هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
315 حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا اللَّيْثُ ، عَنْ عُقَيْلٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ ، فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ ، فَقَدِمْنَا مَكَّةَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَلَمْ يُهْدِ ، فَلْيُحْلِلْ ، وَمَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَأَهْدَى ، فَلاَ يُحِلُّ حَتَّى يُحِلَّ بِنَحْرِ هَدْيِهِ ، وَمَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ ، فَلْيُتِمَّ حَجَّهُ قَالَتْ : فَحِضْتُ فَلَمْ أَزَلْ حَائِضًا حَتَّى كَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ ، وَلَمْ أُهْلِلْ إِلَّا بِعُمْرَةٍ ، فَأَمَرَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَنْقُضَ رَأْسِي وَأَمْتَشِطَ ، وَأُهِلَّ بِحَجٍّ وَأَتْرُكَ العُمْرَةَ ، فَفَعَلْتُ ذَلِكَ حَتَّى قَضَيْتُ حَجِّي ، فَبَعَثَ مَعِي عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ، وَأَمَرَنِي أَنْ أَعْتَمِرَ مَكَانَ عُمْرَتِي مِنَ التَّنْعِيمِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
315 حدثنا يحيى بن بكير ، قال : حدثنا الليث ، عن عقيل ، عن ابن شهاب ، عن عروة ، عن عائشة ، قالت : خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع ، فمنا من أهل بعمرة ، ومنا من أهل بحج ، فقدمنا مكة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أحرم بعمرة ولم يهد ، فليحلل ، ومن أحرم بعمرة وأهدى ، فلا يحل حتى يحل بنحر هديه ، ومن أهل بحج ، فليتم حجه قالت : فحضت فلم أزل حائضا حتى كان يوم عرفة ، ولم أهلل إلا بعمرة ، فأمرني النبي صلى الله عليه وسلم أن أنقض رأسي وأمتشط ، وأهل بحج وأترك العمرة ، ففعلت ذلك حتى قضيت حجي ، فبعث معي عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق ، وأمرني أن أعتمر مكان عمرتي من التنعيم
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن عَائِشَةَ ، قَالَتْ : خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ ، فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ ، فَقَدِمْنَا مَكَّةَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَلَمْ يُهْدِ ، فَلْيُحْلِلْ ، وَمَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَأَهْدَى ، فَلاَ يُحِلُّ حَتَّى يُحِلَّ بِنَحْرِ هَدْيِهِ ، وَمَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ ، فَلْيُتِمَّ حَجَّهُ قَالَتْ : فَحِضْتُ فَلَمْ أَزَلْ حَائِضًا حَتَّى كَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ ، وَلَمْ أُهْلِلْ إِلَّا بِعُمْرَةٍ ، فَأَمَرَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَنْقُضَ رَأْسِي وَأَمْتَشِطَ ، وَأُهِلَّ بِحَجٍّ وَأَتْرُكَ العُمْرَةَ ، فَفَعَلْتُ ذَلِكَ حَتَّى قَضَيْتُ حَجِّي ، فَبَعَثَ مَعِي عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ، وَأَمَرَنِي أَنْ أَعْتَمِرَ مَكَانَ عُمْرَتِي مِنَ التَّنْعِيمِ .

Narrated `Urwa:

`Aisha said, We set out with the Prophet (ﷺ) in his last Hajj. Some of us intended to perform `Umra while others Hajj. When we reached Mecca, Allah's Messenger (ﷺ) said, 'Those who had assumed the lhram for `Umra and had not brought the Hadi should finish his lhram and whoever had assumed the Ihram for `Umra and brought the Hadi should not finish the Ihram till he has slaughtered his Hadi and whoever had assumed the lhram for Hajj should complete his Hajj. `Aisha further said, I got my periods (menses) and kept on menstruating till the day of `Arafat, and I had assumed the Ihram for `Umra only (Tamattu`). The Prophet (ﷺ) ordered me to undo and comb my head hair and assume the lhram for Hajj only and leave the `Umra. I did the same till I completed the Hajj. Then the Prophet (ﷺ) sent `Abdur Rahman bin Abi Bakr with me and ordered me to perform `Umra from at-Tan`im in lieu of the missed `Umra.

0319 Aicha dit : Pendant le pèlerinage de l’Adieu, nous sortîmes de Médine, les uns se mirent en état d’ihram pour la umra et les autres pour le hajj. A notre arrivée à la Mecque, le Messager de Dieu dit : « Que celui qui a observé un ihram pour une umra et n’a pas présenté d’offrande se désacralise ! Mais ne doit pas se désacraliser celui qui a observé un ihram pour une umra et a présenté une offrande, et ce jusqu’à ce qu’il se désacralise en immolant son offrande. Quant à celui qui a observé un ihram pour le hajj, qu’il termine son hajj. » Pour ce qui est de ma part, j’eus mes menstrues. Elles durèrent jusqu’au jour de Arafa. De plus, je n’avais auparavant observé qu’un ihram pour une umra, Le Prophète me recommanda alors de dénouer mes cheveux, de me peigner, d’observer un ihram pour le hajj et de renoncer à ma umra. C’est ce que je fis. A la fin de mon hajj, le Prophète envoya avec moi Abd-ar-Rahman ben Abu Bakr et m’ordonna de faire à la place de ma umra une autre umra à partir d’at-Tanim.  

":"ہم سے یحییٰ بن بکیر نے بیان کیا ، انھوں نے کہا ہم سے لیث بن سعد نے بیان کیا ، انھوں نے عقیل بن خالد سے ، انھوں نے ابن شہاب سے ، انھوں نے عروہ بن زبیر سے ، انھوں نے عائشہ رضی اللہ عنہا سے ، انھوں نے کہاہم نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم کے ساتھ حجۃ الوداع کے سفر میں نکلے ، ہم میں سے بعض نے عمرہ کا احرام باندھا اور بعض نے حج کا ، پھر ہم مکہ آئے اور آنحضرت صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ جس نے عمرہ کا احرام باندھا ہو اور ہدی ساتھ نہ لایا ہو تو وہ حلال ہو جائے اور جس نے عمرہ کا احرام باندھا ہو اور وہ ہدی بھی ساتھ لایا ہو تو وہ ہدی کی قربانی سے پہلے حلال نہ ہو گا ۔ اور جس نے حج کا احرام باندھا ہو تو اسے حج پورا کرنا چاہیے ۔ عائشہ رضی اللہ عنہا نے کہا کہ میں حائضہ ہو گئی اور عرفہ کا دن آ گیا ۔ میں نے صرف عمرہ کا احرام باندھا تھا مجھے نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم نے حکم دیا کہ میں اپنا سر کھول لوں ، کنگھا کر لوں اور حج کا احرام باندھ لوں اور عمرہ چھوڑ دوں ، میں نے ایسا ہی کیا اور اپنا حج پورا کر لیا ۔ پھر میرے ساتھ آنحضرت صلی اللہ علیہ وسلم نے عبدالرحمٰن بن ابی بکر کو بھیجا اور مجھ سے فرمایا کہ میں اپنے چھوٹے ہوئے عمرہ کے عوض تنعیم سے دوسرا عمرہ کروں ۔

0319 Aicha dit : Pendant le pèlerinage de l’Adieu, nous sortîmes de Médine, les uns se mirent en état d’ihram pour la umra et les autres pour le hajj. A notre arrivée à la Mecque, le Messager de Dieu dit : « Que celui qui a observé un ihram pour une umra et n’a pas présenté d’offrande se désacralise ! Mais ne doit pas se désacraliser celui qui a observé un ihram pour une umra et a présenté une offrande, et ce jusqu’à ce qu’il se désacralise en immolant son offrande. Quant à celui qui a observé un ihram pour le hajj, qu’il termine son hajj. » Pour ce qui est de ma part, j’eus mes menstrues. Elles durèrent jusqu’au jour de Arafa. De plus, je n’avais auparavant observé qu’un ihram pour une umra, Le Prophète me recommanda alors de dénouer mes cheveux, de me peigner, d’observer un ihram pour le hajj et de renoncer à ma umra. C’est ce que je fis. A la fin de mon hajj, le Prophète envoya avec moi Abd-ar-Rahman ben Abu Bakr et m’ordonna de faire à la place de ma umra une autre umra à partir d’at-Tanim.  

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [319] .

     قَوْلُهُ  مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي بِحَجَّةٍ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَكَذَا لِلْحَمَوِيِّ فِي الْمَوْضِعِ الثَّانِي .

     قَوْلُهُ  قَالَتْ فَحِضْتُ أَيْ بِسَرِفَ قَبْلَ دُخُولِ مَكَّةَ .

     قَوْلُهُ  حَتَّى قَضَيْتُ حَجَّتِي فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ وَأَبِي الْوَقْتِ حَجِّي وَالْكَلَامُ عَلَى فَوَائِدِ الْحَدِيثِ يَأْتِي فِي كِتَابِ الْحَجِّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى( قَولُهُ بَابُ إِقْبَالِ الْمَحِيضِ وَإِدْبَارِهِ) اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ إِقْبَالَ الْمَحِيضِ يُعْرَفُ بِالدُّفْعَةِ مِنَ الدَّمِ فِي وَقْتِ إِمْكَانِ الْحَيْضِ وَاخْتَلَفُوا فِي إِدْبَارِهِ فَقِيلَ يُعْرَفُ بِالْجُفُوفِ وَهُوَ أَنْ يَخْرُجَ مَا يُحْتَشَى بِهِ جَافًّا وَقِيلَ بِالْقَصَّةِ الْبَيْضَاءِ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْمُصَنِّفِ كَمَا سَنُوَضِّحُهُ .

     قَوْلُهُ  وَكُنَّ هُوَ بِصِيغَة جمع الْمُؤَنَّث وَنسَاء بِالرَّفْعِ وَهُوَ بَدَلٌ مِنَ الضَّمِيرِ نَحْوَ أَكَلُونِي الْبَرَاغِيثُ وَالتَّنْكِيرُ فِي نِسَاءٍ لِلتَّنْوِيعِ أَيْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ نَوْعٍ مِنَ النِّسَاءِ لَا مِنْ كُلِّهِنَّ وَهَذَا الْأَثَرُ قَدْ رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ الْمَدَنِيِّ عَنْ أُمِّهِ وَاسْمُهَا مَرْجَانَةُ مَوْلَاةُ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ النِّسَاءُ .

     قَوْلُهُ  بِالدِّرَجَةِ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَالْجِيمِ جَمْعُ دُرْجٍ بِالضَّمِّ ثُمَّ السُّكُونِ قَالَ بن بطال كَذَا يرويهِ أَصْحَاب الحَدِيث وَضَبطه بن عَبْدِ الْبَرِّ فِي الْمُوَطَّأِ بِالضَّمِّ ثُمَّ السُّكُونِ.

     وَقَالَ  إِنَّهُ تَأْنِيثُ دُرْجٍ وَالْمُرَادُ بِهِ مَا تَحْتَشِي بِهِ الْمَرْأَةُ مِنْ قُطْنَةٍ وَغَيْرِهَا لِتَعْرِفَ هَلْ بَقِيَ مِنْ أَثَرِ الْحَيْضِ شَيْءٌ أَمْ لَا .

     قَوْلُهُ  الْكُرْسُفُ بِضَمِّ الْكَافِ وَالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ بَيْنَهُمَا رَاءٌ سَاكِنَةٌ هُوَ الْقُطْنُ .

     قَوْلُهُ  فِيهِ الصُّفْرَةُ زَادَ مَالِكٌ مِنْ دَمِ الْحَيْضَةِ .

     قَوْلُهُ  فَتَقُولُ أَيْ عَائِشَةُ وَالْقَصَّةُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الْمُهْمَلَةِ هِيَ النُّورَةُ أَيْ حَتَّى تَخْرُجَ الْقُطْنَةُ بَيْضَاءَ نَقِيَّةً لَا يُخَالِطُهَا صُفْرَةٌ وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الصُّفْرَةَ وَالْكُدْرَةَ فِي أَيَّامِ الْحَيْضِ حَيْضٌ.

.
وَأَمَّا فِي غَيْرِهَا فَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فِي بَابٍ مُفْرَدٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَفِيهِ أَنَّ الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ عَلَامَةٌ لِانْتِهَاءِ الْحَيْضِ وَيَتَبَيَّنُ بِهَا ابْتِدَاءُ الطُّهْرِ وَاعْتُرِضَ عَلَى مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ يُعْرَفُ بِالْجُفُوفِ بِأَنَّ الْقُطْنَةَ قَدْ تَخْرُجُ جَافَّةً فِي أَثْنَاءِ الْأَمْرِ فَلَا يَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى انْقِطَاعِ الْحَيْضِ بِخِلَافِ الْقَصَّةِ وَهِيَ مَاءٌ أَبْيَضُ يَدْفَعُهُ الرَّحِمُ عِنْدَ انْقِطَاعِ الْحَيْضِ قَالَ مَالِكٌ سَأَلْتُ النِّسَاءَ عَنْهُ فَإِذَا هُوَ أَمْرٌ مَعْلُومٌ عِنْدَهُنَّ يَعْرِفْنَهُ عِنْدَ الطُّهْرِ .

     قَوْلُهُ  وَبَلَغَ ابْنةَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ كَذَا وَقَعَتْ مُبْهَمَةً هُنَا وَكَذَا فِي الْمُوَطَّأِ حَيْثُ رُوِيَ هَذَا الْأَثَرُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ أَيِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ عَمَّتِهِ عَنْهَا وَقَدْ ذَكَرُوا لِزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ مِنَ الْبَنَاتِ حَسَنَةَ وَعَمْرَةَ وَأُمَّ كُلْثُومٍ وَغَيْرَهُنَّ وَلَمْ أَرَ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ رِوَايَةً إِلَّا لِأُمِّ كُلْثُومٍ وَكَانَتْ زَوْجَ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَكَأَنَّهَا هِيَ الْمُبْهَمَةُ هُنَا وَزَعَمَ بَعْضُ الشُّرَّاح أَنَّهَا أم سعد قَالَ لِأَن بن عَبْدِ الْبَرِّ ذَكَرَهَا فِي الصَّحَابَةِ انْتَهَى وَلَيْسَ فِي ذكره لَهَا دَلِيل على الْمُدَّعِي لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ إِنَّهَا صَاحِبَةُ هَذِهِ الْقِصَّةِ بَلْ لَمْ يَأْتِ لَهَا ذِكْرٌ عِنْدَهُ وَلَا عِنْدَ غَيْرِهِ إِلَّا مِنْ طَرِيقِ عَنْبَسَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِوَقَدْ كَذَّبُوهُ وَكَانَ مَعَ ذَلِكَ يَضْطَرِبُ فِيهَا فَتَارَةً يَقُولُ بِنْتُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَتَارَةً يَقُولُ امْرَأَةُ زَيْدٍ وَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالنَّسَبِ فِي أَوْلَادِ زَيْدٍ مَنْ يُقَالُ لَهَا أُمُّ سَعْدٍ.

.
وَأَمَّا عَمَّةُ عَبْدِ الله بن أبي بكر فَقَالَ بن الْحَذَّاءِ هِيَ عَمْرَةُ بِنْتُ حَزْمٍ عَمَّةُ جَدِّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وَقِيلَ لَهَا عَمَّتُهُ مَجَازًا.

.

قُلْتُ لَكِنَّهَا صَحَابِيَّةٌ قَدِيمَةٌ رَوَى عَنْهَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّحَابِيُّ فَفِي رِوَايَتِهَا عَنْ بِنْتِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ بُعْدٌ فَإِنْ كَانَتْ ثَابِتَةً فَرِوَايَةُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْهَا مُنْقَطِعَةٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْهَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْمُرَادَةُ عَمَّتَهُ الْحَقِيقِيَّةَ وَهِيَ أُمُّ عَمْرٍو أَوْ أُمُّ كُلْثُومٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  يَدْعُونَ أَيْ يَطْلُبْنَ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ يَدْعِينَ وَقَدْ تَقَدَّمَ مِثْلُهَا فِي بَابِ تَقْضِي الْحَائِضُ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا.

     وَقَالَ  صَاحِبُ الْقَامُوسِ دَعَيْتُ لُغَةً فِي دَعَوْتُ وَلَمْ يُنَبِّهْ عَلَى ذَلِكَ صَاحِبُ الْمَشَارِقِ وَلَا الْمَطَالِعِ .

     قَوْلُهُ  إِلَى الطُّهْرِ أَيْ إِلَى مَا يَدُلُّ عَلَى الطُّهْرِ وَاللَّامِ فِي قَوْلِهَا مَا كَانَ النِّسَاءُ لِلْعَهْدِ أَيْ نِسَاءُ الصَّحَابَةِ وَإِنَّمَا عَابَتْ عَلَيْهِنَّ لِأَنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي الْحَرَجَ وَالتَّنَطُّعَ وَهُوَ مَذْمُوم قَالَه بن بَطَّالٍ وَغَيْرُهُ وَقِيلَ لِكَوْنِ ذَلِكَ كَانَ فِي غَيْرِ وَقْتِ الصَّلَاةِ وَهُوَ جَوْفُ اللَّيْلِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْعِشَاءِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْعَيْبُ لِكَوْنِ اللَّيْلِ لَا يَتَبَيَّنُ بِهِ الْبَيَاضُ الْخَالِصُ مِنْ غَيْرِهِ فَيَحْسِبْنَ أَنَّهُنَّ طَهُرْنَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَيُصَلِّينَ قَبْلَ الطُّهْرِ وحَدِيثُ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الِاسْتِحَاضَةِ وَسُفْيَانُ فِي هَذَا الْإِسْنَاد هُوَ بن عُيَيْنَةَ لِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدٍ وَهُوَ المسندي لم يسمع من الثَّوْريّ ( قَولُهُ بَابُ لَا تَقْضِي الْحَائِضُ الصَّلَاةَ) نَقَلَ بن الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ إِجْمَاعَ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى ذَلِكَ وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ أَنَّهُ سَأَلَ الزُّهْرِيَّ عَنْهُ فَقَالَ اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيْهِ وَحَكَى بن عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ طَائِفَةٍ مِنَ الْخَوَارِجِ أَنَّهُمْ كَانُوا يُوجِبُونَهُ وَعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بِهِ فَأَنْكَرَتْ عَلَيْهِ أُمُّ سَلَمَةَ لَكِنِ اسْتَقَرَّ الْإِجْمَاعُ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ كَمَا قَالَهُ الزُّهْرِيُّ وَغَيْرُهُ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبُو سَعِيدٍ هَذَا التَّعْلِيقُ عَنْ هَذَيْنِ الصَّحَابِيَّيْنِ ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ بِالْمَعْنَى فَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ فَأَشَارَ بِهِ إِلَى مَا أَخْرَجَهُ فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ مِنْ طَرِيقِ حَبِيبٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ فِي قِصَّةِ حَيْضِ عَائِشَةَ فِي الْحَجِّ وَفِيهِ غَيْرَ أَنَّهَا لَا تَطُوفُ وَلَا تُصَلِّي وَلِمُسْلِمٍ نَحْوُهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ.

.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ فَأَشَارَ بِهِ إِلَى حَدِيثِهِ الْمُتَقَدِّمِ فِي بَابِ تَرْكِ الْحَائِضِ الصَّوْمَ وَفِيهِ أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ فَإِنْ قِيلَ التَّرْجَمَةُ لِعَدَمِ الْقَضَاءِ وَهَذَانِ الْحَدِيثَانِ لِعَدَمِ الْإِيقَاعِ فَمَا وَجْهُ الْمُطَابَقَةِ أَجَابَ الْكِرْمَانِيُّ بِأَنَّ التَّرْكَ فِي قَوْلِهِ تَدَعُ الصَّلَاةَ مُطْلَقُ أَدَاءٍ وَقَضَاءٍ انْتَهَى وَهُوَ غَيْرُ مُتَّجَهٍ لِأَنَّ مَنْعَهَا إِنَّمَا هُوَ فِي زَمَنِ الْحَيْضِ فَقَطْ وَقَدْ وَضَحَ ذَلِكَ مِنْ سِيَاقِ الْحَدِيثَيْنِ وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ أَنْ يَسْتَدِلَّ عَلَى التَّرْكِ أَوَّلًا بِالتَّعْلِيقِ الْمَذْكُورِ وَعَلَى عَدَمِ الْقَضَاءِ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ فَجَعَلَ الْمُعَلَّقُ كَالْمُقَدِّمَةِ لِلْحَدِيثِ الْمَوْصُولِ الَّذِي هُوَ مُطَابِقٌ لِلتَّرْجَمَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [319] حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ.
فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ.
فَقَدِمْنَا مَكَّةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَلَمْ يُهْدِ فَلْيُحْلِلْ، وَمَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَأَهْدَى فَلاَ يَحِلُّ حَتَّى يَحِلَّ بِنَحْرِ هَدْيِهِ.
وَمَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ فَلْيُتِمَّ حَجَّهُ».
قَالَتْ: فَحِضْتُ، فَلَمْ أَزَلْ حَائِضًا حَتَّى كَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ، وَلَمْ أُهْلِلْ إِلاَّ بِعُمْرَةٍ، فَأَمَرَنِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ أَنْقُضَ رَأْسِي وَأَمْتَشِطَ وَأُهِلَّ بِحَجٍّ وَأَتْرُكَ الْعُمْرَةَ، فَفَعَلْتُ ذَلِكَ حَتَّى قَضَيْتُ حَجِّي، فَبَعَثَ مَعِي عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ وَأَمَرَنِي أَنْ أَعْتَمِرَ مَكَانَ عُمْرَتِي مِنَ التَّنْعِيمِ.
وبه قال: ( حدّثنا يحيى بن بكير) بضم الموحدة وفتح الكاف ( قال: حدّثنا الليث) بن سعد ( عن عقيل) بضم العين وفتح القاف ابن خالد بن عقيل بفتح العين الأيلي ( عن ابن شهاب) الزهري ( عن عروة) بن الزبير بن العوام ( عن عائشة) رضي الله عنها ( قالت) : ( خرجنا مع النبي) وللأصيلي رسول الله ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) من المدينة ( في حجة الوداع) لخمس بقين من ذي القعدة سنة عشر من الهجرة ( فمنا من أهلَّ) أي أحرم ( بعمرة ومنا من أهلَّ بحج) وفي رواية أبي ذر عن المستملي بحجة ( فقدمنا مكة فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: من أحرم بعمرة ولم يهدِ) بضم المثناة التحتية من الإهداء ( فليحلل) بكسر اللام من الثلاثي أي قبل يوم النحر حتى يحرم بالحج، ( ومن أحرم بعمرة وأهدى فلا يحل حتى يحل) بفتح المثناة وكسر الحاء والضم في لام الأولى والفتح في لام الأخرى ( بنحر هديه) ولأبوي ذر والوقت والأصيلي وابن عساكر حتى يحل نحر هديه أي يوم العيد لكونه أدخل الحج فيصير قارنًا ولا يكون متمتعًا فلا يحل، وأما توقفه على دخول يوم النحر مع إمكان التحلل بعد نصف ليلته فليس التحلل الكلي، أما التحلل الكلي المبيح للجماع فهو في يوم النحر، ( ومن أهلَّ بحج) مفردًا ولأبي ذر وعزاها في الفتح للمستملي والحموي ومن أهلَّ بحجة ( فليتم حجه) سواء كان معه هدي أم لا.
( قالت) عائشة رضي الله عنها: ( فحضت) أي بسرف ( فلم أزل حائضًا حتى كان يوم عرفة) برفع يوم لأن كان تامة ( ولم أهلل) بضم الهمزة وكسر اللام الأولى( إلا بعمرة فأمرني النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن أنقض) شعر ( رأسي و) أن ( أمتشط و) أن ( أهلَّ) بضم الهمزة ( بحج و) أن ( أترك العمرة) أي أعمالها أو أبطلها ( ففعلت ذلك) كله ( حتى قضيت حجي) ولأبوي ذر والوقت والأصيلي حجتي ( فبعث) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( معي) أخي ( عبد الرحمن بن أبي بكر) وللأصيلي زيادة الصديق، ( وأمرني) عليه الصلاة والسلام، ولأبوي ذر والوقت: فأمرني بالفاء ( أن أعتمر مكان عمرتي من التنعيم) .
ورواة هذا الحديث الستة ما بين مصري وايلّي ومدنيّ، وأخرجه مسلم في المناسك، ويأتي ما فيه من البحث في الحج إن شاء الله تعالى بعونه وقوّته.
19 - باب إِقْبَالِ الْمَحِيضِ وَإِدْبَارِهِ وَكُنَّ نِسَاءٌ يَبْعَثْنَ إِلَى عَائِشَةَ بِالدُّرْجَةِ فِيهَا الْكُرْسُفُ فِيهِ الصُّفْرَةُ فَتَقُولُ: لاَ تَعْجَلْنَ حَتَّى تَرَيْنَ الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ، تُرِيدُ بِذَلِكَ الطُّهْرَ مِنَ الْحَيْضَةِ.
وَبَلَغَ ابْنَةَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ نِسَاءً يَدْعُونَ بِالْمَصَابِيحِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ يَنْظُرْنَ إِلَى الطُّهْرِ فَقَالَتْ: مَا كَانَ النِّسَاءُ يَصْنَعْنَ هَذَا.
وَعَابَتْ عَلَيْهِنَّ.
( باب إقبال المحيض وإدباره وكن نساء) بالرفع بدل من ضمير كن على لغة أكلوني البراغيث، وفائدة ذكره بعد أن علم من لفظ كنّ إشارة إلى التنويع والتنوين يدل عليه أي كان ذلك من بعضهن لا من كلهن ( يبعثن إلى عائشة) رضي الله عنها ( بالدرجة) بكسر الدال وفتح الراء والجيم جمع درج بالضم ثمّ السكون، وبضم أوّله وسكون ثانيه في قول ابن قرقول، وبه ضبطه ابن عبد البرّ في الموطأ، وعند الباجي بفتح الأوّلين ونوزع قيه وهي وعاء أو خرقة ( فيها الكرسف) بضم الكاف وإسكان الراء وضم السين آخره فاء أي القطن ( فيه) أي في القطن ( الصفرة) الحاصلة من أثر دم الحيض بعد وضع ذلك في الفرج لاختبار الطهر، وإنما اختير القطن لبياضه ولأنه ينشف الرطوبة فيظهر فيه من آثار الدم ما لم يظهر في غيره.
( فتقول) عائشة لهن: ( لا تعجلن حتى ترين) بسكون اللام والمثناة التحتية ( القصة البيضاء تريد بذلك الطهر من الحيضة) بفتح القاف وتشديد الصاد المهملة ماء أبيض يكون آخر الحيض يتبين به نقاء الرحم تشبيهًا بالجص وهو النورة، ومنه قصص داره أي جصصها.
وقال الهروي: معناه أن يخرج ما تحتشي به الحائض نقيًا كالقصة كأنه ذهب إلى الجفوف.
قال القاضي عياض: وبينهما عند النساء وأهل المعرفة فرق بيِّن انتهى.
قال في الصابيح وسببه أن الجفوف عدم والقصة وجود والوجود أبلغ دلالة، وكيف لا والرحم قد يجف في أثناء الحيض، وقد تنظف الحائض فيجف رحمها ساعة، والقصة لا تكون إلا طهرًا انتهى.
وفيه دلالة على أن الصفرة والكدرة في أيام الحيض حيض.
وهذا الأثر رواه مالك في الموطأ من حديث علقمة بن أبي علقمة المدني عن أمه مرجانة مولاة عائشة، وقد علم أن إقبال المحيض يكون بالدفعة من الدم وإدباره بالقصة أو بالجفاف.
( وبلغ ابنة) ولابن عساكر بنت ( زيد بن ثابت) هي أم كلثوم زوج سالم بن عبد الله بن عمر أو أختها أم سعد والأول اختاره الحافظ ابن حجر ( أن نساء) من الصحابيات ( يدعون بالمصابيح) أي يطلبنها ( من جوف الليل ينظرن إلى) ما يدل على ( الطهر فقالت: ما كان النساء يصنعن هذا وعابت عليهن) ذلك لكون الليل لا يتبين فيه البياض الخالص من غيره، فيحسبن أنهم طهرن وليس كذلك فيصلين قبل الطهر.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [319] ح دَّثنا يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدثنَا اللَّيثُ عنْ عُقَيْلٍ عنْ ابنِ شِهَابٍ عنْ عُرْوَةَ عنْ عائِشَةَ قالَتْ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حجَّةِ الوَدَاعِ فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ وَمِنَّا منْ أَهَلَّ بِحَجٍّ فَقَدِمْنَا مَكَّةَ فقالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَلَمْ يُهْدِ فَلْيُحْلِلْ ومنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَأَهْدَي فَلاَ يَحِلُّ حتَّى يَحلَّ بِنَحْرِ هَدْيه ومَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ فلْيُتِمَّ حَجَّهُ قالَتْ فَحِضْتُ فَلَمْ أَزَلْ حائِضا حتَّى كانَ يَوْمُ عَرَفَة ولَمْ أُهْلِلْ إلاَّ بِعُمْرَةٍ فأَمَرَنِي النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنْ أَنْقُضَ رَأْسِي وأمْتَشِطَ وأُهِلَّ بِحَجٍّ وَأَتْرُكَ العُمْرَةَ فَفَعَلْتُ ذَلِكَ حتَّى قَضَيْتُ حَجِّي فَبَعَثَ معِي عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ أَبي بَكْرٍ وأَمَرَنِي أَنْ أَعْتَمِرَ مَكَانَ عُمْرَتِي منَ التنْعِيم.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْلهَا: ( وَأهل بِحَجّ) فَإِن فِيهِ إهلال الْحَائِض بِالْحَجِّ، لِأَن عَائِشَة كَانَت حائضة حِين أهلت بِالْحَجِّ.
وعَلى قَول من قَالَ: إِنَّهَا كَانَت قارنة، كَانَت الْمُطَابقَة أظهر لِأَنَّهَا أَحرمت بِالْحَجِّ وَهِي حَائِض، وَكَانَت معتمرة فَلهَذَا قَالَت: ( أَمرنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن أترك الْعمرَة) ، وَترك الشَّيْء لَا يكون إِلَّا بعد وجوده.
ذكر رِجَاله وهم سِتَّة: الأول: يحيى ابْن بكير، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَفتح الْكَاف وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف.
الثَّانِي: اللَّيْث بن سعد.
الثَّالِث: عقيل، بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَفتح الْقَاف: بن خَالِد بن عقيل، بِفَتْح الْعين: الْأَيْلِي.
الرَّابِع: مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ.
الْخَامِس: عُرْوَة بن الزبير ابْن الْعَوام.
السَّادِس: عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا.
ذكر لطائف اسناده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين.
وَفِيه: أَن رُوَاته مَا بَين بَصرِي وأيلي ومدني.
وَهَذَا الحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْمَنَاسِك، وَيَأْتِي بِزِيَادَة فِي الْحَج إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
قَوْلهَا: ( فِي حجَّة الْوَدَاع) ، بِفَتْح الْوَاو وَكسرهَا، وَكَانَت حجَّة الْوَدَاع فِي سنة عشر من الْهِجْرَة.
قَوْلهَا: ( وَمنا من أهل بِحجَّة) بِفَتْح، الْحَاء وَكسرهَا، وَهُوَ بِالتَّاءِ رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي وَرِوَايَة غَيره: ( بِحَجّ) .
قَوْلهَا: ( فقدمنا) بِكَسْر الدَّال.
قَوْلهَا: ( وَلم يهد) بِضَم الْيَاء: من الإهداء، وَهُوَ جملَة وَقعت حَالا.
قَوْله: ( فليحلل) ، بِكَسْر اللَّام من الثلاثي، وَفِي مثل هَذِه الْمَادَّة يجوز الْإِدْغَام وفكه.
قَوْله: ( حَتَّى يحل نحر هَدْيه) ، يَعْنِي يَوْم الْعِيد، ويروى: ( حَتَّى يحل بنحر هَدْيه) ، بِزِيَادَة: الْبَاء، لَا يُقَال: إِنَّه متمتع، فَلَا بُد لَهُ من تحلله عَن الْعمرَة، ثمَّ إِحْرَامه بِالْحَجِّ قبل الْوُقُوف لأَنا نقُول: لَا يلْزم أَن يكون مُتَمَتِّعا لجَوَاز أَن يدْخل الْحَج فِي الْعمرَة فَيصير قَارنا فَلَا يتَحَلَّل.
قَوْله: ( وَمن أهل بِحجَّة) ، كَذَا هُوَ فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي والحموي.
وَفِي رِوَايَة غَيرهمَا: ( بِحَجّ) ، بِدُونِ التَّاء، وَمَعْنَاهُ: أهلَّ بِحجَّة وَنوى الْإِفْرَاد، سَوَاء كَانَ مَعَه هدي أَو لَا.
وَلِهَذَا لم يُقيد: بلم يهد، وَلَا: بأهدى.
قَوْلهَا: ( حَتَّى كَانَ يَوْم عَرَفَة) بِرَفْع: يَوْم، و: كَانَ، تَامَّة.
قَوْله: ( وأترك الْعمرَة) ، صَرِيح بِفَسْخ الْعمرَة، وَهُوَ حجَّة على الشَّافِعِيَّة.
قَوْلهَا: ( حَتَّى قضيت حجتي) .
ويروى: ( حجي) .
قَوْلهَا: ( فَأمرنِي) ، بفاء الْعَطف، ويروى: ( أَمرنِي) ، بِدُونِ الْفَاء.
قَوْلهَا: ( من التَّنْعِيم) يتَعَلَّق بقوله: ( ان اعْتَمر) .
وَقَالَ ابْن بطال: فِيهِ أَن الْحَائِض تهل بِالْحَجِّ وَالْعمْرَة وَتبقى على إحرامها، وَتفعل مَا يفعل الْحَاج كُله غير الطّواف، فَإِذا طهرت اغْتَسَلت وطافت وأكملت حَجهَا، وَأمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن تنقض شعرهَا وتمتشط وَهِي حَائِض لَيْسَ للْوُجُوب، وَإِنَّمَا ذَلِك لإهلالها بِالْحَجِّ، لِأَن من سنة الْحَائِض وَالنُّفَسَاء أَن يغتسلا لَهُ، وَالله تَعَالَى أعلم.
19 - ( بابُ إقْبالِ المَحِيضِ وإدْبارِهِ) أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان إقبال الْحيض وإدباره..
     وَقَالَ  ابْن بطال: إقبال الْحيض هُوَ الدفعة من الدَّم، وإدباره أقبال الطُّهْر.
وَعند أَصْحَابنَا الْحَنَفِيَّة: عَلامَة إدبار الْحيض وانقطاعه الزَّمَان وَالْعَادَة، فَإِذا أخلت عَادَتهَا تحرت، وَإِن لم يكن لَهَا ظن أخذت بِالْأَقَلِّ.
والمناسبة بَين الْبَابَيْنِ من حَيْثُ وجود حكم الْحيض فِي كل مِنْهُمَا.
كَانَ وَقت الْعشَاء، لِأَن طلب المصابيح لأمر غَالب لَا يكون إلاَّ فِي شدَّة الظلمَة، وَشدَّة الظلمَة لَا تكون إلاَّ فِي جَوف اللَّيْل.
وروى الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث عباد بن إِسْحَاق عَن عبد الله بن أبي بكر عَن عمْرَة عَن عَائِشَة أَنَّهَا كَانَت تنْهى النِّسَاء أَن ينظرن إِلَى أَنْفسهنَّ لَيْلًا فِي الْحيض، وَتقول: ( إِنَّهَا قد تكون الصُّفْرَة والكدرة) .
وَعَن مَالك: لَا يُعجبنِي ذَلِك، وَلم يكن للنَّاس مصابيح.
وروى ابْن الْقَاسِم عَنهُ: أَنَّهُنَّ كن لَا يقمن بِاللَّيْلِ..
     وَقَالَ  صَاحب ( التَّلْوِيح) يشبه أَن يكون مَا بلغ ابْنة زيد عَن النِّسَاء كَانَ فِي أَيَّام الصَّوْم لينظرن الطُّهْر لنِيَّة الصَّوْم، لِأَن الصَّلَاة لَا تحْتَاج لذَلِك، لِأَن وُجُوبهَا عَلَيْهِنَّ إِنَّمَا يكون بعد طُلُوع الْفجْر.
وَاخْتلف الْفُقَهَاء فِي الْحَائِض تطهر قبل الْفجْر وَلَا تغسل حَتَّى يطلع الْفجْر.
فَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِن كَانَت أَيَّامهَا أقل من عشرَة صَامت وقضت، وَإِن كَانَت عشرَة صَامت وَلم تقض..
     وَقَالَ  مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد: هِيَ بِمَنْزِلَة الْجنب تَغْتَسِل وتصوم، ويجزيها صَوْم ذَلِك الْيَوْم، وَعَن عبد الْملك بن ماجشون: يَوْمهَا ذَلِك يَوْم فطر..
     وَقَالَ  الْأَوْزَاعِيّ: تصومه وتقضيه.
وَفِي ( الْقَوَاعِد) لِابْنِ رشد: اخْتلف الْفُقَهَاء فِي عَلامَة الطُّهْر، فَرَأى قوم أَن علامته الْقِصَّة أَو الجفوف.
قَالَ ابْن حبيب: وَسَوَاء كَانَت الْمَرْأَة من عَادَتهَا انها تطهر بِهَذِهِ، وَفرق قوم فَقَالُوا: إِن كَانَت مِمَّن لَا يَرَاهَا فطهرها الجفوف..
     وَقَالَ  ابْن حبيب: الْحيض أَوله دم ثمَّ يصير صفرَة ثمَّ تربة ثمَّ كدرة ثمَّ يكون ريقا كالقصة ثمَّ يَنْقَطِع، فَإِذا انْقَطع قبل هَذِه الْمنَازل وجف أصلا فَذَلِك إِبْرَاء للرحم.
وَفِي ( المُصَنّف) عَن عَطاء: الطُّهْر الْأَبْيَض الجفوف الَّذِي لَيْسَ مَعَه صفرَة وَلَا مَاء، وَعَن أَسمَاء بنت أبي بكر، رَضِي الله عَنهُ: سُئِلت عَن الصُّفْرَة الْيَسِيرَة، قَالَت: اعتزلن الصَّلَاة مَا رأين ذَلِك حَتَّى لَا تَرين إلاَّ لَبَنًا خَالِصا.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [319] قَالَ: ( ( اغتسلي واستثفري بثوب، وأحرمي) ) .
ومن حديث عائشة، قالت: نفست أسماء بنت عميس بمحمد بن أبي بكر بالشجرة، فأمر رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أبا بكر [يأمرها] أن تغتسل وتهل.
وخرج الإمام أحمد وأبو داود والترمذي من رواية خصيف، عن عكرمة ومجاهد وعطاء، عن ابن عباس – يرفع الحديث إلى النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( إن النفساء والحائض تغتسل وتحرم، فتقضي المناسك كلها، غير أن لا تطوف بالبيت حتّى تطهر) ) .
وقال الترمذي: حديث حسن.
وهذا قول جماعة أهل العلم، لا يعلم بينهم اختلاف فيه: أن الحائض يجوز أن تحرم بالحج والعمرة، وتفعل مايفعله الطاهر، سوى الطواف بالبيت، كما سبق.
ولكن؛ منهم من كره لها أن تبتدئ الإحرام من غير حاجة إليه، فكره الضحاك وإبراهيم النخعي وسفيان الثوري: أن تحرم في حال دمها قبل الميقات؛ لأنه لا حاجة لها إلى ذَلكَ، فإذا وصلت إلى الميقات، ولم تطهر فإحرامها حينئذ ضرورة.
وكره عطاء لمن كانت بمكة وهي حائض: أن تخرج إلى الميقات، فتهل بعمرة، وقال: لا تخرج حتّى تطهر.
وهو محمول على المقيمة بمكة، التي يمكنها تأخير الإحرام إلى حال طهرها.
19 - باب إقبال المحيض وإدباره وكن نساء يبعثن إلى عائشة بالدرجة فيها الكرسف، فيه الصفرة، فتقول: لا تعجلن حتّى ترين القصة البيضاء - تريد بذلك: الطهر من الحيضة.
وبلغ ابنة زيد بن ثابت أن نساء يدعون بالمصابيح من جوف الليل، ينظرن إلى الطهر، فقالت: ما كان النساء يصنعن هذا، وعابت عليهن.
هذان الأثران، خرجهما مالك في ( ( المؤطا) ) ، فروى عن علقمة بن أبي علقمة، عن أمه مولاة عائشة، أنها قالت: كان النساء يبعثن إلى عائشة بالدرجة فيها الكرسف، فيه الصفرة من دم الحيضة، يسألنها عن الصَّلاة، فتقول: لا تعجلن حتّى ترين القصة البيضاء - تريد بذلك: الطهر من الحيضة.
وروى - أيضاً - عن عبد الله بن أبي بكر، عن عمته، عن ابنة زيد بن ثابت، أنه بلغها أن نساءكن يدعون بالمصابيح من جوف الليل، ينظرنإلى الطهر، فكانت تعيب ذَلكَ عليهن، وتقول: ما كان النساء يصنعن هذا.
وإنما كان نساء الصدر الأول يصنعن هذا لشدة اهتمامهن بالصلاة، وأمور الدين - رضي الله عنهن -.
قَالَ ابن عبد البر: إنما أنكرت بنت زيد بن ثابت على النساء افتقاد أحوالهن في غير وقت الصَّلاة وما قاربها؛ لأن جوف الليل ليس بوقت صلاة، وإنما على النساء افتقاد أحوالهن للصلاة، فإن كن قد طهرن تأهبن للغسل، لما عليهن من الصَّلاة.
انتهى.
وفيما قاله نظر، فإن جوف الليل وقت لصلاة العشاء، فإذا طهرت فيه الحائض لزمها صلاة العشاء وصلاة المغرب – أيضاً – عند كثير من العلماء.
وإنما أنكرت بنت زيد – والله أعلم – النظر في لون الدم، وأن مدة العادة تحكم بأن جميع ما يرى فيها دم حيض؛ وإن اختلفت ألوانه.
وهذا المعنى أقرب إلى إدخال البخاري له في هذا الباب، وإلى إدخال مالك له في ( ( الموطإ) ) في ( ( باب: طهر الحيض) ) ؛ وسياقهما له بعد قول عائشة الذي صدر به البخاري هذا الباب.
و ( ( الدرجة) ) : قد رويت بضم الدال المشددة وسكون الراء، فتكون تأنيث ( ( درج) ) ، ورويت بكسر الدال وفتح الراء، فتكون جمع ( ( درج) ) كما تجمع ( ( خرج وترس) ) على ( ( خرجة وترسة) ) .
( ( الدرج) ) : المراد به هنا: خرق تلف وفيها قطن، وهو الكرسف، فتدخله المرأة الحائض في فرجها؛ لتنظر ما يخرج على القطن، فإذا خرج عليه دم أحمر أو أسود علمت المرأة أن دم حيضها باق، وإن خرج عليه صفرة فقد أفتت عائشة – رضى الله عنها – بأنه حيض – أيضاً -، وأن الحائض لا ينقطع حيضها حتّى ترى القصة البيضاء.
و ( ( القصة) ) –بفتح القاف -: أصلها القطعة من الجص الأبيض، وأرادت عائشة بذلك أن القطنة تخرج بيضاء، ليس فيها شيء من الصفرة، ولا الكدرة، فيكون ذَلكَ علامة نقائها وطهرها.
وقالت طائفة: بل القصة البيضاء عبارة عن ماء أبيض يخرج عقب الدم من النساء في آخر الحيض، فلا تطهرن بدونه.
وقيل: إنه يشبه الخيط الأبيض، وهذا قول مالك وغيره.
وروى الوليد بن مسلم، عن عبد الرحمن بن ميسرة، عن عبد الرحمن بن ذؤيب، عن عائشة، قالت: الطهر أن ترى المرأة بعد الدم ماء أبيض قطعا.
خرجه حرب الكرماني.
وحكى الخطابي، عن ابن وهب، أنه قَالَ في تفسير القصة البيضاء: رأيت القطن الأبيض، كأنه هو.
وعن ابن أبي سلمة، قَالَ: إذا كان ذَلكَ نظرت المرأة إلى مثل ريقها في اللون، فتطهر بذلك، فيما بلغنا.
وعن مالك، قَالَ: سألت النساء عن القصة البيضاء، فإذا ذاك أمر معروف عند النساء، يرينه عند الطهر.
وهذا المحكي عن مالك يوافق القول الثاني الذي ذكرناه، وأن القصة البيضاء عبارة عن شيء أبيض يخرج في آخر دم الحيض 0 وقال ابن عبد البر: اختلف أصحاب مالك عنه في علامة الطهر، ففي ( ( المدونة) ) : قَالَ مالك: إذا كانت المرأة ممن ترى القصة البيضاء فلا تطهر حتّى تراها، وإن كانت ممن لاتراها فطهرها الجفوف، وذلك أنتدخل الخرقة فتخرجها جافة، وبه قَالَ عيسى بن دينار، قَالَ: القصة البيضاء أبلغ في براءة الرحم من الجفوف.
وفي ( ( المجموعة) ) : قَالَ مالك: إذا رأت الجفوف وهي ممن ترى القصة البيضاء فلا تصلي حتّى تراها، إلا أن يطول ذَلكَ بها.
وقال ابن حبيب: تطهر بالجفوف، وإن كانت ممن ترى القصة البيضاء.
قَالَ ابن حبيب: والجفوف أبرأ للرحم من القصة البيضاء.
قَالَ: فمن كان طهرها القصة البيضاء ورأت الجفوف فقد طهرت.
قَالَ: ولا تطهر التي طهرها الجفوف برؤيتها القصة البيضاء حتّى ترى الجفوف.
قَالَ: وذلك أن أول الحيض دم، ثُمَّ صفرة، ثُمَّ ترية، ثُمَّ كدرة، ثُمَّ يكون ريقاً كالفضة، ثُمَّ ينقطع، فإذا انقطع قبل هذه المنازل فقد برئت الرحم من الحيض.
قَالَ: والجفوف أبرأ وأوعب، وليس بعد الجفوف انتظار.
انتهى ما ذكره ابن عبد البر – رحمه الله.
وفي ( ( تهذيب المدونة) ) : تغتسل إن رأت القصة البيضاء، فإن كانت ممن لا تراها فحين ترى الجفوف.
قَالَ ابن القاسم: والجفوف أنتدخل الخرقة، فتخرجها جافة 0 قَالَ أبو عبيد: الترية: الشيء الخفي اليسير، وهو أقل من الصفرة والكدرة، ولا تكون الترية إلا بعد اغتسال، فأما ما كان في أيام الحيض فهو حيض وليس بترية.
انتهى.
واختلف قول الإمام أحمد في تفسير القصة البيضاء: فنقل الأكثرون عنه: أنه شيء أبيض يتبع الحيضة، ليس بصفرة ولا كدرة، فهو علامة الطهر، وحكاه أحمد عن الشافعي.
ونقل حنبل، عن أحمد: أن القصة البيضاء هو الطهر وانقطاع الدم، وكذلك فسر سفيان الثوري القصة البيضاء بالطهر من الحيض.
وأرسلت امرأة إلي عمرة بنت عبد الرحمن بدرجٍ فيهِ كرسفة قطن، فيها كالصفرة، تسألها: هل ترى إذا لَم تر المرأة مِن الحيضة إلا هَذا أن قَد طهرت؟ فقالت: لا، حتى ترى البياض خالصاً.
وروى الأثرم بإسناده، عَن ابن الزبير، أنَّهُ قالَ على المنبر: يا معشر النساء، إذا رأت إحداكن القصة البيضاء فَهوَ الطهر.
وقال مكحول: لا تغتسل المرأة مِن الحيض إذا طهرت حتى ترى طهراً أبيض.
وقد حكى أبو عبيد القولين في تفسير القصة البيضاء.
ودل قول عائشة - رضي الله عنها - هَذا على أن الصفرة والكدرة فيأيام الحيض حيض، وأن مِن لها أيام معتادة تحيض فيها فرأت فيها صفرة أو كدرة، فإن ذَلِكَ يكون حيضاً معتبراً.
وهذا قول جمهور العلماء، حتى إن مِنهُم مِن نقله إجماعاً، مِنهُم: عبد الرحمن بنِ مهدي وإسحاق بنِ راهويه، ومرةً خص إسحاق حكاية الإجماع بالصفرة دونَ الكدرة.
ولكن ذهب طائفة قليلة، مِنهُم: الأوزاعي وأبو ثور وداود وابن المنذر وبعض الشافعية إلى أنه لا يكون ذَلِكَ حيضاً حتى يتقدمه في مدة العادة دم.
واشترط بعض الشافعية أن يكون الدم المتقدم يبلغ أقل الحيض.
ومنهم مِن اشترط أن يلحقه دم - أيضاً.
ومنهم مِن اشترط أن يلحقه دم يبلغ أقل الحيض.
وقال أبو يوسف: الصفرة حيض، والكدرة ليسَ حيضاً، إلا أن يتقدمها دم.
وحكي عَن داود أن الصفرة والكدرة لا تكون حيضاً بكل حال.
فأما ما زاد على أيام العادة، واتصل بها، وكان صفرة أو كدرة، فهل يكون حيضاً، أم لا؟ فيهِ قولان: أحدهما: أنَّهُ حيض، وَهوَ أشهر الروايتين عَن مالك، والمشهور عَن الشَافِعي - أيضاً -، وعليه أكثر أصحابه، وقول الحكم وأبي حنيفة وإسحاق.
والثاني: أنه ليسَ بحيض، وَهوَ رواية عَن مالك،وقول الثوري والإصطخري وغيره مِن الشافعية.
وأما الإمام أحمد، فإنه يرى أن الزائد على العادة لا يلتفت إليه أول مرة حتى يتكرر مرتين أو ثلاثاً على اختلاف عَنهُ، وقد سبق ذكر ذَلِكَ.
فإن زاد على العادة بصفرة أو كدرة وتكرر ثلاثاً، فهل يكون حيضاً، أم لا؟ فيهِ عَنهُ روايتان.
وقد روي عَن عائشة، أنها لا تلتفت إلى الزائد على العادة مِن الصفرة والكدرة.
خرجه حرب والبيهقي مِن رواية سليمان بنِ موسى، عَن عطاء، عَن عائشة، قالت: إذا رأت المرأة الدم فلتمسك عَن الصلاة حتى تراه أبيض كالفضة؛ فإذا رأت ذَلِكَ فلتغتسل ولتصل؛ فإذا رأت بعد ذَلِكَ صفرة أو كدرة فلتتوضأ ولتصل، فإذا رأت دماً أحمر فلتغتسل ولتصل.
وروي عَن أسماء بنت أبي بكر ما يشعر بخلاف ذَلِكَ، فروى البيهقي وغيره مِن رواية ابن إسحاق، عَن فاطمة بنت المنذر، عَن أسماء، قالت: كنا في حجرها معَ بنات أخيها، فكانت إحدانا تطهر، ثُمَّ تصلي، ثُمَّ تنتكس بالصفرة اليسيرة، فنسألها، فتقول: اعتزلن الصلاة ما رأيتن ذَلِكَ، حتى ترين البياض خالصاً.
وقد حمله بعض أصحابنا على أن الصفرة أو الكدرة إذا رؤيت بعدالطهر وانقطاع الدم فإنها لا تكون حيضاً ولو تكررت، على الصحيح عندهم، بخلاف ما إذا رأت ذَلِكَ متصلاً بالدم وتكرر.
فهذا كله في حق المعتادة.
فأما المبتدأة، فإذا رأت في زمن يصلح للحيض صفرة أو كدرة، فقالت طائفة مِن أصحابنا كالقاضي أبي يعلى ومن تابعه، وأكثر أصحاب الشَافِعي: إنه يكون حيضاً؛ لأن زمن الدم للمبتدأة كزمن العادة للمعتادة.
وقالت طائفة مِن أصحابنا: لا يكون حيضاً، وقالوا: إنه ظاهر كلام أحمد، وَهوَ قول طائفة مِن الشافعية - أيضاً -، وحكاه الخطابي عَن عائشة وعطاء وأكثر الفقهاء؛ لأنه اجتمع فيهِ فَقد العادة ولون الدم المعتاد، فقويت جهة فساده، وعلى هَذا فينبغي أنَّهُ إن تكرر ذَلِكَ ثلاثاً أن يكون حيضاً، إن قلنا: إن المتكرر بعد العادة حيض، وقد يفرق بينهما بأن المتكرر بعد العادة قَد سبقه دم بخلاف هَذا.
وقد ذهب طائفة مِن أصحابنا، مِنهُم: ابن حامد وابن عقيل إلى أن المبتدأة إذا رأت أول مرةٍ دماً أحمر فليس بدم حيض حتى يكون أسود، وَهوَ قول بعض الشافعية - أيضاً -؛ للحديث المروي عَن النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنَّهُ قالَ - في دم الحيض -: ( ( إنه أسود يعرف) ) .
وهذا ينتقض عليهم بالمعتادة؛ فإنها إذا كانت عادتها أسود ثُمَّ رأت في مدة العادة دماً أحمر فإنه حيض بغير خلاف.
ثُمَّ خرج البخاري في هَذا الباب:

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  قَولُهُ بَابُ كَيْفَ تُهِلُّ الْحَائِضُ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِِ
مُرَادُهُ بَيَانُ صِحَّةَ إِهْلَالِ الْحَائِضِ وَمَعْنَى كَيْفَ فِي التَّرْجَمَةِ الْإِعْلَامُ بِالْحَالِ بِصُورَةِ الِاسْتِفْهَامِ لَا الْكَيْفِيَّةُ الَّتِي يُرَادُ بِهَا الصِّفَةُ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ يَنْدَفِعُ اعْتِرَاضُ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْحَدِيثَ غَيْرُ مُنَاسِبٍ لِلتَّرْجَمَةِ إِذْ لَيْسَ فِيهَا ذِكْرُ صِفَةِ الْإِهْلَالِ

[ قــ :315 ... غــ :319] .

     قَوْلُهُ  مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي بِحَجَّةٍ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَكَذَا لِلْحَمَوِيِّ فِي الْمَوْضِعِ الثَّانِي .

     قَوْلُهُ  قَالَتْ فَحِضْتُ أَيْ بِسَرِفَ قَبْلَ دُخُولِ مَكَّةَ .

     قَوْلُهُ  حَتَّى قَضَيْتُ حَجَّتِي فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ وَأَبِي الْوَقْتِ حَجِّي وَالْكَلَامُ عَلَى فَوَائِدِ الْحَدِيثِ يَأْتِي فِي كِتَابِ الْحَجِّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب
كيف تهل الحائض بالحج والعمرة؟
خرج فيه:
[ قــ :315 ... غــ :319 ]
- حديث: ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة، قالت: خرجنا مع النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في حجة الوداع.
فذكرت الحديث، إلى أن قالت: فحضت، فلم أزل حائضا حتّى كان يوم عرفة، ولم أهلل إلاّ بعمرة، فأمرني رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن أنقض رأسي، وأمتشط، وأهل بحج، وأترك العمرة، ففعلت ذَلكَ حتّى قضيت حجي، فبعث معي عبد الرحمن بن أبي بكر، فأمرني أن أعتمر مكان عمرتي من التنعيم.
فيه: دليل على أن الحائض إذا أرادت الإحرام فإنها تغتسل له، ثُمَّ تهل بما تريد أن تحرم به من حج أو عمرة.
والإهلال: التلبية.
وخرج مسلم من حديث جابر، النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: قَالَ لعائشة لما حاضت: ( ( اغتسلي، ثُمَّ أهلي بالحج) ) .
ومن حديث جابر - أيضا -، قَالَ: خرجنا مع النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتّى أتينا ذا الحليفة، فولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر، فأرسلت إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: كيف أصنع؟ قَالَ: ( ( اغتسلي واستثفري بثوب، وأحرمي) ) .
ومن حديث عائشة، قالت: نفست أسماء بنت عميس بمحمد بن أبي بكر بالشجرة، فأمر رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أبا بكر [يأمرها] أن تغتسل وتهل.
وخرج الإمام أحمد وأبو داود والترمذي من رواية خصيف، عن عكرمة ومجاهد وعطاء، عن ابن عباس – يرفع الحديث إلى النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( إن النفساء والحائض تغتسل وتحرم، فتقضي المناسك كلها، غير أن لا تطوف بالبيت حتّى تطهر) ) .
وقال الترمذي: حديث حسن.
وهذا قول جماعة أهل العلم، لا يعلم بينهم اختلاف فيه: أن الحائض يجوز أن تحرم بالحج والعمرة، وتفعل مايفعله الطاهر، سوى الطواف بالبيت، كما سبق.
ولكن؛ منهم من كره لها أن تبتدئ الإحرام من غير حاجة إليه، فكره الضحاك وإبراهيم النخعي وسفيان الثوري: أن تحرم في حال دمها قبل الميقات؛ لأنه لا حاجة لها إلى ذَلكَ، فإذا وصلت إلى الميقات، ولم تطهر فإحرامها حينئذ ضرورة.
وكره عطاء لمن كانت بمكة وهي حائض: أن تخرج إلى الميقات، فتهل بعمرة، وقال: لا تخرج حتّى تطهر.
وهو محمول على المقيمة بمكة، التي يمكنها تأخير الإحرام إلى حال طهرها.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب كَيْفَ تُهِلُّ الْحَائِضُ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ؟
( باب كيف تهل الحائض بالحج والعمرة) ليس مراده الكيفية التي يراد بها الصفة بل بيان صحة إهلال الحائض.


[ قــ :315 ... غــ : 319 ]
- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ.
فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ.
فَقَدِمْنَا مَكَّةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَلَمْ يُهْدِ فَلْيُحْلِلْ، وَمَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَأَهْدَى فَلاَ يَحِلُّ حَتَّى يَحِلَّ بِنَحْرِ هَدْيِهِ.
وَمَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ فَلْيُتِمَّ حَجَّهُ».
قَالَتْ: فَحِضْتُ، فَلَمْ أَزَلْ حَائِضًا حَتَّى كَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ، وَلَمْ أُهْلِلْ إِلاَّ بِعُمْرَةٍ، فَأَمَرَنِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ أَنْقُضَ رَأْسِي وَأَمْتَشِطَ وَأُهِلَّ بِحَجٍّ وَأَتْرُكَ الْعُمْرَةَ، فَفَعَلْتُ ذَلِكَ حَتَّى قَضَيْتُ حَجِّي، فَبَعَثَ مَعِي عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ وَأَمَرَنِي أَنْ أَعْتَمِرَ مَكَانَ عُمْرَتِي مِنَ التَّنْعِيمِ.

وبه قال: ( حدّثنا يحيى بن بكير) بضم الموحدة وفتح الكاف ( قال: حدّثنا الليث) بن سعد ( عن عقيل) بضم العين وفتح القاف ابن خالد بن عقيل بفتح العين الأيلي ( عن ابن شهاب) الزهري ( عن عروة) بن الزبير بن العوام ( عن عائشة) رضي الله عنها ( قالت) :

( خرجنا مع النبي) وللأصيلي رسول الله ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) من المدينة ( في حجة الوداع) لخمس بقين من ذي القعدة سنة عشر من الهجرة ( فمنا من أهلَّ) أي أحرم ( بعمرة ومنا من أهلَّ بحج) وفي رواية أبي ذر عن المستملي بحجة ( فقدمنا مكة فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: من أحرم بعمرة ولم يهدِ) بضم المثناة التحتية من الإهداء ( فليحلل) بكسر اللام من الثلاثي أي قبل يوم النحر حتى يحرم بالحج، ( ومن أحرم بعمرة وأهدى فلا يحل حتى يحل) بفتح المثناة وكسر الحاء والضم في لام الأولى والفتح في لام الأخرى ( بنحر هديه) ولأبوي ذر والوقت والأصيلي وابن عساكر حتى يحل نحر هديه أي يوم العيد لكونه أدخل الحج فيصير قارنًا ولا يكون متمتعًا فلا يحل، وأما توقفه على دخول يوم النحر مع إمكان التحلل بعد نصف ليلته فليس التحلل الكلي، أما التحلل الكلي المبيح للجماع فهو في يوم
النحر، ( ومن أهلَّ بحج) مفردًا ولأبي ذر وعزاها في الفتح للمستملي والحموي ومن أهلَّ بحجة ( فليتم حجه) سواء كان معه هدي أم لا.
( قالت) عائشة رضي الله عنها: ( فحضت) أي بسرف ( فلم أزل حائضًا حتى كان يوم عرفة) برفع يوم لأن كان تامة ( ولم أهلل) بضم الهمزة وكسر اللام الأولى ( إلا بعمرة فأمرني النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن أنقض) شعر ( رأسي و) أن ( أمتشط و) أن ( أهلَّ) بضم الهمزة ( بحج و) أن ( أترك العمرة) أي أعمالها أو أبطلها ( ففعلت ذلك) كله ( حتى قضيت حجي) ولأبوي ذر والوقت والأصيلي حجتي ( فبعث) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( معي) أخي ( عبد الرحمن بن أبي بكر) وللأصيلي زيادة الصديق، ( وأمرني) عليه الصلاة والسلام، ولأبوي ذر والوقت: فأمرني بالفاء ( أن أعتمر مكان عمرتي من التنعيم) .
ورواة هذا الحديث الستة ما بين مصري وايلّي ومدنيّ، وأخرجه مسلم في المناسك، ويأتي ما فيه من البحث في الحج إن شاء الله تعالى بعونه وقوّته.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ كَيفَ تُهِلُّ الحائِضُ بالحَجِّ والعُمْرَةِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان كَيْفيَّة إهلال الْحَائِض بِالْحَجِّ أَو الْعمرَة، وَالْمرَاد من الْكَيْفِيَّة: الْحَال من الصِّحَّة والبطلان وَالْجَوَاز وَغير الْجَوَاز، فَكَأَنَّهُ قَالَ: بابُُ صِحَة إهلال الْحَائِض بِالْحَجِّ أَو بِالْعُمْرَةِ، أَو: بابُُ جَوَازهَا.
وَالْمَقْصُود من الصِّحَّة أَعم من أَن تكون فِي الِابْتِدَاء أَو فِي الدَّوَام.

والمناسبة بَين الْبابَُُيْنِ من حَيْثُ إِن البُخَارِيّ أَرَادَ من وضع الْبابُُ السَّابِق الْإِشَارَة إِلَى أَن الْحَامِل لَا تحيض، وَهُوَ حكم من أَحْكَام الْحيض.
وَفِي هَذَا الْبابُُ أَيْضا حكم من أَحْكَام الْحيض، وَفِيه نوع من تعسف، وَفِي بعض النّسخ هَذَا الْبابُُ قد ذكر قبل الْبابُُ السَّابِق.

[ قــ :315 ... غــ :319 ]
- ح دَّثنا يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدثنَا اللَّيثُ عنْ عُقَيْلٍ عنْ ابنِ شِهَابٍ عنْ عُرْوَةَ عنْ عائِشَةَ قالَتْ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حجَّةِ الوَدَاعِ فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ وَمِنَّا منْ أَهَلَّ بِحَجٍّ فَقَدِمْنَا مَكَّةَ فقالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَلَمْ يُهْدِ فَلْيُحْلِلْ ومنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَأَهْدَي فَلاَ يَحِلُّ حتَّى يَحلَّ بِنَحْرِ هَدْيه ومَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ فلْيُتِمَّ حَجَّهُ قالَتْ فَحِضْتُ فَلَمْ أَزَلْ حائِضا حتَّى كانَ يَوْمُ عَرَفَة ولَمْ أُهْلِلْ إلاَّ بِعُمْرَةٍ فأَمَرَنِي النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنْ أَنْقُضَ رَأْسِي وأمْتَشِطَ وأُهِلَّ بِحَجٍّ وَأَتْرُكَ العُمْرَةَ فَفَعَلْتُ ذَلِكَ حتَّى قَضَيْتُ حَجِّي فَبَعَثَ معِي عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ أَبي بَكْرٍ وأَمَرَنِي أَنْ أَعْتَمِرَ مَكَانَ عُمْرَتِي منَ التنْعِيم.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْلهَا: ( وَأهل بِحَجّ) فَإِن فِيهِ إهلال الْحَائِض بِالْحَجِّ، لِأَن عَائِشَة كَانَت حائضة حِين أهلت بِالْحَجِّ.
وعَلى قَول من قَالَ: إِنَّهَا كَانَت قارنة، كَانَت الْمُطَابقَة أظهر لِأَنَّهَا أَحرمت بِالْحَجِّ وَهِي حَائِض، وَكَانَت معتمرة فَلهَذَا قَالَت: ( أَمرنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن أترك الْعمرَة) ، وَترك الشَّيْء لَا يكون إِلَّا بعد وجوده.

ذكر رِجَاله وهم سِتَّة: الأول: يحيى ابْن بكير، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَفتح الْكَاف وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف.
الثَّانِي: اللَّيْث بن سعد.
الثَّالِث: عقيل، بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَفتح الْقَاف: بن خَالِد بن عقيل، بِفَتْح الْعين: الْأَيْلِي.
الرَّابِع: مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ.
الْخَامِس: عُرْوَة بن الزبير ابْن الْعَوام.
السَّادِس: عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا.

ذكر لطائف اسناده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين.
وَفِيه: أَن رُوَاته مَا بَين بَصرِي وأيلي ومدني.

وَهَذَا الحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْمَنَاسِك، وَيَأْتِي بِزِيَادَة فِي الْحَج إِن شَاءَ الله تَعَالَى.

قَوْلهَا: ( فِي حجَّة الْوَدَاع) ، بِفَتْح الْوَاو وَكسرهَا، وَكَانَت حجَّة الْوَدَاع فِي سنة عشر من الْهِجْرَة.
قَوْلهَا: ( وَمنا من أهل بِحجَّة) بِفَتْح، الْحَاء وَكسرهَا، وَهُوَ بِالتَّاءِ رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي وَرِوَايَة غَيره: ( بِحَجّ) .
قَوْلهَا: ( فقدمنا) بِكَسْر الدَّال.
قَوْلهَا: ( وَلم يهد) بِضَم الْيَاء: من الإهداء، وَهُوَ جملَة وَقعت حَالا.
قَوْله: ( فليحلل) ، بِكَسْر اللَّام من الثلاثي، وَفِي مثل هَذِه الْمَادَّة يجوز الْإِدْغَام وفكه.
قَوْله: ( حَتَّى يحل نحر هَدْيه) ، يَعْنِي يَوْم الْعِيد، ويروى: ( حَتَّى يحل بنحر هَدْيه) ، بِزِيَادَة: الْبَاء، لَا يُقَال: إِنَّه متمتع، فَلَا بُد لَهُ من تحلله عَن الْعمرَة، ثمَّ إِحْرَامه بِالْحَجِّ قبل الْوُقُوف لأَنا نقُول: لَا يلْزم أَن يكون مُتَمَتِّعا لجَوَاز أَن يدْخل الْحَج فِي الْعمرَة فَيصير قَارنا فَلَا يتَحَلَّل.
قَوْله: ( وَمن أهل بِحجَّة) ، كَذَا هُوَ فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي والحموي.
وَفِي رِوَايَة غَيرهمَا: ( بِحَجّ) ، بِدُونِ التَّاء، وَمَعْنَاهُ: أهلَّ بِحجَّة وَنوى الْإِفْرَاد، سَوَاء كَانَ مَعَه هدي أَو لَا.
وَلِهَذَا لم يُقيد: بلم يهد، وَلَا: بأهدى.
قَوْلهَا: ( حَتَّى كَانَ يَوْم عَرَفَة) بِرَفْع: يَوْم، و: كَانَ، تَامَّة.
قَوْله: ( وأترك الْعمرَة) ، صَرِيح بِفَسْخ الْعمرَة، وَهُوَ حجَّة على الشَّافِعِيَّة.
قَوْلهَا: ( حَتَّى قضيت حجتي) .
ويروى: ( حجي) .
قَوْلهَا: ( فَأمرنِي) ، بفاء الْعَطف، ويروى: ( أَمرنِي) ، بِدُونِ الْفَاء.
قَوْلهَا: ( من التَّنْعِيم) يتَعَلَّق بقوله: ( ان اعْتَمر) .

وَقَالَ ابْن بطال: فِيهِ أَن الْحَائِض تهل بِالْحَجِّ وَالْعمْرَة وَتبقى على إحرامها، وَتفعل مَا يفعل الْحَاج كُله غير الطّواف، فَإِذا طهرت اغْتَسَلت وطافت وأكملت حَجهَا، وَأمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن تنقض شعرهَا وتمتشط وَهِي حَائِض لَيْسَ للْوُجُوب، وَإِنَّمَا ذَلِك لإهلالها بِالْحَجِّ، لِأَن من سنة الْحَائِض وَالنُّفَسَاء أَن يغتسلا لَهُ، وَالله تَعَالَى أعلم.