هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4337 حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ بْنُ النُّعْمَانِ ، قَالَ : سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ ، قَالَ : آيَةٌ اخْتَلَفَ فِيهَا أَهْلُ الكُوفَةِ ، فَرَحَلْتُ فِيهَا إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَسَأَلْتُهُ عَنْهَا ، فَقَالَ : نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ : { وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ } هِيَ آخِرُ مَا نَزَلَ ، وَمَا نَسَخَهَا شَيْءٌ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4337 حدثنا آدم بن أبي إياس ، حدثنا شعبة ، حدثنا مغيرة بن النعمان ، قال : سمعت سعيد بن جبير ، قال : آية اختلف فيها أهل الكوفة ، فرحلت فيها إلى ابن عباس فسألته عنها ، فقال : نزلت هذه الآية : { ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم } هي آخر ما نزل ، وما نسخها شيء
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [4590] .

     قَوْلُهُ  شُعْبَةُ حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ بْنُ النُّعْمَانِ لِشُعْبَةَ فِيهِ شَيْخٌ آخَرُ وَهُوَ مَنْصُورٌ كَمَا سَيَأْتِي فِي سُورَةِ الْفُرْقَانِ .

     قَوْلُهُ  آيَةٌ اخْتَلَفَ فِيهَا أهل الْكُوفَة فرحلت فِيهَا إِلَى بن عَبَّاسٍ فَسَأَلْتُهُ عَنْهَا سَقَطَ لَفْظُ آيَةٍ لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ وَسَيَأْتِي مَزِيدٌ فِيهِ فِي الْفُرْقَانِ وَقَعَ فِي تَفْسِيرِ الْفُرْقَانِ مِنْ طَرِيقِ غُنْدَرٍ عَنْ شُعْبَةَ بِلَفْظِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْكُوفَةِ فِي قتل الْمُؤمن فَدخلت فِيهِ إِلَى بن عَبَّاسٍ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فَرَحَلْتُ بِالرَّاءِ وَالْمُهْمَلَةِ وَهِيَ أَصْوَبُ وَسَيَأْتِي شَرْحُ الْحَدِيثِ مُسْتَوْفًى هُنَاكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَولُهُ هِيَ آخِرُ مَا نَزَلَ أَيْ فِي شَأْنِ قَتْلِ الْمُؤْمِنِ عمدا بِالنِّسْبَةِ لآيَة الْفرْقَان ( قَولُهُ بَابُ وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤمنا) السَّلَمُ وَالسَّلَامُ وَالسِّلْمُ وَاحِدٌ يَعْنِي أَنَّ الْأَوَّلَ بِفَتْحَتَيْنِ وَالثَّالِثَ بِكَسْرٍ ثُمَّ سُكُونٍ فَالْأَوَّلُ قِرَاءَةُ نَافِع وبن عَامِرٍ وَحَمْزَةَ وَالثَّانِي قِرَاءَةُ الْبَاقِينَ وَالثَّالِثُ قِرَاءَةٌ رُوِيَتْ عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ وَرُوِيَ عَنْ عَاصِمٍ الْجَحْدَرِيِّ بِفَتْحٍ ثُمَّ سُكُونٍ فَأَمَّا الثَّانِي فَمِنَ التَّحِيَّةِ.

.
وَأَمَّا مَا عَدَاهُ فَمِنَ الانقياد

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم)
يُقَال نزلت فِي مقيس بن ضَبَابَة وَكَانَ أَسْلَمَ هُوَ وَأَخُوهُ هِشَامٌ فَقَتَلَ هِشَامًا رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ غِيلَةً فَلَمْ يُعْرَفْ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يَأْمُرُهُمْ أَنْ يَدْفَعُوا إِلَى مِقْيَسٍ دِيَةَ أَخِيهِ فَفَعَلُوا فَأَخَذَ الدِّيَةَ وَقَتَلَ الرَّسُولَ وَلَحِقَ بِمَكَّةَ مُرْتَدًّا فَنَزَلَتْ فِيهِ وَهُوَ مِمَّنْ أَهْدَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَمَهُ يَوْمَ الْفَتْحِ أخرجه بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ

[ قــ :4337 ... غــ :4590] .

     قَوْلُهُ  شُعْبَةُ حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ بْنُ النُّعْمَانِ لِشُعْبَةَ فِيهِ شَيْخٌ آخَرُ وَهُوَ مَنْصُورٌ كَمَا سَيَأْتِي فِي سُورَةِ الْفُرْقَانِ .

     قَوْلُهُ  آيَةٌ اخْتَلَفَ فِيهَا أهل الْكُوفَة فرحلت فِيهَا إِلَى بن عَبَّاسٍ فَسَأَلْتُهُ عَنْهَا سَقَطَ لَفْظُ آيَةٍ لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ وَسَيَأْتِي مَزِيدٌ فِيهِ فِي الْفُرْقَانِ وَقَعَ فِي تَفْسِيرِ الْفُرْقَانِ مِنْ طَرِيقِ غُنْدَرٍ عَنْ شُعْبَةَ بِلَفْظِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْكُوفَةِ فِي قتل الْمُؤمن فَدخلت فِيهِ إِلَى بن عَبَّاسٍ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فَرَحَلْتُ بِالرَّاءِ وَالْمُهْمَلَةِ وَهِيَ أَصْوَبُ وَسَيَأْتِي شَرْحُ الْحَدِيثِ مُسْتَوْفًى هُنَاكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَولُهُ هِيَ آخِرُ مَا نَزَلَ أَيْ فِي شَأْنِ قَتْلِ الْمُؤْمِنِ عمدا بِالنِّسْبَةِ لآيَة الْفرْقَان

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب { وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ}
هذا ( باب) بالتنوين في قوله تعالى: ( { ومن يقتل مؤمنًا} ) حال كونه ( { متعمدًا فجزاؤه جهنم} ) [النساء: 93] خبر ومن يقتل ودخلت الفاء لتضمن المبتدأ معنى الشرط وتمام الآية { خالدًا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعدّ له عذابًا عظيمًا} [النساء: 93] وهذا تهديد شديد، ووعيد أكيد.
اشتمل على أنواع من العذاب لم تجتمع في غير هذا الذنب العظيم المقرون بالشرك في غير ما آية، ومن ثم قال ابن عباس: إن قاتل المؤمن عمدًا لا تقبل توبته.


[ قــ :4337 ... غــ : 4590 ]
- حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ بْنُ النُّعْمَانِ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ قَالَ: آيَةٌ اخْتَلَفَ فِيهَا أَهْلُ الْكُوفَةِ، فَرَحَلْتُ فِيهَا إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَسَأَلْتُهُ عَنْهَا، فَقَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ { وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} [النساء: 93] هِيَ آخِرُ مَا نَزَلَ وَمَا نَسَخَهَا شَيْءٌ.

وبه قال: ( حدّثنا آدم بن أبي إياس) العسقلاني الخراساني الأصل قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج قال: ( حدّثنا مغيرة بن النعمان) النخعي الكوفي ( قال: سمعت سعيد بن جبير) الأسدي مولاهم الكوفي ( قال: آية اختلف فيها) أي في حكمها ( أهل الكوفة) وسقط قوله آية لغير أبوي ذر والوقت ( فرحلت فيها) بالراء والحاء المهملة ولأبي ذر فدخلت بالدال والخاء المعجمة أي بعد رحلتي ( إلى ابن عباس فسألته عنها؟ فقال: نزلت هده الآية: { ومن يقتل مؤمنًا متعمدًا فجزاؤه جهنم} هي آخر ما نزل) في هذا الباب ( وما نسخها شيء) .

وروى أحمد والطبري من طريق يحيى الجابر والنسائي وابن ماجة من طريق عمار الذهبي كلاهما عن سالم بن أبي الجعد قال: كنا عند ابن عباس بعد ما كف بصره فأتاه رجل فناداه: يا عبد الله بن عباس ما ترى في رجل قتل مؤمنًا متعمدًا؟ فقال: { جزاؤه جهنم خالدًا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعدّ له عذابًا عظيمًا} .
قال: أفرأيت إن تاب وعمل صالحًا ثم اهتدى؟ قال ابن عباس: ثكلته أمه وأنى له التوبة والهدى والذي نفسي بيده لقد سمعت نبيكم يقول: ثكلته أمه قاتل مؤمن متعمدًا جاء يوم القيامة آخذ بيمينه تشخب أوداجه، ثم قال: وايم الذي نفسي بيده لقد أنزلت هذه الآية وما نسختها من آية حتى قبض نبيكم -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

وقد روي هذا عن ابن عباس من طرق كثيرة وقال به جماعة من السلف وهو محمول عند الجمهور على الزجر والتغليظ للدلائل الدالة على خلافه، وإلاّ فكل ذنب ممحوّ بالتوبة وناهيك بمحو الشرك دليلًا فهو في التغليظ كحديث "لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم" وحديث "من أعان على قتل مسلم ولو بشطر كلمة جاء يوم القيامة مكتوبًا بين عينيه آيسًا من رحمة الله" وكقوله تعالى: ( { ومن كفر فإن الله غني عن العالمين} ) [آل عمران: 97] أي لم يحج تغليظًا وتشديدًا، وكل ذلك لا يعارض نصوص الكتاب الدالة على عموم العفو فلا بد من التخصيص بمن لم يتب أو فعله مستحلًا أو الخلود المكث الطويل، فإن الدلائل متظاهرة على أن عصاة المسلمين لا يدوم عذابهم والحق أنه متى صدر عن المؤمن مثل هذا الذنب فمات ولم يتب فحكمه إلى الله إن شاء عفا عنه وإن شاء عذبه بقدر ما يشاء ثم يخرجه إلى الجنة وفي سنن أبي داود عن أبي مجلز هي جزاؤه فإن شاء الله أن يتجاوز عن جزائه فعل قال الواحدي والأصل أن الله تعالى يجوز أن يخلف الوعيد وإن كان لا يجوز أن يخلف الوعد وبهذا وردت السنة فإذن لا مدخل لذكر التوبة وتركها في الآية ولا يفتقر إخراج المؤمن من النار إلى دليل ولا إلى تخصيص عام ولا إلى تفسير الخلود بالمكث الطويل قاله في فتوح الغيب، وسيكون لنا إن شاء الله عودة إلى البحث في ذلك في سورة الفرقان بعون الله وقوته.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  (بابٌُ: { وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنا مُتَعَمِّدا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمَ} (النِّسَاء: 93) أَي: هَذَا بابُُ فِي قَوْله تَعَالَى: { وَمن يقتل مُؤمنا} (النِّسَاء: 93) الْآيَة.
قَالَ الواحدي عَن الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا: إِن مقيس بن صبابَُُة اللَّيْثِيّ وجد أَخَاهُ هِشَام بن صبابَُُة قَتِيلا فِي بني النجار، وَكَانَ مُسلما فَأتى مقيس رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ، فَأرْسل مَعَه رَسُولا من بني فهر إِلَى بني النجار يَأْمُرهُم إِن علمُوا قَاتله يَدْفَعُوهُ إِلَى أَخِيه فيقتص مِنْهُ، وَإِن لم يعلمُوا لَهُ قَاتلا أَن يدفعوا إِلَيْهِ الدِّيَة.
فَقَالُوا: سمعا وَطَاعَة.
وَالله مَا نعلم لَهُ قَاتلا وَلَكنَّا نُؤَدِّي إِلَيْهِ دِيَته، فَأَعْطوهُ مائَة من الْإِبِل فوسوس إِلَيْهِ الشَّيْطَان فَقتل الفِهري، وَرجع إِلَى مَكَّة كَافِرًا، فَنزلت فِيهِ هَذِه الْآيَة ثمَّ أهْدر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَمه يَوْم الْفَتْح، فَقتل بأسياف الْمُسلمين بِالسوقِ.
وَذكر مقَاتل أَن الفِهري اسْمه: عَمْرو، قلت: قيس، بِفَتْح الْمِيم وَكسرهَا وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره سين مُهْملَة وصبابُة، بِضَم الصَّاد الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْبَاء الْمُوَحدَة وَبعد الْألف بَاء أُخْرَى،.

     وَقَالَ  أَبُو عمر: وَهِشَام بن صبابَُُة أَخُو مقيس بن صبابَُُة قتل فِي غَزْوَة ذِي قرد مُسلما، وَذَلِكَ فِي سنة سِتّ من الْهِجْرَة أَصَابَهُ رجل من الْأَنْصَار من رَهْط عبَادَة بن الصَّامِت وَهُوَ يرى أَنه من الْعَدو فقالته خطأ،.

     وَقَالَ  الذَّهَبِيّ: هِشَام بن صبابَُُة الْكِنَانِي اللَّيْثِيّ أَخُو مقيس، أسلم وَوجد قَتِيلا فِي بني النجار،.

     وَقَالَ  ابْن إِسْحَاق وَغَيره قتل فِي غَزْوَة الْمُريْسِيع قَتله أَنْصَارِي فَظَنهُ من الْعَدو.



[ قــ :4337 ... غــ :4590 ]
- ح دَّثنا آدَمُ بنُ إياسٍ حدَّثنا شُعْبَةُ حدَّثنا المُغِيرَةُ بنُ النُّعْمَانِ قَالَ سِمِعْتُ سَعِيدَ بن جُبَيْرٍ قَالَ آيَةٌ اخْتَلَفَ فِيهَا أهْلُ الكُوفَةِ فَدَخَلْتُ فِيهَا إلَى ابنِ عَبَّاسٍ فَسَأَلْتُهُ عَنْهَا فَقَالَ نَزَلَتْ هاذِهِ الآيَةَ { وَمَنْ يَقْتُلُ مُؤْمِنا مُتَعَمِّدا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمَ} هِيَ آخِرُ مَا نَزَلَ وَمَا نَسَخَهَا شَيْءٌ.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
والمغيرة، بِضَم الْمِيم وَكسرهَا ابْن النُّعْمَان بِضَم النُّون النَّخعِيّ الْكُوفِي.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي آخر الْكتاب عَن أبي مُوسَى وَبُنْدَار.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْفِتَن عَن أَحْمد بن حَنْبَل.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْقصاص وَفِي الْمُحَاربَة وَفِي التَّفْسِير عَن أَزْهَر بن جميل.

قَوْله: (آيَة اخْتلف فِيهَا أهل الْكُوفَة فَدخلت فِيهَا) وَفِي تَفْسِير سُورَة الْفرْقَان عَن غنْدر عَن شُعْبَة بِلَفْظ: اخْتلف أهل الْكُوفَة فِي قتل الْمُؤمن، فَدخلت فِيهِ إِلَى ابْن عَبَّاس، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: فرحلت، بالراء والحاء الْمُهْملَة، وَهَذِه أصوب، وَالْوَجْه فِي رِوَايَة، فَدخلت بِالدَّال وَالْخَاء الْمُعْجَمَة أَن يقدر شَيْء تَقْدِيره، فَدخلت بعد رحلتي إِلَى ابْن عَبَّاس، وَكلمَة إِلَى، يجوز أَن تكون بِمَعْنى: عِنْد، وعَلى أصل بابُُهَا وَالْمعْنَى: انْتهى دخولي إِلَيْهِ.
قَوْله: (فِيهَا) ، أَي: فِي حكمهَا،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي، رَحمَه الله فِي قَوْله: اخْتلف فِيهَا أهل الْكُوفَة، ويروى: اخْتلف فِيهَا فُقَهَاء أهل الْكُوفَة، جمع فَقِيه، قَالَ: وَلَفظ، فِيهَا حِينَئِذٍ مُقَدّر قَوْله: (مُتَعَمدا) أَي: قَاصِدا قَتله بعمد، وَصُورَة الْعمد أَن يقْتله بِالسَّيْفِ، أَو بِغَيْرِهِ مِمَّا يفرق الْأَجْزَاء من الْآلَات الَّتِي يقْصد بهَا الْقَتْل.
وانتصابه على الْحَال.
قَوْله: (فَجَزَاؤُهُ) خبر قَوْله: (وَمن يقتل) وَدخلت الْفَاء لتضمن الْمُبْتَدَأ معنى الشَّرْط.
قَوْله: (هِيَ آخر مَا نزل) أَي: الْآيَة الْمَذْكُورَة آخر مَا نزل فِي هَذَا الْبابُُ (وَمَا نسخهَا شَيْء) أَي: من آخر مَا نزل وَذكر أَبُو جَعْفَر النّحاس أَن للْعُلَمَاء فِي هَذِه الْآيَة الْكَرِيمَة الْمَذْكُورَة أقوالاً الأول: لَا تَوْبَة لَهُ، رُوِيَ ذَلِك عَن ابْن عَبَّاس وَزيد بن ثَابت وَعبد الله بن عمر وَأبي هُرَيْرَة وَأبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن وَعبيد بن عُمَيْر وَالْحسن الْبَصْرِيّ الضَّحَّاك.
فَقَالُوا: الْآيَة محكمَة.

الثَّانِي: أَنه لَهُ تَوْبَة، قَالَه جمَاعَة من الْعلمَاء، وَرُوِيَ أَيْضا عَن ابْن عمر وَابْن عَبَّاس وَزيد بن ثَابت.

الثَّالِث: أَن أمره إِلَى الله تَعَالَى تَابَ أَو لم يتب، وَعَلِيهِ الْفُقَهَاء: أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه وَمُحَمّد بن إِدْرِيس يَقُوله فِي كثير من هَذَا إلاَّ أَن يعْفُو الله تَعَالَى عَنهُ.
أَو معنى هَذَا الرَّابِع: قَالَ أَبُو مجلز لَاحق بن حميد الْمَعْنى جَزَاؤُهُ إِن جازاه، وروى عَاصِم بن أبي النجُود عَن ابْن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس، أَنه قَالَ: هُوَ جَزَاؤُهُ إِن جازاه، وروى ابْن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَنه قَالَ فِي الْآيَة: (هُوَ جَزَاؤُهُ إِن جازاه) .

وَذكر أَبُو عبد الله الْموصِلِي الْحَنْبَلِيّ فِي كِتَابه (النَّاسِخ والمنسوخ) ذهب كثير من الْعلمَاء إِلَى أَن آيَة النِّسَاء مَنْسُوخَة.
ثمَّ اخْتلفُوا فِي النَّاسِخ.
فَقَالَ بَعضهم: نسختها آيَة الْفرْقَان.
لِأَنَّهُ قَالَ: (إلاَّ من تَابَ) بعد ذكر الشّرك والزنى وَالْقَتْل،.

     وَقَالَ  أَكْثَرهم: نسخت بقوله: { إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء} وَقد اخْتلف عَن ابْن عَبَّاس أَيْضا فَروِيَ عَنهُ أَن هَذِه الْآيَة نزلت فِي أهل الشّرك وَعنهُ نسختها الَّتِي فِي النِّسَاء،.

     وَقَالَ  أَبُو الْحسن بن الْحصار فِي كِتَابه (النَّاسِخ والمنسوخ) الْآيَتَانِ لم يتواردا على حكم وَاحِد لِأَن الَّتِي فِي الْفرْقَان نزلت فِي الْكفَّار، وَالَّتِي فِي النِّسَاء نزلت فِيمَن عقل الْإِيمَان وَدخل فِيهِ، فَلَا تعَارض بَينهمَا أَو إِنَّمَا نزلت آيَة النِّسَاء فِيمَن قتل مُؤمنا مستحلاً لقَتله مُتَعَمدا للتكذيب من غير جَهَالَة فتكذيبه كتكذيب إِبْلِيس، وَلذَلِك قَالَ ابْن عَبَّاس لَا تَوْبَة لَهُ كَمَا لَا تَوْبَة لإبليس، وَكَيف يشكل حكم هَذِه الْآيَة على عَالم قد بَينه الله عز وَجل غَايَة الْبَيَان، وَأخْبر بِأَنَّهُ لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ وَيغْفر مَا دون ذَلِك؟ انْتهى.

وَأما الَّذين قَالُوا: إِن هَذِه الْآيَة محكمَة فَاخْتَلَفُوا فِي وَجه أَحْكَامهَا، فَذهب عِكْرِمَة إِلَى أَن الْمَعْنى مستحلاً لقَتله فَيسْتَحق التخليد لاستحلاله، وَذهب بَعضهم إِلَى أَنَّهَا لم يلْحقهَا نَاسخ وَهِي بَاقِيَة على أَحْكَامهَا، وَقد روى عبد بن حميد وَابْن وَكِيع قَالَا حَدثنَا جرير عَن يحيى الجابري عَن سَالم بن أبي الْجَعْد قَالَ: (كُنَّا عِنْد ابْن عَبَّاس بَعْدَمَا كف بَصَره، فَأَتَاهُ رجل فناداه: يَا عبد الله بن عَبَّاس، مَا ترى فِي رجل قتل مُؤمنا مُتَعَمدا؟ فَقَالَ: جَزَاؤُهُ جَهَنَّم خَالِدا فِيهَا، وَغَضب الله عَلَيْهِ، ولعنه وأعدَّ لَهُ عذَابا عَظِيما.
قَالَ: أَفَرَأَيْت إِن تَابَ وَعمل صَالحا ثمَّ اهْتَدَى؟ قَالَ ابْن عَبَّاس: ثكلته أمه وأنَّى لَهُ التَّوْبَة وَالْهدى؟ وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لقد سَمِعت نَبِيكُم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يَقُول: ثكلته أمه قَاتل مُؤمن مُتَعَمدا جَاءَ يَوْم الْقِيَامَة أَخذه بِيَمِينِهِ.
أَو بِشمَالِهِ تشخب أوداجه دَمًا قبل عرش الرَّحْمَن يلْزمه قَاتله بِيَدِهِ الْأُخْرَى.
يَقُول: سل هَذَا فيمَ قتلني؟ وأيم الَّذِي نفس عبد الله بِيَدِهِ لقد أنزلت هَذِه الْآيَة فَمَا نسختها من آيَة حَتَّى قبض نَبِيكُم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَمَا نزل بعْدهَا من برهَان..
     وَقَالَ  الثَّعْلَبِيّ: قَالَت الْخَوَارِج والمعتزلة، الْمُؤمن إِذا قتل مُؤمنا إِن هَذَا الْوَعيد لَاحق بِهِ،.

     وَقَالَ ت المرجئة: نزلت هَذِه الْآيَة الْكَرِيمَة فِي كَافِر قتل مُؤمنا، فَأَما مُؤمن قتل مُؤمنا فَلَا يدْخل النَّار،.

     وَقَالَ ت طَائِفَة من أَصْحَاب الحَدِيث: نزلت فِي مُؤمن قتل مُؤمنا والوعيد عَلَيْهِ ثَابت، إلاَّ أَن يَتُوب ويستغفر،.

     وَقَالَ ت طَائِفَة: كل مُؤمن قتل مُؤمنا فَهُوَ خَالِد فِي النَّار غير مؤبد وَيخرج مِنْهَا بشفاعة الشافعين، وَعِنْدنَا.
أَن الْمُؤمن إِذا قتل مُؤمنا لَا يكفر بِفِعْلِهِ وَلَا يخرج بِهِ من الْإِيمَان إلاَّ أَن يقْتله استحلالاً فَإِن أقيد بِمن قَتله فَذَلِك كَفَّارَة لَهُ، وَإِن كَانَ تَائِبًا من ذَلِك وَلم يكن مقادا بِمن قتل كَانَت التَّوْبَة أَيْضا كَفَّارَة لَهُ فَإِن خرج من الدُّنْيَا بِلَا تَوْبَة وَلَا قَود فَأمره إِلَى الله تَعَالَى، وَالْعَذَاب قد يكون نَارا وَقد يكون غَيرهَا فِي الدُّنْيَا أَلا ترى إِلَى قَوْله تَعَالَى: { يعذبهم الله بأيدكم} (التَّوْبَة: 14) يَعْنِي: بِالْقَتْلِ والأسر.

وَيُجَاب عَن قَول الْخَوَارِج وَمن مَعَهم، بِأَن المُرَاد من التخليد الْمكْث بطول الْمدَّة، أَلا ترى إِلَى قَوْله تَعَالَى: { وَمَا جعلنَا لبشر من قبلك الْخلد} (الْأَنْبِيَاء: 34) وَمن الْمَعْلُوم أَن الدُّنْيَا تفنى، وَعَن قَول المرجئة بِأَن كلمة من فِي الْآيَة عَامَّة، فَإِن قَالُوا: إِن الله لَا يغْضب إلاَّ على كَافِر أَو خَارج من الْإِيمَان، فَالْجَوَاب: أَن الْآيَة لَا توجب غَضبا عَلَيْهِ، لِأَن مَعْنَاهُ فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم وجزاؤه أَن يغْضب عَلَيْهِ ويلعنه، مَا ذكر الله تَعَالَى من شَيْء وَجعله جَزَاء لشَيْء فَلَيْسَ ذَلِك وَاجِبا.
كَقَوْلِه تَعَالَى: { إِنَّمَا جَزَاء الَّذين يُحَاربُونَ الله وَرَسُوله} (الْمَائِدَة: 33) وَرب محَارب لله وَرَسُوله لم يحل عَلَيْهِ شَيْء من هَذِه الْمعَانِي حَتَّى فَارق الدُّنْيَا، وَإِن قَالُوا: قَوْله تَعَالَى: { وَغَضب الله عَلَيْهِ ولعنه} (النِّسَاء: 93) من الْأَفْعَال الْمَاضِيَة، فَالْجَوَاب أَنه قد يرد الْخطاب بِلَفْظ الْمَاضِي.
وَالْمرَاد بِهِ الْمُسْتَقْبل.
كَقَوْلِه تَعَالَى: { وَنفخ فِي الصُّور} (الْكَهْف: 99) { وحشرناهم} (الْكَهْف: 47) وَقد يرد الْمُسْتَقْبل بِمَعْنى الْمَاضِي كَقَوْلِه: { وَمَا نقموا مِنْهُم إلاَّ أَن يُؤمنُوا بِاللَّه} (البروج: 8) أَي: إلاَّ أَن آمنُوا.
فَإِن قلت: رويت أَخْبَار بِأَن الْقَاتِل لَا تَوْبَة لَهُ.
قلت: إِن صحت فتأويلها إِذا لم ير الْقَتْل ذَنبا وَلم يسْتَغْفر الله تَعَالَى مِنْهُ.
قَالَ صَاحب (التَّلْوِيح) .
مَا رَوَاهُ أَبُو الدَّرْدَاء، سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: كل ذَنْب عَسى الله أَن يغفره إلاَّ من مَاتَ مُشْركًا، أَو مُؤمن قتل مُؤمنا مُتَعَمدا.
وَلم يتب.

     وَقَالَ  ابْن كثير فِي تَفْسِيره وَأما قَوْله مُعَاوِيَة كل ذَنْب عَسى الله أَن يغفره الا الرجل يَمُوت كَافِر أَو الرجل يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا فَعَسَى للترجي وَانْتِفَاء الترجي فِي هَاتين الصُّورَتَيْنِ لَا يَنْفِي وُقُوع ذَلِك فِي أَحدهمَا وَهُوَ الْقَتْل انْتهى.
فَهَذَا كَمَا رَأَيْت ذكره عَن مُعَاوِيَة.
وَلم يذكر لفظ لم يتب.
وأوله بِهَذَا الْمَعْنى، وَالله أعلم، وَأجْمع الْمُسلمُونَ على صِحَة تَوْبَة الْقَاتِل عمدا وَكَيف لَا تصح تَوْبَته وَتَصِح تَوْبَة الْكَافِر وتوبة من ارْتَدَّ عَن الْإِسْلَام ثمَّ قتل الْمُؤمن عمدا ثمَّ رَجَعَ إِلَى الْإِسْلَام؟.

     وَقَالَ  عبد الله بن عمر: كُنَّا معشر أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا نشك فِي قَاتل الْمُؤمن وآكل مَال الْيَتِيم وَشَاهد الزُّور وقاطع الرَّحِم، يَعْنِي: لَا نشك فِي الشَّهَادَة لَهُم بالنَّار حَتَّى نزلت: { إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ وَيغْفر مَا دون ذَلِك} (النِّسَاء: 48، 116) فأمسكنا عَن الشَّهَادَة لَهُم.
فَإِن قلت: مَا تَقول فِي الرجل الَّذِي سَأَلَ أَبَا هُرَيْرَة وَابْن عمر وَابْن عَبَّاس عَن قتل الْعمد، فكلهم قَالَ: هَل يَسْتَطِيع أَن يجِيبه؟ قلت: هَذَا على وَجه تَعْظِيم الْقَتْل والزجر، وَمَا أما مُطَالبَة الْمَقْتُول الْقَاتِل يَوْم الْقِيَامَة فَإِنَّهُ حق من حُقُوق الْآدَمِيّين وَهُوَ لَا يسْقط بِالتَّوْبَةِ فَلَا بُد من أَدَائِهِ وإلاَّ فَلَا بُد من الْمُطَالبَة يَوْم الْقِيَامَة، وَلَكِن لَا يلْزم من وُقُوع الْمُطَالبَة المجازاة، وَقد يكون للْقَاتِل أَعمال صَالِحَة تصرف إِلَى الْمَقْتُول أَو بَعْضهَا.
ثمَّ يفضل لَهُ أجر يدْخل بِهِ الْجنَّة، أَو يعوض الله الْمَقْتُول من فَضله بِمَا يَشَاء من قُصُور الْجنَّة وَنَعِيمهَا وَرفع دَرَجَته وَنَحْو ذَلِك، وَالله أعلم.