هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
432 أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ : حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ : أَنْبَأَنَا سَيَّارٌ ، عَنْ يَزِيدَ الْفَقِيرِ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي : نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ ، وَجُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا فَأَيْنَمَا أَدْرَكَ الرَّجُلَ مِنْ أُمَّتِي الصَّلَاةُ يُصَلِّي ، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ وَلَمْ يُعْطَ نَبِيٌّ قَبْلِي ، وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً ، وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
432 أخبرنا الحسن بن إسماعيل بن سليمان قال : حدثنا هشيم قال : أنبأنا سيار ، عن يزيد الفقير ، عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي : نصرت بالرعب مسيرة شهر ، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا فأينما أدرك الرجل من أمتي الصلاة يصلي ، وأعطيت الشفاعة ولم يعط نبي قبلي ، وبعثت إلى الناس كافة ، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

It was narrated that Jabir bin 'Abdullah said: The Messenger of Allah (ﷺ) said: 'I have been given five things that were not given to anyone before me: I have been supported with fear being struck into the hearts of my enemy for a distance of one month's travel; the earth has been made a place of prostration and a means of purification for me, so wherever a man of my Ummah is when the time for prayer comes, let him pray; I have been given the intercession which was not given to any Prophet before me; and I have been sent to all of mankind whereas the Prophets before me were sent to their own people.

شرح الحديث من حاشية السيوطى

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،    [432] حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ حَدَّثَنَا سَيَّارٌ عَنْ يَزِيدَ الْفَقِيرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ الْحافِظُ بن حَجَرٍ مَدَارُ حَدِيثِ جَابِرٍ هَذَا عَلَى هُشَيْمٍ بِهَذَا الْإِسْنَاد وَله شَوَاهِد من حَدِيث بن عَبَّاس وَأبي مُوسَى وَأبي ذَر وبن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَوَاهَا كُلَّهَا أَحْمَدُ بأسانيد جِيَاد وَيزِيد هُوَ بن صُهَيْب لقب الْفَقِير لِأَنَّهُشكى فَقَارَ ظَهْرِهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُعْطِيتُ خَمْسًا بَيَّنَ فِي رِوَايَة بن عُمَرَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ زَادَ الْبُخَارِيُّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ قبلي زَاد فِي حَدِيث بن عَبَّاس لَا أقولهن فخرا قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَمْ يُخَصَّ بِغَيْرِ الْخَمْسِ لَكِنْ وَرَدَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ فُضِّلْتُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ بِسِتٍّ وَوَرَدَتْ أَحَادِيثُ أُخَرُ بِخَصَائِصَ أُخْرَى وَطَرِيقُ الْجَمْعِ أَنْ يُقَالَ لَعَلَّهُ اطَّلَعَ أَوَّلًا عَلَى بَعْضِ مَا اخْتُصَّ بِهِ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى الْبَاقِي وَمَنْ لَا يَرَى مَفْهُومَ الْعَدَدِ حُجَّةً يَدْفَعُ هَذَا الْإِشْكَالِ مِنْ أَصْلِهِ ثُمَّ تَتَبَّعَ الْحافِظُ مِنَ الْأَحَادِيثِ خِصَالًا فَبَلَغَتِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ خَصْلَةً ثُمَّ قَالَ وَيُمْكِنُ أَنْ يُوجَدَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ لِمَنْ أَمْعَنَ التَّتَبُّعَ وَنُقِلَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ النَّيْسَابُورِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِي كِتَابِ شَرَفِ الْمُصْطَفَى إِنَّ الْخَصَائِصَ الَّتِي فُضِّلَ بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ سِتُّونَ خَصْلَةً.

قُلْتُ وَقَدْ دَعَانِي ذَلِكَ لَمَّا أَلَّفْتُ التَّعْلِيقَ الَّذِي عَلَى الْبُخَارِيِّ فِي سَنَةِ بِضْعٍ وَسَبْعِينَ وَثَمَانِمِائَةِ إِلَى تَتَبُّعِهَا فَوَجَدْتُ فِي ذَلِكَ شَيْئًا كَثِيرًا فِي الْأَحَادِيثِ وَالْآثَارِ وَكُتُبِ التَّفْسِيرِ وَشُرُوحِ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَالْأُصُولِ وَالتَّصَوُّفِ فَأَفْرَدْتُهَا فِي مُؤَلَّفٍ سَمَّيْتُهُ أُنْمُوذَجُ اللَّبِيبِ فِي خَصَائِصِ الْحَبِيبِ وَقَسَّمْتُهَا قِسْمَيْنِ مَا خُصَّ بِهِ عَنِ الْأَنْبِيَاءِ وَمَا خُصَّ بِهِ عَنِ الْأُمَّةِ وَزَادَتْ عِدَّةُ الْقِسْمَيْنِ عَلَى أَلْفِ خِصِّيصَةٍ وَسَارَ الْمُؤَلَّفُ الْمَذْكُورُ إِلَى أَقَاصِي الْمَغَارِبِ وَالْمَشَارِقِ وَاسْتَفَادَهُ كُلُّ عَالِمٍ وَفَاضِلٍ وَسَرَقَ مِنْهُ كُلَّ مُدَّعٍ وَسَارِقٍ نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ زَادَ أَبُو أُمَامَةَ يُقْذَفُ فِي قُلُوبأعدائي وَأعْطيت الشَّفَاعَة قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ الْأَقْرَبُ أَنَّ اللَّامَ فِيهَا لِلْعَهْدِ وَالْمُرَادُ الشَّفَاعَةُ الْعُظْمَى فِي إِرَاحَةِ النَّاسِ مِنْ هَوْلِ الْمَوْقِفِ وَلِذَا جَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَقِيلَ الشَّفَاعَةُ الَّتِي اخْتُصَّ بِهَا أَنَّهُ لَا يُرَدُّ فِيمَا يَسْأَلُ وَقِيلَ الشَّفَاعَةُ فِي خُرُوجِ مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ هَذِهِ مُرَادَةٌ مَعَ الأولى وَقد وَقع فِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ فَأَخَّرْتُهَا لِأُمَّتِي فَهِيَ لِمَنْ لَا يُشْرك بِاللَّه شَيْئا وَفِي حَدِيث بن عُمَرَ فَهِيَ لَكُمْ وَلِمَنْ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالشَّفَاعَةِ الْمُخْتَصَّةِ بِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِخْرَاجُ مَنْ لَيْسَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ إِلَّا التَّوْحِيدَ وَهُوَ مُخْتَصٌّ أَيْضًا بِالشَّفَاعَةِ الْأُولَى لَكِنْ جَاءَ التَّنْوِيهُ بِذِكْرِ هَذِهِ لِأَنَّهَا غَايَةُ الْمَطْلُوبِ مِنْ تِلْكَ لِاقْتِضَائِهَا الرَّاحَةَ الْمُسْتَمِرَّةَ وَجُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا زَاد فِي رِوَايَة بن عُمَرَ وَكَانَ مَنْ قَبْلِي إِنَّمَا كَانُوا يُصَلُّونَ فِي كَنَائِسِهِمْ قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَنْ قَبْلَنَا إِنَّمَا أُبِيحَتْ لَهُمُ الصَّلَوَاتُ فِي أَمَاكِنَ مَخْصُوصَةٍ كَالْبِيَعِ وَالصَّوَامِعِ وَطَهُورًا فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَجُعِلَتْ لَنَا الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدًا وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا لَنَا طَهُورًا وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قومه خَاصَّة قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ لَا يُعْتَرَضُ بِأَنَّ نُوحًا كَانَ مَبْعُوثًا إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ بَعْدَ الطُّوفَانِ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ إِلَّا مَنْ كَانَ مُؤْمِنًا مَعَهُ وَقَدْ كَانَ مُرْسَلًا إِلَيْهِمْ لِأَنَّ هَذَا الْعُمُومَ لَمْ يَكُنْ فِي أَصْلِ بَعْثَتِهِ وَإِنَّمَا اتَّفَقَ بِالْحَادِثِ الَّذِي وَقَعَ وَهُوَ انْحِصَارُ الْخَلْقِ فِي الْمَوْجُودِينَ بَعْدَ هَلَاكِ سَائِرِ النَّاسِ.
وَأَمَّا نَبِيُّنَا فَعُمُومُ رِسَالَتِهِ مِنْ أَصْلِ الْبَعْثَةِ فَإِنْ قِيلَ يَدُلُّ عَلَى عُمُومِ بَعْثَةِ نُوحٍ كَوْنُهُ دَعَا عَلَى جَمِيعِ مَنْ فِي الْأَرْضِ فَأُهْلِكُوا بِالْغَرَقِ إِلَّا أَهْلَ السَّفِينَةِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَبْعُوثًا إِلَيْهِمْ لَمَا أُهْلِكُوا لِقَوْلِهِ تَعَالَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نبعث رَسُولا وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ أَوَّلُ الرُّسُلِ فَالْجَوَابُ أَنَّ دُعَاءَهُ قَوْمَهُ إِلَى التَّوْحِيدِ بَلَغَ سَائِرَ النَّاسِ لِطُولِ مُدَّتِهِ فَتَمَادَوْا عَلَى الشِّرْكِ فَاسْتَحَقُّوا الْعَذَابَ ذكره بن عَطِيَّة.

     وَقَالَ  بن دَقِيقِ الْعِيدِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ التَّوْحِيدُ عَامًّا فِي بَعْضِ الْأَنْبِيَاءِ وَإِنْ كَانَ الْتِزَامُ فُرُوعِ شَرِيعَتِهِ لَيْسَ عَامًّا لِأَنَّ مِنْهُمْ مَنْ قَاتَلَ غَيْرَ قَوْمِهِ عَلَى الشِّرْكِ وَلَوْ لَمْ يَكُنِ التَّوْحِيدُ لَازِمًا لَهُمْ لَمْ يُقَاتِلْهُمْ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الْأَرْضِ عِنْدَ إِرْسَالِ نُوحٍ إِلَّا قَوْمَ نُوحٍ فَبَعْثَتُهُ خَاصَّةٌ لِكَوْنِهَا إِلَى قَوْمِهِ فَقَطْ وَهِيَ عَامَّةٌ فِي الصُّورَةِ لِعَدَمِ وُجُودِ غَيْرِهِمْ لَكِنْ لَوِ اتَّفَقَ وُجُودُ غَيْرِهِمْ لَمْ يَكُنْ مَبْعُوثًا إِلَيْهِمْ.

     وَقَالَ  الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا أَنَّ سُلَيْمَانَ كَانَ يَسِيرُ فِي الْأَرْضِ وَيَأْمُرُ بِالْإِسْلَامِ كَبِلْقِيسَ وَغَيْرِهَا وَيُهَدِّدُهُمْ بِالْقِتَالِ وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى عُمُومِ الرِّسَالَةِ مَعَ أَنَّهُ مَا أُرْسِلَ إِلَّا إِلَى قَوْمِهِ قَالَ وَالْجَوَابُ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِنَا فِي رِسَالَتِهِمْ خَاصَّةً أَيْ فِي الْوَاجِبَاتِ وَالْمُحَرَّمَاتِ أَمَّا فِي الْمَنْدُوبَاتِ فَهُمْ مَأْمُورُونَ أَنْ يَأْتُوا بِهَا مُطْلَقًا.
وَأَمَّا التَّهْدِيدُ بِالْقِتَالِ الَّذِي هُوَ مِنْ خَصَائِصِ الْوَاجِبِ فِي بَادِئِ الرَّأْي فَلَا نَقُولُ إِنَّهُ مِنْ خَصَائِصِهِ بَلِ الْعِقَابُ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ فَأَذِنَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لَهُ بِالْقِتَالِ عَلَى الْمَنْدُوبِ وَلَا يَلْزَمُ اللُّبْسُ لِحُصُولِ الْفَرْقِ بِالْعِقَابِ تَنْبِيهٌ سَقَطَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ الْخَصْلَةُ الْخَامِسَةُ وَهِيَ ثَابِتَةٌ فِي رِوَايَةِ الصَّحِيحَيْنِ وَهِيَ وَأُحِلَّتْ لِي الْغَنَائِمُ وَلَمْ تَحِلْ لِنَبِيٍّ قَبْلِي وَعَلَى هَذَا فَ.

     قَوْلُهُ  وَجُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدا وَطهُورًا خصْلَة وَاحِدَة لتعلقها بِالْأَرْضِشكى فَقَارَ ظَهْرِهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُعْطِيتُ خَمْسًا بَيَّنَ فِي رِوَايَة بن عُمَرَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ زَادَ الْبُخَارِيُّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ قبلي زَاد فِي حَدِيث بن عَبَّاس لَا أقولهن فخرا قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَمْ يُخَصَّ بِغَيْرِ الْخَمْسِ لَكِنْ وَرَدَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ فُضِّلْتُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ بِسِتٍّ وَوَرَدَتْ أَحَادِيثُ أُخَرُ بِخَصَائِصَ أُخْرَى وَطَرِيقُ الْجَمْعِ أَنْ يُقَالَ لَعَلَّهُ اطَّلَعَ أَوَّلًا عَلَى بَعْضِ مَا اخْتُصَّ بِهِ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى الْبَاقِي وَمَنْ لَا يَرَى مَفْهُومَ الْعَدَدِ حُجَّةً يَدْفَعُ هَذَا الْإِشْكَالِ مِنْ أَصْلِهِ ثُمَّ تَتَبَّعَ الْحافِظُ مِنَ الْأَحَادِيثِ خِصَالًا فَبَلَغَتِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ خَصْلَةً ثُمَّ قَالَ وَيُمْكِنُ أَنْ يُوجَدَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ لِمَنْ أَمْعَنَ التَّتَبُّعَ وَنُقِلَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ النَّيْسَابُورِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِي كِتَابِ شَرَفِ الْمُصْطَفَى إِنَّ الْخَصَائِصَ الَّتِي فُضِّلَ بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ سِتُّونَ خَصْلَةً.

قُلْتُ وَقَدْ دَعَانِي ذَلِكَ لَمَّا أَلَّفْتُ التَّعْلِيقَ الَّذِي عَلَى الْبُخَارِيِّ فِي سَنَةِ بِضْعٍ وَسَبْعِينَ وَثَمَانِمِائَةِ إِلَى تَتَبُّعِهَا فَوَجَدْتُ فِي ذَلِكَ شَيْئًا كَثِيرًا فِي الْأَحَادِيثِ وَالْآثَارِ وَكُتُبِ التَّفْسِيرِ وَشُرُوحِ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَالْأُصُولِ وَالتَّصَوُّفِ فَأَفْرَدْتُهَا فِي مُؤَلَّفٍ سَمَّيْتُهُ أُنْمُوذَجُ اللَّبِيبِ فِي خَصَائِصِ الْحَبِيبِ وَقَسَّمْتُهَا قِسْمَيْنِ مَا خُصَّ بِهِ عَنِ الْأَنْبِيَاءِ وَمَا خُصَّ بِهِ عَنِ الْأُمَّةِ وَزَادَتْ عِدَّةُ الْقِسْمَيْنِ عَلَى أَلْفِ خِصِّيصَةٍ وَسَارَ الْمُؤَلَّفُ الْمَذْكُورُ إِلَى أَقَاصِي الْمَغَارِبِ وَالْمَشَارِقِ وَاسْتَفَادَهُ كُلُّ عَالِمٍ وَفَاضِلٍ وَسَرَقَ مِنْهُ كُلَّ مُدَّعٍ وَسَارِقٍ نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ زَادَ أَبُو أُمَامَةَ يُقْذَفُ فِي قُلُوبأعدائي وَأعْطيت الشَّفَاعَة قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ الْأَقْرَبُ أَنَّ اللَّامَ فِيهَا لِلْعَهْدِ وَالْمُرَادُ الشَّفَاعَةُ الْعُظْمَى فِي إِرَاحَةِ النَّاسِ مِنْ هَوْلِ الْمَوْقِفِ وَلِذَا جَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَقِيلَ الشَّفَاعَةُ الَّتِي اخْتُصَّ بِهَا أَنَّهُ لَا يُرَدُّ فِيمَا يَسْأَلُ وَقِيلَ الشَّفَاعَةُ فِي خُرُوجِ مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ هَذِهِ مُرَادَةٌ مَعَ الأولى وَقد وَقع فِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ فَأَخَّرْتُهَا لِأُمَّتِي فَهِيَ لِمَنْ لَا يُشْرك بِاللَّه شَيْئا وَفِي حَدِيث بن عُمَرَ فَهِيَ لَكُمْ وَلِمَنْ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالشَّفَاعَةِ الْمُخْتَصَّةِ بِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِخْرَاجُ مَنْ لَيْسَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ إِلَّا التَّوْحِيدَ وَهُوَ مُخْتَصٌّ أَيْضًا بِالشَّفَاعَةِ الْأُولَى لَكِنْ جَاءَ التَّنْوِيهُ بِذِكْرِ هَذِهِ لِأَنَّهَا غَايَةُ الْمَطْلُوبِ مِنْ تِلْكَ لِاقْتِضَائِهَا الرَّاحَةَ الْمُسْتَمِرَّةَ وَجُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا زَاد فِي رِوَايَة بن عُمَرَ وَكَانَ مَنْ قَبْلِي إِنَّمَا كَانُوا يُصَلُّونَ فِي كَنَائِسِهِمْ قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَنْ قَبْلَنَا إِنَّمَا أُبِيحَتْ لَهُمُ الصَّلَوَاتُ فِي أَمَاكِنَ مَخْصُوصَةٍ كَالْبِيَعِ وَالصَّوَامِعِ وَطَهُورًا فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَجُعِلَتْ لَنَا الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدًا وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا لَنَا طَهُورًا وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قومه خَاصَّة قَالَ الْحَافِظ بن حَجَرٍ لَا يُعْتَرَضُ بِأَنَّ نُوحًا كَانَ مَبْعُوثًا إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ بَعْدَ الطُّوفَانِ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ إِلَّا مَنْ كَانَ مُؤْمِنًا مَعَهُ وَقَدْ كَانَ مُرْسَلًا إِلَيْهِمْ لِأَنَّ هَذَا الْعُمُومَ لَمْ يَكُنْ فِي أَصْلِ بَعْثَتِهِ وَإِنَّمَا اتَّفَقَ بِالْحَادِثِ الَّذِي وَقَعَ وَهُوَ انْحِصَارُ الْخَلْقِ فِي الْمَوْجُودِينَ بَعْدَ هَلَاكِ سَائِرِ النَّاسِ.
وَأَمَّا نَبِيُّنَا فَعُمُومُ رِسَالَتِهِ مِنْ أَصْلِ الْبَعْثَةِ فَإِنْ قِيلَ يَدُلُّ عَلَى عُمُومِ بَعْثَةِ نُوحٍ كَوْنُهُ دَعَا عَلَى جَمِيعِ مَنْ فِي الْأَرْضِ فَأُهْلِكُوا بِالْغَرَقِ إِلَّا أَهْلَ السَّفِينَةِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَبْعُوثًا إِلَيْهِمْ لَمَا أُهْلِكُوا لِقَوْلِهِ تَعَالَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نبعث رَسُولا وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ أَوَّلُ الرُّسُلِ فَالْجَوَابُ أَنَّ دُعَاءَهُ قَوْمَهُ إِلَى التَّوْحِيدِ بَلَغَ سَائِرَ النَّاسِ لِطُولِ مُدَّتِهِ فَتَمَادَوْا عَلَى الشِّرْكِ فَاسْتَحَقُّوا الْعَذَابَ ذكره بن عَطِيَّة.

     وَقَالَ  بن دَقِيقِ الْعِيدِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ التَّوْحِيدُ عَامًّا فِي بَعْضِ الْأَنْبِيَاءِ وَإِنْ كَانَ الْتِزَامُ فُرُوعِ شَرِيعَتِهِ لَيْسَ عَامًّا لِأَنَّ مِنْهُمْ مَنْ قَاتَلَ غَيْرَ قَوْمِهِ عَلَى الشِّرْكِ وَلَوْ لَمْ يَكُنِ التَّوْحِيدُ لَازِمًا لَهُمْ لَمْ يُقَاتِلْهُمْ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الْأَرْضِ عِنْدَ إِرْسَالِ نُوحٍ إِلَّا قَوْمَ نُوحٍ فَبَعْثَتُهُ خَاصَّةٌ لِكَوْنِهَا إِلَى قَوْمِهِ فَقَطْ وَهِيَ عَامَّةٌ فِي الصُّورَةِ لِعَدَمِ وُجُودِ غَيْرِهِمْ لَكِنْ لَوِ اتَّفَقَ وُجُودُ غَيْرِهِمْ لَمْ يَكُنْ مَبْعُوثًا إِلَيْهِمْ.

     وَقَالَ  الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا أَنَّ سُلَيْمَانَ كَانَ يَسِيرُ فِي الْأَرْضِ وَيَأْمُرُ بِالْإِسْلَامِ كَبِلْقِيسَ وَغَيْرِهَا وَيُهَدِّدُهُمْ بِالْقِتَالِ وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى عُمُومِ الرِّسَالَةِ مَعَ أَنَّهُ مَا أُرْسِلَ إِلَّا إِلَى قَوْمِهِ قَالَ وَالْجَوَابُ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِنَا فِي رِسَالَتِهِمْ خَاصَّةً أَيْ فِي الْوَاجِبَاتِ وَالْمُحَرَّمَاتِ أَمَّا فِي الْمَنْدُوبَاتِ فَهُمْ مَأْمُورُونَ أَنْ يَأْتُوا بِهَا مُطْلَقًا.
وَأَمَّا التَّهْدِيدُ بِالْقِتَالِ الَّذِي هُوَ مِنْ خَصَائِصِ الْوَاجِبِ فِي بَادِئِ الرَّأْي فَلَا نَقُولُ إِنَّهُ مِنْ خَصَائِصِهِ بَلِ الْعِقَابُ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ فَأَذِنَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لَهُ بِالْقِتَالِ عَلَى الْمَنْدُوبِ وَلَا يَلْزَمُ اللُّبْسُ لِحُصُولِ الْفَرْقِ بِالْعِقَابِ تَنْبِيهٌ سَقَطَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ الْخَصْلَةُ الْخَامِسَةُ وَهِيَ ثَابِتَةٌ فِي رِوَايَةِ الصَّحِيحَيْنِ وَهِيَ وَأُحِلَّتْ لِي الْغَنَائِمُ وَلَمْ تَحِلْ لِنَبِيٍّ قَبْلِي وَعَلَى هَذَا فَ.

     قَوْلُهُ  وَجُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدا وَطهُورًا خصْلَة وَاحِدَة لتعلقها بِالْأَرْضِ