هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4417 حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، أَنَّهُ قَالَ : لَمَّا تُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ، جَاءَ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْطَاهُ قَمِيصَهُ ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُكَفِّنَهُ فِيهِ ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي عَلَيْهِ فَأَخَذَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ بِثَوْبِهِ ، فَقَالَ : تُصَلِّي عَلَيْهِ وَهُوَ مُنَافِقٌ ، وَقَدْ نَهَاكَ اللَّهُ أَنْ تَسْتَغْفِرَ لَهُمْ ؟ قَالَ : إِنَّمَا خَيَّرَنِي اللَّهُ - أَوْ أَخْبَرَنِي اللَّهُ - فَقَالَ : { اسْتَغْفِرْ لَهُمْ ، أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ ، إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ } فَقَالَ سَأَزِيدُهُ عَلَى سَبْعِينَ قَالَ : فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَلَّيْنَا مَعَهُ ، ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ : { وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا ، وَلاَ تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ، وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ }
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  أو أخبرني الله فقال : { استغفر لهم ، أو لا تستغفر لهم ، إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم } فقال سأزيده على سبعين قال : فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلينا معه ، ثم أنزل الله عليه : { ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ، ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله ، وماتوا وهم فاسقون }
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [4672] فِيهِ إِنَّمَا خَيَّرَنِي اللَّهُ أَوْ أَخْبَرَنِي اللَّهُ كَذَا وَقَعَ بِالشَّكِّ وَالْأَوَّلِ بِمُعْجَمَةٍ مَفْتُوحَةٍ وَتَحْتَانِيَّةٍ ثَقِيلَةٍ مِنَ التَّخْيِيرِ وَالثَّانِي بِمُوَحَّدَةٍ مِنَ الْإِخْبَارِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ أَبِي ضَمْرَةَ الَّذِي أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ بِلَفْظِ إِنَّمَا خَيَّرَنِي اللَّهُ بِغَيْرِ شَكٍّ وَكَذَا فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ بِلَفْظِ التَّخْيِيرِ أَيْ بَيْنَ الِاسْتِغْفَارِ وَعَدَمِهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَاسْتُشْكِلَ فَهْمُ التَّخْيِيرِ مِنَ الْآيَةِ حَتَّى أَقْدَمَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَكَابِرِ عَلَى الطَّعْنِ فِي صِحَّةِ هَذَا الْحَدِيثِ مَعَ كَثْرَةِ طُرُقِهِ وَاتِّفَاقِ الشَّيْخَيْنِ وَسَائِرِ الَّذِينَ خَرَّجُوا الصَّحِيحَ عَلَى تَصْحِيحِهِ وَذَلِكَ يُنَادِي عَلَى مُنْكِرِي صِحَّتِهِ بِعَدَمِ مَعْرِفَةِ الْحَدِيثِ وَقِلَّةِ الِاطِّلَاعِ عَلَى طُرُقِهِ قَالَ بن الْمُنِيرِ مَفْهُومُ الْآيَةِ زَلَّتْ فِيهِ الْأَقْدَامُ حَتَّى أَنْكَرَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ صِحَّةَ الْحَدِيثِ.

     وَقَالَ  لَا يَجُوزُ أَنْ يُقْبَلَ هَذَا وَلَا يَصِحُّ أَنَّ الرَّسُولَ قَالَهُ انْتَهَى وَلَفْظُ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيِّ فِي التَّقْرِيبِ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ أَخْبَارِ الْآحَادِ الَّتِي لَا يُعْلَمُ ثُبُوتِهَا.

     وَقَالَ  إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي مُخْتَصَرِهِ هَذَا الْحَدِيثُ غَيْرُ مُخَرَّجٍ فِي الصَّحِيحِ.

     وَقَالَ  فِي الْبُرْهَانِ لَا يُصَحِّحُهُ أَهْلُ الْحَدِيثِ.

     وَقَالَ  الْغَزَالِيُّ فِي الْمُسْتَصْفَى الْأَظْهَرُ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ غَيْرُ صَحِيحٍ.

     وَقَالَ  الدَّاوُدِيُّ الشَّارِحُ هَذَا الْحَدِيثُ غَيْرُ مَحْفُوظٍ وَالسَّبَبُ فِي إِنْكَارِهِمْ صِحَّتِهِ مَا تَقَرَّرَ عِنْدَهُمْ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ وَهُوَ الَّذِي فَهِمَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ حَمْلِ أَوْ عَلَى التَّسْوِيَةِ لِمَا يَقْتَضِيهِ سِيَاقُ الْقِصَّةِ وَحَمْلَ السَّبْعِينَ عَلَى الْمُبَالَغَةِ قَالَ بن الْمُنِيرِ لَيْسَ عِنْدَ أَهْلِ الْبَيَانِ تَرَدُّدٌ أَنَّ التَّخْصِيصَ بِالْعَدَدِ فِي هَذَا السِّيَاقِ غَيْرُ مُرَادٍ انْتَهَى وَأَيْضًا فَشَرْطُ الْقَوْلِ بِمَفْهُومِ الصِّفَةِ وَكَذَا الْعَدَدُ عِنْدَهُمْ مُمَاثَلَةُ الْمَنْطُوقِ لِلْمَسْكُوتِ وَعَدَمُ فَائِدَةٍ أُخْرَى وَهُنَا لِلْمُبَالَغَةِ فَائِدَةٌ وَاضِحَةٌ فَأَشْكَلَ .

     قَوْلُهُ  سَأَزِيدُ عَلَى السَّبْعِينَ مَعَ أَنَّ حُكْمُ مَا زَادَ عَلَيْهَا حُكْمُهَا وَقَدْ أَجَابَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّهُ إِنَّمَا قَالَ سَأَزِيدُ عَلَى السَّبْعِينَ اسْتِمَالَةٌ لِقُلُوبِ عَشِيرَتِهِ لَا أَنَّهُ أَرَادَ إِنْ زَادَ عَلَى السَّبْعِينَ يُغْفَرُ لَهُ وَيُؤَيِّدُهُ تَرَدُّدُهُ فِي ثَانِي حَدِيثَيِ الْبَابِ حَيْثُ قَالَ لَوْ أَعْلَمُ أَنِّي إِنْ زِدْتُ عَلَى السَّبْعِينَ يُغْفَرُ لَهُ لَزِدْتُ لَكِنْ قَدَّمْنَا أَنَّ الرِّوَايَةَ ثَبَتَتْ بِقَوْلِهِ سَأَزِيدُ وَوَعْدُهُ صَادِقٌ وَلَا سِيَّمَا وَقَدْ ثَبَتَ .

     قَوْلُهُ  لَأَزِيدَنَّ بِصِيغَةِ الْمُبَالَغَةِ فِي التَّأْكِيدِ وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ فَعَلَ ذَلِكَ اسْتِصْحَابًا لِلْحَالِ لِأَنَّ جَوَازَ الْمَغْفِرَةِ بِالزِّيَادَةِ كَانَ ثَابِتًا قَبْلَ مَجِيءِ الْآيَةِ فَجَازَ أَنْ يَكُونَ بَاقِيًا عَلَى أَصْلِهِ فِي الْجَوَازِ وَهَذَا جَوَابٌ حَسَنٌ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْعَمَلَ بِالْبَقَاءِ عَلَى حُكْمِ الْأَصْلِ مَعَ فَهْمِ الْمُبَالَغَةِ لَا يَتَنَافَيَانِ فَكَأَنَّهُ جَوَّزَ أَنَّ الْمَغْفِرَةَ تَحْصُلُ بِالزِّيَادَةِ عَلَى السَّبْعِينَ لَا أَنَّهُ جَازِمٌ بِذَلِكَ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ وَقِيلَ إِنَّ الِاسْتِغْفَارَ يَتَنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الدُّعَاءِ وَالْعَبْدُ إِذَا سَأَلَ رَبَّهُ حَاجَةً فَسُؤَالُهُ إِيَّاهُ يَتَنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الذِّكْرِ لَكِنَّهُ مِنْ حَيْثُ طَلَبَ تَعْجِيلَ حُصُولِ الْمَطْلُوبِ لَيْسَ عِبَادَةً فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ وَالْمَغْفِرَةُ فِي نَفْسِهَا مُمْكِنَةٌ وَتَعَلَّقَ الْعِلْمُ بِعَدَمِ نَفْعِهَا لَا بِغَيْرِ ذَلِكَ فَيَكُونُ طَلَبُهَا لَا لِغَرَضِ حُصُولِهَا بَلْ لِتَعْظِيمِ الْمَدْعُوِّ فَإِذَا تَعَذَّرَتِ الْمَغْفِرَةُ عُوِّضَ الدَّاعِي عَنْهَا مَا يَلِيقُ بِهِ مِنَ الثَّوَابِ أَوْ دَفْعِ السُّوءِ كَمَا ثَبَتَ فِي الْخَبَرِ وَقَدْ يَحْصُلُ بِذَلِكَ عَنِ الْمَدْعُوِّ لَهُمْ تَخْفِيفٌ كَمَا فِي قِصَّةِ أبي طَالب هَذَا معنى مَا قَالَه بن الْمُنِيرِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يَسْتَلْزِمُ مَشْرُوعِيَّةَ طَلَبِ الْمَغْفِرَةِ لِمَنْ تَسْتَحِيلُ الْمَغْفِرَةُ لَهُ شَرْعًا وَقَدْ وَرَدَ إِنْكَارُ ذَلِكَ فِي قَوْلَهُ تَعَالَى مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَوَقَعَ فِي أَصْلِ هَذِهِ الْقِصَّةِ إِشْكَالٌ آخَرُ وَذَلِكَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَطْلَقَ أَنَّهُ خُيِّرَ بَيْنَ الِاسْتِغْفَارِ لَهُمْ وَعَدَمِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَاتستغفر لَهُم وَأَخَذَ بِمَفْهُومِ الْعَدَدِ مِنَ السَّبْعِينَ فَقَالَ سَأَزِيدُ عَلَيْهَا مَعَ أَنَّهُ قَدْ سَبَقَ قَبْلَ ذَلِكَ بِمُدَّةٍ طَوِيلَةٍ نُزُولِ قَوْلَهُ تَعَالَى مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أولي قربى فَإِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ كَمَا سَيَأْتِي فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ السُّورَةِ قَرِيبًا نَزَلَتْ فِي قِصَّةِ أَبِي طَالِبٍ حِينَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ فَنَزَلَتْ وَكَانَتْ وَفَاةُ أَبِي طَالِبٍ بِمَكَّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ اتِّفَاقًا وَقِصَّةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ هَذِهِ فِي السَّنَةِ التَّاسِعَةِ مِنَ الْهِجْرَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فَكَيْفَ يَجُوزُ مَعَ ذَلِكَ الِاسْتِغْفَارُ لِلْمُنَافِقَيْنِ مَعَ الْجَزْمِ بِكُفْرِهِمْ فِي نَفْسِ الْآيَةِ وَقَدْ وَقَفْتُ عَلَى جَوَابٍ لِبَعْضِهِمْ عَنْ هَذَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ اسْتِغْفَارٌ تُرْجَى إِجَابَتُهُ حَتَّى يَكُونَ مَقْصُودُهُ تَحْصِيلَ الْمَغْفِرَةِ لَهُمْ كَمَا فِي قِصَّةِ أَبِي طَالِبٍ بِخِلَافِ الِاسْتِغْفَارِ لِمِثْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ فَإِنَّهُ اسْتِغْفَارٌ لِقَصْدِ تَطْيِيبِ قُلُوبِ مَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ وَهَذَا الْجَوَابُ لَيْسَ بِمَرْضِيٍّ عِنْدِي وَنَحْوُهُ قَوْلُ الزَّمَخْشَرِيِّ فَإِنَّهُ قَالَ فَإِنْ.

.

قُلْتُ كَيْفَ خَفِيَ عَلَى أَفْصَحِ الْخَلْقِ وَأَخْبَرِهِمْ بِأَسَالِيبِ الْكَلَامِ وَتَمْثِيلَاتِهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذَا الْعَدَدِ أَنَّ الِاسْتِغْفَارَ وَلَوْ كَثُرَ لَا يُجْدِي وَلَا سِيَّمَا وَقَدْ تَلَاهُ .

     قَوْلُهُ  ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّه وَرَسُوله الْآيَةَ فَبَيَّنَ الصَّارِفُ عَنِ الْمَغْفِرَةِ لَهُمْ.

.

قُلْتُ لَمْ يَخْفَ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَلَكِنَّهُ فَعَلَ مَا فَعَلَ.

     وَقَالَ  مَا قَالَ إِظْهَارًا لِغَايَةِ رَحْمَتِهِ وَرَأْفَتُهُ عَلَى مَنْ بُعِثَ إِلَيْهِ وَهُوَ كَقَوْلِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيم وَفِي إِظْهَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّأْفَةَ الْمَذْكُورَةَ لُطْفٌ بِأُمَّتِهِ وَبَاعِثٌ عَلَى رَحْمَةِ بَعضهم بَعْضًا انْتهى وَقد تعقبه بن الْمُنِيرِ وَغَيْرُهُ وَقَالُوا لَا يَجُوزُ نِسْبَةُ مَا قَالَهُ إِلَى الرَّسُولِ لِأَنَّ اللَّهَ أَخْبَرَ أَنَّهُ لَا يَغْفِرُ لِلْكُفَّارِ وَإِذَا كَانَ لَا يَغْفِرُ لَهُمْ فَطَلَبُ الْمَغْفِرَةِ لَهُمْ مُسْتَحِيلٌ وَطَلَبُ الْمُسْتَحِيلِ لَا يَقَعُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إِنَّ النَّهْيَ عَنِ الِاسْتِغْفَارِ لِمَنْ مَاتَ مُشْرِكًا لَا يَسْتَلْزِمُ النَّهْيَ عَنِ الِاسْتِغْفَارِ لِمَنْ مَاتَ مُظْهِرًا لِلْإِسْلَامِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ مُعْتَقَدُهُ صَحِيحًا وَهَذَا جَوَابٌ جَيِّدٌ وَقَدْ قَدَّمْتُ الْبَحْثَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ فِي كِتَابِ الْجَنَائِزِ وَالتَّرْجِيحُ أَنَّ نُزُولَهَا كَانَ مُتَرَاخِيًا عَنْ قِصَّةِ أَبِي طَالِبٍ جِدًّا وَأَنَّ الَّذِي نَزَلَ فِي قِصَّتِهِ إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْت وَحَرَّرْتُ دَلِيلَ ذَلِكَ هُنَاكَ إِلَّا أَنَّ فِي بَقِيَّةِ هَذِهِ الْآيَةِ مِنَ التَّصْرِيحِ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ نُزُولَ ذَلِكَ وَقَعَ مُتَرَاخِيًا عَنِ الْقِصَّةِ وَلَعَلَّ الَّذِي نَزَلَ أَوَّلًا وَتَمَسَّكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ قَوْلَهُ تَعَالَى اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُم إِلَى هُنَا خَاصَّةً وَلِذَلِكَ اقْتَصَرَ فِي جَوَابِ عُمَرَ عَلَى التَّخْيِيرِ وَعَلَى ذِكْرِ السَّبْعِينَ فَلَمَّا وَقَعَتِ الْقِصَّةُ الْمَذْكُورَةُ كَشَفَ اللَّهُ عَنْهُمُ الْغِطَاءَ وَفَضَحَهُمْ على رُؤُوس الْمَلَأِ وَنَادَى عَلَيْهِمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ السِّرُّ فِي اقْتِصَارِ الْبُخَارِيِّ فِي التَّرْجَمَةِ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى هَذَا الْقَدرِ إِلَى قَوْلِهِ فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ وَلَمْ يَقَعْ فِي شَيْءٍ مِنْ نُسَخِ كِتَابِهِ تَكْمِيلُ الْآيَةِ كَمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنِ اخْتِلَافِ الرُّوَاةِ عَنْهُ فِي ذَلِكَ وَإِذَا تَأَمَّلَ الْمُتَأَمِّلُ الْمُنْصِفُ وَجَدَ الْحَامِلَ عَلَى مَنْ رَدَّ الْحَدِيثَ أَوْ تَعَسَّفَ فِي التَّأْوِيلِ ظَنَّهُ بِأَنَّ قَوْله ذَلِك بِأَنَّهُم كفرُوا بِاللَّه وَرَسُوله نزل مَعَ قَوْله اسْتغْفر لَهُم أَيْ نَزَلَتِ الْآيَةُ كَامِلَةً لِأَنَّهُ لَوْ فُرِضَ نُزُولُهَا كَامِلَةً لَاقْتَرَنَ بِالنَّهْيِ الْعِلَّةِ وَهِيَ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ قَلِيلَ الِاسْتِغْفَارِ وَكَثِيرِهِ لَا يُجْدِي وَإِلَّا فَإِذَا فُرِضَ مَا حَرَّرْتُهُ أَنَّ هَذَا الْقَدرَ نَزَلَ مُتَرَاخِيًا عَنْ صَدْرِ الْآيَةِ ارْتَفَعَ الْإِشْكَالُ وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَحُجَّةُ الْمُتَمَسِّكِ مِنَ الْقِصَّةِ بِمَفْهُومِ الْعَدَدِ صَحِيحٌ وَكَوْنُ ذَلِكَ وَقَعَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَمَسِّكًا بِالظَّاهِرِ عَلَى مَا هُوَ الْمَشْرُوعُ فِي الْأَحْكَامِ إِلَى أَنْ يَقُومَ الدَّلِيلُ الصَّارِفُ عَنْ ذَلِكَ لَا إِشْكَالَ فِيهِ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ عَلَى مَا أَلْهَمَ وَعَلَّمَ وَقَدْ وَقَفْتُ لِأَبِي نُعَيْمٍ الْحَافِظِ صَاحِبِ حِلْيَةِ الْأَوْلِيَاءِ عَلَى جُزْءٍ جَمَعَ فِيهِ طُرُقَ هَذَا الْحَدِيثِ وَتَكَلَّمَ عَلَى مَعَانِيهِ فَلَخَّصْتُهُ فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي أُسَامَةَ وَغَيْرِهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعُمَرِيِّ فِي قَوْلِ عُمَرَ أَتُصَلِّي عَلَيْهِ وَقَدْ نَهَاكَ اللَّهُ عَنِالصَّلَاةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ وَلَمْ يُبَيِّنْ مَحَلَّ النَّهْيِ فَوَقَعَ بَيَانُهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي ضَمْرَةَ عَنِ الْعُمَرِيِّ وَهُوَ أَنَّ مُرَادَهُ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِمُ الِاسْتِغْفَارُ لَهُمْ وَلَفْظُهُ وَقَدْ نَهَاكَ اللَّهُ أَنْ تَسْتَغْفِرَ لَهُم قَالَ وَفِي قَول بن عُمَرَ فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَلَّيْنَا مَعَهُ أَنَّ عُمَرَ تَرَكَ رَأْيَ نَفْسِهِ وَتَابَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنبهَ على أَن بن عُمَرَ حَمَلَ هَذِهِ الْقِصَّةِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِغَيْرِ وَاسِطَة بِخِلَاف بن عَبَّاسٍ فَإِنَّهُ إِنَّمَا حَمَلَهَا عَنْ عُمَرَ إِذْ لَمْ يَشْهَدْهَا قَالَ وَفِيهِ جَوَازُ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمَرْءِ بِمَا كَانَ عَلَيْهِ حَيًّا وَمَيِّتًا لِقَوْلِ عُمَرَ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ مُنَافِقٌ وَلَمْ يُنْكِرِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلَهُ وَيُؤْخَذُ أَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ مِنْ سَبِّ الْأَمْوَاتِ مَا قُصِدَ بِهِ الشَّتْمُ لَا التَّعْرِيفُ وَأَنَّ الْمُنَافِقَ تُجْرَى عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْإِسْلَامِ الظَّاهِرَةُ وَأَنَّ الْإِعْلَامَ بِوَفَاةِ الْمَيِّتِ مُجَرَّدًا لَا يَدْخُلُ فِي النَّعْيِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَفِيهِ جَوَازُ سُؤَالِ الْمُوسِرِ مِنَ الْمَالِ مَنْ تُرْجَى بَرَكَتُهُ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ لِضَرُورَةٍ دِينِيَّةٍ وَفِيهِ رِعَايَةُ الْحَيِّ الْمُطِيعِ بِالْإِحْسَانِ إِلَى الْمَيِّتِ الْعَاصِي وَفِيهِ التَّكْفِينُ بِالْمَخِيطِ وَجَوَازُ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ النُّزُولِ إِلَى وَقْتِ الْحَاجَةِ وَالْعَمَلُ بِالظَّاهِرِ إِذَا كَانَ النَّصُّ مُحْتَمِلًا وَفِيهِ جَوَازُ تَنْبِيهِ الْمَفْضُولِ لِلْفَاضِلِ عَلَى مَا يَظُنُّ أَنَّهُ سَهَا عَنْهُ وَتَنْبِيهُ الْفَاضِلِ الْمَفْضُولَ عَلَى مَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ وَجَوَازُ اسْتِفْسَارِ السَّائِلِ الْمَسْئُولَ وَعَكْسُهُ عَمَّا يَحْتَمِلُ مَا دَارَ بَيْنَهُمَا وَفِيهِ جَوَازُ التَّبَسُّمُ فِي حُضُورِ الْجِنَازَةِ عِنْدَ وُجُودِ مَا يَقْتَضِيهِ وَقَدِ اسْتَحَبَّ أَهْلُ الْعِلْمِ عَدَمَ التَّبَسُّمِ مِنْ أَجْلِ تَمَامِ الْخُشُوعِ فَيُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا تَدْعُو إِلَيْهِ الْحَاجَةُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ ( قَولُهُ بَابُ قَوْلِهِ سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انقلبتم إِلَيْهِم لتعرضوا عَنْهُم الْآيَةَ) سَقَطَ لَكُمْ مِنْ رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ وَالصَّوَابُ إِثْبَاتُهَا ثُمَّ ذَكَرَ فِيهِ طَرَفًا مِنْ حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الطَّوِيلِ فِي قِصَّةِ تَوْبَتِهِ يَتَعَلَّقُ بِالتَّرْجَمَةِ وَقَولُهُ فِيهِ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنْ نِعْمَةٍ كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَلِلْمُسْتَمْلِي وَحْدَهُ عَلَى عَبْدٍ نِعْمَةً وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّوَابُ وَقَدْ سَبَقَ شَرْحُ الْحَدِيثِ بِطُولِهِ فِي كِتَابِ الْمَغَازِي قَولُهُ بَابُ قَوْلِهِ سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انقلبتم إِلَيْهِم لتعرضوا عَنْهُم الْآيَةَ سَقَطَ لَكُمْ مِنْ رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ وَالصَّوَابُ إِثْبَاتُهَا ثُمَّ ذَكَرَ فِيهِ طَرَفًا مِنْ حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الطَّوِيلِ فِي قِصَّةِ تَوْبَتِهِ يَتَعَلَّقُ بِالتَّرْجَمَةِ وَقَولُهُ فِيهِ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنْ نِعْمَةٍ كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَلِلْمُسْتَمْلِي وَحْدَهُ عَلَى عَبْدٍ نِعْمَةً وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّوَابُ وَقَدْ سَبَقَ شَرْحُ الْحَدِيثِ بِطُولِهِ فِي كِتَابِ الْمَغَازِي( قَوْله بَاب قَوْله وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ الْآيَةِ) كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَسَاقَ غَيْرُهُ الْآيَةَ إِلَى رَحِيمٍ وَذَكَرَ فِيهِ طَرَفًا مِنْ حَدِيثِ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ فِي الْمَنَامِ الطَّوِيلِ وَسَيَأْتِي بِتَمَامِهِ مَعَ شَرْحِهِ فِي التَّعْبِيرِ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تقم على قَبره)
ظَاهِرُ الْآيَةِ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي جَمِيعِ الْمُنَافِقِينَ لَكِنْ وَرَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي عَدَدٍ مُعَيَّنٍ مِنْهُمْ قَالَ الْوَاقِدِيُّ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ قَالَ حُذَيْفَةُ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي مُسِرٌّ إِلَيْكَ سِرًّا فَلَا تَذْكُرُهُ لِأَحَدٍ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أُصَلِّيَ عَلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ رَهْطٌ ذَوِي عَدَدٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ قَالَ فَلِذَلِكَ كَانَ عُمَرُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى أَحَدٍ اسْتَتْبَعَ حُذَيْفَةَ فَإِنْ مَشَى مَعَهُ وَإِلَّا لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ وَمِنْ طَرِيقِ أُخْرَى عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أَنَّهُمُ أثنا عَشَرَ رَجُلًا وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ حُذَيْفَةَ قَرِيبًا أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ غَيْرُ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَلَعَلَّ الْحِكْمَةَ فِي اخْتِصَاصِ الْمَذْكُورِينَ بِذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ عَلِمَ أَنَّهُمْ يَمُوتُونَ عَلَى الْكُفْرِ بِخِلَافِ مَنْ سِوَاهُمْ فَإِنَّهُمْ تَابُوا ثُمَّ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ حَدِيث بن عُمَرَ الْمَذْكُورَ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَقَولُهُ

[ قــ :4417 ... غــ :4672] فِيهِ إِنَّمَا خَيَّرَنِي اللَّهُ أَوْ أَخْبَرَنِي اللَّهُ كَذَا وَقَعَ بِالشَّكِّ وَالْأَوَّلِ بِمُعْجَمَةٍ مَفْتُوحَةٍ وَتَحْتَانِيَّةٍ ثَقِيلَةٍ مِنَ التَّخْيِيرِ وَالثَّانِي بِمُوَحَّدَةٍ مِنَ الْإِخْبَارِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ أَبِي ضَمْرَةَ الَّذِي أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ بِلَفْظِ إِنَّمَا خَيَّرَنِي اللَّهُ بِغَيْرِ شَكٍّ وَكَذَا فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ بِلَفْظِ التَّخْيِيرِ أَيْ بَيْنَ الِاسْتِغْفَارِ وَعَدَمِهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَاسْتُشْكِلَ فَهْمُ التَّخْيِيرِ مِنَ الْآيَةِ حَتَّى أَقْدَمَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَكَابِرِ عَلَى الطَّعْنِ فِي صِحَّةِ هَذَا الْحَدِيثِ مَعَ كَثْرَةِ طُرُقِهِ وَاتِّفَاقِ الشَّيْخَيْنِ وَسَائِرِ الَّذِينَ خَرَّجُوا الصَّحِيحَ عَلَى تَصْحِيحِهِ وَذَلِكَ يُنَادِي عَلَى مُنْكِرِي صِحَّتِهِ بِعَدَمِ مَعْرِفَةِ الْحَدِيثِ وَقِلَّةِ الِاطِّلَاعِ عَلَى طُرُقِهِ قَالَ بن الْمُنِيرِ مَفْهُومُ الْآيَةِ زَلَّتْ فِيهِ الْأَقْدَامُ حَتَّى أَنْكَرَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ صِحَّةَ الْحَدِيثِ.

     وَقَالَ  لَا يَجُوزُ أَنْ يُقْبَلَ هَذَا وَلَا يَصِحُّ أَنَّ الرَّسُولَ قَالَهُ انْتَهَى وَلَفْظُ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيِّ فِي التَّقْرِيبِ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ أَخْبَارِ الْآحَادِ الَّتِي لَا يُعْلَمُ ثُبُوتِهَا.

     وَقَالَ  إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي مُخْتَصَرِهِ هَذَا الْحَدِيثُ غَيْرُ مُخَرَّجٍ فِي الصَّحِيحِ.

     وَقَالَ  فِي الْبُرْهَانِ لَا يُصَحِّحُهُ أَهْلُ الْحَدِيثِ.

     وَقَالَ  الْغَزَالِيُّ فِي الْمُسْتَصْفَى الْأَظْهَرُ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ غَيْرُ صَحِيحٍ.

     وَقَالَ  الدَّاوُدِيُّ الشَّارِحُ هَذَا الْحَدِيثُ غَيْرُ مَحْفُوظٍ وَالسَّبَبُ فِي إِنْكَارِهِمْ صِحَّتِهِ مَا تَقَرَّرَ عِنْدَهُمْ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ وَهُوَ الَّذِي فَهِمَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ حَمْلِ أَوْ عَلَى التَّسْوِيَةِ لِمَا يَقْتَضِيهِ سِيَاقُ الْقِصَّةِ وَحَمْلَ السَّبْعِينَ عَلَى الْمُبَالَغَةِ قَالَ بن الْمُنِيرِ لَيْسَ عِنْدَ أَهْلِ الْبَيَانِ تَرَدُّدٌ أَنَّ التَّخْصِيصَ بِالْعَدَدِ فِي هَذَا السِّيَاقِ غَيْرُ مُرَادٍ انْتَهَى وَأَيْضًا فَشَرْطُ الْقَوْلِ بِمَفْهُومِ الصِّفَةِ وَكَذَا الْعَدَدُ عِنْدَهُمْ مُمَاثَلَةُ الْمَنْطُوقِ لِلْمَسْكُوتِ وَعَدَمُ فَائِدَةٍ أُخْرَى وَهُنَا لِلْمُبَالَغَةِ فَائِدَةٌ وَاضِحَةٌ فَأَشْكَلَ .

     قَوْلُهُ  سَأَزِيدُ عَلَى السَّبْعِينَ مَعَ أَنَّ حُكْمُ مَا زَادَ عَلَيْهَا حُكْمُهَا وَقَدْ أَجَابَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّهُ إِنَّمَا قَالَ سَأَزِيدُ عَلَى السَّبْعِينَ اسْتِمَالَةٌ لِقُلُوبِ عَشِيرَتِهِ لَا أَنَّهُ أَرَادَ إِنْ زَادَ عَلَى السَّبْعِينَ يُغْفَرُ لَهُ وَيُؤَيِّدُهُ تَرَدُّدُهُ فِي ثَانِي حَدِيثَيِ الْبَابِ حَيْثُ قَالَ لَوْ أَعْلَمُ أَنِّي إِنْ زِدْتُ عَلَى السَّبْعِينَ يُغْفَرُ لَهُ لَزِدْتُ لَكِنْ قَدَّمْنَا أَنَّ الرِّوَايَةَ ثَبَتَتْ بِقَوْلِهِ سَأَزِيدُ وَوَعْدُهُ صَادِقٌ وَلَا سِيَّمَا وَقَدْ ثَبَتَ .

     قَوْلُهُ  لَأَزِيدَنَّ بِصِيغَةِ الْمُبَالَغَةِ فِي التَّأْكِيدِ وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ فَعَلَ ذَلِكَ اسْتِصْحَابًا لِلْحَالِ لِأَنَّ جَوَازَ الْمَغْفِرَةِ بِالزِّيَادَةِ كَانَ ثَابِتًا قَبْلَ مَجِيءِ الْآيَةِ فَجَازَ أَنْ يَكُونَ بَاقِيًا عَلَى أَصْلِهِ فِي الْجَوَازِ وَهَذَا جَوَابٌ حَسَنٌ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْعَمَلَ بِالْبَقَاءِ عَلَى حُكْمِ الْأَصْلِ مَعَ فَهْمِ الْمُبَالَغَةِ لَا يَتَنَافَيَانِ فَكَأَنَّهُ جَوَّزَ أَنَّ الْمَغْفِرَةَ تَحْصُلُ بِالزِّيَادَةِ عَلَى السَّبْعِينَ لَا أَنَّهُ جَازِمٌ بِذَلِكَ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ وَقِيلَ إِنَّ الِاسْتِغْفَارَ يَتَنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الدُّعَاءِ وَالْعَبْدُ إِذَا سَأَلَ رَبَّهُ حَاجَةً فَسُؤَالُهُ إِيَّاهُ يَتَنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الذِّكْرِ لَكِنَّهُ مِنْ حَيْثُ طَلَبَ تَعْجِيلَ حُصُولِ الْمَطْلُوبِ لَيْسَ عِبَادَةً فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ وَالْمَغْفِرَةُ فِي نَفْسِهَا مُمْكِنَةٌ وَتَعَلَّقَ الْعِلْمُ بِعَدَمِ نَفْعِهَا لَا بِغَيْرِ ذَلِكَ فَيَكُونُ طَلَبُهَا لَا لِغَرَضِ حُصُولِهَا بَلْ لِتَعْظِيمِ الْمَدْعُوِّ فَإِذَا تَعَذَّرَتِ الْمَغْفِرَةُ عُوِّضَ الدَّاعِي عَنْهَا مَا يَلِيقُ بِهِ مِنَ الثَّوَابِ أَوْ دَفْعِ السُّوءِ كَمَا ثَبَتَ فِي الْخَبَرِ وَقَدْ يَحْصُلُ بِذَلِكَ عَنِ الْمَدْعُوِّ لَهُمْ تَخْفِيفٌ كَمَا فِي قِصَّةِ أبي طَالب هَذَا معنى مَا قَالَه بن الْمُنِيرِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يَسْتَلْزِمُ مَشْرُوعِيَّةَ طَلَبِ الْمَغْفِرَةِ لِمَنْ تَسْتَحِيلُ الْمَغْفِرَةُ لَهُ شَرْعًا وَقَدْ وَرَدَ إِنْكَارُ ذَلِكَ فِي قَوْلَهُ تَعَالَى مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَوَقَعَ فِي أَصْلِ هَذِهِ الْقِصَّةِ إِشْكَالٌ آخَرُ وَذَلِكَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَطْلَقَ أَنَّهُ خُيِّرَ بَيْنَ الِاسْتِغْفَارِ لَهُمْ وَعَدَمِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تستغفر لَهُم وَأَخَذَ بِمَفْهُومِ الْعَدَدِ مِنَ السَّبْعِينَ فَقَالَ سَأَزِيدُ عَلَيْهَا مَعَ أَنَّهُ قَدْ سَبَقَ قَبْلَ ذَلِكَ بِمُدَّةٍ طَوِيلَةٍ نُزُولِ قَوْلَهُ تَعَالَى مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أولي قربى فَإِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ كَمَا سَيَأْتِي فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ السُّورَةِ قَرِيبًا نَزَلَتْ فِي قِصَّةِ أَبِي طَالِبٍ حِينَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ فَنَزَلَتْ وَكَانَتْ وَفَاةُ أَبِي طَالِبٍ بِمَكَّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ اتِّفَاقًا وَقِصَّةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ هَذِهِ فِي السَّنَةِ التَّاسِعَةِ مِنَ الْهِجْرَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فَكَيْفَ يَجُوزُ مَعَ ذَلِكَ الِاسْتِغْفَارُ لِلْمُنَافِقَيْنِ مَعَ الْجَزْمِ بِكُفْرِهِمْ فِي نَفْسِ الْآيَةِ وَقَدْ وَقَفْتُ عَلَى جَوَابٍ لِبَعْضِهِمْ عَنْ هَذَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ اسْتِغْفَارٌ تُرْجَى إِجَابَتُهُ حَتَّى يَكُونَ مَقْصُودُهُ تَحْصِيلَ الْمَغْفِرَةِ لَهُمْ كَمَا فِي قِصَّةِ أَبِي طَالِبٍ بِخِلَافِ الِاسْتِغْفَارِ لِمِثْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ فَإِنَّهُ اسْتِغْفَارٌ لِقَصْدِ تَطْيِيبِ قُلُوبِ مَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ وَهَذَا الْجَوَابُ لَيْسَ بِمَرْضِيٍّ عِنْدِي وَنَحْوُهُ قَوْلُ الزَّمَخْشَرِيِّ فَإِنَّهُ قَالَ فَإِنْ.

.

قُلْتُ كَيْفَ خَفِيَ عَلَى أَفْصَحِ الْخَلْقِ وَأَخْبَرِهِمْ بِأَسَالِيبِ الْكَلَامِ وَتَمْثِيلَاتِهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذَا الْعَدَدِ أَنَّ الِاسْتِغْفَارَ وَلَوْ كَثُرَ لَا يُجْدِي وَلَا سِيَّمَا وَقَدْ تَلَاهُ .

     قَوْلُهُ  ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّه وَرَسُوله الْآيَةَ فَبَيَّنَ الصَّارِفُ عَنِ الْمَغْفِرَةِ لَهُمْ.

.

قُلْتُ لَمْ يَخْفَ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَلَكِنَّهُ فَعَلَ مَا فَعَلَ.

     وَقَالَ  مَا قَالَ إِظْهَارًا لِغَايَةِ رَحْمَتِهِ وَرَأْفَتُهُ عَلَى مَنْ بُعِثَ إِلَيْهِ وَهُوَ كَقَوْلِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيم وَفِي إِظْهَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّأْفَةَ الْمَذْكُورَةَ لُطْفٌ بِأُمَّتِهِ وَبَاعِثٌ عَلَى رَحْمَةِ بَعضهم بَعْضًا انْتهى وَقد تعقبه بن الْمُنِيرِ وَغَيْرُهُ وَقَالُوا لَا يَجُوزُ نِسْبَةُ مَا قَالَهُ إِلَى الرَّسُولِ لِأَنَّ اللَّهَ أَخْبَرَ أَنَّهُ لَا يَغْفِرُ لِلْكُفَّارِ وَإِذَا كَانَ لَا يَغْفِرُ لَهُمْ فَطَلَبُ الْمَغْفِرَةِ لَهُمْ مُسْتَحِيلٌ وَطَلَبُ الْمُسْتَحِيلِ لَا يَقَعُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إِنَّ النَّهْيَ عَنِ الِاسْتِغْفَارِ لِمَنْ مَاتَ مُشْرِكًا لَا يَسْتَلْزِمُ النَّهْيَ عَنِ الِاسْتِغْفَارِ لِمَنْ مَاتَ مُظْهِرًا لِلْإِسْلَامِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ مُعْتَقَدُهُ صَحِيحًا وَهَذَا جَوَابٌ جَيِّدٌ وَقَدْ قَدَّمْتُ الْبَحْثَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ فِي كِتَابِ الْجَنَائِزِ وَالتَّرْجِيحُ أَنَّ نُزُولَهَا كَانَ مُتَرَاخِيًا عَنْ قِصَّةِ أَبِي طَالِبٍ جِدًّا وَأَنَّ الَّذِي نَزَلَ فِي قِصَّتِهِ إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْت وَحَرَّرْتُ دَلِيلَ ذَلِكَ هُنَاكَ إِلَّا أَنَّ فِي بَقِيَّةِ هَذِهِ الْآيَةِ مِنَ التَّصْرِيحِ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ نُزُولَ ذَلِكَ وَقَعَ مُتَرَاخِيًا عَنِ الْقِصَّةِ وَلَعَلَّ الَّذِي نَزَلَ أَوَّلًا وَتَمَسَّكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ قَوْلَهُ تَعَالَى اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُم إِلَى هُنَا خَاصَّةً وَلِذَلِكَ اقْتَصَرَ فِي جَوَابِ عُمَرَ عَلَى التَّخْيِيرِ وَعَلَى ذِكْرِ السَّبْعِينَ فَلَمَّا وَقَعَتِ الْقِصَّةُ الْمَذْكُورَةُ كَشَفَ اللَّهُ عَنْهُمُ الْغِطَاءَ وَفَضَحَهُمْ على رُؤُوس الْمَلَأِ وَنَادَى عَلَيْهِمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ السِّرُّ فِي اقْتِصَارِ الْبُخَارِيِّ فِي التَّرْجَمَةِ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى هَذَا الْقَدرِ إِلَى قَوْلِهِ فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ وَلَمْ يَقَعْ فِي شَيْءٍ مِنْ نُسَخِ كِتَابِهِ تَكْمِيلُ الْآيَةِ كَمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنِ اخْتِلَافِ الرُّوَاةِ عَنْهُ فِي ذَلِكَ وَإِذَا تَأَمَّلَ الْمُتَأَمِّلُ الْمُنْصِفُ وَجَدَ الْحَامِلَ عَلَى مَنْ رَدَّ الْحَدِيثَ أَوْ تَعَسَّفَ فِي التَّأْوِيلِ ظَنَّهُ بِأَنَّ قَوْله ذَلِك بِأَنَّهُم كفرُوا بِاللَّه وَرَسُوله نزل مَعَ قَوْله اسْتغْفر لَهُم أَيْ نَزَلَتِ الْآيَةُ كَامِلَةً لِأَنَّهُ لَوْ فُرِضَ نُزُولُهَا كَامِلَةً لَاقْتَرَنَ بِالنَّهْيِ الْعِلَّةِ وَهِيَ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ قَلِيلَ الِاسْتِغْفَارِ وَكَثِيرِهِ لَا يُجْدِي وَإِلَّا فَإِذَا فُرِضَ مَا حَرَّرْتُهُ أَنَّ هَذَا الْقَدرَ نَزَلَ مُتَرَاخِيًا عَنْ صَدْرِ الْآيَةِ ارْتَفَعَ الْإِشْكَالُ وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَحُجَّةُ الْمُتَمَسِّكِ مِنَ الْقِصَّةِ بِمَفْهُومِ الْعَدَدِ صَحِيحٌ وَكَوْنُ ذَلِكَ وَقَعَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَمَسِّكًا بِالظَّاهِرِ عَلَى مَا هُوَ الْمَشْرُوعُ فِي الْأَحْكَامِ إِلَى أَنْ يَقُومَ الدَّلِيلُ الصَّارِفُ عَنْ ذَلِكَ لَا إِشْكَالَ فِيهِ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ عَلَى مَا أَلْهَمَ وَعَلَّمَ وَقَدْ وَقَفْتُ لِأَبِي نُعَيْمٍ الْحَافِظِ صَاحِبِ حِلْيَةِ الْأَوْلِيَاءِ عَلَى جُزْءٍ جَمَعَ فِيهِ طُرُقَ هَذَا الْحَدِيثِ وَتَكَلَّمَ عَلَى مَعَانِيهِ فَلَخَّصْتُهُ فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي أُسَامَةَ وَغَيْرِهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعُمَرِيِّ فِي قَوْلِ عُمَرَ أَتُصَلِّي عَلَيْهِ وَقَدْ نَهَاكَ اللَّهُ عَنِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ وَلَمْ يُبَيِّنْ مَحَلَّ النَّهْيِ فَوَقَعَ بَيَانُهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي ضَمْرَةَ عَنِ الْعُمَرِيِّ وَهُوَ أَنَّ مُرَادَهُ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِمُ الِاسْتِغْفَارُ لَهُمْ وَلَفْظُهُ وَقَدْ نَهَاكَ اللَّهُ أَنْ تَسْتَغْفِرَ لَهُم قَالَ وَفِي قَول بن عُمَرَ فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَلَّيْنَا مَعَهُ أَنَّ عُمَرَ تَرَكَ رَأْيَ نَفْسِهِ وَتَابَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنبهَ على أَن بن عُمَرَ حَمَلَ هَذِهِ الْقِصَّةِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِغَيْرِ وَاسِطَة بِخِلَاف بن عَبَّاسٍ فَإِنَّهُ إِنَّمَا حَمَلَهَا عَنْ عُمَرَ إِذْ لَمْ يَشْهَدْهَا قَالَ وَفِيهِ جَوَازُ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمَرْءِ بِمَا كَانَ عَلَيْهِ حَيًّا وَمَيِّتًا لِقَوْلِ عُمَرَ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ مُنَافِقٌ وَلَمْ يُنْكِرِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلَهُ وَيُؤْخَذُ أَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ مِنْ سَبِّ الْأَمْوَاتِ مَا قُصِدَ بِهِ الشَّتْمُ لَا التَّعْرِيفُ وَأَنَّ الْمُنَافِقَ تُجْرَى عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْإِسْلَامِ الظَّاهِرَةُ وَأَنَّ الْإِعْلَامَ بِوَفَاةِ الْمَيِّتِ مُجَرَّدًا لَا يَدْخُلُ فِي النَّعْيِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَفِيهِ جَوَازُ سُؤَالِ الْمُوسِرِ مِنَ الْمَالِ مَنْ تُرْجَى بَرَكَتُهُ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ لِضَرُورَةٍ دِينِيَّةٍ وَفِيهِ رِعَايَةُ الْحَيِّ الْمُطِيعِ بِالْإِحْسَانِ إِلَى الْمَيِّتِ الْعَاصِي وَفِيهِ التَّكْفِينُ بِالْمَخِيطِ وَجَوَازُ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ النُّزُولِ إِلَى وَقْتِ الْحَاجَةِ وَالْعَمَلُ بِالظَّاهِرِ إِذَا كَانَ النَّصُّ مُحْتَمِلًا وَفِيهِ جَوَازُ تَنْبِيهِ الْمَفْضُولِ لِلْفَاضِلِ عَلَى مَا يَظُنُّ أَنَّهُ سَهَا عَنْهُ وَتَنْبِيهُ الْفَاضِلِ الْمَفْضُولَ عَلَى مَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ وَجَوَازُ اسْتِفْسَارِ السَّائِلِ الْمَسْئُولَ وَعَكْسُهُ عَمَّا يَحْتَمِلُ مَا دَارَ بَيْنَهُمَا وَفِيهِ جَوَازُ التَّبَسُّمُ فِي حُضُورِ الْجِنَازَةِ عِنْدَ وُجُودِ مَا يَقْتَضِيهِ وَقَدِ اسْتَحَبَّ أَهْلُ الْعِلْمِ عَدَمَ التَّبَسُّمِ مِنْ أَجْلِ تَمَامِ الْخُشُوعِ فَيُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا تَدْعُو إِلَيْهِ الْحَاجَةُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب قَوْلِهِ: {وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} [التوبة: 84]
( باب قوله) عز وجل وسقط لغير أبي ذر ( {ولا تصل على أحد منهم}) أي من المنافقين صلاة الجنازة ( {مات أبدًا}) ظرف منصوب بالنهي، ومنهم صفة لأحد أو حال من الضمير في مات أي مات حال كونه منهم أي متصفًا بصفة النفاق كقولهم: أنت مني أي على طريقتي، وهذا النهي عام في كل من عرف نفاقه وإن كان سبب النزول خاصًا بابن أبيّ رأس المنافقين وقد ورد ما يدل لنزولها في عدد معين منهم: ابن أبي وغيره لعلمه تعالى بموتهم على الكفر بخلاف غيرهم
فإنهم تابوا، فعند الواقدي عن معمر عن الزهري عن حذيفة قال لي رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إني مسرّ إليك سرًا فلا تذكره لأحد إني نهيت أن أصلي على فلان وفلان رهط ذوي عدد من المنافقين قال: فلذلك كان عمرًا إذا أراد أن يصلّي على أحد استتبع حذيفة فإن مشى معه وإلا لم يصل عليه، ومن طريق أخرى عن جبير بن مطعم أنهم اثنا عشر رجلاً ( {ولا تقم على قبره}) [التوبة: 84] .


[ قــ :4417 ... غــ : 4672 ]
- حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ جَاءَ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَأَعْطَاهُ قَمِيصَهُ وَأَمَرَهُ أَنْ يُكَفِّنَهُ فِيهِ ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي عَلَيْهِ فَأَخَذَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِثَوْبِهِ فَقَالَ: تُصَلِّى عَلَيْهِ وَهْوَ مُنَافِقٌ وَقَدْ نَهَاكَ اللَّهُ أَنْ تَسْتَغْفِرَ لَهُمْ؟ قَالَ: «إِنَّمَا خَيَّرَنِي اللَّهُ -أَوْ أَخْبَرَنِي اللهُ- فَقَالَ: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} فَقَالَ: سَأَزِيدُهُ عَلَى سَبْعِينَ» قَالَ: فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَصَلَّيْنَا مَعَهُ ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ {وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ}.
[التوبة: 84]
وبه قال: ( حدّثني) بالإفراد ( إبراهيم بن المنذر) القرشي الحزامي المدني قال: ( حدّثنا أنس بن عياض) الليثي أبو ضمرة المدني ( عن عبيد الله) بضم العين وفتح الموحدة ابن عبد الله بن عمر بن الخطاب شقيق سالم ( عن نافع) مولى ابن عمر ( عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال) : وسقط لأبي ذر لفظ أنه ( لما توفي عبد الله بن أبيّ) المنافق ( جاء ابنه عبد الله بن عبد الله إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) زاد في الرواية السابقة من طريق أبي أسامة عن عبيد الله فسأله أن يعطيه قميصه يكفن فيه أباه ( فأعطاه قميصه وأمره) ولأبي ذر فأمره بالفاء بدل الواو ( أن يكفنه فيه ثم قام) عليه الصلاة والسلام ( يصلي عليه فأخذ عمر بن الخطاب بثوبه فقال: تصلي عليه؟) استفهام حذفت منه الأداة ( وهو) أي والحال أنه ( منافق وقد نهاك الله أن تستغفر لهم) أي للمنافقين ومن لازم النهي عن الاستغفار عدم الصلاة وظهر بهذه الرواية أن في قوله في طريق أبي أسامة عن عبيد الله وقد نهاك ربك أن تصلي عليه تجوّز أو حينئذ فلا منافاة بين قوله وقد نهاك ربك أن تصلي عليه وبين إخباره بأن آية النهي عن الصلاة على كل مشرك والقيام على قبره نزلت بعد ذلك ( قال) عليه الصلاة والسلام:
( إنما خيرني الله) بين الاستغفار وعدمه ( أو أخبرني الله) بالموحدة بدل التحتية وزيادة همزة أوله من الإخبار على الشك وفي أكثر الروايات بلفظ التخيير بين الاستغفار وعدمه من غير شك وسقط لفظ الجلالة في قوله: أو أخبرني الله لأبي ذر ( فقال: {استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم) سقط لأبي ذر قوله: {فلن} الخ.

( فقال) عليه الصلاة والسلام: ( سأزيده) بضمير المفعول ( على سبعين) .

استشكل أخذه بمفهوم العدد حتى قال: سأزيد على السبعين مع أنه قد سبق قبل ذلك بمدة طويلة قوله تعالى في حق أبي طالب: {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى} [التوبة: 113] وأجيب: بأن الاستغفار لابن أبيّ إنما هو لقصد تطييب من بقي منهم وفي ذلك نظر فليتأمل.

( قال: فصلّى عليه رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وصلينا معه) فيه أن عمر ترك رأي نفسه وتابع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( ثم أنزل الله عليه) ولأبي ذر: أنزل عليه بضم الهمزة مبنيًا للمفعول ( {ولا تصل على أحد منهم مات أبدًا ولا تقم على قبره}) للدفن أو الزيارة ( {إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون}) [التوبة: 84] تعليل للنهي والتعليل بالفسق مع أن الكفر أعظم قيل للإشعار بأنه كان عندهم موصوفًا بالفسق أيضًا فإن الكافر قد يكون عدلاً عند أهله، وإنما نهي عن الصلاة دون التكفين لأن البخل به مخلّ بكرمه عليه الصلاة والسلام أو لإلباسه العباس قميصه حين أُسر ببدر كما مرّ أو لأنه ما كان يردّ سائلاً وتكفينه فيه وإن علم عليه الصلاة والسلام أنه لا يردّ عنه العذاب فلأن ابنه قال: لا تشمت به الأعداء، ولأحمد من حديث قتادة قال ابنه: يا رسول الله إن لم تأته لم يزل يعير بهذا أو رجا إسلام غيره كما مرّ، وسقط لأبي ذر قوله: {ولا تقم على قبره} الخ ...

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  (بابُُ قَوْلِهِ: { وَلا تُصَلِّ عَلَى أحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أبَدا وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} (التَّوْبَة: 84)

أَي: هَذَا بابُُ فِي قَوْله تَعَالَى: { وَلَا تصل} إِلَى آخِره، وَظَاهر الْآيَة أَنَّهَا نزلت فِي جَمِيع الْمُنَافِقين لَكِن ورد مَا يدل على أَنَّهَا نزلت فِي عدد معِين مِنْهُم.
قَالَ الْوَاقِدِيّ: أخبرنَا معمر عَن الزُّهْرِيّ: قَالَ: قَالَ حُذَيْفَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنِّي مسر إِلَيْك سرا فَلَا تذكره لأحد، إِنِّي نهيت أَن أُصَلِّي على فلَان وَفُلَان، رَهْط ذَوي عدد من الْمُنَافِقين، قَالَ: فَلذَلِك كَانَ عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، إِذا أَرَادَ أَن يُصَلِّي على أحد استتبع حُذَيْفَة فَإِن مَشى مَشى مَعَه، وَإِلَّا لم يصل عَلَيْهِ، وَمن طَرِيق آخر عَن جُبَير ابْن مطعم، إِنَّهُم اثْنَا عشر رجلا.



[ قــ :4417 ... غــ :4672 ]
- ح دَّثني إبْرَاهِيمُ بنُ المُنْذِرِ حدَّثنا أنَسُ بنُ عِياض عَن عُبَيْدِ الله عَنْ نافعٍ عنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ الله عَنْهُمَا أنَّهُ قَالَ لَمَا تُوُفِّيَ عَبْدُ الله بنُ أُبَيٍّ جاءَ ابْنُهُ عَبْدُ الله بنُ عَبْدِ الله إلَى رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأعْطاهُ قَمِيصَهُ وَأَمَرَهُ أنْ يُكَفِّنَهُ فِيهِ ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي عَلَيْهِ فَأَخَذَ عُمَرُ بنُ الخَطابِ بِثَوْبِهِ فَقَالَ تُصَلِّي عَلَيْهِ وَهُوَ مُنافِقٌ وَقَدْ نَهَاكَ الله أنْ تَسْتَغْفِرَ لَهُمْ قَالَ إنّما خَيَّرَنِي الله أوْ أُخبرَني الله فَقَالَ: { اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةَ فَلَنْ يَغْفِرَ الله لَهُمْ} (التَّوْبَة: 80) فَقَالَ سَأُزِيدُ عَلَى سَبْعِينَ قَالَ فَصَلّى عَلَيْهِ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَصَلَيْنَا مَعَهُ ثُمَّ أنْزَلَ الله عَلَيْهِ: { وَلا تُصَلِّ عَلَى أحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أبَدا وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إنَّهُمْ كَفَرُوا بِالله وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ} .


هَذَا وَجه آخر فِي الحَدِيث الْمَذْكُور عَن ابْن عمر فِي الْبابُُ الَّذِي قبله.
قَوْله: (إِنَّمَا خيرني الله أَخْبرنِي) ، كَذَا وَقع بِالشَّكِّ وَالْأول من التَّخْيِير.
وَالثَّانِي من الْإِخْبَار، وَوَقع فِي أَكثر الرِّوَايَات: خيرني: يَعْنِي بَين الاسْتِغْفَار وَتَركه، وَكَذَا وَقع بِغَيْر شكّ عِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ أخرجه من طَرِيق إِسْمَاعِيل بن أبي أويس عَن أبي ضَمرَة وَهُوَ أنس بن عِيَاض بِلَفْظ إِنَّمَا خيرني الله من التَّخْيِير فَحسب، وَقد اسْتشْكل فهم التَّخْيِير من الْآيَة حَتَّى إِن جمَاعَة من الأكابر طعنوا فِي صِحَة هَذَا الحَدِيث مَعَ كَثْرَة طرقه، مِنْهُم: القَاضِي أَبُو بكر فَإِنَّهُ قَالَ لَا يجوز أَن يقبل هَذَا وَلَا يَصح أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَه: وَمِنْهُم: أَبُو بكر الباقلاني فَإِنَّهُ قَالَ فِي (التَّقْرِيب) هَذَا الحَدِيث من أَخْبَار الْآحَاد الَّتِي لَا يعلم ثُبُوتهَا وَمِنْهُم: إِمَام الْحَرَمَيْنِ.
قَالَ فِي (مُخْتَصره) هَذَا الحَدِيث غير مخرج فِي الصَّحِيح،.

     وَقَالَ  فِي (الْبُرْهَان) لَا يُصَحِّحهُ أهل الحَدِيث.
وَمِنْهُم: الْغَزالِيّ، قَالَ فِي (الْمُسْتَصْفى) الْأَظْهر أَن هَذَا الحَدِيث غير صَحِيح وَمِنْهُم: الدَّاودِيّ، قَالَ: هَذَا الحَدِيث غير مَحْفُوظ، وَأجِيب بِأَنَّهُم ظنُّوا أَن قَوْله: (ذَلِك بِأَنَّهُم كفرُوا) ، الْآيَة نزل مَعَ قَوْله: { اسْتغْفر لَهُم أَو لَا تستغفر لَهُم} وَلم يكن نُزُوله إلاّ متراخيا عَن صدر الْآيَة فَحِينَئِذٍ يرْتَفع الْإِشْكَال وَقد قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ، مَا فِيهِ رفع للإشكال الْمَذْكُور، وَمُلَخَّص سُؤَاله أَنه قد تَلا قَوْله: (ذَلِك بِأَنَّهُم كفرُوا) قَوْله: (اسْتغْفر لَهُم أَو لَا تستغفر لَهُم) فَبين الصَّارِف عَن الْمَغْفِرَة لَهُم، وَمُلَخَّص جَوَابه أَنه مثل قَول إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام: { وَمن عَصَانِي فَإنَّك غَفُور رَحِيم} (إِبْرَاهِيم: 36) وَذَلِكَ أَنه تخيل بِمَا قَالَ إِظْهَار الْغَايَة رَحمته ورأفته على من بعث إِلَيْهِ، وَقد رد كَلَام الزَّمَخْشَرِيّ هَذَا من لَا يدانيه وَلَا يجاريه فِي مثل هَذَا الْبابُُ، فَإِنَّهُ قَالَ: لَا يجوز نِسْبَة مَا قَالَه إِلَى الرَّسُول لِأَن الله أخبر أَنه لَا يغْفر للْكفَّار وَإِذا كَانَ لَا يغْفر لَهُم فَطلب الْمَغْفِرَة لَهُم مُسْتَحِيل.
وَهَذَا لَا يَقع من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ورد عَلَيْهِ بِأَن النَّهْي عَن الاسْتِغْفَار لمن مَاتَ مُشْركًا لَا يسْتَلْزم النَّهْي عَن الاسْتِغْفَار لمن مَاتَ مظْهرا لِلْإِسْلَامِ.
قَوْله: (سأزيد على السّبْعين) ، لاستمالة قُلُوب عشيرته لَا أَنه أَرَادَ أَنه إِذا زَاد على السّبْعين يغْفر لَهُ، وَيُؤَيّد هَذَا تردده فِي الحَدِيث الآخر حَيْثُ قَالَ: لَو أعلم أَنِّي إِن زِدْت على السّبْعين يغْفر لَهُ لزدت، وَقيل: لما قَالَ سأزيد نزلت { سَوَاء عَلَيْهِم استغفرت لَهُم} (المُنَافِقُونَ: 6) الْآيَة فَتَركه.