4449 حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : { الَّذِينَ جَعَلُوا القُرْآنَ عِضِينَ } قَالَ : هُمْ أَهْلُ الكِتَابِ جَزَّءُوهُ أَجْزَاءً ، فَآمَنُوا بِبَعْضِهِ وَكَفَرُوا بِبَعْضِهِ |
4449 حدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا هشيم ، أخبرنا أبو بشر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس رضي الله عنهما : { الذين جعلوا القرآن عضين } قال : هم أهل الكتاب جزءوه أجزاء ، فآمنوا ببعضه وكفروا ببعضه |
شرح الحديث من فتح الباري لابن حجر
قَوْله بَاب الَّذين جعلُوا الْقُرْآن عضين)
قِيلَ إِنَّ عِضِينَ جَمْعُ عُضْوٍ فَرَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ الضَّحَّاكِ قَالَ فِي قَوْلِهِ جَعَلُوا الْقُرْآن عضين أَيْ جَعَلُوهُ أَعْضَاءً كَأَعْضَاءِ الْجَزُورِ وَقِيلَ هِيَ جَمْعُ عِضَةٍ وَأَصْلُهَا عِضْهَةٌ فَحُذِفَتِ الْهَاءُ كَمَا حُذِفَتْ مِنَ الشَّفَةِ وَأَصْلُهَا شَفَهَةٌ وَجُمِعَتْ بَعْدَ الْحَذْفِ عَلَى عِضِينَ مِثْلُ بِرَةٍ وَبِرِينَ وَكِرَةٍ كرين وروى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ قَالَ عِضِينَ عَضَهُوهُ وَبَهَتُوهُ وَمِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ قَالَ الْعَضْهُ السِّحْرُ بِلِسَان قُرَيْش تَقول لِلسَّاحِرَةِ العاضهة أخرجه بن أبي حَاتِم وروى بن أَبِي حَاتِمٍ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عَطَاءٍ مِثْلُ قَوْلِ الضَّحَّاكِ وَلَفْظُهُ عَضُّوا الْقُرْآنَ أَعْضَاءً فَقَالَ بَعْضُهُمْ سَاحِرٌ.
وَقَالَ آخَرُ مَجْنُونٌ.
وَقَالَ آخَرُ كَاهِنٌ فَذَلِكَ الْعِضِينَ وَمِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ مِثْلَهُ وَزَادَ وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ وَمِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ قَالَ قَسَّمُوا الْقُرْآنَ وَاسْتَهْزَءُوا بِهِ فَقَالُوا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ الْبَعُوضَ وَالذُّبَابَ وَالنَّمْلَ وَالْعَنْكَبُوتَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ أَنَا صَاحِبُ الْبَعُوضِ.
وَقَالَ آخَرُ أَنَا صَاحِبُ النَّمْلِ.
وَقَالَ آخَرُ أَنَا صَاحِبُ الْعَنْكَبُوتِ وَكَانَ الْمُسْتَهْزِئُونَ خَمْسَةً الْأَسْوَدَ بْنَ عَبْدِ يَغُوثَ وَالْأَسْوَدَ بْنَ الْمُطَّلِبِ وَالْعَاصِي بْنَ وَائِلٍ وَالْحَارِثَ بْنَ قَيْسٍ وَالْوَلِيدَ بْنَ الْمُغِيرَةِ وَمِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ وَغَيْرِهِ فِي عَدِّ الْمُسْتَهْزِئِينَ مِثْلُهُ وَمِنْ طَرِيقِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ مِثْلُهُ وَزَادَ بَيَانُ كَيْفِيَّةِ هَلَاكِهِمْ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ .
قَوْلُهُ الْمُقْتَسِمِينَ الَّذِينَ حَلَفُوا وَمِنْهُ لَا أُقْسِمُ أَيْ أُقْسِمُ وَتُقْرَأُ لأقسم وقاسمها حَلَفَ لَهُمَا وَلَمْ يَحْلِفَا لَهُ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ تَقَاسَمُوا تَحَالَفُوا.
قُلْتُ هَكَذَا جَعَلَ الْمُقْتَسِمِينَ مِنَ الْقَسَمِ بِمَعْنَى الْحَلِفِ وَالْمَعْرُوفُ أَنَّهُ مِنَ الْقِسْمَةِ وَبِهِ جَزَمَ الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ وَسِيَاقُ الْكَلَامِ يَدُلُّ عَلَيْهِ وَقَولُهُ
[ قــ :4449 ... غــ :4705] الَّذِينَ جَعَلُوا هُوَ صِفَةٌ لِلْمُقْتَسِمِينَ وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُمْ قَسَمُوهُ وَفَرَّقُوهُ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَقَاسَمَهُمَا حَلَفَ لَهُمَا.
وَقَالَ أَيْضًا أَبُو عُبَيْدَةَ الَّذِي يُكْثِرُ الْمُصَنِّفُ نَقْلَ كَلَامِهِ مِنَ الْمُقْتَسِمِينَ الَّذِينَ اقْتَسَمُوا وَفَرَّقُوا قَالَ وَقَولُهُ عِضِينَ أَيْ فَرَّقُوهُ عَضُّوهُ أَعْضَاءً قَالَ رُؤْبَةُ وَلَيْسَ دِينُ اللَّهِ بِالْمُعَضَّى أَيْ بِالْمُفَرَّقِ.
وَأَمَّا .
قَوْلُهُ وَمِنْهُ لَا أُقْسِمُ إِلَخْ فَلَيْسَ كَذَلِكَ أَيْ فَلَيْسَ هُوَ مِنَ الِاقْتِسَامِ بَلْ هُوَ مِنَ الْقَسَمِ وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى مَا اخْتَارَهُ مِنْ أَنَّ الْمُقْتَسِمِينَ مِنَ الْقَسْمِ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ لَا أقسم بِيَوْم الْقِيَامَة مَجَازُهَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ وَاخْتَلَفَ الْمُعْرِبُونَ فِي لَا فَقِيلَ زَائِدَةٌ وَإِلَى هَذَا يُشِيرُ كَلَامُ أَبِي عُبَيْدَةَ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهَا لَا تُزَادُ إِلَّا فِي أَثْنَاءِ الْكَلَامِ وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْقُرْآنَ كُلَّهُ كَالْكَلَامِ الْوَاحِدِ وَقِيلَ هُوَ جَوَابُ شَيْءٍ مَحْذُوفٍ وَقِيلَ نَفْيٌ عَلَى بَابِهَا وَجَوَابُهَا مَحْذُوفٌ وَالْمَعْنَى لَا أُقْسِمُ بِكَذَا بَلْ بِكَذَا.
وَأَمَّا قِرَاءَةُ لَأُقْسِمُ بِغَيْرِ أَلِفٍ فَهِيَ رِوَايَةٌ عَنِ بن كَثِيرٍ وَاخْتُلِفَ فِي اللَّامِ فَقِيلَ هِيَ لَامُ الْقَسَمِ وَقِيلَ لَامُ التَّأْكِيدِ وَاتَّفَقُوا عَلَى إِثْبَاتِ الْأَلِفِ فِي الَّتِي بَعْدَهَا وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ وَعَلَى إِثْبَاتِهَا فِي لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ اتِّبَاعًا لِرَسْمِ الْمُصْحَفِ فِي ذَلِكَ.
وَأَمَّا قَوْلُ مُجَاهِدٍ تَقَاسَمُوا تَحَالَفُوا فَهُوَ كَمَا قَالَ وَقَدْ أخرجه الْفرْيَابِيّ من طَرِيق بن أَبِي نَجِيحٍ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّه قَالَ تَحَالَفُوا عَلَى هَلَاكِهِ فَلَمْ يَصِلُوا إِلَيْهِ حَتَّى هَلَكُوا جَمِيعًا وَهَذَا أَيْضًا لَا يَدْخُلُ فِي الْمُقْتَسِمِينَ إِلَّا عَلَى رَأْيِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ فَإِنَّ الطَّبَرِيَّ رَوَى عَنْهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ الْمُقْتَسِمِينَ قَوْمُ صَالِحٍ الَّذِينَ تَقَاسَمُوا عَلَى هَلَاكِهِ فَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ اعْتَمَدَ عَلَى ذَلِكَ .
قَوْلُهُ عَن بن عَبَّاس الَّذين جعلُوا الْقُرْآن عضين يَعْنِي فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْكَلِمَةِ وَقَدْ ذَكَرْتُ مَا قِيلَ فِي أَصْلِ اشْتِقَاقِهَا أَوَّلَ الْبَابِ .
قَوْلُهُ هُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَسَّرَهُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ فَقَالَ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى وَقَولُهُ جَزَّءُوهُ أَجْزَاءً فَسَّرَهُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ فَقَالَ آمَنُوا بِبَعْضٍ وَكَفَرُوا بِبَعْضٍ .
قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ بِمُعْجَمَةٍ ثُمَّ مُوَحَّدَةٍ هُوَ حُصَيْنُ بْنُ جُنْدُبٍ وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ عَنِ بن عَبَّاس سوى هَذَا الحَدِيث