هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3745 حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ ، حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ ، عَنْ جَابِرٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَا تَذْبَحُوا إِلَّا مُسِنَّةً ، إِلَّا أَنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ ، فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأْنِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3745 حدثنا أحمد بن يونس ، حدثنا زهير ، حدثنا أبو الزبير ، عن جابر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تذبحوا إلا مسنة ، إلا أن يعسر عليكم ، فتذبحوا جذعة من الضأن
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Jabir reported Allah's Messenger (ﷺ) as saying:

Sacrifice only a grown-up animal, unless it is difficult for you, in which case sacrifice a ram (of even less than a year, but more than six months' age).

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [1963] .

     قَوْلُهُ  صَلَّى الله عليه وسلم ( لا تذبحوا إلامسنة إِلَّا أَنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأْنِ) قَالَ الْعُلَمَاءُ الْمُسِنَّةُ هِيَ الثَّنِيَّةُ مِنْ كل شئ مِنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ فَمَا فَوْقَهَا وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْجَذَعُ مِنْ غَيْرِ الضَّأْنِ فِي حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ عَلَى مَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَنَقَلَ الْعَبْدَرِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ قَالَ يُجْزِي الْجَذَعُ مِنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْمَعْزِ وَالضَّأْنِ وَحُكِيَ هَذَا عَنْ عَطَاءٍ.

.
وَأَمَّا الْجَذَعُ مِنَ الضَّأْنِ فَمَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً يُجْزِي سواء وجد غيره أم لاوحكوا عن بن عمر والزهرى أنهما قالا لايجزى وَقَدْ يُحْتَجُّ لَهُمَا بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ الْجُمْهُورُ هَذَا الْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَالْأَفْضَلِ وتقديره يستحب لكم أن لاتذبحوا إِلَّا مُسِنَّةً فَإِنْ عَجَزْتُمْ فَجَذَعَةَ ضَأْنٍ وَلَيْسَ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِمَنْعِ جَذَعَةِ الضَّأْنِ وَأَنَّهَا لَا تُجْزِي بِحَالٍ وَقَدْ أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى ظَاهِرِهِ لِأَنَّ الْجُمْهُورَ يُجَوِّزُونَ الْجَذَعَ مِنَ الضأن مع وجود غيره وعدمه وبن عُمَرَ وَالزُّهْرِيُّ يَمْنَعَانِهِ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ وَعَدَمِهِ فَتَعَيَّنَ تَأْوِيلُ الْحَدِيثِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنَ الِاسْتِحْبَابِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا تُجْزِي الضَّحِيَّةُ بِغَيْرِ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ إلا ما حكاه بن الْمُنْذِرِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ أَنَّهُ قَالَ تَجُوزُ التَّضْحِيَةُ بِبَقَرَةِ الْوَحْشِ عَنْ سَبْعَةٍ وَبِالظَّبْيِ عَنْ وَاحِدٍ وَبِهِ قَالَدَاوُدُ فِي بَقَرَةِ الْوَحْشِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَالْجَذَعُ مِنَ الضَّأْنِ مَا لَهُ سَنَةٌ تَامَّةٌ هَذَا هوالأصح عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَهُوَ الْأَشْهَرُ عِنْدِ أَهْلِ اللُّغَةِ وغيرهم وقيل ماله سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَقِيلَ سَبْعَةٌ وَقِيلَ ثَمَانِيَةٌ وَقِيلَ بن عَشْرَةٍ حَكَاهُ الْقَاضِي وَهُوَ غَرِيبٌ وَقِيلَ إِنْ كَانَ مُتَوَلِّدًا مِنْ بَيْنِ شَابَّيْنِ فَسِتَّةُ أَشْهُرٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ هَرِمَيْنِ فَثَمَانِيَةُ أَشْهُرٍ وَمَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ أَنَّ أَفْضَلَ الْأَنْوَاعِ الْبَدَنَةُ ثُمَّ الْبَقَرَةُ ثُمَّ الضَّأْنُ ثُمَّ الْمَعْزُ.

     وَقَالَ  مَالِكٌ الْغَنَمُ أَفْضَلُ لِأَنَّهَا أَطْيَبُ لَحْمًا حُجَّةُ الْجُمْهُورِ أَنَّ الْبَدَنَةَ تُجْزِي عَنْ سَبْعَةٍ وَكَذَا الْبَقَرَةُ وأما الشاة فلاتجزى إِلَّا عَنْ وَاحِدٍ بِالِاتِّفَاقِ فَدَلَّ عَلَى تَفْضِيلِ الْبَدَنَةِ وَالْبَقَرَةِ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ مَالِكٍ فِيمَا بَعْدَ الْغَنَمِ فَقِيلَ الْإِبِلُ أَفْضَلُ مِنَ الْبَقَرَةِ وَقِيلَ البقرة أفضل من الابل وهوالأشهر عِنْدَهُمْ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى اسْتِحْبَابِ سَمِينِهَا وَطَيِّبِهَا وَاخْتَلَفُوا فِي تَسْمِينِهَا فَمَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ اسْتِحْبَابُهُ وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ كُنَّا نُسَمِّنُ الْأُضْحِيَّةَ وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يُسَمِّنُونَ وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ مَالِكٍ كَرَاهَةَ ذَلِكَ لِئَلَّا يَتَشَبَّهَ بِالْيَهُودِ وَهَذَا قَوْلٌ بَاطِلٌ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [1963] لَا تذبحوا إِلَّا مُسِنَّة أَي من الْإِبِل وَالْبَقر وَالْغنم

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تذبحوا إلا مسنة، إلا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن.

المعنى العام

شاءت حكمة الله أن ييسر على بعض خلقه، وأن يعسر على آخرين، وأن يطلب من الموسرين مساعدة المعسرين، ليبلو الفريقين، ليختبر الموسرين، أيشكرون أم يكفرون؟ أيحسنون، أم يبخلون؟ وليبلو المعسرين، أيصبرون أم يجزعون؟ ويشكرون المحسنين أم يكفرون؟.

وفي مواسم الخير خاصة تزداد أهمية هذا التشريع، فتجب زكاة الفطر عند عيد الفطر، وتشرع الأضحية في عيد الأضحى.

ولله أوقات يتجلى فيها برحمته على عباده، تضاعف فيها الحسنات، ويتجاوز فيها عن السيئات، وله سبحانه وتعالى في تحديد أوقات خاصة للعبادات حكمة يعلمها، فقد حدد أوقات الصلوات، وأوقات الصيام، وأوقات الحج، ولهذا التحديد فائدة كبرى في نظام المجتمع، من حيث الالتزام الواحد، والأداء الواحد، والاتجاه الواحد، وإدخال السرور على النفوس في وقت واحد.

وتحقيقاً لهذا الهدف السامي حددت الشريعة وقت ذبح الأضحية، وجعلته بعد صلاة العيد، وبعد سماع خطبتيه، ليتفرغ الذابح لذبحه، وتوزيعه، وليتفرغ الفقير الآخذ لطهيه والانتفاع به، وكان على المسلمين حين شرعت الأضحية أن يلتزموا بالتأسي بنبيهم صلى الله عليه وسلم، وأن لا يتعجلوا أمراً دعا إليه حتى يروا فعله مادام سيفعله، مهما كان هذا الفعل خيراً، ففي التأسي به صلى الله عليه وسلم أجر وثواب، وتعلم وتوجيه وإرشاد، وللأضحية مواصفات، وللذبح نفسه قواعد ومستحبات، ورسول الله صلى الله عليه وسلم سيذبح أضحيته في الصحراء، في ساحة الصلاة، بحيث يراه من يرغب في الاقتداء به، والتعلم على يديه، ومتابعته صلى الله عليه وسلم خير من سبقه على كل حال.

لم يكن يخفى كل هذا على الصحابة -رضوان الله عليهم أجمعين- لكن بعضهم في أوائل تشريع الأضحية ظن أن الغرض منها التوسعة على الأهل والجيران والفقراء يوم العيد، فذبح قبل صلاة العيد، وقبل أن يذبح رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعضهم ظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ذبح، فذبح قبل أن يتبين أنه لم يذبح، وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس صلاة العيد، فلما سلم شم رائحة لحم مذبوح، فنظر إلى ساحة الذبح، فرأى غنماً مذبوحة، كان يمكن أن يرشد من فعل هذا إلى ما كان ينبغي، ليلتزم العام القابل، ويتفادى خطأ ما فعل هذا العام، والذبيحة قد وقعت، وفائدتها قد حصلت، والإساءة في التعجيل قد تغتفر، لكن لما كان للحم شهوة، وللنفس فيه رغبة، قد تدفع إلى التهاون في الالتزام شيئاً فشيئاً، من حيث الوقت تارة، ومن حيث مواصفات الأضحية تارة أخرى، أراد المشرع أن يفطم النفوس عن التهاون، فأمر صلى الله عليه وسلم من ذبح قبل الصلاة أن يعيد ذبح أضحية أخرى، واعتبر الذبيحة التي سبقت صلاته وخطبته وذبحه لحماً كأي لحم يقدم للأهل، ليس من ثواب الأضحية في شيء، وليس من العبادة في شيء، لم يصب به صاحب السنة، ولم يقم بما شرعه الله له.

أمر بذلك صلى الله عليه وسلم في خطبة العيد، عقب الصلاة، وكان بعض من ذبح أضحيته خطأ لا يملك ما يصلح لأضحية أخرى، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو قائم يخطب.
قال: يا رسول الله، ذبحت أضحيتي قبل أن أصلي معك، وتعجلت الخير لأهلي وجيراني والفقراء؟ قال صلى الله عليه وسلم: لحم قدمته لأهلك، أعد ذبحاً، اذبح مكان التي ذبحتها أضحية أخرى، اذبح أخرى، فلم تقع الأولى موقعها، لأنها سبقت وقتها.
قال: يا رسول الله، ليس عندي شاة أخرى، وكل ما عندي عنز، ابنة سنة، لكنها سمينة، تعدل في نظري شاتين، وهي عندي أحب إلي من شاتين، وقد علمتنا أن مثلها لا يصلح أضحية، فهل أذبحها؟ قال: اذبحها، ولا يصلح مثلها أضحية لأحد غيرك، فقد قبل عذرك.

وهكذا أكد رسول الله صلى الله عليه وسلم على تشريع الأضحية، وقتاً، ووصفاً، وإلزاماً، حتى إنه صلى الله عليه وسلم كان يوزع من بيت مال المسلمين ضحايا حية على فقراء المسلمين.
ليذبحوها في يوم العيد.

المباحث العربية

( كتاب الأضاحي) جمع أضحية، بضم الهمزة، وتشديد الياء، ويجوز كسر الهمزة، ويجوز حذفها، فتفتح الضاد، وقد تكسر، مع تشديد الياء، وجمع ضحية ضحايا، كعطية وعطايا، ويقال: أضحاة، وجمعها أضحى ، بفتح الهمزة، كأرطاة وأرطى ، كل ذلك للشاة التي تذبح ضحوة هذا اليوم، وكأن تسميتها اشتقت من اسم الوقت الذي تشرع فيه، وبه سمي يوم الأضحى، أي اليوم الذي تذبح فيه الشاة في الضحى، والضحى ضوء الشمس، وارتفاع النهار وامتداده، والضحاء والضحوة والضحو والضحية الضحى.

يقال: ضحا يضحو ضحواً بفتح الضاء وسكون الحاء، وضحواً بضم الضاء وضم الحاء مخففة، وضحياً بضم الضاد وكسر الحاء وتشديد الياء، إذا برز للشمس، وضحاً يضحى بفتح الحاء، ضحوا بفتح الضاد وسكون الحاء، وضحوا بضم الضاد والحاء وتشديد الواو، وضحياً بضم الضاد وكسر الحاء، أصابه حر الشمس، وضحى بفتح الضاد وكسر الحاء وفتح الياء، يضحى بفتح الحاء، ضحوا، وضحوا، وضحيا، كسابقه، أصابه حر الشمس، ومنه قوله تعالى { { وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى } } [طه: 119] .

قال النووي: وفي الأضحى لغتان: التذكير لغة قيس، والتأنيث لغة تميم.

( شهدت الأضحى) أي حضرت صلاة الأضحى، وفي الرواية الثالثة شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أضحى أي حضرت صلاته يوم الأضحى، والمراد صلاة العيد في يوم الأضحى.

يقال: شهد الوقعة، وشهد اليوم، بكسر الهاء، إذا حضره، ومنه قوله تعالى { { فمن شهد منكم الشهر فليصمه } } [البقرة: 185] وشهد الشيء عاينه، ومنه قوله تعالى { { ما شهدنا مهلك أهله } } [النمل: 49] .

( فلم يعد أن صلى، وفرغ من صلاته سلم، فإذا هو يرى لحم أضاحي، قد ذبحت قبل أن يفرغ من صلاته) وهذا لا يتنافى مع ما جاء في ملحق الرواية الثانية عشرة بلفظ فوجد ريح لحم فقد رأى وقد شم صلى الله عليه وسلم، فلم يعد بفتح الياء وسكون العين، أي فلم يجاوز صلاته، وهو كناية عن سرعة اتصال الشيء المتأخر بالمتقدم، وإلا فما رأى كان بعد انتهاء الصلاة والتسليم، أي فعند مجاوزته صلاته، وفراغه من صلاته مسلماً، فاجأه رؤيته للحم أضاحي، بكسر الحاء وتشديد الياء، قد ذبحت قبل أن يفرغ من صلاته، أي ذبحها أناس أثناء صلاته، فأدركوه في الصلاة، أو قبل أن يصلي، وكان الذبح في المصلى، فقد روى البخاري عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يذبح وينحر بالمصلى قال مالك: إنما كان يفعل ذلك لئلا يذبح أحد قبله، زاد غيره: وليذبحوا بعده على يقين، وليتعلموا منه صفة الذبح.

وفي الرواية الثانية فلما قضى صلاته بالناس نظر إلى غنم قد ذبحت والغنم يشمل الضأن والمعز.

( فقال: من كان ذبح أضحيته قبل أن يصلي -أو نصلي- فليذبح مكانها أخرى) يصلي أو نصلي الأول بالياء، والثاني بالنون، والظاهر أنه شك من الراوي.
وفي الرواية الثانية من ذبح قبل الصلاة فليذبح شاة مكانها وهذا القول كان في خطبته صلى الله عليه وسلم، ففي الرواية الثالثة ثم خطب، فقال: من كان ذبح قبل أن يصلي، فليعد مكانها وفي الرواية السادسة لا يذبحن أحد حتى يصلي وفي الرواية السابعة من صلى صلاتنا، ووجه قبلتنا أي واستقبل قبلتنا، والمراد بذلك من كان على دين الإسلام ونسك نسكنا أي وأراد أن ينسك نسكنا، ففيه مجاز المشارفة، والمراد من النسك هنا الذبيحة، يقال: نسك فلان، بفتح النون والسين، ينسك بضم السين، نسكاً بسكون السين مع ضم النون وفتحها وكسرها، ونسكة بفتح النون ومنسكاً بفتح السين وكسرها، إذا تزهد وتعبد، أو إذا ذبح ذبيحة يتقرب بها إلى الله، والمنسك طريقة الزهد والتعبد، وموضع ذبح النسيكة، ومناسك الحج عبادته فلا يذبح حتى يصلي صلاة العيد.

وفي الرواية الثامنة إن أول ما نبدأ به في يومنا هذا نصلي صلاة العيد، ونسمع خطبتها ثم نرجع إلى مكان الذبح، فننحر، فمن فعل ذلك فقد أصاب سنتنا والمراد بالسنة هنا الطريقة، التي هي أعم من أن تكون للوجوب أو الندب، وليس المراد بها السنة في الاصطلاح الفقهي، التي تقابل الوجوب، وفي الرواية التاسعة لا يضحين أحد حتى يصلي وفي الرواية الحادية عشرة من كان ذبح قبل الصلاة فليعد وفي الثانية عشرة فأمر من كان ذبح قبل الصلاة أن يعيد ذبحاً.
قال النووي: اتفقوا على ضبط ذبحاً بكسر الذال، أي حيواناً يذبح، كقوله تعالى { { وفديناه بذبح عظيم } } [الصافات: 107] وأما قوله أن يعبد فكذا هو في بعض الأصول المعتمدة، بالياء، من الإعادة، وفي كثير منها أن يعد بحذف الياء، ولكن بتشديد الدال، من الإعداد، وهو التهيئة.
اهـ

وفي الرواية الرابعة عشرة فأمر النبي صلى الله عليه وسلم من كان نحر قبله أن يعيد بنحر آخر، ولا ينحروا حتى ينحر النبي صلى الله عليه وسلم والظاهر أن كل هذا حصل في خطبته صلى الله عليه وسلم في واقعة واحدة، وأن سؤال أبي بردة كان في نفس الواقعة، وأثناء الخطبة، بعد طلبه صلى الله عليه وسلم أن يكون الذبح بعد الصلاة، لكن قال الحافظ ابن حجر: والذي في معظم الروايات أن هذا الكلام من النبي صلى الله عليه وسلم وقع في الخطبة بعد الصلاة، وأن خطاب أبي بردة بما وقع له كان قبل ذلك، وهو المعتمد.
اهـ والظاهر أن العبارة وقع فيها خطأ من النساخ، وأن أصلها وصحتها وأن خطاب أبي بردة بما وقع له كان بعد ذلك أي في أثناء الخطبة، والأحاديث التي ساقها الحافظ ابن حجر كدليل على قوله تفيد البعدية، لا القبلية، ولفظها يخطب فيقول كذا فقال أبو بردة...
خطبنا فقال كذا وكذا، فقال أبو بردة...
الحديث.

( ومن كان لم يذبح فليذبح باسم الله) في الرواية الثانية ومن لم يكن ذبح فليذبح على اسم الله قال النووي: هو بمعنى رواية فليذبح باسم الله أي قائلاً: باسم الله.
هذا هو الصحيح في معناه، وقال القاضي: يحتمل أربعة أوجه: أحدها أن يكون معناه: فليذبح لله، والباء بمعنى اللام، والثاني معناه: فليذبح بسنة الله، والثالث: بتسمية الله على ذبيحته، إظهاراً للإسلام، ومخالفة لمن يذبح لغيره، وقمعاً للشيطان، والرابع: تبركاً باسمه، وتيمناً بذكره، كما يقال: سر على بركة الله، وسر باسم الله.
وكره بعض العلماء أن يقال: فعل كذا على اسم الله، قال: لأن اسمه سبحانه على كل شيء.
قال القاضي: وهذا ليس بشيء، قال: وهذا الحديث يرد على هذا القائل.

وقال النووي: قال الكتاب من أهل العربية: إذا قيل: باسم الله، تعين كتبه بالألف، وإنما تحذف الألف إذا كتب: بسم الله الرحمن الرحيم.
بكمالها.
اهـ

( ضحى خالي أبو بردة قبل الصلاة) أي صلاة العيد، وفي الرواية الخامسة، عن البراء أن خاله أبو بردة بن نيار ذبح قبل أن يذبح النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بردة بضم الباء وسكون الراء، واسمه هانئ بن نيار، بكسر النون، وتخفيف الياء، البلوى بفتح الباء واللام، من حلفاء الأنصار، شهد العقبة وبدراً والمشاهد، وعاش إلى سنة خمس وأربعين.

( فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تلك شاة لحم) معناه: ليست بضحية، بل هي لحم لك، تنتفع به، قال الحافظ ابن حجر: وقد استشكلت الإضافة في شاة لحم وذلك أن الإضافة قسمان، معنوية ولفظية، فالمعنوية إما مقدرة بمن، كخاتم حديد، أو باللام، كغلام زيد، أو بفي، كضرب اليوم، معناه ضرب في اليوم، وأما اللفظية فهي صفة مضافة إلى معمولها كضارب زيد، وحسن الوجه، ولا يصح شيء من الأقسام الخمسة في شاة لحم قال الفاكهي: والذي يظهر لي أن أبا بردة لما اعتقد أن شاته شاة أضحية، أوقع صلى الله عليه وسلم في الجواب قوله شاة لحم موقع قوله شاة غير أضحية اهـ قال العيني: هذا جواب غير مقنع، لظهور الإشكال فيه، وبقائه أيضاً، ويمكن أن يقال: إن الإضافة فيه بمعنى اللام، والتقدير: شاة واقعة لأجل اللحم، لا لأجل أضحية، لوقوع ذبحها في غير وقتها، وفي الرواية الخامسة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعد نسكاً وفي الرواية السابعة ذاك شيء عجلته لأهلك وفي الرواية الرابعة من ضحى قبل الصلاة: فإنما ذبح لنفسه أي وليس أضحية، وفي الرواية الثامنة فإنما هو لحم، قدمه لأهله: ليس من النسك في شيء.

( فقال: يا رسول الله، إن هذا يوم، اللحم فيه مكروه) قال النووي: قال القاضي: كذا روينا في مسلم مكروه بالكاف والهاء، وكذا ذكره الترمذي، قال: ورويناه في مسلم من طريق العذري مقروم بالقاف والميم، قال: وصوب بعضهم هذه الرواية، وقال: معناه يشتهى فيه اللحم، يقال: قرمت إلى اللحم، وقرمت اللحم إذا اشتهيته، قال: وهي بمعنى قوله في غير مسلم عرفت أنه يوم أكل وشرب، فتعجلت وأكلت، وأطعمت أهلي وجيراني وكما جاء في الرواية الأخرى [روايتنا الحادية عشرة] هذا يوم يشتهى فيه اللحم وكذا رواه البخاري.
قال القاضي: وأما رواية مكروه فقال بعض شيوخنا: الصواب اللحم فيه مكروه بفتح الحاء، أي ترك الذبح والتضحية وبقاء أهله فيه بلا لحم، حتى يشتهوه مكروه، واللحم بفتح الحاء اشتهاء اللحم.
قال القاضي: وقال لي الأستاذ عبد الله بن سليمان: معناه: ذبح ما لا يجزئ في الأضحية مما هو لحم مكروه، لمخالفته السنة.
هذا آخر ما ذكره القاضي، وقال الحافظ أبو موسى الأصبهاني: معناه هذا يوم طلب اللحم فيه مكروه شاق.
وهذا حسن.
اهـ

قال الحافظ ابن حجر: وبالغ ابن العربي، فقال: الرواية بسكون الحاء هنا غلط، وإنما هو اللحم، بالتحريك، يقال: لحم الرجل، بكسر الحاء، يلحم بفتحها، إذا كان يشتهي اللحم، وأما القرطبي في المفهم فقال: تكلف بعضهم ما لا يصح رواية -أي اللحم بالتحريك- ولا معنى، وهو قول الآخر: معنى المكروه إنه مخالف للسنة، قال: وهو كلام من لم يتأمل سياق الحديث، فإن هذا التأويل لا يلائمه، إذ لا يستقيم أن يقول: إن هذا اليوم اللحم فيه مخالف للسنة، وإني عجلت لأطعم أهلي.
قال: وأقرب ما يتكلف لهذه الرواية أن معناه: اللحم فيه مكروه التأخير، فحذف لفظ التأخير لدلالة قوله عجلت.

قال الحافظ ابن حجر: ووقع في رواية منصور عن الشعبي وعرفت أن اليوم يوم أكل وشرب، فأحببت أن تكون شائي أول ما يذبح في بيتي قال الحافظ: ويظهر لي أنه بهذه الرواية يحصل الجمع بين الروايتين المتقدمتين، وأن وصفه اللحم بكونه مشتهى، وبكونه مكروهاً لا تناقض فيه، وإنما هو باعتبارين، فمن حيث إن العادة جرت فيه بالذبح فالنفس تتشوق له يكون مشتهى -ومن حيث توارد الجميع عليه، حتى يكثر، يصير مملولاً، فأطلقت عليه الكراهة لذلك، فحيث وصفه بكونه مشتهى أراد ابتداء حاله، وحيث وصفه بكونه مكروهاً أراد انتهاءه، ومن ثم استعجل بالذبح، ليفوز بتحصيل الصفة الأولى عند أهله وجيرانه.
اهـ والتحقيق أن الذي صدر من أبي بردة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عبارة واحدة، إما أنها هذا يوم اللحم فيه مكروه كما جاء في الرواية الخامسة والسادسة، وإما أنها هذا يوم يشتهى فيه اللحم كما جاء في الرواية العاشرة، والأخيرة هي التي تتفق مع السياق، فلا حرج من جعل الأولى غير صواب، ولا داعي للتعسفات في توجيهها، وبخاصة أن المسألة لا تتعلق بحكم شرعي تختلف فيه وجهات النظر.
والله أعلم.

( وإني عجلت نسيكتي) أي ذبيحتي.

( لأطعم أهلي وجيراني وأهل داري) عند البخاري وذكر جيرانه والمراد من أهل داري ما عنده من خدم وعمال، وفي الرواية السابعة قد نسكت عن ابن لي قال الحافظ ابن حجر: ظهر لي أن مراده أنه ضحى لأجله، للمعنى الذي ذكره في أهله وجيرانه، فخص ولده بالذكر لأنه أخص بذلك عنده، حتى يستغني ولده بما عنده من التشوف إلى ما عند غيره.
اهـ وحاصل كلامه أن عن للتعليل، والمعنى قد نسكت متعجلاً لأجل إطعام ابن لي، وفي الرواية الحادية عشرة وذكر هنة من جيرانه بفتح الهاء وفتح النون مخففة، أي حاجة جيرانه إلى اللحم وفقرهم كأن رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقه بتشديد الدال، وفي رواية البخاري فكأن رسول الله صلى الله عليه وسلم عذره بفتح الذال مخففة، أي قبل عذره.

( فقال: يا رسول الله: إن عندي جذعة من المعز؟ فقال: ضح بها، ولا تصلح لغيرك) قال النووي: الجذع من الضأن ما له سنة تامة، هذا هو الأصح عند أصحابنا، وهو الأشهر عند أهل اللغة وغيرهم: وقيل: ما له ستة أشهر، وقيل: سبعة، وقيل: ثمانية، وقيل: عشرة.
حكاه القاضي، وهو غريب، وقيل: إن كان متولداً من بين شابين فستة أشهر، وإن كان من هرمين فثمانية أشهر.
اهـ

وقال الحافظ ابن حجر: الجذعة بفتح الجيم والذال هو وصف لسن معينة، من بهيمة الأنعام، فمن الضأن ما أكمل السنة، وهو قول الجمهور، وأما الجذع من المعز فهو ما دخل في السنة الثانية، ومن البقر ما أكمل الثالثة، ومن الإبل ما دخل في الخامسة.

وفي الرواية الخامسة والتاسعة إن عندي عناق لبن بفتح العين، وهي الأنثى من المعز، إذا قويت، ما لم تستكمل سنة، وجمعها أعنق وعنوق، ومعنى عناق لبن أي أنثى معز صغيرة قريبة من الرضاع، هي خير من شاتي لحم أي أطيب لحماً، وأنفع، لسمنها، ونفاستها، وفي الرواية السابعة إن عندي شاة خير من شاتين؟ فأطلق الشاة على العنز، وفي الرواية الثامنة عندي جذعة خير من مسنة أي جذعة من المعز، والمسنة هي الثنية، وهي أكبر من الجذعة بسنة، وفي الرواية العاشرة ليس عندي إلا جذعة أي من المعز، وهل معنى ضح بها، ولا تصلح لغيرك أنها رخصة عند الضرورة؟ أو خصوصية لأبي بردة؟ سيأتي التفصيل في فقه الحديث، وفي الرواية الخامسة هي خير نسيكتيك، ولا تجزي جذعة عن أحد بعدك قال النووي: ولا تجزي بفتح التاء، هكذا الرواية فيه في جميع الطرق والكتب، ومعناه لا تكفي، من نحو قوله تعالى { { واخشوا يوماً لا يجزي والد عن ولده } } [لقمان: 33] ومعنى هي خير نسيكتيك أنك ذبحت صورة نسيكتين، وهما هذه، والتي ذبحتها قبل الصلاة، وهذه أفضل، لأن هذه حصلت بها التضحية، والأولى وقعت شاة لحم، لكن لك فيها ثواب، لا بسبب التضحية، فإنها لم تقع أضحية، بل لكونك قصدت بها الخير، وأخرجتها في طاعة الله، فلهذا دخل أفضل التفضيل، فقال: هذه خير النسيكتين، فإن هذه الصيغة تتضمن أن في الأولى خيراً أيضاً.
اهـ

وفي الرواية التاسعة فضح بها، ولا تجزي جذعة عن أحد بعدك.
أي جذعة من المعز، وفي الرواية العاشرة ولن تجزي عن أحد بعدك وفي الرواية الحادية عشرة أفأذبحها؟ قال: فرخص له، فقال: لا أدري؟ أبلغت رخصته من سواه؟ أم لا؟ قال النووي: هذا الشك بالنسبة إلى علم أنس رضي الله عنه، وقد صرح النبي صلى الله عليه وسلم في حديث البراء بن عازب [الرواية الثامنة والتاسعة والعاشرة] بأنها لا تبلغ غيره، ولا تجزي أحداً بعده.
اهـ قال الحافظ ابن حجر: كأن أنساً لم يسمع ذلك، ولعله استشكل الخصوصية بذلك، لما جاء من ثبوت ذلك لغير أبي بردة، فقد حصل لعقبة، كما في الرواية الخامسة عشرة.

( وانكفأ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى كبشين، فذبحهما) أي مال وانعطف إلى كبشين، يقال: كفأت الإناء، إذا أملته، والمراد أنه رجع عن مكان الخطبة، إلى مكان الذبح، وستأتي صفة ذبحه صلى الله عليه وسلم وصفة الكبشين في الباب التالي.

( فقام الناس إلى غنيمة، فتوزعوها، أو قال: فتجزعوها) غنيمة تصغير غنم ويشمل الضأن والمعز، والتصغير لتقليل العدد، لا لتقليل الوزن، وفتوزعوها من التوزيع، وهو التفرقة، أي فتفرقوها، وأما فتجزعوها من الجزع، وهو القطع، أي اقتسموها حصصاً، وليس المراد أنهم اقتسموها حصصاً بعد الذبح، فأخذ كل واحد قطعة من اللحم، وإنما المراد أخذ حصة من الغنم، واحدة أو اثنتين، والقطعة تطلق على الحصة من كل شيء، فبهذا التقرير يكون المعنى واحداً، بين فتوزعوها وفتجزعوها والشك من الراوي.

( أعطاه غنماً يقسمها على أصحابه، ضحايا) كذا في الرواية الخامسة عشرة، وفي الرواية السادسة عشرة قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا ضحايا ففي الرواية الأولى أن الذي قسم هو عقبة بن عامر، وفي الثانية أن الذي قسم هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولما كان عقبة وكيلاً عن النبي صلى الله عليه وسلم في القسمة، أسندت القسمة مرة إلى الوكيل، ومرة إلى الموكل، ووضع البخاري هذا الحديث تحت باب وكالة الشريك للشريك في القسمة، وأشار إلى أن عقبة كان له في تلك الغنم نصيب، باعتبار أنها كانت من الغنائم، وكذا كان للنبي صلى الله عليه وسلم فيها نصيب، ومع هذا فوكله في قسمتها، لكن قوله ضحايا يشكل مع كونها غنائم، ووجهه ابن المنير بأنه يحتمل أن أطلق عليها ضحايا باعتبار ما يؤول إليه الأمر، ويحتمل أن يكون عينها للأضحية، ثم قسمها بينهم، ليحوز كل واحد نصيبه.

والضمير في على أصحابه يحتمل أن يكون للنبي صلى الله عليه وسلم، ويحتمل أن يكون لعقبة، وعلى الأول يحتمل أن تكون الغنم ملكاً للنبي صلى الله عليه وسلم، وأمر بقسمتها بينهم تبرعاً، ويحتمل أن تكون من الفيء، وإليه جنح القرطبي، حيث قال: في الحديث إن الإمام ينبغي له أن يفرق الضحايا على من لم يقدر عليها من بيت مال المسلمين، وقال ابن بطال: إن كان قسمها بين الأغنياء فهي من الفيء ، وإن كان خص بها الفقراء فهي من الزكاة.

( فبقي عتود) بفتح العين وضم التاء المخففة، وهو من أولاد المعز خاصة، وهو ما قوي ورعي، وأتى عليه حول، والجمع أعتدة، وعتدان، وتدغم التاء في الدال، فيقال: عدان.
وقال ابن بطال: العتود الجذع من المعز، ابن خمسة أشهر، وهذا يبين المراد بقوله في الرواية السادسة عشرة فأصابني جذع وزعم ابن حزم أن العتود لا يقال إلا للجذع من المعز، وتعقبه بعض الشراح بما وقع في كلام صاحب المحكم أن العتود الجدي الذي استكرش، وعبارة الداودي أنه الجذع.

( ضح به أنت) وفي الرواية السادسة عشرة ضح به ويروى ضح أنت به زاد في رواية البيهقي ولا رخصة لأحد فيها بعدك.

فقه الحديث

تتلخص النقاط في أربع:

1- وقت الأضحية.

2- ما يجزي من الأضحية.

3- حكم الأضحية.

4- ما يؤخذ من الأحاديث.

1- أما وقت الأضحية

فقد قال النووي: ينبغي أن يذبحها بعد صلاته مع الإمام، وحينئذ تجزيه بالإجماع.
قال ابن المنذر: وأجمعوا على أنها لا تجوز قبل طلوع الفجر يوم النحر، واختلفوا فيما بعد ذلك، فقال الشافعي وداود وابن المنذر وآخرون: يدخل وقتها إذا طلعت الشمس ومضى قدر صلاة العيد وخطبتين، فإن ذبح بعد هذا الوقت أجزأه، سواء صلى الإمام أم لا، وسواء كان من أهل الأمصار، أو من أهل القرى والبوادي والمسافرين، وسواء صلى الضحى أم لا، وسواء ذبح الإمام أضحيته أم لا [واستدلوا بأن روايات الحديث تربط أول وقت الأضحية بالصلاة، ولما كان بعض المسلمين لا صلاة عليه، وهو مخاطب بالأضحية حملوا الصلاة على وقتها، وإنما شرطوا فراغ الخطيب لأن الخطبتين مقصودتان مع الصلاة في هذه العبادة، فيعتبر مقدار الصلاة والخطبتين على أخف ما يجزي بعد طلوع الشمش] .

وقال عطاء وأبو حنيفة: يدخل وقتها في حق أهل القرى والبوادي إذا طلع الفجر الثاني، لأنهم ليس عليهم صلاة عيد، ولا يدخل في حق أهل الأمصار حتى يصلي الإمام ويخطب بالفعل، فإن ذبح قبل ذلك لم يجزه.

واستدلوا بروايتنا الأولى، قبل أن نصلي بالنون، قالوا: فإن إطلاق لفظ الصلاة، وإرادة وقتها خلاف الظاهر، ويرد الشافعية أن الرواية يصلي بالياء، والشك من الراوي، وبأن شرط صلاة الإمام بالفعل تسقط الضحية إذا لم يصل الإمام.

وقال مالك: لا يجوز ذبحها إلا بعد صلاة الإمام وخطبته وذبحه، واستدلوا بما استدل به الحنفية، وزادوا شرط ذبح الإمام استدلالاً بروايتنا الرابعة عشرة، وهي صريحة في التعليق على نحر الإمام، ورد بالروايات الأخرى، وفيها ربط الذبح بالصلاة، لا بنحر الإمام، وبأن ربط الذبح بنحر الإمام لا يتفق مع طلب النحر وعدم سقوطه عن الناس لو لم ينحر الإمام، أو نحر قبل أن يصلي، فلم يجزه نحره، فدل على أن وقت نحر المسلمين لا يرتبط بنحر الإمام.

وقال أحمد: لا يجوز ذبحها قبل صلاة الإمام بالفعل، ويجوز بعدها، قبل ذبح الإمام، وسواء عنده أهل الأمصار والقرى، ونحوه عن الحسن والأوزاعي وإسحق بن راهويه.

وقال النووي: يجوز بعد صلاة الإمام، قبل خطبته، وفي أثنائها.

وقال ربيعة فيمن لا إمام له: إن ذبح قبل طلوع الشمس لا يجزيه، وبعد طلوعها يجزيه.

أما آخر وقت التضحية فقال الشافعي: تجوز في يوم النحر، وأيام التشريق الثلاثة بعده.
وممن قال بهذا علي بن أبي طالب وجبير بن مطعم وابن عباس وعطاء والحسن البصري وعمر بن عبد العزيز وسليمان بن موسى الأسدي فقيه أهل الشام ومكحول وداود الظاهري وغيرهم.
وقال أبو حنيفة ومالك وأحمد: تختص بيوم النحر ويومين بعده، وروي هذا عن عمر بن الخطاب وعلي وابن عمر وأنس -رضي الله عنهم.

وقال سعيد بن جبير: تجوز لأهل الأمصار يوم النحر خاصة، ولأهل القرى يوم النحر وأيام التشريق.

وقال محمد بن سرين: لا يجوز لأحد إلا في يوم النحر خاصة.

وحكى القاضي عياض عن بعض العلماء أنها تجوز في جميع ذي الحجة.

واختلفوا في ذبح الأضحية ليلاً، في ليالي أيام الذبح، فقال الشافعي، تجوز ليلاً مع الكراهة، وبه قال أبو حنيفة وأحمد وإسحق وأبو ثور والجمهور.

وقال مالك في المشهور عنه وعامة أصحابه ورواية عن أحمد: لا يجزيه في الليل، بل تكون شاة لحم.

وليس في أحاديث الباب ما يشير إلى آخر وقت التضحية، ولا إلى ذبحها ليلاً.

2- وأما ما يجزئ في الأضحية.

فقد قال النووي: أجمع العلماء على أنه لا تجزئ التضحية بغير الإبل والبقر والغنم، إلا ما حكاه ابن المنذر عن الحسن بن صالح أنه قال: تجوز التضحية ببقرة الوحش عن سبعة، وبالظبي عن واحد، وبه قال داود في بقرة الوحش.

ثم قال: ومذهبنا ومذهب الجمهور أن أفضل الأنواع البدنة، ثم البقرة، ثم الضأن، ثم المعز، وقال مالك: الغنم أفضل، لأنها أطيب لحماً، وحجة الجمهور أن البدنة تجزئ عن سبعة، وكذا البقرة، وأما الشاة فلا تجزئ إلا عن واحد بالاتفاق، فدل ذلك على تفضيل البدنة والبقرة، واختلف أصحاب مالك فيما بعد الغنم؟ فقيل: الإبل أفضل من البقرة، وقيل: البقرة أفضل من الإبل، وهو الأشهر عندهم.

وقال: أما الجذع من الضأن فمذهبنا ومذهب العلماء كافة أنه يجزئ سواء وجد غيره أم لا، وحكوا عن ابن عمر والزهري أنهما قالا: لا يجزئ، وقد يحتج لهما بظاهر روايتنا الثالثة عشرة لا تذبحوا إلا مسنة، إلا أن يعسر عليكم، فتذبحوا جذعة من الضأن قال: قال الجمهور: هذا الحديث محمول على الاستحباب والأفضل، وتقديره: يستحب لكم ألا تذبحوا إلا مسنة، فإن عجزتم فجذعة ضأن، وليس فيه تصريح بمنع جذعة الضأن، وأنها لا تجزئ بحال، وقد أجمعت الأمة على أنه ليس على ظاهره، لأن الجمهور يجوزون الجذع من الضأن مع وجود غيره، وعدمه، وابن عمر والزهري يمنعانه مع وجود غيره وعدمه، فتعين تأويل الحديث على ما ذكرنا من الاستحباب.
اهـ

قال الحافظ ابن حجر: ويدل للجمهور الأحاديث الماضية قريباً، وكذا حديث أم هلال بنت هلال عن أبيها رفعه يجوز الجذع من الضأن أضحية أخرجه ابن ماجه، وحديث مجاشع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الجذع يوفي ما يوفي منه الثني أخرجه أبو داود وابن ماجه وحديث عقبة بن عامر ضحينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بجذع من الضأن أخرجه النسائي بسند قوي، وحديث أبي هريرة رفعه نعمت الأضحية الجذعة من الضأن أخرجه الترمذي، وفي سنده ضعف، ثم قال الحافظ: واختلف القائلون بإجزاء الجذع من الضأن -وهم الجمهور- في سنه، على آراء: أحدها أنه ما أكمل سنة، ودخل في الثانية، وهو الأصح عند الشافعية، وهو الأشهر عند أهل اللغة، ثانيها نصف سنة، وهو قول الحنفية والحنابلة، ثالثها سبعة أشهر، وقد حكي عن الحنفية، رابعها ستة أو سبعة، حكي عن وكيع، خامسها التفرقة بين ما تولد بين شايين، فيكون له نصف سنة، أو بين هرمين، فيكون ابن ثمانية، وقال صاحب الهداية: إنه إذا كانت الجذعة عظيمة بحيث لو اختلطت بالثنيات اشتبهت على الناظر من بعيد أجزأت، وقال العبادي من الشافعية: لو أجذع قبل السنة، أي سقطت أسنانه أجزأ، كما لو تمت السنة قبل أن يجذع، ويكون ذلك كالبلوغ، إما بالسن، أو بالاحتلام.

أما الجذعة من المعز، فإن الرواية الرابعة والخامسة تخصصان أبا بردة بإجزائها في الأضحية، وكذا عقبة بن عامر في الرواية الخامسة عشرة، وقد استشكل الحافظ ابن حجر وقوع الرخصة الثانية، باعتبار أن كلاً منهما صيغة عموم ولا تصلح لأحد بعدك فأيهما تقدم على الآخر اقتضى انتفاء الوقوع للثاني، قال: وأقرب ما يقال فيه: إن ذلك صدر لكل منهما في وقت واحد، أو تكون خصوصية الأول نسخت بثبوت الخصوصية للثاني، ولا مانع من ذلك، لأنه لم يقع في السياق استمرار المنع لغيره صريحاً، قال: وقد انفصل ابن التين -وتبعه القرطبي- عن هذا الإشكال باحتمال أن يكون العتود كان كبير السن، بحيث يجزئ، لكنه قال ذلك بناء على أن الزيادة التي في آخره لم تقع له [يقصد قوله لعقبة: ولا رخصة فيها لأحد بعدك] ولا يتم مراده مع وجودها، مع مصادمته لقول أهل اللغة في العتود, وتمسك بعض المتأخرين بكلام ابن التين، فضعف الزيادة، وليس بجيد، فإنها خارجة من مخرج الصحيح.

ثم قال: وقد وقع في كلام بعضهم أن الذين ثبتت لهم الرخصة أربعة أو خمسة، واستشكل الجمع، وليس بمشكل، فإن الأحاديث التي وردت في ذلك ليس فيها التصريح بالنفي، إلا في قصة أبي بردة في الصحيحين، وفي قصة عقبة بن عامر في البيهقي، وأما ما عدا ذلك فلا، فقد أخرج أحمد وأبو داود وصححه ابن حبان، من حديث زبير بن خالد أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه عتوداً جذعاً، فقال: ضح به، فقلت: إنه جذع أفأضحي به؟ قال: نعم.
ضح به، فضحيت به.

وفي الطبراني في الأوسط، من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى سعد بن أبي وقاص جذعاً من المعز، فأمره أن يضحي به.

ولأبي يعلى والحاكم من حديث أبي هريرة أن رجلاً قال: يا رسول الله، هذا جذع من الضأن مهزول، وهذا جذع من المعز سمين، وهو خيرهما، أفأضحي به؟ قال: ضح به، فإن لله الخير قال الحافظ: وأما ما أخرجه ابن ماجه، من حديث أبي زيد الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل من الأنصار: اذبحها، ولن تجزي جذعة عن أحد بعدك فهذا يحمل على أنه أبو بردة بن نيار، فإنه من الأنصار.

ثم قال الحافظ ابن حجر: والحق أنه لا منافاة بين هذه الأحاديث، وبين حديثي أبي بردة وعقبة، لاحتمال أن يكون ذلك في ابتداء الأمر، ثم تقرر الشرع بأن الجذع من المعز لا يجزي، واختص أبو بردة وعقبة بالرخصة في ذلك.

قال الفاكهي: ينبغي النظر في اختصاص أبي بردة بهذا الحكم، وكشف السر فيه، وأجيب بأن الماوردي قال: إن فيه وجهين: أحدهما أن ذلك كان قبل استقرار الشرع، فاستثنى، والثاني أنه علم من طاعته، وخلوص نيته ما ميزه عمن سواه .
قال الحافظ: وفي الأول نظر، لأنه لو كان سابقاً لامتنع وقوع ذلك لغيره، بعد التصريح بعدم الإجزاء لغيره، والغرض ثبوت الأجزاء لعدد غيره، كما تقدم.

قال النووي: وفي الحديث أن جذعة المعز لا تجزي في الأضحية، وهذا متفق عليه.
اهـ

قال الحافظ ابن حجر: في الحديث أن الجذع من المعز لا يجزي، وهو قول الجمهور، وعن عطاء وصاحبه الأوزاعي أنه يجوز مطلقاً، وهو وجه لبعض الشافعية، حكاه الرافعي، قال النووي: وهو شاذ أو غلط، وأغرب عياض، فحكي الإجماع على عدم الإجزاء، قيل: والإجزاء مصادر للنص، ولكن يحتمل أن يكون قائله قيد ذلك بمن لم يجد غيره، ويكون معنى نفي الإجزاء عن غير من أذن له في ذلك محمولاً على من وجد.
اهـ

3- وأما حكم الأضحية

فقد قال النووي: اختلف العلماء في وجوب الأضحية على الموسر، فقال جمهورهم: هي سنة في حقه، إن تركها بلا عذر لم يأثم، ولم يلزمه القضاء، وممن قال بهذا أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وبلال وأبو مسعود البدري وسعيد بن المسيب وعلقمة والأسود وعطاء ومالك وأحمد وأبو يوسف وإسحاق وأبو ثور والمزني وابن المنذر وداود وغيرهم.

وقال ربيعة والأوزاعي وأبو حنيفة والليث: هي واجبة على الموسر، وبه قال بعض المالكية، وقال بعضهم: تجب بشرائها بنية الأضحية، وبالتزام اللسان، وبنية الذبح.

وقال النخعي: واجبة على الموسر، إلا الحاج بمنى.

وقال محمد بن الحسن: واجبة على المقيم بالأمصار.

والمشهور عن أبي حنيفة أنه إنما يوجبها على مقيم يملك نصاباً.
اهـ

قال ابن حزم: لا يصح عن أحد من الصحابة أنها واجبة، وصح أنها غير واجبة عند الجمهور، ولا خلاف في كونها من شرائع الدين.

وهي عند الشافعية والجمهور سنة مؤكدة على الكفاية، وفي وجه للشافعية من فروض الكفاية.

وقال أحمد: يكره تركها مع القدرة، وعنه وعن محمد بن الحسن: هي سنة، غير مرخص في تركها، قال الطحاوي: وبه نأخذ، وليس في الآثار ما يدل على وجوبها.

قال الحافظ ابن حجر: وأقرب ما يتمسك به للوجوب حديث أبي هريرة، رفعه من وجد سعة، فلم يضح، فلا يقربن مصلانا أخرجه ابن ماجه وأحمد، ورجاله ثقات، لكن اختلف في رفعه ووقفه، والموقوف أشبه بالصواب، ومع ذلك فليس صريحاً في الإيجاب.
ثم قال: وقد احتج من قال بالوجوب بما أخرجه أحمد والأربعة بسند قوي عن مخنف بن سليم، رفعه على أهل كل بيت أضحية ولا حجة فيه، لأن الصيغة ليست صريحة في الوجوب المطلق.

واستدلوا بالأمر بالإعادة لمن ذبح قبل الصلاة، في رواياتنا، ورد بأنه لو كان الأمر بالإعادة للوجوب لتعرض إلى قيمة الأولى، ليلزم بمثلها، فلما لم يعتبر ذلك دل على أن الأمر بالإعادة كان على جهة الندب.
ولا يقال: إن لفظ مكانها في روايتنا الأولى والثانية والثالثة، يشير إلى المماثلة، فإنه ليس نصاً في ذلك.

وقد يستدل لهم بحرص الصحابة عليها، وحرص الشارع عليها، حتى وزعها عليهم، وأمرهم بذبحها، كما في روايتنا الخامسة عشرة، وأجيب بأن ذلك دليل على تأكدها، وندبهم إليها، وإلا فقد تركها كثير منهم، وقال ابن عمر: هي سنة ومعروف، وتعمد بعضهم تركها، وهو موسر، فقد روي عن أبي مسعود الأنصاري أنه قال: إني لأدع الأضحى، وأنا موسر، مخافة أن يرى جيراني أنه حتم علي، وروي عن علقمة أنه قال: لأن لا أضحي أحب أن أراه حتماً علي.
قال ابن بطال: وهكذا ينبغي للعالم الذي يقتدى به، إذا خشي من العامة أن يلتزموا السنن التزام الفرائض أن يتركها، لئلا يتأسى به، ولئلا يختلط على الناس أمر دينهم، فلا يفرقوا بين فرضهم ونفلهم.

ويؤخذ من الأحاديث فوق ما تقدم:

1- من قوله في الرواية الثالثة صلى يوم أضحى، ثم خطب أن الخطبة للعيد بعد الصلاة، قال النووي: وهو إجماع الناس اليوم.

2- في قوله في الرواية الخامسة عندي عناق لبن، هي خير من شاتي لحم وإقرار النبي صلى الله عليه وسلم له، بقوله هي خير نسيكتيك إشارة إلى أن المقصود في الضحايا طيب اللحم، لا كثرته، فشاة نفيسة أفضل من شاتين غير سمينتين، قال النووي: وأجمع العلماء على استحباب سمينها وطيبها.

3- وفي الأحاديث أن المرجع في الأحكام إنما هو النبي صلى الله عليه وسلم.

4- وأنه قد يخص بعض أمته بحكم، ويمنع غيره منه، ولو كان بغير عذر.

5- وأن خطابه للواحد بعم جميع المكلفين، حتى يظهر دليل الخصوصية، قال الحافظ ابن حجر: لأن السياق يشعر بأن قوله لأبي بردة: ضح به أي بالجذع، ولو كان يفهم منه تخصيصه بذلك لما احتاج إلى أن يقول له: ولن تجزي عن أحد بعدك قال: ويحتمل أن تكون فائدة ذلك قطع إلحاق غيره به في الحكم المذكور، لا أن ذلك مأخوذ من مجرد اللفظ.

6- وفيه أن الإمام يعلم الناس في خطبة العيد أحكام النحر.

7- وفيه جواز الاكتفاء بالشاة الواحدة في الأضحية، عن الرجل وعن أهل بيته، وبه قال الجمهور، وعن أبي حنيفة والثوري: يكره، وقال الخطابي: لا يجوز أن يضحي بشاة واحدة عن اثنين، وادعى نسخ ما دل عليه الحديث.

8- قال ابن أبي جمرة: وفيه أن العمل، وإن وافق نية حسنة لم يصح إلا إذا وقع على وفق الشرع.

9- ومن قوله إنما هو لحم قدمه لأهله جواز أكل اللحم يوم العيد، من غير لحم الأضحية.

10- وفيه كرم الرب سبحانه وتعالى، لكونه شرع لعبيده الأضحية، مع ما لهم فيها من الشهوة بالأكل والادخار، ومع ذلك فأثبت لهم الأجر في الذبح، ثم من تصدق أثيب، وإلا لم يأثم.

11- وفي الرواية الحادية عشرة إجزاء الذكر في الأضحية، وهو مجمع عليه.

12- وأن الأفضل أن يذبحها بنفسه، وهو مجمع عليه.

13- وجواز التضحية بحيوانين.

14- واستحباب التضحية بالأقرن.

15- ومن الرواية الخامسة عشرة قسمة الإمام الأضاحي بين الناس، بنفسه، أو بأمره.

والله أعلم

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب سِنِّ الْأُضْحِيَّةِ
[ سـ :3745 ... بـ :1963]
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَذْبَحُوا إِلَّا مُسِنَّةً إِلَّا أَنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنْ الضَّأْنِ
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا تَذْبَحُوا إِلَّا مُسِنَّةً إِلَّا أَنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ ؛ فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأْنِ ) قَالَ الْعُلَمَاءُ : الْمُسِنَّةُ هِيَ الثَّنِيَّةُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مِنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ فَمَا فَوْقَهَا ، وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْجَذَعُ مِنْ غَيْرِ الضَّأْنِ فِي حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ ، وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ عَلَى مَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ ، وَنَقَلَ الْعَبْدَرِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ قَالَ : يُجْزِي الْجَذَعُ مِنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْمَعْزِ وَالضَّأْنِ ، وَحُكِيَ هَذَا عَنْ عَطَاءٍ ..
وَأَمَّا الْجَذَعُ مِنَ الضَّأْنِ فَمَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً يُجْزِي ، سَوَاءٌ وَجَدَ غَيْرَهُ أَمْ لَا ، وَحَكَوْا عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَالزُّهْرِيِّ أَنَّهُمَا قَالَا : لَا يُجْزِي ، وَقَدْ يُحْتَجُّ لَهُمَا بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ .

قَالَ الْجُمْهُورُ : هَذَا الْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَالْأَفْضَلِ ، وَتَقْدِيرُهُ يُسْتَحَبُّ لَكُمْ أَلَّا تَذْبَحُوا إِلَّا مُسِنَّةً فَإِنْ عَجَزْتُمْ فَجَذَعَةَ ضَأْنٍ ، وَلَيْسَ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِمَنْعِ جَذَعَةِ الضَّأْنِ ، وَأَنَّهَا لَا تُجْزِي بِحَالٍ ، وَقَدْ أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى ظَاهِرِهِ ؛ لِأَنَّ الْجُمْهُورَ يُجَوِّزُونَ الْجَذَعَ مِنَ الضَّأْنِ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ وَعَدَمِهِ ، وَابْنُ عُمَرَ وَالزُّهْرِيُّ يَمْنَعَانِهِ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ وَعَدَمِهِ ، فَتَعَيَّنَ تَأْوِيلُ الْحَدِيثِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنَ الِاسْتِحْبَابِ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا تُجْزِي الضَّحِيَّةُ بِغَيْرِ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ ، إِلَّا مَا حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ أَنَّهُ قَالَ : تَجُوزُ التَّضْحِيَةُ بِبَقَرَةِ الْوَحْشِ عَنْ سَبْعَةٍ ، وَبِالظَّبْيِ عَنْ وَاحِدٍ ، وَبِهِ قَالَ دَاوُدُ فِي بَقَرَةِ الْوَحْشِ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

وَالْجَذَعُ مِنَ الضَّأْنِ : مَا لَهُ سَنَةٌ تَامَّةٌ ، هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ أَصْحَابِنَا ، وَهُوَ الْأَشْهَرُ عِنْدِ أَهْلِ اللُّغَةِ وَغَيْرِهِمْ .
وَقِيلَ : مَا لَهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ ، وَقِيلَ : سَبْعَةٌ ، وَقِيلَ : ثَمَانِيَةٌ ، وَقِيلَ : ابْنُ عَشْرَةٍ ، حَكَاهُ الْقَاضِي ، وَهُوَ غَرِيبٌ ، وَقِيلَ : إِنْ كَانَ مُتَوَلِّدًا مِنْ بَيْنِ شَابَّيْنِ فَسِتَّةُ أَشْهُرٍ ، وَإِنْ كَانَ مِنْ هَرِمَيْنِ فَثَمَانِيَةُ أَشْهُرٍ .

وَمَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ : أَنَّ أَفْضَلَ الْأَنْوَاعِ الْبَدَنَةُ ، ثُمَّ الْبَقَرَةُ ، ثُمَّ الضَّأْنُ ، ثُمَّ الْمَعْزُ ،.

     وَقَالَ  مَالِكٌ : الْغَنَمُ أَفْضَلُ ؛ لِأَنَّهَا أَطْيَبُ لَحْمًا ، حُجَّةُ الْجُمْهُورِ أَنَّ الْبَدَنَةَ تُجْزِي عَنْ سَبْعَةٍ ، وَكَذَا الْبَقَرَةُ ،.

وَأَمَّا الشَّاةُ فَلَا تُجْزِي إِلَّا عَنْ وَاحِدٍ بِالِاتِّفَاقِ ، فَدَلَّ عَلَى تَفْضِيلِ الْبَدَنَةِ وَالْبَقَرَةِ ، وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ مَالِكٍ فِيمَا بَعْدَ الْغَنَمِ ، فَقِيلَ : الْإِبِلُ أَفْضَلُ مِنَ الْبَقَرَةِ ، وَقِيلَ : الْبَقَرَةُ أَفْضَلُ مِنَ الْإِبِلِ ، وَهُوَ الْأَشْهَرُ عِنْدَهُمْ .

وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى اسْتِحْبَابِ سَمِينِهَا وَطَيِّبِهَا ، وَاخْتَلَفُوا فِي تَسْمِينِهَا ، فَمَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ اسْتِحْبَابُهُ ، وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ كُنَّا نُسَمِّنُ الْأُضْحِيَّةَ ، وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يُسَمِّنُونَ ، وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ مَالِكٍ كَرَاهَةَ ذَلِكَ ، لِئَلَّا يَتَشَبَّهَ بِالْيَهُودِ ، وَهَذَا قَوْلٌ بَاطِلٌ .