هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4727 حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى ، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ ، أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ ، قَالَ : وَأَخْبَرَنِي يُوسُفُ بْنُ مَاهَكٍ ، قَالَ : إِنِّي عِنْدَ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، إِذْ جَاءَهَا عِرَاقِيٌّ ، فَقَالَ : أَيُّ الكَفَنِ خَيْرٌ ؟ قَالَتْ : وَيْحَكَ ، وَمَا يَضُرُّكَ ؟ قَالَ : يَا أُمَّ المُؤْمِنِينَ ، أَرِينِي مُصْحَفَكِ ؟ قَالَتْ : لِمَ ؟ قَالَ : لَعَلِّي أُوَلِّفُ القُرْآنَ عَلَيْهِ ، فَإِنَّهُ يُقْرَأُ غَيْرَ مُؤَلَّفٍ ، قَالَتْ : وَمَا يَضُرُّكَ أَيَّهُ قَرَأْتَ قَبْلُ ؟ إِنَّمَا نَزَلَ أَوَّلَ مَا نَزَلَ مِنْهُ سُورَةٌ مِنَ المُفَصَّلِ ، فِيهَا ذِكْرُ الجَنَّةِ وَالنَّارِ ، حَتَّى إِذَا ثَابَ النَّاسُ إِلَى الإِسْلاَمِ نَزَلَ الحَلاَلُ وَالحَرَامُ ، وَلَوْ نَزَلَ أَوَّلَ شَيْءٍ : لاَ تَشْرَبُوا الخَمْرَ ، لَقَالُوا : لاَ نَدَعُ الخَمْرَ أَبَدًا ، وَلَوْ نَزَلَ : لاَ تَزْنُوا ، لَقَالُوا : لاَ نَدَعُ الزِّنَا أَبَدًا ، لَقَدْ نَزَلَ بِمَكَّةَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنِّي لَجَارِيَةٌ أَلْعَبُ : { بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ } وَمَا نَزَلَتْ سُورَةُ البَقَرَةِ وَالنِّسَاءِ إِلَّا وَأَنَا عِنْدَهُ ، قَالَ : فَأَخْرَجَتْ لَهُ المُصْحَفَ ، فَأَمْلَتْ عَلَيْهِ آيَ السُّوَرِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4727 حدثنا إبراهيم بن موسى ، أخبرنا هشام بن يوسف ، أن ابن جريج أخبرهم ، قال : وأخبرني يوسف بن ماهك ، قال : إني عند عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها ، إذ جاءها عراقي ، فقال : أي الكفن خير ؟ قالت : ويحك ، وما يضرك ؟ قال : يا أم المؤمنين ، أريني مصحفك ؟ قالت : لم ؟ قال : لعلي أولف القرآن عليه ، فإنه يقرأ غير مؤلف ، قالت : وما يضرك أيه قرأت قبل ؟ إنما نزل أول ما نزل منه سورة من المفصل ، فيها ذكر الجنة والنار ، حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام نزل الحلال والحرام ، ولو نزل أول شيء : لا تشربوا الخمر ، لقالوا : لا ندع الخمر أبدا ، ولو نزل : لا تزنوا ، لقالوا : لا ندع الزنا أبدا ، لقد نزل بمكة على محمد صلى الله عليه وسلم وإني لجارية ألعب : { بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر } وما نزلت سورة البقرة والنساء إلا وأنا عنده ، قال : فأخرجت له المصحف ، فأملت عليه آي السور
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Yusuf bin Mahk:

While I was with Aisha, the mother of the Believers, a person from Iraq came and asked, What type of shroud is the best? `Aisha said, May Allah be merciful to you! What does it matter? He said, O mother of the Believers! Show me (the copy of) your Qur'an, She said, Why? He said, In order to compile and arrange the Qur'an according to it, for people recite it with its Suras not in proper order. `Aisha said, What does it matter which part of it you read first? (Be informed) that the first thing that was revealed thereof was a Sura from Al-Mufassal, and in it was mentioned Paradise and the Fire. When the people embraced Islam, the Verses regarding legal and illegal things were revealed. If the first thing to be revealed was: 'Do not drink alcoholic drinks.' people would have said, 'We will never leave alcoholic drinks,' and if there had been revealed, 'Do not commit illegal sexual intercourse, 'they would have said, 'We will never give up illegal sexual intercourse.' While I was a young girl of playing age, the following Verse was revealed in Mecca to Muhammad: 'Nay! But the Hour is their appointed time (for their full recompense), and the Hour will be more grievous and more bitter.' (54.46) Sura Al-Baqara (The Cow) and Surat An-Nisa (The Women) were revealed while I was with him. Then `Aisha took out the copy of the Qur'an for the man and dictated to him the Verses of the Suras (in their proper order) .

":"ہم سے ابراہیم بن موسیٰ نے بیان کیا ، کہا ہم کو ہشام بن یوسف نے خبر دی ، انہیں ابن جریج نے خبر دی ، ان سے کیسان نے کہا کہ مجھے یوسف بن ماہک نے خبر دی ، انہوں نے بیان کیا کہمیں ام المؤمنین حضرت عائشہ رضی اللہ عنہا کی خدمت میں حاضر تھا کہ ایک عراقی ان کے پاس آیا اور پوچھا کہ کفن کیسا ہونا چاہئے ؟ ام المؤمنین نے کہا افسوس اس سے مطلب ! کسی طرح کا بھی کفن ہو تجھے کیا نقصان ہو گا ۔ پھر اس شخص نے کہا ام المؤمنین مجھے اپنے مصحف دکھا دیجئیے ۔ انہوں نے کہا کیوں ؟ ( کیا ضرورت ہے ) اس نے کہا تاکہ میں بھی قرآن مجید اس ترتیب کے مطابق پڑھوں کیونکہ لوگ بغیر ترتیب کے پڑھتے ہیں ، انہوں نے کہا پھر اس میں کیا قباحت ہے جونسی سورت تو چاہے پہلے پڑھ لے ( جونسی سورت چاہے بعد میں پڑھ لے اگر اترنے کی ترتیب دیکھتا ہے ) تو پہلے مفصل کی ایک سورت ، اتری ( اقرا باسم ربک ) جس میں جنت و دوزخ کا ذکر ہے ۔ جب لوگو ں کا دل اسلام کی طرف رجوع ہو گیا ( اعتقاد پختہ ہو گئے ) اس کے بعد حلال وحرام کے احکام اترے ، اگر کہیں شروع شروع ہی میں یہ اترتاکہ شراب نہ پینا تو لوگ کہتے ہم تو کبھی شراب پینا نہیں چھوڑیں گے ۔ اگر شروع ہی میں یہ اترتاکہ زنا نہ کرو تو لوگ کہتے ہم تو زنا نہیں چھوڑیں گے اس کے بجائے مکہ میں محمد صلی اللہ علیہ وسلم پر اس وقت جب میں بچی تھی اور کھیلا کرتی تھی یہ آیت نازل ہوئی ” بل الساعۃ موعدھم والساعۃ ادھی وامر “لیکن سورۃ البقرہ اور سورۃ نساء اس وقت نازل ہوئی ، جب میں ( مدینہ میں ) حضور اکرم صلی اللہ علیہ وسلم کے پاس تھی ۔ بیان کیا کہ پھر انہوں نے اس عراقی کے لئے اپنا مصحف نکالا اور ہر سورت کی آیات کی تفصیل لکھوائی ۔

شرح الحديث من فتح الباري لابن حجر

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،    ( قَولُهُ بَابُ تَأْلِيفِ الْقُرْآنِ)
أَيْ جَمْعُ آيَاتِ السُّورَةِ الْوَاحِدَةِ أَوْ جَمْعُ السُّوَرِ مُرَتَّبَةً فِي الْمُصحف

[ قــ :4727 ... غــ :4993] قَوْله أَن بن جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ وَأَخْبَرَنِي يُوسُفُ كَذَا عِنْدَهُمْ وَمَا عَرَفْتُ مَاذَا عَطَفَ عَلَيْهِ ثُمَّ رَأَيْتُ الْوَاوَ سَاقِطَةً فِي رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ وَكَذَا مَا وَقَفْتُ عَلَيْهِ مِنْ طُرُقِ هَذَا الْحَدِيثِ .

     قَوْلُهُ  إِذْ جَاءَهَا عِرَاقِيٌّ أَيْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ .

     قَوْلُهُ  أَيُّ الْكَفَنِ خَيْرٌ قَالَتْ وَيْحَكَ وَمَا يَضُرُّكَ لَعَلَّ هَذَا الْعِرَاقِيَّ كَانَ سَمِعَ حَدِيثَ سَمُرَةَ الْمَرْفُوعَ الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمُ الْبَيَاضَ وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ فَإِنَّهَا أَطْهَرُ وَأَطْيَبُ وَهُوَ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ مُصَحَّحًا وَأخرجه أَيْضا عَن بن عَبَّاسٍ فَلَعَلَّ الْعِرَاقِيَّ سَمِعَهُ فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَثْبِتَ عَائِشَةَ فِي ذَلِكَ وَكَانَ أَهْلُ الْعِرَاقِ اشْتُهِرُوا بِالتَّعَنُّتِ فِي السُّؤَالِ فَلِهَذَا قَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ وَمَا يَضُرُّكَ تَعْنِي أَيَّ كَفَنٍ كَفَّنْتَ فِيهِ أَجْزَأَ وَقَول بن عُمَرَ الَّذِي سَأَلَهُ عَنْ دَمِ الْبَعُوضِ مَشْهُورٌ حَيْثُ قَالَ انْظُرُوا إِلَى أَهْلِ الْعِرَاقِ يَسْأَلُونَ عَن دم البعوض وَقد قتلوا بن بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

     قَوْلُهُ  أُؤَلِّفُ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يُقْرَأُ غَيْرَ مؤلف قَالَ بن كَثِيرٍ كَأَنَّ قِصَّةَ هَذَا الْعِرَاقِيِّ كَانَتْ قَبْلَ أَنْ يُرْسِلَ عُثْمَانُ الْمُصْحَفَ إِلَى الْآفَاقِ كَذَا قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ يُوسُفَ بْنَ مَاهَكَ لَمْ يُدْرِكْ زَمَانَ أَرْسَلَ عُثْمَانُ الْمَصَاحِفَ إِلَى الْآفَاقِ فَقَدْ ذَكَرَ الْمِزِّيُّ أَنَّ رِوَايَتَهُ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ مُرْسَلَةٌ وَأُبَيٌّ عَاشَ بَعْدَ إِرْسَالِ الْمَصَاحِفِ عَلَى الصَّحِيحِ وَقَدْ صَرَّحَ يُوسُفُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ عَائِشَةَ حِينَ سَأَلَهَا هَذَا الْعِرَاقِيُّ وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ هَذَا الْعِرَاقِيّ كَانَ مِمَّن يَأْخُذ بِقِرَاءَة بن مَسْعُود وَكَانَ بن مَسْعُودٍ لَمَّا حَضَرَ مُصْحَفَ عُثْمَانَ إِلَى الْكُوفَةِ لَمْ يُوَافِقْ عَلَى الرُّجُوعِ عَنْ قِرَاءَتِهِ وَلَا عَلَى إِعْدَامِ مُصْحَفِهِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ بَعْدَ الْبَابِ الَّذِي يَلِي هَذَا فَكَانَ تَأْلِيفُ مُصْحَفِهِ مُغَايِرًا لِتَأْلِيفِ مُصْحَفِ عُثْمَانَ وَلَا شَكَّ أَنَّ تَأْلِيفَ الْمُصْحَفِ الْعُثْمَانِيِّ أَكْثَرُ مُنَاسَبَةً مِنْ غَيْرِهِ فَلِهَذَا أَطْلَقَ الْعِرَاقِيُّ أَنَّهُ غَيْرُ مُؤَلَّفٍ وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى أَنَّ السُّؤَالَ إِنَّمَا وَقَعَ عَنْ تَرْتِيبِ السُّوَرِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهَا لَهُ وَمَا يَضُرُّكَ أَيَّهُ قَرَأْتَ قَبْلُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ تَفْصِيلَ آيَاتِ كُلِّ سُورَةٍ لِقَوْلِهِ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ فَأَمْلَتْ عَلَيْهِ آيَ السُّوَرِ أَيْ آيَاتِ كُلِّ سُورَةٍ كَأَنْ تَقُولَ لَهُ سُورَةُ كَذَا مَثَلًا كَذَا كَذَا آيَةً الْأُولَى كَذَا الثَّانِيَةُ إِلَخْ وَهَذَا يَرْجِعُ إِلَى اخْتِلَافِ عَدَدِ الْآيَاتِ وَفِيهِ اخْتِلَافٌ بَيْنَ الْمَدَنِيِّ وَالشَّامِيِّ وَالْبَصْرِيِّ وَقَدِ اعْتَنَى أَئِمَّةُ الْقُرَّاءِ بِجَمْعِ ذَلِكَ وَبَيَانِ الْخِلَافِ فِيهِ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ السُّؤَالُ وَقَعَ عَنِ الْأَمْرَيْنِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ بن بَطَّالٍ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ بِوُجُوبِ تَرْتِيبِ السُّوَرِ فِي الْقِرَاءَةِ لَا دَاخِلَ الصَّلَاةِ وَلَا خَارِجَهَا بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَقْرَأَ الْكَهْفَ قَبْلَ الْبَقَرَةِ وَالْحَجَّ قَبْلَ الْكَهْفِ مَثَلًا.
وَأَمَّا مَا جَاءَ عَنِ السَّلَفِ مِنَ النَّهْيِ عَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ مَنْكُوسًا فَالْمُرَادُ بِهِ أَنْ يَقْرَأَ مِنْ آخِرِ السُّورَةِ إِلَى أَوَّلِهَا وَكَانَ جَمَاعَةٌ يَصْنَعُونَ ذَلِكَ فِي الْقَصِيدَةِ مِنَ الشِّعْرِ مُبَالَغَةً فِي حِفْظِهَا وَتَذْلِيلًا لِلِسَانِهِ فِي سَرْدِهَا فَمَنَعَ السَّلَفُ ذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ فَهُوَ حَرَامٌ فِيهِ.

     وَقَالَ  الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي شَرْحِ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ فِي صَلَاتِهِ فِي اللَّيْلِ بِسُورَةِ النِّسَاءِ قَبْلَ آلِ عِمْرَانَ هُوَ كَذَلِكَ فِي مُصْحَفِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَفِيهِ حُجَّةٌ لِمَنْ يَقُولُ إِنَّ تَرْتِيبَ السُّوَرِ اجْتِهَادٌ وَلَيْسَ بِتَوْقِيفٍ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي الْبَاقِلَّانِيُّ قَالَ وَتَرْتِيبُ السُّوَرِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ فِي التِّلَاوَةِ وَلَا فِي الصَّلَاةِ وَلَا فِي الدَّرْسِ وَلَا فِي التَّعْلِيمِ فَلِذَلِكَ اخْتَلَفَتِ الْمَصَاحِفُ فَلَمَّا كُتِبَ مُصْحَفُ عُثْمَانَ رَتَّبُوهُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ الْآنَ فَلِذَلِكَ اخْتَلَفَ تَرْتِيبُ مصاحف الصَّحَابَة ثمَّ ذكر نَحْو كَلَام بن بَطَّالٍ ثُمَّ قَالَ وَلَا خِلَافَ أَنَّ تَرْتِيبَ آيَاتِ كُلِّ سُورَةٍ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ الْآنَ فِي الْمُصْحَفِ تَوْقِيفٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَعَلَى ذَلِكَ نَقَلَتْهُ الْأُمَّةُ عَنْ نَبِيِّهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

     قَوْلُهُ  إِنَّمَا نَزَلَ أَوَّلَ مَا نَزَلَ مِنْهُ سُورَةٌ مِنَ الْمُفَصَّلِ فِيهَا ذِكْرُ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ هَذَا ظَاهِرُهُ مُغَايِرٌ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ أَوَّلَ شَيْءٍ نَزَلَ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبك وَلَيْسَ فِيهَا ذِكْرُ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ فَلَعَلَّ مِنْ مُقَدَّرَةٌ أَيْ مِنْ أَوَّلِ مَا نَزَلَ أَوِ الْمُرَادُ سُورَةُ الْمُدَّثِّرِ فَإِنَّهَا أَوَّلُ مَا نَزَلَ بَعْدَ فَتْرَةِ الْوَحْيِ وَفِي آخِرِهَا ذِكْرُ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ فَلَعَلَّ آخِرَهَا نَزَلَ قَبْلَ نُزُولِ بَقِيَّةِ سُورَةِ اقْرَأْ فَإِنَّ الَّذِي نَزَلَ أَوَّلًا مِنَ اقْرَأْ كَمَا تَقَدَّمَ خَمْسُ آيَاتٍ فَقَطْ .

     قَوْلُهُ  حَتَّى إِذَا ثَابَ بِالْمُثَلَّثَةِ ثُمَّ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ رَجَعَ .

     قَوْلُهُ  نَزَلَ الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ أَشَارَتْ إِلَى الْحِكْمَةِ الْإِلَهِيَّةِ فِي تَرْتِيبِ التَّنْزِيلِ وَأَنَّ أَوَّلَ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ الدُّعَاءُ إِلَى التَّوْحِيدِ وَالتَّبْشِيرُ لِلْمُؤْمِنِ وَالْمُطِيعِ بِالْجَنَّةِ وَلِلْكَافِرِ وَالْعَاصِي بِالنَّارِ فَلَمَّا اطْمَأَنَّتِ النُّفُوسُ عَلَى ذَلِكَ أُنْزِلَتِ الْأَحْكَامُ وَلِهَذَا قَالَتْ وَلَوْ نَزَلَ أَوَّلَ شَيْءٍ لَا تَشْرَبُوا الْخَمْرَ لَقَالُوا لَا نَدَعُهَا وَذَلِكَ لِمَا طُبِعَتْ عَلَيْهِ النُّفُوسُ مِنَ النَّفْرَةِ عَنْ تَرْكِ الْمَأْلُوفِ وَسَيَأْتِي بَيَانُ الْمُرَادِ بِالْمُفَصَّلِ فِي الْحَدِيثِ الرَّابِعِ .

     قَوْلُهُ  لَقَدْ نَزَلَ بِمَكَّةَ إِلَخْ أَشَارَتْ بِذَلِكَ إِلَى تَقْوِيَةِ مَا ظَهَرَ لَهَا مِنَ الْحِكْمَةِ الْمَذْكُورَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ نُزُولُ سُورَةِ الْقَمَرِ وَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ مِنَ الْأَحْكَامِ عَلَى نُزُولِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَالنِّسَاءِ مَعَ كَثْرَةِ مَا اشْتَمَلَتَا عَلَيْهِ مِنَ الْأَحْكَامِ وَأَشَارَتْ بِقَوْلِهَا وَأَنَا عِنْدَهُ أَيْ بِالْمَدِينَةِ لِأَنَّ دُخُولَهَا عَلَيْهِ إِنَّمَا كَانَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ اتِّفَاقًا وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي مَنَاقِبِهَا وَفِي الْحَدِيثِ رَدٌّ عَلَى النَّحَّاسِ فِي زَعْمِهِ أَنَّ سُورَةَ النِّسَاءِ مَكِّيَّةٌ مُسْتَنِدًا إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهلهَا نَزَلَتْ بِمَكَّةَ اتِّفَاقًا فِي قِصَّةِ مِفْتَاحِ الْكَعْبَةِ لَكِنَّهَا حُجَّةٌ وَاهِيَةٌ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ نُزُولِ آيَةٍ أَوْ آيَاتٍ مِنْ سُورَةٍ طَوِيلَةٍ بِمَكَّةَ إِذَا نَزَلَ مُعْظَمُهَا بِالْمَدِينَةِ أَنْ تَكُونَ مَكِّيَّةٌ بَلِ الْأَرْجَحُ أَنَّ جَمِيعَ مَا نَزَلَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ مَعْدُودٌ مِنَ الْمَدَنِيِّ وَقَدِ اعْتَنَى بَعْضُ الْأَئِمَّةِ بِبَيَانِ مَا نَزَلَ مِنَ الْآيَاتِ بِالْمَدِينَةِ فِي السُّور المكية وَقد أخرج بن الضُّرَيْسِ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ مِنْ طَرِيقِ عُثْمَانَ بن عَطاء الخرساني عَن أَبِيه عَن بن عَبَّاسٍ أَنَّ الَّذِي نَزَلَ بِالْمَدِينَةِ الْبَقَرَةُ ثُمَّ الْأَنْفَالُ ثُمَّ الْأَحْزَابُ ثُمَّ الْمَائِدَةُ ثُمَّ الْمُمْتَحِنَةُ وَالنِّسَاءُ ثُمَّ إِذَا زُلْزِلَتْ ثُمَّ الْحَدِيدُ ثُمَّ الْقِتَالُ ثُمَّ الرَّعْدُ ثُمَّ الرَّحْمَنُ ثُمَّ الْإِنْسَانُ ثُمَّ الطَّلَاقُ ثُمَّ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ ثُمَّ النُّورُ ثُمَّ الْمُنَافِقُونَ ثُمَّ الْمُجَادَلَةُ ثُمَّ الْحُجُرَاتُ ثُمَّ التَّحْرِيمُ ثُمَّ الْجَاثِيَةُ ثُمَّ التَّغَابُنُ ثُمَّ الصَّفُّ ثُمَّ الْفَتْحُ ثُمَّ بَرَاءَةٌ وَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّ سُورَةَ الْكَوْثَرِ مَدَنِيَّةٌ فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَاخْتُلِفَ فِي الْفَاتِحَةِ وَالرَّحْمَنِ وَالْمُطَفِّفِينَ وَإِذَا زُلْزِلَتْ وَالْعَادِيَاتِ وَالْقَدْرِ وَأَرَأَيْتَ وَالْإِخْلَاصِ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ وَكَذَا اخْتُلِفَ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي الصَّفِّ وَالْجُمُعَةِ وَالتَّغَابُنِ وَهَذَا بَيَانُ مَا نزل بعدالهجرة مِنَ الْآيَاتِ مِمَّا فِي الْمَكِّيِّ فَمِنْ ذَلِكَ الْأَعْرَافُ نَزَلَ بِالْمَدِينَةِ مِنْهَا وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَت حَاضِرَة الْبَحْر إِلَى وَإِذ أَخذ رَبك يُونُسُ نَزَلَ مِنْهَا بِالْمَدِينَةِ فَإِنْ كُنْتَ فِي شكّ آيتان وَقيل وَمِنْهُم من يُؤمن بِهِ آيَةٌ وَقِيلَ مِنْ رَأْسِ أَرْبَعِينَ إِلَى آخِرِهَا مدنِي هود ثَلَاث آيَات فلعلك تَارِك أَفَمَن كَانَ على بَيِّنَة من ربه وأقم الصَّلَاة طرفِي النَّهَار النَّحْل ثمَّ إِن رَبك للَّذين هَاجرُوا الْآيَة وَإِن عَاقَبْتُمْ إِلَى آخِرِ السُّورَةِ الْإِسْرَاءُ وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ وَقل رب أدخلني وَإِذ قُلْنَا لَك إِن رَبك أحَاط بِالنَّاسِ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تؤمنوا الْكَهْفُ مَكِّيَّةٌ إِلَّا أَوَّلَهَا إِلَى جُرُزًا وَآخِرُهَا مِنْ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا مَرْيَمُ آيَةُ السَّجْدَةِ الْحَج من أَولهَا إِلَى شَدِيد وَمن كَانَ يظنّ وَإِن الَّذين كفرُوا ويصدون عَن سَبِيل الله وَأذن للَّذين يُقَاتلُون وَلَوْلَا دفع الله وليعلم الَّذين أُوتُوا الْعلم وَالَّذين هَاجرُوا وَمَا بعْدهَا وَمَوْضِع السَّجْدَتَيْنِ وَهَذَانِ خصمان الْفرْقَان وَالَّذين يدعونَ مَعَ الله إِلَهًا آخر إِلَى رَحِيمًا الشُّعَرَاءُ آخِرُهَا مِنْ وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْقَصَص الَّذين آتَيْنَاهُم الْكتاب إِلَى الْجَاهِلين وَإِن الَّذِي فرض عَلَيْك الْقُرْآن العنكبوت من أَولهَا إِلَى وَيعلم الْمُنَافِقين لُقْمَان وَلَو أَن مَا فِي الأَرْض من شَجَرَة أَقْلَام ألم تَنْزِيل أَفَمَن كَانَ مُؤمنا وَقِيلَ مِنْ تَتَجَافَى سَبَأُ وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعلم الزُّمَرُ قُلْ يَا عِبَادِي إِلَى يَشْعُرُونَ الْمُؤْمِنُ إِن الَّذين يجادلون فِي آيَات الله وَالَّتِي تَلِيهَا الشورى أم يَقُولُونَ افترى وَهُوَ الَّذِي يقبل التَّوْبَة إِلَى شَدِيدٌ الْجَاثِيَةُ قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا الْأَحْقَافُ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ الله وكفرتم بِهِ وَقَولُهُ فَاصْبِرْ ق وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ إِلَى لُغُوبٍ النَّجْمُ الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ إِلَى اتَّقَى الرَّحْمَنُ يسْأَله من فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض الْوَاقِعَة وتجعلون رزقكم ن من إِنَّا بلوناهم إِلَى يعلمُونَ وَمن فاصبر لحكم رَبك إِلَى الصَّالِحِينَ الْمُرْسَلَاتُ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ فَهَذَا مَا نَزَلَ بِالْمَدِينَةِ مِنْ آيَاتٍ مِنْ سُوَرٍ تَقَدَّمَ نُزُولُهَا بِمَكَّةَ وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ حَدِيث بن عَبَّاسٍ عَنْ عُثْمَانَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثِيرًا مَا يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْآيَاتُ فَيَقُولُ ضَعُوهَا فِي السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا.
وَأَمَّا عَكْسُ ذَلِكَ وَهُوَ نُزُولُ شَيْءٍ مِنْ سُورَةٍ بِمَكَّةَ تَأَخَّرَ نُزُولُ تِلْكَ السُّورَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلَمْ أَرَهُ إِلَّا نَادِرًا فَقَدِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْأَنْفَالَ مَدَنِيَّةٌ لَكِنْ قِيلَ إِنَّ قَوْلِهِ تَعَالَى وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا الْآيَةَ نَزَلَتْ بِمَكَّةَ ثُمَّ نَزَلَتْ سُورَةُ الْأَنْفَالِ بِالْمَدِينَةِ وَهَذَا غَرِيبٌ جِدًّا نَعَمْ نَزَلَ مِنَ السُّوَرِ الْمَدَنِيَّةِ الَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا بِمَكَّةَ ثُمَّ نَزَلَتْ سُورَةُ الْأَنْفَالِ بَعْدَ الْهِجْرَةِ فِي الْعُمْرَةِ وَالْفَتْح وَالْحج وَمَوَاضِعَ مُتَعَدِّدَةٍ فِي الْغَزَوَاتِ كَتَبُوكَ وَغَيْرِهَا أَشْيَاءٌ كَثِيرَةٌ كُلُّهَا تُسَمَّى الْمَدَنِيُّ اصْطِلَاحًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ الحَدِيث الثَّانِي حَدِيث بن مَسْعُودٍ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي تَفْسِيرِ سُبْحَانَ وَفِي الْأَنْبِيَاءِ وَالْغَرَضُ مِنْهُ هُنَا أَنَّ هَذِهِ السُّوَرَ نَزَلْنَ بِمَكَّة وَأَنَّهَا مرتبَة فِي مصحف بن مَسْعُودٍ كَمَا هِيَ فِي مُصْحَفِ عُثْمَانَ وَمَعَ تَقْدِيمِهِنَّ فِي النُّزُولِ فَهُنَّ مُؤَخَّرَاتٌ فِي تَرْتِيبِ الْمَصَاحِفِ وَالْمُرَادُ بِالْعِتَاقِ وَهُوَ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ أَنَّهُنَّ من قيم مَا نَزَلَ الْحَدِيثُ الْثَالِثُ حَدِيثُ الْبَرَاءِ تَعَلَّمْتُ سُورَة سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي أَحَادِيثِ الْهِجْرَةِ وَالْغَرَضُ مِنْهُ أَنَّ هَذِهِ السُّورَةَ مُتَقَدِّمَةُ النُّزُولِ وَهِيَ فِي أَوَاخِرِ الْمُصحف مَعَ ذَلِك الحَدِيث الرَّابِع حَدِيث بن مَسْعُود أَيْضا قَوْله عَن شَقِيق هُوَ بن سَلَمَةَ وَهُوَ أَبُو وَائِلٍ مَشْهُورٌ بِكُنْيَتِهِ أَكْثَرُ مِنَ اسْمِهِ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ عَنْ شُعْبَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ .

     قَوْلُهُ  قَالَ عَبْدُ اللَّهِ سَيَأْتِي فِي بَابِ التَّرْتِيلِ بِلَفْظِ غَدَوْنَا عَلَى عَبْدِ الله وَهُوَ بن مَسْعُودٍ .

     قَوْلُهُ  لَقَدْ تَعَلَّمْتُ النَّظَائِرَ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي بَابِ الْجَمْعِ بَيْنَ سُورَتَيْنِ فِي الصَّلَاةِ مِنْ أَبْوَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ وَفِيهِ أَسْمَاءُ السُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ وَأَنَّ فِيهِ دَلَالَةً عَلَى أَنَّ تأليف مصحف بن مَسْعُودٍ عَلَى غَيْرِ تَأْلِيفِ الْعُثْمَانِيِّ وَكَانَ أَوَّلُهُ الْفَاتِحَةَ ثُمَّ الْبَقَرَةَ ثُمَّ النِّسَاءَ ثُمَّ آلَ عِمْرَانَ وَلَمْ يَكُنْ عَلَى تَرْتِيبِ النُّزُولِ وَيُقَالُ إِنَّ مُصْحَفَ عَلِيٍّ كَانَ عَلَى تَرْتِيبِ النُّزُولِ أَوَّلُهُ اقْرَأْ ثُمَّ الْمُدَّثِّرُ ثُمَّ ن وَالْقَلَمِ ثُمَّ الْمُزَّمِّلُ ثُمَّ تَبَّتْ ثُمَّ التَّكْوِيرُ ثُمَّ سَبِّحْ وَهَكَذَا إِلَى آخِرِ الْمَكِّيِّ ثُمَّ الْمَدَنِيِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَمَّا تَرْتِيبُ الْمُصْحَفِ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ الْآنَ فَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيُّ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الَّذِي أَمَرَ بِتَرْتِيبِهِ هَكَذَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنَ اجْتِهَادِ الصَّحَابَةِ ثُمَّ رُجِّحَ الْأَوَّلُ بِمَا سَيَأْتِي فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَ هَذَا أَنَّهُ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَارِضُ بِهِ جِبْرِيلَ فِي كُلِّ سَنَةٍ فَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ عَارَضَهُ بِهِ هَكَذَا على هَذَا التَّرْتِيب وَبِه جزم بن الْأَنْبَارِيِّ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلِ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ كَانَ يُعَارِضُهُ بِهِ عَلَى تَرْتِيبِ النُّزُولِ نَعَمْ تَرْتِيبُ بَعْضِ السُّوَرِ عَلَى بَعْضٍ أَوْ مُعْظَمِهَا لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ تَوْقِيفًا وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُ مِنَ اجْتِهَادِ بَعْضِ الصَّحَابَةِ وَقَدْ أَخْرَجَ أَحْمد وَأَصْحَاب السّنَن وَصَححهُ بن حبَان وَالْحَاكِم من حَدِيث بن عَبَّاسٍ قَالَ.

قُلْتُ لِعُثْمَانَ مَا حَمَلَكُمْ عَلَى أَنْ عَمَدْتُمْ إِلَى الْأَنْفَالِ وَهِيَ مِنَ الْمَثَانِي وَإِلَى بَرَاءَةٌ وَهِيَ مِنَ الْمُبِينِ فَقَرَنْتُمْ بِهِمَا وَلَمْ تَكْتُبُوا بَيْنَهُمَا سَطْرَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَوَضَعْتُمُوهُمَا فِي السَّبْعِ الطِّوَالِ فَقَالَ عُثْمَانُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثِيرًا مَا يَنْزِلُ عَلَيْهِ السُّورَةُ ذَاتُ الْعَدَدِ فَإِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الشَّيْءُ يَعْنِي مِنْهَا دَعَا بَعْضَ مَنْ كَانَ يَكْتُبُ فَيَقُولُ ضَعُوا هَؤُلَاءِ الْآيَاتِ فِي السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا وَكَانَتِ الْأَنْفَالُ مِنْ أَوَائِلِ مَا نَزَلَ بِالْمَدِينَةِ وَبَرَاءَةٌ مِنْ آخِرِ الْقُرْآنِ وَكَانَ قِصَّتُهَا شَبِيهَةً بِهَا فَظَنَنْتُ أَنَّهَا مِنْهَا فَقُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا أَنَّهَا مِنْهَا اه فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ تَرْتِيبَ الْآيَاتِ فِي كُلِّ سُورَةٍ كَانَ تَوْقِيفًا وَلَمَّا لَمْ يُفْصِحِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَمْرِ بَرَاءَةٌ أَضَافَهَا عُثْمَانُ إِلَى الْأَنْفَالِ اجْتِهَادًا مِنْهُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَنَقَلَ صَاحِبُ الْإِقْنَاعِ أَنَّ الْبَسْمَلَةَ لِبَرَاءَةٌ ثَابِتَةٌ فِي مصحف بن مَسْعُودٍ قَالَ وَلَا يُؤْخَذُ بِهَذَا وَكَانَ مِنْ عَلَامَةِ ابْتِدَاءِ السُّورَةِ نُزُولُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَوَّلَ مَا يَنْزِلُ شَيْءٌ مِنْهَا كَمَا أخرجه أَبُو دَاوُد وَصَححهُ بن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَعْلَمُ خَتْمَ السُّورَةِ حَتَّى يَنْزِلَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَفِي رِوَايَةٍ فَإِذَا نَزَلَتْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ عَلِمُوا أَنَّ السُّورَةَ قَدِ انْقَضَتْ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ تَرْتِيبَ الْمُصْحَفِ كَانَ تَوْقِيفًا مَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُمَا عَنْ أَوْسِ بْنِ أَبِي أَوْسٍ حُذَيْفَةَ الثَّقَفِيِّ قَالَ كُنْتُ فِي الْوَفْدِ الَّذِينَ أَسْلَمُوا مِنْ ثَقِيفٍ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طرأعلي حِزْبِي مِنَ الْقُرْآنِ فَأَرَدْتُ أَنْ لَا أَخْرُجَ حَتَّى أَقْضِيَهُ قَالَ فَسَأَلْنَا أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْنَا كَيْفَ تُحَزِّبُونَ الْقُرْآنَ قَالُوا نُحَزِّبُهُ ثَلَاثَ سُوَرٍ وَخَمْسَ سُوَرٍ وَسَبْعَ سُوَرٍ وَتِسْعَ سُوَرٍ وَإِحْدَى عَشْرَةَ وَثَلَاثَ عَشْرَةَ وَحِزْبُ الْمُفَصَّلِ مِنْ ق حَتَّى تَخْتِمَ.

قُلْتُ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ تَرْتِيبَ السُّوَرِ عَلَى مَا هُوَ فِي الْمُصْحَفِ الْآنَ كَانَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الَّذِي كَانَ مُرَتَّبًا حِينَئِذٍ حِزْبُ الْمُفَصَّلِ خَاصَّةً بِخِلَافِ مَا عَدَاهُ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ كَانَ فِيهِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ كَمَا ثَبَتَ مِنْ حَدِيثُ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ النِّسَاءَ بَعْدَ الْبَقَرَةِ قَبْلَ آلِ عُمْرَانَ وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ حَدِيثِ أَوْسٍ أَنَّ الرَّاجِحَ فِي الْمُفَصَّلِ أَنَّهُ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ ق إِلَى آخِرِ الْقُرْآنِ لَكِنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْفَاتِحَةَ لَمْ تُعَدَّ فِي الثُّلُثِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ عَدِّهَا أَنْ يَكُونَ أَوَّلُ الْمُفَصَّلِ مِنَ الْحُجُرَاتِ وَبِهِ جَزَمَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ وَقَدْ نَقَلْنَا الِاخْتِلَافَ فِي تَحْدِيدِهِ فِي بَابِ الْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ فِي الْمَغْرِبِ مِنْ أَبْوَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ وَاللَّهُ أعلم