هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4922 حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ دِينَارٍ ، وَابْنُ أَبِي عُمَرَ الْمَكِّيُّ ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الضَّبِّيُّ جَمِيعًا ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ - وَاللَّفْظُ لِابْنِ حَاتِمٍ وَابْنِ دِينَارٍ - قَالَا : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ عَمْرٍو ، عَنْ طَاوُسٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ ، يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى ، فَقَالَ مُوسَى : يَا آدَمُ أَنْتَ أَبُونَا خَيَّبْتَنَا وَأَخْرَجْتَنَا مِنَ الْجَنَّةِ ، فَقَالَ لَهُ آدَمُ : أَنْتَ مُوسَى ، اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِكَلَامِهِ ، وَخَطَّ لَكَ بِيَدِهِ ، أَتَلُومُنِي عَلَى أَمْرٍ قَدَّرَهُ اللَّهُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي بِأَرْبَعِينَ سَنَةً ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى ، فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى وَفِي حَدِيثِ ابْنِ أَبِي عُمَرَ وَابْنِ عَبْدَةَ ، قَالَ أَحَدُهُمَا : خَطَّ ، وقَالَ الْآخَرُ : كَتَبَ لَكَ التَّوْرَاةَ بِيَدِهِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  واللفظ لابن حاتم وابن دينار قالا : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن عمرو ، عن طاوس ، قال : سمعت أبا هريرة ، يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : احتج آدم وموسى ، فقال موسى : يا آدم أنت أبونا خيبتنا وأخرجتنا من الجنة ، فقال له آدم : أنت موسى ، اصطفاك الله بكلامه ، وخط لك بيده ، أتلومني على أمر قدره الله علي قبل أن يخلقني بأربعين سنة ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : فحج آدم موسى ، فحج آدم موسى وفي حديث ابن أبي عمر وابن عبدة ، قال أحدهما : خط ، وقال الآخر : كتب لك التوراة بيده
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Abu Huraira reported Allah's Messenger (way peace be upon him) as saying:

There was argument between Adam and Moses. Moses said to Adam: You are our father. You did us harm and caused us to get out of Paradise. Adam said to him: You are Moses. Allah selected you (for direct conversation with you) and wrote with His own Hand the Book (Torah) for you. Despite this you blame me for an act which Allah had ordained for me forty years before He created me. Allah's Apostle (ﷺ) said:. This is how Adam came the better of Moses and Adam came the better of Moses.

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [2652] (احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى) قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْقَابِسِيُّ الْتَقَتْ أَرْوَاحُهُمَا فِي السَّمَاءِ فَوَقَعَ الْحِجَاجُ بَيْنَهُمَا قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَأَنَّهُمَا اجْتَمَعَا بِأَشْخَاصِهِمَا وَقَدْ ثَبَتَ فِي حَدِيثِ الْإِسْرَاءِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اجْتَمَعَ بِالْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَصَلَّى بِهِمْ قَالَ فَلَا يَبْعُدُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَحْيَاهُمْ كَمَا جَاءَ فِي الشُّهَدَاءِ قَالَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ ذَلِكَ جَرَى فِي حَيَاةِ مُوسَى سَأَلَ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُرِيَهُ آدَمَ فَحَاجَّهُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَقَالَ مُوسَى يَا آدَمُ أَنْتَ أَبُونَا خَيَّبْتَنَا وَأَخْرَجْتَنَا مِنَ الْجَنَّةِ) وَفِي رِوَايَةٍ أَنْتَ آدَمُ الَّذِي أَغْوَيْتَ النَّاسَ وَأَخْرَجْتَهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ وَفِي رِوَايَةٍ أَهْبَطْتَ النَّاسَ بِخَطِيئَتِكَ إِلَى الْأَرْضِ مَعْنَى خَيَّبْتَنَا أَوْقَعْتَنَا فِي الْخَيْبَةِ وَهِيَ الْحِرْمَانُ وَالْخُسْرَانُ وَقَدْ خَابَ يَخِيبُ وَيَخُوبُ وَمَعْنَاهُ كُنْتَ سَبَبَ خَيْبَتِنَا وَإِغْوَائِنَا بِالْخَطِيئَةِ الَّتِي تَرَتَّبَ عَلَيْهَا إِخْرَاجُكَ مِنَ الْجَنَّةِ ثُمَّ تَعَرُّضُنَا نَحْنُ لِإِغْوَاءِ الشَّيَاطِينِ وَالْغَيُّ الِانْهِمَاكُ فِي الشَّرِّ وَفِيهِ جَوَازُ اطلاق الشئ عَلَى سَبَبِهِ وَفِيهِ ذِكْرُ الْجَنَّةِ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ مِنْ قَبْلِ آدَمَ هَذَا مَذْهَبُ أَهْلِ الْحَقِّ .

     قَوْلُهُ  (اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِكَلَامِهِ وَخَطَّ لَكَ بِيَدِهِ) فِي الْيَدِ هُنَا الْمَذْهَبَانِ السَّابِقَانِ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ وَمَوَاضِعَ فِي أَحَادِيثِ الصِّفَاتِ أَحَدُهُمَا الْإِيمَانُ بِهَا وَلَا يُتَعَرَّضُ لِتَأْوِيلِهَا مَعَ أَنَّ ظَاهِرَهَا غَيْرُ مُرَادٍ وَالثَّانِي تَأْوِيلُهَا عَلَى الْقُدْرَةِ وَمَعْنَى اصْطَفَاكَ أَيْ اخْتَصَّكَ وَآثَرَكَ بِذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  (أَتَلُومُنِي عَلَى أَمْرِ قَدَّرَهُ اللَّهُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ)يَخْلُقَنِي بِأَرْبَعِينَ سَنَةً) الْمُرَادُ بِالتَّقْدِيرِ هُنَا الْكِتَابَةُ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ وَفِي صُحُفِ التَّوْرَاةِ وَأَلْوَاحِهَا أَيْ كَتَبَهُ عَلَيَّ قَبْلَ خَلْقِي بِأَرْبَعِينَ سَنَةً وَقَدْ صَرَّحَ بِهَذَا فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ فَقَالَ بِكَمْ وَجَدْتَ اللَّهَ كَتَبَ التَّوْرَاةَ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ قَالَ مُوسَى بِأَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ أَتَلُومُنِي عَلَى أَنْ عَمِلْتُ عَمَلًا كَتَبَ اللَّهُ عَلَيَّ أَنْ أَعْمَلُهُ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي بِأَرْبَعِينَ سَنَةً فَهَذِهِ الرِّوَايَةُ مُصَرِّحَةٌ بِبَيَانِ الْمُرَادِ بِالتَّقْدِيرِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهِ حَقِيقَةُ الْقَدَرِ فَإِنَّ عِلْمَ اللَّهِ تَعَالَى وَمَا قَدَّرَهُ عَلَى عِبَادِهِ وَأَرَادَ مِنْ خَلْقِهِ أَزَلِيٌّ لَا أَوَّلَ لَهُ وَلَمْ يَزَلْ سُبْحَانَهُ مُرِيدًا لِمَا أَرَادَهُ مِنْ خَلْقِهِ مِنْ طَاعَةٍ وَمَعْصِيَةٍ وَخَيْرٍ وَشَرٍّ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى) هَكَذَا الرِّوَايَةُ فِي جَمِيعِ كُتُبِ الْحَدِيثِ بِاتِّفَاقِ النَّاقِلِينَ وَالرُّوَاةِ وَالشُّرَّاحِوَأَهْلِ الْغَرِيبِ فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى بِرَفْعِ آدَمَ وَهُوَ فَاعِلٌ أَيْ غَلَبَهُ بِالْحُجَّةِ وَظَهَرَ عَلَيْهِ بِهَا وَمَعْنَى كَلَامِ آدَمَ أَنَّكَ يَا مُوسَى تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا كُتِبَ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ أخلق وقدر علي فلابد مِنْ وُقُوعِهِ وَلَوْ حَرَصْتُ أَنَا وَالْخَلَائِقُ أَجْمَعُونَ عَلَى رَدِّ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ مِنْهُ لَمْ نَقْدِرْ فَلِمَ تَلُومُنِي عَلَى ذَلِكَ وَلِأَنَّ اللَّوْمَ عَلَى الذَّنْبِ شَرْعِيِّ لَا عَقْلِيِّ وَإِذْ تَابَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى آدَمَ وَغَفَرَ لَهُ زَالَ عَنْهُ اللَّوْمُ فَمَنْ لَامَهُ كَانَ مَحْجُوجًا بِالشَّرْعِ فَإِنْ قِيلَ فَالْعَاصِي مِنَّا لَوْ قَالَ هَذِهِ الْمَعْصِيَةُ قَدَّرَهَا اللَّهُ عَلَيَّ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ اللَّوْمُ وَالْعُقُوبَةُ بِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ صَادِقًا فِيمَا قَالَهُ فَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا الْعَاصِي بَاقٍ فِي دَارِ التَّكْلِيفِ جَارٍ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمُكَلَّفِينَ مِنَ الْعُقُوبَةِ وَاللَّوْمِ وَالتَّوْبِيخِ وَغَيْرِهَا وَفِي لَوْمِهِ وَعُقُوبَتِهِ زَجْرٌ لَهُ وَلِغَيْرِهِ عَنْ مِثْلِ هَذَا الْفِعْلِ وَهُوَ محتاج إلى الزجر مالم يَمُتْ فَأَمَّا آدَمُ فَمَيِّتٌ خَارِجٌ عَنْ دَارِ التَّكْلِيفِ وَعَنِ الْحَاجَةِ إِلَى الزَّجْرِ فَلَمْ يَكُنْيَخْلُقَنِي بِأَرْبَعِينَ سَنَةً) الْمُرَادُ بِالتَّقْدِيرِ هُنَا الْكِتَابَةُ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ وَفِي صُحُفِ التَّوْرَاةِ وَأَلْوَاحِهَا أَيْ كَتَبَهُ عَلَيَّ قَبْلَ خَلْقِي بِأَرْبَعِينَ سَنَةً وَقَدْ صَرَّحَ بِهَذَا فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ فَقَالَ بِكَمْ وَجَدْتَ اللَّهَ كَتَبَ التَّوْرَاةَ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ قَالَ مُوسَى بِأَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ أَتَلُومُنِي عَلَى أَنْ عَمِلْتُ عَمَلًا كَتَبَ اللَّهُ عَلَيَّ أَنْ أَعْمَلُهُ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي بِأَرْبَعِينَ سَنَةً فَهَذِهِ الرِّوَايَةُ مُصَرِّحَةٌ بِبَيَانِ الْمُرَادِ بِالتَّقْدِيرِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهِ حَقِيقَةُ الْقَدَرِ فَإِنَّ عِلْمَ اللَّهِ تَعَالَى وَمَا قَدَّرَهُ عَلَى عِبَادِهِ وَأَرَادَ مِنْ خَلْقِهِ أَزَلِيٌّ لَا أَوَّلَ لَهُ وَلَمْ يَزَلْ سُبْحَانَهُ مُرِيدًا لِمَا أَرَادَهُ مِنْ خَلْقِهِ مِنْ طَاعَةٍ وَمَعْصِيَةٍ وَخَيْرٍ وَشَرٍّ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى) هَكَذَا الرِّوَايَةُ فِي جَمِيعِ كُتُبِ الْحَدِيثِ بِاتِّفَاقِ النَّاقِلِينَ وَالرُّوَاةِ وَالشُّرَّاحِوَأَهْلِ الْغَرِيبِ فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى بِرَفْعِ آدَمَ وَهُوَ فَاعِلٌ أَيْ غَلَبَهُ بِالْحُجَّةِ وَظَهَرَ عَلَيْهِ بِهَا وَمَعْنَى كَلَامِ آدَمَ أَنَّكَ يَا مُوسَى تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا كُتِبَ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ أخلق وقدر علي فلابد مِنْ وُقُوعِهِ وَلَوْ حَرَصْتُ أَنَا وَالْخَلَائِقُ أَجْمَعُونَ عَلَى رَدِّ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ مِنْهُ لَمْ نَقْدِرْ فَلِمَ تَلُومُنِي عَلَى ذَلِكَ وَلِأَنَّ اللَّوْمَ عَلَى الذَّنْبِ شَرْعِيِّ لَا عَقْلِيِّ وَإِذْ تَابَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى آدَمَ وَغَفَرَ لَهُ زَالَ عَنْهُ اللَّوْمُ فَمَنْ لَامَهُ كَانَ مَحْجُوجًا بِالشَّرْعِ فَإِنْ قِيلَ فَالْعَاصِي مِنَّا لَوْ قَالَ هَذِهِ الْمَعْصِيَةُ قَدَّرَهَا اللَّهُ عَلَيَّ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ اللَّوْمُ وَالْعُقُوبَةُ بِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ صَادِقًا فِيمَا قَالَهُ فَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا الْعَاصِي بَاقٍ فِي دَارِ التَّكْلِيفِ جَارٍ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمُكَلَّفِينَ مِنَ الْعُقُوبَةِ وَاللَّوْمِ وَالتَّوْبِيخِ وَغَيْرِهَا وَفِي لَوْمِهِ وَعُقُوبَتِهِ زَجْرٌ لَهُ وَلِغَيْرِهِ عَنْ مِثْلِ هَذَا الْفِعْلِ وَهُوَ محتاج إلى الزجر مالم يَمُتْ فَأَمَّا آدَمُ فَمَيِّتٌ خَارِجٌ عَنْ دَارِ التَّكْلِيفِ وَعَنِ الْحَاجَةِ إِلَى الزَّجْرِ فَلَمْ يَكُنْيَخْلُقَنِي بِأَرْبَعِينَ سَنَةً) الْمُرَادُ بِالتَّقْدِيرِ هُنَا الْكِتَابَةُ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ وَفِي صُحُفِ التَّوْرَاةِ وَأَلْوَاحِهَا أَيْ كَتَبَهُ عَلَيَّ قَبْلَ خَلْقِي بِأَرْبَعِينَ سَنَةً وَقَدْ صَرَّحَ بِهَذَا فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ فَقَالَ بِكَمْ وَجَدْتَ اللَّهَ كَتَبَ التَّوْرَاةَ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ قَالَ مُوسَى بِأَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ أَتَلُومُنِي عَلَى أَنْ عَمِلْتُ عَمَلًا كَتَبَ اللَّهُ عَلَيَّ أَنْ أَعْمَلُهُ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي بِأَرْبَعِينَ سَنَةً فَهَذِهِ الرِّوَايَةُ مُصَرِّحَةٌ بِبَيَانِ الْمُرَادِ بِالتَّقْدِيرِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهِ حَقِيقَةُ الْقَدَرِ فَإِنَّ عِلْمَ اللَّهِ تَعَالَى وَمَا قَدَّرَهُ عَلَى عِبَادِهِ وَأَرَادَ مِنْ خَلْقِهِ أَزَلِيٌّ لَا أَوَّلَ لَهُ وَلَمْ يَزَلْ سُبْحَانَهُ مُرِيدًا لِمَا أَرَادَهُ مِنْ خَلْقِهِ مِنْ طَاعَةٍ وَمَعْصِيَةٍ وَخَيْرٍ وَشَرٍّ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى) هَكَذَا الرِّوَايَةُ فِي جَمِيعِ كُتُبِ الْحَدِيثِ بِاتِّفَاقِ النَّاقِلِينَ وَالرُّوَاةِ وَالشُّرَّاحِوَأَهْلِ الْغَرِيبِ فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى بِرَفْعِ آدَمَ وَهُوَ فَاعِلٌ أَيْ غَلَبَهُ بِالْحُجَّةِ وَظَهَرَ عَلَيْهِ بِهَا وَمَعْنَى كَلَامِ آدَمَ أَنَّكَ يَا مُوسَى تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا كُتِبَ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ أخلق وقدر علي فلابد مِنْ وُقُوعِهِ وَلَوْ حَرَصْتُ أَنَا وَالْخَلَائِقُ أَجْمَعُونَ عَلَى رَدِّ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ مِنْهُ لَمْ نَقْدِرْ فَلِمَ تَلُومُنِي عَلَى ذَلِكَ وَلِأَنَّ اللَّوْمَ عَلَى الذَّنْبِ شَرْعِيِّ لَا عَقْلِيِّ وَإِذْ تَابَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى آدَمَ وَغَفَرَ لَهُ زَالَ عَنْهُ اللَّوْمُ فَمَنْ لَامَهُ كَانَ مَحْجُوجًا بِالشَّرْعِ فَإِنْ قِيلَ فَالْعَاصِي مِنَّا لَوْ قَالَ هَذِهِ الْمَعْصِيَةُ قَدَّرَهَا اللَّهُ عَلَيَّ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ اللَّوْمُ وَالْعُقُوبَةُ بِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ صَادِقًا فِيمَا قَالَهُ فَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا الْعَاصِي بَاقٍ فِي دَارِ التَّكْلِيفِ جَارٍ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمُكَلَّفِينَ مِنَ الْعُقُوبَةِ وَاللَّوْمِ وَالتَّوْبِيخِ وَغَيْرِهَا وَفِي لَوْمِهِ وَعُقُوبَتِهِ زَجْرٌ لَهُ وَلِغَيْرِهِ عَنْ مِثْلِ هَذَا الْفِعْلِ وَهُوَ محتاج إلى الزجر مالم يَمُتْ فَأَمَّا آدَمُ فَمَيِّتٌ خَارِجٌ عَنْ دَارِ التَّكْلِيفِ وَعَنِ الْحَاجَةِ إِلَى الزَّجْرِ فَلَمْ يَكُنْيَخْلُقَنِي بِأَرْبَعِينَ سَنَةً) الْمُرَادُ بِالتَّقْدِيرِ هُنَا الْكِتَابَةُ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ وَفِي صُحُفِ التَّوْرَاةِ وَأَلْوَاحِهَا أَيْ كَتَبَهُ عَلَيَّ قَبْلَ خَلْقِي بِأَرْبَعِينَ سَنَةً وَقَدْ صَرَّحَ بِهَذَا فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ فَقَالَ بِكَمْ وَجَدْتَ اللَّهَ كَتَبَ التَّوْرَاةَ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ قَالَ مُوسَى بِأَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ أَتَلُومُنِي عَلَى أَنْ عَمِلْتُ عَمَلًا كَتَبَ اللَّهُ عَلَيَّ أَنْ أَعْمَلُهُ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي بِأَرْبَعِينَ سَنَةً فَهَذِهِ الرِّوَايَةُ مُصَرِّحَةٌ بِبَيَانِ الْمُرَادِ بِالتَّقْدِيرِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهِ حَقِيقَةُ الْقَدَرِ فَإِنَّ عِلْمَ اللَّهِ تَعَالَى وَمَا قَدَّرَهُ عَلَى عِبَادِهِ وَأَرَادَ مِنْ خَلْقِهِ أَزَلِيٌّ لَا أَوَّلَ لَهُ وَلَمْ يَزَلْ سُبْحَانَهُ مُرِيدًا لِمَا أَرَادَهُ مِنْ خَلْقِهِ مِنْ طَاعَةٍ وَمَعْصِيَةٍ وَخَيْرٍ وَشَرٍّ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى) هَكَذَا الرِّوَايَةُ فِي جَمِيعِ كُتُبِ الْحَدِيثِ بِاتِّفَاقِ النَّاقِلِينَ وَالرُّوَاةِ وَالشُّرَّاحِوَأَهْلِ الْغَرِيبِ فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى بِرَفْعِ آدَمَ وَهُوَ فَاعِلٌ أَيْ غَلَبَهُ بِالْحُجَّةِ وَظَهَرَ عَلَيْهِ بِهَا وَمَعْنَى كَلَامِ آدَمَ أَنَّكَ يَا مُوسَى تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا كُتِبَ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ أخلق وقدر علي فلابد مِنْ وُقُوعِهِ وَلَوْ حَرَصْتُ أَنَا وَالْخَلَائِقُ أَجْمَعُونَ عَلَى رَدِّ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ مِنْهُ لَمْ نَقْدِرْ فَلِمَ تَلُومُنِي عَلَى ذَلِكَ وَلِأَنَّ اللَّوْمَ عَلَى الذَّنْبِ شَرْعِيِّ لَا عَقْلِيِّ وَإِذْ تَابَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى آدَمَ وَغَفَرَ لَهُ زَالَ عَنْهُ اللَّوْمُ فَمَنْ لَامَهُ كَانَ مَحْجُوجًا بِالشَّرْعِ فَإِنْ قِيلَ فَالْعَاصِي مِنَّا لَوْ قَالَ هَذِهِ الْمَعْصِيَةُ قَدَّرَهَا اللَّهُ عَلَيَّ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ اللَّوْمُ وَالْعُقُوبَةُ بِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ صَادِقًا فِيمَا قَالَهُ فَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا الْعَاصِي بَاقٍ فِي دَارِ التَّكْلِيفِ جَارٍ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمُكَلَّفِينَ مِنَ الْعُقُوبَةِ وَاللَّوْمِ وَالتَّوْبِيخِ وَغَيْرِهَا وَفِي لَوْمِهِ وَعُقُوبَتِهِ زَجْرٌ لَهُ وَلِغَيْرِهِ عَنْ مِثْلِ هَذَا الْفِعْلِ وَهُوَ محتاج إلى الزجر مالم يَمُتْ فَأَمَّا آدَمُ فَمَيِّتٌ خَارِجٌ عَنْ دَارِ التَّكْلِيفِ وَعَنِ الْحَاجَةِ إِلَى الزَّجْرِ فَلَمْ يَكُنْيَخْلُقَنِي بِأَرْبَعِينَ سَنَةً) الْمُرَادُ بِالتَّقْدِيرِ هُنَا الْكِتَابَةُ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ وَفِي صُحُفِ التَّوْرَاةِ وَأَلْوَاحِهَا أَيْ كَتَبَهُ عَلَيَّ قَبْلَ خَلْقِي بِأَرْبَعِينَ سَنَةً وَقَدْ صَرَّحَ بِهَذَا فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ فَقَالَ بِكَمْ وَجَدْتَ اللَّهَ كَتَبَ التَّوْرَاةَ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ قَالَ مُوسَى بِأَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ أَتَلُومُنِي عَلَى أَنْ عَمِلْتُ عَمَلًا كَتَبَ اللَّهُ عَلَيَّ أَنْ أَعْمَلُهُ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي بِأَرْبَعِينَ سَنَةً فَهَذِهِ الرِّوَايَةُ مُصَرِّحَةٌ بِبَيَانِ الْمُرَادِ بِالتَّقْدِيرِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهِ حَقِيقَةُ الْقَدَرِ فَإِنَّ عِلْمَ اللَّهِ تَعَالَى وَمَا قَدَّرَهُ عَلَى عِبَادِهِ وَأَرَادَ مِنْ خَلْقِهِ أَزَلِيٌّ لَا أَوَّلَ لَهُ وَلَمْ يَزَلْ سُبْحَانَهُ مُرِيدًا لِمَا أَرَادَهُ مِنْ خَلْقِهِ مِنْ طَاعَةٍ وَمَعْصِيَةٍ وَخَيْرٍ وَشَرٍّ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى) هَكَذَا الرِّوَايَةُ فِي جَمِيعِ كُتُبِ الْحَدِيثِ بِاتِّفَاقِ النَّاقِلِينَ وَالرُّوَاةِ وَالشُّرَّاحِوَأَهْلِ الْغَرِيبِ فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى بِرَفْعِ آدَمَ وَهُوَ فَاعِلٌ أَيْ غَلَبَهُ بِالْحُجَّةِ وَظَهَرَ عَلَيْهِ بِهَا وَمَعْنَى كَلَامِ آدَمَ أَنَّكَ يَا مُوسَى تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا كُتِبَ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ أخلق وقدر علي فلابد مِنْ وُقُوعِهِ وَلَوْ حَرَصْتُ أَنَا وَالْخَلَائِقُ أَجْمَعُونَ عَلَى رَدِّ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ مِنْهُ لَمْ نَقْدِرْ فَلِمَ تَلُومُنِي عَلَى ذَلِكَ وَلِأَنَّ اللَّوْمَ عَلَى الذَّنْبِ شَرْعِيِّ لَا عَقْلِيِّ وَإِذْ تَابَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى آدَمَ وَغَفَرَ لَهُ زَالَ عَنْهُ اللَّوْمُ فَمَنْ لَامَهُ كَانَ مَحْجُوجًا بِالشَّرْعِ فَإِنْ قِيلَ فَالْعَاصِي مِنَّا لَوْ قَالَ هَذِهِ الْمَعْصِيَةُ قَدَّرَهَا اللَّهُ عَلَيَّ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ اللَّوْمُ وَالْعُقُوبَةُ بِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ صَادِقًا فِيمَا قَالَهُ فَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا الْعَاصِي بَاقٍ فِي دَارِ التَّكْلِيفِ جَارٍ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمُكَلَّفِينَ مِنَ الْعُقُوبَةِ وَاللَّوْمِ وَالتَّوْبِيخِ وَغَيْرِهَا وَفِي لَوْمِهِ وَعُقُوبَتِهِ زَجْرٌ لَهُ وَلِغَيْرِهِ عَنْ مِثْلِ هَذَا الْفِعْلِ وَهُوَ محتاج إلى الزجر مالم يَمُتْ فَأَمَّا آدَمُ فَمَيِّتٌ خَارِجٌ عَنْ دَارِ التَّكْلِيفِ وَعَنِ الْحَاجَةِ إِلَى الزَّجْرِ فَلَمْ يَكُنْيَخْلُقَنِي بِأَرْبَعِينَ سَنَةً) الْمُرَادُ بِالتَّقْدِيرِ هُنَا الْكِتَابَةُ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ وَفِي صُحُفِ التَّوْرَاةِ وَأَلْوَاحِهَا أَيْ كَتَبَهُ عَلَيَّ قَبْلَ خَلْقِي بِأَرْبَعِينَ سَنَةً وَقَدْ صَرَّحَ بِهَذَا فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ فَقَالَ بِكَمْ وَجَدْتَ اللَّهَ كَتَبَ التَّوْرَاةَ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ قَالَ مُوسَى بِأَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ أَتَلُومُنِي عَلَى أَنْ عَمِلْتُ عَمَلًا كَتَبَ اللَّهُ عَلَيَّ أَنْ أَعْمَلُهُ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي بِأَرْبَعِينَ سَنَةً فَهَذِهِ الرِّوَايَةُ مُصَرِّحَةٌ بِبَيَانِ الْمُرَادِ بِالتَّقْدِيرِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهِ حَقِيقَةُ الْقَدَرِ فَإِنَّ عِلْمَ اللَّهِ تَعَالَى وَمَا قَدَّرَهُ عَلَى عِبَادِهِ وَأَرَادَ مِنْ خَلْقِهِ أَزَلِيٌّ لَا أَوَّلَ لَهُ وَلَمْ يَزَلْ سُبْحَانَهُ مُرِيدًا لِمَا أَرَادَهُ مِنْ خَلْقِهِ مِنْ طَاعَةٍ وَمَعْصِيَةٍ وَخَيْرٍ وَشَرٍّ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى) هَكَذَا الرِّوَايَةُ فِي جَمِيعِ كُتُبِ الْحَدِيثِ بِاتِّفَاقِ النَّاقِلِينَ وَالرُّوَاةِ وَالشُّرَّاحِوَأَهْلِ الْغَرِيبِ فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى بِرَفْعِ آدَمَ وَهُوَ فَاعِلٌ أَيْ غَلَبَهُ بِالْحُجَّةِ وَظَهَرَ عَلَيْهِ بِهَا وَمَعْنَى كَلَامِ آدَمَ أَنَّكَ يَا مُوسَى تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا كُتِبَ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ أخلق وقدر علي فلابد مِنْ وُقُوعِهِ وَلَوْ حَرَصْتُ أَنَا وَالْخَلَائِقُ أَجْمَعُونَ عَلَى رَدِّ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ مِنْهُ لَمْ نَقْدِرْ فَلِمَ تَلُومُنِي عَلَى ذَلِكَ وَلِأَنَّ اللَّوْمَ عَلَى الذَّنْبِ شَرْعِيِّ لَا عَقْلِيِّ وَإِذْ تَابَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى آدَمَ وَغَفَرَ لَهُ زَالَ عَنْهُ اللَّوْمُ فَمَنْ لَامَهُ كَانَ مَحْجُوجًا بِالشَّرْعِ فَإِنْ قِيلَ فَالْعَاصِي مِنَّا لَوْ قَالَ هَذِهِ الْمَعْصِيَةُ قَدَّرَهَا اللَّهُ عَلَيَّ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ اللَّوْمُ وَالْعُقُوبَةُ بِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ صَادِقًا فِيمَا قَالَهُ فَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا الْعَاصِي بَاقٍ فِي دَارِ التَّكْلِيفِ جَارٍ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمُكَلَّفِينَ مِنَ الْعُقُوبَةِ وَاللَّوْمِ وَالتَّوْبِيخِ وَغَيْرِهَا وَفِي لَوْمِهِ وَعُقُوبَتِهِ زَجْرٌ لَهُ وَلِغَيْرِهِ عَنْ مِثْلِ هَذَا الْفِعْلِ وَهُوَ محتاج إلى الزجر مالم يَمُتْ فَأَمَّا آدَمُ فَمَيِّتٌ خَارِجٌ عَنْ دَارِ التَّكْلِيفِ وَعَنِ الْحَاجَةِ إِلَى الزَّجْرِ فَلَمْ يَكُنْفِي الْقَوْلِ الْمَذْكُورِ لَهُ فَائِدَةٌ بَلْ فِيهِ إِيذَاءٌ وَتَخْجِيلٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [2652] احْتج آدم ومُوسَى قَالَ الْقَابِسِيّ الْتَقت أرواحهما فِي السَّمَاء فَوَقع الْحجَّاج بَينهمَا قَالَ القَاضِي وَيحْتَمل أَنه على ظَاهره وأنهما اجْتمعَا بأشخاصهما قَالَ وَيحْتَمل ان ذَلِك جرى فِي حَيَاة مُوسَى سَأَلَ الله أَن يرِيه آدم فحاجه خيبتنا أَي كنت سَبَب خيبتنا وإغوائنا بالخطيئة الَّتِي ترَتّب عَلَيْهَا إخراجك من الْجنَّة ثمَّ تعرضنا لإغواء الشَّيَاطِين اصطفاك أَي اختصك وآثرك وَخط لَك بِيَدِهِ فِيهَا المذهبان الْإِيمَان بهَا وَعدم الخو فِي تَأْوِيلهَا مَعَ أَن ظَاهرهَا غير مُرَاد وتأويلها على الْقُدْرَة قدره الله عَليّ أَي كتبه فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ قَالَ النَّوَوِيّ وَلَا يجوز أيراد بِهِ حَقِيقَة الْقدر لِأَنَّهُ أزلي لَا يتَقَدَّر بِأَرْبَعِينَ سنة فحج آدم بِالرَّفْع مُوسَى أَي غَلبه بِالْحجَّةِ قَالَ النَّوَوِيّ فَإِن قيل فالعاصي منا لَو قَالَ هَذِه الْمعْصِيَة قدرهَا الله عَليّ لم يسْقط عَنهُ اللوم بذلك فَالْجَوَاب أَنه بَاقٍ فِي دَار التَّكْلِيف مُحْتَاج إِلَى الزّجر مَا لم يمت وآدَم مَاتَ وَأخرج عَن دَار التَّكْلِيف وَعَن الْحَاجة إِلَى الزّجر فَلم يبْق فِي القَوْل الْمَذْكُور لَهُ فَائِدَة

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم احتج آدم وموسى فقال موسى يا آدم أنت أبونا خيبتنا وأخرجتنا من الجنة فقال له آدم أنت موسى اصطفاك الله بكلامه وخط لك بيده أتلومني على أمر قدره الله علي قبل أن يخلقني بأربعين سنة فقال النبي صلى الله عليه وسلم فحج آدم موسى فحج آدم موسى وفي حديث ابن أبي عمر وابن عبدة قال أحدهما خط وقال الآخر كتب لك التوراة بيده.

المعنى العام

يقول الله تعالى { { وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون } } [البقرة 30] وخلق آدم من الأرض من ترابها ومائها كمية من التراب والماء صارت طينا مضى عليها زمن فأنتنت مضى عليها زمن فيبست وجمدت صورها وخلقها جل شأنه قال لها كوني آدم فكانت بشرا سويا وتسلطت عليها الشمس فطبخت وصارت كالفخار ونفخ فيها من روحه فتحركت إنسانا عاقلا علمه الأسماء كلها ولم يعلمها ملائكته كان من الممكن أن يبقى في الأرض التي منها خلق والتي إليها سيعود ولكنه جل شأنه أراد من الأزل وقضى وقدر لآدم وذريته أن يقطعوا مشوارا طويلا قبل أن يصلوا إلى النهاية وبدأت رحلة آدم عرج به إلى الجنة سجد له الملائكة إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين فطرد من الجنة وطلب الإنظار إلى يوم القيامة فكان من المنظرين وتوعد آدم وذريته { { لأغوينهم أجمعين } } [الحجر 39] وخلقت لآدم حواء من جنبه أسكن هو وزوجه الجنة أمرا بأول تكليف لينفذ قضاء الله { { اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين } } [البقرة 22] وحذرهما من إبليس عدوهما { { إن الشيطان لكما عدو مبين } } [الأعراف 22] وكان الامتحان قاسيا { { فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ } } [الأعراف 20- 23] ثم اجتباه ربه وتاب عليه وهداه لكنه حكم عليه بعقوبة مؤقتة { { قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ } } [الأعراف 24- 25] وهبط آدم وحواء وإبليس إلى الأرض وبدأت الرحلة الشاقة وبدأ أبناؤهما يدفعون ثمن خطيئتهما

هل كان آدم في مقدوره أن يخالف القضاء لقد قال تعالى للملائكة { { إني جاعل في الأرض خليفة } } [البقرة 30] فالمقدر والمكتوب أن يقضى هو وذريته رحلة في الأرض يشاركهم فيها إبليس وجنوده ولا بد من نفاذ القدر فهل يلام آدم أن كان سببا في رحلة العذاب أو لا يلام فالأمر أمر قدر وقضاء

تلك قضية حديثنا التقت روح موسى عليه السلام بروح آدم عليه السلام في الملأ الأعلى قال له موسى أنت آدم أبو البشر قال نعم قال أنت آدم الذي خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه وأسجد لك ملائكته وأسكنك جنته قال نعم قال أنت الذي نهاك ربك عن الأكل من شجرة واحدة فعصيته وأكلت منها أنت آدم الذي أخرجتك خطيئتك من الجنة أنت الذي أشقيت الناس أنت الذي أدخلت ذريتك النار فوالله لولا ما فعلت ما دخل أحد من ذريتك النار خيبتنا وحرمتنا من نعيم الجنة زمنا لا ذنب لنا فيه بل حرمت بعض ذريتك من نعيم الجنة حرمانا أبديا لماذا يا آدم أشقيت نفسك وأشقيت ذريتك وعرضتنا للغواية والمعصية والضلال

وكما هو الشأن في طبيعة الآباء مع الأبناء مهما ظهرت من الأبناء قسوة أو تعنيف أو ما لا يليق تبسم آدم وقال من أنت قال أنا موسى قال نبي بني إسرائيل قال نعم قال أنت الذي اصطفاك ربك وكلمك تكليما دون وسيط من خلقه قال نعم قال أنت الذي أعطاك التوراة وكتب لك الألواح بيده وعلمك حتى ظننت أنك أعلم أهل الأرض كيف خفي عليك أن كل شيء مخلوق بقدر لقد قتلت نفسا بغير حق ففتنك الله فتونا فلبثت سنين في أهل مدين ثم جئت على قدر يا موسى كيف تلومني على أمر قدره الله علي قبل أن يخلقني بأربعين سنة وقال لملائكته { { إني جاعل في الأرض خليفة } } [البقرة 30] أنا لم أخرجكم من الجنة لقد أكلت من الشجرة وتاب الله علي وكان يمكن أن نبقى في الجنة لكنه جل شأنه نفذ قضاءه وقدره فهبطنا إلى الأرض ولولا ذلك ما كان هناك كفار وما اصطفاك الله وما كنت رسولا تأدب يا موسى فأنا أبوك

وغلب آدم موسى وأسكت آدم موسى وعاد بينهما التعاطف والرضا صلى الله عليهما وسلم

المباحث العربية

( احتج آدم وموسى) بفتح التاء وتشديد الجيم يقال احتج بمعنى أقام الحجة أي أقام كل منهما الحجة على الآخر مستنكرا فعله وفي الرواية الثانية تحاج آدم وموسى بتشديد الجيم ومعناه تجادل وأصله تحاجج بجيمين مفتوحتين وفي رواية للبخاري في تفسير سورة طه حاج موسى آدم بالجيم المشددة يقال حاجه محاجة وحجاجا جادله وفي القرآن الكريم { { ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه } } [البقرة 258]

وأما معنى قوله في آخر الحديث فحج آدم موسى فحج آدم موسى برفع آدم على الفاعلية فمعناه غلبه بالحجة قال الحافظ ابن حجر واتفق الرواة والنقلة والشراح على أن آدم بالرفع وهو الفاعل وشذ بعض الناس فقرأه بالنصب على أنه المفعلول وموسى في محل الرفع فاعل وهو محجوج بالاتفاق قبله وقد أخرجه أحمد بلفظ فحجه آدم وهذا يرفع الإشكال ورواته أئمة حفاظ اهـ

وقد جاء في رواية أيوب بن النجار ويحيى بن كثير حج آدم وموسى بدل احتج آدم وموسى وشرحها الطيبي بقوله معناه غلبه بالحجة اهـ وهو غير سليم لوجود الواو بينهما بل معنى هذه الرواية قدم آدم وموسى فهي كرواية محمد بن سيرين التقى آدم وموسى

وفي مكان هذا الاحتجاج وزمانه وكيفيته أقوال لا تخلو من نظر فزعم بعض الشيوخ أن هذه المحاجة ستقع يوم القيامة والتعبير بالماضي لتحقق الوقوع واستند إلى رواية أحمد ولفظها احتج أدم وموسى عند ربهما وعليها بوب البخاري للحديث بقوله باب تحاج آدم وموسى عند الله

قال الحافظ ابن حجر ليس قول البخاري عند الله صريحا في أن ذلك يقع يوم القيامة فإن العندية عندية اختصاص وتشريف لا عندية مكان فيحتمل وقوع ذلك في كل من الدارين وقد وردت العندية في القيامة بقوله تعالى { { في مقعد صدق عند مليك مقتدر } } [القمر 55] ووقعت في الدنيا في قوله صلى الله عليه وسلم أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني اهـ كما يستدل لهذا القول بما وقع في حديث عمر وأنهما حين يلتقيان في الموقف يقول موسى أنت آدم يقول له من أنت يقول أنا موسى فيقول نبي بني إسرائيل فيقول نعم

القول الثاني أنه وقع في الدنيا في حياة موسى فعند أبي داود قال موسى يا رب أرني آدم ...
فأحيا الله له آدم معجزة له وكلمه وتحاجا

القول الثالث كالقول الثاني لكن كشف الله لموسى عن قبر آدم فتحدثا

القول الرابع كالقول الثاني لكن أراه الله روحه كما أرى نبينا صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج أرواح الأنبياء فتحدثا

القول الخامس كالقول الثاني لكن أراه الله له في المنام فتحدثا ورؤيا الأنبياء وحي

القول السادس أن ذلك وقع في البرزخ أول ما مات موسى فالتقت أرواحهما في السماء وبذلك جزم ابن عبد البر والقابسي

القول السابع أن ذلك ضرب مثل والمعنى لو اجتمعا لقالا ذلك قاله ابن الجوزي وقال وخص موسى بالذكر لكونه أول نبي بعث بالتكاليف الشديدة

وأقرب هذه الأقوال للقبول الأول والخامس والسادس والسابع والعلم عند الله

قال ابن الجوزي وهذا مما يجب الإيمان به لثبوته عن خبر الصادق وإن لم يطلع على كيفية الحال وليس هو بأول ما يجب علينا الإيمان به وإن لم نقف على حقيقة معناه كعذاب القبر ونعيمه ومتى ضاقت الحيل في كشف المشكلات لم يبق إلا التسليم وقال ابن عبد البر مثل هذا عندي يجب فيه التسليم ولا يوقف فيه على التحقق لأنا لم نؤت عن جنس هذا العلم إلا قليلا

( فقال موسى يا آدم أنت أبونا خيبتنا وأخرجتنا من الجنة) في الرواية الثانية أنت آدم الذي أغويت الناس وأخرجتهم من الجنة أي الذي كنت سببا في تعرض الناس للغواية وكنت سببا في سكناهم الأرض بدل الجنة وفي الرواية الثالثة أنت آدم الذي خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه وأسجد لك ملائكته وأسكنك في جنته ثم أهبطت الناس بخطيئتك إلى الأرض وفي الرواية الرابعة أنت آدم الذي أخرجتك خطيئتك من الجنة وفي رواية أنت الذي أشقيت الناس وعند أحمد أنت الذي أدخلت ذريتك النار وفي رواية يا آدم خلقك الله بيده ثم نفخ فيك من روحه ثم قال لك كن فكنت ثم أمر الملائكة فسجدوا لك ثم قال لك { { اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة } } [البقرة 35] فنهاك عن شجرة واحدة فعصيت زاد في رواية وأكلت منها وفي رواية أنت آدم قال نعم قال أنت الذي نفخ الله فيك من روحه وعلمك الأسماء كلها وأمر الملائكة فسجدوا لك قال نعم قال فلم أخرجتنا ونفسك من الجنة وفي رواية فوالله لولا ما فعلت ما دخل أحد من ذريتك النار

قال الحافظ ابن حجر وهذا يشعر بأن جميع ما ذكر في هذه الروايات محفوظ وأن بعض الرواة حفظ ما لم يحفظ الآخر

ومعنى خيبتنا أوقعتنا في الخيبة وهي الحرمان والخسران يقال خاب يخيب ويخوب أي كنت سبب خيبتنا وإغوائنا بالخطيئة التي ترتب عليها إخراجك من الجنة ثم تعرضنا نحن لإغواء الشياطين والغي الانهماك في الشر والاستفهام في الروايات كلها للتقرير

( فقال له آدم أنت موسى اصطفاك الله بكلامه وخط لك بيده) في الرواية الثانية أنت الذي أعطاه الله علم كل شيء واصطفاه على الناس برسالته قال نعم وفي الرواية الثالثة أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالته وبكلامه وأعطاك الألواح فيها تبيان كل شيء وقربك نجيا وفي رواية ابن سيرين اصطفاك الله برسالته واصطفاك لنفسه وأنزل عليك التوراة وفي رواية أنت الذي كلمك الله من وراء حجاب ولم يجعل بينك وبينه رسولا من خلقه قال نعم

وفي هذا كله مدح لموسى لكن فيه تعريضا بالذم أي إذا كنت بهذه المنزلة كيف يخفى عليك أنه لا محيد من القدر أو تعريضا بفضل ما أنكره موسى وكأنه يقول لو لم يقع إخراجي الذي ترتب على أكلي من الشجرة ما حصلت لك هذه المناقب لأني لو بقيت في الجنة واستمر نسلي فيها ما وجد من يجاهر بالكفر الشنيع كما جاهر فرعون وما أرسلت أنت وما أعطيت ما أعطيت فإذا كنت أنا السبب في حصول هذه الفضائل لك فكيف يسوغ لك أن تلومني

( أتلومني على أمر قدره الله علي قبل أن يخلقني بأربعين سنة؟) في الرواية الثانية فتلومني على أمر قدر علي قبل أن أخلق وفي الرواية الثالثة فبكم وجدت الله كتب التوراة قبل أن أخلق قال موسى بأربعين عاما قال آدم فهل وجدت فيها وعصى آدم ربه فغوى قال نعم قال أفتلومني على أن عملت عملا كتبه الله علي أن أعمله قبل أن يخلقني بأربعين سنة وعند أحمد فهل وجدت فيها أي في الألواح أو التوراة أني أهبط وفي رواية أفليس تجد فيما أنزل الله عليك أنه سيخرجني منها قبل أن يدخلنيها قال بلى وفي رواية فلم تلومني على شيء سبق من الله تعالى فيه القضاء وفي رواية أتلومني على أمر قدره علي قبل أن يخلق السماوات والأرض قال الحافظ والجمع بينه وبين الرواية المقيدة بأربعين سنة حملها على ما يتعلق بالكتابة وحمل الأخرى على ما يتعلق بالعلم

وقال ابن التين يحتمل أن يكون المراد بالأربعين سنة ما بين قوله تعالى { { إني جاعل في الأرض خليفة } } إلى نفخ الروح في آدم وأجاب غيره بأن ابتداء المدة وقت الكتابة في الألواح وآخرها ابتداء خلق آدم وقال ابن الجوزي المعلومات كلها قد أحاط بها علم الله القديم قبل وجود المخلوقات كلها ولكن كتابتها وقعت في أوقات متفاوتة وقد ثبت في صحيح مسلم أن الله قدر المقادير قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة فيجوز أن تكون قصة آدم بخصوصها كتبت قبل خلقه بأربعين سنة ويجوز أن يكون ذلك القدر مدة لبثه طينا إلى أن نفخت فيه الروح فقد ثبت في صحيح مسلم أن بين تصويره طينا ونفخ الروح فيه كان مدة أربعين سنة ولا يخالف ذلك كتابة المقادير عموما قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة

وقال المازري الأظهر أن المراد أنه كتبه قبل خلق آدم بأربعين عاما ويحتمل أن يكون المراد أظهره للملائكة أو فعل فعلا ما أضاف إليه هذا التاريخ وإلا فمشيئة الله وتقديره قديم وقال النووي المراد بتقديرها كتبه في اللوح المحفوظ أو في التوارة أو في الألواح ولا يجوز أن يراد به أصل القدر لأنه أزلي والله أعلم

( فحج آدم موسى فحج آدم موسى) كررت الجملة مرتين في الرواية الأولى ولم تكرر في الثالثة ولا في الرابعة وفي رواية للبخاري فحج آدم موسى فحج آدم موسى ثلاثا وفي رواية فاحتجا إلى الله فحج آدم موسى قالها ثلاث مرات وفي رواية لقد حج آدم موسى لقد حج آدم موسى لقد حج آدم موسى وفي رواية فخصم آدم موسى فخصم آدم موسى

( كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة) قال العلماء المراد تحديد وقت الكتابة في اللوح المحفوظ أو غيره لا أصل التقدير فإن ذلك أزلي لا أول له

( وعرشه على الماء) أي قبل خلق السماوات والأرض

فقه الحديث

مشكلة الحديث هل لأحد أن يلوم من عصى على معصيته وخصوصا إذا أصابه منها أذى ومتاعب إن كان الجواب بنعم كما هو ظاهر شريعتنا فموسى محق وحجته قوية غالبة فكيف عد في الحديث مهزوما محجوجا مغلوبا وهل لمن عصى أن يعتذر عن معصيته بالقدر وبأنه سبق عليه القضاء وهو مكتوب عليه

إن كان الجواب بلا كما هو ظاهر شريعتنا فلم عد آدم غالبا وعدت حجته قوية

وإن كان الجواب ليس لأحد أن يلوم العاصي على معصيته وللعاصي أن يعتذر عن معصيته بجريان القلم كنا مع الجبرية الذين يقولون إن معنى سبق القضاء والقدر يستلزم الجبر وقهر العبد والمجبور لا يلام فالجبرية يتمسكون بموقف آدم وحجته التي احتج بها والتي صدقه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها وأقره عليها وشهد له بأنه غلب خصمه بها

والمعتزلة الذين يقولون إن العبد يخلق أفعاله الاختيارية وهو مسئول عنها مسئولية كاملة إرادة واختيارا ونزوعا وحركة وفعلا وإنجازا وإن وافقهم موقف موسى لكنه موقف مهزوم وحجة مردودة مغلوبة فلا يستدل بها يرون أن حجة آدم مرفوضة رفضا قاطعا لأنه لو ساغ الاعتذار عن المعصية السابقة بالقدر لانسد باب القصاص والحدود ولاحتج به كل أحد على ما يرتكبه من الفواحش والإفساد في الأرض وهذا يفضي إلى لوازم قطعية مرفوضة عقلا وشرعا

وعلى هذا الأساس يردون الحديث ويقولون عنه حديث لا أصل له

وأهل السنة يقفون بين الجبرية وبين المعتزلة في هذه القضية وموقفهم حرج دقيق وهم يميلون نحو الجبرية لكنهم يلتمسون للمسئولية خيطا كخيط العنكبوت فبعضهم يرى أن الحجة والمسئولية تقع على القصد والتعمد والاختيار وأما الفعل فهو لله فإن قيل لهم القصد والتعمد والاختيار فعل من أفعال النفس الاختيارية فجعله للعبد وجعل النزوع والحركة لقدرة الله تحكم إن قيل لهم ذلك قالوا { { لا يسأل عما يفعل وهم يسألون } } [الأنبياء 23]

وبعضهم يرى أن الحجة والمسئولية تقع على الكسب الذي هو مقارنة قدرة العبد لقدرة الرب حين الفعل ودون تأثير لها فإن قيل لهم كيف تقع المسئولية من غير تأثير قالوا { { لا يسأل عما يفعل وهم يسألون } } [الأنبياء 23] وأهل السنة أمام حديثنا يحاولون تبرير حجة آدم وتقويتها وتضعيف موقف موسى وحجته

فالخطابي يقول اللوم من قبل موسى ساقط إذ ليس لأحد أن يعير أحدا بذنب كان منه لأن الخلق كلهم تحت العبودية سواء وإنما يتجه اللوم من قبل الله سبحانه وتعالى الذي نهاه فباشر ما نهاه عنه ولم يقع من آدم إنكار لما صدر منه بل عارضه بأمر دفع به عنه اللوم اهـ

ومعنى هذا أن آدم لم يعتذر عن معصيته بالقدر وإنما دفع اللوم من اللائم بأنه ليس من حقه أن يلوم بل عليه أن يسلم بالقدر الغالب لكل البشر فقد غلب القدر موسى فقتل نفسا لم يؤمر بقتلها

وللمعترض على هذا التوجيه أن يقول إذا كان الله هو الذي يوجه اللوم فلم لا يباشره من تلقى عن الله من الرسل ولم لا يباشره من تلقى عن رسله ممن يحملون أمر تبليغ شريعتهم

والحافظ ابن حجر يرى أن آدم لم يعتذر عن المعصية بالقدر أي لم يعتذر عن الأكل من الشجرة بالقدر إذ محصل لوم موسى إنما هو على الإخراج فكأنه قال أنا لم أخرجكم وإنما أخرجكم الذي رتب الإخراج على الأكل من الشجرة وقدره هو الذي رتب ذلك قبل أن أخلق فكيف تلومني على أمر ليس لي فيه نسبة والإخراج ليس من فعلي اهـ ومحصل هذا أن موسى لام آدم على أشياء ليست من كسبه فلا حق له في اللوم

وقد سبق إلى هذا القول الداوودي فيما نقله ابن التين حيث قال إنما قامت حجة آدم لأن الله خلقه ليجعله في الأرض خليفة فلم يحتج آدم في أكله من الشجرة بسابق العلم لأنه كان عن اختيار منه وإنما احتج بالقدر لخروجه لأنه لم يكن بد من ذلك

وحكى القرطبي وغيره أن آدم أب وموسى ابن وليس للابن أن يلوم أباه وهذا القول بعيد لأنه لا يعتذر الأب عن المعصية للابن بالقدر ثم هو ليس على عمومه فقد يجوز للابن أن يلوم أباه في عدة مواطن

وقيل إنما غلبه آدم لأنهما في شريعتين متغايرتين فقد تسمح شريعة آدم بالاحتجاج بسابق القدر ولا تسمح شريعة موسى أن يحتج به وتسمح أن يتوجه اللوم على المخالف به وتعقب بأنها دعوى لا دليل عليها

وقال ابن حجر أيضا إن الذي فعله آدم اجتمع فيه القدر والكسب والتوبة تمحو أثر الكسب وقد كان تاب الله عليه فلم يبق إلا القدر والقدر لا يتوجه عليه لوم لأنه فعل الله ولا يسأل عما يفعل

وقد سبقه إلى ذلك ابن عبد البر حيث قال هذا عندي مخصوص بآدم لأن المناظرة بينهما وقعت بعد أن تاب الله على آدم قطعا كما قال تعالى { { فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه } } [البقرة 37] فحسن من آدم أن ينكر على موسى لومه على الأكل من الشجرة لأنه كان قد تيب عليه من ذلك ومن ثبت أن الله قد تاب عليه سقط عنه اللوم وقد ثبت النهي عن لعن من أقيم عليه الحد وقبلت توبته

أما من فعل معصية فقتل أو زنا أو سرق فلا يجوز أن يقال لمن لامه لا تلمه فقد سبق هذا في علم الله وقدره قبل أن يخلقه لا يجوز إنكار لومه فإن الأمة اجتمعت على جواز لوم من وقع منه ذلك بل على استحباب ذلك كما أجمعوا على استحباب محمدة من واظب على الطاعة قاله ابن عبد البر

وقال ابن حجر إنما توجهت الحجة لآدم لأن موسى لامه بعد أن مات واللوم إنما يتوجه على المكلف مادام في دار التكليف فإن الأحكام حينئذ جارية عليهم فيلام العاصي ويقام عليه الحد والقصاص وغير ذلك وأما بعد أن يموت فلا فقد ثبت النهي عن سب الأموات ولا تذكروا موتاكم إلا بخير لأن مرجع أمرهم إلى الله وإذا كان كذلك فلوم موسى لآدم بعد انتقاله عن دار التكليف مردود

وحاصل هذا أن غلبة آدم لموسى في إنكاره اللوم لا في اعتذار آدم عن المعصية بالقدر

قال الحافظ ابن حجر وبالجملة فأصح الأجوبة سقوط اللوم بالتوبة أو الموت ولا تنافي بينهما فيمكن أن يمتزج منهما جواب واحد وهو أن التائب لا يلام على ما تيب عليه منه ولا سيما إذا انتقل عن دار التكليف قال وقد سلك النووي هذا المسلك

ويؤخذ من الحديث فوق ما تقدم

1- من قوله خيبتنا إلخ جواز إطلاق الشيء على سببه

2- قال النووي وفيه ذكر الجنة وأنها موجودة من قبل آدم وهذا مذهب أهل الحق

وقال القاضي عياض فيه حجة لأهل السنة في أن الجنة التي أخرج منها آدم هي جنة الخلد التي وعد المتقون ويدخلونها في الآخرة خلافا لمن قال من المعتزلة وغيرهم إنها جنة أخرى ومنهم من زعم أنها كانت في الأرض

3- ومن قوله في الرواية الثانية أنت الذي أعطاك الله علم كل شيء إطلاق العموم وإرادة الخصوص إذ المراد به علم كل شيء يتعلق بكتابه وليس المراد عمومه لأنه ثبت علم الخضر بما لا يعلمه موسى

4- وفيه مشروعية الحجج في المناظرة لإظهار الحق

5- وإباحة التوبيخ والتعريض في أثناء الحجاج ليتوصل إلى ظهور الحجة

6- وفيه مناظرة العالم من هو أكبر منه والابن أباه ومحل مشروعية ذلك إذا كان لإظهار الحق أو الازدياد من العلم والوقوف على حقائق الأمور

7- وفيه أنه يغتفر للشخص في بعض الأحوال ما لا يغتفر له في بعضها كحالة الغضب والأسف وخصوصا ممن طبع على حدة الخلق وشدة الغضب فإن موسى عليه السلام لما غلبت عليه حالة الغضب والإنكار في المناظرة خاطب آدم مع كونه والده باسمه مجردا وخاطبه بأشياء لم يكن ليخاطب بها في غير تلك الحالة ومع ذلك فأقره على ذلك وعدل إلى معارضته فيما أبداه من الحجة في دفع شبهته

والله أعلم.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب حِجَاجِ آدَمَ وَمُوسَى عَلَيْهِمَا السَّلَام
[ سـ :4922 ... بـ :2652]
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ دِينَارٍ وَابْنُ أَبِي عُمَرَ الْمَكِّيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الضَّبِّيُّ جَمِيعًا عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ وَاللَّفْظُ لِابْنِ حَاتِمٍ وَابْنِ دِينَارٍ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ طَاوُسٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى فَقَالَ مُوسَى يَا آدَمُ أَنْتَ أَبُونَا خَيَّبْتَنَا وَأَخْرَجْتَنَا مِنْ الْجَنَّةِ فَقَالَ لَهُ آدَمُ أَنْتَ مُوسَى اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِكَلَامِهِ وَخَطَّ لَكَ بِيَدِهِ أَتَلُومُنِي عَلَى أَمْرٍ قَدَّرَهُ اللَّهُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي بِأَرْبَعِينَ سَنَةً فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى وَفِي حَدِيثِ ابْنِ أَبِي عُمَرَ وَابْنِ عَبْدَةَ قَالَ أَحَدُهُمَا خَطَّ.

     وَقَالَ  الْآخَرُ كَتَبَ لَكَ التَّوْرَاةَ بِيَدِهِ
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى ) قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْقَابِسِيُّ : الْتَقَتْ أَرْوَاحُهُمَا فِي السَّمَاءِ ، فَوَقَعَ الْحِجَاجُ بَيْنَهُمَا .
قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ : وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ عَلَى ظَاهِرِهِ .
وَأَنَّهُمَا اجْتَمَعَا بِأَشْخَاصِهِمَا ، وَقَدْ ثَبَتَ فِي حَدِيثِ الْإِسْرَاءِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اجْتَمَعَ بِالْأَنْبِيَاءِ ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ فِي السَّمَاوَاتِ ، وَفِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ ، وَصَلَّى بِهِمْ .
قَالَ : فَلَا يَبْعُدُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَحْيَاهُمْ كَمَا جَاءَ فِي الشُّهَدَاءِ .
قَالَ : وَيُحْتَمَلُ أَنَّ ذَلِكَ جَرَى فِي حَيَاةِ مُوسَى ; سَأَلَ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُرِيَهُ آدَمَ فَحَاجَّهُ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَقَالَ مُوسَى : يَا آدَمُ أَنْتَ أَبُونَا خَيَّبْتَنَا ، وَأَخْرَجْتَنَا مِنَ الْجَنَّةِ ) وَفِي رِوَايَةٍ أَنْتَ آدَمُ الَّذِي أَغْوَيْتَ النَّاسَ ، وَأَخْرَجْتَهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ وَفِي رِوَايَةٍ أَهْبَطْتَ النَّاسَ بِخَطِيئَتِكَ إِلَى الْأَرْضِ .
مَعْنَى ( خَيَّبْتَنَا ) أَوْقَعْتَنَا فِي الْخَيْبَةِ ، وَهِيَ الْحِرْمَانُ وَالْخُسْرَانُ .
وَقَدْ خَابَ يَخِيبُ وَيَخُوبُ ، وَمَعْنَاهُ كُنْتَ سَبَبَ خَيْبَتِنَا وَإِغْوَائِنَا بِالْخَطِيئَةِ الَّتِي تَرَتَّبَ عَلَيْهَا إِخْرَاجُكَ مِنَ الْجَنَّةِ ، ثُمَّ تَعَرُّضُنَا نَحْنُ لِإِغْوَاءِ الشَّيَاطِينِ .
وَالْغَيُّ الِانْهِمَاكُ فِي الشَّرِّ .
وَفِيهِ جَوَازُ إِطْلَاقِ الشَّيْءِ عَلَى سَبَبِهِ .
وَفِيهِ ذِكْرُ الْجَنَّةِ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ مِنْ قَبْلِ آدَمَ .
هَذَا مَذْهَبُ أَهْلِ الْحَقِّ .

قَوْلُهُ : ( اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِكَلَامِهِ وَخَطَّ لَكَ بِيَدِهِ ) فِي ( الْيَدِ ) هُنَا الْمَذْهَبَانِ السَّابِقَانِ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ وَمَوَاضِعَ فِي أَحَادِيثِ الصِّفَاتِ : أَحَدُهُمَا الْإِيمَانُ بِهَا ، وَلَا يُتَعَرَّضُ لِتَأْوِيلِهَا ، مَعَ أَنَّ ظَاهِرَهَا غَيْرُ مُرَادٍ .
وَالثَّانِي تَأْوِيلُهَا عَلَى الْقُدْرَةِ .
وَمَعْنَى ( اصْطَفَاكَ ) أَيْ اخْتَصَّكَ وَآثَرَكَ بِذَلِكَ .

قَوْلُهُ : ( أَتَلُومُنِي عَلَى أَمْرِ قَدَّرَهُ اللَّهُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي بِأَرْبَعِينَ سَنَةً ؟ ) الْمُرَادُ بِالتَّقْدِيرِ هُنَا الْكِتَابَةُ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ ، وَفِي صُحُفِ التَّوْرَاةِ وَأَلْوَاحِهَا ، أَيْ كَتَبَهُ عَلَيَّ قَبْلَ خَلْقِي بِأَرْبَعِينَ سَنَةً ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهَذَا فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ ، فَقَالَ : بِكَمْ وَجَدْتَ اللَّهَ كَتَبَ التَّوْرَاةَ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ ؟ قَالَ مُوسَى : بِأَرْبَعِينَ سَنَةً .
قَالَ : أَتَلُومُنِي عَلَى أَنْ عَمِلْتُ عَمَلًا كَتَبَ اللَّهُ عَلَيَّ أَنْ أَعْمَلُهُ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي بِأَرْبَعِينَ سَنَةً ؟ فَهَذِهِ الرِّوَايَةُ مُصَرِّحَةٌ بِبَيَانِ الْمُرَادِ بِالتَّقْدِيرِ ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهِ حَقِيقَةُ الْقَدَرِ ، فَإِنَّ عِلْمَ اللَّهِ تَعَالَى وَمَا قَدَّرَهُ عَلَى عِبَادِهِ وَأَرَادَ مِنْ خَلْقِهِ أَزَلِيٌّ لَا أَوَّلَ لَهُ ، وَلَمْ يَزَلْ سُبْحَانَهُ مُرِيدًا لِمَا أَرَادَهُ مِنْ خَلْقِهِ مِنْ طَاعَةٍ وَمَعْصِيَةٍ ، وَخَيْرٍ وَشَرٍّ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى ) هَكَذَا الرِّوَايَةُ فِي جَمِيعِ كُتُبِ الْحَدِيثِ بِاتِّفَاقِ النَّاقِلِينَ وَالرُّوَاةِ وَالشُّرَّاحِ وَأَهْلِ الْغَرِيبِ : ( فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى ) بِرَفْعِ آدَمَ ، وَهُوَ فَاعِلٌ ، أَيْ غَلَبَهُ بِالْحُجَّةِ ، وَظَهَرَ عَلَيْهِ بِهَا .
وَمَعْنَى كَلَامِ آدَمَ أَنَّكَ يَا مُوسَى تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا كُتِبَ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ ، وَقُدِّرَ عَلَيَّ ، فَلَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِهِ ، وَلَوْ حَرَصْتُ أَنَا وَالْخَلَائِقُ أَجْمَعُونَ عَلَى رَدِّ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ مِنْهُ لَمْ نَقْدِرْ ، فَلِمَ تَلُومُنِي عَلَى ذَلِكَ ؟ وَلِأَنَّ اللَّوْمَ عَلَى الذَّنْبِ شَرْعِيِّ لَا عَقْلِيِّ ، وَإِذْ تَابَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى آدَمَ ، وَغَفَرَ لَهُ ، زَالَ عَنْهُ اللَّوْمُ فَمَنْ لَامَهُ كَانَ مَحْجُوجًا بِالشَّرْعِ .
فَإِنْ قِيلَ : فَالْعَاصِي مِنَّا لَوْ قَالَ : هَذِهِ الْمَعْصِيَةُ قَدَّرَهَا اللَّهُ عَلَيَّ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ اللَّوْمُ وَالْعُقُوبَةُ بِذَلِكَ ، وَإِنْ كَانَ صَادِقًا فِيمَا قَالَهُ .
فَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا الْعَاصِي بَاقٍ فِي دَارِ التَّكْلِيفِ ، جَارٍ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمُكَلَّفِينَ مِنَ الْعُقُوبَةِ وَاللَّوْمِ وَالتَّوْبِيخِ وَغَيْرِهَا ، وَفِي لَوْمِهِ وَعُقُوبَتِهِ زَجْرٌ لَهُ وَلِغَيْرِهِ عَنْ مِثْلِ هَذَا الْفِعْلِ ، وَهُوَ مُحْتَاجٌ إِلَى زَجْرِ مَا لَمْ يَمُتْ فَأَمَّا آدَمُ فَمَيِّتٌ خَارِجٌ عَنْ دَارِ التَّكْلِيفِ وَعَنِ الْحَاجَةِ إِلَى الزَّجْرِ ، فَلَمْ يَكُنْ فِي الْقَوْلِ الْمَذْكُورِ لَهُ فَائِدَةٌ ، بَلْ فِيهِ إِيذَاءٌ وَتَخْجِيلٌ .
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .