هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4123 حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ العَبْسِيُّ ، حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ ، عَنْ قَيْسٍ ، عَنْ جَرِيرٍ ، قَالَ : كُنْتُ بِاليَمَنِ ، فَلَقِيتُ رَجُلَيْنِ مِنْ أَهْلِ اليَمَنِ ، ذَا كَلاَعٍ ، وَذَا عَمْرٍو ، فَجَعَلْتُ أُحَدِّثُهُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ لَهُ : ذُو عَمْرٍو : لَئِنْ كَانَ الَّذِي تَذْكُرُ مِنْ أَمْرِ صَاحِبِكَ ، لَقَدْ مَرَّ عَلَى أَجَلِهِ مُنْذُ ثَلاَثٍ ، وَأَقْبَلاَ مَعِي حَتَّى إِذَا كُنَّا فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ ، رُفِعَ لَنَا رَكْبٌ مِنْ قِبَلِ المَدِينَةِ فَسَأَلْنَاهُمْ ، فَقَالُوا : قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ ، وَالنَّاسُ صَالِحُونَ ، فَقَالاَ : أَخْبِرْ صَاحِبَكَ أَنَّا قَدْ جِئْنَا وَلَعَلَّنَا سَنَعُودُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، وَرَجَعَا إِلَى اليَمَنِ ، فَأَخْبَرْتُ أَبَا بَكْرٍ بِحَدِيثِهِمْ ، قَالَ : أَفَلاَ جِئْتَ بِهِمْ ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدُ قَالَ لِي ذُو عَمْرٍو : يَا جَرِيرُ إِنَّ بِكَ عَلَيَّ كَرَامَةً ، وَإِنِّي مُخْبِرُكَ خَبَرًا : إِنَّكُمْ مَعْشَرَ العَرَبِ ، لَنْ تَزَالُوا بِخَيْرٍ مَا كُنْتُمْ إِذَا هَلَكَ أَمِيرٌ تَأَمَّرْتُمْ فِي آخَرَ ، فَإِذَا كَانَتْ بِالسَّيْفِ كَانُوا مُلُوكًا ، يَغْضَبُونَ غَضَبَ المُلُوكِ وَيَرْضَوْنَ رِضَا المُلُوكِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4123 حدثني عبد الله بن أبي شيبة العبسي ، حدثنا ابن إدريس ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس ، عن جرير ، قال : كنت باليمن ، فلقيت رجلين من أهل اليمن ، ذا كلاع ، وذا عمرو ، فجعلت أحدثهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال له : ذو عمرو : لئن كان الذي تذكر من أمر صاحبك ، لقد مر على أجله منذ ثلاث ، وأقبلا معي حتى إذا كنا في بعض الطريق ، رفع لنا ركب من قبل المدينة فسألناهم ، فقالوا : قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واستخلف أبو بكر ، والناس صالحون ، فقالا : أخبر صاحبك أنا قد جئنا ولعلنا سنعود إن شاء الله ، ورجعا إلى اليمن ، فأخبرت أبا بكر بحديثهم ، قال : أفلا جئت بهم ، فلما كان بعد قال لي ذو عمرو : يا جرير إن بك علي كرامة ، وإني مخبرك خبرا : إنكم معشر العرب ، لن تزالوا بخير ما كنتم إذا هلك أمير تأمرتم في آخر ، فإذا كانت بالسيف كانوا ملوكا ، يغضبون غضب الملوك ويرضون رضا الملوك
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Jarir:

While I was at Yemen, I met two men from Yemen called Dhu Kala and Dhu `Amr, and I started telling them about Allah's Messenger (ﷺ). Dhu `Amr said to me, If what you are saying about your friend (i.e. the Prophet) is true, then he has died three days ago. Then both of them accompanied me to Medina, and when we had covered some distance on the way to Medina, we saw some riders coming from Medina. We asked them and they said, Allah's Messenger (ﷺ) has died and Abu Bakr has been appointed as the Caliph and the people are in a good state.' Then they said, Tell your friend (Abu Bakr) that we have come (to visit him), and if Allah will, we will come again. So they both returned to Yemen. When I told Abu Bakr their statement, he said to me, I wish you had brought them (to me). Afterwards I met Dhu `Amr, and he said to me, O Jarir! You have done a favor to me and I am going to tell you something, i.e. you, the nation of 'Arabs, will remain prosperous as long as you choose and appoint another chief whenever a former one is dead. But if authority is obtained by the power of the sword, then the rulers will become kings who will get angry, as kings get angry, and will be delighted as kings get delighted.

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [4359] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ هُوَ أَبُو بَكْرٍ وَاسْمُ أَبِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَاسْمُهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُثْمَانَ الْعَبْسِيُّ بِالْمُوَحَّدَةِ الْحَافِظ وبن إِدْرِيس هُوَ عبد الله وَقيس هُوَ بن أَبِي حَازِمٍ وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ كُوفِيُّونَ .

     قَوْلُهُ  كُنْتُ بِالْيَمَنِ فِي رِوَايَةِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ جَرِيرٍ عِنْد بن عَسَاكِرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَهُ إِلَى ذِي عَمْرٍو وَذِي الْكَلَاعِ يَدْعُوهُمَا إِلَى الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمَا قَالَ.

     وَقَالَ  لِي ذُو الْكَلَاعِ ادْخُلْ عَلَى أُمِّ شُرَحْبِيلَ يَعْنِي زَوْجَتَهُ وَعِنْدَ الْوَاقِدِيِّ فِي الرِّدَّةِ بِأَسَانِيدَ مُتَعَدِّدَةٍ نَحْوَ هَذَا .

     قَوْلُهُ  فَلَقِيتُ رَجُلَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ كُنْتُ بِالْيَمَنِ فَأَقْبَلْتُ وَمَعِي ذُو الْكَلَاعِ وَذُو عَمْرٍو وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ أَبْيَنُ وَذَلِكَ أَنَّ جَرِيرًا قَضَى حَاجَتَهُ مِنَ الْيَمَنِ وَأَقْبَلَ رَاجِعًا يُرِيدُ الْمَدِينَةَ فَصَحِبَهُ مِنْ مُلُوكِ الْيَمَنِ ذُو الْكَلَاعِ وَذُو عَمْرٍو فَأَمَّا ذُو الْكَلَاعِ فَهُوَ بِفَتْحِ الْكَافِ وَتَخْفِيفِ اللَّامِ وَاسْمُهُ إسْمَيْفَعُ بِسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَبَعْدَهَا مُهْمَلَةٌ وَيُقَالُ أَيْفَعُ بْنُ باكوراء وَيُقَال بن حَوْشَبِ بْنِ عَمْرٍو.

.
وَأَمَّا ذُو عَمْرٍو فَكَانَ أَحَدَ مُلُوكِ الْيَمَنِ وَهُوَ مِنْ حِمْيَرَ أَيْضًا وَلَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِ غَيْرِهِ وَلَا رَأَيْتُ من أخباره اكثرمما ذُكِرَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ وَكَانَا عَزَمَا عَلَى التَّوَجُّهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلَمَّا بَلَغَهُمَا وَفَاةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَعَا إِلَى الْيَمَنِ ثُمَّ هَاجَرَا فِي زَمَنِ عُمَرَ .

     قَوْلُهُ  لَئِنْ كَانَ الَّذِي تَذْكُرُ مِنْ أَمْرِ صَاحِبِكَ أَيْ حَقًّا فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ لَئِنْ كَانَ كَمَا تَذْكُرُ وَقَولُهُ لَقَدْ مَرَّ عَلَى أَجَلِهِ جَوَابٌ لِشَرْطٍ مُقَدَّرٍ أَيْ إِنْ أَخْبَرْتَنِي بِهَذَا أُخْبِرْكَ بِهَذَا وَهَذَا قَالَهُ ذُو عَمْرٍو عَنِ اطِّلَاعٍ مِنَ الْكُتُبِ الْقَدِيمَةِ لِأَنَّ الْيَمَنَ كَانَ أَقَامَ بِهَا جَمَاعَةٌ مِنَ الْيَهُودِ فَدَخَلَ كَثِيرٌ مِنْأَهْلِ الْيَمَنِ فِي دِينِهِمْ وَتَعَلَّمُوا مِنْهُمْ وَذَلِكَ بَيِّنٌ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمُعَاذٍ لَمَّا بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ إِنَّكَ سَتَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ.

     وَقَالَ  الْكَرْمَانِيُّ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ سَمِعَ مِنْ بَعْضِ الْقَادِمِينَ مِنَ الْمَدِينَةِ سِرًّا أَوْ أَنَّهُ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَاهِنًا أَوْ أَنَّهُ صَارَ بَعْدَ إِسْلَامِهِ مُحْدَّثًا أَيْ بِفَتْح الدَّال وَقد تقدم تَفْسِيره بِأَنَّهُ الْمُلْهَمُ.

.

قُلْتُ وَسِيَاقُ الْحَدِيثِ يَدُلُّ عَلَى مَا قَرَّرْتُهُ لِأَنَّهُ عَلَّقَ مَا ظَهَرَ لَهُ مِنْ وَفَاتِهِ عَلَى مَا أَخْبَرَهُ بِهِ جَرِيرٌ مِنْ أَحْوَالِهِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مُسْتَفَادًا مِنْ غَيْرِ مَا ذَكَرْتُهُ لَمَا احْتَاجَ إِلَى بِنَاءِ ذَلِكَ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّ الْأَوَّلَيْنِ خَبَرٌ مَحْضٌ وَالثَّالِثَ وُقُوعُ شَيْءٍ فِي النَّفْسِ عَنْ غَيْرِ قَصْدٍ وَقَدْ رَوَى الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ عَنْ جَرِيرٍ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ قَالَ قَالَ لِي حَبْرٌ بِالْيَمَنِ وَهَذَا يُؤَيِّدُ مَا قُلْتُهُ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ .

     قَوْلُهُ  فَأَخْبَرْتُ أَبَا بَكْرٍ بِحَدِيثِهِمْ قَالَ أَفَلَا جِئْتَ بِهِمْ كَأَنَّهُ جَمَعَ بِاعْتِبَارِ مَنْ كَانَ مَعَهُمَا مِنَ الْأَتْبَاعِ .

     قَوْلُهُ  فَلَمَّا كَانَ بَعْدُ إِلَخْ لَعَلَّ ذَلِكَ كَانَ لَمَّا هَاجَرَ ذُو عَمْرٍو فِي خِلَافَةِ عُمَرَ وَذَكَرَ يَعْقُوبُ بْنُ شَبَّةَ بِإِسْنَادٍ لَهُ أَنَّ ذَا الْكَلَاعِ كَانَ مَعَهُ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ بَيْتٍ مِنْ مَوَالِيهِ فَسَأَلَهُ عُمَرُ بَيْعَهُمْ لِيَسْتَعِينَ بِهِمْ عَلَى حَرْبِ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ ذُو الْكَلَاعِ هُمْ أَحْرَارٌ فَأَعْتَقَهُمْ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ وَرَوَى سَيْفٌ فِي الْفُتُوحِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ بَعَثَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَسْتَنْفِرُ أَهْلَ الْيَمَنِ إِلَى الْجِهَادِ فَرَحَلَ ذُو الْكَلَاعِ وَمَنْ أَطَاعَهُ وَذَكَرَ بن الْكُلْبِيِّ فِي النَّسَبِ أَنَّ ذَا الْكَلَاعِ كَانَ جَمِيلًا فَكَانَ إِذَا دَخَلَ مَكَّةَ يَتَعَمَّمُ وَشَهِدَ صِفِّينَ مَعَ مُعَاوِيَةَ وَقُتِلَ بِهَا .

     قَوْلُهُ  تَآمَرْتُمْ بِمَدِّ الْهَمْزَةِ وَتَخْفِيفِ الْمِيمِ أَيْ تَشَاوَرْتُمْ أَوْ بِالْقَصْرِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ أَيْ أَقَمْتُمْ أَمِيرًا مِنْكُمْ عَنْ رِضًا مِنْكُمْ أَوْ عَهْدٍ مِنَ الْأَوَّلِ .

     قَوْلُهُ  فَإِذَا كَانَتْ أَيِ الْإِمَارَةُ بِالسَّيْفِ أَيْ بِالْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ كَانُوا مُلُوكًا أَيِ الْخُلَفَاءُ وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى مَا قَرَرْتُهُ أَنَّ ذَا عَمْرٍو كَانَ لَهُ اطِّلَاعٌ عَلَى الْأَخْبَارِ مِنَ الْكُتُبِ الْقَدِيمَةِ وَإِشَارَتُهُ بِهَذَا الْكَلَامِ تُطَابِقُ الْحَدِيثَ الَّذِي أخرجه أَحْمد وَأَصْحَاب السّنَن وَصَححهُ بن حِبَّانَ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ سَفِينَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْخِلَافَةُ بَعْدِي ثَلَاثُونَ سَنَةً ثُمَّ تَصِيرُ مُلْكًا عَضُوضًا قَالَ بن التِّينِ مَا قَالَهُ ذُو عَمْرٍو وَذُو الْكَلَاعِ لَا يَكُونُ إِلَّا عَنْ كِتَابٍ أَوْ كَهَانَةٍ وَمَا قَالَهُ ذُو عَمْرٍو لَا يَكُونُ إِلَّا عَنْ كِتَابٍ.

.

قُلْتُ وَلَا أَدْرِي لِمَ فَرَّقَ بَيْنَ الْمَقَالَتَيْنِ وَالِاحْتِمَالُ فِيهِمَا وَاحِدٌ بَلِ الْمَقَالَةُ الْأَخِيرَةُ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ مِنْ جِهَةِ التَّجْرِبَةِ( قَولُهُ بَابُ غَزْوَةِ سِيفِ الْبَحْرِ) هُوَ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ وَآخِرُهُ فَاءٌ أَيْ سَاحِلِ الْبَحْر قَوْله وهم يتلقون عير لِقُرَيْشٍ هُوَ صَرِيحُ مَا فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ فِي الْبَابِ حَيْثُ قَالَ فِيهَا نَرْصُدُ عِيرَ قُرَيْش وَقد ذكر بن سَعْدٍ وَغَيْرِهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَهُمْ إِلَى حَيٍّ مِنْ جُهَيْنَةَ بِالْقَبَلِيَّةِ بِفَتْحِ الْقَافِ وَالْمُوَحَّدَةِ مِمَّا يَلِي سَاحِلَ الْبَحْرِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ خَمْسُ لَيَالٍ وَأَنَّهُمُ انْصَرَفُوا وَلَمْ يَلْقَوْا كَيْدًا وَأَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي رَجَب سنة ثَمَان وَهَذَا لايغاير ظَاهِرَهُ مَا فِي الصَّحِيحِ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ كَوْنِهِمْ يَتَلَقَّوْنَ عِيرًا لِقُرَيْشٍ وَيَقْصِدُونَ حَيًّا مِنْ جُهَيْنَةَ وَيُقَوِّي هَذَا الْجَمْعُ مَا عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِقْسَمٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْثًا إِلَى أَرْضِ جُهَيْنَةَ فَذَكَرَ هَذِهِ الْقِصَّةَ لَكِنَّ تَلَقِّيَ عِيرِ قُرَيْشٍ مَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي ذكره بن سَعْدٍ فِي رَجَبٍ سَنَةَ ثَمَانٍ لِأَنَّهُمْ كَانُوا حِينَئِذٍ فِي الْهُدْنَةِ بَلْ مُقْتَضَى مَا فِي الصَّحِيحِ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ السَّرِيَّةُ فِي سَنَةِ سِتٍّ أَوْ قَبْلَهَا قَبْلَ هُدْنَةِ الْحُدَيْبِيَةِ نَعَمْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَلَقِّيهِمْ لِلْعِيرِ لَيْسَ لِمُحَارَبَتِهِمْ بَلْ لِحِفْظِهِمْ مِنَ جُهَيْنَةَ وَلِهَذَا لَمْ يَقَعْ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِ الْخَبَرِ أَنَّهُمْ قَاتَلُوا أَحَدًا بَلْ فِيهِ أَنَّهُمْ قَامُوا نِصْفَ شَهْرٍ أَوْ أَكْثَرَ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ فَاللَّهُ أَعْلَمُ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَوْله بَاب ذهَاب جرير أَي بن عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ إِلَى الْيَمَنِ)
ذَكَرَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ جَرِيرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ بَعَثَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْيَمَنِ أُقَاتِلُهُمْ وَأَدْعُوهُمْ أَنْ يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ هَذَا الْبَعْثَ غَيْرُ بَعْثِهِ إِلَى هَدْمِ ذِي الْخَلَصَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بَعَثَهُ إِلَى الْجِهَتَيْنِ عَلَى التَّرْتِيب وَيُؤَيِّدهُ مَا وَقع عِنْد بن حِبَّانَ فِيَّ حَدِيثِ جَرِيرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ يَا جَرِيرُ إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ طَوَاغِيتِ الْجَاهِلِيَّةِ إِلَّا بَيْتُ ذِي الْخَلَصَةِ فَإِنَّهُ يُشْعِرُ بِتَأْخِيرِ هَذِهِ الْقِصَّةِ جِدًّا وَسَيَأْتِي فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ أَنَّ جَرِيرًا شَهِدَهَا فَكَأَنَّ إِرْسَالَهُ كَانَ بَعْدَهَا فَهَدَمَهَا ثُمَّ تَوَجَّهَ إِلَى الْيَمَنِ وَلِهَذَا لَمَّا رَجَعَ بَلَغَتْهُ وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

[ قــ :4123 ... غــ :4359] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ هُوَ أَبُو بَكْرٍ وَاسْمُ أَبِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَاسْمُهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُثْمَانَ الْعَبْسِيُّ بِالْمُوَحَّدَةِ الْحَافِظ وبن إِدْرِيس هُوَ عبد الله وَقيس هُوَ بن أَبِي حَازِمٍ وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ كُوفِيُّونَ .

     قَوْلُهُ  كُنْتُ بِالْيَمَنِ فِي رِوَايَةِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ جَرِيرٍ عِنْد بن عَسَاكِرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَهُ إِلَى ذِي عَمْرٍو وَذِي الْكَلَاعِ يَدْعُوهُمَا إِلَى الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمَا قَالَ.

     وَقَالَ  لِي ذُو الْكَلَاعِ ادْخُلْ عَلَى أُمِّ شُرَحْبِيلَ يَعْنِي زَوْجَتَهُ وَعِنْدَ الْوَاقِدِيِّ فِي الرِّدَّةِ بِأَسَانِيدَ مُتَعَدِّدَةٍ نَحْوَ هَذَا .

     قَوْلُهُ  فَلَقِيتُ رَجُلَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ كُنْتُ بِالْيَمَنِ فَأَقْبَلْتُ وَمَعِي ذُو الْكَلَاعِ وَذُو عَمْرٍو وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ أَبْيَنُ وَذَلِكَ أَنَّ جَرِيرًا قَضَى حَاجَتَهُ مِنَ الْيَمَنِ وَأَقْبَلَ رَاجِعًا يُرِيدُ الْمَدِينَةَ فَصَحِبَهُ مِنْ مُلُوكِ الْيَمَنِ ذُو الْكَلَاعِ وَذُو عَمْرٍو فَأَمَّا ذُو الْكَلَاعِ فَهُوَ بِفَتْحِ الْكَافِ وَتَخْفِيفِ اللَّامِ وَاسْمُهُ إسْمَيْفَعُ بِسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَبَعْدَهَا مُهْمَلَةٌ وَيُقَالُ أَيْفَعُ بْنُ باكوراء وَيُقَال بن حَوْشَبِ بْنِ عَمْرٍو.

.
وَأَمَّا ذُو عَمْرٍو فَكَانَ أَحَدَ مُلُوكِ الْيَمَنِ وَهُوَ مِنْ حِمْيَرَ أَيْضًا وَلَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِ غَيْرِهِ وَلَا رَأَيْتُ من أخباره اكثرمما ذُكِرَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ وَكَانَا عَزَمَا عَلَى التَّوَجُّهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلَمَّا بَلَغَهُمَا وَفَاةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَعَا إِلَى الْيَمَنِ ثُمَّ هَاجَرَا فِي زَمَنِ عُمَرَ .

     قَوْلُهُ  لَئِنْ كَانَ الَّذِي تَذْكُرُ مِنْ أَمْرِ صَاحِبِكَ أَيْ حَقًّا فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ لَئِنْ كَانَ كَمَا تَذْكُرُ وَقَولُهُ لَقَدْ مَرَّ عَلَى أَجَلِهِ جَوَابٌ لِشَرْطٍ مُقَدَّرٍ أَيْ إِنْ أَخْبَرْتَنِي بِهَذَا أُخْبِرْكَ بِهَذَا وَهَذَا قَالَهُ ذُو عَمْرٍو عَنِ اطِّلَاعٍ مِنَ الْكُتُبِ الْقَدِيمَةِ لِأَنَّ الْيَمَنَ كَانَ أَقَامَ بِهَا جَمَاعَةٌ مِنَ الْيَهُودِ فَدَخَلَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ فِي دِينِهِمْ وَتَعَلَّمُوا مِنْهُمْ وَذَلِكَ بَيِّنٌ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمُعَاذٍ لَمَّا بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ إِنَّكَ سَتَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ.

     وَقَالَ  الْكَرْمَانِيُّ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ سَمِعَ مِنْ بَعْضِ الْقَادِمِينَ مِنَ الْمَدِينَةِ سِرًّا أَوْ أَنَّهُ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَاهِنًا أَوْ أَنَّهُ صَارَ بَعْدَ إِسْلَامِهِ مُحْدَّثًا أَيْ بِفَتْح الدَّال وَقد تقدم تَفْسِيره بِأَنَّهُ الْمُلْهَمُ.

.

قُلْتُ وَسِيَاقُ الْحَدِيثِ يَدُلُّ عَلَى مَا قَرَّرْتُهُ لِأَنَّهُ عَلَّقَ مَا ظَهَرَ لَهُ مِنْ وَفَاتِهِ عَلَى مَا أَخْبَرَهُ بِهِ جَرِيرٌ مِنْ أَحْوَالِهِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مُسْتَفَادًا مِنْ غَيْرِ مَا ذَكَرْتُهُ لَمَا احْتَاجَ إِلَى بِنَاءِ ذَلِكَ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّ الْأَوَّلَيْنِ خَبَرٌ مَحْضٌ وَالثَّالِثَ وُقُوعُ شَيْءٍ فِي النَّفْسِ عَنْ غَيْرِ قَصْدٍ وَقَدْ رَوَى الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ عَنْ جَرِيرٍ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ قَالَ قَالَ لِي حَبْرٌ بِالْيَمَنِ وَهَذَا يُؤَيِّدُ مَا قُلْتُهُ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ .

     قَوْلُهُ  فَأَخْبَرْتُ أَبَا بَكْرٍ بِحَدِيثِهِمْ قَالَ أَفَلَا جِئْتَ بِهِمْ كَأَنَّهُ جَمَعَ بِاعْتِبَارِ مَنْ كَانَ مَعَهُمَا مِنَ الْأَتْبَاعِ .

     قَوْلُهُ  فَلَمَّا كَانَ بَعْدُ إِلَخْ لَعَلَّ ذَلِكَ كَانَ لَمَّا هَاجَرَ ذُو عَمْرٍو فِي خِلَافَةِ عُمَرَ وَذَكَرَ يَعْقُوبُ بْنُ شَبَّةَ بِإِسْنَادٍ لَهُ أَنَّ ذَا الْكَلَاعِ كَانَ مَعَهُ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ بَيْتٍ مِنْ مَوَالِيهِ فَسَأَلَهُ عُمَرُ بَيْعَهُمْ لِيَسْتَعِينَ بِهِمْ عَلَى حَرْبِ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ ذُو الْكَلَاعِ هُمْ أَحْرَارٌ فَأَعْتَقَهُمْ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ وَرَوَى سَيْفٌ فِي الْفُتُوحِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ بَعَثَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَسْتَنْفِرُ أَهْلَ الْيَمَنِ إِلَى الْجِهَادِ فَرَحَلَ ذُو الْكَلَاعِ وَمَنْ أَطَاعَهُ وَذَكَرَ بن الْكُلْبِيِّ فِي النَّسَبِ أَنَّ ذَا الْكَلَاعِ كَانَ جَمِيلًا فَكَانَ إِذَا دَخَلَ مَكَّةَ يَتَعَمَّمُ وَشَهِدَ صِفِّينَ مَعَ مُعَاوِيَةَ وَقُتِلَ بِهَا .

     قَوْلُهُ  تَآمَرْتُمْ بِمَدِّ الْهَمْزَةِ وَتَخْفِيفِ الْمِيمِ أَيْ تَشَاوَرْتُمْ أَوْ بِالْقَصْرِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ أَيْ أَقَمْتُمْ أَمِيرًا مِنْكُمْ عَنْ رِضًا مِنْكُمْ أَوْ عَهْدٍ مِنَ الْأَوَّلِ .

     قَوْلُهُ  فَإِذَا كَانَتْ أَيِ الْإِمَارَةُ بِالسَّيْفِ أَيْ بِالْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ كَانُوا مُلُوكًا أَيِ الْخُلَفَاءُ وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى مَا قَرَرْتُهُ أَنَّ ذَا عَمْرٍو كَانَ لَهُ اطِّلَاعٌ عَلَى الْأَخْبَارِ مِنَ الْكُتُبِ الْقَدِيمَةِ وَإِشَارَتُهُ بِهَذَا الْكَلَامِ تُطَابِقُ الْحَدِيثَ الَّذِي أخرجه أَحْمد وَأَصْحَاب السّنَن وَصَححهُ بن حِبَّانَ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ سَفِينَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْخِلَافَةُ بَعْدِي ثَلَاثُونَ سَنَةً ثُمَّ تَصِيرُ مُلْكًا عَضُوضًا قَالَ بن التِّينِ مَا قَالَهُ ذُو عَمْرٍو وَذُو الْكَلَاعِ لَا يَكُونُ إِلَّا عَنْ كِتَابٍ أَوْ كَهَانَةٍ وَمَا قَالَهُ ذُو عَمْرٍو لَا يَكُونُ إِلَّا عَنْ كِتَابٍ.

.

قُلْتُ وَلَا أَدْرِي لِمَ فَرَّقَ بَيْنَ الْمَقَالَتَيْنِ وَالِاحْتِمَالُ فِيهِمَا وَاحِدٌ بَلِ الْمَقَالَةُ الْأَخِيرَةُ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ مِنْ جِهَةِ التَّجْرِبَةِ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب ذَهَابُ جَرِيرٍ إِلَى الْيَمَنِ
( ذهاب جرير) أي ابن عبد الله البجلي ( إلى) أهل ( اليمن) ليقاتلهم ويدعوهم إلى أن يقولوا لا إله إلا الله والظاهر كما في الفتح أن هذا البعث غير بعثه إلى هدم ذي الخلصة.


[ قــ :4123 ... غــ : 4359 ]
- حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ الْعَبْسِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسٍ عَنْ جَرِيرٍ، قَالَ: كُنْتُ بِالْبَحْرِ فَلَقِيتُ رَجُلَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ ذَا كَلاَعٍ، وَذَا عَمْرٍو، فَجَعَلْتُ أُحَدِّثُهُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ لَهُ ذُو عَمْرٍو: لَئِنْ كَانَ الَّذِي تَذْكُرُ مِنْ أَمْرِ صَاحِبِكَ لَقَدْ مَرَّ عَلَى أَجَلِهِ مُنْذُ ثَلاَثٍ، وَأَقْبَلاَ مَعِي حَتَّى إِذَا كُنَّا فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ رُفِعَ لَنَا رَكْبٌ مِنْ قِبَلِ الْمَدِينَةِ
فَسَأَلْنَاهُمْ، فَقَالُوا: قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ وَالنَّاسُ صَالِحُونَ، فَقَالاَ: أَخْبِرْ صَاحِبَكَ أَنَّا قَدْ جِئْنَا وَلَعَلَّنَا سَنَعُودُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَرَجَعَا إِلَى الْيَمَنِ فَأَخْبَرْتُ أَبَا بَكْرٍ بِحَدِيثِهِمْ قَالَ: أَفَلاَ جِئْتَ بِهِمْ؟ فَلَمَّا كَانَ بَعْدُ قَالَ لِي ذُو عَمْرٍو: يَا جَرِيرُ إِنَّ بِكَ عَلَيَّ كَرَامَةً وَإِنِّي مُخْبِرُكَ خَبَرًا إِنَّكُمْ مَعْشَرَ الْعَرَبِ لَنْ تَزَالُوا بِخَيْرٍ مَا كُنْتُمْ إِذَا هَلَكَ أَمِيرٌ تَأَمَّرْتُمْ فِي آخَرَ فَإِذَا كَانَتْ بِالسَّيْفِ كَانُوا مُلُوكًا يَغْضَبُونَ غَضَبَ الْمُلُوكِ وَيَرْضَوْنَ رِضَا الْمُلُوكِ.

وبه قال: ( حدثني) بالإفراد ( عبد الله بن أبي شيبة) هو عبد الله بن محمد بن أبي شيبة إبراهيم بن عثمان أبو بكر الكوفي الحافظ ( للعبسي) بفتح العين وكسر السين المهملتين بينهما موحدة ساكنة قال: ( حدّثنا ابن إدريس) عبد الله الأودي بسكون الواو أبو محمد الكوفي الثقة العابد ( عن إسماعيل بن أبي خالد) الأحمسي مولاهم العجلي ( عن قيس) هو ابن أبي حازم ( عن جرير) البجلي -رضي الله عنه- أنه ( قال: كنت بالبحر) ولأبوي ذر والوقت والأصيلي وابن عساكر باليمن ( فلقيت رجلين من أهل اليمن ذا الكلاع) بفتح الكاف واللام المخففة وبعد الألف عين مهملة اسمه أسميفع بسكون السين المهملة وفتح الميم وسكون التحتية وفتح الفاء بعدها عين مهملة، ويقال أيفع بن باكوراء، ويقال ابن حوشب بن عمرو ( وذا عمرو) بفتح العين وكانا من ملوك اليمن وكان جرير قضى حاجته وأقبل راجعًا يريد المدينة وكانا أيضًا قد عزما على التوجه إلى المدينة.

قال جرير: ( فجعلت أحدثهم) أي ذا كلاع وذا عمرو ومن معهما ( عن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال له) : لجرير ( ذو عمرو: لئن كان الذي تذكر من أمر صاحبك) يعني النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( لقد مرّ على أجله منذ ثلاث) جواب الشرط مقدر أي إن أخبرتني بهذا أخبرتك بهذا فالإخبار سبب للإخبار ومعرفة ذي عمرو بوفاته عليه الصلاة والسلام إما بطريق الكهانة أو أنه كان من المحدثين أو بسماع من بعض القادمين سرًّا قاله الكرماني، وتعقبه في الفتح بأنه لو كان مستفادًا من غيره لما احتاج إلى بناء ذلك على ما ذكره جرير، فالظاهر أنه قاله عن اطّلاع من الكتب القديمة ( وأقبلا معي) متوجهين إلى المدينة ( حتى إذا كنا في بعض الطريق رفع لنا ركب من قبل المدينة) بكسر القاف وفتح الموحدة أي من جهتها ( فسألناهم فقالوا: قبض رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- واستخلف أبو بكر والناس صالحون فقالا) : أي ذو الكلاع وذو عمرو ( أخبر صاحبك) أبا بكر -رضي الله عنه- ( أنا قد جئنا ولعلنا سنعود) إليه ( إن شاء الله) تعالى ( ورجعا إلى اليمن) .

قال جرير: ( فأخبرت أبا بكر بحديثهم) جمع باعتبار من معهم أو أن أقل الجمع اثنان ( قال: أفلا جئت بهم) وروى سيف في الفتوح أن أبا بكر بعث أنس بن مالك يستنفر أهل اليمن إلى الجهاد فرحل ذو الكلاع ومن معه ( فلما كان بعد) بالبناء على الضم أي بعد هذا الأمر في خلافة عمر بن الخطاب وهاجر ذو عمرو ( قال لي ذو عمرو: يا جرير وإن بك عليّ كرامة وإني مخبرك خبرًا إنكم معشر العرب لن تزالوا بخير ما كنتم إذا هلك أمير تأمرتم) بقصر الهمزة وتشديد الميم في
الفرع، وفي غيره بمد الهمزة وتخفيف الميم أي تشاورتم ( في) أمير ( آخر) ومعنى المشدد أقمتم أميرًا منكم عن رضًا منكم أو عهد من الأول ( فإذا كانت) أي الإمارة ( بالسيف) أي بالقهر والغلبة ( كانوا) أي الخلفاء ( ملوكًا يغضبون غضب الملوك وبرضون رضًا الملوك) .

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :4123 ... غــ :4359 ]
- حَدَّثَنَا عبْد الله بنُ أبي شَيْبَةَ العَبْسيُّ حدّثنا ابنُ إدْرِيسَ عنْ إسْماعِيلَ بنِ أبي خالِدٍ عنْ قَيْسٍ عنْ جَرِيرٍ قَالَ كُنْتُ بالبَحْرِ فَلِقيتُ رَجُلَيْنِ مِنْ أهْلِ اليَمَنِ ذَا كَلاَعٍ وذَا عَمْروٍ فَجَعَلْتُ أُحَدِّثُهُمْ عنْ رسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُ ذُو عَمْروٍ لَئِنْ كانَ الَّذِي تَذْكُرُ مِنْ أمْرِ صاحِبِكَ لَقَدْ مَرَّ عَلَى أجَلِهِ مُنْذُ ثَلاثٍ وأقْبَلاَ مَعِي حَتَّى إذَا كُنَّا فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ رُفِعَ لَنَا رَكْبٌ مِنْ قِبَلِ المَدِينَةِ فَسألْناهُمْ فَقالُوا قُبِضَ رسُولُ الله واسْتُخْلِفَ أبُو بكْرٍ والنَّاسُ صالُحونَ فَقَالاَ أخْبِرْ صاحِبكَ أنّا قَدْ جِئْنا وَلعَلَّنا سنَعُودُ إنْ شاءَ الله وَرَجَعَا إِلَى اليَمَنِ فأخبَرْتُ أَبَا بَكْرٍ بِحَدِيثِهِمْ قَالَ أفَلاَ جِئْتَ بِهِمْ فَلَمَّا كانَ بَعْدُ قَالَ لِي ذُو عَمْروٍ يَا جَرِيرُ إنَّ لَكَ عَلَى كَرَامَةً وإنِّي مخْبِرُكَ خَبَراً إنَّكُمْ مَعْشَرَ العرَبِ لَنْ تَزَالُوا بِخَيْرٍ مَا كُنْتُمْ إذَا هَلَكَ أمِيرٌ تأمَّرْتُمْ فِي آخَرَ فإذَا كانَتْ بالسَّيْفِ كانُوا مُلُوكاً يَغْضَبُونَ غَضَبَ المُلُوكِ ويَرْضُونَ رِضا المُلُوكِ.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة من حَيْثُ إِن جَرِيرًا لما هد ذَا الخلصة بعد شُهُوده حجَّة الْوَدَاع ذهب إِلَى الْيمن ثمَّ لما رَجَعَ، بلغته وَفَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَعبد الله هُوَ أَبُو بكر وَاسم أَبِيه مُحَمَّد بن أبي شيبَة واسْمه إِبْرَاهِيم بن عُثْمَان الْحَافِظ الْعَبْسِي، بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة وَهُوَ شيخ مُسلم أَيْضا، يروي عَن عبد الله بن إِدْرِيس عَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد عَن قيس بن أبي حَازِم.

قَوْله: ( ذَا كلاع) ، بِفَتْح الْكَاف وَتَخْفِيف اللَّام واسْمه: إسميفع، بِكَسْر الْهمزَة وَسُكُون السِّين الْمُهْملَة وَفتح الْمِيم وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح الْفَاء وَفِي آخِره عين مُهْملَة، وَيُقَال: إيفع بن باكوراء، وَيُقَال: ابْن حَوْشَب بن عمر،.

     وَقَالَ  أَبُو عَمْرو: وَأَظنهُ من حمير، وَيُقَال: إِنَّه اب عمر كَعْب الْأَحْبَار يكنى أَبَا شُرَحْبِيل، وَيُقَال: أَبُو شُرَحْبِيل كَانَ ريئسا فِي قومه مُطَاعًا متبوعاً اسْلَمْ وَكتب إِلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي التعاون على الْأسود ومسيلمة وطليحة وَكَانَ الرَّسُول إِلَيْهِ جرير بن عبد الله البَجلِيّ فَأسلم وَخرج مَعَ جرير إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَكَانَ ذُو الْكَلَام الْقَائِم بِأَمْر مُعَاوِيَة فِي حَرْب صفّين وَقتل قبل انْقِضَاء الْحَرْب، ففرح مُعَاوِيَة بِمَوْتِهِ، وَكَانَ مَوته فِي سنة سبع وَثَلَاثِينَ.
قَالَ أَبُو عَمْرو.
وَلَا أعلم لذِي الكلاع صُحْبَة أَكثر من إِسْلَامه واتباعه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فِي حَيَاته، وَأَظنهُ أحد الْوُفُود عَلَيْهِ، وَالله أعلم، وَلَا أعلم لَهُ رِوَايَة إلاَّ عَن عَمْرو وعَوْف بن مَالك،.

     وَقَالَ  أَبُو عَمْرو: وَإنَّهُ أعتق عشرَة آلَاف أهل بَيت..
     وَقَالَ  ابْن دُرَيْد: كَانَ ذُو الكلاع ادّعى الربوبية فِي الْجَاهِلِيَّة وَأَن إِسْلَامه إِنَّمَا كَانَ أَيَّام عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كتب لَهُ مَعَ جرير وَجَرِير إِنَّمَا قدم بعد وَفَاة سيدنَا مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قَوْله: ( وَذَا عَمْرو) ، كَانَ أحد مُلُوك الْيمن،.

     وَقَالَ  أَبُو عمر: ذُو عمر رجل من الْيمن أقبل مَعَ ذِي الكلاع إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، مُسلمين ومعهما جرير بن عبد الله البَجلِيّ، وَيُقَال: كَانَا عزما على التَّوَجُّه إِلَى الْمَدِينَة فَلَمَّا بلغهما وَفَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجعا إِلَى الْيمن ثمَّ هاجرا فِي زمن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
قَوْله: ( أحدثهم) ، إِنَّمَا جمع الضَّمِير بِاعْتِبَار من كَانَ مَعَهُمَا.
قَوْله: ( من أَمر صَاحبك) أَرَادَ بالصاحب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قَوْله: ( لقد مر على أَجله مُنْذُ ثَلَاث) أَرَادَ إِنَّه مَاتَ مُنْذُ ثَلَاثَة أَيَّام، قَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: أَيْن جَزَاء الشَّرْط؟ قلت: جَوَاب الْقسم جزاءاً للشّرط معنى.
فَإِن قلت: الشَّرْط شَرطه أَن يكون سَببا للجزاء، وَهَهُنَا لَيْسَ كَذَلِك؟ قلت: هُوَ متأول بالإخبار، إِن تُخبرنِي بذلك أخْبرك بِهَذَا، فالإخبار سَبَب للإخبار،.

     وَقَالَ  أَيْضا: إِنَّمَا علم وَفَاته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إِمَّا بِسَمَاعِهِ من بعض القادمين من الْمَدِينَة سرا، وَإِمَّا أَنه كَانَ من المحدَّثين، وَإِمَّا أَنه كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة كَاهِنًا، إِنَّمَا أخبر بذلك عَن إطلاع من الْكتب الْقَدِيمَة لِأَن الْيمن كَانَ أَقَامَ بهَا جمَاعَة من الْيَهُود فَدخل كثير من أهل الْيمن فِي دينهم وتعلموا مِنْهُم.
قَوْله: ( وأقبلا معي) ، من كَلَام جرير، أَي: أقبل ذُو الكلاع وَذُو عَمْرو، يَعْنِي: متوجهين إِلَى الْمَدِينَة.
قَوْله: ( فَقَالَا) أَي: ذُو الكلاع وَذُو عَمْرو ( أخبر صَاحبك) أَرَادَ بِهِ: أَبَا بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
قَوْله: ( بِحَدِيثِهِمْ) ، قد ذكرنَا أَن جمعه بِاعْتِبَار اتباعهم أَو بِاعْتِبَار أَن أقل الْجمع اثْنَان.
قَوْله: ( فَلَمَّا كَانَ بعد) ، بِضَم الدَّال على الْبناء أَي: بعد هَذَا الْأَمر.
وَلَعَلَّه كَانَ ذَلِك بعد أَن هَاجر ذُو عَمْرو فِي خلَافَة عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَذكر يَعْقُوب بن شبة بِإِسْنَاد لَهُ: أَن ذَا الكلاع كَا مَعَه اثْنَي عشر ألف بَيت من موَالِيه، فَسَأَلَهُ عمر بيعهم ليستعين بهم على حَرْب الْمُشْركين، فَقَالَ ذُو الكلاع: هم أَحْرَار فَأعْتقهُمْ فِي سَاعَة وَاحِدَة.
قَوْله: ( كَرَامَة) مَنْصُوب، قَوْله: ( تآمرتم) ، بِمد الْهمزَة وَتَخْفِيف الْمِيم، أَي: تشاورتم، والائتمار الْمُشَاورَة ويروى: ( تأمرتم) ، بِالْقصرِ وبتشديد الْمِيم أَي: اقمتم أَمِيرا مِنْكُم عَن رضى مِنْكُم أَو عهد من الأول.
قَوْله: ( فَإِذا كَانَت) ، أَي: الْإِمَارَة: ( بِالسَّيْفِ) أَي: بالقهر وَالْغَلَبَة ( كَانُوا ملوكاً) أَي: خلفاء، وَهَذَا الْكَلَام مِنْهُ يدل على أَن ذَا عمر وَله اطلَاع على الْأَخْبَار من الْكتب الْقَدِيمَة، لِأَنَّهُ يُطَابق حَدِيث سفينة: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ( الْخلَافَة بعدِي ثَلَاثُونَ سنة ثمَّ تصير ملكا) ، رَوَاهُ أَحْمد وَأَصْحَاب السّنَن وَصَححهُ ابْن حبَان.
<"