هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
290 حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ القَاسِمِ ، قَالَ : سَمِعْتُ القَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ : خَرَجْنَا لاَ نَرَى إِلَّا الحَجَّ ، فَلَمَّا كُنَّا بِسَرِفَ حِضْتُ ، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَبْكِي ، قَالَ : مَا لَكِ أَنُفِسْتِ ؟ . قُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ : إِنَّ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ ، فَاقْضِي مَا يَقْضِي الحَاجُّ ، غَيْرَ أَنْ لاَ تَطُوفِي بِالْبَيْتِ قَالَتْ : وَضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نِسَائِهِ بِالْبَقَرِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
290 حدثنا علي بن عبد الله ، قال : حدثنا سفيان ، قال : سمعت عبد الرحمن بن القاسم ، قال : سمعت القاسم بن محمد ، يقول : سمعت عائشة تقول : خرجنا لا نرى إلا الحج ، فلما كنا بسرف حضت ، فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي ، قال : ما لك أنفست ؟ . قلت : نعم ، قال : إن هذا أمر كتبه الله على بنات آدم ، فاقضي ما يقضي الحاج ، غير أن لا تطوفي بالبيت قالت : وضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نسائه بالبقر
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن عَائِشَةَ تَقُولُ : خَرَجْنَا لاَ نَرَى إِلَّا الحَجَّ ، فَلَمَّا كُنَّا بِسَرِفَ حِضْتُ ، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَبْكِي ، قَالَ : مَا لَكِ أَنُفِسْتِ ؟ . قُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ : إِنَّ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ ، فَاقْضِي مَا يَقْضِي الحَاجُّ ، غَيْرَ أَنْ لاَ تَطُوفِي بِالْبَيْتِ قَالَتْ : وَضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نِسَائِهِ بِالْبَقَرِ .

Narrated Al-Qasim:

`Aisha said, We set out with the sole intention of performing Hajj and when we reached Sarif, (a place six miles from Mecca) I got my menses. Allah's Messenger (ﷺ) came to me while I was weeping. He said 'What is the matter with you? Have you got your menses?' I replied, 'Yes.' He said, 'This is a thing which Allah has ordained for the daughters of Adam. So do what all the pilgrims do with the exception of the Tawaf (Circumambulation) round the Ka`ba. `Aisha added, Allah's Messenger (ﷺ) sacrificed cows on behalf of his wives.

0294 Aicha dit : Nous sortîmes de Médine en ayant l’intention d’accomplir le hajj. A notre arrivée à Sarif, j’eus mes menstrues. Et en entrant chez moi, le Messager de Dieu me trouva en train de pleurer. « Qu’as-tu ? » me dit-il, « viens-tu d’avoir tes menstrues ? » « Oui » répondis-je « Ceci est une chose que Dieu a décidée envers les filles d’Adam… Fais ce que fait tout pèlerin, sans toutefois tourner autour du Temple.«  Le Messager de Dieu, reprit Aicha, sacrifia des vaches pour ses épouses.  

":"ہم سے علی بن عبداللہ نے بیان کیا ، کہا ہم سے سفیان نے ، کہا میں نے عبدالرحمٰن بن قاسم سے سنا ، کہا میں نے قاسم سے سنا ۔ وہ کہتے تھے میں نے حضرت عائشہ رضی اللہ عنہا سے سنا ۔ آپ فرماتی تھیں کہہم حج کے ارادہ سے نکلے ۔ جب ہم مقام سرف میں پہنچے تو میں حائضہ ہو گئی اور اس رنج میں رونے لگی کہ رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم تشریف لائے ، آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے پوچھا تمہیں کیا ہو گیا ۔ کیا حائضہ ہو گئی ہو ۔ میں نے کہا ، ہاں ! آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ یہ ایک ایسی چیز ہے جس کو اللہ تعالیٰ نے آدم کی بیٹیوں کے لیے لکھ دیا ہے ۔ اس لیے تم بھی حج کے افعال پورے کر لو ۔ البتہ بیت اللہ کا طواف نہ کرنا ۔ حضرت عائشہ رضی اللہ عنہا نے فرمایا کہ رسول کریم صلی اللہ علیہ وسلم نے اپنی بیویوں کی طرف سے گائے کی قربانی کی ۔ ( سرف ایک مقام مکہ سے چھ سات میل کے فاصلہ پر ہے ) ۔

0294 Aicha dit : Nous sortîmes de Médine en ayant l’intention d’accomplir le hajj. A notre arrivée à Sarif, j’eus mes menstrues. Et en entrant chez moi, le Messager de Dieu me trouva en train de pleurer. « Qu’as-tu ? » me dit-il, « viens-tu d’avoir tes menstrues ? » « Oui » répondis-je « Ceci est une chose que Dieu a décidée envers les filles d’Adam… Fais ce que fait tout pèlerin, sans toutefois tourner autour du Temple.«  Le Messager de Dieu, reprit Aicha, sacrifia des vaches pour ses épouses.  

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [294] .

     قَوْلُهُ  سَمِعْتُ الْقَاسِمَ يَعْنِي أَبَاهُ وَهُوَ بن مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ .

     قَوْلُهُ  لَا نرى بِالضَّمِّ أَي لَا نظن وسرف بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ بَعْدَهَا فَاءٌ مَوْضِعٌ قَرِيبٌ مِنْ مَكَّةَ بَيْنَهُمَا نَحْوٌ مِنْ عَشْرَةِ أَمْيَالٍ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنَ الصَّرْفِ وَقَدْ يُصْرَفُ .

     قَوْلُهُ  فَاقْضِي الْمُرَادُ بِالْقَضَاءِ هُنَا الْأَدَاءُ وَهُمَا فِي اللُّغَةِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ .

     قَوْلُهُ  غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ زَادَ فِي الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ حَتَّى تَطْهُرِي وَهَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مُخْتَصٌّ بِأَحْوَالِ الْحَجِّ لَا بِجَمِيعِ أَحْوَالِ الْمَرْأَةِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ بِتَمَامِهِ فِي كِتَابِ الْحَجِّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى( قَولُهُ بَابُ غَسْلِ الْحَائِضِ رَأْسَ زَوْجِهَا وَتَرْجِيلِهِ) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى غَسْلٍ أَيْ تَسْرِيحِ شَعْرِ رَأسه والْحَدِيث مُطَابِقٌ لِمَا تُرْجِمَ لَهُ مِنْ جِهَةِ التَّرْجِيلِ وَأُلْحِقَ بِهِ الْغَسْلُ قِيَاسًا أَوْ إِشَارَةً إِلَى الطَّرِيقِ الْآتِيَةِ فِي بَابِ مُبَاشَرَةِ الْحَائِضِ فَإِنَّهَا صَرِيحَةٌ فِي ذَلِكَ وَهُوَ دَالٌّ عَلَى أَنَّ ذَاتَ الْحَائِضِ طَاهِرَةٌ وَعَلَى أَنَّ حَيْضَهَا لَا يَمْنَعُ مُلَامَسَتَهَا

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [294] حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ قَالَ: سَمِعْتُ الْقَاسِمَ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ: خَرَجْنَا لاَ نَرَى إِلاَّ الْحَجَّ، فَلَمَّا كُنَّا بِسَرِفَ حِضْتُ، فَدَخَلَ عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنَا أَبْكِي قَالَ: مَا لَكِ أَنُفِسْتِ؟.
قُلْتُ: نَعَمْ.
قَالَ: «إِنَّ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ.
فَاقْضِي مَا يَقْضِي الْحَاجُّ، غَيْرَ أَنْ لاَ تَطُوفِي بِالْبَيْتِ» قَالَتْ: وَضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ نِسَائِهِ بِالْبَقَرِ.
[الحديث أطرافه في: 305، 316، 317، 319، 328، 1516، 1518، 1556، 1560، 1561، 1562، 1638، 1650، 1709، 1720، 1733، 1757، 1762، 1771، 1772، 1783، 1786، 1787، 1788، 2952، 2984، 4395، 4401، 4408، 5329، 5548، 5559، 6157، 7229] .
وبه قال: ( حدّثنا علي بن عبد الله) ولابن عساكر علي يعني ابن عبد الله أي المديني بفتح الميم وكسر الدال ( قال: حدّثنا سفيان) بن عيينة ( قال: سمعت عبد الرحمن بن القاسم قال: سمعت) أبي ( القاسم) بن محمد كما في رواية الأصيلى ابن أبي بكر الصديق حال كونه ( يقول: سمعت عائشة) رضي الله عنها حال كونها ( تقول) : ( خرجنا) حال كوننا ( لا نرى) بضم النون أي لا نظن وفي الفرع لا نرى بفتحها ( إلا الحج) إلا قصده لأنهم كانوا يظنون امتناع العمرة في أشهر الحج فأخبرت عن اعتقادها أو عن الغالب عن حال الناس أو حال الشارع ( فلما كنا) وللكشميهني والأصيلي فلما كنت ( بسرف) بفتح السين المهملة وكسر الراء آخره فاء موضع على عشرة أميال أو تسعة أو سبعة أو ستة من مكة غير منصرف للعلمية والتأنيث وقد يصرف باعتبار إرادة المكان ( حضت) بكسر الحاء ( فدخل علي رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأنا أبكي) جملة اسمية حالية ( فقال) ولأبي الوقت قال ( ما لكِ) بكسر الكاف ( أنفست) بهمزة الاستفهام وضم النون في فرع اليونينية لكنه ضبب عليها.
قال النووي: الضم في الولادة أكثر من الفتح والفتح في الحيض أكثر من الضم، وقال الهروي الضم والفتح في الولادة وأما الحيض فبالفتح لا غير ( قلت نعم) نفست ( قال) عليه الصلاة والسلام: ( إن هذا) الحيض ( أمر) أي شأن ( كتبه الله) عز وجل ( على بنات آدم) امتحنهنّ به وتعبدهن بالصبر عليه ( فاقضي ما يقضي) بإثبات الياء في اقضي لأنه خطاب لعائشة أي أدّي الذي يؤدّيه ( الحاج) من المناسك ( غير أن لا تطوفي بالبيت) أي غير أن تطوفي فلا زائدة وإلاّ فغير عدم الطواف هو نفس الطواف أو تطوفي مجزوم بلا أي لا تطوفي ما دمت حائضًا، وزاد في الرواية الآتية: حتى تطهري وأن مخففة من الثقيلة وفيها ضمير الشأن.
( قالت) عائشة: ( وضحى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن نسائه) التسع رضي الله عنهن بإذنهن ( بالبقر) ولأبي ذر والحموي والمستملي بالبقبرة أي عن سبع منهن ويفهم منه جواز التضحية ببقرة واحدة عن النساء واشتراط الطهارة في الطواف، ويأتي تمام البحث في الحج إن شاء الله تعالى.
ورواة هذا الحديث الخمسة ما بين بصري ومكي ومدني وأخرجه المؤلف أيضًا في الأضاحي، ومسلم وابن ماجة في الحج والنسائي فيه وفي الطهارة.
2 - باب غَسْلِ الْحَائِضِ رَأْسَ زَوْجِهَا وَتَرْجِيلِهِ ( باب غسل الحائض رأس زوجها وترجيله) بالجيم والجر عطفًا على غسل المجرور بالإضافة أي تسريح شعر رأسه وتنظيفه وتحسينه.
295 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كُنْتُ أُرَجِّلُ رَأْسَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنَا حَائِضٌ.
[الحديث 295 - أطرافه في: 296، 301، 2028، 2031، 2046، 5925] .
وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي ( قال: حدّثنا) وللأصيلي وابن عساكر أخبرنا ( مالك) بن أنس الأصبحي ( عن هشام بن عروة عن أبيه) عروة بن الزبير بن العوام ( عن عائشة) رضي الله عنها ( قالت) : ( كنت أرجل) بضم الهمزة وتشديد الجيم أمشط ( رأس) أي شعر رأس ( رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وأرسله فهو من مجاز الحذف لأن الترجيل للشعر لا للرأس أو من إطلاق الحل على الحال مجازًاً ( وأنا حائض) جملة اسمية حالية.
ورواة هذا الحديث الخمسة مدنيون إلا شيخ المؤلف فهو تنيسي وأخرجه المؤلف أيضًا في اللباس والنسائي في الطهارة والاعتكاف.
296 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى قَالَ: حدَّثَنا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ: أَخْبَرَنِي هِشَامٌ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّهُ سُئِلَ: أَتَخْدُمُنِي الْحَائِضُ أَوْ تَدْنُو مِنِّي الْمَرْأَةُ وَهْيَ جُنُبٌ؟ فَقَالَ عُرْوَةُ: كُلُّ ذَلِكَ عَلَىَّ هَيِّنٌ، وَكُلُّ ذَلِكَ تَخْدُمُنِي وَلَيْسَ عَلَى أَحَدٍ فِي ذَلِكَ بَأْسٌ، أَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ أَنَّهَا كَانَتْ تُرَجِّلُ رَأْسَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهِيَ حَائِضٌ وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَئِذٍ مُجَاوِرٌ فِي الْمَسْجِدِ، يُدْنِي لَهَا رَأْسَهُ وَهْيَ فِي حُجْرَتِهَا فَتُرَجِّلُهُ وَهْيَ حَائِضٌ.
وبه قال: ( حدّثنا إبراهيم بن موسى) بن يزيد التميمي الرازي الفراء يعرف بالصغير ( قال: حدّثنا هشام بن يوسف) الصنعاني من أبناء الفرس أكبر اليمانيين وأحفظهم وأتقنهم المتوفى سنة سبع وتسعين ومائة ( أن ابن جريج) بضم الجيم وفتح الراء نسب لجدّه لشهرته به واسمه عبد الملك بن عبد العزيز المكي القرشي الموصلي أصله رومي أحد العلماء المشهورين قيل: هو أول من صنف في الإسلامالمتوفى سنة خمسين ومائة ( أخبرهم قال) : ( أخبرني) بالإفراد ( هشام) ولأبي ذر والأصيلي وابن عساكر وأبي الوقت هشام بن عروة ( عن) أبيه ( عروة) بن الزبير بن العوام ( أنه) أي عروة ( سئل) بضم أوله وكسر ثانيه ( أتخدمني الحائض أو تدنو) أي تقرب ( مني المرأة وهي جنب) يستوي فيه المذكر والمؤنث والواحد والجمع لأنه كما قال: جار الله اسم جرى مجرى المصدر، الذي هو الإجناب، والجملة اسمية حالية ( فقال عروة كل ذلك) أي الخدمة والدنو ( عليّ هين) بتشديد المثناة وقد تخفف أي سهل ولابن عساكر كل ذلك هين ( وكل ذلك) أي الحائض والجنب وكل رفع بالابتداء أو منصوب على الظرفية وجازت الإشارة بذلك إلى اثنين كقوله: { عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ} [البقرة: 68] ( تخدمني وليس على أحد) أنا وغيري ( في ذلك بأس) أي حرج.
( أخبرتني عائشة) رضي الله عنها ( أنها كانت ترجل رسول الله) أي شعر رأسه، وفي رواية أبوي ذر والوقت والأصيلي وابن عساكر يعني رأس رسول الله ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهي حائض) بالهمز والجملة حالية ولم يقل حائضة بالتاء لعدم الإلباس لاختصاص الحيض بالنساء: ( ورسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حينئذ) أي حين الترجيل ( مجاور) أي معتكف ( في المسجد) المدني ( يدني) بضم أوله أي يقرب ( لها) أي لعائشة ( رأسه) الشريف ( وهي في حجرتها) بضم الحاء المهملة جملة حالية ( فترجله وهي حائض) أي فترجل شعر رأسه والحال أنها حائض، واستنبط منه أن إخراج المعتكف جزءًا منه كيده ورأسه غير مبطل لاعتكافه كعدم الحنث في إدخال بعضه دارًا حلف لا يدخلها وجواز مباشرة الحائض، وأما النهي في آية { وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ} [البقرة: 187] فعن الوطء أو ما دونه من دواعي اللذة لا المسّ، وألحق عروة الجنابة بالحيض قياسًا بجامع الحدث الأكبر، بل هو قياس جليّ لأن الاستقذار بالحائض أكثر من الجنب.
ورواة هذا الحديث ما بين مروزي وصنعاني ومكي ومدني، وفيه التحديث والإخبار بالإفراد والعنعنة والقول.
3 - باب قِرَاءَةِ الرَّجُلِ فِي حَجْرِ امْرَأَتِهِ وَهْيَ حَائِضٌ وَكَانَ أَبُو وَائِلٍ يُرْسِلُ خَادِمَهُ وَهْيَ حَائِضٌ إِلَى أَبِي رَزِينٍ فَتَأْتِيهِ بِالْمُصْحَفِ فَتُمْسِكُهُ بِعِلاَقَتِهِ.
( باب قراءة الرجل) حال كونه متكئًا ( في) أي على ( حجر امرأته) بفتح الحاء المهملة وكسرها وسكون الجيم ( وهي) أي والحال أنها ( حائض) وفي رواية عطية باب قراءة القرآن في حجر المرأة ( وكان أبو وائل) بالهمزة شقيق بن سلمة التابعي المشهور، المتوفى في خلافة عمر بن عبد العزيز فيما قاله الواقدي مما وصله ابن أبي شيبة بإسناد صحيح ( يرسل خادمه) اسم لمن يخدم غيره أي جاريته بدليل تأنيثه في قوله: ( وهي حائض إلى أبي رزين) بفتح الراء وكسر الزاي مسعود بن مالك الأسدي مولى أبي وائل الكوفي التابعي، ( فتأتيه) وفي رواية أبوي الوقت وذر لتأتيه ( بالمصحف فتمسكه بعلاقته) بكسر العين أي الخيط الذي يربط به كيسه، وغرض المؤلف رحمه الله الاستدلال على جواز حمل الحائض والجنب المصحف، لكن من غير مسّه لحديث: "إن المؤمن لا ينجس" ولكتابه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى هرقل وفيه من القرآن مع علمه أنهم يمسونه وهم أنجاس، ومنعه الجمهور لقوله تعالى: { لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 79] .
من الآدميين، ويمسه مجزوم بلا الناهية وضم السين لأجل الضمير كما صرح به جماعة وقالوا: إنه مذهب البصريين بل قال في الدر: إن سيبويه لم يحفظ في نحوه إلا الضم، والحمل أبلغ من المس ولو حمله مع أمتعة وتفسير حل تبعًا لها لأنها المقصودة، فلو قصده ولو معها أو كان أكثر من التفسير حرم.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [294] حدّثنا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللَّهِ المَدِينِي حدّثنا سُفْيَانُ قالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمانِ بنْنَ القَاسِمِ قالَ سَمِعْتُ القَاسِمَ يَقُولُ سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ خَرَجْنَا لَا نَرَى إلاَّ الحَجْ فَلَمَّا كُنَّا بِسِرِفَ حِضْتُ فَدَخَلَ عَلَيَّ رسولُ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأنَا أَبْكِي فَقَالَ مالَكَ أنُفِسْتِ.

.

قُلْتُ نَعَمْ قَالَ إنَّ هَذَا إِمْرٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتَ آدَمَ فَافْضِي مَا يَقْضِي الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لاَ تَطُوفِي بِالْبَيْتِ قَالَتْ وضَحَّى رسولُ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَنْ نِسَائِهِ بالْبَقَر.
.
مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( إِن هَذَا أَمر كتبه الله على بَنَات آدم) .
وعَلى رَأس هَذَا الحَدِيث فِي رِوَايَة أبي ذَر وَأبي الْوَقْت بَاب الْأَمر بالنفساء إِذا نفس، وَفِي أَكثر الرِّوَايَات هَذِه التَّرْجَمَة سَاقِطَة، أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان الْأَمر الْمُتَعَلّق بالنفساء قَالَ الْكرْمَانِي: الْبَحْث فِي الْحيض، فَمَا وَجه تعلقه بِهِ.
قلت: المُرَاد بالنفساء الْحَائِض.
قلت: النُّفَسَاء مُفْرد، وَجمعه نِفَاس..
     وَقَالَ  الْجَوْهَرِي لَيْسَ فِي الْكَلَام من فعلاء يجمع على فعال غير نفسَاء وعشراء، وَهِي الْحَامِل من الْبَهَائِم، ثمَّ قلت: وَيجمع أَيْضا على نفساوات بِضَم النُّون،.

     وَقَالَ  صَاحب ( الْمطَالع) بِالْفَتْح أَيْضا، وَيجمع أَيْضا على نفس، بِضَم النُّون وَالْفَاء، قَالَ: وَيُقَال فِي الْوَاحِد نَفسِي مثل كبرى، وبفتح النُّون أَيْضا، وَامْرَأَتَانِ نفساوان، وَنسَاء نِفَاس، وَالنّفاس أَيْضا مصدر سمي بِهِ الدَّم كَمَا يُسمى بِالْحيضِ مَأْخُوذ من تنفس الرَّحِم بِخُرُوج النَّفس الَّذِي الدَّم وَفِي المعزب النفا مصدر نفست الْمَرْأَة بِضَم النُّون وَفتحهَا إِذا ولدت فَهِيَ نفسَاء قَوْله: إِذا نفس، بِضَم الْفَاء وَفتحهَا، وَالضَّمِير الَّذِي فِيهِ يرجع إِلَى النُّفَسَاء، وتذكيره بِاعْتِبَار الشَّخْص أَو لعدم الإلتباس كَمَا ذَكرْنَاهُ عَن قريب فَإِن قلت: الْبَاء فِي النُّفَسَاء مَا هِيَ؟ قلت: زَائِدَة لِأَن النُّفَسَاء مأمورة لَا مَأْمُور بهَا، أويكون التَّقْدِير الْأَمر الملتبس بالنفساء.
ذكر رِجَاله وهم خَمْسَة: الأول: عَليّ بن عبد الله الْمَدِينِيّ، بِفَتْح الْمِيم وَكسر الدَّال قَالَ ابْن الْأَثِير: مَنْسُوب إِلَى مَدِينَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهَذَا أحد مَا اسْتعْمل بِالنّسَبِ فِيهِ خَارِجا عَن الْقيَاس، فَإِن قِيَاسه الْمدنِي،.

     وَقَالَ  الْجَوْهَرِي: تَقول فِي النِّسْبَة إِلَى مَدِينَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
مدنِي وَإِلَى مَدِينَة الْمَنْصُور: مديني، للْفرق.
الثَّانِي: سُفْيَان بن عُيَيْنَة.
الثَّالِث: عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم.
الرَّابِع: الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن أبي بكر الصّديق، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
الْخَامِس: عَائِشَة الصديقة، رَضِي2 - ( بابُ غَسْلِ الحَائِضِ رَأْسَ زَوْجِها وَتَرْجِيلِهِ) أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان غسل الْحَائِض رَأس زَوجهَا، وَحكم ترجيل رَأسه، والترجيل مجرور عطف على غسل، وَهُوَ بِالْجِيم: تَسْرِيح شعر الرَّأْس..
     وَقَالَ  ابْن السّكيت، شعر رجل، بِفَتْح الْجِيم وَكسرهَا، إِذا لم يكن شَدِيد الجعودة وَلَا سبطاً، تَقول مِنْهُ: رجل شعره ترجيلاً.
والمناسبة بَين الْبَابَيْنِ من حَيْثُ إِن كلاًّ مِنْهُمَا مُشْتَمل على حكم مُتَعَلق بالحائض.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [294] حدثنا علي بنِ عبد الله المديني: نا سفيان، قالَ: سمعت عبد الرحمن بنِ القاسم، قالَ: سمعت القاسم يقول: سمعت عائشة تقول: خرجنا لا نرى إلا الحج، فلما كنت بسرف حضت، فدخل علي رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأنا أبكي، فقالَ: ( ( مالك! أنفست؟) ) قلت: نعم.
قالَ: ( ( إن هَذا أمر كتبه الله على بنات آدم، فاقضي ما يقضي الحاج، غير أن لا تطوفي بالبيت) ) .
قالت: وضحى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَن نسائه بالبقر.
هَذا إسناد شريف جداً؛ لجلالة رواته، وتصريحهم كلهم بسماع بعضهم مِن بعض، فلهذا صدر بهِ البخاري ( ( كِتابِ: الحيض) ) .
وفيه اللفظة التي استدل بها البخاري على أن الحيض لازم للنساء منذ خلقهن الله، وأنه لَم يحدث في بني إسرائيل، كَما تقدم.
وقد رويت هَذهِ اللفظة - أيضاً - عَن جابر، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قالَ ذَلِكَ لعائشة في الحج - بمعنى حديث عائشة.
خرجه مسلم في ( ( صحيحه) ) .
ورويت - أيضاً - عَن أم سلمة، مِن رواية محمد بنِ عمرو: نا أبو سلمة، عَن أم سلمة، قالت: كنت معَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في لحافه، فوجدت ما تجد النساء مِن الحيضة، فانسللت مِن اللحاف، فقالَ: رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( أنفست؟) ) قلت: وجدت ما تجد النساء مِن الحيضة، قالَ: ( ( ذاك ما كتب الله على بنات آدم) ) .
قالت: فانسللت فأصلحت مِن شأني، ثُمَّ رجعت، فقالَ لي رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( تعالي فادخلي معي في اللحاف) ) .
قالت: فدخلت معه.
خرجه [.
.
.
.
.
.
]
ابن ماجه.
ومعنى: ( ( كتب الله على بنات آدم) ) : أنَّهُ قضى بهِ عليهن وألزمهن إياه، فهن متعبدات بالصبر عليهِ.
وجاء في رواية للإمام أحمد مِن رواية الأوزاعي، عَن أبي عبيد، عَن عائشة، عَن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، في هَذا الحديث: أن عائشة قالت للنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لا أحسب النساء خلقن إلا للشر، قالَ: ( ( لا، ولكنه شيء ابتلي بهِ نساء بني آدم) ) .
ولفظ: ( ( الكتابة) ) يدل على اللزوم والثبوت، إمَّا شرعاً كقوله تعالى: { كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [البقرة:183] ، أو قدراً كقوله: { كَتَبَ اللهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي} [المجادلة: 21] .
وهذا الحديث مِن هَذا القبيل.
2 - باب غسل الحائض رأس زوجها وترجيله

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ كَيْفَ كَانَ بَدْءُ الْحَيْضِ)
أَيِ ابْتِدَاؤُهُ وَفِي إِعْرَابِ بَابٍ الْأَوْجُهُ الْمُتَقَدِّمَةُ أَوَّلَ الْكِتَابِ .

     قَوْلُهُ  وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا شَيْءٌ يُشِيرُ إِلَى حَدِيثِ عَائِشَةَ الْمَذْكُورِ عَقِبَهُ لَكِنْ بِلَفْظِ هَذَا أَمْرٌ وَقَدْ وَصَلَهُ بِلَفْظِ شَيْءٍ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى بَعْدَ خَمْسَةِ أَبْوَابٍ أَوْ سِتَّةٍ وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ هَذَا إِلَى الْحَيْضِ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  بَعْضُهُمْ كَانَ أَوَّلُ بِالرَّفْعِ لِأَنَّهُ اسْمُ كَانَ وَالْخَبَرُ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَيْ عَلَى نِسَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَأَنَّهُ يُشِيرُ إِلَى مَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ بن مَسْعُودٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ قَالَ كَانَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ يُصَلُّونَ جَمِيعًا فَكَانَتِ الْمَرْأَةُ تَتَشَرَّفُ لِلرَّجُلِ فَأَلْقَى اللَّهُ عَلَيْهِنَّ الْحَيْضَ وَمَنَعَهُنَّ الْمَسَاجِدَ وَعِنْدَهُ عَنْ عَائِشَةَ نَحْوُهُ .

     قَوْلُهُ  وَحَدِيثُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرُ قِيلَ مَعْنَاهُ أَشْمَلُ لِأَنَّهُ عَامٌّ فِي جَمِيعِ بَنَاتِ آدَمَ فَيَتَنَاوَلُ الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ وَمَنْ قَبْلَهُنَّ أَوِ الْمُرَادُ أَكْثَرُ شَوَاهِدَ أَوْ أَكْثَرُ قُوَّةً.

     وَقَالَ  الدَّاوُدِيُّ لَيْسَ بَيْنَهُمَا مُخَالَفَةٌ فَإِنَّ نِسَاءَ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَنَاتِ آدَمَ فَعَلَى هَذَا فَ.

     قَوْلُهُ  بَنَاتُ آدَمَ عَامٌّ أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوصُ.

.

قُلْتُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَهُمَا مَعَ الْقَوْلِ بِالتَّعْمِيمِ بِأَنَّ الَّذِي أُرْسِلَ عَلَى نِسَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ طُولُ مُكْثِهِ بِهِنَّ عُقُوبَةً لَهُنَّ لَا ابْتِدَاءُ وُجُودِهِ وَقد روى الطَّبَرِيّ وَغَيره عَن بن عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى فِي قِصَّةِ إِبْرَاهِيم وَامْرَأَته قَائِمَة فَضَحكت أَيْ حَاضَتْ وَالْقِصَّةُ مُتَقَدِّمَةٌ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِلَا ريب وروى الْحَاكِم وبن الْمُنْذر بِإِسْنَاد صَحِيح عَن بن عَبَّاسٍ أَنَّ ابْتِدَاءَ الْحَيْضِ كَانَ عَلَى حَوَّاءَ بَعْدَ أَنْ أُهْبِطَتْ مِنَ الْجَنَّةِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَبَنَاتُ آدَمَ بَنَاتُهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ قولُهُ بَابُ الْأَمْرِ بِالنُّفَسَاءِ أَيِ الْأَمْرِ الْمُتَعَلِّقِ بِالنُّفَسَاءِ وَالْجَمْعُ فِي قَوْلِهِ إِذَا نَفَسْنَ بِاعْتِبَارِ الْجِنْسِ وَسَقَطَتْ هَذِهِ التَّرْجَمَةُ مِنْ أَكْثَرِ الرُّوَايَاتِ غَيْرَ أَبِي ذَرٍّ وَأَبِي الْوَقْتِ وَتَرْجَمَ بِالنُّفَسَاءِ إِشْعَارًا بِأَنَّ ذَلِكَ يُطْلَقُ عَلَى الْحَائِضِ لِقِوْلِ عَائِشَةَ فِي الْحَدِيثِ حِضْتُ وَقَولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهَا أَنُفِسْتِ وَهُوَ بِضَمِّ النُّونِ وَفَتْحِهَا وَكَسْرِ الْفَاءِ فِيهِمَا وَقِيْلَ بِالضَّمِّ فِي الْوِلَادَةِ وَبِالْفَتْحِ فِي الْحَيْضِ وَأَصْلُهُ خُرُوجُ الدَّمِ لِأَنَّهُ يُسَمَّى نَفْسًا وَسَيَأْتِي مَزِيدُ بَسْطٍ لِذَلِكَ بَعْدَ بَابَيْنِ

[ قــ :290 ... غــ :294] .

     قَوْلُهُ  سَمِعْتُ الْقَاسِمَ يَعْنِي أَبَاهُ وَهُوَ بن مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ .

     قَوْلُهُ  لَا نرى بِالضَّمِّ أَي لَا نظن وسرف بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ بَعْدَهَا فَاءٌ مَوْضِعٌ قَرِيبٌ مِنْ مَكَّةَ بَيْنَهُمَا نَحْوٌ مِنْ عَشْرَةِ أَمْيَالٍ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنَ الصَّرْفِ وَقَدْ يُصْرَفُ .

     قَوْلُهُ  فَاقْضِي الْمُرَادُ بِالْقَضَاءِ هُنَا الْأَدَاءُ وَهُمَا فِي اللُّغَةِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ .

     قَوْلُهُ  غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ زَادَ فِي الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ حَتَّى تَطْهُرِي وَهَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مُخْتَصٌّ بِأَحْوَالِ الْحَجِّ لَا بِجَمِيعِ أَحْوَالِ الْمَرْأَةِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ بِتَمَامِهِ فِي كِتَابِ الْحَجِّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  بسم الله الرحمن الرحيم
كِتابِ الحيض
وقول الله عز وجل: { وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة:222] إلى قولُهُ: { وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة:222] .
خرج مسلم في ( ( صحيحه) ) مِن حديث حماد بنِ سلمة: نا ثابت، عَن أنس، أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم لَم يؤاكلوها ولم يجامعوهن في البيوت، فسأل أصحاب النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فأنزل الله عز وجل: { وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة:222] إلى آخر الآية، فقالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( اصنعوا كل شيء إلا النكاح) ) - وذكر بقية الحديث.
فقوله عز وجل: { وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ} ، أي: عَن حكمه والمباشرة فيهِ.
و ( ( المحيض) ) ، قيل: إنَّهُ مصدر كالحيض، وقيل: بل هوَ اسم للحيض، فيكون اسم مصدر.
وقوله تعالى: { قُلْ هُوَ أَذىً} [البقرة:222] ، فسر الأذى بالدم النجس وبما فيهِ مِن القذر والنتن وخروجه مِن مخرج البول، وكل ذَلِكَ يؤذي.
قالَ الخطابي: الأذى هوَ المكروه الذِي ليسَ بشديد جداً؛ كقوله: { لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلاّ أَذى} [آل عمران:111] ، وقوله: { إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ} [النساء: 102] ، قالَ: والمراد: أذى يعتزل منها موضعه لا غيره، ولا يتعدى ذَلِكَ إلى سائر بدنها، فلا يجتنبن ولا يخرجن مِن البيوت كفعل المجوس وبعض أهل الكِتابِ، فالمراد: أن الأذى بهن لا يبلغ الحد الذِي يجاوزونه إليه، وإنما يجتنب منهن موضع الأذى، فإذا تطهرن حل غشيانهن.
وقوله تعالى: { فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيض} [البقرة:222] ، قَد فسره النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - باعتزال النكاح، وسيأتي فيما بعد - إن شاء الله تعالى - ذكر ما يحرم مِن مباشرة الحائض وما يحل منهُ في الباب الذِي يختص المباشرة مِن الكِتابِ.
وقد قيل: بأن المراد بالمحيض هاهنا: مكان الحيض، وهو الفرج، ونص على ذَلِكَ الإمام أحمد، وحكاه الماوردي عَن أزواج النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وجمهور المفسرين، وحكى الإجماع على أن المراد بالمحيض المذكور في أول الآية: الدم.
وقد خالف في ذَلِكَ ابن أبي موسى مِن أصحابنا في ( ( شرح الخرقي) ) ، فزعم أن مذهب أحمد أنَّهُ الفرج - أيضاً -، وفيه بعد.
وجمهور أصحاب الشَافِعي على أن المراد بالمحيض في الآية الدم، في الموضعين.
وقوله: { وَلا تَقْرَبُوهُنّ} [البقرة: 222] ، نهي بعد الأمر باعتزالهن في المحيض عَن قربانهن فيهِ، والمراد بهِ: الجماع - أيضاً -، وفيه تأكيد لتحريم الوطء في الحيض.
وقوله: { حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222] فيهِ قراءتان { يَطْهُرْنَ} [البقرة:222] - بسكون الطاء وضم الهاء -، و { يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222] بفتح الطاء وتشديد الهاء.
وقد قيل: إن القراءة الأولى أريد بها انقطاع الدم، والقراءة الثانية أريد بها التطهر بالماء.
وممن فسر الأولى بانقطاع الدم ابن عباس ومجاهد وغيرهما.
وابن جرير وغيره: يشيرون إلى حكاية الإجماع على ذَلِكَ.
ومنع غيره الإجماع، وقال: كل مِن القراءتين تحتمل أن يراد بها الاغتسال بالماء، وأن يراد بها انقطاع الدم، وزوال أذاه.
وفي ذَلِكَ نظر، فإن قراءة التشديد تدل على نسبة فعل التطهير إليها، فكيف يراد بذلك مجرد انقطاع الدم ولا صنع لها فيهِ.
وقوله: { حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222] غاية النهي عَن قربانهن، فيدل بمفهومه على أن ما بعد التطهير يزول النهي.
فعلى قراءة التشديد المفسرة بالاغتسال إنما يزول النهي بالتطهر بالماء، وعلى قراءة التخفيف يدل على زوال النهي بمجرد انقطاع الدم.
واستدل بذلك فرقة قليلة على إباحة الوطء بمجرد انقطاع الدم، وَهوَ قول أبي حنيفة، وأصحابه، إذا انقطع الدم لأكثر الحيض، أو لدونه، ومضى عليها وقت صلاة، أو كانت غير ومخاطبة بالصلاة كالذمية.
وحكي عَن طائفة إطلاق الإباحة، مِنهُم: ابن كثير وابن عبد الحكم، وفي نقله عنهما نظر.
والجمهور على أنه لا يباح بدون الاغتسال، وقالوا: الآية، وإن دلت بمفهومها على الإباحة بالانقطاع إلا أن الإتيان مشروط لَهُ شرط آخر وَهوَ التطهر، والمراد بهِ: التطهر بالماء؛ بقولِهِ: { فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنّ} [البقرة:222] ، فدل على أنَّهُ لا يكفي مجرد التطهر، وأن الإتيان متوقف على التطهر، أو على الطهر والتطهر بعده، وفسر الجمهور التطهر بالاغتسال، كَما في قولُهُ: { وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا} [المائدة:6] .
وحكي عَن طائفة مِن السلف: أن الوضوء كاف بعد انقطاع الدم، منهُم: مجاهد، وعكرمة، وطاوس، على اختلاف عَنهُم في ذَلِكَ.
قالَ ابن المنذر: روينا بإسناد فيهِ مقال عن عطاء وطاوس ومجاهد، أنهم قالوا: إذا أدرك الزوج الشبق أمرها أن تتوضأ، ثُمَّ أصاب منها إن شاء.
وأصح مِن ذَلِكَ عَن عطاء ومجاهد موافقة القول الأول - يعني: المنع منهُ وكراهته بدون الغسل -، قالَ: ولا يثبت عَن طاوس خلاف ذَلِكَ.
قالَ: وإذا بطل أن يثبت عَن هؤلاء قول ثان كانَ القول الأول كالإجماع.
انتهى.
ولذلك ضعف القاضي إسماعيل المالكي الرواية بذلك عَن طاوس وعطاء؛ لأنها مِن رواية ليث بن أبي سليم عنهما، وَهوَ ضعيف.
وحكي عَن بعض السلف أن التطهر غسل الفرج خاصة، رواه ابن جريج وليث عَن عطاء، ورواه معمر عَن قتادة، وحكاه بعض أصحابنا عَن الأوزاعي، ولا أظنه يصح عَنهُ، وقاله قوم مِن أهل الظاهر.
والصحيح الذِي عليهِ جمهور العلماء: أن تطهر الحائض كتطهر الجنب، وَهوَ الاغتسال.
ولو عدمت الماء، فهل يباح وطؤها بالتيمم؟ فيهِ قولان: أحدهما: يباح بالتيمم، وَهوَ مذهبنا، ومذهب الشَافِعي وإسحاق والجمهور، وقول يحيى بن بكير مِن المالكية، والقاضي إسماعيل مِنهُم - أيضاً.
وقال مكحول ومالك: لا يباح وطؤها بدون الاغتسال بالماء.
وقوله: { فَأْتُوهُنّ} [البقرة:222] إباحة، وقوله: { مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّه} [البقرة: 222] أي: باعتزالهن، وَهوَ الفرج، أو ما بين السرة والركبة، على ما فيهِ مِن الاختلاف كَما سيأتي، روي هَذا عَن ابن عباس، ومجاهد، وعكرمة.
وقيل: المراد: مِن الفرج دونَ الدبر، رواه علي بنِ أبي طلحة عَن ابن عباس.
وروى أبان بنِ صالح، عن مجاهد، عنة ابن عباس، قالَ: { مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ الله} [البقرة: 222] أن تعتزلوهن.
ورواه عكرمة، عَن ابن عباس - أيضاً.
وقيل: المراد مِن قبل التطهر لا مِن قبل الحيض، وروي عَن ابن عباس - أيضاً -، وغيره.
و ( ( التوابون) ) : الرجاعون إلى طاعة الله مِن مخالفته.
و ( ( المتطهرون) ) : فسره عطاء وغيره: بالتطهر بالماء، ومجاهد وغيره: بالتطهر مِن الذنوب.
وعن مجاهد، أنَّهُ فسره: بالتطهر مِن أدبار النساء.
ويشهد لَهُ قول قوم لوط: { إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} [الأعراف: 82] .


باب
كيف كانَ بدء الحيض؟
وقول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( هَذا شيء كتبه الله على بنات آدم) ) .

وقال بعضهم: كانَ أول ما أرسل الحيض على بني إسرائيل.

قالَ أبو عبد الله: وحديث النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أكثر.

أما مِن قالَ: أول ما أرسل الحيض على بني إسرائيل: فَقد روي ذَلِكَ عَن حماد بنِ سلمة، عَن هشام بنِ عروة، عَن فاطمة بنت المنذر، عَن أسماء بنت أبي بكر، قالت: إنما سلطت الحيضة على نساء بني إسرائيل؛ لأنهن كن اتخذن أرجلاً مِن خشب يتطاولن بها في المساجد.

وأما ما رجحه البخاري مِن أن الحيض لَم يزل في النساء منذ خلقهن الله، فَهوَ المروي عَن جمهور السلف:
قالَ عمرو بنِ محمد العنقزي: نا عباد بنِ العوام، عَن سفيان بنِ حسين، عَن يعلى بنِ مسلم، عَن سعيد بنِ جبير، عَن ابن عباس، قالَ: لما أكل آدم مِن الشجرة التي نهي عنها، قالَ الله لَهُ: ( ( ما حملك على أن عصيتني؟) ) قالَ: ربِّ، زينته لي حواء، قالَ: ( ( فإني أعقبها أن لا تحمل إلا كرها، ولا تضع إلا كرهاً، ودميتها في الشهر مرتين) ) ، فلما سمعت حواء ذَلِكَ رنت، فقالَ لها: عليك الرنة وعلى بناتك.

وروى ابن جرير في ( ( تفسيره) ) : نا يونس: نا ابن وهب، عَن عبد الرحمن بن زيد بنِ أسلم، في قولُهُ: { وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ} [البقرة:25] ، قالَ: المطهرة: التي لا تحيض، قالَ: وكذلك خلقت حواء عليها السلام حتى عصت، فلما عصت قالَ الله تعالى: ( ( إني خلقتك مطهرة، وسأدميك كَما أدميت هَذهِ الشجرة) ) .

وقد استدل البخاري لذلك بعموم قول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( إن هَذا شيء كتبه الله على بنات آدم) ) ، وَهوَ استلال ظاهر حسن، ونظيره: استدلال الحسن على إبطال قول مِن قالَ: أول مِن رأى الشيب إبراهيم - عليه السلام -، بعموم قول الله عز وجل: { اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً} [الروم: 54] .

[ قــ :290 ... غــ :294 ]
- حدثنا علي بنِ عبد الله المديني: نا سفيان، قالَ: سمعت عبد الرحمن بنِ القاسم، قالَ: سمعت القاسم يقول: سمعت عائشة تقول: خرجنا لا نرى إلا الحج، فلما كنت بسرف حضت، فدخل علي رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأنا أبكي، فقالَ: ( ( مالك! أنفست؟) ) قلت: نعم.
قالَ: ( ( إن هَذا أمر كتبه الله على بنات آدم، فاقضي ما يقضي الحاج، غير أن لا تطوفي بالبيت) ) .
قالت: وضحى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَن نسائه بالبقر.
هَذا إسناد شريف جداً؛ لجلالة رواته، وتصريحهم كلهم بسماع بعضهم مِن بعض، فلهذا صدر بهِ البخاري ( ( كِتابِ: الحيض) ) .

وفيه اللفظة التي استدل بها البخاري على أن الحيض لازم للنساء منذ خلقهن الله، وأنه لَم يحدث في بني إسرائيل، كَما تقدم.

وقد رويت هَذهِ اللفظة - أيضاً - عَن جابر، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قالَ ذَلِكَ لعائشة في الحج - بمعنى حديث عائشة.

خرجه مسلم في ( ( صحيحه) ) .

ورويت - أيضاً - عَن أم سلمة، مِن رواية محمد بنِ عمرو: نا أبو سلمة، عَن أم سلمة، قالت: كنت معَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في لحافه، فوجدت ما تجد النساء مِن الحيضة، فانسللت مِن اللحاف، فقالَ: رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( أنفست؟) ) قلت: وجدت ما تجد النساء مِن الحيضة، قالَ: ( ( ذاك ما كتب الله على بنات آدم) ) .
قالت: فانسللت فأصلحت مِن شأني، ثُمَّ رجعت، فقالَ لي رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( تعالي فادخلي معي في اللحاف) ) .
قالت: فدخلت معه.

خرجه ابن ماجه.

ومعنى: ( ( كتب الله على بنات آدم) ) : أنَّهُ قضى بهِ عليهن وألزمهن إياه، فهن متعبدات بالصبر عليهِ.
وجاء في رواية للإمام أحمد مِن رواية الأوزاعي، عَن أبي عبيد، عَن عائشة، عَن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، في هَذا الحديث: أن عائشة قالت للنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لا أحسب النساء خلقن إلا للشر، قالَ: ( ( لا، ولكنه شيء ابتلي بهِ نساء بني آدم) ) .

ولفظ: ( ( الكتابة) ) يدل على اللزوم والثبوت، إمَّا شرعاً كقوله تعالى:
{ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [البقرة:183] ، أو قدراً كقوله: { كَتَبَ اللهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي} [المجادلة: 21] .

وهذا الحديث مِن هَذا القبيل.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب الأَمْرِ بِالنُّفَسَاءِ إِذَا نُفِسْنَ
( باب الأمر للنساء إذا نفسن) بفتح النون وكسر الفاء وسكون السين آخره نون أي حضن كذا في رواية أبوي الوقت وذر كما في الفرع، وفي غيره باب الأمر بالنفساء إذا نفسن، والضمير الذي فيه يرجع إلى النفساء وتذكيره باعتبار الشخص أو لعدم الإلباس لاختصاص الحيض بالنساء والجمع باعتبار الجنس والباء في بالنفساء زائدة لأن النفساء مأمورة لا مأمور بها.
وفي أكثر الروايات الباب والترجمة ساقطان.



[ قــ :290 ... غــ : 294 ]
- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ قَالَ: سَمِعْتُ الْقَاسِمَ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ: خَرَجْنَا لاَ نَرَى إِلاَّ الْحَجَّ، فَلَمَّا كُنَّا بِسَرِفَ حِضْتُ، فَدَخَلَ عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنَا أَبْكِي قَالَ: مَا لَكِ أَنُفِسْتِ؟.
قُلْتُ: نَعَمْ.
قَالَ: «إِنَّ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ.
فَاقْضِي مَا يَقْضِي الْحَاجُّ، غَيْرَ أَنْ لاَ تَطُوفِي بِالْبَيْتِ» قَالَتْ: وَضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ نِسَائِهِ بِالْبَقَرِ.
[الحديث 294 - أطرافه في: 305، 316، 317، 319، 328، 1516، 1518، 1556، 1560، 1561، 1562، 1638، 1650، 1709، 1720، 1733، 1757، 1762، 1771، 1772، 1783، 1786، 1787، 1788، 2952، 2984، 4395، 4401، 4408، 5329، 5548، 5559، 6157، 7229] .

وبه قال: ( حدّثنا علي بن عبد الله) ولابن عساكر علي يعني ابن عبد الله أي المديني بفتح الميم وكسر الدال ( قال: حدّثنا سفيان) بن عيينة ( قال: سمعت عبد الرحمن بن القاسم قال: سمعت) أبي ( القاسم) بن محمد كما في رواية الأصيلى ابن أبي بكر الصديق حال كونه ( يقول: سمعت عائشة) رضي الله عنها حال كونها ( تقول) :
( خرجنا) حال كوننا ( لا نرى) بضم النون أي لا نظن وفي الفرع لا نرى بفتحها ( إلا الحج) إلا قصده لأنهم كانوا يظنون امتناع العمرة في أشهر الحج فأخبرت عن اعتقادها أو عن الغالب عن حال الناس أو حال الشارع ( فلما كنا) وللكشميهني والأصيلي فلما كنت ( بسرف) بفتح السين المهملة وكسر الراء آخره فاء موضع على عشرة أميال أو تسعة أو سبعة أو ستة من مكة غير منصرف للعلمية والتأنيث وقد يصرف باعتبار إرادة المكان ( حضت) بكسر الحاء ( فدخل علي رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأنا أبكي) جملة اسمية حالية ( فقال) ولأبي الوقت قال ( ما لكِ) بكسر الكاف ( أنفست) بهمزة الاستفهام وضم النون في فرع اليونينية لكنه ضبب عليها.
قال النووي: الضم في الولادة أكثر من الفتح والفتح في الحيض أكثر من الضم، وقال الهروي الضم والفتح في الولادة وأما الحيض فبالفتح لا غير ( قلت نعم) نفست ( قال) عليه الصلاة والسلام: ( إن هذا) الحيض ( أمر) أي شأن ( كتبه الله) عز وجل ( على بنات آدم) امتحنهنّ به وتعبدهن بالصبر عليه ( فاقضي ما يقضي) بإثبات الياء في اقضي لأنه خطاب لعائشة أي أدّي الذي يؤدّيه ( الحاج) من المناسك ( غير أن لا تطوفي بالبيت) أي غير أن تطوفي فلا زائدة وإلاّ فغير عدم الطواف هو نفس الطواف أو تطوفي مجزوم بلا أي لا تطوفي ما دمت حائضًا، وزاد في الرواية الآتية: حتى تطهري وأن مخففة من الثقيلة وفيها ضمير الشأن.


( قالت) عائشة: ( وضحى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن نسائه) التسع رضي الله عنهن بإذنهن ( بالبقر) ولأبي ذر والحموي والمستملي بالبقبرة أي عن سبع منهن ويفهم منه جواز التضحية ببقرة واحدة عن النساء واشتراط الطهارة في الطواف، ويأتي تمام البحث في الحج إن شاء الله تعالى.


ورواة هذا الحديث الخمسة ما بين بصري ومكي ومدني وأخرجه المؤلف أيضًا في الأضاحي، ومسلم وابن ماجة في الحج والنسائي فيه وفي الطهارة.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  (كتاب الحيضِ)
أَي: هَذَا كتاب فِي بَيَان أَحْكَام الْحيض.
وَلما فرغ مِمَّا ورد فِي بَيَان أَحْكَام الطَّهَارَة من الإحداث أصلا وخلفاً، شرع فِي بَيَان مَا ورد فِي بَيَان الْحيض الَّذِي هُوَ من الأنجاس، وَقدم مَا ورد فِيهِ على مَا ورد فِي النّفاس لِكَثْرَة وُقُوع الْحيض بِالنِّسْبَةِ إِلَى وُقُوع النّفاس.
وَالْحيض فِي اللُّغَة السيلان، يُقَال حَاضَت السمرَة، وَهِي شَجَرَة يسيل مِنْهَا شَيْء كَالدَّمِ، وَيُقَال: الْحيض لُغَة الدَّم الْخَارِج يُقَال: حَاضَت الأرانب، إِذا خرج مِنْهَا الدَّم وَفِي (الْعباب) التحييض التسييل، يُقَال حَاضَت الْمَرْأَة تحيض حيضا ومحاضاً ومحيضاً.
وَعَن اللحياني: حاض وجاض وحاص، بالمهملتين، وحاد كلهَا بِمَعْنى: وَالْمَرْأَة حَائِض، وَهِي اللُّغَة الفصيحة الفاشية بِغَيْر تَاء، وَاخْتلف النُّحَاة فِي ذَلِك، فَقَالَ الْخَلِيل: لما لم يكن جَارِيا على الْفِعْل كَانَ بِمَنْزِلَة الْمَنْسُوب بِمَعْنى حائضي، أَي: ذَات حيض، كدراع ونابل وتامر وَلابْن، وَكَذَا طَالِق وطامت وقاعد للآيسة أَي: ذَات طَلَاق وَمذهب سِيبَوَيْهٍ أَن ذَلِك صفة شَيْء مُذَكّر أَي شَيْء أَو أنسان أَو شخص حَائِض.
وَمذهب الْكُوفِيّين أَنه اسْتغنى عَن عَلامَة التَّأْنِيث لِأَنَّهُ مَخْصُوص بالمؤنث، وَنقض: بجمل باذل، وناقة بازل، وضامر فيهمَا.
وَإِمَّا مَعْنَاهُ فِي الشَّرْع فَهُوَ: دم ينفضه رحم امْرَأَة سليمَة عَن دَاء وَصغر،.

     وَقَالَ  الْأَزْهَرِي: الْحيض دم يرخيه رحم الْمَرْأَة بعد بُلُوغهَا فِي أَوْقَات مُعْتَادَة من قَعْر الرَّحِم.

     وَقَالَ  الْكَرْخِي: الْحيض دم تصير بِهِ الْمَرْأَة بَالِغَة بابتداء خُرُوجه، وَقيل: هُوَ دم ممتد خَارج عَن مَوضِع مَخْصُوص، وَهُوَ القيل، والاستحاضة، جَرَيَان الدَّم فِي غير أَوَانه،.

     وَقَالَ  أَصْحَابنَا: الِاسْتِحَاضَة مَا ترَاهُ الْمَرْأَة فِي أقل من ثَلَاثَة أَيَّام أَو على أَكثر من عشرَة أَيَّام.
وقَوْلِ اللَّهِ تَعالَى: { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ المحيضِ قُلْ هُوَ أَذَى فَاعَتَزِلُوا النِّساءَ فِي المَحِيضِ إِلَى} قَوْله: { وَيُحِبُ المُتَطَهِّرِينَ} (سُورَة الْبَقَرَة: 222) قَول الله بِالْجَرِّ، عطفا على قَوْله: الْحيض الْمُضَاف إِلَيْهِ لفظ، كتاب، وَسبب نزُول هَذِه الْآيَة مَا رَوَاهُ مُسلم من حَدِيث أنس، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: (أَن الْيَهُود كَانُوا إِذا حَاضَت الْمَرْأَة فيهم لم يؤاكلوها وَلم يجامعوها فِي الْبيُوت فَسَأَلَ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأنْزل الله تَعَالَى: { ويسألونك عَن الْمَحِيض} (سُورَة الْبَقَرَة: 222) الْآيَة فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (افعلوا كل شَيْء إلاَّ النِّكَاح).

     وَقَالَ  الواحدي: السَّائِل هُوَ أَبُو الدحداح، وَفِي مُسلم أَن أسيد بن حضير وَعباد بن بشر قَالَا بعد ذَلِك، أَفلا نجامعهن فَتغير وَجه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، الحَدِيث، وَهَذَا بَيَان للأذى الْمَذْكُور فِي الْآيَة.

     وَقَالَ  الطَّبَرِيّ: سمي الْحيض أَذَى لنتنه وقذره ونجاسته.

     وَقَالَ  الْخطابِيّ: الْأَذَى الْمَكْرُوه الَّذِي لَيْسَ بشديد كَمَا قَالَ تَعَالَى: { لن يضروكم إلاَّ أذَىً} (سُورَة آل عمرَان: 111) فَالْمَعْنى أَن الْمَحِيض أَذَى يعتزل من الْمَرْأَة بِوَضْعِهِ، وَلَكِن لَا يتَعَدَّى ذَلِك إِلَى بَقِيَّة بدنهَا.
قَالُوا: وَالْمرَاد من الْمَحِيض الأول الدَّم، وَأما الثَّانِي فقد اخْتلف فِيهِ أهوَ نفس الدَّم أَو زمن الْحيض،أَو الْفرج؟ وَالْأول هُوَ الْأَصَح.
فَإِن قلت: أورد هَذِه الْآيَة هَاهُنَا وَلم يبين مِنْهَا شَيْئا فَمَا كَانَت فَائِدَة ذكرهَا هَاهُنَا.
قلت: أقل فَائِدَة التَّنْبِيه إِلَى نَجَاسَة الْحيض، وَالْإِشَارَة أَيْضا إِلَى وجوب الاعتزال عَنْهُن فِي حَالَة الْحيض، وَغير ذَلِك.

(بابُُ كَيْفَ كانَ بَدْءَ الحَيْضِ)

أَي: هَذَا بابُُ، فارتفاعه على أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف، وَيجوز فِيهِ التَّنْوِين بِالْقطعِ عَمَّا بعده، وَتَركه للإضافة إِلَى مَا بعده وَالْبابُُ أَصله: البوب، قلبت الْوَاو ألفا لتحركها وانفتاح مَا قبلهَا، وَيجمع على أَبْوَاب وابوية، وَالْمرَاد من الْبابُُ هُنَا النَّوْع.
كَمَا فِي قَوْلهم: من فتح بابُُا من الْعلم أَي: نوعا وَكلمَة، كَيفَ اسْم لدُخُول الْجَار عَلَيْهِ بِلَا تَأْوِيل فِي قَوْلهم: على كَيفَ تبيع الأحمرين؟ فَإِن قلت: مَا مَحل: كَيفَ، من الْإِعْرَاب؟ قلت: يجوز أَن تكون حَالا، كَمَا فِي قَوْلك كَيفَ جَاءَ زيد، أَي: على أَي حَالَة جَاءَ زيد؟ وَالتَّقْدِير هَاهُنَا على أَي حَالَة كَانَ ابْتِدَاء الْحيض؟ وَلَفظ كَانَ من الْأَفْعَال النَّاقِصَة تدل على الزَّمَان الْمَاضِي من غير تعرض لزواله فِي الْحَال أَو لَا زَوَاله وَبِهَذَا يفْتَرق عَن: صَار، فَإِن مَعْنَاهُ الِانْتِقَال من حَال إِلَى حَال، وَلِهَذَا لَا يجوز أَن يُقَال: صَار الله، وَلَا يُقَال إِلَّا كَانَ كَانَ الله.
قَوْله: (بَدْء الْحيض) من بَدَأَ يبدؤ بدوأ أَي: ظهر، والبدأ بِالْهَمْزَةِ فِي آخِره على فعل، بِسُكُون الْعين من بدأت الشَّيْء بدأت: ابتدأت بِهِ.

وقَوْلُ النَّبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذَا شَيْءٌ كتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ
هَذَا من تعليقات البُخَارِيّ، والآن يذكرهُ مَوْصُولا لَا عقيب هَذَا، وسيذكره أَيْضا فِي الْبابُُ السَّادِس فِي جملَة حَدِيث،.

     وَقَالَ  بَعضهم: وَقَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَذَا شَيْء، يُشِير إِلَى حَدِيث عَائِشَة الْمَذْكُور عَقِيبه.
قلت: هَذَا الْكَلَام غير صَحِيح، بل قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَذَا شَيْء، يُشِير بِهِ إِلَى الْحيض فَكَذَلِك لفظ: شَيْء فِي الحَدِيث الَّذِي سَيَأْتِي فِي الْبابُُ السَّادِس، وَلكنه بِلَفْظ: (فَإِن ذَلِك شَيْء كتبه الله على بَنَات آدم) وَفِي الحَدِيث الَّذِي عَقِيبه: (إِن هَذَا أَمر كتبه الله على بَنَات آدم) وعَلى كل تَقْدِير الْإِشَارَة إِلَى الْحيض، وَقد استدركه هَذَا الْقَائِل فِي آخر كَلَامه بقوله: وَالْإِشَارَة بقوله هَذَا إِلَى الْحيض.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ كانِ أَوَّلُ مَا أُرْسلَ الحَيْضُ عَلَى بَنِي إسْرَائِيلَ
هَذَا قَول عبد الله بن معسود وَعَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا.
أخرجه عبد الرَّزَّاق عَنْهُمَا وَلَفظه (كَانَ الرِّجَال وَالنِّسَاء فِي بني إِسْرَائِيل يصلونَ جَمِيعًا، وَكَانَت الْمَرْأَة تتشرف للرجل فَألْقى الله عَلَيْهِنَّ الْحيض ومنعهن الْمَسَاجِد) فَإِن قلت: الْحيض أرسل على بَنَات بني إِسْرَائِيل على هَذَا القَوْل: وَلم يُرْسل على بنيه، فَكيف قَالَ: على بني إِسْرَائِيل؟ قلت: قَالَ الْكرْمَانِي: يسْتَعْمل بَنو إِسْرَائِيل، وَيُرَاد بِهِ أَوْلَاده، كَمَا يُرَاد من بني آدم أَوْلَاده.
أَو المُرَاد بِهِ الْقَبِيلَة.
قلت: هَذَا من حَيْثُ اللُّغَة يمشي، وَمن حَيْثُ الْعرف لَا يذكر الإبن وَيُرَاد بِهِ الْوَلَد، حَتَّى لَو أوصى بِثلث مَاله لِابْنِ زيد، وَله ابْن وَبنت لَا تدخل الْبِنْت فِيهِ، وَدخُول الْبَنَات فِي بني آدم بطرِيق التّبعِيَّة.
وَقَوله: أَو المُرَاد بِهِ الْقَبِيلَة، لَيْسَ لَهُ وَجه أصلا لِأَن الْقَبِيلَة تجمع الْكل فَيدْخل فِيهِ الرِّجَال أَيْضا.
وَقد علم أَن طَبَقَات الْعَرَب سِتّ، فالقبائل تجمع الْكل وَيُمكن أَن يُقَال إِن الْمُضَاف فِيهِ مَحْذُوف تَقْدِيره، على بَنَات بني إِسْرَائِيل، يشْهد بذلك قَوْله: عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: (كتبه الله على بَنَات بني آدم) وَقد ذكر التَّوْفِيق بَينهمَا عَن قريب إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
فَإِن قلت: مَا مَحل قَوْله: على بني إِسْرَائِيل من الْإِعْرَاب؟ قلت: النصب لِأَنَّهَا جملَة وَقعت خَبرا لَكَانَ قَوْله أَو ل مَرْفُوع لِأَنَّهُ اسْمه، وَكلمَة مَا، مَصْدَرِيَّة تَقْدِيره، كَانَ أول إرْسَال الْحيض على بني إِسْرَائِيل.

قالَ أبُو عبْدِ اللَّهِ وَحَدِيثُ النَّبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أكْثَرُ
أَبُو عبد الله هُوَ البُخَارِيّ نَفسه، وَكَأَنَّهُ أَشَارَ بِهَذَا الْكَلَام إِلَى دَرَجَة التَّوْفِيق بَين الْخَبَرَيْنِ، وَهُوَ أَن كَلَام الرَّسُول، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَكثر قُوَّة وقبولاً من كَلَام غَيره من الصَّحَابَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم..
     وَقَالَ  الْكرْمَانِي:، ويروي: (أكبر) بِالْبَاء الْمُوَحدَة، وَمَعْنَاهُ: على هَذَا، وَحَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وسلمأعظم وَأجل وآكد ثبوتاً وَفسّر الْكرْمَانِي الْأَكْثَر، بالثاء الْمُثَلَّثَة، وَأي: أشمل، لِأَنَّهُ يتَنَاوَل بَنَات إِسْرَائِيل وغيرهن،.

     وَقَالَ  بَعضهم: أَكثر أَي: أشمل لِأَنَّهُ عَام فِي جَمِيع بَنَات بني آدم، فَيتَنَاوَل الْإسْرَائِيلِيات وَمن قبلهن.
قلت: لم لَا يجوز أَن يكون الشُّمُول فِي بَنَات إِسْرَائِيل وَمن بعدهن؟.

     وَقَالَ  الدَّاودِيّ لَيْسَ بَينهمَا مُخَالفَة، فَإِن نسَاء بني إِسْرَائِيل من بَنَات آدم،.

     وَقَالَ  بَعضهم: فعلى هَذَا فَقَوله: بَنَات آدم أُرِيد بِهِ الْخُصُوص.
قلت: مَا أبعد كَلَام الدَّاودِيّ فِي التَّوْفِيق بَينهمَا.
نعم، نَحن مَا ننكر أَن نسَاء من بني إِسْرَائِيل من بَنَات آدم، وَلَكِن الْكَلَام فِي لفظ الأولية فيهمَا وَلَا تَنْتفِي الْمُخَالفَة إِلَّا بالتوفيق بَين لَفْظِي الأولية، وَأبْعد من هَذَا قَول هَذَا الْقَائِل: عَام أُرِيد بِهِ الْخُصُوص فَكيف يجوز تَخْصِيص عُمُوم كَلَام النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِكَلَام غَيره؟ ثمَّ قَالَ هَذَا الْقَائِل: وَيُمكن أَن يجمع بَينهمَا بِأَن الَّذِي أرسل على نسَاء بني إِسْرَائِيل طول مكثه بِهن عُقُوبَة لَهُنَّ لَا ابْتِدَاء وجوده.
قلت: هَذَا كَلَام من لَا يَذُوق الْمَعْنى، وَكَيف يَقُول: لَا ابْتِدَاء وجوده؟ وَالْخَبَر فِيهِ أول مَا أرسل، وَبَينه وَبَين كَلَامه مُنَافَاة، وَأَيْضًا من أَيْن ورد أَن الْحيض طَال مكثه فِي نسَاء بني إِسْرَائِيل؟ وَمن نقل هَذَا؟ وَقد روى الْحَاكِم بِإِسْنَاد صَحِيح عَن ابْن عَبَّاس: رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا.
أَن ابْتِدَاء الْحيض كَانَ على حَوَّاء، عَلَيْهَا الصَّلَاة وَالسَّلَام، بعد أَن أهبطت من الْجنَّة وَكَذَا رَوَاهُ ابْن الْمُنْذر.
وَقد روى الطَّبَرِيّ وَغَيره عَن ابْن عَبَّاس وَغَيره أَن قَوْله تَعَالَى فِي قصَّة إِبْرَاهِيم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: { وَامْرَأَته قَائِمَة فَضَحكت} (سُورَة هود: 71) أَي: حَاضَت، والقصة مُتَقَدّمَة على بني إِسْرَائِيل بِلَا ريب، لِأَن إِسْرَائِيل هُوَ يَعْقُوب بن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام.
قلت: وَلَقَد حضر لي جَوَاب فِي التَّوْفِيق من الْأَنْوَار الإلهية بعونه ولطفه، وَهُوَ أَنه، يُمكن أنالله تَعَالَى قطع نِسَائِهِم، لِأَن من حكم الله تَعَالَى أَنه جعل الْحيض مسبباً لوجو، النَّسْل، أَلا ترى أَن الْمَرْأَة إِذا ارْتَفع حَيْضهَا لَا تحمل عَادَة؟ أَعَادَهُ عَلَيْهِنَّ كَانَ ذَلِك أول الْحيض بِالنِّسْبَةِ إِلَى مُدَّة الِانْقِطَاع، فَأطلق الأولية عَلَيْهِ بِهَذَا الِاعْتِبَار، لِأَنَّهَا من الْأُمُور النسبية فَافْهَم.



[ قــ :290 ... غــ :294 ]
- حدّثنا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللَّهِ المَدِينِي حدّثنا سُفْيَانُ قالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمانِ بنْنَ القَاسِمِ قالَ سَمِعْتُ القَاسِمَ يَقُولُ سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ خَرَجْنَا لَا نَرَى إلاَّ الحَجْ فَلَمَّا كُنَّا بِسِرِفَ حِضْتُ فَدَخَلَ عَلَيَّ رسولُ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأنَا أَبْكِي فَقَالَ مالَكَ أنُفِسْتِ.

.

قُلْتُ نَعَمْ قَالَ إنَّ هَذَا إِمْرٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتَ آدَمَ فَافْضِي مَا يَقْضِي الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لاَ تَطُوفِي بِالْبَيْتِ قَالَتْ وضَحَّى رسولُ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَنْ نِسَائِهِ بالْبَقَر.
.

مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (إِن هَذَا أَمر كتبه الله على بَنَات آدم) .
وعَلى رَأس هَذَا الحَدِيث فِي رِوَايَة أبي ذَر وَأبي الْوَقْت بابُُ الْأَمر بالنفساء إِذا نفس، وَفِي أَكثر الرِّوَايَات هَذِه التَّرْجَمَة سَاقِطَة، أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان الْأَمر الْمُتَعَلّق بالنفساء قَالَ الْكرْمَانِي: الْبَحْث فِي الْحيض، فَمَا وَجه تعلقه بِهِ.
قلت: المُرَاد بالنفساء الْحَائِض.
قلت: النُّفَسَاء مُفْرد، وَجمعه نِفَاس..
     وَقَالَ  الْجَوْهَرِي لَيْسَ فِي الْكَلَام من فعلاء يجمع على فعال غير نفسَاء وعشراء، وَهِي الْحَامِل من الْبَهَائِم، ثمَّ قلت: وَيجمع أَيْضا على نفساوات بِضَم النُّون،.

     وَقَالَ  صَاحب (الْمطَالع) بِالْفَتْح أَيْضا، وَيجمع أَيْضا على نفس، بِضَم النُّون وَالْفَاء، قَالَ: وَيُقَال فِي الْوَاحِد نَفسِي مثل كبرى، وبفتح النُّون أَيْضا، وَامْرَأَتَانِ نفساوان، وَنسَاء نِفَاس، وَالنّفاس أَيْضا مصدر سمي بِهِ الدَّم كَمَا يُسمى بِالْحيضِ مَأْخُوذ من تنفس الرَّحِم بِخُرُوج النَّفس الَّذِي الدَّم وَفِي المعزب النفا مصدر نفست الْمَرْأَة بِضَم النُّون وَفتحهَا إِذا ولدت فَهِيَ نفسَاء قَوْله: إِذا نفس، بِضَم الْفَاء وَفتحهَا، وَالضَّمِير الَّذِي فِيهِ يرجع إِلَى النُّفَسَاء، وتذكيره بِاعْتِبَار الشَّخْص أَو لعدم الإلتباس كَمَا ذَكرْنَاهُ عَن قريب فَإِن قلت: الْبَاء فِي النُّفَسَاء مَا هِيَ؟ قلت: زَائِدَة لِأَن النُّفَسَاء مأمورة لَا مَأْمُور بهَا، أويكون التَّقْدِير الْأَمر الملتبس بالنفساء.

ذكر رِجَاله وهم خَمْسَة: الأول: عَليّ بن عبد الله الْمَدِينِيّ، بِفَتْح الْمِيم وَكسر الدَّال قَالَ ابْن الْأَثِير: مَنْسُوب إِلَى مَدِينَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهَذَا أحد مَا اسْتعْمل بِالنّسَبِ فِيهِ خَارِجا عَن الْقيَاس، فَإِن قِيَاسه الْمدنِي،.

     وَقَالَ  الْجَوْهَرِي: تَقول فِي النِّسْبَة إِلَى مَدِينَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
مدنِي وَإِلَى مَدِينَة الْمَنْصُور: مديني، للْفرق.
الثَّانِي: سُفْيَان بن عُيَيْنَة.
الثَّالِث: عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم.
الرَّابِع: الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن أبي بكر الصّديق، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
الْخَامِس: عَائِشَة الصديقة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا.

ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين: وَفِيه: السماع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع: وَفِيه: أَن رُوَاته مَا بَين بَصرِي ومكي ومدني.

ذكر تعدده وَمن أخرجه غَيره أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْأَضَاحِي عَن قُتَيْبَة وَعَن مُسَدّد وَأخرجه مُسلم فِي الْحَج عَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَعَمْرو النَّاقِد وَزُهَيْر بن حَرْب عَن سُفْيَان وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الطَّهَارَة عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، وَفِي الْحَج عَن مُحَمَّد بن عبد الله والْحَارث بن مِسْكين، وَعَن مُحَمَّد بن رَافع عَن يحيى بن آدم وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الْحَج عَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَعلي بن مُحَمَّد.

ذكر مَعْنَاهُ وَإِعْرَابه قَوْله: (لَا نرى إلاَّ الْحَج) جملَة فِي مَحل النصب على الْحَال، وَلَا نرى، بِضَم النُّون، بِمَعْنى: لَا نظن وَقَوله: إلاَّ الْحَج، يَعْنِي: إلاَّ قصد الْحَج، لأَنهم كَانُوا يظنون امْتنَاع الْعمرَة فِي أشهر الْحَج، فَأخْبرت عَن اعتقادها، أَو عَن الْغَالِب عَن حَال النَّاس، أَو عَن حَال الشَّارِع أما هِيَ فقد قَالَت: إِنَّهَا لم تحرم إلاَّ بِالْعُمْرَةِ.
قَوْله: (فَلَمَّا كنت) وَفِي بعض النّسخ: (فَلَمَّا كُنَّا) قَوْله: (بسرف) بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَكسر الرَّاء فِي آخِره فَاء وَهُوَ اسْم مَوضِع قريب من مَكَّة بَينهمَا نَحْو من عشرَة أَمْيَال، وَقيل: عشرَة، وَقيل: تِسْعَة، وَقيل: سَبْعَة، وَقيل: سِتَّة، وَهُوَ غير منصرف للعلمية والتأنيث.
قَوْله: (حِضْت) بِكَسْر الْحَاء، لِأَنَّهُ من حاض يحيض، كبعت من بَاعَ يَبِيع، بِأَصْلِهِ حيضت، قلبت الْيَاء ألفا لتحركها وانفتاح مَا قبلهَا، ثمَّ حذفت لالتقاء الساكنين فَصَارَ، حِضْت، بِالْفَتْح ثمَّ أبدلت الفتحة كسرة لتدل على الْيَاء المحذوفة.
قَوْله: (وَأَنا أبْكِي) جملَة إسمية وَقعت حَالا بِالْوَاو.
قَوْله: (أنفست؟) الْهمزَة فِيهِ للاستفهام، ونفست، قَالَ النَّوَوِيّ: بِضَم الْفَاء وَفتحهَا فِي الْحيض وَالنّفاس، لَكِن الضَّم فِي الْولادَة وَالْفَتْح فِي الْحيض أَكثر.
وَحكى صَاحب (الْأَفْعَال) الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا وَفِي (شرح مُسلم) الْمَشْهُور فِي اللُّغَة أَن نفست، بِفَتْح النُّون وَكسر الْفَاء مَعْنَاهُ: حِضْت، وَأما فِي الْولادَة فَيُقَال: نفست، بِضَم النُّون،.

     وَقَالَ  الْهَرَوِيّ: نفست، بِضَم النُّون وَفتحهَا فِي الْولادَة وَفِي الْحيض بِالْفَتْح لَا غير.
قَوْله: (إِن هَذَا أَمر) إِشَارَة إِلَى الْحيض، فَالْأَمْر بِمَعْنى الشَّأْن..
     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: قَوْله: أَمر، وَفِي التَّرْجَمَة، شَيْء، فَهُوَ إِمَّا من بابُُ نقل الحَدِيث بِالْمَعْنَى، وَإِمَّا أَن اللَّفْظَيْنِ ثابتان.
قلت: لَا يحْتَاج إِلَى الترديد، إِذْ اللفظان ثابتان.
قَوْله: (فاقضى) خطاب لعَائِشَة، فَلذَلِك لم تسْقط الْيَاء، وَمَعْنَاهُ، فأدي لِأَن الْقَضَاء يَأْتِي بِمَعْنى الْأَدَاء كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: { فَإِذا قضيت الصَّلَاة فَانْتَشرُوا} (سُورَة الْجُمُعَة: 10) أَي: إِذا أدّيت صَلَاة الْجُمُعَة.
قَوْله: (مَا يقْضِي الْحَاج) قَالَ الْكرْمَانِي: المُرَاد من الْحَاج الْحسن، فَيشْمَل الْجمع، هُوَ كَقَوْلِه تَعَالَى: { سامر اتهجرون} (سُورَة الْمُؤْمِنُونَ: 67) قلت: لَا ضَرُورَة إِلَى هَذَا الْكَلَام، بل هُوَ اسْم فَاعل، وَأَصله، حاجج، وَرُبمَا يَأْتِي فِي ضَرُورَة الشّعْر هَكَذَا قَالَ الراجز:
بِكُل شيخ عَامر أَو حاجج
وَفِي (الصِّحَاح) تَقول: حججْت الْبَيْت أحجه حجا فَأَنا حَاج، وَيجمع على: حجج مثل: بازل وبزل.
قَوْله: (غير ألاَّ تطوفي) بِنصب غير، وإلاَّ بِالتَّشْدِيدِ أَصله أَن لَا يجوز، أَن تكون: أَن مُخَفّفَة، من المثقلة، وَفِيه ضمير الشَّأْن، وَلَا تطوفي، مجزوم وَالْمعْنَى لَا تطوفي مَا دمت حَائِضًا لفقدان شَرط صِحَة الطّواف، وَهُوَ الطَّهَارَة.
قَوْله: (بالبقر) ويروي: (بالبقر) وَالْفرق بَينهمَا: كتمرة وتمر، وعَلى تَقْدِير عدم التَّاء يحْتَمل التَّضْحِيَة بِأَكْثَرَ من بقرة وَاحِدَة.

ذكر استنباط الْأَحْكَام مِنْهَا: أَن الْمَرْأَة إِذا حَاضَت بعد الْإِحْرَام يَنْبَغِي لَهَا أَن تَأتي بِأَفْعَال الْحَج كلهَا غير أَنَّهَا لَا تَطوف بِالْبَيْتِ، فَإِذا طافت قبل أَن تتطهر فعلَيْهَا بدلة، وَكَذَلِكَ النُّفَسَاء وَالْجنب عَلَيْهِمَا بَدَنَة بِالطّوافِ قبل التطهر عَن النّفاس والجنابة، وَأما الْمُحدث فَإِن طَاف طواف الْقدوم فَعَلَيهِ صَدَقَة،.

     وَقَالَ  الشَّافِعِي: لَا يعْتد بِهِ، وَالطَّهَارَة من شَرطه عِنْده، وَكَذَا الحكم فِي كل طواف هُوَ تطوع، وَلَو طَاف طواف الزِّيَارَة مُحدثا فَعَلَيهِ شَاة، وَإِن كَانَ جنبا فَعَلَيهِ بَدَنَة، وَكَذَا الْحَائِض وَالنُّفَسَاء.
وَمِنْهَا: جَوَاز الْبكاء والحزن لأجل حُصُول مَانع لِلْعِبَادَةِ وَمِنْهَا جَوَاز التَّضْحِيَة ببقرة وَاحِدَة لجَمِيع نِسَائِهِ وَمِنْهَا جَوَاز تضحية الرجل لامْرَأَته..
     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: هَذَا مَحْمُول على أَنه، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، استأذنهن فِي ذَلِك، فَإِن تضحية الْإِنْسَان عَن غَيره لَا يجوز إلاَّ بِإِذْنِهِ قلت: هَذَا فِي الْوَاجِب، وَأما فِي التَّطَوُّع فَلَا يحْتَاج إِلَى الْإِذْن، فاستدل مَالك بِهِ على أَن التَّضْحِيَة بالبقر أفضل من الْبَدنَة، وَلَا دلَالَة فِيهِ وَالْأَكْثَرُونَ، مِنْهُم الشَّافِعِي ذَهَبُوا إِلَى أَن التَّضْحِيَة بالبدنة أفضل من الْبَقَرَة لتقديم الْبَدنَة على الْبَقَرَة فِي حَدِيث سَاعَة الْجُمُعَة.

وَهَذَا الحَدِيث الَّذِي رَوَاهُ البُخَارِيّ هَاهُنَا حَدِيث طَوِيل فِيهِ أَحْكَام كَثِيرَة وخلافات بَين الْعلمَاء، وموضعها كتاب الْحَج.