هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4766 حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، قَالَ : إِنَّ الَّذِي تَدْعُونَهُ المُفَصَّلَ هُوَ المُحْكَمُ ، قَالَ : وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ ، وَقَدْ قَرَأْتُ المُحْكَمَ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4766 حدثني موسى بن إسماعيل ، حدثنا أبو عوانة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير ، قال : إن الذي تدعونه المفصل هو المحكم ، قال : وقال ابن عباس : توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابن عشر سنين ، وقد قرأت المحكم
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Sa`id bin Jubair:

Those Suras which you people call the Mufassal, are the Muhkam. And Ibn `Abbas said, Allah's Apostle died when I was a boy of ten years, and I had learnt the Muhkam (of the Qur'an).

":"مجھ سے موسیٰ بن اسماعیل نے بیان کیا ، کہا ہم سے ابوعوانہ نے بیان کیا ، ان سے ابو بشر نے ، ان سے سعید بن جبیر نے بیان کیا کہجن سورتوں کو تم ” مفصل “ کہتے ہو وہ سب ” محکم “ ہیں ۔ انہوں نے بیان کیا کہ حضرت ابن عباس رضی اللہ عنہمانے کہا جب رسول کریم صلی اللہ علیہ وسلم کی وفات ہوئی تو میری عمر دس سال کی تھی اور میں نے محکم سورتیں سب پڑھ لی تھیں ۔

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [5035] .

     قَوْلُهُ  عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ إِنَّ الَّذِي تَدْعُونَهُ الْمُفَصَّلَ هُوَ الْمُحكم قَالَ.

     وَقَالَ  بن عَبَّاسٍ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا بن عَشْرِ سِنِينَ وَقَدْ قَرَأْتُ الْمُحْكَمَ كَذَا فِيهِ تَفْسِيرُ الْمُفَصَّلِ بِالْمُحْكَمِ مِنْ كَلَامِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَهُوَ دَالٌّ عَلَى أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَقُلْتُ لَهُ وَمَا الْمُحْكَمُ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَفَاعِلُ.

.

قُلْتُ هُوَ أَبُو بِشْرٍ بِخِلَافِ مَا يَتَبَادَرُ أَنَّ الضَّمِيرَ لِابْنِ عَبَّاسٍ وَفَاعِلَ.

.

قُلْتُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا سَأَلَ شَيْخَهُ عَنْ ذَلِكَ وَالْمُرَادُ بِالْمُحْكَمِ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ مَنْسُوخٌ وَيُطْلَقُ الْمُحْكَمُ عَلَى ضِدِّ الْمُتَشَابِهِ وَهُوَ اصْطِلَاحُ أَهْلِ الْأُصُولِ وَالْمُرَادُ بِالْمُفَصَّلِ السُّوَرُ الَّتِي كَثُرَتْ فُصُولُهَا وَهِيَ مِنَ الْحُجُرَاتِ إِلَى آخِرِ الْقُرْآنِ عَلَى الصَّحِيحِ وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ أَشَارَ فِي التَّرْجَمَة إِلَى قَول بن عَبَّاسٍ سَلُونِي عَنِ التَّفْسِيرِ فَإِنِّي حَفِظْتُ الْقُرْآنَ وَأَنا صَغِير أخرجه بن سَعِيدٍ وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْهُ وَقَدِ اسْتَشْكَلَ عِيَاض قَول بن عَبَّاسٍ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا بن عَشْرِ سِنِينَ بِمَا تَقَدَّمَ فِي الصَّلَاةِ مِنْ وَجه آخر عَن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ نَاهَزَ الِاحْتِلَامَ وَسَيَأْتِي فِي الِاسْتِئْذَانِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاتَ وَأَنَا خَتِينٌ وَكَانُوا لَا يَخْتِنُونَ الرَّجُلَ حَتَّى يُدْرِكَ وَعَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ مَوْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم بن خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَسَبَقَ إِلَى اسْتِشْكَالِ ذَلِكَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فَقَالَ حَدِيثُ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَن بن عَبَّاسٍ يَعْنِي الَّذِي مَضَى فِي الصَّلَاةِ يُخَالِفُ هَذَا وَبَالَغَ الدَّاوُدِيُّ فَقَالَ حَدِيثُ أَبِي بِشْرٍ يَعْنِي الَّذِي فِي هَذَا الْبَابِ وَهَمٌ وَأَجَابَ عِيَاضٌ بِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ .

     قَوْلُهُ  وَأَنَا بن عَشْرِ سِنِينَ رَاجِعٌ إِلَى حِفْظِ الْقُرْآنِ لَا إِلَى وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَكُونُ تَقْدِيرُ الْكَلَامِ تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم وَقد جمعت الْمُحكم وَأَنا بن عَشْرِ سِنِينَ فَفِيهِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ وَقَدْ قَالَ عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ الْفَلَّاسُ الصَّحِيحُ عِنْدَنَا أَنَّ بن عَبَّاسٍ كَانَ لَهُ عِنْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً قَدِ اسْتَكْمَلَهَا وَنَحْوُهُ لِأَبِي عُبَيْدٍ وَأَسْنَدَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ مُصعب الزبيرِي أَنه كَانَ بن أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَبِهِ جَزَمَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ ثُمَّ حَكَى أَنَّهُ قِيلَ سِتَّ عَشْرَةَ وَحَكَى قَوْلَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَأَوْرَدَ الْبَيْهَقِيُّ عَن أبي الْعَالِيَة عَن بن عَبَّاسٍ قَرَأْتُ الْمُحْكَمَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنا بن ثِنْتَيْ عَشْرَةَ فَهَذِهِ سِتَّةُ أَقْوَالٍ وَلَوْ وَرَدَ إِحْدَى عَشْرَةَ لَكَانَتْ سَبْعَةً لِأَنَّهَا مِنْ عَشْرٍ إِلَى سِتِّ عَشْرَةَ.

.

قُلْتُ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْلُ الزُّبَيْرِ بْنِ بَكَّارٍ وَغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ النَّسَبِ أَن ولادَة بن عَبَّاس كَانَت قبل الهجر بِثَلَاثِ سِنِينَ وَبَنُو هَاشِمٍ فِي الشِّعْبِ وَذَلِكَ قَبْلَ وَفَاةِ أَبِي طَالِبٍ وَنَحْوُهُ لِأَبِي عُبَيْدٍ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ مُخْتَلِفِ الرِّوَايَاتِ إِلَّا سِتَّ عَشْرَةَ وَثِنْتَيْ عَشْرَةَ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَمْ يَثْبُتْ سَنَدُهُ وَالْأَشْهَرُ بِأَنْ يَكُونَ نَاهَزَ الِاحْتِلَامَ لَمَّا قَارَبَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ ثُمَّ بَلَغَ لَمَّا اسْتَكْمَلَهَا وَدَخَلَ فِي الَّتِي بَعْدَهَا فَإِطْلَاقُ خَمْسَ عَشْرَةَ بِالنَّظَرِ إِلَى جَبْرِ الْكَسْرَيْنِ وَإِطْلَاقُ الْعَشْرِ وَالثَّلَاثَ عَشْرَةَ بِالنَّظَرِ إِلَى إِلْغَاءِ الْكَسْرِ وَإِطْلَاقُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ بِجَبْرِ أَحَدِهِمَا وَسَيَأْتِي مَزِيدٌ لِهَذَا فِي بَابِ الْخِتَانِ بَعْدَ الْكِبَرِ مِنْ كِتَابِ الِاسْتِئْذَانِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَاخْتُلِفَ فِي أَوَّلِ الْمُفَصَّلِ مَعَ الِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّهُ آخِرُ جُزْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ عَلَى عَشَرَةِ أَقْوَالٍ ذَكَرْتُهَا فِي بَابِ الْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ فِي الْمَغْرِبِ وَذَكَرْتُ قولا شاذا أَنه جَمِيع الْقُرْآن ( سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ) ( قَولُهُ بَابُ نِسْيَانِ الْقُرْآنِ وَهَلْ يَقُولُ نَسِيَتُ آيَةَ كَذَا وَكَذَا) كَأَنَّهُ يُرِيدُ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ قَوْلِ نَسِيتُ آيَةَ كَذَا وَكَذَا لَيْسَ لِلزَّجْرِ عَنْ هَذَا اللَّفْظِ بَلْ لِلزَّجْرِ عَنْ تَعَاطِي أَسْبَابِ النِّسْيَانِ الْمُقْتَضِيَةِ لِقَوْلِ هَذَا اللَّفْظِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَنْزِلَ الْمَنْعُ وَالْإِبَاحَةُ عَلَى حَالَتَيْنِ فَمَنْ نَشَأَ نِسْيَانُهُ عَنِ اشْتِغَالِهِ بِأَمْرٍ دِينِيٍّ كَالْجِهَادِ لَمْ يَمْتَنِعْ عَلَيْهِ قَوْلُ ذَلِكَ لِأَنَّ النِّسْيَانَ لَمْ يَنْشَأْ عَنْ إِهْمَالٍ دِينِيٍّ وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ مَا وَرَدَ مِنْ ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نِسْبَةِ النِّسْيَانِ إِلَى نَفْسِهِ وَمَنْ نَشَأَ نِسْيَانُهُ عَنِ اشْتِغَالِهِ بِأَمْرٍ دُنْيَوِيٍّ وَلَا سِيَّمَا إِنْ كَانَ مَحْظُورًا امْتَنَعَ عَلَيْهِ لِتَعَاطِيهِ أَسْبَابَ النِّسْيَانِ .

     قَوْلُهُ  وَقَول الله تَعَالَى سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى إِلَّا مَا شَاءَ الله هُوَ مَصِيرٌ مِنْهُ إِلَى اخْتِيَارِ مَا عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ أَنَّ لَا فِي قَوْلِهِ فَلَا تَنْسَى نَافِيَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ لَا يَنْسَى مَا أَقْرَأَهُ إِيَّاهُ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ لَا نَاهِيَةٌ وَإِنَّمَا وَقَعَ الْإِشْبَاعُ فِي السِّينِ لِتَنَاسُبِ رُؤُوس الْآيِ وَالْأَوَّلُ أَكْثَرُ وَاخْتُلِفَ فِي الِاسْتِثْنَاءِ فَقَالَ الْفَرَّاءُ هُوَ لِلتَّبَرُّكِ وَلَيْسَ هُنَاكَ شَيْءٌ اسْتُثْنِيَ وَعَنِ الْحَسَنِ وَقَتَادَةَ إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ أَي قضى أَن ترفع تِلَاوَته وَعَن بن عَبَّاسٍ إِلَّا مَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُنْسِيَكَهُ لِتَسُنَّ وَقِيلَ لِمَا جُبِلْتَ عَلَيْهِ مِنَ الطِّبَاعِ الْبَشَرِيَّةِ لَكِنْ سَنَذْكُرُهُ بَعْدُ وَقِيلَ الْمَعْنَى فَلَا تَنْسَى أَيْ لَا تَتْرُكِ الْعَمَلَ بِهِ إِلَّا مَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَنْسَخَهُ فَتَتْرُكَ الْعَمَلَ بِهِ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ الْقِرَاءَةِ عَلَى الدَّابَّةِ)
أَيْ لِرَاكِبِهَا وَكَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى الرَّدِّ عَلَى مَنْ كَرِهَ ذَلِك وَقد نَقله بن أَبِي دَاوُدَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ وَتَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ فِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي الْحمام وَغَيرهَا.

     وَقَالَ  بن بَطَّالٍ إِنَّمَا أَرَادَ بِهَذِهِ التَّرْجَمَةِ أَنَّ فِي الْقِرَاءَةِ عَلَى الدَّابَّةِ سُنَّةً مَوْجُودَةً وَأَصْلُ هَذِهِ السُّنَّةِ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ الْآيَةَ ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ مُخْتَصَرًا وَقَدْ تَقَدَّمَ بِتَمَامِهِ فِي تَفْسِير سُورَة الْفَتْح وَيَأْتِي بعد أَبْوَاب قَولُهُ بَابُ تَعْلِيمِ الصِّبْيَانِ الْقُرْآنَ كَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى الرَّدِّ عَلَى مَنْ كَرِهَ ذَلِكَ وَقَدْ جَاءَتْ كَرَاهِيَةُ ذَلِكَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ واسنده بن أَبِي دَاوُدَ عَنْهُمَا وَلَفْظُ إِبْرَاهِيمَ كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يُعَلِّمُوا الْغُلَامَ الْقُرْآنَ حَتَّى يَعْقِلَ وَكَلَامُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كَرَاهَةَ ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ حُصُولِ الْمَلَالِ لَهُ وَلَفْظُهُ عِنْد بن أَبِي دَاوُدَ أَيْضًا كَانُوا يُحِبُّونَ أَنْ يَكُونَ يَقْرَأُ الصَّبِيُّ بَعْدَ حِينٍ وَأَخْرَجَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنِ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ أَنَّهُ قَدَّمَ غُلَامًا صَغِيرًا فَعَابُوا عَلَيْهِ فَقَالَ مَا قَدَّمْتُهُ وَلَكِنْ قَدَّمَهُ الْقُرْآنُ وَحُجَّةُ مَنْ أَجَازَ ذَلِكَ أَنَّهُ أَدْعَى إِلَى ثُبُوتِهِ وَرُسُوخِهِ عِنْدَهُ كَمَا يُقَالُ التَّعَلُّمُ فِي الصِّغَرِ كَالنَّقْشِ فِي الْحَجَرِ وَكَلَامُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُتْرَكَ الصَّبِيُّ أَوَّلًا مُرَفَّهًا ثُمَّ يُؤْخَذُ بِالْجَدِّ عَلَى التَّدْرِيجِ وَالْحَقُّ أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِالْأَشْخَاصِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[ قــ :4766 ... غــ :5035] .

     قَوْلُهُ  عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ إِنَّ الَّذِي تَدْعُونَهُ الْمُفَصَّلَ هُوَ الْمُحكم قَالَ.

     وَقَالَ  بن عَبَّاسٍ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا بن عَشْرِ سِنِينَ وَقَدْ قَرَأْتُ الْمُحْكَمَ كَذَا فِيهِ تَفْسِيرُ الْمُفَصَّلِ بِالْمُحْكَمِ مِنْ كَلَامِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَهُوَ دَالٌّ عَلَى أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَقُلْتُ لَهُ وَمَا الْمُحْكَمُ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَفَاعِلُ.

.

قُلْتُ هُوَ أَبُو بِشْرٍ بِخِلَافِ مَا يَتَبَادَرُ أَنَّ الضَّمِيرَ لِابْنِ عَبَّاسٍ وَفَاعِلَ.

.

قُلْتُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا سَأَلَ شَيْخَهُ عَنْ ذَلِكَ وَالْمُرَادُ بِالْمُحْكَمِ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ مَنْسُوخٌ وَيُطْلَقُ الْمُحْكَمُ عَلَى ضِدِّ الْمُتَشَابِهِ وَهُوَ اصْطِلَاحُ أَهْلِ الْأُصُولِ وَالْمُرَادُ بِالْمُفَصَّلِ السُّوَرُ الَّتِي كَثُرَتْ فُصُولُهَا وَهِيَ مِنَ الْحُجُرَاتِ إِلَى آخِرِ الْقُرْآنِ عَلَى الصَّحِيحِ وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ أَشَارَ فِي التَّرْجَمَة إِلَى قَول بن عَبَّاسٍ سَلُونِي عَنِ التَّفْسِيرِ فَإِنِّي حَفِظْتُ الْقُرْآنَ وَأَنا صَغِير أخرجه بن سَعِيدٍ وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْهُ وَقَدِ اسْتَشْكَلَ عِيَاض قَول بن عَبَّاسٍ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا بن عَشْرِ سِنِينَ بِمَا تَقَدَّمَ فِي الصَّلَاةِ مِنْ وَجه آخر عَن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ نَاهَزَ الِاحْتِلَامَ وَسَيَأْتِي فِي الِاسْتِئْذَانِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاتَ وَأَنَا خَتِينٌ وَكَانُوا لَا يَخْتِنُونَ الرَّجُلَ حَتَّى يُدْرِكَ وَعَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ مَوْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم بن خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَسَبَقَ إِلَى اسْتِشْكَالِ ذَلِكَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فَقَالَ حَدِيثُ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَن بن عَبَّاسٍ يَعْنِي الَّذِي مَضَى فِي الصَّلَاةِ يُخَالِفُ هَذَا وَبَالَغَ الدَّاوُدِيُّ فَقَالَ حَدِيثُ أَبِي بِشْرٍ يَعْنِي الَّذِي فِي هَذَا الْبَابِ وَهَمٌ وَأَجَابَ عِيَاضٌ بِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ .

     قَوْلُهُ  وَأَنَا بن عَشْرِ سِنِينَ رَاجِعٌ إِلَى حِفْظِ الْقُرْآنِ لَا إِلَى وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَكُونُ تَقْدِيرُ الْكَلَامِ تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم وَقد جمعت الْمُحكم وَأَنا بن عَشْرِ سِنِينَ فَفِيهِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ وَقَدْ قَالَ عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ الْفَلَّاسُ الصَّحِيحُ عِنْدَنَا أَنَّ بن عَبَّاسٍ كَانَ لَهُ عِنْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً قَدِ اسْتَكْمَلَهَا وَنَحْوُهُ لِأَبِي عُبَيْدٍ وَأَسْنَدَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ مُصعب الزبيرِي أَنه كَانَ بن أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَبِهِ جَزَمَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ ثُمَّ حَكَى أَنَّهُ قِيلَ سِتَّ عَشْرَةَ وَحَكَى قَوْلَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَأَوْرَدَ الْبَيْهَقِيُّ عَن أبي الْعَالِيَة عَن بن عَبَّاسٍ قَرَأْتُ الْمُحْكَمَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنا بن ثِنْتَيْ عَشْرَةَ فَهَذِهِ سِتَّةُ أَقْوَالٍ وَلَوْ وَرَدَ إِحْدَى عَشْرَةَ لَكَانَتْ سَبْعَةً لِأَنَّهَا مِنْ عَشْرٍ إِلَى سِتِّ عَشْرَةَ.

.

قُلْتُ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْلُ الزُّبَيْرِ بْنِ بَكَّارٍ وَغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ النَّسَبِ أَن ولادَة بن عَبَّاس كَانَت قبل الهجر بِثَلَاثِ سِنِينَ وَبَنُو هَاشِمٍ فِي الشِّعْبِ وَذَلِكَ قَبْلَ وَفَاةِ أَبِي طَالِبٍ وَنَحْوُهُ لِأَبِي عُبَيْدٍ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ مُخْتَلِفِ الرِّوَايَاتِ إِلَّا سِتَّ عَشْرَةَ وَثِنْتَيْ عَشْرَةَ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَمْ يَثْبُتْ سَنَدُهُ وَالْأَشْهَرُ بِأَنْ يَكُونَ نَاهَزَ الِاحْتِلَامَ لَمَّا قَارَبَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ ثُمَّ بَلَغَ لَمَّا اسْتَكْمَلَهَا وَدَخَلَ فِي الَّتِي بَعْدَهَا فَإِطْلَاقُ خَمْسَ عَشْرَةَ بِالنَّظَرِ إِلَى جَبْرِ الْكَسْرَيْنِ وَإِطْلَاقُ الْعَشْرِ وَالثَّلَاثَ عَشْرَةَ بِالنَّظَرِ إِلَى إِلْغَاءِ الْكَسْرِ وَإِطْلَاقُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ بِجَبْرِ أَحَدِهِمَا وَسَيَأْتِي مَزِيدٌ لِهَذَا فِي بَابِ الْخِتَانِ بَعْدَ الْكِبَرِ مِنْ كِتَابِ الِاسْتِئْذَانِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَاخْتُلِفَ فِي أَوَّلِ الْمُفَصَّلِ مَعَ الِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّهُ آخِرُ جُزْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ عَلَى عَشَرَةِ أَقْوَالٍ ذَكَرْتُهَا فِي بَابِ الْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ فِي الْمَغْرِبِ وَذَكَرْتُ قولا شاذا أَنه جَمِيع الْقُرْآن

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب تَعْلِيمِ الصِّبْيَانِ الْقُرْآنَ
( باب تعليم الصبيان القرآن) لأنه أدعى إلى ثبوته ورسوخه عندهم كما قيل التعليم في الصغر كالنقش في الحجر، وقال بعضهم مما ذكره ابن الجوزي في تنبيه الغمر بمواسم العمر:
إن الغصون إذا قوّمتها اعتدلت ... ولا يلين إذ قوّمته الخشب
قد ينفع الأدب الأحداث في مهل ... وليس ينفع في ذي الشيبة الأدب
وعند ابن سعد بإسناد صحيح أن ابن عباس قال سلوني عن التفسير فإني حفظت القرآن وأنا صغير.
وفي تهذيب النووي أن سفيان بن عيينة حفظ القرآن وهو ابن أربع سنين وقد جاء كراهية تعليم الصبيان القرآن عن سعيد بن جبير وإبراهيم النخعي من جهة حصول الملال له والحق إن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص.


[ قــ :4766 ... غــ : 5035 ]
- حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: إِنَّ الَّذِي تَدْعُونَهُ الْمُفَصَّلَ هُوَ الْمُحْكَمُ قَالَ:.

     وَقَالَ  ابْنُ عَبَّاسٍ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنَا ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ وَقَدْ قَرَأْتُ الْمُحْكَمَ.
[الحديث 5035 - أطرافه في: 5036] .

وبه قال: ( حدّثني) بالإفراد ولأبي ذر حدّثنا ( موسى بن إسماعيل) المنقري قال: ( حدّثنا أبو عوانة) الوضاح بن عبد الله اليشكري ( عن أبي بشر) بكسر الموحدة وسكون المعجمة جعفر بن أبي وحشية إياس اليشكري ( عن سعيد بن جبير قال: كان الذي تدعونه المفصل) بفتح الصاد المهملة المشددة الذي كثرت فصوله من السور وهو من الحجرات إلى آخر القرآن على الصحيح من عشرة أقوال ( هو المحكم) الذي ليس بمنسوخ ( قال) سعيد بن جبير: ( وقال ابن عباس) رضي الله عهما: ( توفي رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأنا ابن عشر سنين وقد قرأت المحكم) .

واستشكل القاضي عياض وأنا ابن عشر بما مر في الصلاة من وجه آخر أنه كان في حجة الوداع ناهز الاحتلام وعنه أنه كان عند الوفاة النبوية ابن خمس عشرة.
وقال الفلاس ابن ثلاث عشرة.
وعند البيهقي أربع عشرة وحكى الشافعي ست عشرة وعند البيهقي أيضًا عنه أنه قال: قرأت المحكم على عهده -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأنا ابن اثنتي عشرة وأجاب عياض باحتمال أن يكون قوله وأنا ابن عشر سنين راجعًا إلى حفظ القرآن لا إلى الوفاة النبوية.
فالتقدير توفي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقد جمعت المحكم وأنا ابن عشر سنين ففيه تقديم وتأخير وتعقبه العيني بأن الجملتين يعني قوله وأنا ابن عشر سنين وقوله وقد قرأت المحكم وقعتا حالين والحال قيد فكيف يقال فيه تقديم وتأخير.
اهـ.

وأجاب في الفتح بأنه يمكن الجمع بين مختلف الروايات بأنه كان حين الوفاة النبوية ابن ثلاث عشرة ودخل في التي بعدها فمن قال خمس عشرة جبر الكسرين ومن قال ثلاث عشرة ألغى الكسر في التي بعدها ومن قال عشرًا ألغى الكسر أصلًا.
اهـ.

وتعقبه العيني فقال لا كسر هنا حتى يجبر أو يلغى لأن الكسر على نوعين:
أصم وهو الذي لا يمكن أن ينطق به إلا بالجزئية كجزء من أحد عشر وجزء من تسعة وعشرين.

ومنطق وهو على أربعة أقسام مفرد وهو من النصف إلى العشر وهي الكسور التسعة ومكرر كثلاثة أسباع وثمانية أتساع ومركب وهو الذي يذكر بالواو العاطفة كنصف وثلث وكربع وتسع ومضاف كنصف عشر وثلث سبع وثمن تسع وقد يتركب من المنطق والأصم كنصف جزء من أحد عشر والظاهر أن الصواب مع الداودي أن رواية الباب وهم.
اهـ.

وأجاب في الانتقاض بأن المراد بجبر الكسر وإلغائه في عبارة أهل الحديث ما زاد على الستة من الشهور وما زاد على عقد العشرة وغيرها من السنين فلما لم يعرف العيني هذا الاصطلاح جنح لمحبته في الاعتراض إلى تفسير الكسر في اصطلاح أهل الحساب وعلى تقدير تسليم ما صوّبه من كلام الداودي من أن رواية عشر سنين وهم فماذا يصنع في بقية الاختلاف.
اهـ.

حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- جَمَعْتُ الْمُحْكَمَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقُلْتُ لَهُ وَمَا الْمُحْكَمُ قَالَ: الْمُفَصَّلُ.

وبه قال: ( حدّثنا) ولأبي الوقت حدّثني بالإفراد ( يعقوب بن إبراهيم) بن كثير الدورقي البغدادي الحافظ قال: ( حدّثنا هشيم) بضم الهاء وفتح المعجمة ابن بشير بوزن عظيم أبو معاوية السلمي الواسطي حافظ بغداد قال: ( أخبرنا أبو بشر) جعفر بن أبي وحشية ( عن سعيد بن جبير عن ابن عباس -رضي الله عنهما-) أنه قال: ( جمعت المحكم) الذي ليس بمنسوخ ( في عهد رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) قال ابن جبير ( فقلت له) لابن عباس ( وما المحكم قال المفصل) بالصاد المهملة السور التي كثرت فصولها وفي الرواية الأولى أن تفسير المفصل بالمحكم من كلام ابن جبير قال الحافظ ابن حجر وهو دال على أن الضمير في قوله في الرواية الأخرى فقلت له وما المحكم لسعيد بن جبير وفاعل قلت هو أبي بشر بخلاف ما يتبادر أن الضمير لابن عباس وفاعل فقلت سعيد بن جبير.
اهـ.

وتعقبه العيني فقال هذا تصرف واهٍ لأن الظاهر من السياق أن السائل سعيد والمجيب ابن عباس ولا يستلزم كون سعيد فسر المفصل في الحديث واحد جاء من طريقين مجملًا ومبيّنًا فمن الذي توقف أن يفسر المجمل بالمبين.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ تعْليم الصِّبْيان القُرْآنَ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان جَوَاز تَعْلِيم الصّبيان الْقُرْآن، وَكَأَنَّهُ أَشَارَ بذلك إِلَى الرَّد على من كره ذَلِك، وَقد جَاءَت كَرَاهِيَة ذَلِك عَن سعيد بن جُبَير وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ، رَوَاهُ ابْن أبي دَاوُد عَنْهُمَا، فَلفظ سعيد بن جُبَير: كَانُوا يحبونَ أَن يكون يقْرَأ الصَّبِي بعد حِين، مَعْنَاهُ: أَن يتْرك الصَّبِي أَولا مرفها ثمَّ يُؤخذ بالجد على التدريج، وَلَفظ إِبْرَاهِيم: كَانُوا يكْرهُونَ أَن يعلم الْغُلَام الْقُرْآن حَتَّى يعقل.

[ قــ :4766 ... غــ :5035 ]
- حدَّثنا مُوسَى بنُ إسْماعِيلَ حَدثنَا أبُو عَوَانَةَ عنْ أبي بشْرٍ عنْ سَعِيدِ بنِ جُبَيْرٍ قَالَ: إنَّ الَّذي تَدْعُونَهُ المُفَضَّلَ هُوَ المُحْكَمُ، قَالَ:.

     وَقَالَ  ابنُ عَبْاسٍ، تُوُفِّيَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَأَنا ابنُ عَشْرِ سِنِينَ وقَدْ قرَأْتُ المُحْكَمَ.

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، قَرَأَ الْمُحكم من الْقُرْآن وعمره عشر سِنِين، وَيُطلق عَلَيْهِ الْغُلَام، كَمَا ذَكرْنَاهُ عَن قريب.

وَأخرجه عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل الْمنْقري الَّذِي يُقَال لَهُ التَّبُوذَكِي عَن أبي عوَانَة، بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة الوضاح ابْن عبد الله الْيَشْكُرِي الوَاسِطِيّ عَن أبي بشر، بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة: جَعْفَر بن أبي وحشية إِيَاس الْيَشْكُرِي الوَاسِطِيّ إِلَى آخِره.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا عَن يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم عَن هشيم.

قَوْله: ( قَرَأَ الْمُحكم) وَهُوَ الَّذِي لَا نسخ فِيهِ، وَيُطلق الْمُحكم على ضد الْمُتَشَابه فِي اصْطِلَاح أهل الْأُصُول، وَهَذَا سعيد بن جُبَير فسر الْمفصل بالمحكم، وَغَيره فسره بِأَنَّهُ من الحجرات إِلَى آخر الْقُرْآن على الصَّحِيح، وَسمي بِالْفَصْلِ للسور الَّتِي كثرت فصولها فِيهِ.
قَوْله: ( وَأَنا ابْن عشر سِنِين) ، وَقد اخْتلف فِيهِ، فَفِي رِوَايَة البُخَارِيّ فِي الصَّلَاة من وَجه آخر: أَنه كَانَ فِي حجَّة الْوَدَاع قد ناهز الِاحْتِلَام، وَفِي رِوَايَة أبي إِسْحَاق عَن سعيد بن جُبَير عَنهُ: قبض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا ختين وَكَانُوا لَا يخنتون الْغُلَام حَتَّى يدْرك، وَفِي لفظ: ( وَأَنا ابْن خمس عشرَة سنة) ..
     وَقَالَ  ابْن حبَان: وَهُوَ ابْن أَربع عشرَة سنة،.

     وَقَالَ  عَمْرو بن على: الصَّحِيح عندنَا أَنه لما توفّي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ قد استوفي ثَلَاث عشرَة وَدخل فِي أَربع عشرَة، وَقد اسْتشْكل عِيَاض قَول ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، توفّي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا ابْن عشر سِنِين،.

     وَقَالَ  الْإِسْمَاعِيلِيّ: هَذَا يُخَالف الَّذِي مضى فِي الصَّلَاة، وَبَالغ الدَّاودِيّ فِي هَذَا فَقَالَ: حَدِيث أبي بشر الَّذِي فِي هَذَا الْبابُُ وهم وَأجَاب عِيَاض بِأَنَّهُ يحْتَمل أَن يكون قَوْله: أونا ابْن عشر سِنِين، رَاجعا إِلَى حفظ الْقُرْآن لَا إِلَى وَفَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَيكون تَقْدِير الْكَلَام توفّي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد جمعت الْمُحكم وَأَنا ابْن عشر سِنِين، فَفِيهِ تَقْدِيم وَتَأْخِير.
انْتهى.
قلت: الجملتان: أَعنِي قَوْله: ( وَأَنا ابْن عشر سِنِين) ، وَقَوله: ( وَقد قَرَأت الْمُحكم) وقعتا حَالين وَالْحَال قيد فَكيف يُقَال فِيهِ تَقْدِيم وتأخيره؟.

     وَقَالَ  بَعضهم: وَيُمكن الْجمع بَين مُخْتَلف الرِّوَايَات بِأَن كَون ناهز الِاحْتِلَام لما قَارب ثَلَاث عشرَة ثمَّ بلغ لما استكملها وَدخل فِي الَّتِي بعْدهَا، وَإِطْلَاق خمس عشرَة بِالنّظرِ إِلَى جبر الْكسر، وَإِطْلَاق الْعشْر بِالنّظرِ إِلَى إِلْغَاء الْكسر انْتهى.
قلت: لَا كسر هُنَا حَتَّى يجْبر أَو يلغى لِأَن الْكسر على نَوْعَيْنِ: أَصمّ وَهُوَ الَّذِي لَا يُمكن أَن ينْطق بِهِ إِلَّا بالجزئية كجزء من أحد عشر وجزء من تِسْعَة وَعشْرين، ومنطق وَهُوَ على أَرْبَعَة أَقسَام: مُفْرد وَهُوَ من النّصْف إِلَى الْعشْر وَهِي الكسور التِّسْعَة، ومكرر كثلاثة أَسْبَاع وَثَمَانِية أتساع، ومركب وَهُوَ الَّذِي يذكر بِالْوَاو العاطفة: كَنِصْف وَثلث وكربع وتسع، وضاف كَنِصْف عشر وَثلث سبع وَثمن تسع، وَقد يتركب من الْمنطق والأصم: كَنِصْف جُزْء من أحد عشر، وَالظَّاهِر أَنه الصَّوَاب مَعَ الدَّاودِيّ، وَالله أعلم.