هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
513 وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى ، قَالَ : قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنْ عَائِشَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَغْتَسِلُ مِنْ إِنَاءٍ هُوَ الْفَرَقُ ، مِنَ الْجَنَابَةِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
513 وحدثنا يحيى بن يحيى ، قال : قرأت على مالك ، عن ابن شهاب ، عن عروة بن الزبير ، عن عائشة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغتسل من إناء هو الفرق ، من الجنابة
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

'A'isha reported:

The Messenger of Allah (ﷺ) washed himself with water from a vessel (measuring seven to eight seers) because of sexual intercourse.

شرح الحديث من فـــتح المــــنعم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغتسل من إناء.
هو الفرق من الجنابة.


المعنى العام

ومرة أخرى كان من الضروري أن نأخذ شطر الدين عن أمهات المؤمنين وإلا فكيف كنا نصل إلى وصف غسل النبي صلى الله عليه وسلم مع أزواجه؟ وكيف كنا نصل إلى اختلاف الأحوال في كمية الماء الذي يغتسل به؟ لقد حدثتنا أمهات المؤمنين أنه صلى الله عليه وسلم كان يغتسل بما يتيسر له من الماء، مرة بما يقرب من أربعة أرطال، وأخرى بخمسة وثلث، وثالثة بسبعة، ورابعة بثمانية، وخامسة بستة عشر رطلا.
وأنه صلى الله عليه وسلم كان يغتسل هو والواحدة من أمهات المؤمنين من إناء واحد، يوضع بينهما، وقد خلعا جميع ثيابهما يتسابقان في الاغتراف منه، ويتبادلان النظرات والابتسامات، والأنس والمداعبات، تختلف أيديهما في الإناء، وتتنازع فضلات الماء، حتى تقول له صلى الله عليه وسلم: دع لي ما تبقى، ويضحك صلى الله عليه وسلم ويقول لها: دعي لي أنت ما تبقى ولا يدع أحدهما لصاحبه، بل تبقى المنافسة في الخير حتى ينفد ما بينهما من ماء.

إنه البيت السعيد.
والزوجية المثالية، والمودة والمحبة، والأنس والائتلاف واللطف وحسن الخلق، وجمال العشرة، وخفة الروح، والتودد والملاطفة، حتى بعد قضاء الوطر والشهوة وفي لحظات الاغتسال.
فصلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه أمهات المؤمنين.

المباحث العربية

( كان يغتسل من إناء) من للابتداء، وفي الكلام مضاف محذوف، والتقدير: كان يغتسل من ماء إناء.

( هو الفرق) بفتح الفاء والراء، وإسكان الراء لغة، قال الجوهري: وهو مكيال معروف بالمدينة، ويسع ستة عشر رطلا من الماء، وهو ثلاثة آصع.

( من الجنابة) الجار والمجرور متعلق بالفعل يغتسل، وهي تحترز بذلك عن الاغتسال المسنون.

( يغتسل في القدح) قال النووي: هكذا هو في الأصول في القدح وهو صحيح، ومعناه من القدح.
اهـ.
أي إن حروف الجر ينوب بعضها عن بعض، والقدح هو الإناء.

( وكنت أغتسل أنا وهو في الإناء الواحد) أي من الإناء الواحد كما سبق، وقد جعلت نفسها أصلا، وهو تابعا، وكان المفروض العكس، قال الحافظ ابن حجر: هو من باب تغليب المتكلم على الغائب، لكونها هي السبب في الاغتسال، فكأنها أصل في الباب.
اهـ.

والكلام يحتمل أن يكون اغتسالهما من الإناء الواحد على سبيل التتابع، بعد أن ينتهي أحدهما يبدأ الآخر، ويحتمل أن يكون بالمشاركة في الماء في وقت واحد، وهو المراد بدليل الرواية السادسة، إذ فيها تختلف أيدينا فيه.

( عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: دخلت على عائشة أنا وأخوها من الرضاعة) الرضاعة والرضاع بفتح الراء وكسرها فيهما، لغتان، والفتح أفصح.
وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف بن أخت عائشة من الرضاعة أرضعته أم كلثوم بنت أبي بكر، أما الرجل الآخر أخو عائشة من الرضاع، فقد قال النووي: إن اسمه عبد الله بن يزيد، قال الحافظ ابن حجر: ولم يتعين عندي أنه المراد هنا، لأن لها أخا آخر من الرضاعة، وهو كثير بن عبيد، رضيع عائشة ويحتمل غيرهما.
اهـ.

( فسألها عن غسل النبي صلى الله عليه وسلم من الجنابة) في الكلام مضاف محذوف، أي سألها عن كيفيته ومقدار مائه.

( فدعت بإناء قدر الصاع) قدر بالجر، صفة إناء والمقصود أنها دعت بإناء قدر الصاع مملوء ماء، والصاع مكيال كان يصنع من خشب، والصواع لغة فيه، وجمع الصاع أصوع وآصع، وقد يختلف قدر الصاع في المدينة عنه في العراق مثلا، بل قد يختلف قدر صاع اللبن عن قدر صاع القمح مثلا، ومن هنا ذهب الحنفية إلى أن الصاع قدر ثمانية أرطال، وذهب غيرهم إلى أنه قدر خمسة أرطال وثلث، وتوسط بعض الشافعية.
فقال: الصاع الذي لماء الغسل ثمانية أرطال.
والذي لزكاة الفطر وغيرها خمسة أرطال وثلث.

( وكان أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يأخذن من رءوسهن حتى تكون كالوفرة) قال الأصمعي: الوفرة أشبع وأكثر من اللمة، واللمة ما يلم بالمنكبين من الشعر، وقال غيره: الوفرة أقل من اللمة، وهي ما لا يجاوز الأذنين.
وقال أبو حاتم: الوفرة ما على الأذنين من الشعر.

قال القاضي عياض: المعروف أن نساء العرب إنما كن يتخذن القرون والذوائب، ولعل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فعلن هذا بعد وفاته صلى الله عليه وسلم لتركهن التزين واستغنائهن عن تطويل الشعر، وتخفيفا لمؤنة رءوسهن من الدهن والطيب.
اهـ.
قال النووي: وهذا الذي قاله القاضي عياض من كونهن فعلنه بعد وفاته صلى الله عليه وسلم لا في حياته قاله أيضا غيره، وهو متعين، ولا يظن بهن فعله في حياته صلى الله عليه وسلم.
اهـ.

( ثم صب الماء على الأذى الذي به بيمينه) أي صب الماء بيمينه على موضع البول والغائط، وغسل الموضع بشماله.

( وغسل عنه بشماله) كان الظاهر أن يقول: وغسله بشماله، أي غسل الأذى لكنه ضمن غسل معنى أزال وحذف مفعوله، والمعنى: وأزاله عنه بشماله.

( ونحن جنبان) قال النووي: هذا جار على إحدى اللغتين في الجنب أنه يثنى ويجمع، فيقال: جنب وجنبان وجنبون وأجناب، واللغة الأخرى: رجل جنب، ورجلان جنب، ورجال جنب، ونساء جنب، بلفظ واحد قال الله تعالى: { { وإن كنتم جنبا فاطهروا } } [المائدة: 6] وقال: { { ولا جنبا } } [النساء: 43] وهذه اللغة أفصح وأشهر، وأصل الجنابة في اللغة البعد، وتطلق على الذي وجب عليه غسل بجماع، أو خروج مني، لأنه يجنب الصلاة والقراءة والمسجد ويتباعد عنها.

( في إناء واحد يسع ثلاثة أمداد) أي من إناء واحد، كما سبق، والمد رطل وثلث، فيكون هذا الإناء أصغر من الإناء المذكور في الرواية الثالثة والمقدر بخمسة أرطال وثلث.

( تختلف أيدينا فيه) يداه ترفع، ويداها تدخل، والمراد أنها تختلف وتلتقي، ولكن الكثرة الاختلاف، ليتمكن كل منهما من الاغتراف.

( كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء بيني وبينه واحد) أصل الكلام: من إناء واحد كائن بيني وبينه، فأخر الوصف بالمفرد، وقدم بالظرف، وهو جائز.

( فيبادرني حتى أقول: دع لي.
دع لي)
أي فيسابقني بالاغتراف، حتى أخشى أن لا يبقى لي ما يكفيني، فأقول: دع لي ما بقي من الماء، وفي رواية النسائي زيادة وأبادره حتى يقول: دعي لي.

( وهما جنبان) كان الأصل ونحن جنبان فإن كان هذا اللفظ من عائشة فهو على التجريد كأنها جردت من نفسها شخصا تتحدث عنه، وإن كان من الراوي فهو على الرواية بالمعنى.

( كان يغتسل بفضل ميمونة) المراد به الماء الفاضل في الإناء بعد غسل ميمونة منه.

( يغتسل بخمس مكاكيك) جمع مكوك بفتح الميم وضم الكاف المشددة، ويجمع أيضا على مكاكي بفتح الميم وكسر الكاف الثانية وتشديد الياء، قال النووي: لعل المراد بالمكوك هنا المد، كما قال في الرواية الأخرى يتوضأ بالمد؛ ويغتسل بالصاع، إلى خمسة أمداد.

وقال القاضي عياض: المكوك مكيال أهل العراق.
اهـ.

( ويغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد) علم مما تقدم أن الصاع أربعة أمداد، فكأنه قال: من أربعة أمداد إلى خمسة أمداد.

( عن سفينة) بفتح السين، وهو صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومولاه، قيل: اسمه مهران بن فروخ، وكنيته المشهورة أبو عبد الرحمن، وسبب تسميته سفينة أنه حمل متاعا كثيرا لرفقة في الغزو، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أنت سفينة: ذكره النووي.

( عن سفينة -قال أبو بكر- صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم) صاحب بالجر، صفة سفينة يعني مسلم في سنده أن أبا بكر بن أبي شيبة هو الذي وصف سفينة بهذا الوصف، وليس من وصف أحد غيره من الرواة.

فقه الحديث

تتناول هذه المجموعة مسألتين رئيستين:

الأولى: مقدار ماء الغسل من الجنابة.

والثانية: وضوء الرجل بفضل المرأة، ووضوء المرأة بفضل الرجل.

المسألة الأولى: والناظر في روايات الباب يجدها تقدر الماء تارة بالفرق [ستة عشر رطلا تقريبا] وتارة بالصاع [خمسة أرطال وثلث أو ثمانية على خلاف بين الفقهاء] وتارة بإناء يسع ثلاثة أمداد [أربعة أرطال تقريبا] .

ولا تعارض بين هذه الروايات، فقد تعددت مرات الغسل، وتعدد إناؤه، واختلف مقدار مائه، وكل ما تفيده روايات الباب هو حد أدنى، وحد أعلى لماء غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجنابة، فلم يقل ماؤه عن أربعة أرطال، ولم يزد على ستة عشر رطلا.
تختلف أحواله باختلاف البرودة والحرارة، أو باختلاف عسر الماء ويسره.

ومن هنا كان ماء الغسل غير خاضع للتحديد بالإجماع، قال النووي: أجمع المسلمون على أن الماء الذي يجزئ في الوضوء والغسل غير مقدر، بل يكفي فيه القليل والكثير، إذا وجد شرط الغسل، وهو جريان الماء على الأعضاء، وقال: قال الشافعي: وقد يرفق بالقليل فيكفي، ويخرق بالكثير فلا يكفي، وقال النووي أيضا: قال العلماء: والمستحب أن لا ينقص في الغسل عن خمسة أرطال وثلث، ولا ينقص في الوضوء عن رطل وثلث، وذلك معتبر على التقريب لا على التحديد.
اهـ.

والمشهور في مذهب المالكية أنه لا تحديد في ماء الوضوء والغسل، لكن تقليل الماء في كل منهما مستحب.
وقال ابن شعبان: لا يجزئ أقل من المد في الوضوء [رطل وثلث] ولا من الصاع في الغسل [خمسة أرطال وثلث] على ما ورد من فعله صلى الله عليه وسلم.
اهـ.
ولعل هذا القول لا يؤثر في الإجماع المنقول عن النووي، أما الشك الذي يؤدي إلى الإسراف فهو مذموم مهما كان الماء كثيرا.

قال النووي: وأجمع العلماء على النهي عن الإسراف في الماء، ولو كان على شاطئ بحر، والأظهر أنه مكروه كراهة تنزيه، وقال بعض أصحابنا: الإسراف حرام.

والذي تستريح إليه النفس أن الماء كالمال، والمتطهرين كالمنفقين، فكما أن تبذير المال شرعا يختلف باختلاف قدرة المالكين، فما يعد تبذيرا بالنسبة لشخص قد يعد تقتيرا بالنسبة لآخر، ويختلف باختلاف أبواب الإنفاق كذلك، فما ينفق في الخير غير ما ينفق في الشر كذلك الماء، قد يكون محتاجا إليه فيلزم التقليل وقد يكون كثيرا فائضا على الحاجة ويقصد المسلم زيادة النظافة أو التبرد فيباح الكثير.

وإذا كان العلماء قد كرهوا الإسراف في الماء ولو على شاطئ البحر فإنهم قصدو بذلك عدم تعود الإسراف، خشية أن يؤدي هذا التعود إلى الإسراف فيما يحتاج إليه من الماء، أو الشك في تمام الغسل عند قلة الماء.

وإن كانت الحقيقة أن الوضوء أو الاغتسال في البحر لا يوصف بالإسراف لأنه ليس فيه إضاعة ماء، وينبغي أن يلاحظ أن التحديد التقريبي الذي أشارت إليه روايات الباب خاص باستعمال الماء بقصد الغسل من الجنابة، أما الغسل للنظافة وحدها، أو مع الجنابة، فبقدر ما تحتاج إليه النظافة وإزالة الأدران والروائح.
والله أعلم.

المسألة الثانية: أما غسل الرجل بفضل المرأة والمرأة بفضل الرجل فهو جائز عند الشافعية، ولا كراهة فيه، سواء خلت به أو لا، وبهذا قال مالك وأبو حنيفة وجمهور العلماء وقال أحمد وداود: لا يجوز الغسل بفضل المرأة إذا خلت به وحكى أبو عمر في هذه المسألة خمسة مذاهب: أحدها: أنه لا بأس أن يغتسل الرجل بفضلها ما لم تكن جنبا أو حائضا.
والثاني: يكره أن يغتسل بفضلها أو أن تغتسل بفضله.
الثالث: يكره أن يغتسل بفضلها ويرخص لها أن تغتسل بفضله.
والرابع: لا بأس بشروعهما في الغسل معا.
والخامس: لا بأس بفضل كل منهما، شرعا في الغسل معا، أو سبق أحدهما في الابتداء به من إناء واحد أو خلا كل منهما به، وهذا ما عليه فقهاء الأمصار.
ونقل الطحاوي والقرطبي والنووي الاتفاق بين العلماء على جواز اغتسال الرجال والنساء من إناء واحد وروايات الباب -الثانية والرابعة والخامسة والسادسة والسابعة والعاشرة- صريحة في ذلك ناطقة بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغتسل مع نسائه من إناء واحد، وكلها حجة على من كره أن يغتسل الرجل بفضل المرأة إذا اشتركا في الغسل من إناء واحد.

وقد استدل أحمد وداود على منع الغسل بفضل المرأة، إذا خلت بالماء بما أخرجه الطحاوي والدارقطني عن عبد الله بن سرخس قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يغتسل الرجل بفضل المرأة، والمرأة بفضل الرجل، ولكن يشرعان جميعا وبما أخرجه أبو داود والترمذي من حديث الحكم الغفاري قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتوضأ الرجل بفضل المرأة أو بسؤر المرأة ومع اعتراف الإمام أحمد بضعف هذه الأحاديث [فقد نقل عنه قوله: إن الأحاديث الواردة في منع التطهير بفضل المرأة وفي جواز ذلك مضطربة] .
ولكنه قال: صح من الصحابة المنع فيما إذا خلت به.
اهـ.

والحق أن هذا الرأي ضعيف والاستدلال له مردود معارض بما صح في مسلم في الرواية التاسعة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغتسل بفضل ميمونة وبحديث بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: اغتسلت من جنابة، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم ليتوضأ منها أو يغتسل، فقلت له: يا رسول الله، إني كنت جنبا.
فقال صلى الله عليه وسلم: إن الماء لا يجنب أخرجه أصحاب السنن والدارقطني وصححه الترمذي وابن خزيمة، ثم الروايات السابقة الكثيرة تدل على أن كلا من الرسول صلى الله عليه وسلم وزوجه كان يأخذ من الماء بعد أن يأخذ صاحبه، أي كان كل منهما يأخذ من فضل الآخر.

وقد جمع الخطابي بين ما استدل به أحمد وما استدل به الجمهور بحمل أحاديث النهي على ما تساقط من الأعضاء، وأحاديث الجواز على ما بقي من الماء، وجمع الحافظ ابن حجر بحمل النهي على التنزيه جمعا بين الأدلة.

ويؤخذ من هذه الأحاديث فوق ما تقدم

1- أن الجنابة لا تؤثر في الماء، قال الحافظ ابن حجر: لأنها لو كانت تؤثر في الماء لامتنع الاغتسال من الإناء الذي تقاطر فيه ما لاقى بدن الجنب من ماء اغتساله، ثم قال: وفيها جواز اغتراف الجنب من الماء القليل، وأن ذلك لا يمنع من التطهير بذلك الماء، ولا بما يفضل منه، ويدل على أن النهي عن انغماس الجنب في الماء الدائم إنما هو للتنزيه، كراهية أن يستقذر، لا لكونه يصير نجسا بانغماس الجنب فيه، لأنه لا فرق بين جميع بدن الجنب وبين عضو من أعضائه.
اهـ.

2- استدل بها الداودي على جواز نظر الرجل إلى عورة امرأته، ونظر المرأة إلى عورة زوجها، ويؤيده ما رواه ابن حبان من طريق سليمان بن موسى أنه سئل عن الرجل ينظر إلى فرج امرأته، فقال: سألت عطاء، فقال: سألت عائشة، فذكرت كنت أغتسل أنا والنبي صلى الله عليه وسلم من إناء واحد.
وهذا وإن دل على رؤية كل من الزوجين عورة الآخر فإنه لا يدل على رؤية كل منهما فرج الآخر، نعم فيه جواز خلع كل من الزوجين جميع ملابسه عند لقاء الآخر، وأن تلاقيهما عريانين جائز بلا كراهة.

3- أخذ من غسل عائشة أمام محرمها استحباب التعليم بالفعل، فإنه أوقع في النفس من القول، وهو يثبت في الحفظ ما لا يثبت بالقول.

قال القاضي عياض: والظاهر أنهما رأيا عملها في رأسها وأعالي جسدها مما يحل نظره للمحرم، لأنها خالة أبي سلمة من الرضاع، وإنما سترت أسافل بدنها مما لا يحل للمحرم النظر إليه، ولولا أنهما شاهدا ذلك ورأياه لم يكن لاستدعائها الماء وطهارتها بحضرتهما معنى، إذ لو فعلت ذلك كله في ستر عنهما لكان عبثا، ورجع الأمر إلى وصفها لهما، ففيه أنه لا بأس برؤية شعر ذات المحرم، وما فوق الجيب منها، وكرهه ابن عباس، وإليه أميل حيث لا ضرورة.

4- قال النووي: وفيه دليل على جواز تخفيف الشعور للنساء.

5- استدل به على أن العدد والتكرار في إفاضة الماء ليس بشرط، والشرط وصول الماء إلى جميع البدن.