هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3322 وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ ، قَالُوا : حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ وَهُوَ ابْنُ عُلَيَّةَ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الدَّانَاجِ ، ح وحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ ، وَاللَّفْظُ لَهُ ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ فَيْرُوزَ ، مَوْلَى ابْنِ عَامِرٍ الدَّانَاجِ ، حَدَّثَنَا حُضَيْنُ بْنُ الْمُنْذِرِ أَبُو سَاسَانَ ، قَالَ : شَهِدْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَأُتِيَ بِالْوَلِيدِ قَدْ صَلَّى الصُّبْحَ رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ قَالَ : أَزِيدُكُمْ ، فَشَهِدَ عَلَيْهِ رَجُلَانِ أَحَدُهُمَا حُمْرَانُ أَنَّهُ شَرِبَ الْخَمْرَ ، وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ رَآهُ يَتَقَيَّأُ ، فَقَالَ عُثْمَانُ : إِنَّهُ لَمْ يَتَقَيَّأْ حَتَّى شَرِبَهَا ، فَقَالَ : يَا عَلِيُّ ، قُمْ فَاجْلِدْهُ ، فَقَالَ عَلِيٌّ : قُمْ يَا حَسَنُ فَاجْلِدْهُ ، فَقَالَ الْحَسَنُ : وَلِّ حَارَّهَا مَنْ تَوَلَّى قَارَّهَا ، فَكَأَنَّهُ وَجَدَ عَلَيْهِ ، فَقَالَ : يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ قُمْ فَاجْلِدْهُ ، فَجَلَدَهُ وَعَلِيٌّ يَعُدُّ حَتَّى بَلَغَ أَرْبَعِينَ ، فَقَالَ : أَمْسِكْ ، ثُمَّ قَالَ : جَلَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعِينَ ، وَجَلَدَ أَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ ، وَعُمَرُ ثَمَانِينَ ، وَكُلٌّ سُنَّةٌ ، وَهَذَا أَحَبُّ إِلَيَّ . زَادَ عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ فِي رِوَايَتِهِ ، قَالَ إِسْمَاعِيلُ : وَقَدْ سَمِعْتُ حَدِيثَ الدَّانَاجِ مِنْهُ فَلَمْ أَحْفَظْهُ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3322 وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، وزهير بن حرب ، وعلي بن حجر ، قالوا : حدثنا إسماعيل وهو ابن علية ، عن ابن أبي عروبة ، عن عبد الله الداناج ، ح وحدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي ، واللفظ له ، أخبرنا يحيى بن حماد ، حدثنا عبد العزيز بن المختار ، حدثنا عبد الله بن فيروز ، مولى ابن عامر الداناج ، حدثنا حضين بن المنذر أبو ساسان ، قال : شهدت عثمان بن عفان وأتي بالوليد قد صلى الصبح ركعتين ، ثم قال : أزيدكم ، فشهد عليه رجلان أحدهما حمران أنه شرب الخمر ، وشهد آخر أنه رآه يتقيأ ، فقال عثمان : إنه لم يتقيأ حتى شربها ، فقال : يا علي ، قم فاجلده ، فقال علي : قم يا حسن فاجلده ، فقال الحسن : ول حارها من تولى قارها ، فكأنه وجد عليه ، فقال : يا عبد الله بن جعفر قم فاجلده ، فجلده وعلي يعد حتى بلغ أربعين ، فقال : أمسك ، ثم قال : جلد النبي صلى الله عليه وسلم أربعين ، وجلد أبو بكر أربعين ، وعمر ثمانين ، وكل سنة ، وهذا أحب إلي . زاد علي بن حجر في روايته ، قال إسماعيل : وقد سمعت حديث الداناج منه فلم أحفظه
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Hudain b. al-Mundhir Abu Sasan reported:

I saw that Walid was brought to Uthmin b. 'Affan as he had prayed two rak'ahs of the dawn prayer, and then he said: I make an increase for you. And two men bore witness against him. One of them was Humran who said that he had drunk wine. The second one gave witness that he had seen him vomiting. Uthman said: He would not have vomited (wine) unless he had drunk it. He said: 'Ali, stand up and lash him. 'Ali said: Hasan, stand up and lash him. Thereupon Hasan said: Let him suffer the heat (of Caliphate) who has enjoyed its coolness. ('Ali felt annoyed at this remark) and he said: 'Abdullah b. Ja'far, stand up and flog him, and he began to flog him and 'Ali counted the stripes until these were forty. He (Hadrat 'Ali) said: Stop now, and then said: Allah's Apostle (ﷺ) gave forty stripes, and Abu Bakr also gave forty stripes, and Umar gave eighty stripes, and all these fall under the category of the Sunnab, but this one (forty stripes) is dearer to me.

شرح الحديث من شرح النووى على مسلم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   
[ سـ :3322 ... بـ :1707]
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ قَالُوا حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ وَهُوَ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الدَّانَاجِ ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ وَاللَّفْظُ لَهُ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ فَيْرُوزَ مَوْلَى ابْنِ عَامِرٍ الدَّانَاجِ حَدَّثَنَا حُضَيْنُ بْنُ الْمُنْذِرِ أَبُو سَاسَانَ قَالَ شَهِدْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَأُتِيَ بِالْوَلِيدِ قَدْ صَلَّى الصُّبْحَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ أَزِيدُكُمْ فَشَهِدَ عَلَيْهِ رَجُلَانِ أَحَدُهُمَا حُمْرَانُ أَنَّهُ شَرِبَ الْخَمْرَ وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ رَآهُ يَتَقَيَّأُ فَقَالَ عُثْمَانُ إِنَّهُ لَمْ يَتَقَيَّأْ حَتَّى شَرِبَهَا فَقَالَ يَا عَلِيُّ قُمْ فَاجْلِدْهُ فَقَالَ عَلِيٌّ قُمْ يَا حَسَنُ فَاجْلِدْهُ فَقَالَ الْحَسَنُ وَلِّ حَارَّهَا مَنْ تَوَلَّى قَارَّهَا فَكَأَنَّهُ وَجَدَ عَلَيْهِ فَقَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ قُمْ فَاجْلِدْهُ فَجَلَدَهُ وَعَلِيٌّ يَعُدُّ حَتَّى بَلَغَ أَرْبَعِينَ فَقَالَ أَمْسِكْ ثُمَّ قَالَ جَلَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعِينَ وَجَلَدَ أَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ وَعُمَرُ ثَمَانِينَ وَكُلٌّ سُنَّةٌ وَهَذَا أَحَبُّ إِلَيَّ زَادَ عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ فِي رِوَايَتِهِ قَالَ إِسْمَعِيلُ وَقَدْ سَمِعْتُ حَدِيثَ الدَّانَاجِ مِنْهُ فَلَمْ أَحْفَظْهُ

قَوْلُهُ : ( وَكُلٌّ سُنَّةٌ ) مَعْنَاهُ أَنَّ فِعْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ سُنَّةٌ يُعْمَلُ بِهَا ، وَكَذَا فِعْلُ عُمَرَ ، وَلَكِنَّ فِعْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ أَحَبُّ إِلَيَّ .


وَقَوْلُهُ : ( وَهَذَا أَحَبُّ إِلَيَّ ) إِشَارَةً إِلَى الْأَرْبَعِينَ الَّتِي كَانَ جَلَدَهَا ، وَقَالَ لِلْجَلَّادِ : أَمْسِكْ ، وَمَعْنَاهُ هَذَا الَّذِي قَدْ جَلَدْتَهُ ، وَهُوَ الْأَرْبَعُونَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الثَّمَانِينَ .
وَفِيهِ أَنَّ فِعْلَ الصَّحَابِيِّ سُنَّةٌ يُعْمَلُ بِهَا ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .


وَأَمَّا الْخَمْرُ فَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى تَحْرِيمِ شُرْبِ الْخَمْرِ ، وَأَجْمَعُوا عَلَى وُجُوبِ الْحَدِّ عَلَى شَارِبِهَا ، سَوَاءٌ شَرِبَ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا ، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِشُرْبِهَا ، وَإِنْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ ، هَكَذَا حَكَى الْإِجْمَاعَ فِيهِ التِّرْمِذِيُّ وَخَلَائِقُ ، وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ طَائِفَةٍ شَاذَّةٍ أَنَّهُمْ قَالُوا : يُقْتَلُ بَعْدَ جَلْدِهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ ، لِلْحَدِيثِ الْوَارِدِ فِي ذَلِكَ ، وَهَذَا الْقَوْلُ بَاطِلٌ مُخَالِفٌ لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ ، عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ وَإِنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ مَرَّاتٍ ، وَهَذَا الْحَدِيثُ مَنْسُوخٌ ، قَالَ جَمَاعَةٌ : دَلَّ الْإِجْمَاعُ عَلَى نَسْخِهِ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : نَسَخَهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ : النَّفْسُ بِالنَّفْسِ ، وَالثَّيِّبُ الزَّانِي ، وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ .
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي قَدْرِ حَدِّ الْخَمْرِ ، فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ وَأَهْلُ الظَّاهِرِ وَآخَرُونَ : حَدُّهُ أَرْبَعُونَ ، قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - : وَلِلْإِمَامِ أَنْ يَبْلُغَ بِهِ ثَمَانِينَ ، وَتَكُونُ الزِّيَادَةُ عَلَى الْأَرْبَعِينَ تَعْزِيرَاتٍ عَلَى تَسَبُّبِهِ فِي إِزَالَةِ عَقْلِهِ ، وَفِي تَعَرُّضِهِ لِلْقَذْفِ وَالْقَتْلِ ، وَأَنْوَاعِ الْإِيذَاءِ ، وَتَرْكِ الصَّلَاةِ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ ، وَنَقَلَ الْقَاضِي عَنِ الْجُمْهُورِ مِنَ السَّلَفِ وَالْفُقَهَاءِ ، مِنْهُمْ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُمْ قَالُوا : حَدُّهُ ثَمَانُونَ .
وَاحْتَجُّوا بِأَنَّهُ الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ ، وَأَنَّ فِعْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ لِلتَّحْدِيدِ ، وَلِهَذَا قَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى : نَحْوَ أَرْبَعِينَ ، وَحُجَّةُ الشَّافِعِيِّ وَمُوَافِقِيهِ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا جَلَدَ أَرْبَعِينَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ ، وَأَمَّا زِيَادَةُ عُمَرَ فَتَعْزِيرَاتٌ ، وَالتَّعْزِيرُ إِلَى رَأْيِ الْإِمَامِ إِنْ شَاءَ فَعَلَهُ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ فِي فِعْلِهِ وَتَرْكِهِ ، فَرَآهُ عُمَرُ فَفَعَلَهُ ، وَلَمْ يَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا أَبُو بَكْرٍ وَلَا عَلِيٌّ فَتَرَكُوهُ ، وَهَكَذَا يَقُولُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إِنَّ الزِّيَادَةَ إِلَى رَأْيِ الْإِمَامِ ، وَأَمَّا الْأَرْبَعُونَ فَهِيَ الْحَدُّ الْمُقَدَّرُ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ ، وَلَوْ كَانَتِ الزِّيَادَةُ حَدًّا لَمْ يَتْرُكْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَمْ يَتْرُكْهَا عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بَعْدَ فِعْلِ عُمَرَ ، وَلِهَذَا قَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ( وَكُلٌّ سُنَّةٌ ) مَعْنَاهُ : الِاقْتِصَارُ عَلَى الْأَرْبَعِينَ وَعَدَمُ بُلُوغِ الثَّمَانِينَ ، فَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - هُوَ الظَّاهِرُ الَّذِي تَقْتَضِيهِ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ ، وَلَا يُشْكِلُ شَيْءٌ مِنْهَا ، ثُمَّ هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ هُوَ حَدُّ الْحُرِّ ، فَأَمَّا الْعَبْدُ فَعَلَى النِّصْفِ مِنَ الْحُرِّ كَمَا فِي الزِّنَا وَالْقَذْفِ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .


وَأَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ الشَّارِبَ يُحَدُّ ، سَوَاءٌ سَكِرَ أَمْ لَا .
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَنْ شَرِبَ النَّبِيذَ ، وَهُوَ مَا سِوَى عَصِيرِ الْعِنَبِ مِنَ الْأَنْبِذَةِ الْمُسْكِرَةِ ، فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى - وَجَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ : هُوَ حَرَامٌ يُجْلَدُ فِيهِ كَجَلْدِ شَارِبِ الْخَمْرِ الَّذِي هُوَ عَصِيرُ الْعِنَبِ ، سَوَاءٌ كَانَ يَعْتَقِدُ إِبَاحَتَهُ أَوْ تَحْرِيمَهُ .
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالْكُوفِيُّونَ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى - : لَا يَحْرُمُ ، وَلَا يُحَدُّ شَارِبُهُ ، وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ : هُوَ حَرَامٌ يُجْلَدُ بِشُرْبِهِ مَنْ يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَهُ ، دُونَ مَنْ يَعْتَقِدُ إِبَاحَتَهُ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .


قَوْلُهُ : ( جَلَدَهُ بِجَرِيدَتَيْنِ نَحْوَ أَرْبَعِينَ ) اخْتَلَفُوا فِي مَعْنَاهُ ، فَأَصْحَابُنَا يَقُولُونَ : مَعْنَاهُ : أَنَّ الْجَرِيدَتَيْنِ كَانَتَا مُفْرَدَتَيْنِ جَلَدَ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَدَدًا حَتَّى كَمُلَ مِنَ الْجَمْعِ أَرْبَعُونَ ، وَقَالَ آخَرُونَ مِمَّنْ يَقُولُ جَلْدُ الْخَمْرِ ثَمَانُونَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ جَمَعَهُمَا وَجَلَدَهُ بِهِمَا أَرْبَعِينَ جَلْدَةً فَيَكُونُ الْمَبْلَغُ ثَمَانِينَ ، وَتَأْوِيلُ أَصْحَابِنَا أَظْهَرُ ، لِأَنَّ الرِّوَايَةَ الْأُخْرَى مُبَيِّنَةٌ لِهَذِهِ ، وَأَيْضًا فَحَدِيثُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مُبَيِّنٌ لَهَا .


قَوْلُهُ : ( ضَرَبَهُ بِجَرِيدَتَيْنِ ) وَفِي رِوَايَةٍ بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ ، أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى حُصُولِ حَدِّ الْخَمْرِ بِالْجَلْدِ وَالنِّعَالِ وَأَطْرَافِ الثِّيَابِ ، وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِهِ بِالسَّوْطِ ، وَهُمَا وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا الْأَصَحُّ الْجَوَازُ ، وَشَذَّ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فَشَرَطَ فِيهِ السَّوْطَ ، وَقَالَ : لَا يَجُوزُ بِالثِّيَابِ وَالنِّعَالِ ، وَهَذَا غَلَطٌ فَاحِشٌ مَرْدُودٌ عَلَى قَائِلِهِ لِمُنَابَذَتِهِ لِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ ، قَالَ أَصْحَابُنَا : وَإِذَا ضَرَبَهُ بِالسَّوْطِ يَكُونُ سَوْطًا مُعْتَدِلًا فِي الْحَجْمِ بَيْنَ الْقَضِيبِ وَالْعَصَا ، فَإِنْ ضَرَبَهُ بِجَرِيدَةٍ فَلْتَكُنْ خَفِيفَةً بَيْنَ الْيَابِسَةِ وَالرَّطْبَةِ ، وَيَضْرِبُهُ ضَرْبًا بَيْنَ ضَرْبَيْنِ فَلَا يَرْفَعُ يَدَهُ فَوْقَ رَأْسِهِ ، وَلَا يَكْتَفِي بِالْوَضْعِ ، بَلْ يَرْفَعُ ذِرَاعَهُ رَفْعًا مُعْتَدِلًا .


قَوْلُهُ : ( فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ وَدَنَا النَّاسُ مِنَ الرِّيفِ وَالْقُرَى ) الرِّيفُ : الْمَوَاضِعُ الَّتِي فِيهَا الْمِيَاهُ ، أَوْ هِيَ قَرِيبَةٌ مِنْهَا ، وَمَعْنَاهُ : لَمَّا كَانَ زَمَنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَفُتِحَتِ الشَّامُ وَالْعِرَاقُ وَسَكَنَ النَّاسُ فِي الرِّيفِ وَمَوَاضِعِ الْخِصْبِ وَسَعَةِ الْعَيْشِ وَكَثْرَةِ الْأَعْنَابِ وَالثِّمَارِ أَكْثَرُوا مِنْ شُرْبِ الْخَمْرِ ، فَزَادَ عُمَرُ فِي حَدِّ الْخَمْرِ تَغْلِيظًا عَلَيْهِمْ وَزَجْرًا لَهُمْ عَنْهَا .


قَوْلُهُ : ( فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - اسْتَشَارَ النَّاسَ ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ : أَخَفَّ الْحُدُودِ ) هَكَذَا هُوَ فِي مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ هُوَ الَّذِي أَشَارَ بِهَذَا ، وَفِي الْمُوَطَّأِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ ، وَأَشَارَا جَمِيعًا ، وَلَعَلَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بَدَأَ بِهَذَا الْقَوْلِ فَوَافَقَهُ عَلِيٌّ وَغَيْرُهُ ، فَنُسِبَ ذَلِكَ فِي رِوَايَةٍ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِسَبْقِهِ بِهِ ، وَنَسَبَهُ فِي رِوَايَةٍ إِلَى عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِفَضِيلَتِهِ وَكَثْرَةِ عِلْمِهِ وَرُجْحَانِهِ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .


قَوْلُهُ : ( عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الدَّانَاجِ ) هُوَ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ وَالْجِيمِ ، وَيُقَالُ لَهُ أَيْضًا : ( الدَّانَا ) بِحَذْفِ الْجِيمِ وَ ( الدَّانَاهُ ) بِالْهَاءِ ، وَمَعْنَاهُ بِالْفَارِسِيَّةِ : الْعَالِمُ .


قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنَا حُضَيْنُ بْنُ الْمُنْذِرِ ) هُوَ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ ، وَقَدْ سَبَقَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الصَّحِيحَيْنِ حُضَيْنٌ بِالْمُعْجَمَةِ غَيْرُهُ .


قَوْلُهُ : ( فَشَهِدَ عَلَيْهِ رَجُلَانِ أَحَدُهُمَا : حُمْرَانُ ، أَنَّهُ شَرِبَ الْخَمْرَ ، وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ رَآهُ يَتَقَيَّأُ ، فَقَالَ عُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - : إِنَّهُ لَمْ يَتَقَيَّأْ حَتَّى شَرِبَهَا ثُمَّ جَلَدَهُ ) هَذَا دَلِيلٌ لِمَالِكٍ وَمُوَافِقِيهِ فِي أَنَّ مَنْ تَقَيَّأَ الْخَمْرَ يُحَدُّ حَدَّ الشَّارِبِ ، وَمَذْهَبُنَا أَنَّهُ لَا يُحَدُّ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ ; لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ شَرِبَهَا جَاهِلًا كَوْنَهَا خَمْرًا أَوْ مُكْرَهًا عَلَيْهَا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْأَعْذَارِ الْمُسْقِطَةِ لِلْحُدُودِ ، وَدَلِيلُ مَالِكٍ هُنَا قَوِيٌّ ; لِأَنَّ الصَّحَابَةَ اتَّفَقُوا عَلَى جَلْدِ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ، وَقَدْ يُجِيبُ أَصْحَابُنَا عَنْ هَذَا بِأَنَّ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلِمَ شُرْبَ الْوَلِيدِ فَقَضَى بِعِلْمِهِ فِي الْحُدُودِ ، وَهَذَا تَأْوِيلٌ ضَعِيفٌ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ عُثْمَانَ يَرُدُّ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .


قَوْلُهُ : ( إِنَّ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ : يَا عَلِيُّ قُمْ فَاجْلِدْهُ ، فَقَالَ عَلِيٌّ : قُمْ يَا حَسَنُ فَاجْلِدْهُ ، فَقَالَ حَسَنٌ : وَلِّ حَارَّهَا مَنْ تَوَلَّى قَارَّهَا ، فَكَأَنَّهُ وَجَدَ عَلَيْهِ ، فَقَالَ : يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ قُمْ فَاجْلِدْهُ ، فَجَلَدَهُ وَعَلِيٌّ يَعُدُّ حَتَّى بَلَغَ أَرْبَعِينَ فَقَالَ : أَمْسِكْ ) مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَمَّا ثَبَتَ الْحَدُّ عَلَى الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ ، قَالَ عُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَهُوَ الْإِمَامُ لِعَلِيٍّ عَلَى سَبِيلِ التَّكْرِيمِ لَهُ وَتَفْوِيضِ الْأَمْرِ إِلَيْهِ فِي اسْتِيفَاءِ الْحَدِّ : قُمْ فَاجْلِدْهُ ، أَيْ أَقِمْ عَلَيْهِ الْحَدَّ بِأَنْ تَأْمُرَ مَنْ تَرَى بِذَلِكَ .
فَقَبِلَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ذَلِكَ ، فَقَالَ لِلْحَسَنِ : قُمْ فَاجْلِدْهُ ، فَامْتَنَعَ الْحَسَنُ ، فَقَالَ لِابْنِ جَعْفَرٍ ، فَقَبِلَ فَجَلَدَهُ ، وَكَانَ عَلِيٌّ مَأْذُونًا لَهُ فِي التَّفْوِيضِ إِلَى مَنْ رَأَى كَمَا ذَكَرْنَاهُ .
وَقَوْلُهُ : ( وَجَدَ عَلَيْهِ ) أَيْ غَضِبَ عَلَيْهِ .


وَقَوْلُهُ : ( وَلِّ حَارَّهَا مَنْ تَوَلَّى قَارَّهَا ) الْحَارُّ : الشَّدِيدُ الْمَكْرُوهُ ، وَالْقَارُّ : الْبَارِدُ الْهَنِيءُ الطَّيِّبُ ، وَهَذَا مَثَلٌ مِنْ أَمْثَالِ الْعَرَبِ ، قَالَ الْأَصْمَعِيُّ وَغَيْرُهُ : مَعْنَاهُ وَلِّ شِدَّتَهَا وَأَوْسَاخَهَا مَنْ تَوَلَّى هَنِيئَهَا وَلَذَّاتِهَا .
الضَّمِيرُ عَائِدٌ إِلَى الْخِلَافَةِ وَالْوِلَايَةِ ، أَيْ كَمَا أَنَّ عُثْمَانَ وَأَقَارِبَهُ يَتَوَلَّوْنَ هَنِيءَ الْخِلَافَةِ وَيَخْتَصُّونَ بِهِ ، يَتَوَلَّوْنَ نَكِدَهَا وَقَاذُورَاتِهَا .
وَمَعْنَاهُ : لِيَتَوَلَّ هَذَا الْجَلْدَ عُثْمَانُ بِنَفْسِهِ أَوْ بَعْضُ خَاصَّةِ أَقَارِبِهِ الْأَدْنَيْنَ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .


قَوْلُهُ : ( قَالَ : أَمْسِكْ ، قَالَ : وَكُلٌّ سُنَّةٌ ) هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ مُعَظِّمًا لِآثَارِ عُمَرَ ، وَأَنَّ حُكْمَهُ وَقَوْلَهُ سُنَّةٌ ، وَأَمْرَهُ حَقٌّ ، وَكَذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - خِلَافَ مَا يَكْذِبُهُ الشِّيعَةُ عَلَيْهِ .


وَاعْلَمْ أَنَّهُ وَقَعَ هُنَا فِي مُسْلِمٍ مَا ظَاهِرُهُ أَنَّ عَلِيًّا جَلَدَ الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ أَرْبَعِينَ ، وَوَقَعَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ أَنَّ عَلِيًّا جَلَدَ ثَمَانِينَ ، وَهِيَ قَضِيَّةٌ وَاحِدَةٌ .
قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ : الْمَعْرُوفُ مِنْ مَذْهَبِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْجَلْدُ فِي الْخَمْرِ ثَمَانُونَ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ : ( فِي قَلِيلِ الْخَمْرِ وَكَثِيرِهَا ثَمَانُونَ جَلْدَةً ) وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ جَلَدَ الْمَعْرُوفَ بِالنَّجَاشِيِّ ثَمَانِينَ ، قَالَ : وَالْمَشْهُورُ أَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - هُوَ الَّذِي أَشَارَ عَلَى عُمَرَ بِإِقَامَةِ الْحَدِّ ثَمَانِينَ كَمَا سَبَقَ عَنْ رِوَايَةِ الْمُوَطَّأِ وَغَيْرِهِ ، قَالَ : وَهَذَا كُلُّهُ يُرَجِّحُ رِوَايَةَ مَنْ رَوَى أَنَّهُ جَلَدَ الْوَلِيدَ ثَمَانِينَ ، قَالَ : وَيُجْمَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ الْأَرْبَعِينَ بِمَا رُوِيَ أَنَّهُ جَلَدَهُ بِسَوْطٍ لَهُ رَأْسَانِ فَضَرَبَهُ بِرَأْسِهِ أَرْبَعِينَ ، فَتَكُونُ جُمْلَتُهَا ثَمَانِينَ ، قَالَ : وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ : ( وَهَذَا أَحَبُّ إِلَيَّ ) عَائِدًا إِلَى الثَّمَانِينَ الَّتِي فَعَلَهَا عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَهَذَا كَلَامُ الْقَاضِي ، وَقَدْ قَدَّمْنَا مَا يُخَالِفُ بَعْضَ مَا قَالَهُ ، وَذَكَرْنَا تَأْوِيلَهُ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .