَ قِلَّةِ الظَّهْرِ وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ وَتَقَدَّمَ فِي الْمَغَازِي فِي حَدِيث بن أَبِي أَوْفَى فَتَحَدَّثْنَا أَنَّهُ إِنَّمَا نَهَى عَنْهَا لِأَنَّهَا لَمْ تُخَمَّسْ.

     وَقَالَ  بَعْضُهُمْ نَهَىعَنْهَا لِأَنَّهَا كَانَتْ تَأْكُلُ الْعَذِرَةَ.

.

قُلْتُ وَقَدْ أَزَالَ هَذِهِ الِاحْتِمَالَاتِ مِنْ كَوْنِهَا لَمْ تُخَمَّسْ أَوْ كَانَتْ جَلَّالَةً أَوْ كَانَتِ انْتُهِبَتْ حَدِيثُ أَنَسٍ الْمَذْكُورُ قَبْلَ هَذَا حَيْثُ جَاءَ فِيهِ فَإِنَّهَا رِجْسٌ وَكَذَا الْأَمْرُ بِغَسْلِ الْإِنَاءِ فِي حَدِيثِ سَلَمَةَ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ .

     قَوْلُهُ  فَإِنَّهَا رِجْسٌ ظَاهِرٌ فِي عَوْدِ الضَّمِيرِ عَلَى الْحُمُرِ لِأَنَّهَا الْمُتَحَدَّثُ عَنْهَا الْمَأْمُورُ بِإِكْفَائِهَا مِنَ الْقُدُورِ وَغَسْلِهَا وَهَذَا حُكْمُ الْمُتَنَجِّسِ فَيُسْتَفَادُ مِنْهُ تَحْرِيمُ أَكْلِهَا وَهُوَ دَالٌّ عَلَى تَحْرِيمِهَا لِعَيْنِهَا لَا لِمَعْنًى خَارج.

     وَقَالَ  بن دَقِيق الْعِيد الْأَمر بإكفاء الْقُدُور ظَاهِرٌ أَنَّهُ سَبَبُ تَحْرِيمِ لَحْمِ الْحُمُرِ وَقَدْ وَرَدَتْ عِلَلٌ أُخْرَى إِنْ صَحَّ رَفْعُ شَيْءٍ مِنْهَا وَجَبَ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ لَكِنْ لَا مَانِعَ أَنْ يُعَلَّلَ الْحُكْمُ بِأَكْثَرَ مِنْ عِلَّةٍ وَحَدِيثُ أَبِي ثَعْلَبَةَ صَرِيحٌ فِي التَّحْرِيمِ فَلَا مَعْدِلَ عَنْهُ.

.
وَأَمَّا التَّعْلِيلُ بِخَشْيَةِ قِلَّةِ الظَّهْرِ فَأَجَابَ عَنْهُ الطَّحَاوِيُّ بِالْمُعَارَضَةِ بِالْخَيْلِ فَإِنَّ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ النَّهْيَ عَنِ الْحُمُرِ وَالْإِذْنَ فِي الْخَيْلِ مَقْرُونًا فَلَوْ كَانَتِ الْعِلَّةُ لِأَجْلِ الْحَمُولَةِ لَكَانَتِ الْخَيْلُ أَوْلَى بِالْمَنْعِ لِقِلَّتِهَا عِنْدَهُمْ وَعِزَّتِهَا وَشِدَّةِ حَاجَتِهِمْ إِلَيْهَا وَالْجَوَابُ عَنْ آيَةِ الْأَنْعَامِ أَنَّهَا مَكِّيَّةٌ وَخَبَرُ التَّحْرِيمِ مُتَأَخِّرٌ جِدًّا فَهُوَ مُقَدَّمٌ وَأَيْضًا فَنَصُّ الْآيَةِ خَبَرٌ عَنِ الْحُكْمِ الْمَوْجُودِ عِنْدَ نُزُولِهَا فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَمْ يَكُنْ نَزَلَ فِي تَحْرِيمِ الْمَأْكُولِ إِلَّا مَا ذُكِرَ فِيهَا وَلَيْسَ فِيهَا مَا يَمْنَعُ أَنْ يَنْزِلَ بَعْدَ ذَلِكَ غَيْرُ مَا فِيهَا وَقَدْ نَزَلَ بَعْدَهَا فِي الْمَدِينَةِ أَحْكَامٌ بِتَحْرِيمِ أَشْيَاءَ غَيْرِ مَا ذُكِرَ فِيهَا كَالْخَمْرِ فِي آيَةِ الْمَائِدَةِ وَفِيهَا أَيْضًا تَحْرِيمُ مَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةِ إِلَى آخِرِهِ وَكَتَحْرِيمِ السِّبَاعِ وَالْحَشَرَاتِ قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ بِتَحْرِيمِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ وَلَمْ نَجِدْ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ فِي ذَلِكَ خِلَافًا لَهُمْ الا عَن بن عَبَّاسٍ وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ ثَالِثُهَا الْكَرَاهَةُ.

.
وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ غَالِبِ بْنِ الْحُرِّ قَالَ أَصَابَتْنَا سَنَةٌ فَلَمْ يَكُنْ فِي مَالِي مَا أُطْعِمُ أَهْلِي إِلَّا سِمَانَ حُمُرٍ فَأَتَيْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ إِنَّكَ حَرَّمْتَ لُحُومَ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ وَقَدْ أَصَابَتْنَا سَنَةٌ قَالَ أَطْعِمْ أَهْلَكَ مِنْ سَمِينِ حُمُرِكَ فَإِنَّمَا حَرَّمْتُهَا مِنْ أَجْلِ حَوَالَيِ الْقَرْيَةِ يَعْنِي الْجَلَّالَةَ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَالْمَتْنُ شَاذٌّ مُخَالِفٌ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فَالِاعْتِمَادُ عَلَيْهَا.

.
وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ أُمِّ نَصْرٍ الْمُحَارِبِيَّةِ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ فَقَالَ أَلَيْسَ تَرْعَى الْكَلَأَ وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فأصب من لحومها وَأخرجه بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ رَجُلٍ مِنْ بَنِي مُرَّةَ قَالَ سَأَلْتُ فَذَكَرَ نَحْوَهُ فَفِي السَّنَدَيْنِ مَقَالٌ وَلَوْ ثَبَتَا احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ التَّحْرِيمِ قَالَ الطَّحَاوِيُّ لَوْ تَوَاتَرَ الْحَدِيثِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَحْرِيمِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ لَكَانَ النَّظَرُ يَقْتَضِي حِلَّهَا لِأَنَّ كُلَّ مَا حُرِّمَ مِنَ الْأَهْلِيِّ أُجْمِعَ عَلَى تَحْرِيمِهِ إِذَا كَانَ وَحْشِيًّا كَالْخِنْزِيرِ وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى حِلِّ الْحِمَارِ الْوَحْشِيِّ فَكَانَ النَّظَرُ يَقْتَضِي حِلَّ الْحِمَارِ الْأَهْلِيِّ.

.

قُلْتُ مَا ادَّعَاهُ مِنَ الْإِجْمَاعِ مَرْدُودٌ فَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْحَيَوَانِ الْأَهْلِيِّ مُخْتَلَفٌ فِي نَظِيرِهِ مِنَ الْحَيَوَانِ الْوَحْشِيِّ كَالْهِرِّ وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ الذَّكَاةَ لَا تُطَهِّرُ مَا لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ وَأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ تَنَجَّسَ بِمُلَاقَاةِ النَّجَاسَةِ يَكْفِي غَسْلُهُ مَرَّةً وَاحِدَةً لِإِطْلَاقِ الْأَمْرِ بِالْغَسْلِ فَإِنَّهُ يَصْدُقُ بِالِامْتِثَالِ بِالْمَرَّةِ وَالْأَصْلُ أَنْ لَا زِيَادَةَ عَلَيْهَا وَأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَشْيَاءِ الْإِبَاحَةُ لِكَوْنِ الصَّحَابَةِ أَقْدَمُوا عَلَى ذَبْحِهَا وَطَبْخِهَا كَسَائِرِ الْحَيَوَانِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُسْتَأْمَرُوا مَعَ تَوَفُّرِ دَوَاعِيهِمْ عَلَى السُّؤَالِ عَمَّا يُشْكِلُ وَأَنَّهُ يَنْبَغِي لِأَمِيرِ الْجَيْشِ تَفَقُّدُ أَحْوَالِ رَعِيَّتِهِ وَمَنْ رَآهُ فَعَلَ مَا لَا يَسُوغُ فِي الشَّرْعِ أَشَاعَ مَنْعَهُ إِمَّا بِنَفْسِهِ كَأَنْ يُخَاطِبَهُمْ وَإِمَّا بِغَيْرِهِ بِأَنْ يَأْمُرَ مُنَادِيًا فَيُنَادِيَ لِئَلَّا يَغْتَرَّ بِهِ مَنْ رَآهُ فَيَظُنَّهُ جَائِزًاعَنْهَا لِأَنَّهَا كَانَتْ تَأْكُلُ الْعَذِرَةَ.

.

قُلْتُ وَقَدْ أَزَالَ هَذِهِ الِاحْتِمَالَاتِ مِنْ كَوْنِهَا لَمْ تُخَمَّسْ أَوْ كَانَتْ جَلَّالَةً أَوْ كَانَتِ انْتُهِبَتْ حَدِيثُ أَنَسٍ الْمَذْكُورُ قَبْلَ هَذَا حَيْثُ جَاءَ فِيهِ فَإِنَّهَا رِجْسٌ وَكَذَا الْأَمْرُ بِغَسْلِ الْإِنَاءِ فِي حَدِيثِ سَلَمَةَ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ .

     قَوْلُهُ  فَإِنَّهَا رِجْسٌ ظَاهِرٌ فِي عَوْدِ الضَّمِيرِ عَلَى الْحُمُرِ لِأَنَّهَا الْمُتَحَدَّثُ عَنْهَا الْمَأْمُورُ بِإِكْفَائِهَا مِنَ الْقُدُورِ وَغَسْلِهَا وَهَذَا حُكْمُ الْمُتَنَجِّسِ فَيُسْتَفَادُ مِنْهُ تَحْرِيمُ أَكْلِهَا وَهُوَ دَالٌّ عَلَى تَحْرِيمِهَا لِعَيْنِهَا لَا لِمَعْنًى خَارج.

     وَقَالَ  بن دَقِيق الْعِيد الْأَمر بإكفاء الْقُدُور ظَاهِرٌ أَنَّهُ سَبَبُ تَحْرِيمِ لَحْمِ الْحُمُرِ وَقَدْ وَرَدَتْ عِلَلٌ أُخْرَى إِنْ صَحَّ رَفْعُ شَيْءٍ مِنْهَا وَجَبَ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ لَكِنْ لَا مَانِعَ أَنْ يُعَلَّلَ الْحُكْمُ بِأَكْثَرَ مِنْ عِلَّةٍ وَحَدِيثُ أَبِي ثَعْلَبَةَ صَرِيحٌ فِي التَّحْرِيمِ فَلَا مَعْدِلَ عَنْهُ.

.
وَأَمَّا التَّعْلِيلُ بِخَشْيَةِ قِلَّةِ الظَّهْرِ فَأَجَابَ عَنْهُ الطَّحَاوِيُّ بِالْمُعَارَضَةِ بِالْخَيْلِ فَإِنَّ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ النَّهْيَ عَنِ الْحُمُرِ وَالْإِذْنَ فِي الْخَيْلِ مَقْرُونًا فَلَوْ كَانَتِ الْعِلَّةُ لِأَجْلِ الْحَمُولَةِ لَكَانَتِ الْخَيْلُ أَوْلَى بِالْمَنْعِ لِقِلَّتِهَا عِنْدَهُمْ وَعِزَّتِهَا وَشِدَّةِ حَاجَتِهِمْ إِلَيْهَا وَالْجَوَابُ عَنْ آيَةِ الْأَنْعَامِ أَنَّهَا مَكِّيَّةٌ وَخَبَرُ التَّحْرِيمِ مُتَأَخِّرٌ جِدًّا فَهُوَ مُقَدَّمٌ وَأَيْضًا فَنَصُّ الْآيَةِ خَبَرٌ عَنِ الْحُكْمِ الْمَوْجُودِ عِنْدَ نُزُولِهَا فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَمْ يَكُنْ نَزَلَ فِي تَحْرِيمِ الْمَأْكُولِ إِلَّا مَا ذُكِرَ فِيهَا وَلَيْسَ فِيهَا مَا يَمْنَعُ أَنْ يَنْزِلَ بَعْدَ ذَلِكَ غَيْرُ مَا فِيهَا وَقَدْ نَزَلَ بَعْدَهَا فِي الْمَدِينَةِ أَحْكَامٌ بِتَحْرِيمِ أَشْيَاءَ غَيْرِ مَا ذُكِرَ فِيهَا كَالْخَمْرِ فِي آيَةِ الْمَائِدَةِ وَفِيهَا أَيْضًا تَحْرِيمُ مَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةِ إِلَى آخِرِهِ وَكَتَحْرِيمِ السِّبَاعِ وَالْحَشَرَاتِ قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ بِتَحْرِيمِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ وَلَمْ نَجِدْ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ فِي ذَلِكَ خِلَافًا لَهُمْ الا عَن بن عَبَّاسٍ وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ ثَالِثُهَا الْكَرَاهَةُ.

.
وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ غَالِبِ بْنِ الْحُرِّ قَالَ أَصَابَتْنَا سَنَةٌ فَلَمْ يَكُنْ فِي مَالِي مَا أُطْعِمُ أَهْلِي إِلَّا سِمَانَ حُمُرٍ فَأَتَيْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ إِنَّكَ حَرَّمْتَ لُحُومَ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ وَقَدْ أَصَابَتْنَا سَنَةٌ قَالَ أَطْعِمْ أَهْلَكَ مِنْ سَمِينِ حُمُرِكَ فَإِنَّمَا حَرَّمْتُهَا مِنْ أَجْلِ حَوَالَيِ الْقَرْيَةِ يَعْنِي الْجَلَّالَةَ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَالْمَتْنُ شَاذٌّ مُخَالِفٌ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فَالِاعْتِمَادُ عَلَيْهَا.

.
وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ أُمِّ نَصْرٍ الْمُحَارِبِيَّةِ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ فَقَالَ أَلَيْسَ تَرْعَى الْكَلَأَ وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فأصب من لحومها وَأخرجه بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ رَجُلٍ مِنْ بَنِي مُرَّةَ قَالَ سَأَلْتُ فَذَكَرَ نَحْوَهُ فَفِي السَّنَدَيْنِ مَقَالٌ وَلَوْ ثَبَتَا احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ التَّحْرِيمِ قَالَ الطَّحَاوِيُّ لَوْ تَوَاتَرَ الْحَدِيثِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَحْرِيمِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ لَكَانَ النَّظَرُ يَقْتَضِي حِلَّهَا لِأَنَّ كُلَّ مَا حُرِّمَ مِنَ الْأَهْلِيِّ أُجْمِعَ عَلَى تَحْرِيمِهِ إِذَا كَانَ وَحْشِيًّا كَالْخِنْزِيرِ وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى حِلِّ الْحِمَارِ الْوَحْشِيِّ فَكَانَ النَّظَرُ يَقْتَضِي حِلَّ الْحِمَارِ الْأَهْلِيِّ.

.

قُلْتُ مَا ادَّعَاهُ مِنَ الْإِجْمَاعِ مَرْدُودٌ فَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْحَيَوَانِ الْأَهْلِيِّ مُخْتَلَفٌ فِي نَظِيرِهِ مِنَ الْحَيَوَانِ الْوَحْشِيِّ كَالْهِرِّ وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ الذَّكَاةَ لَا تُطَهِّرُ مَا لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ وَأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ تَنَجَّسَ بِمُلَاقَاةِ النَّجَاسَةِ يَكْفِي غَسْلُهُ مَرَّةً وَاحِدَةً لِإِطْلَاقِ الْأَمْرِ بِالْغَسْلِ فَإِنَّهُ يَصْدُقُ بِالِامْتِثَالِ بِالْمَرَّةِ وَالْأَصْلُ أَنْ لَا زِيَادَةَ عَلَيْهَا وَأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَشْيَاءِ الْإِبَاحَةُ لِكَوْنِ الصَّحَابَةِ أَقْدَمُوا عَلَى ذَبْحِهَا وَطَبْخِهَا كَسَائِرِ الْحَيَوَانِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُسْتَأْمَرُوا مَعَ تَوَفُّرِ دَوَاعِيهِمْ عَلَى السُّؤَالِ عَمَّا يُشْكِلُ وَأَنَّهُ يَنْبَغِي لِأَمِيرِ الْجَيْشِ تَفَقُّدُ أَحْوَالِ رَعِيَّتِهِ وَمَنْ رَآهُ فَعَلَ مَا لَا يَسُوغُ فِي الشَّرْعِ أَشَاعَ مَنْعَهُ إِمَّا بِنَفْسِهِ كَأَنْ يُخَاطِبَهُمْ وَإِمَّا بِغَيْرِهِ بِأَنْ يَأْمُرَ مُنَادِيًا فَيُنَادِيَ لِئَلَّا يَغْتَرَّ بِهِ مَنْ رَآهُ فَيَظُنَّهُ جَائِزًافَسَيَأْتِي مَوْصُولًا فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ.

.
وَأَمَّا حَدِيثُ مَعْمَرٍ وَيُونُسَ فَوَصَلَهُمَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْهُمَا.

.
وَأَمَّا حَدِيثُ الْمَاجِشُونِ وَهُوَ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ فَوَصَلَهُ مُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى بن يحيى عَنهُ وَأما حَدِيث بن إِسْحَاقَ فَوَصَلَهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ عَنْ عَبْدَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ وَمُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ كِلَاهُمَا عَنْهُ الْحَدِيثُ السَّابِعُ حَدِيثُ أَنَسٍ فِي النِّدَاءِ بِالنَّهْيِ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ وَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَنَّ الَّذِي نَادَى بِذَلِكَ هُوَ أَبُو طَلْحَةَ وَعَزَاهُ النَّوَوِيُّ لِرِوَايَةِ أَبِي يَعْلَى فَنُسِبَ إِلَى التَّقْصِيرِ وَوَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَيْضًا أَنَّ بِلَالًا نَادَى بِذَلِكَ وَقَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا عِنْدَ النَّسَائِيِّ أَنَّ الْمُنَادِيَ بِذَلِكَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَلَعَلَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ نَادَى أَوَّلًا بِالنَّهْيِ مُطْلَقًا ثُمَّ نَادَى أَبُو طَلْحَةَ وَبِلَالٌ بِزِيَادَةٍ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [ قــ :5233 ... غــ :5529] قَوْله سُفْيَان هُوَ بن عُيَيْنَة وَعَمْرو هُوَ بن دِينَارٍ .

     قَوْلُهُ .

.

قُلْتُ لِجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ هُوَ أَبُو الشَّعْثَاءِ بِمُعْجَمَةٍ وَمُثَلَّثَةٍ الْبَصْرِيُّ .

     قَوْلُهُ  يَزْعُمُونَ لَمْ أَقِفْ عَلَى تَسْمِيَةِ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ أَنَّ عَمْرَو بْنِ دِينَارٍ رَوَى ذَلِكَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَأَنَّ مِنَ الرُّوَاةِ مَنْ قَالَ عَنْهُ عَنْ جَابِرٍ بِلَا وَاسِطَةٍ .

     قَوْلُهُ  قَدْ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ الْحَكَمُ بْنُ عَمْرٍو الْغِفَارِيُّ عِنْدَنَا بِالْبَصْرَةِ زَادَ الْحُمَيْدِيُّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ سُفْيَانَ بِهَذَا السَّنَدِ قَدْ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ الْحَكَمُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأخرجه أَبُو دَاوُد من رِوَايَة بن جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ مَضْمُومًا إِلَى حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فِي النَّهْيِ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ مَرْفُوعًا وَلَمْ يُصَرِّحْ بِرَفْعِ حَدِيثِ الْحَكَمِ .

     قَوْلُهُ  وَلَكِنْ أَبَى ذَلِكَ الْبَحْرُ بن عَبَّاس وَأبي مِنَ الْإِبَاءِ أَيِ امْتَنَعَ وَالْبَحْرُ صِفَةٌ لِابْنِ عَبَّاسٍ قِيلَ لَهُ لِسَعَةِ عِلْمِهِ وَهُوَ مِنْ تَقْدِيمِ الصِّفَةِ عَلَى الْمَوْصُوفِ مُبَالَغَةً فِي تَعْظِيمِ الْمَوْصُوفِ كَأَنَّهُ صَارَ عَلَمًا عَلَيْهِ وَإِنَّمَا ذُكِرَ لِشُهْرَتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ لِاحْتِمَالِ خَفَائِهِ عَلَى بَعْضِ النَّاس وَوَقع فِي رِوَايَة بن جريج وَأبي ذَلِك الْبَحْر يُرِيد بن عَبَّاس وَهَذَا يشْعر بِأَن فِي رِوَايَة بن عُيَيْنَةَ إِدْرَاجًا .

     قَوْلُهُ  وَقَرَأَ قُلْ لَا أَجِدُ فِيمَا أوحى إِلَى محرما فِي رِوَايَة بن مَرْدَوَيْهِ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ شَرِيكٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي الشعْثَاء عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَأْكُلُونَ أَشْيَاءَ وَيَتْرُكُونَ أَشْيَاءَ تَقَذُّرًا فَبَعَثَ اللَّهُ نَبِيَّهُ وَأَنْزَلَ كِتَابَهُ وَأَحَلَّ حَلَالَهُ وَحَرَّمَ حَرَامَهُ فَمَا أَحَلَّ فِيهِ فَهُوَ حَلَالٌ وَمَا حَرَّمَ فِيهِ فَهُوَ حَرَامٌ وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ عَفْوٌ وَتَلَا هَذِه قل لَا أجد إِلَى آخِرِهَا وَالِاسْتِدْلَالُ بِهَذَا لِلْحِلِّ إِنَّمَا يَتِمُّ فِيمَا لَمْ يَأْتِ فِيهِ نَصٌّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَحْرِيمِهِ وَقَدْ تَوَارَدَتِ الْأَخْبَارُ بِذَلِكَ وَالتَّنْصِيصُ عَلَى التَّحْرِيمِ مُقَدَّمٌ عَلَى عُمُومِ التَّحْلِيلِ وَعَلَى الْقِيَاسِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْمَغَازِي عَن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ تَوَقَّفَ فِي النَّهْيِ عَنِ الْحُمُرِ هَلْ كَانَ لِمَعْنًى خَاصٍّ أَوْ لِلتَّأْيِيدِ فَفِيهِ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لَا أَدْرِي أَنَهَى عَنْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ أَجْلِ أَنَّهُ كَانَ حَمُولَةَ النَّاسِ فَكَرِهَ أَنْ تَذْهَبَ حُمُولَتُهُمْ أَوْ حَرَّمَهَا أَلْبَتَّةَ يَوْمَ خَيْبَرَ وَهَذَا التَّرَدُّدُ أَصَحُّ مِنَ الْخَبَرِ الَّذِي جَاءَ عَنْهُ بِالْجَزْمِ بِالْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَكَذَا فِيمَا أخرجه الطَّبَرَانِيّ وبن مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ قَالَ إِنَّمَا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحُمُرَ الْأَهْلِيَّةَ مَخَافَةَ قِلَّةِ الظَّهْرِ وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ وَتَقَدَّمَ فِي الْمَغَازِي فِي حَدِيث بن أَبِي أَوْفَى فَتَحَدَّثْنَا أَنَّهُ إِنَّمَا نَهَى عَنْهَا لِأَنَّهَا لَمْ تُخَمَّسْ.

     وَقَالَ  بَعْضُهُمْ نَهَى عَنْهَا لِأَنَّهَا كَانَتْ تَأْكُلُ الْعَذِرَةَ.

.

قُلْتُ وَقَدْ أَزَالَ هَذِهِ الِاحْتِمَالَاتِ مِنْ كَوْنِهَا لَمْ تُخَمَّسْ أَوْ كَانَتْ جَلَّالَةً أَوْ كَانَتِ انْتُهِبَتْ حَدِيثُ أَنَسٍ الْمَذْكُورُ قَبْلَ هَذَا حَيْثُ جَاءَ فِيهِ فَإِنَّهَا رِجْسٌ وَكَذَا الْأَمْرُ بِغَسْلِ الْإِنَاءِ فِي حَدِيثِ سَلَمَةَ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ .

     قَوْلُهُ  فَإِنَّهَا رِجْسٌ ظَاهِرٌ فِي عَوْدِ الضَّمِيرِ عَلَى الْحُمُرِ لِأَنَّهَا الْمُتَحَدَّثُ عَنْهَا الْمَأْمُورُ بِإِكْفَائِهَا مِنَ الْقُدُورِ وَغَسْلِهَا وَهَذَا حُكْمُ الْمُتَنَجِّسِ فَيُسْتَفَادُ مِنْهُ تَحْرِيمُ أَكْلِهَا وَهُوَ دَالٌّ عَلَى تَحْرِيمِهَا لِعَيْنِهَا لَا لِمَعْنًى خَارج.

     وَقَالَ  بن دَقِيق الْعِيد الْأَمر بإكفاء الْقُدُور ظَاهِرٌ أَنَّهُ سَبَبُ تَحْرِيمِ لَحْمِ الْحُمُرِ وَقَدْ وَرَدَتْ عِلَلٌ أُخْرَى إِنْ صَحَّ رَفْعُ شَيْءٍ مِنْهَا وَجَبَ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ لَكِنْ لَا مَانِعَ أَنْ يُعَلَّلَ الْحُكْمُ بِأَكْثَرَ مِنْ عِلَّةٍ وَحَدِيثُ أَبِي ثَعْلَبَةَ صَرِيحٌ فِي التَّحْرِيمِ فَلَا مَعْدِلَ عَنْهُ.

.
وَأَمَّا التَّعْلِيلُ بِخَشْيَةِ قِلَّةِ الظَّهْرِ فَأَجَابَ عَنْهُ الطَّحَاوِيُّ بِالْمُعَارَضَةِ بِالْخَيْلِ فَإِنَّ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ النَّهْيَ عَنِ الْحُمُرِ وَالْإِذْنَ فِي الْخَيْلِ مَقْرُونًا فَلَوْ كَانَتِ الْعِلَّةُ لِأَجْلِ الْحَمُولَةِ لَكَانَتِ الْخَيْلُ أَوْلَى بِالْمَنْعِ لِقِلَّتِهَا عِنْدَهُمْ وَعِزَّتِهَا وَشِدَّةِ حَاجَتِهِمْ إِلَيْهَا وَالْجَوَابُ عَنْ آيَةِ الْأَنْعَامِ أَنَّهَا مَكِّيَّةٌ وَخَبَرُ التَّحْرِيمِ مُتَأَخِّرٌ جِدًّا فَهُوَ مُقَدَّمٌ وَأَيْضًا فَنَصُّ الْآيَةِ خَبَرٌ عَنِ الْحُكْمِ الْمَوْجُودِ عِنْدَ نُزُولِهَا فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَمْ يَكُنْ نَزَلَ فِي تَحْرِيمِ الْمَأْكُولِ إِلَّا مَا ذُكِرَ فِيهَا وَلَيْسَ فِيهَا مَا يَمْنَعُ أَنْ يَنْزِلَ بَعْدَ ذَلِكَ غَيْرُ مَا فِيهَا وَقَدْ نَزَلَ بَعْدَهَا فِي الْمَدِينَةِ أَحْكَامٌ بِتَحْرِيمِ أَشْيَاءَ غَيْرِ مَا ذُكِرَ فِيهَا كَالْخَمْرِ فِي آيَةِ الْمَائِدَةِ وَفِيهَا أَيْضًا تَحْرِيمُ مَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةِ إِلَى آخِرِهِ وَكَتَحْرِيمِ السِّبَاعِ وَالْحَشَرَاتِ قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ بِتَحْرِيمِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ وَلَمْ نَجِدْ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ فِي ذَلِكَ خِلَافًا لَهُمْ الا عَن بن عَبَّاسٍ وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ ثَالِثُهَا الْكَرَاهَةُ.

.
وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ غَالِبِ بْنِ الْحُرِّ قَالَ أَصَابَتْنَا سَنَةٌ فَلَمْ يَكُنْ فِي مَالِي مَا أُطْعِمُ أَهْلِي إِلَّا سِمَانَ حُمُرٍ فَأَتَيْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ إِنَّكَ حَرَّمْتَ لُحُومَ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ وَقَدْ أَصَابَتْنَا سَنَةٌ قَالَ أَطْعِمْ أَهْلَكَ مِنْ سَمِينِ حُمُرِكَ فَإِنَّمَا حَرَّمْتُهَا مِنْ أَجْلِ حَوَالَيِ الْقَرْيَةِ يَعْنِي الْجَلَّالَةَ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَالْمَتْنُ شَاذٌّ مُخَالِفٌ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فَالِاعْتِمَادُ عَلَيْهَا.

.
وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ أُمِّ نَصْرٍ الْمُحَارِبِيَّةِ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ فَقَالَ أَلَيْسَ تَرْعَى الْكَلَأَ وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فأصب من لحومها وَأخرجه بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ رَجُلٍ مِنْ بَنِي مُرَّةَ قَالَ سَأَلْتُ فَذَكَرَ نَحْوَهُ فَفِي السَّنَدَيْنِ مَقَالٌ وَلَوْ ثَبَتَا احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ التَّحْرِيمِ قَالَ الطَّحَاوِيُّ لَوْ تَوَاتَرَ الْحَدِيثِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَحْرِيمِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ لَكَانَ النَّظَرُ يَقْتَضِي حِلَّهَا لِأَنَّ كُلَّ مَا حُرِّمَ مِنَ الْأَهْلِيِّ أُجْمِعَ عَلَى تَحْرِيمِهِ إِذَا كَانَ وَحْشِيًّا كَالْخِنْزِيرِ وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى حِلِّ الْحِمَارِ الْوَحْشِيِّ فَكَانَ النَّظَرُ يَقْتَضِي حِلَّ الْحِمَارِ الْأَهْلِيِّ.

.

قُلْتُ مَا ادَّعَاهُ مِنَ الْإِجْمَاعِ مَرْدُودٌ فَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْحَيَوَانِ الْأَهْلِيِّ مُخْتَلَفٌ فِي نَظِيرِهِ مِنَ الْحَيَوَانِ الْوَحْشِيِّ كَالْهِرِّ وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ الذَّكَاةَ لَا تُطَهِّرُ مَا لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ وَأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ تَنَجَّسَ بِمُلَاقَاةِ النَّجَاسَةِ يَكْفِي غَسْلُهُ مَرَّةً وَاحِدَةً لِإِطْلَاقِ الْأَمْرِ بِالْغَسْلِ فَإِنَّهُ يَصْدُقُ بِالِامْتِثَالِ بِالْمَرَّةِ وَالْأَصْلُ أَنْ لَا زِيَادَةَ عَلَيْهَا وَأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَشْيَاءِ الْإِبَاحَةُ لِكَوْنِ الصَّحَابَةِ أَقْدَمُوا عَلَى ذَبْحِهَا وَطَبْخِهَا كَسَائِرِ الْحَيَوَانِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُسْتَأْمَرُوا مَعَ تَوَفُّرِ دَوَاعِيهِمْ عَلَى السُّؤَالِ عَمَّا يُشْكِلُ وَأَنَّهُ يَنْبَغِي لِأَمِيرِ الْجَيْشِ تَفَقُّدُ أَحْوَالِ رَعِيَّتِهِ وَمَنْ رَآهُ فَعَلَ مَا لَا يَسُوغُ فِي الشَّرْعِ أَشَاعَ مَنْعَهُ إِمَّا بِنَفْسِهِ كَأَنْ يُخَاطِبَهُمْ وَإِمَّا بِغَيْرِهِ بِأَنْ يَأْمُرَ مُنَادِيًا فَيُنَادِيَ لِئَلَّا يَغْتَرَّ بِهِ مَنْ رَآهُ فَيَظُنَّهُ جَائِزًا

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :5233 ... غــ : 5529 ]
- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ عَمْرٌو:.

.

قُلْتُ لِجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ: يَزْعُمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى عَنْ حُمُرِ الأَهْلِيَّةِ، فَقَالَ: قَدْ كَانَ يَقُولُ ذَاكَ الْحَكَمُ بْنُ عَمْرٍو الْغِفَارِيُّ عِنْدَنَا بِالْبَصْرَةِ.
وَلَكِنْ أَبَى ذَاكَ الْبَحْرُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَرَأَ { قُلْ لاَ أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} .

وبه قال: ( حدّثنا علي بن عبد الله) بن جعفر بن المديني الحافظ قال: ( حدّثنا سفيان) بن عيينة قال: ( قال عمرو) هو ابن دينار ( قلت لجابر بن زيد) : أبي الشعثاء البصري ( يزعمون أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أي يقولون ( نهى عن) أكل ( حمر الأهلية) من إضافة الموصوف إلى صفته ( فقال: قد كان يقول ذاك الحكم بن عمرو) بفتح الحاء المهملة والكاف وعمرو بفتح العين ( الغفاري) الصحابي ( عندنا بالبصرة ولكن أبى) منع ( ذاك) ولأبي ذر عن الكشميهني ذلك باللام ( البحر) في العلم ( ابن عباس) -رضي الله عنهما- ( وقرأ) مستدلاًّ للحل قوله تعالى: ( { قل لا أجد فيما أوحي إلي} ) طعامًا ( { محرمًا} ) [الأنعام: 145] الآية.
مقتصرًا على ما ذكر فيها، والأكثرون على عدم التخصيص بما ذكر فيها فالمحرّم بنص الكتاب ما فيها، وقد حرمت السُّنّة أشياء غيرها كما تواردت الأخبار بذلك والتنصيص على التحريم مقدّم على عموم التحليل وعلى القياس وما لم يأت فيه نص يرجع فيه إلى الأغلب من عادة العرب، فما يأكله الأغلب منهم فهو حلال وما لا فهو حرام لأن الله تعالى خاطبهم بقوله: { قل أحل لكم الطيبات} [المائدة: 4] فما استطابوه من حلال، وقوله: { قل لا أجد فيما أوحي إليّ} أي في ذلك الوقت أو في وحي القرآن، وفيه أن التحريم إنما يثبت بوحي الله وشرعه لا بهوى النفس.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :5233 ... غــ :5529 ]
- حدَّثنا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الله حدَّثنا سُفْيَانُ قَالَ عَمْرٌ و:.

.

قُلْتُ لِ جَابِرِ بنِ زَيْد: يَزْعَمُونَ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، نَهَى عَنْ الْحُمُر الأهْلِيَّةِ؟ فَقَالَ: قَدْ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ الحَكَمُ بنُ عَمْروٍ الغِفَارِيُّ عِنْدَنا بِالبَصْرَةِ، وَلاكِنْ أبَى ذَاكَ البَحْرُ ابنُ عَبَّاسٍ، وَقَرَأ: { قُلْ لَا أجِدُ فِيما أُوحِي إلَيَّ مُحَرَّما} ( الْأَنْعَام: 145) .


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَعلي بن عبيد الله هُوَ ابْن الْمَدِينِيّ، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة، وَعَمْرو هُوَ ابْن دِينَار، وَجَابِر بن زيد هُوَ أَبُو الشعْثَاء الْبَصْرِيّ، وَالْحكم بن عَمْرو الْغِفَارِيّ بِكَسْر الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَتَخْفِيف الْفَاء الصَّحَابِيّ.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: نزل الْبَصْرَة وَمَات بمرو سنة خمس وَأَرْبَعين.

     وَقَالَ  أَبُو عمر: بَعثه زِيَاد بن أُميَّة على الْبَصْرَة، واليافي أول ولَايَة زِيَاد على العراقين ثمَّ عَزله عَن الْبَصْرَة وولاه بعض أَعمال خُرَاسَان وَمَات بهَا وَقيل: مَاتَ بِالْبَصْرَةِ سنة خمسين.

والْحَدِيث رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي الْأَطْعِمَة عَن إِبْرَاهِيم بن الْحسن عَن حجاج عَن ابْن جريج عَن عَمْرو بن دِينَار بِمَعْنَاهُ.

قَوْله: ( يَقُول ذَاك) ، أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله: ( نهى عَن الْحمر الْأَهْلِيَّة) قَوْله: ( وَلَكِن أَبى) ، أَي: منع ذَلِك القَوْل.
قَوْله: ( الْبَحْر) ، صفة لِابْنِ عَبَّاس سمي بِهِ لسعة علمه وَيُرَاد بِهِ: بَحر الْعلم.

     وَقَالَ  بَعضهم: هُوَ من تَقْدِيم الصّفة على الْمَوْصُوف مُبَالغَة فِي تَعْظِيم الْمَوْصُوف.
قلت: لَا تتقدم الصّفة على الْمَوْصُوف.
بل قَوْله: ( ابْن عَبَّاس) عطف بَيَان لقَوْله: ( الْبَحْر) ويروى: الحبر، سمي بِهِ لِأَنَّهُ كَانَ يزين مَا قَالَه.
قَوْله: ( وَقَرَأَ) ، أَي: ابْن عَبَّاس قَوْله تَعَالَى: { قل لَا أجد فِيمَا أوحى إليّ محرما} الْآيَة.
يَعْنِي: أَنه اسْتدلَّ بِهَذِهِ الْآيَة لِأَن الْمحرم فِي هَذِه الْآيَة مَا ذكره الله فِيهَا فتقتصر الْحُرْمَة عَلَيْهَا وَمَا وَرَاء ذَلِك فعلى أصل الْإِبَاحَة.

وفقهاء الْأَمْصَار مجمعون على تَحْرِيم الْحمر الْأَهْلِيَّة إلاَّ أَنه رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه أَبَاحَ أكلهَا، وَرُوِيَ مثله عَن عَائِشَة وَالشعْبِيّ.
فَإِن قلت: قد ذكر فِي أول الْمَائِدَة تَحْرِيم المنخنقة والموقوذة وَمَا ذكر مَعَهُمَا وَهِي خَارِجَة عَن هَذِه الْآيَة.
قلت: المنخنقة وَمَا ذكر مَعهَا دَاخِلَة فِي الْميتَة أَو نقُول: أَن سُورَة الْأَنْعَام مَكِّيَّة فَيجوز أَن لَا يكون حرم فِي ذَلِك الْوَقْت إلاّ مَا ذكر فِي هَذِه الْآيَة.
وَسورَة الْمَائِدَة مَدَنِيَّة وَهِي آخر مَا نزل من الْقُرْآن فَإِن قلت: الْأَحَادِيث الَّتِي وَردت فِي تَحْرِيم لُحُوم الْحمر الْأَهْلِيَّة أَخْبَار آحَاد وَالْعَمَل بهَا يُوجب نسخ الْآيَة الْمَذْكُورَة، وَهَذَا لَا يجوز.
قلت: قد خصت من هَذِه الْآيَة أَشْيَاء كَثِيرَة بِالتَّحْرِيمِ غير مَذْكُورَة فِيهَا كالنجاسات والحمر وَلحم القردة فَحِينَئِذٍ يجوز تخصيصها بأخبار الْآحَاد.

وَقَالَ ابْن الْعَرَبِيّ: اخْتلف فِي تَحْرِيم الْحمر على أَرْبَعَة أَقْوَال: الأول: حرمت شرعا.
الثَّانِي: حرمت لِأَنَّهَا كَانَت جوال الْقرى.
أَي: تَأْكُل الجلة وَهِي النَّجَاسَة.
وَالثَّالِث: أَنَّهَا كَانَت حمولة الْقَوْم.
الرَّابِع: أَنَّهَا حرمت لِأَنَّهَا أفنيت قبل الْقِسْمَة.
فَمنع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عَن أكلهَا حَتَّى تقسم.
قلت: ذكر الطَّحَاوِيّ هَذِه الْأَقْوَال فَأخْرج فِي القَوْل الأول: عَن اثْنَي عشر نَفرا من الصَّحَابَة فِي تَحْرِيم أكل الْحمر الْأَهْلِيَّة من غير قيد، وَقد ذَكَرْنَاهُمْ فِي ( شرحنا لمعاني الْآثَار) وَأخرج فِي القَوْل الثَّانِي: عَن ابْن مَرْزُوق عَن وهب عَن شُعْبَة عَن الشَّيْبَانِيّ، قَالَ: ذكرت لسَعِيد بن جُبَير حَدِيث ابْن أبي أوفى فِي أَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إيَّاهُم بإكفاء الْقُدُور يَوْم خَيْبَر، فَقَالَ: إِنَّمَا نهى عَنْهَا لِأَنَّهَا كَانَت تَأْكُل الْعذرَة.
وَأخرج فِي القَوْل الثَّالِث: من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى قَالَ قَالَ ابْن عَبَّاس: مَا نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يَوْم خَيْبَر عَن أكل لُحُوم الْحمر الْأَهْلِيَّة إلاَّ من أجل أَنَّهَا ظهر وَأخرج فِي القَوْل الرَّابِع: من حَدِيث عدي بن ثَابت عَن الْبَراء أَنهم أَصَابُوا من الْفَيْء حمرا فذبحوها فَفِيهِ أَنَّهَا كَانَت نهبة وَلم تكن قسمت.

ثمَّ أجَاب عَن الْأَقْوَال الثَّلَاثَة بِحَدِيث أبي ثَعْلَبَة أَنه قَالَ: أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت: يَا رَسُول الله! حَدثنِي مَا يحل لي مِمَّا يحرم عليَّ؟ فَقَالَ: لَا تَأْكُل الْحمار الأهلي رَوَاهُ من حَدِيث مُسلم بن مشْكم كَاتب أبي الدَّرْدَاء عَنهُ، ثمَّ قَالَ: فَكَانَ كَلَام النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، جَوَابا لسؤال أبي ثَعْلَبَة إِيَّاه عَمَّا يحل لَهُ مِمَّا يحرم عَلَيْهِ، فَدلَّ ذَلِك على نَهْيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عَن أكل لُحُوم الْحمر الْأَهْلِيَّة لَا لعِلَّة بل كَانَ التَّحْرِيم فِي نَفسه مُطلقًا..
     وَقَالَ  بَعضهم: قَالَ الطَّحَاوِيّ: لَوْلَا تَوَاتر الحَدِيث عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بِتَحْرِيم الْحمر الْأَهْلِيَّة لَكَانَ النّظر يَقْتَضِي حلهَا لِأَن كلما حرم من الأهلي الْحَيَوَان أجمع على تَحْرِيمه إِذا كَانَ وحشيا كالخنزير، وَقد أجمع على حل الْحمار الوحشي فَكَانَ النّظر يَقْتَضِي حل الْحمار الأهلي ثمَّ قَالَ هَذَا الْقَائِل.
قلت: وَمَا ادَّعَاهُ من الْإِجْمَاع مَرْدُود، فَإِن كثيرا من الْحَيَوَان الأهلى مُخْتَلف فِي نَظِيره من الْحَيَوَان الوحشي كالهر.
قلت: دَعْوَاهُ الرَّد عَلَيْهِ مَرْدُودَة لِأَنَّهُ فهم عكس مَا أَرَادَهُ الطَّحَاوِيّ، لِأَن مُرَاده كلما حرم من الْحَيَوَان الأهلي، أجمع على تَحْرِيمه إِذا كَانَ وحشيا.
وَمثل لذَلِك بالخنزير فَإِنَّهُ مجمع على حرمته من غير فرق بَين كَونه أهليا يَعْنِي: مستأنسا أَو وحشيا غير مستأنس، وَلَيْسَ مُرَاده أَن كلما أجمع على تَحْرِيمه من الوحشي يَقْتَضِي حلّه من الأهلي كالضيون فَإِنَّهُ مُخْتَلف فِيهِ فَلَا يَقْتَضِي حل السنور الأهلي، وَقد روى التِّرْمِذِيّ من حَدِيث أبي الزبير عَن جَابر قَالَ: نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عَن أكل الهر، وثمنه..
     وَقَالَ : هَذَا حَدِيث غَرِيب.