هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4552 حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ، وَشُجَاعُ بْنُ مَخْلَدٍ ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ ، قَالَ زُهَيْرٌ : حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنِي أَبُو حَيَّانَ ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ حَيَّانَ ، قَالَ : انْطَلَقْتُ أَنَا وَحُصَيْنُ بْنُ سَبْرَةَ ، وَعُمَرُ بْنُ مُسْلِمٍ ، إِلَى زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ ، فَلَمَّا جَلَسْنَا إِلَيْهِ قَالَ لَهُ حُصَيْنٌ : لَقَدْ لَقِيتَ يَا زَيْدُ خَيْرًا كَثِيرًا ، رَأَيْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَسَمِعْتَ حَدِيثَهُ ، وَغَزَوْتَ مَعَهُ ، وَصَلَّيْتَ خَلْفَهُ لَقَدْ لَقِيتَ ، يَا زَيْدُ خَيْرًا كَثِيرًا ، حَدِّثْنَا يَا زَيْدُ مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : يَا ابْنَ أَخِي وَاللَّهِ لَقَدْ كَبِرَتْ سِنِّي ، وَقَدُمَ عَهْدِي ، وَنَسِيتُ بَعْضَ الَّذِي كُنْتُ أَعِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَمَا حَدَّثْتُكُمْ فَاقْبَلُوا ، وَمَا لَا ، فَلَا تُكَلِّفُونِيهِ ، ثُمَّ قَالَ : قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فِينَا خَطِيبًا ، بِمَاءٍ يُدْعَى خُمًّا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، وَوَعَظَ وَذَكَّرَ ، ثُمَّ قَالَ : أَمَّا بَعْدُ ، أَلَا أَيُّهَا النَّاسُ فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ رَسُولُ رَبِّي فَأُجِيبَ ، وَأَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ : أَوَّلُهُمَا كِتَابُ اللَّهِ فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ فَخُذُوا بِكِتَابِ اللَّهِ ، وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ فَحَثَّ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَرَغَّبَ فِيهِ ، ثُمَّ قَالَ : وَأَهْلُ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي ، أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي ، أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي فَقَالَ لَهُ حُصَيْنٌ : وَمَنْ أَهْلُ بَيْتِهِ ؟ يَا زَيْدُ أَلَيْسَ نِسَاؤُهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ ؟ قَالَ : نِسَاؤُهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ ، وَلَكِنْ أَهْلُ بَيْتِهِ مَنْ حُرِمَ الصَّدَقَةَ بَعْدَهُ ، قَالَ : وَمَنْ هُمْ ؟ قَالَ : هُمْ آلُ عَلِيٍّ وَآلُ عَقِيلٍ ، وَآلُ جَعْفَرٍ ، وَآلُ عَبَّاسٍ قَالَ : كُلُّ هَؤُلَاءِ حُرِمَ الصَّدَقَةَ ؟ قَالَ : نَعَمْ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارِ بْنِ الرَّيَّانِ ، حَدَّثَنَا حَسَّانُ يَعْنِي ابْنَ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ حَيَّانَ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِنَحْوِهِ ، بِمَعْنَى حَدِيثِ زُهَيْرٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ ، ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ ، كِلَاهُمَا ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ ، نَحْوَ حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ ، وَزَادَ فِي حَدِيثِ جَرِيرٍ كِتَابُ اللَّهِ فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ ، مَنِ اسْتَمْسَكَ بِهِ ، وَأَخَذَ بِهِ ، كَانَ عَلَى الْهُدَى ، وَمَنْ أَخْطَأَهُ ، ضَلَّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارِ بْنِ الرَّيَّانِ ، حَدَّثَنَا حَسَّانُ يَعْنِي ابْنَ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ سَعِيدٍ وَهُوَ ابْنُ مَسْرُوقٍ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ حَيَّانَ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ ، قَالَ : دَخَلْنَا عَلَيْهِ فَقُلْنَا لَهُ : لَقَدْ رَأَيْتَ خَيْرًا ، لَقَدْ صَاحَبْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَلَّيْتَ خَلْفَهُ ، وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِنَحْوِ حَدِيثِ أَبِي حَيَّانَ ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ : أَلَا وَإِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ : أَحَدُهُمَا كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، هُوَ حَبْلُ اللَّهِ ، مَنِ اتَّبَعَهُ كَانَ عَلَى الْهُدَى ، وَمَنْ تَرَكَهُ كَانَ عَلَى ضَلَالَةٍ وَفِيهِ فَقُلْنَا : مَنْ أَهْلُ بَيْتِهِ ؟ نِسَاؤُهُ ؟ قَالَ : لَا ، وَايْمُ اللَّهِ إِنَّ الْمَرْأَةَ تَكُونُ مَعَ الرَّجُلِ الْعَصْرَ مِنَ الدَّهْرِ ، ثُمَّ يُطَلِّقُهَا فَتَرْجِعُ إِلَى أَبِيهَا وَقَوْمِهَا أَهْلُ بَيْتِهِ أَصْلُهُ ، وَعَصَبَتُهُ الَّذِينَ حُرِمُوا الصَّدَقَةَ بَعْدَهُ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4552 حدثني زهير بن حرب ، وشجاع بن مخلد ، جميعا عن ابن علية ، قال زهير : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ، حدثني أبو حيان ، حدثني يزيد بن حيان ، قال : انطلقت أنا وحصين بن سبرة ، وعمر بن مسلم ، إلى زيد بن أرقم ، فلما جلسنا إليه قال له حصين : لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا ، رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسمعت حديثه ، وغزوت معه ، وصليت خلفه لقد لقيت ، يا زيد خيرا كثيرا ، حدثنا يا زيد ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : يا ابن أخي والله لقد كبرت سني ، وقدم عهدي ، ونسيت بعض الذي كنت أعي من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فما حدثتكم فاقبلوا ، وما لا ، فلا تكلفونيه ، ثم قال : قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فينا خطيبا ، بماء يدعى خما بين مكة والمدينة فحمد الله وأثنى عليه ، ووعظ وذكر ، ثم قال : أما بعد ، ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب ، وأنا تارك فيكم ثقلين : أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله ، واستمسكوا به فحث على كتاب الله ورغب فيه ، ثم قال : وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي فقال له حصين : ومن أهل بيته ؟ يا زيد أليس نساؤه من أهل بيته ؟ قال : نساؤه من أهل بيته ، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده ، قال : ومن هم ؟ قال : هم آل علي وآل عقيل ، وآل جعفر ، وآل عباس قال : كل هؤلاء حرم الصدقة ؟ قال : نعم وحدثنا محمد بن بكار بن الريان ، حدثنا حسان يعني ابن إبراهيم ، عن سعيد بن مسروق ، عن يزيد بن حيان ، عن زيد بن أرقم ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وساق الحديث بنحوه ، بمعنى حديث زهير ، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا محمد بن فضيل ، ح وحدثنا إسحاق بن إبراهيم ، أخبرنا جرير ، كلاهما ، عن أبي حيان ، بهذا الإسناد ، نحو حديث إسماعيل ، وزاد في حديث جرير كتاب الله فيه الهدى والنور ، من استمسك به ، وأخذ به ، كان على الهدى ، ومن أخطأه ، ضل حدثنا محمد بن بكار بن الريان ، حدثنا حسان يعني ابن إبراهيم ، عن سعيد وهو ابن مسروق ، عن يزيد بن حيان ، عن زيد بن أرقم ، قال : دخلنا عليه فقلنا له : لقد رأيت خيرا ، لقد صاحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم وصليت خلفه ، وساق الحديث بنحو حديث أبي حيان ، غير أنه قال : ألا وإني تارك فيكم ثقلين : أحدهما كتاب الله عز وجل ، هو حبل الله ، من اتبعه كان على الهدى ، ومن تركه كان على ضلالة وفيه فقلنا : من أهل بيته ؟ نساؤه ؟ قال : لا ، وايم الله إن المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ، ثم يطلقها فترجع إلى أبيها وقومها أهل بيته أصله ، وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Yazid b. Hayyan reported, I went along with Husain b. Sabra and 'Umar b. Muslim to Zaid b. Arqam and, as we sat by his side, Husain said to him:

Zaid. you have been able to acquire a great virtue that you saw Allah's Messenger (ﷺ) listened to his talk, fought by his side in (different) battles, offered prayer behind me. Zaid, you have in fact earned a great virtue. Zaid, narrate to us what you heard from Allah's Messenger (ﷺ). He said: I have grown old and have almost spent my age and I have forgotten some of the things which I remembered in connection with Allah's Messenger (ﷺ), so accept whatever I narrate to you, and which I do not narrate do not compel me to do that. He then said: One day Allah's Messenger (ﷺ) stood up to deliver sermon at a watering place known as Khumm situated between Mecca and Medina. He praised Allah, extolled Him and delivered the sermon and. exhorted (us) and said: Now to our purpose. O people, I am a human being. I am about to receive a messenger (the angel of death) from my Lord and I, in response to Allah's call, (would bid good-bye to you), but I am leaving among you two weighty things: the one being the Book of Allah in which there is right guidance and light, so hold fast to the Book of Allah and adhere to it. He exhorted (us) (to hold fast) to the Book of Allah and then said: The second are the members of my household I remind you (of your duties) to the members of my family. He (Husain) said to Zaid: Who are the members of his household? Aren't his wives the members of his family? Thereupon he said: His wives are the members of his family (but here) the members of his family are those for whom acceptance of Zakat is forbidden. And he said: Who are they? Thereupon he said: 'Ali and the offspring of 'Ali, 'Aqil and the offspring of 'Aqil and the offspring of Ja'far and the offspring of 'Abbas. Husain said: These are those for whom the acceptance of Zakat is forbidden. Zaid said: Yes.

شرح الحديث من فـــتح المــــنعم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

عن يزيد بن حيان قال: انطلقت أنا وحصين بن سبرة وعمر بن مسلم إلى زيد بن أرقم فلما جلسنا إليه قال له حصين: لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا.
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمعت حديثه وغزوت معه وصليت خلفه، لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا.
حدثنا يا زيد! ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا ابن أخي! والله! لقد كبرت سني، وقدم عهدي ونسيت بعض الذي كنت أعي من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فما حدثتكم فاقبلوا.
وما لا، فلا تكلفونيه.
ثم قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فينا خطيبا.
بماء يدعى خما.
بين مكة والمدينة.
فحمد الله وأثنى عليه، ووعظ وذكر.
ثم قال: أما بعد: ألا أيها الناس! فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين: أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور.
فخذوا بكتاب الله.
واستمسكوا به فحث على كتاب الله ورغب فيه.
ثم قال: وأهل بيتي.
أذكركم الله في أهل بيتي.
أذكركم الله في أهل بيتي.
أذكركم الله في أهل بيتي
فقال له حصين: ومن أهل بيته؟ يا زيد! أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال: نساؤه من أهل بيته.
ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده.
قال: ومن هم؟ قال: هم آل علي، وآل عقيل وآل جعفر، وآل عباس، قال: كل هؤلاء حرم الصدقة؟ قال: نعم.


المعنى العام

علي بن أبي طالب بن عبد المطلب ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أصغر من رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحو ثلاثين سنة، وقد تربى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من صغره، إذ كان أبوه الحامي والمدافع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، زوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته فاطمة بعد الهجرة، وكان من أشجع الصحابة، وله مواقف الجرأة والمنازلة، والمبارزة يوم بدر ولما حاصر المسلمون يهود خيبر أياما وكانوا قد تحصنوا في حصون منيعة أعدوها لهذا اليوم وجمعوا فيها قوت أشهر، وكانوا يخرجون من الحصون يناوشون جيش المسلمين، ثم يعودون فيتحصنون، استمر حصار المسلمين لهم أياما، دون فتح، وأوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة أن المسلمين سيفتحون خيبر بقيادة علي رضي الله عنه فقال صلى الله عليه وسلم لأصحابه الذين أجهدهم طول الحصار حتى أكلوا البصل والثوم الأخضر وذبحوا الحمير، قال لهم: سأعطي الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، وسيفتح الله خيبر على يديه، وتمنى كل واحد منهم أن ينال هذا الشرف العظيم، حتى قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ما تمنيت الإمارة في يوم من الأيام، إلا في تلك الساعة وانتظر المسلمون الصباح بفارغ الصبر، وسارعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكل من زعمائهم وقادتهم يتطاول بعنقه نحو الرسول صلى الله عليه وسلم يرجو هذا الشرف، وكأنه يقول: أنا هو؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أين علي بن أبي طالب؟ لم يكن أحد منهم ينتظر ذلك، فعلي مريض يشكو عينيه، ولم يحضر حصار الأيام الماضية ولقد تركوه بالمدينة، لكنهم قاموا يبحثون عنه - وإذا بسلمة بن الأكوع يراه من بعيد قادما من المدينة، لقد لام نفسه على أن يتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، مهما كان عذره، فتحامل، وصبر وصابر، ولحق بالجيش، وصحبه سلمة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبصق في كفه الشريف ومسح بكفه على عينيه، فبرأ كأن لم يكن به وجع، وسلمه راية القيادة، فبارز قائد اليهود فقضى عليه وفتح الله به خيبر.

ومرت الأيام وتعددت الغزوات.
غزوة مؤتة والحرقات والفتح وحنين، وأوطاس، والطائف، وفي كل غزوة منها نجد عليا رضي الله عنه جنديا عاملا مجاهدا، إن وضع في المقدمة كان في المقدمة، وإن وضع في الساقة كان في الساقة ليس حريصا على قيادة، وإن كان أهلا لها، ولا آسفا عليها إن أبعد عنها، وهكذا كانت تربية الإسلام للقادة، بل في أصعب الغزوات وأشدها وأخطرها، غزوة تبوك، نجد الرسول صلى الله عليه وسلم يحجبه عنها، ويعينه على المدينة، غائبا عن المحاربين، ويتألم البطل الشجاع من هذا القرار، ويتظلم لرسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول له: أتخلفني هنا مع النساء والصبيان؟ والرسول الحكيم صلى الله عليه وسلم، حريص على أن يدرب القادة على قيادة الشعب، كما يدربها على قيادة الجيش والرسول صلى الله عليه وسلم هو قائد المسلمين في الحرب وفي السلم.

فليخلف عليا على المدينة في هذه الغزوة، فقال له: ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟ لقد خلف موسى أخاه هارون في قومه، حين ذهب لمناجاة ربه، وأنا أخلفك على أهل المدينة في غزوتي هذه.
فقال علي رضي الله عنه: رضيت يا رسول الله.

المباحث العربية

( أنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي) في الرواية الثانية خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب في غزوة تبوك أي خلفه مكانه على المدينة فقال: يا رسول الله! تخلفني في النساء والصبيان؟ فقال: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟ غير أنه لا نبي بعدي وفي الرواية الثالثة خلفه في بعض مغازيه أي تبوك فقال له علي: يا رسول الله! خلفتني مع النساء والصبيان؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟ إلا أن لا نبوة بعدي وعند أحمد وابن سعد، أنه عليه الصلاة والسلام قال لعلي: لا بد أن أقيم أو تقيم، فأقام علي، فسمع ناسا يقولون: إنما خلفه لشيء كرهه منه، فاتبعه فذكر له ذلك، فقال له: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟ فقال علي: رضيت.
رضيت.
بلى يا رسول الله.
قال: فإنه كذلك

وفي الكلام تشبيه من حيث المعنى.
أي أنت في صلتك بي تشبه هارون في صلته بموسى، ووجه الشبه ليس أخوة النسب قطعا وليس النبوة المشتركة بين موسى وهارون، فهي منفية بلفظ الحديث فدل ذلك على أنه الخليفة في غيابه، كما قال موسى لأخيه هارون: اخلفني في قومي، فعلي كان المستحق للخلافة من بعده هكذا يفهم بعض الشيعة، ويجيب أهل السنة بأن هارون المشبه به إنما كان خليفة في حياة موسى، حين ذهب لميقات ربه، للمناجاة لا بعد موته، لأنه مات قبل موسى بالاتفاق وقبل وفاة موسى بنحو أربعين سنة على المشهور، فالتشبيه إنما هو في قيام علي على المدينة في فترة غياب الرسول صلى الله عليه وسلم عنها في هذه الغزوة فقط، فقد أقام صلى الله عليه وسلم غيره على المدينة في غير هذه الغزوة.

( قال سعيد: فأحببت أن أشافه بها سعدا، فلقيت سعدا، فحدثته بما حدثني عامر، فقال: أنا سمعته.
فقلت: آنت سمعته؟ فوضع إصبعيه على أذنيه، فقال: نعم، وإلا فاستكتا)
أصل الإسناد: عن سعيد بن المسيب عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال... إلخ، فسعيد استوثق من سعد نفسه ما سمعه من ابنه، وقول سعد وإلا فاستكتا بتشديد الكاف، دعاء على أذنيه بالصمم إن لم تكونا سمعتا ما أخبر به أنه سمعه يقال: استك أي انسد، واستكت مسامعه أي صمت.

( أمر معاوية بن أبي سفيان سعدا) المأمور به محذوف، لصيانة اللسان عنه، والتقدير: أمره بسب علي رضي الله عنه، وكان سعد قد اعتزل الفتنة، [حرب علي مع خصومه] ولعله اشتهر عنه الدفاع عن علي.

( فقال: ما منعك أن تسب أبا التراب) ؟ معطوف على محذوف، والتقدير: أمر معاوية سعدا أن يسب عليا، فامتنع، فقال له: ما منعك؟

ويحاول النووي تبرئة معاوية من هذا السوء، فيقول: قال العلماء: الأحاديث الواردة التي في ظاهرها دخل على صحابي يجب تأويلها، قالوا: ولا يقع في روايات الثقات إلا ما يمكن تأويله، فقول معاوية هذا ليس فيه تصريح بأنه أمر سعدا بسبه وإنما سأله عن السبب المانع له من السب، كأنه يقول هل امتنعت تورعا؟ أو خوفا؟ أو غير ذلك؟ فإن كان تورعا وإجلالا له عن السب، فأنت مصيب محسن، وإن كان غير ذلك فله جواب آخر، ولعل سعدا كان في طائفة يسبون، فلم يسب معهم وعجز عن الإنكار عليهم، فسأله هذا السؤال قالوا: ويحتمل تأويلا آخر أن معناه: ما منعك أن تخطئه في رأيه واجتهاده؟ وتظهر للناس حسن رأينا واجتهادنا، وأنه أخطأ اهـ.

وهذا تأويل واضح التعسف والبعد والثابت أن معاوية كان يأمر بسب علي، وهو غير معصوم، فهو يخطئ، ولكننا يجب أن نمسك عن انتقاص أي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وسب علي في عهد معاوية صريح في روايتنا التاسعة.

( أما ما ذكرت ثلاثا - قالهن له رسول الله صلى الله عليه وسلم - فلن أسبه) ما ذكرت بضم التاء للمتكلم، وما ظرفية دوامية والمعنى لا أسبه مدة ذكري لثلاث، طالما أنا أذكر ثلاثا.

( لأن تكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم) اللام في جواب قسم محذوف، وحمر النعم الإبل الحمر، وهي أنفس أموال العرب، يضربون بها المثل في نفاسة الشيء، وأنه ليس هناك أعظم منه، وتشبيه أمور الآخرة بأعراض الدنيا إنما هو للتقريب إلى الأفهام، وإلا فذرة من الآخرة الباقية خير من الأرض بأسرها وأمثالها معها.

( يقول له: خلفه في بعض مغازيه) الجملة ليست مقول القول، وإنما هي تعبير من الراوي عن مقول القول، ومقول القول الأصلي: أخلفك في المدينة في هذه الغزوة.

( خلفتني مع النساء والصبيان) ؟ الكلام على سبيل الاستفهام الإنكاري أي لا ينبغي أن تخلفني.

( فتطاولنا لها) وفي الرواية الرابعة ما أحببت الإمارة إلا يومئذ، قال: فتساورت لها، رجاء أن أدعى إليها ومعنى الروايتين واحد، أي رفعنا وجوهنا ورءوسنا، كناية عن التصدي لها.

وفي الرواية الخامسة فبات الناس يدوكون ليلتهم، أيهم يعطاها؟ قال النووي: هكذا هو في معظم النسخ والروايات يدوكون بضم الدال وبالواو، أي يخوضون ويتحدثون في ذلك وفي بعض النسخ يذكرون بإسكان الذال وبالراء اهـ أي يذكر كل منهم هذا القول، فيتوقع كل منهم ما يتوقع.

( فقال: ادعوا لي عليا) معطوف على محذوف أي فأصبح فقال إلخ.

( فأتي به أرمد، فبصق في عينه ودفع الراية إليه) في الرواية الرابعة فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب فأعطاه إياها وفي الرواية الخامسة فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يرجون أن يعطاها فقال: أين علي بن أبي طالب؟ فقالوا: هو يا رسول الله - يشتكي عينيه، قال: فأرسلوا إليه بفتح السين فأتي به فبصق رسول الله صلى الله عليه وسلم في عينيه، ودعا له، فبرأ، حتى كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية وفي الرواية السادسة كان علي قد تخلف عن النبي صلى الله عليه وسلم في خيبر وكان رمدا فقال: أنا أتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فخرج علي فلحق بالنبي صلى الله عليه وسلم فلما كان مساء الليلة التي فتحها الله في صباحها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأعطين الراية - أو ليأخذن بالراية غدا رجل يحب الله ورسوله - أو قال: يحبه الله ورسوله، يفتح الله عليه، فإذا نحن بعلي، وما نرجوه، فقالوا: هذا علي، فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم الراية ولا تعارض بين الروايات، والجمع سهل وبعض الرواة ذكر ما لم يذكر الآخر.

( ففتح الله عليه) وقد ذكرنا سير المعركة ونتيجتها عند الكلام عن غزوة خيبر.

( ولما نزلت هذه الآية { { فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم } } ) دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال: اللهم هؤلاء أهلي هذه هي الفضيلة الثالثة لعلي رضي الله عنه في نظر سعد بن أبي وقاص وهي أن عليا من أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بل اعتبره من أبنائه.

وسيأتي الكلام على آل بيته صلى الله عليه وسلم.

( فأعطاه إياها، وقال: امش ولا تلتفت، حتى يفتح الله عليك، قال، فسار علي شيئا ثم وقف ولم يلتفت فصرخ: يا رسول الله! على ماذا أقاتل الناس) ؟ قال النووي: هذا الالتفات المنهي عنه يحتمل وجهين.
أحدهما أنه على ظاهره، أي لا تلتفت بوجهك يمينا ولا شمالا ولا خلفا، بل اجعل وجهك إلى الأمام دائما، ويلزمه الإقدام وعدم التراجع والثبات، فالكلام على الحقيقة، الثاني أن المراد الحث على الإقدام والمبادرة، وعدم التشاغل بغير ما توجه له، فالكلام على سبيل الكناية، التي هي لفظ أطلق وأريد لازم معناه مع صحة إرادة المعنى الأصلي وحمله بعضهم على الكناية البعيدة على معنى: لا تنصرف عن القتال بعد لقاء عدوك براحة أو توقف أو هدنة حتى يفتح الله عليك فقد كانت الأيام الأولى من القتال قبل تسلم علي الراية مناوشات يرجع المسلمون بعدها إلى عسكرهم ويرجع أهل خيبر إلى حصونهم.

وقد حمله علي رضي الله عنه على الحقيقة، ولم يتلفت بوجهه إلى الخلف نحو الرسول صلى الله عليه وسلم حين احتاج لسؤاله، بل سأل سؤاله بدون مواجهة.

( قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فينا خطيبا، بماء يدعى خما بين مكة والمدينة) خما بضم الخاء وتشديد الميم، وهو اسم لغيضة أي لمكان يكثر فيه الشجر، على ثلاثة أميال من المكان الذي يسمى الحسنة، وعنده غدير غير مشهور، يضاف إلى الغيضة، فيقال: غدير خم.

( وأنا تارك فيكم ثقلين) بفتح الثاء والقاف، أي أمرين ثقيلين عظيمين، شأنهما كبير، والعمل بهما ثقيل.

( كتاب الله... وأهل بيتي) في الرواية السابعة أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال: نساؤه من أهل بيته، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده، قال: ومن هم؟ قال: هم آل علي، وآل عقيل، وآل جعفر وآل عباس وفي الرواية الثامنة فقلنا: من أهل بيته؟ نساؤه؟ قال: لا.
وايم الله! إن المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر أي الزمن القصير من الزمن الطويل، ثم يطلقها، فترجع إلى أبيها وقومها، أهل بيته أصله وعصبته، الذين حرموا الصدقة بعده.

قال النووي: هاتان الروايتان ظاهرهما التناقض، والمعروف في معظم الروايات في غير مسلم أنه قال: نساؤه لسن من أهل بيته فتتأول الرواية الأولى على أن المراد أنهن من أهل بيته الذين يساكنونه ويعولهم، وأمر باحترامهم وإكرامهم، وسماهم ثقلا ووعظ في حقوقهم وذكر، فنساؤه داخلات في هذا كله، ولا يدخلن فيمن حرم الصدقة قال: وقد أشار إلى هذا في الرواية الأولى بقوله نساؤه من أهل بيته، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة فاتفقت الروايتان اهـ.
وحاصل التوفيق والجمع، أن نساءه رضي الله عنهن من أهل بيته من جهة الاحترام والتقدير، وليس من أهل بيته من جهة تحريم الصدقة عليهم، ففي الإثبات تراد جهة وفي النفي تراد أخرى.
وسيأتي خلاف الفقهاء في تحديد أهل بيته صلى الله عليه وسلم.

( فأمره أن يشتم عليا) أي يسب عليا رضي الله عنه باسمه.

( فقال له: أما إذا أبيت فقل: لعن الله أبا التراب) أي حيث أبيت سبه باسمه، فسبه بكنيته أبى التراب ويلمحون بذلك إلى تنقيصه بهذه الكنية، فكان الرد عليهم:

( ما كان لعلي اسم أحب إليه من أبي التراب، وإن كان ليفرح إذا دعي بها) وفي رواية وما سماه أبا تراب إلا النبي صلى الله عليه وسلم وأطلق كلمة اسم وأراد بها الكنية وإن في قوله وإن كان ليفرح مخففة من الثقيلة.

( أين ابن عمك) هو ابن عم أبيها، ففي هذا الإطلاق تجوز للاستعطاف.

( كان بيني وبينه شيء) أي من الخلاف والنقاش.

( فغاضبني فخرج) كان حقها أن تقول: فغاضبته، فخرج، لأنه هو الغضبان، ولكنها المرأة.

( فلم يقل عندي) يقل بفتح الياء وكسر القاف، من قال يقيل قيلولة، وهي النوم نصف النهار.

( فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لإنسان: انظر أين هو؟) قال الحافظ ابن حجر: يظهر لي أنه سهل، راوي الحديث، لأنه لم يذكر أنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم أحد، وللبخاري في الأدب فقال النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة: أين ابن عمك؟ قالت: في المسجد فيحمل طلبه صلى الله عليه وسلم من سهل أن ينظر أين هو؟ أي في أي مكان هو من المسجد؟.

( هو في المسجد راقد) عند الطبراني فوجده مضطجعا في فيء الجدار أي في ظل جدار المسجد داخله.

( فجاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع، قد سقط رداؤه عن شقه فأصابه تراب، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح عنه، ويقول: قم أبا تراب) أي كان ينام على جنبه الذي سقط عنه الرداء، ولاصق الأرض، فلصق به التراب، وخلص التراب إلى ظهره، فلما قعد رؤي التراب على هذا الجنب فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح عنه هذا التراب ويقول له مداعبا مضاحكا: يا أبا التراب.
يا أبا التراب.
مرتين.

قال الحافظ ابن حجر: والظاهر أن ذلك هو أول قول هذه الكلمة لكن ثبت في غزوة العسرة أن النبي صلى الله عليه وسلم خاطبه بذلك هناك قال: وهذا إن ثبت حمل على أنه خاطبه بذلك في حالة أخرى.
والله أعلم.

فقه الحديث

علي بن أبي طالب القرشي الهاشمي أبو الحسن، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ولد قبل البعثة بعشر سنين على الراجح، وكان قد رباه النبي صلى الله عليه وسلم من صغره.

أول الناس إسلاما في قول كثير من أهل العلم، وشهد مع الرسول صلى الله عليه وسلم المشاهد كلها، إلا غزوة تبوك، ولما آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين الصحابة قال له: أنت أخي.

واشتهر بالفروسية والشجاعة وكان أحد الستة الذين رشحهم عمر للخلافة فعرضها عليه عبد الرحمن بن عوف، وشرط عليه شروطا امتنع من بعضها، فعدل عنه إلى عثمان، فقبلها، فولاه، وسلم علي وبايع عثمان فلما قتل عثمان بايعه الناس، ثم كان ما كان من وقعة الجمل وصفين، ثم استشهاده رضي الله عنه ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان سنة أربعين بعد الهجرة وكانت مدة خلافته خمس سنين، تنقص ثلاثة أشهر ونصف شهر، على الصحيح.

ومناقبه كثيرة.
قال الإمام أحمد: لم ينقل لأحد من الصحابة ما نقل لعلي: وقال غيره: كان سبب ذلك بغض بني أمية له، فكان كل من كان عنده علم من شيء من مناقبه من الصحابة يثبته، وكلما أراد الأمويون إخماده ازداد انتشارا، وقد ولدت له الرافضة مناقب موضوعة، هو غني عنها.

ولقد صار الناس في حق علي رضي الله عنه بعد الفتنة على ثلاثة: أهل السنة، والمبتدعة من الخوارج، والمحاربين له من بني أمية وأتباعهم، فاحتاج أهل السنة إلى بث فضائله، لكنهم أكثروا في ذلك، وقام الطرفان: الثاني الرافضة بصنع أحاديث كثيرة لا أصل لها، وذهب الخوارج - وكانوا من أنصاره - إلى بغضه، وزادوا حتى كفروه، لقبوله التحكيم، وضموه إلى عثمان في التكفير، أما الأمويون فتنقصوه، واتخذوا لعنه على المنابر سنة.

وقال النووي: قال القاضي عياض: عن الرواية الأولى: هذا الحديث مما تعلقت به الروافض والإمامية وسائر فرق الشيعة في أن الخلافة كانت حقا لعلي، وأنه وصى له بها، قال: ثم اختلف هؤلاء، فكفرت الروافض سائر الصحابة في تقديمهم غيره وزاد بعضهم فكفر عليا، لأنه لم يقم في طلب حقه بزعمهم، وهؤلاء أسخف مذهبا وأفسد عقلا من أن يرد عليهم أحد، أو يناظرهم، قال: ولا شك في كفر من قال هذا، لأن من كفر الأمة كلها والصدر الأول فقد أبطل نقل الشريعة، وهدم الإسلام، وأما من عدا هؤلاء الغلاة فإنهم لا يسلكون هذا المسلك، فأما الإمامية وبعض المعتزلة فيقولون: هم مخطئون في تقديم غيره، لا كفار، وبعض المعتزلة لا يقول بالتخطئة، لجواز تقديم المفضول عندهم.

وهذا الحديث لا حجة فيه لأحد منهم، بل فيه إثبات فضيلة لعلي، ولا تعرض فيه لكونه أفضل من غيره أو مثله، وليس فيه دلالة لاستخلافه بعده، لأنه كان خاصا بغزوة تبوك، كما قدمنا في المباحث العربية.

ويؤخذ من أحاديث الباب فوق ما تقدم

1- من الرواية الأولى قال العلماء: في قوله صلى الله عليه وسلم لا نبي بعدي دليل على أن عيسى ابن مريم عليه السلام إذا نزل في آخر الزمان حكما من حكام هذه الأمة، يحكم بشريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ولا ينزل نبيا، كما سبق توضيحه في كتاب الإيمان.

2- من مشافهة سعيد بن المسيب لسعد بن أبي وقاص عن الحديث مدى حرص التابعين على الاستيثاق من الحديث.

3- وحرصهم على علو الإسناد.

4- ومن رد سعد بن أبي وقاص ثقة الصحابة في أحاديثهم، والتأكد منها، وتأكيدهم لسامعيهم صحتها.

5- ومن الرواية الثالثة، من رفض سعد سب علي رضي الله عنهما قوة سعد وصلابته في دين الله، وجرأته في قوله الحق، غير خائف من أذى أو لومة لائم.

6- ومن قوله يحبه الله ورسوله فضيلة لعلي رضي الله عنه.

7- ومن تطاول الصحابة للراية، وقول عمر ما أحببت الإمارة إلا يومئذ فضيلة أخرى لعلي، وإنما كانت محبته لها لما دلت عليه الإمارة من محبته لله ورسوله صلى الله عليه وسلم ومحبتهما له، والفتح على يديه.

8- ومن فتح الله خيبر على يد علي رضي الله عنه معجزة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، لإخباره بما سيقع.

9- وفي بصق الرسول صلى الله عليه وسلم في عيني علي رضي الله عنه، وشفائهما معجزة أخرى.

10- وفي الحديث الدعاء إلى الإسلام قبل القتال، قال النووي: وقد قال بإيجابه على الإطلاق طائفة، ومذهبنا ومذهب آخرين أنهم إن كانوا ممن لم تبلغهم دعوة الإسلام وجب إنذارهم قبل القتال، وإلا فلا يجب، لكن يستحب.

11- وفيه قبول الإسلام ممن نصبوا القتال، سواء كان في حال القتال أم في غيره، وحسابهم على الله، أي نكف عنهم في الظاهر، وأما ما بينهم وبين الله تعالى فإن كان صادقا مؤمنا بقلبه نفعه ذلك في الآخرة، ونجا من النار، كما نفعه في الدنيا، وإلا فلا ينفعه، بل يكون منافقا من أهل النار.

12- وفيه أنه يشترط في صحة الإسلام النطق بالشهادتين فإن كان أخرس، أو في معناه كفته الإشارة إليهما.

13- وفيه بيان فضيلة العلم، لقوله لأن يهدي الله بك رجلا... إلخ.

14- والدعاء إلى الهدى، وسن السنن الحسنة.

15- في الرواية السابعة والثامنة الوصاية بأهل البيت، واختلف في المراد بهم، والراجح أنهم من حرمت عليهم الصدقة، وهم بنو هاشم وبنو المطلب على الأرجح، وعن أبي حنيفة ومالك: بنو هاشم فقط.

وفي حديث أبي حميد أزواجه وذريته وقد أطلق على أزواجه صلى الله عليه وسلم آل محمد، في حديث عائشة ما شبع آل محمد من خبز مأدوم ثلاثا وحديث أبي هريرة اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا وقيل: المراد بآله ذرية فاطمة خاصة، وقيل: هم جميع قريش، وقيل: جميع أمة الإجابة وهو يتعارض مع نصوص الأحاديث.

16- وفي الرواية التاسعة جواز القائلة في المسجد.

17- وإطلاق ابن العم على أقارب الأب، لأنه ابن عم أبيها، وقال عنه ابن عمك؟.

18- وفيه إرشادها إلى أن تخاطبه بذلك، لما فيه من الاستعطاف بذكر القرابة.

19- وفيه ممازحة المغضب بما لا يغضب منه وبما يحصل به تأنيسه.

20- وفيه التكنية بغير الولد.

21- وتكنية من له كنية.

22- والتلقيب بالكنية لمن لا يغضب.

23- ومداراة الصهر، وتسكين غضبه.

24- ودخول الوالد بيت ابنته، بغير إذن زوجها، حيث يعلم رضاه.

والله أعلم