4258 حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ ، أَخْبَرَنَا رَوْحٌ ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ ، عَنْ عَطَاءٍ ، سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ ، يَقْرَأُ وَعَلَى الَّذِينَ يُطَوَّقُونَهُ فَلاَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ هُوَ الشَّيْخُ الكَبِيرُ ، وَالمَرْأَةُ الكَبِيرَةُ لاَ يَسْتَطِيعَانِ أَنْ يَصُومَا ، فَيُطْعِمَانِ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا |
4258 حدثني إسحاق ، أخبرنا روح ، حدثنا زكرياء بن إسحاق ، حدثنا عمرو بن دينار ، عن عطاء ، سمع ابن عباس ، يقرأ وعلى الذين يطوقونه فلا يطيقونه فدية طعام مسكين قال ابن عباس : ليست بمنسوخة هو الشيخ الكبير ، والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما ، فيطعمان مكان كل يوم مسكينا |
شرح الحديث من فتح الباري لابن حجر
( قَولُهُ بَابُ قَوْلِهِ تَعَالَى أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ إِلَى قَوْلِهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ)
سَاقَ الْآيَةَ كُلَّهَا وَانْتَصَبَ أَيَّامًا بِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ سِيَاقُ الْكَلَامِ كَصُومُوا أَوْ صَامُوا وَلِلزَّمَخْشَرِيِّ فِي إِعْرَابِهِ كَلَامٌ مُتَعَقَّبٌ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَهُ .
قَوْلُهُ وقَال عَطَاءٌ يُفْطِرُ مِنَ الْمَرَضِ كُلِّهِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ بن جُرَيْجٍ قَالَ.
قُلْتُ لِعَطَاءٍ مِنْ أَيِّ وَجَعٍ أفطر فِي رَمَضَان قَالَ من الْمَرَضِ كُلِّهِ.
قُلْتُ يَصُومُ فَإِذَا غَلَبَ عَلَيْهِ أَفْطَرَ قَالَ نَعَمْ وَلِلْبُخَارِيِّ فِي هَذَا الْأَثَرِ قِصَّةٌ مَعَ شَيْخِهِ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ ذَكَرْتُهَا فِي تَرْجَمَةِ الْبُخَارِيِّ مِنْ تَعْلِيقِ التَّعْلِيقِ وَقَدِ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي الْحَدِّ الَّذِي إِذَا وَجَدَهُ الْمُكَلَّفُ جَازَ لَهُ الْفِطْرُ وَالَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ الْمَرَضُ الَّذِي يُبِيحُ لَهُ التَّيَمُّمَ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ وَهُوَ مَا إِذَا خَافَ عَلَى نَفْسِهِ لَوْ تَمَادَى عَلَى الصَّوْمِ أَوْ عَلَى عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ أَوْ زِيَادَةً فِي الْمَرَضِ الَّذِي بَدَأَ بِهِ أوتماديه وَعَن بن سِيرِينَ مَتَى حَصَلَ لِلْإِنْسَانِ حَالٌ يَسْتَحِقُّ بِهَا اسْمَ الْمَرَضِ فَلَهُ الْفِطْرُ وَهُوَ نَحْوُ قَوْلِ عَطاء وَعَن الْحسن وَالنَّخَعِيّ إِذْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الصَّلَاةِ قَائِمًا يُفْطِرُ .
قَوْلُهُ وقَال الْحَسَنُ وَإِبْرَاهِيمُ فِي الْمُرْضِعِ وَالْحَامِلِ إِذَا خَافَتَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا أَوْ وَلَدِهِمَا تُفْطِرَانِ ثُمَّ تَقْضِيَانِ كَذَا وَقَعَ لِأَبِي ذَرٍّ وَلِلْأَصِيلِيِّ بِلَفْظِ أَوِ الْحَامِلِ وَلِغَيْرِهِمَا وَالْحَامِلِ بِالْوَاوِ وَهُوَ أَظْهَرُ.
وَأَمَّا أَثَرُ الْحَسَنِ فَوَصَلَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ بْنِ حُمَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ هُوَ الْبَصْرِيِّ قَالَ الْمُرْضِعُ إِذَا خَافَتْ عَلَى وَلَدِهَا أَفْطَرَتْ وَأَطْعَمَتْ وَالْحَامِلُ إِذَا خَافَتْ عَلَى نَفْسِهَا أَفْطَرَتْ وَقَضَتْ وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْمَرِيضِ وَمِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ تُفْطِرَانِ وَتَقْضِيَانِ.
وَأَمَّا قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ وَهُوَ النَّخَعِيُّ فَوَصَلَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ أَبِي مَعْشَرٍ عَنِ النَّخَعِيِّ قَالَ الْحَامِلُ وَالْمُرْضِعُ إِذَا خَافَتَا أَفْطَرَتَا وَقَضَتَا صَوْمًا .
قَوْلُهُ .
وَأَمَّا الشَّيْخُ الْكَبِيرُ إِذَا لَمْ يُطِقِ الصِّيَامَ فَقَدْ أَطْعَمَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ بَعْدَ مَا كَبِرَ عَامًا أَوْ عَامَيْنِ كُلَّ يَوْمٍ مِسْكِينًا خُبْزًا وَلَحْمًا وَأَفْطَرَ وَرَوَى عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ وَكَانَ قَدْ كَبِرَ فَأَطْعَمَ مِسْكِينًا كُلَّ يَوْمٍ وَرُوِّينَاهُ فِي فَوَائِدِ مُحَمَّدِ بْنِ هِشَامِ بْنِ مُلَاسٍ عَنْ مَرْوَانَ عَنْ مُعَاوِيَةَ عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ ضَعُفَ أَنَسٌ عَنِ الصَّوْمِ عَامَ تُوُفِّيَ فَسَأَلْتُ ابْنَهُ عُمَرَ بْنَ أَنَسٍ أَطَاقَ الصَّوْمَ قَالَ لَا فَلَمَّا عَرَفَ أَنَّهُ لايطيق الْقَضَاءَ أَمَرَ بِجِفَانٍ مِنْ خُبْزٍ وَلَحْمٍ فَأَطْعَمَ الْعدة أَو أَكثر تَنْبِيه قَوْله فقد أطْعم الْفَاء جَوَاب للدليل الدَّالِّ عَلَى جَوَازِ الْفِطْرِ وَتَقْدِيرُ الْكَلَامِ.
وَأَمَّا الشَّيْخُ الْكَبِيرُ إِذَا لَمْ يُطِقِ الصِّيَامَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُفْطِرَ وَيُطْعِمَ فَقَدْ أَطْعَمَ إِلَخْ وَقَولُهُ كَبِرَ بِفَتْحِ الْكَافِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ أَسَنَّ وَكَانَ أَنَسٌ حِينَئِذٍ فِي عَشْرِ الْمِائَةِ كَمَا تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ قَرِيبًا .
قَوْلُهُ قِرَاءَةُ الْعَامَّةِ يُطِيقُونَهُ وَهُوَ أَكْثَرُ يَعْنِي مِنْ أَطَاقَ يُطِيقُ وَسَأَذْكُرُ مَا خَالَفَ ذَلِكَ فِي الَّذِي بعده قَوْله حَدثنِي إِسْحَاق هُوَ بن رَاهَوَيْه وروح بِفَتْح الرَّاء هُوَ بن عبَادَة قَوْله
[ قــ :4258 ... غــ :4505] سمع بن عَبَّاسٍ يَقُولُ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ يَقْرَأُ .
قَوْلُهُ يُطَوَّقُونَهُ بِفَتْحِ الطَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ مُخَفَّفُ الطَّاءِ مِنْ طُوِّقَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ بِوَزْنِ قطع وَهَذِه قِرَاءَة بن مَسْعُودٍ أَيْضًا وَقَدْ وَقَعَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيق بن أَبِي نَجِيحٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ يُطَوَّقُونَهُ يُكَلَّفُونَهُ وَهُوَ تَفْسِيرٌ حَسَنٌ أَيْ يُكَلَّفُونَ إِطَاقَتَهُ وَقَولُهُ طَعَامُ مِسْكِينٍ زَادَ فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ وَاحِد وَقَوله فَمن تطوع خيرا زَادَ فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ فَزَادَ مِسْكِينٍ آخَرَ قَوْله قَالَ بن عَبَّاسٍ لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ هُوَ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْمَرْأَةُ الْكَبِيرَة هَذَا مَذْهَب بن عَبَّاسٍ وَخَالَفَهُ الْأَكْثَرُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي بَعْدَهُ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ وَهَذِهِ الْقِرَاءَةُ تُضْعِفُ تَأْوِيلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ لَا مَحْذُوفَةٌ مِنَ الْقِرَاءَةِ الْمَشْهُورَةِ وَأَنَّ الْمَعْنَى وَعَلَى الَّذِينَ لَا يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ وَأَنَّهُ كَقَوْلِ الشَّاعِرِ فَقُلْتُ يَمِينَ اللَّهِ أَبْرَحُ قَاعِدًا أَيْ لَا أَبْرَحُ قَاعِدًا وَرَدَ بِدَلَالَةِ الْقَسَمِ عَلَى النَّفْيِ بِخِلَافِ الْآيَةِ وَيُثْبِتُ هَذَا التَّأْوِيلَ أَنَّ الْأَكْثَرَ عَلَى أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ يُطِيقُونَهُ لِلصِّيَامِ فَيَصِيرُ تَقْدِيرُ الْكَلَامِ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَ الصِّيَامَ فِدْيَةٌ وَالْفِدْيَةُ لَا تَجِبُ عَلَى الْمُطِيقِ وَإِنَّمَا تَجِبُ عَلَى غَيْرِهِ وَالْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ أَنَّ فِي الْكَلَامِ حَذْفًا تَقْدِيرُهُ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَ الصِّيَامَ إِذَا أَفْطَرُوا فِدْيَةٌ وَكَانَ هَذَا فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ ثُمَّ نُسِخَ وَصَارَتِ الْفِدْيَةُ لِلْعَاجِزِ إِذَا أَفْطَرَ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الصّيام حَدِيث بن أَبِي لَيْلَى قَالَ حَدَّثَنَا أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ لَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ شَقَّ عَلَيْهِمْ فَكَانَ مَنْ أَطْعَمَ كُلَّ يَوْمٍ مِسْكِينًا تَرَكَ الصَّوْمَ مِمَّنْ يُطِيقُهُ وَرُخِّصَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ فَنَسَخَتْهَا وَأَنْ تَصُومُوا خير لكم وَأما على قِرَاءَة بن عَبَّاسٍ فَلَا نَسْخَ لِأَنَّهُ يَجْعَلُ الْفِدْيَةَ عَلَى مَنْ تَكَلَّفَ الصَّوْمَ وَهُوَ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ فَيُفْطِرُ وَيُكَفِّرُ وَهَذَا الْحُكْمُ بَاقٍ وَفِي الْحَدِيثِ حُجَّةٌ لِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَمَنْ وَافَقَهُ أَنَّ الشَّيْخَ الْكَبِيرَ وَمَنْ ذُكِرَ مَعَهُ إِذَا شَقَّ عَلَيْهِمُ الصَّوْمُ فَأَفْطَرُوا فَعَلَيْهِمُ الْفِدْيَةُ خِلَافًا لِمَالِكٍ وَمَنْ وَافَقَهُ وَاخْتُلِفَ فِي الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ وَمَنْ أَفْطَرَ لِكِبَرٍ ثُمَّ قَوِيَ عَلَى الْقَضَاءِ بَعْدُ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ يَقْضُونَ وَيُطْعِمُونَ.
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَالْكُوفِيُّونَ لَا أطعام