هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3751 حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : قَالَ حَيْوَةُ : أَخْبَرَنِي أَبُو صَخْرٍ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ قُسَيْطٍ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِكَبْشٍ أَقْرَنَ يَطَأُ فِي سَوَادٍ ، وَيَبْرُكُ فِي سَوَادٍ ، وَيَنْظُرُ فِي سَوَادٍ ، فَأُتِيَ بِهِ لِيُضَحِّيَ بِهِ ، فَقَالَ لَهَا : يَا عَائِشَةُ ، هَلُمِّي الْمُدْيَةَ ، ثُمَّ قَالَ : اشْحَذِيهَا بِحَجَرٍ ، فَفَعَلَتْ : ثُمَّ أَخَذَهَا ، وَأَخَذَ الْكَبْشَ فَأَضْجَعَهُ ، ثُمَّ ذَبَحَهُ ، ثُمَّ قَالَ : بِاسْمِ اللَّهِ ، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ ، وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ، ثُمَّ ضَحَّى بِهِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3751 حدثنا هارون بن معروف ، حدثنا عبد الله بن وهب ، قال : قال حيوة : أخبرني أبو صخر ، عن يزيد بن قسيط ، عن عروة بن الزبير ، عن عائشة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بكبش أقرن يطأ في سواد ، ويبرك في سواد ، وينظر في سواد ، فأتي به ليضحي به ، فقال لها : يا عائشة ، هلمي المدية ، ثم قال : اشحذيها بحجر ، ففعلت : ثم أخذها ، وأخذ الكبش فأضجعه ، ثم ذبحه ، ثم قال : باسم الله ، اللهم تقبل من محمد ، وآل محمد ، ومن أمة محمد ، ثم ضحى به
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

'A'isha reported that Allah's Messenger (ﷺ) commanded that a ram with black legs, black belly and black (circles) round the eyes should be brought to him, so that he should sacrifice it. He said to 'A'isha:

Give me the large knife, and then said: Sharpen it on a stone. She did that. He then took it (the knife) and then the ram; he placed it on the ground and then sacrificed it, saying: Bismillah, Allah-humma Taqabbal min Muhammadin wa Al-i-Muhammadin, wa min Ummati Muhammadin (In the name of Allah, O Allah, accept [this sacrifice] on behalf of Muhammad and the family of Muhammad and the Umma of Muhammad ).

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [1967] .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( هَلُمِّي الْمُدْيَةَ) أَيْ هَاتِيهَا وَهِيَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا وَفَتْحِهَا وَهِيَ السِّكِّينُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( اشْحَذِيهَا بِحَجَرٍ) هُوَ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ الْمَفْتُوحَةِ وبالذال المعجمةأَيْ حَدِّدِيهَا وَهَذَا مُوَافِقٌ لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ فِي الْأَمْرِ بِإِحْسَانِ الْقِتْلَةِ وَالذَّبْحِ وَإِحْدَادِ الشَّفْرَةِ .

     قَوْلُهُ  ( وَأَخَذَ الْكَبْشَ فَأَضْجَعَهُ ثُمَّ ذَبَحَهُ ثُمَّ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ثُمَّ ضَحَّى بِهِ) هَذَا الْكَلَامُ فِيهِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ وَتَقْدِيرُهُ فَأَضْجَعَهُ وَأَخَذَ فِي ذَبْحِهِ قَائِلًا بِاسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأُمَّتِهِ مُضَحِّيًا به ولفظه ثمهنا متأولة على ماذكرته بِلَا شَكٍّ وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ إِضْجَاعِ الْغَنَمِ فِي الذبح وأنها لاتذبح قائمة ولاباركة بَلْ مُضْجَعَةً لِأَنَّهُ أَرْفَقُ بِهَا وَبِهَذَا جَاءَتِ الْأَحَادِيثُ وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ وَعَمَلُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ إِضْجَاعَهَا يَكُونُ عَلَى جَانِبِهَا الْأَيْسَرِ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ عَلَى الذَّابِحِ فِي أَخْذِ السِّكِّينِ بِالْيَمِينِ وَإِمْسَاكِ رَأْسِهَا بِالْيَسَارِ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ) فِيهِ دَلِيلٌ لِاسْتِحْبَابِ قَوْلِ الْمُضَحِّي حَالَ الذَّبْحِ مَعَ التَّسْمِيَةِ وَالتَّكْبِيرِ اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنِّي قَالَ أَصْحَابُنَا وَيُسْتَحَبُّ مَعَهُ اللَّهُمَّ مِنْكَ وَإِلَيْكَ تَقَبَّلْ مِنِّي فَهَذَا مُسْتَحَبٌّ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الْحَسَنِ وَجَمَاعَةٍ وَكَرِهَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَكَرِهَ مَالِكٌ اللَّهُمَّ مِنْكَ وَإِلَيْكَ.

     وَقَالَ  هي بدعةواستدل بِهَذَا مَنْ جَوَّزَ تَضْحِيَةَ الرَّجُلِ عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ وَاشْتِرَاكَهُمْ مَعَهُ فِي الثَّوَابِ وَهُوَ مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ وَكَرِهَهُ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَزَعَمَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مَنْسُوخٌ أومخصوص وَغَلَّطَهُ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ فَإِنَّ النَّسْخَ وَالتَّخْصِيصَ لايثبتان بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى ( بَاب جَوَازِ الذَّبْحِ بِكُلِّ مَا أنهر الدم الاالسن والظفر وسائرالعظام)

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [1967] يطَأ فِي سَواد ويبرك فِي سَواد وَينظر فِي سَواد مَعْنَاهُ أَن قوائمه وبطنه وَمَا حول عَيْنَيْهِ أسود هَلُمِّي المدية أَي هاتيها اشحذيها بإعجام الشين والذال وإهمال الْحَاء الْمَفْتُوحَة أَي حدديها

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بكبش أقرن، يطأ في سواد، ويبرك في سواد، وينظر في سواد، فأتي به ليضحي به.
فقال لها يا عائشة: هلمي المدية ثم قال اشحذيها بحجر ففعلت.
ثم أخذها وأخذ الكبش، فأضجعه ثم ذبحه.
ثم قال: باسم الله.
اللهم تقبل من محمد وآل محمد، ومن أمة محمد ثم ضحى به.

المعنى العام

كان صلى الله عليه وسلم معلماً وهادياً، بالفعل والقول، كان بشراً، يأكل الطعام، ويمشي في الأسواق، كان في بيته في مهنة أهله، يقطع اللحم بنفسه، وبالاشتراك مع زوجه، كان يذبح ذبيحته بنفسه، وبخاصة إذا كانت هدياً، أو أضحية، فقد ذبح عدداً كبيراً من الإبل والبقر بيده الشريفة، من الهدي الذي ساقه إلى الحرم، في حجة الوداع، وهو صلى الله عليه وسلم في هذه الأحاديث يباشر بنفسه ذبح الأضحية بكبشين، متكاملي الخلقة، أقرنين، أملحين، سمينين، حرص أن يكونا على أحسن حال الغنم، من حيث طيب اللحم وكثرته، ومن حيث جمال المنظر، عملاً بقوله تعالى { { لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون } } [آل عمران: 92] .

إن الأضحية -وإن كان المقصود منها بالدرجة الأولى التوسعة على الأهل في يوم العيد- هي شعيرة من شعائر الإسلام، كهدي الحرم، الذي يقول الله فيه { { والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير فاذكروا اسم الله عليها صواف فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون* لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم كذلك سخرها لكم لتكبروا الله على ما هداكم وبشر المحسنين } } [الحج: 36، 37] .

كان من السهل أن يأمر صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه بأن يذبح له، وكم يكون مثل هذا الأمر حبيباً إلى نفوس أصحابه، كان من السهل أن يريح نفسه من جهد الذبح، وأن يحمي بدنه وثيابه من التعرض لدم الذبيحة، ولكنه صلى الله عليه وسلم يضرب المثل في التواضع، وفي مباشرة أموره بنفسه، وبخاصة إذا كان فيها جانب من جوانب الشرع، ليثاب على مباشرته، وليعلم أمته، لقد طلب المدية من عائشة -رضي الله عنها- لتشاركه في أجر الذبح، فلما جاءته بها قال لها: اشحذيها، وحدديها، وسنيها بحجر، لتقطع سريعاً، فتخفف على الذبيحة الذبح وآلامه، وجاء بالكبش، فأضجعه على جانبه الأيسر، ووضع قدمه على صفحة عنقه، وأمسك السكين بيمينه، ورأس الكبش بشماله، ثم سمى وكبر، وقال: اللهم تقبل مني، ثم ذبح.

ولقد كانت المدية -أو السكين- آلة الذبح، وكانت معروفة شائعة، لكن القوم على سفر كثير، وعرضة لعدم تيسر السكين في أسفارهم وغزواتهم، كما هم عرضة لأن يغنموا إبلاً وغنماً، وتدفعهم الحاجة والجماعة إلى ذبحها، وما كانوا ليفعلوا شيئاً إلا بعد أن يتبينوا حكمه الشرعي من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فسأل سائلهم: يا رسول الله، إنا سنخرج معك غداً للغزو، وقد لا تتيسر لنا المدى، فبماذا نذبح غداً إذا لم نجد السكين المعتاد؟ قال صلى الله عليه وسلم: اذبحوا بأي محدد، كل ما أنهر الدم، وجرح الذبيحة في حلقها، وقطع حلقومها ومريئها وأوداجها فهو يحل لحمها، حديداً كان كالسيف وسن الرمح، أو حجراً، أو خشباً، أو زجاجاً، أو قشر قصب، أو خزفاً، أو نحاساً، لكن لا تذبحوا بالسن، لأنه عظم، ولا تذبحوا بالظفر، لأن الحبشة الكافرين يخنقون بأظفارهم الحيوان.

وخرج بهم صلى الله عليه وسلم في غزوة، وكان في آخر القوم، حماية لهم، وراعياً لضعيفهم، وطال بهم السفر، حتى نفد زادهم، وأصابتهم المجاعة، وغنمت مقدمة الجيش إبلاً وغنماً من الأعداء، فنزلوا منزلاً، وذبحوا منها، ووضعوها في قدرهم، وأوقدوا عليها نيرانهم، ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم نيرانهم وقدورهم، فسألهم، فأخبروه، فغضب صلى الله عليه وسلم على فعلهم هذا، دون إذن منه، وهو معهم، فأمرهم بإكفاء القدور، وطرح ما فيها من المرق واللحم الذي لم ينضج بعد، فاستجابوا فوراً، وأكفئت القدور.

وساروا بما غنموا من الإبل والغنم، فشرد بعير ونفر نفور الوحش، وجروا خلفه، فلم يدركوه، وكان الخيل معهم قليلاً، حتى يمكنهم الإحاطة به ومحاصرته، فأدركه فارس بفرسه، فأرسل عليه سهماً، جرحه، وأعجزه، وأوقعه على الأرض، يجري دمه، فمات، فقال صلى الله عليه وسلم: كلوه، فالحيوان المستأنس إذا توحش شأنه شأن المتوحش، يحل أكله بجرحه حيث قدر عليه، في أي مكان من جسمه، وإذا حصل لكم مثل هذا مستقبلاً، فافعلوا به مثل ما فعلتم اليوم، إن لهذه الإبل صدمات تصبح بها متوحشة كالوحش الأصلي، وإن المستأنس من الحيوان قد يصاب في مخه، فيبدو وحشاً، فعاملوها في هذه الحالة معاملة الوحوش، في صيدها، وحل لحمها.

المباحث العربية

( ضحى النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين) أي ذبح أضحيتين في المدينة بكبشين، والكبش فحل الضأن في أي سن كان.

( أملحين) قال ابن الأعرابي وغيره: الأملح هو الأبيض الخالص البياض، وقال الأصمعي: هو الأبيض، يشوبه شيء من السواد، وقال أبو حاتم: هو الذي يخالط بياضه حمرة، وقال بعضهم: هو الأسود، يعلوه حمرة، وقال الكسائي: هو الذي فيه بياض وسواد، والبياض أكثر، وقال الخطابي: وهو الأبيض الذي في خلل صوفه طبقات سود، وقال الداودي: هو المتغير الشعر بسواد وبياض، وفي كتب اللغة: ملح الشيء بضم اللام، ملاحة، وهو مليح بهج وحسن منظره، فهو مليح، والمقصود بالأملح هنا جميل الشعر حسنه، وأذواق الناس تختلف من حيث تناسق الألوان، وهذه التضحية غير التضحية الواردة في الرواية الثالثة، إذ فيها أمر بكبش أقرن، يطأ في سواد، ويبرك في سواد، وينظر في سواد قال النووي: معناه أن قوائمه، وبطنه، وما حول عينيه أسود.
اهـ يقال: وطئ الشيء، بكسر الطاء، يطؤه بفتحها، وطئاً داسه برجله، فالمعنى يدوس الأرض بأرجل سوداء، ويقال: برك البعير، بفتح الراء، وقع على بركه، بسكون الراء، والبرك مقدم صدر البعير الذي يلي الأرض وفي هنا مرادفة للباء، أي يطأ بسواد، ويبرك بسواد، وينظر بسواد.

( أقرنين) أي لكل منهما قرنان معتدلان حسنان.

( ذبحهما بيده) أي بنفسه، دون توكيل، بأن أخذ المدية في يده، ومررها، وفي الرواية الثانية ورأيته يذبحهما بيده.

( وسمى وكبر، ووضع رجله على صفاحهما) أي على صفاح كل منهما، عند ذبحه، والصفاح بكسر الصاد وتخفيف الفاء، الجوانب، جمع صفح بسكون الفاء والمراد أنه صلى الله عليه وسلم وضع رجله على صفحة العنق، ليكون أثبت له وأمكن، ولئلا تضطرب الذبيحة، فتمنعه من إكمال الذبح، أو تؤذيه، ولما كان صلى الله عليه وسلم قد وضع رجله على صفحة واحدة من كل من الكبشين كان الأصل أن يقول: ووضع رجله على صفحتيهما ليكون من إضافة المثنى إلى المثنى، المفيدة للتوزيع والقسمة الآحادية، كما في مقابلة الجمع بالجمع المقتضية للقسمة أحاداً، كقولنا: أعطيت الطلاب أقلاماً، لكنه جمع المضاف إلى المثنى لكراهتهم اجتماع تثنيتين عند ظهور المراد، كما في قوله تعالى { { إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما } } [التحريم: 4] والجمع في مثل هذا أكثر استعمالاً من التثنية، ومن الإفراد، بل منع أبو حيان الإفراد إلا في الشعر، كقوله: حمامة بطن الواديين ترنمي.

ووجهه بعضهم على مذهب من قال: إن أقل الجمع اثنان، فجعله من مقابلة الجمع بالجمع، وهذا بعيد.

( هلمي المدية) أي أحضري المدية، وهلم اسم فعل أمر، لا يتصرف، ويلزم حالة واحدة للمفرد والمفردة والمثنى والجمع والمذكر والمؤنث عند أهل الحجاز، وبنو تميم يلحقون به الضمائر، تأنيثاً، وتثنية وجمعاً، فهو هنا على لغة تميم.

والمدية بضم الميم وسكون الدال السكين، وقد تكسر الميم، وقد تفتح.

( اشحذيها بحجر) بفتح الحاء، بعدها ذال، أي حدديها.

( ثم أخذها، وأخذ الكبش، فأضجعه، ثم ذبحه، ثم قال: باسم الله.
اللهم تقبل من محمد وآل محمد ومن أمة محمد.
ثم ضحى به)
قال النووي: هذا الكلام فيه تقديم وتأخير، وتقديره: فأضجعه، وأخذ في ذبحه، قائلاً: باسم الله، اللهم تقبل من محمد وآل محمد وأمته، مضحياً به، قال: ولفظه ثم هنا متأولة على ما ذكرته بلا شك.
اهـ

والذي حمل النووي على هذا التأويل أن التسمية مشروعة عند بدء الذبح، وليست متراخية عنه، وثم للترتيب والتراخي، فأشار إلى أن في قوله ثم ذبحه مجاز المشارفة، كما في قولنا: توضأ، فغسل وجهه، ويديه وشعره وقدميه، أي أشرف على الوضوء، وأراد الوضوء، فغسل إلخ.
وهنا: أشرف على ذبحه وأراد ذبحه، ثم قال: باسم الله...
إلخ، وكذلك قوله ثم ضحى به فجعله حالاً، قيداً في العامل، وهو الأفعال السابقة، أي فعل كل ذلك على سبيل الأضحية، ويمكن أن تكون ثم للترتيب والتراخي في الذكر فقط، كقول الشاعر:

أنا من ساد ثم ساد أبوه....

وأما ما جاء في الرواية الأولى من عدم ترتيب الأفعال فلا يضر، لأن العطف فيه بالواو، وهي لا تقتضي ترتيباً ولا تعقيباً ولا تراخياً.

( إنا لاقو العدو غداً وليست معنا مدى) اسم فاعل، من لقي بكسر القاف يلقى بفتحها، وهو من إضافة اسم الفاعل إلى مفعول، وغداً يراد به يوم بعد يومك، ليس شرطاً أن يكون التالي، ويحتمل أن يكون مراده أنهم إذا لقوا العدو صاروا بصدد أن يغنموا منهم ما يذبحونه، ويحتمل أن يكون مراده أنهم سيحتاجون إلى ذبح ما يأكلونه، ليتقووا به على العدو، إذا لقوه، وكرهوا أن يذبحوا بسيوفهم، لئلا يضر ذلك بحدها، فسأل عن الذي يجزئ في الذبح.

( أعجل) بكسر الجيم وهمزة قطع، فعل أمر، أي أعجل ذبحها بكل ما ينهر الدم، لئلا تموت خنقاً، وعند البخاري اعجل بهمزة وصل وفتح الجيم.

( أو أرني) شك من الراوي، هل قال: أعجل؟ أو قال أرن.
قال النووي: أرن بفتح الهمزة وكسر الراء، وإسكان النون، وروي بإسكان الراء، وكسر النون، وروي أرني بإسكان الراء، وزيادة ياء، وكذا وقع هنا في أكثر النسخ.

قال الخطابي: صوابه أأرن بهمزة مفتوحة بعدها همزة ساكنة مع كسر الراء، على وزن أعجل وهو بمعناه، وهو من النشاط والخفة، [لأن الذبح إذا كان بغير الحديد احتاج إلى خفة يد صاحبه، وسرعة إمرارها، قبل أن تهلك] ، وقد يكون أرن على وزن أطلع أي أهلكها ذبحاً، من أران القوم إذا هلكت مواشيهم، قال: ويكون أرن على وزن أعط بمعنى أدم الحز والقطع، ولا تفتر، من قولهم: رنوت إذا أدمت النظر.
قال القاضي عياض: وقد رد بعضهم على الخطابي قوله: من أران القوم إذا هلكت مواشيهم، لأن هذا لا يتعدى، والمذكور في الحديث متعد، على ما فسره، ورد عليه أيضاً قوله: إنه أأرن إذ لا نجتمع همزتان إحداهما ساكنة في كلمة واحدة، وإنما يقال في هذا أيرن قال القاضي: وقال بعضهم: معنى أرني بالياء سيلان الدم.
اهـ

( ما أنهر الدم، وذكر اسم الله، فكل) أي ما أسال الدم بكثرة، وجعله كالنهر يجري فكل، ورابط جملة الخبر بالمبتدأ محذوف، والتقدير فكله وفيه مضاف محذوف، أي فكل ذبيحته، وذكر اسم الله بضم الذال، مبني للمجهول، والرابط محذوف أيضاً، أي وذكر اسم الله عليه، ورواية أبي داود وذكر اسم الله عليه، والجملة حال بتقدير قد عند من يشترطها، أي مذكوراً عليه اسم الله.

قال القاضي: وذكر الخشبي في شرح هذا الحديث ما أنهز بالزاي، والنهز بمعنى الدفع.
قال: وهذا غريب، والمشهور بالراء المهملة.
كذا ذكره العلماء كافة.

قال بعض العلماء: والحكمة في اشتراط الذبح، وإنهار الدم تمييز حلال اللحم والشحم من حرامهما، وتنبيه على أن تحريم الميتة لبقاء دمها.

( ليس السن والظفر) أداة استثناء، والسن منصوب على الاستثناء مما أنهر الدم، كأنه قال: ما أنهر الدم إلا السن والظفر، أو خلا السن والظفر فكل ذبيحته، والسن والظفر مطلقان، فهل هما على إطلاقهما؟ وعلى عمومهما؟ يشملان سن وظفر الآدمي وغيره؟ الطاهر والنجس؟ المتصل والمنفصل؟ أو لا؟ وهل يلحق بهما سائر العظام؟ أم لا؟ خلاف فقهي سيأتي.

( وسأحدثك) أي عن سبب استثناء السن والظفر.

( أما السن فعظم) قال النووي: معناه فلا تذبحوا به، فإنه يتنجس بالدم، وقد نهيتم عن الاستنجاء بالعظام لئلا تتنجس، لكونها زاد إخوانكم من الجن.
اهـ وفي هذا التوجيه نظر، فقد يمكن تطهيرها بعد الذبح بها، ولهذا قال ابن الصلاح: ولم أر بعد البحث من نقل للمنع من الذبح بالعظم معنى يعقل.
اهـ

( وأما الظفر فمدى الحبشة) قال: معناه أنهم كفار، وقد نهيتم عن التشبه بالكفار، وهذا شعار لهم.
اهـ وفيه نظر أيضاً، لأنه لو كان كذلك لامتنع الذبح بالسكين وسائر ما يذبح به الكفار.

( وأصبنا نهب إبل وغنم) يقال: نهب الشيء ينهبه، بفتح الهاء فيهما، أخذه قهراً، والنهب بسكون الهاء المنهوب، والمعنى أخذنا قهراً وغنيمة إبلاً وغنماً من أعدائنا في حرب وغارة عليهم، وفي رواية البخاري وتقدم سرعان الناس فأصابوا من المغانم.

( فند منها بعير) بفتح النون وتشديد الدال، أي شرد وهرب وجرى على وجهه، نافراً، وفي الرواية السادسة فند علينا بعير منها فعلى بمعنى عن للمجاوزة...

( فرماه رجل بسهم فحبسه) أي أصابه، فأوقفه، وأوقعه على الأرض، وهل يحل البعير الناد، إذا رمي بسهم؟ وإن قدر على ذكاته بعد؟ خلاف فقهي سيأتي، وفي الرواية السادسة فرميناه بالنبل، حتى وهصناه بفتح الهاء وسكون الصاد، أي أسقطناه على الأرض، وفي غير مسلم رهصناه بالراء، أي حبسناه، وفي رواية البخاري وكان في القوم خيل يسيرة كاعتذار لعدم قدرتهم على البعير الناد بغير السهام.

( إن لهذه الإبل أوابد، كأوابد الوحش) أي إن لهذه الإبل نفوراً وشروداً، كنفور الوحش وشروده، يقال: أبد، بفتح الهمزة والباء، يأبد، بضم الباء وكسرها، وأبد بكسر الباء، يأبد بفتحها، إذا نفر المستأنس والأوابد، بكسر الباء، جمع آبدة، بالمد وكسر الباء المخففة.

( فإذا غلبكم منها شيء فاصنعوا به هكذا) أي إذا غلبكم بعير بنفوره وشروده، فارموه بالسهم.

( كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي الحليفة من تهامة) قال النووي: قال العلماء: الحليفة هذه مكان من تهامة، بين حاذة وذات عرق بين الطائف ومكة، وليست بذي الحليفة، التي هي ميقات أهل المدينة، هكذا ذكره الحازمي في كتابه المؤتلف في أسماء الأماكن، لكنه قال: الحليفة، من غير لفظ ذي والذي في صحيح البخاري ومسلم بذي الحليفة فكأنه يقال بالوجهين، قال الحافظ ابن حجر: وكان ذلك عند رجوعهم من الطائف، سنة ثمان، وفي رواية البخاري فما ند عليكم منها فاصنعوا به هكذا وفي رواية فما فعل منها هذا، فافعلوا مثل هذا وفي رواية الطبراني فاصنعوا به ذلك، وكلوه.

( فعجل القوم، فأغلوا بها القدور) في رواية البخاري فأصاب الناس جوع يمهد الصحابي بذلك لعذرهم في ذبحهم الإبل والغنم التي أصابوا، زاد في رواية البخاري وكان النبي صلى الله عليه وسلم في أخريات الناس وكان صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك صوناً للعسكر وحفظاً، وفي رواية البخاري فعجلوا، فنصبوا القدور وفي رواية فانطلق ناس من سرعان الناس، فذبحوا ونصبوا القدور قبل أن يقسم ومعنى فأغلوا القدور أي أوقدوا النار تحتها، حتى غلت، وفي رواية فانتهى النبي صلى الله عليه وسلم إليهم.

( فأمر بها فكفئت) في رواية البخاري فأمر بالقدور فأكفئت أي قلبت، وأفرغ ما فيها، وهل أتلف ما فيها من المرق فقط؟ واستفيد باللحم؟ أم أتلف المرق واللحم؟ سيأتي تفصيل ذلك في فقه الحديث.

( ثم عدل عشراً من الغنم بجزور) في رواية البخاري ثم قسم، فعدل عشرة من الغنم ببعير قالوا: وهو محمول على أن قيمة الغنم إذ ذاك كانت كذلك، أو أن الغنم كانت كثيرة، أو هزيلة، فلا يتعارض ذلك مع القاعدة في الأضاحي من أن البعير يجزي عن سبع شياه.

( فنذكي بالليط؟) الكلام على حذف أداة الاستفهام، والليط بكسر اللام قشور القصب، وليط كل شيء قشوره، والواحدة ليطة، وهو معنى قوله في ملحق الرواية أفنذبح بالقصب؟ وفي رواية أبي داود وغيره أفنذبح بالمروة؟ وهي حجر أبيض، وقيل: الذي يقدح منه النار.
وفي رواية الطبراني أفنذبح بالقصب والمروة؟ وفي رواية أنذبح بالمروة وشقة العصا؟.

فقه الحديث

نقاط هذا الباب أربع:

1- استحباب ذبح الأضحية بنفسه، دون توكيل.

2- التسمية والتكبير عند الذبح.

3- الآلة الصالحة للذبح.

4- ما يؤخذ من الأحاديث.

وهذا هو التفصيل.

1- أما ذبح الأضحية.

بنفسه فقد قال النووي: يستحب أن يتولى الإنسان ذبح أضحيته بنفسه، ولا يوكل في ذبحها إلا لعذر، وحين العذر يستحب أن يشهد ذبحها، وإن استناب فيها مسلماً جاز، بلا خلاف، وإن استناب كتابياً كره كراهية تنزيه، وأجزأه، ووقعت التضحية عن الموكل.
قال: هذا مذهبنا ومذهب العلماء كافة، إلا مالكاً في إحدى الروايتين عنه، فإنه لم يجوزها.
ويجوز أن يستنيب صبياً، أو امرأة حائضاً، لكن يكره توكيل الصبي، وفي كراهة توكيل الحائض وجهان، قال أصحابنا: الحائض أولى بالاستنابة من الصبي، والصبي أولى من الكتابي.
قال أصحابنا: والأفضل لمن وكل أن يوكل مسلماً فقيهاً بباب الذبائح والضحايا، لأنه أعرف بشروطها وسننها.
اهـ

وجاءت رواية عن المالكية بعدم إجزاء الوكيل عند القدرة، وعند أكثرهم يكره.

وقال الحافظ ابن حجر: وعن الشافعية الأولى للمرأة أن توكل في ذبح أضحيتها، ولا تباشر الذبح بنفسها.

2- وأما التسمية عند الذبح:

فقد سبق تفصيل حكمها في أول كتاب الصيد والذبائح، باب الصيد بالكلاب المعلمة، ونزيد هنا أن الحديث علق الإذن بمجموع الأمرين، وهما الإنهار والتسمية والمعلق على شيئين لا يكتفى فيه إلا باجتماعهما، وينتفى بانتفاء أحدهما، وأما التكبير ففي الحديث استحباب التكبير مع التسمية، فيقول: باسم الله، والله أكبر.

3- الآلة الصالحة للذبح:

وفي الرواية الرابعة وما بعدها تصريح بجواز الذبح بكل محدد يقطع، إلا السن والظفر.
قال النووي: فيدخل في ذلك السيف والسكين والسنان والحجر والخشب والزجاج والقصب والخزف والنحاس وسائر الأشياء المحددة، فكلها تحصل بها الذكاة، إلا السن والظفر والعظام كلها، قال: قال أصحابنا: وفهمنا العظام من بيان النبي صلى الله عليه وسلم العلة، في قوله: أما السن فعظم أي نهيتكم عنه لكونه عظماً، فهذا تصريح بأن العلة كونه عظماً، فكل ما صدق عليه اسم العظم لا تجوز الذكاة به، وقد قال الشافعي وأصحابه بهذا الحديث في كل ما تضمنه، وبهذا قال النخعي والحسن بن صالح والليث وأحمد وإسحق وأبو ثور وداود وفقهاء الحديث وجمهور العلماء.

وقال أبو حنيفة وصاحباه: لا يجوز بالسن والعظم المتصلين، ويجوز بالمنفصلين [أي لأن الذبح بالمتصلين يشبه الخنق، وبالمنفصلين يشبه الآلة المستقلة، من حجر وغيره] .

وعن مالك روايات، أشهرها: جوازه بالعظم، دون السن، كيف كان العظم، وكيف كان السن، والثانية كمذهب الجمهور، والثالثة كأبي حنيفة، والرابعة حكاها عنه ابن المنذر: يجوز بكل شيء، حتى السن والظفر.

وعن ابن جريج: جواز الذكاة بعظم الحمار، دون القرد.
قال النووي: وهذا مع ما قبله باطلان، منابذان للسنة.
اهـ

أما ما يجب قطعه في الذبح فقد قال النووي: قال الشافعي وأصحابه وموافقوهم: لا تحصل الذكاة إلا بقطع الحلقوم والمريء بكمالهما، ويستحب قطع الودجين، ولا يشترط، وهذا أصح الروايتين عن أحمد.

وقال ابن المنذر: أجمع العلماء على أنه إذا قطع الودجين والحلقوم والمريء، وأسال الدم، حصلت الذكاة، قال واختلفوا في قطع بعض هذا، فقال الشافعي: يشترط قطع الحلقوم والمريء، ويستحب الودجان، وقال الليث وأبو ثور وداود وابن المنذر: يشترط الجميع.

وقال أبو حنيفة: إذا قطع ثلاثة من هذه الأربعة أجزأه.

وقال مالك: يجب قطع الحلقوم والودجين، ولا يشترط المريء، وهذه رواية عن الليث أيضاً.

وعن مالك رواية أنه يكفي قطع الودجين، وعنه اشتراط قطع الأربعة، كما قال الليث وأبو ثور.

وعن أبي يوسف ثلاث روايات، إحداها كأبي حنيفة، والثانية إن قطع الحلقوم واثنين من الثلاثة الباقية حلت، وإلا فلا، والثالثة يشترط قطع الحلقوم والمريء، وأحد الودجين، وقال محمد بن الحسن: إن قطع من كل واحد من الأربعة أكثره حل، وإلا فلا.

ويؤخذ من أحاديث الباب فوق ما تقدم

1- جواز تضحية الإنسان بعدد من الحيوان.

2- واستحباب الأقرن.
قال النووي: وأجمع العلماء على جواز التضحية بالأجم، الذي لم يخلق له قرنان، واختلفوا في مكسور القرن، فجوزه الشافعي وأبو حنيفة والجمهور، سواء كان يدمي أم لا، وكرهه مالك إذا كان يدمي، وجعله عيباً.

3- واستحباب استحسان الأضحية، واختيار أكملها، قال النووي: وأجمعوا على أن العيوب الأربعة المذكورة في حديث البراء -وهي: المرض والعجف [الهزال] والعور والعرج البين- لا تجزئ التضحية بها، وكذا ما كان في معناها، أو أقبح، كالعمى وقطع الرجل وشبهه.
قال: وحديث البراء هذا لم يخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما، ولكنه صحيح، رواه أبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم من أصحاب السنن بأسانيد صحيحة وحسنة.
قال أحمد بن حنبل: ما أحسنه من حديث، وقال الترمذي: حسن صحيح.
اهـ

ولفظ الحديث كما هو عند النسائي أربعة لا يجزين في الأضاحي: العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين ظلعها -أي عرجها- والكسيرة التي لا تنقى -أي التي لا مخ لها، لشدة عجفها، ومرضها، وفي رواية لا يجوز من الضحايا العوراء البين عورها، والعرجاء البين عرجها.
والمريضة البين مرضها، والعجفاء التي لا تنقى.

4- وفي قوله أملحين استحباب استحسان لون الأضحية.
قال النووي: وقد أجمعوا عليه، قال أصحابنا: أفضلها البيضاء، ثم الصفراء، ثم الغبراء -وهي التي لا يصفو بياضها -ثم البلقاء -وهي التي بعضها أبيض، وبعضها أسود- ثم السوداء.

أما الموجوء -وهو منزوع الأنثيين، والوجاء -بكسر الواو- الخصاء، فقد كرهه بعض أهل العلم، لنقص العضو، مستأنساً بما جاء عند الترمذي بلفظ ضحى بكبش فحل أي كامل الخلقة، لم تقطع أنثياه، والجمهور على عدم كراهته، وأن ذلك ليس عيباً، لأن الخصاء يفيد اللحم طيباً، وينفي عنه الزهومة وسوء الرائحة.

5- وفيه أن الذكر في الأضحية أفضل من الأنثى لأن لحمه أطيب وهو قول الجمهور، وقال ابن العربي: الأصح أفضلية الذكور على الإناث في الضحايا، وقيل: هما سواء.

6- قال النووي: وفيه استحباب إضجاع الغنم في الذبح، وأنها لا تذبح قائمة، ولا باركة، بل مضطجعة، لأنه أرفق بها، وبهذا جاءت الأحاديث، وأجمع المسلمون عليه، واتفق العلماء وعمل المسلمين على أن إضجاعها يكون على جانبها الأيسر، لأنه أسهل على الذابح في أخذ السكين باليمين، وإمساك رأسها باليسار.

7- واستحباب وضع الرجل على صفاحها.
قال النووي: وهذا الحديث أصح من الحديث الذي جاء بالنهي عن هذا.

8- ومن قوله في الرواية الثالثة اشحذيها استحباب إحسان القتلة والذبح، وإحداد الشفرة.

9- ومن التسمية والتكبير والدعاء الوارد في الرواية استحباب قول المضحي حال الذبح: اللهم تقبل مني.
قال الشافعية: ويستحب أن يقول: اللهم منك، وإليك.
تقبل مني.

قال النووي: فهذا مستحب عندنا وعند الحسن وجماعة، وكرهه أبو حنيفة وكره مالك اللهم منك وإليك وقال: هي بدعة.

10- واستدل بالحديث من جوز تضحية الرجل عن نفسه وعن أهل بيته، واشتراكهم معه في الثواب، قال النووي: وهو مذهبنا ومذهب الجمهور، وكرهه الثوري وأبو حنيفة وأصحابه، وزعم الطحاوي أن هذا الحديث منسوخ، أو مخصوص، وغلطه العلماء في ذلك، فإن النسخ والتخصيص لا يثبتان بمجرد الدعوى.

11- ومن الرواية الرابعة وما بعدها، من قوله ما أنهر الدم تنبيه على أن تحريم الميتة إنما هو لبقاء دمها.

12- وفيه أيضاً دليل على جواز ذبح المنحور، ونحر المذبوح، ما دام قد حصل إنهار الدم، وقد جوزه العلماء كافة، إلا داود فمنعهما، وكرهه مالك كراهة تنزيه، وفي رواية كراهة تحريم، وفي رواية عنه إباحة ذبح المنحور، دون نحر المذبوح.

قال النووي: وأجمعوا أن السنة في الإبل النحر، وفي الغنم الذبح، والبقر كالغنم عندنا وعند الجمهور، وقيل: يتخير بين ذبحها ونحرها.

13- وفي قصة البعير الناد دليل لإباحة عقر الحيوان الذي يند، ويعجز عن ذبحه ونحره، قال النووي: قال أصحابنا وغيرهم: الحيوان المأكول الذي لا تحل ميتته ضربان: مقدور على ذبحه، ومتوحش، فالمقدور عليه لا يحل إلا بالذبح في الحلق واللبة، وهذا مجمع عليه، وسواء في هذا الإنسي والوحشي، إذا قدر على ذبحه، بأن أمسك الصيد، أو كان متأنساً، فلا يحل إلا بالذبح في الحلق واللبة، وأما المتوحش كالصيد ففي جميع أجزائه يذبح، ما دام متوحشاً، فإذا رماه بسهم، أو أرسل عليه جارحة، فأصاب شيئاً منه، ومات به، حل بالإجماع، وأما إذا توحش إنسي، بأن ند بعير، أو بقرة، أو فرس، أو شردت شاة أو غيرها، فهو كالصيد، فيحل بالرمي إلى غير مذبحه، وبإرسال الكلب وغيره من الجوارح عليه، وكذا لو تردى بعير أو غيره في بئر، ولم يمكن قطع حلقومه ومريئه، فهو كالبعير الناد، في حله بالرمي، بلا خلاف عندنا، وفي حله بإرسال الكلب وجهان، أصحها لا يحل، قال أصحابنا: وليس المراد بالتوحش مجرد الإفلات، بل متى تيسر لحوقه بعد، ولو بالاستعانة بمن يمسكه ونحو ذلك، فليس متوحشاً، ولا يحل حينئذ إلا بالذبح في المذبح، وإن تحقق العجز في الحال جاز رميه، ولا يكلف الصبر إلى قدرة عليه، وسواء كانت الجراحة في فخذه أو خاصرته أو غيرهما من بدنه، فيحل.
هذا تفصيل مذهبنا، وممن قال بإباحة عقر الناد -كما ذكرنا- علي بن أبي طالب وابن مسعود وابن عمر وابن عباس وطاووس وعطاء والشعبي والحسن البصري والأسود بن يزيد والحكم وحماد والنخعي والثوري وأبو حنيفة وأحمد وإسحق وأبو ثور والمزني وداود والجمهور، ودليلهم حديث رافع هذا.

وقال سعيد بن المسيب وربيعة والليث ومالك: لا يحل إلا بذكاة في حلقه، كغيره.

14- ومن الأمر بإكفاء القدور تحريم التصرف في الأموال المشتركة من غير إذن، ولو قلت، ولو وقع الاحتياج إليها.

15- وأنه لا يجوز الأكل من الغنائم قبل القسمة.
قال النووي: إنهم كانوا قد انتهوا إلى دار الإسلام، وإلى المحل الذي لا يجوز فيه الأكل من مال الغنيمة المشتركة، فإن الأكل من الغنائم قبل القسمة إنما يباح في دار الحرب، وقال الإسماعيلي: إكفاء القدور يجوز أن يكون من أجل أنهم تعجلوا إلى الاختصاص بالشيء دون بقية من يستحقه ، من قبل أن يقسم ويخرج منه الخمس، فمنعهم من تناول ما سبقوا إليه، زجراً لهم عن معاودة مثله.
اهـ وأبعد المهلب، فقال: إنما عاقبهم لأنهم استعجلوا، وتركوه في آخر القوم، متعرضاً لمن يقصده من عدو ونحوه، وتعقب أنه صلى الله عليه وسلم كان مختاراً لذلك، ولا معنى للحمل على الظن، مع وجود النص بالسبب.

16- وأن للإمام عقوبة الرعية، بما فيه إتلاف منفعة ونحوها، إذا غلبت المصلحة الشرعية، قال النووي: واعلم أن المأمور به من إراقة القدور إنما هو إتلاف لنفس المرق، عقوبة لهم، وأما نفس اللحم فلم يتلفوه، بل يحمل على أنه جمع، ورد إلى المغنم، ولا يظن أنه صلى الله عليه وسلم أمر بإتلافه، لأنه مال للغانمين، وقد نهي عن إضاعة المال، مع أن الجناية بطبخه لم تقع من جميع مستحقي الغنيمة، إذ من جملتهم أصحاب الخمس، ومن الغانمين من لم يطبخ، قال: فإن قيل: لم ينقل أنهم حملوا اللحم إلى المغنم؟ قلنا: ولم ينقل أيضاً أنهم أحرقوه وأتلفوه، وإذا لم يأت فيه نقل صريح وجب تأويله على وفق القواعد الشرعية، وهو ما ذكرناه، وهذا بخلاف إكفاء قدور الحمر الأهلية يوم خيبر.
فإنه أتلف ما فيها من لحم ومرق، لأنها صارت نجسة، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم فيها إنها رجس أو نجس كما سبق في بابه، وأما هذه اللحوم فكانت طاهرة، منتفعاً بها، بلا شك، فلا يظن إتلافها.
والله أعلم.
اهـ

قال الحافظ ابن حجر: يحتمل أن الشياه بدأ طبخها صحاحاً، فلما أريق مرقها ضمت إلى المغنم، لتقسم، ثم يطبخها من وقعت في سهمه.

ورد على هذا بعضهم بما أخرجه أبو داود بإسناد جيد، عن رجل من الأنصار، قال: أصاب الناس مجاعة شديدة، فأصابوا غنماً، فانتهبوها، فإن قدورنا لتغلي بها إذ جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم على فرسه، فأكفأ قدورنا بقوسه، ثم جعل يرمل اللحم بالتراب، ثم قال: إن النهبة ليست بأحل من الميتة ورد هذا الرد بأنه لا يلزم من تتريب اللحم إتلافه، لإمكان تداركه بالغسل، فإن قيل: إن السياق يشعر بأنه أريد المبالغة في الزجر عن ذلك الفعل، وبقاء اللحم صالحاً للانتفاع به، لا يجعل لإكفاء القدور كبير زجر؟ قلنا: إن الجناية ليست كبيرة، ولم يسبق التنبيه إلى مثلها، فتكفي العقوبة بالإكفاء، وتأخير الطعام، وهم في جماعة، وإتلاف اللحوم ليست عقوبة كبيرة للغانمين، لأن نصيب كل منهم منها سيكون يسيراً، فالعقوبة الحقيقية معاملتهم بنقيض قصدهم، وهو التعجل، وعقوبته التأخير.

17- وبوب البخاري لهذا الحديث باب قسمة الغنم، أي بالعدد، لقوله ثم عدل عشراً من الغنم بجزور.

18- وبوب البخاري لهذا الحديث بباب ما يكره من ذبح الإبل والغنم، في المغانم؛ وذلك لأن الأمر بإكفاء القدور مشعر بكراهة ما صنعوا من الذبح بغير إذن.

19- قال ابن المنير: قيل: إن الذبح إذا كان على طريق التعدي كان المذبوح ميتة.
اهـ أخذ هذا القائل حكمه من الأمر بإكفاء القدور، وقد ذكرنا التوجيه الراجح بأن اللحوم لم تتلف، فلا دليل على ما قال.

20- وفيه العقوبة بالمال، وإن كان ذلك المال لا يختص بأولئك الذين ذبحوا، لكن لما تعلق به طمعهم كانت النكاية حاصلة لهم، وإذا جوزنا هذا النوع من العقوبة كانت عقوبة صاحب المال في ماله أولى، ومن هنا قال مالك: يراق اللبن المغشوش، ولا يترك لصاحبه، لينتفع به بغير البيع، أدباً له.

21- وفيه حل أكل ما رمي بالسهم.

22- وفيه انقياد الصحابة لأمر النبي صلى الله عليه وسلم، حتى في ترك الشيء الذي تشتد حاجتهم إليه، فقد أكفئت القدور باللحوم، وهم في مجاعة شديدة.

والله أعلم

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ سـ :3751 ... بـ :1967]
حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ قَالَ حَيْوَةُ أَخْبَرَنِي أَبُو صَخْرٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ قُسَيْطٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِكَبْشٍ أَقْرَنَ يَطَأُ فِي سَوَادٍ وَيَبْرُكُ فِي سَوَادٍ وَيَنْظُرُ فِي سَوَادٍ فَأُتِيَ بِهِ لِيُضَحِّيَ بِهِ فَقَالَ لَهَا يَا عَائِشَةُ هَلُمِّي الْمُدْيَةَ ثُمَّ قَالَ اشْحَذِيهَا بِحَجَرٍ فَفَعَلَتْ ثُمَّ أَخَذَهَا وَأَخَذَ الْكَبْشَ فَأَضْجَعَهُ ثُمَّ ذَبَحَهُ ثُمَّ قَالَ بِاسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ثُمَّ ضَحَّى بِهِ
أما قَوْلُهُ فِي الْحِديثِ الآخَرِ : ( يَطَأُ فِي سَوَادٍ ، وَيَبْرُكُ فِي سَوَادٍ ، وَيَنْظُرُ فِي سَوَادٍ ) فَمَعْنَاهُ أَنَّ قَوَائِمَهُ وَبَطْنَهُ وَمَا حَوْلَ عَيْنَيْهِ أَسْوَدُ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهُ : ( ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ ) فِيهِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَوَلَّى الْإِنْسَانُ ذَبْحَ أُضْحِيَّتِهِ بِنَفْسِهِ ، وَلَا يُوَكِّلَ فِي ذَبْحِهَا إِلَّا لِعُذْرٍ ، وَحِينَئِذٍ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَشْهَدَ ذَبْحَهَا ، وَإِنِ اسْتَنَابَ فِيهَا مُسْلِمًا جَازَ بِلَا خِلَافٍ ، وَإِنِ اسْتَنَابَ كِتَابِيًّا كُرِهَ كَرَاهِيَةَ تَنْزِيهٍ وَأَجْزَأَهُ وَوَقَعَتِ التَّضْحِيَةُ عَنِ الْمُوَكِّلِ ، هَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً إِلَّا مَالِكًا فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ ، فَإِنَّهُ لَمْ يُجَوِّزْهَا ، وَيَجُوزُ أَنْ يَسْتَنِيبَ صَبِيًّا أَوِ امْرَأَةً حَائِضًا ، لَكِنْ يُكْرَهُ تَوْكِيلُ الصَّبِيِّ ، وَفِي كَرَاهَةِ تَوْكِيلِ الْحَائِضِ وَجْهَانِ قَالَ أَصْحَابُنَا : الْحَائِضُ أَوْلَى بِالِاسْتِنَابَةِ مِنَ الصَّبِيِّ ، وَالصَّبِيُّ أَوْلَى مِنَ الْكِتَابِيِّ ، قَالَ أَصْحَابُنَا : وَالْأَفْضَلُ لِمَنْ وَكَّلَ أَنْ يُوَكِّلَ مُسْلِمًا فَقِيهًا بِبَابِ الذَّبَائِحِ وَالضَّحَايَا ؛ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِشُرُوطِهَا وَسُنَنِهَا .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهُ : ( وَسَمَّى ) فِيهِ إِثْبَاتُ التَّسْمِيَةِ عَلَى الضَّحِيَّةِ وَسَائِرِ الذَّبَائِحِ ، وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ لَكِنْ هَلْ هُوَ شَرْطٌ أَمْ مُسْتَحَبٌّ ؟ فِيهِ خِلَافٌ سَبَقَ إِيضَاحُهُ فِي كِتَابِ الصَّيْدِ ، قَوْلُهُ : ( وَكَبَّرَ ) فِيهِ اسْتِحْبَابُ التَّكْبِيرِ مَعَ التَّسْمِيَةِ فَيَقُولُ : بِسْمِ اللَّهِ ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ .

قَوْلُهُ : ( وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا ) أَيْ صَفْحَةِ الْعُنُقِ وَهِيَ جَانِبُهُ ، وَإِنَّمَا فَعَلَ هَذَا لِيَكُونَ أَثْبَتَ لَهُ وَأَمْكَنَ ؛ لِئَلَّا تَضْطَرِبَ الذَّبِيحَةُ بِرَأْسِهَا فَتَمْنَعُهُ مِنْ إِكْمَالِ الذَّبْحِ أَوْ تُؤْذِيهِ ، وَهَذَا أَصَحُّ مِنَ الْحَدِيثِ الَّذِي جَاءَ بِالنَّهْيِ عَنْ هَذَا .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( هَلُمِّي الْمُدْيَةَ ) أَيْ هَاتِيهَا ، وَهِيَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا وَفَتْحِهَا وَهِيَ السِّكِّينُ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( اشْحَذِيهَا بِحَجَرٍ ) هُوَ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ الْمَفْتُوحَةِ وَبِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ حَدِّدِيهَا ، وَهَذَا مُوَافِقٌ لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ فِي الْأَمْرِ بِإِحْسَانِ الْقِتْلَةِ وَالذَّبْحِ وَإِحْدَادِ الشَّفْرَةِ .

قَوْلُهُ : ( وَأَخَذَ الْكَبْشَ فَأَضْجَعَهُ ثُمَّ ذَبَحَهُ ثُمَّ قَالَ : بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ ، وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ، ثُمَّ ضَحَّى بِهِ ) هَذَا الْكَلَامُ فِيهِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ ، وَتَقْدِيرُهُ : فَأَضْجَعَهُ ، وَأَخَذَ فِي ذَبْحِهِ قَائِلًا : بِاسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ ، وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأُمَّتِهِ ، مُضَحِّيًا بِهِ ، وَلَفْظَةُ ( ثُمَّ ) هُنَا مُتَأَوَّلَةٌ عَلَى مَا ذَكَرْتُهُ بِلَا شَكٍّ .

وَفِيهِ : اسْتِحْبَابُ إِضْجَاعِ الْغَنَمِ فِي الذَّبْحِ ، وَأَنَّهَا لَا تُذْبَحُ قَائِمَةً وَلَا بَارِكَةً بَلْ مُضْجَعَةً ؛ لِأَنَّهُ أَرْفَقُ بِهَا ، وَبِهَذَا جَاءَتِ الْأَحَادِيثُ ، وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ ، وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ ، وَعَمَلُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ إِضْجَاعَهَا يَكُونُ عَلَى جَانِبِهَا الْأَيْسَرِ ؛ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ عَلَى الذَّابِحِ فِي أَخْذِ السِّكِّينِ بِالْيَمِينِ ، وَإِمْسَاكِ رَأْسِهَا بِالْيَسَارِ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ ، وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ) فِيهِ : دَلِيلٌ لِاسْتِحْبَابِ قَوْلِ الْمُضَحِّي حَالَ الذَّبْحِ مَعَ التَّسْمِيَةِ وَالتَّكْبِيرِ : ( اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنِّي ) قَالَ أَصْحَابُنَا : وَيُسْتَحَبُّ مَعَهُ : ( اللَّهُمَّ مِنْكَ وَإِلَيْكَ تَقَبَّلْ مِنِّي ) فَهَذَا مُسْتَحَبٌّ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الْحَسَنِ وَجَمَاعَةٍ ، وَكَرِهَهُ أَبُو حَنِيفَةَ ، وَكَرِهَ مَالِكٌ ( اللَّهُمَّ مِنْكَ ، وَإِلَيْكَ ) .

     وَقَالَ  : هِيَ بِدْعَةٌ ، وَاسْتَدَلَّ بِهَذَا مَنْ جَوَّزَ تَضْحِيَةَ الرَّجُلِ عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ ، وَاشْتِرَاكَهُمْ مَعَهُ فِي الثَّوَابِ ، وَهُوَ مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ ، وَكَرِهَهُ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ ، وَزَعَمَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مَنْسُوخٌ أَوْ مَخْصُوصٌ ، وَغَلَّطَهُ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ ، فَإِنَّ النَّسْخَ وَالتَّخْصِيصَ لَا يَثْبُتَانِ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى .