هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3267 حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ عِفْرِيتًا مِنَ الجِنِّ تَفَلَّتَ البَارِحَةَ لِيَقْطَعَ عَلَيَّ صَلاَتِي ، فَأَمْكَنَنِي اللَّهُ مِنْهُ فَأَخَذْتُهُ ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَرْبُطَهُ عَلَى سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي المَسْجِدِ حَتَّى تَنْظُرُوا إِلَيْهِ كُلُّكُمْ ، فَذَكَرْتُ دَعْوَةَ أَخِي سُلَيْمَانَ رَبِّ { هَبْ لِي مُلْكًا لاَ يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي } فَرَدَدْتُهُ خَاسِئًا { عِفْرِيتٌ } مُتَمَرِّدٌ مِنْ إِنْسٍ أَوْ جَانٍّ ، مِثْلُ زِبْنِيَةٍ جَمَاعَتُهَا الزَّبَانِيَةُ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3267 حدثني محمد بن بشار ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن محمد بن زياد ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : إن عفريتا من الجن تفلت البارحة ليقطع علي صلاتي ، فأمكنني الله منه فأخذته ، فأردت أن أربطه على سارية من سواري المسجد حتى تنظروا إليه كلكم ، فذكرت دعوة أخي سليمان رب { هب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي } فرددته خاسئا { عفريت } متمرد من إنس أو جان ، مثل زبنية جماعتها الزبانية
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Abu Huraira:

The Prophet (ﷺ) said, A strong demon from the Jinns came to me yesterday suddenly, so as to spoil my prayer, but Allah enabled me to overpower him, and so I caught him and intended to tie him to one of the pillars of the Mosque so that all of you might see him, but I remembered the invocation of my brother Solomon: 'And grant me a kingdom such as shall not belong to any other after me.' (38.35) so I let him go cursed.

Suivant Abu Hurayra, le Prophète () dit: «Un 'ifrîte parmi les djinns s'est subitement présenté devant moi la nuit dernière (ou une expression similaire) pour me pousser à interrompre la prière. Allah le mit sous mon pouvoir et j'ai voulu l'attacher à l'une des colonnes de la mosquée afin que vous puissiez tous le voir le matin. Mais je me suis rappelé ce que mon frère Salamon avait dit auparavant: Seigneur, pardonnemoi ma faute et accordemoi un pouvoir tel que nul autre ne puisse en avoir de pareils.......

":"ہم سے محمد بن بشار نے بیان کیا ، انہوں نے کہا ہم سے محمد بن جعفر نے بیان کیا ، ان سے شعبہ نے بیان کیا ، ان سے محمد بن زیاد نے اور ان سے حضرت ابوہریرہ رضی اللہ عنہ نے کہنبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا ، ایک سرکش جن کل رات میرے سامنے آ گیا تاکہ میری نماز خراب کر دے لیکن اللہ تعالیٰ نے مجھے اس پر قدرت دے دی اور میں نے اسے پکڑ لیا ۔ پھر میں نے چاہا کہ اسے مسجد کے کسی ستون سے باندھ دوں کہ تم سب لوگ بھی دیکھ سکو ۔ لیکن مجھے اپنے بھائی سلیمان علیہ السلام کی دعا یاد آ گئی کہ ” یا اللہ ! مجھے ایسی سلطنت دے جو میرے سوا کسی کو میسر نہ ہو ، ، اس لئے میں نے اسے نامراد واپس کر دیا ۔ عفریت سرکش کے معنی میں ہے ، خواہ انسانوں میں سے ہو یا جنوں میں سے ۔

Suivant Abu Hurayra, le Prophète () dit: «Un 'ifrîte parmi les djinns s'est subitement présenté devant moi la nuit dernière (ou une expression similaire) pour me pousser à interrompre la prière. Allah le mit sous mon pouvoir et j'ai voulu l'attacher à l'une des colonnes de la mosquée afin que vous puissiez tous le voir le matin. Mais je me suis rappelé ce que mon frère Salamon avait dit auparavant: Seigneur, pardonnemoi ma faute et accordemoi un pouvoir tel que nul autre ne puisse en avoir de pareils.......

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [3423] .

     قَوْلُهُ  تَفَلَّتَ عَلَيَّ بِتَشْدِيدِ اللَّامِ أَيْ تَعَرَّضَ لِي فَلْتَةً أَيْ بَغَتَةً .

     قَوْلُهُ  الْبَارِحَةَ أَيِ اللَّيْلَةَ الْخَالِيَةَ الزَّائِلَةَ وَالْبَارِحُ الزَّائِلُ وَيُقَالُ مِنْ بَعْدِ الزَّوَالِ إِلَى آخَرِ النَّهَارِ الْبَارِحَةُ .

     قَوْلُهُ  فَذَكَرْتُ دَعْوَةَ أَخِي سُلَيْمَانَ أَيْ قَوْلَهُ وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بعدِي وَفِي هَذِهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ تَرَكَهُ رِعَايَةً لِسُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ خُصُوصِيَّةُ سُلَيْمَانَ اسْتِخْدَامَ الْجِنِّ فِي جَمِيعِ مَا يُرِيدُهُ لَا فِي هَذَا الْقَدْرِ فَقَطْ وَاسْتَدَلَّ الْخَطَّابِيُّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ أَصْحَابَ سُلَيْمَانَ كَانُوا يَرَوْنَ الْجِنَّ فِي أَشْكَالِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ حَالَ تَصَرُّفِهِمْ قَالَ.

.
وَأَمَّا قَوْلَهُ تَعَالَى إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا ترونهم فَالْمُرَادُ الْأَكْثَرُ الْأَغْلَبُ مِنْ أَحْوَالِ بَنِي آدَمَ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ نَفْيَ رُؤْيَةِ الْإِنْسِ لِلْجِنِّ عَلَى هَيْئَتِهِمْ لَيْسَ بِقَاطِعٍ مِنَ الْآيَةِ بَلْ ظَاهِرُهَا أَنَّهُ مُمْكِنٌ فَإِنَّ نَفْيَ رُؤْيَتِنَا إِيَّاهُمْ مُقَيَّدٌ بِحَالِ رُؤْيَتِهِمْ لَنَا وَلَا يَنْفِي إِمْكَانَ رُؤْيَتِنَا لَهُمْ فِي غَيْرِ تِلْكَ الْحَالَةِ وَيُحْتَمَلُ الْعُمُومُ وَهَذَا الَّذِي فَهِمَهُ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ حَتَّى قَالَ الشَّافِعِيُّ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يَرَى الْجِنَّ أَبْطَلْنَا شَهَادَتَهُ وَاسْتَدَلَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  عِفْرِيتٌ مُتَمَرِّدٌ مِنْ إِنْسٍ أَوْ جَانٍّ مِثْلُ زِبْنِيَةٍ جَمَاعَتُهُ زَبَانِيَةٌ الزَّبَانِيَةُ فِي الْأَصْلِ اسْمُ أَصْحَابِ الشُّرْطَةِ مُشْتَقٌّ مِنَ الزَّبْنِ وَهُوَ الدَّفْعُ وَأُطْلِقَ عَلَى الْمَلَائِكَةِ ذَلِكَ لِأَنَّهُمْ يَدْفَعُونَ الْكُفَّارَ فِي النَّارهو مهموز ممدود جمع فأس بالهمزة وهي هذه المعروفة كرأس ورؤوس وَالْمَسَاحِي جَمْعُ مِسْحَاةٍ وَهِيَ كَالْمِجْرَفَةِ إِلَّا أَنَّهَا مِنْ حَدِيدٍ ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( لَمْ يَتَكَلَّمْ فِي الْمَهْدِ إِلَّا ثَلَاثَةٌ) فَذَكَرَهُمْ وَلَيْسَ فِيهِمُ الصَّبِيُّ الَّذِي كَانَ مَعَ الْمَرْأَةِ فِي حَدِيثِ السَّاحِرِ وَالرَّاهِبِ وَقِصَّةِ أَصْحَابِ الْأُخْدُودِ الْمَذْكُورِ فِي آخِرِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَجَوَابُهُ أَنَّ ذَلِكَ الصَّبِيَّ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَهْدِ بَلْ كَانَ أَكْبَرَ مِنْ صَاحِبِ الْمَهْدِ وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا .

     قَوْلُهُ  ( بَغِيٌّ يُتَمَثَّلُ بِحُسْنِهَا) أَيْ يُضْرَبُ بِهِ الْمَثَلُ لِانْفِرَادِهَا بِهِ .

     قَوْلُهُ ( يَا غُلَامُ مَنْ أَبُوكَ قَالَ فُلَانٌ الرَّاعِي) قَدْ يُقَالُ إِنَّ الزَّانِيَ لَا يَلْحَقَهُ الْوَلَدُ وَجَوَابُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا لَعَلَّهُ كَانَ فِي شَرْعِهِمْ يَلْحَقُهُ وَالثَّانِي الْمُرَادُ مِنْ مَاءِ مَنْ أَنْتَ وَسَمَّاهُ أَبًا مَجَازًا .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( مَرَّ رَجُلٌ عَلَى دَابَّةٍ فَارِهَةٍ وَشَارَةٍ حَسَنَةٍ) الْفَارِهَةُ بِالْفَاءِ النَّشِيطَةُ الْحَادَّةُ الْقَوِيَّةُ وَقَدْ فَرُهْتُ بِضَمِّ الرَّاءِ فَرَاهَةً وَفَرَاهِيَةً وَالشَّارَةُ الْهَيْئَةُ وَاللِّبَاسُ .

     قَوْلُهُ  ( فَجَعَلَ يَمَصُّهَا) بِفَتْحِ الْمِيمِ عَلَى اللُّغَةِ الْمَشْهُورَةِ وَحُكِيَ ضَمُّهَا .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( فَهُنَاكَ تَرَاجَعَا الْحَدِيثَ فَقَالَتْ حَلْقَى) مَعْنَى تَرَاجَعَا الْحَدِيثَ أَقْبَلَتْ عَلَى الرَّضِيعِ تُحَدِّثُهُ وَكَانَتْ أَوَّلًا لَا تَرَاهُ أَهْلًا لِلْكَلَامِ فَلَمَّا تَكَرَّرَ مِنْهُ الْكَلَامَ عَلِمَتْ أَنَّهُ أَهْلٌ لَهُ فَسَأَلَتْهُ وَرَاجَعَتْهُ وَسَبَقَ بَيَانُ حَلْقَى فِي كِتَابِ الْحَجِّ .

     قَوْلُهُ  فِي الْجَارِيَةِ الَّتِي نَسَبُوهَا إلىهو مهموز ممدود جمع فأس بالهمزة وهي هذه المعروفة كرأس ورؤوس وَالْمَسَاحِي جَمْعُ مِسْحَاةٍ وَهِيَ كَالْمِجْرَفَةِ إِلَّا أَنَّهَا مِنْ حَدِيدٍ ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( لَمْ يَتَكَلَّمْ فِي الْمَهْدِ إِلَّا ثَلَاثَةٌ) فَذَكَرَهُمْ وَلَيْسَ فِيهِمُ الصَّبِيُّ الَّذِي كَانَ مَعَ الْمَرْأَةِ فِي حَدِيثِ السَّاحِرِ وَالرَّاهِبِ وَقِصَّةِ أَصْحَابِ الْأُخْدُودِ الْمَذْكُورِ فِي آخِرِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَجَوَابُهُ أَنَّ ذَلِكَ الصَّبِيَّ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَهْدِ بَلْ كَانَ أَكْبَرَ مِنْ صَاحِبِ الْمَهْدِ وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا .

     قَوْلُهُ  ( بَغِيٌّ يُتَمَثَّلُ بِحُسْنِهَا) أَيْ يُضْرَبُ بِهِ الْمَثَلُ لِانْفِرَادِهَا بِهِ .

     قَوْلُهُ ( يَا غُلَامُ مَنْ أَبُوكَ قَالَ فُلَانٌ الرَّاعِي) قَدْ يُقَالُ إِنَّ الزَّانِيَ لَا يَلْحَقَهُ الْوَلَدُ وَجَوَابُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا لَعَلَّهُ كَانَ فِي شَرْعِهِمْ يَلْحَقُهُ وَالثَّانِي الْمُرَادُ مِنْ مَاءِ مَنْ أَنْتَ وَسَمَّاهُ أَبًا مَجَازًا .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( مَرَّ رَجُلٌ عَلَى دَابَّةٍ فَارِهَةٍ وَشَارَةٍ حَسَنَةٍ) الْفَارِهَةُ بِالْفَاءِ النَّشِيطَةُ الْحَادَّةُ الْقَوِيَّةُ وَقَدْ فَرُهْتُ بِضَمِّ الرَّاءِ فَرَاهَةً وَفَرَاهِيَةً وَالشَّارَةُ الْهَيْئَةُ وَاللِّبَاسُ .

     قَوْلُهُ  ( فَجَعَلَ يَمَصُّهَا) بِفَتْحِ الْمِيمِ عَلَى اللُّغَةِ الْمَشْهُورَةِ وَحُكِيَ ضَمُّهَا .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( فَهُنَاكَ تَرَاجَعَا الْحَدِيثَ فَقَالَتْ حَلْقَى) مَعْنَى تَرَاجَعَا الْحَدِيثَ أَقْبَلَتْ عَلَى الرَّضِيعِ تُحَدِّثُهُ وَكَانَتْ أَوَّلًا لَا تَرَاهُ أَهْلًا لِلْكَلَامِ فَلَمَّا تَكَرَّرَ مِنْهُ الْكَلَامَ عَلِمَتْ أَنَّهُ أَهْلٌ لَهُ فَسَأَلَتْهُ وَرَاجَعَتْهُ وَسَبَقَ بَيَانُ حَلْقَى فِي كِتَابِ الْحَجِّ .

     قَوْلُهُ  فِي الْجَارِيَةِ الَّتِي نَسَبُوهَا إلىوَوَاحِدُ الزَّبَانِيَةِ زِبْنِيَةٌ وَقِيلَ زَبْنِيٌّ وَقِيلَ زَابِنٌ وَقِيلَ زَبَانِيٌّ.

     وَقَالَ  قَوْمٌ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ وَقِيلَ وَاحِدُهُ زِبْنِيتٌ وَزْنُ عِفْرِيتٍ وَيُقَالُ عِفْرِيَةٌ لُغَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ لَيْسَتْ مَأْخُوذَةٌ مِنْ عِفْرِيتٍ وَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ مِثْلُ زِبْنِيَةٍ أَيْ أَنَّهُ قِيلَ فِي عِفْرِيتٍ عِفْرِيَةٌ وَهِيَ قِرَاءَةٌ رُوِيَتْ فِي الشَّوَاذِّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَعَنْ أَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ وَأَبِي السِّمَالِ بِالْمُهْمَلَةِ وَاللَّامِ.

     وَقَالَ  ذُو الرُّمَّةِ كَأَنَّهُ كَوْكَبٌ فِي إِثْرِ عِفْرِيَةٍ مُصَوِّبٌ فِي ظَلَامِ اللَّيْلِ مُنْتَصِبُ وَقَدْ تَقَدَّمَ كَثِيرٌ مِنْ بَيَانِ أَحْوَالِ الْجِنِّ فِي بَابِ صِفَةِ إِبْلِيسَ وَجُنُودِهِ مِنْ بَدْءِ الْخلق قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ الْجِنُّ عَلَى مَرَاتِبٌ فَالْأَصْلُ جِنِّيٌّ فَإِنْ خَالَطَ الْإِنْسَ قِيلَ عَامِرٌ وَمَنْ تَعَرَّضَ مِنْهُمْ لِلصِّبْيَانِ قِيلَ أَرْوَاحٌ وَمَنْ زَادَ فِي الْخُبْثِ قِيلَ شَيْطَانٌ فَإِنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ قِيلَ مَارِدٌ فَإِنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ قِيلَ عِفْرِيتٌ.

     وَقَالَ  الرَّاغِبُ الْعِفْرِيتُ مِنَ الْجِنِّ هُوَ الْعَارِمُ الْخَبِيثُ وَإِذَا بُولِغَ فِيهِ قِيلَ عِفْرِيتٌ نفريت.

     وَقَالَ  بن قُتَيْبَةَ الْعِفْرِيتُ الْمُوثَقُ الْخَلْقِ وَأَصْلُهُ مِنَ الْعَفَرِ وَهُوَ التُّرَابُ وَرَجُلٌ عِفِرٌّ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَثَانِيهِ وَتَثْقِيلِ ثَالِثِهِ إِذَا بُولِغَ فِيهِ قيلَ عِفْرِيتٌ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَثَانِيهِ وَتَثْقِيلِ ثَالِثِهِ إِذَا بُولِغَ فِيهِ أَيْضًا

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( .

     قَوْلُهُ  قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى وَوَهَبْنَا لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ)

فِي رِوَايَةِ غَيْرِ أَبِي ذَرٍّ بَابُ قَوْلِ الله قَوْله نعم العَبْد إِنَّه أواب الرَّاجِعُ الْمُنِيبُ هُوَ تَفْسِيرُ الْأَوَّابِ وَقَدْ أَخْرَجَ بن جُرَيْجٍ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ قَالَ الْأَوَّابُ الرَّجَّاعُ عَنِ الذُّنُوبِ وَمِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ قَالَ الْمُطِيعُ وَمِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ قَالَ هُوَ الْمُسَبِّحُ .

     قَوْلُهُ  مِنْ مَحَارِيبَ قَالَ مُجَاهِدٌ بُنْيَانٌ مَا دُونَ الْقُصُورِ وَصَلَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْهُ كَذَلِكَ.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدَةَ الْمَحَارِيبُ جَمْعُ مِحْرَابٍ وَهُوَ مُقَدَّمُ كُلِّ بَيْتٍ وَهُوَ أَيْضًا الْمَسْجِدُ وَالْمُصَلَّى قَوْله وجفان كالجواب كالحياض لِلْإِبِلِ.

     وَقَالَ  بن عَبَّاسٍ كَالْجَوْبَةِ مِنَ الْأَرْضِ أَمَّا قَوْلُ مُجَاهِدٍ فَوَصَلَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْهُ.

.
وَأَمَّا قَوْلُ بن عَبَّاس فوصله بن أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدَةَ الْجَوَابِي جَمْعُ جَابِيَةٍ وَهُوَ الْحَوْضُ الَّذِي يُجْبَى فِيهِ الْمَاءُ .

     قَوْلُهُ  دَابَّةُ الْأَرْضِ الْأَرَضَةُ .

     قَوْلُهُ  مِنْسَأَتَهُ عَصَاهُ هُوَ قَول بن عَبَّاس وَصله بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْهُ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ الْمِنْسَأَةُ الْعَصَا ثُمَّ ذَكَرَ تَصْرِيفَهَا وَهِيَ مِفْعَلَةٌ مِنْ نَسَأْتُ إِذا زَجَرْتُ الْإِبِلَ أَيْ ضَرَبْتُهَا بِالْمِنْسَأَةِ .

     قَوْلُهُ  فَطَفِقَ مسحا بِالسوقِ والأعناق يمسح أعراف الْخَيل وعراقيبها هُوَ قَول بن عَبَّاس أخرجه بن جَرِيرٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْهُ وَزَادَ فِي آخِرِهِ حُبًّا لَهَا وَرَوَى مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ قَالَ كَشَفَ عَرَاقِيبَهَا وَضَرَبَ أَعْنَاقَهَا.

     وَقَالَ  لَا تَشْغَلُنِي عَنْ عِبَادَةِ رَبِّي مَرَّةً أُخْرَى قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَمِنْهُ .

     قَوْلُهُ  مسح علاوته إِذا ضرب عُنُقه قَالَ بن جرير وَقَول بن عَبَّاسٍ أَقْرَبُ إِلَى الصَّوَابِ .

     قَوْلُهُ  الْأَصْفَادُ الْوَثَاقُ روى بن جَرِيرٍ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ قَالَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ أَيْ يَجْمَعُ الْيَدَيْنِ إِلَى الْعُنُقِ بِالْأَغْلَالِ.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدَةَ الْأَصْفَادُ الْأَغْلَالُ وَاحِدُهَا صَفَدٌ وَيُقَالُ لِلْغِطَاءِ أَيْضًا صَفَدٌ .

     قَوْلُهُ  قَالَ مُجَاهِدٌ الصَّافِنَاتُ صَفَنَ الْفَرَسُ رَفَعَ إِحْدَى رِجْلَيْهِ حَتَّى يَكُونَ عَلَى طَرَفِ الْحَافِرِ وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ قَالَ صَفَنَ الْفَرَسُ إِلَخْ لَكِنْ قَالَ يَدَيْهِ وَوَقَعَ فِي أَصْلِ الْبُخَارِيِّ رِجْلَيْهِ وَصَوَّبَ عِيَاضٌ مَا عِنْدَ الْفِرْيَابِيِّ.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدَةَ الصَّافِنُ الَّذِي يَجْمَعُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَيَثْنِي مُقَدَّمَ حَافِرِ إِحْدَى رِجْلَيْهِ .

     قَوْلُهُ  الْجِيَادُ السِّرَاعُ وَصَلَهُ الْفرْيَابِيّ من طَرِيق مُجَاهِد أَيْضا روى بن جَرِيرٍ مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ أَنَّهَا كَانَتْ عِشْرِينَ فَرَسًا ذَوَاتَ أَجْنِحَةٍ .

     قَوْلُهُ  جَسَدًا شَيْطَانًا قَالَ الْفرْيَابِيّ حَدثنَا وَرْقَاء عَن بن أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ وَأَلْقَيْنَا على كرسيه جسدا قَالَ شَيْطَانًا يُقَالُ لَهُ آصِفُ قَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ كَيْفَ تَفْتِنُ النَّاسَ قَالَ أَرِنِي خَاتَمَكَ أُخْبِرْكَ فَأَعْطَاهُ فَنَبَذَهُ آصِفُ فِي الْبَحْرِ فَسَاخَ فَذَهَبَ مُلْكُ سُلَيْمَانَ وَقَعَدَ آصِفُ عَلَى كُرْسِيِّهِ وَمَنَعَهُ اللَّهُ نِسَاءَ سُلَيْمَانَ فَلَمْ يَقْرَبْهُنَّ فَأَنْكَرَتْهُ أُمُّ سُلَيْمَانَ وَكَانَ سُلَيْمَانُ يَسْتَطْعِمُ وَيُعَرِّفُهُمْ بِنَفْسِهِ فَيُكَذِّبُونَهُ حَتَّى أَعْطَتْهُ امْرَأَةٌ حُوتًا فَطَيَّبَ بَطْنَهُ فَوَجَدَ خَاتَمَهُ فِي بَطْنِهِ فَرَدَّ اللَّهُ إِلَيْهِ ملكه وفر آصف فَدخل الْبَحْر وروى بن جَرِيرٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّ اسْمَهُ آصِرُ آخِرُهُ رَاءٌ وَمِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ أَنَّ اسْمَ الْجِنِّيِّ صَخْرٌ وَمِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ كَذَلِكَ وَأَخْرَجَ الْقِصَّةَ مِنْ طَرِيقِهِ مُطَوَّلَةً وَالْمَشْهُورُ أَنَّ آصِفَ اسْمُ الرَّجُلِ الَّذِي كَانَ عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  رُخَاءً طَيِّبَةً فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ طَيِّبًا رَوَاهُ الْفِرْيَابِيُّ مِنَ الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ رُخَاءً قَالَ طَيِّبَةً .

     قَوْلُهُ  حَيْثُ أَصَابَ حَيْثُ شَاءَ وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ كَذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  فَامْنُنْ أَعْطِ بِغَيْرِ حِسَابٍ بِغَيْرِ حَرَجٍ وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ كَذَلِكَ.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ بِغَيْرِ حِسَابٍ أَيْ بِغَيْرِ ثَوَابٍ وَلَا جَزَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ مِنَّةٍ وَلَا قِلَّةٍ ثُمَّ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ أَرْبَعَةَ أَحَادِيثَ أَوَّلُهَا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي تَفَلُّتِ الْعِفْرِيتِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

[ قــ :3267 ... غــ :3423] .

     قَوْلُهُ  تَفَلَّتَ عَلَيَّ بِتَشْدِيدِ اللَّامِ أَيْ تَعَرَّضَ لِي فَلْتَةً أَيْ بَغَتَةً .

     قَوْلُهُ  الْبَارِحَةَ أَيِ اللَّيْلَةَ الْخَالِيَةَ الزَّائِلَةَ وَالْبَارِحُ الزَّائِلُ وَيُقَالُ مِنْ بَعْدِ الزَّوَالِ إِلَى آخَرِ النَّهَارِ الْبَارِحَةُ .

     قَوْلُهُ  فَذَكَرْتُ دَعْوَةَ أَخِي سُلَيْمَانَ أَيْ قَوْلَهُ وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بعدِي وَفِي هَذِهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ تَرَكَهُ رِعَايَةً لِسُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ خُصُوصِيَّةُ سُلَيْمَانَ اسْتِخْدَامَ الْجِنِّ فِي جَمِيعِ مَا يُرِيدُهُ لَا فِي هَذَا الْقَدْرِ فَقَطْ وَاسْتَدَلَّ الْخَطَّابِيُّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ أَصْحَابَ سُلَيْمَانَ كَانُوا يَرَوْنَ الْجِنَّ فِي أَشْكَالِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ حَالَ تَصَرُّفِهِمْ قَالَ.

.
وَأَمَّا قَوْلَهُ تَعَالَى إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا ترونهم فَالْمُرَادُ الْأَكْثَرُ الْأَغْلَبُ مِنْ أَحْوَالِ بَنِي آدَمَ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ نَفْيَ رُؤْيَةِ الْإِنْسِ لِلْجِنِّ عَلَى هَيْئَتِهِمْ لَيْسَ بِقَاطِعٍ مِنَ الْآيَةِ بَلْ ظَاهِرُهَا أَنَّهُ مُمْكِنٌ فَإِنَّ نَفْيَ رُؤْيَتِنَا إِيَّاهُمْ مُقَيَّدٌ بِحَالِ رُؤْيَتِهِمْ لَنَا وَلَا يَنْفِي إِمْكَانَ رُؤْيَتِنَا لَهُمْ فِي غَيْرِ تِلْكَ الْحَالَةِ وَيُحْتَمَلُ الْعُمُومُ وَهَذَا الَّذِي فَهِمَهُ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ حَتَّى قَالَ الشَّافِعِيُّ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يَرَى الْجِنَّ أَبْطَلْنَا شَهَادَتَهُ وَاسْتَدَلَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  عِفْرِيتٌ مُتَمَرِّدٌ مِنْ إِنْسٍ أَوْ جَانٍّ مِثْلُ زِبْنِيَةٍ جَمَاعَتُهُ زَبَانِيَةٌ الزَّبَانِيَةُ فِي الْأَصْلِ اسْمُ أَصْحَابِ الشُّرْطَةِ مُشْتَقٌّ مِنَ الزَّبْنِ وَهُوَ الدَّفْعُ وَأُطْلِقَ عَلَى الْمَلَائِكَةِ ذَلِكَ لِأَنَّهُمْ يَدْفَعُونَ الْكُفَّارَ فِي النَّار وَوَاحِدُ الزَّبَانِيَةِ زِبْنِيَةٌ وَقِيلَ زَبْنِيٌّ وَقِيلَ زَابِنٌ وَقِيلَ زَبَانِيٌّ.

     وَقَالَ  قَوْمٌ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ وَقِيلَ وَاحِدُهُ زِبْنِيتٌ وَزْنُ عِفْرِيتٍ وَيُقَالُ عِفْرِيَةٌ لُغَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ لَيْسَتْ مَأْخُوذَةٌ مِنْ عِفْرِيتٍ وَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ مِثْلُ زِبْنِيَةٍ أَيْ أَنَّهُ قِيلَ فِي عِفْرِيتٍ عِفْرِيَةٌ وَهِيَ قِرَاءَةٌ رُوِيَتْ فِي الشَّوَاذِّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَعَنْ أَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ وَأَبِي السِّمَالِ بِالْمُهْمَلَةِ وَاللَّامِ.

     وَقَالَ  ذُو الرُّمَّةِ كَأَنَّهُ كَوْكَبٌ فِي إِثْرِ عِفْرِيَةٍ مُصَوِّبٌ فِي ظَلَامِ اللَّيْلِ مُنْتَصِبُ وَقَدْ تَقَدَّمَ كَثِيرٌ مِنْ بَيَانِ أَحْوَالِ الْجِنِّ فِي بَابِ صِفَةِ إِبْلِيسَ وَجُنُودِهِ مِنْ بَدْءِ الْخلق قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ الْجِنُّ عَلَى مَرَاتِبٌ فَالْأَصْلُ جِنِّيٌّ فَإِنْ خَالَطَ الْإِنْسَ قِيلَ عَامِرٌ وَمَنْ تَعَرَّضَ مِنْهُمْ لِلصِّبْيَانِ قِيلَ أَرْوَاحٌ وَمَنْ زَادَ فِي الْخُبْثِ قِيلَ شَيْطَانٌ فَإِنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ قِيلَ مَارِدٌ فَإِنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ قِيلَ عِفْرِيتٌ.

     وَقَالَ  الرَّاغِبُ الْعِفْرِيتُ مِنَ الْجِنِّ هُوَ الْعَارِمُ الْخَبِيثُ وَإِذَا بُولِغَ فِيهِ قِيلَ عِفْرِيتٌ نفريت.

     وَقَالَ  بن قُتَيْبَةَ الْعِفْرِيتُ الْمُوثَقُ الْخَلْقِ وَأَصْلُهُ مِنَ الْعَفَرِ وَهُوَ التُّرَابُ وَرَجُلٌ عِفِرٌّ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَثَانِيهِ وَتَثْقِيلِ ثَالِثِهِ إِذَا بُولِغَ فِيهِ قيلَ عِفْرِيتٌ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَثَانِيهِ وَتَثْقِيلِ ثَالِثِهِ إِذَا بُولِغَ فِيهِ أَيْضًا

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَوَهَبْنَا لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} [ص: 30] الرَّاجِعُ: الْمُنِيبُ.
وَقَولُهُ: {هَبْ لِي مُلْكًا لاَ يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} [ص: 35] .
وَقَولُهُ: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ} [البقرة: 102] ، {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ} -أَذَبْنَا لَهُ عَيْنَ الْحَدِيدِ- {وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ} -إِلَى قَوْلِهِ- {مِنْ مَحَارِيبَ} [سبأ: 12] قَالَ مُجَاهِدٌ: بُنْيَانٌ مَا دُونَ الْقُصُورِ {وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ} كَالْحِيَاضِ لِلإِبِلِ،.

     وَقَالَ  ابْنُ عَبَّاسٍ: كَالْجَوْبَةِ مِنَ الأَرْضِ {وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ} -إِلَى قَوْلِهِ- {الشَّكُورُ * فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلاَّ دَابَّةُ الأَرْضِ} -الأَرَضَةُ- {تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ} عَصَاهُ {فَلَمَّا خَرَّ} -إِلَى قَوْلِهِ- {الْمُهِينِ} [سبأ: 14] .
{حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالأَعْنَاقِ} يَمْسَحُ أَعْرَافَ الْخَيْلِ وَعَرَاقِيبَهَا.
{الأَصْفَادُ}: الْوَثَاقُ.
.
قَالَ مُجَاهِدٌ: {الصَّافِنَاتُ}: صَفَنَ الْفَرَسُ رَفَعَ إِحْدَى رِجْلَيْهِ حَتَّى تَكُونَ عَلَى طَرَفِ الْحَافِرِ.
{الْجِيَادُ}: السِّرَاعُ.
{جَسَدًا}: شَيْطَانًا.
{رُخَاءً}: طَيِّبَةً.
{حَيْثُ أَصَابَ}: حَيْثُ شَاءَ.
{فَامْنُنْ}: أَعْطِ.
{بِغَيْرِ حِسَابٍ}: بِغَيْرِ حَرَجٍ.

(باب قول الله تعالى): سقط لفظ باب لأبي ذر فقول رفع على ما لا يخفى ({ووهبنا لداود
سليمان نعم العبد}) المخصوص بالمدح محذوف أي نعم العبد سليمان ({إنه أوّاب}) [ص: 30] أي (الراجع المنيب) وقال السدي: هو المسبح (وقوله) عز وجل ({هب لي ملكًا لا ينبغي لأحد من بعدي}) [ص: 35] لتكون معجزة لي مناسبة لحالي أو لا ينبغي لأحد أن يسلبه مني كما كان من قصة الجسد الذي ألقي على كرسيه، والصحيح كما قاله ابن كثير أنه سأل ملكًا لا يكون لأحد من البشر مثله كما هو ظاهر سياق الآية.

(وقوله) تعالى: ({واتبعوا ما تتلوا الشياطين}) أي: واتبعوا كتب السحر التي تقرؤها أو تتبعها الشياطين من الجن أو الإنس أو منهما ({على ملك سليمان}) [البقرة: 102] أي عهده وتتلو حكاية حال ماضية قيل كانوا يسترقون السمع ويضمون إلى ما سمعوا أكاذيب ويلقولها إلى الكهنة وهم يدونونها ويعلمون الناس، وفشا ذلك في عهد سليمان عليه السلام حتى قيل: إن الجن تعلم الغيب، وإن ملك سليمان تم بهذا العلم وإنه يسخر به الإنس والجن والريح له.

({ولسليمان الريح}) سخرناها له ({غدوّها ورواحها شهر}) أي جريها بالغداة مسيرة شهر وبالعشي كذلك أي كانت تسير به في يوم واحد مسيرة شهرين ({وأسلنا له عين القطر}) أي (أذبنا له عين الحديد) وقال غير واحد القطر النحاس أساله له من معدنه فنبع منه نبوع الماء من الينبوع ولذلك سماه عينًا وكان ذلك باليمن وإنما ينتفع الناس اليوم بما أخرج الله لسليمان وإنما أسيلت له ثلاثة أيام ({ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه}) مصدر مضاف لفاعله أي بأمره {ومن يزغ} يعدل {منهم عن أمرنا} الذي أمرناه به من طاعة سليمان {نذقه من عذاب السعير} في الآخرة وقيل في الدنيا فقد قيل إن الله تعالى وكل بهم ملكًا بيده سوط من نار فمن زاغ منهم عن أمر سليمان ضربه أحرقته {يعملون له ما شاء من محاريب} [سبأ: 13] .

(قال مجاهد): فيما وصله عبد بن حميد (بنيان) سور (ما دون القصور).
وقال أبو عبيدة: المحاريب جمع محراب وهو مقدم كل بيت، وقيل: المساجد وكان مما عملوا له بيت المقدس ابتدأه داود ورفعه قامة رجل وكمله سليمان فبناه بالرخام الأبيض والأصفر والأخضر وعمده بأساطين المها الصافي وسقفه بأنواع الجواهر الثمينة، وفصص حيطانه باللآلي واليواقيت وسائر الجواهر وبسط أرضه بلواح الفيروزج، فلم يكن يومئذ أبهى ولا أنور منه كان يضيء في الظلمة كالقمر ليلة البدر واتخذ ذلك اليوم الذي فرغ منه عيدًا ولم يزل على ما بناه سليمان حتى غزاه يختنصر وأخذ ما كان في سقفه وحيطانه مما ذكر إلى دار مملكته من أرض العراق.

({وتماثيل}) قيل كانوا ينحتون صور الملائكة والأنبياء والصالحين في المساجد ليرها الناس فيزدادوا عبادة وتحريم التصاوير شرع مجدد، وقيل إنهم عملوا أسدين في أسفل كرسيه ونسرين فوقه، فإذا أراد أن يصعد بسط الأسدان له ذراعيهما وإذا قعد أظله النسران بأجنحتهما رواه ابن أبي حاتم عن كعب في خبر طويل عجيب في صفة الكرسي.
({وجفان}) أي وصحاف ({كالجواب}) أي ({كالحياض للإبل}) قيل: كان يقعد على الجفنة الواحدة ألف رجل يأكلون
منها.
(وقال ابن عباس) فيما وصله ابن أبي حاتم: (كالجوبة من الأرض) بفتح الجيم وبعد الواو الساكنة موحدة قال الجوهري: الجوبة الفرجة في السحاب وفي الجبال وانجابت السحابة انكشفت والجوبة موضع ينجاب في الحرة.
({وقدور راسيات}) ثابتات على الأثافي لا تنزل عنها لعظمها وكان يصعد إليها بالسلالم {اعملوا آل داود شكرًا} [سبأ: 13] أي اعملوا له واعبدوه شكرًا فالنصب على العلة {وقليل من عبادي الشكور} [سبأ: 13] المتوفر على أداء الشكر الباذل وسعه فيه قد شغل قلبه ولسانه وجوارحه أكثر أوقاته ومع ذلك لا يوفى حقه لأن توفيقه للشكر نعمة تستدعي شكرًا آخر، ولذا قيل: الشكور من يرى عجزه عن الشكر قاله في الأنوار.
({فلما قضينا عليه الموت}) أي على سليمان ({ما دلهم على موته إلا دابة الأرض}) هي (الأرضة) التي ({وتأكل منسأته}) أي (عصاه {فلما خر}) إلى قوله: ({المهين}) [سبأ: 12 - 13 - 14] ولأبي ذر إلى {في العذاب المهين} وقوله: بإذن ربه إلى آخر قوله: {من محاريب) ثابت لأبي ذر، وقال غيره بعد قوله: {بين يديه} إلى قوله: {من محاريب} وثبت لأبي ذر أيضًا قوله: {اعملوا آل داود} إلى آخر {الشكور} وكان سليمان لما دنا أجله وأعلم به قال: اللهم عمّ على الجن موتي حتى تعلم الإنس أن الجن لا يعلمون الغيب، وكانت الجن تخبر الإنس أنهم يعلمون من الغيب أشياء، ثم دخل محراب بيت المقدس فقام يصلّي متوكئًا على عصاه فمات قائمًا، وكان للمحراب كوى بين يديه وخلفه، فكانت الجن تعمل تلك الأعمال الشاقة وينظرون إلى سليمان فيرونه فيظنونه حيًّا فلا ينكرون خروجه للناس لطول صلاته حتى أكلت الأرضة عصاه فخر ميتًا ثم فتحوا عنه وأرادوا أن يعرفوا وقت موته فوضعوا الأرضة على العصا فأكلت يومًا وليلة مقدارًا فحسبوا ذلك المقدار فوجدوه قد مات منذ سنة، وكان عمره ثلاثًا وخمسين سنة وملك وهو ابن ثلاث عشرة سنة وابتدأ عمارة بيت المقدس لأربع مضين من ذلك.

({حب الخير}) في قوله تعالى: {إني أحببت حب الخير} [ص: 32] أي الخيل التي شغلتني ({عن ذكر}) قال قتادة: عن صلاة العصر حتى غابت الشمس ({فطفق مسحًا}) أي فأخذ يمسح مسحًا ({بالسوق والأعناق}) أي (يمسح أعراف الخيل وعراقيبها).
حبًّا لها، وقيل يمسح بالسيف سوقها وأعناقها يقطعها تقربًا إلى الله تعالى وطلبًا لرضاه حيث اشتغل بها عن طاعته وهذا أوجه.

({الأصفاد}) [إبراهيم: 49] في قوله: {وآخرين مقرنين في الأصفاد} أي (الوثاق) أي وآخرين من الشياطين قرن بعضهم مع بعض في الأغلال ليكفوا عن الشر.

(وقال مجاهد {الصافنات}) في قوله: {إذ عرض عليه بالعشي الصافنات} هي من قولهم: (صفن الفرس) بفتح الصاد والفاء والنون والفرس رفع فاعل أي (رفع إحدى رجليه حتى يكون على طرف الحافر) وهذا وصله الفريابي، ولكن قال يديه ورجليه، وصوب القاضي عياض ما عند الفريابي، وقال في الأنوار: الصافن من الخيل الذي يقوم على طرف سنبك يد أو رجل وهو من الصفات المحمودة في الخيل ولا يكاد يكون إلا في العراب الخلص، وقال
الزجاج: هو الذي يقف على إحدى يديه ويقف على طرف سنبكه وقد يفعل ذلك بإحدى رجليه قال: وهي علامة الفراهة ({الجياد}) [ص: 32 - 33 - 34] قال مجاهد فيما وصله الفريابي (السراع) في جريها.

({جسدا}) في قوله: {ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدًا} أي (شيطانًا) قيل: إن سليمان غزا صيدون من الجزائر فقتل ملكها وأصاب ابنته جرادة فأحبها وكان لا يرقأ دمعها حزنًا على أبيها، فأمر الشياطين فمثلوا لها صورته وكان اتخاذ التماثيل جائزًا حينئذٍ فكانت تغدو إليها وتروح مع ولائدها يسجدن لها كعادتهن في ملكه، فأخبره آصف بسجودهن فكسر الصورة وضرب المرأة وخرج إلى الفلاة باكيًا متضرّعًا، وكانت له أم ولد تسمى أمينة إذا دخل للطهارة أعطاها خاتمه وكان ملكه فيه فأعطاها يومًا فتمثل لها بصورته شيطان اسمه صخر وأخذ الخاتم فتختم به وجلس على كرسيه فاجتمع عليه الخلق ونفذ حكمه في كل شيء إلا في نسائه، وغيّر سليمان عن هيئته فأتاها يطلب الخاتم فطردته فعرف أن الخطيئة قد أدركته فكان يدور على البيوت يتكلّف حتى مضى أربعون يومًا عدد ما عبدت الصورة في بيته، فطار الشيطان وقذف الخاتم في البحر فابتلعته سمكة فوقعت في يده فبقر بطنها فوجد الخاتم فتختم به وخر ساجدًا لله تعالى وعاد إليه ملكه والخطيئة تغافله عن حال أهله والسجود للصورة بغير علمه لا يضرّه.

وعن مجاهد فيما رواه الفريابي {وألقينا على كرسيه جسدًا} [ص: 34] قال: شيطانًا يقال له آصف.
قال له سليمان: كيف تفتن الناس؟ قال: أرني خاتمك أخبرك فأعطاه فقذفه آصف في البحر فساخ فذهب سليمان وقعد آصف على كرسيه ومنعه الله نساء سليمان فلم يقربهن الخبر بنحو ما سبق.
قال ابن كثير: وهذا كله من الإسرائيليات، وقال البيضاوي أظهر ما روي في ذلك مرفوعًا أنه قال: "لأطوفن الليلة على تسعين امرأة" الحديث ويأتي قريبًا إن شاء الله تعالى بعون الله.

({رخاء}) في قوله تعالى: {فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء} [ص: 36] أي (طيبة) ولأبي ذر عن الكشميهني طيبًا بالتذكير ({حيث أصاب}) أي (حيث شاء {فامنن}) أي (اعط) من شئت أو أمسك أي امنع من شئت ({بغير حساب}) [ص: 39] أي (بغير حرج).


[ قــ :3267 ... غــ : 3423 ]
- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّ عِفْرِيتًا مِنَ الْجِنِّ تَفَلَّتَ الْبَارِحَةَ لِيَقْطَعَ عَلَىَّ صَلاَتِي، فَأَمْكَنَنِي اللَّهُ مِنْهُ، فَأَخَذْتُهُ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَرْبُطَهُ عَلَى سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ حَتَّى تَنْظُرُوا إِلَيْهِ كُلُّكُمْ، فَذَكَرْتُ دَعْوَةَ أَخِي سُلَيْمَانَ: رَبِّ هَبْ لِي مُلْكًا لاَ يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي فَرَدَدْتُهُ خَاسِئًا».
عِفْرِيتٌ: مُتَمَرِّدٌ مِنْ إِنْسٍ أَوْ جَانٍّ، مِثْلُ زِبْنِيَةٍ جَمَاعَتُهَا الزَّبَانِيَةُ.

وبه قال: (حدثني) بالإفراد ولأبي ذر: حدّثنا (محمد بن بشار) بالموحدة والمعجمة المشدّدة ابن عثمان العبدي البصري بندار قال: (حدّثنا محمد بن جعفر) غندر قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج
(عن محمد بن زياد) القرشي الجمحي مولى آل عثمان بن مظعون (عن أبي هريرة) -رضي الله عنه- (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه قال:
(إن عفريتًا) بكسر العين (من الجن تفلّت) أي تعرض لي فلتة لم بغتة (البارحة) أي الليلة الخالية الزائلة (ليقطع عليّ صلاتي) بتشديد ياء عليّ (فأمكنني الله منه فأخذته فأردت أن أربطه) بضم الموحدة (على) كذا في اليونينية وفي فرعها إلى (سارية من سواري المسجد) أسطوانة من أساطينه (حتى تنظروا إليه كلكم فذكرت دعوة أخي) في النبوة (سليمان رب هب لي ملكًا) التلاوة {رب اغفر لي وهب لي ملكًا لا ينبغي لأحد من بعدي} [ص: 35] من البشر (فرددته) حال كونه (خاسئًا) مطرودًا.

({عفريت}) [النمل: 13] أي (متمرد من إنس أو جان) وإطلاقه على الإنس على سبيل الاستعارة ولاشتهار هذه الاستعارة قال بعضهم: العفريت من الرجال الخبيث المنكر، وقال ابن عباس: العفريت الداهية، وقال الربيع الغليظ، وقال الفراء: التشديد وصف بكونه من الجن في قوله تعالى {قال عفريت من الجن} [النمل: 39] تمييزًا له.
وقيل إن الشيطان أقوى من الجن وإن المردة أقوى من الشياطين وإن العفريت أقوى منهما، وقرأ أبو رجاء العطاردي وأبو السمال بالسين المهملة واللام، ورويت عن أبي بكر الصديق عفرية بكسر العين وسكون الفاء وكسر الراء وفتح التحتية بعدها تاء التأنيث المنقلبة هاء وقفًا، وأنشدوا على ذلك قول ذي الرمة:
كأنه كوكب في اثر عفرية ... مسوّم في سواد الليل منقضب
وهذا (مثل زبنية) بكسر الزاي وسكون الموحدة وكسر النون وفتح التحتية آخرها هاء تأنيث (جماعتها الزبانية).
ولأبي ذر: جماعته زبانية، والزبانية في الأرض اسم أصحاب الشرط مشتق من الزبن وهو الدفع وسمي بذلك الملائكة لدفعهم أهل النار فيها.
وقال بعضهم: وأحدها زبانيّ، وقيل زابن، وقيل زبنيت على مثال عفريت.
قال: والعرب لا تكاد تعرف هذا وتجعله من الجمع الذي لا واحد له كأبابيل وعباديد.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ قَوْلِ الله تَعَالَى {ووهَبْنَا لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إنَّهُ أوَّابٌ} ( ص: 03) .
)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان مَا ذكر فِي قَول الله تَعَالَى {وَوَهَبْنَا ... } إِلَى آخِره وَلَيْسَ فِي بعض النّسخ لفظ: بابُُ، بل الْمَذْكُور: قَول الله تَعَالَى وَوَهَبْنَا ... إِلَى آخِره.
قَوْله: ( نعم العَبْد) ، الْمَخْصُوص بالمدح مَحْذُوف.
قَوْله: ( إِنَّه أواب) تَعْلِيل لكَونه ممدوحاً لكَونه أوَّاباً أَي رجَّاعاً إِلَيْهِ بِالتَّوْبَةِ أَو مسبحاً مؤوباً للتسبيح ومرجعاً لَهُ، لِأَن كل مؤوب أواب.

الرَّاجِعُ المُنِيبُ
هَذَا تَفْسِير الأواب، وَفَسرهُ بِأَنَّهُ الرَّاجِع عَن الذُّنُوب، والمنيب من الْإِنَابَة وَهِي الرُّجُوع إِلَى الله بِكُل طَاعَة.

وقَوْلِهِ {هَبْ لِي مُلْكَاً لَا يَنْبَغِي لأِحَدٍ مِنْ بَعْدِي} ( ص: 53) .

وَقَوله، بِالْجَرِّ عطف على: قَول الله، فِي قَوْله: بابُُ قَول الله.
قَوْله: ( هَب لي) أَي: أَعْطِنِي ملكا لَا يَنْبَغِي لأحد من بعدِي، يَعْنِي: من دوني،.

     وَقَالَ  ابْن كيسَان: لَا يكون لأحد من بعدِي،.

     وَقَالَ  يزِيد بن وهب: هَب لي ملكا لَا أسلبه فِي بَاقِي عمري كَمَا سلبته فِي ماضي عمري،.

     وَقَالَ  مقَاتل بن حَيَّان: كَانَ سُلَيْمَان ملكا وَلكنه أَرَادَ بقوله: لَا يَنْبَغِي لأحد من بعدِي تسخير الرِّيَاح وَالطير، وَقيل: إِنَّمَا سَأَلَ ذَلِك ليَكُون لَهُ علما على الْمَغْفِرَة وَقبُول التَّوْبَة حَيْثُ أجَاب الله دعاءه، ورد عَلَيْهِ ملكه وَزَاد فِيهِ.

وقَوْلِهِ {واتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ علَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ} ( الْبَقَرَة: 201) .

وَقَوله، بِالْجَرِّ أَيْضا عطف على قَوْله: هَب لي ملكا.
قَوْله: ( وَاتبعُوا) أَي: الْيَهُود، مَا تتلو الشَّيَاطِين أَي: مَا ترويه وَتُخْبِرهُ وتحدثه الشَّيَاطِين.
قَوْله: ( على ملك سُلَيْمَان) وعداه: بعلى، لِأَنَّهُ ضمن معنى: تتلوا تكذب،.

     وَقَالَ  ابْن جرير: على، هُنَا بِمَعْنى: فِي، أَي: فِي ملك سُلَيْمَان، وَنَقله عَن ابْن جريج وَابْن إِسْحَاق.
قلت: التَّضْمِين أولى وَأحسن،.

     وَقَالَ  السّديّ مَا ملخصه: إِن الشَّيَاطِين كَانُوا يصعدون إِلَى السَّمَاء فيسمعون من الْمَلَائِكَة مَا يكون فِي الأَرْض فَيَأْتُونَ الكهنة فيخبرون بِهِ فتحدثه الكهنة للنَّاس فيجدونه كَمَا قَالُوا، وادخلت الكهنة فِيهِ غَيره فزادوا مَعَ كل كلمة سبعين، كلمة، فاكتتب النَّاس ذَلِك، وفشى فِي بني إِسْرَائِيل أَن الْجِنّ تعلم الْغَيْب، فَبعث سُلَيْمَان فِي النَّاس فَجمع تِلْكَ الْكتب وَجعلهَا فِي صندوق ثمَّ دَفنهَا تَحت كرسيه، وَلم يكن أحد من الشَّيَاطِين يَسْتَطِيع أَن يدنو من الْكُرْسِيّ إلاَّ احْتَرَقَ، فَلَمَّا مَاتَ سُلَيْمَان تمثل شَيْطَان فِي صُورَة آدَمِيّ وأتى نَفرا من بني إِسْرَائِيل فدلهم على تِلْكَ الْكتب فأخرجوها.
فَقَالَ لَهُم الشَّيْطَان: إِن سُلَيْمَان كَانَ يضْبط الْإِنْس وَالْجِنّ وَالطير بِهَذَا السحر، ثمَّ طَار وَذهب وفشى فِي النَّاس أَن سُلَيْمَان كَانَ ساحراً فاتخذت بَنو إِسْرَائِيل تِلْكَ الْكتب، فَلَمَّا جَاءَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خاصموه بهَا، فَأنْزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة: {وَاتبعُوا مَا تتلو الشَّيَاطِين على ملك سُلَيْمَان وَمَا كفر سُلَيْمَان} ( الْبَقَرَة: 201) .
الْآيَة.

ولِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ ورَوَاحُهَا شَهْرٌ} ( سبأ: 21) .

أَي: وسخرنا لِسُلَيْمَان الرّيح،.

     وَقَالَ  فِي آيَة أُخْرَى: {فسخرنا لَهُ الرّيح تجْرِي بأَمْره رخاء} ( ص: 63) .
أَي لينَة حَيْثُ أصَاب أَي: حَيْثُ أَرَادَ.
قَوْله: ( غدوها) أَي: غدو الرّيح، شهر: يَعْنِي: مسير الرّيح شهر فِي غدوته وَشهر فِي روحته،.

     وَقَالَ  مُجَاهِد: كَانَ سُلَيْمَان يَغْدُو من دمشق فيقيل باصطخر، وَيروح من اصطخر فيقيل بكابل، وَكَانَ بَين إصطخر وكابل مسيرَة شهر، وَمَا بن دمشق واصطخر مسيرَة شهر.

{وأسَلْنا لَهُ عَيْنَ الْقِطْر} ( سبإ: 21) .
أذَبْنا لَهُ عَيْنَ الحَدِيدِ
أسلنا من الإسالة، وَفَسرهُ بقوله: أذبنا لَهُ من الإذابة، وَفسّر عين الْقطر بالحديد،.

     وَقَالَ  قَتَادَة: عين من نُحَاس كَانَت بِالْيمن،.

     وَقَالَ  الْأَعْمَش: سيلت لَهُ كَمَا يسال المَاء، وَقيل: لم يذب للنَّاس لأحد قبله.

{ومِنَ الجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ} إلَى قَوْلِهِ {مِنْ مَحَارِيبَ} ( سبإ: 21) .

أَي: وسخرنا لَهُ {من الْجِنّ من يعْمل بَين يَدَيْهِ بِإِذن ربه وَمن يزغ مِنْهُم عَن أمرنَا نذقه من عَذَاب السعير يعْملُونَ لَهُ مَا يَشَاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات اعْمَلُوا آل دَاوُد شكرا وَقَلِيل من عبَادي الشكُور} ( سبإ: 21) .
قَوْله: ( وَمن يزغ) أَي: وَمن يمل من الْجِنّ عَن أمرنَا نذقه من عَذَاب السعير فِي الْآخِرَة، وَقيل: فِي الدُّنْيَا، وَذَلِكَ أَن الله تَعَالَى وكل بهم ملكا بِيَدِهِ سَوط من نَار فَمن زاغ عَن أمره ضربه ضَرْبَة أحرقته.

قَالَ مُجَاهِدٌ: بُنْيَانٌ مَا دُونَ القُصُورِ
فسر مُجَاهِد المحاريب بقوله: بُنيان مَا دون الْقُصُور،.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدَة: المحاريب جمع محراب وَهُوَ مقدم كل بَيت، وَهُوَ أَيْضا الْمَسْجِد والمصلى.

وتَماثِيلَ جمع: تِمْثَال، وَهِي الصُّور، وَكَانَ عمل الصُّور فِي الجدران وَغَيرهَا سائغاً فِي شريعتهم.

{وجِفَان كالْجَوابِ} ( سبإ: 21) .
كالحِياضِ لِلإبِلِ، وقالَ ابنُ عَبَّاسٍ: كالْجَوْبَةِ مِنَ الأرْضِ
الجفان جمع جَفْنَة، وَهِي الْقَصعَة الْكَبِيرَة شبهت بالجوابي وشبهت الجوابي بالحياض الَّتِي يجبى فِيهَا المَاء أَي: يجمع، وَاحِدهَا: جابية، قَالَ الْأَعْشَى:

( تروح على آل المحلق جَفْنَة كجابية الشَّيْخ الْعِرَاقِيّ تفهق)

وَيُقَال: كَانَ يقْعد على جَفْنَة وَاحِدَة من جفان سُلَيْمَان ألف رجل يَأْكُلُون بَين يَدَيْهِ.
قَوْله: (.

     وَقَالَ  ابْن عَبَّاس: كالجوبة)
أَي: الجفان كالجوبة، بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الْوَاو وَالْبَاء الْمُوَحدَة: وَهِي مَوضِع ينْكَشف فِي الْحرَّة وَيَنْقَطِع عَنْهَا.

{وقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ} إِلَى قوْلِهِ {الشَّكُورُ} ( سبإ: 21) .

راسيات: أَي: ثابتات لَا يحولن وَلَا يحركن من أماكنهن لعظمهن، وَفِي ( تَفْسِير النَّسَفِيّ) : وَكَانَت بِالْيمن، وَمِنْه قيل للجبال: رواسي.
قَوْله: ( إِلَى قَوْله: الشكُور) ، بِعني، إقرأ إِلَى قَوْله: الشكُور، وَهُوَ قَوْله: {اعْمَلُوا آل دَاوُد شكرا وَقَلِيل من عبَادي الشكُور} ( سبإ: 31) .
قَالَ النَّسَفِيّ: أَي: وَقُلْنَا: إعملوا شكرا، يَعْنِي: إعملوا بِطَاعَة الله يَا آل دَاوُد شكرا على نعمه، وشكراً فِي مَحل الْمصدر على تَقْدِير: اشكروا شكرا، لِأَن إعملوا فِيهِ معنى: اشكروا من حَيْثُ أَن معنى الْعَمَل فِيهِ للمنعم شكر لَهُ، وَقيل: انتصب: شكرا، على أَنه مفعول لَهُ، أَي: اعْمَلُوا لله واعبدوه، على وَجه الشُّكْر لنعمائه، وَقيل: انتصب على الْحَال، أَي: شاكرين، وَقيل: يجوز أَن ينْتَصب: باعملوا، مَفْعُولا بِهِ، مَعْنَاهُ: أَنا سخرنا لكم الْجِنّ يعْملُونَ لكم مَا شِئْتُم فاعملوا أَنْتُم شكرا، على طَرِيق المشاكلة.
قَوْله: ( الشكُور) ، المتوفر على أَدَاء الشُّكْر الْبَاذِل وَسعه فِيهِ، قد شغل بِهِ قلبه وَلسَانه وجوارحه اعتقاداً واعترافاً.
وَعَن ابْن عَبَّاس: الشكُور من يشْكر على أَحْوَاله كلهَا،.

     وَقَالَ  السّديّ: هُوَ من يشْكر على الشُّكْر، وَقيل: من يرى عَجزه عَن الشُّكْر.

{فلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ المَوْتَ مَا دلَّهُمْ علَى مَوْتِهِ إلاَّ دَابَّةُ الأرْضِ.
الأرَضَةُ تأكُلُ مِنْسَأتَهُ عَصاهُ فلَمَّا خَرَّ} إِلَى قَوْلِهِ {المُهِينِ} ( سبأ: 31 41) .

أَي: فَلَمَّا حكمنَا على سُلَيْمَان بِالْمَوْتِ مَا دلّ الْجِنّ على مَوته إلاَّ دَابَّة الأَرْض وَهِي الأَرْض، وَهِي دويبة تَأْكُل الْخشب.
قَوْله: ( منسأته) أَي: عَصَاهُ.
قَوْله: ( فَلَمَّا خر) ، أَي: سقط سُلَيْمَان مَيتا.
قَوْله: ( إِلَى قَوْله: المهين) ، يَعْنِي: اقْرَأ إِلَى قَوْله: المهين، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى: {تبينت الْجِنّ أَن لَو كَانُوا يعلمُونَ الْغَيْب مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَاب المهين} ( سبإ: 31 41) .
قَوْله: ( تبينت الْجِنّ) جَوَاب: لما، أَي: لما علمت الْجِنّ أَن لَو كَانُوا يعلمُونَ الْغَيْب وَكَانُوا يدعونَ أَنهم يعلمُونَ الْغَيْب.
قَوْله: ( فِي الْعَذَاب المهين) ، أَي: فِي الْعَذَاب الَّذِي يهين المعذب، يَعْنِي: مَا عمِلُوا مسخرين وَهُوَ ميت وهم يَظُنُّونَهُ حَيا.

حُبُّ الخَيْرِ عنْ ذِكْرِ رَبِّي مِنْ ذِكْرِ رَبِّي أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْت حب الْخَيْر عَن ذكر رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بالحجاب} ( ص: 23) .
قَوْله: ( حب الْخَيْر) ، قَالَ الْفراء: الْخَيل وَالْخَيْر بِمَعْنى فِي كَلَام الْعَرَب، وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سمى زيد الْخَيل: زيد الْخَيْر، وَالْخَيْر: المَال أَيْضا.
قَوْله: ( عَن ذكر رَبِّي) ، قَالَ قَتَادَة: عَن صَلَاة الْعَصْر.
قَوْله: ( حَتَّى تَوَارَتْ) ، يَعْنِي: الشَّمْس، أَي: غَابَتْ بالحجاب وَهُوَ جبل دون الْقَاف بمسيرة سنة تغرب الشَّمْس من وَرَائه، قيل: مَعْنَاهُ حَتَّى استترت الشَّمْس بِمَا يحجبها عَن الْأَبْصَار، والإضمار قبل الذّكر يجوز إِذا جرى ذكر الشَّيْء أَو دَلِيل الذّكر، وَقد جرى هُنَا، وَهُوَ قَوْله: بالْعَشي، وَهُوَ مَا بعد الزَّوَال.

فَطَفِقَ مَسْحَاً بالسُّوقِ والأعناق يَمْسَحُ أعْرَافَ الخَيْلِ وعَرَاقِيبَهَا
أول الْآيَة: {ردوهَا عَليّ} ( ص: 13) .
وَهِي الْمَذْكُورَة قبله بقوله: {إِذْ عرض عَلَيْهِ بالْعَشي الصافنات الْجِيَاد} ( ص: 13) .
وَكَانَ سُلَيْمَان، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، صلى الصَّلَاة الأولى ثمَّ قعد على الْكُرْسِيّ وَهِي تعرض عَلَيْهِ، فعرضت عَلَيْهِ مِنْهَا تِسْعمائَة وَكَانَت ألفا، وَكَانَ سُلَيْمَان غزا دمشق ونصيبين فَأصَاب مِنْهَا ألف فرس،.

     وَقَالَ  مقَاتل: ورث سُلَيْمَان عَن أَبِيه دَاوُد ألف فرس، وَكَانَ أَبوهُ أَصَابَهَا من العمالقة،.

     وَقَالَ  الْحسن: بَلغنِي أَنَّهَا كَانَت خيلاً خرجت من الْبَحْر لَهَا أَجْنِحَة، وَقبل أَن يكمل الْعرض غربت الشَّمْس ففاتته صَلَاة الْعَصْر وَلم يعلم بذلك فَاغْتَمَّ لذَلِك، فَقَالَ: {ردوهَا عَليّ فَطَفِقَ مسحاً} ( ص: 13) .
أَي: فَأقبل يمسح بسوقها وأعناقها بِالسَّيْفِ وينحرها تقرباً إِلَى الله تَعَالَى وطلباً لرضاه حَيْثُ اشْتغل بهَا عَن طَاعَته.
قَوْله: ( يمسح أعراف الْخَيل وعراقيبها) ، والعراقيب جمع عرقوب، وَهُوَ العصب الغليظ عِنْد عقب الْإِنْسَان.

والأصْفَادِ الوَثاقُ
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَآخَرين مُقرنين فِي الأصفاد} ( ص: 83) .
وَفسّر الأصفاد بِالْوَثَاقِ، وروى ابْن جرير من طَرِيق السّديّ، قَالَ: مُقرنين فِي الأصفاد: أَن تجمع اليدان إِلَى الْعُنُق بالأغلال،.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدَة: الأصفاد والأغلال وَاحِدهَا صفد، وَيُقَال للعطاء أَيْضا: صفد.
قَوْله: {وَآخَرين} ( ص: 83) .
عطف على قَوْله: {الشَّيَاطِين} ( ص: 83) .
أَي: سخرنا لَهُ الشَّيَاطِين وسخرنا لَهُ آخَرين، يَعْنِي: مَرَدَة الشَّيَاطِين مُقرنين فِي الأصفاد، يُقَال: صفده أَي: شده وأوثقه.
قَالَ مُجَاهِدٌ الصَّافِنَاتُ صَفَنَ الفَرَس رَفَعَ إحْدى رِجْلَيْهِ حتَّى تَكُونَ علَى طَرَفِ الحَافِرِ، الجِيَادُ السِّرَاع
أَي: قَالَ مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى: {إِذْ عرض عَلَيْهِ بالْعَشي الصافنات الْجِيَاد} ( ص: 13) .
أَن الصافنات من صفن الْفرس إِلَى آخِره يَعْنِي: مُشْتَقّ مِنْهُ وَهُوَ جمع صافنة،.

     وَقَالَ  النَّسَفِيّ: الصَّافِن من الْخَيل الْقَائِم على ثَلَاث قَوَائِم، وَقد أَقَامَ الرَّابِعَة على طرف الْحَافِر، والصفون لَا يكَاد يكون فِي الهجن وَإِنَّمَا هُوَ فِي العراب الخلص، وَوصل الْفرْيَابِيّ إِلَى مُجَاهِد مَا قَالَه، لَكِن فِي رِوَايَته: يَدَيْهِ، وَالْمَوْجُود فِي أصل البُخَارِيّ: رجلَيْهِ، وَصوب القَاضِي عِيَاض مَا عِنْد الْفرْيَابِيّ.
قَوْله: ( الْجِيَاد السراع) بِكَسْر السِّين الْمُهْملَة، وَفِي التَّفْسِير: الْجِيَاد المسرعة فِي الجري جمع جواد، وَقيل: جمع جيد، جمع لَهَا بَين وصفين محمودين.

جَسَداً شَيْطانَاً
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وألقينا على كرسيه جسداً} ( ص: 43) .
وَفسّر جسداً بقوله: شَيْطَانا،.

     وَقَالَ  الْفرْيَابِيّ: حَدثنَا وَرْقَاء عَن ابْن أبي نجيح فِي قَوْله تَعَالَى: {وألقينا على كرسيه جسداً} ( ص: 43) .
قَالَ: شَيْطَانا يُقَال لَهُ آصف، قَالَ لَهُ سُلَيْمَان، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، كَيفَ تفتن النَّاس؟ قَالَ: أَرِنِي خاتمك أخْبرك، فَأعْطَاهُ فنبذه آصف فِي الْبَحْر فساخ، فَذهب سُلَيْمَان وَقعد أصف على كرسيه وَمنع الله نسَاء سُلَيْمَان فَلم يقربهن، فأنكرته أم سُلَيْمَان، وَكَانَ سُلَيْمَان عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، يستطعم ويعرفهم بِنَفسِهِ فيكذبونه حَتَّى أَعطَتْهُ امْرَأَة حوتاً فطب بَطْنه فَوجدَ خَاتمه فِي بَطْنه، فَرد الله إِلَيْهِ ملكه، وفر آصف فَدخل الْبَحْر.
وَرَوَاهُ ابْن جرير من وَجه آخر عَن مُجَاهِد: أَن اسْمه آصر، آخِره رَاء، وَمن طَرِيق عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس: أَن اسْم الْجِنّ: صَخْر، وَمن طَرِيق السّديّ كَذَلِك.
انْتهى.

قلت: فِي هَذَا نظر من وُجُوه: الأول: أَنه يبعد من سُلَيْمَان أَن يناول خَاتمه لغيره ليراه مَعَ علمه أَن ملكه قَائِم بِهِ.
وَالثَّانِي: لَا يَلِيق أَن يقْعد شَيْطَان على كرْسِي نَبِي مُرْسل الَّذِي أعطي مَا لَا يعْطى غَيره من الْملك الْعَظِيم.
وَالثَّالِث: أَن آصف، بِالْفَاءِ فِي آخِره: هُوَ معلم سُلَيْمَان وكاتبه فِي أَيَّام ملكه، وَالَّذِي أَظن أَن الصَّحِيح أَن سُلَيْمَان لما افْتتن بِسَبَب ابْنة ملك صيدون وَاصْطفى ابْنة ملكهَا لنَفسِهِ وأحبها صورت فِي بَيتهَا صُورَة أَبِيهَا، وَكَانَ سُلَيْمَان، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، إِذا خرج من بَيتهَا كَانَت هِيَ وجواريها يعْبدُونَ هَذِه الصُّورَة حَتَّى أَتَى على ذَلِك أَرْبَعُونَ يَوْمًا، وَبلغ ذَلِك آصف بن برخياء فعتب على سُلَيْمَان، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، بِسَبَب ذَلِك، فَعِنْدَ ذَلِك سقط الْخَاتم من يَده، وَكَانَ كلما أَعَادَهُ كَانَ يسْقط، فَقَالَ لَهُ آصف: إِنَّك مفتون، ففر إِلَى الله تَائِبًا من ذَلِك وَأَنا أقوم مقامك وأسير فِي عِيَالك وَأهل بَيْتك بسيرك إِلَى أَن يَتُوب الله عَلَيْك ويردك إِلَى ملكك، ففر سُلَيْمَان هَارِبا إِلَى الله تَعَالَى، وَأخذ آصف الْخَاتم فَوَضعه فِي يَده فَثَبت وَغَابَ مُدَّة أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثمَّ أَن الله تَعَالَى لما قبل تَوْبَته رَجَعَ إِلَى منزله فَرد الله إِلَيْهِ ملكه وَأعَاد الْخَاتم فِي يَده.
وَقيل: المُرَاد من الْجَسَد ابْنه، وَذَلِكَ أَنه لما ولد لَهُ قَالَت الشَّيَاطِين: نَقْتُلهُ وإلاَّ لَا نَعِيش مَعَه بعده، وَلما علم سُلَيْمَان ذَلِك أَمر السَّحَاب حَتَّى حملت ابْنه وعدى فِي السَّحَاب خوفًا من مضرَّة الشَّيَاطِين، فَعَاتَبَهُ الله لذَلِك، وَمَات الْوَلَد فَألْقى مَيتا على كرسيه فَهُوَ الْجَسَد الَّذِي قَالَ الله تَعَالَى: {وألقينا على كرسيه جسداً} ( ص: 43) .
وَهَذَا هُوَ الْأَنْسَب والأليق من غَيره، وَيُؤَيِّدهُ مَا قَالَه الْخَلِيل: لَا يُقَال الْجَسَد لغير الْإِنْسَان من خلق الأَرْض،.

     وَقَالَ  ابْن إِسْحَاق: وَكَانَ الْخَاتم من ياقوتة خضراء أَتَاهُ بهَا جِبْرِيل، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، من الْجنَّة مَكْتُوب عَلَيْهَا: لَا إلاه إلاَّ الله مُحَمَّد رَسُول الله، وَهُوَ الْخَاتم الَّذِي ألبسهُ الله آدم فِي الْجنَّة.

رُخَاءً طَيِّبةً حَيْثُ أصابَ حَيْثُ شَاءَ
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فسخرنا لَهُ الرّيح تجْرِي بأَمْره رخاء} ( ص: 63) .
وَفسّر رخاء بقوله: طيبَة، ويروى طيبا، بالتذكير، وَفسّر قَوْله: حَيْثُ أصَاب، بقوله: حَيْثُ شَاءَ، بلغَة حِمْيَر.

فامْنُنْ أعْطِ بِغَيْرِ حِسابٍ بِغَيْرِ حَرَجٍ
أول الْآيَة: {هَذَا عطاؤنا فَامْنُنْ أَو أمسك بِغَيْر حِسَاب} ( ص: 93) .
وَفسّر قَوْله: فَامْنُنْ، بقوله: أعْط، وَالْعرب تَقول: منَّ عَليّ برغيف، أَي: أعطانيه، وَفسّر قَوْله: بِغَيْر حِسَاب، بقوله: بِغَيْر حرج،.

     وَقَالَ  الْحسن الْبَصْرِيّ.
رَحمَه الله: إِن الله لم يُعْط أحد أعطية إلاَّ جعل فِيهَا حسابا إلاَّ سُلَيْمَان، فَإِن الله أعطَاهُ عَطاء هَنِيئًا، فَقَالَ: هَذَا عطاؤنا فَامْنُنْ أَو أمسك بِغَيْر حِسَاب، قَالَ: إِن أعطي أجر، وَإِن لم يُعْط لم يكن عَلَيْهِ تبعة..
     وَقَالَ  مقَاتل: هُوَ فِي أَمر الشَّيَاطِين، أَي: حل من شِئْت مِنْهُم وأوثق من شِئْت فِي وثاقك وَلَا تبعة عَلَيْك فِيمَا تتعاطاه.



[ قــ :3267 ... غــ :3423 ]
- حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ حدَّثنا مُحمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ حدَّثنا شُعْبَةُ عنْ مُحَمَّدِ بنِ زِيادٍ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ عنِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إنَّ عِفْرِيتاً مِنَ الجِنِّ تَفَلَّتَ الْبَارِحَةَ لِيَقْطع علَيَّ صَلاَتِي فأمْكَنَنِي الله مِنْهُ فأخَذْتُهُ فأرَدْتُ أنْ أرْبُطَهُ علَى سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ حَتَّى تَنْظُرُوا إلَيْهِ كُلُّكُمْ فَذَكَرْتُ دَعْوَةَ أخِي سُلَيْمَانَ رَبِّ هَبْ لِي مُلْكَاً لَا يَنْبَغِي لأِحَدٍ مِنْ بَعْدِي فرَدَدْتُهُ خاسِئاً.
.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة.
والْحَدِيث مضى فِي كتاب الصَّلَاة فِي: بابُُ الْأَسير يرْبط فِي الْمَسْجِد، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.

قَوْله: ( تفلَّت) ، بتَشْديد اللَّام، أَي: تعرض لي فلتة، أَي: بَغْتَة، وَفِي قَوْله: ( فَذكرت دَعْوَة أخي سُلَيْمَان)
إِلَى آخِره، دلَالَة على أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقدر على ذَلِك، إلاَّ أَنه تَركه رِعَايَة لِسُلَيْمَان، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام.

عِفْرِيتٌ مُتَمَرِّدٌ مِنْ إنْسٍ أوْ جانٍّ مِثْلُ زِبْنِيَةٍ جَمَاعَتُهَا الزَّبَانِيَّةُ
فسر: عفريتاً، بقوله: متمرد، سَوَاء كَانَ من إنس أَو من جَان، واشتقاقه من: العفر،.

     وَقَالَ  الزَّمَخْشَرِيّ: العفر والعفرية والعفارية والعفريت: الْقوي المتشيطن الَّذِي يعفر قرنه، وَالْيَاء فِي عفرية وعفارية للإلحاق بشرذمة وعذافرة، وَالْهَاء فيهمَا للْمُبَالَغَة، وَالتَّاء فِي: عفريت، للإلحاق بقنديل، وَفِي الحَدِيث: أَن الله تَعَالَى يبغض العفرية التفرية، قَالَ ابْن الْأَثِير: هُوَ الداهي الْخَبيث الشرير، وَمِنْه العفريت.
قَوْله: ( مثل زبنية) ، بِكَسْر الزَّاي وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة وَكسر النُّون وَفتح الْيَاء آخر الْحُرُوف، وَفِي آخِره هَاء، وَيجمع على: زَبَانِيَة.
وَفِي قَوْله: ( عفريت) مثل زبنية، نظر، لِأَن مثل الزبنية العفرية لَا العفريت،.

     وَقَالَ  بَعضهم: مُرَاد المُصَنّف بقوله: مثل زبنية، إِنَّه قيل فِي عفريت: عفرية، وَهِي قِرَاءَة جَاءَت شَاذَّة عَن أبي بكر الصّديق وَأبي رَجَاء العطاردي، وَأبي السمال، بِالسِّين الْمُهْملَة وباللام.
انْتهى.
قلت: قد تقدم من قَول الزَّمَخْشَرِيّ أَن عفرية لُغَة مُسْتَقلَّة وَلَيْسَت هِيَ وعفرية لُغَة وَاحِدَة، والزبانية فِي الأَصْل إسم أَصْحَاب الشرطة واشتقاقها من الزَّبْن وَهُوَ الدّفع، وَأطلق ذَلِك على مَلَائِكَة النَّار لأَنهم يدْفَعُونَ الْكفَّار إِلَى النَّار، وَيُقَال وَاحِد الزَّبَانِيَة زبني، وَيُقَال: زابن، وَقيل: زباني، وَالْكل لَا يَخْلُو عَن نظر.