3257 حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْعَتَكِيُّ ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ أَعْتَقَ غُلَامًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ ، لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّي ؟ فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بِثَمَانِ مِائَةِ دِرْهَمٍ ، فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ ، قَالَ عَمْرٌو : سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ ، يَقُولُ : عَبْدًا قِبْطِيًّا مَاتَ عَامَ أَوَّلَ |
3257 حدثنا أبو الربيع سليمان بن داود العتكي ، حدثنا حماد يعني ابن زيد ، عن عمرو بن دينار ، عن جابر بن عبد الله ، أن رجلا من الأنصار أعتق غلاما له عن دبر ، لم يكن له مال غيره ، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : من يشتريه مني ؟ فاشتراه نعيم بن عبد الله بثمان مائة درهم ، فدفعها إليه ، قال عمرو : سمعت جابر بن عبد الله ، يقول : عبدا قبطيا مات عام أول |
شرح الحديث من شرح النووى على مسلم
باب جَوَازِ بَيْعِ الْمُدَبِّرِ
[ سـ :3257 ... بـ :997]
حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْعَتَكِيُّ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ أَعْتَقَ غُلَامًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّي فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بِثَمَانِ مِائَةِ دِرْهَمٍ فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ قَالَ عَمْرٌو سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ عَبْدًا قِبْطِيًّا مَاتَ عَامَ أَوَّلَ
قَوْلُهُ : ( إَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ أَعْتَقَ غُلَامًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّي ؟ فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ ) مَعْنَى ( أَعْتَقَهُ عَنْ دُبُرٍ ) أَيْ : دَبَّرَهُ ، فَقَالَ لَهُ : أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي ، وَسُمِّيَ هَذَا تَدْبِيرًا ; لِأَنَّهُ يَحْصُلُ الْعِتْقُ فِي دُبُرِ الْحَيَاةِ .
وَأَمَّا هَذَا الرَّجُلُ الْأَنْصَارِيُّ فَيُقَالُ لَهُ : أَبُو مَذْكُورٍ ، وَاسْمُ الْغُلَامِ الْمُدَبَّرِ : يَعْقُوبُ .
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَمُوَافِقِيهِ : أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ الْمُدَبَّرِ قَبْلَ مَوْتِ سَيِّدِهِ لِهَذَا الْحَدِيثِ قِيَاسًا عَلَى الْمُوصَى بِعِتْقِهِ ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِالْإِجْمَاعِ ، وَمِمَّنْ جَوَّزَهُ : عَائِشَةُ وَطَاوُسٌ وَعَطَاءٌ وَالْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَالسَّلَفِ مِنَ الْحِجَازِيِّينَ وَالشَّامِيِّينَ وَالْكُوفِيِّينَ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى - : لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمُدَبَّرِ ، قَالُوا : وَإِنَّمَا بَاعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دَيْنٍ كَانَ عَلَى سَيِّدِهِ ، وَقَدْ جَاءَ فِي رِوَايَةٍلِلنَّسَائِيِّ وَالدَّارَقُطْنِيِّ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ : ( اقْضِ بِهِ دَيْنَكَ ) قَالُوا : وَإِنَّمَا دَفَعَ إِلَيْهِ ثَمَنَهُ لِيَقْضِيَ بِهِ دَيْنَهُ ، وَتَأَوَّلَهُ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَالٌ غَيْرُهُ ، فَرَدَّ تَصَرُّفَهُ ، قَالَ هَذَا الْقَائِلُ وَكَذَلِكَ يُرَدُّ تَصَرُّفُ مَنْ تَصَدَّقَ بِكُلِّ مَالِهِ ، وَهَذَا ضَعِيفٌ بَلْ بَاطِلٌ ، وَالصَّوَابُ نَفَاذُ تَصَرُّفِ مَنْ تَصَدَّقَ بِكُلِّ مَالِهِ ، وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - : الْأَشْبَهُ عِنْدِي أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ نَظَرًا لَهُ إِذْ لَمْ يَتْرُكْ لِنَفْسِهِ مَالًا ، وَالصَّحِيحُ مَا قَدَّمْنَاهُ أَنَّ الْحَدِيثَ عَلَى ظَاهِرِهِ ، وَأَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ الْمُدَبَّرِ بِكُلِّ حَالٍ مَا لَمْ يَمُتِ السَّيِّدُ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى صِحَّةِ التَّدْبِيرِ ، ثُمَّ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ وَالْجُمْهُورِ أَنَّهُ يُحْسَبُ عِتْقُهُ مِنَ الثُّلُثِ ، وَقَالَ اللَّيْثُ وَزُفَرُ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - : هُوَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ .
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ : نَظَرُ الْإِمَامِ فِي مَصَالِحِ رَعِيَّتِهِ ، وَأَمْرُهُ إِيَّاهُمْ بِمَا فِيهِ الرِّفْقُ بِهِمْ وَبِإِبْطَالِهِ مَا يَضُرُّهُمْ مِنْ تَصَرُّفَاتِهِمُ الَّتِي يُمْكِنُ فَسْخُهَا .
وَفِيهِ جَوَازُ الْبَيْعِ فِيمَنْ يُدَبَّرُ ، وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ الْآنَ ، وَقَدْ كَانَ فِيهِ خِلَافٌ ضَعِيفٌ لِبَعْضِ السَّلَفِ .
قَوْلُهُ : ( وَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ) وَفِي رِوَايَةٍ : ( فَاشْتَرَاهُ ابْنُ النَّحَّامِ ) بِالنُّونِ الْمَفْتُوحَةِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ الْمُشَدَّدَةِ هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ ( ابْنُ النَّحَّامِ ) بِالنُّونِ ، قَالُوا : وَهُوَ غَلَطٌ وَصَوَابُهُ : ( فَاشْتَرَاهُ النَّحَّامُ ) هُوَ نُعَيْمٌ وَهُوَ النَّحَّامُ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَسَمِعْتُ فِيهَا نَحْمَةً لِنُعَيْمٍ وَالنَّحْمَةُ الصَّوْتُ ، وَقِيلَ : هِيَ السَّعْلَةُ ، وَقِيلَ : النَّحْنَحَةُ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .