هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
464 وَحَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ ، عَنْ هِشَامٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَبِيٍّ يَرْضَعُ فَبَالَ فِي حَجْرِهِ فَدَعَا بِمَاءٍ فَصَبَّهُ عَلَيْهِ وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، أَخْبَرَنَا عِيسَى ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَ حَدِيثِ ابْنِ نُمَيْرٍ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
464 وحدثنا زهير بن حرب ، حدثنا جرير ، عن هشام ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بصبي يرضع فبال في حجره فدعا بماء فصبه عليه وحدثنا إسحاق بن إبراهيم ، أخبرنا عيسى ، حدثنا هشام ، بهذا الإسناد مثل حديث ابن نمير
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

شرح الحديث من فـــتح المــــنعم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

عن عائشة رضي الله عنها قالت: أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بصبي يرضع فبال في حجره.
فدعا بماء فصبه عليه.


المعنى العام

تتمثل الإنسانية الحقة في العطف والمودة، واللطف والمحبة بين الناس، وأعلى درجاتها ما يكون بين الرجل والأطفال، فإنها آنذاك خالصة بريئة، لا تستهدف مقابلا، ولا ترجو من الطفل نفعا، إنها أنذاك نابعة من القلب والوجدان والإحساس المرهف، والصدر الحنون ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى في هذا العطف، فقد كان يحمل الصبيان، ويتحمل أذاهم بصدر رحب، ونفس راضية، يركبون على ظهره في سجوده، فيظل صلى الله عليه وسلم ساجدا إشفاقا عليهم، وخوفا عليهم من الوقوع، ويبولون على ثيابه، فينزعج من حوله من الصحابة، وتحاول أم الطفل خطفه، فيقول: دعوه حتى يتم بوله ولا تقطعوه، ويراه بعضهم يقبل طفلا، فيعجب، فيقول: تقبلون الأطفال يا رسول الله؟ نحن لا نقبلهم، فيقول صلى الله عليه وسلم: وما لنا وقد قدت قلوبكم من الحجارة؟ من لا يرحم لا يرحم.

ومن أجل غمر الأطفال بالحنان، وعدم التحرز أو التأفف ممن حملهم خفف الله عن الأمة معالجة أذاهم وتبعاتهم، وعفا عن غسل بولهم، واكتفى بصورة الغسل لا حقيقته، بل بمجرد الرش، ونضح قليل الماء.

وشاعت هذه الشريعة السمحة بين أمهات الأطفال، كما شاع حب الرسول صلى الله عليه وسلم لهم، ورأفته بهم، وتحنيكه ودعاؤه لهم، فأسرعت كثيرات من الأمهات بحمل أطفالهن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، يلتمسن منه الدعاء، ويرجون منه التحنيك، ومن هؤلاء أم قيس، حملت طفلها الذي يقتصر على رضاعة اللبن ولم يأكل بعد الطعام وذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضعته في حجره، فمضغ تمرة ثم أخذها يدلك بها سقف حلق الطفل والحنك، ثم دعا له بالبركة، وبينما هو كذلك بال الطفل في حجره صلى الله عليه وسلم، ورأت الأم البول يسيل على ثوب الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، فأسرعت تخطفه من حجره.
فقال دعيه.
وتركه حتى أكمل بوله، ثم أعطاه لها، ودعا بقليل من ماء فرشه على ثيابه، ومكان بلله فصدق من سماه الرءوف الرحيم، وخاطبه بقوله: { { وإنك لعلى خلق عظيم } } [القلم: 4] .

المباحث العربية

( كان يؤتى بالصبيان) بكسر الصاد، ويجوز ضمها، جمع صبي، قال الجوهري: الصبي الغلام، والجمع صبية وصبيان، وفي المخصص: يكون صبيا مادام رضيعا، وفي المنتخب: أول ما يولد الولد يقال له: وليد وطفل وصبي.
اهـ.
والصبايا جمع صبية.

( فيبرك عليهم) بضم الياء وفتح الباء وكسر الراء المشددة، أي يدعو لهم بالبركة وفي القاموس: البركة النماء والزيادة والسعادة، والتبريك الدعاء بها وبارك الله لك وفيك، وعليك، وباركك.
اهـ.
يتعدى باللام، وفي، وعلى وبنفسه، وخص الصبيان بهذه الدعوة لأن الصبي في أول الأمر، قابل للبركة والزيادة، مبتدئ لها في جسمه وعقله وحياته.

( ويحنكهم) في القاموس: الحنك -بفتح الحاء والنون- باطن أعلى الفم من داخل، أو الأسفل من طرف مقدم اللحيين، وحنكه تحنيكا دلك حنكه وحنك الصبي مضع تمرا أو غيره فدلكه بحنكه.
اهـ.
وفيه لغتان: حنكته بتشديد النون، وحنكته بتخفيفها، والرواية هنا فيحنكهم بالتشديد، وهي أشهر اللغتين.

( فأتي بصبي) قال الحافظ ابن حجر: يظهر لي أن المراد به ابن أم قيس المذكور في الرواية بعده، ويحتمل أن يكون الحسن بن علي، أو الحسين، فقد ثبت في الأحاديث بول كل منهما في حجره صلى الله عليه وسلم.
اهـ.
ويحتمل غيرهما، فقد كان يؤتى بالصبيان كما في أول الرواية، ولا يتوقف على معرفة شخصية الصبي شيء في المقصود من الحديث، اللهم إلا إثبات البركة لمن تثبت شخصيته، لما هو معلوم من قبول دعائه صلى الله عليه وسلم.

( فدعا بماء فأتبعه بوله) أي أتبع الرسول صلى الله عليه وسلم البول الذي على الثوب أتبعه الماء فصبه عليه.

( أتي بصبي يرضع) بفتح الياء، أي رضيع، وهو الذي لم يفطم.

( فبال في حجره) بفتح الحاء وكسرها، لغتان مشهورتان.

( لم يأكل الطعام) قال الحافظ ابن حجر: المراد بالطعام ما عدا اللبن الذي يرتضعه والتمر الذي يحنك به، والعسل الذي يلعقه للمداواة وغيرها، فكأن المراد أنه لم يحصل له الاغتذاء بغير اللبن على الاستقلال.

وحمل المرفق الحموي في شرح التنبيه قوله لم يأكل على ظاهره، فقال: معناه لم يستقل بجعل الطعام في فيه.

وقال ابن التين: يحتمل أنها أرادت أنه لم يتقوت بالطعام، ولم يستغن به عن الرضاع ويحتمل أنها إنما جاءت به عند ولادته، ليحنكه صلى الله عليه وسلم فيحمل النفي على عمومه.
والأول أولى.

( أم قيس بنت محصن) بكسر الميم وسكون الحاء وفتح الصاد.

( وكانت من المهاجرات الأول) من مكة إلى المدينة، فقد أسلمت بمكة قديما وهي من المعمرات.

( وهي أخت عكاشة بن محصن) عكاشة بتشديد الكاف على المشهور وهو صاحب القولة المشهورة سبقك بها عكاشة التي أصبحت مثلا، وأصلها في الحديث الذي رواه مسلم عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يدخل من أمتي الجنة سبعون ألفا بغير حساب قال أبو هريرة: فقام عكاشة بن محصن، فقال: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني منهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم اجعله منهم وفي رواية قال: أنت منهم فقام آخر فقال: يا رسول الله.
ادع الله أن يجعلني منهم، قال: سبقك بها عكاشة.

( لم يبلغ أن يأكل الطعام) أن وما دخلت عليه في تأويل مصدر، مفعول يبلغ والتقدير: لم يبلغ أكل الطعام.

( فنضحه على ثوبه) قال ابن سيده: نضح الماء عليه، ينضحه نضحا، إذا ضربه بشيء، فأصابه منه رشاش، ونضح عليه الماء رش.

فقه الحديث

الحديث دليل للشافعية على أن بول الصبي يكتفى فيه باتباع الماء إياه، ولا يحتاج إلى الغسل.

والمذاهب في المسألة يحكيها النووي: فيقول: الخلاف في كيفية تطهير الشيء الذي بال عليه الصبي، ولا خلاف في نجاسته، وقد نقل بعض أصحابنا إجماع العلماء على نجاسة بول الصبي، وإنه لم يخالف فيه إلا داود، ثم قال: وكيفية طهارة بول الصبي والجارية على ثلاثة مذاهب، وفيها ثلاثة أوجه لأصحابنا.
الصحيح المشهور المختار أنه يكفي النضح في بول الصبي، ولا يكفي في بول الجارية، بل لا بد من غسله، كغيره من النجاسات.
الثاني: أنه يكفي النضح فيهما.
الثالث: لا يكفي النضح فيهما.
قال: وهما شاذان ضعيفان.
اهـ.

فمشهور مذهب الشافعية وأحمد وداود التفرقة بين بول الصبي وبول الجارية، فيرش على مكان بول الصبي، ويغسل مكان بول الجارية، واستدلوا بحديث عائشة وأم قيس السابقين.

وبما أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في الرضيع: يغسل بول الجارية، وينضح بول الغلام.

وبما أخرجه أبو داود وابن ماجه وابن خزيمة والبيهقي والطحاوي من حديث لبابة بنت الحارث، أخت ميمونة بنت الحارث، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، قالت: كان الحسين بن علي -رضي الله عنهما- في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبال عليه، فقلت: البس ثوبا، وأعطني إزارك حتى أغسله، قال: إنما يغسل من بول الأنثى، وينضح من بول الذكر.

وبما أخرجه الطبراني في الكبير أنه يصب من الغلام، ويغسل من الجارية.

وبما أخرجه الطبراني في الأوسط أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بصبي، فبال عليه فنضحه، وأتى بجارية، فبالت عليه، فغسله.

وبما أخرجه ابن ماجه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: بول الغلام ينضح، وبول الجارية يغسل.

وقالوا في سر التفرقة: إن النفوس أعلق بالذكور منها بالإناث، فحصلت الرخصة في الذكور، لكثرة المشقة، وقيل.
إن بول الجارية أغلظ وأشد رائحة من بول الغلام، فروعيت كثافة النجاسة فيه، فوجب غسله.
والله أعلم.

ومذهب مالك وأبي حنيفة وأصحابهما أنه لا يفرق بين بول الصغير والصغيرة في نجاسته، وجعلوهما سواء في وجوب الغسل منهما.

قالوا: والنضح والرش يذكران ويراد بهما الغسل، فيحمل ما جاء في هذا الباب من النضح والرش على الغسل، وقالوا عن حديث أم قيس: إن المراد من قولها ولم يغسله غسلا أي غسلا مبالغا فيه.

وواضح أن هذه التأويلات خلاف الظاهر، ويبعدها ما ورد في الأحاديث التي ذكرناها من التفرقة بين بول الصبي والجارية.

ويؤخذ من الحديث

1- الرفق بالصغار والشفقة عليهم، برسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث كان يأخذهم في حجره، ويتلطف بهم، حتى إن منهم من يبول على ثوبه، فلا يؤثر فيه ذلك، ولا يتغير، بل ثبت أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يزعج الصبي أو يحركه أو يدفعه إلى من بجواره، بل كان يرد من يحاول ذلك، وكان صلى الله عليه وسلم يخفف الصلاة عند سماعه بكاء الصبي وأمه وراءه.

2- وحمل الأطفال إلى أهل الفضل والصلاح، لتبريكهم والدعاء لهم.

3- قال النووي: وفيه التبرك بأهل الصلاح والفضل.

4- وفيه ندب تحنيك الأطفال.

والله أعلم