هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
312 حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ ، حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ ، عَنْ عُرْوَةَ ، أَنَّ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : أَهْلَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ ، فَكُنْتُ مِمَّنْ تَمَتَّعَ وَلَمْ يَسُقْ الهَدْيَ ، فَزَعَمَتْ أَنَّهَا حَاضَتْ وَلَمْ تَطْهُرْ حَتَّى دَخَلَتْ لَيْلَةُ عَرَفَةَ ، فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، هَذِهِ لَيْلَةُ عَرَفَةَ وَإِنَّمَا كُنْتُ تَمَتَّعْتُ بِعُمْرَةٍ ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : انْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي ، وَأَمْسِكِي عَنْ عُمْرَتِكِ ، فَفَعَلْتُ ، فَلَمَّا قَضَيْتُ الحَجَّ أَمَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ لَيْلَةَ الحَصْبَةِ ، فَأَعْمَرَنِي مِنَ التَّنْعِيمِ مَكَانَ عُمْرَتِي الَّتِي نَسَكْتُ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
312 حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا إبراهيم ، حدثنا ابن شهاب ، عن عروة ، أن عائشة ، قالت : أهللت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع ، فكنت ممن تمتع ولم يسق الهدي ، فزعمت أنها حاضت ولم تطهر حتى دخلت ليلة عرفة ، فقالت : يا رسول الله ، هذه ليلة عرفة وإنما كنت تمتعت بعمرة ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : انقضي رأسك وامتشطي ، وأمسكي عن عمرتك ، ففعلت ، فلما قضيت الحج أمر عبد الرحمن ليلة الحصبة ، فأعمرني من التنعيم مكان عمرتي التي نسكت
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن عَائِشَةَ ، قَالَتْ : أَهْلَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ ، فَكُنْتُ مِمَّنْ تَمَتَّعَ وَلَمْ يَسُقْ الهَدْيَ ، فَزَعَمَتْ أَنَّهَا حَاضَتْ وَلَمْ تَطْهُرْ حَتَّى دَخَلَتْ لَيْلَةُ عَرَفَةَ ، فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، هَذِهِ لَيْلَةُ عَرَفَةَ وَإِنَّمَا كُنْتُ تَمَتَّعْتُ بِعُمْرَةٍ ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : انْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي ، وَأَمْسِكِي عَنْ عُمْرَتِكِ ، فَفَعَلْتُ ، فَلَمَّا قَضَيْتُ الحَجَّ أَمَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ لَيْلَةَ الحَصْبَةِ ، فَأَعْمَرَنِي مِنَ التَّنْعِيمِ مَكَانَ عُمْرَتِي الَّتِي نَسَكْتُ .

Narrated `Aisha:

In the last Hajj of Allah's Messenger (ﷺ) I assume the Ihram for Hajj along with Allah Apostle. I was one of those who intended Tamattu` (to perform Hajj an `Umra) and did not take the Hadi (animal for sacrifice) with me. I got my menses and was not clean till the night of `Arafa I said, O Allah's Apostle! It is the night of the day of `Arafat and I intended to perform the Hajj Tamattu` with `Umra Allah's Messenger (ﷺ) told me to undo my hair and comb it and to postpone the `Umra. I did the same and completed the Hajj. On the night of Al-Hasba (i.e. place outside Mecca where the pilgrims go after finishing all the ceremonies Hajj at Mina) he (the Prophet (ﷺ) ordered `Abdur Rahman (`Aisha's brother) to take me to at-Tan`im to assume the lhram for `Umra in lieu of that of Hajj-at-Tamattu` which I had intended to perform.

0316 Urwa rapporte : Aicha dit : « Pendant le pèlerinage de l’Adieu, je me mis en état de sacralisation (ihram) avec le Messager de Dieu. Mais J’étais de ceux qui firent le tamatu sans toutefois présenter une bête pour le sacrifice (hady). » Aicha rapporte avoir eu ses menstrues et que l’écoulement du sang ne prit fin qu’à la nuit de Arafa. Elle dit : « O Messager de Dieu ! voici la nuit de Arafa… Je viens de commencer un tamatu de  umra. » Le Messager de Dieu lui dit : « Dénoue tes cheveux, peigne-toi et renonce à ta umra.«  Et, c’est ce que je fis, dit Aicha. Mais à la fin du hajj, le Prophète, à la nuit d’al-Hasba, donna l’ordre à Abd-ar-Rahman de m’amener faire la umra à partir d’at-tanim.  

":"ہم سے موسیٰ بن اسماعیل نے بیان کیا ، کہا ہم سے ابراہیم بن سعد نے ، کہا ہم سے ابن شہاب زہری نے عروہ کے واسطہ سے کہ حضرت عائشہ رضی اللہ عنہا نے بتلایا کہمیں نے نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم کے ساتھ حجۃ الوداع کیا ، میں تمتع کرنے والوں میں تھی اور ہدی ( یعنی قربانی کا جانور ) اپنے ساتھ نہیں لے گئی تھی ۔ حضرت عائشہ رضی اللہ عنہا نے اپنے متعلق بتایا کہ پھر وہ حائضہ ہو گئیں اور عرفہ کی رات آ گئی اور ابھی تک وہ پاک نہیں ہوئی تھیں ۔ اس لیے انھوں نے رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم سے کہا کہ حضور آج عرفہ کی رات ہے اور میں عمرہ کی نیت کر چکی تھی ، رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ اپنے سر کو کھول ڈال اور کنگھا کر اور عمرہ کو چھوڑ دے ۔ میں نے ایسا ہی کیا ۔ پھر میں نے حج پورا کیا ۔ اور لیلۃ الحصبہ میں عبدالرحمٰن بن ابوبکر کو آنحضور صلی اللہ علیہ وسلم نے حکم دیا ۔ وہ مجھے اس عمرہ کے بدلہ میں جس کی نیت میں نے کی تھی تنعیم سے ( دوسرا ) عمرہ کرا لائے ۔

0316 Urwa rapporte : Aicha dit : « Pendant le pèlerinage de l’Adieu, je me mis en état de sacralisation (ihram) avec le Messager de Dieu. Mais J’étais de ceux qui firent le tamatu sans toutefois présenter une bête pour le sacrifice (hady). » Aicha rapporte avoir eu ses menstrues et que l’écoulement du sang ne prit fin qu’à la nuit de Arafa. Elle dit : « O Messager de Dieu ! voici la nuit de Arafa… Je viens de commencer un tamatu de  umra. » Le Messager de Dieu lui dit : « Dénoue tes cheveux, peigne-toi et renonce à ta umra.«  Et, c’est ce que je fis, dit Aicha. Mais à la fin du hajj, le Prophète, à la nuit d’al-Hasba, donna l’ordre à Abd-ar-Rahman de m’amener faire la umra à partir d’at-tanim.  

شرح الحديث من عمدة القاري

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،    (بابُُ امْتِشاطِ المَرْأَةِ عِنْدَ غُسْلِها مِنَ المَحِيضِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان امتشاط الْمَرْأَة، وَهُوَ تَسْرِيح رَأسهَا عِنْد غسلهَا من الْمَحِيض أَي: الْحيض.

وَجه الْمُنَاسبَة بَين الْبابَُُيْنِ من حَيْثُ إِن فِي كل مِنْهُمَا مَا يشْعر بِزِيَادَة التَّنْظِيف والنقاء، وَلَا يحفى ذَلِك على المتأمل.



[ قــ :312 ... غــ :316 ]
- حدّثنا مُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ قالَ حدّثنا إبْرَاهِيمُ قالَ حدّثنا ابْنُ شِهابٍ عَنْ عُرْوَةَ أَن عائِشَةَ قالَتْ أهْلْلتُ مَعَ رسولِ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ فَكُنْتُ مِمَّنْ تَمَتَّعَ وَلَمْ يَسُقِ الهَدْيَ فَزَعَمَتْ أنَّها حاضَتْ وَلَمْ تَطْهُرْ حَتَّى دَخَلَتْ لَيْلَةُ عَرَفَةَ فقالَتْ يَا رسولَ اللَّهِ هاذِهِ لَيْلَةُ عَرَفَةَ وَإنَّما كُنْتُ تَمَتَّعْتُ فَقَالَ لَها رسولُ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي وأَمْسِكِي عَنْ عَمْرتِكِ فَفَعَلْتُ فَلَمَّا قَضَيْتُ الحَجَّ أَمَرَ عَبْدَ الرَّحْمانِ لَيْلَةَ الحَصبةِ فَأَعْمَرَنِي مِنَ التَّنْعيمِ مَكانَ عَمْرَتِي الَّتي نَسَكْتُ.


قَالَ الدَّاودِيّ وَمن تبعه لَيْسَ فِيهِ دَلِيل على التَّرْجَمَة لِأَن أمرهَا بالامتشاط كَانَ للإهلال وَهِي حَائِض، لَا عِنْد غسلهَا أجَاب الْكرْمَانِي عَن هَذَا بِأَن الْإِحْرَام بِالْحَجِّ يدل على غسل الْإِحْرَام لِأَنَّهُ سنة، وَلما سنّ الامتشاط عِنْد غسله فَعِنْدَ غسل الْحيض بِالطَّرِيقِ الأولى، لِأَن الْمَقْصُود مِنْهُ التَّنْظِيف، وَذَلِكَ عِنْد إِرَادَة إِزَالَة أثر الْحيض الَّذِي هُوَ نَجَاسَة غَلِيظَة أهم أَو لأنَّه إِذا سنّ فِي النَّفْل فَفِي الْفَرْض أولى، وَقيل: إِن الإهلال بِالْحَجِّ يَقْتَضِي الِاغْتِسَال صَرِيحًا فِي هَذِه الْقِصَّة، فِيمَا أخرجه مُسلم من طَرِيق ابْن الزبير عَن جَابر وَلَفظه: (فاغتسلي ثمَّ أَهلِي بِالْحَجِّ) وَقيل: جرت عَادَة البُخَارِيّ فِي كثير من التراجم أَنه يُشِير إِلَى مَا تضمنه بعض طرق الحَدِيث، وَإِن لم يكن مَنْصُوصا فِيمَا سَاقه كَمَا ذكرنَا فِي بابُُ الْمَرْأَة نَفسهَا.

ذكر رِجَاله وهم خَمْسَة: الأول: مُوسَى بن إِسْمَاعِيل النبوذكي.
الثَّانِي: إِبْرَاهِيم بن سعد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف الْمدنِي نزيل بَغْدَاد.
الثَّالِث: مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ.
الرَّابِع: عُرْوَة بن الزبير بن الْعَوام.
الْخَامِس: عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا.

ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع: وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين.
وَفِيه: أَن رُوَاته مَا بَين بَصرِي ومدنيين.
وَفِيه: أَن إِبْرَاهِيم يروي عَن الزُّهْرِيّ بِلَا وَاسِطَة، وَرُوِيَ عَنهُ فِي بابُُ تفاضل أهل الْإِيمَان بِوَاسِطَة، روى عَن صَالح عَن الزُّهْرِيّ.

ذكر مَعَانِيه قَوْلهَا: (أَهلَلْت) أَي: أَحرمت وَرفعت الصَّوْت بِالتَّلْبِيَةِ، قَوْلهَا: (فِيمَن تمتّع) فِيهِ الْتِفَات من الْمُتَكَلّم إِلَى الْغَائِب لِأَن أَصله أَن يُقَال: تمتعت، وَلَكِن ذكر بِاعْتِبَار لفظ من قَوْلهَا: (الْهدى) بِفَتْح الْهَاء وَسُكُون الدَّال وبكسرها مَعَ تَشْدِيد الْبَاء، وَهُوَ اسْم لما يهدى إِلَى مَكَّة من الْأَنْعَام قَالَ الْكرْمَانِي: قَوْله: (وَلم يسق الْهدى) كالتأكيد لبَيَان التَّمَتُّع، إِذْ الْمُتَمَتّع لَا يكون مَعَه الْهَدْي.
قلت: الْمُتَمَتّع على نَوْعَيْنِ: أَحدهمَا: أَنه يَسُوق الْهَدْي مَعَه، وَالْآخر: لَا يَسُوق.
وحكمهما مُخْتَلف كَمَا ذكر فِي فروع الْفِقْه قَوْلهَا: (فَزَعَمت) إِنَّمَا لم يقل، فَقَالَت: لِأَنَّهَا لم تَتَكَلَّم بِهِ صَرِيحًا إِذْ هُوَ مِمَّا يستحي فِي تصريحه، قَوْله:.

     وَقَالَ ت: عطف على حَاضَت، ويروي، قَالَت، بِغَيْر عطف قَوْلهَا: (تمتعت بِعُمْرَة) تَصْرِيح بِمَا علم ضمنا إِذا التَّمَتُّع هُوَ أَن يحرم بِالْعُمْرَةِ فِي أشهر الْحجر من على مَسَافَة الْقصر من الْحرم، ثمَّ يحرم بِالْحَجِّ فِي سنة تِلْكَ الْعمرَة بِلَا عود إِلَى مِيقَات، وَبعد فَفِي هَذَا الْكَلَام مُقَدّر، تَقْدِيره، تمتعت بِعُمْرَة، وَأَنا حَائِض.
قَوْله: (انْقَضى) بِضَم الْقَاف، وَفِي بعض الرِّوَايَات انفضى، بِالْفَاءِ، والمضاف مَحْذُوف أَي: شعر رَأسك، قَوْلهَا: (فَفعلت) أَي: فعلت النَّقْض والامتشاط والإمساك، وَهَاهُنَا، أَيْضا مُقَدّر، وَهُوَ فِي قَوْلهَا: (فَلَمَّا قضيت الْحَج) أَي: بعد إحرامي بِهِ، وقضيت، أَي: أدّيت قَوْلهَا: (أَمر عبد الرَّحْمَن) أَي امْر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عبد الرَّحْمَن بن ابي بكر قَوْلهَا (لَيْلَة الحصبة) ، بِفَتْح الْحَاء وَسُكُون الصَّاد الْمُهْمَلَتَيْنِ ثمَّ بِالْبَاء الْمُوَحدَة، وَهِي اللَّيْلَة الَّتِي نزلُوا فِيهَا فِي المحصب، وَهُوَ الْمَكَان الَّذِي نزلوه بعد النَّفر من منى خَارج مَكَّة، وَهِي اللَّيْلَة الَّتِي بعد أَيَّام التَّشْرِيق سميت بذلك لأَنهم نفروا من منى، فنزلوا فِي المحصب وَبَاتُوا بِهِ، والحصبة والحصباء والأبطح والبطحاء والمحصب وَخيف بني كنَانَة يُرَاد بهَا مَوضِع وَاحِد، وَهُوَ بَين مَكَّة وَمنى، قَوْلهَا: (فأعمرني) ويروي (فاعتمرني) قَوْلهَا: (من التَّنْعِيم) ، وَهُوَ تفعيل من النِّعْمَة، وَهُوَ مَوضِع على فَرسَخ من مَكَّة على طَرِيق الْمَدِينَة، وَفِيه مَسْجِد عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، قَوْلهَا: (الَّتِي نسكت) من النّسك، كَذَا هُوَ فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَمَعْنَاهُ: أَحرمت بهَا، أَو قصدت النّسك بهَا، وَفِي رِوَايَة أبي زيد الْمروزِي: (سكت) من السُّكُوت أَي: عمرتي الَّتِي تركت أَعمالهَا، وَسكت عَنْهَا وروى القايسي: (شكت) بالشين الْمُعْجَمَة.
أَي: شكت الْعمرَة، من الْحيض وَإِطْلَاق الشكاية عَلَيْهَا كِنَايَة عَن إخلالها وَعدم بَقَاء استقلالها، وَيجوز أَن يكون الضَّمِير فِيهِ رَاجعا، إِلَى عَائِشَة، وَكَانَ حَقه التَّكَلُّم، وَذكره بِلَفْظ الْغَيْبَة التفاتاً.

ذكر استنباط الْأَحْكَام الأول: أَن ظَاهر هَذَا الحَدِيث أَن عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، أَحرمت بِعُمْرَة أَولا، وَهُوَ صَرِيح حَدِيثهَا الْآتِي فِي الْبابُُ الَّذِي بعده، لَكِن قَوْلهَا فِي الحَدِيث الَّذِي مضى: (خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا نذْكر إِلَّا الْحَج " وَقد اخْتلفت الرِّوَايَات عَن عَائِشَة فِي مَا أَحرمت بِهِ اخْتِلَافا كثيرا كَمَا ذكره القَاضِي عِيَاض فَفِي رِوَايَة عُرْوَة " فأهلنا بِعُمْرَة " وَفِي رِوَايَة أُخْرَى " وَلم أهل إِلَّا بِعُمْرَة " وَفِي رِوَايَة " لَا نذْكر إِلَّا الْحَج " وَفِي أُخْرَى " لَا نرى إِلَّا الْحَج " وَفِي رِوَايَة الْقَاسِم عَنْهَا " لبينا بِالْحَجِّ " وَفِي أُخْرَى " مهلين بِالْحَجِّ " وَاخْتلف الْعلمَاء فِي ذَلِك فَمنهمْ من رجح رِوَايَات الْحَج وَغلظ رِوَايَات الْعمرَة وَإِلَيْهِ ذهب إِسْمَاعِيل القَاضِي وَمِنْهُم من جمع لثقة رواتها لِأَنَّهَا أَحرمت أَولا بِالْحَجِّ وَلم تسق الْهَدْي فَلَمَّا أَمر الشَّارِع من لم يسق الْهَدْي بِفَسْخ الْحَج إِلَى الْعمرَة إِن شَاءَ فسخت هِيَ فِيمَن فسخ وَجَعَلته عمْرَة وأهلت بهَا ثمَّ إِنَّهَا لم تحل مِنْهَا حَتَّى حَاضَت فَتعذر عَلَيْهَا إِتْمَامهَا والتحلل مِنْهَا فَأمرهَا أَن تحرم بِالْحَجِّ فأحرمت فَصَارَت قارنة ووقفت وَهِي حَائِض ثمَّ طهرت يَوْم النَّحْر فأفاضت وَذكر ابْن حزم أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خَيرهمْ بسرف بَين فَسخه إِلَى الْعمرَة والتمادي عَلَيْهِ وَأَنه بِمَكَّة أوجب عَلَيْهِم التَّحَلُّل إِلَّا من صَحَّ مَعَه الْهَدْي وَالصَّحِيح أَنَّهَا حَاضَت بسرف أَو قريب مِنْهَا فَلَمَّا قدم مَكَّة قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اجْعَلُوهَا عمْرَة.
.

     وَقَالَ  أَبُو عمر الِاضْطِرَاب عَن عَائِشَة فِي حَدِيثهَا فِي الْحَج عَظِيم وَقد أَكثر الْعلمَاء فِي تَوْجِيه الرِّوَايَات فِيهِ وَدفع بَعضهم بَعْضهَا فِيهِ بِبَعْض وَلم يستطيعوا الْجمع بَينهَا ورام قوم الْجمع فِي بعض مَعَانِيهَا.
روى مُحَمَّد بن عبيد عَن حَمَّاد بن زيد عَن أَيُّوب عَن ابْن أبي مليكَة قَالَ أَلا تعجب من اخْتِلَاف عُرْوَة وَالقَاسِم قَالَ الْقَاسِم أهلت عَائِشَة بِالْحَجِّ.

     وَقَالَ  عُرْوَة أهلت بِالْعُمْرَةِ وَذكر الْحَارِث بن مِسْكين عَن يُوسُف بن عَمْرو عَن ابْن وهب عَن مَالك أَنه قَالَ لَيْسَ الْعَمَل فِي رفض الْعمرَة لِأَن الْعَمَل عَلَيْهِ عِنْده فِي أَشْيَاء كَثِيرَة.
مِنْهَا أَنه جَائِز للْإنْسَان أَن يهل بِعُمْرَة.
وَمِنْهَا أَن الْقَارِن يطوف وَاحِدًا أَو غير ذَلِك.

     وَقَالَ  ابْن حزم فِي الْمحلى حَدِيث عُرْوَة عَن عَائِشَة مُنكر وَخطأ عِنْد أهل الْعلم بِالْحَدِيثِ ثمَّ روى بِإِسْنَادِهِ إِلَى أَحْمد بن حَنْبَل فَذكر حَدِيث مَالك عَن أبي الْأسود عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة " خرجنَا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَام حجَّة الْوَدَاع " الحَدِيث فَقَالَ أَحْمد أشعر فِي هَذَا الحَدِيث من الْعجب خطأ قَالَ الْأَثْرَم فَقلت لَهُ الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة بِخِلَافِهِ قَالَ نعم وَهِشَام بن عُرْوَة وَفِي التَّمْهِيد دفع الْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ وَأَبُو ثَوْر وَابْن علية حَدِيث عُرْوَة هَذَا وَقَالُوا هُوَ غلط لم يُتَابع عُرْوَة على ذَلِك أحد من أَصْحَاب عَائِشَة.

     وَقَالَ  إِسْمَاعِيل بن اسحق قد اجْتمع هَؤُلَاءِ يَعْنِي الْقَاسِم وَالْأسود وَعمرَة على أَن أم الْمُؤمنِينَ كَانَت مُحرمَة بِحجَّة لَا بِعُمْرَة فَعلمنَا بذلك أَن الرِّوَايَة عَن عُرْوَة غلط الثَّانِي أَن ظَاهر قَوْلهَا يَا رَسُول الله هَذِه لَيْلَة عَرَفَة إِلَى آخِره يدل على أَنه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أمرهَا برفض عمرتها وَأَن تخرج مِنْهَا قبل تَمامهَا وَفِي التَّوْضِيح وَبِه قَالَ الْكُوفِيُّونَ فِي الْمَرْأَة تحيض قبل الطّواف وتخشى فَوَات الْحَج أَنَّهَا ترفض الْعمرَة.

     وَقَالَ  الْجُمْهُور أَنَّهَا تردف الْحَج وَتَكون قارنة وَبِه قَالَ الشَّافِعِي وَمَالك وَأَبُو حنيفَة وَأَبُو ثَوْر وَحمله بعض الْمَالِكِيَّة على أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أمرهَا بالإرداف لَا بِنَقْض الْعمرَة وَاعْتَذَرُوا عَن هَذِه الْأَلْفَاظ بتأويلات.
أَحدهَا أَنَّهَا كَانَت مضطرة إِلَى ذَلِك فَرخص لَهَا كَمَا رخص لكعب بن عجْرَة فِي الْحلق للأذى ثَانِيهَا أَنه خص بهَا.
ثَالِثهَا أَن المُرَاد بِالنَّقْضِ والامتشاط تَسْرِيح الشّعْر لغسل الإهلال بِالْحَجِّ ولعلها كَانَت لبدت رَأسهَا وَلَا يتأنى إِيصَال المَاء إِلَى الْبشرَة مَعَ التلبيد إِلَّا بِحل الظفر والتسريح وَقد اخْتلف الْعلمَاء فِي نقض الْمَرْأَة شعرهَا عِنْد الِاغْتِسَال فَأمر بِهِ ابْن عمر وَالنَّخَعِيّ وَوَافَقَهُمَا طَاوُوس فِي الْحيض دون الْجَنَابَة وَلَا يتَبَيَّن بَينهمَا فرق وَلم توجبه عَلَيْهَا فِيهَا عَائِشَة وَأم سَلمَة وَابْن عمر وَجَابِر وَبِه قَالَ مَالك والكوفيون وَالشَّافِعِيّ وَعَامة الْفُقَهَاء وَالْعبْرَة بالوصول فَإِن لم يصل فتنقض.
الثَّالِث أَن قَول عَائِشَة تمتعت بِعُمْرَة يدل على أَنَّهَا كَانَت معتمرة أَولا.
قَالَ النَّوَوِيّ فَإِن قلت أصح الرِّوَايَات عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت لَا نرى إِلَّا الْحَج وَلَا نذْكر إِلَّا الْحَج وَخَرجْنَا مهلين بِالْحَجِّ فَكيف الْجمع بَينهَا وَبَين مَا قَالَت تمتعت بِعُمْرَة قلت الْحَاصِل أَنَّهَا أَحرمت بِالْحَجِّ ثمَّ فسخته إِلَى الْعمرَة حِين أَمر النَّاس بِالْفَسْخِ فَلَمَّا حَاضَت وَتعذر عَلَيْهَا إتْمَام الْعمرَة أمرهَا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ فأحرمت بِهِ فَصَارَت مدخلة الْحَج على الْعمرَة وقارنة لما ثَبت من قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " يكفك طوافك لحجك وعمرتك " وَمعنى امسكي من عمرتك لَيْسَ إبِْطَال لَهَا بِالْكُلِّيَّةِ وَالْخُرُوج مِنْهَا بعد الْإِحْرَام بنية الْخُرُوج وَإِنَّمَا تخرج مِنْهَا بالتحلل بعد فراغها بل مَعْنَاهُ إمضي الْعَمَل فيهمَا وإتمام أفعالها وأعرضي عَنْهَا وَلَا يلْزم من نقض الرَّأْس والامتشاط إبِْطَال الْعمرَة لِأَنَّهَا جائزان عندنَا فِي الْإِحْرَام بِحَيْثُ لَا ينتف شعر الْكن يكره الامتشاط إِلَّا لعذر وتأولوا فعلهَا على أَنَّهَا كَانَت معذورة بِأَن كَانَ برأسها أَذَى وَقيل لَيْسَ المُرَاد - بالامتشاط حَقِيقَته، بل تَسْرِيح الشّعْر بالأصابع للْغسْل لإحرامها بِالْحَجِّ، لَا سِيمَا إِن كَانَت لبدت رَأسهَا فَلَا يَصح غسلهَا إِلَّا بإيصال المَاء إِلَى جَمِيع شعرهَا، وَيلْزم مِنْهُ نقضه، فَإِن قلت: اذا كَانَت قارنة فَلم امرها بِالْعُمْرَةِ بعد الْفَرَاغ من الْحَج (قلت) مَعْنَاهُ أَرَادَت أَن يكون لَهَا عمْرَة مُنْفَرِدَة عَن الْحَج كَمَا حصل لسَائِر أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ وغيرهن من الصَّحَابَة الَّذِي فسخوا الْحَج إِلَى الْعمرَة، وَأَتمُّوا الْعمرَة ثمَّ أَحْرمُوا بِالْحَجِّ، فَحصل لَهُم عمْرَة مُنْفَرِدَة وَحج مُنْفَرد فَلم يحصل لَهَا إلاَّ عمْرَة مندرجة فِي حجَّة الْقُرْآن فاعتمرت بعد ذَلِك مَكَان عمرتها الَّتِي كَانَت أَرَادَت أَولا حُصُولهَا مُنْفَرِدَة غير مندرجة، ومنعها الْحيض عَنهُ، وَإِنَّمَا فعلت كَذَلِك حرصاً على كَثْرَة الْعِبَادَات انْتهى.
قلت: الْمَشْهُور الثَّابِت أَن عَائِشَة كَانَت مُنْفَرِدَة بِالْحَجِّ وَأَنه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أمرهَا برفض الْعمرَة، وَقَوْلها فِي الحَدِيث وأرجع بِحجَّة وَاحِدَة، دَلِيل وَاضح على ذَلِك، وَقَوْلها: ترجع صواحبي بِحَجّ وَعمرَة، وأرجع أَنا بِالْحَجِّ، صَرِيح فِي رفض الْعمرَة، إِذْ لَو دخل الْحَج على الْعمرَة لكَانَتْ هِيَ وَغَيرهَا سَوَاء، وَلما احْتَاجَت إِلَى عمْرَة أُخْرَى بعد الْعمرَة وَالْحج الَّذِي فعلتهما وَقَوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد عمرتها الْأَخِيرَة: (هَذِه مَكَان عمرتك) صَرِيح فِي أَنَّهَا خرجت من عمرتها الأولى ورفضتها إِذْ لَا تكون الثَّانِيَة مَكَان الأولى، وَالْأولَى مُنْفَرِدَة وَفِي بعض الرِّوَايَات هَذِه قَضَاء من عمرتك.
فَإِن قلت: قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي (الْمعرفَة) يَعْنِي قَوْله: ودعي الْعمرَة أمسكي عَن أفعالها، وأدخلي عَلَيْهَا الْحَج قلت: هَذَا خلاف حَقِيقَة قَوْله: دعِي الْعمرَة: بل حَقِيقَته أَنه أمرهَا برفض الْعمرَة بِالْحَجِّ، وَقَوْلها: انقضي رَأسك وامتشطي، يدل على ذَلِك، وَيدْفَع تَأْوِيل الْبَيْهَقِيّ بالإمساك عَن أَفعَال الْعمرَة، إِذا الْمحرم لَيْسَ لَهُ أَن يعفل ذَلِك.
فَإِن قلت: قَالَ الشَّافِعِي: لَا يعرف فِي الشَّرْع رفض الْعمرَة بِالْحيضِ.
قلت: قَالَ الْقَدُورِيّ فِي (التَّجْرِيد) مَا رفضتها بِالْحيضِ، لَكِن تَعَذَّرَتْ أفعالها، وَكَانَت ترفضها بِالْوُقُوفِ، فَأَمرهمْ بتعجيل الرَّفْض.