هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4055 حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، عَنْ هِشَامٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : لَمَّا سَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الفَتْحِ ، فَبَلَغَ ذَلِكَ قُرَيْشًا ، خَرَجَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ ، وَحَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ ، وَبُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ ، يَلْتَمِسُونَ الخَبَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَقْبَلُوا يَسِيرُونَ حَتَّى أَتَوْا مَرَّ الظَّهْرَانِ ، فَإِذَا هُمْ بِنِيرَانٍ كَأَنَّهَا نِيرَانُ عَرَفَةَ ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ : مَا هَذِهِ ، لَكَأَنَّهَا نِيرَانُ عَرَفَةَ ؟ فَقَالَ بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ : نِيرَانُ بَنِي عَمْرٍو ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ : عَمْرٌو أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ ، فَرَآهُمْ نَاسٌ مِنْ حَرَسِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَدْرَكُوهُمْ فَأَخَذُوهُمْ ، فَأَتَوْا بِهِمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمَ أَبُو سُفْيَانَ ، فَلَمَّا سَارَ قَالَ لِلْعَبَّاسِ : احْبِسْ أَبَا سُفْيَانَ عِنْدَ حَطْمِ الخَيْلِ ، حَتَّى يَنْظُرَ إِلَى المُسْلِمِينَ . فَحَبَسَهُ العَبَّاسُ ، فَجَعَلَتِ القَبَائِلُ تَمُرُّ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، تَمُرُّ كَتِيبَةً كَتِيبَةً عَلَى أَبِي سُفْيَانَ ، فَمَرَّتْ كَتِيبَةٌ ، قَالَ : يَا عَبَّاسُ مَنْ هَذِهِ ؟ قَالَ : هَذِهِ غِفَارُ ، قَالَ : مَا لِي وَلِغِفَارَ ، ثُمَّ مَرَّتْ جُهَيْنَةُ ، قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ ، ثُمَّ مَرَّتْ سَعْدُ بْنُ هُذَيْمٍ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ ، وَمَرَّتْ سُلَيْمُ ، فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ ، حَتَّى أَقْبَلَتْ كَتِيبَةٌ لَمْ يَرَ مِثْلَهَا ، قَالَ : مَنْ هَذِهِ ؟ قَالَ : هَؤُلاَءِ الأَنْصَارُ ، عَلَيْهِمْ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ مَعَهُ الرَّايَةُ ، فَقَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ : يَا أَبَا سُفْيَانَ ، اليَوْمَ يَوْمُ المَلْحَمَةِ ، اليَوْمَ تُسْتَحَلُّ الكَعْبَةُ ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ : يَا عَبَّاسُ حَبَّذَا يَوْمُ الذِّمَارِ ، ثُمَّ جَاءَتْ كَتِيبَةٌ ، وَهِيَ أَقَلُّ الكَتَائِبِ ، فِيهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ ، وَرَايَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ الزُّبَيْرِ بْنِ العَوَّامِ ، فَلَمَّا مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَبِي سُفْيَانَ قَالَ : أَلَمْ تَعْلَمْ مَا قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ ؟ قَالَ : مَا قَالَ ؟ قَالَ : كَذَا وَكَذَا ، فَقَالَ : كَذَبَ سَعْدٌ ، وَلَكِنْ هَذَا يَوْمٌ يُعَظِّمُ اللَّهُ فِيهِ الكَعْبَةَ ، وَيَوْمٌ تُكْسَى فِيهِ الكَعْبَةُ قَالَ : وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُرْكَزَ رَايَتُهُ بِالحَجُونِ قَالَ عُرْوَةُ ، وَأَخْبَرَنِي نَافِعُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ العَبَّاسَ ، يَقُولُ لِلزُّبَيْرِ بْنِ العَوَّامِ : يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ هَا هُنَا أَمَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَرْكُزَ الرَّايَةَ ، قَالَ : وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ خَالِدَ بْنَ الوَلِيدِ أَنْ يَدْخُلَ مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ مِنْ كَدَاءٍ ، وَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ كُدَا ، فَقُتِلَ مِنْ خَيْلِ خَالِدِ بْنِ الوَلِيدِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ رَجُلاَنِ : حُبَيْشُ بْنُ الأَشْعَرِ ، وَكُرْزُ بْنُ جابِرٍ الفِهْرِيُّ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4055 حدثنا عبيد بن إسماعيل ، حدثنا أبو أسامة ، عن هشام ، عن أبيه ، قال : لما سار رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح ، فبلغ ذلك قريشا ، خرج أبو سفيان بن حرب ، وحكيم بن حزام ، وبديل بن ورقاء ، يلتمسون الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأقبلوا يسيرون حتى أتوا مر الظهران ، فإذا هم بنيران كأنها نيران عرفة ، فقال أبو سفيان : ما هذه ، لكأنها نيران عرفة ؟ فقال بديل بن ورقاء : نيران بني عمرو ، فقال أبو سفيان : عمرو أقل من ذلك ، فرآهم ناس من حرس رسول الله صلى الله عليه وسلم فأدركوهم فأخذوهم ، فأتوا بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم أبو سفيان ، فلما سار قال للعباس : احبس أبا سفيان عند حطم الخيل ، حتى ينظر إلى المسلمين . فحبسه العباس ، فجعلت القبائل تمر مع النبي صلى الله عليه وسلم ، تمر كتيبة كتيبة على أبي سفيان ، فمرت كتيبة ، قال : يا عباس من هذه ؟ قال : هذه غفار ، قال : ما لي ولغفار ، ثم مرت جهينة ، قال مثل ذلك ، ثم مرت سعد بن هذيم فقال مثل ذلك ، ومرت سليم ، فقال مثل ذلك ، حتى أقبلت كتيبة لم ير مثلها ، قال : من هذه ؟ قال : هؤلاء الأنصار ، عليهم سعد بن عبادة معه الراية ، فقال سعد بن عبادة : يا أبا سفيان ، اليوم يوم الملحمة ، اليوم تستحل الكعبة ، فقال أبو سفيان : يا عباس حبذا يوم الذمار ، ثم جاءت كتيبة ، وهي أقل الكتائب ، فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، وراية النبي صلى الله عليه وسلم مع الزبير بن العوام ، فلما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي سفيان قال : ألم تعلم ما قال سعد بن عبادة ؟ قال : ما قال ؟ قال : كذا وكذا ، فقال : كذب سعد ، ولكن هذا يوم يعظم الله فيه الكعبة ، ويوم تكسى فيه الكعبة قال : وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تركز رايته بالحجون قال عروة ، وأخبرني نافع بن جبير بن مطعم ، قال : سمعت العباس ، يقول للزبير بن العوام : يا أبا عبد الله ها هنا أمرك رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تركز الراية ، قال : وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ خالد بن الوليد أن يدخل من أعلى مكة من كداء ، ودخل النبي صلى الله عليه وسلم من كدا ، فقتل من خيل خالد بن الوليد رضي الله عنه يومئذ رجلان : حبيش بن الأشعر ، وكرز بن جابر الفهري
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Hisham's father:

When Allah's Messenger (ﷺ) set out (towards Mecca) during the year of the Conquest (of Mecca) and this news reached (the infidels of Quraish), Abu Sufyan, Hakim bin Hizam and Budail bin Warqa came out to gather information about Allah's Messenger (ﷺ) , They proceeded on their way till they reached a place called Marr-az-Zahran (which is near Mecca). Behold! There they saw many fires as if they were the fires of `Arafat. Abu Sufyan said, What is this? It looked like the fires of `Arafat. Budail bin Warqa' said, Banu `Amr are less in number than that. Some of the guards of Allah's Messenger (ﷺ) saw them and took them over, caught them and brought them to Allah's Messenger (ﷺ). Abu Sufyan embraced Islam. When the Prophet (ﷺ) proceeded, he said to Al-Abbas, Keep Abu Sufyan standing at the top of the mountain so that he would look at the Muslims. So Al-`Abbas kept him standing (at that place) and the tribes with the Prophet (ﷺ) started passing in front of Abu Sufyan in military batches. A batch passed and Abu Sufyan said, O `Abbas Who are these? `Abbas said, They are (Banu) Ghifar. Abu Sufyan said, I have got nothing to do with Ghifar. Then (a batch of the tribe of) Juhaina passed by and he said similarly as above. Then (a batch of the tribe of) Sa`d bin Huzaim passed by and he said similarly as above. then (Banu) Sulaim passed by and he said similarly as above. Then came a batch, the like of which Abu Sufyan had not seen. He said, Who are these? `Abbas said, They are the Ansar headed by Sa`d bin Ubada, the one holding the flag. Sa`d bin Ubada said, O Abu Sufyan! Today is the day of a great battle and today (what is prohibited in) the Ka`ba will be permissible. Abu Sufyan said., O `Abbas! How excellent the day of destruction is! Then came another batch (of warriors) which was the smallest of all the batches, and in it there was Allah's Messenger (ﷺ) and his companions and the flag of the Prophet (ﷺ) was carried by Az-Zubair bin Al Awwam. When Allah's Messenger (ﷺ) passed by Abu Sufyan, the latter said, (to the Prophet), Do you know what Sa`d bin 'Ubada said? The Prophet (ﷺ) said, What did he say? Abu Sufyan said, He said so-and-so. The Prophet (ﷺ) said, Sa`d told a lie, but today Allah will give superiority to the Ka`ba and today the Ka`ba will be covered with a (cloth) covering. Allah's Messenger (ﷺ) ordered that his flag be fixed at Al-Hajun. Narrated `Urwa: Nafi` bin Jubair bin Mut`im said, I heard Al-Abbas saying to Az-Zubair bin Al- `Awwam, 'O Abu `Abdullah ! Did Allah's Messenger (ﷺ) order you to fix the flag here?' Allah's Messenger (ﷺ) ordered Khalid bin Al-Walid to enter Mecca from its upper part from Ka'da while the Prophet (ﷺ) himself entered from Kuda. Two men from the cavalry of Khalid bin Al-Wahd named Hubaish bin Al-Ash'ar and Kurz bin Jabir Al-Fihri were martyred on that day.

شرح الحديث من فتح الباري لابن حجر

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،    ( قَولُهُ بَابُ أَيْنَ رَكَّزَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّايَةَ يَوْمَ الْفَتْحِ)
أَيْ بَيَانُ الْمَكَانِ الَّذِي رُكِّزَتْ فِيهِ رَايَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَمْرِهِ

[ قــ :4055 ... غــ :4280] .

     قَوْلُهُ  عَنْ هِشَامٍ هُوَ بن عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَمَّا سَارَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفَتْحِ هَكَذَا أَوْرَدَهُ مُرْسَلًا وَلَمْ أَرَهُ فِي شَيْءٍ مِنَ الطُّرُقِ عَنْ عُرْوَةَ مَوْصُولًا وَمَقْصُودُ الْبُخَارِيِّ مِنْهُ مَا تَرْجَمَ بِهِ وَهُوَ آخِرُ الْحَدِيثِ فَإِنَّهُ مَوْصُولٌ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَالزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ .

     قَوْلُهُ  فَبَلَغَ ذَلِكَ قُرَيْشًا ظَاهِرُهُ أَنَّهُمْ بَلَغَهُمْ مَسِيرُهُ قَبْلَ خُرُوجِ أَبِي سُفْيَانَ وَحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ وَالَّذِي عِنْدَ بن إِسْحَاق وَعند بن عَائِذٍ مِنْ مَغَازِي عُرْوَةَ ثُمَّ خَرَجُوا وَقَادُوا الْخُيُولَ حَتَّى نَزَلُوا بِمَرِّ الظَّهْرَانِ وَلَمْ تَعْلَمْ بِهِمْ قُرَيْشٌ وَكَذَا فِي رِوَايَةِ أَبِي سَلَمَةَ عِنْد بن أَبِي شَيْبَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِالطُّرُقِ فَحُبِسَتْ ثُمَّ خَرَجَ فَغُمَّ عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ الْأَمْرُ فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ لِحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ هَلْ لَكَ أَنْ تَرْكَبَ إِلَى أَمْرٍ لَعَلَّنَا أَنْ نَلْقَى خَبَرًا فَقَالَ لَهُ بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ وَأَنَا مَعَكُمْ قَالَا وَأَنت إِن شِئْت فَرَكبُوا وَفِي رِوَايَة بن عَائِذ من حَدِيث بن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ لَمْ يَغْزُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُرَيْشًا حَتَّى بَعَثَ إِلَيْهِمْ ضَمْرَةَ يُخَيِّرُهُمْ بَيْنَ إِحْدَى ثَلَاثٍ أَنْ يُودُوا قَتِيلَ خُزَاعَةَ وَبَيْنَ أَنْ يبرأوا مِنْ حِلْفِ بَكْرٍ أَوْ يَنْبِذَ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ فَأَتَاهُمْ ضَمْرَةُ فَخَيَّرَهُمْ فَقَالَ قَرَظَةُ بْنُ عَمْرٍو لَا نُودِي وَلَا نَبْرَأُ وَلَكِنَّا نَنْبِذُ إِلَيْهِ عَلَى سَوَاءٍ فَانْصَرَفَ ضَمْرَةُ بِذَلِكَ فَأَرْسَلَتْ قُرَيْشٌ أَبَا سُفْيَانَ يُسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَجْدِيدِ الْعَهْدِ وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ مُسَدَّدُ مِنْ مُرْسَلِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ فَأَنْكَرَهُ الْوَاقِدِيُّ وَزَعَمَ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ إِنَّمَا تَوَجَّهَ مُبَادِرًا قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ الْمُسْلِمِينَ الْخَبَرَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي مُرْسَلِ عِكْرِمَةَ عِنْد بن أَبِي شَيْبَةَ وَنَحْوُهُ فِي مَغَازِي عُرْوَةَ عِنْدَ بن إِسْحَاق وبن عَائِذٍ فَخَافَتْ قُرَيْشٌ فَانْطَلَقَ أَبُو سُفْيَانَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَقَالَ لِأَبِي بَكْرٍ جَدِّدْ لَنَا الْحِلْفَ قَالَ لَيْسَ الْأَمْرُ إِلَيَّ ثُمَّ أَتَى عُمَرَ فَأَغْلَظَ لَهُ عُمَرُ ثُمَّ أَتَى فَاطِمَةَ فَقَالَتْ لَهُ لَيْسَ الْأَمْرُ إِلَيَّ فَأَتَى عَلِيًّا فَقَالَ لَيْسَ الْأَمْرُ إِلَيَّ فَقَالَ مَا رَأَيْت كَالْيَوْمِ رجل أَضَلَّ أَيْ مِنْ أَبِي سُفْيَانَ أَنْتَ كَبِيرُ النَّاسِ فَجَدِّدِ الْحِلْفَ قَالَ فَضَرَبَ إِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى.

     وَقَالَ  قَدْ أَجَرْتُ بَيْنَ النَّاسِ وَرَجَعَ إِلَى مَكَّةَ فَقَالُوا لَهُ مَا جِئْتَنَا بِحَرْبٍ فَنَحْذَرَ وَلَا بِصُلْحٍ فَنَأْمَنَ لَفْظُ عِكْرِمَةَ وَفِي رِوَايَةِ عُرْوَةَ فَقَالُوا لَهُ لَعِبَ بِكَ عَلِيٌّ وَإِنَّ إِخْفَارَ جِوَارِكَ لَهَيِّنٌ عَلَيْهِمْ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ .

     قَوْلُهُ  بَلَغَ قُرَيْشًا أَيْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِمْ ذَلِكَ لَا أَنَّ مُبَلِّغًا بَلَّغَهُمْ ذَلِكَ حَقِيقَةً .

     قَوْلُهُ  خَرَجُوا يَلْتَمِسُونَ الْخَبَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رِوَايَة بن عَائِذٍ فَبَعَثُوا أَبَا سُفْيَانَ وَحَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ فَلَقِيَا بُدَيْلَ بْنَ وَرْقَاءَ فَاسْتَصْحَبَاهُ فَخَرَجَ مَعَهُمَا .

     قَوْلُهُ  حَتَّى أَتَوْا مَرَّ الظَّهْرَانِ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ مَكَانٌ مَعْرُوفٌ وَالْعَامَّةُ تَقُولُهُ بِسُكُونِ الرَّاءِ وَزِيَادَةِ وَاوٍ وَالظَّهْرَانُ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْهَاءِ بِلَفْظِ تَثْنِيَةِ ظَهْرِ وَفِي مُرْسَلِ أَبِي سَلَمَةَ حَتَّى إِذَا دَنُوا مِنْ ثَنِيَّةِ مَرِّ الظَّهْرَانِ أَظْلَمُوا أَيْ دَخَلُوا فِي اللَّيْلِ فَأَشْرَفُوا عَلَى الثَّنِيَّةِ فَإِذَا النِّيرَانُ قَدْ أَخَذَتِ الْوَادِيَ كُله وَعند بن إِسْحَاقَ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ أَوْقَدُوا تِلْكَ اللَّيْلَةِ عَشَرَةَ آلَافِ نَارٍ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ مَا هَذِهِ أَيِ النِّيرَانُ لَكَأَنَّهَا جَوَابُ قَسَمٍ مَحْذُوفٍ وَقَولُهُ نِيرَانُ عَرَفَةَ إِشَارَةٌ إِلَى مَا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُمْ مِنْ إِيقَادِ النِّيرَانِ الْكَثِيرَةِ لَيْلَةَ عَرَفَة وَعند بْنِ سَعْدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أَصْحَابَهُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ فَأَوْقَدُوا عَشْرَةَ آلَافِ نَارٍ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ هَذِهِ نِيرَانُ بَنِي عَمْرٍو يَعْنِي خُزَاعَةَ وَعَمْرٌو يَعْنِي بن لُحَيٍّ الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مَعَ نَسَبِ خُزَاعَةَ فِي أَوَّلِ الْمَنَاقِبِ فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ عَمْرٌو أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ وَمِثْلُ هَذَا فِي مُرْسَلِ أبي سَلمَة وَفِي مغازي عُرْوَة عِنْد بن عَائِذٍ عَكْسُ ذَلِكَ وَأَنَّهُمْ لَمَّا رَأَوُا الْفَسَاطِيطَ وَسَمِعُوا صَهِيلَ الْخَيْلِ فَرَاعَهُمْ ذَلِكَ فَقَالُوا هَؤُلَاءِ بَنُو كَعْبٍ يَعْنِي خُزَاعَةَ وَكَعْبٌ أَكْبَرُ بُطُونِ خُزَاعَةَ جَاشَتْ بِهِمُ الْحَرْبُ فَقَالَ بَدِيلٌ هَؤُلَاءِ أَكْثَرُ مِنْ بَنِي كَعْبٍ مَا بَلَغَ تَأْلِيبُهَا هَذَا قَالُوا فَانْتَجَعَتْ هَوَازِنُ أَرْضَنَا وَاللَّهِ مَا نَعْرِفُ هَذَا أَنَّهُ هَذَا الْمَثَلُ صَاحَ النَّاسُ .

     قَوْلُهُ  فَرَآهُمْ نَاسٌ مِنْ حَرَسِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَدْرَكُوهُمْ فَأَخَذُوهُمْ فِي رِوَايَة بن عَائِذٍ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ بَيْنَ يَدَيْهِ خَيْلًا تَقْبِضُ الْعُيُونَ وخزاعة على الطَّرِيق لايتركون أَحَدًا يَمْضِي فَلَمَّا دَخَلَ أَبُو سُفْيَانَ وَأَصْحَابُهُ عَسْكَرَ الْمُسْلِمِينَ أَخَذَتْهُمُ الْخَيْلُ تَحْتَ اللَّيْلِ وَفِي مُرْسَلِ أَبِي سَلَمَةَ وَكَانَ حَرَسُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفَرًا مِنَ الْأَنْصَارِ وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَيْهِمْ تِلْكَ اللَّيْلَةِ فجاؤوا بِهِمْ إِلَيْهِ فَقَالُوا جِئْنَاكَ بِنَفَرٍ أَخَذْنَاهُمْ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ فَقَالَ عُمَرُ وَاللَّهِ لَوْ جِئْتُمُونِي بِأَبِي سُفْيَانَ مَا زِدْتُمْ قَالُوا قَدْ أَتَيْنَاكَ بِأبي سُفْيَان وَعند بن إِسْحَاقَ أَنَّ الْعَبَّاسَ خَرَجَ لَيْلًا فَلَقِيَ أَبَا سُفْيَانَ وَبُدَيْلًا فَحَمَلَ أَبَا سُفْيَانَ مَعَهُ عَلَى الْبَغْلَةِ وَرَجَعَ صَاحِبَاهُ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّ الْحَرَسَ لَمَّا أَخَذُوهُمُ اسْتَنْقَذَ الْعَبَّاسُ أَبَا سُفْيَانَ وَفِي رِوَايَة بن إِسْحَاقَ فَلَمَّا نَزَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ الظَّهْرَانِ قَالَ الْعَبَّاسُ وَاللَّهِ لإن دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ عَنْوَةً قَبْلَ أَنْ يَأْتُوهُ فَيَسْتَأْمِنُوهُ إِنَّهُ لَهَلَاكَ قُرَيْشٍ قَالَ فَجَلَسْتُ عَلَى بَغْلَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى جِئْتُ الْأَرَاكَ فَقُلْتُ لَعَلِّي أَجِدُ بَعْضَ الْحَطَّابَةِ أَوْ ذَا حَاجَةٍ يَأْتِي مَكَّةَ فَيُخْبِرُهُمْ إِذْ سَمِعْتُ كَلَامَ أَبِي سُفْيَانَ وَبُدَيْلِ بْنِ وَرْقَاءَ قَالَ فَعَرَفْتُ صَوْتَهُ فَقُلْتُ يَا أَبَا حَنْظَلَةَ فَعَرَفَ صَوْتِي فَقَالَ أَبَا الْفَضْلِ.

قُلْتُ نَعَمْ قَالَ مَا الْحِيلَةُ.

قُلْتُ فَارْكَبْ فِي عَجُزِ هَذِهِ الْبَغْلَةِ حَتَّى آتِيَ بِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْتَأْمِنَهُ لَكَ قَالَ فَرَكِبَ خَلْفِي وَرَجَعَ صَاحِبَاهُ وَهَذَا مُخَالِفٌ لِلرِّوَايَةِ السَّابِقَةِ أَنهم أخذوهم وَلَكِن عِنْد بن عَائِذٍ فَدَخَلَ بُدَيْلٌ وَحَكِيمٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمَا فَيُحْمَلُ .

     قَوْلُهُ  وَرَجَعَ صَاحِبَاهُ أَيْ بَعْدَ أَنْ أَسْلَمَا وَاسْتَمَرَّ أَبُو سُفْيَانَ عِنْدَ الْعَبَّاسِ لِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ أَنْ يَحْبِسَهُ حَتَّى يَرَى الْعَسَاكِرَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَا رَجَعَا لَمَّا الْتَقَى الْعَبَّاسُ بِأَبِي سُفْيَانَ فَأَخَذَهُمَا الْعَسْكَرُ أَيْضًا وَفِي مَغَازِي مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ مَا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ وَفِيهِ فَلَقِيَهُمُ الْعَبَّاسُ فَأَجَارَهُمْ وَأَدْخَلَهُمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمَ بُدَيْلٌ وَحَكِيمٌ وَتَأَخَّرَ أَبُو سُفْيَانَ بِإِسْلَامِهِ حَتَّى أصبح وَيجمع بَين مَا عِنْد بن إِسْحَاقَ وَمُرْسَلِ أَبِي سَلَمَةَ بِأَنَّ الْحَرَسَ أَخَذُوهُمْ فَلَمَّا رَأَوْا أَبَا سُفْيَانَ مَعَ الْعَبَّاسِ تَرَكُوهُ مَعَهُ وَفِي رِوَايَةِ عِكْرِمَةَ فَذَهَبَ بِهِ الْعَبَّاسُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قُبَّةٍ لَهُ فَقَالَ يَا أَبَا سُفْيَانَ أَسْلِمْ تَسْلَمْ قَالَ كَيْفَ أَصْنَعُ بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى قَالَ فَسَمِعَهُ عُمَرُ فَقَالَ لَوْ كُنْتَ خَارِجًا مِنَ الْقُبَّةِ مَا قُلْتَهَا أَبَدًا فَأَسْلَمَ أَبُو سُفْيَانَ فَذَهَبَ بِهِ الْعَبَّاسُ إِلَى مَنْزِلِهِ فَلَمَّا أَصْبَحَ وَرَأَى مُبَادَرَةَ النَّاسِ إِلَى الصَّلَاةِ أَسْلَمَ .

     قَوْلُهُ  احْبِسْ أَبَا سُفْيَانَ فِي رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ أَنَّ الْعَبَّاسَ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا آمَنُ أَنْ يَرْجِعَ أَبُو سُفْيَانَ فَيَكْفُرَ فَاحْبِسْهُ حَتَّى تُرِيَهُ جُنُودَ اللَّهِ فَفَعَلَ فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ أَغَدْرًا يَا بَنِي هَاشِمٍ قَالَ الْعَبَّاسُ لَا وَلَكِنْ لِي إِلَيْكَ حَاجَةٌ فَتُصْبِحَ فَتَنْظُرَ جُنُودَ اللَّهِ لِلْمُشْرِكِينَ وَمَا أَعَدَّ اللَّهُ لِلْمُشْرِكِينَ فَحَبَسَهُ بِالْمَضِيقِ دُونَ الْأَرَاكِ حَتَّى أَصْبَحُوا .

     قَوْلُهُ  عِنْدَ خَطْمِ الْجَبَلِ فِي رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ وَالْقَابِسِيِّ بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالْجِيمِ وَالْمُوَحَّدَةِ أَيْ أَنْفِ الْجَبَلِ وَهِي رِوَايَة بن إِسْحَاقَ وَغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْمَغَازِي وَفِي رِوَايَةِ الْأَكْثَرِ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ مِنَ اللَّفْظَةِ الْأُولَى وَبِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ أَيِ ازْدِحَامِهَا وَإِنَّمَا حَبَسَهُ هُنَاكَ لِكَوْنِهِ مَضِيقًا لِيَرَى الْجَمِيعَ وَلَا يَفُوتُهُ رُؤْيَةَ أَحَدٍ مِنْهُمْ .

     قَوْلُهُ  فَجَعَلَتِ الْقَبَائِلُ تَمُرُّ فِي رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ وَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنَادِيًا يُنَادِي لِتُظْهِرْ كُلُّ قَبِيلَةٍ مَا مَعَهَا مِنَ الْأَدَاةِ وَالْعُدَّةِ وَقَدَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكَتَائِبَ فَمَرَّتْ كَتِيبَةٌ فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ يَا عَبَّاسُ أَفِي هَذِهِ مُحَمَّدٌ قَالَ لَا قَالَ فَمَنْ هَؤُلَاءِ قَالَ قُضَاعَةُ ثُمَّ مَرَّتِ الْقَبَائِلُ فَرَأَى أَمْرًا عَظِيمًا أَرْعَبَهُ .

     قَوْلُهُ  كَتِيبَةً كَتِيبَةً بِمُثَنَّاةٍ وَزْنُ عَظِيمَةٍ وَهِيَ الْقِطْعَةُ مِنَ الْجَيْشِ فَعَيْلَةٌ مِنَ الْكَتْبِ بِفَتْحٍ ثُمَّ سُكُونٍ وَهُوَ الْجَمْعُ قَوْله مَالِي وَلِغِفَارٍ ثُمَّ مَرَّتْ جُهَيْنَةُ قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ وَفِي مُرْسَلِ أَبِي سَلَمَةَ مَرَّتْ جُهَيْنَةُ فَقَالَ أَيْ عَبَّاسٌ مَنْ هَؤُلَاءِ قَالَ هَذِهِ جُهَيْنَةُ قَالَ مَا لِي وَلِجُهَيْنَةَ وَاللَّهِ مَا كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ حَرْبٌ قَطُّ وَالْمَذْكُورُ فِي مُرْسَلِ عُرْوَةَ هَذَا مِنَ الْقَبَائِلِ غِفَارٌ وَجُهَيْنَةُ وَسَعْدُ بْنُ هُذَيْمٍ وَسُلَيْمٌ وَفِي مُرْسَلِ أَبِي سَلَمَةَ مِنَ الزِّيَادَةِ أَسْلَمُ وَمُزَيْنَةُ وَلَمْ يَذْكُرْ سَعْدُ بْنُ هُذَيْمٍ وَهُمْ مِنْ قُضَاعَةَ وَقَدْ ذَكَرَ قُضَاعَةَ عِنْدَ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ وَسَعْدُ بْنُ هُذَيْمٍ الْمَعْرُوفُ فِيهَا سَعْدُ هُذَيْمٍ بِالْإِضَافَةِ وَيَصِحُّ الْآخَرُ عَلَى الْمَجَازِ وَهُوَ سَعْدُ بْنُ زَيْدٍ بن لَيْث بن سود بِضَم الْمُهْملَة بن أسلم بِضَم اللَّام بن الحاف بِمُهْملَة وَفَاء بن قُضَاعَةَ وَفِي سَعْدِ هُذَيْمٍ طَوَائِفُ مِنَ الْعَرَبِ مِنْهُمْ بَنُو ضِنَةَ بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ ثُمَّ نُونٍ وَبَنُو عُذْرَةَ وَهِيَ قَبِيلَةٌ كَبِيرَةٌ مَشْهُورَةٌ وَهُذَيْمٌ الَّذِي نُسِبَ إِلَيْهِ سَعْدٌ عَبْدٌ كَانَ رَبَّاهُ فَنُسِبَ إِلَيْهِ وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ فِي الْقَبَائِلِ أَيْضًا أَشْجَعَ وَأَسْلَمَ وَتَمِيمًا وَفَزَارَةَ .

     قَوْلُهُ  مَعَهُ الرَّايَةُ أَيْ رَايَةُ الْأَنْصَارِ وَكَانَتْ رَايَةُ الْمُهَاجِرِينَ مَعَ الزُّبَيْرِ كَمَا سَيَأْتِي .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ يَا أَبَا سُفْيَانَ الْيَوْمُ يَوْمُ الْمَلْحَمَةِ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ يَوْمُ حَرْبٍ لَا يُوجَدُ مِنْهُ مُخَلِّصٌ أَيْ يَوْمُ قَتْلٍ يُقَالُ لَحَمَ فُلَانٌ فُلَانًا إِذَا قَتَلَهُ .

     قَوْلُهُ  الْيَوْمُ تُسْتَحَلُّ الْكَعْبَةُ فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ يَا عَبَّاسُ حَبَّذَا يَوْمُ الذِّمَارِ وَكَذَا وَقَعَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ مُخْتَصَرًا وَمُرَادُ سَعْدٍ بِقَوْلِهِ يَوْمُ الْمَلْحَمَةِ يَوْمُ الْمَقْتَلَةِ الْعُظْمَى وَمُرَادُ أَبِي سُفْيَانَ بِقَوْلِهِ يَوْمُ الذِّمَارِ وَهُوَ بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَتَخْفِيفِ الْمِيمِ أَيِ الْهَلَاكُ قَالَ الْخَطَّابِيُّ تَمَنَّى أَبُو سُفْيَانَ أَنْ يَكُونَ لَهُ يَدٌ فَيَحْمِي قَوْمَهُ وَيَدْفَعُ عَنْهُمْ وَقِيلَ الْمُرَادُ هَذَا يَوْمُ الْغَضَبِ لِلْحَرِيمِ وَالْأَهْلِ وَالِانْتِصَارِ لَهُمْ لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ وَقِيلَ الْمُرَادُ هَذَا يَوْمُ يَلْزَمُكَ فِيهِ حِفْظِي وَحِمَايَتِي مِنْ أَن ينالني مَكْرُوه قَالَ بن إِسْحَاقَ زَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ سَعْدًا قَالَ الْيَوْمُ يَوْمُ الْمَلْحَمَةِ الْيَوْمُ تُسْتَحَلُّ الْحُرْمَةُ فَسَمِعَهَا رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ فَقَالَ يَا رَسُولَ الله مَا آمَنُ أَنْ يَكُونَ لِسَعْدٍ فِي قُرَيْشٍ صَوْلَةٌ فَقَالَ لِعَلِيٍّ أَدْرِكْهُ فَخُذِ الرَّايَةَ مِنْهُ فَكُنْ أَنْت تدخل بهَا قَالَ بن هِشَامٍ الرَّجُلُ الْمَذْكُورُ هُوَ عُمَرُ.

قُلْتُ وَفِيهِ بُعْدٌ لِأَنَّ عُمَرَ كَانَ مَعْرُوفًا بِشِدَّةِ الْبَأْسِ عَلَيْهِمْ وَقَدْ رَوَى الْأُمَوِيُّ فِي الْمَغَازِي أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا حَاذَاهُ أُمِرْتُ بِقَتْلِ قَوْمِكَ قَالَ لَا فَذَكَرَ لَهُ مَا قَالَهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ ثُمَّ نَاشَدَهُ اللَّهَ وَالرَّحِمَ فَقَالَ يَا أَبَا سُفْيَانَ الْيَوْمُ يَوْمُ الْمَرْحَمَةِ الْيَوْمُ يَعِزُّ اللَّهُ قُرَيْشًا وَأَرْسَلَ إِلَى سَعْدٍ فَأَخَذَ الرَّايَةَ مِنْهُ فَدَفعهَا إِلَى ابْنه قيس وَعند بن عَسَاكِرَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ لَمَّا قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ ذَلِكَ عَارَضَتِ امْرَأَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا نَبِيَّ الْهُدَى إِلَيْكَ لَجَا حَيُّ قُرَيْشٍ وَلَاتَ حِينَ لَجَاءٍ حِينَ ضَاقَتْ عَلَيْهِمْ سَعَةُ الْأَرضِ وَعَادَاهُمْ إِلَهُ السَّمَاءِ إِنَّ سَعْدًا يُرِيدُ قَاصِمَةَ الظَّهْرِ بِأَهْلِ الْحُجُونِ وَالْبَطْحَاءِ فَلَمَّا سَمِعَ هَذَا الشِّعْرَ دَخَلَتْهُ رَأْفَةٌ لَهُمْ وَرَحْمَةٌ فَأَمَرَ بِالرَّايَةِ فَأُخِذَتْ مِنْ سَعْدٍ وَدُفِعَتْ إِلَى ابْنِهِ قَيْسٍ وَعِنْدَ أَبِي يَعْلَى مِنْ حَدِيثِ الزُّبَيْرِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَفَعَهَا إِلَيْهِ فَدَخَلَ مَكَّةَ بِلِوَاءَيْنِ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ جِدًّا لَكِنْ جَزَمَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ فِي الْمَغَازِي عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ دَفَعَهَا إِلَى الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ فِيمَنْ دُفِعَتْ إِلَيْهِ الرَّايَةُ الَّتِي نُزِعَتْ مِنْ سَعْدٍ وَالَّذِي يَظْهَرُ فِي الْجَمْعِ أَنَّ عَلِيَّا أُرْسِلَ بِنَزْعِهَا وَأَنْ يَدْخُلَ بِهَا ثُمَّ خَشِيَ تَغَيُّرَ خَاطِرِ سَعْدٍ فَأَمَرَ بِدَفْعِهَا لِابْنِهِ قَيْسٍ ثُمَّ إِنَّ سَعْدًا خَشِيَ أَنْ يَقَعَ مِنَ ابْنِهِ شَيْءٌ يُنْكِرُهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْهُ فَحِينَئِذٍ أَخَذَهَا الزُّبَيْرُ وَهَذِهِ الْقِصَّةُ الْأَخِيرَةُ قَدْ ذَكَرَهَا الْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَلَفْظُهُ كَانَ قَيْسٌ فِي مُقَدِّمَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم لماقدم مَكَّةَ فَكَلَّمَ سَعْدٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَصْرِفَهُ عَنِ الْمَوْضِعِ الَّذِي فِيهِ مَخَافَةَ أَنْ يَقْدُمَ عَلَى شَيْءٍ فَصَرَفَهُ عَنْ ذَلِكَ وَالشِّعْرُ الَّذِي أَنْشَدَتْهُ الْمَرْأَةُ ذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّهُ لِضِرَارِ بْنِ الْخَطَّابِ الْفِهْرِيِّ وَكَأَنَّهُ أَرْسَلَ بِهِ الْمَرْأَةَ لِيَكُونَ أَبْلَغَ فِي الْمُعَاطَفَةِ عَلَيْهِمْ وَسَيَأْتِي فِي حَدِيثِ الْبَابِ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ شَكَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قَالَ سَعْدٌ فَقَالَ كَذَبَ سَعْدٌ أَيْ أَخْطَأَ وَذَكَرَ الْأُمَوِيُّ فِي الْمَغَازِي أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ لَمَّا قَالَ الْيَوْمُ تُسْتَحَلُّ الْحُرْمَةُ الْيَوْمُ أَذَلَّ اللَّهُ قُرَيْشًا فَحَاذَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا سُفْيَانَ لَمَّا مَرَّ بِهِ فَنَادَاهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أُمِرْتَ بِقَتْلِ قَوْمِكَ وَذَكَرَ لَهُ قَوْلَ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ ثُمَّ قَالَ لَهُ أَنْشُدُكَ اللَّهَ فِي قَوْمِكَ فَأَنْتَ أَبَرُّ النَّاسِ وَأَوْصَلُهُمْ فَقَالَ يَا أَبَا سُفْيَانَ الْيَوْمُ يَوْمُ الْمَرْحَمَةِ الْيَوْمُ يَعِزُّ اللَّهُ فِيهِ قُرَيْشًا فَأَرْسَلَ إِلَى سَعْدٍ فَأَخَذَ اللِّوَاءَ مِنْ يَدِهِ فَجَعَلَهُ فِي يَدِ ابْنِهِ قَيْسٍ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ جَاءَتْ كَتِيبَةٌ وَهِيَ أَقَلُّ الْكَتَائِبِ أَيْ أَقَلُّهَا عَدَدًا قَالَ عِيَاضٌ وَقَعَ لِلْجَمِيعِ بِالْقَافِ وَوَقَعَ فِي الْجَمْعِ لِلْحُمَيْدِيِّ أَجَلُّ بِالْجِيمِ وَهِيَ أَظْهَرُ وَلَا يَبْعُدُ صِحَّةُ الْأُولَى لِأَنَّ عَدَدَ الْمُهَاجِرِينَ كَانَ أَقَلَّ مِنْ عَدَدِ غَيْرِهِمْ مِنَ الْقَبَائِلِ .

     قَوْلُهُ  وَرَايَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ فَلَمَّا مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَبِي سُفْيَانَ قَالَ أَلَمْ تَعْلَمْ مَا قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ لَمْ يَكْتَفِ أَبُو سُفْيَانَ بِمَا دَارَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَبَّاسِ حَتَّى شَكَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ كَذَبَ سَعْدٌ فِيهِ إِطْلَاقُ الْكَذِبِ عَلَى الْإِخْبَارِ بِغَيْرِ مَا سَيَقَعُ وَلَوْ كَانَ قَائِلُهُ بَنَاهُ عَلَى غَلَبَةِ ظَنِّهِ وَقُوَّةِ الْقَرِينَةِ .

     قَوْلُهُ  يَوْمٌ يُعَظِّمُ فِيهِ الْكَعْبَةُ يُشِيرُ إِلَى مَا وَقَعَ مِنْ إِظْهَارِ الْإِسْلَامِ وَأَذَانِ بِلَالٍ عَلَى ظَهْرِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا أُزِيلَ عَنْهَا مِمَّا كَانَ فِيهَا مِنَ الْأَصْنَامِ وَمَحْوِ مَا فِيهَا مِنَ الصُّوَرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  وَيَوْمٌ تُكْسَى فِيهِ الْكَعْبَةُ قِيلَ إِنَّ قُرَيْشًا كَانُوا يَكْسُونَ الْكَعْبَةَ فِي رَمَضَانَ فَصَادَفَ ذَلِكَ الْيَوْمَ أَوِ الْمُرَادُ بِالْيَوْمِ الزَّمَانُ كَمَا قَالَ يَوْمَ الْفَتْحِ فَأَشَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَكْسُوهَا فِي ذَلِكَ الْعَامِ وَوَقَعَ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تركز رَايَتُهُ بِالْحَجُونِ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَضَمِّ الْجِيمِ الْخَفِيفَةِ هُوَ مَكَانٌ مَعْرُوفٌ بِالْقُرْبِ مِنْ مَقْبَرَةِ مَكَّةَ قَالَ عُرْوَةُ فَأَخْبَرَنِي نَافِعُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ سَمِعْتُ الْعَبَّاسَ يَقُولُ لِلزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوام يَا أَبَا عبد الله هَا هُنَا أَمَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُرْكِزَ الرَّايَةَ وَهَذَا السِّيَاقُ يُوهِمُ أَنَّ نَافِعًا حَضَرَ الْمَقَالَةَ الْمَذْكُورَةَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا صُحْبَةَ لَهُ وَلَكِنَّهُ مَحْمُولٌ عِنْدِي عَلَى أَنَّهُ سَمِعَ الْعَبَّاسُ يَقُولُ لِلزُّبَيْرِ ذَلِكَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي حَجَّةٍ اجْتَمَعُوا فِيهَا إِمَّا فِي خِلَافَةِ عُمَرَ أَوْ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ سَمِعْتُ الْعَبَّاسَ يَقُولُ.

قُلْتُ لِلزُّبَيْرِ إِلَخْ فَحُذِفَتْ.

قُلْتُ .

     قَوْلُهُ  قَالَ وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَائِلُ ذَلِكَ هُوَ عُرْوَةُ وَهُوَ مِنْ بَقِيَّةِ الْخَبَرِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْإِرْسَالِ فِي الْجَمِيعِ إِلَّا فِي الْقَدْرِ الَّذِي صَرَّحَ عُرْوَةُ بِسَمَاعِهِ لَهُ مِنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ.
وَأَمَّا بَاقِيهِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عُرْوَةُ تَلَقَّاهُ عَنْ أَبِيهِ أَوْ عَنِ الْعَبَّاسِ فَإِنَّهُ أَدْرَكَهُ وَهُوَ صَغِيرٌ أَوْ جَمَعَهُ مِنْ نَقْلِ جَمَاعَةٍ لَهُ بِأَسَانِيدَ مُخْتَلِفَةٍ وَهُوَ الرَّاجِحُ .

     قَوْلُهُ  وَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ أَنْ يَدْخُلَ مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ مِنْ كَدَاءٍ أَيْ بِالْمَدِّ وَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ كَدَا أَيْ بِالْقَصْرِ وَهَذَا مُخَالِفٌ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الْآتِيَةِ أَنَّ خَالِدًا دَخَلَ مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم من أَعْلَاهَا وَكَذَا جزم بن إِسْحَاقَ أَنَّ خَالِدًا دَخَلَ مِنْ أَسْفَلَ وَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَعْلَاهَا وَضُرِبَتْ لَهُ هُنَاكَ قُبَّةٌ وَقَدْ سَاقَ ذَلِكَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ سِيَاقًا وَاضِحًا فَقَالَ وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ عَلَى الْمُهَاجِرِينَ وَخَيْلِهِمْ وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْخُلَ مِنْ كَدَاءٍ مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ وَأَمَرَهُ أَنْ يَغْرِزَ رَايَتَهُ بِالْحَجُونِ وَلَا يَبْرَحَ حَتَّى يَأْتِيَهُ وَبَعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ فِي قَبَائِلِ قُضَاعَةٍ وَسُلَيْمٍ وَغَيْرِهِمْ وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْخُلَ مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ وَأَنْ يَغْرِزَ رَايَتَهُ عِنْدَ أَدْنَى الْبُيُوتِ وَبَعَثَ سَعْدَ بْنَ عِبَادَةَ فِي كَتِيبَةِ الْأَنْصَارِ فِي مُقَدِّمَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ وَلَا يُقَاتِلُوا إِلَّا مَنْ قَاتَلَهُمْ وَعِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ بِإِسْنَادٍ حسن من حَدِيث بن عُمَرَ قَالَ لَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفَتْحِ رَأَى النِّسَاءَ يَلْطِمْنَ وُجُوهَ الْخَيْلِ بِالْخُمُرِ فَتَبَسَّمَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ يَا أَبَا بَكْرٍ كَيْفَ قَالَ حَسَّانُ فَأَنْشَدَهُ قَوْلَهُ عَدِمْتُ بُنَيَّتِي إِنْ لَمْ تَرَوْهَا تُثِيرُ النَّقْعَ مَوْعِدُهَا كَدَاءٌ يُنَازِعْنَ الْأَسِنَّةَ مُسْرَجَاتٍ يُلَطِّمُهُنَّ بِالْخُمُرِ النِّسَاءُ فَقَالَ أَدْخِلُوهَا مِنْ حَيْثُ قَالَ حَسَّانُ .

     قَوْلُهُ  فَقُتِلَ مِنْ خَيْلِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ رَجُلَانِ حُبَيْشٌ بِمُهْمَلَةٍ ثُمَّ مُوَحَّدَةٍ ثُمَّ مُعْجَمَةٍ وَعند بن إِسْحَاق بِمُعْجَمَة وَنون ثمَّ مُهْملَة مصغر بن الْأَشْعَرِ وَهُوَ لَقَبٌ وَاسْمُهُ خَالِدُ بْنُ سَعْدِ بْنِ مُنْقِذِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ أَخْزَمَ الْخُزَاعِيُّ وَهُوَ أَخُو أُمِّ مَعْبَدٍ الَّتِي مَرَّ بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُهَاجِرًا وَرَوَى الْبَغَوِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ وَآخَرُونَ قِصَّتَهَا مِنْ طَرِيقِ حِزَامِ بْنِ هِشَامِ بْنِ حُبَيْشٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ وَعَنْ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ حَدَّثَنَا حِزَامُ بْنُ هِشَامِ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ شَهِدَ جَدِّي الْفَتْحَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

     قَوْلُهُ  وَكُرْزٍ بِضَمِّ الْكَافِ وَسُكُون الرَّاء بعْدهَا زاى هُوَ بن جَابِرِ بْنِ حِسْلِ بِمُهْمَلَتَيْنِ بِكَسْرٍ ثُمَّ سُكُونٍ بن الأحب بِمُهْملَة مَفْتُوحَة وموحدة مُشَدّدَة بن حَبِيبٍ الْفِهْرِيُّ وَكَانَ مِنْ رُؤَسَاءِ الْمُشْرِكِينَ وَهُوَ الَّذِي أَغَارَ عَلَى سَرْحِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ الْأُولَى ثُمَّ أَسْلَمَ قَدِيمًا وَبَعَثَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طَلَبِ العرنيين وَذكر بن إِسْحَاقَ أَنَّ هَذَيْنَ الرَّجُلَيْنِ سَلَكَا طَرِيقًا فَشَذَّا عَنْ عَسْكَرِ خَالِدٍ فَقَتَلَهُمَا الْمُشْرِكُونَ يَوْمَئِذٍ وَذَكَرَ بن إِسْحَاقَ أَنَّ أَصْحَابَ خَالِدٍ لَقُوا نَاسًا مِنْ قُرَيْشٍ مِنْهُمْ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو وَصَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ كَانُوا تَجَمَّعُوا بِالْخَنْدَمَةِ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالنُّونِ مَكَانٍ أَسْفَلَ مَكَّةَ لِيُقَاتِلُوا الْمُسْلِمِينَ فَنَاوَشُوهُمْ شَيْئًا مِنَ الْقِتَالِ فَقُتِلَ مِنْ خَيْلِ خَالِدٍ مَسْلَمَةُ بْنُ الْمَيْلَاءِ الْجُهَنِيُّ وَقُتِلَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا أَوْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَانْهَزَمُوا وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ حَمَّاسُ بْنُ قَيْسِ بْنِ خَالِد الْبكْرِيّ قَالَ بن هِشَام وَيُقَال هِيَ للمرعاش الْهُذَلِيِّ يُخَاطِبُ امْرَأَتَهُ حِينَ لَامَتْهُ عَلَى الْفِرَارِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِنَّكِ لَوْ شَهِدْتِ يَوْمَ الْخَنْدَمَهْ إِذْ فَرَّ صَفْوَانُ وَفَرَّ عِكْرِمَهْ وَاسْتَقْبَلَتْنَا بِالسُّيُوفِ الْمُسْلِمَهْ يَقْطَعْنَ كُلَّ سَاعِدٍ وَجُمْجُمَهْ ضَرْبًا فَلَا يُسْمَعُ إِلَّا غَمْغَمَهْ لَمْ تَنْطِقِي فِي اللُّوَّمِ أَدْنَى كَلِمَهْ وَعِنْدَ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ وَانْدَفَعَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ حَتَّى دَخَلَ مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ وَقَدْ تَجَمَّعَ بِهَا بَنُو بَكْرٍ وَبَنُو الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةٍ وَنَاسٌ مِنْ هُذَيْلٍ وَمِنَ الْأَحَابِيشِ الَّذِينَ اسْتَنْصَرَتْ بِهِمْ قُرَيْشٌ فَقَاتَلُوا خَالِدًا فَقَاتَلَهُمْ فَانْهَزَمُوا وَقُتِلَ مِنْ بَنِي بَكْرٍ نَحْوُ عِشْرِينَ رَجُلًا وَمِنْ هُذَيْلٍ ثَلَاثَةٌ أَوْ أَرْبَعَة حَتَّى انْتهى بهم الْقَتْل إِلَى الجزورة إِلَى بَابِ الْمَسْجِدِ حَتَّى دَخَلُوا فِي الدُّورِ وَارْتَفَعت طَائِفَة مِنْهُم علىالجبال وَصَاحَ أَبُو سُفْيَانَ مَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ وَكَفَّ يَدَهُ فَهُوَ آمِنٌ قَالَ وَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْبَارِقَةِ فَقَالَ مَا هَذَا وَقَدْ نُهِيتُ عَنِ الْقِتَالِ فَقَالُوا نَظُنُّ أَنَّ خَالِدًا قُوتِلَ وَبُدِئَ بِالْقِتَالِ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ بُدٌّ مِنْ أَنْ يُقَاتِلَ ثُمَّ قَالَ.

     وَقَالَ  رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ أَنِ اطْمَأَنَّ لِخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ لِمَ قَاتَلْتَ وَقَدْ نَهَيْتُكَ عَنِ الْقِتَالِ فَقَالَ هم بدأونا بِالْقِتَالِ وَوَضَعُوا فِينَا السِّلَاحَ وَقَدْ كَفَفْتُ يَدَيَّ مَا اسْتَطَعْتُ فَقَالَ قَضَاءُ اللَّهِ خَيْرٌ وَذَكَرَ بن سَعْدٍ أَنَّ عِدَّةَ مَنْ أُصِيبَ مِنَ الْكُفَّارِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ رَجُلًا وَمِنْ هُذَيْلٍ خَاصَّةً أَرْبَعَةٌ وَقِيلَ مَجْمُوعُ مَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رجلا وروى الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث بن عَبَّاسٍ قَالَ خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ مَكَّةَ الْحَدِيثَ فَقِيلَ لَهُ هَذَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ يَقْتُلُ فَقَالَ قُمْ يَا فُلَانُ فَقُلْ لَهُ فَلْيَرْفَعِ الْقَتْلَ فَأَتَاهُ الرَّجُلُ فَقَالَ لَهُ إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ يَقُولُ لَكَ اقْتُلْ مَنْ قَدَرْتَ عَلَيْهِ فَقَتَلَ سَبْعِينَ ثُمَّ اعْتَذَرَ الرَّجُلُ إِلَيْهِ فَسَكَتَ قَالَ وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أُمَرَاءَهُ أَنْ لَا يَقْتُلُوا إِلَّا مَنْ قَاتَلَهُمْ غَيْرَ أَنَّهُ أَهْدَرَ دَمَ نَفَرٍ سَمَّاهُمْ وَقَدْ جَمَعْتُ أَسْمَاءَهُمْ مِنْ مُفَرَّقَاتِ الْأَخْبَارِ وَهُمْ عَبْدُ الْعُزَّى بْنُ خَطَلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ وَعِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ وَالْحُوَيْرِثُ بْنُ نُقَيْدٍ بِنُونٍ وَقَافٍ مُصَغَّرٌ وَمَقِيسُ بْنُ صُبَابَةِ بِمُهْمَلَةٍ مَضْمُومَةٍ وَمُوَحَّدَتَيْنِ الْأُولَى خَفِيفَةٌ وَهَبَّارُ بْنُ الْأَسْوَدِ وَقَيْنَتَانِ كَانَتَا لِابْنِ خَطَلٍ كَانَتَا تُغَنِّيَانِ بِهَجْوِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَارَةُ مَوْلَاةُ بَنِي الْمُطَّلِبِ وَهِيَ الَّتِي وُجِدَ مَعَهَا كِتَابُ حَاطِب فاما بن أَبِي سَرْحٍ فَكَانَ أَسْلَمَ ثُمَّ ارْتَدَّ ثُمَّ شَفَعَ فِيهِ عُثْمَانُ يَوْمَ الْفَتْحِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَقَنَ دَمَهُ وَقَبِلَ إِسْلَامَهُ.
وَأَمَّا عِكْرِمَةُ فَفَرَّ إِلَى الْيَمَنِ فَتَبِعَتْهُ امْرَأَتُهُ أُمُّ حَكِيمٍ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ فَرَجَعَ مَعَهَا بِأَمَانٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَأَمَّا الْحُوَيْرِثُ فَكَانَ شَدِيدَ الْأَذَى لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ فَقَتَلَهُ عَلِيٌّ يَوْمَ الْفَتْحِ.
وَأَمَّا مَقِيسٌ بْنُ صُبَابَةَ فَكَانَ أَسْلَمَ ثُمَّ عَدَا عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَتَلَهُ وَكَانَ الْأَنْصَارِيُّ قَتَلَ أَخَاهُ هِشَامًا خَطَأً فَجَاءَ مَقِيسٌ فَأَخَذَ الدِّيَةَ ثُمَّ قَتَلَ الْأَنْصَارِيَّ ثُمَّ ارْتَدَّ فَقَتَلَهُ نُمَيْلَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يَوْمَ الْفَتْحِ.
وَأَمَّا هَبَّارٌ فَكَانَ شَدِيدَ الْأَذَى لِلْمُسْلِمِينَ وَعَرَضَ لِزَيْنَبَ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا هَاجَرَتْ فَنَخَسَ بَعِيرَهَا فَأُسْقِطَتْ وَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ الْمَرَضُ بِهَا حَتَّى مَاتَتْ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْفَتْحِ بَعْدَ أَنْ أَهْدَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَمَهُ أَعْلَنَ بِالْإِسْلَامِ فَقَبِلَ مِنْهُ فَعَفَا عَنْهُ.
وَأَمَّا الْقَيْنَتَانِ فَاسْمُهُمَا فَرْتَنَى وَقَرِينَةُ فَاسْتُؤْمِنَ لِإِحْدَاهُمَا فَأَسْلَمَتْ وَقُتِلَتِ الْأُخْرَى.
وَأَمَّا سَارَةُ فَأَسْلَمَتْ وَعَاشَتْ إِلَى خِلَافَةِ عُمَرَ.

     وَقَالَ  الْحُمَيْدِيُّ بَلْ قُتِلَتْ وَذَكَرَ أَبُو مَعْشَرٍ فِيمَنْ أَهْدَرَ دَمَهُ الْحَارِثَ بْنَ طَلَاطِلَ الْخُزَاعِيَّ قَتَلَهُ عَلِيٌّ وَذكر غير بن إِسْحَاقَ أَنَّ فَرْتَنَى هِيَ الَّتِي أَسْلَمَتْ وَأَنَّ قرينَة قتلت وَذَكَرَ الْحَاكِمُ أَيْضًا مِمَّنْ أَهْدَرَ دَمَهُ كَعْبَ بْنَ زُهَيْرٍ وَقِصَّتُهُ مَشْهُورَةٌ وَقَدْ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَسْلَمَ وَمَدَحَ وَوَحْشِيَّ بْنَ حَرْبٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَأْنُهُ فِي غَزْوَةِ أُحُدٍ وَهِنْدَ بِنْتَ عُتْبَةَ امْرَأَةَ أَبِي سُفْيَانَ وَقَدْ أَسْلَمَتْ وَأَرْنَبَ مولاة بن خَطَلٍ أَيْضًا قُتِلَتْ وَأُمَّ سَعْدٍ قُتِلَتْ فِيمَا ذكر بن إِسْحَاقَ فَكَمُلَتِ الْعِدَّةُ ثَمَانِيَةَ رِجَالٍ وَسِتَّ نِسْوَةٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ أَرْنَبُ وَأُمُّ سَعْدٍ هُمَا الْقَيْنَتَانِ اخْتُلِفَ فِي اسْمِهِمَا أَوْ بِاعْتِبَارِ الْكُنْيَةِ وَاللَّقَبِ.

قُلْتُ وَسَيَأْتِي فِي حَدِيثِ أَنَسٍ فِي هَذَا الْبَاب ذكر بن خَطَلٍ وَرَوَى أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ بَعَثَ عَلَى إِحْدَى الْجَنْبَتَيْنِ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ وَبَعَثَ الزُّبَيْرَ عَلَى الْأُخْرَى وَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ عَلَى الْحُسَّرِ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ أَيِ الَّذِينَ بِغَيْرِ سِلَاحٍ فَقَالَ لِي يَا أَبَا هُرَيْرَةَ اهْتِفْ لِي بِالْأَنْصَارِ فَهَتَفَ بهم فجاؤوا فَأَطَافُوا بِهِ فَقَالَ لَهُمْ أَتَرَوْنَ إِلَى أَوْبَاشِ قُرَيْشٍ وَأَتْبَاعِهِمْ ثُمَّ قَالَ بِإِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى احْصُدُوهُمْ حَصْدًا حَتَّى تُوَافُونِي بِالصَّفَا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَانْطَلَقْنَا فَمَا نَشَاءُ أَنْ نَقْتُلَ أَحَدًا مِنْهُمْ إِلَّا قَتَلْنَاهُ فَجَاءَ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أُبِيحَتْ خَضْرَاءُ قُرَيْشٍ لَا قُرَيْشَ بَعْدَ الْيَوْمِ قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ وَقَدْ تَمَسَّكَ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ مَنْ قَالَ إِنَّ مَكَّةَ فُتِحَتْ عَنْوَةً وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ وَعَنِ الشَّافِعِيِّ وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهَا فُتِحَتْ صُلْحًا لَمَّا وَقَعَ هَذَا التَّأْمِينُ وَلِإِضَافَةِ الدُّورِ إِلَى أَهْلِهَا وَلِأَنَّهَا لَمْ تُقْسَمْ وَلِأَنَّ الْغَانِمِينَ لَمْ يَمْلِكُوا دُورَهَا وَإِلَّا لَجَازَ إِخْرَاجُ أَهْلِ الدُّورِ مِنْهَا وَحُجَّةُ الْأَوَّلِينَ مَا وَقَعَ مِنَ التَّصْرِيحِ مِنَ الْأَمْرِ بِالْقِتَالِ وَوُقُوعِهِ مِنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَبِتَصْرِيحِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّهَا أُحِلَّتْ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ وَنَهْيِهِ عَنِ التَّأَسِّي بِهِ فِي ذَلِكَ وَأَجَابُوا عَن ترك الْقِسْمَة بِأَنَّهَا لاتستلزم عَدَمَ الْعَنْوَةِ فَقَدْ تُفْتَحُ الْبَلَدُ عَنْوَةً وَيَمُنُّ عَلَى أَهْلِهَا وَيَتْرُكُ لَهُمْ دُورَهَمْ وَغَنَائِمَهُمْ لِأَنَّ قِسْمَةَ الْأَرْضِ الْمَغْنُومَةِ لَيْسَتْ مُتَّفَقًا عَلَيْهَا بَلِ الْخِلَافُ ثَابِتٌ عَنِ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ وَقَدْ فُتِحَتْ أَكْثَرُ الْبِلَادِ عَنْوَةً فَلَمْ تُقْسَمْ وَذَلِكَ فِي زَمَنِ عُمَرَ وَعُثْمَانَ مَعَ وُجُودِ أَكْثَرِ الصَّحَابَةِ وَقَدْ زَادَتْ مَكَّةُ عَنْ ذَلِكَ بِأَمْرٍ يُمْكِنُ أَنْ يَدَّعِي اخْتِصَاصَهَا بِهِ دُونَ بَقِيَّةِ الْبِلَادِ وَهِيَ أَنَّهَا دَارُ النُّسُكِ وَمُتَعَبَّدُ الْخَلْقِ وَقَدْ جَعَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى حَرَمًا سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالَبَادِ.
وَأَمَّا قَوْلُ النَّوَوِيُّ احْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِالْأَحَادِيثِ الْمَشْهُورَةِ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَالَحَهُمْ بِمَرِّ الظَّهْرَانِ قَبْلَ دُخُولِ مَكَّةَ فَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ إِنْ كَانَ مُرَادُهُ مَا وَقَعَ لَهُ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ كَمَا تَقَدَّمَ وَكَذَا من دخل الْمَسْجِد كَمَا عِنْد بن إِسْحَاقَ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى صُلْحًا إِلَّا إِذَا الْتَزَمَ مَنْ أُشِيرَ إِلَيْهِ بِذَلِكَ الْكَفِّ عَنِ الْقِتَالِ وَالَّذِي وَرَدَ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ قُرَيْشًا لَمْ يَلْتَزِمُوا ذَلِكَ لِأَنَّهُمُ اسْتَعَدُّوا لِلْحَرْبِ كَمَا ثَبَتَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَنَّ قُرَيْشًا وَبَّشَتْ أَوْبَاشًا لَهَا وَأَتْبَاعًا فَقَالُوا نُقدِّمُ هَؤُلَاءِ فَإِنْ كَانَ لَهُمْ شَيْءٌ كُنَّا مَعَهُمْ وَإِنْ أُصِيبُوا أَعْطَيْنَاهُ الَّذِينَ سَأَلْنَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَرَوْنَ أَوْبَاشَ قُرَيْشٍ ثُمَّ قَالَ بِإِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى أَيِ احْصُدُوهُمْ حَصْدًا حَتَّى تُوَافُونِي عَلَى الصَّفَا قَالَ فَانْطَلَقْنَا فَمَا نَشَاءُ أَنْ نَقْتُلَ أَحَدًا إِلَّا قَتَلْنَاهُ وَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ بِالصُّلْحِ وُقُوعَ عَقْدٍ بِهِ فَهَذَا لَمْ يُنْقَلْ وَلَا أَظُنُّهُ عَنَى إِلَّا الِاحْتِمَالَ الْأَوَّلَ وَفِيهِ مَا ذَكَرْتُهُ وَتَمَسَّكَ أَيْضًا مَنْ قَالَ إِنَّه مُبْهَم بِمَا وَقع عِنْد بن إِسْحَاقَ فِي سِيَاقِ قِصَّةِ الْفَتْحِ فَقَالَ الْعَبَّاسُ لِعَلِيٍّ أَجِدُ بَعْضَ الْحَطَّابَةِ أَوْ صَاحِبَ لَبَنٍ أَوْ ذَا حَاجَةٍ يَأْتِي مَكَّةَ فَيُخْبِرُهُمْ بِمَكَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَخْرُجُوا إِلَيْهِ فَيَسْتَأْمِنُوهُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَهَا عَنْوَةً ثُمَّ قَالَ فِي الْقِصَّةِ بَعْدَ قِصَّةِ أَبِي سُفْيَانَ مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ وَمَنْ أَغْلَقَ عَلَيْهِ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ فَتَفَرَّقَ النَّاسُ إِلَى دُورِهِمْ وَإِلَى الْمَسْجِدِ وَعِنْدَ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ فِي الْمَغَازِي وَهِيَ أَصَحُّ مَا صُنِّفَ فِي ذَلِكَ عِنْدَ الْجَمَاعَةِ مَا نَصُّهُ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ وَحَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ قَالَا يَا رَسُولَ اللَّهِ كُنْتَ حَقِيقًا أَنْ تَجْعَلَ عُدَّتَكَ وَكَيْدَكَ بِهَوَازِنَ فَإِنَّهُمْ أَبْعَدُ رَحِمًا وَأَشَدُّ عَدَاوَةً فَقَالَ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَجْمَعَهُمَا اللَّهُ لِي فَتْحَ مَكَّةِ وَإِعْزَازَ الْإِسْلَامِ بِهَا وَهَزِيمَةَ هَوَازِنَ وَغَنِيمَةَ أَمْوَالِهِمْ فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ وَحَكِيمٌ فَادْعُ النَّاسَ بِالْأَمَانِ أَرَأَيْتَ إِنِ اعْتَزَلَتْ قُرَيْشٌ فَكَفَّتْ أَيْدِيَهَا أَآمِنُونَ هُمْ قَالَ مَنْ كَفَّ يَدَهُ وَأَغْلَقَ دَارَهُ فَهُوَ آمِنٌ قَالُوا فَابْعَثْنَا نُؤَذِّنْ بِذَلِكَ فِيهِمْ قَالَ انْطَلِقُوا فَمَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ وَمَنْ دَخَلَ دَارَ حَكِيمٍ فَهُوَ آمِنٌ وَدَارُ أَبِي سُفْيَانَ بِأَعْلَى مَكَّةَ وَدَارُ حَكِيمٍ بِأَسْفَلِهَا فَلَمَّا تَوَجَّهَا قَالَ الْعَبَّاسُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَا آمَنُ أَبَا سُفْيَانَ أَنْ يَرْتَدَّ فَرُدَّهُ حَتَّى تُرِيَهُ جُنُودَ اللَّهِ قَالَ افْعَلْ فَذَكَرَ الْقِصَّةَ وَفِي ذَلِكَ تَصْرِيحٌ بِعُمُومِ التَّأْمِينِ فَكَانَ هَذَا أَمَانًا مِنْهُ لِكُلِّ مَنْ لَمْ يُقَاتِلْ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ فَمِنْ ثَمَّ قَالَ الشَّافِعِيُّ كَانَتْ مَكَّةُ مَأْمُونَةً وَلَمْ يَكُنْ فَتْحُهَا عَنْوَةً وَالْأَمَانُ كَالصُّلْحِ.
وَأَمَّا الَّذِينَ تَعَرَّضُوا لِلْقِتَالِ أَوِ الَّذِينَ اسْتُثْنَوْا مِنَ الْأَمَانِ وَأَمَرَ أَنْ يُقْتَلُوا وَلَوْ تَعَلَّقُوا بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ فَلَا يَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ أَنَّهَا فُتِحَتْ عَنْوَةً وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي أَمْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْقِتَالِ وَبَيْنَ حَدِيثِ الْبَابِ فِي تَأْمِينِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمْ بِأَنْ يَكُونَ التَّأْمِينُ عُلِّقَ بِشَرْطٍ وَهُوَ تَرْكُ قُرَيْشٍ الْمُجَاهَرَةَ بِالْقِتَالِ فَلَمَّا تَفَرَّقُوا إِلَى دُورِهِمْ وَرَضُوا بِالتَّأْمِينِ الْمَذْكُورِ لَمْ يَسْتَلْزِمْ أَنَّ أَوْبَاشَهُمُ الَّذِينَ لَمْ يَقْبَلُوا ذَلِكَ وَقَاتَلُوا خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ وَمَنْ مَعَهُ فَقَاتَلَهُمْ حَتَّى قَتَلَهُمْ وَهَزَمَهُمْ أَنْ تَكُونُ الْبَلَدُ فُتِحَتْ عَنْوَةً لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْأُصُولِ لَا بِالْأَتْبَاعِ وَبِالْأَكْثَرِ لَا بِالْأَقَلِّ وَلَا خِلَافَ مَعَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يُجْرِ فِيهَا قَسْمَ غَنِيمَةٍ وَلَا سبى مِنْ أَهْلِهَا مِمَّنْ بَاشَرَ الْقِتَالَ أَحَدٌ وَهُوَ مِمَّا يُؤَيِّدُ قَوْلُ مَنْ قَالَ لَمْ يَكُنْ فَتْحُهَا عَنْوَةً وَعِنْدَ أَبِي دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ سُئِلَ هَلْ غَنِمْتُمْ يَوْمَ الْفَتْحِ شَيْئًا قَالَ لَا وَجَنَحَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمُ الْمَاوَرْدِيُّ إِلَى أَنَّ بَعْضَهَا فُتِحَ عَنْوَةً لِمَا وَقَعَ مِنْ قِصَّةِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ الْمَذْكُورَةِ وَقَرَّرَ ذَلِكَ الْحَاكِمُ فِي الْإِكْلِيلِ وَالْحَقُّ أَنَّ صُورَةَ فَتْحِهَا كَانَ عَنْوَةً وَمُعَامَلَةَ أَهْلِهَا مُعَامَلَةَ مَنْ دَخَلَتْ بِأَمَانٍ وَمَنَعَ جَمْعٌ مِنْهُمُ السُّهَيْلِيُّ تَرَتُّبَ عَدَمِ قِسْمَتِهَا وَجَوَازِ بَيْعِ دُورِهَا وَإِجَارَتِهَا عَلَى أَنَّهَا فُتِحَتْ صُلْحًا أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ الْإِمَامَ مُخَيَّرٌ فِي قِسْمَةِ الْأَرْضِ بَيْنَ الْغَانِمِينَ إِذَا انْتُزِعَتْ مِنَ الْكُفَّارِ وَبَيْنَ إِبْقَائِهَا وَقْفًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ مَنْعُ بَيْعِ الدُّورِ وَإِجَارَتِهَا.
وَأَمَّا ثَانِيًا فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا تَدْخُلُ الْأَرْضُ فِي حُكْمِ الْأَمْوَالِ لِأَنَّ مَنْ مَضَى كَانُوا إِذَا غَلَبُوا عَلَى الْكُفَّارِ لَمْ يَغْنَمُوا الْأَمْوَالَ فَتَنْزِلُ النَّارُ فَتَأْكُلَهَا وَتَصِيرُ الْأَرْضُ عُمُومًا لَهُمْ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ الْآيَةَ.

     وَقَالَ  وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِق الأَرْض وَمَغَارِبهَا الْآيَةَ وَالْمَسْأَلَةُ مَشْهُورَةٌ فَلَا نُطِيلُ بِهَا هُنَا وَقَدْ تَقَدَّمَ كَثِيرٌ مِنْ مَبَاحِثِ دُورِ مَكَّةَ فِي بَابِ تَوْرِيثِ دُورِ مَكَّةَ مِنْ كِتَابِ الْحَج