هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4704 حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ وَهُوَ ابْنُ هَارُونَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَالِكٍ الْأَشْجَعِيُّ ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الْأَنْصَارُ ، وَمُزَيْنَةُ ، وَجُهَيْنَةُ ، وَغِفَارُ ، وَأَشْجَعُ ، وَمَنْ كَانَ مِنْ بَنِي عَبْدِ اللَّهِ ، مَوَالِيَّ دُونَ النَّاسِ ، وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ مَوْلَاهُمْ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4704 حدثني زهير بن حرب ، حدثنا يزيد وهو ابن هارون ، أخبرنا أبو مالك الأشجعي ، عن موسى بن طلحة ، عن أبي أيوب ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الأنصار ، ومزينة ، وجهينة ، وغفار ، وأشجع ، ومن كان من بني عبد الله ، موالي دون الناس ، والله ورسوله مولاهم
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Abu Ayyub reported Allah's Messenger (ﷺ) as saying:

The tribes of Ansar, Muzaina and Juhaina and Ghifar and Ashja' and those from Banu 'Abdullah, they are my friends amongst the people and Allah and His Messenger are their protectors.

شرح الحديث من فـــتح المــــنعم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

عن أبي أيوب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الأنصار ومزينة وجهينة وغفار وأشجع، ومن كان من بني عبد الله، موالي دون الناس.
والله ورسوله مولاهم.


المعنى العام

يقول الله تعالى: { { يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير } } [الحجرات: 13] .

نعم فضل الله بعض القبائل على بعض في الدنيا، ليتخذ بعضهم بعضا سخريا، لكنه تعالى جعل الفضل الحقيقي للدين { { إن أكرمكم عند الله أتقاكم } }

جاء الإسلام ولبعض القبائل رفعة على بعض، بالمال تارة، وبالقوة البدنية أخرى، وبالقوة العقلية والسلوكية ثالثة، وبالأصل والأحساب رابعة، فحول كل هذه الموازين إلى ميزان الإسلام، وصار السبق إلى الإسلام، وبذل النفس والمال في سبيل إعلاء كلمة الله، والجهاد في سبيل الله، هو الميزان الحقيقي، الذي يفاضل به بين القبائل، فارتفعت بهذا الميزان قبائل كانت قبل الإسلام غير رفيعة، وهبطت بهذا الميزان قبائل كانت قبل الإسلام عالية مرموقة.

يؤكد رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا المعنى في نفوس أصحابه، ويقرره غاية التقرير، فيقول: غفار بسبق إسلامها غفر الله لها، وأسلم سالمها الله، والأنصار ومزينة وجهينة وأشجع وبنو عبد الله هم أوليائي قبل الناس، وهم عند الله يوم القيامة خير من أسد وغطفان وهوازن وتميم.

ولا ينسى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يثني على أهل الفضل من القبائل ما لها من فضل، ولو كانت مفضولة بالنسبة لغيرها، فيذكر لتميم شدتها في الحروب، وأدائها للصدقات، وانتسابها لإسماعيل عليه السلام، ولا ينسى أن يلعن من القبائل من تستحق اللعن، فيلعن بني لحيان ورعلا وذكوان وعصية، لما فعلوه بالمسلمين من غدر وتنكيل وتقتيل.
فصلى الله وسلم وبارك عليه، ورضي عن صحابته أجمعين.

المباحث العربية

( غفار غفر الله لها) كذا في الرواية الأولى والثانية والثالثة والرابعة والخامسة، وزاد في الرواية الثالثة أما إني لم أقلها، ولكن قالها الله عز وجل كما ذكرت واحدة من قبائل مولاهم الله ورسوله في الرواية السادسة والسابعة، كما ذكرت في الرواية الثامنة والحادية عشرة والثانية عشرة والثالثة عشرة واحدة من قبائل، هي خير من بني تميم وبني عامر والحليفتين أسد وغطفان، كما ذكرت في الرواية التاسعة واحدة من قبائل، هي خير عند الله يوم القيامة من أسد وطيئ وغطفان، كما ذكرت في الرواية العاشرة واحدة من قبائل هي خير عند الله يوم القيامة من أسد وغطفان، وهوازن وتميم.

ومن مجموع الروايات تكون غفار قد فضلت بأن الله غفر لها، وبأن مولاها الله ورسوله، وبأنها أفضل من بني تميم، وبني عامر وأسد وغطفان وطيئ وهوازن.

والمذكور مع غفار في الفضل الأنصار ومزينة وأشجع وجهينة وأسلم، وهذه القبائل التي فضلت كانت في الجاهلية في القوة والمكانة أقل من القبائل التي فضلت عليها، فلما جاء الإسلام كانوا أسرع دخولا فيه من أولئك، فانقلب الشرف إليهم بسبب ذلك.

واختصت غفار بقوله غفر الله لها لما اشتهروا به قبل إسلامهم من سرقة الحجيج الذين يمرون بديارهم، كما تشير إلى ذلك الرواية الحادية عشرة، حكى ابن التين أن بني غفار كانوا يسرقون الحاج في الجاهلية، فدعا لهم النبي صلى الله عليه وسلم، بعد أن أسلموا - ليمحو عنهم ذلك العار، وهي جملة لفظها خبر، ويحتمل أن يكون معناها خبرا أيضا، إشعارا بأن ذنبها السابق قد غفر، لأن الإسلام يجب ما قبله، ويحتمل أن معناها دعاء، أي أسأل الله أن يغفر لها ما تقدم وما تأخر، والمراد قطعا من آمن منهم، وفي هذه الرواية من البديع ما يعرف بجناس الاشتقاق.

والمراد بنو غفار - بكسر الغين وتخفيف الفاء، ابن مليل، بضم الميم وفتح اللام مصغرا، ابن صخرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة، وسبق منهم إلى الإسلام أبو ذر الغفاري وأخوه أنيس، وقد سبق الكلام عن إسلامهما قبل أربعة عشر بابا.

( وأسلم سالمها الله) وقد شاركت غفار في كل ما فضلت به، وذكرت مصاحبة لها، متقدمة عليها أو تالية لها في جميع روايات مسلم، عدا الرواية السادسة، ولعل سقوطها من الرواة وفي العبارة جناس الاشتقاق أيضا، واحتمال كونها خبرا لفظا ومعنى، أي جعلها الله مسالمة للإسلام فيما مضى، لأنها أسلمت دون اشتراك في الحروب، واحتمال كونها خبرا لفظا، دعاء معني، أي صنع الله بهم ما يرضيهم، والمراد من سالم سلم، كما في قاتله الله.

وأسلم بن أفصى، بفتح الهمزة وسكون الفاء بعدها صاد، ابن حارثة بن عمرو بن عامر - أي ابن حارثة ابن امرئ القيس - بن ثعلبة بن مازن بن الأزد، قال الرشاطي: الأزد جرثومة من جراثيم قطحان، وفيهم قبائل، فمنهم الأنصار وخزاعة وغسان وغيرهم.

ونسب حارثة بن عمرو متصل باليمن، وقد خاطب النبي صلى الله عليه وسلم بني أسلم بأنهم من بني إسماعيل، كما في حديث سلمة بن الأكوع.

( اللهم العن بني لحيان، ورعلا، وذكوان وعصية، عصوا الله ورسوله) لحيان بكسر اللام وفتحها، وسكون الحاء، وهو ابن هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر، وزعم الهمداني النسابة أن أصل بني لحيان من بقايا جرهم، دخلوا في هذيل، فنسبوا إليهم.

ورعل بكسر الراء وسكون العين، بطن من بني سليم، ينسبون إلى رعل بن عوف بن مالك بن امرئ القيس بن لهيعة بن سليم.

وذكوان بطن من بني سليم أيضا، ينسبون إلى ذكوان بن ثعلبة.

وعصية بطن من بني سليم أيضا، ينسبون إلى عصية بضم العين وفتح الصاد، مصغر ابن خفاف، بضم الخاء، ابن امرئ القيس بن بهثة بضم الباء وسكون الهاء بعدها ثاء، ابن سليم.

أما جريمة بني لحيان فيرويها البخاري تحت باب غزوة الرجيع، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم سرية وفي رواية أنهم كانوا عشرة، وفي أخرى أنهم كانوا سبعة، بعثهم إلى مكة عيونا يتجسسون على قريش، ويأتونه بأخبارهم، وكان ذلك في السنة الثالثة فانطلقوا حتى إذا كانوا بين عسفان ومكة، ذكروا لحي من هذيل، يقال لهم: بنو لحيان، فتبعوهم بنحو مائة رام، فاقتصوا آثارهم، حتى أتوا منزلا نزلوه، فلحقوهم، فهربوا منهم على تل، فجاء القوم فأحاطوا بهم، وقالوا لهم: إنا والله ما نريد قتالكم، إنما نريد أن نصيب منكم شيئا من أهل مكة، ولكم العهد والميثاق - إن نزلتم إلينا أن لا نقتل منكم رجلا، فقال عاصم - قائد المسلمين - أما أنا فلا أنزل في ذمة كافر، اللهم أخبر عنا نبيك، فقاتلوهم، حتى قتلوا عاصما في سبعة نفر، بالنبل، وبقي ثلاثة، خبيب وزيد بن الدثنة وعبد الله بن طارق، فأعطوهم العهد والميثاق، فنزلوا إليهم، فلما استمكنوا منهم حلوا أوتار قسيهم، فربطوهم بها، فقال عبد الله: هذا أول الغدر، وأبى أن يصحبهم، فجروه، وحاولوا أن يصحبهم، فلم يفعل، فقتلوه، وانطلقوا بخبيب وزيد نحو مكة، فباعوهما هناك، فاشترى خبيبا بنو الحارث بن عامر ابن نوفل، وكان خبيب قد قتل الحارث يوم بدر، فمكث عندهم أسيرا، حتى خرجت الأشهر الحرم، فخرجوا به من الحرم إلى التنعيم ليقتلوه، فقال: دعوني أصلي ركعتين، فلما صلاهما، انصرف إليهم، فقال: لولا أن تروا أن الذي بي جزع من الموت لزدت في الصلاة، ثم قال: اللهم أحصهم عددا، واقتلهم بددا، ولا تبق منهم أحدا، ثم قال:

ما إن أبالي حين أقتل مسلما
على أي شق كان في الله مصرعي

وذلك في ذات الإله، وإن يشأ
يبارك على أوصال شلو ممزع

ثم قام إليه عقبة بن الحارث، فقتله، فلم يحل الحول، ومنهم أحد حي.

وأما زيد فاشتراه صفوان بن أمية، فقتله بأبيه.

هذه قصة بني لحيان، وسبب لعنهم والدعاء عليهم، وقد قنت صلى الله عليه وسلم شهرا يدعو عليهم وعلى رعل وذكوان وعصية في صلاة الصبح.

وأما قصة رعل وذكوان وعصية فيرويها البخاري أيضا، تحت عنوان: غزوة رعل وذكوان وبئر معونة، وتعرف بسرية القراء، ويرويها أصحاب السير بأن رؤساء هذه القبائل كانوا قد جاءوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأسلموا ظاهرا، ثم طلبوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمدهم بجماعة من أصحابه رجاء أن يدعوا الناس، فيسلموا، فبعث معهم سبعين رجلا من الأنصار، يقال لهم القراء، كانوا يحتطبون بالنهار، ويبيعون الحطب، ويشترون به الطعام لأهل الصفة، ويتدارسون القرآن بالليل ويصلون، فلما نزلوا بئر معونة استمكنوا منهم، وغدروا بهم، ونقضوا عهدهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقتلوهم عن آخرهم، إلا رجلا أعرج، صعد الجبل.

وجملة عصوا الله ورسوله مستأنفة استئنافا تعليليا، والضمير فيها يعود على القبائل الأربع، ولا يتعارض هذا مع قوله في الرواية الخامسة عصية عصت الله ورسوله فإن الموصوفين بوصف كل منهم موصوف بهذا الوصف.

( الأنصار ومزينة وجهينة وغفار وأشجع ومن كان من بني عبد الله، موالي، دون الناس، والله ورسوله مولاهم) زادت الرواية السابعة في القبائل المفضلة قريشا وأسلم، ونقصت الرواية الثامنة الأنصار، وقريشا، فيؤخذ بالزيادة على أن بعض الرواة ذكر ما لم يذكر الآخر.

وقد سبق الكلام عن قريش والأنصار وغفار وأسلم.

أما مزينة فبضم الميم وفتح الزاي وسكون الياء، وهو اسم امرأة عمرو بن أد بن طابخة بن إلياس ابن مضر، وهي مزينة بنت كلب بن وبرة، وهي أم أوس وعثمان ابني عمرو، فولد هذين يقال لهم: بنو مزينة، والمزنيون من قدماء الصحابة منهم عبد الله بن مغفل المزني، وعمه خزاعى بن عبد نهم، وإياس بن هلال، وابنه قرة بن إياس.

وأما جهينة فهم بنو جهينة بن زيد بن ليث بن سود بن أسلم، ومن مشهور الصحابة منهم عقبة بن عامر الجهني وغيره.

وأما أشجع بالشين والجيم والعين، على وزن أحمر، وهم بنو أشجع بن ريث بفتح الراء وسكون الياء بعدها ثاء، ابن غطفان بن سعد بن قيس، ومن مشهور الصحابة منهم نعيم بن مسعود بن عامر، وقد سبق القول بأن المقصود المجموع والإجمال، لا الجميع والاستغراق، ولذلك كانت العبارة مع بعضهم ومن كان من بني عبد الله في الرواية السادسة، أي ومن كان مؤمنا من بني عبد الله، ومن كان من جهينة أي ومن كان مؤمنا من جهينة، وفي الرواية الثامنة والتاسعة، أو شيء من جهينة في الرواية العاشرة، ومن كان من مزينة في الرواية التاسعة.

ونلاحظ أن من كان من بني عبد الله ذكروا في مقام المدح والتفضيل في الرواية السادسة، وذكروا في مقام الذم والمفضل عليهم في الرواية الثالثة عشرة، وفي البخاري، فالأولون من آمنوا، والآخرون من لم يؤمنوا، وبنو عبد الله بن غطفان بفتح الغين والطاء بعدها فاء، أي ابن سعد بن قيس عيلان بن مضر، وكان اسم عبد الله بن غطفان في الجاهلية عبد العزى، فصيره النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله، وبنوه يعرفون ببني المحولة، لتحويل اسم أبيهم.

أما المفضل عليهم فهو بنو تميم وبنو عامر وأسد وغطفان وطيئ وهوازن.

وبنو تميم بن مر، بضم الميم وتشديد الراء، ابن أد، بضم الهمزة وتشديد الدال، ابن طابخة بن إلياس بن مضر، وفيهم بطون كثير، وقد ارتدوا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم مع سجاح، ولا يتعارض هذا مع مدحهم ببعض الصفات في بعض الأحوال، كما سيأتي عنهم في الرواية السادسة عشرة وملحقيها.

وبنو عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن، وقد ذكر بنو عامر في الرواية الثامنة والحادية عشرة والثانية عشرة والثالثة عشرة، وذكرت بدلها.

هوازن: في الرواية العاشرة، قال الحافظ ابن حجر: فذكر هوازن أشمل من ذكر بني عامر، ومن قبائل هوازن - غير بني عامر - بنو نصر بن معاوية، وبنو سعد بن بكر بن هوازن، وثقيف، وهو قيس ابن منبه بن بكر ابن هوازن، والجميع يجمعهم هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بفتح الخاء وسكون الصاد بعدها فاء.

وأسد بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر، وكانوا عددا كثيرا، وكانت منازلهم ظاهر مكة، حتى وقع بينهم وبين خزاعة شجار، فقتل فضالة بن عبادة بن مرارة الأسدي هلال بن أمية الخزاعي، فقتلت خزاعة فضالة بصاحبها، فنشبت الحرب بينهم، فبرحت بنو أسد عن منازلهم، فحالفوا غطفان، فصار يقال للطائفتين: الحليفان.
أسد وغطفان كما في الرواية الثامنة عشرة.

وطيئ ذكرت في المفضل عليهم في الرواية التاسعة، وهي بفتح الطاء وتشديد الياء المكسورة بعدها همزة، وحكي تركها، وهو ابن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ، يقال: كان اسمه جلهمة، فسمي طيئا، لأنه أول من طوى بئرا، وقبيلة طيئ من القبائل التي تأخر إسلامها إلى سنة الوفود، وكان رئيسها عدي بن حاتم بن عبد الله بن سعد بن الحشرج، بوزن جعفر، ابن امرئ القيس بن عدي الطائي.

وذكر ابن إسحاق أن خيل النبي صلى الله عليه وسلم أصابت أخت عدي، فقالت له: هلك الوالد، وغاب الوافد، قال لها: من وافدك؟ قالت: عدي بن حاتم.
قال: الفار من الله ورسوله؟ قالت: امنن من الله عليك.
قال: أطلقوا سراحها، فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق، فلما قدمت بنت حاتم على عدي أخيها أشارت عليه بالقدوم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقدم وأسلم.
ويروي الإمام أحمد في سبب إسلام عدي أنه قال: لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم كرهته، فانطلقت إلى أقصى الأرض، مما يلي الروم، ثم كرهت مكاني، فقلت: لو أتيته؟ فإن كان كاذبا لم يخف علي، فأتيته، فقال: أسلم تسلم.
فقلت: إن لي دينا - وكان نصرانيا، فذكر إسلامه.

( فوالذي نفسي بيده.
إنهم لأخير منهم)
كذا في الرواية الحادية عشرة، قال النووي: هكذا هو في جميع النسخ لأخير وهي لغة قليلة، تكررت في الأحاديث، وأهل العربية ينكرونها، يقولون: الصواب خير وشر ولا يقال أخير ولا أشر ولا يقبل إنكارهم فهي لغة، قليلة الاستعمال.

( عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: أتيت عمر بن الخطاب) أي في خلافته.

( فقال لي: إن أول صدقة بيضت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووجوه أصحابه، صدقة طيئ، جئت بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم) وجاءت هذه الصدقة في أخريات أيامه صلى الله عليه وسلم، والمراد من تبيضها الوجوه أنها سرتهم وأفرحتهم، لسرورهم بإسلام طيئ.

وقد روى البخاري عن عدي رضي الله عنه قال: أتينا عمر في وفد، فجعل يدعو رجلا رجلا، ويسميهم، فقلت: أما تعرفني يا أمير المؤمنين؟ قال: بلى.
أسلمت إذ كفروا، وأقبلت إذ أدبروا، ووفيت إذ غدروا، وعرفت إذ أنكروا.
فقال عدي: فلا أبالي إذن أي إذا كنت تعرف قدري فلا أبالي إذا قدمت على غيري من قومي.

( قدم الطفيل وأصحابه فقالوا: يا رسول الله، إن دوسا قد كفرت، وأبت، فادع الله عليها.
فقيل: هلكت دوس)
حيث طلبوا من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يدعو عليها بالهلاك، فسكت قليلا، فظنوه دعا عليهم فقالوا: هلكت.

( فقال: اللهم اهد دوسا، وائت بهم) ودوس بفتح الدال وسكون الواو بعدها سين مكسورة ودوس قبيلة أبي هريرة، وهم ينتسبون إلى دوس بن عدثان بضم العين وسكون الدال بعدها ثاء، ابن عبد الله ابن زهران، وينتهي نسبهم إلى الأزد، وكانوا في الجاهلية يعبدون صنما يقال له: ذو الخلصة.

والطفيل بن عمرو بن طريف بن العاص بن ثعلبة بن سليم بن فهم بن غنم بن دوس، والقائل: إن دوسا قد كفرت، وأبت، فادع الله عليها هو الطفيل وأصحابه، وكان الطفيل قد أسلم بمكة، ورجع إلى بلاد قومه، ودعا أبويه إلى الإسلام، فأسلم أبوه، ولم تسلم أمه، ودعا قومه، فأجابه أبو هريرة وحده، ثم وافى النبي صلى الله عليه وسلم في عمرة القضاء، وقيل: قدم مع أبي هريرة بخيبر، فكان هذا القول منه، وكان هذا الدعاء من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأجاب الله الدعاء فجاء حبيب بن عمرو بن حثمة حاكم الدوس، ومعه خمسة وسبعون رجلا من قومه، فأسلم وأسلموا.

( قال أبو هريرة: لا أزال أحب بني تميم من ثلاث سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم) وفي ملحق الرواية لا أزال أحب بني تميم بعد ثلاث... وعند البخاري مازلت أحب بني تميم منذ ثلاث... أي من حين سمعت الخصال الثلاث، زاد أحمد وما كان قوم من الأحياء أبغض إلي منهم، فأحببتهم وكان ذلك لما كان يقع بينهم وبين قوم أبي هريرة في الجاهلية من العداوة.

( هم أشد أمتي على الدجال) وفي الملحق الثاني للرواية هم أشد الناس قتالا في الملاحم وهي أعم مما في الرواية الأساسية، ويمكن أن يحمل العام في ذلك على الخاص، فيكون المراد بالملاحم أكبرها، وهو قتال الدجال، أو ذكر الدجال ليدخل غيره بالطريق الأولى.
قاله ابن حجر.

( وجاءت صدقاتهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هذه صدقات قومنا) قال العلماء: إنما نسبهم إليه، لاجتماع نسبهم بنسبه صلى الله عليه وسلم في إلياس بن مضر، وليس هذا القول بذاك، فما أكثر القبائل التي يجتمع نسبها بنسبه، ولم يقل فيهم مثل ذلك، والأولى أن يقال: إنما نسبهم إليه تأليفا لقلوبهم، فقد كانوا قوما غلاظا.

( وكانت سبية منهم عند عائشة) أي من بطن من بطونهم، وعند الطبراني أن عائشة كانت نذرت أن تعتق محررا من بني إسماعيل، فلما قدم سبي بني العنبر قال لها صلى الله عليه وسلم: ابتاعي منهم، فإنهم ولد إسماعيل، وبنو العنبر بطن من بطون تميم، وفي رواية نسمة بدل سبية.

فقه الحديث

يؤخذ من الأحاديث

1- جواز التفضيل بين القبائل، بهدف ديني، ولا يعد ذلك من الغيبة.

2- فيها مناقب للقبائل التي فضلت.

3- جواز استعمال الجناس، دون تكلف فإنه يلذ على السمع، لسهولته وانسجامه.

4- أن الشرف يحصل للمجموع، إذا حصل لبعضه.

5- أخذ بعضهم من قوله موالي في الرواية السادسة والسابعة، النهي عن استرقاقهم، وأنهم لا يدخلون تحت الرق.
قال الحافظ ابن حجر: وهذا بعيد.

6- ومن الرواية الرابعة جواز لعن الكفار جملة، أو لعن طائفة منهم، بخلاف الواحد بعينه.

7- وجواز ذلك في القنوت في الصلاة.

8- ومن الرواية الحادية عشرة أن الإسلام يجب ما قبله.

9- وجبر خاطر من وقع في زلات، ورد اعتباره إليه بالإحسان اللاحق.

10- ومن الرواية الرابعة عشرة أن المسلم يسره ويفرحه قيام الآخرين بشعائر الإسلام.

11- ومن الرواية الخامسة عشرة استحباب الدعاء بالهداية للضالين، وإن طلب الدعاء عليهم.

12- ومن الرواية السادسة عشرة أن الخصوصية لا تقتضي الأفضلية، فقد ذكرت خصوصيات لبني تميم وهم مع ذلك مفضولون.

13- وفيها فضيلة ظاهرة لبني تميم.

14- وفيها دليل للجمهور في صحة تملك العربي، وإن كان الأفضل عتق من يسترق منهم، وفرق بعضهم بين عربي من ولد فاطمة رضي الله عنها، مثلا، فيجب إعتاقه، وبين عربي من ولد إسماعيل عليه السلام فيستحب.

والله أعلم