هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3726 حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ ، عَنْ عُقَيْلٍ ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ : فَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَتْ : لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَيَّ قَطُّ ، إِلَّا وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ ، وَلَمْ يَمُرَّ عَلَيْنَا يَوْمٌ إِلَّا يَأْتِينَا فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَرَفَيِ النَّهَارِ ، بُكْرَةً وَعَشِيَّةً ، فَلَمَّا ابْتُلِيَ المُسْلِمُونَ خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرًا نَحْوَ أَرْضِ الحَبَشَةِ ، حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَرْكَ الغِمَادِ لَقِيَهُ ابْنُ الدَّغِنَةِ وَهُوَ سَيِّدُ القَارَةِ ، فَقَالَ : أَيْنَ تُرِيدُ يَا أَبَا بَكْرٍ ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : أَخْرَجَنِي قَوْمِي ، فَأُرِيدُ أَنْ أَسِيحَ فِي الأَرْضِ وَأَعْبُدَ رَبِّي ، قَالَ ابْنُ الدَّغِنَةِ : فَإِنَّ مِثْلَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ لاَ يَخْرُجُ وَلاَ يُخْرَجُ ، إِنَّكَ تَكْسِبُ المَعْدُومَ وَتَصِلُ الرَّحِمَ ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ وَتَقْرِي الضَّيْفَ وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقِّ ، فَأَنَا لَكَ جَارٌ ارْجِعْ وَاعْبُدْ رَبَّكَ بِبَلَدِكَ ، فَرَجَعَ وَارْتَحَلَ مَعَهُ ابْنُ الدَّغِنَةِ ، فَطَافَ ابْنُ الدَّغِنَةِ عَشِيَّةً فِي أَشْرَافِ قُرَيْشٍ ، فَقَالَ لَهُمْ : إِنَّ أَبَا بَكْرٍ لاَ يَخْرُجُ مِثْلُهُ وَلاَ يُخْرَجُ ، أَتُخْرِجُونَ رَجُلًا يَكْسِبُ المَعْدُومَ وَيَصِلُ الرَّحِمَ ، وَيَحْمِلُ الكَلَّ وَيَقْرِي الضَّيْفَ ، وَيُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقِّ ، فَلَمْ تُكَذِّبْ قُرَيْشٌ بِجِوَارِ ابْنِ الدَّغِنَةِ ، وَقَالُوا : لِابْنِ الدَّغِنَةِ : مُرْ أَبَا بَكْرٍ فَلْيَعْبُدْ رَبَّهُ فِي دَارِهِ ، فَلْيُصَلِّ فِيهَا وَلْيَقْرَأْ مَا شَاءَ ، وَلاَ يُؤْذِينَا بِذَلِكَ وَلاَ يَسْتَعْلِنْ بِهِ ، فَإِنَّا نَخْشَى أَنْ يَفْتِنَ نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا ، فَقَالَ ذَلِكَ ابْنُ الدَّغِنَةِ لِأَبِي بَكْرٍ ، فَلَبِثَ أَبُو بَكْرٍ بِذَلِكَ يَعْبُدُ رَبَّهُ فِي دَارِهِ ، وَلاَ يَسْتَعْلِنُ بِصَلاَتِهِ وَلاَ يَقْرَأُ فِي غَيْرِ دَارِهِ ، ثُمَّ بَدَا لِأَبِي بَكْرٍ ، فَابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ ، وَكَانَ يُصَلِّي فِيهِ ، وَيَقْرَأُ القُرْآنَ ، فَيَنْقَذِفُ عَلَيْهِ نِسَاءُ المُشْرِكِينَ وَأَبْنَاؤُهُمْ ، وَهُمْ يَعْجَبُونَ مِنْهُ وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَجُلًا بَكَّاءً ، لاَ يَمْلِكُ عَيْنَيْهِ إِذَا قَرَأَ القُرْآنَ ، وَأَفْزَعَ ذَلِكَ أَشْرَافَ قُرَيْشٍ مِنَ المُشْرِكِينَ ، فَأَرْسَلُوا إِلَى ابْنِ الدَّغِنَةِ فَقَدِمَ عَلَيْهِمْ ، فَقَالُوا : إِنَّا كُنَّا أَجَرْنَا أَبَا بَكْرٍ بِجِوَارِكَ ، عَلَى أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ فِي دَارِهِ ، فَقَدْ جَاوَزَ ذَلِكَ ، فَابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ ، فَأَعْلَنَ بِالصَّلاَةِ وَالقِرَاءَةِ فِيهِ ، وَإِنَّا قَدْ خَشِينَا أَنْ يَفْتِنَ نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا ، فَانْهَهُ ، فَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ فِي دَارِهِ فَعَلَ ، وَإِنْ أَبَى إِلَّا أَنْ يُعْلِنَ بِذَلِكَ ، فَسَلْهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْكَ ذِمَّتَكَ ، فَإِنَّا قَدْ كَرِهْنَا أَنْ نُخْفِرَكَ ، وَلَسْنَا مُقِرِّينَ لِأَبِي بَكْرٍ الِاسْتِعْلاَنَ ، قَالَتْ عَائِشَةُ : فَأَتَى ابْنُ الدَّغِنَةِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ : قَدْ عَلِمْتَ الَّذِي عَاقَدْتُ لَكَ عَلَيْهِ ، فَإِمَّا أَنْ تَقْتَصِرَ عَلَى ذَلِكَ ، وَإِمَّا أَنْ تَرْجِعَ إِلَيَّ ذِمَّتِي ، فَإِنِّي لاَ أُحِبُّ أَنْ تَسْمَعَ العَرَبُ أَنِّي أُخْفِرْتُ فِي رَجُلٍ عَقَدْتُ لَهُ ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : فَإِنِّي أَرُدُّ إِلَيْكَ جِوَارَكَ ، وَأَرْضَى بِجِوَارِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ بِمَكَّةَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُسْلِمِينَ : إِنِّي أُرِيتُ دَارَ هِجْرَتِكُمْ ، ذَاتَ نَخْلٍ بَيْنَ لاَبَتَيْنِ وَهُمَا الحَرَّتَانِ ، فَهَاجَرَ مَنْ هَاجَرَ قِبَلَ المَدِينَةِ ، وَرَجَعَ عَامَّةُ مَنْ كَانَ هَاجَرَ بِأَرْضِ الحَبَشَةِ إِلَى المَدِينَةِ ، وَتَجَهَّزَ أَبُو بَكْرٍ قِبَلَ المَدِينَةِ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : عَلَى رِسْلِكَ ، فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يُؤْذَنَ لِي فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَهَلْ تَرْجُو ذَلِكَ بِأَبِي أَنْتَ ؟ قَالَ : نَعَمْ فَحَبَسَ أَبُو بَكْرٍ نَفْسَهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَصْحَبَهُ ، وَعَلَفَ رَاحِلَتَيْنِ كَانَتَا عِنْدَهُ وَرَقَ السَّمُرِ وَهُوَ الخَبَطُ ، أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ . قَالَ ابْنُ شِهَابٍ ، قَالَ : عُرْوَةُ ، قَالَتْ عَائِشَةُ : فَبَيْنَمَا نَحْنُ يَوْمًا جُلُوسٌ فِي بَيْتِ أَبِي بَكْرٍ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ ، قَالَ قَائِلٌ لِأَبِي بَكْرٍ : هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَقَنِّعًا ، فِي سَاعَةٍ لَمْ يَكُنْ يَأْتِينَا فِيهَا ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : فِدَاءٌ لَهُ أَبِي وَأُمِّي ، وَاللَّهِ مَا جَاءَ بِهِ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ إِلَّا أَمْرٌ ، قَالَتْ : فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَأْذَنَ ، فَأُذِنَ لَهُ فَدَخَلَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بَكْرٍ : أَخْرِجْ مَنْ عِنْدَكَ . فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : إِنَّمَا هُمْ أَهْلُكَ ، بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : فَإِنِّي قَدْ أُذِنَ لِي فِي الخُرُوجِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : الصَّحَابَةُ بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : نَعَمْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ : فَخُذْ - بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ - إِحْدَى رَاحِلَتَيَّ هَاتَيْنِ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : بِالثَّمَنِ . قَالَتْ عَائِشَةُ : فَجَهَّزْنَاهُمَا أَحَثَّ الجِهَازِ ، وَصَنَعْنَا لَهُمَا سُفْرَةً فِي جِرَابٍ ، فَقَطَعَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ قِطْعَةً مِنْ نِطَاقِهَا ، فَرَبَطَتْ بِهِ عَلَى فَمِ الجِرَابِ ، فَبِذَلِكَ سُمِّيَتْ ذَاتَ النِّطَاقَيْنِ قَالَتْ : ثُمَّ لَحِقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ بِغَارٍ فِي جَبَلِ ثَوْرٍ ، فَكَمَنَا فِيهِ ثَلاَثَ لَيَالٍ ، يَبِيتُ عِنْدَهُمَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ ، وَهُوَ غُلاَمٌ شَابٌّ ، ثَقِفٌ لَقِنٌ ، فَيُدْلِجُ مِنْ عِنْدِهِمَا بِسَحَرٍ ، فَيُصْبِحُ مَعَ قُرَيْشٍ بِمَكَّةَ كَبَائِتٍ ، فَلاَ يَسْمَعُ أَمْرًا ، يُكْتَادَانِ بِهِ إِلَّا وَعَاهُ ، حَتَّى يَأْتِيَهُمَا بِخَبَرِ ذَلِكَ حِينَ يَخْتَلِطُ الظَّلاَمُ ، وَيَرْعَى عَلَيْهِمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ ، مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ مِنْحَةً مِنْ غَنَمٍ ، فَيُرِيحُهَا عَلَيْهِمَا حِينَ تَذْهَبُ سَاعَةٌ مِنَ العِشَاءِ ، فَيَبِيتَانِ فِي رِسْلٍ ، وَهُوَ لَبَنُ مِنْحَتِهِمَا وَرَضِيفِهِمَا ، حَتَّى يَنْعِقَ بِهَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ بِغَلَسٍ ، يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ تِلْكَ اللَّيَالِي الثَّلاَثِ ، وَاسْتَأْجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ رَجُلًا مِنْ بَنِي الدِّيلِ ، وَهُوَ مِنْ بَنِي عَبْدِ بْنِ عَدِيٍّ ، هَادِيَا خِرِّيتًا ، وَالخِرِّيتُ المَاهِرُ بِالهِدَايَةِ ، قَدْ غَمَسَ حِلْفًا فِي آلِ العَاصِ بْنِ وَائِلٍ السَّهْمِيِّ ، وَهُوَ عَلَى دِينِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ ، فَأَمِنَاهُ فَدَفَعَا إِلَيْهِ رَاحِلَتَيْهِمَا ، وَوَاعَدَاهُ غَارَ ثَوْرٍ بَعْدَ ثَلاَثِ لَيَالٍ ، بِرَاحِلَتَيْهِمَا صُبْحَ ثَلاَثٍ ، وَانْطَلَقَ مَعَهُمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ ، وَالدَّلِيلُ ، فَأَخَذَ بِهِمْ طَرِيقَ السَّوَاحِلِ ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ : وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَالِكٍ المُدْلِجِيُّ ، وَهُوَ ابْنُ أَخِي سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ ، أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ سُرَاقَةَ بْنَ جُعْشُمٍ يَقُولُ : جَاءَنَا رُسُلُ كُفَّارِ قُرَيْشٍ ، يَجْعَلُونَ فِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ ، دِيَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ، مَنْ قَتَلَهُ أَوْ أَسَرَهُ ، فَبَيْنَمَا أَنَا جَالِسٌ فِي مَجْلِسٍ مِنْ مَجَالِسِ قَوْمِي بَنِي مُدْلِجٍ ، أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْهُمْ ، حَتَّى قَامَ عَلَيْنَا وَنَحْنُ جُلُوسٌ ، فَقَالَ يَا سُرَاقَةُ : إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ آنِفًا أَسْوِدَةً بِالسَّاحِلِ ، أُرَاهَا مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ ، قَالَ سُرَاقَةُ : فَعَرَفْتُ أَنَّهُمْ هُمْ ، فَقُلْتُ لَهُ : إِنَّهُمْ لَيْسُوا بِهِمْ ، وَلَكِنَّكَ رَأَيْتَ فُلاَنًا وَفُلاَنًا ، انْطَلَقُوا بِأَعْيُنِنَا ، ثُمَّ لَبِثْتُ فِي المَجْلِسِ سَاعَةً ، ثُمَّ قُمْتُ فَدَخَلْتُ فَأَمَرْتُ جَارِيَتِي أَنْ تَخْرُجَ بِفَرَسِي ، وَهِيَ مِنْ وَرَاءِ أَكَمَةٍ ، فَتَحْبِسَهَا عَلَيَّ ، وَأَخَذْتُ رُمْحِي ، فَخَرَجْتُ بِهِ مِنْ ظَهْرِ البَيْتِ ، فَحَطَطْتُ بِزُجِّهِ الأَرْضَ ، وَخَفَضْتُ عَالِيَهُ ، حَتَّى أَتَيْتُ فَرَسِي فَرَكِبْتُهَا ، فَرَفَعْتُهَا تُقَرِّبُ بِي ، حَتَّى دَنَوْتُ مِنْهُمْ ، فَعَثَرَتْ بِي فَرَسِي ، فَخَرَرْتُ عَنْهَا ، فَقُمْتُ فَأَهْوَيْتُ يَدِي إِلَى كِنَانَتِي ، فَاسْتَخْرَجْتُ مِنْهَا الأَزْلاَمَ فَاسْتَقْسَمْتُ بِهَا : أَضُرُّهُمْ أَمْ لاَ ، فَخَرَجَ الَّذِي أَكْرَهُ ، فَرَكِبْتُ فَرَسِي ، وَعَصَيْتُ الأَزْلاَمَ ، تُقَرِّبُ بِي حَتَّى إِذَا سَمِعْتُ قِرَاءَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهُوَ لاَ يَلْتَفِتُ ، وَأَبُو بَكْرٍ يُكْثِرُ الِالْتِفَاتَ ، سَاخَتْ يَدَا فَرَسِي فِي الأَرْضِ ، حَتَّى بَلَغَتَا الرُّكْبَتَيْنِ ، فَخَرَرْتُ عَنْهَا ، ثُمَّ زَجَرْتُهَا فَنَهَضَتْ ، فَلَمْ تَكَدْ تُخْرِجُ يَدَيْهَا ، فَلَمَّا اسْتَوَتْ قَائِمَةً ، إِذَا لِأَثَرِ يَدَيْهَا عُثَانٌ سَاطِعٌ فِي السَّمَاءِ مِثْلُ الدُّخَانِ ، فَاسْتَقْسَمْتُ بِالأَزْلاَمِ ، فَخَرَجَ الَّذِي أَكْرَهُ ، فَنَادَيْتُهُمْ بِالأَمَانِ فَوَقَفُوا ، فَرَكِبْتُ فَرَسِي حَتَّى جِئْتُهُمْ ، وَوَقَعَ فِي نَفْسِي حِينَ لَقِيتُ مَا لَقِيتُ مِنَ الحَبْسِ عَنْهُمْ ، أَنْ سَيَظْهَرُ أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَقُلْتُ لَهُ : إِنَّ قَوْمَكَ قَدْ جَعَلُوا فِيكَ الدِّيَةَ ، وَأَخْبَرْتُهُمْ أَخْبَارَ مَا يُرِيدُ النَّاسُ بِهِمْ ، وَعَرَضْتُ عَلَيْهِمُ الزَّادَ وَالمَتَاعَ ، فَلَمْ يَرْزَآنِي وَلَمْ يَسْأَلاَنِي ، إِلَّا أَنْ قَالَ : أَخْفِ عَنَّا . فَسَأَلْتُهُ أَنْ يَكْتُبَ لِي كِتَابَ أَمْنٍ ، فَأَمَرَ عَامِرَ بْنَ فُهَيْرَةَ فَكَتَبَ فِي رُقْعَةٍ مِنْ أَدِيمٍ ، ثُمَّ مَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . قَالَ ابْنُ شِهَابٍ ، فَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقِيَ الزُّبَيْرَ فِي رَكْبٍ مِنَ المُسْلِمِينَ ، كَانُوا تِجَارًا قَافِلِينَ مِنَ الشَّأْمِ ، فَكَسَا الزُّبَيْرُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ ثِيَابَ بَيَاضٍ ، وَسَمِعَ المُسْلِمُونَ بِالْمَدِينَةِ مَخْرَجَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَكَّةَ ، فَكَانُوا يَغْدُونَ كُلَّ غَدَاةٍ إِلَى الحَرَّةِ ، فَيَنْتَظِرُونَهُ حَتَّى يَرُدَّهُمْ حَرُّ الظَّهِيرَةِ ، فَانْقَلَبُوا يَوْمًا بَعْدَ مَا أَطَالُوا انْتِظَارَهُمْ ، فَلَمَّا أَوَوْا إِلَى بُيُوتِهِمْ ، أَوْفَى رَجُلٌ مِنْ يَهُودَ عَلَى أُطُمٍ مِنْ آطَامِهِمْ ، لِأَمْرٍ يَنْظُرُ إِلَيْهِ ، فَبَصُرَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ مُبَيَّضِينَ يَزُولُ بِهِمُ السَّرَابُ ، فَلَمْ يَمْلِكِ اليَهُودِيُّ أَنْ قَالَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ : يَا مَعَاشِرَ العَرَبِ ، هَذَا جَدُّكُمُ الَّذِي تَنْتَظِرُونَ ، فَثَارَ المُسْلِمُونَ إِلَى السِّلاَحِ ، فَتَلَقَّوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِظَهْرِ الحَرَّةِ ، فَعَدَلَ بِهِمْ ذَاتَ اليَمِينِ ، حَتَّى نَزَلَ بِهِمْ فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ ، وَذَلِكَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ ، فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ لِلنَّاسِ ، وَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَامِتًا ، فَطَفِقَ مَنْ جَاءَ مِنَ الأَنْصَارِ - مِمَّنْ لَمْ يَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُحَيِّي أَبَا بَكْرٍ ، حَتَّى أَصَابَتِ الشَّمْسُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى ظَلَّلَ عَلَيْهِ بِرِدَائِهِ ، فَعَرَفَ النَّاسُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ ، فَلَبِثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً ، وَأُسِّسَ المَسْجِدُ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى ، وَصَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ ، فَسَارَ يَمْشِي مَعَهُ النَّاسُ حَتَّى بَرَكَتْ عِنْدَ مَسْجِدِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ ، وَهُوَ يُصَلِّي فِيهِ يَوْمَئِذٍ رِجَالٌ مِنَ المُسْلِمِينَ ، وَكَانَ مِرْبَدًا لِلتَّمْرِ ، لِسُهَيْلٍ وَسَهْلٍ غُلاَمَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي حَجْرِ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ بَرَكَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ : هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ المَنْزِلُ . ثُمَّ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الغُلاَمَيْنِ فَسَاوَمَهُمَا بِالْمِرْبَدِ ، لِيَتَّخِذَهُ مَسْجِدًا ، فَقَالاَ : لاَ ، بَلْ نَهَبُهُ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَأَبَى رَسُولُ اللَّهِ أَنْ يَقْبَلَهُ مِنْهُمَا هِبَةً حَتَّى ابْتَاعَهُ مِنْهُمَا ، ثُمَّ بَنَاهُ مَسْجِدًا ، وَطَفِقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْقُلُ مَعَهُمُ اللَّبِنَ فِي بُنْيَانِهِ وَيَقُولُ ، وَهُوَ يَنْقُلُ اللَّبِنَ : هَذَا الحِمَالُ لاَ حِمَالَ خَيْبَرْ ، هَذَا أَبَرُّ رَبَّنَا وَأَطْهَرْ ، وَيَقُولُ : اللَّهُمَّ إِنَّ الأَجْرَ أَجْرُ الآخِرَهْ ، فَارْحَمِ الأَنْصَارَ ، وَالمُهَاجِرَهْ فَتَمَثَّلَ بِشِعْرِ رَجُلٍ مِنَ المُسْلِمِينَ لَمْ يُسَمَّ لِي قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَلَمْ يَبْلُغْنَا فِي الأَحَادِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَمَثَّلَ بِبَيْتِ شِعْرٍ تَامٍّ غَيْرَ هَذَا البَيْتِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  بأبي أنت يا رسول الله إحدى راحلتي هاتين ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بالثمن . قالت عائشة : فجهزناهما أحث الجهاز ، وصنعنا لهما سفرة في جراب ، فقطعت أسماء بنت أبي بكر قطعة من نطاقها ، فربطت به على فم الجراب ، فبذلك سميت ذات النطاقين قالت : ثم لحق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر بغار في جبل ثور ، فكمنا فيه ثلاث ليال ، يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر ، وهو غلام شاب ، ثقف لقن ، فيدلج من عندهما بسحر ، فيصبح مع قريش بمكة كبائت ، فلا يسمع أمرا ، يكتادان به إلا وعاه ، حتى يأتيهما بخبر ذلك حين يختلط الظلام ، ويرعى عليهما عامر بن فهيرة ، مولى أبي بكر منحة من غنم ، فيريحها عليهما حين تذهب ساعة من العشاء ، فيبيتان في رسل ، وهو لبن منحتهما ورضيفهما ، حتى ينعق بها عامر بن فهيرة بغلس ، يفعل ذلك في كل ليلة من تلك الليالي الثلاث ، واستأجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رجلا من بني الديل ، وهو من بني عبد بن عدي ، هاديا خريتا ، والخريت الماهر بالهداية ، قد غمس حلفا في آل العاص بن وائل السهمي ، وهو على دين كفار قريش ، فأمناه فدفعا إليه راحلتيهما ، وواعداه غار ثور بعد ثلاث ليال ، براحلتيهما صبح ثلاث ، وانطلق معهما عامر بن فهيرة ، والدليل ، فأخذ بهم طريق السواحل ، قال ابن شهاب : وأخبرني عبد الرحمن بن مالك المدلجي ، وهو ابن أخي سراقة بن مالك بن جعشم ، أن أباه أخبره أنه سمع سراقة بن جعشم يقول : جاءنا رسل كفار قريش ، يجعلون في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر ، دية كل واحد منهما ، من قتله أو أسره ، فبينما أنا جالس في مجلس من مجالس قومي بني مدلج ، أقبل رجل منهم ، حتى قام علينا ونحن جلوس ، فقال يا سراقة : إني قد رأيت آنفا أسودة بالساحل ، أراها محمدا وأصحابه ، قال سراقة : فعرفت أنهم هم ، فقلت له : إنهم ليسوا بهم ، ولكنك رأيت فلانا وفلانا ، انطلقوا بأعيننا ، ثم لبثت في المجلس ساعة ، ثم قمت فدخلت فأمرت جاريتي أن تخرج بفرسي ، وهي من وراء أكمة ، فتحبسها علي ، وأخذت رمحي ، فخرجت به من ظهر البيت ، فحططت بزجه الأرض ، وخفضت عاليه ، حتى أتيت فرسي فركبتها ، فرفعتها تقرب بي ، حتى دنوت منهم ، فعثرت بي فرسي ، فخررت عنها ، فقمت فأهويت يدي إلى كنانتي ، فاستخرجت منها الأزلام فاستقسمت بها : أضرهم أم لا ، فخرج الذي أكره ، فركبت فرسي ، وعصيت الأزلام ، تقرب بي حتى إذا سمعت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو لا يلتفت ، وأبو بكر يكثر الالتفات ، ساخت يدا فرسي في الأرض ، حتى بلغتا الركبتين ، فخررت عنها ، ثم زجرتها فنهضت ، فلم تكد تخرج يديها ، فلما استوت قائمة ، إذا لأثر يديها عثان ساطع في السماء مثل الدخان ، فاستقسمت بالأزلام ، فخرج الذي أكره ، فناديتهم بالأمان فوقفوا ، فركبت فرسي حتى جئتهم ، ووقع في نفسي حين لقيت ما لقيت من الحبس عنهم ، أن سيظهر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقلت له : إن قومك قد جعلوا فيك الدية ، وأخبرتهم أخبار ما يريد الناس بهم ، وعرضت عليهم الزاد والمتاع ، فلم يرزآني ولم يسألاني ، إلا أن قال : أخف عنا . فسألته أن يكتب لي كتاب أمن ، فأمر عامر بن فهيرة فكتب في رقعة من أديم ، ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال ابن شهاب ، فأخبرني عروة بن الزبير ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقي الزبير في ركب من المسلمين ، كانوا تجارا قافلين من الشأم ، فكسا الزبير رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر ثياب بياض ، وسمع المسلمون بالمدينة مخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة ، فكانوا يغدون كل غداة إلى الحرة ، فينتظرونه حتى يردهم حر الظهيرة ، فانقلبوا يوما بعد ما أطالوا انتظارهم ، فلما أووا إلى بيوتهم ، أوفى رجل من يهود على أطم من آطامهم ، لأمر ينظر إليه ، فبصر برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه مبيضين يزول بهم السراب ، فلم يملك اليهودي أن قال بأعلى صوته : يا معاشر العرب ، هذا جدكم الذي تنتظرون ، فثار المسلمون إلى السلاح ، فتلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بظهر الحرة ، فعدل بهم ذات اليمين ، حتى نزل بهم في بني عمرو بن عوف ، وذلك يوم الاثنين من شهر ربيع الأول ، فقام أبو بكر للناس ، وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم صامتا ، فطفق من جاء من الأنصار ممن لم ير رسول الله صلى الله عليه وسلم يحيي أبا بكر ، حتى أصابت الشمس رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأقبل أبو بكر حتى ظلل عليه بردائه ، فعرف الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك ، فلبث رسول الله صلى الله عليه وسلم في بني عمرو بن عوف بضع عشرة ليلة ، وأسس المسجد الذي أسس على التقوى ، وصلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم ركب راحلته ، فسار يمشي معه الناس حتى بركت عند مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم بالمدينة ، وهو يصلي فيه يومئذ رجال من المسلمين ، وكان مربدا للتمر ، لسهيل وسهل غلامين يتيمين في حجر أسعد بن زرارة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بركت به راحلته : هذا إن شاء الله المنزل . ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الغلامين فساومهما بالمربد ، ليتخذه مسجدا ، فقالا : لا ، بل نهبه لك يا رسول الله ، فأبى رسول الله أن يقبله منهما هبة حتى ابتاعه منهما ، ثم بناه مسجدا ، وطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم ينقل معهم اللبن في بنيانه ويقول ، وهو ينقل اللبن : هذا الحمال لا حمال خيبر ، هذا أبر ربنا وأطهر ، ويقول : اللهم إن الأجر أجر الآخره ، فارحم الأنصار ، والمهاجره فتمثل بشعر رجل من المسلمين لم يسم لي قال ابن شهاب ولم يبلغنا في الأحاديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تمثل ببيت شعر تام غير هذا البيت
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated 'Aisha:

(the wife of the Prophet) I never remembered my parents believing in any religion other than the true religion (i.e. Islam), and (I don't remember) a single day passing without our being visited by Allah's Messenger (ﷺ) in the morning and in the evening. When the Muslims were put to test (i.e. troubled by the pagans), Abu Bakr set out migrating to the land of Ethiopia, and when he reached Bark-al-Ghimad, Ibn Ad-Daghina, the chief of the tribe of Qara, met him and said, O Abu Bakr! Where are you going? Abu Bakr replied, My people have turned me out (of my country), so I want to wander on the earth and worship my Lord. Ibn Ad-Daghina said, O Abu Bakr! A man like you should not leave his home-land, nor should he be driven out, because you help the destitute, earn their livings, and you keep good relations with your Kith and kin, help the weak and poor, entertain guests generously, and help the calamity-stricken persons. Therefore I am your protector. Go back and worship your Lord in your town.

So Abu Bakr returned and Ibn Ad-Daghina accompanied him. In the evening Ibn Ad-Daghina visited the nobles of Quraish and said to them. A man like Abu Bakr should not leave his homeland, nor should he be driven out. Do you (i.e. Quraish) drive out a man who helps the destitute, earns their living, keeps good relations with his Kith and kin, helps the weak and poor, entertains guests generously and helps the calamity-stricken persons? So the people of Quraish could not refuse Ibn Ad-Daghina's protection, and they said to Ibn Ad-Daghina, Let Abu Bakr worship his Lord in his house. He can pray and recite there whatever he likes, but he should not hurt us with it, and should not do it publicly, because we are afraid that he may affect our women and children. Ibn Ad-Daghina told Abu Bakr of all that. Abu Bakr stayed in that state, worshipping his Lord in his house. He did not pray publicly, nor did he recite Quran outside his house.

Then a thought occurred to Abu Bakr to build a mosque in front of his house, and there he used to pray and recite the Quran. The women and children of the pagans began to gather around him in great number. They used to wonder at him and look at him. Abu Bakr was a man who used to weep too much, and he could not help weeping on reciting the Quran. That situation scared the nobles of the pagans of Quraish, so they sent for Ibn Ad-Daghina. When he came to them, they said, We accepted your protection of Abu Bakr on condition that he should worship his Lord in his house, but he has violated the conditions and he has built a mosque in front of his house where he prays and recites the Quran publicly. We are now afraid that he may affect our women and children unfavorably. So, prevent him from that. If he likes to confine the worship of his Lord to his house, he may do so, but if he insists on doing that openly, ask him to release you from your obligation to protect him, for we dislike to break our pact with you, but we deny Abu Bakr the right to announce his act publicly. Ibn Ad-Daghina went to Abu- Bakr and said, (O Abu Bakr!) You know well what contract I have made on your behalf; now, you are either to abide by it, or else release me from my obligation of protecting you, because I do not want the 'Arabs hear that my people have dishonored a contract I have made on behalf of another man. Abu Bakr replied, I release you from your pact to protect me, and am pleased with the protection from Allah.

At that time the Prophet (ﷺ) was in Mecca, and he said to the Muslims, In a dream I have been shown your migration place, a land of date palm trees, between two mountains, the two stony tracts. So, some people migrated to Medina, and most of those people who had previously migrated to the land of Ethiopia, returned to Medina. Abu Bakr also prepared to leave for Medina, but Allah's Messenger (ﷺ) said to him, Wait for a while, because I hope that I will be allowed to migrate also. Abu Bakr said, Do you indeed expect this? Let my father be sacrificed for you! The Prophet (ﷺ) said, Yes. So Abu Bakr did not migrate for the sake of Allah's Messenger (ﷺ) in order to accompany him. He fed two she-camels he possessed with the leaves of As-Samur tree that fell on being struck by a stick for four months.

One day, while we were sitting in Abu Bakr's house at noon, someone said to Abu Bakr, This is Allah's Messenger (ﷺ) with his head covered coming at a time at which he never used to visit us before. Abu Bakr said, May my parents be sacrificed for him. By Allah, he has not come at this hour except for a great necessity. So Allah's Messenger (ﷺ) came and asked permission to enter, and he was allowed to enter. When he entered, he said to Abu Bakr. Tell everyone who is present with you to go away. Abu Bakr replied, There are none but your family. May my father be sacrificed for you, O Allah's Messenger (ﷺ)! The Prophet (ﷺ) said, i have been given permission to migrate. Abu Bakr said, Shall I accompany you? May my father be sacrificed for you, O Allah's Messenger (ﷺ)! Allah's Messenger (ﷺ) said, Yes. Abu Bakr said, O Allah's Messenger (ﷺ)! May my father be sacrificed for you, take one of these two she-camels of mine. Allah's Messenger (ﷺ) replied, (I will accept it) with payment. So we prepared the baggage quickly and put some journey food in a leather bag for them. Asma, Abu Bakr's daughter, cut a piece from her waist belt and tied the mouth of the leather bag with it, and for that reason she was named Dhat-un-Nitaqain (i.e. the owner of two belts).

Then Allah's Messenger (ﷺ) and Abu Bakr reached a cave on the mountain of Thaur and stayed there for three nights. 'Abdullah bin Abi Bakr who was intelligent and a sagacious youth, used to stay (with them) aver night. He used to leave them before day break so that in the morning he would be with Quraish as if he had spent the night in Mecca. He would keep in mind any plot made against them, and when it became dark he would (go and) inform them of it. 'Amir bin Fuhaira, the freed slave of Abu Bakr, used to bring the milch sheep (of his master, Abu Bakr) to them a little while after nightfall in order to rest the sheep there. So they always had fresh milk at night, the milk of their sheep, and the milk which they warmed by throwing heated stones in it. 'Amir bin Fuhaira would then call the herd away when it was still dark (before daybreak). He did the same in each of those three nights. Allah's Messenger (ﷺ) and Abu Bakr had hired a man from the tribe of Bani Ad-Dail from the family of Bani Abd bin Adi as an expert guide, and he was in alliance with the family of Al-'As bin Wail As-Sahmi and he was on the religion of the infidels of Quraish. The Prophet (ﷺ) and Abu Bakr trusted him and gave him their two she-camels and took his promise to bring their two she camels to the cave of the mountain of Thaur in the morning after three nights later. And (when they set out), 'Amir bin Fuhaira and the guide went along with them and the guide led them along the sea-shore.

":"ہم سے یحییٰ بن بکیر نے بیان کیا ، کہا ہم سے لیث نے بیان کیا ، ان سے عقیل نے کہ ابن شہاب نے بیان کیا ، انہیں عروہ بن زبیر نے خبر دی اور ان سے نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم کی زوجہ مطہرہ حضرت عائشہ رضی اللہ عنہا نے بیان کیا کہجب سے میں نے ہوش سنبھالا میں نے اپنے ماں باپ کو دین اسلام ہی پر پایا اور کوئی دن ایسا نہیں گزرتا تھا جس میں رسول کریم صلی اللہ علیہ وسلم ہمارے گھر صبح و شام دونوں وقت تشریف نہ لاتے ہوں ، پھر جب ( مکہ میں ) مسلمانوں کو ستایا جانے لگا تو حضرت ابوبکر رضی اللہ عنہ حبشہ کی ہجرت کا ارادہ کر کے نکلے ۔ جب آپ مقام برک غماد پر پہنچے تو آپ کی ملاقات ابن الدغنہ سے ہوئی جو قبیلہ قارہ کا سردار تھا ۔ اس نے پوچھا ابوبکر ( رضی اللہ عنہ ) ! کہاں کا ارادہ ہے ؟ انہوں نے کہا کہ میری قوم نے مجھے نکال دیا ہے اب میں نے ارادہ کر لیا ہے کہ ملک ملک کی سیاحت کروں ( اور آزادی کے ساتھ ) اپنے رب کی عبادت کروں ۔ ابن الدغنہ نے کہا لیکن ابوبکر ! تم جیسے انسان کو اپنے وطن سے نہ خود نکلنا چاہئے اور نہ اسے نکالا جانا چاہیے ۔ تم محتاجوں کی مدد کرتے ہو ، صلہ رحمی کرتے ہو ۔ بے کسوں کا بوجھ اٹھاتے ہو ، مہمان نوازی کرتے ہو اور حق پر قائم رہنے کی وجہ سے کسی پر آنے والی مصیبتوں میں اس کی مدد کرتے ہو ، میں تمہیں پناہ دیتا ہوں واپس چلو اور اپنے شہر ہی میں اپنے رب کی عبادت کرو ۔ چنانچہ وہ واپس آ گئے اور ابن الدغنہ بھی آپ کے ساتھ واپس آیا ۔ اس کے بعد ابن الدغنہ قریش کے تمام سرداروں کے یہاں شام کے وقت گیا اور سب سے اس نے کہا کہ ابوبکر ( رضی اللہ عنہ ) جیسے شخص کو نہ خود نکلنا چاہیے اور نہ نکالا جانا چا ہیے کیا تم ایسے شخص کو نکال دو گے جو محتاجوں کی امداد کرتا ہے ، صلہ رحمی کرتا ہے ، بے کسوں کا بوجھ اٹھا تا ہے ، مہمان نوازی کرتا ہے اور حق کی وجہ سے کسی پر آنے والی مصیبتوں میں اس کی مدد کرتا ہے ؟ قریش نے ابن الدغنہ کی پناہ سے انکا ر نہیں کیا صرف اتنا کہا کہ ابوبکر رضی اللہ عنہ سے کہہ دو ، کہ اپنے رب کی عبادت اپنے گھر کے اندر ہی کیا کریں ، وہیں نماز پڑھیں اور جو جی چاہے وہیں پڑھیں ، اپنی عبادات سے ہمیں تکلیف نہ پہنچا ئیں ، اس کا اظہار نہ کریں کیونکہ ہمیں اس کا ڈر ہے کہ کہیں ہماری عورتیں اور بچے اس فتنہ میں نہ مبتلا ہو جائیں ۔ یہ باتیں ابن الدغنہ نے حضرت ابوبکر رضی اللہ عنہ سے بھی آ کر کہہ دیں کچھ دنوں تک تو آپ اس پر قائم رہے اور اپنے گھر کے اندر ہی اپنے رب کی عبادت کرتے رہے ، نہ نماز بر سر عام پڑھتے اور نہ گھر کے سوا کسی اورجگہ تلاوت قرآن کرتے تھے لیکن پھر انہوں نے کچھ سوچا اور اپنے گھر کے سامنے نماز پڑھنے کے لئے ایک جگہ بنائی جہاں آپ نے نماز پڑھنی شروع کی اور تلاوت قرآن بھی وہیں کرنے لگے ، نتیجہ یہ ہوا کہ وہاں مشرکین کی عورتوں اور بچوں کا مجمع ہونے لگا ۔ وہ سب حیرت اور پسندیدگی کے ساتھ دیکھتے رہا کرتے تھے ۔ حضرت ابوبکر رضی اللہ عنہ بڑے نرم دل انسان تھے ۔ جب قرآن مجید کی تلاوت کرتے تو آنسو ؤں کو روک نہ سکتے تھے ۔ اس صورت حال سے مشرکین قریش کے سردار گھبراگئے اور انہوں نے ابن الدغنہ کو بلا بھیجا ، جب ابن الدغنہ ان کے پاس آیا تو انہوں نے اس سے کہا کہ ہم نے ابوبکر کے لئے تمہاری پناہ اس شرط کے ساتھ تسلیم کی تھی کہ اپنے رب کی عبادت وہ اپنے گھر کے اندر کیا کریں لیکن انہوں نے شرط کی خلاف ورزی کی ہے اور اپنے گھر کے سامنے نماز پڑھنے کے لئے ایک جگہ بنا کر برسر عام نماز پڑھنے اور تلاوت قرآن کرنے لگے ہیں ۔ ہمیں اس کا ڈر ہے کہ کہیں ہماری عورتیں اور بچے اس فتنے میں نہ مبتلا ہو جائیں اس لئے تم انہیں روک دو ، اگر انہیں یہ شرط منظور ہو کہ اپنے رب کی عبادت صرف اپنے گھر کے اندر ہی کیا کریں تو وہ ایسا کر سکتے ہیں لیکن اگر وہ اظہار ہی کریں تو ان سے کہو کہ تمہاری پناہ واپس دے دیں ، کیونکہ ہمیں یہ پسند نہیں کہ تمہاری دی ہوئی پناہ میں ہم دخل اندازی کریں لیکن ابوبکر کے اس اظہار کو بھی ہم برداشت نہیں کر سکتے ۔ حضرت عائشہ رضی اللہ عنہا نے بیان کیا کہ پھر ابن الدغنہ ابوبکر رضی اللہ عنہ کے یہاں آیا اور اس نے کہا کہ جس شرط کے ساتھ میں نے آپ کے ساتھ عہد کیا تھا وہ آپ کو معلوم ہے ، اب یا آپ اس شرط پر قائم رہیے یا پھر میرے عہد کو واپس کیجئے کیونکہ یہ مجھے گوار ا نہیں کہ عرب کے کانوں تک یہ بات پہنچے کہ میں نے ایک شخص کو پناہ دی تھی ۔ لیکن اس میں ( قریش کی طرف سے ) دخل اندازی کی گئی ۔ اس پر حضرت ابوبکر رضی اللہ عنہ نے کہا میں تمہاری پناہ واپس کرتا ہوں اور اپنے رب عزوجل کی پناہ پر راضی اور خوش ہوں ۔ حضور صلی اللہ علیہ وسلم ان دنوں مکہ میں تشریف رکھتے تھے ۔ آپ نے مسلمانوں سے فرمایا کہ تمہاری ہجرت کی جگہ مجھے خواب میں دکھائی گئی ہے وہا ں کھجور کے باغات ہیں اور دو پتھریلے میدانوں کے درمیان واقع ہے ، چنانچہ جنہیں ہجرت کرنی تھی انہوں نے مدینہ کی طرف ہجرت کی اور جو لوگ سرزمین حبشہ ہجرت کر کے چلے گئے تھے وہ بھی مدینہ چلے آئے ، حضرت ابوبکر رضی اللہ عنہ نے بھی مدینہ ہجرت کی تیار ی شروع کر دی لیکن حضور صلی اللہ علیہ وسلم نے ان سے فرمایا کہ کچھ دنوں کے لئے توقف کرو ۔ مجھے توقع ہے کہ ہجرت کی اجازت مجھے بھی مل جائے گی ۔ ابوبکر رضی اللہ عنہ نے عرض کیا کیا واقعی آپ کو بھی اس کی توقع ہے ، میرے باپ آپ پر فدا ہوں ۔ حضور صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ ہاں ۔ حضرت ابوبکر رضی اللہ عنہ نے حضور صلی اللہ علیہ وسلم کی رفاقت سفر کے خیال سے اپنا ارادہ ملتوی کر دیا اور دو اونٹنیوں کو جو ان کے پاس تھیں کیکر کے پتے کھلا کر تیار کرنے لگے چار مہینے تک ۔ ابن شہاب نے بیان کیا ، ان سے عروہ نے کہ حضرت عائشہ رضی اللہ عنہا نے کہا ، ایک دن ہم ابوبکر رضی اللہ عنہ کے گھر بیٹھے ہوئے تھے بھری دوپہر تھی کہ کسی نے حضرت ابوبکر رضی اللہ عنہ سے کہا رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم سر پر رومال ڈالے تشریف لا رہے ہیں ، حضور صلی اللہ علیہ وسلم کا معمول ہمارے یہاں اس وقت آنے کا نہیں تھا ۔ حضرت ابوبکر رضی اللہ عنہ بولے حضور صلی اللہ علیہ وسلم پر میرے ماں باپ فدا ہوں ۔ ایسے وقت میں آپ کسی خاص وجہ سے ہی تشریف لا رہے ہوں گے ، انہوں نے بیان کیا کہ پھر حضور صلی اللہ علیہ وسلم تشریف لائے اور اندر آنے کی اجازت چاہی ٰ ابوبکر رضی اللہ عنہ نے آپ کو اجازت دی تو آپ اندر داخل ہوئے پھر حضور صلی اللہ علیہ وسلم نے ان سے فرمایا اس وقت یہاں سے تھوڑی دیر کے لئے سب کو اٹھادو ۔ ابوبکر رضی اللہ عنہ نے عرض کیا یہاں اس وقت تو سب گھر کے ہی آدمی ہیں ، میرے باپ آپ پر فدا ہوں ، یا رسول اللہ ! حضور صلی اللہ علیہ وسلم نے اس کے بعد فرمایا کہ مجھے ہجرت کی اجازت دے دی گئی ہے ۔ ابوبکر رضی اللہ عنہ نے عرض کیا میرے ماں باپ آپ پر فدا ہوں یا رسول اللہ ! کیا مجھے رفاقت سفر کا شرف حاصل ہو سکے گا ؟ حضور صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ ہاں انہوں نے عرض کیا یا رسول اللہ ! میرے ماں باپ آپ پر فدا ہوں ان دونوں میں سے ایک اونٹنی آپ لے لیجئے ! حضور صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا لیکن قیمت سے ، حضرت عائشہ رضی اللہ عنہا نے بیان کیا کہ پھر ہم نے جلدی جلدی ان کے لئے تیاریاں شروع کر دیں اور کچھ توشہ ایک تھیلے میں رکھ دیا ۔ اسماء بنت ابی بکر رضی اللہ عنہا نے اپنے پٹکے کے ٹکڑے کر کے تھیلے کا منہ اس سے باندھ دیا اور اسی وجہ سے انکانام ذات النطاقین ( دوپٹکے والی ) پڑ گیا عائشہ رضی اللہ عنہا نے بیان کیا کہ پھر رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم اور ابوبکر رضی اللہ عنہ نے جبل ثور کے غار میں پڑاؤ کیا اور تین راتیں گزاریں عبداللہ بن ابی بکر رضی اللہ عنہما رات وہیں جا کر گزارا کرتے تھے ، یہ نو جوان بہت سمجھدار تھے اور ذہین بےحد تھے ۔ سحر کے وقت وہاں سے نکل آتے اور صبح سویرے ہی مکہ پہنچ جاتے جیسے وہیں رات گزری ہو ۔ پھر جو کچھ یہاں سنتے اور جس کے ذریعہ ان حضرات کے خلاف کاروائی کے لیے کوئی تدبیر کی جاتی تو اسے محفوظ رکھتے اور جب اندھیرا چھا جاتا تو تمام اطلاعات یہاں آ کر پہنچاتے ۔ ابوبکر رضی اللہ عنہ کے غلام عامر بن فہیرہ رضی اللہ عنہ آپ ہر دو کے لئے قریب ہی دودھ دینے والی بکری چرایا کرتے تھے اور جب کچھ رات گزر جاتی تو اسے غار میں لاتے تھے ۔ آپ اسی پر رات گزارتے اس دودھ کو گرم لوہے کے ذریعہ گرم کر لیا جاتا تھا ۔ صبح منہ اندھیرے ہی عامر بن فہیرہ رضی اللہ عنہ غار سے نکل آتے تھے ان تین راتوں میں روزانہ کا ان کا یہی دستور تھا ۔ حضرت ابوبکر رضی اللہ عنہ نے بنی الدیل جو بنی عبد بن عدی کی شاخ تھی ، کے ایک شخص کو راستہ بتانے کے لئے اجرت پر اپنے ساتھ رکھا تھا ۔ یہ شخص راستوں کا بڑا ماہر تھا ۔ آل عاص بن وائل سہمی کا یہ حلیف بھی تھا اور کفار قریش کے دین پر قائم تھا ۔ ان بزرگوں نے اس پر اعتماد کیا اور اپنے دونوں اونٹ اس کے حوالے کر دیئے ۔ قرار یہ پایا تھا کہ تین راتیں گزار کر یہ شخص غار ثور میں ان سے ملاقات کرے ۔ چنانچہ تیسری رات کی صبح کو وہ دونوں اونٹ لے کر ( آ گیا ) اب عامر بن فہیرہ رضی اللہ عنہ اور یہ راستہ بتانے والا ان حضرات کو ساتھ لے کر روانہ ہوئے ساحل کے راستے سے ہوتے ہوئے ۔

شرح الحديث من إرشاد الساري

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   
[ قــ :3726 ... غــ : 3905 ]
- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- زَوْجَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَتْ: "لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَيَّ قَطُّ إِلاَّ وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ، وَلَمْ يَمُرَّ عَلَيْنَا يَوْمٌ إِلاَّ يَأْتِينَا فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- طَرَفَىِ النَّهَارِ: بُكْرَةً وَعَشِيَّةً.
فَلَمَّا ابْتُلِيَ الْمُسْلِمُونُ، خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرًا نَحْوَ أَرْضِ الْحَبَشَةِ حَتَّى بَلَغَ بَرْكَ الْغِمَادِ لَقِيَهُ ابْنُ الدَّغِنَةِ -وَهْوَ سَيِّدُ الْقَارَةِ- فَقَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ يَا أَبَا بَكْرٍ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَخْرَجَنِي قَوْمِي فَأُرِيدُ أَنْ أَسِيحَ فِي الأَرْضِ وَأَعْبُدَ رَبِّي.
قَالَ ابْنُ الدَّغِنَةِ: فَإِنَّ مِثْلَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ لاَ يَخْرُجُ وَلاَ يُخْرَجُ، إِنَّكَ تَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ.
فَأَنَا لَكَ جَارٌ.
ارْجِعْ وَاعْبُدْ رَبَّكَ بِبَلَدِكَ.
فَرَجَعَ، وَارْتَحَلَ مَعَهُ ابْنُ الدَّغِنَةِ، فَطَافَ ابْنُ الدَّغِنَةِ عَشِيَّةً فِي أَشْرَافِ قُرَيْشٍ فَقَالَ لَهُمْ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ لاَ يَخْرُجُ مِثْلُهُ وَلاَ يُخْرَجُ، أَتُخْرِجُونَ رَجُلاً يَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَيَصِلُ الرَّحِمَ، وَيَحْمِلُ الْكَلَّ وَيَقْرِي الضَّيْفَ، وَيُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ؟ فَلَمْ تُكَذِّبْ قُرَيْشٌ بِجِوَارِ ابْنِ الدَّغِنَةِ، وَقَالُوا لاِبْنِ الدَّغِنَةِ: مُرْ أَبَا بَكْرٍ فَلْيَعْبُدْ رَبَّهُ فِي دَارِهِ، فَلْيُصَلِّ فِيهَا وَلْيَقْرَأْ مَا شَاءَ؛ وَلاَ يُؤْذِينَا بِذَلِكَ وَلاَ يَسْتَعْلِنْ بِهِ، فَإِنَّا نَخْشَى أَنْ يَفْتِنَ نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا.
فَقَالَ ذَلِكَ ابْنُ الدَّغِنَةِ لأَبِي بَكْرٍ،
فَلَبِثَ أَبُو بَكْرٍ بِذَلِكَ يَعْبُدُ رَبَّهُ فِي دَارِهِ وَلاَ يَسْتَعْلِنُ بِصَلاَتِهِ وَلاَ يَقْرَأُ فِي غَيْرِ دَارِهِ.
ثُمَّ بَدَا لأَبِي بَكْرٍ فَابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ وَكَانَ يُصَلِّي فِيهِ وَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَيَتْقَذَّفُ عَلَيْهِ نِسَاءُ الْمُشْرِكِينَ وَأَبْنَاؤُهُمْ وَهُمْ يَعْجَبُونَ مِنْهُ وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ.
وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَجُلاً بَكَّاءً لاَ يَمْلِكُ عَيْنَيْهِ إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ؛ فَأَفْزَعَ ذَلِكَ أَشْرَافَ قُرَيْشٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَأَرْسَلُوا إِلَى ابْنِ الدَّغِنَةِ، فَقَدِمَ عَلَيْهِمْ، فَقَالُوا: إِنَّا كُنَّا أَجَرْنَا أَبَا بَكْرٍ بِجِوَارِكَ عَلَى أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ فِي دَارِهِ، فَقَدْ جَاوَزَ ذَلِكَ فَابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ فَأَعْلَنَ بِالصَّلاَةِ وَالْقِرَاءَةِ فِيهِ، وَإِنَّا قَدْ خَشِينَا أَنْ يَفْتِنَ نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا، فَانْهَهُ؛ فَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ فِي دَارِهِ فَعَلَ، وَإِنْ أَبَى إِلاَّ أَنْ يُعْلِنَ بِذَلِكَ فَسَلْهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْكَ ذِمَّتَكَ، فَإِنَّا قَدْ كَرِهْنَا أَنْ نُخْفِرَكَ، وَلَسْنَا بمُقِرِّينَ لأَبِي بَكْرٍ الاِسْتِعْلاَنَ.
قَالَتْ عَائِشَةُ: فَأَتَى ابْنُ الدَّغِنَةِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ: قَدْ عَلِمْتَ الَّذِي عَاقَدْتُ لَكَ عَلَيْهِ، فَإِمَّا أَنْ تَقْتَصِرَ عَلَى ذَلِكَ وَإِمَّا أَنْ تَرْجِعَ إِلَىَّ ذِمَّتِي، فَإِنِّي لاَ أُحِبُّ أَنْ تَسْمَعَ الْعَرَبُ أَنِّي أُخْفِرْتُ فِي رَجُلٍ عَقَدْتُ لَهُ.
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَإِنِّي أَرُدُّ إِلَيْكَ جِوَارَكَ، وَأَرْضَى بِجِوَارِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.
وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَئِذٍ بِمَكَّةَ.
فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِلْمُسْلِمِينَ: إِنِّي أُرِيتُ دَارَ هِجْرَتِكُمْ ذَاتَ نَخْلٍ بَيْنَ لاَبَتَيْنِ، وَهُمَا الْحَرَّتَانِ.
فَهَاجَرَ مَنْ هَاجَرَ قِبَلَ الْمَدِينَةِ، وَرَجَعَ عَامَّةُ مَنْ كَانَ هَاجَرَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَتَجَهَّزَ أَبُو بَكْرٍ قِبَلَ الْمَدِينَةِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: عَلَى رِسْلِكَ، فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يُؤْذَنَ لِي.
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَلْ تَرْجُو ذَلِكَ بِأَبِي أَنْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ.
فَحَبَسَ أَبُو بَكْرٍ نَفْسَهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِيَصْحَبَهُ، وَعَلَفَ رَاحِلَتَيْنِ كَانَتَا عِنْدَهُ وَرَقَ السَّمُرِ -وَهْوَ الْخَبَطُ- أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ.
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ قَالَ عُرْوَةُ: قَالَتْ عَائِشَةُ: فَبَيْنَمَا نَحْنُ يَوْمًا جُلُوسٌ فِي بَيْتِ أَبِي بَكْرٍ فِي الظَّهِيرَةِ قَالَ قَائِلٌ لأَبِي بَكْرٍ هَذَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُتَقَنِّعًا -فِي سَاعَةٍ لَمْ يَكُنْ يَأْتِينَا فِيهَا- فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِدَاءٌ لَهُ أَبِي وَأُمِّي، وَاللَّهِ مَا جَاءَ بِهِ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ إِلاَّ أَمْرٌ.
قَالَتْ: فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاسْتَأْذَنَ، فَأُذِنَ لَهُ، فَدَخَلَ.
فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأَبِي بَكْرٍ: أَخْرِجْ مَنْ عِنْدَكَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّمَا هُمْ أَهْلُكَ بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: فَإِنِّي قَدْ أُذِنَ لِي فِي الْخُرُوجِ.
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: الصَّحَابَةُ بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: نَعَمْ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَخُذْ بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِحْدَى رَاحِلَتَىَّ هَاتَيْنِ.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: بِالثَّمَنِ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَجَهَّزْنَاهُمَا أَحَثَّ الْجَهَازِ، وَصَنَعْنَا لَهُمَا سُفْرَةً فِي جِرَابٍ، فَقَطَعَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ قِطْعَةً مَنْ نِطَاقِهَا فَرَبَطَتْ بِهِ عَلَى فَمِ الْجِرَابِ، فَبِذَلِكَ سُمِّيَتْ ذَاتَ النِّطَاقِ.
قَالَتْ: ثُمَّ لَحِقَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبُو بَكْرٍ بِغَارٍ فِي جَبَلِ ثَوْرٍ، فَكَمَنَا فِيهِ ثَلاَثَ لَيَالٍ، يَبِيتُ عِنْدَهُمَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَهْوَ غُلاَمٌ شَابٌّ ثَقِفٌ لَقِنٌ، فَيُدْلِجُ مِنْ عِنْدِهِمَا بِسَحَرٍ، فَيُصْبِحُ مَعَ قُرَيْشٍ بِمَكَّةَ كَبَائِتٍ، فَلاَ يَسْمَعُ أَمْرًا يُكْتَادَانِ بِهِ إِلاَّ وَعَاهُ حَتَّى يَأْتِيَهُمَا بِخَبَرِ ذَلِكَ حِينَ يَخْتَلِطُ الظَّلاَمُ، وَيَرْعَى عَلَيْهِمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ مِنْحَةً مِنْ غَنَمٍ فَيُرِيحُهَا عَلَيْهِمَا حِينَ يَذْهَبُ سَاعَةٌ مِنَ الْعِشَاءِ فَيَبِيتَانِ فِي رِسْلٍ -وَهْوَ
لَبَنُ مِنْحَتِهِمَا وَرَضِيفِهِمَا- حَتَّى يَنْعِقَ بِهَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ بِغَلَسٍ، يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ تِلْكَ اللَّيَالِي الثَّلاَثِ.
وَاسْتَأْجَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبُو بَكْرٍ رَجُلاً مِنْ بَنِي الدِّيلِ، وَهْوَ مِنْ بَنِي عَبْدِ بْنِ عَدِيٍّ هَادِيًا خِرِّيتًا -وَالْخِرِّيتُ الْمَاهِرُ بِالْهِدَايَةِ- قَدْ غَمَسَ حِلْفًا فِي آلِ الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ السَّهْمِيِّ، وَهْوَ عَلَى دِينِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، فَأَمِنَاهُ، فَدَفَعَا إِلَيْهِ رَاحِلَتَيْهِمَا، وَوَاعَدَاهُ غَارَ ثَوْرٍ بَعْدَ ثَلاَثِ لَيَالٍ بِرَاحِلَتَيْهِمَا صُبْحَ ثَلاَثٍ، وَانْطَلَقَ مَعَهُمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ وَالدَّلِيلُ، فَأَخَذَ بِهِمْ طَرِيقَ السَّوَاحِلِ".

وبه قال: ( حدّثنا يحيى بن بكير) هو يحيى بن عبد الله بن بكير المخزومي ونسبه لجده ( قال: حدّثنا الليث) بن سعد الإمام ( عن عقيل) بضم العين ابن خالد أنه قال: ( قال ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري ( فأخبرني) بالتوحيد ( عروة بن الزبير -رضي الله عنه- أن عائشة -رضي الله عنها- زوج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنها ( قالت: لم أعقل أبوي) بكسر القاف وتشديد ياء أبوي أي أبا بكر وأم رومان ( قط إلاّ وهما يدينان الدين) بكسر الدال أي دين الإسلام ( ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- طرفي النهار بكرة وعشية، فلما ابتلي المسلمون) بأذى الكفار من قريش بحصرهم بني هاشم والمطلب في شعب أبي طالب وأذن -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأصحابه في الهجرة إلى الحبشة ( خرج أبو بكر) -رضي الله عنه- حال كونه ( مهاجرًا نحو أرض الحبشة) ليلحق من سبقه من المسلمين ممن هاجر إليها ( حتى بلغ) ولأبي ذر: حتى إذا بلغ ( برك الغماد) بفتح الموحدة وسكون الراء بعدها كاف.
والغماد بكسر الغين المعجمة وتخفيف الميم وبعد الألف دال مهملة موضع على خمس ليال من مكة إلى جهة اليمن، ولأبي ذر برك بكسر الموحدة ( لقيه ابن الدغنة) بفتح الدال المهملة وكسر الغين المعجمة وتخفيف النون.
وقال الأصيلي: قرأه لنا المروزي بفتح الغين ولأبي ذر في اليونينية بضم الدال، وله أيضًا فيها ابن الدغنة بضم الدال والغين وتشديد النون ونسبت هذه لكن بزيادة أداة التعريف لأهل اللغة والأولى للرواة وهو اسم أمه، واسمه الحرث بن يزيد كما عند البلاذري من طريق الواقدي عن معمر عن الزهري وليس هو ربيعة بن رفيع، ووهم الكرماني قاله الحافظ ابن حجر رحمه الله.
( وهو سيد القارة) بالقاف وتخفيف الراء قبيلة مشهورة من بني الهون بالضم والتخفيف ابن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر ( فقال) له: ( أين تريد يا أبا بكر؟ فقال) له ( أبو بكر أخرجني قومي) أي تسببوا في إخراجي قريش ( فأريد أن أسيح في الأرض وأعبد ربي) بهمزة مفتوحة فسين مكسورة وحاء مهملتين بينهما تحتية ساكنة ولم يذكر له وجه مقصده لأنه كان كافرًا ( فقال) له: ( ابن الدغنة: فإن مثلك يا أبا بكر لا يخرج) بفتح أوله وضم ثالثه من الخزرج ( ولا يخرج) بضم ثم فتح من الإخراج ( إنك) وللمستملي والكشميهني أنت ( تكسب المعدوم) بفتح تاء تكسب أي تعطي الناس ما لا يجدونه عند غيرك، ولأبي ذر: عن الكشميهني المعدم بضم الميم وكسر الدال من غير واو ( وتصل الرحم) أي القرابة ( وتحمل الكل) بفتح الكاف وتشديد اللام الذي لا يستقل بأمره أو الثقل ( وتقري الضيف) بفتح الفوقية من الثلاثي ( وتعين على نوائب الحق) أي حوادثه فوصفه
بمثل ما وصفت خديجة -رضي الله عنها- به النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو يدل على اشتهار أبي بكر -رضي الله عنه- بالصفات المبالغة أنواع الكمال ( فأنا لك جار) أي مجير أمنع من يؤذيك ( ارجع) ولأبي ذر فارجع ( واعبد ربك ببلدك) مكة ( فرجع) أبو بكر -رضي الله عنه- ( وارتحل معه ابن الدغنة) إلى مكة ( فطاف ابن الدغنة عشية في أشراف قريش فقال لهم: إن أبا بكر لا يخرج مثله) من وطنه باختياره على نيّة الإقامة مع ما فيه من النفع المتعدي لأهل بلده ( ولا يخرج) بضم أوله وفتح ثالثه لا يخرجه أحد بغير اختياره لما ذكر ( أتخرجون رجلاً) استفهام إنكاري ( يكسب المعدوم) وللكشميهني المعدم ( ويصل الرحم ويحمل الكل ويقري الضيف ويعين على نوائب الحق فلم تكذب قريش بجوار ابن الدغنة) بكسر الجيم أي لم ترد عليه قوله في جوار أبي بكر -رضي الله عنه- فأطلق التكذيب وأراد لازمه لأن كل من كذبك فقد ردّ قولك ( وقالوا لابن الدغنة: مر أبا بكر فليعبد) عطف على محذوف تقديره: مر أبا بكر لا يتعرض إلى شيء وليعبد من جاء له فليعبد ( ربه في داره فليصل فيها وليقرأ ما شاء ولا يؤذينا بذلك) الذي يقرأه ويتعبد به ( ولا يستعلن به) بل يخفيه ( فإنا نخشى أن يفتن) بكسر التاء بذلك ( نساءنا وأبناءنا فقال ذلك) القول الذي قالوه ( ابن الدغنة لأبي بكر فلبث أبو بكر بذلك) أي مكث على ما شرطوا عليه ( يعبد ربه في داره ولا يستعلن بصلاته ولا يقرأ في غير داره) .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: ولم يقع لي قدر زمان المدة التي أقام فيها أبو بكر -رضي الله عنه- على ذلك ( ثم بدا لأبي بكر) -رضي الله عنه- أي ظهر له رأي غير الرأي الأول ( فابتنى مسجدًا بفناء داره) بكسر الفاء والمد أي أمامها ( وكان يصل فيه ويقرأ القرآن) كله أو بعضه ( فيتقذف) بتحتية مفتوحة فنون ساكنة فقاف مفتوحة فذال معجمة مكسورة بعدها فاء كذا للمروزي والمستملي وعند غيرهما من شيوخ أبي ذر فيتقذف بالتاء الفوقية بدل النون وتشديد المعجمة المفتوحة بوزن يتفعل أي يتدافعون على أبي بكر -رضي الله عنه- فيقذف بعضهم بعضًا فيتساقطون عليه، ويروى فيتقصف بالصاد المهملة أي يزدحمون عليه حتى يسقط بعضهم على بعض فيكاد ينكسر.
قال الخطابي: وهو المحفوظ، وللكشميهني كما في الفتح وعزاها في اليونينية للجرجاني فيتقصف بنون ساكنة بدل الفوقية وكسر الصاد أي يسقط ( عليه نساء المشركين وأبناؤهم وهم يعجبون منه وينظرون إليه وكان أبو بكر رجلاً بكاء) بتشديد الكاف كثير البكاء - رضي الله تعالى عنه - ( لا يملك عينيه) من رقة قلبه ( إذا قرأ القرآن) إذا ظرفية والعامل فيه لا يملك أو شرطية والجزاء مقدر أي إذا قرأ القرآن لا يملك عينيه ( فأفزع ذلك) أي أخاف ما فعله أبو بكر من صلاته وقراءته ( أشراف قريش من المشركين) على نسائهم وأبنائهم أن يميلوا إلى الإسلام لما يعلمون من رقة قلوبهم ( فأرسلوا إلى ابن الدغنة فقدم عليهم) أي على أشراف قريش من المشركين، ولأبي ذر عن الكشميهني: فقدم عليه أي على أبي بكر -رضي الله عنه- ( فقالوا) : أي كفار قريش ( إنا كنا أجرنا) بهمزة مقصورة فجيم فراء مهملة ( أبا بكر بجوارك) أي بسبب جوارك، وللقابسي أجزنا بالزاي أي أبحنا.
قال في الفتح: والأول أوجه ( على أن يعبد ربه في داره فقد جاوز ذلك فابتنى مسجدًا بفناء داره فأعلن بالصلاة والقراءة
فيه وإنا قد خشينا أن يفتن نساءنا وأبناءنا)
بفتح التحتية وكسر الفوقية ونصب التالي على المفعولية ولغير أبي ذر: يفتن بضم أوله وفتح ثالثه مبنيًا للمفعول فالتالي رفع ( فاتهمه) بهمزة وصل عن ذلك ( فإن أحب أن يقتصر على أن يعبد ربه في داره فعل وإن أبى) امتنع ( إلا أن يعلن بذلك فسله) بفتح السين وسكون اللام من غير همز ( أن يرد إليك ذمتك) أي أمانك له ( فإنا قد كرهنا أن نخفرك) بضم النون وسكون الخاء المعجمة وكسر الفاء رباعي من الإخفار أي ننقض عهدك ( ولسنا مقرين) ولأبي ذر بمقرين ( لأبي بكر الاستعلان) خوفًا على نسائنا وأبنائنا.

( قالت عائشة) : -رضي الله عنها- بالسند السابق ( فأتى ابن الدغنة إلى أبي بكر) -رضي الله عنه- ( فقال) له: ( قد علمت الذي عاقدت لك عليه) بتاء المتكلم ( فإما أن تقتصر على ذلك) الذي عاقدت لك عليه ( وإما أن ترجع إليّ) بتشديد الياء ( ذمتي) عهدي ( فإني لا أحب أن تسمع العرب أني أخفرت) بضم أوله وكسر ثالثه ( في رجل عقدت له فقال أبو بكر: فإني أرد إليك جوارك وأرضى بجوار الله عز وجل) أي بحمايته ( والنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يومئذ بمكة) جملة حالية ( فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- للمسلمين) :
( إني أريت) بضم الهمزة مبنيًا للمفعول ( دار هجرتكم ذات نخل بين لابتين) تثنية لابة بتخفيف الموحدة قال الزهري: ( وهما الحرتان) بالحاء المهملة وتشديد الراء حجارة سود ( فهاجر من هاجر قبل المدينة) بكسر القاف وفتح الموحدة أي جهتها ( ورجع عامة من كان هاجر بأرض الحبشة إلى المدينة) بكسر القاف وفتح الموحدة أي جهتها ( ورجع عامة من كان هاجر بأرض الحبشة إلى المدينة) لما سمعوا استيطان المسلمين بها ( وتجهز أبو بكر) -رضي الله عنه- ( قبل المدينة) أي يريد جهة المدينة ( فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على رسلك) بكسر الراء وسكون السين المهملة على مهلك ولابن حبان فقال: اصبر ( فإني أرجو أن يؤذن لي) في الهجرة ( فقال أبو بكر: وهل ترجو ذلك؟) أي الإذن ( بأبي أنت) زاد الكشميهني وأمي ( قال) عليه الصلاة والسلام ( نعم) أرجوه ( فحبس) أي منع ( أبو بكر نفسه) من الهجرة ( على رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أي لأجله ( ليصحبه) في الهجرة ( وعلف) أبو بكر -رضي الله عنه- ( راحلتين) تثنية راحلة من الإبل القوي على السير وحمل الأثقال ( كانتا عنده ورق السمر) بفتح السين المهملة وضم الميم.
قال الزهري ( وهو الخبط) بفتح الخاء المعجمة والموحدة ما يخبط بالعصا فيسقط من ورق الشجر ( أربعة أشهر) .

( قال ابن شهاب) الزهرى بالسند السابق ( قال عروة) بن الزبير ( قالت عائشة) -رضي الله عنها- ( فبينما) بالميم ( نحن يومًا جلوس في بيت أبي بكر في نحر الظهيرة) أول الزوال عند شدة الحر ( قال قائل) : قال في المقدمة: يحتمل أن يفسر بعامر بن فهيرة مولى أبي بكر، وفي الطبراني أن قائل ذلك أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنها- ( لأبي بكر هذا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) حال كونه ( متقنعًا) أي مغطيًا رأسه ( في ساعة لم يكن يأتينا فيها.
فقال أبو بكر: فداء)
بكسر الفاء وبالهمزة ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: فدى بالقصر من غير همز ( له أبي وأمي والله ما جاء به في هذه الساعة إلا
أمر)
حدث ( قالت) عائشة -رضي الله عنها-: ( فجاء رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فاستأذن) في الدخول ( فأذن له) أبو بكر -رضي الله عنه- ( فدخل فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأبي بكر) :
( أخرج من عندك) بهمزة قطع مفتوحة وكسر الراء ( فقال أبو بكر: إنما هم أهلك) يريد عائشة وأمها ( بأبي أنت يا رسول الله.
قال)
عليه الصلاة والسلام ( فإني) ولأبي ذر عن الكشميهني: فإنه ( قد أذن لي في الخروج) بضم الهمزة وكسر الذال المعجمة أي إلى المدينة ( فقال أبو بكر) : أريد ( الصحابة) وبالرفع خبر مبتدأ محذوف ( بأبي أنت يا رسول الله.
قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: نعم)
الصحبة التي تطلبها ( قال أبو بكر: فخذ بأبي أنت يا رسول الله إحدى راحلتي هاتين.
قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: بالثمن)
أي لا آخذ إلا بالثمن، وعند الواقدي أن الثمن كان ثمانمائة وأن الراحلة هي القصواء وأنها كانت من بني قشير، وعند ابن إسحاق أنها الجدعاء ( قالت عائشة) -رضي الله عنها- ( فجهزناهما أحث الجهاز) بالحاء المهملة والمثلثة أفعل تفضيل من الحث أي أسرعه، ولأبي ذر عن الكشميهني والحموي أحب بالموحدة والجهاز بفتح الجيم وكسرها ما يحتاج إليه في السفر ونحوه ( وصنعنا لهما سفرة) أي زادًا ( في جراب) بكسر الجيم، وعن الواقدي أنه كان في السفر شاة مطبوخة ( فقطعت أسماء بنت أبي بكر قطعة من نطاقها) بكسر النون ما يشد به الوسط ( فربطت به على فم الجراب فبذلك سميت ذات النطاق) بالإفراد، ولأبي ذر عن الكشميهني النطاقين بالتثنية والمحفوظ أنها شقت نطاقها نصفين فشدت بأحدهما الزاد وشدت فم القربة بالآخر فسميت ذات النطاقين.

( قالت) عائشة -رضي الله عنها-: ( ثم لحق) بكسر الحاء ( رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأبو بكر بغار) بالتنوين ( في جبل ثور) بالمثلثة المفتوحة وكان خروجهما من مكة يوم الخميس ( فكمنا) بفتحات ( فيه ثلاث ليال) وخرجا منه يوم الاثنين ( يبيت) في الغار ( عندهما عبد الله بن أبي بكر) الصديق -رضي الله عنهما- ( وهو غلام شاب ثقف) بفتح المثلثة وكسر القاف وتسكن وتفتح بعدها فاء حاذق ( لقن) بلام مفتوحة وبقاف مكسورة فنون سريع الفهم ( فيدلج) بضم الياء وسكون الدال؛ ولأبي ذر فيدلج بتشديد الدال يخرج ( من عندهما بسحر فيصبح مع قريش بمكة كبائت) بها لشدة رجوعه بغلس ( فلا يسمع أمرًا يكتادان به) بضم التحتية وفوقية بعد الكاف يفتعلان من الكيد مبني للمفعول أي يطلب لهما ما فيه المكروه، ولأبي ذر عن الكشميهني يكادان بحذف الفوقية ( إلا وعاه) حفظه ( حتى يأتيهما بخبر ذلك حين يختلط الظلام، ويرعى) أي يحفظ ( عليهما عامر بن فهيرة) بضم الفاء مصغرًا ( مولى أبي بكر) الصديق -رضي الله عنه- ( منحة) بكسر الميم وسكون النون وفتح المهملة شاة تحلب إناء بالغداة وإناء بالعشي ( من غنم) كانت لأبي بكر -رضي الله عنه- ( فيريحها) أي الشاة أو الغنم ( عليهما حين تذهب ساعة من العشاء) كل ليلة فيحلبان ويشربان ( فيبيتان في رسل) بكسر الراء وسكون المهملة ( وهو لبن منحتهما) الطري ( ورضيفهما) بفتح الراء وكسر الضاد المعجمة بعدها تحتية ساكنة ففاء مكسورة مجرور عطفًا على المضاف إليه ومرفوع عطفًا على قوله: وهو لبن وهو الموضوع فيه الحجارة المحماة لتذهب وخامته وثقله ( حتى ينعق بها) بفتح أوله وكسر ثالثه المهمل أي يصيح بالغنم ويزجرها، ولأبي ذر: بهما بالتثنية أي يسمع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
والصدّيق -رضي الله عنه- صوته إذا زجر غنمه ( عامر بن فهيرة بغلس) هو ظلام آخر الليل وسقط ابن فهيرة لأبي ذر.
( يفعل ذلك في كل ليلة من تلك الليالي الثلاث) التي أقامها فيها بالغار، وعند ابن عائذ من حديث ابن عباس فيصبح في رعيان الناس كبائت فلا يفطن له.

( واستأجر رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأبو بكر رجلاً) هو عبد الله بن أريقط بالقاف والطاء مصغرًا ( من بني الديل) بكسر الدال المهملة وسكون التحتية بعدها لام ( وهو) أي الرجل الذي استؤجر ( من بني عبد بن عدي) أي ابن الديل بن بكر بن عبد مناة بن كنانة، وقيل من بني عدي بن عمرو ( هاديًا) يهديهما إلى الطريق ( خريتًا) بكسر الخاء المعجمة والراء المشددة بعدها تحتية ساكنة ففوقية ونصبهما صفة لرجلاً.
قال الزهري: ( والخريت) هو ( الماهر بالهداية) حال كونه أي الرجل الذي استؤجر ( قد غمس) بغين معجمة فميم فسين مهملة مفتوحات ( حلفًا) بكسر الحاء المهملة وبعد اللام الساكنة فاء ( في آل العاص بن وائل السهمي) بفتح السين المهملة وسكون الهاء يعني أنه حليف لهم وآخذ بنصيب من عقدهم، وكانوا إذا تحالفوا غمسوا أيديهم في دم أو خلوق أو شيء يكون فيه تلوين فيكون ذلك تأكيدًا للحلف ( وهو) أي الرجل الذي استأجراه ( على دين كفار قريش فأمناه) بفتح الهمزة المقصورة وكسر الميم أي ائتمناه ( فدفعا إليه راحلتيهما وواعداه غار ثور بعد ثلاث ليال) فأتاهما ( براحلتيهما صبح ثلاث وانطلق معهما عامر بن فهيرة والدليل) عبد الله بن أريقط ( فأخد بهم طريق السواحل) بالسين والحاء المهملتين بينهما واو فألف أسفل من عسفان.


[ قــ :3726 ... غــ : 3906 ]
- قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَالِكٍ الْمُدْلِجِيُّ -وَهْوَ ابْنُ أَخِي سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ- أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ سُرَاقَةَ بْنَ جُعْشُمٍ يَقُولُ: "جَاءَنَا رُسُلُ كُفَّارِ قُرَيْشٍ يَجْعَلُونَ فِي رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبِي بَكْرٍ دِيَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لمنْ قَتَلَهُ أَوْ أَسَرَهُ، فَبَيْنَمَا أَنَا جَالِسٌ فِي مَجْلِسٍ مِنْ مَجَالِسِ قَوْمِي بَنِي مُدْلِجٍ أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْهُمْ حَتَّى قَامَ عَلَيْنَا وَنَحْنُ جُلُوسٌ فَقَالَ: يَا سُرَاقَةُ، إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ آنِفًا أَسْوِدَةً بِالسَّاحِلِ أُرَاهَا مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ.
قَالَ سُرَاقَةُ: فَعَرَفْتُ أَنَّهُمْ هُمْ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّهُمْ لَيْسُوا بِهِمْ، وَلَكِنَّكَ رَأَيْتَ فُلاَنًا وَفُلاَنًا انْطَلَقُوا بِأَعْيُنِنَا.
ثُمَّ لَبِثْتُ فِي الْمَجْلِسِ سَاعَةً، ثُمَّ قُمْتُ فَدَخَلْتُ فَأَمَرْتُ جَارِيَتِي أَنْ تَخْرُجَ بِفَرَسِي -وَهْيَ مِنْ وَرَاءِ أَكَمَةٍ- فَتَحْبِسَهَا عَلَيَّ، وَأَخَذْتُ رُمْحِي فَخَرَجْتُ بِهِ مِنْ ظَهْرِ الْبَيْتِ فَحَطَطْتُ بِزُجِّهِ الأَرْضَ، وَخَفَضْتُ عَالِيَهُ، حَتَّى أَتَيْتُ فَرَسِي فَرَكِبْتُهَا، فَرَفَعْتُهَا تُقَرَّبُ بِي، حَتَّى دَنَوْتُ مِنْهُمْ، فَعَثَرَتْ بِي فَرَسِي، فَخَرَرْتُ عَنْهَا، فَقُمْتُ فَأَهْوَيْتُ يَدِي إِلَى كِنَانَتِي فَاسْتَخْرَجْتُ مِنْهَا الأَزْلاَمَ، فَاسْتَقْسَمْتُ بِهَا: أَضُرُّهُمْ أَمْ لاَ؟ فَخَرَجَ الَّذِي أَكْرَهُ، فَرَكِبْتُ فَرَسِي -وَعَصَيْتُ الأَزْلاَمَ- تُقَرِّبُ بِي، حَتَّى إِذَا سَمِعْتُ قِرَاءَةَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهْوَ لاَ يَلْتَفِتُ، وَأَبُو بَكْرٍ يُكْثِرُ الاِلْتِفَاتَ، سَاخَتْ يَدَا فَرَسِي فِي الأَرْضِ حَتَّى بَلَغَتَا الرُّكْبَتَيْنِ.
فَخَرَرْتُ عَنْهَا، ثُمَّ زَجَرْتُهَا، فَنَهَضَتْ فَلَمْ تَكَدْ تُخْرِجُ يَدَيْهَا، فَلَمَّا اسْتَوَتْ قَائِمَةً إِذَا لأَثَرِ يَدَيْهَا عُثَانٌ سَاطِعٌ فِي السَّمَاءِ مِثْلُ الدُّخَانِ،
فَاسْتَقْسَمْتُ بِالأَزْلاَمِ فَخَرَجَ الَّذِي أَكْرَهُ.
فَنَادَيْتُهُمْ بِالأَمَانِ، فَوَقَفُوا، فَرَكِبْتُ فَرَسِي حَتَّى جِئْتُهُمْ.
وَوَقَعَ فِي نَفْسِي حِينَ لَقِيتُ مَا لَقِيتُ مِنَ الْحَبْسِ عَنْهُمْ أَنْ سَيَظْهَرُ أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ قَوْمَكَ قَدْ جَعَلُوا فِيكَ الدِّيَةَ.
وَأَخْبَرْتُهُمْ أَخْبَارَ مَا يُرِيدُ النَّاسُ بِهِمْ، وَعَرَضْتُ عَلَيْهِمِ الزَّادَ وَالْمَتَاعَ، فَلَمْ يَرْزَآنِي، وَلَمْ يَسْأَلاَنِي إِلاَّ أَنْ قَالَ: أَخْفِ عَنَّا.
فَسَأَلْتُهُ أَنْ يَكْتُبَ لِي كِتَابَ أَمْنٍ، فَأَمَرَ عَامِرَ بْنَ فُهَيْرَةَ فَكَتَبَ فِي رُقْعَةٍ مِنْ آدمٍ، ثُمَّ مَضَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-".

قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَقِيَ الزُّبَيْرَ فِي رَكْبٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا تِجَارًا قَافِلِينَ مِنَ الشَّأْمِ، فَكَسَا الزُّبَيْرُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبَا بَكْرٍ ثِيَابَ بَيَاضٍ.
وَسَمِعَ الْمُسْلِمُونَ بِالْمَدِينَةِ مَخْرَجَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ مَكَّةَ، فَكَانُوا يَغْدُونَ كُلَّ غَدَاةٍ إِلَى الْحَرَّةِ فَيَنْتَظِرُونَهُ، حَتَّى يَرُدَّهُمْ حَرُّ الظَّهِيرَةِ، فَانْقَلَبُوا يَوْمًا بَعْدَ مَا أَطَالُوا انْتِظَارَهُمْ، فَلَمَّا أَوَوْا إِلَى بُيُوتِهِمْ أَوْفَى رَجُلٌ مِنْ يَهُودَ عَلَى أُطُمٍ مِنْ آطَامِهِمْ لأَمْرٍ يَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَبَصُرَ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابِهِ مُبَيَّضِينَ يَزُولُ بِهِمُ السَّرَابُ، فَلَمْ يَمْلِكِ الْيَهُودِيُّ أَنْ قَالَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا مَعَاشِرَ الْعَرَبِ هَذَا جَدُّكُمُ الَّذِي تَنْتَظِرُونَ.
فَثَارَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى السِّلاَحِ، فَتَلَقَّوْا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِظَهْرِ الْحَرَّةِ، فَعَدَلَ بِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ حَتَّى نَزَلَ بِهِمْ فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، وَذَلِكَ يَوْمَ الاِثْنَيْنِ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ، فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ لِلنَّاسِ، وَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَامِتًا، فَطَفِقَ مَنْ جَاءَ مِنَ الأَنْصَارِ -مِمَّنْ لَمْ يَرَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-- يُحَيِّي أَبَا بَكْرٍ، حَتَّى أَصَابَتِ الشَّمْسُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى ظَلَّلَ عَلَيْهِ بِرِدَائِهِ، فَعَرَفَ النَّاسُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِنْدَ ذَلِكَ؛ فَلَبِثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، وَأُسِّسَ الْمَسْجِدُ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى، وَصَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
ثُمَّ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ، فَسَارَ يَمْشِي مَعَهُ النَّاسُ، حَتَّى بَرَكَتْ عِنْدَ مَسْجِدِ الرَّسُولِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْمَدِينَةِ، وَهْوَ يُصَلِّي فِيهِ يَوْمَئِذٍ رِجَالٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَكَانَ مِرْبَدًا لِلتَّمْرِ لِسُهَيْلٍ وَسَهْلٍ غُلاَمَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي حَجْرِ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ بَرَكَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ: هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ الْمَنْزِلُ.
ثُمَّ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْغُلاَمَيْنِ فَسَاوَمَهُمَا بِالْمِرْبَدِ لِيَتَّخِذَهُ مَسْجِدًا، فَقَالاَ: لاَ، بَلْ نَهَبُهُ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَبَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَقْبَلُهُ مِنْهُمَا هِبةً حتى ابتاعَهُ منهما، ثُمَّ بَنَاهُ مَسْجِدًا، وَطَفِقَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَنْقُلُ مَعَهُمُ اللَّبِنَ فِي بُنْيَانِهِ وَيَقُولُ -وَهُوَ يَنْقُلُ اللَّبِنَ:
هَذَا الْحِمَالُ لاَ حِمَالَ خَيْبَرْ ... هَذَا أَبَرُّ رَبَّنَا وَأَطْهَرْ
وَيَقُولُ:
اللَّهُمَّ إِنَّ الأَجْرَ أَجْرُ الآخِرَهْ ... فَارْحَمِ الأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرَهْ
فَتَمَثَّلَ بِشِعْرِ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يُسَمَّ لِي.

قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَلَمْ يَبْلُغْنَا -فِي الأَحَادِيثِ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَمَثَّلَ بِبَيْتِ شِعْرٍ تَامٍّ غَيْرِ هَذِهِ الأَبْيَاتِ.

( وقال ابن شهاب) الزهري بالسند المذكور ( وأخبرني) بالإفراد ( عبد الرحمن بن مالك المدلجي) بضم الميم وسكون الدال وكسر اللام والجيم وتشديد التحتية ( وهو ابن أخي سراقة بن مالك بن جعشم) بضم الجيم والشين المعجمة بينهما عين مهملة ساكنة، وسقط لأبي ذر ابن مالك كذا في الفرع كأصله، وقال في فتح الباري: وتبعه العيني قوله ابن أخي سراقة بن جعشم في رواية أبي ذر ابن أخي سراقة بن مالك بن جعشم ( أن أباه) مالكًا ( أخبره أنه سمع سراقة بن جعشم) نسبه لجده ( يقول: جاءنا رسول) بالإفراد في رسول فى الفرع وفي اليونينية رسل بضم الراء والسين بلفظ الجمع ( كفار قريش يجعلون في رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- و) في ( أبي بكر دية) أي مائة ناقة ( كل واحد منهما من قتله) ولأبي ذر: لمن قتله ( أو أسره فبينما) بالميم ( أنا جالس في مجلس من مجالس قومي بني مدلج أقبل) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: إذ أقبل ( رجل منهم حتى قام علينا ونحن جلوس فقال: يا سراقة إني قد رأيت آنفًا) بمدّ الهمزة وكسر النون الآن ( أسودة) بكسر الواو بعد المهملة الساكنة أشخاصًا ( بالساحل أراها) بضم الهمزة أظنها ( محمدًا وأصحابه.
قال سراقة: فعرفت أنهم هم فقلت له: إنهم ليسوا بهم ولكنك رأيت فلانًا وفلانًا)
لم أعرف اسمهما ( انطلقوا) بفتح اللام ( بأعيننا) أي في نظرنا معاينة يبتغون ضالة لهم ( ثم لبثت في المجلس ساعة ثم قمت فدخلت) منزلي ( فأمرت جاريتي) لم يعرف ابن حجر اسمها ( أن تخرج بفرسي) وزاد موسى بن عقبة ثم أخذت قداحي بكسر القاف أي الأزلام فاستقسمت بها فخرج الذي أكره لا تضره وكنت أرجو أن أرده وآخذ المائة ناقة ( وهي من وراء أكمة) رابية مرتفعة ( فتحبسها عليّ) بتشديد التحتية ( وأخدت رمحي فخرجت به من ظهر البيت فخططت) بالمهملات ( بزجه الأرض) بضم الزاي والجيم المشددة المكسورة الحديد الذي في أسفل الرمح أي أمكنت أسفله، ولأبي ذر عن الكشميهني: فخططت بالخاء المعجمة أي خفضت أعلاه وجررت بزجه على الأرض فخطها به من غير قصد لخطها لكي لا يظهر الرمح وإن أمسك زجه ونصبه ( وخفضت عاليه) لئلا يظهر بريقه لمن بعد منه فينذر به وينكشف أمره لأنه كره أن يتبعه أحد فيشركه في الجعالة ( حتى أتيت فرسي فركبتها فرفعتها) بالراه ولأبي ذر فرفعتها بتشديد الفاء أسرعت بها السير ( تقرب) بتشديد الراء مفتوحة أو مكسورة ( بي) فرسي ضرب من الإسراع.
قال الأصمعي: والتقريب أن ترفع يديها معًا وتضعهما معًا ( حتى دنوت منهم فعثرت) بالفاء والمثلثة، ولأبي ذر: وعثرت ( بي فرسي فخررت) بالخاء المعجمة سقطت ( عنها) عن فرسي ( فقمت فأهويت يدي) أي بسطتها ( إلى كنانتي) كيس السهام ( فاستخرجت منها الأزلام) جمع زلم بفتح الزاي واللام أقلام كانوا يكتبون على بعضها نعم وعلى بعضها لا، وكانوا إذا أرادوا أمرًا استقسموا بها فإذا خرج السهم الذي عليه نعم خرجوا،
وإذا خرج الآخر لم يخرجوا ومعنى الاستقسام معرفة قسم الخير والشر ( فاستقسمت) بالفاء، ولأبي ذر: واستقسمت بالواو ( بها أضرهم أم لا) طلبت معرفة النفع والضرّ بالأزلام أي التفاؤل ( فخرج الذي أكره) لا تضرهم ( فركبت فرسي وعصيت الأزلام) الواو للحال أي فلم ألتفت إلى ما خرج من الذي أكره ( تقرب بي) فرسي ( حتى إذا سمعت قراءة رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو لا يلتفت وأبو بكر) -رضي الله عنه- ( يكثر الالتفات ساخت) بالسين المهملة والخاء المعجمة أي غاصت ( يدا فرسي في الأرض) .
زاد الطبراني عن أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنها- لمنخريها ( حتى بلغتا الركبتين فخررت عنها ثم زجرتها) على القيام ( فنهضت فلم تكد تخرج يديها) بضم أوله من أخرج من الأرض ( فلما استوت قائمة إذا لأثر يديها عثان) بالعين المهملة المضمومة فمثلثة مفتوحة وبعد الألف نون دخان من غير نار وهو مبتدأ خبره قوله لأثر يديها مقدمًا، ولأبي ذر عن الكشميهني: غبار بالمعجمة والموحدة آخره راء ( ساطع) منتشر ( في السماء مثل الدخان، فاستقسمت بالأزلام فخرج الذي أكره) لا تضرهم ( فناديتهم بالأمان) وعند ابن إسحاق: فناديت القوم أنا سراقة بن مالك بن جعشم انظروني أكلمكم فوالله لا يأتيكم مني شيء تكرهونه ( فوقفوا فركبت فرسي حتى جئتهم ووقع في نفسي حين لقيت ما لقيت من الحبس عنهم أن سيظهر أمر رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقلت له إن قومك) قريشًا ( قد جعلوا فيك الدّية) يدفعونها لمن يقتلك أو يأسرك ( وأخبرتهم أخبار ما يريد الناس) قريش ( بهم) من الحرص على الظفر بهم وغير ذلك ( وعرضت عليهم الزاد والمتاع فلم يرزآني) لم ينقصاني النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأبو بكر شيئًا ( ولم يسألاني) شيئًا مما معي ( إلا أن قال) : لي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
( أخف عنا) بفتح الهمزة وسكون المعجمة بعدها فاء أمر من الإخفاء.
قال سراقة: ( فسألته) عليه الصلاة والسلام ( أن يكتب لي كتاب أمن) بسكون الميم ( فأمر) عليه الصلاة والسلام ( عامر بن فهيرة فكتب في رقعة من أديم) بكسر الدال المهملة بعدها تحتية وفي نسخة من أدم بفتح الدال وحذف التحتية جلد مدبوغ زاد ابن إسحاق فأخذته فجعلته في كنانتي ثم رجعت ( ثم مضى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ومن معه إلى جهة مقصده.

( قال ابن شهاب) الزهري بالسند السابق ( فأخبرني) بالإفراد ( عروة بن الزبير) بن العوّام ( أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لقي الزبير في ركب المسلمين كانوا تجارًا) بكسر التاء وتخفيف الجيم حال كونهم ( قافلين) راجعين ( من الشام فكسا الزبير رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأبا بكر ثياب بياض) وقول الدمياطي: إن الذي كسا النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأبا بكر إنما هو طلحة بن عبيد الله وكان جائيًا من الشام في عير متمسكًا في ذلك بأن أهل السير لم يذكروا أن الزبير لقي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في طريق الهجرة وإنما هو طلحة بن عبيد الله ليس فيه دلالة على ذلك فالأولى الجمع بينهما وإلا فما في الصحيح أصح لا سيما والرواية التي فيها طلحة من طريق ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة والتي في الصحيح من طريق عقيل عن الزهري عن عروة، وعند ابن أبي شيبة من طريق هشام بن عروة عن أبيه نحو رواية أبي الأسود فتعين تصحيح القولين وحينئذٍ فيكون كل من الزبير وطلحة كساهما.

( وسمع المسلمون بالمدينة مخرج) ولأبي ذر بمخرج ( رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من مكة فكانوا يغدون) بسكون الغين المعجمة يخرجون ( كل غداة إلى الحرة) بالحاء المهملة المفتوحة وتشديد الراء ( فينتظرونه حتى يردهم حرّ الظهيرة فانقلبوا) رجعوا ( يومًا بعد ما أطالوا انتظارهم) له عليه الصلاة والسلام ( فلما أووا إلى بيوتهم أوفى) بفتح الهمزة وسكون الواو وفتح الفاء أي طلع ( رجل من يهود) لم يسم ( على أطم) بضم الهمزة والطاء المهملة حصن ( من آطامهم لأمر ينظر إليه فبصر) بفتح الموحدة وضم المهملة ( برسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأصحابه) حال كونهم ( مبيضين) بفتح الموحدة والتحتية المشددة بعدها ضاد معجمة عليهم الثياب البيض.
قال السفاقسي: ويحتمل أن يريد متعجلين قال ابن فارس: يقال بائض أي متعجل ويدل عليه قوله ( يزول بهم السراب) المرئي في شدة الحر كأنه ماء حتى إذا جئته لم تجده شيئًا كما قال الله تعالى ( فلم يملك اليهودي) نفسه ( أن قال بأعلى صوته: يا معاشر العرب) بألف بعد العين، ولأبي ذر: يا معشر بحذف الألف وسكون العين ( هذا جدّكم) بفتح الجيم وتشديد الدال المهملة أي حظكم وصاحب دولتكم ( الذي تنتظرون) السعادة بمجيئه ( فثار المسلمون) بالمثلثة ( إلى السلاح فتلقوا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بظهر الحرة) الأرض التي عليها الحجارة السود ( فعدل بهم) بتخفيف الدال ( ذات اليمين حتى نزل بهم في بني عمرو بن عوف) بفتح العين وسكون الميم أي ابن مالك بن الأوس ومنازلهم بقباء ( وذلك) وفي رواية وكان ( يوم الاثنين من شهر ربيع الأول) أوّله أو لليلتين خلتا منه أو لاثنتي عشرة ليلة خلت منه أو لثلاث عشرة خلت منه ( فقام أبو بكر للناس) يتلقاهم ( وجلس رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صامتًا) ساكتًا ( فطفق من جاء من الأنصار ممن لم ير رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يحيي أبا بكر) أي يسلم عليه يظنه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( حتى أصابت الشمس رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأقبل أبو بكر) - رضي الله تعالى عنه - ( حتى ظلل عليه) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( بردائه فعرف الناس رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عند ذلك) وعند موسى بن عقبة فطفق من جاء من الأنصار ممن لم يكن رآه يحسبه أبا بكر -رضي الله عنه- حتى إذا أصابته الشمس أقبل أبو بكر -رضي الله عنه- بشيء يظله ( فلبث رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في بني عمرو بن عوف بضع عشرة ليلة وأسس المسجد الذي أسس على التقوى) وهو مسجد قباء ( وصلّى فيه رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أيام مقامه بقباء ( ثم ركب راحلته) من قباء يوم الجمعة فأدركته الجمعة في بني سالم بن عوف ( فسار يمشي معه الناس) ولأبي ذر عن الكشميهني: مع الناس ( حتى بركت) راحلته ( عند مسجد الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالمدينة) وعند سعيد بن منصور حتى استناخت عند موضع المنبر من المسجد ( وهو يصلّي فيه يومئذٍ رجال من المسلمين وكان) موضع المسجد ( مربدًا) بكسر الميم وفتح الموحدة بينهما واء ساكنة ( للتمر) يجفف فيه ( لسهيل) بالتصغير ( وسهل) ابني رافع بن عمرو ( غلامين يتيمين في حجر أسعد) بفتح الحاء المهملة وسكون الجيم ولأبي ذر سعد ( بن زرارة) وكان أسعد -رضي الله عنه- من السابقين إلى الإسلام من الأنصار وأما أخوه سعد فتأخر إسلامه ( فقال: رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حين بركت به راحلته) :
( هذا إن شاء الله المنزل) ( ثم دعا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الغلامين فسامهما بالمربد ليتخذه مسجدًا فقالا: لا بل نهبه لك يا رسول الله فأبى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يقبله منهما هبة حتى ابتاعه منهما) أي
اشتراه، وثبت قوله فأبى إلى آخره في رواية أبي ذر ( ثم بناه مسجدًا وطفق) بكسر الفاء ( رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ينقل معهم اللبن) بفتح اللام وكسر الموحدة الطوب النيء ( في بنيانه ويقول) : وهو ينقل اللبن ( هذا الحمال) بكسر الحاء المهملة وفتح الميم مخففة ولأبي ذر هذا الحمال بفتح الحاء المهملة أي هذا المحمول من اللبن أبر عند الله وأطهر عند الله ( لا حمال) بكسر الحاء المهملة ولأبي ذر: لا حمال بفتحها ( خيبر) الذي يحمل منها من التمر والزبيب ونحوهما الذي يغتبط به حاملوه.

قال القاضي عياض -رحمه الله تعالى-: وقد رواه المستملي جمال بالجيم المفتوحة قال: وله وجه والأول أظهر ( هذا أبر) أي أبقى ذخزًا عند الله عز وجل وأكثر ثوابًا وأدوم نفعًا يا ( ربنا وأطهر) بالطاء المهملة أي أشد طهارة من حمال خيبر ( ويقول) : ( اللهم إن الأجر أجر الآخرة فارحم الأنصار والمهاجرة) بكسر الجيم ( فتمثل) عليه الصلاة والسلام ( بشعر رجل من المسلمين لم يسم لي) هو عبد الله بن رواحة.

( قال: ابن شهاب) الزهري ( ولم يبلغنا في الأحاديث أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تمثل ببيت شعر تام غير هذا البيت) ولأبي ذر غير هذه الأبيات أي السابقة قال في التنقيح: قد أنكر على الزهري ذلك من وجهين.
أحدهما: أنه رجز وليس بشعر ولذا يقال لصاحبه راجز لا شاعر، وثانيهما: أنه ليس بموزون اهـ.

وتعقبه في المصابيح بأن بين الوجهين تنافيًا لأن الأول يقتضي تسليم كون الكل موزونًا ضرورة أنه جعله رجزًا ولا بدّ فيه من وزن خاص سواء قلنا هو شعر أم لا والثاني مصرح بنفي الوزن ولقائل أن يمنع كون الرجز غير شعر وكون قائله غير شاعر وهو الصحيح عند العروضيين.

سلمنا أن الرجز ليس شعرًا لكنا لا نسلم أن قوله:
هذا الحمال لا حمال خيبر ... هذا أبر ربنا وأطهر
من شعر الرجز، وإنما هو من مشطور السريع دخله الكسف والخبن، وأما قوله ليس بموزون فإنما يتم في قوله أن الأجر أجر الآخرة فارحم الأنصار والمهاجرة اهـ.
والممنوع عليه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إنشاء الشعر لا إنشاده.

وهذا الحديث أخرجه في مواضع مختصرًا وبتمامه هنا فقط.