4338 حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ عَمْرٍو ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : { وَلاَ تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا } قَالَ : قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : كَانَ رَجُلٌ فِي غُنَيْمَةٍ لَهُ فَلَحِقَهُ المُسْلِمُونَ ، فَقَالَ : السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ ، فَقَتَلُوهُ وَأَخَذُوا غُنَيْمَتَهُ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ إِلَى قَوْلِهِ : { تَبْتَغُونَ عَرَضَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا } تِلْكَ الغُنَيْمَةُ قَالَ : قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ السَّلاَمَ |
4338 حدثني علي بن عبد الله ، حدثنا سفيان ، عن عمرو ، عن عطاء ، عن ابن عباس رضي الله عنهما : { ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا } قال : قال ابن عباس : كان رجل في غنيمة له فلحقه المسلمون ، فقال : السلام عليكم ، فقتلوه وأخذوا غنيمته ، فأنزل الله في ذلك إلى قوله : { تبتغون عرض الحياة الدنيا } تلك الغنيمة قال : قرأ ابن عباس السلام |
شرح الحديث من فتح الباري لابن حجر
( قَولُهُ بَابُ وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤمنا)
السَّلَمُ وَالسَّلَامُ وَالسِّلْمُ وَاحِدٌ يَعْنِي أَنَّ الْأَوَّلَ بِفَتْحَتَيْنِ وَالثَّالِثَ بِكَسْرٍ ثُمَّ سُكُونٍ فَالْأَوَّلُ قِرَاءَةُ نَافِع وبن عَامِرٍ وَحَمْزَةَ وَالثَّانِي قِرَاءَةُ الْبَاقِينَ وَالثَّالِثُ قِرَاءَةٌ رُوِيَتْ عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ وَرُوِيَ عَنْ عَاصِمٍ الْجَحْدَرِيِّ بِفَتْحٍ ثُمَّ سُكُونٍ فَأَمَّا الثَّانِي فَمِنَ التَّحِيَّةِ.
وَأَمَّا مَا عَدَاهُ فَمِنَ الانقياد
[ قــ :4338 ... غــ :4591] قَوْله عَن عَمْرو هُوَ بن دِينَار وَفِي رِوَايَة بن أَبِي عُمَرَ عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ كَذَا أَخْرَجَهَا أَبُو نُعَيْمٍ فِي مُسْتَخْرَجِهِ مِنْ طَرِيقِهِ .
قَوْلُهُ كَانَ رَجُلٌ فِي غُنَيْمَةٍ بِالتَّصْغِيرِ وَفِي رِوَايَةِ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالتِّرْمِذِيِّ وَحَسَّنَهُ وَالْحَاكِمِ وَصَحَّحَهُ مَرَّ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ بِنَفَرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَهُوَ يَسُوقُ غَنَمًا لَهُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ .
قَوْلُهُ فَقَتَلُوهُ زَادَ فِي رِوَايَةِ سِمَاكٍ وَقَالُوا مَا سَلَّمَ عَلَيْنَا إِلَّا لِيَتَعَوَّذَ مِنَّا .
قَوْلُهُ وَأَخَذُوا غُنَيْمَتَهُ فِي رِوَايَةِ سِمَاكٍ وَأَتَوْا بِغَنَمِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَزَلَتْ وَرَوَى الْبَزَّارُ مِنْ طَرِيقِ حَبِيبِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ عَن سعيد بن جُبَير عَن بن عَبَّاسٍ فِي سَبَبِ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ قِصَّةً أُخْرَى قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً فِيهَا الْمِقْدَادُ فَلَمَّا أَتَوُا الْقَوْمَ وَجَدُوهُمْ قَدْ تَفَرَّقُوا وَبَقِيَ رَجُلٌ لَهُ مَالٌ كَثِيرٌ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَقَتَلَهُ الْمِقْدَادُ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ لَكَ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ غَدًا وَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ وَهَذِهِ الْقِصَّةُ يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الَّتِي قَبْلَهَا وَيُسْتَفَادُ مِنْهَا تَسْمِيَةُ الْقَاتِلِ.
وَأَمَّا الْمَقْتُولُ فَرَوَى الثَّعْلَبِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْكَلْبِيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ بن عَبَّاسٍ وَأَخْرَجَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ نَحْوَهُ وَاللَّفْظُ لِلْكَلْبِيِّ أَنَّ اسْمَ الْمَقْتُولِ مِرْدَاسُ بْنُ نَهَيْكٍ مِنْ أَهْلِ فَدَكَ وَأَنَّ اسْمَ الْقَاتِلِ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَأَنَّ اسْمَ أَمِيرِ السَّرِيَّةِ غَالِبُ بْنُ فَضَالَةِ اللَّيْثِيُّ وَأَنَّ قَوْمَ مِرْدَاسٍ لَمَّا انْهَزَمُوا بَقِيَ هُوَ وَحْدَهُ وَكَانَ أَلْجَأَ غَنَمَهُ بِجَبَلٍ فَلَمَّا لَحِقُوهُ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَقَتَلَهُ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ فَلَمَّا رَجَعُوا نَزَلَتِ الْآيَةُ وَكَذَا أَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ نَحْوَهُ وَفِي آخِرِ رِوَايَةِ قَتَادَةَ لِأَنَّ تَحِيَّةَ الْمُسْلِمِينَ السَّلَامُ بهَا يَتَعَارَفُونَ وَأخرج بن أبي حَاتِم من طَرِيق بن لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُم السَّلَام فِي مِرْدَاسٍ وَهَذَا شَاهِدٌ حَسَنٌ وَوَرَدَ فِي سَبَب نُزُولهَا عَن غير بن عَبَّاس شَيْء آخر فروى بن إِسْحَاقَ فِي الْمَغَازِي وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حَدْرَدٍ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَفَرٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِيهِمْ أَبُو قَتَادَةَ وَمُحَلِّمُ بْنُ جَثَّامَةَ فَمَرَّ بِنَا عَامِرُ بْنُ الْأَضْبَطِ الْأَشْجَعِيُّ فَسَلَّمَ عَلَيْنَا فَحَمَلَ عَلَيْهِ مُحَلِّمٌ فَقَتَلَهُ فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخْبَرْنَاهُ الْخَبَرَ نَزَلَ الْقُرْآنُ فَذكر هَذِه الْآيَة وأخرجها بن إِسْحَاق من طَرِيق بن عُمَرَ أَتَمَّ سِيَاقًا مِنْ هَذَا وَزَادَ أَنَّهُ كَانَ بَيْنَ عَامِرٍ وَمُحَلِّمٍ عَدَاوَةٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَهَذِهِ عِنْدِي قِصَّةٌ أُخْرَى وَلَا مَانِعَ أَنْ تَنْزِلَ الْآيَةُ فِي الْأَمْرَيْنِ مَعًا .
قَوْلُهُ فِي آخر الحَدِيث قَالَ قَرَأَ بن عَبَّاسٍ السَّلَامَ هُوَ مَقُولُ عَطَاءٍ وَهُوَ مَوْصُولٌ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ وَقَدْ قَدَّمْتُ أَنَّهَا قِرَاءَةُ الْأَكْثَرِ وَفِي الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ أَظْهَرَ شَيْئًا مِنْ عَلَامَاتِ الْإِسْلَامِ لَمْ يَحِلَّ دَمُهُ حَتَّى يُخْتَبَرَ أَمْرُهُ لِأَنَّ السَّلَامَ تَحِيَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَكَانَتْ تَحِيَّتُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَكَانَتْ هَذِهِ عَلَامَةً.
وَأَمَّا عَلَى قِرَاءَةِ السَّلَمِ عَلَى اخْتِلَافِ ضَبْطِهِ فَالْمُرَادُ بِهِ الِانْقِيَادُ وَهُوَ عَلَامَةُ الْإِسْلَامِ لِأَنَّ مَعْنَى الْإِسْلَامِ فِي اللُّغَةِ الِانْقِيَادُ وَلَا يَلْزَمُ مِنَ الَّذِي ذَكَرْتُهُ الْحُكْمُ بِإِسْلَامِ مَنِ اقْتَصَرَ عَلَى ذَلِكَ وَإِجْرَاءُ أَحْكَامِ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِ بَلْ لَا بُدَّ مِنَ التَّلَفُّظِ بِالشَّهَادَتَيْنِ عَلَى تَفَاصِيلَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَهْلِ الْكِتَابِ وَغَيرهم وَالله أعلم