هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4731 حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ بِالخَيْرِ ، وَأَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ ، لِأَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ ، حَتَّى يَنْسَلِخَ يَعْرِضُ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ القُرْآنَ ، فَإِذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ كَانَ أَجْوَدَ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4731 حدثنا يحيى بن قزعة ، حدثنا إبراهيم بن سعد ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير ، وأجود ما يكون في شهر رمضان ، لأن جبريل كان يلقاه في كل ليلة في شهر رمضان ، حتى ينسلخ يعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن ، فإذا لقيه جبريل كان أجود بالخير من الريح المرسلة
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Ibn `Abbas:

The Prophet (ﷺ) was the most generous person, and he used to become more so (generous) particularly in the month of Ramadan because Gabriel used to meet him every night of the month of Ramadan till it elapsed. Allah's Messenger (ﷺ) used to recite the Qur'an for him. When Gabriel met him, he used to become more generous than the fast wind in doing good.

":"ہم سے یحییٰ بن قزعہ نے بیان کیا ، کہا ہم سے ابراہیم بن سعد نے بیان کیا ، ان سے زہری نے ان سے عبداللہ بن عبداللہ نے اور ان سے حضرت ابن عباس رضی اللہ عنہما نے بیان کیا کہنبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم خیر خیرات کرنے میں سب سے زیادہ سخی تھے اور رمضان میں آپ کی سخاوت کی تو کوئی حد ہی نہیں تھی کیونکہ رمضان کے مہینوں میں حضرت جبرائیل آپ سے آ کر ہر رات ملتے تھے یہا ں تک کہ رمضان کا مہینہ ختم ہو جاتا وہ ان راتوں میں آنحضرت کے ساتھ قرآن مجید کا دورہ کیا کرتے تھے ۔ جب حضرت جبرائیل علیہ السلام آپ سے ملتے تو اس زمانہ میں آنحضرت صلی اللہ علیہ وسلم تیز ہوا سے بھی بڑھ کر سخی ہو جاتے تھے ۔ ( صلی اللہ علیہ وسلم )

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [4997] .

     قَوْلُهُ  إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ تَقَدَّمَ فِي الصِّيَامِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الزُّهْرِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ سَمِعَ مِنَ الزُّهْرِيِّ وَمِنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَرِوَايَتُهُ عَلَى الصِّفَتَيْنِ تَكَرَّرَتْ فِي هَذَا الْكِتَابِ كَثِيرًا وَقَدْ تَقَدَّمَتْ فَوَائِدُ حَدِيث بن عَبَّاسٍ هَذَا فِي بَدْءِ الْوَحْيِ فَنَذْكُرُ هُنَا نُكَتًا مِمَّا لَمْ يَتَقَدَّمْ .

     قَوْلُهُ  كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَالنَّاسِ فِيهِ احْتِرَاسٌ بَلِيغٌ لِئَلَّا يُتَخَيَّلُ مِنْ قَوْلِهِ وَأَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ أَنَّ الْأَجْوَدِيَّةَ خَاصَّةٌ مِنْهُ بِرَمَضَانَ فِيهِ فَأَثْبَتَ لَهُ الْأَجْوَدِيَّةَ الْمُطْلَقَةَ أَوَّلًا ثُمَّ عَطَفَ عَلَيْهَا زِيَادَةَ ذَلِكَ فِي رَمَضَانَ .

     قَوْلُهُ  وَأَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ تَقَدَّمَ فِي بَدْءِ الْوَحْيِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِلَفْظِ وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْمَشْهُورَ فِي ضَبْطِ أَجْوَدُ أَنَّهُ بِالرَّفْعِ وَأَنَّ النَّصْبَ مُوَجَّهٌ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ مِمَّا تُؤَيِّدُ الرَّفْعَ .

     قَوْلُهُ  لِأَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يَلْقَاهُ فِيهِ بَيَانُ سَبَبِ الْأَجْوَدِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَهِيَ أَبْيَنُ مِنَ الرِّوَايَةِ الَّتِي فِي بَدْءِ الْوَحْيِ بِلَفْظِ وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ .

     قَوْلُهُ  فِي كُلِّ لَيْلَةٍ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ حَتَّى يَنْسَلِخَ أَيْ رَمَضَانُ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ كَانَ يَلْقَاهُ كَذَلِكَ فِي كُلِّ رَمَضَانَ مُنْذُ أُنْزِلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ وَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِرَمَضَانَاتِ الْهِجْرَةِ وَإِنْ كَانَ صِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ إِنَّمَا فُرِضَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ لِأَنَّهُ كَانَ يُسَمَّى رَمَضَانَ قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ صِيَامُهُ .

     قَوْلُهُ  يَعْرِضُ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقُرْآن هَذَا عَكْسُ مَا وَقَعَ فِي التَّرْجَمَةِ لِأَنَّ فِيهَا أَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يَعْرِضُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي هَذَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَعْرِضُ عَلَى جِبْرِيلَ وَتَقَدَّمَ فِي بَدْءِ الْوَحْيِ بِلَفْظِ وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كَانَ يَعْرِضُ عَلَى الْآخَرِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ آخِرَ أَحَادِيثِ الْبَابِ كَمَا سَأُوَضِّحُهُ وَفِي الْحَدِيثِ إِطْلَاقُ الْقُرْآنِ عَلَى بَعْضِهِ وَعَلَى مُعْظَمِهِ لِأَنَّ أَوَّلَ رَمَضَانَ مِنْ بَعْدِ الْبَعْثَةِ لَمْ يَكُنْ نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ إِلَّا بَعْضَهُ ثُمَّ كَذَلِكَ كُلُّ رَمَضَانَ بَعْدَهُ إِلَى رَمَضَانَ الْأَخِيرِ فَكَانَ قَدْ نَزَلَ كُلُّهُ إِلَّا مَا تَأَخَّرَ نُزُولُهُ بَعْدَ رَمَضَانَ الْمَذْكُورِ وَكَانَ فِي سَنَةِ عَشْرٍ إِلَى أَنْ مَاتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَمِمَّا نَزَلَ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دينكُمْ فَإِنَّهَا نَزَلَتْ يَوْمَ عَرَفَةَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَا بِالِاتِّفَاقِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَكَأَنَّ الَّذِي نَزَلَ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ لَمَّا كَانَ قَلِيلًا بِالنِّسْبَةِ لِمَا تَقَدَّمَ اغْتُفِرَ أَمْرُ مُعَارَضَتِهِ فَيُسْتَفَادُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْقُرْآنَ يُطْلَقُ عَلَى الْبَعْضِ مَجَازًا وَمِنْ ثَمَّ لَا يَحْنَث من حلف لِيُقِر أَن الْقُرْآنَ فَقَرَأَ بَعْضَهُ إِلَّا إِنْ قَصَدَ الْجَمِيعَ وَاخْتُلِفَ فِي الْعَرْضَةِ الْأَخِيرَةِ هَلْ كَانَتْ بِجَمِيعِ الْأَحْرُفِ الْمَأْذُونِ فِي قِرَاءَتِهَا أَوْ بِحَرْفٍ وَاحِدٍ مِنْهَا وَعَلَى الثَّانِي فَهَلْ هُوَ الْحَرْفُ الَّذِي جَمَعَ عَلَيْهِ عُثْمَانُ جَمِيعَ النَّاسِ أَوْ غَيْرُهُ وَقد روى أَحْمد وبن أَبِي دَاوُدَ وَالطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدَةَ بْنِ عَمْرٍو السَّلْمَانِيِّ أَنَّ الَّذِي جَمَعَ عَلَيْهِ عُثْمَانُ النَّاسَ يُوَافِقُ الْعَرْضَةَ الْأَخِيرَةَ وَمِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ كَانَ جِبْرِيلُ يُعَارِضُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْقُرْآنِ الْحَدِيثَ نَحْوَ حَدِيث بن عَبَّاسٍ وَزَادَ فِي آخِرِهِ فَيَرَوْنَ أَنَّ قِرَاءَتَنَا أَحْدَثُ الْقِرَاءَاتِ عَهْدًا بِالْعَرْضَةِ الْأَخِيرَةِ وَعِنْدَ الْحَاكِمِ نَحْوُهُ مِنْ حَدِيثِ سَمُرَةَ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ وَقَدْ صَحَّحَهُ هُوَ وَلَفْظُهُ عُرِضَ الْقُرْآنُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرْضَاتٍ وَيَقُولُونَ إِنَّ قِرَاءَتَنَا هَذِهِ هِيَ الْعَرْضَةُ الْأَخِيرَةُ وَمِنْ طَرِيق مُجَاهِد عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ أَيُّ الْقِرَاءَتَيْنِ تَرَوْنَ كَانَ آخِرَ الْقِرَاءَةِ قَالُوا قِرَاءَةُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فَقَالَ لَا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَعْرِضُ الْقُرْآنَ كُلَّ سَنَةٍ عَلَى جِبْرِيلَ فَلَمَّا كَانَ فِي السَّنَةِ الَّتِي قُبِضَ فِيهَا عرضه عَلَيْهِ مرَّتَيْنِ وَكَانَت قِرَاءَة بن مَسْعُودٍ آخِرُهُمَا وَهَذَا يُغَايِرُ حَدِيثَ سَمُرَةَ وَمَنْ وَافَقَهُ وَعِنْدَ مُسَدَّدٍ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ أَن بن عَبَّاسٍ سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ الْحَرْفُ الْأَوَّلُ فَقَالَ مَا الْحَرْفُ الْأَوَّلُ قَالَ إِنَّ عُمَرَ بَعَثَ بن مَسْعُودٍ إِلَى الْكُوفَةِ مُعَلِّمًا فَأَخَذُوا بِقِرَاءَتِهِ فَغَيَّرَ عُثْمَان الْقِرَاءَة فهم يدعونَ قِرَاءَة بن مَسْعُود الْحَرْف الأول فَقَالَ بن عَبَّاسٍ إِنَّهُ لَآخِرُ حَرْفٍ عَرَضَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى جِبْرِيلَ وَأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي ظَبْيَانَ قَالَ قَالَ لي بن عَبَّاسٍ أَيُّ الْقِرَاءَتَيْنِ تَقْرَأُ.

.

قُلْتُ الْقِرَاءَةَ الْأُولَى قِرَاءَة بن أُمِّ عَبْدٍ يَعْنِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ قَالَ بَلْ هِيَ الْأَخِيرَةُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَعْرِضُعَلَى جِبْرِيلَ الْحَدِيثَ وَفِي آخِرِهِ فَحَضَرَ ذَلِكَ بن مَسْعُودٍ فَعَلِمَ مَا نُسِخَ مِنْ ذَلِكَ وَمَا بُدِّلَ وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ بِأَنْ تَكُونَ الْعَرْضَتَانِ الْأَخِيرَتَانِ وَقَعَتَا بِالْحَرْفَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فَيَصِحُّ إِطْلَاقُ الْآخِرِيَّةِ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا .

     قَوْلُهُ  أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ فِيهِ جَوَازُ الْمُبَالَغَةِ فِي التَّشْبِيهِ وَجَوَازُ تَشْبِيهِ الْمَعْنَوِيِّ بِالْمَحْسُوسِ لِيَقْرُبَ لِفَهْمِ سَامِعِهِ وَذَلِكَ أَنَّهُ أَثْبَتَ لَهُ أَوَّلًا وَصْفَ الْأَجْوَدِيَّةِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَصِفَهُ بِأَزْيَدِ مِنْ ذَلِكَ فَشَبَّهَ جُودَهُ بِالرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ بَلْ جَعَلَهُ أَبْلَغَ فِي ذَلِكَ مِنْهَا لِأَنَّ الرِّيحَ قَدْ تَسْكُنُ وَفِيهِ الِاحْتِرَاسُ لِأَنَّ الرِّيحَ مِنْهَا الْعَقِيمُ الضَّارَّةُ وَمِنْهَا الْمُبَشِّرَةُ بِالْخَيْرِ فَوَصَفَهَا بِالْمُرْسَلَةِ لِيُعَيِّنَ الثَّانِيَةَ وَأَشَارَ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى وَهُوَ الَّذِي يُرْسل الرِّيَاح بشرا وَالله الَّذِي أرسل الرِّيَاح وَنَحْوَ ذَلِكَ فَالرِّيحُ الْمُرْسَلَةُ تَسْتَمِرُّ مُدَّةَ إِرْسَالِهَا وَكَذَا كَانَ عَمَلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَمَضَانَ دِيمَةً لَا يَنْقَطِعُ وَفِيهِ اسْتِعْمَالُ أَفْعَلَ التَّفْضِيلِ فِي الْإِسْنَادِ الْحَقِيقِيِّ وَالْمَجَازِيِّ لِأَنَّ الْجُودَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَقِيقَةٌ وَمِنَ الرِّيحِ مَجَازٌ فَكَأَنَّهُ اسْتَعَارَ لِلرِّيحِ جُودًا بِاعْتِبَارِ مَجِيئِهَا بِالْخَيْرِ فَأَنْزَلَهَا مَنْزِلَةَ مَنْ جَادَ وَفِي تَقْدِيمِ مَعْمُولِ أَجْوَدَ عَلَى الْمُفَضَّلِ عَلَيْهِ نُكْتَةٌ لَطِيفَةٌ وَهِيَ أَنَّهُ لَوْ أَخَّرَهُ لَظُنَّ تَعَلُّقَهُ بِالْمُرْسَلَةِ وَهَذَا وَإِنْ كَانَ لَا يَتَغَيَّرُ بِهِ الْمَعْنَى الْمُرَادُ بِالْوَصْفِ مِنَ الْأَجْوَدِيَّةِ إِلَّا أَنَّهُ تَفُوتُ فِيهِ الْمُبَالَغَةُ لِأَنَّ الْمُرَادَ وَصْفُهُ بِزِيَادَةِ الْأَجْوَدِيَّةِ عَلَى الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ مُطْلَقًا وَفِي الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ غَيْرَ مَا سَبَقَ تَعْظِيمُ شَهْرِ رَمَضَانَ لِاخْتِصَاصِهِ بِابْتِدَاءِ نُزُولِ الْقُرْآنِ فِيهِ ثُمَّ مُعَارَضَتُهُ مَا نَزَلَ مِنْهُ فِيهِ وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ كَثْرَةُ نُزُولِ جِبْرِيلَ فِيهِ وَفِي كَثْرَةِ نُزُولِهِ مِنْ تَوَارُدِ الْخَيْرَاتِ وَالْبَرَكَاتِ مَالا يُحْصَى وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ فَضْلَ الزَّمَانِ إِنَّمَا يَحْصُلُ بِزِيَادَةِ الْعِبَادَةِ وَفِيهِ أَنَّ مُدَاوَمَةَ التِّلَاوَةِ تُوجِبُ زِيَادَةَ الْخَيْرِ وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ تَكْثِيرِ الْعِبَادَةِ فِي آخِرِ الْعُمُرِ وَمُذَاكَرَةُ الْفَاضِلِ بِالْخَيْرِ وَالْعِلْمِ وَإِنْ كَانَ هُوَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ لِزِيَادَةِ التَّذْكِرَةِ وَالِاتِّعَاظِ وَفِيهِ أَنَّ لَيْلَ رَمَضَانَ أَفْضَلُ مِنْ نَهَارِهِ وَأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ التِّلَاوَةِ الْحُضُورُ وَالْفَهْمُ لِأَنَّ اللَّيْلَ مَظِنَّةُ ذَلِكَ لِمَا فِي النَّهَارِ مِنَ الشَّوَاغِلِ وَالْعَوَارِضِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَالدِّينِيَّةِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْسِمُ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ فِي كُلِّ سنة على ليَالِي رَمَضَان أَجزَاء فيقرأكل لَيْلَةٍ جُزْءًا فِي جُزْءٍ مِنَ اللَّيْلَةِ وَالسَّبَبُ فِي ذَلِكَ مَا كَانَ يَشْتَغِلُ بِهِ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ سِوَى ذَلِكَ مِنْ تَهَجُّدٍ بِالصَّلَاةِ وَمِنْ رَاحَةِ بَدَنٍ وَمِنْ تَعَاهُدِ أَهْلٍ وَلَعَلَّهُ كَانَ يُعِيدُ ذَلِكَ الْجُزْءَ مِرَارًا بِحَسَبِ تَعَدُّدِ الْحُرُوفِ الْمَأْذُونِ فِي قِرَاءَتِهَا وَلِتَسْتَوْعِبَ بَرَكَةُ الْقُرْآنِ جَمِيعَ الشَّهْرِ وَلَوْلَا التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ كَانَ يَعْرِضُهُ مَرَّةً وَاحِدَةً وَفِي السَّنَةِ الْأَخِيرَةِ عَرَضَهُ مَرَّتَيْنِ لَجَازَ أَنَّهُ كَانَ يَعْرِضُ جَمِيعَ مَا نَزَلَ عَلَيْهِ كُلَّ لَيْلَةٍ ثُمَّ يُعِيدُهُ فِي بَقِيَّةِ اللَّيَالِي وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو عُبَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ قَالَ.

.

قُلْتُ لِلشَّعْبِيِّ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ أَمَا كَانَ يَنْزِلُ عَلَيْهِ فِي سَائِرِ السَّنَةِ قَالَ بَلَى وَلَكِنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يُعَارِضُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَمَضَان مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَيُحْكِمُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ مَا يَشَاءُ فَفِي هَذَا إِشَارَةٌ إِلَى الْحِكْمَةِ فِي التَّقْسِيطِ الَّذِي أَشَرْتُ إِلَيْهِ لِتَفْصِيلِ مَا ذَكَرَهُ مِنَ الْمُحْكَمِ وَالْمَنْسُوخِ وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا الرِّوَايَةُ الْمَاضِيَةُ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ بِلَفْظِ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كَانَ يَقْرَأُ عَلَى الْآخَرِ وَهِيَ مُوَافِقَةٌ لِقَوْلِهِ يُعَارِضُهُ فَيَسْتَدْعِي ذَلِكَ زَمَانًا زَائِدًا عَلَى مَا لَوْ قَرَأَ الْوَاحِدُ وَلَا يُعَارِضُ ذَلِكَ قَوْلَهُ تَعَالَى سنقرئك فَلَا تنسى إِذَا قُلْنَا إِنَّ لَا نَافِيَةٌ كَمَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَقَوْلُ الْأَكْثَرِ لِأَنَّ الْمَعْنَى أَنَّهُ إِذَا أَقْرَأَهُ فَلَا يَنْسَى مَا أَقْرَأَهُ وَمِنْ جُمْلَةِ الْإِقْرَاءِ مُدَارَسَةُ جِبْرِيلَ أَوِ الْمُرَادُ أَنَّ الْمَنْفِيَّ بِقَوْلِهِ فَلَا تَنْسَى النِّسْيَانُ الَّذِي لَا ذِكْرَ بَعْدَهُ لَا النِّسْيَانُ الَّذِي يَعْقُبُهُ الذِّكْرُ فِي الْحَالِ حَتَّى لَوْ قُدِّرَأَنَّهُ نَسِيَ شَيْئًا فَإِنَّهُ يُذَكِّرُهُ إِيَّاهُ فِي الْحَالِ وَسَيَأْتِي مَزِيدُ بَيَانٍ لِذَلِكَ فِي بَابِ نِسْيَانِ الْقُرْآنِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَدْ تقدّمت بَقِيَّة فَوَائِد حَدِيث بن عَبَّاسٍ فِي بَدْءِ الْوَحْيِ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( .

     قَوْلُهُ  بَابٌ كَانَ جِبْرِيلُ يَعْرِضُ الْقُرْآنَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)

بِكَسْرِ الرَّاءِ مِنَ الْعَرْضِ وَهُوَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الرَّاءِ أَي يقرأوالمراد يَسْتَعْرِضُهُ مَا أَقْرَأَهُ إِيَّاهُ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  مَسْرُوقٌ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ فَاطِمَةَ قَالَتْ أَسَرَّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ جِبْرِيلَ كَانَ يُعَارِضُنِي بِالْقُرْآنِ هَذَا طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ وَصَلَهُ بِتَمَامِهِ فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ وَتَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي بَابِ الْوَفَاةِ النَّبَوِيَّةِ مِنْ آخِرِ الْمَغَازِي وَتَقَدَّمَ بَيَانُ فَائِدَةِ الْمُعَارَضَةِ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ وَالْمُعَارَضَةُ مُفَاعَلَةٌ مِنَ الْجَانِبَيْنِ كَأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كَانَ تَارَةً يَقْرَأُ وَالْآخَرُ يَسْتَمِعُ .

     قَوْلُهُ  وَأَنَّهُ عَارَضَنِي فِي رِوَايَةِ السَّرَخْسِيِّ وَإِنِّي عَارَضَنِي

[ قــ :4731 ... غــ :4997] .

     قَوْلُهُ  إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ تَقَدَّمَ فِي الصِّيَامِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الزُّهْرِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ سَمِعَ مِنَ الزُّهْرِيِّ وَمِنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَرِوَايَتُهُ عَلَى الصِّفَتَيْنِ تَكَرَّرَتْ فِي هَذَا الْكِتَابِ كَثِيرًا وَقَدْ تَقَدَّمَتْ فَوَائِدُ حَدِيث بن عَبَّاسٍ هَذَا فِي بَدْءِ الْوَحْيِ فَنَذْكُرُ هُنَا نُكَتًا مِمَّا لَمْ يَتَقَدَّمْ .

     قَوْلُهُ  كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ فِيهِ احْتِرَاسٌ بَلِيغٌ لِئَلَّا يُتَخَيَّلُ مِنْ قَوْلِهِ وَأَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ أَنَّ الْأَجْوَدِيَّةَ خَاصَّةٌ مِنْهُ بِرَمَضَانَ فِيهِ فَأَثْبَتَ لَهُ الْأَجْوَدِيَّةَ الْمُطْلَقَةَ أَوَّلًا ثُمَّ عَطَفَ عَلَيْهَا زِيَادَةَ ذَلِكَ فِي رَمَضَانَ .

     قَوْلُهُ  وَأَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ تَقَدَّمَ فِي بَدْءِ الْوَحْيِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِلَفْظِ وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْمَشْهُورَ فِي ضَبْطِ أَجْوَدُ أَنَّهُ بِالرَّفْعِ وَأَنَّ النَّصْبَ مُوَجَّهٌ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ مِمَّا تُؤَيِّدُ الرَّفْعَ .

     قَوْلُهُ  لِأَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يَلْقَاهُ فِيهِ بَيَانُ سَبَبِ الْأَجْوَدِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَهِيَ أَبْيَنُ مِنَ الرِّوَايَةِ الَّتِي فِي بَدْءِ الْوَحْيِ بِلَفْظِ وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ .

     قَوْلُهُ  فِي كُلِّ لَيْلَةٍ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ حَتَّى يَنْسَلِخَ أَيْ رَمَضَانُ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ كَانَ يَلْقَاهُ كَذَلِكَ فِي كُلِّ رَمَضَانَ مُنْذُ أُنْزِلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ وَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِرَمَضَانَاتِ الْهِجْرَةِ وَإِنْ كَانَ صِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ إِنَّمَا فُرِضَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ لِأَنَّهُ كَانَ يُسَمَّى رَمَضَانَ قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ صِيَامُهُ .

     قَوْلُهُ  يَعْرِضُ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقُرْآن هَذَا عَكْسُ مَا وَقَعَ فِي التَّرْجَمَةِ لِأَنَّ فِيهَا أَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يَعْرِضُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي هَذَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَعْرِضُ عَلَى جِبْرِيلَ وَتَقَدَّمَ فِي بَدْءِ الْوَحْيِ بِلَفْظِ وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كَانَ يَعْرِضُ عَلَى الْآخَرِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ آخِرَ أَحَادِيثِ الْبَابِ كَمَا سَأُوَضِّحُهُ وَفِي الْحَدِيثِ إِطْلَاقُ الْقُرْآنِ عَلَى بَعْضِهِ وَعَلَى مُعْظَمِهِ لِأَنَّ أَوَّلَ رَمَضَانَ مِنْ بَعْدِ الْبَعْثَةِ لَمْ يَكُنْ نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ إِلَّا بَعْضَهُ ثُمَّ كَذَلِكَ كُلُّ رَمَضَانَ بَعْدَهُ إِلَى رَمَضَانَ الْأَخِيرِ فَكَانَ قَدْ نَزَلَ كُلُّهُ إِلَّا مَا تَأَخَّرَ نُزُولُهُ بَعْدَ رَمَضَانَ الْمَذْكُورِ وَكَانَ فِي سَنَةِ عَشْرٍ إِلَى أَنْ مَاتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَمِمَّا نَزَلَ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دينكُمْ فَإِنَّهَا نَزَلَتْ يَوْمَ عَرَفَةَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَا بِالِاتِّفَاقِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَكَأَنَّ الَّذِي نَزَلَ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ لَمَّا كَانَ قَلِيلًا بِالنِّسْبَةِ لِمَا تَقَدَّمَ اغْتُفِرَ أَمْرُ مُعَارَضَتِهِ فَيُسْتَفَادُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْقُرْآنَ يُطْلَقُ عَلَى الْبَعْضِ مَجَازًا وَمِنْ ثَمَّ لَا يَحْنَث من حلف لِيُقِر أَن الْقُرْآنَ فَقَرَأَ بَعْضَهُ إِلَّا إِنْ قَصَدَ الْجَمِيعَ وَاخْتُلِفَ فِي الْعَرْضَةِ الْأَخِيرَةِ هَلْ كَانَتْ بِجَمِيعِ الْأَحْرُفِ الْمَأْذُونِ فِي قِرَاءَتِهَا أَوْ بِحَرْفٍ وَاحِدٍ مِنْهَا وَعَلَى الثَّانِي فَهَلْ هُوَ الْحَرْفُ الَّذِي جَمَعَ عَلَيْهِ عُثْمَانُ جَمِيعَ النَّاسِ أَوْ غَيْرُهُ وَقد روى أَحْمد وبن أَبِي دَاوُدَ وَالطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدَةَ بْنِ عَمْرٍو السَّلْمَانِيِّ أَنَّ الَّذِي جَمَعَ عَلَيْهِ عُثْمَانُ النَّاسَ يُوَافِقُ الْعَرْضَةَ الْأَخِيرَةَ وَمِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ كَانَ جِبْرِيلُ يُعَارِضُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْقُرْآنِ الْحَدِيثَ نَحْوَ حَدِيث بن عَبَّاسٍ وَزَادَ فِي آخِرِهِ فَيَرَوْنَ أَنَّ قِرَاءَتَنَا أَحْدَثُ الْقِرَاءَاتِ عَهْدًا بِالْعَرْضَةِ الْأَخِيرَةِ وَعِنْدَ الْحَاكِمِ نَحْوُهُ مِنْ حَدِيثِ سَمُرَةَ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ وَقَدْ صَحَّحَهُ هُوَ وَلَفْظُهُ عُرِضَ الْقُرْآنُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرْضَاتٍ وَيَقُولُونَ إِنَّ قِرَاءَتَنَا هَذِهِ هِيَ الْعَرْضَةُ الْأَخِيرَةُ وَمِنْ طَرِيق مُجَاهِد عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ أَيُّ الْقِرَاءَتَيْنِ تَرَوْنَ كَانَ آخِرَ الْقِرَاءَةِ قَالُوا قِرَاءَةُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فَقَالَ لَا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَعْرِضُ الْقُرْآنَ كُلَّ سَنَةٍ عَلَى جِبْرِيلَ فَلَمَّا كَانَ فِي السَّنَةِ الَّتِي قُبِضَ فِيهَا عرضه عَلَيْهِ مرَّتَيْنِ وَكَانَت قِرَاءَة بن مَسْعُودٍ آخِرُهُمَا وَهَذَا يُغَايِرُ حَدِيثَ سَمُرَةَ وَمَنْ وَافَقَهُ وَعِنْدَ مُسَدَّدٍ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ أَن بن عَبَّاسٍ سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ الْحَرْفُ الْأَوَّلُ فَقَالَ مَا الْحَرْفُ الْأَوَّلُ قَالَ إِنَّ عُمَرَ بَعَثَ بن مَسْعُودٍ إِلَى الْكُوفَةِ مُعَلِّمًا فَأَخَذُوا بِقِرَاءَتِهِ فَغَيَّرَ عُثْمَان الْقِرَاءَة فهم يدعونَ قِرَاءَة بن مَسْعُود الْحَرْف الأول فَقَالَ بن عَبَّاسٍ إِنَّهُ لَآخِرُ حَرْفٍ عَرَضَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى جِبْرِيلَ وَأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي ظَبْيَانَ قَالَ قَالَ لي بن عَبَّاسٍ أَيُّ الْقِرَاءَتَيْنِ تَقْرَأُ.

.

قُلْتُ الْقِرَاءَةَ الْأُولَى قِرَاءَة بن أُمِّ عَبْدٍ يَعْنِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ قَالَ بَلْ هِيَ الْأَخِيرَةُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَعْرِضُ عَلَى جِبْرِيلَ الْحَدِيثَ وَفِي آخِرِهِ فَحَضَرَ ذَلِكَ بن مَسْعُودٍ فَعَلِمَ مَا نُسِخَ مِنْ ذَلِكَ وَمَا بُدِّلَ وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ بِأَنْ تَكُونَ الْعَرْضَتَانِ الْأَخِيرَتَانِ وَقَعَتَا بِالْحَرْفَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فَيَصِحُّ إِطْلَاقُ الْآخِرِيَّةِ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا .

     قَوْلُهُ  أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ فِيهِ جَوَازُ الْمُبَالَغَةِ فِي التَّشْبِيهِ وَجَوَازُ تَشْبِيهِ الْمَعْنَوِيِّ بِالْمَحْسُوسِ لِيَقْرُبَ لِفَهْمِ سَامِعِهِ وَذَلِكَ أَنَّهُ أَثْبَتَ لَهُ أَوَّلًا وَصْفَ الْأَجْوَدِيَّةِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَصِفَهُ بِأَزْيَدِ مِنْ ذَلِكَ فَشَبَّهَ جُودَهُ بِالرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ بَلْ جَعَلَهُ أَبْلَغَ فِي ذَلِكَ مِنْهَا لِأَنَّ الرِّيحَ قَدْ تَسْكُنُ وَفِيهِ الِاحْتِرَاسُ لِأَنَّ الرِّيحَ مِنْهَا الْعَقِيمُ الضَّارَّةُ وَمِنْهَا الْمُبَشِّرَةُ بِالْخَيْرِ فَوَصَفَهَا بِالْمُرْسَلَةِ لِيُعَيِّنَ الثَّانِيَةَ وَأَشَارَ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى وَهُوَ الَّذِي يُرْسل الرِّيَاح بشرا وَالله الَّذِي أرسل الرِّيَاح وَنَحْوَ ذَلِكَ فَالرِّيحُ الْمُرْسَلَةُ تَسْتَمِرُّ مُدَّةَ إِرْسَالِهَا وَكَذَا كَانَ عَمَلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَمَضَانَ دِيمَةً لَا يَنْقَطِعُ وَفِيهِ اسْتِعْمَالُ أَفْعَلَ التَّفْضِيلِ فِي الْإِسْنَادِ الْحَقِيقِيِّ وَالْمَجَازِيِّ لِأَنَّ الْجُودَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَقِيقَةٌ وَمِنَ الرِّيحِ مَجَازٌ فَكَأَنَّهُ اسْتَعَارَ لِلرِّيحِ جُودًا بِاعْتِبَارِ مَجِيئِهَا بِالْخَيْرِ فَأَنْزَلَهَا مَنْزِلَةَ مَنْ جَادَ وَفِي تَقْدِيمِ مَعْمُولِ أَجْوَدَ عَلَى الْمُفَضَّلِ عَلَيْهِ نُكْتَةٌ لَطِيفَةٌ وَهِيَ أَنَّهُ لَوْ أَخَّرَهُ لَظُنَّ تَعَلُّقَهُ بِالْمُرْسَلَةِ وَهَذَا وَإِنْ كَانَ لَا يَتَغَيَّرُ بِهِ الْمَعْنَى الْمُرَادُ بِالْوَصْفِ مِنَ الْأَجْوَدِيَّةِ إِلَّا أَنَّهُ تَفُوتُ فِيهِ الْمُبَالَغَةُ لِأَنَّ الْمُرَادَ وَصْفُهُ بِزِيَادَةِ الْأَجْوَدِيَّةِ عَلَى الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ مُطْلَقًا وَفِي الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ غَيْرَ مَا سَبَقَ تَعْظِيمُ شَهْرِ رَمَضَانَ لِاخْتِصَاصِهِ بِابْتِدَاءِ نُزُولِ الْقُرْآنِ فِيهِ ثُمَّ مُعَارَضَتُهُ مَا نَزَلَ مِنْهُ فِيهِ وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ كَثْرَةُ نُزُولِ جِبْرِيلَ فِيهِ وَفِي كَثْرَةِ نُزُولِهِ مِنْ تَوَارُدِ الْخَيْرَاتِ وَالْبَرَكَاتِ مَالا يُحْصَى وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ فَضْلَ الزَّمَانِ إِنَّمَا يَحْصُلُ بِزِيَادَةِ الْعِبَادَةِ وَفِيهِ أَنَّ مُدَاوَمَةَ التِّلَاوَةِ تُوجِبُ زِيَادَةَ الْخَيْرِ وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ تَكْثِيرِ الْعِبَادَةِ فِي آخِرِ الْعُمُرِ وَمُذَاكَرَةُ الْفَاضِلِ بِالْخَيْرِ وَالْعِلْمِ وَإِنْ كَانَ هُوَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ لِزِيَادَةِ التَّذْكِرَةِ وَالِاتِّعَاظِ وَفِيهِ أَنَّ لَيْلَ رَمَضَانَ أَفْضَلُ مِنْ نَهَارِهِ وَأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ التِّلَاوَةِ الْحُضُورُ وَالْفَهْمُ لِأَنَّ اللَّيْلَ مَظِنَّةُ ذَلِكَ لِمَا فِي النَّهَارِ مِنَ الشَّوَاغِلِ وَالْعَوَارِضِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَالدِّينِيَّةِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْسِمُ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ فِي كُلِّ سنة على ليَالِي رَمَضَان أَجزَاء فيقرأكل لَيْلَةٍ جُزْءًا فِي جُزْءٍ مِنَ اللَّيْلَةِ وَالسَّبَبُ فِي ذَلِكَ مَا كَانَ يَشْتَغِلُ بِهِ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ سِوَى ذَلِكَ مِنْ تَهَجُّدٍ بِالصَّلَاةِ وَمِنْ رَاحَةِ بَدَنٍ وَمِنْ تَعَاهُدِ أَهْلٍ وَلَعَلَّهُ كَانَ يُعِيدُ ذَلِكَ الْجُزْءَ مِرَارًا بِحَسَبِ تَعَدُّدِ الْحُرُوفِ الْمَأْذُونِ فِي قِرَاءَتِهَا وَلِتَسْتَوْعِبَ بَرَكَةُ الْقُرْآنِ جَمِيعَ الشَّهْرِ وَلَوْلَا التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ كَانَ يَعْرِضُهُ مَرَّةً وَاحِدَةً وَفِي السَّنَةِ الْأَخِيرَةِ عَرَضَهُ مَرَّتَيْنِ لَجَازَ أَنَّهُ كَانَ يَعْرِضُ جَمِيعَ مَا نَزَلَ عَلَيْهِ كُلَّ لَيْلَةٍ ثُمَّ يُعِيدُهُ فِي بَقِيَّةِ اللَّيَالِي وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو عُبَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ قَالَ.

.

قُلْتُ لِلشَّعْبِيِّ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ أَمَا كَانَ يَنْزِلُ عَلَيْهِ فِي سَائِرِ السَّنَةِ قَالَ بَلَى وَلَكِنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يُعَارِضُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَمَضَان مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَيُحْكِمُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ مَا يَشَاءُ فَفِي هَذَا إِشَارَةٌ إِلَى الْحِكْمَةِ فِي التَّقْسِيطِ الَّذِي أَشَرْتُ إِلَيْهِ لِتَفْصِيلِ مَا ذَكَرَهُ مِنَ الْمُحْكَمِ وَالْمَنْسُوخِ وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا الرِّوَايَةُ الْمَاضِيَةُ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ بِلَفْظِ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كَانَ يَقْرَأُ عَلَى الْآخَرِ وَهِيَ مُوَافِقَةٌ لِقَوْلِهِ يُعَارِضُهُ فَيَسْتَدْعِي ذَلِكَ زَمَانًا زَائِدًا عَلَى مَا لَوْ قَرَأَ الْوَاحِدُ وَلَا يُعَارِضُ ذَلِكَ قَوْلَهُ تَعَالَى سنقرئك فَلَا تنسى إِذَا قُلْنَا إِنَّ لَا نَافِيَةٌ كَمَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَقَوْلُ الْأَكْثَرِ لِأَنَّ الْمَعْنَى أَنَّهُ إِذَا أَقْرَأَهُ فَلَا يَنْسَى مَا أَقْرَأَهُ وَمِنْ جُمْلَةِ الْإِقْرَاءِ مُدَارَسَةُ جِبْرِيلَ أَوِ الْمُرَادُ أَنَّ الْمَنْفِيَّ بِقَوْلِهِ فَلَا تَنْسَى النِّسْيَانُ الَّذِي لَا ذِكْرَ بَعْدَهُ لَا النِّسْيَانُ الَّذِي يَعْقُبُهُ الذِّكْرُ فِي الْحَالِ حَتَّى لَوْ قُدِّرَ أَنَّهُ نَسِيَ شَيْئًا فَإِنَّهُ يُذَكِّرُهُ إِيَّاهُ فِي الْحَالِ وَسَيَأْتِي مَزِيدُ بَيَانٍ لِذَلِكَ فِي بَابِ نِسْيَانِ الْقُرْآنِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَدْ تقدّمت بَقِيَّة فَوَائِد حَدِيث بن عَبَّاسٍ فِي بَدْءِ الْوَحْيِ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب كَانَ جِبْرِيلُ يَعْرِضُ الْقُرْآنَ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

وَقَالَ مَسْرُوقٌ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ فَاطِمَةَ - عَلَيْهَا السَّلاَمُ -: أَسَرَّ إِلَيَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّ جِبْرِيلَ يُعَارِضُنِي بِالْقُرْآنِ كُلَّ سَنَةٍ، وَإِنَّهُ عَارَضَنِي الْعَامَ مَرَّتَيْنِ، وَلاَ أُرَاهُ إِلاَّ حَضَرَ أَجَلِي
هذا ( باب) بالتنوين ( كان جبريل يعرض القرآن) بفتح الياء وكسر الراء ( على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أي يستعرضه ما أقرأه إياه.

( وقال مسروق) : هو ابن الأجدع التابعي مما وصله المؤلّف في علامات النبوّة ( عن عائشة) أم المؤمنين ( -رضي الله عنها- عن فاطمة) بنت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( عليها السلام أسرّ إليّ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( أن جبريل يعارضني) أي يدارسني ولأبي ذر كان يعارضني ( بالقرآن كل سنة) أي مرة ( وإنه) ولأبي ذر عن الحموي وإني ( عارضني) هذا ( العام مرتين ولا أراه) بضم الهمزة أي ولا أظنه ( إلا حضر أجلي) والمعارضة مفاعلة من الجانبين كأن كلاًّ منهما كان تارة يقرأ والآخر يسمع.


[ قــ :4731 ... غــ : 4997 ]
- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَجْوَدَ النَّاسِ بِالْخَيْرِ، وَأَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، لأَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ حَتَّى يَنْسَلِخَ، يَعْرِضُ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْقُرْآنَ، فَإِذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ كَانَ أَجْوَدَ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ.

وبه قال: ( حدّثنا يحيى بن قزعة) بفتح القاف والزاي والعين المهملة المكي المؤذن قال: ( حدّثنا إبراهيم بن سعد) بسكون العين الزهري العوفي أبو إسحاق الزهري ( عن الزهري) محمد بن مسلم ( عن عبيد الله) بضم العين ( ابن عبد الله) بن عتبة ( عن ابن عباس -رضي الله عنهما-) أنه ( قال: كان النبي) وفي نسخة كان رسول الله ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أجود الناس) أي أسخاهم ( بالخير) بنصب أجود خبر كان ( وأجود) بالرفع ( ما يكون في شهر رمضان) أثبت له الأجودية المطلقة أولًا ثم عطف عليها زيادة ذلك في رمضان لئلا يتخيل من قوله وأجود ما يكون في شهو رمضان أن الأجودية خاصة منه برمضان فهو احتراس بليغ ثم بيّن سبب الأجودية المذكورة بقوله ( لأن جبريل) عليه السلام ( كان يلقاه في كل ليلة في شهر رمضان حتى ينسلخ) رمضان وظاهره أنه كان يلقاه في كل رمضان منذ أنزل عليه القرآن إلى رمضان الذي توفي بعده وليس بمقيد برمضانات الهجرة وإن كان صيام شهر رمضان إنما فرض بعد الهجرة إذ إنه كان يسمى به قبل فرض صومه، نعم يحتمل أنه لم يعارضه في رمضان من السنة الأولى لوقوع ابتداء النزول فيها، ثم فتر الوحي ثم تتابع وسقط الضمير من يلقاه لأبي الوقت والأصيلي فكان ( يعرض عليه رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- القرآن) أي بعضه أو معظمه لأن أول رمضان من البعثة لم يكن نزل من القرآن إلا بعضه ثم كذلك كل رمضان بعده إلى الأخير فكان نزل كله إلا ما تأخر نزوله بعد رمضان المذكور وكان في سنة عشر إلى أن توفي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ومما نزل في تلك المدة { اليوم أكملت لكم دينكم} [المائدة: 3] فإنها نزلت يوم عرفة بالاتفاق ولما كان ما نزل في تلك الأيام قليلًا اغتفروا أمر معارضته فاستفيد منه إطلاق القرآن على بعضه مجازًا وحينئذٍ فلو حلف ليقرآن القرآن فقرأ بعضه لا يحنث إلا إن قصد كله ( فإذا لقيه جبريل كان) عليه الصلاة والسلام ( أجود بالخير من الريح المرسلة) أي المطلقة فهو من الاحتراس لأن الريح منها العقيم الضار، ومنها المبشر بالخير فوصفها بالمرسلة ليعين الثاني قال تعالى: { هو الذي يرسل الرياح مبشرات} [الروم: 46] فالريح المرسلة تستمر مدة إرسالها وكذا كان عمله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في رمضان ديمة لا ينقطع وفيه استعمال أفعل التفضيل في الإسناد الحقيقي والمجازي لأن الجود منه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حقيقة ومن الريح مجاز.

فإن قلت: ما الحكمة في تخصيص الليل المذكور بمعارضة القرآن؟ أجيب: بأن المقصود من التلاوة الحضور والفهم والليل مظنة ذلك بخلاف النهار فإن فيه الشواغل والعوارض على ما لا يخفى ولعله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يقسم ما نزل من القرآن في كل سنة على ليالي رمضان أجزاء فيقرأ كل ليلة جزءًا في جزء من الليلة وبقية ليلته لما سوى ذلك من تهجد وراحة وتعهد أهله ويحتمل أنه
كان يعيد ذلك الجزء مرارًا بحسب تعدّد الحروف المنزل بها القرآن.

وهذا الحديث قد سبق أول الصحيح وفي كتاب الصوم.