هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
36 وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ ، قَالَ زُهَيْرٌ : حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا بَارِزًا لِلنَّاسِ ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ ، فَقَالَ : يَا رَسُولُ اللَّهِ ، مَا الْإِيمَانُ ؟ قَالَ : أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ ، وَمَلَائِكَتِهِ ، وَكِتَابِهِ ، وَلِقَائِهِ ، وَرُسُلِهِ ، وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ الْآخِرِ ، قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا الْإِسْلَامُ ؟ قَالَ : الْإِسْلَامُ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ ، وَلَا تُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا ، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ ، وَتُؤَدِّيَ الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا الْإِحْسَانُ ؟ قَالَ : أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ ، فَإِنَّكَ إِنْ لَا تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ ، قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهَ ، مَتَى السَّاعَةُ ؟ قَالَ : مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ ، وَلَكِنْ سَأُحَدِّثُكَ عَنْ أَشْرَاطِهَا : إِذَا وَلَدَتِ الْأَمَةُ رَبَّهَا ، فَذَاكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا ، وَإِذَا كَانَتِ الْعُرَاةُ الْحُفَاةُ رُءُوسَ النَّاسِ ، فَذَاكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا ، وَإِذَا تَطَاوَلَ رِعَاءُ الْبَهْمِ فِي الْبُنْيَانِ ، فَذَاكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا فِي خَمْسٍ لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ ، ثُمَّ تَلَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { إِنَّ اللَّهِ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } قَالَ : ثُمَّ أَدْبَرَ الرَّجُلُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : رُدُّوا عَلَيَّ الرَّجُلَ ، فَأَخَذُوا لِيَرُدُّوهُ ، فَلَمْ يَرَوْا شَيْئًا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هَذَا جِبْرِيلُ جَاءَ لِيُعَلِّمَ النَّاسَ دِينَهُمْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِيُّ ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ ، غَيْرَ أَنَّ فِي رِوَايَتِهِ : إِذَا وَلَدَتِ الْأَمَةُ بَعْلَهَا يَعْنِي السَّرَارِيَّ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
36 وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، وزهير بن حرب ، جميعا عن ابن علية ، قال زهير : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ، عن أبي حيان ، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير ، عن أبي هريرة ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما بارزا للناس ، فأتاه رجل ، فقال : يا رسول الله ، ما الإيمان ؟ قال : أن تؤمن بالله ، وملائكته ، وكتابه ، ولقائه ، ورسله ، وتؤمن بالبعث الآخر ، قال : يا رسول الله ، ما الإسلام ؟ قال : الإسلام أن تعبد الله ، ولا تشرك به شيئا ، وتقيم الصلاة المكتوبة ، وتؤدي الزكاة المفروضة ، وتصوم رمضان قال : يا رسول الله ، ما الإحسان ؟ قال : أن تعبد الله كأنك تراه ، فإنك إن لا تراه فإنه يراك ، قال : يا رسول الله ، متى الساعة ؟ قال : ما المسئول عنها بأعلم من السائل ، ولكن سأحدثك عن أشراطها : إذا ولدت الأمة ربها ، فذاك من أشراطها ، وإذا كانت العراة الحفاة رءوس الناس ، فذاك من أشراطها ، وإذا تطاول رعاء البهم في البنيان ، فذاك من أشراطها في خمس لا يعلمهن إلا الله ، ثم تلا صلى الله عليه وسلم : { إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير } قال : ثم أدبر الرجل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ردوا علي الرجل ، فأخذوا ليردوه ، فلم يروا شيئا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هذا جبريل جاء ليعلم الناس دينهم حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير ، حدثنا محمد بن بشر ، حدثنا أبو حيان التيمي ، بهذا الإسناد مثله ، غير أن في روايته : إذا ولدت الأمة بعلها يعني السراري
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

This hadith is narrated to us on the authority of Muhammad b. 'Abdullah b. Numair, on the authority of Muhammad b. Bishr, on the authority of Abd Hayyan al-Taymi with the exception that in this narration (instead of the words (Iza Waladat al'amah rabbaha), the words are (Iza Waladat al'amah Ba'laha), i, e, when slave-girl gives birth to her master.

شرح الحديث من شرح النووى على مسلم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   
[ سـ :36 ... بـ :9]
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ جَمِيعًا عَنْ ابْنِ عُلَيَّةَ قَالَ زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي حَيَّانَ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا بَارِزًا لِلنَّاسِ فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْإِيمَانُ قَالَ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكِتَابِهِ وَلِقَائِهِ وَرُسُلِهِ وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ الْآخِرِ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْإِسْلَامُ قَالَ الْإِسْلَامُ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا تُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ وَتُؤَدِّيَ الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ وَتَصُومَ رَمَضَانَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْإِحْسَانُ قَالَ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنَّكَ إِنْ لَا تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَتَى السَّاعَةُ قَالَ مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنْ السَّائِلِ وَلَكِنْ سَأُحَدِّثُكَ عَنْ أَشْرَاطِهَا إِذَا وَلَدَتْ الْأَمَةُ رَبَّهَا فَذَاكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا وَإِذَا كَانَتْ الْعُرَاةُ الْحُفَاةُ رُءُوسَ النَّاسِ فَذَاكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا وَإِذَا تَطَاوَلَ رِعَاءُ الْبَهْمِ فِي الْبُنْيَانِ فَذَاكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا فِي خَمْسٍ لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ ثُمَّ تَلَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ قَالَ ثُمَّ أَدْبَرَ الرَّجُلُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُدُّوا عَلَيَّ الرَّجُلَ فَأَخَذُوا لِيَرُدُّوهُ فَلَمْ يَرَوْا شَيْئًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا جِبْرِيلُ جَاءَ لِيُعَلِّمَ النَّاسَ دِينَهُمْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِيُّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّ فِي رِوَايَتِهِ إِذَا وَلَدَتْ الْأَمَةُ بَعْلَهَا يَعْنِي السَّرَارِيَّ

قَوْلُهُ فِي الْإِسْنَادِ الْآخَرِ : ( أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ ) وَهُوَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ فِي الطَّرِيقِ الْأُخْرَى .
وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ وَبَيَانُ حَالِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَحَالِ أَخِيهِ عُثْمَانَ وَأَبِيهِمَا مُحَمَّدٍ وَجَدِّهِمَا أَبِي شَيْبَةَ إِبْرَاهِيمَ وَأَخِيهِمَا الْقَاسِمِ ، وَأَنَّ اسْمَ أَبِي بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .


هَذَا الْإِسْنَادُ ( أَبُو حَيَّانَ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عُمَرَ وَابْنِ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ ) فَأَبُو حَيَّانَ بِالْمُثَنَّاةِ تَحْتُ وَاسْمُهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدِ بْنِ حَيَّانَ التَّيْمِيُّ تَيْمُ الرَّبَابِ الْكُوفِيُّ .


وَأَمَّا ( أَبُو زُرْعَةَ ) فَاسْمُهُ هَرَمٌ ، وَقِيلَ : عَمْرُو بْنُ عَمْرٍو ، وَقِيلَ عُبَيْدُ اللَّهِ ، وَقِيلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ .


قَوْلُهُ : ( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمًا بَارِزًا ) أَيْ : ظَاهِرًا وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ .


قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَلِقَائِهِ وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ الْآخِرِ ) هُوَ بِكَسْرِ الْخَاءِ .
وَاخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِالْجَمْعِ بَيْنَ الْإِيمَانِ بِلِقَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَالْبَعْثِ فَقِيلَ : اللِّقَاءُ يَحْصُلُ بِالِانْتِقَالِ إِلَى دَارِ الْجَزَاءِ ، وَالْبَعْثُ بَعْدَهُ عِنْدَ قِيَامِ السَّاعَةِ .
وَقِيلَ : اللِّقَاءُ مَا يَكُونُ بَعْدَ الْبَعْثِ عِنْدَ الْحِسَابِ ، ثُمَّ لَيْسَ الْمُرَادُ بِاللِّقَاءِ رُؤْيَةَ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّ أَحَدًا لَا يَقْطَعُ لِنَفْسِهِ بِرُؤْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّ الرُّؤْيَةَ مُخْتَصَّةٌ بِالْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَدْرِي الْإِنْسَانُ بِمَاذَا يُخْتَمُ لَهُ .


وَأَمَّا وَصْفُ الْبَعْثِ بِالْآخِرِ فَقِيلَ : هُوَ مُبَالَغَةٌ فِي الْبَيَانِ وَالْإِيضَاحِ وَذَلِكَ لِشِدَّةِ الِاهْتِمَامِ بِهِ ، وَقِيلَ سَبَبُهُ أَنَّ خُرُوجَ الْإِنْسَانِ إِلَى الدُّنْيَا بَعْثٌ مِنَ الْأَرْحَامِ ، وَخُرُوجَهُ مِنَ الْقَبْرِ لِلْحَشْرِ بَعْثٌ مِنَ الْأَرْضِ .
فَقَيَّدَ الْبَعْثَ بِالْآخِرِ لِيَتَمَيَّزَ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .


قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( الْإِسْلَامُ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا تُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا ، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ ...إِلَى آخِرِهِ ) أَمَّا الْعِبَادَةُ فَهِيَ الطَّاعَةُ مَعَ خُضُوعٍ ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْعِبَادَةِ هُنَا مَعْرِفَةُ اللَّهِ تَعَالَى وَالْإِقْرَارُ .
فَعَلَى هَذَا يَكُونُ عَطْفُ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالزَّكَاةِ عَلَيْهَا لِإِدْخَالِهَا فِي الْإِسْلَامِ ; فَإِنَّهَا لَمْ تَكُنْ دَخَلَتْ فِي الْعِبَادَةِ ، وَعَلَى هَذَا إِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى هَذِهِ الثَّلَاثِ لِكَوْنِهَا مِنْ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ ، وَأَظْهَرِ شَعَائِرِهِ ، وَالْبَاقِي مُلْحَقٌ بِهَا .
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْعِبَادَةِ الطَّاعَةُ مُطْلَقًا فَيَدْخُلُ جَمِيعُ وَظَائِفِ الْإِسْلَامِ فِيهَا .
فَعَلَى هَذَا يَكُونُ عَطْفُ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا مِنْ بَابِ ذِكْرِ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ تَنْبِيهًا عَلَى شَرَفِهِ وَمَزِيَّتِهِ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى : وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَنَظَائِرِهِ .


وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( لَا تُشْرِكُ بِهِ ) فَإِنَّمَا ذَكَرَهُ بَعْدَ الْعِبَادَةِ ; لِأَنَّ الْكُفَّارَ كَانُوا يَعْبُدُونَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي الصُّورَةِ ، وَيَعْبُدُونَ مَعَهُ أَوْثَانًا يَزْعُمُونَ أَنَّهَا شُرَكَاءُ ، فَنَفَى هَذَا .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .


قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ ، وَتُؤَدِّيَ الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ ) أَمَّا تَقْيِيدُ الصَّلَاةِ بِالْمَكْتُوبَةِ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى : إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا وَقَدْ جَاءَ فِي أَحَادِيثَ وَصْفُهَا بِالْمَكْتُوبَةِ كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إِلَّا الْمَكْتُوبَةُ ، وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ ، وَخَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللَّهُ وَأَمَّا تَقْيِيدُ الزَّكَاةِ بِالْمَفْرُوضَةِ وَهِيَ الْمُقَدَّرَةُ فَقِيلَ : احْتِرَازٌ مِنَ الزَّكَاةِ الْمُعَجَّلَةِ قَبْلَ الْحَوْلِ فَإِنَّهَا زَكَاةٌ وَلَيْسَتْ مَفْرُوضَةً .
وَقِيلَ : إِنَّمَا فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ فِي التَّقْيِيدِ لِكَرَاهَةِ تَكْرِيرِ اللَّفْظِ الْوَاحِدِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَقْيِيدُ الزَّكَاةِ بِالْمَفْرُوضَةِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ فَإِنَّهَا زَكَاةٌ لُغَوِيَّةٌ .


وَأَمَّا مَعْنَى إِقَامَةِ الصَّلَاةِ فَقِيلَ فِيهِ قَوْلَانِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ إِدَامَتُهَا وَالْمُحَافَظَةُ عَلَيْهَا ،

وَالثَّانِي : إِتْمَامُهَا عَلَى وَجْهِهَا .
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ : وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ .
قُلْتُ : وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : " اعْتَدِلُوا فِي الصُّفُوفِ فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصَّفِّ مِنْ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ " مَعْنَاهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ : مِنْ إِقَامَتِهَا الْمَأْمُورِ بِهَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَهَذَا يُرَجِّحُ الْقَوْلَ الثَّانِيَ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .


وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ( وَتَصُومَ رَمَضَانَ ) فَفِيهِ حُجَّةٌ لِمَذْهَبِ الْجَمَاهِيرِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِي قَوْلِ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِالشَّهْرِ خِلَافًا لِمَنْ كَرِهَهُ وَسَتَأْتِي الْمَسْأَلَةُ فِي كِتَابِ الصِّيَامِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - مُوَضَّحَةً بِدَلَائِلِهَا وَشَوَاهِدِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ .


قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ( سَأُحَدِّثُكَ عَنْ أَشْرَاطِهَا ) هِيَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ .
وَاحِدُهَا ( شَرَطٌ ) بِفَتْحِ الشِّينِ وَالرَّاءِ ، وَالْأَشْرَاطُ : الْعَلَامَاتُ .
وَقِيلَ : مُقَدِّمَاتُهَا وَقِيلَ : صِغَارُ أُمُورِهَا قَبْلَ تَمَامِهَا وَكُلُّهُ مُتَقَارِبٌ .


قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ( وَإِذَا تَطَاوَلَ رِعَاءُ الْبَهْمِ ) هُوَ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَإِسْكَانِ الْهَاءِ وَهِيَ الصِّغَارُ مِنْ أَوْلَادِ الْغَنَمِ ، الضَّأْنِ وَالْمَعْزِ جَمِيعًا .
وَقِيلَ : أَوْلَادُ الضَّأْنِ خَاصَّةً .
وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْجَوْهَرِيُّ فِي صِحَاحِهِ ، وَالْوَاحِدَةُ بَهْمَةٌ .
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ : وَهِيَ تَقَعُ عَلَى الْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ .
وَالسِّخَالُ أَوْلَادُ الْمِعْزَى .
قَالَ : فَإِذَا جَمَعْتَ بَيْنَهُمَا قُلْتَ بِهَامٌ وَبَهْمٌ أَيْضًا .
وَقِيلَ : إِنَّ الْبَهْمَ يَخْتَصُّ بِأَوْلَادِ الْمَعْزِ .
وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْقَاضِي عِيَاضٌ بِقَوْلِهِ : وَقَدْ يَخْتَصُّ بِالْمَعْزِ .


وَأَصْلُهُ كُلُّ مَا اسْتَبْهَمَ عَنِ الْكَلَامِ ، وَمِنْهُ الْبَهِيمَةُ .
وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ ( رِعَاءُ الْإِبِلِ الْبُهْمُ ) بِضَمِّ الْبَاءِ .
وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ بِفَتْحِهَا ، وَلَا وَجْهَ لَهُ مَعَ ذِكْرِ الْإِبِلِ .
قَالَ : وَرُوِّينَاهُ بِرَفْعِ الْمِيمِ وَجَرِّهَا فَمَنْ رَفَعَ جَعَلَهُ صِفَةً لِرِعَاءٍ أَيْ أَنَّهُمْ سُودٌ .
وَقِيلَ : لَا شَيْءَ لَهُمْ .
قَالَ الْخَطَّابِيُّ : هُوَ جَمْعُ بَهِيمٍ وَهُوَ الْمَجْهُولُ الَّذِي لَا يُعْرَفُ ، وَمِنْهُ أَبْهَمَ الْأَمْرَ .
وَمَنْ جَرَّ الْمِيمَ جَعَلَهُ صِفَةً لِلْإِبِلِ : أَيِ السُّودِ لِرَدَاءَتِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ .


قَوْلُهُ : ( يَعْنِي السَّرَارِيَّ ) هُوَ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ ، وَيَجُوزُ تَخْفِيفُهَا لُغَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ الْوَاحِدَةُ سُرِّيَّةٌ بِالتَّشْدِيدِ لَا غَيْرُ .
قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي إِصْلَاحِ الْمَنْطِقِ : كُلُّ مَا كَانَ وَاحِدُهُ مُشَدَّدًا مِنْ هَذَا النَّوْعِ جَازَ فِي جَمْعِهِ التَّشْدِيدُ وَالتَّخْفِيفُ وَالسُّرِّيَّةُ : الْجَارِيَةُ الْمُتَّخَذَةُ لِلْوَطْءِ .
مَأْخُوذَةٌ مِنَ السِّرِّ وَهُوَ النِّكَاحُ .
قَالَ الْأَزْهَرِيُّ : السُّرِّيَّةُ فُعْلِيَّةٌ مِنَ السِّرِّ وَهُوَ النِّكَاحُ .
قَالَ : وَكَانَ أَبُو الْهَيْثَمِ يَقُولُ : السُّرُّ السُّرُورُ فَقِيلَ لَهَا سُرِّيَّةُ لِأَنَّهَا سُرُورُ مَالِكِهَا .
قَالَ الْأَزْهَرِيُّ : وَهَذَا الْقَوْلُ أَحْسَنُ ، وَالْأَوَّلُ أَكْثَرُ .