هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4737 حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ ، قَالَ : سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : مَنْ جَمَعَ القُرْآنَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ : أَرْبَعَةٌ ، كُلُّهُمْ مِنَ الأَنْصَارِ : أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ ، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ ، وَأَبُو زَيْدٍ تَابَعَهُ الفَضْلُ ، عَنْ حُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ ، عَنْ ثُمَامَةَ ، عَنْ أَنَسٍ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4737 حدثنا حفص بن عمر ، حدثنا همام ، حدثنا قتادة ، قال : سألت أنس بن مالك رضي الله عنه : من جمع القرآن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال : أربعة ، كلهم من الأنصار : أبي بن كعب ، ومعاذ بن جبل ، وزيد بن ثابت ، وأبو زيد تابعه الفضل ، عن حسين بن واقد ، عن ثمامة ، عن أنس
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Qatada:

I asked Anas bin Malik: Who collected the Qur'an at the time of the Prophet (ﷺ) ? He replied, Four, all of whom were from the Ansar: Ubai bin Ka`b, Mu`adh bin Jabal, Zaid bin Thabit and Abu Zaid.

":"ہم سے حفص بن عمر بن غیاث نے بیان کیا ، کہا ہم سے ہمام بن یحییٰ نے بیان کیا ، کہا ہم سے قتادہ نے بیان کیا ، کہا کہمیں نے حضرت انس بن مالک رضی اللہ عنہ سے پوچھا کہ رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم کے زمانہ میں قرآن کو کن لوگوں نے جمع کیا تھا ، انہوں نے بتلایا کہ چار صحابیوں نے ، یہ چاروں قبیلہ انصار سے ہیں ۔ ابی بن کعب ، معاذبن جبل ، زید بن ثابت اور ابوزید ۔ اس روایت کی متابعت فضل نے حسین بن واقد سے کی ہے ۔ ان سے ثمامہ نے اور ان سے حضرت انس رضی اللہ عنہ نے ۔

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [5003] .

     قَوْلُهُ  سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ مَنْ جَمَعَ الْقُرْآنَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَرْبَعَةٌ كُلُّهُمْ مِنَ الْأَنْصَارِ فِي رِوَايَةِ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ فِي أَوَّلِ الْحَدِيثِ افْتَخَرَ الْحَيَّانِ الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ فَقَالَ الْأَوْسُ مِنَّا أَرْبَعَةٌ مَنِ اهْتَزَّ لَهُ الْعَرْشُ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ وَمَنْ عَدَلَتْ شَهَادَتُهُ شَهَادَةَ رَجُلَيْنِ خُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ وَمَنْ غَسَّلَتْهُ الْمَلَائِكَةُ حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي عَامِرٍ وَمَنْ حَمَتْهُ الدَّبْرُ عَاصِمُ بْنُ ثَابِتٍ فَقَالَ الْخَزْرَجُ مِنَّا أَرْبَعَةٌ جَمَعُوا الْقُرْآنَ لَمْ يَجْمَعْهُ غَيْرُهُمْ فَذَكَرَهُمْ .

     قَوْلُهُ  وَأَبُو زَيْدٍ تَقَدَّمَ فِي مَنَاقِبَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ.

.

قُلْتُ لِأَنَسٍ مَنْ أَبُو زَيْدٍ قَالَ أَحَدُ عُمُومَتِي وَتَقَدَّمَ بَيَانُ الِاخْتِلَافِ فِي اسْمِ أَبِي زَيْدٍ هُنَاكَ وَجَوَّزْتُ هُنَاكَ أَنْ لَا يَكُونَ لِقَوْلِ أَنَسٍ أَرْبَعَةٌ مَفْهُومٌ لَكِنَّ رِوَايَةَ سَعِيدٍ الَّتِي ذَكَرْتُهَا الْآنَ مِنْ عِنْدِ الطَّبَرِيِّ صَرِيحَةٌ فِي الْحَصْرِ وَسَعِيدٌ ثَبْتٌ فِي قَتَادَةَ وَيُحْتَمَلُ مَعَ ذَلِكَ أَنَّ مُرَادَ أَنَسٍ لَمْ يَجْمَعْهُ غَيْرُهُمْ أَيْ مِنَ الْأَوْسِ بِقَرِينَةِ الْمُفَاخَرَةِ الْمَذْكُورَةِ وَلَمْ يُرِدْ نَفْيَ ذَلِكَ عَنِ الْمُهَاجِرِينَ ثُمَّ فِي رِوَايَةِ سَعِيدٍ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الْخَزْرَجِ وَلَمْ يُفْصِحْ بِاسْمِ قَائِلِ ذَلِكَ لَكِنْ لَمَّا أَوْرَدَهُ أَنَسٌ وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ كَانَ كَأَنَّهُ قَائِلٌ بِهِ وَلَا سِيَّمَا وَهُوَ مِنَ الْخَزْرَجِ وَقَدْ أَجَابَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ حَدِيثِ أَنَسٍ هَذَا بِأَجْوِبَةٍ أَحَدُهَا أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لَهُ فَلَا يَلْزَمُ أَنْ لَا يَكُونَ غَيْرُهُمْ جَمَعَهُ ثَانِيهَا الْمُرَادُ لَمْ يَجْمَعْهُ عَلَى جَمِيعِ الْوُجُوه والقراآت الَّتِي نَزَلَ بِهَا إِلَّا أُولَئِكَ ثَالِثُهَا لَمْ يَجْمَعْ مَا نُسِخَ مِنْهُ بَعْدَ تِلَاوَتِهِ وَمَا لَمْ يُنْسَخْ إِلَّا أُولَئِكَ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنَ الثَّانِي رَابِعُهَا أَنَّ الْمُرَادَ بِجَمْعِهِ تَلَقِّيهِ مِنْ فِيِّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا بِوَاسِطَةٍ بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ تَلَقَّى بَعْضَهُ بِالْوَاسِطَةِ خَامِسُهَا أَنَّهُمْ تَصَدَّوْا لِإِلْقَائِهِ وَتَعْلِيمِهِ فَاشْتُهِرُوا بِهِ وَخَفِيَ حَالُ غَيْرِهِمْ عَمَّنْ عُرِفَ حَالُهُمْ فَحَصَرَ ذَلِكَ فِيهِمْ بِحَسَبِ عِلْمِهِ وَلَيْسَ الْأَمْرُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ كَذَلِكَ أَوْ يَكُونُ السَّبَبُ فِي خَفَائِهِمْ أَنَّهُمْ خَافُوا غَائِلَةَ الرِّيَاءِ وَالْعُجْبِ وَأَمِنَ ذَلِكَ مَنْ أَظْهَرَهُ سَادِسُهَا المُرَاد الْمُرَادُ بِالْجَمْعِ الْكِتَابَةُ فَلَا يَنْفِي أَنْ يَكُونَ غَيْرُهُمْ جَمَعَهُ حِفْظًا عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ.

.
وَأَمَّا هَؤُلَاءِ فَجَمَعُوهُ كِتَابَةً وَحَفِظُوهُ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ سَابِعُهَا الْمُرَادُ أَنَّ أَحَدًا لَمْ يُفْصِحْ بِأَنَّهُ جَمَعَهُ بِمَعْنَى أَكْمَلَ حِفْظَهُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا أُولَئِكَ بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ فَلَمْ يُفْصِحْ بِذَلِكَ لِأَنَّ أَحَدًا مِنْهُمْ لَمْ يُكْمِلْهُ إِلَّا عِنْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ نَزَلَتْ آخِرُ آيَةٍ مِنْهُ فَلَعَلَّ هَذِهِ الْآيَةَ الْأَخِيرَةَ وَمَا أَشْبَهَهَا مَا حَضَرَهَا إِلَّا أُولَئِكَ الْأَرْبَعَةَ مِمَّنْ جَمَعَ جَمِيعَ الْقُرْآنِ قَبْلَهَا وَإِنْ كَانَ قَدْ حَضَرَهَا مَنْ لَمْ يَجْمَعْ غَيْرَهَا الْجَمْعَ الْبَيِّنَ ثَامِنُهَا أَنَّ الْمُرَادَ بِجَمْعِهِ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ لَهُ وَالْعَمَلُ بِمُوجَبِهِ وَقَدْ أَخْرَجَ أَحْمَدُ فِي الزُّهْدِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ أَنَّ رَجُلًا أَتَى أَبَا الدَّرْدَاءِ فَقَالَ إِنَّ ابْنِي جَمَعَ الْقُرْآنَ فَقَالَ اللَّهُمَّ غَفْرًا إِنَّمَا جَمَعَ الْقُرْآنَ مَنْ سَمِعَ لَهُ وَأَطَاعَ وَفِي غَالِبِ هَذِهِ الِاحْتِمَالَاتِ تَكَلُّفٌ وَلَا سِيَّمَا الْأَخِيرُ وَقَدْ أَوْمَأْتُ قَبْلَ هَذَا إِلَى احْتِمَالٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ إِثْبَاتُ ذَلِكَ لِلْخَزْرَجِ دُونَ الْأَوْسِ فَقَطْ فَلَا يَنْفِي ذَلِكَ عَنْ غَيْرِ الْقَبِيلَتَيْنِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَمَنْ جَاءَ بَعْدَهُمْ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ إِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِمْ أَنَسٌ لِتَعَلُّقِ غَرَضِهِ بِهِمْ وَلَا يَخْفَى بُعْدُهُ وَالَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَثِيرٍ مِنَ الْأَحَادِيثِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يَحْفَظُ الْقُرْآنَ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْمَبْعَثِ أَنَّهُ بَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ فَكَانَ يَقْرَأُ فِيهِ الْقُرْآنَ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا كَانَ نَزَلَ مِنْهُ إِذْ ذَاكَ وَهَذَا مِمَّا لَا يُرْتَابُ فِيهِمَعَ شِدَّةِ حِرْصِ أَبِي بَكْرٍ عَلَى تَلَقِّي الْقُرْآنِ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفَرَاغِ بَالِهِ لَهُ وَهُمَا بِمَكَّةَ وَكَثْرَةِ مُلَازَمَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ حَتَّى قَالَتْ عَائِشَةُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْهِجْرَةِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْتِيهِمْ بُكْرَةً وَعَشِيَّةً وَقَدْ صَحَّحَ مُسْلِمٌ حَدِيثَ يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ وَتَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أَبَا بَكْرٍ أَنْ يَؤُمَّ فِي مَكَانِهِ لَمَّا مَرِضَ فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ أَقْرَأَهُمْ وَتَقَدَّمَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ جَمَعَ الْقُرْآنَ عَلَى تَرْتِيبِ النُّزُولِ عَقِبَ مَوْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ جَمَعْتُ الْقُرْآنَ فَقَرَأْتُ بِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ اقْرَأْهُ فِي شَهْرٍ الْحَدِيثَ وَأَصْلُهُ فِي الصَّحِيحِ وَتَقَدَّمَ فِي الحَدِيث الَّذِي مضى ذكر بن مَسْعُودٍ وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ وَكُلُّ هَؤُلَاءِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو عُبَيْدٍ الْقُرَّاءَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَدَّ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الْخُلَفَاءَ الْأَرْبَعَةَ وَطَلْحَةَ وَسَعْدًا وبن مَسْعُودٍ وَحُذَيْفَةَ وَسَالِمًا وَأَبَا هُرَيْرَةَ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ السَّائِبِ وَالْعَبَادِلَةَ وَمِنَ النِّسَاءِ عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ وَلَكِنَّ بَعْضَ هَؤُلَاءِ إِنَّمَا أَكْمَلَهُ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا يَرُدُّ عَلَى الْحَصْرِ الْمَذْكُورِ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ وعد بن أَبِي دَاوُدَ فِي كِتَابِ الشَّرِيعَةِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ أَيْضًا تَمِيمَ بْنَ أَوْسٍ الدَّارِيَّ وَعُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ وَمِنَ الْأَنْصَارِ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ وَمُعَاذًا الَّذِي يُكَنَّى أَبَا حَلِيمَةَ وَمُجْمِّعَ بْنَ حَارِثَةَ وَفَضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ وَمَسْلَمَةَ بْنَ مَخْلَدٍ وَغَيْرَهُمْ وَصَرَّحَ بِأَنَّ بَعْضَهُمْ إِنَّمَا جَمَعَهُ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِمَّنْ جَمَعَهُ أَيْضًا أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ ذَكَرَهُ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ وَعَدَّ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنَ الْقُرَّاءِ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَسَعْدَ بْنَ عَبَّادٍ وَأُمَّ وَرَقَةَ .

     قَوْلُهُ  تَابَعَهُ الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى عَنْ حُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ عَنْ ثُمَامَةَ عَنْ أَنَسٍ هَذَا التَّعْلِيقُ وَصَلَهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ الْفَضْلِ بْنِ مُوسَى بِهِ ثُمَّ أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُثَنَّى حَدَّثَنِي ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ وَثُمَامَةُ عَنْ أَنَسٍ قَالَ مَاتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَجْمَعِ الْقُرْآنَ غَيْرُ أَرْبَعَةٍ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فَخَالَفَ رِوَايَةَ قَتَادَةَ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا التَّصْرِيحُ بِصِيغَةِ الْحَصْرِ فِي الْأَرْبَعَةِ ثَانِيهِمَا ذِكْرُ أَبِي الدَّرْدَاءِ بَدَلَ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فَأَمَّا الْأَوَّلُ فَقَدْ تَقَدَّمَ الْجَوَابُ عَنْهُ مِنْ عِدَّةِ أَوْجُهٍ وَقَدِ اسْتَنْكَرَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ قَالَ الْمَازَرِيُّ لَا يَلْزَمُ مِنْ قَوْلِ أَنَسٍ لَمْ يَجْمَعْهُ غَيْرُهُمْ أَنْ يَكُونَ الْوَاقِعُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ كَذَلِكَ لِأَنَّ التَّقْدِير أَنه لَا يَعْلَمُ أَنَّ سِوَاهُمْ جَمَعَهُ وَإِلَّا فَكَيْفَ الْإِحَاطَةُ بِذَلِكَ مَعَ كَثْرَةِ الصَّحَابَةِ وَتَفَرُّقِهِمْ فِي الْبِلَادِ وَهَذَا لَا يَتِمُّ إِلَّا إِنْ كَانَ لَقِيَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى انْفِرَادِهِ وَأَخْبَرَهُ عَنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ لَمْ يَكْمُلْ لَهُ جَمْعُ الْقُرْآنَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا فِي غَايَةِ الْبُعْدِ فِي الْعَادَةِ وَإِذَا كَانَ الْمَرْجِعُ إِلَى مَا فِي عِلْمِهِ لَمْ يَلْزَمْ أَنْ يَكُونَ الْوَاقِعُ كَذَلِكَ قَالَ وَقَدْ تَمَسَّكَ بِقَوْلِ أَنَسٍ هَذَا جَمَاعَةٌ مِنَ الْمَلَاحِدَةِ وَلَا مُتَمَسَّكَ لَهُمْ فِيهِ فَإِنَّا لَا نُسَلِّمُ حَمْلَهُ عَلَى ظَاهِرِهِ سَلَّمْنَاهُ وَلَكِنْ مِنْ أَيْنَ لَهُمْ أَنَّ الْوَاقِعَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ كَذَلِكَ سَلَّمْنَاهُ لَكِنْ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْجَمِّ الْغَفِيرِ لَمْ يَحْفَظْهُ كُلَّهُ أَنْ لَا يَكُونَ حَفِظَ مَجْمُوعَهُ الْجَمُّ الْغَفِيرُ وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِ التَّوَاتُرِ أَنْ يَحْفَظَ كُلُّ فَرْدٍ جَمِيعَهُ بَلْ إِذَا حَفِظَ الْكُلُّ الْكُلَّ وَلَوْ عَلَى التَّوْزِيعِ كَفَى وَاسْتَدَلَّ الْقُرْطُبِيُّ عَلَى ذَلِكَ بِبَعْضِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ قُتِلَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ سَبْعُونَ مِنَ الْقُرَّاءِ وَقُتِلَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبِئْرِ مَعُونَةَ مِثْلُ هَذَا الْعَدَدِ قَالَ وَإِنَّمَا خَصَّ أَنَسٌ الْأَرْبَعَةَ بِالذِّكْرِ لِشِدَّةِ تَعَلُّقِهِ بِهِمْ دُونَ غَيْرِهِمْ أَوْ لِكَوْنِهِمْ كَانُوا فِي ذِهْنِهِ دُونَ غَيْرِهِمْ.

.
وَأَمَّا الْوَجْهُ الثَّانِي مِنَ الْمُخَالَفَةِ فَقَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ هَذَانِ الْحَدِيثَانِ مُخْتَلِفَانِ وَلَا يَجُوزَانِ فِي الصَّحِيح مَعَ تباينهما بل الصَّحِيحُ أَحَدُهُمَا وَجَزَمَ الْبَيْهَقِيُّ بِأَنَّ ذِكْرَ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَهْمٌ وَالصَّوَابُ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ.

     وَقَالَ  الدَّاوُدِيُّ لَا أَرَى ذِكْرَ أَبِي الدَّرْدَاءِ مَحْفُوظًا.

.

قُلْتُ وَقَدْ أَشَارَ الْبُخَارِيُّ إِلَى عَدَمِ التَّرْجِيحِ بِاسْتِوَاءِ الطَّرَفَيْنِ فَطَرِيقُ قَتَادَةَ عَلَى شَرْطِهِ وَقَدْ وَافَقَهُ عَلَيْهَا ثُمَامَةُ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ وَطَرِيقُ ثَابِتٍ أَيْضًا عَلَى شَرْطِهِ وَقَدْ وَافَقَهُ عَلَيْهَا أَيْضًا ثُمَامَةُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى لَكِنَّ مَخْرَجَ الرِّوَايَةِ عَنْ ثَابِتٍ وَثُمَامَةُ بِمُوَافَقَتِهِوَقَدْ وَقَعَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُثَنَّى وَفِيهِ مَقَالٌ وَإِنْ كَانَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ مَقْبُولًا لَكِنْ لَا تُعَادِلُ رِوَايَتُهُ رِوَايَةَ قَتَادَةَ وَيُرَجِّحُ رِوَايَةَ قَتَادَةَ حَدِيثُ عُمَرَ فِي ذِكْرِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَهُوَ خَاتِمَةُ أَحَادِيثِ الْبَابِ وَلَعَلَّ الْبُخَارِيَّ أَشَارَ بِإِخْرَاجِهِ إِلَى ذَلِكَ لِتَصْرِيحِ عُمَرَ بترجيحه فِي الْقِرَاءَةِ عَلَى غَيْرِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَنَسٌ حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ فِي وَقْتَيْنِ فَذَكَرَهُ مَرَّةً أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ وَمَرَّةً بَدَّلَهُ أَبَا الدَّرْدَاءِ وَقد روى بن أَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ قَالَ جَمَعَ الْقُرْآنَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَعُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ وَأَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ مَعَ إِرْسَالِهِ وَهُوَ شَاهِدٌ جَيِّدٌ لِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُثَنَّى فِي ذِكْرِ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَإِنْ خَالَفَهُ فِي الْعَدَدِ وَالْمَعْدُودِ وَمِنْ طَرِيقِ الشَّعْبِيِّ قَالَ جَمَعَ الْقُرْآنَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِتَّةٌ مِنْهُمْ أَبُو الدَّرْدَاءِ وَمُعَاذٌ وَأَبُو زَيْدٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَهَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةُ هُمُ الَّذِينَ ذُكِرُوا فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُثَنَّى وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ مَعَ إِرْسَالِهِ فَلِلَّهِ دَرُّ الْبُخَارِيِّ مَا أَكْثَرَ اطِّلَاعَهُ وَقَدْ تَبَيَّنَ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ الْمُرْسَلَةِ قُوَّةُ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُثَنَّى وَأَنَّ لِرِوَايَتِهِ أَصْلًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

     وَقَالَ  الْكِرْمَانِيُّ لَعَلَّ السَّامِعَ كَانَ يَعْتَقِدُ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةَ لَمْ يَجْمَعُوا وَكَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ مِمَّنْ جَمَعَ فَقَالَ أَنَسٌ ذَلِكَ رَدًّا عَلَيْهِ وَأَتَى بِصِيغَةِ الْحَصْرِ ادِّعَاءً وَمُبَالَغَةً وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ النَّفْيُ عَنْ غَيْرِهِمْ بِطَرِيقِ الْحَقِيقَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [ قــ :4737 ... غــ :5003] .

     قَوْلُهُ  سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ مَنْ جَمَعَ الْقُرْآنَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَرْبَعَةٌ كُلُّهُمْ مِنَ الْأَنْصَارِ فِي رِوَايَةِ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ فِي أَوَّلِ الْحَدِيثِ افْتَخَرَ الْحَيَّانِ الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ فَقَالَ الْأَوْسُ مِنَّا أَرْبَعَةٌ مَنِ اهْتَزَّ لَهُ الْعَرْشُ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ وَمَنْ عَدَلَتْ شَهَادَتُهُ شَهَادَةَ رَجُلَيْنِ خُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ وَمَنْ غَسَّلَتْهُ الْمَلَائِكَةُ حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي عَامِرٍ وَمَنْ حَمَتْهُ الدَّبْرُ عَاصِمُ بْنُ ثَابِتٍ فَقَالَ الْخَزْرَجُ مِنَّا أَرْبَعَةٌ جَمَعُوا الْقُرْآنَ لَمْ يَجْمَعْهُ غَيْرُهُمْ فَذَكَرَهُمْ .

     قَوْلُهُ  وَأَبُو زَيْدٍ تَقَدَّمَ فِي مَنَاقِبَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ.

.

قُلْتُ لِأَنَسٍ مَنْ أَبُو زَيْدٍ قَالَ أَحَدُ عُمُومَتِي وَتَقَدَّمَ بَيَانُ الِاخْتِلَافِ فِي اسْمِ أَبِي زَيْدٍ هُنَاكَ وَجَوَّزْتُ هُنَاكَ أَنْ لَا يَكُونَ لِقَوْلِ أَنَسٍ أَرْبَعَةٌ مَفْهُومٌ لَكِنَّ رِوَايَةَ سَعِيدٍ الَّتِي ذَكَرْتُهَا الْآنَ مِنْ عِنْدِ الطَّبَرِيِّ صَرِيحَةٌ فِي الْحَصْرِ وَسَعِيدٌ ثَبْتٌ فِي قَتَادَةَ وَيُحْتَمَلُ مَعَ ذَلِكَ أَنَّ مُرَادَ أَنَسٍ لَمْ يَجْمَعْهُ غَيْرُهُمْ أَيْ مِنَ الْأَوْسِ بِقَرِينَةِ الْمُفَاخَرَةِ الْمَذْكُورَةِ وَلَمْ يُرِدْ نَفْيَ ذَلِكَ عَنِ الْمُهَاجِرِينَ ثُمَّ فِي رِوَايَةِ سَعِيدٍ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الْخَزْرَجِ وَلَمْ يُفْصِحْ بِاسْمِ قَائِلِ ذَلِكَ لَكِنْ لَمَّا أَوْرَدَهُ أَنَسٌ وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ كَانَ كَأَنَّهُ قَائِلٌ بِهِ وَلَا سِيَّمَا وَهُوَ مِنَ الْخَزْرَجِ وَقَدْ أَجَابَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ حَدِيثِ أَنَسٍ هَذَا بِأَجْوِبَةٍ أَحَدُهَا أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لَهُ فَلَا يَلْزَمُ أَنْ لَا يَكُونَ غَيْرُهُمْ جَمَعَهُ ثَانِيهَا الْمُرَادُ لَمْ يَجْمَعْهُ عَلَى جَمِيعِ الْوُجُوه والقراآت الَّتِي نَزَلَ بِهَا إِلَّا أُولَئِكَ ثَالِثُهَا لَمْ يَجْمَعْ مَا نُسِخَ مِنْهُ بَعْدَ تِلَاوَتِهِ وَمَا لَمْ يُنْسَخْ إِلَّا أُولَئِكَ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنَ الثَّانِي رَابِعُهَا أَنَّ الْمُرَادَ بِجَمْعِهِ تَلَقِّيهِ مِنْ فِيِّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا بِوَاسِطَةٍ بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ تَلَقَّى بَعْضَهُ بِالْوَاسِطَةِ خَامِسُهَا أَنَّهُمْ تَصَدَّوْا لِإِلْقَائِهِ وَتَعْلِيمِهِ فَاشْتُهِرُوا بِهِ وَخَفِيَ حَالُ غَيْرِهِمْ عَمَّنْ عُرِفَ حَالُهُمْ فَحَصَرَ ذَلِكَ فِيهِمْ بِحَسَبِ عِلْمِهِ وَلَيْسَ الْأَمْرُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ كَذَلِكَ أَوْ يَكُونُ السَّبَبُ فِي خَفَائِهِمْ أَنَّهُمْ خَافُوا غَائِلَةَ الرِّيَاءِ وَالْعُجْبِ وَأَمِنَ ذَلِكَ مَنْ أَظْهَرَهُ سَادِسُهَا المُرَاد الْمُرَادُ بِالْجَمْعِ الْكِتَابَةُ فَلَا يَنْفِي أَنْ يَكُونَ غَيْرُهُمْ جَمَعَهُ حِفْظًا عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ.

.
وَأَمَّا هَؤُلَاءِ فَجَمَعُوهُ كِتَابَةً وَحَفِظُوهُ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ سَابِعُهَا الْمُرَادُ أَنَّ أَحَدًا لَمْ يُفْصِحْ بِأَنَّهُ جَمَعَهُ بِمَعْنَى أَكْمَلَ حِفْظَهُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا أُولَئِكَ بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ فَلَمْ يُفْصِحْ بِذَلِكَ لِأَنَّ أَحَدًا مِنْهُمْ لَمْ يُكْمِلْهُ إِلَّا عِنْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ نَزَلَتْ آخِرُ آيَةٍ مِنْهُ فَلَعَلَّ هَذِهِ الْآيَةَ الْأَخِيرَةَ وَمَا أَشْبَهَهَا مَا حَضَرَهَا إِلَّا أُولَئِكَ الْأَرْبَعَةَ مِمَّنْ جَمَعَ جَمِيعَ الْقُرْآنِ قَبْلَهَا وَإِنْ كَانَ قَدْ حَضَرَهَا مَنْ لَمْ يَجْمَعْ غَيْرَهَا الْجَمْعَ الْبَيِّنَ ثَامِنُهَا أَنَّ الْمُرَادَ بِجَمْعِهِ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ لَهُ وَالْعَمَلُ بِمُوجَبِهِ وَقَدْ أَخْرَجَ أَحْمَدُ فِي الزُّهْدِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ أَنَّ رَجُلًا أَتَى أَبَا الدَّرْدَاءِ فَقَالَ إِنَّ ابْنِي جَمَعَ الْقُرْآنَ فَقَالَ اللَّهُمَّ غَفْرًا إِنَّمَا جَمَعَ الْقُرْآنَ مَنْ سَمِعَ لَهُ وَأَطَاعَ وَفِي غَالِبِ هَذِهِ الِاحْتِمَالَاتِ تَكَلُّفٌ وَلَا سِيَّمَا الْأَخِيرُ وَقَدْ أَوْمَأْتُ قَبْلَ هَذَا إِلَى احْتِمَالٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ إِثْبَاتُ ذَلِكَ لِلْخَزْرَجِ دُونَ الْأَوْسِ فَقَطْ فَلَا يَنْفِي ذَلِكَ عَنْ غَيْرِ الْقَبِيلَتَيْنِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَمَنْ جَاءَ بَعْدَهُمْ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ إِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِمْ أَنَسٌ لِتَعَلُّقِ غَرَضِهِ بِهِمْ وَلَا يَخْفَى بُعْدُهُ وَالَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَثِيرٍ مِنَ الْأَحَادِيثِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يَحْفَظُ الْقُرْآنَ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْمَبْعَثِ أَنَّهُ بَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ فَكَانَ يَقْرَأُ فِيهِ الْقُرْآنَ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا كَانَ نَزَلَ مِنْهُ إِذْ ذَاكَ وَهَذَا مِمَّا لَا يُرْتَابُ فِيهِ مَعَ شِدَّةِ حِرْصِ أَبِي بَكْرٍ عَلَى تَلَقِّي الْقُرْآنِ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفَرَاغِ بَالِهِ لَهُ وَهُمَا بِمَكَّةَ وَكَثْرَةِ مُلَازَمَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ حَتَّى قَالَتْ عَائِشَةُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْهِجْرَةِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْتِيهِمْ بُكْرَةً وَعَشِيَّةً وَقَدْ صَحَّحَ مُسْلِمٌ حَدِيثَ يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ وَتَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أَبَا بَكْرٍ أَنْ يَؤُمَّ فِي مَكَانِهِ لَمَّا مَرِضَ فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ أَقْرَأَهُمْ وَتَقَدَّمَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ جَمَعَ الْقُرْآنَ عَلَى تَرْتِيبِ النُّزُولِ عَقِبَ مَوْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ جَمَعْتُ الْقُرْآنَ فَقَرَأْتُ بِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ اقْرَأْهُ فِي شَهْرٍ الْحَدِيثَ وَأَصْلُهُ فِي الصَّحِيحِ وَتَقَدَّمَ فِي الحَدِيث الَّذِي مضى ذكر بن مَسْعُودٍ وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ وَكُلُّ هَؤُلَاءِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو عُبَيْدٍ الْقُرَّاءَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَدَّ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الْخُلَفَاءَ الْأَرْبَعَةَ وَطَلْحَةَ وَسَعْدًا وبن مَسْعُودٍ وَحُذَيْفَةَ وَسَالِمًا وَأَبَا هُرَيْرَةَ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ السَّائِبِ وَالْعَبَادِلَةَ وَمِنَ النِّسَاءِ عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ وَلَكِنَّ بَعْضَ هَؤُلَاءِ إِنَّمَا أَكْمَلَهُ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا يَرُدُّ عَلَى الْحَصْرِ الْمَذْكُورِ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ وعد بن أَبِي دَاوُدَ فِي كِتَابِ الشَّرِيعَةِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ أَيْضًا تَمِيمَ بْنَ أَوْسٍ الدَّارِيَّ وَعُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ وَمِنَ الْأَنْصَارِ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ وَمُعَاذًا الَّذِي يُكَنَّى أَبَا حَلِيمَةَ وَمُجْمِّعَ بْنَ حَارِثَةَ وَفَضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ وَمَسْلَمَةَ بْنَ مَخْلَدٍ وَغَيْرَهُمْ وَصَرَّحَ بِأَنَّ بَعْضَهُمْ إِنَّمَا جَمَعَهُ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِمَّنْ جَمَعَهُ أَيْضًا أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ ذَكَرَهُ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ وَعَدَّ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنَ الْقُرَّاءِ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَسَعْدَ بْنَ عَبَّادٍ وَأُمَّ وَرَقَةَ .

     قَوْلُهُ  تَابَعَهُ الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى عَنْ حُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ عَنْ ثُمَامَةَ عَنْ أَنَسٍ هَذَا التَّعْلِيقُ وَصَلَهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ الْفَضْلِ بْنِ مُوسَى بِهِ ثُمَّ أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُثَنَّى حَدَّثَنِي ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ وَثُمَامَةُ عَنْ أَنَسٍ قَالَ مَاتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَجْمَعِ الْقُرْآنَ غَيْرُ أَرْبَعَةٍ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فَخَالَفَ رِوَايَةَ قَتَادَةَ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا التَّصْرِيحُ بِصِيغَةِ الْحَصْرِ فِي الْأَرْبَعَةِ ثَانِيهِمَا ذِكْرُ أَبِي الدَّرْدَاءِ بَدَلَ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فَأَمَّا الْأَوَّلُ فَقَدْ تَقَدَّمَ الْجَوَابُ عَنْهُ مِنْ عِدَّةِ أَوْجُهٍ وَقَدِ اسْتَنْكَرَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ قَالَ الْمَازَرِيُّ لَا يَلْزَمُ مِنْ قَوْلِ أَنَسٍ لَمْ يَجْمَعْهُ غَيْرُهُمْ أَنْ يَكُونَ الْوَاقِعُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ كَذَلِكَ لِأَنَّ التَّقْدِير أَنه لَا يَعْلَمُ أَنَّ سِوَاهُمْ جَمَعَهُ وَإِلَّا فَكَيْفَ الْإِحَاطَةُ بِذَلِكَ مَعَ كَثْرَةِ الصَّحَابَةِ وَتَفَرُّقِهِمْ فِي الْبِلَادِ وَهَذَا لَا يَتِمُّ إِلَّا إِنْ كَانَ لَقِيَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى انْفِرَادِهِ وَأَخْبَرَهُ عَنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ لَمْ يَكْمُلْ لَهُ جَمْعُ الْقُرْآنَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا فِي غَايَةِ الْبُعْدِ فِي الْعَادَةِ وَإِذَا كَانَ الْمَرْجِعُ إِلَى مَا فِي عِلْمِهِ لَمْ يَلْزَمْ أَنْ يَكُونَ الْوَاقِعُ كَذَلِكَ قَالَ وَقَدْ تَمَسَّكَ بِقَوْلِ أَنَسٍ هَذَا جَمَاعَةٌ مِنَ الْمَلَاحِدَةِ وَلَا مُتَمَسَّكَ لَهُمْ فِيهِ فَإِنَّا لَا نُسَلِّمُ حَمْلَهُ عَلَى ظَاهِرِهِ سَلَّمْنَاهُ وَلَكِنْ مِنْ أَيْنَ لَهُمْ أَنَّ الْوَاقِعَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ كَذَلِكَ سَلَّمْنَاهُ لَكِنْ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْجَمِّ الْغَفِيرِ لَمْ يَحْفَظْهُ كُلَّهُ أَنْ لَا يَكُونَ حَفِظَ مَجْمُوعَهُ الْجَمُّ الْغَفِيرُ وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِ التَّوَاتُرِ أَنْ يَحْفَظَ كُلُّ فَرْدٍ جَمِيعَهُ بَلْ إِذَا حَفِظَ الْكُلُّ الْكُلَّ وَلَوْ عَلَى التَّوْزِيعِ كَفَى وَاسْتَدَلَّ الْقُرْطُبِيُّ عَلَى ذَلِكَ بِبَعْضِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ قُتِلَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ سَبْعُونَ مِنَ الْقُرَّاءِ وَقُتِلَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبِئْرِ مَعُونَةَ مِثْلُ هَذَا الْعَدَدِ قَالَ وَإِنَّمَا خَصَّ أَنَسٌ الْأَرْبَعَةَ بِالذِّكْرِ لِشِدَّةِ تَعَلُّقِهِ بِهِمْ دُونَ غَيْرِهِمْ أَوْ لِكَوْنِهِمْ كَانُوا فِي ذِهْنِهِ دُونَ غَيْرِهِمْ.

.
وَأَمَّا الْوَجْهُ الثَّانِي مِنَ الْمُخَالَفَةِ فَقَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ هَذَانِ الْحَدِيثَانِ مُخْتَلِفَانِ وَلَا يَجُوزَانِ فِي الصَّحِيح مَعَ تباينهما بل الصَّحِيحُ أَحَدُهُمَا وَجَزَمَ الْبَيْهَقِيُّ بِأَنَّ ذِكْرَ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَهْمٌ وَالصَّوَابُ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ.

     وَقَالَ  الدَّاوُدِيُّ لَا أَرَى ذِكْرَ أَبِي الدَّرْدَاءِ مَحْفُوظًا.

.

قُلْتُ وَقَدْ أَشَارَ الْبُخَارِيُّ إِلَى عَدَمِ التَّرْجِيحِ بِاسْتِوَاءِ الطَّرَفَيْنِ فَطَرِيقُ قَتَادَةَ عَلَى شَرْطِهِ وَقَدْ وَافَقَهُ عَلَيْهَا ثُمَامَةُ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ وَطَرِيقُ ثَابِتٍ أَيْضًا عَلَى شَرْطِهِ وَقَدْ وَافَقَهُ عَلَيْهَا أَيْضًا ثُمَامَةُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى لَكِنَّ مَخْرَجَ الرِّوَايَةِ عَنْ ثَابِتٍ وَثُمَامَةُ بِمُوَافَقَتِهِ وَقَدْ وَقَعَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُثَنَّى وَفِيهِ مَقَالٌ وَإِنْ كَانَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ مَقْبُولًا لَكِنْ لَا تُعَادِلُ رِوَايَتُهُ رِوَايَةَ قَتَادَةَ وَيُرَجِّحُ رِوَايَةَ قَتَادَةَ حَدِيثُ عُمَرَ فِي ذِكْرِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَهُوَ خَاتِمَةُ أَحَادِيثِ الْبَابِ وَلَعَلَّ الْبُخَارِيَّ أَشَارَ بِإِخْرَاجِهِ إِلَى ذَلِكَ لِتَصْرِيحِ عُمَرَ بترجيحه فِي الْقِرَاءَةِ عَلَى غَيْرِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَنَسٌ حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ فِي وَقْتَيْنِ فَذَكَرَهُ مَرَّةً أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ وَمَرَّةً بَدَّلَهُ أَبَا الدَّرْدَاءِ وَقد روى بن أَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ قَالَ جَمَعَ الْقُرْآنَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَعُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ وَأَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ مَعَ إِرْسَالِهِ وَهُوَ شَاهِدٌ جَيِّدٌ لِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُثَنَّى فِي ذِكْرِ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَإِنْ خَالَفَهُ فِي الْعَدَدِ وَالْمَعْدُودِ وَمِنْ طَرِيقِ الشَّعْبِيِّ قَالَ جَمَعَ الْقُرْآنَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِتَّةٌ مِنْهُمْ أَبُو الدَّرْدَاءِ وَمُعَاذٌ وَأَبُو زَيْدٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَهَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةُ هُمُ الَّذِينَ ذُكِرُوا فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُثَنَّى وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ مَعَ إِرْسَالِهِ فَلِلَّهِ دَرُّ الْبُخَارِيِّ مَا أَكْثَرَ اطِّلَاعَهُ وَقَدْ تَبَيَّنَ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ الْمُرْسَلَةِ قُوَّةُ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُثَنَّى وَأَنَّ لِرِوَايَتِهِ أَصْلًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

     وَقَالَ  الْكِرْمَانِيُّ لَعَلَّ السَّامِعَ كَانَ يَعْتَقِدُ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةَ لَمْ يَجْمَعُوا وَكَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ مِمَّنْ جَمَعَ فَقَالَ أَنَسٌ ذَلِكَ رَدًّا عَلَيْهِ وَأَتَى بِصِيغَةِ الْحَصْرِ ادِّعَاءً وَمُبَالَغَةً وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ النَّفْيُ عَنْ غَيْرِهِمْ بِطَرِيقِ الْحَقِيقَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :4737 ... غــ : 5003 ]
- حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ -رضي الله عنه-: مَنْ جَمَعَ الْقُرْآنَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ قَالَ: أَرْبَعَةٌ كُلُّهُمْ مِنَ الأَنْصَارِ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَبُو زَيْدٍ.
تَابَعَهُ الْفَضْلُ عَنْ حُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ عَنْ ثُمَامَةَ عَنْ أَنَسٍ.

وبه قال: ( حدّثنا حفص بن عمر) بن غياث قال: ( حدّثنا همام) هو ابن يحيى العوذي بفتح العين المهملة وسكون الواو وكسر الذال المعجمة البصري الحافظ قال: ( حدّثنا قتادة) بن دعامة السدوسي ( قال: سألت أنس بن مالك -رضي الله عنه- من جمع القرآن على عهد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) : جمعه ( أربعة كلهم من الأنصار أُبيّ بن كعب) من بني النجار ( ومعاذ بن جبل) من بني الخزرج ( وزيد بن ثابت) من بني النجار ( وأبو زيد) سعد بن عبيد بن النعمان بن قيس من الأوس، وقيل اسمه معبد أحد الأربعة الذين جمعوا القرآن على عهده -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ومات ولا عقب له، واستبعد ابن الأثير أن يكون هذا ممن جمع القرآن.
قال: لأن الحديث يرويه أنس بن مالك وذكرهم وقال أحد عمومتي أبو زيد وأنس من بني عدي بن النجار وهو خزرجي فكيف يكون هذا وهو أوسي اهـ.

وليس في هذا الحديث ما ينفي جمعه عن غير المذكورين ( تابعه) أي تابع حفص بن عمر في رواية هذا الحديث ( الفضل) بن موسى الشيباني ( عن حسين بن واقد) بالقاف ( عن ثمامة) بضم المثلثة وتخفيف الميم ابن عبد الله قاضي البصرة ( عن) جده ( أنس) أي ابن مالك وهذه المتابعة وصلها إسحاق بن راهويه في مسنده.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :4737 ... غــ :5003 ]
- حدَّثنا حَفْصُ بنُ عُمَرَ حَدثنَا هَمَّامٌ حَدثنَا قَتَادَةُ قَالَ: سألْتُ أنَسَ بنَ مالِكٍ، رضِي الله عنهُ: مَنْ جَمَعَ القُرْآنَ علَى عِهْدِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ قَالَ: أرْبَعَةٌ كُلُّهُمْ مِنَ الأنْصارِ: أُبَيُّ بنُ كَعْبٍ ومُعَاذُ بنُ جَبَلٍ وزَيْدُ بنُ ثابِتٍ وأبُو زَيْدٍ رضِيَ الله عَنهُ.

مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: ( أَرْبَعَة) وهم الْقُرَّاء من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَحَفْص بن عمر بن الْحَارِث أَبُو عمر الحوضي، وَهَمَّام بن يحيى.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْفَضَائِل عَن سُلَيْمَان بن معبد.

قَوْله: ( أَرْبَعَة) أَي: جمعه أَرْبَعَة.
قَوْله: ( أبي بن كَعْب) أَي: أحدهم أبي بن كَعْب، وَالثَّانِي: معَاذ بن جبل، وَالثَّالِث: زيد بن ثَابت وَالرَّابِع: أَبُو زيد اسْمه سعد بن عبيد الأوسي، وَقيل: قيس بن السكن الخزرجي، وَقيل: ثَابت بن زيد الأشْهَلِي، تقدم فِي مَنَاقِب زيد بن ثَابت، وَلَيْسَ فِي ظَاهر الحَدِيث مَا يدل على الْحصْر لِأَن جمَاعَة من الصَّحَابَة غَيرهم قد جمعُوا على مَا تبينه الْآن، وَأَنه لامفهوم لَهُ فلاف يلْزم أَن لَا يكون غَيرهم جمعه.
فَإِن قلت: فِي رِوَايَة عَن أنس: لم يجمع الْقُرْآن على عهد سيدنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إلاَّ أَرْبَعَة وَكَذَا فِي رِوَايَة الطَّبَرِيّ.
قلت: قد قُلْنَا إِنَّه لَا مَفْهُوم لَهُ لِأَنَّهُ عدد.

وَلَئِن سلمنَا فَالْجَوَاب من وُجُوه: الأول: أُرِيد بِهِ الْجمع بِجَمِيعِ وجوهه ولغاته وحروفه، وقراآته الَّتِي أنزلهَا الله عز وَجل.
وَأذن للْأمة فِيهَا وَخَيرهَا فِي الْقِرَاءَة بِمَا شَاءَت مِنْهَا.
الثَّانِي: أُرِيد بِهِ الْأَخْذ من فِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تلقينا وأخذا دون وَاسِطَة.
الثَّالِث: أُرِيد، بِهِ أَن هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَة ظَهَرُوا بِهِ وانتصبوا لتلقيته وتعليمه.
الرَّابِع: أُرِيد بِهِ مرسوما فِي مصحف أَو صحف.
الْخَامِس: قَالَه أَبُو بكر بن الْعَرَبِيّ: أُرِيد بِهِ أَنه لم يجمع مَا نسخ مِنْهُ وَزيد رسمه بعد تِلَاوَته إِلَّا هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَة.
السَّادِس: قَالَ الْمَاوَرْدِيّ: أُرِيد بِهِ أَنه لم يذكرهُ أحد عَن نَفسه سوى هَؤُلَاءِ.
السَّابِع: أُرِيد، بِهِ أَن من سواهُم ينْطق بإكماله خوفًا من الرِّيَاء واحتياطا على النيات.
وَهَؤُلَاء الْأَرْبَعَة أظهروه لأَنهم كَانُوا آمِنين على أنفسهم، أَو لرأي اقْتضى ذَلِك عِنْدهم.
الثَّامِن: أُرِيد بِالْجمعِ الْكِتَابَة فَلَا يَنْفِي أَن يكون غَيرهم جمعه حفظا عَن ظهر قلبه، وَأما هَؤُلَاءِ فجمعوه كِتَابَة وحفظوه عَن ظهر الْقلب.
التَّاسِع: أَن قصارى الْأَمر أَن أنسا قَالَ: جمع الْقُرْآن على عَهده صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَرْبَعَة، قد يكون المُرَاد: أَنِّي لَا أعلم سوى هَؤُلَاءِ، وَلَا يلْزمه أَن يعلم كل الحافظين لكتاب الله تَعَالَى.
الْعَاشِر: أَن معنى قَوْله: جمع أَي: سمع لَهُ وأطاع.
وَعمل بِمُوجبِه، كَمَا رُوِيَ أَحْمد فِي كتاب الزّهْد: أَن أَبَا الزَّاهِرِيَّة أَتَى أَبَا الدَّرْدَاء، فَقَالَ: إِن ابْني جمع الْقُرْآن، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِر، إِنَّمَا جمع الْقُرْآن من سمع لَهُ وأطاع، لَكِن يُعَكر على هَذَا أَن الْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة وَغَيرهم من الصَّحَابَة كلهم كَانُوا سَامِعين مُطِيعِينَ، وَأما الَّذين جَمَعُوهُ غَيرهم، فالخلفاء الْأَرْبَعَة جمعُوا الْقُرْآن على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ذكره أَبُو عَمْرو وَعُثْمَان بن سعيد الداني،.

     وَقَالَ  أَبُو عمر: جمعه أَيْضا على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ، وَعَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ: جمع الْقُرْآن فِي زمن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عبَادَة بن الصَّامِت وَأَبُو أَيُّوب خَالِد بن زيد، ذكره ابْن عَسَاكِر، وَعَن الداني: جمعه أَيْضا أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ وَمجمع بن جَارِيَة، ذكره ابْن إِسْحَاق وَقيس ابْن أبي صعصعة عَمْرو بن زيد الْأنْصَارِيّ البدري، ذكره أَبُو عبيد بن سَلام فِي حَدِيث مطول، وَذكر ابْن حبيب فِي المحبر جمَاعَة مِمَّن جمع الْقُرْآن على عَهده صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فيهم: سعد بن عبيد بن النُّعْمَان الأوسي،.

     وَقَالَ  ابْن الْأَثِير: وَمِمَّنْ جمع الْقُرْآن على عَهده صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قيس بن السكن وَأم ورقة بنت نَوْفَل، وَقيل: بنت عبد الله بن الْحَارِث وَذكر ابْن سعد أَنَّهَا جمعت الْقُرْآن، وَذكر أَبُو عُبَيْدَة الْقُرَّاء من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فعد من الْمُهَاجِرين الْأَرْبَعَة وَطَلْحَة وسعدا وَابْن مَسْعُود وَحُذَيْفَة وسالما وَأَبا هُرَيْرَة وَعبد الله بن السَّائِب والعبادلة، وَمن النِّسَاء: عَائِشَة وَحَفْصَة وَأم سَلمَة، وَذكر ابْن أبي دَاوُد من الْمُهَاجِرين أيضاتميم بن أَوْس الدَّارِيّ وَعقبَة بن عَامر وَمن الْأَنْصَار: معَاذ الَّذِي يكنى أَبَا حليمة وفضالة بن عبيد ومسلمة بن مخلد، وَعَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: توفّي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد قَرَأت الْقُرْآن وَأَنا ابْن عشر سِنِين، وَقد ظهر من هَذَا أَن الَّذين جمعُوا الْقُرْآن على عَهده صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يحصيهم أحد وَلَا يضبطهم عدد، وَذكر القَاضِي أَبُو بكر: فَإِن قيل: إِذا لم يكن دَلِيل خطاب فلأي شَيْء خص هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَة بِالذكر دون غَيرهم؟ قيل لَهُ: إِنَّه يحْتَمل أَن يكون ذَلِك لتَعلق غَرَض الْمُتَكَلّم بهم دون غَيرهم، أَو يَقُول: إِن هَؤُلَاءِ فيهم دون غَيرهم.
فَإِن قلت: قد حاول بعض الْمَلَاحِدَة فِيهِ بِأَن الْقُرْآن شَرطه التَّوَاتُر فِي كَونه قُرْآنًا، وَلَا بُد من خبر جمَاعَة أحالت الْعَادة تواطئهم على الْكَذِب قلت: ضَابِط التَّوَاتُر الْعلم بِهِ، وَقد يحصل بقول هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَة، وَأَيْضًا لَيْسَ من شَرطه أَن يتَقَبَّل جَمِيعهم بل لَو حفظه كل جُزْء مِنْهُ عدد التَّوَاتُر لَصَارَتْ الْجُمْلَة متواترا، وَقد حفظ جَمِيع أَجْزَائِهِ مئون لَا يُحصونَ.

تابَعَهُ الفَضْلُ عنْ حُسَيْنِ بنِ واقِدٍ عنْ ثُمامَةَ عنْ أنَسٍ

أَي: تَابع حَفْص بن عمر فِي رِوَايَته هَذَا الحَدِيث الْفضل بن مُوسَى السينَانِي عَن حُسَيْن بن وَاقد بِالْقَافِ عَن ثُمَامَة بِضَم الثَّاء الْمُثَلَّثَة ابْن عبد الله قَاضِي الْبَصْرَة عَن جده أنس بن مَالك، وَوصل هَذِه الْمُتَابَعَة إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده عَن الْفضل ابْن مُوسَى فَذكره.