هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4524 حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ، أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ ، قَالَ : لَمَّا نَسَخْنَا الصُّحُفَ فِي المَصَاحِفِ فَقَدْتُ آيَةً مِنْ سُورَةِ الأَحْزَابِ ، كُنْتُ كَثِيرًا أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَؤُهَا لَمْ أَجِدْهَا مَعَ أَحَدٍ ، إِلَّا مَعَ خُزَيْمَةَ الأَنْصَارِيِّ الَّذِي جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهَادَتَهُ شَهَادَةَ رَجُلَيْنِ : { مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ }
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4524 حدثنا أبو اليمان ، أخبرنا شعيب ، عن الزهري ، قال : أخبرني خارجة بن زيد بن ثابت ، أن زيد بن ثابت ، قال : لما نسخنا الصحف في المصاحف فقدت آية من سورة الأحزاب ، كنت كثيرا أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها لم أجدها مع أحد ، إلا مع خزيمة الأنصاري الذي جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادته شهادة رجلين : { من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه }
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

شرح الحديث من فتح الباري لابن حجر

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،    قَوْله بَاب فَمنهمْ من قضى نحبه)
عَهْدَهُ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ فَمِنْهُمْ من قضى نحبه أَيْ نَذْرَهُ وَالنَّحْبُ النَّذْرُ وَالنَّحْبُ أَيْضًا النَّفْسُ وَالنَّحْبُ أَيْضًا الْخَطَرُ الْعَظِيمُ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ النَّحْبُ فِي الْأَصْلِ النَّذْرُ ثُمَّ اسْتُعْمِلَ فِي آخِرِ كُلِّ شَيْءٍ.

     وَقَالَ  عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا مَعْمَرُ عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نحبه قَالَ قَضَى أَجَلَهُ عَلَى الْوَفَاءِ وَالتَّصْدِيقِ وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا قَالَهُ غَيْرُهُ بَلْ ثَبَتَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ طَلْحَةَ دَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَنْتَ يَا طَلْحَةُ مِمَّن قضى نحبه أخرجه بن مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجْمَعَ بِحَمْلِ حَدِيثِ عَائِشَةَ عَلَى الْمَجَازِ وَقَضَى بِمَعْنَى يَقْضِي وَوَقَعَ فِي تَفْسِير بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْهُمْ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ وَفِي تَفْسِيرِ يَحْيَى بْنِ سَلَّامٍ مِنْهُمْ حَمْزَةُ وَأَصْحَابُهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي قِصَّةِ أَنَسِ بْنِ النَّضْرِ قَوْلُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ مِنْهُمْ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ وَعِنْدَ الْحَاكِمِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ أَيْضًا .

     قَوْلُهُ  أَقْطَارُهَا جَوَانِبُهَا هُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ .

     قَوْلُهُ  الْفِتْنَةَ لَآتَوْهَا لَأَعْطَوْهَا هُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ أَيْضًا وَهُوَ عَلَى قِرَاءَةِ آتَوْهَا بِالْمَدِّ.
وَأَمَّا مَنْ قَرَأَهَا بِالْقَصْرِ وَهِيَ قِرَاءَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ فَمَعْنَاهُ جَاءُوهَا ثُمَّ ذَكَرَ طَرَفًا مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ فِي قِصَّةِ أَنَسِ بْنِ النَّضْرِ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي أَوَائِلِ الْجِهَادِ

[ قــ :4524 ... غــ :4784] .

     قَوْلُهُ  أَخْبَرَنِي خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَالَ لَمَّا نَسَخْنَا الصُّحُفَ فِي الْمَصَاحِفِ تَقَدَّمَ فِي آخِرِ تَفْسِيرِ التَّوْبَةِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ لَكِنْ فِي تِلْكَ الرِّوَايَةِ أَنَّ الْآيَة لقد جَاءَكُم رَسُول وَفِي هَذِهِ أَنَّ الْآيَةَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ فَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُمَا حَدِيثَانِ وَسَيَأْتِي فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمِ بْنِ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِالْحَدِيثَيْنِ مَعًا فِي سِيَاقٍ وَاحِدٍ .

     قَوْلُهُ  فَقَدْتُ آيَةً مِنْ سُورَةِ الْأَحْزَابِ كُنْتُ كَثِيرًا أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَؤُهَا هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ زَيْدًا لَمْ يَكُنْ يَعْتَمِدُ فِي جَمْعِ الْقُرْآنِ عَلَى عِلْمِهِ وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى حِفْظِهِ لَكِنْ فِيهِ إِشْكَالٌ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ اكْتَفَى مَعَ ذَلِكَ بِخُزَيْمَةَ وَحْدَهُ وَالْقُرْآنُ إِنَّمَا يَثْبُتُ بِالتَّوَاتُرِ وَالَّذِي يَظْهَرُ فِي الْجَوَابِ أَنَّ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ أَنَّ فَقْدَهُ فَقْدُ وُجُودِهَا مَكْتُوبَةً لَا فَقْدُ وُجُودِهَا مَحْفُوظَةً بَلْ كَانَتْ مَحْفُوظَةً عِنْدَهُ وَعِنْدَ غَيْرِهِ وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا .

     قَوْلُهُ  فِي حَدِيثِ جَمْعِ الْقُرْآنِ فَأَخَذْتُ أَتَتَبَّعُهُ مِنَ الرِّقَاعِ وَالْعُسُبِ كَمَا سَيَأْتِي مَبْسُوطًا فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ وَقَولُهُ خُزَيْمَةَ الْأَنْصَارِيِّ الَّذِي جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهَادَتَهُ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ يُشِيرُ إِلَى قِصَّةِ خُزَيْمَةَ الْمَذْكُورَةِ وَهُوَ خُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ كَمَا سَأُبَيِّنُهُ فِي رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ الْآتِيَةِ.
وَأَمَّا قِصَّتُهُ الْمَذْكُورَةُ فِي الشَّهَادَةِ فَأَخْرَجَهَا أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَوَقَعَتْ لَنَا بِعُلُوٍّ فِي جُزْءِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الذُّهْلِيِّ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ أَيْضًا عَنْ عُمَارَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ عَنْ عَمَّهُ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْتَاعَ مِنْ أَعْرَابِيٍّ فَرَسًا فَاسْتَتْبَعَهُ لِيَقْضِيَهُ ثَمَنَ الْفَرَسِ فَأَسْرَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَشْيَ وَأَبْطَأَ الْأَعْرَابِيُّ فَطَفِقَ رِجَالٌ يَعْتَرِضُونَ الْأَعْرَابِيَّ يُسَاوِمُونَهُ فِي الْفَرَسِ حَتَّى زَادُوهُ عَلَى ثَمَنِهِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ فَطَفِقَ الْأَعْرَابِيُّ يَقُولُ هَلُمَّ شَهِيدًا يَشْهَدُ أَنِّي قَدْ بِعْتُكَ فَمَنْ جَاءَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَقُولُ وَيْلَكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ لِيَقُولَ إِلَّا الْحَقَّ حَتَّى جَاءَ خُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ فَاسْتَمَعَ الْمُرَاجَعَةَ فَقَالَ أَنَا أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَايَعْتَهُ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَ تَشْهَدُ قَالَ بِتَصْدِيقِكَ فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهَادَةَ خُزَيْمَةَ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ وَوَقَعَ لَنَا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَنَّ اسْمَ هَذَا الْأَعْرَابِيِّ سَوَادُ بْنُ الْحَارِثِ فَأخْرج الطَّبَرَانِيّ وبن شَاهِينَ مِنْ طَرِيقِ زَيْدِ بْنِ الْحُبَابِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زُرَارَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ حَدَّثَنِي عُمَارَةُ بْنُ خُزَيْمَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اشْتَرَى فَرَسًا مِنْ سَوَادِ بْنِ الْحَارِثِ فَجَحَدَهُ فَشَهِدَ لَهُ خُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ فَقَالَ لَهُ بِمَ تَشْهَدُ وَلَمْ تَكُنْ حَاضِرًا قَالَ بِتَصْدِيقِكَ وَأَنَّكَ لَا تَقُولُ إِلَّا حَقًّا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ شَهِدَ لَهُ خُزَيْمَةُ أَوْ عَلَيْهِ فَحَسْبُهُ قَالَ الْخَطَّابِيُّ هَذَا الْحَدِيثُ حَمَلَهُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ عَلَى غَيْرِ مَحْمَلِهِ وَتَذَرَّعَ بِهِ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ إِلَى اسْتِحْلَالِ الشَّهَادَةِ لِمَنْ عُرِفَ عِنْدَهُمْ بِالصِّدْقِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ ادَّعَاهُ وَإِنَّمَا وَجْهُ الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَكَمَ عَلَى الْأَعْرَابِيِّ بِعِلْمِهِ وَجَرَتْ شَهَادَةُ خُزَيْمَةَ مَجْرَى التَّوْكِيدِ لِقَوْلِهِ وَالِاسْتِظْهَارِ عَلَى خَصْمِهِ فَصَارَ فِي التَّقْدِيرِ كَشَهَادَةِ الِاثْنَيْنِ فِي غَيْرِهَا مِنَ الْقَضَايَا انْتَهَى وَفِيهِ فَضِيلَةُ الْفِطْنَةِ فِي الْأُمُورِ وَأَنَّهَا تَرْفَعُ مَنْزِلَةَ صَاحِبِهَا لِأَنَّ السَّبَبَ الَّذِي أَبَدَاهُ خُزَيْمَةُ حَاصِلٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ يَعْرِفُهُ غَيْرُهُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَإِنَّمَا هُوَ لَمَّا اخْتَصَّ بِتَفَطُّنِهِ لِمَا غَفَلَ عَنْهُ غَيْرُهُ مَعَ وُضُوحِهِ جُوزِيَ عَلَى ذَلِكَ بِأَنْ خُصَّ بِفَضِيلَةِ مَنْ شَهِدَ لَهُ خُزَيْمَةُ أَوْ عَلَيْهِ فحسبه تَنْبِيه زعم بن التِّينِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِخُزَيْمَةَ لَمَّا جَعَلَ شَهَادَتَهُ شَهَادَتَيْنِ لَا تَعُدْ أَيْ تَشْهَدْ عَلَى مَا لَمْ تُشَاهِدْهُ انْتهى وَهَذِه الزِّيَادَة لم أَقف عَلَيْهَا

(قَولُهُ بَابُ قَوْلِهِ وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُوله سَاقُوا كُلُّهُمُ الْآيَةَ)
إِلَى عَظِيمًا .

     قَوْلُهُ  وقَال قَتَادَةُ وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَات الله وَالْحكمَة الْقُرْآن وَالسّنة وَصله بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ بِلَفْظِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ الْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ أَوْرَدَهُ بِصُورَةِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُرَتَّبِ وَكَذَا هُوَ فِي تَفْسِيرِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ

[ قــ :4524 ... غــ :4786] .

     قَوْلُهُ  وقَال اللَّيْثُ حَدَّثَنِي يُونُسُ وَصَلَهُ الذُّهْلِيُّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنهُ وَأخرجه بن جرير وَالنَّسَائِيّ والإسماعيلي من رِوَايَة بن وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ كَذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  لَمَّا أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَخْيِيرِ أَزْوَاجِهِ وَرَدَ فِي سَبَبِ هَذَا التَّخْيِيرِ مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ قَالَ دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ يَسْتَأْذِنُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَدِيثَ فِي قَوْلِهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم هن حَوْلِي كَمَا تَرَى يَسْأَلْنَنِي النَّفَقَةَ يَعْنِي نِسَاءَهُ وَفِيهِ أَنَّهُ اعْتَزَلَهُنَّ شَهْرًا ثُمَّ نَزَلَتْ عَلَيْهِ هَذِه الْآيَة يَا أَيهَا النَّبِي قل لِأَزْوَاجِك حَتَّى بلغ أجرا عَظِيما قَالَ فَبَدَأَ بِعَائِشَةَ فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ الْبَابِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْمَظَالِمِ مِنْ طَرِيقِ عُقَيْلٍ وَيَأْتِي فِي النِّكَاحِ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ شُعَيْبٍ كِلَاهُمَا عَن بن شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي ثَوْر عَن بن عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ فِي قِصَّةِ الْمَرْأَتَيْنِ اللَّتَيْنِ تَظَاهَرَتَا بِطُولِهِ وَفِي آخِرِهِ حِينَ أَفْشَتْهُ حَفْصَةُ إِلَى عَائِشَةَ وَكَانَ قَدْ قَالَ مَا أَنَا بِدَاخِلٍ عَلَيْهِنَّ شَهْرًا مِنْ شِدَّةِ مَوْجِدَتِهِ عَلَيْهِنَّ حَتَّى عَاتَبَهُ اللَّهُ فَلَمَّا مَضَتْ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ فَبَدَأَ بِهَا فَقَالَتْ لَهُ إِنَّكَ أَقْسَمْتَ أَنْ لَا تَدْخُلَ عَلَيْنَا شَهْرًا وَقَدْ أَصْبَحْنَا لِتِسْعٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً أَعُدُّهَا عَدًّا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ وَكَانَ ذَلِكَ الشَّهْرُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ قَالَتْ عَائِشَةُ فَأُنْزِلَتْ آيَةُ التَّخْيِيرِ فَبَدَأَ بِي أَوَّلَ امْرَأَةٍ فَقَالَ إِنِّي ذَاكِرٌ لَكِ أَمْرًا فَلَا عَلَيْكِ أَنْ لَا تَعْجَلِي الْحَدِيثَ وَهَذَا السِّيَاقُ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْحَدِيثَ كُلُّهُ مِنْ رِوَايَةِ بن عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ.
وَأَمَّا الْمَرْوِيُّ عَنْ عَائِشَةَ فَمن رِوَايَة بن عَبَّاسٍ عَنْهَا وَقَدْ وَقَعَ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ فِيمَا أخرجه بن أبي حَاتِم وبن مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي صَالِحٍ عَنِ اللَّيْثِ بِهَذَا الْإِسْنَاد إِلَى بن عَبَّاسٍ قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ أُنْزِلَتْ آيَةُ التَّخْيِيرِ فَبَدَأَ بِي الْحَدِيثَ لَكِنْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ الْحَدِيثَ مِنْ رِوَايَةِ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ فَفَصَّلَهُ تَفْصِيلًا حَسَنًا وَذَلِكَ أَنَّهُ أَخْرَجَهُ بِطُولِهِ إِلَى آخِرِ قِصَّةِ عُمَرَ فِي الْمُتَظَاهِرَتَيْنِ إِلَى قَوْلِهِ حَتَّى عَاتَبَهُ ثُمَّ عَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ قَالَ الزُّهْرِيُّ فَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَمَّا مَضَى تِسْعٌ وَعِشْرُونَ فَذَكَرَ مُرَاجَعَتَهَا فِي ذَلِكَ ثُمَّ عَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ قَالَ يَا عَائِشَةُ إِنِّي ذَاكِرٌ لَكَ أَمْرًا فَلَا عَلَيْكِ أَنْ لَا تَعْجَلِي حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْكِ الْحَدِيثَ فَعُرِفَ مِنْ هَذَا أَنَّ قَوْلَهُ فَلَمَّا مَضَتْ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ إِلَخْ فِي رِوَايَةِ عُقَيْلٍ هُوَ مِنْ رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَائِشَةَ بِحَذْفِ الْوَاسِطَةِ وَلَعَلَّ ذَلِكَ وَقَعَ عَنْ عَمْدٍ مِنْ أَجْلِ الِاخْتِلَافِ عَلَى الزُّهْرِيِّ فِي الْوَاسِطَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَائِشَةَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ بِعَيْنِهَا كَمَا بَيَّنَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَكَأَنَّ مَنْ أدرجه فِي رِوَايَة بن عَبَّاسٍ مَشَى عَلَى ظَاهِرِ السِّيَاقِ وَلَمْ يَفْطِنْ لِلتَّفْصِيلِ الَّذِي وَقَعَ فِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ سِمَاكِ بْنِ الْوَلِيد عَن بن عَبَّاسٍ حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ لَمَّا اعتزل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نِسَاءَهُ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ وَفِي آخِرِهِ قَالَ وَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّخْيِيرِ فَاتَّفَقَ الْحَدِيثَانِ عَلَى أَنَّ آيَةَ التَّخْيِيرِ نَزَلَتْ عَقِبَ فَرَاغِ الشَّهْرِ الَّذِي اعْتَزَلَهُنَّ فِيهِ وَوَقَعَ ذَلِكَ صَرِيحًا فِي رِوَايَةِ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَمَّا نَزَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى نِسَائِهِ أُمِرَ أَنْ يُخَيِّرَهُنَّ الْحَدِيثَ أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ وَالطَّحَاوِيُّ وَاخْتَلَفَ الْحَدِيثَانِ فِي سَبَبِ الِاعْتِزَالِ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنْ يَكُونَ الْقَضِيَّتَانِ جَمِيعًا سَبَبُ الِاعْتِزَالِ فَإِنَّ قِصَّةَ الْمُتَظَاهِرَتَيْنِ خَاصَّةً بِهِمَا وَقِصَّةُ سُؤَالِ النَّفَقَةِ عَامَّةٌ فِي جَمِيعِ النِّسْوَةِ وَمُنَاسَبَةُ آيَةِ التَّخْيِيرِ بِقِصَّةِ سُؤَالِ النَّفَقَةِ أَلْيَقُ مِنْهَا بِقِصَّةِ الْمُتَظَاهِرَتَيْنِ وَسَيَأْتِي فِي بَابِ مَنْ خَيَّرَ نِسَاءَهُ مِنْ كِتَابِ الطَّلَاقِ بَيَانُ الْحُكْمِ فِيمَنْ خَيَّرَهَا زَوْجُهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

     وَقَالَ  الْمَاوَرْدِيُّ اخْتُلِفَ هَلْ كَانَ التَّخْيِيرُ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ أَوْ بَيْنَ الطَّلَاقِ وَالْإِقَامَةِ عِنْدَهُ عَلَى قَوْلَيْنِ لِلْعُلَمَاءِ أَشْبَهَهُمَا بِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ الثَّانِي ثُمَّ قَالَ إِنَّهُ الصَّحِيحُ وَكَذَا قَالَ الْقُرْطُبِيُّ اخْتُلِفَ فِي التَّخْيِيرِ هَلْ كَانَ فِي الْبَقَاءِ وَالطَّلَاقِ أَوْ كَانَ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ انْتَهَى وَالَّذِي يَظْهَرُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ لِأَنَّ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ مَلْزُومٌ لِلْآخَرِ وَكَأَنَّهُنَّ خُيِّرْنَ بَيْنَ الدُّنْيَا فَيُطَلِّقُهُنَّ وَبَيْنَ الْآخِرَةِ فَيُمْسِكُهُنَّ وَهُوَ مُقْتَضَى سِيَاقِ الْآيَةِ ثُمَّ ظَهَرَ لِي أَنَّ مَحَلَّ الْقَوْلَيْنِ هَلْ فُوِّضَ إِلَيْهِنَّ الطَّلَاقَ أَمْ لَا وَلِهَذَا أَخْرَجَ أَحْمَدُ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ لَمْ يُخَيِّرْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءَهُ إِلَّا بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ .

     قَوْلُهُ  فَلَا عَلَيْكِ أَنْ لَا تَعْجَلِي أَيْ فَلَا بَأْسَ عَلَيْكِ فِي التَّأَنِّي وَعَدَمِ الْعَجَلَةِ حَتَّى تُشَاوِرِي أَبَوَيْكِ .

     قَوْلُهُ  حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْكِ أَيْ تَطْلُبِي مِنْهُمَا أَنْ يُبَيِّنَا لَكِ رَأْيَهُمَا فِي ذَلِكَ وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ حَتَّى تَسْتَشِيرِي أَبَوَيْكِ زَادَ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةُ إِنِّي عَارِضٌ عَلَيْكِ أَمْرًا فَلَا تَفْتَاتِي فِيهِ بِشَيْءٍ حَتَّى تَعْرِضِيهِ عَلَى أَبَوَيْكِ أَبِي بَكْرٍ وَأُمِّ رُومَانَ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرِيُّ وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ أُمَّ رُومَانَ كَانَتْ يَوْمَئِذٍ مَوْجُودَةٌ فَيُرَدُّ بِهِ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّهَا مَاتَتْ سَنَةَ سِتٍّ مِنَ الْهِجْرَةِ فَإِنَّ التَّخْيِيرَ كَانَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ .

     قَوْلُهُ  قَالَتْ فَقُلْتُ فَفِي أَيِّ هَذَا أَسَتَأْمِرُ أَبَوَيَّ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو فَقُلْتُ فَإِنِّي أُرِيدُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا أُؤَامِرُ أَبَوَيَّ أَبَا بَكْرٍ وَأُمَّ رُومَانَ فَضَحِكَ وَفِي رِوَايَةِ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ عِنْدَ الطَّبَرِيِّ فَفَرِحَ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ فَعَلَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ مَا فَعَلَتْ فِي رِوَايَةِ عُقَيْلٍ ثُمَّ خَيَّرَ نِسَاءَهُ فَقُلْنَ مِثْلَ مَا قَالَتْ عَائِشَةُ زَاد بن وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ فِي رِوَايَتِهِ فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ طَلَاقًا حِينَ قَالَهُ لَهُنَّ فَاخْتَرْنَهُ أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ وَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو الْمَذْكُورَةِ ثُمَّ اسْتَقْرَى الْحُجَرَ يَعْنِي حُجَرَ أَزْوَاجِهِ فَقَالَ إِنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ كَذَا فَقُلْنَ وَنَحْنُ نَقُولُ مِثْلَ مَا قَالَتْ وَقَولُهُ اسْتَقْرَى الْحُجَرَ أَيْ تَتَبَّعَ وَالْحُجَرُ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْجِيمِ جَمْعُ حُجْرَةٍ بِضَمٍّ ثُمَّ سُكُونٍ وَالْمُرَادُ مَسَاكِنُ أَزْوَاجِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ الْمَذْكُورِ أَنَّ عَائِشَةَ لَمَّا قَالَتْ بَلْ أَخْتَارُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَسْأَلُكَ أَنْ لَا تُخْبِرَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِكَ بِالَّذِي.

قُلْتُ فَقَالَ لَا تَسْأَلُنِي امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ إِلَّا أَخْبَرْتُهَا إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَبْعَثْنِي مُتَعَنِّتًا وَإِنَّمَا بَعَثَنِي مُعَلِّمًا مُيَسِّرًا وَفِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ قَالَ مَعْمَرٌ فَأَخْبَرَنِي أَيُّوبُ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ لَا تُخْبِرْ نِسَاءَكَ أَنِّي اخْتَرْتُكَ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ أَرْسَلَنِي مُبَلِّغًا وَلَمْ يُرْسِلْنِي مُتَعَنِّتًا وَهَذَا مُنْقَطِعٌ بَيْنَ أَيُّوبَ وَعَائِشَةَ وَيَشْهَدُ لِصِحَّتِهِ حَدِيثُ جَابِرٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي الْحَدِيثِ مُلَاطَفَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَزْوَاجِهِ وَحِلْمُهُ عَنْهُنَّ وَصَبْرُهُ عَلَى مَا كَانَ يصدر مِنْهُنَّ مِنْ إِدْلَالٍ وَغَيْرِهِ مِمَّا يَبْعَثُهُ عَلَيْهِنَّ الْغَيْرَةُ وَفِيهِ فَضْلُ عَائِشَةَ لِبُدَاءَتِهِ بِهَا كَذَا قَرَّرَهُ النَّوَوِيّ لَكِن روى بن مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا طَلَبَتْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَوْبًا فَأَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ أَنْ يُخَيِّرَ نِسَاءَهُ أَمَا عِنْدَ اللَّهِ تُرِدْنَ أَمِ الدُّنْيَا فَإِنْ ثَبَتَ هَذَا وَكَانَتْ هِيَ السَّبَبُ فِي التَّخْيِيرِ فَلَعَلَّ الْبُدَاءَةَ بِهَا لِذَلِكَ لَكِنَّ الْحَسَنَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَائِشَةَ فَهُوَ ضَعِيفٌ وَحَدِيثُ جَابِرٍ فِي أَنَّ النِّسْوَةَ كُنَّ يَسْأَلْنَهُ النَّفَقَةَ أَصَحُّ طَرِيقًا مِنْهُ وَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ السَّبَبَ لَمْ يَتَّحِدْ فِيهَا وَقُدِّمَتْ فِي التَّخْيِيرِ دَلَّ عَلَى الْمُرَادِ لَا سِيَّمَا مَعَ تَقْدِيمِهِ لَهَا أَيْضًا فِي الْبُدَاءَةِ بِهَا فِي الدُّخُولِ عَلَيْهَا وَفِيهِ أَنَّ صِغَرَ السِّنِّ مَظِنَّةٌ لِنَقْصِ الرَّأْيِ قَالَ الْعُلَمَاءُ إِنَّمَا أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَائِشَةَ أَنْ تَسْتَأْمِرَ أَبَوَيْهَا خَشْيَةَ أَنْ يَحْمِلَهَا صِغَرُ السِّنِّ عَلَى اخْتِيَارِ الشِّقِّ الْآخَرِ لِاحْتِمَالِ أَنْ لَا يَكُونَ عِنْدَهَا مِنَ الْمَلَكَةِ مَا يَدْفَعُ ذَلِكَ الْعَارِضَ فَإِذَا اسْتَشَارَتْ أَبَوَيْهَا أَوْضَحَا لَهَا مَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْمَفْسَدَةِ وَمَا فِي مُقَابِلِهِ مِنَ الْمَصْلَحَةِ وَلِهَذَا لَمَّا فَطِنَتْ عَائِشَةُ لِذَلِكَ قَالَتْ قَدْ عَلِمَ أَنَّ أَبَوَيَّ لَمْ يَكُونَا يَأْمُرَانِي بِفِرَاقِهِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ وَخَشِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَاثَتِي وَهَذَا شَاهِدٌ لِلتَّأْوِيلِ الْمَذْكُورِ وَفِيهِ مَنْقَبَةٌ عَظِيمَةٌ لِعَائِشَةَ وَبَيَانُ كَمَالِ عَقْلِهَا وَصِحَّةِ رَأْيِهَا مَعَ صِغَرِ سِنِّهَا وَأَنَّ الْغَيْرَةَ تَحْمِلُ الْمَرْأَةَ الْكَامِلَةَ الرَّأْيِ وَالْعَقْلِ عَلَى ارْتِكَابِ مَا لَا يَلِيقُ بِحَالِهَا لِسُؤَالِهَا النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا يُخْبِرَ أَحَدًا مِنْ أَزْوَاجِهِ بِفِعْلِهَا وَلَكِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا عَلِمَ أَنَّ الْحَامِلَ لَهَا عَلَى ذَلِكَ مَا طُبِعَ عَلَيْهِ النِّسَاءُ مِنَ الْغَيْرَةِ وَمَحَبَّةِ الِاسْتِبْدَادِ دُونَ ضَرَائِرِهَا لَمْ يُسْعِفْهَا بِمَا طَلَبَتْ مِنْ ذَلِكَ تَنْبِيهٌ وَقَعَ فِي النِّهَايَةِ وَالْوَسِيطِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ عَائِشَةَ أَرَادَتْ أَنْ يَخْتَارَ نِسَاؤُهُ الْفِرَاقَ فَإِنْ كَانَا ذَكَرَاهُ فِيمَا فَهِمَاهُ مِنَ السِّيَاقِ فَذَاكَ وَإِلَّا فَلَمْ أَرَ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِ الْحَدِيثِ التَّصْرِيحَ بِذَلِكَ وَذَكَرَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ مِنْ خَصَائِصِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَخْيِيرُ أَزْوَاجِهِ وَاسْتَنَدَ إِلَى هَذِهِ الْقِصَّةِ وَلَا دَلَالَةَ فِيهَا عَلَى الِاخْتِصَاصِ نَعَمْ ادَّعَى بَعْضُ مَنْ قَالَ إِنَّ التَّخْيِيرَ طَلَاقٌ أَنَّهُ فِي حَقِّ الْأُمَّةِ وَاخْتُصَّ هُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّ ذَلِكَ فِي حَقِّهِ لَيْسَ بِطَلَاقٍ وَسَيَأْتِي مَزِيدُ بَيَانٍ لِذَلِكَ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ إِنْ شَاءَ تَعَالَى وَاسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضُهُمْ عَلَى ضَعْفِ مَا جَاءَ أَنَّ مِنَ الْأَزْوَاجِ حِينَئِذٍ مَنِ اخْتَارَتِ الدُّنْيَا فَتَزَوَّجَهَا وَهِيَ فَاطِمَةُ بِنْتُ الضَّحَّاكِ لِعُمُومِ قَوْلِهِ ثُمَّ فَعَلَ إِلَخْ .

     قَوْلُهُ  تَابَعَهُ مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ يَعْنِي عَنْ عَائِشَة وَصله النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى بْنِ أَعْيَنَ حَدَّثَنَا أَبِي فَذَكَرَهُ .

     قَوْلُهُ  وقَال عَبْدُ الرَّزَّاق وَأَبُو سُفْيَان المعمري عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَمَّا رِوَايَةُ عبد الرَّزَّاق فوصلها مُسلم وبن مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِهِ وَأَخْرَجَهَا أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ فِي مُسْنَدَيْهِمَا عَنْهُ وَقَصَّرَ مَنْ قَصَرَ تَخْرِيجَهَا عَلَى بن مَاجَهْ.
وَأَمَّا رِوَايَةُ أَبِي سُفْيَانَ الْمَعْمَرِيِّ فَأَخْرَجَهَا الذُّهْلِيُّ فِي الزُّهْرِيَّاتِ وَتَابَعَ مَعْمَرًا عَلَى عُرْوَةَ جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ وَلَعَلَّ الْحَدِيثَ كَانَ عِنْدَ الزُّهْرِيِّ عَنْهُمَا فَحَدَّثَ بِهِ تَارَةً عَنْ هَذَا وَتَارَةً عَنْ هَذَا وَإِلَى هَذَا مَالَ التِّرْمِذِيُّ وَقَدْ رَوَاهُ عُقَيْلٌ وَشُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَائِشَةَ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ كَمَا قَدَّمْتُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ