هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3467 حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ ، وَاللَّفْظُ لِابْنِ عَبَّادٍ ، قَالَا : حَدَّثَنَا حَاتِمٌ وَهُوَ ابْنُ إِسْمَاعِيلَ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ ، مَوْلَى سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ ، قَالَ : خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى خَيْبَرَ ، فَتَسَيَّرْنَا لَيْلًا ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ لِعَامِرِ بْنِ الْأَكْوَعِ : أَلَا تُسْمِعُنَا مِنْ هُنَيْهَاتِكَ ، وَكَانَ عَامِرٌ رَجُلًا شَاعِرًا ، فَنَزَلَ يَحْدُو بِالْقَوْمِ ، يَقُولُ : اللَّهُمَّ لَوْلَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا ، وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا فَاغْفِرْ فِدَاءً لَكَ مَا اقْتَفَيْنَا ، وَثَبِّتِ الْأَقْدَامَ إِنْ لَاقَيْنَا ، وَأَلْقِيَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا ، إِنَّا إِذَا صِيحَ بِنَا أَتَيْنَا ، وَبِالصِّيَاحِ عَوَّلُوا عَلَيْنَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ هَذَا السَّائِقُ ؟ قَالُوا : عَامِرٌ ، قَالَ : يَرْحَمُهُ اللَّهُ ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ : وَجَبَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، لَوْلَا أَمْتَعْتَنَا بِهِ ، قَالَ : فَأَتَيْنَا خَيْبَرَ ، فَحَاصَرْنَاهُمْ حَتَّى أَصَابَتْنَا مَخْمَصَةٌ شَدِيدَةٌ ، ثُمَّ قَالَ : إِنَّ اللَّهَ فَتَحَهَا عَلَيْكُمْ ، قَالَ : فَلَمَّا أَمْسَى النَّاسُ مَسَاءَ الْيَوْمِ الَّذِي فُتِحَتْ عَلَيْهِمْ ، أَوْقَدُوا نِيرَانًا كَثِيرَةً ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا هَذِهِ النِّيرَانُ ؟ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ تُوقِدُونَ ؟ فَقَالُوا : عَلَى لَحْمٍ ، قَالَ : أَيُّ لَحْمٍ ؟ قَالُوا : لَحْمُ حُمُرِ الْإِنْسِيَّةِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَهْرِيقُوهَا ، وَاكْسِرُوهَا ، فَقَالَ رَجُلٌ : أَوْ يُهْرِيقُوهَا وَيَغْسِلُوهَا ؟ فَقَالَ : أَوْ ذَاكَ ، قَالَ : فَلَمَّا تَصَافَّ الْقَوْمُ كَانَ سَيْفُ عَامِرٍ فِيهِ قِصَرٌ ، فَتَنَاوَلَ بِهِ سَاقَ يَهُودِيٍّ لِيَضْرِبَهُ ، وَيَرْجِعُ ذُبَابُ سَيْفِهِ ، فَأَصَابَ رُكْبَةَ عَامِرٍ فَمَاتَ مِنْهُ ، قَالَ : فَلَمَّا قَفَلُوا ، قَالَ سَلَمَةُ وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِي : قَالَ : فَلَمَّا رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاكِتًا ، قَالَ : مَا لَكَ ؟ قُلْتُ لَهُ : فَدَاكَ أَبِي وَأُمِّي زَعَمُوا أَنَّ عَامِرًا حَبِطَ عَمَلُهُ ، قَالَ : مَنْ قَالَهُ ؟ قُلْتُ : فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَأُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ الْأَنْصَارِيُّ ، فَقَالَ : كَذَبَ مَنْ قَالَهُ ، إِنَّ لَهُ لَأَجْرَيْنِ وَجَمَعَ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ ، إِنَّهُ لَجَاهِدٌ مُجَاهِدٌ قَلَّ عَرَبِيٌّ مَشَى بِهَا مِثْلَهُ ، وَخَالَفَ قُتَيْبَةُ مُحَمَّدًا فِي الْحَدِيثِ فِي حَرْفَيْنِ ، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّادٍ : وَأَلْقِ سَكِينَةً عَلَيْنَا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3467 حدثنا قتيبة بن سعيد ، ومحمد بن عباد ، واللفظ لابن عباد ، قالا : حدثنا حاتم وهو ابن إسماعيل ، عن يزيد بن أبي عبيد ، مولى سلمة بن الأكوع ، عن سلمة بن الأكوع ، قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبر ، فتسيرنا ليلا ، فقال رجل من القوم لعامر بن الأكوع : ألا تسمعنا من هنيهاتك ، وكان عامر رجلا شاعرا ، فنزل يحدو بالقوم ، يقول : اللهم لولا أنت ما اهتدينا ، ولا تصدقنا ولا صلينا فاغفر فداء لك ما اقتفينا ، وثبت الأقدام إن لاقينا ، وألقين سكينة علينا ، إنا إذا صيح بنا أتينا ، وبالصياح عولوا علينا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من هذا السائق ؟ قالوا : عامر ، قال : يرحمه الله ، فقال رجل من القوم : وجبت يا رسول الله ، لولا أمتعتنا به ، قال : فأتينا خيبر ، فحاصرناهم حتى أصابتنا مخمصة شديدة ، ثم قال : إن الله فتحها عليكم ، قال : فلما أمسى الناس مساء اليوم الذي فتحت عليهم ، أوقدوا نيرانا كثيرة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما هذه النيران ؟ على أي شيء توقدون ؟ فقالوا : على لحم ، قال : أي لحم ؟ قالوا : لحم حمر الإنسية ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أهريقوها ، واكسروها ، فقال رجل : أو يهريقوها ويغسلوها ؟ فقال : أو ذاك ، قال : فلما تصاف القوم كان سيف عامر فيه قصر ، فتناول به ساق يهودي ليضربه ، ويرجع ذباب سيفه ، فأصاب ركبة عامر فمات منه ، قال : فلما قفلوا ، قال سلمة وهو آخذ بيدي : قال : فلما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم ساكتا ، قال : ما لك ؟ قلت له : فداك أبي وأمي زعموا أن عامرا حبط عمله ، قال : من قاله ؟ قلت : فلان وفلان وأسيد بن حضير الأنصاري ، فقال : كذب من قاله ، إن له لأجرين وجمع بين إصبعيه ، إنه لجاهد مجاهد قل عربي مشى بها مثله ، وخالف قتيبة محمدا في الحديث في حرفين ، وفي رواية ابن عباد : وألق سكينة علينا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

It has been narrated on the authority of Salama b. al-Akwa' who said:

We marched upon Khaibar with the Messenger of Allah (ﷺ). We journeyed during the night. One of the people said to (my brother) 'Amir b. al-Akwa': Won't you recite to us some of your verses? Amir was a poet. So he began to chant his verses to urge the camels, reciting: O God, if Thou hadst not guided us We would have neither been guided rightly nor practised charity, Nor offered prayers. We wish to lay down our lives for Thee; so forgive Thou our lapses, And keep us steadfast when we encounter (our enemies). Bestow upon us peace and tranquillity. Behold, when with a cry they called upon us to help. The Messenger of Allah (ﷺ) said: Who is this driver (of the camels)? They said: It is 'Amir. He said: God will show mercy to him. A man said: Martyrdom is reserved for him. Messenger of Allah, would that you had allowed us to benefit ourselves from his life. (The narrator says): We reached Khaibar and besieged them, and (we continued the siege) until extreme hunger afflicted us. Then the Messenger of Allah (ﷺ) said: Behold, God has conquered it for you. When it was evening of the day on which the city was conquered. the Muslims lit many fires. The Messenger of Allah (ﷺ) said: What are these fires? And what are they cooking? They said: They are cooking meat. He asked. Which meat? They said: That of domestic asses. He said: Let them throw it away and break the pots (in which it is being cooked). A man said: Or should they throw it away and wash the pots? He said: They may do that. When the people drew themselves up in battle array 'Amir caught hold of his sword that was rather short He drove a Jew before him to strike him with it. (As he struck him), his sword recoiled and struck his own knee, and 'Amir died of the wound. When the people returned (after the conquest of Kliaibar) and he (Salama) had caught hold of my hand, and said: The Messenger of Allah (ﷺ) saw that I was silent (and dejected) ; he said: What's the matter with thee? I said to him: My father and my mother be thy ransom, people presume that 'Amir's sacrifice has been in vain. He asked: Who has said that? I said: So and so and Usaid b. Hudair al-Ansari. He said: Who has said that has lied. For him (for 'Amir) there is a double reward. (He indicated this by putting two of his fingers together.) He was a devotee of God and a warrior fighting for His cause. There will be hardly any Arab who can fight as bravely as he did. Qutaiba has differed in a few words.

شرح الحديث من شرح النووى على مسلم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   
[ سـ :3467 ... بـ :1802]
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ وَاللَّفْظُ لِابْنِ عَبَّادٍ قَالَا حَدَّثَنَا حَاتِمٌ وَهُوَ ابْنُ إِسْمَعِيلَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ مَوْلَى سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى خَيْبَرَ فَتَسَيَّرْنَا لَيْلًا فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ لِعَامِرِ بْنِ الْأَكْوَعِ أَلَا تُسْمِعُنَا مِنْ هُنَيْهَاتِكَ وَكَانَ عَامِرٌ رَجُلًا شَاعِرًا فَنَزَلَ يَحْدُو بِالْقَوْمِ يَقُولُ
اللَّهُمَّ لَوْلَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا فَاغْفِرْ فِدَاءً لَكَ مَا اقْتَفَيْنَا
وَثَبِّتْ الْأَقْدَامَ إِنْ لَاقَيْنَا وَأَلْقِيَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا
إِنَّا إِذَا صِيحَ بِنَا أَتَيْنَا وَبِالصِّيَاحِ عَوَّلُوا عَلَيْنَا
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ هَذَا السَّائِقُ قَالُوا عَامِرٌ قَالَ يَرْحَمُهُ اللَّهُ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ وَجَبَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْلَا أَمْتَعْتَنَا بِهِ قَالَ فَأَتَيْنَا خَيْبَرَ فَحَاصَرْنَاهُمْ حَتَّى أَصَابَتْنَا مَخْمَصَةٌ شَدِيدَةٌ ثُمَّ قَالَ إِنَّ اللَّهَ فَتَحَهَا عَلَيْكُمْ قَالَ فَلَمَّا أَمْسَى النَّاسُ مَسَاءَ الْيَوْمِ الَّذِي فُتِحَتْ عَلَيْهِمْ أَوْقَدُوا نِيرَانًا كَثِيرَةً فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا هَذِهِ النِّيرَانُ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ تُوقِدُونَ فَقَالُوا عَلَى لَحْمٍ قَالَ أَيُّ لَحْمٍ قَالُوا لَحْمُ حُمُرِ الْإِنْسِيَّةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْرِيقُوهَا وَاكْسِرُوهَا فَقَالَ رَجُلٌ أَوْ يُهْرِيقُوهَا وَيَغْسِلُوهَا فَقَالَ أَوْ ذَاكَ قَالَ فَلَمَّا تَصَافَّ الْقَوْمُ كَانَ سَيْفُ عَامِرٍ فِيهِ قِصَرٌ فَتَنَاوَلَ بِهِ سَاقَ يَهُودِيٍّ لِيَضْرِبَهُ وَيَرْجِعُ ذُبَابُ سَيْفِهِ فَأَصَابَ رُكْبَةَ عَامِرٍ فَمَاتَ مِنْهُ قَالَ فَلَمَّا قَفَلُوا قَالَ سَلَمَةُ وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِي قَالَ فَلَمَّا رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاكِتًا قَالَ مَا لَكَ قُلْتُ لَهُ فَدَاكَ أَبِي وَأُمِّي زَعَمُوا أَنَّ عَامِرًا حَبِطَ عَمَلُهُ قَالَ مَنْ قَالَهُ قُلْتُ فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَأُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ الْأَنْصَارِيُّ فَقَالَ كَذَبَ مَنْ قَالَهُ إِنَّ لَهُ لَأَجْرَيْنِ وَجَمَعَ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ إِنَّهُ لَجَاهِدٌ مُجَاهِدٌ قَلَّ عَرَبِيٌّ مَشَى بِهَا مِثْلَهُ وَخَالَفَ قُتَيْبَةُ مُحَمَّدًا فِي الْحَدِيثِ فِي حَرْفَيْنِ وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّادٍ وَأَلْقِ سَكِينَةً عَلَيْنَا

قَوْلُهُ : ( أَلَا تُسْمِعُنَا مِنْ هُنَيَّاتِكَ ؟ ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ ( مِنْ هُنَيْهَاتِكَ ) أَيْ : أَرَاجِيزِكَ ، وَالْهَنَةُ يَقَعُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ ، وَفِيهِ جَوَازُ إِنْشَاءِ الْأَرَاجِيزِ وَغَيْرِهَا مِنَ الشِّعْرِ وَسَمَاعِهَا مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ كَلَامٌ مَذْمُومٌ ، وَالشِّعْرُ كَلَامٌ حَسَنُهُ حَسَنٌ ، وَقَبِيحُهُ قَبِيحٌ .


قَوْلُهُ : ( فَنَزَلَ يَحْدُو بِالْقَوْمِ ) فِيهِ اسْتِحْبَابُ الْحُدَا فِي الْأَسْفَارِ ، لِتَنْشِيطِ النُّفُوسِ وَالدَّوَابِّ عَلَى قَطْعِ الطَّرِيقِ وَاشْتِغَالِهَا بِسَمَاعِهِ عَنِ الْإِحْسَاسِ بِأَلَمِ السَّيْرِ .


قَوْلُهُ : ( اللَّهُمَّ لَوْلَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا ) كَذَا الرِّوَايَةُ قَالُوا وَصَوَابُهُ فِي الْوَزْنِ ( لَاهُمَّ ، أَوْ : تَاللَّهِ ، أو : وَاللَّهِ لَوْلَا أَنْتَ ) كَمَا فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ ( فَوَاللَّهِ لَوْلَا اللَّهُ ) .


قَوْلُهُ : ( فَاغْفِرْ فِدَاءً لَكَ مَا اقْتَفَيْنَا ) قَالَ الْمَازِرِيُّ : هَذِهِ اللَّفْظَةُ مُشْكِلَةٌ ، فَإِنَّهُ لَا يُقَالُ : فَدَى الْبَارِي سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ، وَلَا يُقَالُ لَهُ سُبْحَانَهُ فَدَيْتُكَ ; لِأَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا يُسْتَعْمَلُ فِي مَكْرُوهٍ يُتَوَقَّعُ حُلُولُهُ بِالشَّخْصِ فَيَخْتَارُ شَخْصٌ آخَرُ أَنْ يَحِلَّ ذَلِكَ بِهِ وَيَفْدِيهِ مِنْهُ ، قَالَ : وَلَعَلَّ هَذَا مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ إِلَى حَقِيقَةِ مَعْنَاهُ ، كَمَا يُقَالُ : قَاتَلَهُ اللَّهُ ، وَلَا يُرَادُ بِذَلِكَ حَقِيقَةَ الدُّعَاءِ عَلَيْهِ ، وَكَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( تَرِبَتْ يَدَاكَ وَتَرِبَتْ يَمِينُكَ وَوَيْلُ أُمِّهِ ) وَفِيهِ كُلُّهُ ضَرْبٌ مِنَ الِاسْتِعَارَةِ ; لِأَنَّ الْفَادِيَ مُبَالِغٌ فِي طَلَبِ رِضَا الْمُفَدَى حِينَ بَذَلَ نَفْسَهُ عَنْ نَفْسِهِ لِلْمَكْرُوهِ ، فَكَانَ مُرَادُ الشَّاعِرِ أَنِّي أَبْذُلُ نَفْسِي فِي رِضَاكَ ، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ ، فَإِنَّ الْمَعْنَى وَإِنْ أَمْكَنَ صَرْفُهُ إِلَى جِهَةٍ صَحِيحَةٍ ، فَإِطْلَاقُ اللَّفْظِ وَاسْتِعَارَتُهُ وَالتَّجَوُّزُ بِهِ يَفْتَقِرُ إِلَى وُرُودِ الشَّرْعِ بِالْإِذْنِ فِيهِ ، قَالَ : وَقَدْ يَكُونُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ : فِدَاءٌ لَكَ ، رَجُلًا يُخَاطِبُهُ ، وَفَصَلَ بَيْنَ الْكَلَامِ ، فَكَأَنَّهُ قَالَ : فَاغْفِرْ ثُمَّ دَعَا إِلَى رَجُلٍ يُنَبِّهُهُ ، فَقَالَ : فِدَا لَكَ ، ثُمَّ عَادَ إِلَى تَمَامِ الْكَلَامِ الْأَوَّلِ فَقَالَ : مَا اقْتَفَيْنَا ، قَالَ : وَهَذَا تَأْوِيلٌ يَصِحُّ مَعَهُ اللَّفْظُ وَالْمَعْنَى ، لَوْلَا أَنَّ فِيهِ تَعَسُّفًا اضْطَرَّنَا إِلَيْهِ تَصْحِيحُ الْكَلَامِ ، وَقَدْ يَقَعُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ مِنَ الْفَصْلِ بَيْنَ الْجُمَلِ الْمُعَلَّقِ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ مَا يُسَهِّلُ هَذَا التَّأْوِيلَ .


قَوْلُهُ : ( إِذَا صِيحَ بِنَا أَتَيْنَا ) هَكَذَا هُوَ فِي نُسَخِ بِلَادِنَا ( أَتَيْنَا ) بِالْمُثَنَّاةِ فِي أَوَّلِهِ ، وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّهُ رُوِيَ بِالْمُثَنَّاةِ وَبِالْمُوَحَّدَةِ ، فَمَعْنَى الْمُثَنَّاةِ : إِذَا صِيحَ بِنَا لِلْقِتَالِ وَنَحْوِهِ مِنَ الْمَكَارِمِ أَتَيْنَا ، وَمَعْنَى الْمُوَحَّدَةِ : أَبَيْنَا الْفِرَارَ وَالِامْتِنَاعَ ، قَالَ الْقَاضِي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - : قَوْلُهُ : ( فِدَاءً لَكَ ) بِالْمَدِّ وَالْقَصْرِ ، وَالْفَاءُ مَكْسُورَةٌ ، حَكَاهُ الْأَصْمَعِيُّ وَغَيْرُهُ ، فَأَمَّا فِي الْمَصْدَرِ فَالْمَدُّ لَا غَيْرَ ، قَالَ : وَحَكَى الْفَرَّاءُ ( فَدًى لَكَ ) مَفْتُوحٌ مَقْصُورٌ ، وَرُوِّينَاهُ هُنَا ( فِدَاءٌ لَكَ ) بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ ، أَيْ لَكَ نَفْسِي فِدَاءٌ ، أَوْ : نَفْسِي فِدَاءٌ لَكَ ، وَالنَّصْبُ عَلَى الْمَصْدَرِ .
وَمَعْنَى ( اقْتَفَيْنَا ) : اكْتَسَبْنَا ، وَأَصْلُهُ الِاتِّبَاعُ .


قَوْلُهُ : ( وَبِالصِّيَاحِ عَوَّلُوا عَلَيْنَا ) اسْتَغَاثُوا بِنَا ، وَاسْتَفْزَعُونَا لِلْقِتَالِ ، قِيلَ : هِيَ مِنَ التَّعْوِيلِ عَلَى الشَّيْءِ وَهُوَ الِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ ، قِيلَ : مِنَ الْعَوِيلِ وَهُوَ الصَّوْتُ .


قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ هَذَا السَّائِقُ ؟ قَالُوا : عَامِرٌ ، قَالَ : يَرْحَمُهُ اللَّهُ ، قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ : وَجَبَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْلَا أَمْتَعْتَنَا بِهِ ) مَعْنَى ( وَجَبَتْ ) أَيْ : ثَبَتَتْ لَهُ الشَّهَادَةُ ، وَسَيَقَعُ قَرِيبًا ، وَكَانَ هَذَا مَعْلُومًا عِنْدَهُمْ أَنَّ مَنْ دَعَا لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الدُّعَاءَ فِي هَذَا الْمَوْطِنِ اسْتُشْهِدَ ، فَقَالُوا : ( هَلَّا أَمْتَعْتَنَا بِهِ ) أَيْ : وَدِدْنَا أَنَّكَ لَوْ أَخَّرْتَ الدُّعَاءَ لَهُ بِهَذَا إِلَى وَقْتٍ آخَرَ ; لِنَتَمَتَّعَ بِمُصَاحَبَتِهِ وَرُؤْيَتِهِ مُدَّةً .


قَوْلُهُ : ( أَصَابَتْنَا مَخْمَصَةٌ شَدِيدَةٌ ) أَيْ جُوعٌ شَدِيدٌ .


قَوْلُهُ : ( لَحْمُ حُمُرِ الْإِنْسِيَّةِ ) هَكَذَا هُوَ ( حُمُرِ الْإِنْسِيَّةِ ) بِإِضَافَةِ حُمُرٍ ، وَهُوَ مِنْ إِضَافَةِ الْمَوْصُوفِ إِلَى صِفَتِهِ ، وَسَبَقَ بَيَانُهُ مَرَّاتٍ ، فَعَلَى هَذَا قَوْلُ الْكُوفِيِّينَ هُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ ، وَعِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ تَقْدِيرُهُ حُمُرُ الْحَيَوَانَاتِ الْإِنْسِيَّةِ ، وَأَمَّا ( الْإِنْسِيَّةُ ) : فَفِيهَا لُغَتَانِ وَرِوَايَتَانِ حَكَاهُمَا الْقَاضِي عِيَاضٌ وَآخَرُونَ ، أَشْهَرُهُمَا : كَسْرُ الْهَمْزَةِ وَإِسْكَانُ النُّونِ .
قَالَ الْقَاضِي : هَذِهِ رِوَايَةُ أَكْثَرِ الشُّيُوخِ ، وَالثَّانِيَةُ : فَتْحُهُمَا جَمِيعًا ، وَهُمَا جَمِيعًا نِسْبَةٌ إِلَى الْإِنْسِ ، وَهُمُ النَّاسُ ، لِاخْتِلَاطِهَا بِالنَّاسِ بِخِلَافِ حُمُرِ الْوَحْشِ .


قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَهْرِيقُوهَا وَاكْسِرُوهَا ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى نَجَاسَةِ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ ، وَهُوَ مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ ، وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ هَذَا الْحَدِيثِ وَشَرْحُهُ مَعَ بَيَانِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ ، وَمُخْتَصَرُ الْأَمْرِ بِإِرَاقَتِهِ : أَنَّ السَّبَبَ الصَّحِيحَ فِيهِ أَنَّهُ أَمَرَ بِإِرَاقَتِهَا لِأَنَّهَا نَجِسَةٌ مُحَرَّمَةٌ .
وَالثَّانِي : أَنَّهُ نَهَى لِلْحَاجَةِ إِلَيْهَا ، وَالثَّالِثُ : لِأَنَّهَا أَخَذُوهَا قَبْلَ الْقِسْمَةِ ، وَهَذَانِ التَّأْوِيلَانِ هُمَا لِأَصْحَابِ مَالِكٍ الْقَائِلِينَ بِإِبَاحَةِ لُحُومِهَا ، وَالصَّوَابُ مَا قَدَّمْنَاهُ .


وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( اكْسِرُوهَا ، فَقَالَ رَجُلٌ : أَوْ يُهْرِيقُوهَا وَيَغْسِلُوهَا ، قَالَ : أَوْ ذَاكَ ) فَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اجْتَهَدَ فِي ذَلِكَ ، فَرَأَى كَسْرَهَا ثُمَّ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ أَوْ أُوحِيَ إِلَيْهِ بِغَسْلِهَا .


قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ لَهُ لَأَجْرَانِ ) هَكَذَا هُوَ فِي مُعْظَمِ النُّسَخِ ( لَأَجْرَانِ ) بِالْأَلِفِ وَفِي بَعْضِهَا ( لَأَجْرَيْنِ ) بِالْيَاءِ ، وَهُمَا صَحِيحَانِ ، لَكِنَّ الثَّانِيَ هُوَ الْأَشْهَرُ الْأَفْصَحُ وَالْأَوَّلُ لُغَةُ أَرْبَعِ قَبَائِلَ مِنَ الْعَرَبِ ، وَمِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى : " إِنَّ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ " وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُهَا مَرَّاتٍ ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْأَجْرَيْنِ ثَبَتَا لَهُ ; لِأَنَّهُ جَاهَدَ مُجَاهِدٌ كَمَا سَنُوَضِّحُهُ فِي شَرْحِهِ ، فَلَهُ أَجْرٌ بِكَوْنِهِ جَاهِدًا أَيْ مُجْتَهِدًا فِي طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى ، شَدِيدَ الِاعْتِنَاءِ بِهَا ، وَلَهُ أَجْرٌ آخَرُ بِكَوْنِهِ مُجَاهِدًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، فَلَمَّا قَامَ بِوَصْفَيْنِ كَانَ لَهُ أَجْرَانِ .


قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّهُ لَجَاهِدٌ مُجَاهِدٌ ) هَكَذَا رَوَاهُ الْجُمْهُورُ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ ( لَجَاهِدٌ ) بِكَسْرِ الْهَاءِ وَتَنْوِينِ الدَّالِ ( مُجَاهِدٌ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَتَنْوِينِ الدَّالِ أَيْضًا ، وَفَسَّرُوا لَجَاهِدٌ بِالْجَادِّ فِي عِلْمِهِ وَعَمَلِهِ ، أَيْ : إِنَّهُ لَجَادٌّ فِي طَاعَةِ اللَّهِ ، وَالْمُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَهُوَ الْغَازِي ، وَقَالَ الْقَاضِي : فِيهِ وَجْهٌ آخَرُ جَمَعَ اللَّفْظَيْنِ تَوْكِيدًا ، قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ : الْعَرَبُ إِذَا بَالَغَتْ فِي تَعْظِيمِ شَيْءٍ اشْتَقَّتْ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ لَفْظًا آخَرَ عَلَى غَيْرِ بِنَائِهِ زِيَادَةً فِي التَّوْكِيدِ ، وَأَعْرَبُوهُ بِإِعْرَابِهِ فَيَقُولُونَ : جَادٌّ مُجِدٌّ ، وَلَيْلٌ لَائِلٌ ، وَشِعْرٌ شَاعِرٌ ، وَنَحْوَ ذَلِكَ ، قَالَ الْقَاضِي : وَرَوَاهُ بَعْضُ رُوَاةِ الْبُخَارِيِّ وَبَعْضُ رُوَاةِ مُسْلِمٍ : ( لَجَاهَدَ ) بِفَتْحِ الْهَاءِ وَالدَّالِ عَلَى أَنَّهُ فِعْلٌ مَاضٍ ( مَجَاهِدَ ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَنَصْبِ الدَّالِ بِلَا تَنْوِينٍ ، قَالَ : وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّوَابُ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .


قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( قَلَّ عَرَبِيٌّ مَشَى بِهَا مِثْلَهُ ) ضَبَطْنَا هَذِهِ اللَّفْظَةَ هُنَا فِي مُسْلِمٍ بِوَجْهَيْنِ ، وَذَكَرَهُمَا الْقَاضِي أَيْضًا ، الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ الَّذِي عَلَيْهِ جَمَاهِيرُ رُوَاةِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ ( مَشَى بِهَا ) بِالْمِيمِ وَبَعْدَ الشِّينِ يَاءٌ ، وَهُوَ فِعْلٌ مَاضٍ مِنَ الْمَشْيِ ، وَ ( بِهَا ) جَارٌّ وَمَجْرُورٌ ، وَمَعْنَاهُ : مَشَى بِالْأَرْضِ أَوْ فِي الْحَرْبِ ، وَالثَّانِي ( مُشَابِهًا ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَتَنْوِينِ الْهَاءِ مِنَ الْمُشَابَهَةِ ، أَيْ : مُشَابِهًا لِصِفَاتِ الْكَمَالِ فِي الْقِتَالِ أَوْ غَيْرِهِ مِثْلَهُ ، وَيَكُونُ ( مُشَابِهًا ) مَنْصُوبًا بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ أَيْ : رَأَيْتُهُ مُشَابِهًا ، وَمَعْنَاهُ : قَلَّ عَرَبِيٌّ يُشْبِهُهُ فِي جَمِيعِ صِفَاتِ الْكَمَالِ ، وَضَبَطَهُ بَعْضُ رُوَاةِ الْبُخَارِيِّ ( نَشَأَتِهَا ) بِالنُّونِ وَالْهَمْزِ أَيْ : شَبَّ وَكَبِرَ ، وَالْهَاءُ عَائِدَةٌ إِلَى الْحَرْبِ ، أَوِ الْأَرْضِ ، أَوْ بِلَادِ الْعَرَبِ ، قَالَ الْقَاضِي : هَذِهِ أَوْجُهُ الرِّوَايَاتِ .