3824 حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ : حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ ، أَنَّ رِجَالًا مِنَ الأَنْصَارِ اسْتَأْذَنُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالُوا : ائْذَنْ لَنَا فَلْنَتْرُكْ لِابْنِ أُخْتِنَا عَبَّاسٍ فِدَاءَهُ قَالَ : وَاللَّهِ لاَ تَذَرُونَ مِنْهُ دِرْهَمًا |
3824 حدثني إبراهيم بن المنذر ، حدثنا محمد بن فليح ، عن موسى بن عقبة ، قال ابن شهاب : حدثنا أنس بن مالك ، أن رجالا من الأنصار استأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : ائذن لنا فلنترك لابن أختنا عباس فداءه قال : والله لا تذرون منه درهما |
شرح الحديث من فتح الباري لابن حجر
( الْحَدِيثُ الْعِشْرُونَ)
[ قــ :3824 ... غــ :4017] .
قَوْلُهُ إنَّ رِجَالًا مِنَ الْأَنْصَارِ أَيْ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا لِأَنَّ الْعَبَّاسَ كَانَ أُسِرَ بِبَدْرٍ كَمَا سَيَأْتِي وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ أَخْرَجُوهُ مَعَهم إِلَى بدر فَأخْرج بن إِسْحَاق من حَدِيث بن عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأَصْحَابِهِ يَوْمَ بَدْرٍ قَدْ عَرَفْتُ أَنَّ رِجَالًا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ قَدْ أُخْرِجُوا كُرْهًا فَمَنْ لَقِيَ أَحَدًا مِنْهُمْ فَلَا يَقْتُلْهُ وَرَوَى أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ بِالْعَبَّاسِ قَدْ أَسَرَهُ فَقَالَ الْعَبَّاسُ لَيْسَ هَذَا أَسَرَنِي بَلْ أَسَرَنِي رَجُلٌ أَنْزَعُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْأَنْصَارِيِّ أَيَّدَكَ اللَّهُ بِمَلَكٍ كَرِيمٍ وَاسْمُ هَذَا الْأَنْصَارِيِّ أَبُو الْيَسَرِ بِفَتْحِ التَّحْتَانِيَّةِ وَالْمُهْمَلَةِ وَهُوَ كَعْبُ بْنُ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيُّ وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الْيَسَرِ أَنَّهُ أَسَرَ الْعَبَّاسَ وَمِنْ حَدِيثِ بن عَبَّاسٍ.
قُلْتُ لِأَبِي كَيْفَ أَسَرَكَ أَبُو الْيَسَرِ وَلَوْ شِئْتَ لَجَعَلْتَهُ فِي كَفِّكَ قَالَ لَا تَقُلْ ذَلِكَ يَا بُنَيَّ .
قَوْلُهُ فَلْنَتْرُكْ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ وَاللَّامُ لِلْمُبَالَغَةِ .
قَوْلُهُ لِابْنِ أُخْتِنَا عَبَّاسٍ أَي بن عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَأُمُّ الْعَبَّاسِ لَيْسَتْ مِنَ الْأَنْصَارِ بَلْ جَدَّتُهُ أُمُّ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ هِيَ الْأَنْصَارِيَّةُ فَأَطْلَقُوا عَلَى جَدَّةِ الْعَبَّاسِ أُخْتًا لِكَوْنِهَا مِنْهُمْ وَعَلَى الْعَبَّاسِ ابْنَهَا لِكَوْنِهَا جَدَّتَهُ وَهِيَ سَلْمَى بِنْتُ عَمْرِو بْنِ زَيْدِ بْنِ لَبِيدٍ مِنْ بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي الْخَزْرَجِ.
وَأَمَّا أُمُّ الْعَبَّاسِ فَهِيَ نُتَيْلَةُ بِنُونٍ وَمُثَنَّاةٍ مِنْ فَوْقُ ثُمَّ لَامٍ مُصَغَّرٌ بِنْتُ جَنَابٍ بِجِيمٍ وَنُونٍ خَفِيفَةٍ بَعْدَ الْأَلِفِ مُوَحَّدَةٍ مِنْ وَلَدِ تَيْمِ اللَّاتِ بْنِ النَّمِرِ بْنِ قَاسِطٍ وَوَهَمَ الْكَرْمَانِيُّ فَقَالَ أُمُّ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ كَانَتْ مِنَ الْأَنْصَارِ وَأَخَذَ ذَلِكَ من ظَاهر قَول الْأَنْصَار بن أُخْتِنَا وَلَيْسَ كَمَا فَهِمَهُ بَلْ فِيهِ تَجَوُّزٌ كَمَا بَينته وروى بن عَائِذٍ فِي الْمَغَازِي مِنْ طَرِيقٍ مُرْسَلٍ أَنَّ عُمَرَ لَمَّا وَلِيَ وَثَاقَ الْأَسْرَى شَدَّ وَثَاقَ الْعَبَّاسِ فَسَمِعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَئِنُّ فَلَمْ يَأْخُذْهُ النَّوْمُ فَبَلَغَ الْأَنْصَارَ فَأَطْلَقُوا الْعَبَّاسَ فَكَأَنَّ الْأَنْصَارَ لَمَّا فَهِمُوا رِضَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِفَكِّ وَثَاقِهِ سَأَلُوهُ أَنْ يَتْرُكُوا لَهُ الْفِدَاءَ طَلَبًا لِتَمَامِ رِضَاهُ فَلَمْ يُجِبْهُمْ إِلَى ذَلِكَ وَأَخْرَجَ بن إِسْحَاق من حَدِيث بن عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَا عَبَّاس افْدِ نَفسك وبن أَخَوَيْكَ عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَنَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ وَحَلِيفَكَ عُتْبَةَ بْنَ عَمْرٍو فَإِنَّكَ ذُو مَالٍ قَالَ إِنِّي كُنْتُ مُسْلِمًا وَلَكِنَّ الْقَوْمَ اسْتَكْرَهُونِي قَالَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَقُولُ إِنْ كُنْتَ مَا تَقُولُ حَقًّا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِيكَ وَلَكِنْ ظَاهِرُ أَمْرِكَ أَنَّكَ كُنْتَ عَلَيْنَا وَذَكَرَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ أَنَّ فِدَاءَهُمْ كَانَ أَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً ذَهَبًا وَعِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ فِي الْأَوَائِلِ بِإِسْنَاد حسن من حَدِيث بن عَبَّاسٍ كَانَ فِدَاءُ كُلِّ وَاحِدٍ أَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً فَجَعَلَ عَلَى الْعَبَّاسِ مِائَةَ أُوقِيَّةٍ وَعَلَى عَقِيلٍ ثَمَانِينَ فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ أَلِلْقَرَابَةِ صَنَعْتَ هَذَا قَالَ فَأنْزل الله تَعَالَى يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ الْآيَةَ فَقَالَ الْعَبَّاسُ وَدِدْتُ لَوْ كُنْتَ أَخَذْتَ مِنِّي أَضْعَافَهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أَخذ مِنْكُم .
قَوْلُهُ لَا تَذَرُونَ بِفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ لَا تَتْرُكُونَ مِنَ الْفِدَاءِ شَيْئًا وَزَادَ الْكُشْمِيهَنِيُّ فِي رِوَايَتِهِ لَا تَذَرُونَ لَهُ أَيْ لِلْعَبَّاسِ قِيلَ وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ خَشِيَ أَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ مُحَابَاةً لَهُ لِكَوْنِهِ عَمَّهُ لَا لِكَوْنِهِ قَرِيبَهُمْ مِنَ النِّسَاءِ فَقَطْ وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْقَرِيبَ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَظَاهَرَ بِمَا يُؤْذِي قَرِيبَهُ وَإِنْ كَانَ فِي الْبَاطِنِ يَكْرَهُ مَا يُؤْذِيهِ فَفِي تَرْكِ قَبُولِ مَا يَتَبَرَّعُ لَهُ الْأَنْصَارُ بِهِ مِنَ الْفِدَاءِ تَأْدِيبٌ لِمَنْ يَقَعُ لَهُ مِثْلُ ذَلِكَ الْحَدِيثُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ حَدِيثُ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأسود وَفِي إِسْنَاد ثَلَاثَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ فِي نَسَقٍ وَهُمْ مَدَنِيُّونَ وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ فِي الدِّيَاتِ مَعَ مَا يَرْفَعُ الْإِشْكَالَ فِي قَوْلِهِ فَإِنَّكَ بِمَنْزِلَتِهِ وَالْغَرَضُ مِنْ إِيرَادِهِ هُنَا