3646 حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى ، قَالَ : قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أُمِّ حَرَامٍ بِنْتِ مِلْحَانَ فَتُطْعِمُهُ ، وَكَانَتْ أُمُّ حَرَامٍ تَحْتَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا ، فَأَطْعَمَتْهُ ، ثُمَّ جَلَسَتْ تَفْلِي رَأْسَهُ ، فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ ، قَالَتْ : فَقُلْتُ : مَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ ، غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هَذَا الْبَحْرِ ، مُلُوكًا عَلَى الْأَسِرَّةِ ، أَوْ مِثْلَ الْمُلُوكِ عَلَى الْأَسِرَّةِ - يَشُكُّ أَيَّهُمَا - قَالَ : قَالَتْ : فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ ، فَدَعَا لَهَا ، ثُمَّ وَضَعَ رَأْسَهُ ، فَنَامَ ، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ ، قَالَتْ : فَقُلْتُ : مَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ ، غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، كَمَا قَالَ فِي الْأُولَى ، قَالَتْ : فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ ، قَالَ : أَنْتِ مِنَ الْأَوَّلِينَ ، فَرَكِبَتْ أُمُّ حَرَامٍ بِنْتُ مِلْحَانَ الْبَحْرَ فِي زَمَنِ مُعَاوِيَةَ ، فَصُرِعَتْ عَنْ دَابَّتِهَا حِينَ خَرَجَتْ مِنَ الْبَحْرِ ، فَهَلَكَتْ |
It has been reported on the authority of Anas b. Malik that the Messenger of Allah (ﷺ) used to visit Umm Haram daughter of Milhan (who was the sister of his foster-mother or his father's aunt). She was the wife of 'Ubada b. Samit, One day the Messenger of Allah (ﷺ) paid her a visit. She entertained him with food and then sat down to rub his head. The Messenger of Allah (ﷺ) dozed off and when he woke up (after a while), he was laughing. She asked:
What made you laugh. Messenger of Allah? He said: Some people from my Umma were presented to me who were fighters in the way of Allah and were sailing in this sea. (Gliding smoothly on the water), they appeared to be kings or like kings (sitting) on thrones (the narrator has a doubt about the actual expression used by the Holy Prophet). She said: Messenger of Allah, pray to Allah that He may include me among these warriors. He prayed for her. Then he placed his head (down) and dozed off (again). He woke up laughing, as before. (She said) I said: Messenger of Allah, what makes you laugh? He replied: A people from my Umma were presented to me. They were fighters in Allah's way. (He described them in the same words as he had described the first warriors.) She said: Messenger of Allah, pray to God that He may include me among these warriors. He said: You are among the first ones. Umm Haram daughter of Milhan sailed in the aea in the time of Mu'awiya. When she came out of the sea and (was going to mount a riding animal) she fell down and died.
شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث
[1912] .
قَوْلُهُ ( أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أُمِّ حَرَامٍ بِنْتِ مِلْحَانَ فَتُطْعِمُهُ وَتَفْلِي رَأْسَهَ وَيَنَامُ عِنْدَهَا) اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ مَحْرَمًا لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واختلفوا فى كيفية ذلك فقال بن عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُ كَانَتْ إِحْدَى خَالَاتِهِ مِنَ الرَّضَاعَةِ.
وَقَالَ آخَرُونَ بَلْ كَانَتْ خَالَةً لِأَبِيهِأَوْ لِجَدِّهِ لِأَنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ كَانَتْ أُمُّهُ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ .
قَوْلُهُ ( تَفْلِي) بِفَتْحِ التَّاءِ وَإِسْكَانِ الْفَاءِ فِيهِ جَوَازُ فَلْيِ الرَّأْسِ وَقَتْلِ الْقَمْلِ مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ قَالَ أَصْحَابُنَا قَتْلُ الْقَمْلِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْمُؤْذِيَاتِ مُسْتَحَبٌّ وَفِيهِ جَوَازُ مُلَامَسَةِ الْمَحْرَمِ فِي الرَّأْسِ وَغَيْرِهِ مِمَّا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ وَجَوَازُ الْخَلْوَةِ بِالْمَحْرَمِ وَالنَّوْمِ عِنْدَهَا وَهَذَا كُلُّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَفِيهِ جَوَازُ أَكْلِ الضَّيْفِ عِنْدَ الْمَرْأَةِ الْمُزَوَّجَةِ مِمَّا قَدَّمَتْهُ لَهُ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ مِنْ مَالِ الزَّوْجِ وَيَعْلَمَ أَنَّهُ يَكْرَهُ أَكْلَهُ مِنْ طَعَامِهِ قَوْلُهَا ( فَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ) هَذَا الضَّحِكُ فَرَحًا وَسُرُورًا بِكَوْنِ أُمَّتِهِ تَبْقَى بَعْدَهُ مُتَظَاهِرَةً بِأُمُورِ الْإِسْلَامِ قَائِمَةً بِالْجِهَادِ حَتَّى فِي الْبَحْرِ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هَذَا الْبَحْرِ) الثَّبَجُ بِثَاءٍ مُثَلَّثَةٍ ثُمَّ بَاءٍ مُوَحَّدَةٍ مَفْتُوحَتَيْنِ ثُمَّ جِيمٍ وَهُوَ ظَهْرُهُ وَوَسَطُهُ وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى يَرْكَبُونَ ظَهْرَ الْبَحْرِ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( كَالْمُلُوكِ عَلَى الْأَسِرَّةِ) قِيلَ هُوَ صِفَةٌ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِذَا دَخَلُوا الْجَنَّةَ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ صِفَةٌ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا أَيْ يَرْكَبُونَ مَرَاكِبَ الْمُلُوكِ لِسَعَةِ حَالِهِمْ وَاسْتِقَامَةِ أَمْرِهِمْ وَكَثْرَةِ عَدَدِهِمْ قَوْلُهَا فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ ( ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِيَ مِنْهُمْ وَكَانَ دَعَا لَهَا فِي الْأُولَى قَالَ أَنْتِ مِنَ الْأَوَّلِينَ) هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ رُؤْيَاهُ الثَّانِيَةَ غَيْرُ الْأُولَى وَأَنَّهُ عَرَضَ فِيهَا غَيْرَ الْأَوَّلِينَ وَفِيهِ مُعْجِزَاتٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا إِخْبَارُهُ بِبَقَاءِ أُمَّتِهِ بَعْدَهُ وَأَنَّهُ تَكُونُ لَهُمْ شَوْكَةٌ وَقُوَّةٌ وَعَدَدٌ وَأَنَّهُمْ يَغْزُونَ وَأَنَّهُمْ يَرْكَبُونَ الْبَحْرَ وَأَنَّ أُمَّ حَرَامٍ تَعِيشُ إِلَى ذَلِكَ الزَّمَانِ وَأَنَّهَا تَكُونُ مَعَهُمْ وَقَدْ وُجِدَ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى كُلُّ ذَلِكَ وَفِيهِ فَضِيلَةٌلِتِلْكَ الْجُيُوشِ وَأَنَّهُمْ غُزَاةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ مَتَى جَرَتِ الْغَزْوَةُ الَّتِي تُوُفِّيَتْ فِيهَا أُمُّ حَرَامٍ فِي الْبَحْرِ وَقَدْ ذَكَرَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ فِي مُسْلِمٍ أَنَّهَا رَكِبَتِ الْبَحْرَ فِي زَمَانِ مُعَاوِيَةَ فَصُرِعَتْ عَنْ دَابَّتِهَا فَهَلَكَتْ قَالَ الْقَاضِي قَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ السِّيَرِ وَالْأَخْبَارِ إِنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَنَّ فِيهَا ركبت أم حرام وزوجها إلى قبرص فَصُرِعَتْ عَنْ دَابَّتِهَا هُنَاكَ فَتُوُفِّيَتْ وَدُفِنَتْ هُنَاكَ وَعَلَى هَذَا يَكُونُ .
قَوْلُهُ فِي زَمَانِ مُعَاوِيَةَ مَعْنَاهُ فِي زَمَانِ غَزْوِهِ فِي الْبَحْرِ لَا فِي أَيَّامِ خِلَافَتِهِ قَالَ وَقِيلَ بَلْ كَانَ ذَلِكَ فِي خِلَافَتِهِ قَالَ وَهُوَ أَظْهَرُ فِي دَلَالَةِ قَوْلِهِ فِي زَمَانِهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ جَوَازُ رُكُوبِ الْبَحْرِ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَكَذَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ وَكَرِهَ مَالِكٌ رُكُوبَهَ لِلنِّسَاءِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُنَّ غَالِبًا التَّسَتُّرُ فِيهِ وَلَا غَضُّ الْبَصَرِ عن المتصرفين فيه ولايؤمن انْكِشَافُ عَوْرَاتِهِنَّ فِي تَصَرُّفِهِنَّ لَا سِيَّمَا فِيمَا صَغُرَ مِنَ السُّفْيَانِ مَعَ ضَرُورَتِهِنَّ إِلَى قَضَاءِ الْحَاجَةِ بِحَضْرَةِ الرِّجَالِ قَالَ الْقَاضِي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مَنْعُ رُكُوبِهِ وَقِيلَ إِنَّمَا مَنَعَهُ الْعُمَرَانِ لِلتِّجَارَةِ وَطَلَبِ الدنيا لا للطاعات وقد روى عن بن عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّهْيُ عَنْ رُكُوبِ الْبَحْرِ إِلَّا لِحَاجٍّ أَوْ مُعْتَمِرٍ أَوْ غَازٍ وَضَعَّفَ أَبُو دَاوُدَ هَذَا الْحَدِيثَ.
وَقَالَ رُوَاتُهُ مَجْهُولُونَ وَاسْتَدَلَّ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْقِتَالَفِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى وَالْمَوْتَ فِيهِ سَوَاءٌ فِي الْأَجْرِ لِأَنَّ أُمَّ حَرَامٍ مَاتَتْ وَلَمْ تُقْتَلْ وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ لِذَلِكَ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقُلْ إِنَّهُمْ شُهَدَاءُ إِنَّمَا يَغْزُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَكِنْ قَدْ ذَكَرَ مُسْلِمٌ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي بَعْدَ هَذَا بِقَلِيلٍ حَدِيثَ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَنْ قتل في سبيل الله فهو شهيد ومن مَاتَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ .
قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى ( وَكَانَتْ أُمُّ حَرَامٍ تَحْتَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ فَدَخَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَطْعَمَتْهُ) .
وَقَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَتَزَوَّجَهَا عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ بَعْدُ فَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى أَنَّهَا كَانَتْ زَوْجَةً لِعُبَادَةَ حَالَ دُخُولِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهَا وَلَكِنَّ الرِّوَايَةَ الثَّانِيَةَ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّهُ إِنَّمَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَتُحْمَلُ الْأُولَى عَلَى مُوَافَقَةِ الثَّانِيَةِ وَيَكُونُ قَدْ أَخْبَرَ عَمَّا صار حالا لها بعد ذلك قوله ( وحدثناه مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحِ بْنِ الْمُهَاجِرِ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ) هَكَذَاأَوْ لِجَدِّهِ لِأَنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ كَانَتْ أُمُّهُ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ .
قَوْلُهُ ( تَفْلِي) بِفَتْحِ التَّاءِ وَإِسْكَانِ الْفَاءِ فِيهِ جَوَازُ فَلْيِ الرَّأْسِ وَقَتْلِ الْقَمْلِ مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ قَالَ أَصْحَابُنَا قَتْلُ الْقَمْلِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْمُؤْذِيَاتِ مُسْتَحَبٌّ وَفِيهِ جَوَازُ مُلَامَسَةِ الْمَحْرَمِ فِي الرَّأْسِ وَغَيْرِهِ مِمَّا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ وَجَوَازُ الْخَلْوَةِ بِالْمَحْرَمِ وَالنَّوْمِ عِنْدَهَا وَهَذَا كُلُّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَفِيهِ جَوَازُ أَكْلِ الضَّيْفِ عِنْدَ الْمَرْأَةِ الْمُزَوَّجَةِ مِمَّا قَدَّمَتْهُ لَهُ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ مِنْ مَالِ الزَّوْجِ وَيَعْلَمَ أَنَّهُ يَكْرَهُ أَكْلَهُ مِنْ طَعَامِهِ قَوْلُهَا ( فَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ) هَذَا الضَّحِكُ فَرَحًا وَسُرُورًا بِكَوْنِ أُمَّتِهِ تَبْقَى بَعْدَهُ مُتَظَاهِرَةً بِأُمُورِ الْإِسْلَامِ قَائِمَةً بِالْجِهَادِ حَتَّى فِي الْبَحْرِ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هَذَا الْبَحْرِ) الثَّبَجُ بِثَاءٍ مُثَلَّثَةٍ ثُمَّ بَاءٍ مُوَحَّدَةٍ مَفْتُوحَتَيْنِ ثُمَّ جِيمٍ وَهُوَ ظَهْرُهُ وَوَسَطُهُ وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى يَرْكَبُونَ ظَهْرَ الْبَحْرِ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( كَالْمُلُوكِ عَلَى الْأَسِرَّةِ) قِيلَ هُوَ صِفَةٌ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِذَا دَخَلُوا الْجَنَّةَ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ صِفَةٌ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا أَيْ يَرْكَبُونَ مَرَاكِبَ الْمُلُوكِ لِسَعَةِ حَالِهِمْ وَاسْتِقَامَةِ أَمْرِهِمْ وَكَثْرَةِ عَدَدِهِمْ قَوْلُهَا فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ ( ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِيَ مِنْهُمْ وَكَانَ دَعَا لَهَا فِي الْأُولَى قَالَ أَنْتِ مِنَ الْأَوَّلِينَ) هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ رُؤْيَاهُ الثَّانِيَةَ غَيْرُ الْأُولَى وَأَنَّهُ عَرَضَ فِيهَا غَيْرَ الْأَوَّلِينَ وَفِيهِ مُعْجِزَاتٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا إِخْبَارُهُ بِبَقَاءِ أُمَّتِهِ بَعْدَهُ وَأَنَّهُ تَكُونُ لَهُمْ شَوْكَةٌ وَقُوَّةٌ وَعَدَدٌ وَأَنَّهُمْ يَغْزُونَ وَأَنَّهُمْ يَرْكَبُونَ الْبَحْرَ وَأَنَّ أُمَّ حَرَامٍ تَعِيشُ إِلَى ذَلِكَ الزَّمَانِ وَأَنَّهَا تَكُونُ مَعَهُمْ وَقَدْ وُجِدَ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى كُلُّ ذَلِكَ وَفِيهِ فَضِيلَةٌلِتِلْكَ الْجُيُوشِ وَأَنَّهُمْ غُزَاةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ مَتَى جَرَتِ الْغَزْوَةُ الَّتِي تُوُفِّيَتْ فِيهَا أُمُّ حَرَامٍ فِي الْبَحْرِ وَقَدْ ذَكَرَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ فِي مُسْلِمٍ أَنَّهَا رَكِبَتِ الْبَحْرَ فِي زَمَانِ مُعَاوِيَةَ فَصُرِعَتْ عَنْ دَابَّتِهَا فَهَلَكَتْ قَالَ الْقَاضِي قَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ السِّيَرِ وَالْأَخْبَارِ إِنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَنَّ فِيهَا ركبت أم حرام وزوجها إلى قبرص فَصُرِعَتْ عَنْ دَابَّتِهَا هُنَاكَ فَتُوُفِّيَتْ وَدُفِنَتْ هُنَاكَ وَعَلَى هَذَا يَكُونُ .
قَوْلُهُ فِي زَمَانِ مُعَاوِيَةَ مَعْنَاهُ فِي زَمَانِ غَزْوِهِ فِي الْبَحْرِ لَا فِي أَيَّامِ خِلَافَتِهِ قَالَ وَقِيلَ بَلْ كَانَ ذَلِكَ فِي خِلَافَتِهِ قَالَ وَهُوَ أَظْهَرُ فِي دَلَالَةِ قَوْلِهِ فِي زَمَانِهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ جَوَازُ رُكُوبِ الْبَحْرِ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَكَذَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ وَكَرِهَ مَالِكٌ رُكُوبَهَ لِلنِّسَاءِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُنَّ غَالِبًا التَّسَتُّرُ فِيهِ وَلَا غَضُّ الْبَصَرِ عن المتصرفين فيه ولايؤمن انْكِشَافُ عَوْرَاتِهِنَّ فِي تَصَرُّفِهِنَّ لَا سِيَّمَا فِيمَا صَغُرَ مِنَ السُّفْيَانِ مَعَ ضَرُورَتِهِنَّ إِلَى قَضَاءِ الْحَاجَةِ بِحَضْرَةِ الرِّجَالِ قَالَ الْقَاضِي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مَنْعُ رُكُوبِهِ وَقِيلَ إِنَّمَا مَنَعَهُ الْعُمَرَانِ لِلتِّجَارَةِ وَطَلَبِ الدنيا لا للطاعات وقد روى عن بن عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّهْيُ عَنْ رُكُوبِ الْبَحْرِ إِلَّا لِحَاجٍّ أَوْ مُعْتَمِرٍ أَوْ غَازٍ وَضَعَّفَ أَبُو دَاوُدَ هَذَا الْحَدِيثَ.
وَقَالَ رُوَاتُهُ مَجْهُولُونَ وَاسْتَدَلَّ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْقِتَالَفِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى وَالْمَوْتَ فِيهِ سَوَاءٌ فِي الْأَجْرِ لِأَنَّ أُمَّ حَرَامٍ مَاتَتْ وَلَمْ تُقْتَلْ وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ لِذَلِكَ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقُلْ إِنَّهُمْ شُهَدَاءُ إِنَّمَا يَغْزُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَكِنْ قَدْ ذَكَرَ مُسْلِمٌ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي بَعْدَ هَذَا بِقَلِيلٍ حَدِيثَ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَنْ قتل في سبيل الله فهو شهيد ومن مَاتَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ .
قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى ( وَكَانَتْ أُمُّ حَرَامٍ تَحْتَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ فَدَخَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَطْعَمَتْهُ) .
وَقَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَتَزَوَّجَهَا عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ بَعْدُ فَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى أَنَّهَا كَانَتْ زَوْجَةً لِعُبَادَةَ حَالَ دُخُولِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهَا وَلَكِنَّ الرِّوَايَةَ الثَّانِيَةَ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّهُ إِنَّمَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَتُحْمَلُ الْأُولَى عَلَى مُوَافَقَةِ الثَّانِيَةِ وَيَكُونُ قَدْ أَخْبَرَ عَمَّا صار حالا لها بعد ذلك قوله ( وحدثناه مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحِ بْنِ الْمُهَاجِرِ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ) هَكَذَاأَوْ لِجَدِّهِ لِأَنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ كَانَتْ أُمُّهُ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ .
قَوْلُهُ ( تَفْلِي) بِفَتْحِ التَّاءِ وَإِسْكَانِ الْفَاءِ فِيهِ جَوَازُ فَلْيِ الرَّأْسِ وَقَتْلِ الْقَمْلِ مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ قَالَ أَصْحَابُنَا قَتْلُ الْقَمْلِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْمُؤْذِيَاتِ مُسْتَحَبٌّ وَفِيهِ جَوَازُ مُلَامَسَةِ الْمَحْرَمِ فِي الرَّأْسِ وَغَيْرِهِ مِمَّا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ وَجَوَازُ الْخَلْوَةِ بِالْمَحْرَمِ وَالنَّوْمِ عِنْدَهَا وَهَذَا كُلُّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَفِيهِ جَوَازُ أَكْلِ الضَّيْفِ عِنْدَ الْمَرْأَةِ الْمُزَوَّجَةِ مِمَّا قَدَّمَتْهُ لَهُ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ مِنْ مَالِ الزَّوْجِ وَيَعْلَمَ أَنَّهُ يَكْرَهُ أَكْلَهُ مِنْ طَعَامِهِ قَوْلُهَا ( فَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ) هَذَا الضَّحِكُ فَرَحًا وَسُرُورًا بِكَوْنِ أُمَّتِهِ تَبْقَى بَعْدَهُ مُتَظَاهِرَةً بِأُمُورِ الْإِسْلَامِ قَائِمَةً بِالْجِهَادِ حَتَّى فِي الْبَحْرِ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هَذَا الْبَحْرِ) الثَّبَجُ بِثَاءٍ مُثَلَّثَةٍ ثُمَّ بَاءٍ مُوَحَّدَةٍ مَفْتُوحَتَيْنِ ثُمَّ جِيمٍ وَهُوَ ظَهْرُهُ وَوَسَطُهُ وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى يَرْكَبُونَ ظَهْرَ الْبَحْرِ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( كَالْمُلُوكِ عَلَى الْأَسِرَّةِ) قِيلَ هُوَ صِفَةٌ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِذَا دَخَلُوا الْجَنَّةَ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ صِفَةٌ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا أَيْ يَرْكَبُونَ مَرَاكِبَ الْمُلُوكِ لِسَعَةِ حَالِهِمْ وَاسْتِقَامَةِ أَمْرِهِمْ وَكَثْرَةِ عَدَدِهِمْ قَوْلُهَا فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ ( ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِيَ مِنْهُمْ وَكَانَ دَعَا لَهَا فِي الْأُولَى قَالَ أَنْتِ مِنَ الْأَوَّلِينَ) هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ رُؤْيَاهُ الثَّانِيَةَ غَيْرُ الْأُولَى وَأَنَّهُ عَرَضَ فِيهَا غَيْرَ الْأَوَّلِينَ وَفِيهِ مُعْجِزَاتٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا إِخْبَارُهُ بِبَقَاءِ أُمَّتِهِ بَعْدَهُ وَأَنَّهُ تَكُونُ لَهُمْ شَوْكَةٌ وَقُوَّةٌ وَعَدَدٌ وَأَنَّهُمْ يَغْزُونَ وَأَنَّهُمْ يَرْكَبُونَ الْبَحْرَ وَأَنَّ أُمَّ حَرَامٍ تَعِيشُ إِلَى ذَلِكَ الزَّمَانِ وَأَنَّهَا تَكُونُ مَعَهُمْ وَقَدْ وُجِدَ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى كُلُّ ذَلِكَ وَفِيهِ فَضِيلَةٌلِتِلْكَ الْجُيُوشِ وَأَنَّهُمْ غُزَاةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ مَتَى جَرَتِ الْغَزْوَةُ الَّتِي تُوُفِّيَتْ فِيهَا أُمُّ حَرَامٍ فِي الْبَحْرِ وَقَدْ ذَكَرَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ فِي مُسْلِمٍ أَنَّهَا رَكِبَتِ الْبَحْرَ فِي زَمَانِ مُعَاوِيَةَ فَصُرِعَتْ عَنْ دَابَّتِهَا فَهَلَكَتْ قَالَ الْقَاضِي قَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ السِّيَرِ وَالْأَخْبَارِ إِنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَنَّ فِيهَا ركبت أم حرام وزوجها إلى قبرص فَصُرِعَتْ عَنْ دَابَّتِهَا هُنَاكَ فَتُوُفِّيَتْ وَدُفِنَتْ هُنَاكَ وَعَلَى هَذَا يَكُونُ .
قَوْلُهُ فِي زَمَانِ مُعَاوِيَةَ مَعْنَاهُ فِي زَمَانِ غَزْوِهِ فِي الْبَحْرِ لَا فِي أَيَّامِ خِلَافَتِهِ قَالَ وَقِيلَ بَلْ كَانَ ذَلِكَ فِي خِلَافَتِهِ قَالَ وَهُوَ أَظْهَرُ فِي دَلَالَةِ قَوْلِهِ فِي زَمَانِهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ جَوَازُ رُكُوبِ الْبَحْرِ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَكَذَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ وَكَرِهَ مَالِكٌ رُكُوبَهَ لِلنِّسَاءِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُنَّ غَالِبًا التَّسَتُّرُ فِيهِ وَلَا غَضُّ الْبَصَرِ عن المتصرفين فيه ولايؤمن انْكِشَافُ عَوْرَاتِهِنَّ فِي تَصَرُّفِهِنَّ لَا سِيَّمَا فِيمَا صَغُرَ مِنَ السُّفْيَانِ مَعَ ضَرُورَتِهِنَّ إِلَى قَضَاءِ الْحَاجَةِ بِحَضْرَةِ الرِّجَالِ قَالَ الْقَاضِي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مَنْعُ رُكُوبِهِ وَقِيلَ إِنَّمَا مَنَعَهُ الْعُمَرَانِ لِلتِّجَارَةِ وَطَلَبِ الدنيا لا للطاعات وقد روى عن بن عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّهْيُ عَنْ رُكُوبِ الْبَحْرِ إِلَّا لِحَاجٍّ أَوْ مُعْتَمِرٍ أَوْ غَازٍ وَضَعَّفَ أَبُو دَاوُدَ هَذَا الْحَدِيثَ.
وَقَالَ رُوَاتُهُ مَجْهُولُونَ وَاسْتَدَلَّ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْقِتَالَفِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى وَالْمَوْتَ فِيهِ سَوَاءٌ فِي الْأَجْرِ لِأَنَّ أُمَّ حَرَامٍ مَاتَتْ وَلَمْ تُقْتَلْ وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ لِذَلِكَ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقُلْ إِنَّهُمْ شُهَدَاءُ إِنَّمَا يَغْزُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَكِنْ قَدْ ذَكَرَ مُسْلِمٌ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي بَعْدَ هَذَا بِقَلِيلٍ حَدِيثَ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَنْ قتل في سبيل الله فهو شهيد ومن مَاتَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ .
قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى ( وَكَانَتْ أُمُّ حَرَامٍ تَحْتَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ فَدَخَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَطْعَمَتْهُ) .
وَقَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَتَزَوَّجَهَا عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ بَعْدُ فَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى أَنَّهَا كَانَتْ زَوْجَةً لِعُبَادَةَ حَالَ دُخُولِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهَا وَلَكِنَّ الرِّوَايَةَ الثَّانِيَةَ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّهُ إِنَّمَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَتُحْمَلُ الْأُولَى عَلَى مُوَافَقَةِ الثَّانِيَةِ وَيَكُونُ قَدْ أَخْبَرَ عَمَّا صار حالا لها بعد ذلك قوله ( وحدثناه مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحِ بْنِ الْمُهَاجِرِ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ) هَكَذَاأَوْ لِجَدِّهِ لِأَنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ كَانَتْ أُمُّهُ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ .
قَوْلُهُ ( تَفْلِي) بِفَتْحِ التَّاءِ وَإِسْكَانِ الْفَاءِ فِيهِ جَوَازُ فَلْيِ الرَّأْسِ وَقَتْلِ الْقَمْلِ مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ قَالَ أَصْحَابُنَا قَتْلُ الْقَمْلِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْمُؤْذِيَاتِ مُسْتَحَبٌّ وَفِيهِ جَوَازُ مُلَامَسَةِ الْمَحْرَمِ فِي الرَّأْسِ وَغَيْرِهِ مِمَّا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ وَجَوَازُ الْخَلْوَةِ بِالْمَحْرَمِ وَالنَّوْمِ عِنْدَهَا وَهَذَا كُلُّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَفِيهِ جَوَازُ أَكْلِ الضَّيْفِ عِنْدَ الْمَرْأَةِ الْمُزَوَّجَةِ مِمَّا قَدَّمَتْهُ لَهُ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ مِنْ مَالِ الزَّوْجِ وَيَعْلَمَ أَنَّهُ يَكْرَهُ أَكْلَهُ مِنْ طَعَامِهِ قَوْلُهَا ( فَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ) هَذَا الضَّحِكُ فَرَحًا وَسُرُورًا بِكَوْنِ أُمَّتِهِ تَبْقَى بَعْدَهُ مُتَظَاهِرَةً بِأُمُورِ الْإِسْلَامِ قَائِمَةً بِالْجِهَادِ حَتَّى فِي الْبَحْرِ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هَذَا الْبَحْرِ) الثَّبَجُ بِثَاءٍ مُثَلَّثَةٍ ثُمَّ بَاءٍ مُوَحَّدَةٍ مَفْتُوحَتَيْنِ ثُمَّ جِيمٍ وَهُوَ ظَهْرُهُ وَوَسَطُهُ وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى يَرْكَبُونَ ظَهْرَ الْبَحْرِ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( كَالْمُلُوكِ عَلَى الْأَسِرَّةِ) قِيلَ هُوَ صِفَةٌ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِذَا دَخَلُوا الْجَنَّةَ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ صِفَةٌ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا أَيْ يَرْكَبُونَ مَرَاكِبَ الْمُلُوكِ لِسَعَةِ حَالِهِمْ وَاسْتِقَامَةِ أَمْرِهِمْ وَكَثْرَةِ عَدَدِهِمْ قَوْلُهَا فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ ( ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِيَ مِنْهُمْ وَكَانَ دَعَا لَهَا فِي الْأُولَى قَالَ أَنْتِ مِنَ الْأَوَّلِينَ) هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ رُؤْيَاهُ الثَّانِيَةَ غَيْرُ الْأُولَى وَأَنَّهُ عَرَضَ فِيهَا غَيْرَ الْأَوَّلِينَ وَفِيهِ مُعْجِزَاتٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا إِخْبَارُهُ بِبَقَاءِ أُمَّتِهِ بَعْدَهُ وَأَنَّهُ تَكُونُ لَهُمْ شَوْكَةٌ وَقُوَّةٌ وَعَدَدٌ وَأَنَّهُمْ يَغْزُونَ وَأَنَّهُمْ يَرْكَبُونَ الْبَحْرَ وَأَنَّ أُمَّ حَرَامٍ تَعِيشُ إِلَى ذَلِكَ الزَّمَانِ وَأَنَّهَا تَكُونُ مَعَهُمْ وَقَدْ وُجِدَ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى كُلُّ ذَلِكَ وَفِيهِ فَضِيلَةٌلِتِلْكَ الْجُيُوشِ وَأَنَّهُمْ غُزَاةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ مَتَى جَرَتِ الْغَزْوَةُ الَّتِي تُوُفِّيَتْ فِيهَا أُمُّ حَرَامٍ فِي الْبَحْرِ وَقَدْ ذَكَرَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ فِي مُسْلِمٍ أَنَّهَا رَكِبَتِ الْبَحْرَ فِي زَمَانِ مُعَاوِيَةَ فَصُرِعَتْ عَنْ دَابَّتِهَا فَهَلَكَتْ قَالَ الْقَاضِي قَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ السِّيَرِ وَالْأَخْبَارِ إِنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَنَّ فِيهَا ركبت أم حرام وزوجها إلى قبرص فَصُرِعَتْ عَنْ دَابَّتِهَا هُنَاكَ فَتُوُفِّيَتْ وَدُفِنَتْ هُنَاكَ وَعَلَى هَذَا يَكُونُ .
قَوْلُهُ فِي زَمَانِ مُعَاوِيَةَ مَعْنَاهُ فِي زَمَانِ غَزْوِهِ فِي الْبَحْرِ لَا فِي أَيَّامِ خِلَافَتِهِ قَالَ وَقِيلَ بَلْ كَانَ ذَلِكَ فِي خِلَافَتِهِ قَالَ وَهُوَ أَظْهَرُ فِي دَلَالَةِ قَوْلِهِ فِي زَمَانِهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ جَوَازُ رُكُوبِ الْبَحْرِ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَكَذَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ وَكَرِهَ مَالِكٌ رُكُوبَهَ لِلنِّسَاءِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُنَّ غَالِبًا التَّسَتُّرُ فِيهِ وَلَا غَضُّ الْبَصَرِ عن المتصرفين فيه ولايؤمن انْكِشَافُ عَوْرَاتِهِنَّ فِي تَصَرُّفِهِنَّ لَا سِيَّمَا فِيمَا صَغُرَ مِنَ السُّفْيَانِ مَعَ ضَرُورَتِهِنَّ إِلَى قَضَاءِ الْحَاجَةِ بِحَضْرَةِ الرِّجَالِ قَالَ الْقَاضِي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مَنْعُ رُكُوبِهِ وَقِيلَ إِنَّمَا مَنَعَهُ الْعُمَرَانِ لِلتِّجَارَةِ وَطَلَبِ الدنيا لا للطاعات وقد روى عن بن عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّهْيُ عَنْ رُكُوبِ الْبَحْرِ إِلَّا لِحَاجٍّ أَوْ مُعْتَمِرٍ أَوْ غَازٍ وَضَعَّفَ أَبُو دَاوُدَ هَذَا الْحَدِيثَ.
وَقَالَ رُوَاتُهُ مَجْهُولُونَ وَاسْتَدَلَّ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْقِتَالَفِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى وَالْمَوْتَ فِيهِ سَوَاءٌ فِي الْأَجْرِ لِأَنَّ أُمَّ حَرَامٍ مَاتَتْ وَلَمْ تُقْتَلْ وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ لِذَلِكَ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقُلْ إِنَّهُمْ شُهَدَاءُ إِنَّمَا يَغْزُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَكِنْ قَدْ ذَكَرَ مُسْلِمٌ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي بَعْدَ هَذَا بِقَلِيلٍ حَدِيثَ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَنْ قتل في سبيل الله فهو شهيد ومن مَاتَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ .
قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى ( وَكَانَتْ أُمُّ حَرَامٍ تَحْتَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ فَدَخَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَطْعَمَتْهُ) .
وَقَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَتَزَوَّجَهَا عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ بَعْدُ فَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى أَنَّهَا كَانَتْ زَوْجَةً لِعُبَادَةَ حَالَ دُخُولِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهَا وَلَكِنَّ الرِّوَايَةَ الثَّانِيَةَ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّهُ إِنَّمَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَتُحْمَلُ الْأُولَى عَلَى مُوَافَقَةِ الثَّانِيَةِ وَيَكُونُ قَدْ أَخْبَرَ عَمَّا صار حالا لها بعد ذلك قوله ( وحدثناه مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحِ بْنِ الْمُهَاجِرِ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ) هَكَذَاأَوْ لِجَدِّهِ لِأَنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ كَانَتْ أُمُّهُ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ .
قَوْلُهُ ( تَفْلِي) بِفَتْحِ التَّاءِ وَإِسْكَانِ الْفَاءِ فِيهِ جَوَازُ فَلْيِ الرَّأْسِ وَقَتْلِ الْقَمْلِ مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ قَالَ أَصْحَابُنَا قَتْلُ الْقَمْلِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْمُؤْذِيَاتِ مُسْتَحَبٌّ وَفِيهِ جَوَازُ مُلَامَسَةِ الْمَحْرَمِ فِي الرَّأْسِ وَغَيْرِهِ مِمَّا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ وَجَوَازُ الْخَلْوَةِ بِالْمَحْرَمِ وَالنَّوْمِ عِنْدَهَا وَهَذَا كُلُّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَفِيهِ جَوَازُ أَكْلِ الضَّيْفِ عِنْدَ الْمَرْأَةِ الْمُزَوَّجَةِ مِمَّا قَدَّمَتْهُ لَهُ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ مِنْ مَالِ الزَّوْجِ وَيَعْلَمَ أَنَّهُ يَكْرَهُ أَكْلَهُ مِنْ طَعَامِهِ قَوْلُهَا ( فَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ) هَذَا الضَّحِكُ فَرَحًا وَسُرُورًا بِكَوْنِ أُمَّتِهِ تَبْقَى بَعْدَهُ مُتَظَاهِرَةً بِأُمُورِ الْإِسْلَامِ قَائِمَةً بِالْجِهَادِ حَتَّى فِي الْبَحْرِ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هَذَا الْبَحْرِ) الثَّبَجُ بِثَاءٍ مُثَلَّثَةٍ ثُمَّ بَاءٍ مُوَحَّدَةٍ مَفْتُوحَتَيْنِ ثُمَّ جِيمٍ وَهُوَ ظَهْرُهُ وَوَسَطُهُ وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى يَرْكَبُونَ ظَهْرَ الْبَحْرِ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( كَالْمُلُوكِ عَلَى الْأَسِرَّةِ) قِيلَ هُوَ صِفَةٌ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِذَا دَخَلُوا الْجَنَّةَ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ صِفَةٌ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا أَيْ يَرْكَبُونَ مَرَاكِبَ الْمُلُوكِ لِسَعَةِ حَالِهِمْ وَاسْتِقَامَةِ أَمْرِهِمْ وَكَثْرَةِ عَدَدِهِمْ قَوْلُهَا فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ ( ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِيَ مِنْهُمْ وَكَانَ دَعَا لَهَا فِي الْأُولَى قَالَ أَنْتِ مِنَ الْأَوَّلِينَ) هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ رُؤْيَاهُ الثَّانِيَةَ غَيْرُ الْأُولَى وَأَنَّهُ عَرَضَ فِيهَا غَيْرَ الْأَوَّلِينَ وَفِيهِ مُعْجِزَاتٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا إِخْبَارُهُ بِبَقَاءِ أُمَّتِهِ بَعْدَهُ وَأَنَّهُ تَكُونُ لَهُمْ شَوْكَةٌ وَقُوَّةٌ وَعَدَدٌ وَأَنَّهُمْ يَغْزُونَ وَأَنَّهُمْ يَرْكَبُونَ الْبَحْرَ وَأَنَّ أُمَّ حَرَامٍ تَعِيشُ إِلَى ذَلِكَ الزَّمَانِ وَأَنَّهَا تَكُونُ مَعَهُمْ وَقَدْ وُجِدَ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى كُلُّ ذَلِكَ وَفِيهِ فَضِيلَةٌلِتِلْكَ الْجُيُوشِ وَأَنَّهُمْ غُزَاةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ مَتَى جَرَتِ الْغَزْوَةُ الَّتِي تُوُفِّيَتْ فِيهَا أُمُّ حَرَامٍ فِي الْبَحْرِ وَقَدْ ذَكَرَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ فِي مُسْلِمٍ أَنَّهَا رَكِبَتِ الْبَحْرَ فِي زَمَانِ مُعَاوِيَةَ فَصُرِعَتْ عَنْ دَابَّتِهَا فَهَلَكَتْ قَالَ الْقَاضِي قَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ السِّيَرِ وَالْأَخْبَارِ إِنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَنَّ فِيهَا ركبت أم حرام وزوجها إلى قبرص فَصُرِعَتْ عَنْ دَابَّتِهَا هُنَاكَ فَتُوُفِّيَتْ وَدُفِنَتْ هُنَاكَ وَعَلَى هَذَا يَكُونُ .
قَوْلُهُ فِي زَمَانِ مُعَاوِيَةَ مَعْنَاهُ فِي زَمَانِ غَزْوِهِ فِي الْبَحْرِ لَا فِي أَيَّامِ خِلَافَتِهِ قَالَ وَقِيلَ بَلْ كَانَ ذَلِكَ فِي خِلَافَتِهِ قَالَ وَهُوَ أَظْهَرُ فِي دَلَالَةِ قَوْلِهِ فِي زَمَانِهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ جَوَازُ رُكُوبِ الْبَحْرِ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَكَذَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ وَكَرِهَ مَالِكٌ رُكُوبَهَ لِلنِّسَاءِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُنَّ غَالِبًا التَّسَتُّرُ فِيهِ وَلَا غَضُّ الْبَصَرِ عن المتصرفين فيه ولايؤمن انْكِشَافُ عَوْرَاتِهِنَّ فِي تَصَرُّفِهِنَّ لَا سِيَّمَا فِيمَا صَغُرَ مِنَ السُّفْيَانِ مَعَ ضَرُورَتِهِنَّ إِلَى قَضَاءِ الْحَاجَةِ بِحَضْرَةِ الرِّجَالِ قَالَ الْقَاضِي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مَنْعُ رُكُوبِهِ وَقِيلَ إِنَّمَا مَنَعَهُ الْعُمَرَانِ لِلتِّجَارَةِ وَطَلَبِ الدنيا لا للطاعات وقد روى عن بن عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّهْيُ عَنْ رُكُوبِ الْبَحْرِ إِلَّا لِحَاجٍّ أَوْ مُعْتَمِرٍ أَوْ غَازٍ وَضَعَّفَ أَبُو دَاوُدَ هَذَا الْحَدِيثَ.
وَقَالَ رُوَاتُهُ مَجْهُولُونَ وَاسْتَدَلَّ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْقِتَالَفِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى وَالْمَوْتَ فِيهِ سَوَاءٌ فِي الْأَجْرِ لِأَنَّ أُمَّ حَرَامٍ مَاتَتْ وَلَمْ تُقْتَلْ وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ لِذَلِكَ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقُلْ إِنَّهُمْ شُهَدَاءُ إِنَّمَا يَغْزُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَكِنْ قَدْ ذَكَرَ مُسْلِمٌ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي بَعْدَ هَذَا بِقَلِيلٍ حَدِيثَ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَنْ قتل في سبيل الله فهو شهيد ومن مَاتَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ .
قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى ( وَكَانَتْ أُمُّ حَرَامٍ تَحْتَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ فَدَخَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَطْعَمَتْهُ) .
وَقَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَتَزَوَّجَهَا عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ بَعْدُ فَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى أَنَّهَا كَانَتْ زَوْجَةً لِعُبَادَةَ حَالَ دُخُولِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهَا وَلَكِنَّ الرِّوَايَةَ الثَّانِيَةَ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّهُ إِنَّمَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَتُحْمَلُ الْأُولَى عَلَى مُوَافَقَةِ الثَّانِيَةِ وَيَكُونُ قَدْ أَخْبَرَ عَمَّا صار حالا لها بعد ذلك قوله ( وحدثناه مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحِ بْنِ الْمُهَاجِرِ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ) هَكَذَا( بَاب ثَوَابِ مَنْ حَبَسَهُ عَنْ الْغَزْوِ مَرَضٌ أَوْ عُذْرٌ آخَرُ)
[1912] كَانَ يدْخل على أم حرَام قَالَ بن عبد الْبر كَانَت إِحْدَى خالاته من الرضَاعَة تفلي بِفَتْح أَوله وَسُكُون الْفَاء ثبج هَذَا الْبَحْر بِفَتْح الْمُثَلَّثَة وَالْمُوَحَّدَة وجيم أَي ظَهره ووسطه ملوكا على الأسرة قَالَ النَّوَوِيّ قيل هُوَ صفة لَهُم فِي الْآخِرَة إِذا دخلُوا الْجنَّة وَالأَصَح أَنَّهَا صفة لَهُم فِي الدُّنْيَا أَي يركبون مراكب الْمُلُوك لسعة حَالهم واستقامة أَمرهم وَكَثْرَة عَددهمْ فِي زمَان مُعَاوِيَة قيل فِي خِلَافَته وَقيل فِي إمارته على غزَاة قبرس فِي خلَافَة عُثْمَان قَالَ القَاضِي وَعَلِيهِ أَكثر الْعلمَاء وَأهل السّير وَالْأَخْبَار
[ سـ
:3646 ... بـ
:1912]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ إِسْحَقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أُمِّ حَرَامٍ بِنْتِ مِلْحَانَ فَتُطْعِمُهُ وَكَانَتْ أُمُّ حَرَامٍ تَحْتَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ فَدَخَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فَأَطْعَمَتْهُ ثُمَّ جَلَسَتْ تَفْلِي رَأْسَهُ فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ قَالَتْ فَقُلْتُ مَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هَذَا الْبَحْرِ مُلُوكًا عَلَى الْأَسِرَّةِ أَوْ مِثْلَ الْمُلُوكِ عَلَى الْأَسِرَّةِ يَشُكُّ أَيَّهُمَا قَالَ قَالَتْ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ فَدَعَا لَهَا ثُمَّ وَضَعَ رَأْسَهُ فَنَامَ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ قَالَتْ فَقُلْتُ مَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَا قَالَ فِي الْأُولَى قَالَتْ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ قَالَ أَنْتِ مِنْ الْأَوَّلِينَ فَرَكِبَتْ أُمُّ حَرَامٍ بِنْتُ مِلْحَانَ الْبَحْرَ فِي زَمَنِ مُعَاوِيَةَ فَصُرِعَتْ عَنْ دَابَّتِهَا حِينَ خَرَجَتْ مِنْ الْبَحْرِ فَهَلَكَتْ
قَوْلُهُ : ( إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أُمِّ حَرَامٍ بِنْتِ مِلْحَانَ فَتُطْعِمُهُ وَتَفْلِي رَأْسَهَ ، وَيَنَامُ عِنْدَهَا ) اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ مَحْرَمًا لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَاخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ ذَلِكَ ؛ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُ : كَانَتْ إِحْدَى خَالَاتِهِ مِنَ الرَّضَاعَةِ ،.
وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ كَانَتْ خَالَةً لِأَبِيهِ أَوْ لِجَدِّهِ ؛ لِأَنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ كَانَتْ أُمُّهُ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ .
قَوْلُهُ : ( تَفْلِي ) بِفَتْحِ التَّاءِ وَإِسْكَانِ الْفَاءِ ، فِيهِ : جَوَازُ فَلْيِ الرَّأْسِ وَقَتْلِ الْقَمْلِ مِنْهُ ، وَمِنْ غَيْرِهِ ، قَالَ أَصْحَابُنَا : قَتْلُ الْقَمْلِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْمُؤْذِيَاتِ مُسْتَحَبٌّ .
وَفِيهِ : جَوَازُ مُلَامَسَةِ الْمَحْرَمِ فِي الرَّأْسِ وَغَيْرِهِ مِمَّا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ ، وَجَوَازُ الْخَلْوَةِ بِالْمَحْرَمِ وَالنَّوْمِ عِنْدَهَا ، وَهَذَا كُلُّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ .
وَفِيهِ : جَوَازُ أَكْلِ الضَّيْفِ عِنْدَ الْمَرْأَةِ الْمُزَوَّجَةِ مِمَّا قَدَّمَتْهُ لَهُ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ مِنْ مَالِ الزَّوْجِ ، وَيَعْلَمَ أَنَّهُ يَكْرَهُ أَكْلَهُ مِنْ طَعَامِهِ .
قَوْلُهَا : ( فَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ ) هَذَا الضَّحِكُ فَرَحًا وَسُرُورًا بِكَوْنِ أُمَّتِهِ تَبْقَى بَعْدَهُ مُتَظَاهِرَةً بِأُمُورِ الْإِسْلَامِ ، قَائِمَةً بِالْجِهَادِ ، حَتَّى فِي الْبَحْرِ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هَذَا الْبَحْرِ ) ( الثَّبَجُ ) بِثَاءٍ مُثَلَّثَةٍ ثُمَّ بَاءٍ مُوَحَّدَةٍ مَفْتُوحَتَيْنِ ثُمَّ جِيمٍ ، وَهُوَ : ظَهْرُهُ وَوَسَطُهُ ، وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى : ( يَرْكَبُونَ ظَهْرَ الْبَحْرِ ) .