هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4367 حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَنَّ الخَمْرَ الَّتِي أُهْرِيقَتْ الفَضِيخُ ، وَزَادَنِي مُحَمَّدٌ البِيكَنْدِيُّ ، عَنْ أَبِي النُّعْمَانِ ، قَالَ : كُنْتُ سَاقِيَ القَوْمِ فِي مَنْزِلِ أَبِي طَلْحَةَ ، فَنَزَلَ تَحْرِيمُ الخَمْرِ ، فَأَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى ، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ : اخْرُجْ فَانْظُرْ مَا هَذَا الصَّوْتُ ، قَالَ : فَخَرَجْتُ فَقُلْتُ : هَذَا مُنَادٍ يُنَادِي : أَلاَ إِنَّ الخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ ، فَقَالَ لِي : اذْهَبْ فَأَهْرِقْهَا ، قَالَ : فَجَرَتْ فِي سِكَكِ المَدِينَةِ ، قَالَ : وَكَانَتْ خَمْرُهُمْ يَوْمَئِذٍ الفَضِيخَ ، فَقَالَ بَعْضُ القَوْمِ : قُتِلَ قَوْمٌ وَهْيَ فِي بُطُونِهِمْ ، قَالَ : فَأَنْزَلَ اللَّهُ : { لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا }
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4367 حدثنا أبو النعمان ، حدثنا حماد بن زيد ، حدثنا ثابت ، عن أنس رضي الله عنه : أن الخمر التي أهريقت الفضيخ ، وزادني محمد البيكندي ، عن أبي النعمان ، قال : كنت ساقي القوم في منزل أبي طلحة ، فنزل تحريم الخمر ، فأمر مناديا فنادى ، فقال أبو طلحة : اخرج فانظر ما هذا الصوت ، قال : فخرجت فقلت : هذا مناد ينادي : ألا إن الخمر قد حرمت ، فقال لي : اذهب فأهرقها ، قال : فجرت في سكك المدينة ، قال : وكانت خمرهم يومئذ الفضيخ ، فقال بعض القوم : قتل قوم وهي في بطونهم ، قال : فأنزل الله : { ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا }
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [4620] وَزَادَنِي مُحَمَّدٌ الْبِيكَنْدِيُّ عَنْ أَبِي النُّعْمَانِ كَذَا ثَبَتَ لِأَبِي ذَرٍّ وَسَقَطَ لِغَيْرِهِ الْبِيكَنْدِيُّ وَمُرَادُهُ أَنَّ الْبِيكَنْدِيَّ سَمِعَهُ مِنْ شَيْخِهِمَا أَبِي النُّعْمَانِ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ فَزَادَهُ فِيهِ زِيَادَةً وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْبُخَارِيَّ سَمِعَ الْحَدِيثَ مِنْ أَبِي النُّعْمَانِ مُخْتَصَرًا وَمِنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَّامٍ الْبِيكَنْدِيِّ عَنْ أَبِي النُّعْمَانِ مُطَوَّلًا وَتَصَرَّفَ الزَّرَكْشِيُّ فِيهِ غَافِلًا عَنْ زِيَادَةِ أَبِي ذَرٍّ فَقَالَ الْقَائِلُ وَزَادَنِي هُوَ الْفَرَبْرِيُّ وَمُحَمَّدٌ هُوَ الْبُخَارِيُّ وَلَيْسَ كَمَا ظَنَّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَإِنَّمَا هُوَ كَمَا قَدمته وَقَوله فَنَزَلَتْ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ فَأَمَرَ مُنَادِيًا الْآمِرَ بِذَلِكَ هُوَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُنَادِي لَمْ أَرَ التَّصْرِيحَ بِاسْمِهِ وَالْوَقْتُ الَّذِي وَقَعَ ذَلِكَ فِيهِ زَعَمَ الْوَاحِدِيُّ أَنَّهُ عَقِبَ قَوْلِ حَمْزَةَ إِنَّمَا أَنْتُمْ عَبِيدٌ لِأَبِي وَحَدِيثُ جَابِرٍ يَرُدُّ عَلَيْهِ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ تَحْرِيمَهَا كَانَ عَامَ الْفَتْحِ سَنَةَ ثَمَانٍ لِمَا رَوَى أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَعْلَةَ قَالَ سَأَلت بن عَبَّاسٍ عَنْ بَيْعِ الْخَمْرِ فَقَالَ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدِيقٌ مِنْ ثَقِيفٍ أَوْ دَوْسٍ فَلَقِيَهُ يَوْمَ الْفَتْحِ بِرَاوِيَةِ خَمْرٍ يُهْدِيهَا إِلَيْهِ فَقَالَ يَا فُلَانُ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَهَا فَأَقْبَلَ الرَّجُلُ عَلَى غُلَامِهِ فَقَالَ بِعْهَا فَقَالَ إِنَّ الَّذِي حَرَّمَ شُرْبَهَا حَرَّمَ بَيْعَهَا وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي وَعلة نَحوه لَكِن لَيْسَ فِيهِ تَعْيِينُ الْوَقْتِ وَرَوَى أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ نَافِعِ بْنِ كَيْسَانَ الثَّقَفِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَتَّجِرُ فِي الْخَمْرِ وَأَنَّهُ أَقْبَلَ مِنَ الشَّامِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي جِئْتُكَ بِشَرَابٍ جَيِّدٍ فَقَالَ يَا كَيْسَانُ إِنَّهَا حُرِّمَتْ بَعْدَكَ قَالَ فَأَبِيعُهَا قَالَ إِنَّهَا حُرِّمَتْ وَحُرِّمَ ثَمَنُهَا وَرَوَى أَحْمَدُ وَأَبُو يَعْلَى مِنْ حَدِيثِ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ أَنَّهُ كَانَ يُهْدِي لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّ عَامٍ رَاوِيَةَ خَمْرٍ فَلَمَّا كَانَ عَامَ حُرِّمَتْ جَاءَ بِرَاوِيَةٍ فَقَالَ أَشَعَرْتَ أَنَّهَا قَدْ حُرِّمَتْ بَعْدَكَ قَالَ أَفَلَا أَبِيعُهَا وَأَنْتَفِعُ بِثَمَنِهَا فَنَهَاهُ وَيُسْتَفَادُ مِنْ حَدِيثِ كَيْسَانَ تَسْمِيَةُ الْمُبْهَمِ فِي حَدِيثِ بن عَبَّاسٍ وَمِنْ حَدِيثِ تَمِيمٍ تَأْيِيدُ الْوَقْتِ الْمَذْكُورِ فَإِنَّ إِسْلَامَ تَمِيمٍ كَانَ بَعْدَ الْفَتْحِ وَقَولُهُ فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ قُتِلَ قَوْمٌ وَهِيَ فِي بُطُونِهِمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى إِلَخْ لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِ الْقَائِلِ فَائِدَةٌ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ عَن بن نَاجِيَةَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُبَيْدَةَ وَمُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى عَنْ حَمَّادٍ فِي آخِرِ هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ حَمَّادٌ فَلَا أَدْرِي هَذَا فِي الْحَدِيثِ أَيْ عَنْ أَنَسٍ أَوْ قَالَهُ ثَابِتٌ أَيْ مُرْسَلًا يَعْنِي قَوْلَهُ فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ إِلَى آخِرِ الْحَدِيثِ وَكَذَا عِنْدَ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيِّ عَنْ حَمَّادٍ نَحْوُ هَذَا وَتَقَدَّمَ لِلْمُصَنِّفِ فِي الْمَظَالِمِ عَنْ أَنَسٍ بِطُولِهِ مِنْ طَرِيقِ عَفَّانَ عَنْ حَمَّادٍ كَمَا وَقَعَ عِنْدَهُ فِي هَذَا الْبَاب فَالله أعلم وَأخرجه بن مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ بِطُولِهِ وَفِيهِ الزِّيَادَةُ الْمَذْكُورَةُ وَرَوَى النَّسَائِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيق بن عَبَّاسٍ قَالَ نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ فِي نَاسٍ شَرِبُوا فَلَمَّا ثَمِلُوا عَبَثُوا فَلَمَّا صَحَوْا جَعَلَ بَعْضُهُمْ يَرَى الْأَثَرَ بِوَجْهِ الْآخَرِ فَنَزَلَتْ فَقَالَ نَاسٌ مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ هِيَ رِجْسٌ وَهِيَ فِي بَطْنِ فُلَانٍ وَقَدْ قُتِلَ بِأُحُدٍ فَنَزَلَتْ لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ إِلَى آخِرِهَا وَرَوَى الْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّ الَّذِينَ قَالُوا ذَلِكَ كَانُوا مِنَ الْيَهُودِ وَرَوَى أَصْحَابُ السُّنَنِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مَيْسَرَةَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شَافِيًا فَنَزَلَتِ الْآيَةُ الَّتِي فِي الْبَقَرَة قل فيهمَا إِثْم كَبِير فَقُرِئَتْ عَلَيْهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شَافِيًا فَنَزَلَتِ الَّتِي فِي النِّسَاءِ لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى فَقُرِئَتْ عَلَيْهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شَافِيًا فَنَزَلَتِ الَّتِي فِي الْمَائِدَةِ فَاجْتَنِبُوهُ إِلَى قَوْلِهِ مُنْتَهُونَ فَقَالَ عُمَرُ انْتَهَيْنَا انتهينا وَصَححهُ عَليّ بن الْمَدِينِيِّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ نَحْوَهُ دُونَ قِصَّةِ عُمَرَ لَكِنْ قَالَ عِنْدَ نُزُولِ آيَةِ الْبَقَرَةِ فَقَالَ النَّاسُ مَا حُرِّمَ عَلَيْنَا فَكَانُوايَشْرَبُونَ حَتَّى أَمَّ رَجُلٌ أَصْحَابَهُ فِي الْمَغْرِبِ فَخَلَطَ فِي قِرَاءَتِهِ فَنَزَلَتِ الْآيَةُ الَّتِي فِي النِّسَاءِ فَكَانُوا يَشْرَبُونَ وَلَا يَقْرَبُ الرَّجُلُ الصَّلَاةَ حَتَّى يُفِيقَ ثُمَّ نَزَلَتْ آيَةُ الْمَائِدَةِ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ نَاسٌ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَاتُوا عَلَى فُرُشِهِمْ وَكَانُوا يَشْرَبُونَهَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ الْآيَةَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوِ حُرِّمَ عَلَيْهِمْ لَتَرَكُوهُ كَمَا تَرَكْتُمُوهُ وَفِي مُسْند الطَّيَالِسِيّ من حَدِيث بن عُمَرَ نَحْوَهُ.

     وَقَالَ  فِي الْآيَةِ الْأُولَى قِيلَ حُرِّمَتِ الْخَمْرُ فَقَالُوا دَعْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ نَنْتَفِعْ بِهَا وَفِي الثَّانِيَةِ فَقِيلَ حُرِّمَتِ الْخَمْرُ فَقَالُوا لَا إِنَّا لَا نَشْرَبُهَا قُرْبَ الصَّلَاةِ.

     وَقَالَ  فِي الثَّالِثَةِ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ حرمت الْخمر قَالَ بن التِّينِ وَغَيْرُهُ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ وُجُوبِ قَبُولِ خَبَرِ الْوَاحِدِ وَالْعَمَلِ بِهِ فِي النَّسْخِ وَغَيْرِهِ وَفِيهِ عَدَمُ مَشْرُوعِيَّةِ تَخْلِيلِ الْخَمْرِ لِأَنَّهُ لَوْ جَازَ لَمَا أَرَاقُوهَا وَسَيَأْتِي مَزِيدٌ لِذَلِكَ فِي الْأَشْرِبَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى تَنْبِيهٌ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ أَنَّ رَجُلًا أَخْبَرَهُمْ أَنَّ الْخَمْرَ حُرِّمَتْ فَقَالُوا أَرِقْ يَا أَنَسُ وَفِي رِوَايَةِ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُمْ سَمِعُوا الْمُنَادِيَ فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ اخْرُجْ يَا أَنَسُ فَانْظُرْ مَا هَذَا الصَّوْتُ وَظَاهِرُهُمَا التَّعَارُضُ لِأَنَّ الْأَوَّلَ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْمُنَادِيَ بِذَلِكَ شَافَهَهُمْ وَالثَّانِيَ يُشْعِرُ بِأَنَّ الَّذِي نَقَلَ لَهُمْ ذَلِكَ غير أنس فَنقل بن التِّينِ عَنِ الدَّاوُدِيِّ أَنَّهُ قَالَ لَا اخْتِلَافَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ لِأَنَّ الْآتِيَ أَخْبَرَ أَنَسًا وَأَنَسٌ أخبر الْقَوْم وَتعقبه بن التِّينِ بِأَنَّ نَصَّ الرِّوَايَةِ الْأُولَى أَنَّ الْآتِيَ أَخْبَرَ الْقَوْمَ مُشَافَهَةً بِذَلِكَ.

.

قُلْتُ فَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِوَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّ الْمُنَادِيَ غَيْرُ الَّذِي أَخْبَرَهُمْ أَوْ أَنَّ أَنَسًا لَمَّا أَخْبَرَهُمْ عَنِ الْمُنَادِي جَاءَ الْمُنَادِي أَيْضًا فِي أَثَرِهِ فَشَافَهَهُمْ ( قَولُهُ بَابُ قَوْلِهِ لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ) سَقَطَ بَابُ قَوْلِهِ لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ وَقَدْ تَعَلَّقَ بِهَذَا النَّهْيِ مَنْ كَرِهَ السُّؤَالَ عَمَّا لَمْ يَقَعْ وَقَدْ أَسْنَدَهُ الدَّارِمِيُّ فِي مُقَدَّمَةِ كِتَابِهِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ.

     وَقَالَ  بن الْعَرَبِيِّ اعْتَقَدَ قَوْمٌ مِنَ الْغَافِلِينَ مَنْعَ أَسْئِلَةِ النَّوَازِلِ حَتَّى تَقَعَ تَعَلُّقًا بِهَذِهِ الْآيَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهَا مُصَرِّحَةٌ بِأَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ مَا تَقَعُ الْمَسَاءَةُ فِي جَوَابِهِ وَمَسَائِلُ النَّوَازِلِ لَيْسَتْ كَذَلِكَ وَهُوَ كَمَا قَالَ إِلَّا أَنَّهُ أَسَاءَ فِي قَوْلِهِ الْغَافِلِينَ عَلَىعَادَتِهِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْقُرْطُبِيُّ وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَفَعَهُ أَعْظَمُ الْمُسْلِمِينَ بِالْمُسْلِمِينَ جُرْمًا مَنْ سَأَلَ عَنْ شَيْءٍ لَمْ يُحَرَّمْ فَحُرِّمَ من أجل مسئلته وَهَذَا يبين المُرَاد من الْآيَة وَلَيْسَ مِمَّا أَشَارَ إِلَيْهِ بن الْعَرَبِيِّ فِي شَيْءٍ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طعموا الْآيَةَ)
كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَلِغَيْرِهِ إِلَى قَوْلِهِ وَالله يحب الْمُحْسِنِينَ وَذكر فِيهِ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّ الْخَمْرَ الَّتِي هُرِيقَتِ الْفَضِيخُ وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ فِي الْأَشْرِبَةِ وَقَولُهُ

[ قــ :4367 ... غــ :4620] وَزَادَنِي مُحَمَّدٌ الْبِيكَنْدِيُّ عَنْ أَبِي النُّعْمَانِ كَذَا ثَبَتَ لِأَبِي ذَرٍّ وَسَقَطَ لِغَيْرِهِ الْبِيكَنْدِيُّ وَمُرَادُهُ أَنَّ الْبِيكَنْدِيَّ سَمِعَهُ مِنْ شَيْخِهِمَا أَبِي النُّعْمَانِ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ فَزَادَهُ فِيهِ زِيَادَةً وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْبُخَارِيَّ سَمِعَ الْحَدِيثَ مِنْ أَبِي النُّعْمَانِ مُخْتَصَرًا وَمِنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَّامٍ الْبِيكَنْدِيِّ عَنْ أَبِي النُّعْمَانِ مُطَوَّلًا وَتَصَرَّفَ الزَّرَكْشِيُّ فِيهِ غَافِلًا عَنْ زِيَادَةِ أَبِي ذَرٍّ فَقَالَ الْقَائِلُ وَزَادَنِي هُوَ الْفَرَبْرِيُّ وَمُحَمَّدٌ هُوَ الْبُخَارِيُّ وَلَيْسَ كَمَا ظَنَّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَإِنَّمَا هُوَ كَمَا قَدمته وَقَوله فَنَزَلَتْ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ فَأَمَرَ مُنَادِيًا الْآمِرَ بِذَلِكَ هُوَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُنَادِي لَمْ أَرَ التَّصْرِيحَ بِاسْمِهِ وَالْوَقْتُ الَّذِي وَقَعَ ذَلِكَ فِيهِ زَعَمَ الْوَاحِدِيُّ أَنَّهُ عَقِبَ قَوْلِ حَمْزَةَ إِنَّمَا أَنْتُمْ عَبِيدٌ لِأَبِي وَحَدِيثُ جَابِرٍ يَرُدُّ عَلَيْهِ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ تَحْرِيمَهَا كَانَ عَامَ الْفَتْحِ سَنَةَ ثَمَانٍ لِمَا رَوَى أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَعْلَةَ قَالَ سَأَلت بن عَبَّاسٍ عَنْ بَيْعِ الْخَمْرِ فَقَالَ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدِيقٌ مِنْ ثَقِيفٍ أَوْ دَوْسٍ فَلَقِيَهُ يَوْمَ الْفَتْحِ بِرَاوِيَةِ خَمْرٍ يُهْدِيهَا إِلَيْهِ فَقَالَ يَا فُلَانُ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَهَا فَأَقْبَلَ الرَّجُلُ عَلَى غُلَامِهِ فَقَالَ بِعْهَا فَقَالَ إِنَّ الَّذِي حَرَّمَ شُرْبَهَا حَرَّمَ بَيْعَهَا وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي وَعلة نَحوه لَكِن لَيْسَ فِيهِ تَعْيِينُ الْوَقْتِ وَرَوَى أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ نَافِعِ بْنِ كَيْسَانَ الثَّقَفِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَتَّجِرُ فِي الْخَمْرِ وَأَنَّهُ أَقْبَلَ مِنَ الشَّامِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي جِئْتُكَ بِشَرَابٍ جَيِّدٍ فَقَالَ يَا كَيْسَانُ إِنَّهَا حُرِّمَتْ بَعْدَكَ قَالَ فَأَبِيعُهَا قَالَ إِنَّهَا حُرِّمَتْ وَحُرِّمَ ثَمَنُهَا وَرَوَى أَحْمَدُ وَأَبُو يَعْلَى مِنْ حَدِيثِ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ أَنَّهُ كَانَ يُهْدِي لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّ عَامٍ رَاوِيَةَ خَمْرٍ فَلَمَّا كَانَ عَامَ حُرِّمَتْ جَاءَ بِرَاوِيَةٍ فَقَالَ أَشَعَرْتَ أَنَّهَا قَدْ حُرِّمَتْ بَعْدَكَ قَالَ أَفَلَا أَبِيعُهَا وَأَنْتَفِعُ بِثَمَنِهَا فَنَهَاهُ وَيُسْتَفَادُ مِنْ حَدِيثِ كَيْسَانَ تَسْمِيَةُ الْمُبْهَمِ فِي حَدِيثِ بن عَبَّاسٍ وَمِنْ حَدِيثِ تَمِيمٍ تَأْيِيدُ الْوَقْتِ الْمَذْكُورِ فَإِنَّ إِسْلَامَ تَمِيمٍ كَانَ بَعْدَ الْفَتْحِ وَقَولُهُ فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ قُتِلَ قَوْمٌ وَهِيَ فِي بُطُونِهِمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى إِلَخْ لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِ الْقَائِلِ فَائِدَةٌ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ عَن بن نَاجِيَةَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُبَيْدَةَ وَمُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى عَنْ حَمَّادٍ فِي آخِرِ هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ حَمَّادٌ فَلَا أَدْرِي هَذَا فِي الْحَدِيثِ أَيْ عَنْ أَنَسٍ أَوْ قَالَهُ ثَابِتٌ أَيْ مُرْسَلًا يَعْنِي قَوْلَهُ فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ إِلَى آخِرِ الْحَدِيثِ وَكَذَا عِنْدَ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيِّ عَنْ حَمَّادٍ نَحْوُ هَذَا وَتَقَدَّمَ لِلْمُصَنِّفِ فِي الْمَظَالِمِ عَنْ أَنَسٍ بِطُولِهِ مِنْ طَرِيقِ عَفَّانَ عَنْ حَمَّادٍ كَمَا وَقَعَ عِنْدَهُ فِي هَذَا الْبَاب فَالله أعلم وَأخرجه بن مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ بِطُولِهِ وَفِيهِ الزِّيَادَةُ الْمَذْكُورَةُ وَرَوَى النَّسَائِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيق بن عَبَّاسٍ قَالَ نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ فِي نَاسٍ شَرِبُوا فَلَمَّا ثَمِلُوا عَبَثُوا فَلَمَّا صَحَوْا جَعَلَ بَعْضُهُمْ يَرَى الْأَثَرَ بِوَجْهِ الْآخَرِ فَنَزَلَتْ فَقَالَ نَاسٌ مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ هِيَ رِجْسٌ وَهِيَ فِي بَطْنِ فُلَانٍ وَقَدْ قُتِلَ بِأُحُدٍ فَنَزَلَتْ لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ إِلَى آخِرِهَا وَرَوَى الْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّ الَّذِينَ قَالُوا ذَلِكَ كَانُوا مِنَ الْيَهُودِ وَرَوَى أَصْحَابُ السُّنَنِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مَيْسَرَةَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شَافِيًا فَنَزَلَتِ الْآيَةُ الَّتِي فِي الْبَقَرَة قل فيهمَا إِثْم كَبِير فَقُرِئَتْ عَلَيْهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شَافِيًا فَنَزَلَتِ الَّتِي فِي النِّسَاءِ لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى فَقُرِئَتْ عَلَيْهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شَافِيًا فَنَزَلَتِ الَّتِي فِي الْمَائِدَةِ فَاجْتَنِبُوهُ إِلَى قَوْلِهِ مُنْتَهُونَ فَقَالَ عُمَرُ انْتَهَيْنَا انتهينا وَصَححهُ عَليّ بن الْمَدِينِيِّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ نَحْوَهُ دُونَ قِصَّةِ عُمَرَ لَكِنْ قَالَ عِنْدَ نُزُولِ آيَةِ الْبَقَرَةِ فَقَالَ النَّاسُ مَا حُرِّمَ عَلَيْنَا فَكَانُوا يَشْرَبُونَ حَتَّى أَمَّ رَجُلٌ أَصْحَابَهُ فِي الْمَغْرِبِ فَخَلَطَ فِي قِرَاءَتِهِ فَنَزَلَتِ الْآيَةُ الَّتِي فِي النِّسَاءِ فَكَانُوا يَشْرَبُونَ وَلَا يَقْرَبُ الرَّجُلُ الصَّلَاةَ حَتَّى يُفِيقَ ثُمَّ نَزَلَتْ آيَةُ الْمَائِدَةِ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ نَاسٌ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَاتُوا عَلَى فُرُشِهِمْ وَكَانُوا يَشْرَبُونَهَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ الْآيَةَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوِ حُرِّمَ عَلَيْهِمْ لَتَرَكُوهُ كَمَا تَرَكْتُمُوهُ وَفِي مُسْند الطَّيَالِسِيّ من حَدِيث بن عُمَرَ نَحْوَهُ.

     وَقَالَ  فِي الْآيَةِ الْأُولَى قِيلَ حُرِّمَتِ الْخَمْرُ فَقَالُوا دَعْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ نَنْتَفِعْ بِهَا وَفِي الثَّانِيَةِ فَقِيلَ حُرِّمَتِ الْخَمْرُ فَقَالُوا لَا إِنَّا لَا نَشْرَبُهَا قُرْبَ الصَّلَاةِ.

     وَقَالَ  فِي الثَّالِثَةِ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ حرمت الْخمر قَالَ بن التِّينِ وَغَيْرُهُ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ وُجُوبِ قَبُولِ خَبَرِ الْوَاحِدِ وَالْعَمَلِ بِهِ فِي النَّسْخِ وَغَيْرِهِ وَفِيهِ عَدَمُ مَشْرُوعِيَّةِ تَخْلِيلِ الْخَمْرِ لِأَنَّهُ لَوْ جَازَ لَمَا أَرَاقُوهَا وَسَيَأْتِي مَزِيدٌ لِذَلِكَ فِي الْأَشْرِبَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى تَنْبِيهٌ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ أَنَّ رَجُلًا أَخْبَرَهُمْ أَنَّ الْخَمْرَ حُرِّمَتْ فَقَالُوا أَرِقْ يَا أَنَسُ وَفِي رِوَايَةِ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُمْ سَمِعُوا الْمُنَادِيَ فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ اخْرُجْ يَا أَنَسُ فَانْظُرْ مَا هَذَا الصَّوْتُ وَظَاهِرُهُمَا التَّعَارُضُ لِأَنَّ الْأَوَّلَ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْمُنَادِيَ بِذَلِكَ شَافَهَهُمْ وَالثَّانِيَ يُشْعِرُ بِأَنَّ الَّذِي نَقَلَ لَهُمْ ذَلِكَ غير أنس فَنقل بن التِّينِ عَنِ الدَّاوُدِيِّ أَنَّهُ قَالَ لَا اخْتِلَافَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ لِأَنَّ الْآتِيَ أَخْبَرَ أَنَسًا وَأَنَسٌ أخبر الْقَوْم وَتعقبه بن التِّينِ بِأَنَّ نَصَّ الرِّوَايَةِ الْأُولَى أَنَّ الْآتِيَ أَخْبَرَ الْقَوْمَ مُشَافَهَةً بِذَلِكَ.

.

قُلْتُ فَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِوَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّ الْمُنَادِيَ غَيْرُ الَّذِي أَخْبَرَهُمْ أَوْ أَنَّ أَنَسًا لَمَّا أَخْبَرَهُمْ عَنِ الْمُنَادِي جَاءَ الْمُنَادِي أَيْضًا فِي أَثَرِهِ فَشَافَهَهُمْ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب { لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} -إِلَى قَوْلِهِ- { وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}
هذا ( باب) بالتنوين في قوله عز وجل: ( { ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح} ) إثم ( { فيما طعموا} ) تقول طعمت الطعام والشراب ومن الشراب والمراد ما لم يحرم عليهم لقوله
إذا ما اتقوا أي اتقوا المحرم ( إلى قوله: { والله يحب المحسنين} ) وسقط لأبي ذر قوله إلى قوله الخ وقال بعد طعموا الآية وسقط لغيره لفظ باب.


[ قــ :4367 ... غــ : 4620 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه-: أَنَّ الْخَمْرَ الَّتِي أُهْرِيقَتِ الْفَضِيخُ.
وَزَادَنِي مُحَمَّدٌ عَنْ أَبِي النُّعْمَانِ قَالَ: كُنْتُ سَاقِيَ الْقَوْمِ فِي مَنْزِلِ أَبِي طَلْحَةَ فَنَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ فَأَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: اخْرُجْ فَانْظُرْ مَا هَذَا الصَّوْتُ قَالَ: فَخَرَجْتُ فَقُلْتُ: هَذَا مُنَادٍ يُنَادِي أَلاَ إِنَّ الْخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ، فَقَالَ لِي: اذْهَبْ فَأَهْرِقْهَا، قَالَ: فَجَرَتْ فِي سِكَكِ الْمَدِينَةِ، قَالَ: وَكَانَتْ خَمْرُهُمْ يَوْمَئِذٍ الْفَضِيخَ، فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: قُتِلَ قَوْمٌ وَهْيَ فِي بُطُونِهِمْ قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ: { لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} [المائدة: 93] .

وبه قال: ( حدّثنا أبو النعمان) محمد بن الفضل السدوسي عارم قال: ( حدّثنا حماد بن زيد) اسم جدّه درهم الجهضمي قال: ( حدّثنا ثابت) هو ابن أسلم البناني ( عن أنس -رضي الله عنه- أن الخمر التي أهريقت) بضم الهمزة وسكون الهاء آخره تاء تأنيث ولأبي ذر هريقت بضم الهاء من غير همزة ( الفضيخ) بالضاد والخاء المعجمتين مرفوع خبر أن وهو المتخذ من البسر كما مرّ قريبًا.

قال البخاري: ( وزادني محمد) هو ابن سلام لا ابن يحيى الذهلي ووهم من قال إنه هو ويؤيده ما في رواية أبي ذر حيث قال، محمد البيكندي: وقد تبين بهذا أن قول صاحب المصابيح تبعًا لما في التنقيح أن القائل زادني هو الفربري ومحمد هو البخاري سهو وظهر أن البخاري سمع هذا الحديث من أبي النعمان مختصرًا ومن محمد بن سلام البيكندي مطوّلًا ( عن أبي النعمان قال) : أي أنس ( كنت ساقي القوم في منزل أبي طلحة) الأنصاري ( فنزل تحريم الخمر فأمر) أي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( مناديًا) قال الحافظ ابن حجر لم أر التصريح باسمه ( فنادى) بتحريمها وكان ذلك عام الفتح سنة ثمان لحديث ابن عباس عند أحمد ولفظه: قال سألت ابن عباس عن بيع الخمر فقال: كان لرسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صديق من ثقيف أو دوس فلقيه يوم الفتح براوية خمر يهديها إليه فقال: يا فلان أما علمت أن الله حرمها؟ فأقبل الرجل على غلامه فقال: بعها.
فقال: إن الذي حرم شربها حرم بيعها ( فقال أبو طلحة) : أي لأنس ( أخرج فانظر ما هذا الصوت.
قال)
أنس: ( فخرجت) أي فسمعت ثم عدت إلى أبي طلحة ( فقلت) له: ( هذا مناد ينادي ألا إن الخمر قد حرمت) حرمها الله على لسان رسوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( فقال لي: اذهب فأهرقها) بهمزة مفتوحة فهاء ساكنة مجزوم على الأمر، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي فهرقها بفتح الهاء من غير همز وله أيضًا عن الكشميهني فأرقها بهمزة مفتوحة فراء مكسورة ( قال) : فأرقتها ( فجرت) أي سالت ( يفي سكك المدينة) أي طرقها ( قال) أنس ( وكانت خمرهم يومئذٍ الفضيخ فقال بعض القوم: قتل قوم وهي في بطونهم) .

وعند النسائي والبيهقي من طريق ابن عباس قال نزل تحريم الخمر في ناس شربوا فلما ثملوا عبثوا فلما صحوا جعل بعضهم يرى الأثر بوجه الآخر فنزلت فقال ناس من المتكلفين، وعند
البزار أن الذين قالوا ذلك كانوا من اليهود، وأفاد في الفتح أن في رواية الإسماعيلي عن ابن ناجية عن أحمد بن عبدة ومحمد بن موسى عن حماد في آخر هذا الحديث قال حماد: فلا أدري هذا يعني قوله فقال بعض القوم الخ في الحديث أي عن أنس أو قاله ثابت أي مرسلًا ( قال: فأنزل الله تعالى: { ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا} ) والمعنى بيان أنه لا جناح عليهم فيما طعموه إذا ما اتقوا المحارم، والحكم عام وإن اختص السبب فالجناح مرتفع عن كل من يطعم شيئًا من المستلذات إذا اتقى الله فيما حرم عليه منها ودام على الإيمان أو ازداد إيمانًا عند من يقول به.

وقال في فتوح الغيب: والمعنى ليس المطلوب من المؤمنين الزهادة عن المستلذات وتحريم الطيبات وإنما المطلوب منهم الترقي في مدارج التقوى والإيمان إلى مراتب الإخلاص ومعارج القدس والكمال وذلك بأن يثبتوا على الاتقاء عن الشرك وعلى الإيمان بما يجب الإيمان به، وعلى الأعمال الصالحة لتحصل الاستقامة التامة فيتمكن بالاستقامة من الترقي إلى مرتبة المشاهدة ومعارج أن تعبد الله كأنك تراه وهو المعنى بقوله وأحسنوا وبها يمنح الزلفى عند الله ويحقه أن الله يحب المحسنين اهـ.

وقال غيره: والتفسير باتقاء الشرك لا يلائم صفة الكمال وأن قوله وعملوا الصالحات أي باشروا الأعمال الصالحة واتقوا الخمر والميسر بعد تحريمهما أو داوموا على التقوى والإيمان ثم اتقوا سائر المحرمات أو ثبتوا على التقوى وأحسنوا أعمالهم وأحسنوا إلى الناس بالمواساة معهم في الإنفاق عليهم من الطيبات، وقيل: التقوى عن الكفر والكبائر والصغائر وأضعف ما قيل فيه أنه للتكرار والتأكيد.

قال القاضي: ويحتمل أن يكون هذا التكرار باعتبار الأوقات الثلاثة أو باعتبار الحالات الثلاثة استعمال الإنسان التقوى والإيمان بينه وبين نفسه وبينه وبين الناس وبينه وبين الله، ولذلك بدل الإيمان بالإحسان في الكرة الثالثة إشارة إلى ما قاله عليه الصلاة والسلام في تفسيره أو باعتبار المراتب الثلاث المبدأ والوسط والمنتهى، أو باعتبار ما يتقى فإنه ينبغي أن يترك المحرمات توقيًا من العذاب والشبهات تحرزًا عن الوقوع في الحرام وبعض المباحات تحفظًا للنفس عن الخسة وتهذيبًا لها عن دنس الطبيعة اهـ.

وختم الكلام يشعر بأن من فعل ذلك من المحسنين وأنه يستجلب المحبة الإلهية وسيأتي مزيد لشرح حديث الباب إن شاء الله تعالى في الأشربة.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  (بابٌُ: { لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُناحٌ فِيمَا طعِمُوا} إلَى قَوْلِهِ: { وَالله يُحِبُّ المُحْسِنينَ} (الْمَائِدَة: 93)

أَي: هَذَا بابُُ فِي قَوْله عز وَجل: { لَيْسَ على الَّذين آمنُوا} الْآيَة.
هَذَا الْمِقْدَار الْمَذْكُور رِوَايَة أبي ذَر، وَفِي رِوَايَة غَيره: بابُُ { لَيْسَ على الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات جنَاح فِيمَا طعموا} إِلَى قَوْله: { وَالله يحب الْمُحْسِنِينَ} لَيْسَ فِي بعض النّسخ لفظ بابُُ،.

     وَقَالَ  أَحْمد بن حَنْبَل: حَدثنَا أسود بن عَامر أَنبأَنَا إِسْرَائِيل عَن سماك عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس.
قَالَ: لما حرمت الْخمر قَالَ أنَاس: يَا رَسُول الله أَصْحَابنَا الَّذين مَاتُوا وهم يشربونها؟ فَأنْزل الله عز وَجل: { لَيْسَ على الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات جنَاح فِيمَا طعموا} قَالَ: وَلما حولت الْقبْلَة قَالَ أنَاس: يَا رَسُول الله! أَصْحَابنَا الَّذين مَاتُوا وهم يصلونَ إِلَى بَيت الْمُقَدّس، فَأنْزل الله: { وَمَا كَانَ الله لِيُضيع إيمَانكُمْ} (الْبَقَرَة: 113) قَوْله: (جنَاح) أَي: إِثْم.
قَوْله: (إِذا مَا اتَّقوا) ، يَعْنِي الْمعاصِي والشرك.
قَوْله: (وآمنوا) قيل بِاللَّه وَرَسُوله، وَقيل بِتَحْرِيم الْخمر.
قَوْله: (وَعمِلُوا الصَّالِحَات) يَعْنِي: أَقَامُوا على الْفَرَائِض.
قَوْله: (ثمَّ اتَّقوا) هَذِه الثَّانِيَة المُرَاد بهَا اجتنبوا الْعود إِلَى الْخمر بعد التَّحْرِيم، وَقيل: ظلم الْعباد، وَقيل: ثمَّ اتَّقوا الشُّبُهَات، وَقيل: جَمِيع الْمَحَارِم.
قَوْله: (وأحسنوا) أَي الْعَمَل.



[ قــ :4367 ... غــ :4620 ]
- ح دَّثنا أبُو النُّعْمَانِ حدَّثنا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ حدَّثنا ثابِتٌ عَنْ أنَسٍ رَضِي الله عنهُ أنَّ الخَمْرَ الَّتِي أُهْرِيقَتِ الفَضِيخُ وَزَادَنِي مُحَمَّدٌ عَنْ أبِي النُّعْمَانِ قَالَ كُنْتُ ساقِيَ القَوْمِ فِي مَنْزِلِ أبِي طَلْحَةَ فَنَزَلَ تَحْرِيمُ الخَمْرَ فَأمَرَ مُناديا فَنادَى فَقَالَ أبُو طَلْحَةَ اخْرُجْ فَانْظُرْ مَا هَذَا الصَّوْتُ قَالَ فَخَرَجْتُ فَقُلْتُ هَذَا منادٍ يُنادي أَلا إنَّ الخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ فَقَالَ لي اذْهَبْ فأهْرِقْها قَالَ فَجَرَتْ فِي سِكَكِ المَدِينَةِ قَالَ وَكَانَتْ خَمْرُهُمْ يَوْمَئِذٍ الفَضِيخَ فَقَالَ بَعْضُ القَوْمِ قُتِلَ قَوْمٌ وَهِيَ فِي بُطُونِهِمْ قَال فأنْزَلَ الله لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَأَبُو النُّعْمَان مُحَمَّد بن الْفضل السدُوسِي ولقبه عَارِم، والْحَدِيث مضى فِي الْمَظَالِم فِي: بابُُ صب الْخمر فِي الطَّرِيق، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن عَن عَفَّان عَن حَمَّاد بن زيد عَن ثَابت عَن أنس.

قَوْله: (الفضيخ) بِالرَّفْع لِأَنَّهُ خبر: إِن قَوْله: (وَزَادَنِي مُحَمَّد) ، أَي: قَالَ البُخَارِيّ: أَي زادني مُحَمَّد فِيهِ، وَهُوَ مُحَمَّد بن سَلام البيكندي، وَلم يَقع لفظ البيكندي إلاَّ فِي رِوَايَة أبي ذَر وَهُوَ يعلم أَن المُرَاد بِمُحَمد الْمَذْكُور مُجَردا عَن النِّسْبَة هُوَ البيكندي، وَلم يقف الْكرْمَانِي على هَذَا، فَقَالَ: مُحَمَّد.
قَالَ الغساني: هُوَ مُحَمَّد بن يحيى الذهلي، وَكَذَا لم يقف عَلَيْهِ بعض من كتب على مَوَاضِع من البُخَارِيّ مِمَّن عاصرناه، فَقَالَ الْقَائِل: وَزَادَنِي هُوَ الْفربرِي، وَمُحَمّد هُوَ البُخَارِيّ، وَهُوَ ذُهُول جدا، وَحَاصِل الْكَلَام: أَن البُخَارِيّ سمع هَذَا الحَدِيث من أبي النُّعْمَان مُخْتَصرا.
وَمن مُحَمَّد بن سَلام عَن أبي النُّعْمَان مطولا.
قَوْله: (فَأمر) أَي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قَوْله: (فجرت) أَي سَالَتْ، وَلَيْسَ فِي هَذَا الحَدِيث تعْيين وَقت التَّحْرِيم، وَقد روى أَحْمد وَأَبُو يعلى من حَدِيث تَمِيم الدَّارِيّ أَنه كَانَ يهدي لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كل عَام راوية خمر.
فَلَمَّا كَانَ عَام حرمت جَاءَ براوية فَقَالَ: أشعرت أَنَّهَا قد حرمت بعْدك؟ قَالَ أَفلا أبيعها وانتفع بِثمنِهَا؟ فَنَهَاهُ.
انْتهى.
وَكَانَ إِسْلَام تَمِيم بعد الْفَتْح.