هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3986 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى خَيْبَرَ ، فَسِرْنَا لَيْلًا ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ لِعَامِرٍ : يَا عَامِرُ أَلاَ تُسْمِعُنَا مِنْ هُنَيْهَاتِكَ ؟ وَكَانَ عَامِرٌ رَجُلًا شَاعِرًا ، فَنَزَلَ يَحْدُو بِالقَوْمِ يَقُولُ :
اللَّهُمَّ لَوْلاَ أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا
وَلاَ تَصَدَّقْنَا وَلاَ صَلَّيْنَا

فَاغْفِرْ فِدَاءً لَكَ مَا أَبْقَيْنَا
وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاَقَيْنَا

وَأَلْقِيَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا
إِنَّا إِذَا صِيحَ بِنَا أَبَيْنَا

وَبِالصِّيَاحِ عَوَّلُوا عَلَيْنَا
، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ هَذَا السَّائِقُ ، قَالُوا : عَامِرُ بْنُ الأَكْوَعِ ، قَالَ : يَرْحَمُهُ اللَّهُ قَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ : وَجَبَتْ يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، لَوْلاَ أَمْتَعْتَنَا بِهِ ؟ فَأَتَيْنَا خَيْبَرَ فَحَاصَرْنَاهُمْ حَتَّى أَصَابَتْنَا مَخْمَصَةٌ شَدِيدَةٌ ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَتَحَهَا عَلَيْهِمْ ، فَلَمَّا أَمْسَى النَّاسُ مَسَاءَ اليَوْمِ الَّذِي فُتِحَتْ عَلَيْهِمْ ، أَوْقَدُوا نِيرَانًا كَثِيرَةً ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا هَذِهِ النِّيرَانُ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ تُوقِدُونَ ؟ قَالُوا : عَلَى لَحْمٍ ، قَالَ : عَلَى أَيِّ لَحْمٍ ؟ قَالُوا : لَحْمِ حُمُرِ الإِنْسِيَّةِ ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَهْرِيقُوهَا وَاكْسِرُوهَا ، فَقَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَوْ نُهَرِيقُهَا وَنَغْسِلُهَا ؟ قَالَ : أَوْ ذَاكَ . فَلَمَّا تَصَافَّ القَوْمُ كَانَ سَيْفُ عَامِرٍ قَصِيرًا ، فَتَنَاوَلَ بِهِ سَاقَ يَهُودِيٍّ لِيَضْرِبَهُ ، وَيَرْجِعُ ذُبَابُ سَيْفِهِ ، فَأَصَابَ عَيْنَ رُكْبَةِ عَامِرٍ فَمَاتَ مِنْهُ ، قَالَ : فَلَمَّا قَفَلُوا قَالَ سَلَمَةُ : رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِي ، قَالَ : مَا لَكَ قُلْتُ لَهُ : فَدَاكَ أَبِي وَأُمِّي ، زَعَمُوا أَنَّ عَامِرًا حَبِطَ عَمَلُهُ ؟ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَذَبَ مَنْ قَالَهُ ، إِنَّ لَهُ لَأَجْرَيْنِ - وَجَمَعَ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ - إِنَّهُ لَجَاهِدٌ مُجَاهِدٌ ، قَلَّ عَرَبِيٌّ مَشَى بِهَا مِثْلَهُ ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ ، حَدَّثَنَا حَاتِمٌ قَالَ : نَشَأَ بِهَا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  right:20px>اللهم لولا أنت ما اهتدينا
ولا تصدقنا ولا صلينا

فاغفر فداء لك ما أبقينا
وثبت الأقدام إن لاقينا

وألقين سكينة علينا
إنا إذا صيح بنا أبينا

وبالصياح عولوا علينا
، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من هذا السائق ، قالوا : عامر بن الأكوع ، قال : يرحمه الله قال رجل من القوم : وجبت يا نبي الله ، لولا أمتعتنا به ؟ فأتينا خيبر فحاصرناهم حتى أصابتنا مخمصة شديدة ، ثم إن الله تعالى فتحها عليهم ، فلما أمسى الناس مساء اليوم الذي فتحت عليهم ، أوقدوا نيرانا كثيرة ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ما هذه النيران على أي شيء توقدون ؟ قالوا : على لحم ، قال : على أي لحم ؟ قالوا : لحم حمر الإنسية ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : أهريقوها واكسروها ، فقال رجل : يا رسول الله ، أو نهريقها ونغسلها ؟ قال : أو ذاك . فلما تصاف القوم كان سيف عامر قصيرا ، فتناول به ساق يهودي ليضربه ، ويرجع ذباب سيفه ، فأصاب عين ركبة عامر فمات منه ، قال : فلما قفلوا قال سلمة : رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيدي ، قال : ما لك قلت له : فداك أبي وأمي ، زعموا أن عامرا حبط عمله ؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم : كذب من قاله ، إن له لأجرين
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Salama bin Al-Akwa`:

We went out to Khaibar in the company of the Prophet. While we were proceeding at night, a man from the group said to 'Amir, O 'Amir! Won't you let us hear your poetry? 'Amir was a poet, so he got down and started reciting for the people poetry that kept pace with the camels' footsteps, saying:-- O Allah! Without You we Would not have been guided On the right path Neither would be have given In charity, nor would We have prayed. So please forgive us, what we have committed (i.e. our defects); let all of us Be sacrificed for Your Cause And send Sakina (i.e. calmness) Upon us to make our feet firm When we meet our enemy, and If they will call us towards An unjust thing, We will refuse. The infidels have made a hue and Cry to ask others' help Against us. The Prophet (ﷺ) on that, asked, Who is that (camel) driver (reciting poetry)? The people said, He is 'Amir bin Al-Akwa`. Then the Prophet (ﷺ) said, May Allah bestow His Mercy on him. A man amongst the people said, O Allah's Prophet! has (martyrdom) been granted to him. Would that you let us enjoy his company longer. Then we reached and besieged Khaibar till we were afflicted with severe hunger. Then Allah helped the Muslims conquer it (i.e. Khaibar). In the evening of the day of the conquest of the city, the Muslims made huge fires. The Prophet (ﷺ) said, What are these fires? For cooking what, are you making the fire? The people replied, (For cooking) meat. He asked, What kind of meat? They (i.e. people) said, The meat of donkeys. The Prophet (ﷺ) said, Throw away the meat and break the pots! Some man said, O Allah's Messenger (ﷺ)! Shall we throw away the meat and wash the pots instead? He said, (Yes, you can do) that too. So when the army files were arranged in rows (for the clash), 'Amir's sword was short and he aimed at the leg of a Jew to strike it, but the sharp blade of the sword returned to him and injured his own knee, and that caused him to die. When they returned from the battle, Allah's Messenger (ﷺ) saw me (in a sad mood). He took my hand and said, What is bothering you? I replied, Let my father and mother be sacrificed for you! The people say that the deeds of 'Amir are lost. The Prophet (ﷺ) said, Whoever says so, is mistaken, for 'Amir has got a double reward. The Prophet raised two fingers and added, He (i.e. Amir) was a persevering struggler in the Cause of Allah and there are few 'Arabs who achieved the like of (good deeds) 'Amir had done.

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [4196] .

     قَوْلُهُ  مِنْ هُنَيْهَاتِكَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِحَذْفِ الْهَاءِ الثَّانِيَةِ وَتَشْدِيدِ التَّحْتَانِيَّةِ الَّتِي قَبْلَهَا وَالْهُنَيْهَاتُ جَمْعُ هُنَيْهَةٍ وَهِيَ تَصْغِيرُ هَنَةٍ كَمَا قَالُوا فِي تَصْغِيرِ سَنَةٍ سُنَيْهَةٌ وَوَقَعَ فِي الدَّعَوَاتِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ لَوْ أَسْمَعْتَنَا مِنْ هَنَاتِكَ بِغَيْرِ تَصْغِيرٍ .

     قَوْلُهُ  وَكَانَ عَامِرٌ رَجُلًا شَاعِرًا قِيلَ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الرَّجَزَ مِنْ أَقْسَامِ الشِّعْرِ لِأَنَّ الَّذِي قَالَهُ عَامِرٌ حِينَئِذٍ مِنَ الرَّجَزِ وَسَيَأْتِي بَسْطُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْأَدَبِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  اللَّهُمَّ لَوْلَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا فِي هَذَا الْقَسَمِ زِحَافُ الْخَزْمِ بِمُعْجَمَتَيْنِ وَهُوَ زِيَادَةُ سَبَبٍ خَفِيفٍ فِي أَوَّلِهِ وَأَكْثَرُهَا أَرْبَعَةُ أَحْرُفٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْجِهَادِ مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِب وَأَنه مِنْ شِعْرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ وَعَامِرٌ تَوَارَدَا عَلَى مَا تَوَارَدَا مِنْهُ بِدَلِيلِ مَا وَقَعَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مِمَّا لَيْسَ عِنْدَ الْآخَرِ أَوِ اسْتَعَانَ عَامِرٌ بِبَعْض مَا سبقه إِلَيْهِ بن رَوَاحَةَ .

     قَوْلُهُ  فَاغْفِرْ فِدَاءً لَكَ مَا اتَّقَيْنَا أَمَّا .

     قَوْلُهُ  فِدَاءً فَهُوَ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَبِالْمَدِّ وَحكى بن التِّينِ فَتْحَ أَوَّلِهِ مَعَ الْقَصْرِ وَزَعَمَ أَنَّهُ هُنَا بِالْكَسْرِ مَعَ الْقَصْرِ لِضَرُورَةِ الْوَزْنِ وَلَمْ يُصِبْ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَتَّزِنُ إِلَّا بِالْمَدِّ وَقَدِ اسْتُشْكِلَ هَذَا الْكَلَامُ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ فِي حَقِّ اللَّهِ إِذْ مَعْنَى فِدَاءً لَكَ نَفْدِيكَ بِأَنْفُسِنَا وَحُذِفَ مُتَعَلِّقِ الْفِدَاءِ لِلشُّهْرَةِ وَإِنَّمَا يُتَصَوَّرُ الْفِدَاءُ لِمَنْ يَجُوزُ عَلَيْهِ الْفَنَاءُ وَأُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّهَا كَلِمَةٌ لَا يُرَادُ بِهَا ظَاهِرُهَا بَلِ الْمُرَادُ بِهَا الْمَحَبَّةُ وَالتَّعْظِيمُ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ ظَاهِرِ اللَّفْظِ وَقِيلَ الْمُخَاطَبُ بِهَذَا الشِّعْرِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمَعْنَى لَا تُؤَاخِذْنَا بِتَقْصِيرِنَا فِي حَقِّكَ وَنَصْرِكَ وَعَلَى هَذَا فَ.

     قَوْلُهُ  اللَّهُمَّ لَمْ يَقْصِدْ بِهَا الدُّعَاءَ وَإِنَّمَا افْتَتَحَ بِهَا الْكَلَامَ وَالْمُخَاطَبُ بِقَوْلِ الشَّاعِرِ لَوْلَا أَنْتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَخْ وَيُعَكِّرُ عَلَيْهِ .

     قَوْلُهُ  بَعْدَ ذَلِكَ فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا وَثَبِّتْ الْأَقْدَامَ إِنْ لَاقَيْنَا فَإِنَّهُ دَعَا اللَّهَ تَعَالَى وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى فَاسْأَلْ رَبَّكَ أَنْ يُنْزِلَ وَيُثَبِّتَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  مَا اتَّقَيْنَا فَبِتَشْدِيدِ الْمُثَنَّاةِ بَعْدَهَا قَافٌ لِلْأَكْثَرِ وَمَعْنَاهُ مَا تَرَكْنَا من الْأَوَامِر وَمَا ظَرْفِيَّةٌ وَلِلْأَصِيلِيِّ وَالنَّسَفِيِّ بِهَمْزَةِ قَطْعٍ ثُمَّ مُوَحَّدَةٍ سَاكِنَةٍ أَيْ مَا خَلَّفْنَا وَرَاءَنَا مِمَّا اكْتَسَبْنَا مِنَ الْآثَامِ أَوْ مَا أَبْقَيْنَاهُ وَرَاءَنَا مِنَ الذُّنُوبِ فَلَمْ نَتُبْ مِنْهُ وَلَلْقَابِسِيِّ مَا لَقِينَا بِاللَّامِ وَكَسْرِ الْقَافِ وَالْمَعْنَى مَا وَجَدْنَا مِنَ الْمَنَاهِي وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ قُتَيْبَةَ عَنْ حَاتِمِ بن إِسْمَاعِيلكَمَا سَيَأْتِي فِي الْأَدَبِ مَا اقْتَفَيْنَا بِقَافٍ سَاكِنَةٍ وَمُثَنَّاةٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ تَحْتَانِيَّةٍ سَاكِنَةٍ أَيْ تَبِعْنَا مِنَ الْخَطَايَا مِنْ قَفَوْتُ الْأَثَرَ إِذَا اتَّبَعْتُهُ وَكَذَا لِمُسْلِمٍ عَنْ قُتَيْبَةَ وَهِيَ أَشْهَرُ الرِّوَايَاتِ فِي هَذَا الرَّجَزِ .

     قَوْلُهُ  وَأَلْقِيَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا فِي رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ وَأَلْقِ السَّكِينَةَ عَلَيْنَا بِحَذْفِ النُّونِ وَبِزِيَادَةِ أَلِفٍ وَلَامٍ فِي السَّكِينَةِ بِغَيْرِ تَنْوِينٍ وَلَيْسَ بِمَوْزُونٍ .

     قَوْلُهُ  إِنَّا إِذَا صِيحَ بِنَا أَتَيْنَا بِمُثَنَّاةٍ أَيْ جِئْنَا إِذَا دُعِينَا إِلَى الْقِتَالِ أَوْ إِلَى الْحَقِّ وَرُوِيَ بِالْمُوَحَّدَةِ كَذَا رَأَيْتُ فِي رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ فَإِنْ كَانَتْ ثَابِتَةً فَالْمَعْنَى إِذَا دُعِينَا إِلَى غَيْرِ الْحَقِّ امْتَنَعْنَا .

     قَوْلُهُ  وَبِالصِّيَاحِ عَوَّلُوا عَلَيْنَا أَيْ قَصَدُونَا بِالدُّعَاءِ بِالصَّوْتِ الْعَالِي وَاسْتَغَاثُوا عَلَيْنَا تَقُولُ عَوَّلْتُ عَلَى فُلَانٍ وَعَوَّلْتُ بِفُلَانٍ بِمَعْنَى اسْتَغَثْتُ بِهِ.

     وَقَالَ  الْخَطَّابِيُّ الْمَعْنَى أَجَلَبُوا عَلَيْنَا بِالصَّوْتِ وَهُوَ من العويل وَتعقبه بن التِّينِ بِأَنَّ عَوَّلُوا بِالتَّثْقِيلِ مِنَ التَّعْوِيلِ وَلَوْ كَانَ مِنَ الْعَوِيلِ لَكَانَ أَعْوَلُوا وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ عِنْدَ أَحْمَدَ فِي هَذَا الرَّجَزِ مِنَ الزِّيَادَةِ إِنَّ الَّذِينَ قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا وَنحن عَن فضلك مَا استغنينا وَهَذَا الْقِسْمُ الْأَخِيرُ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَيْضًا .

     قَوْلُهُ  مَنْ هَذَا السَّائِقُ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ فَجَعَلَ عَامِرٌ يَرْتَجِزُ وَيَسُوقُ الرِّكَابَ وَهَذِهِ كَانَتْ عَادَتَهُمْ إِذَا أَرَادُوا تَنْشِيطَ الْإِبِلِ فِي السَّيْرِ يَنْزِلُ بَعْضُهُمْ فَيَسُوقُهَا وَيَحْدُو فِي تِلْكَ الْحَالِ .

     قَوْلُهُ  قَالَ يَرْحَمُهُ اللَّهُ فِي رِوَايَةِ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ غَفَرَ لَكَ رَبُّكَ قَالَ وَمَا اسْتَغْفَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِإِنْسَانٍ يَخُصُّهُ إِلَّا اسْتُشْهِدَ وَبِهَذِهِ الزِّيَادَةِ يَظْهَرُ السِّرُّ فِي قَوْلِ الرَّجُلِ لَوْلَا أَمْتَعْتَنَا بِهِ .

     قَوْلُهُ  قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ وَجَبَتْ يَا نَبِيَّ اللَّهِ لَوْلَا أَمْتَعْتَنَا بِهِ اسْمُ هَذَا الرَّجُلِ عُمَرُ سَمَّاهُ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَةِ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ وَلَفْظُهُ فَنَادَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَهُوَ عَلَى جَمَلٍ لَهُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ لَوْلَا أَمْتَعْتَنَا بِعَامِرٍ وَفِي حَدِيثِ نَصْرِ بْنِ دهر عِنْد بن إِسْحَاقَ فَقَالَ عُمَرُ وَجَبَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ لَوْلَا أَيْ هَلَّا وَأَمْتَعْتَنَا أَيْ مَتَّعْتَنَا أَيْ أَبْقَيْتَهُ لَنَا لِنَتَمَتَّعَ بِهِ أَيْ بِشَجَاعَتِهِ وَالتَّمَتُّعُ التَّرَفُّهُ إِلَى مُدَّةٍ وَمِنْهُ أَمْتَعَنِي الله ببقائك قَوْله فأتينا خيبرا أَي أهل خَيْبَر قَوْله فحاصرناهم ذكر بن إِسْحَاقَ أَنَّ أَوَّلَ شَيْءٍ حَاصَرُوهُ فَفُتِحَ حِصْنُ نَاعِمٍ ثُمَّ انْتَقَلُوا إِلَى غَيْرِهِ .

     قَوْلُهُ  حَتَّى أَصَابَتْنَا مَخْمَصَةٌ بِمُعْجَمَةٍ ثُمَّ مُهْمَلَةٍ أَيْ مَجَاعَةٌ شَدِيدَةٌ وَسَيَأْتِي شَرْحُ قِصَّةِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ فِي كِتَابِ الذَّبَائِحِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  وَكَانَ سَيْفُ عَامِرٍ قَصِيرًا فَتَنَاوَلَ بِهِ سَاقَ يَهُودِيٍّ لِيَضْرِبَهُ فِي رِوَايَةِ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ فَلَمَّا قَدِمْنَا خَيْبَرَ خَرَجَ مَلِكُهُمْ مَرْحَبٌ يَخْطِرُ بِسَيْفِهِ يَقُولُ قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ شاكي السِّلَاح بَطل مجرب إِذا الحروب أَقبلت تَلَهَّبُ قَالَ فَبَرَزَ إِلَيْهِ عَامِرٌ فَقَالَ قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي عَامِرُ شَاكِّي السِّلَاحَ بَطَلٌ مُغَامِرُ فَاخْتَلَفَا ضَرْبَتَيْنِ فَوَقَعَ سَيْفُ مَرْحَبٍ فِي تُرْسِ عَامِرٍ فَصَارَ عَامِرٌ يَسْفُلُ لَهُ أَيْ يَضْرِبُهُ مِنْ أَسْفَلَ فَرَجَعَ سَيْفُهُ أَيْ عَامِرٌ عَلَى نَفْسِهِ .

     قَوْلُهُ  وَيَرْجِعُ ذُبَابُ سَيْفِهِ أَيْ طَرَفُهُ الْأَعْلَى وَقِيلَ حَدُّهُ .

     قَوْلُهُ  فَأَصَابَ عَيْنَ رُكْبَةِ عَامِرٍ أَيْ طَرَفَ رُكْبَتِهِ الْأَعْلَى فَمَاتَ مِنْهُ وَفِي رِوَايَةِ يَحْيَى الْقَطَّانِ فَأُصِيبَ عَامِرٌ بِسَيْفِ نَفْسِهِ فَمَاتَ وَفِي رِوَايَةِ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَقَطَعَ أَكْحَلَهُ فَكَانَتْ فِيهَا نَفسه وَفِي رِوَايَة بن إِسْحَاقَ فَكَلَمَهُ كَلْمًا شَدِيدًا فَمَاتَ مِنْهُ .

     قَوْلُهُ  فَلَمَّا قَفَلُوا مِنْ خَيْبَرَ أَيْ رَجَعُوا .

     قَوْلُهُ  وَهُوَ آخِذٌ يَدَيَّ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِيَدَيَّ وَفِي رِوَايَةِ قُتَيْبَةَرَآنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَاحِبًا بِمُعْجَمَةٍ ثُمَّ مُهْمَلَةٍ وَمُوَحَّدَةٍ أَيْ مُتَغَيِّرَ اللَّوْنِ وَفِي رِوَايَةِ إِيَاسٍ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَبْكِي .

     قَوْلُهُ  زَعَمُوا أَنَّ عَامِرًا حَبَطَ عَمَلُهُ فِي رِوَايَةِ إِيَاسٍ بَطَلَ عَمَلُ عَامِرٍ قَتَلَ نَفْسَهُ وَسُمِّيَ مِنَ الْقَائِلِينَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ فِي رِوَايَةِ قُتَيْبَةَ الْآتِيَة فِي الْأَدَب وَعند بن إِسْحَاقَ فَكَانَ الْمُسْلِمُونَ شَكُّوا فِيهِ وَقَالُوا إِنَّمَا قَتَلَهُ سِلَاحُهُ وَنَحْوَهُ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ سَلَمَةَ .

     قَوْلُهُ  كَذَبَ مَنْ قَالَهُ أَيْ أَخْطَأَ .

     قَوْلُهُ  إِنَّ لَهُ أَجْرَيْنِ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ لَأَجْرَيْنِ وَكَذَا فِي رِوَايَةِ قُتَيْبَةَ وَكَذَا فِي رِوَايَة بن إِسْحَاقَ إِنَّهُ لَشَهِيدٌ وَصَلَّى عَلَيْهِ .

     قَوْلُهُ  إِنَّهُ لَجَاهِدٌ مُجَاهِدٌ كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِاسْمِ الْفَاعِلِ فِيهِمَا وَكَسْرِ الْهَاءِ وَالتَّنْوِينِ وَالْأَوَّلُ مَرْفُوعٌ عَلَى الْخَبَرِ وَالثَّانِي اتِّبَاعٌ لِلتَّأْكِيدِ كَمَا قَالُوا جَادٌّ مُجِدٌّ وَوَقَعَ لِأَبِي ذَرٍّ عَنِ الْحَمَوِيِّ وَالْمُسْتَمْلِي بِفَتْحِ الْهَاءِ وَالدَّالِ وَكَذَا ضَبَطَهُ الْبَاجِيُّ قَالَ عِيَاضٌ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْوَجْهُ.

.

قُلْتُ يُؤَيِّدُهُ رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ سَلَمَةَ مَاتَ جاهدا مُجَاهدًا قَالَ بن دُرَيْدٍ رَجُلٌ جَاهِدٌ أَيْ جَادٌّ فِي أُمُورِهِ.

     وَقَالَ  بن التِّينِ الْجَاهِدُ مَنْ يَرْتَكِبُ الْمَشَقَّةَ وَمُجَاهِدٌ أَيْ لِأَعْدَاءِ اللَّهِ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  قَلَّ عَرَبِيٌّ مَشَى بِهَا مِثْلَهُ كَذَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ بِالْمِيمِ وَالْقَصْرِ مِنَ الْمَشْيِ وَالضَّمِيرُ لِلْأَرْضِ أَوْ الْمَدِينَةِ أَوِ الْحَرْبِ أَوِ الْخَصْلَةِ .

     قَوْلُهُ  قَالَ قُتَيْبَةُ نَشَأَ أَيْ بِنُونٍ وَبِهَمْزَةٍ وَالْمُرَادُ أَنَّ قُتَيْبَةَ رَوَاهُ عَنْ حَاتِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ فَخَالَفَ فِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ وَرِوَايَتُهُ مَوْصُولَةٌ فِي الْأَدَبِ عِنْدَهُ وَغَفَلَ الْكُشْمِيهَنِيُّ فَرَوَاهَا هُنَالِكَ بِالْمِيمِ وَالْقَصْرِ وَحَكَى السُّهَيْلِيُّ أَنَّهُ وَقَعَ فِي رِوَايَةٍ مشابها بِضَم الْمِيم اسْم فَاعل من الشّبَه أَيْ لَيْسَ لَهُ مُشَابِهٌ فِي صِفَاتِ الْكَمَالِ فِي الْقِتَالِ وَهُوَ مَنْصُوبٌ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ رَأَيْتُهُ مُشَابِهًا أَوْ عَلَى الْحَالِ مِنْ قَوْلِهِ عَرَبِيٌّ قَالَ السُّهَيْلِيُّ وَالْحَالُ مِنَ النَّكِرَةِ يَجُوزُ إِذَا كَانَ فِي تَصْحِيحِ مَعْنًى قَالَ السُّهَيْلِيُّ أَيْضًا وَرَوَى قَلَّ عَرَبِيًّا نَشَأَ بِهَا مِثْلُهُ وَالْفَاعِلُ مِثْلُهُ وَعَرَبِيًّا مَنْصُوبٌ عَلَى التَّمْيِيزِ لِأَنَّ فِي الْكَلَامِ مَعْنَى الْمَدْحِ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِمْ عَظُمَ زَيْدٌ رَجُلًا وَقَلَّ زَيْدٌ أَدَبًا

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ غَزْوَةِ خَيْبَرَ)
بِمُعْجَمَةٍ وَتَحْتَانِيَّةٍ وَمُوَحَّدَةٍ بِوَزْنِ جَعْفَرٍ وَهِيَ مَدِينَةٌ كَبِيرَةٌ ذَاتُ حُصُونٍ وَمَزَارِعَ عَلَى ثَمَانِيَةِ بُرُدٍ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى جِهَة الشَّام وَذكر أَبُو عبيد الْبَكْرِيُّ أَنَّهَا سُمِّيَتْ بِاسْمِ رَجُلٍ مِنَ الْعَمَالِيقِ نزلها قَالَ بن إِسْحَاقَ خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَقِيَّةِ الْمُحَرَّمِ سَنَةَ سَبْعٍ فَأَقَامَ يُحَاصِرُهَا بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً إِلَى أَنْ فَتَحَهَا فِي صَفَرٍ وَرَوَى يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ فِي الْمَغَازِي عَن بن إِسْحَاقَ فِي حَدِيثِ الْمِسْوَرِ وَمَرْوَانَ قَالَا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ الْحُدَيْبِيَةِ فَنَزَلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْفَتْحِ فِيمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَأَعْطَاهُ اللَّهُ فِيهَا خَيْبَرَ بِقَوْلِهِ وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِه يَعْنِي خَيْبَرَ فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ فِي ذِي الْحَجَّةِ فَأَقَامَ بِهَا حَتَّى سَارَ إِلَى خَيْبَرَ فِي الْمُحَرَّمِ وَذَكَرَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ فِي الْمَغَازِي عَنِ بن شِهَابٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَامَ بِالْمَدِينَةِ عِشْرِينَ لَيْلَةً أَوْ نَحْوَهَا ثُمَّ خَرَجَ إِلَى خَيْبَر وَعند بن عَائِذ من حَدِيث بن عَبَّاسٍ أَقَامَ بَعْدَ الرُّجُوعِ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ عَشْرَ لَيَالٍ وَفِي مَغَازِي سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ أَقَامَ خَمْسَةَ عشر يَوْمًا وَحكى بن التِّين عَن بن الْحَصَّارِ أَنَّهَا كَانَتْ فِي آخِرِ سَنَةِ سِتٍّ وَهَذَا مَنْقُول عَن مَالك وَبِه جزم بن حَزْمٍ وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ مُتَقَارِبَةٌ وَالرَّاجِحُ مِنْهَا مَا ذكره بن إِسْحَاقَ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّ مَنْ أَطْلَقَ سَنَةَ سِتٍّ بَنَاهُ عَلَى أَنَّ ابْتِدَاءَ السَّنَةِ مِنْ شَهْرِ الْهِجْرَةِ الْحَقِيقِيِّ وَهُوَ رَبِيعٌ الْأَوَّلُ.

.
وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ الْحَاكِمُ عَنِ الْوَاقِدِيِّ وَكَذَا ذَكَرَهُ بن سَعْدٍ أَنَّهَا كَانَتْ فِي جُمَادَى الْأُولَى فَالَّذِي رَأَيْتُهُ فِي مَغَازِي الْوَاقِدِيِّ أَنَّهَا كَانَتْ فِي صَفَرٍ وَقِيلَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ وَأَغْرَبُ مِنْ ذَلِك مَا أخرجه بن سعد وبن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى خَيْبَر لثمان عَشْرَةَ مِنْ رَمَضَانَ الْحَدِيثَ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ إِلَّا أَنَّهُ خَطَأٌ وَلَعَلَّهَا كَانَتْ إِلَى حُنَيْنٍ فَتَصَحَّفَتْ وَتَوْجِيهُهُ بِأَنَّ غَزْوَةَ حُنَيْنٍ كَانَتْ نَاشِئَةً عَنْ غَزْوَةِ الْفَتْحِ وَغَزْوَةُ الْفَتْحِ خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا فِي رَمَضَانَ جَزْمًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ فِي التَّعْلِيقَةِ أَنَّهَا كَانَتْ سَنَةَ خَمْسٍ وَهُوَ وَهَمٌ وَلَعَلَّهُ انْتِقَالٌ مِنَ الخَنْدَق إِلَى خَيْبَر وَذكر بن هِشَامٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعْمَلَ على الْمَدِينَة نميلَة بنُون مصغر بن عَبْدِ اللَّهِ اللَّيْثِيَّ وَعِنْدَ أَحْمَدَ وَالْحَاكِمِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سِبَاعُ بْنُ عُرْفُطَةَ وَهُوَ أَصَحُّ ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ ثَلَاثِينَ حَدِيثًا الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ حَدِيثُ سُوَيْدِ بْنِ النُّعْمَانِ وَهُوَ الْأَنْصَارِيُّ الْحَارِثِيُّ أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ خَيْبَرَ الْحَدِيثَ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي الطَّهَارَةِ وَالْغَرَضُ مِنْهُ هُنَا الْإِشَارَةُ إِلَى أَنَّ الطَّرِيقَ الَّتِي خَرَجُوا مِنْهَا إِلَى خَيْبَرَ كَانَتْ عَلَى طَرِيقِ الصَّهْبَاء وَقد تقدم ضَبطهَا الحَدِيث الثَّانِي حَدِيث سَلمَة بن الْأَكْوَع .

     قَوْلُهُ  خَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى خَيْبَرَ فَسِرْنَا لَيْلًا فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ لِعَامِرٍ يَا عَامِرُ أَلَا تُسْمِعُنَا لم أَقف على اسْمه صَرِيحًا وَعند بن إِسْحَاقَ مِنْ حَدِيثِ نَصْرِ بْنِ دَهْرٍ الْأَسْلَمِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي مَسِيرِهِ إِلَى خَيْبَرَ لِعَامِرِ بْنِ الْأَكْوَعِ وَهُوَ عَمُّ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ وَاسم الْأَكْوَع سِنَان انْزِلْ يَا بن الْأَكْوَعِ فَاحْدُ لَنَا مِنْ هُنَيَّاتِكَ فَفِي هَذَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الَّذِي أَمَرَهُ بِذَلِكَ

[ قــ :3986 ... غــ :4196] .

     قَوْلُهُ  مِنْ هُنَيْهَاتِكَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِحَذْفِ الْهَاءِ الثَّانِيَةِ وَتَشْدِيدِ التَّحْتَانِيَّةِ الَّتِي قَبْلَهَا وَالْهُنَيْهَاتُ جَمْعُ هُنَيْهَةٍ وَهِيَ تَصْغِيرُ هَنَةٍ كَمَا قَالُوا فِي تَصْغِيرِ سَنَةٍ سُنَيْهَةٌ وَوَقَعَ فِي الدَّعَوَاتِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ لَوْ أَسْمَعْتَنَا مِنْ هَنَاتِكَ بِغَيْرِ تَصْغِيرٍ .

     قَوْلُهُ  وَكَانَ عَامِرٌ رَجُلًا شَاعِرًا قِيلَ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الرَّجَزَ مِنْ أَقْسَامِ الشِّعْرِ لِأَنَّ الَّذِي قَالَهُ عَامِرٌ حِينَئِذٍ مِنَ الرَّجَزِ وَسَيَأْتِي بَسْطُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْأَدَبِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  اللَّهُمَّ لَوْلَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا فِي هَذَا الْقَسَمِ زِحَافُ الْخَزْمِ بِمُعْجَمَتَيْنِ وَهُوَ زِيَادَةُ سَبَبٍ خَفِيفٍ فِي أَوَّلِهِ وَأَكْثَرُهَا أَرْبَعَةُ أَحْرُفٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْجِهَادِ مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِب وَأَنه مِنْ شِعْرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ وَعَامِرٌ تَوَارَدَا عَلَى مَا تَوَارَدَا مِنْهُ بِدَلِيلِ مَا وَقَعَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مِمَّا لَيْسَ عِنْدَ الْآخَرِ أَوِ اسْتَعَانَ عَامِرٌ بِبَعْض مَا سبقه إِلَيْهِ بن رَوَاحَةَ .

     قَوْلُهُ  فَاغْفِرْ فِدَاءً لَكَ مَا اتَّقَيْنَا أَمَّا .

     قَوْلُهُ  فِدَاءً فَهُوَ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَبِالْمَدِّ وَحكى بن التِّينِ فَتْحَ أَوَّلِهِ مَعَ الْقَصْرِ وَزَعَمَ أَنَّهُ هُنَا بِالْكَسْرِ مَعَ الْقَصْرِ لِضَرُورَةِ الْوَزْنِ وَلَمْ يُصِبْ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَتَّزِنُ إِلَّا بِالْمَدِّ وَقَدِ اسْتُشْكِلَ هَذَا الْكَلَامُ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ فِي حَقِّ اللَّهِ إِذْ مَعْنَى فِدَاءً لَكَ نَفْدِيكَ بِأَنْفُسِنَا وَحُذِفَ مُتَعَلِّقِ الْفِدَاءِ لِلشُّهْرَةِ وَإِنَّمَا يُتَصَوَّرُ الْفِدَاءُ لِمَنْ يَجُوزُ عَلَيْهِ الْفَنَاءُ وَأُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّهَا كَلِمَةٌ لَا يُرَادُ بِهَا ظَاهِرُهَا بَلِ الْمُرَادُ بِهَا الْمَحَبَّةُ وَالتَّعْظِيمُ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ ظَاهِرِ اللَّفْظِ وَقِيلَ الْمُخَاطَبُ بِهَذَا الشِّعْرِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمَعْنَى لَا تُؤَاخِذْنَا بِتَقْصِيرِنَا فِي حَقِّكَ وَنَصْرِكَ وَعَلَى هَذَا فَ.

     قَوْلُهُ  اللَّهُمَّ لَمْ يَقْصِدْ بِهَا الدُّعَاءَ وَإِنَّمَا افْتَتَحَ بِهَا الْكَلَامَ وَالْمُخَاطَبُ بِقَوْلِ الشَّاعِرِ لَوْلَا أَنْتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَخْ وَيُعَكِّرُ عَلَيْهِ .

     قَوْلُهُ  بَعْدَ ذَلِكَ فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا وَثَبِّتْ الْأَقْدَامَ إِنْ لَاقَيْنَا فَإِنَّهُ دَعَا اللَّهَ تَعَالَى وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى فَاسْأَلْ رَبَّكَ أَنْ يُنْزِلَ وَيُثَبِّتَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  مَا اتَّقَيْنَا فَبِتَشْدِيدِ الْمُثَنَّاةِ بَعْدَهَا قَافٌ لِلْأَكْثَرِ وَمَعْنَاهُ مَا تَرَكْنَا من الْأَوَامِر وَمَا ظَرْفِيَّةٌ وَلِلْأَصِيلِيِّ وَالنَّسَفِيِّ بِهَمْزَةِ قَطْعٍ ثُمَّ مُوَحَّدَةٍ سَاكِنَةٍ أَيْ مَا خَلَّفْنَا وَرَاءَنَا مِمَّا اكْتَسَبْنَا مِنَ الْآثَامِ أَوْ مَا أَبْقَيْنَاهُ وَرَاءَنَا مِنَ الذُّنُوبِ فَلَمْ نَتُبْ مِنْهُ وَلَلْقَابِسِيِّ مَا لَقِينَا بِاللَّامِ وَكَسْرِ الْقَافِ وَالْمَعْنَى مَا وَجَدْنَا مِنَ الْمَنَاهِي وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ قُتَيْبَةَ عَنْ حَاتِمِ بن إِسْمَاعِيل كَمَا سَيَأْتِي فِي الْأَدَبِ مَا اقْتَفَيْنَا بِقَافٍ سَاكِنَةٍ وَمُثَنَّاةٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ تَحْتَانِيَّةٍ سَاكِنَةٍ أَيْ تَبِعْنَا مِنَ الْخَطَايَا مِنْ قَفَوْتُ الْأَثَرَ إِذَا اتَّبَعْتُهُ وَكَذَا لِمُسْلِمٍ عَنْ قُتَيْبَةَ وَهِيَ أَشْهَرُ الرِّوَايَاتِ فِي هَذَا الرَّجَزِ .

     قَوْلُهُ  وَأَلْقِيَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا فِي رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ وَأَلْقِ السَّكِينَةَ عَلَيْنَا بِحَذْفِ النُّونِ وَبِزِيَادَةِ أَلِفٍ وَلَامٍ فِي السَّكِينَةِ بِغَيْرِ تَنْوِينٍ وَلَيْسَ بِمَوْزُونٍ .

     قَوْلُهُ  إِنَّا إِذَا صِيحَ بِنَا أَتَيْنَا بِمُثَنَّاةٍ أَيْ جِئْنَا إِذَا دُعِينَا إِلَى الْقِتَالِ أَوْ إِلَى الْحَقِّ وَرُوِيَ بِالْمُوَحَّدَةِ كَذَا رَأَيْتُ فِي رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ فَإِنْ كَانَتْ ثَابِتَةً فَالْمَعْنَى إِذَا دُعِينَا إِلَى غَيْرِ الْحَقِّ امْتَنَعْنَا .

     قَوْلُهُ  وَبِالصِّيَاحِ عَوَّلُوا عَلَيْنَا أَيْ قَصَدُونَا بِالدُّعَاءِ بِالصَّوْتِ الْعَالِي وَاسْتَغَاثُوا عَلَيْنَا تَقُولُ عَوَّلْتُ عَلَى فُلَانٍ وَعَوَّلْتُ بِفُلَانٍ بِمَعْنَى اسْتَغَثْتُ بِهِ.

     وَقَالَ  الْخَطَّابِيُّ الْمَعْنَى أَجَلَبُوا عَلَيْنَا بِالصَّوْتِ وَهُوَ من العويل وَتعقبه بن التِّينِ بِأَنَّ عَوَّلُوا بِالتَّثْقِيلِ مِنَ التَّعْوِيلِ وَلَوْ كَانَ مِنَ الْعَوِيلِ لَكَانَ أَعْوَلُوا وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ عِنْدَ أَحْمَدَ فِي هَذَا الرَّجَزِ مِنَ الزِّيَادَةِ إِنَّ الَّذِينَ قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا وَنحن عَن فضلك مَا استغنينا وَهَذَا الْقِسْمُ الْأَخِيرُ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَيْضًا .

     قَوْلُهُ  مَنْ هَذَا السَّائِقُ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ فَجَعَلَ عَامِرٌ يَرْتَجِزُ وَيَسُوقُ الرِّكَابَ وَهَذِهِ كَانَتْ عَادَتَهُمْ إِذَا أَرَادُوا تَنْشِيطَ الْإِبِلِ فِي السَّيْرِ يَنْزِلُ بَعْضُهُمْ فَيَسُوقُهَا وَيَحْدُو فِي تِلْكَ الْحَالِ .

     قَوْلُهُ  قَالَ يَرْحَمُهُ اللَّهُ فِي رِوَايَةِ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ غَفَرَ لَكَ رَبُّكَ قَالَ وَمَا اسْتَغْفَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِإِنْسَانٍ يَخُصُّهُ إِلَّا اسْتُشْهِدَ وَبِهَذِهِ الزِّيَادَةِ يَظْهَرُ السِّرُّ فِي قَوْلِ الرَّجُلِ لَوْلَا أَمْتَعْتَنَا بِهِ .

     قَوْلُهُ  قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ وَجَبَتْ يَا نَبِيَّ اللَّهِ لَوْلَا أَمْتَعْتَنَا بِهِ اسْمُ هَذَا الرَّجُلِ عُمَرُ سَمَّاهُ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَةِ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ وَلَفْظُهُ فَنَادَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَهُوَ عَلَى جَمَلٍ لَهُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ لَوْلَا أَمْتَعْتَنَا بِعَامِرٍ وَفِي حَدِيثِ نَصْرِ بْنِ دهر عِنْد بن إِسْحَاقَ فَقَالَ عُمَرُ وَجَبَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ لَوْلَا أَيْ هَلَّا وَأَمْتَعْتَنَا أَيْ مَتَّعْتَنَا أَيْ أَبْقَيْتَهُ لَنَا لِنَتَمَتَّعَ بِهِ أَيْ بِشَجَاعَتِهِ وَالتَّمَتُّعُ التَّرَفُّهُ إِلَى مُدَّةٍ وَمِنْهُ أَمْتَعَنِي الله ببقائك قَوْله فأتينا خيبرا أَي أهل خَيْبَر قَوْله فحاصرناهم ذكر بن إِسْحَاقَ أَنَّ أَوَّلَ شَيْءٍ حَاصَرُوهُ فَفُتِحَ حِصْنُ نَاعِمٍ ثُمَّ انْتَقَلُوا إِلَى غَيْرِهِ .

     قَوْلُهُ  حَتَّى أَصَابَتْنَا مَخْمَصَةٌ بِمُعْجَمَةٍ ثُمَّ مُهْمَلَةٍ أَيْ مَجَاعَةٌ شَدِيدَةٌ وَسَيَأْتِي شَرْحُ قِصَّةِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ فِي كِتَابِ الذَّبَائِحِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  وَكَانَ سَيْفُ عَامِرٍ قَصِيرًا فَتَنَاوَلَ بِهِ سَاقَ يَهُودِيٍّ لِيَضْرِبَهُ فِي رِوَايَةِ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ فَلَمَّا قَدِمْنَا خَيْبَرَ خَرَجَ مَلِكُهُمْ مَرْحَبٌ يَخْطِرُ بِسَيْفِهِ يَقُولُ قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ شاكي السِّلَاح بَطل مجرب إِذا الحروب أَقبلت تَلَهَّبُ قَالَ فَبَرَزَ إِلَيْهِ عَامِرٌ فَقَالَ قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي عَامِرُ شَاكِّي السِّلَاحَ بَطَلٌ مُغَامِرُ فَاخْتَلَفَا ضَرْبَتَيْنِ فَوَقَعَ سَيْفُ مَرْحَبٍ فِي تُرْسِ عَامِرٍ فَصَارَ عَامِرٌ يَسْفُلُ لَهُ أَيْ يَضْرِبُهُ مِنْ أَسْفَلَ فَرَجَعَ سَيْفُهُ أَيْ عَامِرٌ عَلَى نَفْسِهِ .

     قَوْلُهُ  وَيَرْجِعُ ذُبَابُ سَيْفِهِ أَيْ طَرَفُهُ الْأَعْلَى وَقِيلَ حَدُّهُ .

     قَوْلُهُ  فَأَصَابَ عَيْنَ رُكْبَةِ عَامِرٍ أَيْ طَرَفَ رُكْبَتِهِ الْأَعْلَى فَمَاتَ مِنْهُ وَفِي رِوَايَةِ يَحْيَى الْقَطَّانِ فَأُصِيبَ عَامِرٌ بِسَيْفِ نَفْسِهِ فَمَاتَ وَفِي رِوَايَةِ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَقَطَعَ أَكْحَلَهُ فَكَانَتْ فِيهَا نَفسه وَفِي رِوَايَة بن إِسْحَاقَ فَكَلَمَهُ كَلْمًا شَدِيدًا فَمَاتَ مِنْهُ .

     قَوْلُهُ  فَلَمَّا قَفَلُوا مِنْ خَيْبَرَ أَيْ رَجَعُوا .

     قَوْلُهُ  وَهُوَ آخِذٌ يَدَيَّ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِيَدَيَّ وَفِي رِوَايَةِ قُتَيْبَةَ رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَاحِبًا بِمُعْجَمَةٍ ثُمَّ مُهْمَلَةٍ وَمُوَحَّدَةٍ أَيْ مُتَغَيِّرَ اللَّوْنِ وَفِي رِوَايَةِ إِيَاسٍ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَبْكِي .

     قَوْلُهُ  زَعَمُوا أَنَّ عَامِرًا حَبَطَ عَمَلُهُ فِي رِوَايَةِ إِيَاسٍ بَطَلَ عَمَلُ عَامِرٍ قَتَلَ نَفْسَهُ وَسُمِّيَ مِنَ الْقَائِلِينَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ فِي رِوَايَةِ قُتَيْبَةَ الْآتِيَة فِي الْأَدَب وَعند بن إِسْحَاقَ فَكَانَ الْمُسْلِمُونَ شَكُّوا فِيهِ وَقَالُوا إِنَّمَا قَتَلَهُ سِلَاحُهُ وَنَحْوَهُ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ سَلَمَةَ .

     قَوْلُهُ  كَذَبَ مَنْ قَالَهُ أَيْ أَخْطَأَ .

     قَوْلُهُ  إِنَّ لَهُ أَجْرَيْنِ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ لَأَجْرَيْنِ وَكَذَا فِي رِوَايَةِ قُتَيْبَةَ وَكَذَا فِي رِوَايَة بن إِسْحَاقَ إِنَّهُ لَشَهِيدٌ وَصَلَّى عَلَيْهِ .

     قَوْلُهُ  إِنَّهُ لَجَاهِدٌ مُجَاهِدٌ كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِاسْمِ الْفَاعِلِ فِيهِمَا وَكَسْرِ الْهَاءِ وَالتَّنْوِينِ وَالْأَوَّلُ مَرْفُوعٌ عَلَى الْخَبَرِ وَالثَّانِي اتِّبَاعٌ لِلتَّأْكِيدِ كَمَا قَالُوا جَادٌّ مُجِدٌّ وَوَقَعَ لِأَبِي ذَرٍّ عَنِ الْحَمَوِيِّ وَالْمُسْتَمْلِي بِفَتْحِ الْهَاءِ وَالدَّالِ وَكَذَا ضَبَطَهُ الْبَاجِيُّ قَالَ عِيَاضٌ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْوَجْهُ.

.

قُلْتُ يُؤَيِّدُهُ رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ سَلَمَةَ مَاتَ جاهدا مُجَاهدًا قَالَ بن دُرَيْدٍ رَجُلٌ جَاهِدٌ أَيْ جَادٌّ فِي أُمُورِهِ.

     وَقَالَ  بن التِّينِ الْجَاهِدُ مَنْ يَرْتَكِبُ الْمَشَقَّةَ وَمُجَاهِدٌ أَيْ لِأَعْدَاءِ اللَّهِ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  قَلَّ عَرَبِيٌّ مَشَى بِهَا مِثْلَهُ كَذَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ بِالْمِيمِ وَالْقَصْرِ مِنَ الْمَشْيِ وَالضَّمِيرُ لِلْأَرْضِ أَوْ الْمَدِينَةِ أَوِ الْحَرْبِ أَوِ الْخَصْلَةِ .

     قَوْلُهُ  قَالَ قُتَيْبَةُ نَشَأَ أَيْ بِنُونٍ وَبِهَمْزَةٍ وَالْمُرَادُ أَنَّ قُتَيْبَةَ رَوَاهُ عَنْ حَاتِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ فَخَالَفَ فِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ وَرِوَايَتُهُ مَوْصُولَةٌ فِي الْأَدَبِ عِنْدَهُ وَغَفَلَ الْكُشْمِيهَنِيُّ فَرَوَاهَا هُنَالِكَ بِالْمِيمِ وَالْقَصْرِ وَحَكَى السُّهَيْلِيُّ أَنَّهُ وَقَعَ فِي رِوَايَةٍ مشابها بِضَم الْمِيم اسْم فَاعل من الشّبَه أَيْ لَيْسَ لَهُ مُشَابِهٌ فِي صِفَاتِ الْكَمَالِ فِي الْقِتَالِ وَهُوَ مَنْصُوبٌ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ رَأَيْتُهُ مُشَابِهًا أَوْ عَلَى الْحَالِ مِنْ قَوْلِهِ عَرَبِيٌّ قَالَ السُّهَيْلِيُّ وَالْحَالُ مِنَ النَّكِرَةِ يَجُوزُ إِذَا كَانَ فِي تَصْحِيحِ مَعْنًى قَالَ السُّهَيْلِيُّ أَيْضًا وَرَوَى قَلَّ عَرَبِيًّا نَشَأَ بِهَا مِثْلُهُ وَالْفَاعِلُ مِثْلُهُ وَعَرَبِيًّا مَنْصُوبٌ عَلَى التَّمْيِيزِ لِأَنَّ فِي الْكَلَامِ مَعْنَى الْمَدْحِ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِمْ عَظُمَ زَيْدٌ رَجُلًا وَقَلَّ زَيْدٌ أَدَبًا

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :3986 ... غــ : 4196 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ -رضي الله عنه- قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى خَيْبَرَ فَسِرْنَا لَيْلاً فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ لِعَامِرٍ: يَا عَامِرُ أَلاَ تُسْمِعُنَا مِنْ هُنَيْهَاتِكَ؟ وَكَانَ عَامِرٌ رَجُلاً شَاعِرًا فَنَزَلَ يَحْدُو بِالْقَوْمِ يَقُولُ:
اللَّهُمَّ لَوْلاَ أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا ... وَلاَ تَصَدَّقْنَا وَلاَ صَلَّيْنَا
فَاغْفِرْ فِدَاءً لَكَ مَا أَبْقَيْنَا ... وَأَلْقِيَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا
وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاَقَيْنَا ... إِنَّا إِذَا صِيحَ بِنَا أَبَيْنَا
وَبِالصِّيَاحِ عَوَّلُوا عَلَيْنَا
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ هَذَا السَّائِقُ»؟ قَالُوا: عَامِرُ بْنُ الأَكْوَعِ قَالَ: «يَرْحَمُهُ اللَّهُ» قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: وَجَبَتْ يَا نَبِيَّ اللَّهِ لَوْلاَ أَمْتَعْتَنَا بِهِ فَأَتَيْنَا خَيْبَرَ فَحَاصَرْنَاهُمْ حَتَّى أَصَابَتْنَا مَخْمَصَةٌ شَدِيدَةٌ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَتَحَهَا عَلَيْهِمْ فَلَمَّا أَمْسَى النَّاسُ مَسَاءَ الْيَوْمِ الَّذِي فُتِحَتْ عَلَيْهِمْ أَوْقَدُوا نِيرَانًا كَثِيرَةً فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَا هَذِهِ النِّيرَانُ؟ عَلَى أَيِّ شَىْءٍ تُوقِدُونَ»؟ قَالُوا: عَلَى لَحْمٍ.
قَالَ: «عَلَى أَيِّ لَحْمٍ»؟ قَالُوا: لَحْمِ حُمُرِ الإِنْسِيَّةِ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَهْرِيقُوهَا وَاكْسِرُوهَا» فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْ نُهَرِيقُهَا وَنَغْسِلُهَا قَالَ: «أَوْ ذَاكَ» فَلَمَّا تَصَافَّ الْقَوْمُ كَانَ سَيْفُ عَامِرٍ قَصِيرًا فَتَنَاوَلَ بِهِ سَاقَ يَهُودِيٍّ لِيَضْرِبَهُ وَيَرْجِعُ ذُبَابُ سَيْفِهِ فَأَصَابَ عَيْنَ رُكْبَةِ عَامِرٍ فَمَاتَ مِنْهُ قَالَ: فَلَمَّا قَفَلُوا قَالَ سَلَمَةُ: رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهْوَ آخِذٌ بِيَدِي قَالَ: «مَا لَكَ»؟.

.

قُلْتُ لَهُ: فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي زَعَمُوا أَنَّ عَامِرًا حَبِطَ عَمَلُهُ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «كَذَبَ مَنْ قَالَهُ إِنَّ لَهُ لأَجْرَيْنِ -وَجَمَعَ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ- إِنَّهُ لَجَاهِدٌ مُجَاهِدٌ قَلَّ عَرَبِيٌّ مَشَى بِهَا مِثْلَهُ».
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا حَاتِمٌ قَالَ: نَشَأَ بِهَا.

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن مسلمة) القعنبي قال: ( حدّثنا حاتم بن إسماعيل) المدني الحارثي مولاهم ( عن يزيد بن أبي عبيد) الأسلمي مولى سلمة بن الأكوع ( عن سلمة بن الأكوع -رضي الله عنه-) أنه ( قال: خرجنا مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى خيبر فسرنا ليلاً فقال رجل من القوم) : هو أسيد بن حضير ( لعامر) عم سلمة بن الأكوع ( يا عامر ألا تسمعنا من هنيهاتك) بهاءين أولاهما مضمومة بعدها نون مفتوحة فتحتية ساكنة مصغر هنة، ولأبي ذر عن الكشميهني: هنياتك بهاء واحدة مضمومة وتشديد التحتية أي من أراجيزك.
وعند ابن إسحاق من حديث نصر بن دهر الأسلمي أنه سمع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول في مسيره إلى خيبر لعامر بن الأكوع وهو عم سلمة بن الأكوع واسم الأكوع سنان: "أنزل يا ابن الأكوع فاحد لنا من هنياتك" ففيه أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هو الذي أمره بذلك ( وكان عامر رجلاً شاعرًا) ولأبي ذر عن الكشميهني حدّاء ( فنزل يحدو بالقوم يقول:
اللهم لولا أنت ما اهتدينا ... ولا تصدقنا ولا صلينا)

قال في الفتح: في هذا القسم زحاف الخزم بمعجمتين وهو زيادة سبب خفيف في أوله، وأكثر هذا الرجز قد تقدم في الجهاد من حديث البراء بن عازب وأنه من شعر عبد الله بن رواحة، فيحتمل أن يكون هو وعامر تواردا على ما تواردا منه بدليل ما وقع لكل منهما مما ليس عند الآخر أو استعان عامر ببعض ما سبقه إليه ابن رواحة.

( فاغفر فداء لك) بكسر الفاء والمد والمخاطب بذلك النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أي اغفر لنا تقصيرنا في حقك ونصرك إذ لا يتصور أن يقال: مثل هذا الكلام للباري تعالى، وقوله: اللهم لم يقصد بها الدعاء وإنما افتتح بها الكلام ( ما أبقينا ... ) من الإبقاء بالموحدة أي ما خلفنا وراءنا مما اكتسبناه من الآثام، ولأبي ذر: ما اتقينا بالفوقية المشدّدة أي ما تركناه من الأوامر ( وألقين) أي وسل ربك أن يلقين ( سكينة علينا ... وثبث الأقدام) أي وأن تثبت الأقدام ( إن لاقينا ... ) العدو ( إنا إذا
صيح)
بكسر الصاد المهملة وتسكين التحتية ( بنا) أي إذا دعينا إلى غير الحق ( أبينا ... ) أي امتنعنا ولأبي ذر عن المستملي والكشميهني أتينا بالفوقية بدل الموحدة أي إذا دعينا إلى القتال أو إلى الحق جئنا ( وبالصياح عوّلوا علينا ... ) أي وبالصوت العالي قصدونا واستغاثوا علينا، وفي نسخة بالفرع كأصله أعولوا علينا ( فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( من هذا السائق) ؟ للإبل ( قالوا) : يا رسول الله ( عامر بن الأكوع قال) عليه الصلاة والسلام: ( يرحمه الله) وعند أحمد من رواية إياس بن سلمة فقال: غفر لك ربك قال: وما استغفر رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لإنسان يخصه إلا استشهد ( قال رجل من القوم) : هو عمر بن الخطاب كما في مسلم ( وجبت) له الشهادة بدعائك له ( يا نبي الله لولا) أي هلا ( أمتعتنا به) أبقيته لنا لنتمتع به ( فأتينا خيبر) أي أهل خيبر ( فحاصرناهم حتى أصابتنا مخمصة) مجاعة ( شديدة ثم إن الله تعالى فتحها عليهم) حصنًا حصنًا وكان أولها فتحًا حصن ناعم ( فلما أمسى الناس مساء اليوم الذي فتحت عليهم أوقدوا نيرانًا كثيرة فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ما هذه النيران على أي شيء توقدونـ) ـها ( قالوا) : نوقدها ( على لحم قال: على أيّ لحم) ؟ أي نوع اللحوم توقدونها ( قالوا: لحم الحمر الإنسية) بكسر الهمزة وسكون النون أو بفتح الهمزة والنون صفة حمر ولحم جر في الفرع كأصله ولأبي ذر بالرفع خبر مبتدأ محذوف أي هو لحم حمر ويجوز النصب بنزع الخافض أي على لحم حمر وهو بضمتين جمع حمار ( قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أهريقوها) بهمزة مفتوحة وسكون الهاء ولأبي ذر وابن عساكر هريقوها أي أريقوها والهاء زائدة ( واكسروها فقال رجل) : لم يسم أو هو عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ( يا رسول الله أو) بسكون الواو ( نهريقها) بضم النون ( ونغسلها قال) عليه الصلاة والسلام: ( أو) بسكون الواو ( ذاك) أي الغسل ( فلما تصافّ القوم) بتشديد الفاء أي للقتال ( كان سيف عامر) أي ابن الأكوع ( قصيرًا فتناول به ساق يهودي ليضربه) به ( ويرجع ذباب سيفه) أي طرفه الأعلى أو حدّه ( فأصاب عين ركبة عامر) أي طرف ركبته الأعلى، وعند أحمد فلما قدمنا خيبر خرج ملكهم مرحب يخطر بسيفه فبرز له عامر فاختلفا ضربتين فوقع سيف مرحب في ترس عامر فذهب عامر يسفل له أي يضربه من أسفل فرجع سيف عامر على نفسه ( فمات منه قال: فلما قفلوا) رجعوا من خيبر ( قال سلمة) بن الأكوع: ( رآني رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو آخذ بيدي) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي يدي بإسقاط الجار ( قال: ما لك) ؟ وعند قتيبة رآني رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شاحبًا بمعجمة ثم مهملة وموحدة أي متغير اللون، ولإياس: فأتيت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأنا أبكي ( قلت له: فداك أبي وأمي زعموا أن عامرًا حبط عمله) لأنه قتل نفسه وفي رواية إياس بطل عمل عامر قتل نفسه وسمى من القائلين أسيد بن حضير في رواية قتيبة الآتية في الأدب ( قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: كذب من قاله إن) ولأبي ذر: إن ( له لأجرين) أجر الجهد في الطاعة وأجر الجهاد في سبيل الله واللام للتأكيد ولأبي ذر عن الحموي والمستملي أجرين بإسقاطها ( وجمع) عليه الصلاة والسلام ( بين إصبعيه إنه لجاهد) مرتكب للمشقة واللام للتأكيد ( مجاهد) في سبيل الله بكسر الهاء والتنوين فيهما بلفظ اسم الفاعل والأول مرفوع على الخبر والثاني اتباع للتأكيد كقولهم جادّ مجدّ، ولأبي ذر عن الحموي
والمستملي مما ليس في اليونينية جاهد بفتح الهاء والدال بلفظ الماضي.
قال عياض: والأول الوجه.

قال في التنقيح، وتبعه في المصابيح بفتح الهاء في الأول ماضيًا وكسرها في الثاني اسمًا منصوبًا بذلك الفعل جميعًا لمجهد ( قلّ عربي مشى) بالميم والقصر ( بها) بالأرض أو المدينة أو الحرب أو الخصلة ( مثله) أي مثل عامر.
قال القاضي عياض: وأثر رواة البخاري عليه، وقال المؤلّف أيضًا.

( حدّثنا قتيبة) بن سعيد قال: ( حدّثنا حاتم) بالحاء المهملة ابن إسماعيل المذكور في السند السابق و ( قال) : في حديثه ( نشأ) بالنون بدل الميم وبالهمزة آخره نعل ماض أي شب ( بها) وكبر فخالف في هذه اللفظة، وهذه الرواية موصولة عند المؤلّف في الأدب.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :3986 ... غــ :4196 ]
- ( حَدثنَا عبد الله بن مسلمة حَدثنَا حَاتِم بن إِسْمَاعِيل عَن يزِيد بن أبي عبيد عَن سَلمَة بن الْأَكْوَع رَضِي الله عَنهُ قَالَ خرجنَا مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى خَيْبَر فسرنا لَيْلًا فَقَالَ رجل من الْقَوْم لعامر يَا عَامر أَلا تسمعنا من هنياتك وَكَانَ عَامر رجلا شَاعِرًا فَنزل يَحْدُو بالقوم يَقُول
( اللَّهُمَّ لَوْلَا أَنْت مَا اهتدينا ... وَلَا تصدقنا وَلَا صلينَا)

( فَاغْفِر فدَاء لَك مَا أبقينا ... وَثَبت الْأَقْدَام إِن لاقينا)

( وألقين سكينَة علينا ... إِنَّا إِذا صِيحَ بِنَا أَتَيْنَا)

( وبالصياح عولوا علينا ... )
فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من هَذَا السَّائِق قَالُوا عَامر بن الْأَكْوَع قَالَ يرحمه الله قَالَ رجل من الْقَوْم وَجَبت يَا نَبِي الله لَوْلَا أمتعتنا بِهِ فأتينا خَيْبَر فحاصرناهم حَتَّى أصابتنا مَخْمَصَة شَدِيدَة ثمَّ إِن الله تَعَالَى فتحهَا عَلَيْهِم فَلَمَّا أَمْسَى النَّاس مسَاء الْيَوْم الَّذِي فتحت عَلَيْهِم أوقدوا نيرانا كَثِيرَة فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا هَذِه النيرَان على أَي شَيْء توقدون قَالُوا على لحم قَالَ عَليّ أَي لحم قَالَ لحم حمر الإنسية قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أهريقوها واكسروها فَقَالَ رجل يَا رَسُول الله أونهريقها ونغسلها قَالَ أَو ذَاك فَلَمَّا تصاف الْقَوْم كَانَ سيف عَامر قَصِيرا فَتَنَاول بِهِ سَاق يَهُودِيّ ليضربه وَيرجع ذُبابُُ سَيْفه فَأصَاب عين ركبة عَامر فَمَاتَ مِنْهُ قَالَ فَلَمَّا قَفَلُوا قَالَ سَلمَة رَآنِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ آخذ بيَدي قَالَ مَالك قلت لَهُ فدَاك أبي وَأمي زَعَمُوا أَن عَامِرًا حَبط عمله قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كذب من قَالَه إِن لَهُ لأجرين وَجمع بَين أصبعيه إِنَّه لجاهد مُجَاهِد قل عَرَبِيّ مشي بهَا مثله)
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَعبد الله بن مسلمة بِفَتْح الميمين هُوَ القعْنبِي شيخ مُسلم أَيْضا وحاتم بِالْحَاء الْمُهْملَة مر عَن قريب وَمضى الحَدِيث مُخْتَصرا فِي الْمَظَالِم فِي بابُُ هَل تكسر الدنان الَّتِي فِيهَا الْخمر فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن أبي عَاصِم عَن يزِيد بن أبي عبيد عَن سَلمَة قَوْله " فَقَامَ رجل من الْقَوْم " لم يعرف اسْم الرجل قَوْله " لعامر " هُوَ عَم سَلمَة بن الْأَكْوَع وَاسم الْأَكْوَع سِنَان وَهُوَ اسْم جد سَلمَة وَأَبُو سَلمَة هُوَ عَمْرو وَهُوَ سَلمَة بن عَمْرو بن الْأَكْوَع وعامر هُوَ ابْن الْأَكْوَع اسْتشْهد يَوْم خَيْبَر على مَا ذكر فِي الحَدِيث قَوْله " من هنياتك " بِضَم الْهَاء وَفتح النُّون وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالتاء الْمُثَنَّاة من فَوق الْمَكْسُورَة هَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَة الْكشميهني وَفِي رِوَايَة غَيره " هنيهاتك " بِضَم الْهَاء وَفتح النُّون وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف بعْدهَا هَاء أُخْرَى جمع هنيهة وَهُوَ مصغر هنة كَمَا قَالُوا فِي مصغر سنة سنيهة وأصل هنة هنو كَمَا أَن أصل سنة سنو مصغره هنيَّة وَقد تبدل من الْيَاء الثَّانِيَة هَاء فَيُقَال هنيهة وَالْجمع هنيهاة وَجمع الأول هنيات وَوَقع فِي الدَّعْوَات من وَجه آخر عَن يزِيد بن أبي عبيد لَو أسمعتنا من هناتك بِفَتْح الْهَاء وَالنُّون وَبعد الْألف تَاء مثناة من فَوق فَيكون جمع هنة.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي أما هن على وزن أَخ فكلمة كِنَايَة عَن الشَّيْء وَأَصله هنو وَتقول للمؤنث هنة وتصغيرها هنيَّة وَالْمرَاد بالهنيات الأراجيز جمع الأرجوزة.

     وَقَالَ  السُّهيْلي الهنة كِنَايَة عَن كل شَيْء لَا يعرف اسْمه أَو تعرفه فتكنى عَنهُ.

     وَقَالَ  الْهَرَوِيّ كِنَايَة عَن شَيْء لَا تذكره باسمه وَلَا تخص جِنْسا من غَيره.

     وَقَالَ  الْأَخْفَش كَمَا تَقول هَذَا فلَان بن فلَان تَقول هَذَا هن بن هن وَهَذِه هنة بنت هنة وَهُوَ نَص بِأَن يكنى بهَا عَن الْأَعْلَام.

     وَقَالَ  ابْن عُصْفُور وَهُوَ الصَّحِيح قَوْله " يَحْدُو بالقوم " من الحدو وَهُوَ سوق الْإِبِل والغناء لَهَا يُقَال حدوت الْإِبِل حدوا وحداء وَيُقَال للشمال حدواء لِأَنَّهَا تحدو السَّحَاب وَالْإِبِل تحب الحداء وَلَا يكون الحداء إِلَّا شعرًا أَو رجزا وَأول من سنّ حداء الْإِبِل مُضر بن نزار لما سقط عَن بعيره فَكسرت يَده فَبَقيَ يَقُول وايداه وايداه قَوْله " اللَّهُمَّ لَوْلَا أَنْت مَا اهتدينا " إِلَى آخِره رجز وَأَكْثَره تقدم فِي الْجِهَاد وَاخْتلف فِي الرجز أَنه شعر أم لَا فَقيل أَنه شعر وَإِن لم يكن قريضا وَقد قيل أَن هَذَا لَيْسَ بِشعر وَإِنَّمَا هُوَ أشطار أَبْيَات وَإِنَّمَا الرجز الَّذِي هُوَ شعر هُوَ سداسي الْأَجْزَاء أَو رباعي الْأَجْزَاء قَوْله " فدَاء لَك " بِكَسْر الْفَاء وبالمد وَحكى ابْن التِّين فدى لَك بِفَتْح الْفَاء مَعَ الْقصر وَزعم أَنه هُنَا بِكَسْر الْفَاء مَعَ الْقصر لضَرُورَة الْوَزْن وَلَيْسَ كَمَا قَالَ فَإِنَّهُ لَا يتزن إِلَّا بِالْمدِّ على مَا لَا يخفى.

     وَقَالَ  الْمَازرِيّ لَا يُقَال لله فدى لَك لِأَنَّهُ إِنَّمَا يسْتَعْمل فِي مَكْرُوه يتَوَقَّع حُلُوله بالشخص فيختار شخص آخر أَن يحل ذَلِك بِهِ ويفديه مِنْهُ فَهُوَ إِمَّا مجَاز عَن الرِّضَا كَأَنَّهُ قَالَ نَفسِي مبذولة لرضاك أَو هَذِه الْكَلِمَة وَقعت فِي الْبَيْت خطابا لسامع الْكَلَام وَقيل هَذِه لَا يُرَاد ظَاهرهَا بل المُرَاد بهَا الْمحبَّة والتعظيم مَعَ قطع النّظر عَن ظَاهر اللَّفْظ وَقيل الْمُخَاطب بِهَذَا الشّعْر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَالْمعْنَى لَا تُؤَاخِذنَا بتقصيرنا فِي حَقك ونصرك وَقَوله اللَّهُمَّ لم يقْصد بهَا الدُّعَاء وَإِنَّمَا افْتتح بهَا الْكَلَام والمخاطب بقوله لَوْلَا أَنْت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى آخِره ( قلت) فِي هذَيْن الجوابين نظر لَا يخفى خُصُوصا فِي الْجَواب الثَّانِي فَإِن قَوْله
( فأنزلن سكينَة علينا ... وَثَبت الْأَقْدَام إِن لاقينا)
يرد هَذَا وينقضه وَالَّذِي قَالَه الْمَازرِيّ أقرب إِلَى التَّوْجِيه قَوْله " مَا أبقينا " فِي مَحل النصب على أَنه مفعول لقَوْله فَاغْفِر وَقَوله " فدَاء لَك " جملَة مُعْتَرضَة وَلَفظ أبقينا بِالْبَاء الْمُوَحدَة وَالْقَاف هَكَذَا فِي رِوَايَة الْأصيلِيّ والنسفي وَمَعْنَاهُ مَا خلفنا وَرَاءَنَا مِمَّا اكتسبناه من الآثام وَفِي رِوَايَة الْأَكْثَرين مَا اتقينا من الاتقاء بتَشْديد التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وبالقاف وَمَعْنَاهُ مَا تَرَكْنَاهُ من الْأَوَامِر وَفِي رِوَايَة الْقَابِسِيّ " مَا لَقينَا " بِفَتْح اللَّام وَكسر الْقَاف من اللِّقَاء وَمَعْنَاهُ مَا وجدنَا من المناهي وَوَقع فِي رِوَايَة قُتَيْبَة عَن حَاتِم بن إِسْمَاعِيل كَمَا سَيَأْتِي فِي الْأَدَب مَا اقتفينا من الاقتفاء بِالْقَافِ وَالْفَاء أَي مَا تبعنا من الْخَطَايَا من قَفَوْت أَثَره إِذا تَبعته وَكَذَا وَقع لمُسلم عَن قُتَيْبَة وَهِي أشهر الرِّوَايَات فِي هَذَا الرجز قَوْله " وألقين " أَمر مُؤَكد بالنُّون الْخَفِيفَة وسكينة مَفْعُوله وَفِي رِوَايَة النَّسَفِيّ " وألق السكينَة " بِحَذْف النُّون وبالألف وَاللَّام فِي السكينَة قَوْله " إِنَّا إِذا صِيحَ بِنَا أَتَيْنَا " من الْإِتْيَان أَي إِذا دعينا لِلْقِتَالِ أَو إِلَى الْحق جِئْنَا.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي " أَبينَا " فِي بعض الرِّوَايَات من الإباء وَمَعْنَاهُ إِذا دعينا إِلَى غير الْحق أَبينَا أَي امتنعنا عَنهُ قيل هَذِه رِوَايَة النَّسَفِيّ قَوْله " وبالصياح " عولوا علينا أَي وبالصوت العالي قصدونا واستغاثوا يُقَال عولت على فلَان وعولت بفلان أَي استعنت بِهِ وَوَقع عِنْد أَحْمد من الزِّيَادَة فِي هَذَا الرجز فِي حَدِيث إِيَاس بن سَلمَة عَن أَبِيه وَهُوَ قَوْله
( إِن الَّذين قد بغوا علينا ... إِذا أَرَادوا فتْنَة أَبينَا)

( وَنحن عَن فضل الله مَا استغنينا ... )
قَوْله " من هَذَا السَّائِق " أَي من هَذَا الَّذِي يَسُوق الْإِبِل ويحدو قَالُوا عَامر بن الْأَكْوَع يَعْنِي عَم سَلمَة فَإِن قيل قد مضى فِي الْجِهَاد أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هُوَ الَّذِي كَانَ يَقُولهَا فِي حفر الخَنْدَق وَأَنَّهَا من أراجيز عبد الله بن رَوَاحَة وَأجِيب بِعَدَمِ الْمُنَافَاة بَينهمَا لاحْتِمَال التوارد قَوْله " قَالَ يرحمه الله " أَي قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يرحم الله عَامِرًا وَفِي رِوَايَة إِيَاس بن سَلمَة فَقَالَ غفر لَك رَبك قَالَ وَمَا اسْتغْفر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لإِنْسَان يَخُصُّهُ إِلَّا اسْتشْهد قَوْله " قَالَ رجل من الْقَوْم " هَذَا الرجل هُوَ عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ سَمَّاهُ مُسلم فِي رِوَايَة إِيَاس بن سَلمَة وَلَفظه فَنَادَى عمر بن الْخطاب وَهُوَ على جمل يَا نَبِي الله لَوْلَا متعتنا بعامر قَوْله " وَجَبت " أَي وَجَبت الْجنَّة لَهُ ببركة دعائك لَهُ وَقيل وَجَبت لَهُ الشَّهَادَة بدعائك قَوْله " لَوْلَا أمتعتنا بِهِ " أَي هلا أبقيته لنا لنتمتع بعامر يَعْنِي بشجاعته ويروى لَوْلَا متعتنا بِهِ من التَّمَتُّع وَهُوَ الترفه إِلَى مُدَّة وَمِنْه فِي الدُّعَاء يُقَال متعني الله بك قَوْله " فحصرناهم " أَي حصرنا أهل خَيْبَر ويروى فحاصرناهم.

     وَقَالَ  ابْن إِسْحَق أول حصون خَيْبَر فتحا حصن ناعم وَعِنْده قتل مَحْمُود بن سَلمَة ألقيت عَلَيْهِ رحى مِنْهُ فَقتلته قَوْله " مَخْمَصَة " بِفَتْح الْمِيم أَي مجاعَة قَوْله " على لحم " أَي توقد النيرَان على لحم قَوْله " على أَي لحم " أَي على أَي لحم من أَنْوَاع اللحوم توقدونها قَوْله " قَالُوا لحم حمر " يجوز فِي لفظ لحم الرّفْع وَالنّصب فالرفع على أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف تَقْدِيره هُوَ لحم حمر وَالنّصب بِنَزْع الْخَافِض وَالتَّقْدِير على لحم حمر والحمر بِضَمَّتَيْنِ جمع حمَار قَوْله " الإنسية " بِالْجَرِّ صفة حمر وَهُوَ بِكَسْر الْهمزَة وَسُكُون النُّون وَكسر السِّين الْمُهْملَة وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف نِسْبَة الْحمر إِلَى الْإِنْس وَمَعْنَاهُ الْحمر الْأَهْلِيَّة وَفِي الْمطَالع الأنسية بِفَتْح الْهمزَة وَفتح النُّون كَذَا ذكره البُخَارِيّ عَن ابْن أبي أويس وَكَذَا قيدناه عَن الشَّيْخ أبي بَحر فِي مُسلم وَكَذَا قَيده الْأصيلِيّ وَابْن السكن وَأَبُو ذَر وَأكْثر رِوَايَات الشُّيُوخ فِيهِ بِكَسْر الْهمزَة وَسُكُون النُّون وَكِلَاهُمَا صَحِيح وَأما الْأنس بِفَتْح الْهمزَة وَالنُّون فهم النَّاس وَكَذَلِكَ الْإِنْس قَوْله " أهريقوها " أَي أريقوها وَالْهَاء فِيهِ زَائِدَة ويروى بِدُونِ الْهمزَة هريقوها قَوْله " واكسروها " وَقد تقدم فِي الْمَظَالِم قَالَ اكسروها واهريقوها قَوْله أَو نهريقها ونغسلها وَفِي الْمَظَالِم قَالُوا أَلا نهريقها ونغسلها قَالَ اغسلوها وَهنا قَالَ أَو ذَاك أَي أَو الْغسْل وَمر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ قَوْله سيف عَامر وَهُوَ عَامر بن الْأَكْوَع الْمَذْكُور فِيهِ وَفِي رِوَايَة إِيَاس بن سَلمَة قَالَ فَلَمَّا قدمنَا خَيْبَر خرج ملكهم مرْحَبًا يخْطر بِسَيْفِهِ يَقُول
( قد علمت خَيْبَر أَنِّي مرحب ... شاكي السِّلَاح بَطل مجرب)

( إِذا الحروب أَقبلت تلهب ... )
قَالَ فبرز لَهُ عَامر فَقَالَ
( قد علمت خَيْبَر أَنِّي عَامر ... شاكي السِّلَاح بَطل مغامر)
قَالَ فاختلفنا ضربتين فَوَقع سيف مرحب فِي ترس عَامر فَذهب عَامر يسفل لَهُ أَي يضْربهُ من أَسْفَل فَرجع سَيْفه على نَفسه قَوْله ذُبابُُ سَيْفه وَهُوَ طرفه الَّذِي يضْرب بِهِ وَقيل ذُبابُُ السَّيْف حَده قَوْله عين ركبة عَامر أَي رَأس ركبته فَمَاتَ مِنْهُ قَوْله فَلَمَّا قَفَلُوا أَي رجعُوا من خَيْبَر قَوْله وَهُوَ آخذ بيَدي هَكَذَا هُوَ رِوَايَة الْكشميهني بيَدي بِالْبَاء الْمُوَحدَة وَفِي رِوَايَة غَيره يَدي بِدُونِ الْبَاء قَوْله حَبط عمله أَي عمل عَامر لِأَنَّهُ قتل نَفسه قَوْله أَن لَهُ لأجرين وهما أجر الْجهد فِي الطَّاعَة وَأجر المجاهدة فِي سَبِيل الله وَاللَّام فِيهِ للتَّأْكِيد وَهُوَ رِوَايَة الْكشميهني وَفِي رِوَايَة غَيره أَجْرَيْنِ بِدُونِ اللَّام قَوْله لجاهد مُجَاهِد اللَّام فِيهِ للتَّأْكِيد وجاهد اسْم فَاعل من جهد وَمُجاهد اسْم فَاعل أَيْضا من جَاهد وروى أَبُو ذَر عَن الْحَمَوِيّ وَالْمُسْتَمْلِي لجاهد وجاهد بِلَفْظ الْمَاضِي قَوْله " قل عَرَبِيّ مَشى بهَا مثله " حَاصِل الْمَعْنى من الْعَرَب قَلِيل مَشى فِي الدُّنْيَا بِهَذِهِ الْخصْلَة الحميدة الَّتِي هِيَ الْجِهَاد مَعَ الْجهد أَي الْجد وَكَذَا وَقع فِي هَذِه الرِّوَايَة مَشى بِلَفْظ الْمَاضِي من الْمَشْي قَوْله " بهَا " أَي بِالْأَرْضِ أَو الْمَدِينَة أَو الْحَرْب أَو الْخصْلَة قَوْله " مثله " أَي مثل عَامر
( حَدثنَا قُتَيْبَة حَدثنَا حَاتِم قَالَ نَشأ بهَا) أَي حَدثهُ قُتَيْبَة بن سعيد عَن حَاتِم بِالْحَاء الْمُهْملَة ابْن إِسْمَاعِيل الْكُوفِي نَشأ بالنُّون وبالهمزة فِي آخِره أَي شب وَكبر وَحكى السُّهيْلي أَنه وَقع فِي رِوَايَة مشابها بِضَم الْمِيم اسْم فَاعل من المشابهة وَحَاصِل مَعْنَاهُ لَيْسَ لَهُ مشابه فِي صفة الْكَمَال فِي الْقِتَال وانتصابه يكون على الْحَال أَو بِفعل مَحْذُوف وَالتَّقْدِير قل عَرَبِيّ رَأَيْته مشابها قَالَ السُّهيْلي وروى قل عَرَبيا نَشأ بهَا مثله وَالْفَاعِل مثله وعربيا مَنْصُوب على التَّمْيِيز لِأَن فِي الْكَلَام معنى الْمَدْح فَهُوَ على حد قَوْلهم عظم زيد رجلا وَقتل زيد أدبا