هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
316 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ هِشَامٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبِي حُبَيْشٍ ، كَانَتْ تُسْتَحَاضُ ، فَسَأَلَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : ذَلِكِ عِرْقٌ وَلَيْسَتْ بِ الحَيْضَةِ ، فَإِذَا أَقْبَلَتِ الحَيْضَةُ ، فَدَعِي الصَّلاَةَ وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْتَسِلِي وَصَلِّي
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
316 حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا سفيان ، عن هشام ، عن أبيه ، عن عائشة ، أن فاطمة بنت أبي حبيش ، كانت تستحاض ، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ذلك عرق وليست ب الحيضة ، فإذا أقبلت الحيضة ، فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغتسلي وصلي
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن عَائِشَةَ ، أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبِي حُبَيْشٍ ، كَانَتْ تُسْتَحَاضُ ، فَسَأَلَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : ذَلِكِ عِرْقٌ وَلَيْسَتْ بِ الحَيْضَةِ ، فَإِذَا أَقْبَلَتِ الحَيْضَةُ ، فَدَعِي الصَّلاَةَ وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْتَسِلِي وَصَلِّي .

Narrated `Aisha:

Fatima bint Abi Hubaish used to have bleeding in between the periods, so she asked the Prophet (ﷺ) about it . He replied, The bleeding is from a blood vessel and not the menses. So give up the prayers when the (real) menses begin and when it has finished, take a bath and start praying.

0320 Aicha dit : Fatima bent Abu Hubaych avait souvent une métrorragie. Elle interrogea le Prophète qui lui dit : « Cela est le sang d’une veine, il n’a rien à voir avec les menstrues. Laisse la prière une fois que la période des menstrues commence ! Mais une fois cette période achevée, fais des ablutions majeures et prie !«   

":"ہم سے عبداللہ بن محمد مسندی نے بیان کیا ، کہا ہم سے سفیان بن عیینہ نے ہشام بن عروہ سے ، وہ اپنے باپ سے ، وہ حضرت عائشہ سے کہفاطمہ بنت ابی حبیش کو استحاضہ کا خون آیا کرتا تھا ۔ تو انھوں نے نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم سے اس کے متعلق پوچھا ۔ آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ یہ رگ کا خون ہے اور حیض نہیں ہے ۔ اس لیے جب حیض کے دن آئیں تو نماز چھوڑ دیا کر اور جب حیض کے دن گزر جائیں تو غسل کر کے نماز پڑھ لیا کر ۔

0320 Aicha dit : Fatima bent Abu Hubaych avait souvent une métrorragie. Elle interrogea le Prophète qui lui dit : « Cela est le sang d’une veine, il n’a rien à voir avec les menstrues. Laisse la prière une fois que la période des menstrues commence ! Mais une fois cette période achevée, fais des ablutions majeures et prie !«   

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [320] حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبِي حُبَيْشٍ كَانَتْ تُسْتَحَاضُ، فَسَأَلَتِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: «ذَلِكِ عِرْقٌ وَلَيْسَتْ بِالْحَيْضَةِ، فَإِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلاَةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْتَسِلِي وَصَلِّي».
وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن محمد) المسندي ( قال: حدّثنا سفيان) بن عيينة ( عن هشام) أي ابن عروة ( عن أبيه) عروة بن الزبير ( عن عائشة) رضي الله عنها.
( أن فاطمة بنت أبي حبيش) بضم الحاء المهملة وفتح الموحدة آخره معجمة ( كانت تستحاض) بضم التاء مبنيًّا للمفعول ( فسألت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال ذلك) بكسر الكاف ( عرق) بكسر العين وسكون الراء يسمى العاذل ( ليست بالحيضة) بفتح الحاء وقد تكسر ( فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغتسلي وصلي) لا يقتضي تكرار الاغتسال لكل صلاة بل يكفي غسل واحد، لا يقال إنه معارض باغتسال أم حبيبة لكل صلاة لأنه أجيب بأنه إما لأنها كانت ممن يجب عليه ذلك لاحتمال الانقطاع عند كل صلاة، أو كانت متطوعة به وبهذا نص الشافعي.
20 - باب لاَ تَقْضِي الْحَائِضُ الصَّلاَةَ وَقَالَ جَابِرٌ وَأَبُو سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "تَدَعُ الصَّلاَةَ".
هذا ( باب) بالتنوين ( لا تقضي الحائض الصلاة.
وقال جابر)
ولأبوي ذر والوقت جابر بن عبد الله مما رواه المؤلف في الأحكام بالمعنى ( وأبو سعيد) الخدري رضي الله عنه مما رواه أيضًا بالمعنى في ترك الحائض الصوم ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تدع) الحائض ( الصلاة) وترك الصلاة يستلزم عدم قضائها لأنالشارع أمر بالترك ومتروكه لا يجب فعله فلا يجب قضاؤه.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [320] ح دَّثنا عَبْدُ الله بنُ مُحَمَّدٍ قالَ حدَّثنا سُفْيَانُ عنْ هِشَامٍ عنْ أبِيهِ عنْ عائِشَةَ أنَّ فاطِمَةَ بِنْتَ أبِي حُبَيْشٍ كانَتْ تُسْتَحَاضُ فسألَتِ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقالَ ذَلِكَ عِرْقٌ وَلَيْسَتْ بالحَيْضَةِ فَإذَا أقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلاةَ وإذَا أدْبَرَتْ فَاغْتَسِلِي وَصَلِّي مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَهِي فِي قَوْله: ( فَإِذا أَقبلت، وَإِذا أَدْبَرت) .
وَقد مر الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى فِي بَاب غسل الدَّم وَفِي بَاب الِاسْتِحَاضَة، وسُفْيَان فِي هَذَا الْإِسْنَاد هُوَ ابْن عُيَيْنَة، لِأَن عبد الله بن مُحَمَّد وَهُوَ المسندي لم يسمع من سُفْيَان الثَّوْريّ، وَلَفظ الحَدِيث فِي بَاب غسل الدَّم: ( فَإِذا أَدْبَرت فاغسلي عَنْك الدَّم وَصلي) من غير إِيجَاب الْغسْل،.

     وَقَالَ  عُرْوَة: ثمَّ توضئي لكل صَلَاة لإِيجَاب الْوضُوء، وَهنا قَالَ: ( فاغتسلي وَصلي) لإِيجَاب الْغسْل، لِأَن أَحْوَال المستحاضات مُخْتَلفَة، فيوزع عَلَيْهَا.
أَو نقُول: إِيجَاب الْغسْل والتوضىء لَا يُنَافِي عدم التَّعَرُّض لَهما، وَإِنَّمَا يُنَافِي التَّعَرُّض لعدمهما.
وَقَوله: ( فاغتسلي وَصلي) لَا يَقْتَضِي تكْرَار الِاغْتِسَال لكل صَلَاة، بل يَكْفِي غسل وَاحِد، وَلَا يرد عَلَيْهِ حَدِيث أم حَبِيبَة: كَانَت تَغْتَسِل لكل صَلَاة، على مَا يَأْتِي فِي بَاب عرق الِاسْتِحَاضَة، لِأَنَّهَا لَعَلَّهَا كَانَت من المستحاضات الَّتِي يجب عَلَيْهَا الْغسْل لكل صَلَاة..
     وَقَالَ  [قعالشافعي [/ قع، رَحمَه الله تَعَالَى: إِنَّمَا أمرهَا أَن تَغْتَسِل وَتصلي، وَلَيْسَ فِي أَنه أمرهَا أَن تَغْتَسِل لكل صَلَاة قَالَ: وَلَا أَشك، إِن شَاءَ الله تَعَالَى، أَن غسلهَا كَانَ تَطَوّعا غير مَا أمرت بِهِ.
وَذَلِكَ وَاسع.
20 - ( بابٌ لاَ تَقْضِي الحائِضُ الصَّلاةَ) أَي: هَذَا بَاب فِيهِ الْحَائِض لَا تقضي الصَّلَاة، وَإِنَّمَا قَالَ: لَا تقضي الصَّلَاة، وَلم يقل: تدع الصَّلَاة، كَمَا فِي حَدِيث جَابر وَأبي سعيد، لِأَن عدم الْقَضَاء أَعم وأشمل.
والمناسبة بَين الْبَابَيْنِ من حَيْثُ إِن فِي الْبَاب الأول ترك الصَّلَاة عِنْد إقبال الْحيض، وَهَذَا الْبَاب فِيهِ كَذَلِك.
وقالَ جابرٌ وَأبُو سَعِيدٍ عنِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَدَعُ الصَّلاَةَ مُطَابقَة هَذَا التَّعْلِيق للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن ترك الصَّلَاة يسْتَلْزم عدم الْقَضَاء، وَلِأَن الشَّارِع أَمر بِالتّرْكِ، ومتروك الشَّرْع لَا يجب فعله فَلَا يجب قَضَاؤُهُ إِذا ترك.
أما التَّعْلِيق عَن جَابر فقد أخرجه البُخَارِيّ فِي كتاب الْأَحْكَام من طَرِيق حبيب عَن جَابر فِي قصَّة حيض عَائِشَة فِي الْحَج، وَفِيه: ( غير أَنَّهَا لَا تَطوف وَلَا تصلي) .
وَمعنى قَوْله: ( وَلَا تصلي) تدع الصَّلَاة، وَرَوَاهُ مُسلم نَحوهالْعَاصِ وأنكروا على عَليّ فِي ذَلِك وَقَالُوا شَككت فِي أَمر الله وحكمت عَدوك وطالت خصومتهم ثمَّ أَصْبحُوا يَوْمًا وَقد خَرجُوا وهم ثَمَانِيَة آلَاف وأميرهم ابْن الكوا عبد الله فَبعث إِلَيْهِم على عبد الله بن عَبَّاس فناظرهم فَرجع مِنْهُم أَلفَانِ وَبَقِي سِتَّة آلَاف فَخرج إِلَيْهِم عَليّ فَقَاتلهُمْ وَكَانَ يشددون فِي الدّين وَمِنْه قَضَاء الصَّلَاة على الْحَائِض قَالُوا إِذا لم يسْقط فِي كتاب الله تَعَالَى عَنْهَا على أَصْلهَا وَقد قُلْنَا إِن حروراء اسْم قَرْيَة وَهِي ممدودة.

     وَقَالَ  بَعضهم بِالْقصرِ أَيْضا حَكَاهُ أَبُو عبيد وَزعم أَبُو الْقَاسِم الغوراني أَن حروراء هَذِه مَوضِع بِالشَّام وَفِيه نظر لِأَن عليا رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إِنَّمَا كَانَ بِالْكُوفَةِ وقتاله لَهُم إِنَّمَا كَانَ هُنَاكَ وَلم يَأْتِي أَنه قَاتلهم بِالشَّام لِأَن الشَّام لم يكن فِي طَاعَة عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وعَلى ذَلِك أطبق المؤرخون.

     وَقَالَ  الْمبرد النِّسْبَة إِلَى حروراء حروراو وَكَذَلِكَ كل مَا كَانَ فِي آخِره ألف التَّأْنِيث الممدودة وَلكنه نسب إِلَى الْبَلَد بِحَذْف الزَّوَائِد فَقيل الحروري قَوْلهَا " مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَي مَعَ وجوده وَالْمعْنَى فِي عَهده وَالْغَرَض مِنْهُ بَيَان أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ مطلعا على حالهن من الْحيض وتركهن الصَّلَاة فِي أَيَّامه وَمَا كَانَ يَأْمُرهُنَّ بِالْقضَاءِ وَلَو كَانَ وَاجِبا لأمرهن بِهِ وَقَوْلها " فَلَا يَأْمُرنَا بِهِ " أَي بل كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَأْمُرنَا بِقَضَاء الصَّوْم قَوْلهَا " أَو قَالَت لَا نفعله " أَي الْقَضَاء وَلَفْظَة أَو للشَّكّ قَالَ الْكرْمَانِي وَالظَّاهِر أَنه من معَاذَة وَعند الْإِسْمَاعِيلِيّ من وَجه آخر فَلم نَكُنْ نقضي وَلم نؤمر بِهِ ( ذكر مَا يستنبط مِنْهُ) وَهُوَ أَن الْحَائِض لَا تقضي الصَّلَاة وَلَا خلاف فِي ذَلِك بَين الْأمة إِلَّا لطائفة من الْخَوَارِج قَالَ معمر قَالَ الزُّهْرِيّ تقضي الْحَائِض الصَّوْم وَلَا تقضي الصَّلَاة قلت عَمَّن قَالَ أجمع الْمُسلمُونَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ فِي كل شَيْء تَجِد الْإِسْنَاد الْقوي أجمع الْمُسلمُونَ على أَن الْحَائِض وَالنُّفَسَاء لَا يجب عَلَيْهِمَا الصَّلَاة وَلَا الصَّوْم فِي الْحَال وعَلى أَنه لَا يجب عَلَيْهِمَا قَضَاء الصَّلَاة وعَلى أَنه عَلَيْهِمَا قَضَاء الصَّوْم وَالْفرق بَينهمَا أَن الصَّلَاة كَثِيرَة متكررة فشق قَضَاؤُهَا بِخِلَاف الصَّوْم فَإِنَّهُ يجب فِي السّنة مرّة وَاحِدَة وَمن السّلف من كَانَ يَأْمر بالحائض بِأَن تتوضأ عِنْد وَقت الصَّلَاة وتذكر الله تَعَالَى تسْتَقْبل الْقبْلَة ذاكرة لله جالسة رُوِيَ ذَلِك عَن عقبَة بن عَامر وَمَكْحُول.

     وَقَالَ  كَانَ ذَلِك من هدي نسَاء الْمُسلمين فِي حيضهن.

     وَقَالَ  عبد الرَّزَّاق بَلغنِي أَن الْحَائِض كَانَت تُؤمر بذلك عِنْد وَقت كل صَلَاة.

     وَقَالَ  عَطاء لم يبلغنِي ذَلِك وَإنَّهُ لحسن.

     وَقَالَ  أَبُو عمر هُوَ أَمر مَتْرُوك عِنْد جمَاعَة الْفُقَهَاء بل يكرهونه قَالَ أَبُو قلَابَة سَأَلنَا عَن ذَلِك فَلم نجد لَهُ أصلا.

     وَقَالَ  سعيد بن عبد الْعَزِيز مَا نعرفه وَإِنَّا لنكرهه وَفِي منية الْمُفْتِي للحنفية يسْتَحبّ لَهَا عِنْد وَقت كل صَلَاة أَن تتوضأ وتجلس فِي مَسْجِد بَيتهَا تسبح وتهلل مِقْدَار أَدَاء الصَّلَاة لَو كَانَت طَاهِرَة حَتَّى لَا تبطل عَادَتهَا وَفِي الدِّرَايَة يكْتب لَهَا ثَوَاب أحسن صَلَاة كَانَت تصلى فَإِن قلت هَل الْحَائِض مُخَاطبَة بِالصَّوْمِ أَولا ( قلت) لَا وَإِنَّمَا يجب عَلَيْهَا الْقَضَاء بِأَمْر جَدِيد وَقيل مُخَاطبَة بِهِ مأمورة بِتَرْكِهِ كَمَا يُخَاطب الْمُحدث بِالصَّلَاةِ وَإنَّهُ لَا يَصح مِنْهُ فِي زمن الْحَدث وَهَذَا غير صَحِيح وَكَيف يكون الصَّوْم وَاجِبا عَلَيْهَا ومحرما عَلَيْهَا بِسَبَب لَا قدرَة لَهَا على إِزَالَته بِخِلَاف الْمُحدث فَإِنَّهُ قَادر على الْإِزَالَة وَالله أعلم بِالصَّوَابِ 21 - ( بابُ النَّوْمَ مَعَ الحَائِضِ وهْيَ فِي ثِيَابِهَا) أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم النّوم مَعَ زَوجته الْحَائِض، وَالْحَال أَنَّهَا فِي ثِيَابهَا الَّتِي معدة لحيضها، وَهُوَ جَائِز لدلَالَة حَدِيث الْبَاب عَلَيْهِ.
والمناسبة بَين الْبَابَيْنِ من حَيْثُ اشْتِمَال كل مِنْهُمَا على حكم مُخْتَصّ بالحائض.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [320] مِن حديث: سفيان - هوَ: ابن عيينة -، عَن هشام، عَن أبيه، عَن عائشة، أن فاطمة بنت أبي حبيش كانت تستحاض، فسألت النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقالَ: ( ( ذَلِكَ عرق، وليست بالحيضة، فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغتسلي وصلي) ) .
وقد سبق هَذا الحديث، وذكرنا اختلاف العلماء في معناه، وأنه هل المراد بإقبال الحيضة وإدبارها: إقبال الدم الأسود وإدباره، أم المراد: إقبال وقت عادتها وإدبارها؟ وأن أكثر الأئمة حملوا الحديث على الأول، وَهوَ اعتبار التمييز في الدم.
والمميزة ترجع إلى ما تراه مِن أغلظ الدماء وأفحشها لوناً، فتجلس مدة الدم الأسود دونَ الأحمر، والأحمر دونَ الأصفر.
ولا يعتبر للتمييز تكرر على أصح الوجهين لأصحابنا، لكن يشترط عندهم أن لا ينقص عَن أقل الحيض ولا يتجاوز أكثره، وأن يكون بين الدمين أقل مدة الطهر، وَهوَ قول الشافعية - أيضاً.
وحكي عَن أحمد رواية أخرى: أنه لا يعتبر أن لا يجاوز أكثر الحيض، فعلى هَذهِ الرواية تجلس منهُ قدر الأكثر خاصةً.
وأما على تفسير إقبال الحيضة وإدبارها بإقبال العادة وإدبارها، فتجلس ما تراه مِن الدم في أيام عادتها خاصة، على أي صفة كانَ، ولا تزيد على ذَلِكَ، فإذا انقضت مدة عادتها فهي طاهر، تغتسل وتصلي.
20 - باب لا تقضي الحائضُ الصلاةَ وقال جابر بنِ عبد الله وأبو سعيد، عَن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( تدع الصلاة) ) .
حديث أبي سعيد المشار إليه، قَد خرجه بتمامه في ( ( باب: ترك الحائض الصوم) ) ، وفيه: أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( أليس إذا حاضت لَم تصل ولم تصم؟) ) قلن: بلى.
قالَ: ( ( فذلك مِن نقصان دينها) ) [.. .. .. .. .. .. ..] .
وحديث جابر المشار إليه [.. .. .. .. .. ..] .
وقد سبق حديث عائشة، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قالَ للمستحاضة: ( ( إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة) ) .
وقد أجمع العلماء على أن الحائض لا يجوز لها الصلاة في حال حيضها، فرضاً ولا نفلاً.
وقد استحب لها طائفة مِن السلف أن تتوضأ في وقت كل صلاة مفروضة، وتستقبل القبلة، وتذكر الله - عز وجل - بمقدار تلك الصلاة، مِنهُم: الحسن وعطاء وأبو جعفر محمد بنِ علي، وَهوَ قول إسحاق.
وروي عَن عقبة بنِ عامر، أنه كانَ يأمر الحائض بذلك، وأن تجلس بفناء مسجدها.
خرجه الجوزجاني.
وقال مكحول: كانَ ذَلِكَ مِن هدي نساء المسلمين في أيام حيضهن.
وأنكر ذَلِكَ أكثر العلماء: وقال أبو قلابة: قَد سألنا عَن هَذا فما وجدنا لَهُ أصلاٍ.
خرجه حرب الكرماني.
وقال سعيد بن عبد العزيز: ما نعرف هَذا، ولكننا نكرهه.
قالَ ابن عبد البر: على هَذا القول جماعة الفقهاء وعامة العلماء في الأمصار.
وممن قالَ: ليسَ ذَلِكَ على الحائض: الأوزاعي، والثوري، وأبو حنيفة، ومالك، وكذلك قالَ أحمد، قالَ: ليسَ عليها ذَلِكَ، ولا بأس أن تسبح وتهلل وتكبر.
وبه قالَ أبو خيثمة، وسليمان بنِ داود الهاشمي، وأبو ثور، وأصحاب الشَافِعي، وزادوا: أنه يحرم عليها الوضوء إذا قصدت بهِ العبادة ورفع الحدث، وإنما يجوز لها أن تغتسل أغسال الحج؛ لأنه لا يراد بها رفع الحدث، بل النظافة.
وقد روى يحيى بنِ صاعد: ثنا عبد الجبار بنِ العلاء: ثنا أيوب بنِ سويد الرملي: ثنا عتبة بنِ أبي حكيم، عَن أبي سفيان طلحة بنِ نافع، حدثني عبد الله بنِ عباس، أنه بات عندَ النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في ليلة ميمونة بنت الحارث، فقام النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأسبغ الوضوء،[وأقل] هراقة الماء، وقام فافتتح الصَّلاة، فقمت فتوضأت، وقمت عَن يساره، فأخذ بأذني فأقامني عَن يمينه، وكانت ميمونة حائضاً، فقامت فتوضأت، ثُمَّ قعدت خلفه تذكر الله - عز وجل -.
خرجه الطبراني في ( ( مسند الشاميين) ) وغيره.
وهذا غريب جداً.
وأيوب بنِ سويد الرملي، ضعيف.
خرج البخاري في هَذا الباب:

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب
إقبال المحيض وإدباره
وكن نساء يبعثن إلى عائشة بالدرجة فيها الكرسف، فيه الصفرة، فتقول: لا تعجلن حتّى ترين القصة البيضاء - تريد بذلك: الطهر من الحيضة.

وبلغ ابنة زيد بن ثابت أن نساء يدعون بالمصابيح من جوف الليل، ينظرن إلى الطهر، فقالت: ما كان النساء يصنعن هذا، وعابت عليهن.

هذان الأثران، خرجهما مالك في ( ( المؤطا) ) ، فروى عن علقمة بن أبي
علقمة، عن أمه مولاة عائشة، أنها قالت: كان النساء يبعثن إلى عائشة بالدرجة فيها الكرسف، فيه الصفرة من دم الحيضة، يسألنها عن الصَّلاة، فتقول: لا تعجلن حتّى ترين القصة البيضاء - تريد بذلك: الطهر من الحيضة.

وروى - أيضاً - عن عبد الله بن أبي بكر، عن عمته، عن ابنة زيد بن ثابت، أنه بلغها أن نساءكن يدعون بالمصابيح من جوف الليل، ينظرن إلى الطهر، فكانت تعيب ذَلكَ عليهن، وتقول: ما كان النساء يصنعن هذا.

وإنما كان نساء الصدر الأول يصنعن هذا لشدة اهتمامهن بالصلاة، وأمور الدين - رضي الله عنهن -.

قَالَ ابن عبد البر: إنما أنكرت بنت زيد بن ثابت على النساء افتقاد أحوالهن في غير وقت الصَّلاة وما قاربها؛ لأن جوف الليل ليس بوقت صلاة، وإنما على النساء افتقاد أحوالهن للصلاة، فإن كن قد طهرن تأهبن للغسل، لما عليهن من الصَّلاة.
انتهى.

وفيما قاله نظر، فإن جوف الليل وقت لصلاة العشاء، فإذا طهرت فيه الحائض لزمها صلاة العشاء وصلاة المغرب – أيضاً – عند كثير من العلماء.

وإنما أنكرت بنت زيد – والله أعلم – النظر في لون الدم، وأن مدة العادة تحكم بأن جميع ما يرى فيها دم حيض؛ وإن اختلفت ألوانه.

وهذا المعنى أقرب إلى إدخال البخاري له في هذا الباب، وإلى إدخال مالك له في ( ( الموطإ) ) في ( ( باب: طهر الحيض) ) ؛ وسياقهما له بعد قول عائشة الذي صدر به البخاري هذا الباب.

و ( ( الدرجة) ) : قد رويت بضم الدال المشددة وسكون الراء، فتكون تأنيث
( ( درج) ) ، ورويت بكسر الدال وفتح الراء، فتكون جمع ( ( درج) ) كما تجمع
( ( خرج وترس) ) على ( ( خرجة وترسة) ) .

( ( الدرج) ) : المراد به هنا: خرق تلف وفيها قطن، وهو الكرسف، فتدخله المرأة الحائض في فرجها؛ لتنظر ما يخرج على القطن، فإذا خرج عليه دم أحمر أو أسود علمت المرأة أن دم حيضها باق، وإن خرج عليه صفرة فقد أفتت عائشة – رضى الله عنها – بأنه حيض – أيضاً -، وأن الحائض لا ينقطع حيضها حتّى ترى القصة البيضاء.

و ( ( القصة) ) – بفتح القاف -: أصلها القطعة من الجص الأبيض، وأرادت عائشة بذلك أن القطنة تخرج بيضاء، ليس فيها شيء من الصفرة، ولا الكدرة، فيكون ذَلكَ علامة نقائها وطهرها.

وقالت طائفة: بل القصة البيضاء عبارة عن ماء أبيض يخرج عقب الدم من النساء في آخر الحيض، فلا تطهرن بدونه.

وقيل: إنه يشبه الخيط الأبيض، وهذا قول مالك وغيره.

وروى الوليد بن مسلم، عن عبد الرحمن بن ميسرة، عن عبد الرحمن بن
ذؤيب، عن عائشة، قالت: الطهر أن ترى المرأة بعد الدم ماء أبيض قطعا.

خرجه حرب الكرماني.

وحكى الخطابي، عن ابن وهب، أنه قَالَ في تفسير القصة البيضاء: رأيت القطن الأبيض، كأنه هو.

وعن ابن أبي سلمة، قَالَ: إذا كان ذَلكَ نظرت المرأة إلى مثل ريقها في اللون، فتطهر بذلك، فيما بلغنا.

وعن مالك، قَالَ: سألت النساء عن القصة البيضاء، فإذا ذاك أمر معروف عند النساء، يرينه عند الطهر.

وهذا المحكي عن مالك يوافق القول الثاني الذي ذكرناه، وأن القصة البيضاء عبارة عن شيء أبيض يخرج في آخر دم الحيض 0 وقال ابن عبد البر: اختلف أصحاب مالك عنه في علامة الطهر، ففي ( ( المدونة) ) : قَالَ مالك: إذا كانت المرأة ممن ترى القصة البيضاء فلا تطهر حتّى تراها، وإن كانت ممن لاتراها فطهرها الجفوف، وذلك أن تدخل الخرقة فتخرجها جافة، وبه قَالَ عيسى بن دينار، قَالَ: القصة البيضاء أبلغ في براءة الرحم من الجفوف.

وفي ( ( المجموعة) ) : قَالَ مالك: إذا رأت الجفوف وهي ممن ترى القصة البيضاء فلا تصلي حتّى تراها، إلا أن يطول ذَلكَ بها.

وقال ابن حبيب: تطهر بالجفوف، وإن كانت ممن ترى القصة البيضاء.

قَالَ ابن حبيب: والجفوف أبرأ للرحم من القصة البيضاء.

قَالَ: فمن كان طهرها القصة البيضاء ورأت الجفوف فقد طهرت.

قَالَ: ولا تطهر التي طهرها الجفوف برؤيتها القصة البيضاء حتّى ترى الجفوف.

قَالَ: وذلك أن أول الحيض دم، ثُمَّ صفرة، ثُمَّ ترية، ثُمَّ كدرة، ثُمَّ يكون ريقاً كالفضة، ثُمَّ ينقطع، فإذا انقطع قبل هذه المنازل فقد برئت الرحم من الحيض.
قَالَ: والجفوف أبرأ وأوعب، وليس بعد الجفوف انتظار.
انتهى ما ذكره ابن عبد البر –
رحمه الله.

وفي ( ( تهذيب المدونة) ) : تغتسل إن رأت القصة البيضاء، فإن كانت ممن لا تراها فحين ترى الجفوف.

قَالَ ابن القاسم: والجفوف أن تدخل الخرقة، فتخرجها جافة 0 قَالَ أبو عبيد: الترية: الشيء الخفي اليسير، وهو أقل من الصفرة والكدرة، ولا تكون الترية إلا بعد اغتسال، فأما ما كان في أيام الحيض فهو حيض وليس بترية.
انتهى.

واختلف قول الإمام أحمد في تفسير القصة البيضاء:
فنقل الأكثرون عنه: أنه شيء أبيض يتبع الحيضة، ليس بصفرة ولا كدرة، فهو علامة الطهر، وحكاه أحمد عن الشافعي.

ونقل حنبل، عن أحمد: أن القصة البيضاء هو الطهر وانقطاع الدم، وكذلك فسر سفيان الثوري القصة البيضاء بالطهر من الحيض.

وأرسلت امرأة إلي عمرة بنت عبد الرحمن بدرجٍ فيهِ كرسفة قطن، فيها كالصفرة، تسألها: هل ترى إذا لَم تر المرأة مِن الحيضة إلا هَذا أن قَد طهرت؟ فقالت: لا، حتى ترى البياض خالصاً.

وروى الأثرم بإسناده، عَن ابن الزبير، أنَّهُ قالَ على المنبر: يا معشر النساء، إذا رأت إحداكن القصة البيضاء فَهوَ الطهر.

وقال مكحول: لا تغتسل المرأة مِن الحيض إذا طهرت حتى ترى طهراً أبيض.

وقد حكى أبو عبيد القولين في تفسير القصة البيضاء.

ودل قول عائشة - رضي الله عنها - هَذا على أن الصفرة والكدرة في أيام الحيض حيض، وأن مِن لها أيام معتادة تحيض فيها فرأت فيها صفرة أو كدرة، فإن ذَلِكَ يكون حيضاً معتبراً.

وهذا قول جمهور العلماء، حتى إن مِنهُم مِن نقله إجماعاً، مِنهُم: عبد الرحمن بنِ مهدي وإسحاق بنِ راهويه، ومرةً خص إسحاق حكاية الإجماع بالصفرة دونَ الكدرة.

ولكن ذهب طائفة قليلة، مِنهُم: الأوزاعي وأبو ثور وداود وابن المنذر وبعض الشافعية إلى أنه لا يكون ذَلِكَ حيضاً حتى يتقدمه في مدة العادة دم.

واشترط بعض الشافعية أن يكون الدم المتقدم يبلغ أقل الحيض.

ومنهم مِن اشترط أن يلحقه دم - أيضاً.

ومنهم مِن اشترط أن يلحقه دم يبلغ أقل الحيض.

وقال أبو يوسف: الصفرة حيض، والكدرة ليسَ حيضاً، إلا أن يتقدمها دم.

وحكي عَن داود أن الصفرة والكدرة لا تكون حيضاً بكل حال.

فأما ما زاد على أيام العادة، واتصل بها، وكان صفرة أو كدرة، فهل يكون حيضاً، أم لا؟ فيهِ قولان:
أحدهما: أنَّهُ حيض، وَهوَ أشهر الروايتين عَن مالك، والمشهور عَن الشَافِعي
- أيضاً -، وعليه أكثر أصحابه، وقول الحكم وأبي حنيفة وإسحاق.

والثاني: أنه ليسَ بحيض، وَهوَ رواية عَن مالك، وقول الثوري والإصطخري وغيره مِن الشافعية.

وأما الإمام أحمد، فإنه يرى أن الزائد على العادة لا يلتفت إليه أول مرة حتى يتكرر مرتين أو ثلاثاً على اختلاف عَنهُ، وقد سبق ذكر ذَلِكَ.

فإن زاد على العادة بصفرة أو كدرة وتكرر ثلاثاً، فهل يكون حيضاً، أم لا؟ فيهِ عَنهُ روايتان.

وقد روي عَن عائشة، أنها لا تلتفت إلى الزائد على العادة مِن الصفرة والكدرة.

خرجه حرب والبيهقي مِن رواية سليمان بنِ موسى، عَن عطاء، عَن عائشة، قالت: إذا رأت المرأة الدم فلتمسك عَن الصلاة حتى تراه أبيض كالفضة؛ فإذا رأت ذَلِكَ فلتغتسل ولتصل؛ فإذا رأت بعد ذَلِكَ صفرة أو كدرة فلتتوضأ ولتصل، فإذا رأت دماً أحمر فلتغتسل ولتصل.

وروي عَن أسماء بنت أبي بكر ما يشعر بخلاف ذَلِكَ، فروى البيهقي وغيره مِن رواية ابن إسحاق، عَن فاطمة بنت المنذر، عَن أسماء، قالت: كنا في حجرها معَ بنات أخيها، فكانت إحدانا تطهر، ثُمَّ تصلي، ثُمَّ تنتكس بالصفرة اليسيرة، فنسألها، فتقول: اعتزلن الصلاة ما رأيتن ذَلِكَ، حتى ترين البياض خالصاً.

وقد حمله بعض أصحابنا على أن الصفرة أو الكدرة إذا رؤيت بعد الطهر وانقطاع الدم فإنها لا تكون حيضاً ولو تكررت، على الصحيح عندهم، بخلاف ما إذا رأت ذَلِكَ متصلاً بالدم وتكرر.

فهذا كله في حق المعتادة.

فأما المبتدأة، فإذا رأت في زمن يصلح للحيض صفرة أو كدرة، فقالت طائفة مِن أصحابنا كالقاضي أبي يعلى ومن تابعه، وأكثر أصحاب الشَافِعي: إنه يكون حيضاً؛ لأن زمن الدم للمبتدأة كزمن العادة للمعتادة.

وقالت طائفة مِن أصحابنا: لا يكون حيضاً، وقالوا: إنه ظاهر كلام أحمد، وَهوَ قول طائفة مِن الشافعية - أيضاً -، وحكاه الخطابي عَن عائشة وعطاء وأكثر
الفقهاء؛ لأنه اجتمع فيهِ فَقد العادة ولون الدم المعتاد، فقويت جهة فساده، وعلى هَذا فينبغي أنَّهُ إن تكرر ذَلِكَ ثلاثاً أن يكون حيضاً، إن قلنا: إن المتكرر بعد العادة حيض، وقد يفرق بينهما بأن المتكرر بعد العادة قَد سبقه دم بخلاف هَذا.

وقد ذهب طائفة مِن أصحابنا، مِنهُم: ابن حامد وابن عقيل إلى أن المبتدأة إذا رأت أول مرةٍ دماً أحمر فليس بدم حيض حتى يكون أسود، وَهوَ قول بعض الشافعية - أيضاً -؛ للحديث المروي عَن النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنَّهُ قالَ - في دم الحيض -: ( ( إنه أسود
يعرف)
)
.

وهذا ينتقض عليهم بالمعتادة؛ فإنها إذا كانت عادتها أسود ثُمَّ رأت في مدة العادة دماً أحمر فإنه حيض بغير خلاف.
ثُمَّ خرج البخاري في هَذا الباب:
[ قــ :316 ... غــ :320 ]
- مِن حديث: سفيان - هوَ: ابن عيينة -، عَن هشام، عَن أبيه، عَن عائشة، أن فاطمة بنت أبي حبيش كانت تستحاض، فسألت النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقالَ:
( ( ذَلِكَ عرق، وليست بالحيضة، فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغتسلي وصلي) ) .

وقد سبق هَذا الحديث، وذكرنا اختلاف العلماء في معناه، وأنه هل المراد بإقبال الحيضة وإدبارها: إقبال الدم الأسود وإدباره، أم المراد: إقبال وقت عادتها وإدبارها؟ وأن أكثر الأئمة حملوا الحديث على الأول، وَهوَ اعتبار التمييز في الدم.

والمميزة ترجع إلى ما تراه مِن أغلظ الدماء وأفحشها لوناً، فتجلس مدة الدم الأسود دونَ الأحمر، والأحمر دونَ الأصفر.

ولا يعتبر للتمييز تكرر على أصح الوجهين لأصحابنا، لكن يشترط عندهم أن لا ينقص عَن أقل الحيض ولا يتجاوز أكثره، وأن يكون بين الدمين أقل مدة الطهر، وَهوَ قول الشافعية - أيضاً.

وحكي عَن أحمد رواية أخرى: أنه لا يعتبر أن لا يجاوز أكثر الحيض، فعلى هَذهِ الرواية تجلس منهُ قدر الأكثر خاصةً.

وأما على تفسير إقبال الحيضة وإدبارها بإقبال العادة وإدبارها، فتجلس ما تراه مِن الدم في أيام عادتها خاصة، على أي صفة كانَ، ولا تزيد على ذَلِكَ، فإذا انقضت مدة عادتها فهي طاهر، تغتسل وتصلي.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب إِقْبَالِ الْمَحِيضِ وَإِدْبَارِهِ
وَكُنَّ نِسَاءٌ يَبْعَثْنَ إِلَى عَائِشَةَ بِالدُّرْجَةِ فِيهَا الْكُرْسُفُ فِيهِ الصُّفْرَةُ فَتَقُولُ: لاَ تَعْجَلْنَ حَتَّى تَرَيْنَ الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ، تُرِيدُ بِذَلِكَ الطُّهْرَ مِنَ الْحَيْضَةِ.
وَبَلَغَ ابْنَةَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ نِسَاءً يَدْعُونَ بِالْمَصَابِيحِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ يَنْظُرْنَ إِلَى الطُّهْرِ فَقَالَتْ: مَا كَانَ النِّسَاءُ يَصْنَعْنَ هَذَا.
وَعَابَتْ عَلَيْهِنَّ.

( باب إقبال المحيض وإدباره وكن نساء) بالرفع بدل من ضمير كن على لغة أكلوني البراغيث، وفائدة ذكره بعد أن علم من لفظ كنّ إشارة إلى التنويع والتنوين يدل عليه أي كان ذلك من بعضهن لا من كلهن ( يبعثن إلى عائشة) رضي الله عنها ( بالدرجة) بكسر الدال وفتح الراء والجيم جمع درج بالضم ثمّ السكون، وبضم أوّله وسكون ثانيه في قول ابن قرقول، وبه ضبطه ابن عبد البرّ في الموطأ، وعند الباجي بفتح الأوّلين ونوزع قيه وهي وعاء أو خرقة ( فيها الكرسف) بضم الكاف وإسكان الراء وضم السين آخره فاء أي القطن ( فيه) أي في القطن ( الصفرة) الحاصلة من أثر دم الحيض بعد وضع ذلك في الفرج لاختبار الطهر، وإنما اختير القطن لبياضه ولأنه ينشف الرطوبة فيظهر فيه من آثار الدم ما لم يظهر في غيره.
( فتقول) عائشة لهن: ( لا تعجلن حتى ترين) بسكون اللام والمثناة التحتية ( القصة البيضاء تريد بذلك الطهر من الحيضة) بفتح القاف وتشديد الصاد المهملة ماء أبيض يكون آخر الحيض يتبين به نقاء الرحم تشبيهًا بالجص وهو النورة، ومنه قصص داره أي جصصها.
وقال الهروي: معناه أن يخرج ما تحتشي به الحائض نقيًا كالقصة كأنه ذهب إلى الجفوف.

قال القاضي عياض: وبينهما عند النساء وأهل المعرفة فرق بيِّن انتهى.

قال في الصابيح وسببه أن الجفوف عدم والقصة وجود والوجود أبلغ دلالة، وكيف لا والرحم قد يجف في أثناء الحيض، وقد تنظف الحائض فيجف رحمها ساعة، والقصة لا تكون إلا طهرًا انتهى.
وفيه دلالة على أن الصفرة والكدرة في أيام الحيض حيض.
وهذا الأثر رواه مالك في

الموطأ من حديث علقمة بن أبي علقمة المدني عن أمه مرجانة مولاة عائشة، وقد علم أن إقبال المحيض يكون بالدفعة من الدم وإدباره بالقصة أو بالجفاف.

( وبلغ ابنة) ولابن عساكر بنت ( زيد بن ثابت) هي أم كلثوم زوج سالم بن عبد الله بن عمر أو أختها أم سعد والأول اختاره الحافظ ابن حجر ( أن نساء) من الصحابيات ( يدعون بالمصابيح) أي يطلبنها ( من جوف الليل ينظرن إلى) ما يدل على ( الطهر فقالت: ما كان النساء يصنعن هذا وعابت عليهن) ذلك لكون الليل لا يتبين فيه البياض الخالص من غيره، فيحسبن أنهم طهرن وليس كذلك فيصلين قبل الطهر.



[ قــ :316 ... غــ : 320 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبِي حُبَيْشٍ كَانَتْ تُسْتَحَاضُ، فَسَأَلَتِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: «ذَلِكِ عِرْقٌ وَلَيْسَتْ بِالْحَيْضَةِ، فَإِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلاَةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْتَسِلِي وَصَلِّي».

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن محمد) المسندي ( قال: حدّثنا سفيان) بن عيينة ( عن هشام) أي ابن عروة ( عن أبيه) عروة بن الزبير ( عن عائشة) رضي الله عنها.

( أن فاطمة بنت أبي حبيش) بضم الحاء المهملة وفتح الموحدة آخره معجمة ( كانت تستحاض) بضم التاء مبنيًّا للمفعول ( فسألت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال ذلك) بكسر الكاف ( عرق) بكسر العين وسكون الراء يسمى العاذل ( ليست بالحيضة) بفتح الحاء وقد تكسر ( فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغتسلي وصلي) لا يقتضي تكرار الاغتسال لكل صلاة بل يكفي غسل واحد، لا يقال إنه معارض باغتسال أم حبيبة لكل صلاة لأنه أجيب بأنه إما لأنها كانت ممن يجب عليه ذلك لاحتمال الانقطاع عند كل صلاة، أو كانت متطوعة به وبهذا نص الشافعي.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ إقْبالِ المَحِيضِ وإدْبارِهِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان إقبال الْحيض وإدباره..
     وَقَالَ  ابْن بطال: إقبال الْحيض هُوَ الدفعة من الدَّم، وإدباره أقبال الطُّهْر.
وَعند
أَصْحَابنَا الْحَنَفِيَّة: عَلامَة إدبار الْحيض وانقطاعه الزَّمَان وَالْعَادَة، فَإِذا أخلت عَادَتهَا تحرت، وَإِن لم يكن لَهَا ظن أخذت بِالْأَقَلِّ.

والمناسبة بَين الْبابَُُيْنِ من حَيْثُ وجود حكم الْحيض فِي كل مِنْهُمَا.
وكُنَّ نِسَاءٌ يَبْعَثْنَ إِلَى عائشَةَ بالدُّرْجَةِ فِيها الكُرْسُفُ فِيهِ الصُّفْرَةَ فَتَقُولُ لَا تعْجَلْنَ حتَّى تَرَيْنَ القَصةَ البَيْضَاءَ تُرِيدُ بِذَلِكَ الطُّهْرَ مِنَ الحَيْضَةِ
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْلهَا: ( حَتَّى تَرين الْقِصَّة الْبَيْضَاء) ، فَإِنَّهَا عَلامَة إدبار الْحيض، وَهَذَا الْأَثر ذكره مَالك فِي ( الْمُوَطَّأ) فَقَالَ: عَن عَلْقَمَة بن أبي عَلْقَمَة، عَن أمه مولاة عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت: ( كَانَ النِّسَاء يبْعَثْنَ إِلَى عَائِشَة بالدرجة فِيهَا الكرسف فِيهَا الصُّفْرَة من دم الْحيض يسألنها عَن الصَّلَاة فَتَقول لَهُنَّ: لَا تعجلن حَتَّى تَرين الْقِصَّة الْبَيْضَاء، تُرِيدُ الطُّهْر من الْحَيْضَة) ..
     وَقَالَ  ابْن حزم: خولفت أم عَلْقَمَة بِمَا هُوَ أقوي من رِوَايَتهَا، وَاسم: أم عَلْقَمَة، مرْجَانَة سَمَّاهَا ابْن حبَان فِي ( كتاب الثِّقَات) ..
     وَقَالَ  الْعجلِيّ: مَدَنِيَّة تابعية ثِقَة.
وَفِي ( التَّلْوِيح) : كَذَا ذكره البُخَارِيّ هُنَا مُعَلّقا مَجْزُومًا، وَبِه تعلق النَّوَوِيّ فَقَالَ: هَذَا تَعْلِيق صَحِيح لِأَن البُخَارِيّ ذكره بِصِيغَة الْجَزْم، وَمَا علم أَن هَذِه الْعبارَة قد لَا تصح كَمَا سبق بَيَانه فِي كثير من التَّعْلِيق المجزوم بِهِ عِنْد البُخَارِيّ، وَلَو نظر كتاب ( الْمُوَطَّأ) لمَالِك بن أنس لوجده قد قَالَ: عَن علقمةِ إِلَى آخِره، وَلَو وجده ابْن حزم لما قَالَ: خولفت أم عَلْقَمَة بِمَا هُوَ أقوى من رِوَايَاتهَا.
قلت: حَاصِل كَلَامه أَنه يرد على النَّوَوِيّ فِي دَعْوَاهُ الْجَزْم بِهِ، وَلِهَذَا قَالَ ابْن الْحصار: هَذَا حَدِيث أخرجه البُخَارِيّ من غير تَقْيِيد.

قَوْله: ( وَكن نسَاء) ، بِصِيغَة الْجمع للمؤنث، وَفِيه ضمير يرجع إِلَى النِّسَاء، وَيُسمى مثل هَذَا الضَّمِير بالضمير الْمُبْهم، وَجوز ذَلِك بِشَرْط أَن يكون مشعرا بِمَا بعده، فَإِذا كَانَ كَذَلِك لَا يُقَال: إِنَّه إِضْمَار قبل الذّكر.
قَوْله: ( نسَاء) ، بِالرَّفْع لِأَنَّهُ بدل من الضَّمِير الَّذِي فِي: ركن، وَهَذَا على لُغَة: أكلوني البراغيث.
وَفَائِدَة ذكره بعد أَن علم من لفظ كن إِشَارَة إِلَى التنويع، والتنوين فِيهِ يدل عَلَيْهِ.
وَالْمرَاد أَن ذَلِك كَانَ من بَعضهنَّ لَا من كُلهنَّ..
     وَقَالَ  بَعضهم: والتنكير فِي النِّسَاء للتنويع.
قلت: إِن لم يكن هَذَا مُصحفا من النَّاسِخ فَهُوَ غلط لِأَنَّهُ ماثم كسر فِي النِّسَاء، وَإِنَّمَا فِيهِ الرّفْع كَمَا ذكرنَا، أَو النصب على الِاخْتِصَاص، لَا يُقَال: إِنَّه نكرَة وَشرط النصب على الِاخْتِصَاص أَن يكون معرفَة، لأَنا نقُول: جَاءَ نكرَة كَمَا جَاءَ معرفَة..
     وَقَالَ  الْهُذلِيّ:

( ويأوي إِلَى نسْوَة عطلوشعثا مراضيع مثل السعالي.
)


قَوْله: ( بالدرجة) ، بِضَم الدَّال وَسُكُون الرَّاء.
قَالَه ابْن قرقول.
وَقيل بِكَسْر الدَّال وَفتح الرَّاء، وَعند الْبَاجِيّ بِفَتْح الدَّال وَالرَّاء.
قَالَ ابْن قرقول: وَهِي بعيدَة عَن الصَّوَاب..
     وَقَالَ  أَبُو الْمعَانِي فِي كتاب ( الْمُنْتَهى) : والدرج، بالتسكين: خفش النِّسَاء، والدرجة شَيْء يدرج فَيدْخل فِي حَيا النَّاقة، ثمَّ تشمه فتظنه وَلَدهَا فتراه، وَكَذَا ذكره الْقَزاز، وَصَاحب ( الصِّحَاح) وَابْن سَيّده زَاد: والدرجة أَيْضا خرقَة يوضع فِيهَا دَوَاء ثمَّ يدْخل فِي حَيا النَّاقة، وَذَلِكَ إِذا اشتكت مِنْهُ.
وَفِي ( الباهر) : الدرجَة بِالْكَسْرِ، والإدراج جمع: الدرج، وَهُوَ سفط صَغِير.
والدرجة مِثَال رطبَة.
وَفِي ( الجمهرة) لِابْنِ دُرَيْد: الدرج سفط صَغِير تجْعَل فِيهِ الْمَرْأَة طيبها وَمَا أشبهه..
     وَقَالَ  ابْن قرقول: وَمن قَالَ بِكَسْر الدَّال وَفتح الرَّاء فَهُوَ عِنْده جمع درج، وَهُوَ سفط صَغِير نَحْو خرج وخرجة، وَنَحْو ترس وترسة.
قَوْله: ( الكرسف) بِضَم الْكَاف وَإِسْكَان الرَّاء وَضم السِّين الْمُهْملَة، وَفِي آخِره فَاء: وَهُوَ الْقطن، كَذَا قَالَه أَبُو عبيد..
     وَقَالَ  أَبُو حنيفَة الدينَوَرِي فِي كتاب ( النَّبَات) : وَزعم بعض الروَاة أَنه يُقَال لَهُ: الكرسف، على الْقلب، وَيجمع الكرفس على كراسف.
وَفِي ( الْمُحكم) : إِنَّمَا اختير الْقطن لبياضه، وَلِأَنَّهُ ينشف الرُّطُوبَة فَيظْهر فِيهِ من آثَار الدَّم مَا لَا يظْهر من غَيره.
قَوْله: ( فَتَقول) أَي عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا.
قَوْلهَا: ( لَا تعجلن) بِسُكُون اللَّام نهي لجمع مؤنث مُخَاطبَة، وَيَأْتِي كَذَلِك للْجمع الْمُؤَنَّث الغائبة، وَيجوز هَهُنَا الْوَجْهَانِ.
وَكَذَا: ( فِي تَرين) فَافْهَم.
قَوْلهَا: ( حَتَّى تَرين) صِيغَة جمع الْمُؤَنَّث المخاطبة، وَأَصلهَا: ترأين، على وزن: تفعلن، لِأَنَّهَا من: رأى يرأى رُؤْيَة بِالْعينِ، وَتقول للْمَرْأَة: أَنْت تَرين، وللجماعة: أنتن تَرين، لِأَن الْفِعْل للواحدة وَالْجَمَاعَة سَوَاء فِي المواجهة فِي خبر الْمَرْأَة من بَنَات الْيَاء، إلاَّ أَن النُّون الَّتِي فِي الْوَاحِدَة عَلامَة الرّفْع، وَالَّتِي فِي الْجمع نون الْجمع.
فَإِن قلت: إِذا كَانَ أصل: تَرين ترأين، كَيفَ فعل بِهِ حَتَّى صَار: تَرين؟ قلت: نقلت حَرَكَة الْهمزَة إِلَى الرَّاء، ثمَّ قلبت ألفا لتحركها فِي الأَصْل وانفتاح مَا قبلهَا، ثمَّ حذفت لالتقاء الساكنين فَصَارَ: تَرين، على وزن: تفلن، لِأَن الْمَحْذُوف مِنْهُ عين الْفِعْل وَهُوَ الْهمزَة فَقَط، وَوزن الْوَاحِدَة: تفين، لِأَن الْمَحْذُوف مِنْهُ عين الْفِعْل ولامه.
قَوْلهَا: ( الْقِصَّة الْبَيْضَاء) ، بِفَتْح الْقَاف وَتَشْديد الصَّاد الْمُهْملَة، وَفِي تَفْسِيرهَا أَقْوَال.
قَالَ ابْن سَيّده: الْقِصَّة والقص والجص، وَقيل: الْحِجَارَة من الجص..
     وَقَالَ  الْجَوْهَرِي: هِيَ لُغَة حجازية، يُقَال: قصَص دَاره أَي: جصصها.
وَيُقَال: الْقِصَّة القطنة والخرقة الْبَيْضَاء الَّتِي تحتشى بهَا الْمَرْأَة عِنْد الْحيض..
     وَقَالَ  الْقَزاز: الْقِصَّة الجص، هَكَذَا قرأته بِفَتْح الْقَاف وحكيت بِالْكَسْرِ.
وَفِي ( الغريبين) و ( الْمغرب) و ( الْجَامِع) : الْقِصَّة شَيْء كالخيط الْأَبْيَض يخرج بعد انْقِطَاع الدَّم كُله.
وَفِي ( الْمُحِيط) من كتب أَصْحَابنَا: الْقِصَّة الطين الَّذِي يغسل بِهِ الرَّأْس.
وَهُوَ أَبيض يضْرب إِلَى الصُّفْرَة.
وَجَاء فِي الحَدِيث: ( الْحَائِض لَا تَغْتَسِل حَتَّى تري الْقِصَّة الْبَيْضَاء) .
إِي: حَتَّى تخرج الْقطن الَّتِي تحتشي بهَا كَأَنَّهَا جصة لَا تخالطها صفرَة.
قلت: أُرِيد بهَا التَّشْبِيه بالجصة فِي الْبيَاض والصفاء، وأنث لِأَنَّهُ ذهب الى الْمُطَابقَة، كَمَا حكى سِيبَوَيْهٍ من قَوْلهم: لبنة وعسلة..
     وَقَالَ  ابْن قرقول: قد فسر مَالك الْقِصَّة بقوله: تُرِيدُ بذلك الطُّهْر، أَي: تُرِيدُ عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، بقولِهَا: ( حَتَّى تَرين الْقِصَّة الْبَيْضَاء) : الطُّهْر من الْحَيْضَة.
وَفسّر الْخطابِيّ بقوله: تُرِيدُ الْبيَاض التَّام..
     وَقَالَ  ابْن وهب فِي تَفْسِيره: رَأَتْ الْقطن الْأَبْيَض كَأَنَّهُ هُوَ،.

     وَقَالَ  مَالك: سَأَلت النِّسَاء عَن الْقِصَّة الْبَيْضَاء، فَإِذا ذَلِك أَمر مَعْلُوم عِنْد النِّسَاء يرينه عِنْد الطُّهْر.
وروى الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث ابْن اسحاق عَن عبد الله بن أبي بكر عَن فَاطِمَة بنت مُحَمَّد، وَكَانَت فِي حجر عمْرَة.
قَالَت: أرْسلت امْرَأَة من قُرَيْش إِلَى عمْرَة كرسفة قطن فِيهَا.
أَظُنهُ أَرَادَ الصُّفْرَة تسألها إِذا لم تَرَ من الْحَيْضَة إلاَّ هَذَا طهرت؟ قَالَ: فَقَالَت: لَا حَتَّى ترى الْبيَاض خَالِصا.
وَهُوَ مَذْهَب أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَمَالك، فَإِن رَأَتْ صفرَة فِي زمن الْحيض ابْتِدَاء فَهُوَ حيض عِنْدهم..
     وَقَالَ  أَبُو يُوسُف: لَا حَتَّى يتقدمها دم.

وَبَلَغَ ابْنَةَ زَيدِ بنِ ثابِتٍ أنَّ نِساءً يَدْعُونَ بالمَصَابِيحِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ يَنْظُرْنَ إِلَى الطُّهْرِ فَقَالَتْ مَا كانَ النِّسَاءُ يَصْنَعْنَ هَذَا وَعَابَتْ عَلَيْهِنَّ
مُطَابقَة هَذَا الْأَثر للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، لِأَن نظر النِّسَاء إِلَى الطُّهْر لأجل أَن يعلمن إدبار الْحيض.

وَأخرجه مَالك فِي ( الْمُوَطَّأ) عَن عبد الله بن أبي بكر عَن عمته عَن ابْنة زيد بن ثَابت أَنه: بلغنَا ... فَذكره، وعمة ابْن أبي بكر اسْمهَا عمْرَة بنت حزم، وَوَقع ذكر بنت زيد بن ثَابت هَهُنَا هَكَذَا مُبْهما، وَوَقع فِي ( الْمُوَطَّأ) ،.

     وَقَالَ  الْحَافِظ الدمياطي: لزيد بن ثَابت من الْبَنَات: أم إِسْحَاق وحسنة وَعمرَة وَأم كُلْثُوم وَأم حسن وَأم مُحَمَّد وَقَرِيبَة وَأم سعد.
وَفِي ( التَّوْضِيح) : وَيُشبه أَن تكون هَذِه المبهمة أم سعد، ذكرهَا ابْن عبد الْبر فِي الصحابيات،.

     وَقَالَ  بَعضهم: وَلم أر لوَاحِدَة مِنْهُنَّ يَعْنِي من بَنَات زيد رِوَايَة إلاَّ لأم كُلْثُوم، وَكَانَت زوج سَالم بن عبد الله بن عمر، فَكَأَنَّهَا هِيَ المبهمة هُنَا.
وَزعم بعض الشُّرَّاح أَنَّهَا أم سعد.
قَالَ لِأَن ابْن عبد الْبر ذكرهَا فِي الصَّحَابَة، ثمَّ قَالَ هَذَا الْقَائِل: وَلَيْسَ فِي ذكره لَهَا دَلِيل على الْمُدعى، لِأَنَّهُ لم يقل: إِنَّهَا صَاحِبَة هَذِه الْقِصَّة، بل لم يَأْتِ لَهَا ذكر عِنْده وَلَا عِنْد غَيره إلاَّ من طَرِيق عَنْبَسَة بن عبد الرَّحْمَن، وَقد كذبوه، وَكَانَ مَعَ ذَلِك يضطرب فِيهَا، فَتَارَة يَقُول: بنت زيد، وَتارَة يَقُول: امْرَأَة زيد.
وَلم يذكر أحد من أهل الْمعرفَة بِالنّسَبِ فِي أَوْلَاد زيد من يُقَال لَهَا أم سعد.
انْتهى.
قلت: ذكره الذَّهَبِيّ، فَقَالَ: أم سعد بنت زيد بن ثَابت.
وَقيل: امْرَأَته، وَأَيْضًا عدم رُؤْيَة هَذَا الْقَائِل رِوَايَة الْوَاحِدَة من بَنَات زيد إلاَّ لأم كُلْثُوم لَا يُنَافِي رِوَايَة غَيرهَا من بَنَاته، لِأَنَّهُ لَيْسَ من شَأْنه أَن يُحِيط بِجَمِيعِ الرِّوَايَات.
وَقَوله: زعم بعض الشُّرَّاح، أَرَادَ بِهِ صَاحب ( التَّوْضِيح) ، فليت شعري مَا الْفرق بَين زعم هَذَا وزعمه هُوَ حَيْثُ قَالَ: فَكَأَنَّهَا هِيَ المبهمة، أَي: أم كُلْثُوم هِيَ المبهمة فِي هَذَا الْأَثر؟ على أَن صَاحب ( التَّوْضِيح) مَا جزم بِمَا قَالَه، بل قَالَ: وَيُشبه أَن تكون هَذِه المبهمة أم سعد.

قَوْله: ( إِن نسَاء) هَكَذَا وَقع فِي غَالب النّسخ بِدُونِ الْألف وَاللَّام، وَفِي بَعْضهَا: ( إِن النِّسَاء) ، بِالْألف وَاللَّام، حَتَّى قَالَ الْكرْمَانِي: إِن اللَّام، للْعهد عَن نسَاء الصَّحَابَة، وَبِدُون اللَّام أَعم وأشمل.
قَوْله: ( يدعونَ) بِلَفْظ الْجمع الْمُؤَنَّث، ويشترك فِي هَذِه الْمَادَّة الْجمع الْمُذكر والمؤنث، وَفِي التَّقْدِير مُخْتَلف، فوزن الْجمع الْمُذكر: يفعون، وَوزن الْجمع الْمُؤَنَّث: يفعلن، وَمعنى: يدعونَ بالمصابيح؛ يطلبنها لينظرن بهَا إِلَى مَا فِي الكراسيف حَتَّى يَقِفن على مَا يدل على الطُّهْر.
وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: يدعين، قَالَه بَعضهم: قلت: فِي نِسْبَة هَذَا إِلَيْهِ نظر لَا يخفى، ثمَّ قَالَ هَذَا الْقَائِل: قَالَ صَاحب ( الْقَامُوس) : دعيت لُغَة فِي دَعَوْت.
قلت: أَرَادَ بِهَذَا تَقْوِيَة صِحَة مَا رَوَاهُ عَن الْكشميهني، وَلَا يفِيدهُ هَذَا، لِأَن صَاحب ( الْقَامُوس) تكلم فِيهِ.
قَوْله: ( إِلَى الطُّهْر) أَي: إِلَى مَا يدل على الطُّهْر من القطنة.
قَوْله: ( وعابت عَلَيْهِنَّ) ، أَي: عابت بنت زيد بن ثَابت على النِّسَاء الْمَذْكُورَة، وَإِنَّمَا عابت عَلَيْهِنَّ لِأَن ذَلِك يَقْتَضِي الْحَرج وَهُوَ مَذْمُوم، وَكَيف لَا وجوف اللَّيْل لَيْسَ إلاَّ وَقت الاسْتِرَاحَة؟ وَقيل: لكَون ذَلِك كَانَ فِي غير وَقت الصَّلَاة، وَهُوَ جَوف اللَّيْل.
قَالَ بَعضهم: فِيهِ نظر، لِأَنَّهُ وَقت الْعشَاء.
قلت: فِيهِ نظر لِأَنَّهُ لم يدل شَيْء أَنه كَانَ وَقت الْعشَاء، لِأَن طلب المصابيح لأمر غَالب لَا يكون إلاَّ فِي شدَّة الظلمَة، وَشدَّة الظلمَة لَا تكون إلاَّ فِي جَوف اللَّيْل.
وروى الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث عباد بن إِسْحَاق عَن عبد الله بن أبي بكر عَن عمْرَة عَن عَائِشَة أَنَّهَا كَانَت تنْهى النِّسَاء أَن ينظرن إِلَى أَنْفسهنَّ لَيْلًا فِي الْحيض، وَتقول: ( إِنَّهَا قد تكون الصُّفْرَة والكدرة) .
وَعَن مَالك: لَا يُعجبنِي ذَلِك، وَلم يكن للنَّاس مصابيح.
وروى ابْن الْقَاسِم عَنهُ: أَنَّهُنَّ كن لَا يقمن بِاللَّيْلِ..
     وَقَالَ  صَاحب ( التَّلْوِيح) يشبه أَن يكون مَا بلغ ابْنة زيد عَن النِّسَاء كَانَ فِي أَيَّام الصَّوْم لينظرن الطُّهْر لنِيَّة الصَّوْم، لِأَن الصَّلَاة لَا تحْتَاج لذَلِك، لِأَن وُجُوبهَا عَلَيْهِنَّ إِنَّمَا يكون بعد طُلُوع الْفجْر.

وَاخْتلف الْفُقَهَاء فِي الْحَائِض تطهر قبل الْفجْر وَلَا تغسل حَتَّى يطلع الْفجْر.
فَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِن كَانَت أَيَّامهَا أقل من عشرَة صَامت وقضت، وَإِن كَانَت عشرَة صَامت وَلم تقض..
     وَقَالَ  مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد: هِيَ بِمَنْزِلَة الْجنب تَغْتَسِل وتصوم، ويجزيها صَوْم ذَلِك الْيَوْم، وَعَن عبد الْملك بن ماجشون: يَوْمهَا ذَلِك يَوْم فطر..
     وَقَالَ  الْأَوْزَاعِيّ: تصومه وتقضيه.

وَفِي ( الْقَوَاعِد) لِابْنِ رشد: اخْتلف الْفُقَهَاء فِي عَلامَة الطُّهْر، فَرَأى قوم أَن علامته الْقِصَّة أَو الجفوف.
قَالَ ابْن حبيب: وَسَوَاء كَانَت الْمَرْأَة من عَادَتهَا انها تطهر بِهَذِهِ، وَفرق قوم فَقَالُوا: إِن كَانَت مِمَّن لَا يَرَاهَا فطهرها الجفوف..
     وَقَالَ  ابْن حبيب: الْحيض أَوله دم ثمَّ يصير صفرَة ثمَّ تربة ثمَّ كدرة ثمَّ يكون ريقا كالقصة ثمَّ يَنْقَطِع، فَإِذا انْقَطع قبل هَذِه الْمنَازل وجف أصلا فَذَلِك إِبْرَاء للرحم.
وَفِي ( المُصَنّف) عَن عَطاء: الطُّهْر الْأَبْيَض الجفوف الَّذِي لَيْسَ مَعَه صفرَة وَلَا مَاء، وَعَن أَسمَاء بنت أبي بكر، رَضِي الله عَنهُ: سُئِلت عَن الصُّفْرَة الْيَسِيرَة، قَالَت: اعتزلن الصَّلَاة مَا رأين ذَلِك حَتَّى لَا تَرين إلاَّ لَبَنًا خَالِصا.



[ قــ :316 ... غــ :320 ]
- ح دَّثنا عَبْدُ الله بنُ مُحَمَّدٍ قالَ حدَّثنا سُفْيَانُ عنْ هِشَامٍ عنْ أبِيهِ عنْ عائِشَةَ أنَّ فاطِمَةَ بِنْتَ أبِي حُبَيْشٍ كانَتْ تُسْتَحَاضُ فسألَتِ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقالَ ذَلِكَ عِرْقٌ وَلَيْسَتْ بالحَيْضَةِ فَإذَا أقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلاةَ وإذَا أدْبَرَتْ فَاغْتَسِلِي وَصَلِّي

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَهِي فِي قَوْله: ( فَإِذا أَقبلت، وَإِذا أَدْبَرت) .
وَقد مر الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى فِي بابُُ غسل الدَّم وَفِي بابُُ الِاسْتِحَاضَة، وسُفْيَان فِي هَذَا الْإِسْنَاد هُوَ ابْن عُيَيْنَة، لِأَن عبد الله بن مُحَمَّد وَهُوَ المسندي لم يسمع من سُفْيَان الثَّوْريّ، وَلَفظ الحَدِيث فِي بابُُ غسل الدَّم: ( فَإِذا أَدْبَرت فاغسلي عَنْك الدَّم وَصلي) من غير إِيجَاب الْغسْل،.

     وَقَالَ  عُرْوَة: ثمَّ توضئي لكل صَلَاة لإِيجَاب الْوضُوء، وَهنا قَالَ: ( فاغتسلي وَصلي) لإِيجَاب الْغسْل، لِأَن أَحْوَال المستحاضات مُخْتَلفَة، فيوزع عَلَيْهَا.
أَو نقُول: إِيجَاب الْغسْل والتوضىء لَا يُنَافِي عدم التَّعَرُّض لَهما، وَإِنَّمَا يُنَافِي التَّعَرُّض لعدمهما.
وَقَوله: ( فاغتسلي وَصلي) لَا يَقْتَضِي تكْرَار الِاغْتِسَال لكل صَلَاة، بل يَكْفِي غسل وَاحِد، وَلَا يرد عَلَيْهِ حَدِيث أم حَبِيبَة: كَانَت تَغْتَسِل لكل صَلَاة، على مَا يَأْتِي فِي بابُُ عرق الِاسْتِحَاضَة، لِأَنَّهَا لَعَلَّهَا كَانَت من المستحاضات الَّتِي يجب عَلَيْهَا الْغسْل لكل صَلَاة..
     وَقَالَ  [قعالشافعي [/ قع، رَحمَه الله تَعَالَى: إِنَّمَا أمرهَا أَن تَغْتَسِل وَتصلي، وَلَيْسَ فِي أَنه أمرهَا أَن تَغْتَسِل لكل صَلَاة قَالَ: وَلَا أَشك، إِن شَاءَ الله تَعَالَى، أَن غسلهَا كَانَ تَطَوّعا غير مَا أمرت بِهِ.
وَذَلِكَ وَاسع.