هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
278 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ : جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ امْرَأَةُ أَبِي طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ : إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ ، هَلْ عَلَى المَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إِذَا هِيَ احْتَلَمَتْ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : نَعَمْ إِذَا رَأَتِ المَاءَ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
278 حدثنا عبد الله بن يوسف ، قال : أخبرنا مالك ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن زينب بنت أبي سلمة ، عن أم سلمة أم المؤمنين أنها قالت : جاءت أم سليم امرأة أبي طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله : إن الله لا يستحيي من الحق ، هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نعم إذا رأت الماء
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ ، أُمِّ المُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ : جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ امْرَأَةُ أَبِي طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ : إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ ، هَلْ عَلَى المَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إِذَا هِيَ احْتَلَمَتْ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : نَعَمْ إِذَا رَأَتِ المَاءَ  .

Narrated Um-Salama:

(the mother of the believers) Um Sulaim, the wife of Abu Talha, came to Allah's Messenger (ﷺ) and said, O Allah's Messenger (ﷺ)! Verily Allah is not shy of (telling you) the truth. Is it necessary for a woman to take a bath after she has a wet dream (nocturnal sexual discharge)? Allah's Messenger (ﷺ) replied, Yes, if she notices a discharge.

00282 D’après Zaynab bent Abu Salama, la Mère des Croyants dit : Une fois, Um Salim, l’épouse d’Abu Talha, vint voir le Messager de Dieu et lui dit : « O Messager de Dieu ! Dieu n’a certainement pas honte de la vérité… Est-ce que la femme doit faire des ablutions majeures lorsqu’elle fait un rêve érotique ? » « Oui, si elle voit le liquide.« , répondit le Prophète  

":"ہم سے عبداللہ بن یوسف نے بیان کیا ، انھوں نے کہا کہ ہم سے امام مالک نے بیان کیا ، انھوں نے ہشام بن عروہ کے واسطے سے ، انھوں نے اپنے والد عروہ بن زبیر سے ، وہ زینب بنت ابی سلمہ سے ، انھوں نے ام المؤمنین ام سلمہ رضی اللہ عنہ سے ، آپ نے فرمایا کہام سلیم ابوطلحہ رضی اللہ عنہ کی عورت رسول کریم صلی اللہ علیہ وسلم کی خدمت میں حاضر ہوئیں اور کہا کہ اللہ تعالیٰ حق سے حیاء نہیں کرتا ۔ کیا عورت پر بھی جب کہ اسے احتلام ہو غسل واجب ہو جاتا ہے ۔ تو رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا ، ہاں اگر ( اپنی منی کا ) پانی دیکھے ( تو اسے بھی غسل کرنا ہو گا ) ۔

00282 D’après Zaynab bent Abu Salama, la Mère des Croyants dit : Une fois, Um Salim, l’épouse d’Abu Talha, vint voir le Messager de Dieu et lui dit : « O Messager de Dieu ! Dieu n’a certainement pas honte de la vérité… Est-ce que la femme doit faire des ablutions majeures lorsqu’elle fait un rêve érotique ? » « Oui, si elle voit le liquide.« , répondit le Prophète  

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [282] .

     قَوْلُهُ  عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ تَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي بَابِ الْحَيَاءِ فِي الْعِلْمِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَفِيهِ زَيْنَبُ بِنْتُ أُمِّ سَلَمَةَ فَنُسِبَتْ هُنَاكَ إِلَى أُمِّهَا وَهُنَا إِلَى أَبِيهَا وَقَدِ اتَّفَقَ الشَّيْخَانِ عَلَى إِخْرَاجِ هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ طُرُقٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْهَا وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ لَكِنْ قَالَ عَنْ عَائِشَةَ وَفِيهِ أَنَّ الْمُرَاجَعَةَ وَقَعَتْ بَيْنَ أُمِّ سُلَيْمٍ وَعَائِشةَ وَنَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ الْقِصَّةَ وَقَعَتْ لِأُمِّ سَلَمَةَ لَا لِعَائِشَةَ وَهَذَا يَقْتَضِي تَرْجِيحَ رِوَايَةِ هِشَامٍ وَهُوَ ظَاهر صَنِيع البُخَارِيّ لَكِن نقل بن عَبْدِ الْبَرِّ عَنِ الذُّهْلِيِّ أَنَّهُ صَحَّحَ الرِّوَايَتَيْنِ وَأَشَارَ أَبُو دَاوُدَ إِلَى تَقْوِيَةِ رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ لِأَنَّ نَافِعَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ تَابَعَهُ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ أَيْضًا رِوَايَةَ نَافِعٍ وَأَخْرَجَ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ لَهُ وَعَائِشَةُ عِنْدَهُ فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَرَوَى أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ جَدَّتِهِ أُمِّ سُلَيْمٍ وَكَانَتْ مُجَاوِرَةً لِأُمِّ سَلَمَةَ فَقَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ هِيَ الَّتِي رَاجَعَتْهَا وَهَذَا يُقَوِّي رِوَايَةَ هِشَامٍ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ عَائِشَةُ وَأُمُّ سَلَمَةَ جَمِيعًا أَنْكَرَتَا عَلَى أُمِّ سُلَيْمٍ وَهُوَ جَمْعٌ حَسَنٌ لِأَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ حُضُورُ أُمِّ سَلَمَةَ وَعَائِشَةَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ.

     وَقَالَ  فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ يُجْمَعُ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ بِأَنَّ أَنَسًا وَعَائِشَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ حَضَرُوا الْقِصَّةَ انْتَهَى وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ أَنَسًا لَمْ يَحْضُرِ الْقِصَّةَ وَإِنَّمَا تَلَقَّى ذَلِكَ مِنْ أُمِّهِ أُمِّ سُلَيْمٍ وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ مَا يُشِيرُ إِلَى ذَلِك وروى أَحْمد من حَدِيث بن عُمَرَ نَحْوَ هَذِهِ الْقِصَّةِ وَإِنَّمَا تَلَقَّى ذَلِكَ بن عُمَرَ مِنْ أُمِّ سُلَيْمٍ أَوْ غَيْرِهَا وَقَدْ سَأَلَتْ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَيْضًا خَوْلَةُ بِنْتُ حَكِيم عِنْد أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وبن ماجة وَفِي آخِره كَمَا لَيْسَ علىالرجل غُسْلٌ إِذَا رَأَى ذَلِكَ فَلَمْ يُنْزِلْ وَسَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ وَبُسْرَةُ بِنْتُ صَفْوَانَ عِنْد بن أبي شيبَة قَوْله إِن الله لَا يستحي مِنَ الْحَقِّ قَدَّمَتْ هَذَا الْقَوْلَ تَمْهِيدًا لِعُذْرِهَا فِي ذِكْرِ مَا يُسْتَحْيى مِنْهُ وَالْمُرَادُ بِالْحَيَاءِ هُنَا مَعْنَاهُ اللُّغَوِيُّإِذِ الْحَيَاءُ الشَّرْعِيُّ خَيْرٌ كُلُّهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ أَنَّ الْحَيَاءَ لُغَةً تَغَيُّرٌ وَانْكِسَارٌ وَهُوَ مُسْتَحِيلٌ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَيُحْمَلُ هُنَا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ اللَّهَ لايأمر بِالْحَيَاءِ فِي الْحَقِّ أَوْ لَا يَمْنَعُ مِنْ ذِكْرِ الْحَقِّ وَقَدْ يُقَالُ إِنَّمَا يَحْتَاجُ إِلَى التَّأْوِيل فِي الاثبات وَلَا يُشْتَرَطُ فِي النَّفْيِ أَنْ يَكُونَ مُمْكِنًا لَكِنْ لَمَّا كَانَ الْمَفْهُومُ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَسْتَحْيِي مِنْ غَيْرِ الْحَقِّ عَادَ إِلَى جَانِبِ الْإِثْبَاتِ فاحتيج إِلَى تَأْوِيله قَالَه بن دَقِيقِ الْعِيدِ .

     قَوْلُهُ  هَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ غُسْلِ مِنْ زَائِدَةٌ وَقَدْ سَقَطَتْ فِي رِوَايَةِ الْمُصَنِّفِ فِي الْأَدَبِ .

     قَوْلُهُ  احْتَلَمَتْ الِاحْتِلَامُ افْتِعَالٌ مِنَ الْحُلْمِ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَهُوَ مايراه النَّائِمُ فِي نَوْمِهِ يُقَالُ مِنْهُ حَلَمَ بِالْفَتْحِ وَاحْتَلَمَ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا أَمْرٌ خَاصٌّ مِنْهُ وَهُوَ الْجِمَاعُ وَفِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سُلَيْمٍ أَنَّهَا قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذَا رَأَتِ الْمَرْأَةُ أَنَّ زَوْجَهَا يُجَامِعُهَا فِي الْمَنَامِ أَتَغْتَسِلُ .

     قَوْلُهُ  إِذَا رَأَتِ الْمَاءَ أَيِ الْمَنِيَّ بَعْدَ الِاسْتِيقَاظِ وَفِي رِوَايَةِ الْحُمَيْدِيِّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ هِشَامٍ إِذَا رَأَتْ إِحْدَاكُنَّ الْمَاءَ فَلْتَغْتَسِلْ وَزَادَ فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ وَهَلْ تَحْتَلِمُ الْمَرْأَةُ وَكَذَلِكَ رَوَى هَذِهِ الزِّيَادَةَ أَصْحَابُ هِشَامٍ عَنْهُ غَيْرَ مَالِكٍ فَلَمْ يَذْكُرْهَا وَقَدْ تَقَدَّمَتْ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامٍ فِي بَاب الْحيَاء فِي الْعلم وَفِيه أَو تحتلم الْمَرْأَةُ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ يَظْهَرُ مِنَ السِّيَاقِ أَيْ أَتَرَى الْمَرْأَةُ الْمَاءَ وَتَحْتَلِمُ وَفِيهِ فَغَطَّتْ أُمُّ سَلَمَةَ وَجْهَهَا وَيَأْتِي فِي الْأَدَبِ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى الْقَطَّانِ عَنْ هِشَامٍ فَضَحِكَتْ أُمُّ سَلَمَةَ وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهَا تَبَسَّمَتْ تَعَجُّبًا وَغَطَّتْ وَجْهَهَا حَيَاءً وَلِمُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ وَكِيعٍ عَنْ هِشَامٍ فَقَالَتْ لَهَا يَا أُمَّ سُلَيْمٍ فَضَحْتِ النِّسَاءَ وَكَذَا لِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سُلَيْمٍ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كِتْمَانَ مِثْلِ ذَلِكَ مِنْ عَادَتِهِنَّ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى شِدَّةِ شهوتهن للرِّجَال.

     وَقَالَ  بن بَطَّالٍ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ كُلَّ النِّسَاءِ يَحْتَلِمْنَ وَعَكَسَهُ غَيْرُهُ فَقَالَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ بَعْضَ النِّسَاءِ لَا يَحْتَلِمْنَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَاد بن بَطَّالٍ الْجَوَازُ لَا الْوُقُوعُ أَيْ فِيهِنَّ قَابِلِيَّةُ ذَلِكَ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الْغُسْلِ عَلَى الْمَرْأَة بالإنزال وَنفى بن بَطَّالٍ الْخِلَافَ فِيهِ وَقَدْ قَدَّمْنَاهُ عَنِ النَّخَعِيِّ وَكَأَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ لَمْ تَسْمَعْ حَدِيثَ الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ أَوْ سَمِعَتْهُ وَقَامَ عِنْدَهَا مَا يُوهِمُ خُرُوجَ الْمَرْأَةِ عَنْ ذَلِكَ وَهُوَ نُدُورُ بُرُوزِ الْمَاءِ مِنْهَا وَقَدْ رَوَى أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سُلَيْمٍ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَهَلْ لِلْمَرْأَةِ مَاءٌ فَقَالَ هُنَّ شَقَائِقُ الرِّجَالِ وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ إِذَا رَأَتْ إِحْدَاكُنَّ الْمَاءَ كَمَا يَرَاهُ الرَّجُلُ وَرَوَى أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ خَوْلَةَ بِنْتِ حَكِيمٍ فِي نَحْوِ هَذِهِ الْقِصَّةِ لَيْسَ عَلَيْهَا غُسْلٌ حَتَّى تُنْزِلَ كَمَا يُنْزِلُ الرَّجُلُ وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ مَاءَ الْمَرْأَةِ لَا يَبْرُزُ وَإِنَّمَا يُعْرَفُ إِنْزَالُهَا بِشَهْوَتِهَا وَحُمِلَ .

     قَوْلُهُ  إِذَا رَأَتْ الْمَاءَ أَيْ عَلِمَتْ بِهِ لِأَنَّ وُجُودَ الْعِلْمِ هُنَا مُتَعَذِّرٌ لِأَنَّهُ إِذَا أَرَادَ بِهِ عِلْمَهَا بِذَلِكَ وَهِيَ نَائِمَةٌ فَلَا يَثْبُتُ بِهِ حُكْمٌ لِأَنَّ الرَّجُلَ لَوْ رَأَى أَنَّهُ جَامَعَ وَعَلِمَ أَنَّهُ أَنْزَلَ فِي النَّوْمِ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ فَلَمْ يَرَ بَلَلًا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْغُسْلُ اتِّفَاقًا فَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ وَإِنْ أَرَادَ بِهِ عِلْمَهَا بِذَلِكَ بعد أَن استيقظت فَلَا يَصح لِأَنَّهُ لايستمر فِي الْيَقَظَةِ مَا كَانَ فِي النَّوْمِ إِنْ كَانَ مُشَاهَدًا فَحَمْلُ الرُّؤْيَةِ عَلَى ظَاهِرِهَا هُوَ الصَّوَابُ وَفِيهِ اسْتِفْتَاءُ الْمَرْأَةِ بِنَفْسِهَا وَسِيَاقُ صُوَرِ الْأَحْوَالِ فِي الْوَقَائِعِ الشَّرْعِيَّةِ لِمَا يُسْتَفَادُ مِنْ ذَلِكَ وَفِيهِ جَوَازُ التَّبَسُّمِ فِي التَّعَجُّبِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى قَوْلِهِ فَبِمَ يُشْبِهُهَا وَلَدُهَا فِي بَدْءِ الْخَلْقِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى( قَولُهُ بَابُ عَرَقِ الْجُنُبِ وَأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَنْجُسُ) كَأَنَّ الْمُصَنِّفَ يُشِيرُ بِذَلِكَ إِلَى الْخِلَافِ فِي عَرَقِ الْكَافِرِ.

     وَقَالَ  قَوْمٌ إِنَّهُ نَجِسٌ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِنَجَاسَةِ عَيْنِهِ كَمَا سَيَأْتِي فَتَقْدِيرُ الْكَلَامِ بَيَانُ حُكْمِ عَرَقِ الْجُنُبِ وَبَيَانُ أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَنْجُسُ وَإِذَا كَانَ لَا يَنْجُسُ فَعَرَقُهُ لَيْسَ بِنَجِسٍ وَمَفْهُومُهُ أَنَّ الْكَافِرَ يَنْجُسُ فَيَكُونُ عَرَقُهُ نَجِسًا

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [282] حدّثنا عَبْدُ اللَّهِ بنِ يُوسُفَ قالَ أخبرْنا مالِكٌ عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ عَنْ أبِيهِ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتَ أبي سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ المُؤْمِنِينَ أنَّها قَالَتْ أُمُّ سَلْيمٍ امْرَأَةُ أبي طَلْحَةَ إلَى رسولِ اللَّه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقالَتْ يَا رَسُول اللَّهِ إنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحِيَّ مِنَ الحَقِ هَلُ عَلَى المَرْأَةَ مِنْ غُسْلِ إذَا هِيَ احْتَلَمَتْ فَقَالَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَعَمْ إذَا رَأَتْ المَاءِ.
[/ نه مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
ذكر رِجَاله وهم سِتَّة: الأول: عبد اللهبن يُوسُف التنيسِي.
الثَّانِي: مَالك بن أنس.
الثَّالِث: هِشَام بن عُرْوَة.
الرَّابِع: أَبوهُ عُرْوَة بن الزبير بن الْعَوام.
الْخَامِس: زَيْنَب بنت أبي سَلمَة، وَاسم أبي سَلمَة عبد الله بن عبد الْأسد المَخْزُومِي، وَفِي ( تَهْذِيب التَّهْذِيب) أَبُو سَلمَة بن عبد الْأسد المَخْزُومِي أحد السَّابِقين عبد الله أَخُو النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الرضَاعَة، وَذكر البُخَارِيّ هَذَا الحَدِيث فِي بَاب الْحيَاء فِي الْعلم.
وَفِيه زَيْنَب بنت أم سَلمَة، فنسبت زَيْنَب هُنَاكَ إِلَى أمهَا، وهاهناإلى أَبِيهَا وَاسم أم سَلمَة: هِنْد بنت أبي أُميَّة، واسْمه حُذَيْفَة وَيُقَال: سهل بن المغير بن عبد الله بن عمر بن مَخْزُوم، وَأم سَلمَة أم الْمُؤمنِينَ، كَانَت قبل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد أبي سَلمَة الْمَذْكُور، وَزَيْنَب هِيَ أُخْت سَلمَة، فكنى كل وَاحِد من أم زينتب وأبيها بسلمة، فَلذَلِك تنْسب زَيْنَب تَارَة إِلَى أَبِيهَا ببنت أبي سَلمَة، وَتارَة إِلَى أمهَا ببنت أم سَلمَة، وَالْمعْنَى وَاحِد.
السَّادِس: أم سَلمَة، أم الْمُؤمنِينَ، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا.
وَأم سليم، بِضَم السِّين الْمُهْملَة وَفتح اللَّام، وَاخْتلف فِي اسْمهَا، فَقيل: سهلة، وَقيل: رميلة، وَقيل رميثة وَقيل: مليكَة، وَقيل: الغميصاء، وَقيل: الرميصاء، وَأنْكرهُ أَبُو دَاوُد،.

     وَقَالَ  الرميصاء أُخْتهَا، وَعند ابْن سعد، أنيفة، وَأنْكرهُ ابْن حبَان، وَأم سليم بنت ملْحَان الخزرجية النجارية، وَالِدَة أنس بن مَالك زَوْجَة أبي طَلْحَة، كَانَت فاضلة دينة، وَاسم أبي طَلْحَة، زيد بن سهل بن الْأسود بن حرَام الْأنْصَارِيّ، النَّقِيب، كَبِير الْقدر، بَدْرِي مَشْهُور.
ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع وَهُوَ مَوضِع وَاحِد.
وَفِيه: الْإِخْبَار كَذَلِك فِي مَوضِع وَاحِد، وَفِيه: العنعنة فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع.
وَفِيه: القَوْل.
وَفِيه: ثَلَاث صحابيات.
وَفِيه: أَن رُوَاته مدنيون مَا خلا عبد الله بن يُوسُف.
ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره أخرجه البُخَارِيّ فِي سِتَّة مَوَاضِع.
فِي الْغسْل هَاهُنَا عَن عبد الله بن يُوسُف، وَفِي الْأَدَب عَن إِسْمَاعِيل، وَعَن مُحَمَّد بن الْمثنى، وَعَن مَالك بن إِسْمَاعِيل، وَفِي خلق آدم عَن مُسَدّد، وَفِي الْعلم عَن مُحَمَّد بن سَلام، وَأخرجه مُسلم فِي الطَّهَارَة عَن يحيى بن يحيى، وَعَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَزُهَيْر بن حَرْب، وَعَن ابْن أبي عمر.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الطَّهَارَة عَن ابْن أبي عمر بِهِ وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ، وَفِي الْعلم عَن شُعَيْب بن يُوسُف وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الطَّهَارَة عَن ابْن أبي شيبَة، وَعلي بن مُحَمَّد، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَن أَحْمد بن صَالح، قَالَ: حَدثنَا عنبة عَن يُونُس بن شهَاب، قَالَ: قَالَ عُرْوَة عَن عَائِشَة: [حم ( إِن أم سليم الْأَنْصَارِيَّة، وَهِي أم أنس بن مَالك، قَالَت: يَا رَسُول الله إِن الله لَا تَسْتَحي من الْحق، أَرَأَيْت الْمَرْأَة إِذا رَأَتْ فِي النّوم مَا يرى الرجل اتغتسل أَو لَا؟ قَالَ عَائِشَة: فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نعم، فلتغتسل إِذا وجدت المَاء.
قَالَت عَائِشَة: فَأَقْبَلت عَلَيْهَا فَقلت: أُفٍّ لَك، وَهل ترى ذَلِك الْمَرْأَة؟ فاقبل عَليّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: تربت يَمِينك يَا عَائِشَة، وَمن أَيْن يكون الشّبَه)
.
[/ حم ذكر الِاخْتِلَاف فِي هَذَا الحَدِيث هَذَا الحَدِيث أخرجه الْأَئِمَّة السِّتَّة كَمَا رَأَيْته، وَقد اتّفق البُخَارِيّ وَمُسلم علىالقَوْل عَن جمَاعَة من التَّابِعين..
     وَقَالَ  أَكثر أهل الْعلم: لَا يجب عَلَيْهِ الِاغْتِسَال حَتَّى يعلم أَنه بَلل المَاء الدافق.
وَقَالَ ابْن عبد الْبر: فِيهِ دَلِيل على أَن النِّسَاء لَيْسَ كُلهنَّ يحتلمن، وَلِهَذَا أنْكرت عَائِشَة على أم سَلمَة، وَقد يعْدم الِاحْتِلَام فِي بعض الرِّجَال فالنساء أَجْدَر أَن يعْدم ذَلِك فِيهِنَّ، وَقد قيل: أَن إِنْكَار عَائِشَة لذَلِك إِنَّمَا كَانَ لصِغَر سنّهَا وَكَونهَا مَعَ زَوجهَا لِأَنَّهَا لم تَحض إلاَّ عِنْده، وَلم تفقده فقداً طَويلا إلأ بِمَوْتِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، فَلذَلِك لم تعرف فِي حَيَاته الِاحْتِلَام، لأنَّ الِاحْتِلَام لَا يعرفهُ النِّسَاء، وَلَا أَكثر الرِّجَال إلاَّ عِنْد عدم الرِّجَال بِعَدَمِ الْمعرفَة بِهِ، فَإِذا فقد النِّسَاء أَزوَاجهنَّ احتلمن.
وَالْوَجْه الأول عِنْدِي أصح، وَأولى، لِأَن أم سَلمَة فقدت زَوجهَا وَكَانَت كَبِيرَة عَالِمَة بذلك، وَأنْكرت مِنْهُ مَا أنْكرت عَائِشَة، فَدلَّ ذَلِك على أَن من النِّسَاء من لَا تنزل المَاء فِي غير الْجِمَاع الَّذِي يكون فِي اليقطة وَلقَائِل أَن يَقُول: إِن أم سَلمَة أَيْضا تزوجت أَبَا سَلمَة شَابة وَلما توفّي عَنْهَا زَوجهَا تزَوجهَا سيد الْمُرْسلين، لَا سِيمَا مَعَ شغلها بِالْعبَادَة وَشبههَا الَّتِى هِيَ وَجَاء لغَيْرهَا أَو تكون قالته إنكاراً على أم سليم لكَونهَا واجهت بِهِ سيدنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُوضحهُ، فَقَالَت أم سَلمَة وغطت وَجههَا.
وَقَالَ [قعابن بطال [/ قع فِيهِ دَلِيل على أَن كل النِّسَاء يحتملن.
وَفِيه: دَلِيل على وجوب الْغسْل على الْمَرْأَة بالإنزال، وَنفى ابْن بطال الْخلاف فِيهِ، وَقد ذكرنَا فِي أول الْبَاب خلاف النَّخعِيّ.
وَفِيه: رد على من زعم أَن مَاء الْمَرْأَة لَا يبرز، وَإِنَّمَا تعرف إنزالها بشهوتها وَحمل قَوْله: إِذا رَأَتْ المَاء أَي: إِذا علمت بِهِ لِأَن وجود الْعلم هُنَا مُتَعَذر، لِأَن الرجل لَو رأى أَنه جَامع وَعلم أَنه أنزل فِي النّوم ثمَّ اسْتَيْقَظَ فَلم ير بللاً لَا يجب عَلَيْهِ الْغسْل فَكَذَلِك الْمَرْأَة، وَإِن أَرَادَ علمهَا بذلك بعد أَن استيقظت فَلَا يَصح، لِأَنَّهُ لَا يسْتَمر فِي الْيَقَظَة مَا كَانَ فِي النّوم إلاَّ إِن كَانَ مشاهداً، فَحمل الْكَلَام على ظَاهره هُوَ الصَّوَاب.
فَإِن قلت: قد جَاءَ عَن أم سَلمَة، فَضَحكت، وَجَاء، فغطت وَجههَا، فَمَا التَّوْفِيق بَينهمَا.
قلت: معنى ضحِكت تبسمت تَعَجبا، وغطت وَجههَا، حَيَاء وَمعنى: تربت يَمِينك، فِي الأَصْل، لَا أَصَابَت خيرا، غير أَن فِي ( لِسَان الْعَرَب) يُطلق ذَلِك وأمثالها، وَيُرَاد بِهِ الْمَدْح وَفِي كتاب ( أدب الْخَواص) للوزير أبي الْقَاسِم المغربي، وَفِي كتاب ( الأيك والغصون) لأبي الْعَلَاء المعري معنى قَوْله: ترَتّب يَمِينك أَي: افْتَقَرت من الْعلم مِمَّا سَأَلت عَنهُ أم سليم وَفِي ( الْمُحكم) ترب الرجل صَار فِي يَده التُّرَاب، وترب ترباً لصق بِالتُّرَابِ من الْفقر وترب ترباً ومتربة خسر وافتقر، وَحكى قطرب: ترب وأترب.
قَوْله: ( وألت) بعد قَوْله اتربت يَمِينك مَعْنَاهُ: صاحت لما أَصَابَهَا من شدَّة، هَذَا الْكَلَام، وَرُوِيَ ألت، بِضَم الْهمزَة مَعَ التَّشْدِيد أَي: طعنت بالآلة، وَهِي الحربة العريضة النصل.
23 - ( بابُ عَرَق الجَنُبٍ وَإنَّ المُسْلِمَ لاَ يَنْجُسُ) أَي هَذَا بَاب فِي عرق الْجنب، وَلم يبين مَا حكم عرق الْجنب، وَلَا ذكر فِي هَذَا الْبَاب شَيْئا يُطَابق هَذِه التَّرْجَمَة.

     وَقَالَ  بَعضهم: كَأَن المُصَنّف يُشِير بذلك إِلَى الْخلاف فِي عرق الْكَافِر،.

     وَقَالَ  قوم: إِنَّه نجس بِنَاء على القَوْل بِنَجَاسَة عينة.
قلت: مَا أبعد هَذَا الْكَلَام عَن الذَّوْق.
فَكيف يتَوَجَّه مَا قَالَه: وَالْمُصَنّف قَالَ: بَاب عرق الْجنب؟ وَسكت عَلَيْهِ وَلم يشر إِلَى حكمه لَا فِي التَّرْجَمَة وَلَا فِي الَّذِي ذكره فِي هَذَا الْبَاب؟ وَفَائِدَة ذكر الْبَاب الْمَعْقُود بالترجمة ذكر مَا عقدت لَهُ التَّرْجَمَة، وإلاَّ فَلَا فَائِدَة فِي ذكرهَا، وَيُمكن أَن يُقَال؛ إِنَّه ذكر ترجمتين، والترجمة الثَّانِيَة تدل على أَن الْمُسلم طَاهِر، وَمن لَوَازِم طَهَارَته طَهَارَة عرقه، وَلَكِن لَا يخْتَص بعرق الْمُسلم، وَالْحَال أَن عرق الْكَافِر أَيْضا طَاهِر.
قَوْله: ( وَإِن الْمُسلم لَا ينجس) عطف على الْمُضَاف إِلَيْهِ، وَالتَّقْدِير: وَبَاب أَن الْمُسلم لَا ينجس.
وَذكر هَذَا الْبَاب بَين الْأَبْوَاب الْمُتَقَدّمَة والآتية لَا يَخْلُو عَن وَجه الْمُنَاسبَة، وَهُوَ ظَاهر.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [282] حدثنا عبد الله بنِ يوسف: أنا مالك، عَن هشام بنِ عروة، عَن أبيه، عَن زبيب بنت أبي سلمة، عَن أم سلمة، أنها قالت: جاءت أم سليم إمرأة أبي طلحة إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقالت: يا رسول؟ إن الله لا يستحي من الحق، هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ فقالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( نعم، إذا رأت الماء) ) .
وقد خرجه البخاري في آخر ( ( كِتابِ العلم) ) في ( ( باب الحياء في العلم) ) بزيادة في آخره، واقتصر في هَذا الباب على ما يحتاج إليه فيهِ.
وقد خرجه مسلم من حديث عائشة، وأنس، ومن حديثه عَن أمه.
أم سليم، وله طرق متعددة.
وهذا الحديث: نص على أن المرأة إذا إذا رأت حلماً في منامها، ورأت الماء في اليقضة أن عليها الغسل.
وإلى هَذا ذهب جمهور العلماء، ولا يعرف فيهِ خلاف، إلا عَن النخعي وَهوَ شذوذ.
ولعل النخعي أنكر وقوع ذَلِكَ من المرأة كَما أنكرته أم سلمة على أم سليم، حتى قالَ لها النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( تربت يمينك، وبم يشبهها ولدها؟) ) .
فبين - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن للمرأة ماء كما للرجل، وأنها إذا رأت الماء في نومها باحتلام، فإنه يجب عليها الغسل منهُ.
وفي ذَلِكَ تنبيه على أن الرجل كذلك، وأنه إذا رأى حلماً ورأى الماء، أنَّهُ يلزمه الغسل.
وهذا مما لا اختلاف فيهِ بين العلماء.
وقد روى الإمام أحمد وابن ماجه من حديث علي بنِ زيد بنِ جدعان، عَن سعيد بنِ المسيب، عَن خولة بنت حكيم، أنها سألت النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَن المرأة ترى في منامها مايرى الرجل؟ فقالَ: ( ( ليسَ عليها غسل حتَّى تنزل، كَما أن الرجل ليسَ عليهِ غسل حتَّى ينزل) ) .
وقد روي عَن ابن المسيب مرسلاً.
ولو رأى الرجل والمرأة بللاً ولم يذكر احتلاماً، فإن كانت أوصاف المني موجودة فيهِ لزم الغسل، وإن احتمل أن يكون منياً وأن يكون مذياً وغير ذَلِكَ ففيه قولان: أحدهما: عليهِ الغسل، حكاه الترمذي في ( ( كتابه) ) عَن غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، والتابعين، وعن سفيان، وأحمد.
وممن روي عَنهُ أنه قالَ: يغتسل: ابن عباس، وعطاء، والشعبي، والنخعي.
وَهوَ قول أبي حنيفة، وظاهر مذهب أحمد، إلا أنَّهُ استثنى من ذَلِكَ أن يكون ثُمَّ سبب يقتضي خروج غير المني، مثل أن يكون قَد سبق منهُ ملاعبته لأهله، أو فكر قبل نومه، أو يكون بهِ إبردة فخرج منهُ بلل بسببها، فلم يوجب الغسل في هَذهِ الصور؛ لأن إحالة البلل الخارج على السبب الموجود المعلوم أولى من إحالته على سبب موهوم.
فإن لَم يوجد شيء من هَذهِ الأسباب لزمه الغسل؛ لأن خروج المني من النائم بالاحتلام هوَ الأغلب، فيحال البلل عند لشك عليهِ دونَ المذي وغيره؛ لأن خروج ذَلِكَ في النوم أندر، ولأن ذمته قَد اشتغلت بطهارة قطعاً، ولا يتيقن، بل ولا يغلب على الظن صحة صلاته بدون الإتيان بطهارة الوضوء والغسل، فلزمه ذَلِكَ.
والقول الثاني: لا غسل عليهِ بذلك حتى يتيقن أنَّهُ مني، وَهوَ قول مجاهد، وقتادة، والحكم، وحماد، ومالك، والشافعي، وإسحاق، وأبي يوسف، لأن الأصل الطهارة، فلا يجب الغسل بالشك.
والقول الأول أصح.
ولا يشبه هَذا من تيقن الطهارة وشك في الحدث؛ فإن ذاك لَم يتيقن شيئاً موجباً لطهارة في ذمته، بل هوَ مستصحب للطهارة المتيقنة، ولم يتيقن اشتغال ذمته بشيء، وهذا قَد تيقن أن ذمته اشتغلت بطهارة،فلا تبرأ ذمته بدون الإتيان بالوضوء والغسل.
ورجح هَذا القول طائفة من محققي الشافعية - أيضاً.
وأما إن رأى الرجل والمرأة احتلاماً، ولم ير بللاً، فلا غسل عليهِ، كَما دل عليهِ هَذا الحديث الصحيح، وحكاه الترمذي عَن عامة أهل العلم، وحكاه ابن المنذر إجماعاً عَن كل من يحفظ عَنهُ من أهل العلم.
وحكى ابن أبي موسى من أصحابنا رواية عَن أحمد: أنَّهُ إذا رأى في منامه احتلاماً ووجد لذة الإنزال في منامه، ولم يجد بللاً عند استيقاظه، أنَّهُ يلزمه الغسل، وبناه على قول الإمام أحمد المشهور عَنهُ: إن المني إذا انتقل من محله، ولم يخرج، فإنه يجب الغسل بانتقاله.
وفي هَذا نظر؛ فإنه قَد لا يتحقق انتقاله بمجرد وجود اللذة في النوم.
وقد ورد في هَذا الحديث صريح، خرجه الإمام أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، والترمذي من حديث عبد الله بن عمر، عَن أخيه عبيد الله، عَن القاسم، عَن عائشة، قالت: سئل رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَن الرجل يجد البلل ولا يذكر احتلاماً؟ قالَ: ( ( يغتسل) ) ، وعن الرجل يرى أنَّهُ قَد احتلم ولم يجد بللاً؟ قالَ: ( ( لا غسل عليهِ) ) .
قالت أم سليم: يا رسول الله، هل على المرأةترى ذَلِكَ غسل؟ قالَ: ( ( نعم، إنما النساء شقائق الرجال) ) .
وليس عندَ ابن ماجه: ( ( قالت أم سليم) ) - إلى أخره.
وقد استنكر أحمد هَذا الحديث في رواية مهنا، وقال في رواية الفضل ابن زياد: أذهب إليه.
قالَ الترمذي: إنما روى هَذا عبد الله بنِ عمر، وقد تكلم فيهِ يحيى القطان من قبل حفظه.
قلت: وقد روي معناه - أيضاً - من حديث كعب بنِ مالك.
خرجه أبو نعيم في ( ( تاريخ أصبهان) ) ، وإسناده لا يصح.
والله أعلم.
23 - باب عرق الجنب، وأن المسلم لا ينجس

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ إِذَا احْتَلَمَتِ الْمَرْأَةُ)
إِنَّمَا قَيَّدَهُ بِالْمَرْأَةِ مَعَ أَنَّ حُكْمَ الرَّجُلِ كَذَلِكَ لِمُوَافَقَةِ صُورَةِ السُّؤَالِ وَلِلْإِشَارَةِ إِلَى الرَّدِّ عَلَى مَنْ مَنَعَ مِنْهُ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ دُونَ الرَّجُلِ كَمَا حَكَاهُ بن الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيُّ وَاسْتَبْعَدَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ صِحَّتَهُ عَنْهُ لَكِنْ رَوَاهُ بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْهُ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ

[ قــ :278 ... غــ :282] .

     قَوْلُهُ  عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ تَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي بَابِ الْحَيَاءِ فِي الْعِلْمِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَفِيهِ زَيْنَبُ بِنْتُ أُمِّ سَلَمَةَ فَنُسِبَتْ هُنَاكَ إِلَى أُمِّهَا وَهُنَا إِلَى أَبِيهَا وَقَدِ اتَّفَقَ الشَّيْخَانِ عَلَى إِخْرَاجِ هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ طُرُقٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْهَا وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ لَكِنْ قَالَ عَنْ عَائِشَةَ وَفِيهِ أَنَّ الْمُرَاجَعَةَ وَقَعَتْ بَيْنَ أُمِّ سُلَيْمٍ وَعَائِشةَ وَنَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ الْقِصَّةَ وَقَعَتْ لِأُمِّ سَلَمَةَ لَا لِعَائِشَةَ وَهَذَا يَقْتَضِي تَرْجِيحَ رِوَايَةِ هِشَامٍ وَهُوَ ظَاهر صَنِيع البُخَارِيّ لَكِن نقل بن عَبْدِ الْبَرِّ عَنِ الذُّهْلِيِّ أَنَّهُ صَحَّحَ الرِّوَايَتَيْنِ وَأَشَارَ أَبُو دَاوُدَ إِلَى تَقْوِيَةِ رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ لِأَنَّ نَافِعَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ تَابَعَهُ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ أَيْضًا رِوَايَةَ نَافِعٍ وَأَخْرَجَ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ لَهُ وَعَائِشَةُ عِنْدَهُ فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَرَوَى أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ جَدَّتِهِ أُمِّ سُلَيْمٍ وَكَانَتْ مُجَاوِرَةً لِأُمِّ سَلَمَةَ فَقَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ هِيَ الَّتِي رَاجَعَتْهَا وَهَذَا يُقَوِّي رِوَايَةَ هِشَامٍ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ عَائِشَةُ وَأُمُّ سَلَمَةَ جَمِيعًا أَنْكَرَتَا عَلَى أُمِّ سُلَيْمٍ وَهُوَ جَمْعٌ حَسَنٌ لِأَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ حُضُورُ أُمِّ سَلَمَةَ وَعَائِشَةَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ.

     وَقَالَ  فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ يُجْمَعُ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ بِأَنَّ أَنَسًا وَعَائِشَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ حَضَرُوا الْقِصَّةَ انْتَهَى وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ أَنَسًا لَمْ يَحْضُرِ الْقِصَّةَ وَإِنَّمَا تَلَقَّى ذَلِكَ مِنْ أُمِّهِ أُمِّ سُلَيْمٍ وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ مَا يُشِيرُ إِلَى ذَلِك وروى أَحْمد من حَدِيث بن عُمَرَ نَحْوَ هَذِهِ الْقِصَّةِ وَإِنَّمَا تَلَقَّى ذَلِكَ بن عُمَرَ مِنْ أُمِّ سُلَيْمٍ أَوْ غَيْرِهَا وَقَدْ سَأَلَتْ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَيْضًا خَوْلَةُ بِنْتُ حَكِيم عِنْد أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وبن ماجة وَفِي آخِره كَمَا لَيْسَ علىالرجل غُسْلٌ إِذَا رَأَى ذَلِكَ فَلَمْ يُنْزِلْ وَسَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ وَبُسْرَةُ بِنْتُ صَفْوَانَ عِنْد بن أبي شيبَة قَوْله إِن الله لَا يستحي مِنَ الْحَقِّ قَدَّمَتْ هَذَا الْقَوْلَ تَمْهِيدًا لِعُذْرِهَا فِي ذِكْرِ مَا يُسْتَحْيى مِنْهُ وَالْمُرَادُ بِالْحَيَاءِ هُنَا مَعْنَاهُ اللُّغَوِيُّ إِذِ الْحَيَاءُ الشَّرْعِيُّ خَيْرٌ كُلُّهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ أَنَّ الْحَيَاءَ لُغَةً تَغَيُّرٌ وَانْكِسَارٌ وَهُوَ مُسْتَحِيلٌ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَيُحْمَلُ هُنَا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ اللَّهَ لايأمر بِالْحَيَاءِ فِي الْحَقِّ أَوْ لَا يَمْنَعُ مِنْ ذِكْرِ الْحَقِّ وَقَدْ يُقَالُ إِنَّمَا يَحْتَاجُ إِلَى التَّأْوِيل فِي الاثبات وَلَا يُشْتَرَطُ فِي النَّفْيِ أَنْ يَكُونَ مُمْكِنًا لَكِنْ لَمَّا كَانَ الْمَفْهُومُ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَسْتَحْيِي مِنْ غَيْرِ الْحَقِّ عَادَ إِلَى جَانِبِ الْإِثْبَاتِ فاحتيج إِلَى تَأْوِيله قَالَه بن دَقِيقِ الْعِيدِ .

     قَوْلُهُ  هَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ غُسْلِ مِنْ زَائِدَةٌ وَقَدْ سَقَطَتْ فِي رِوَايَةِ الْمُصَنِّفِ فِي الْأَدَبِ .

     قَوْلُهُ  احْتَلَمَتْ الِاحْتِلَامُ افْتِعَالٌ مِنَ الْحُلْمِ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَهُوَ مايراه النَّائِمُ فِي نَوْمِهِ يُقَالُ مِنْهُ حَلَمَ بِالْفَتْحِ وَاحْتَلَمَ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا أَمْرٌ خَاصٌّ مِنْهُ وَهُوَ الْجِمَاعُ وَفِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سُلَيْمٍ أَنَّهَا قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذَا رَأَتِ الْمَرْأَةُ أَنَّ زَوْجَهَا يُجَامِعُهَا فِي الْمَنَامِ أَتَغْتَسِلُ .

     قَوْلُهُ  إِذَا رَأَتِ الْمَاءَ أَيِ الْمَنِيَّ بَعْدَ الِاسْتِيقَاظِ وَفِي رِوَايَةِ الْحُمَيْدِيِّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ هِشَامٍ إِذَا رَأَتْ إِحْدَاكُنَّ الْمَاءَ فَلْتَغْتَسِلْ وَزَادَ فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ وَهَلْ تَحْتَلِمُ الْمَرْأَةُ وَكَذَلِكَ رَوَى هَذِهِ الزِّيَادَةَ أَصْحَابُ هِشَامٍ عَنْهُ غَيْرَ مَالِكٍ فَلَمْ يَذْكُرْهَا وَقَدْ تَقَدَّمَتْ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامٍ فِي بَاب الْحيَاء فِي الْعلم وَفِيه أَو تحتلم الْمَرْأَةُ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ يَظْهَرُ مِنَ السِّيَاقِ أَيْ أَتَرَى الْمَرْأَةُ الْمَاءَ وَتَحْتَلِمُ وَفِيهِ فَغَطَّتْ أُمُّ سَلَمَةَ وَجْهَهَا وَيَأْتِي فِي الْأَدَبِ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى الْقَطَّانِ عَنْ هِشَامٍ فَضَحِكَتْ أُمُّ سَلَمَةَ وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهَا تَبَسَّمَتْ تَعَجُّبًا وَغَطَّتْ وَجْهَهَا حَيَاءً وَلِمُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ وَكِيعٍ عَنْ هِشَامٍ فَقَالَتْ لَهَا يَا أُمَّ سُلَيْمٍ فَضَحْتِ النِّسَاءَ وَكَذَا لِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سُلَيْمٍ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كِتْمَانَ مِثْلِ ذَلِكَ مِنْ عَادَتِهِنَّ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى شِدَّةِ شهوتهن للرِّجَال.

     وَقَالَ  بن بَطَّالٍ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ كُلَّ النِّسَاءِ يَحْتَلِمْنَ وَعَكَسَهُ غَيْرُهُ فَقَالَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ بَعْضَ النِّسَاءِ لَا يَحْتَلِمْنَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَاد بن بَطَّالٍ الْجَوَازُ لَا الْوُقُوعُ أَيْ فِيهِنَّ قَابِلِيَّةُ ذَلِكَ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الْغُسْلِ عَلَى الْمَرْأَة بالإنزال وَنفى بن بَطَّالٍ الْخِلَافَ فِيهِ وَقَدْ قَدَّمْنَاهُ عَنِ النَّخَعِيِّ وَكَأَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ لَمْ تَسْمَعْ حَدِيثَ الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ أَوْ سَمِعَتْهُ وَقَامَ عِنْدَهَا مَا يُوهِمُ خُرُوجَ الْمَرْأَةِ عَنْ ذَلِكَ وَهُوَ نُدُورُ بُرُوزِ الْمَاءِ مِنْهَا وَقَدْ رَوَى أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سُلَيْمٍ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَهَلْ لِلْمَرْأَةِ مَاءٌ فَقَالَ هُنَّ شَقَائِقُ الرِّجَالِ وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ إِذَا رَأَتْ إِحْدَاكُنَّ الْمَاءَ كَمَا يَرَاهُ الرَّجُلُ وَرَوَى أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ خَوْلَةَ بِنْتِ حَكِيمٍ فِي نَحْوِ هَذِهِ الْقِصَّةِ لَيْسَ عَلَيْهَا غُسْلٌ حَتَّى تُنْزِلَ كَمَا يُنْزِلُ الرَّجُلُ وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ مَاءَ الْمَرْأَةِ لَا يَبْرُزُ وَإِنَّمَا يُعْرَفُ إِنْزَالُهَا بِشَهْوَتِهَا وَحُمِلَ .

     قَوْلُهُ  إِذَا رَأَتْ الْمَاءَ أَيْ عَلِمَتْ بِهِ لِأَنَّ وُجُودَ الْعِلْمِ هُنَا مُتَعَذِّرٌ لِأَنَّهُ إِذَا أَرَادَ بِهِ عِلْمَهَا بِذَلِكَ وَهِيَ نَائِمَةٌ فَلَا يَثْبُتُ بِهِ حُكْمٌ لِأَنَّ الرَّجُلَ لَوْ رَأَى أَنَّهُ جَامَعَ وَعَلِمَ أَنَّهُ أَنْزَلَ فِي النَّوْمِ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ فَلَمْ يَرَ بَلَلًا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْغُسْلُ اتِّفَاقًا فَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ وَإِنْ أَرَادَ بِهِ عِلْمَهَا بِذَلِكَ بعد أَن استيقظت فَلَا يَصح لِأَنَّهُ لايستمر فِي الْيَقَظَةِ مَا كَانَ فِي النَّوْمِ إِنْ كَانَ مُشَاهَدًا فَحَمْلُ الرُّؤْيَةِ عَلَى ظَاهِرِهَا هُوَ الصَّوَابُ وَفِيهِ اسْتِفْتَاءُ الْمَرْأَةِ بِنَفْسِهَا وَسِيَاقُ صُوَرِ الْأَحْوَالِ فِي الْوَقَائِعِ الشَّرْعِيَّةِ لِمَا يُسْتَفَادُ مِنْ ذَلِكَ وَفِيهِ جَوَازُ التَّبَسُّمِ فِي التَّعَجُّبِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى قَوْلِهِ فَبِمَ يُشْبِهُهَا وَلَدُهَا فِي بَدْءِ الْخَلْقِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب
إذا احتلمت المرأة
[ قــ :278 ... غــ :282 ]
- حدثنا عبد الله بنِ يوسف: أنا مالك، عَن هشام بنِ عروة، عَن أبيه، عَن زبيب بنت أبي سلمة، عَن أم سلمة، أنها قالت: جاءت أم سليم إمرأة أبي طلحة إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقالت: يا رسول؟ إن الله لا يستحي من الحق، هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ فقالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( نعم، إذا رأت الماء) ) .

وقد خرجه البخاري في آخر ( ( كِتابِ العلم) ) في ( ( باب الحياء في العلم) ) بزيادة في آخره، واقتصر في هَذا الباب على ما يحتاج إليه فيهِ.

وقد خرجه مسلم من حديث عائشة، وأنس، ومن حديثه عَن أمه.

أم سليم، وله طرق متعددة.

وهذا الحديث: نص على أن المرأة إذا إذا رأت حلماً في منامها، ورأت الماء في اليقضة أن عليها الغسل.

وإلى هَذا ذهب جمهور العلماء، ولا يعرف فيهِ خلاف، إلا عَن النخعي وَهوَ شذوذ.

ولعل النخعي أنكر وقوع ذَلِكَ من المرأة كَما أنكرته أم سلمة على أم سليم، حتى قالَ لها النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( تربت يمينك، وبم يشبهها ولدها؟) ) .
فبين - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن للمرأة ماء كما للرجل، وأنها إذا رأت الماء في نومها باحتلام، فإنه يجب عليها الغسل منهُ.
وفي ذَلِكَ تنبيه على أن الرجل كذلك، وأنه إذا رأى حلماً ورأى الماء، أنَّهُ يلزمه الغسل.
وهذا مما لا اختلاف فيهِ بين العلماء.

وقد روى الإمام أحمد وابن ماجه من حديث علي بنِ زيد بنِ جدعان، عَن سعيد بنِ المسيب، عَن خولة بنت حكيم، أنها سألت النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَن المرأة ترى في منامها مايرى الرجل؟ فقالَ: ( ( ليسَ عليها غسل حتَّى تنزل، كَما أن الرجل ليسَ عليهِ غسل حتَّى ينزل) ) .

وقد روي عَن ابن المسيب مرسلاً.

ولو رأى الرجل والمرأة بللاً ولم يذكر احتلاماً، فإن كانت أوصاف المني موجودة فيهِ لزم الغسل، وإن احتمل أن يكون منياً وأن يكون مذياً وغير ذَلِكَ ففيه قولان:
أحدهما: عليهِ الغسل، حكاه الترمذي في ( ( كتابه) ) عَن غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، والتابعين، وعن سفيان، وأحمد.
وممن روي عَنهُ أنه قالَ: يغتسل: ابن عباس، وعطاء، والشعبي، والنخعي.

وَهوَ قول أبي حنيفة، وظاهر مذهب أحمد، إلا أنَّهُ استثنى من ذَلِكَ أن يكون ثُمَّ سبب يقتضي خروج غير المني، مثل أن يكون قَد سبق منهُ ملاعبته لأهله، أو فكر قبل نومه، أو يكون بهِ إبردة فخرج منهُ بلل بسببها، فلم يوجب الغسل في هَذهِ الصور؛ لأن إحالة البلل الخارج على السبب الموجود المعلوم أولى من إحالته على سبب موهوم.

فإن لَم يوجد شيء من هَذهِ الأسباب لزمه الغسل؛ لأن خروج المني من النائم بالاحتلام هوَ الأغلب، فيحال البلل عند لشك عليهِ دونَ المذي وغيره؛ لأن خروج ذَلِكَ في النوم أندر، ولأن ذمته قَد اشتغلت بطهارة قطعاً، ولا يتيقن، بل ولا يغلب على الظن صحة صلاته بدون الإتيان بطهارة الوضوء والغسل، فلزمه ذَلِكَ.

والقول الثاني: لا غسل عليهِ بذلك حتى يتيقن أنَّهُ مني، وَهوَ قول مجاهد،
وقتادة، والحكم، وحماد، ومالك، والشافعي، وإسحاق، وأبي يوسف، لأن الأصل الطهارة، فلا يجب الغسل بالشك.

والقول الأول أصح.

ولا يشبه هَذا من تيقن الطهارة وشك في الحدث؛ فإن ذاك لَم يتيقن شيئاً موجباً لطهارة في ذمته، بل هوَ مستصحب للطهارة المتيقنة، ولم يتيقن اشتغال ذمته بشيء، وهذا قَد تيقن أن ذمته اشتغلت بطهارة، فلا تبرأ ذمته بدون الإتيان بالوضوء والغسل.

ورجح هَذا القول طائفة من محققي الشافعية - أيضاً.

وأما إن رأى الرجل والمرأة احتلاماً، ولم ير بللاً، فلا غسل عليهِ، كَما دل عليهِ هَذا الحديث الصحيح، وحكاه الترمذي عَن عامة أهل العلم، وحكاه ابن المنذر إجماعاً عَن كل من يحفظ عَنهُ من أهل العلم.

وحكى ابن أبي موسى من أصحابنا رواية عَن أحمد: أنَّهُ إذا رأى في منامه احتلاماً ووجد لذة الإنزال في منامه، ولم يجد بللاً عند استيقاظه، أنَّهُ يلزمه الغسل، وبناه على قول الإمام أحمد المشهور عَنهُ: إن المني إذا انتقل من محله، ولم يخرج، فإنه يجب الغسل بانتقاله.

وفي هَذا نظر؛ فإنه قَد لا يتحقق انتقاله بمجرد وجود اللذة في النوم.

وقد ورد في هَذا الحديث صريح، خرجه الإمام أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، والترمذي من حديث عبد الله بن عمر، عَن أخيه عبيد الله، عَن القاسم، عَن عائشة، قالت: سئل رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَن الرجل يجد البلل ولا يذكر احتلاماً؟ قالَ: ( ( يغتسل) ) ، وعن الرجل يرى أنَّهُ قَد احتلم ولم يجد بللاً؟
قالَ: ( ( لا غسل عليهِ) ) .
قالت أم سليم: يا رسول الله، هل على المرأةترى ذَلِكَ غسل؟ قالَ: ( ( نعم، إنما النساء شقائق الرجال) ) .

وليس عندَ ابن ماجه: ( ( قالت أم سليم) ) - إلى أخره.
وقد استنكر أحمد هَذا الحديث في رواية مهنا، وقال في رواية الفضل ابن زياد: أذهب إليه.

قالَ الترمذي: إنما روى هَذا عبد الله بنِ عمر، وقد تكلم فيهِ يحيى القطان من قبل حفظه.

قلت: وقد روي معناه - أيضاً - من حديث كعب بنِ مالك.
خرجه أبو نعيم في ( ( تاريخ أصبهان) ) ، وإسناده لا يصح.
والله أعلم.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب إِذَا احْتَلَمَتِ الْمَرْأَةُ
هذا ( باب) بالتنوين ( إذا احتلمت المرأة) قيد بها ردًّا على من منع منه في حقها وتنبيهًا على أن حكمها كحكم الرجل قال عليه الصلاة والسلام في جواب سؤال أم سليم المرأة ترى في ذلك أعليها الغسل نعم النساء شقائق الرجال رواه أبو داود أي نظائر الرجال وأمثالهم في الأخلاف والطباع كأنهن شققن منهم.


[ قــ :278 ... غــ : 282 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ: جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ امْرَأَةُ أَبِي طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ، هَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إِذَا هِيَ احْتَلَمَتْ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «نَعَمْ، إِذَا رَأَتِ الْمَاءَ».


وبه قال ( حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي ( قال أخبرنا مالك) الإمام ( عن هشام بن عروة عن أبيه) عروة بن الزبير بن العوّام ( عن زينب بنت أبي سلمة) عبد الله بن عبد الأسد المخزومي ونسبها المؤلف في باب الحياء في العلم إلى أمها أم سلمة وهي هند بنت أبي أمية ( عن أم سلمة أم المؤمنين) رضي الله عنها ( أنها قالت) :
( جاءت أم سليم) بضم السين وفتح اللام سهلة أو رميلة أو رميثة بنت ملحان الخزرجية والدة أنس بن مالك، وكانت أسلمت مع السابقين إلى الإسلام من الأنصار، وكان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يزورها فتتحفه بالشيء تضعه له، ولها في البخاري حديثان وهي ( امرأة أبي طلحة) زيد بن سهل بن الأسود بن حرام الأنصاري البدري ( إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقالت: يا رسول الله إن الله) عز وجل ( لا يستحيي من الحق) أي لا يأمر بالحياء فيه أو لا يمنع من ذكره.
وقالت ذلك قبل اللاحق تمهيدًا لعذرها في ذكر ما يستحيا منه ( هل على المرأة من غسل) أي هل على المرأة غسل فحرف الجر زائد وقد سقط عند المؤلف في الأدب ( إذا هي احتلمت) ولأحمد من حديث أُم سلمة رضي الله عنها أنها

قالت: يا رسول الله إذا رأت المرأة أن زوجها يجامعها في المنام أتغتسل؟ ( فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نعم) يجب عليها الغسل ( إذا رأت الماء) أي المني بعد استيقاظها من النوم، فالرؤية بصرية فتتعدى لواحد، ويحتمل أن تكون علمية فتتعدى لمفعولين الثاني مقدّر أي: إذا رأت الماء موجودًا أو غير ذلك قال أبو حيان رحمه الله: حذف أحد مفعولي رأى وأخواتها عزيز، وقد قيل في قوله تعالى: { وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ} [آل عمران: 180] أي البخل خيرًا لهم، وأما حذفها جميعًا فجائز اختصارًا، ومنه قوله تعالى: { أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْب} [النجم: 35] فهو يرى والظاهر أنها هنا بصرية، وينبني على ذلك أن المرأة إذا علمت أنها أنزلت ولم تره أنه لا غسل عليها، ولمسلم من حديث أنس أن أم سليم حدّثت أنها سألت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وعائشة عنده فقالت: يا رسول الله المرأة ترى ما يرى الرجل في النام ومن نفسها ما يرى الرجل من نفسه.
فقالت عائشة: يا أم سليم فضحت النساء.
وعند ابن أبي شيبة فقال: هل تجد شهوة؟ قالت: لعله قال هل تجد بللاً؟ قالت: لعلّه فقال: فلتغتسل.
فلقيتها النسوة فقلن فضحتنا عند رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقالت: والله ما كنت لأنتهي حتى أعلم في حلٍّ أنا أم في حرام.
وهذا يدل على أن كتمان ذلك من عادتهن لأنه يدل على شدة شهوتهن، وإنما أنكرت أم سلمة على أم سليم لكونها واجهت به النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، واستدل به ابن بطال على أن كل النساء يحتلمن وعكسه غيره.
وقال: فيه دليل على أن بعض النساء لا يحتلمن.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: والظاهر أن مراد ابن بطال الجواز لا الوقوع أي فيهن قابلية ذلك.

ورواة حديث الباب الستة مدنيون إلا شيخ المؤلف، وفيه التحديث والإخبار والعنعنة والقول وثلاث صحابيات، وأخرجه الستة واتفق الشيخان على إخراجه من طرق عن هشام بن عروة عن أبيه عن زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة، وقد جاء عن جماعة من الصحابيات أنهن سألت كسؤال أم سلمة منهن: خولة بنت حكيم كما عند النسائي وأحمد وابن ماجة، وسهلة بنت سهيل كما عند الطبراني، وبسرة بنت صفوان كما عند ابن أبي شيبة.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  (بابٌُ إذَا احتَلَمَتِ المَرْأَةُ)

أَي: هَذَا بابُُ مَا يكون فِيهِ من الحكم إِذا احْتَلَمت الْمَرْأَة، والاحتلام من الْحلم، وَهُوَ عبارَة عَمَّا يرَاهُ النَّائِم فِي نَومه من الْأَشْيَاء، يُقَال: حلم، بِالْفَتْح: إِذا رأى، وتحلم إِذا ادّعى الرُّؤْيَا كَاذِبًا.

وَجه الْمُنَاسبَة بَين الْبابَُُيْنِ من حَيْثُ إِن الْمَذْكُور فِي كل مِنْهُمَا بَيَان حكم الِاغْتِسَال من الْجَنَابَة فَإِن قلت: حكم الرجل إِذا احْتَلَمَ مثل حكم الْمَرْأَة، فَمَا وَجه تقييدها هَذَا الْبابُُ بِالْمَرْأَةِ وتخصيصه بهَا؟ قلت: الْجَواب عَنهُ بِوَجْهَيْنِ أَحدهمَا: أَن صُورَة السُّؤَال كَانَت فِي الْمَرْأَة، فقيد الْبابُُ بهَا لموافقته صُورَة السُّؤَال، وَالثَّانِي: فِيهِ الْإِشَارَة إِلَى الرَّد على من منع مِنْهُ فِي حق الْمَرْأَة دون الرجل، فنبه على أَن حكم الْمَرْأَة كَحكم الرجل فِي هَذَا الْبابُُ، أَلا ترى كَيفَ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، فِي جَوَاب أم سليم: (الْمَرْأَة ترى ذَلِك أعليها الْغسْل؟ نعم، إِنَّمَا النِّسَاء شقائق الرِّجَال) ؟ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالْمعْنَى أَن النِّسَاء نَظَائِر الرجل وأمثالهم فِي الْأَخْلَاق والطباع كأنهن شققْنَ مِنْهُنَّ، وحواء خلقت من آدم، عَلَيْهِمَا السَّلَام.
والشقائق جمع شَقِيقَة، وَمِنْه: شَقِيق الرجل وَهُوَ أَخُوهُ لِأَبِيهِ وَأمه، وَيجمع على أشقاء أَيْضا، بتَشْديد الْقَاف، وَنسب منع هَذَا الحكم فِي الْمَرْأَة إِلَى إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ على مَا روى ابْن أبي شيبَة فِي (مُصَنفه) عَنهُ ذَلِك بِإِسْنَاد جيد فَكَأَن النَّوَوِيّ لم يقف على هَذَا واستبعد صِحَّته عَنهُ.



[ قــ :278 ... غــ :282 ]
- حدّثنا عَبْدُ اللَّهِ بنِ يُوسُفَ قالَ أخبرْنا مالِكٌ عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ عَنْ أبِيهِ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتَ أبي سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ المُؤْمِنِينَ أنَّها قَالَتْ أُمُّ سَلْيمٍ امْرَأَةُ أبي طَلْحَةَ إلَى رسولِ اللَّه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقالَتْ يَا رَسُول اللَّهِ إنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحِيَّ مِنَ الحَقِ هَلُ عَلَى المَرْأَةَ مِنْ غُسْلِ إذَا هِيَ احْتَلَمَتْ فَقَالَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَعَمْ إذَا رَأَتْ المَاءِ.
[/ نه

مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.

ذكر رِجَاله وهم سِتَّة: الأول: عبد اللهبن يُوسُف التنيسِي.
الثَّانِي: مَالك بن أنس.
الثَّالِث: هِشَام بن عُرْوَة.
الرَّابِع: أَبوهُ عُرْوَة بن الزبير بن الْعَوام.
الْخَامِس: زَيْنَب بنت أبي سَلمَة، وَاسم أبي سَلمَة عبد الله بن عبد الْأسد المَخْزُومِي، وَفِي (تَهْذِيب التَّهْذِيب) أَبُو سَلمَة بن عبد الْأسد المَخْزُومِي أحد السَّابِقين عبد الله أَخُو النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الرضَاعَة، وَذكر البُخَارِيّ هَذَا الحَدِيث فِي بابُُ الْحيَاء فِي الْعلم.
وَفِيه زَيْنَب بنت أم سَلمَة، فنسبت زَيْنَب هُنَاكَ إِلَى أمهَا، وهاهناإلى أَبِيهَا وَاسم أم سَلمَة: هِنْد بنت أبي أُميَّة، واسْمه حُذَيْفَة وَيُقَال: سهل بن المغير بن عبد الله بن عمر بن مَخْزُوم، وَأم سَلمَة أم الْمُؤمنِينَ، كَانَت قبل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد أبي سَلمَة الْمَذْكُور، وَزَيْنَب هِيَ أُخْت سَلمَة، فكنى كل وَاحِد من أم زينتب وأبيها بسلمة، فَلذَلِك تنْسب زَيْنَب تَارَة إِلَى أَبِيهَا ببنت أبي سَلمَة، وَتارَة إِلَى أمهَا ببنت أم سَلمَة، وَالْمعْنَى وَاحِد.
السَّادِس: أم سَلمَة، أم الْمُؤمنِينَ، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا.
وَأم سليم، بِضَم السِّين الْمُهْملَة وَفتح اللَّام، وَاخْتلف فِي اسْمهَا، فَقيل: سهلة، وَقيل: رميلة، وَقيل رميثة وَقيل: مليكَة، وَقيل: الغميصاء، وَقيل: الرميصاء، وَأنْكرهُ أَبُو دَاوُد،.

     وَقَالَ  الرميصاء أُخْتهَا، وَعند ابْن سعد، أنيفة، وَأنْكرهُ ابْن حبَان، وَأم سليم بنت ملْحَان الخزرجية النجارية، وَالِدَة أنس بن مَالك زَوْجَة أبي طَلْحَة، كَانَت فاضلة دينة، وَاسم أبي طَلْحَة، زيد بن سهل بن الْأسود بن حرَام الْأنْصَارِيّ، النَّقِيب، كَبِير الْقدر، بَدْرِي مَشْهُور.

ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع وَهُوَ مَوضِع وَاحِد.
وَفِيه: الْإِخْبَار كَذَلِك فِي مَوضِع وَاحِد، وَفِيه: العنعنة فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع.
وَفِيه: القَوْل.
وَفِيه: ثَلَاث صحابيات.
وَفِيه: أَن رُوَاته مدنيون مَا خلا عبد الله بن يُوسُف.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره أخرجه البُخَارِيّ فِي سِتَّة مَوَاضِع.
فِي الْغسْل هَاهُنَا عَن عبد الله بن يُوسُف، وَفِي الْأَدَب عَن إِسْمَاعِيل، وَعَن مُحَمَّد بن الْمثنى، وَعَن مَالك بن إِسْمَاعِيل، وَفِي خلق آدم عَن مُسَدّد، وَفِي الْعلم عَن مُحَمَّد بن سَلام، وَأخرجه مُسلم فِي الطَّهَارَة عَن يحيى بن يحيى، وَعَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَزُهَيْر بن حَرْب، وَعَن ابْن أبي عمر.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الطَّهَارَة عَن ابْن أبي عمر بِهِ وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ، وَفِي الْعلم عَن شُعَيْب بن يُوسُف وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الطَّهَارَة عَن ابْن أبي شيبَة، وَعلي بن مُحَمَّد، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَن أَحْمد بن صَالح، قَالَ: حَدثنَا عنبة عَن يُونُس بن شهَاب، قَالَ: قَالَ عُرْوَة عَن عَائِشَة: [حم (إِن أم سليم الْأَنْصَارِيَّة، وَهِي أم أنس بن مَالك، قَالَت: يَا رَسُول الله إِن الله لَا تَسْتَحي من الْحق، أَرَأَيْت الْمَرْأَة إِذا رَأَتْ فِي النّوم مَا يرى الرجل اتغتسل أَو لَا؟ قَالَ عَائِشَة: فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نعم، فلتغتسل إِذا وجدت المَاء.
قَالَت عَائِشَة: فَأَقْبَلت عَلَيْهَا فَقلت: أُفٍّ لَك، وَهل ترى ذَلِك الْمَرْأَة؟ فاقبل عَليّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: تربت يَمِينك يَا عَائِشَة، وَمن أَيْن يكون الشّبَه) .
[/ حم
ذكر الِاخْتِلَاف فِي هَذَا الحَدِيث هَذَا الحَدِيث أخرجه الْأَئِمَّة السِّتَّة كَمَا رَأَيْته، وَقد اتّفق البُخَارِيّ وَمُسلم على إِخْرَاجه من طرق عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن زَيْنَب، وَرَوَاهُ أَيْضا مُسلم من رِوَايَة الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة، لَكِن قَالَ: عَن عَائِشَة: قَالَ أَبُو دَاوُد: وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عقيل والزبيدي وَيُونُس وَابْن أخي الزُّهْرِيّ وَابْن الْوَزير عَن مَالك عَن الزُّهْرِيّ، وَوَافَقَ الزُّهْرِيّ مسافع الحَجبي، قَالَ: عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة وَأما هِشَام بن عُرْوَة، فَقَالَ عَن عُرْوَة عَن زَيْنَب بنت أبي سَلمَة عَن أم سَلمَة: (أَن أم سليم جَاءَت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم).

     وَقَالَ  القَاضِي عِيَاض عَن أهل الحَدِيث إِن الصَّحِيح أَن الْقِصَّة وَقعت لأم سَلمَة لَا لعَائِشَة وَنقل ابْن عبد الْبر عَن الذهلي أَنه صحّح الرِّوَايَتَيْنِ.
قلت: قَول عِيَاض يرجح رِوَايَة هِشَام بن عُرْوَة، وَقَول أبي دَاوُد عَن مسافع يرجح رِوَايَة الزُّهْرِيّ،.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: يحْتَمل أَن تكون عَائِشَة وَأم سَلمَة جَمِيعًا أنكرتا على أم سليم.
والزبيدي هُوَ مُحَمَّد بن الْوَلِيد، وَيُونُس بن يزِيد، وَابْن أخي الزُّهْرِيّ اسْمه، مُحَمَّد بن عبد الله بن مُسلم، وَابْن أبي الْوَزير اسْمه إِبْرَاهِيم بن عمر بن مطرف الْهَاشِمِي مَوْلَاهُم الْمَكِّيّ، ومسافع، بِضَم الْمِيم وبالسين الْمُهْملَة وَكسر الْفَاء ابْن عبد الله أَبُو سُلَيْمَان الْقرشِي الحَجبي الْمَكِّيّ.

ذكر اخْتِلَاف أَلْفَاظ هَذَا الحَدِيث لفظ البُخَارِيّ فِي بابُُ الْحيَاء فِي الْعلم بعد.
قَوْله: (إِذا رَأَتْ المَاء، فغطت أم سَلمَة يَعْنِي وَجههَا،.

     وَقَالَ ت: يَا رَسُول الله: أَو تحتلم الْمَرْأَة؟ قَالَ: نعم تربت يَمِينك، فَبِمَ يشبهها وَلَدهَا) وَفِي لفظ بعد قَوْله: (إِذا رَأَتْ المَاء، فَضَحكت أم سَلمَة.
فَقَالَت: أتحتلم الْمَرْأَة؟ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَبِمَ شبه الْوَلَد) وَفِي لفظ، قَالَت أم سَلمَة (فَقلت: فضحت النِّسَاء) .
وَعند مُسلم من حَدِيث أنس: (أَن أم سليم حدثت أَنَّهَا سَأَلت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَعَائِشَة عِنْده يَا رَسُول الله: الْمَرْأَة ترى مَا يرى الرجل فِي الْمَنَام من نَفسهَا مَا يرى الرجل من نَفسه، فَقَالَت عَائِشَة يَا أم سليم فضحت النِّسَاء تربت يَمِينك.
فَقَالَ لَهَا إمه، بل أَنْت تربت يَمِينك، نعم فلتغتسل يَا أم سليم) وَفِي لفظ: (فَقَالَت أم سليم، وَاسْتَحْيَيْت من ذَلِك، وَهل يكون هَذَا؟ قَالَ: نعم مَاء الرجل غليظ أَبيض، وَمَاء الْمَرْأَة رَقِيق أصفر، أَيهمَا علا أَو سبق يكون مِنْهُ الشّبَه) ، وَفِي لفظ: (فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا كَانَ مِنْهَا مَا يكون من الرجل فلتغتسل) وَفِي لفظ: (قَالَت عَائِشَة: فَقلت لَهَا، أُفٍّ لَك؛ أَتَرَى الْمَرْأَة ذَلِك) ؟ وَفِي لفظ: (تربت يداك وألت، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: دعيها تربت بمينك وألت، وَهل يكون الشّبَه إلاَّ من قبل ذَلِك؟ إِذا علا مَاؤُهَا مَاء الرجل أشبه الرجل أَخْوَاله، وَإِذا علا مَاء الرجل ماءها أشبه أَعْمَامه) وَفِي لفظ أبي دَاوُد: (تَغْتَسِل أم لَا , فَقَالَ: فلتغتسل إِذا وجدت المَاء) وَفِي لفظ: (وَالْمَرْأَة عَلَيْهَا غسل؟ قَالَ: نعم، إِنَّمَا النِّسَاء شقائق الرِّجَال) .
وَفِي لفظ النَّسَائِيّ: (فَضَحكت أم سَلمَة) ، وَعند ابْن أبي شيبَة: (وَقَالَ: هَل تَجِد شَهْوَة؟ قَالَت: لَعَلَّه قَالَ: تَجِد بللاً قَالَت لَعَلَّه.
فَقَالَ: فلتغتسل.
فلقيها النسْوَة فَقُلْنَ: فضحتنا عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
فَقَالَت: وَالله مَا كنت لَا أَنْتَهِي حَتَّى أعلم فِي حِلِّ أَنا أم فِي حرَام) وَعند الطَّبَرَانِيّ فِي (الْأَوْسَط) قلت: يَا رَسُول الله: أَمر يقربنِي إِلَى الله أَحْبَبْت أَن أَسأَلك عَنهُ: قَالَ: اصبت يَا أم سليم.
فَقلت) الحَدِيث وَعند الْبَزَّار: (فَقَالَت أم سَلمَة: وَهل للنِّسَاء من مَاء؟ قَالَ: نعم، إِنَّمَا هن شقائق الرِّجَال) .
وَعند ابْن عمر: (إِذا رَأَتْ ذَلِك فأنزلت فعلَيْهَا الْغسْل، فَقَالَت أم سليم: أَيكُون هَذَا) ؟ وَعند الإِمَام أَحْمد: (أَنَّهَا قَالَت: يَا رَسُول الله إِذا رَأَتْ الْمَرْأَة أَن زَوجهَا يُجَامِعهَا فِي الْمَنَام، أتغتسل؟) وَعند عبد الرَّزَّاق فِي هَذِه الْقِصَّة: (إِذا رَأَتْ أحداكن المَاء كَمَا يرى الرجل) .
وَقد جَاءَ عَن جمَاعَة من الصحابيات أَنَّهُنَّ سألن رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُن، كسؤال أم سليم، مِنْهُنَّ، خَوْلَة بنت حَكِيم، روى حَدِيثهَا ابْن مَاجَه من طَرِيق عَليّ بن جدعَان: (لَيْسَ عَلَيْهَا غسل حَتَّى تنزل كَمَا ينزل الرجل) ، وبسرة ذكره ابْن أبي شيبَة بِسَنَد لَا بَأْس بِهِ، وسهلة بنت سُهَيْل، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي (الْأَوْسَط) من حَدِيث ابْن طيعة.
أَكثر الْكَلَام مضى فِي بابُُ: الْحيَاء فِي الْعلم..
     وَقَالَ  ابْن الْمُنْذر: أجمع كل من يحفظ عَنهُ الْعلم أَن الرجل إِذا رأى فِي مَنَامه أَنه احْتَلَمَ أَو جَامع وَلم يجد بللاً أَن لَا غسل عَلَيْهِ، وَاخْتلفُوا فِيمَن رأى بللاً، وَلم يتَذَكَّر احتلاماً فَقَالَت طَائِفَة يغْتَسل روينَا ذَلِك عَن ابْن عَبَّاس وَالشعْبِيّ وَسَعِيد بن جُبَير وَالنَّخَعِيّ،.

     وَقَالَ  [قعأحمد [/ قع: أحب إِلَيّ أَن يغْتَسل إلاَّ رجل بِهِ أبردة،.

     وَقَالَ  [قعأبو إِسْحَاق [/ قع: يغْتَسل إِذا كَانَت بل نُطْفَة، وروينا عَن الْحسن أَنه قَالَ: إِذا كَانَ انْتَشَر إِلَى أَهله من اللَّيْل فَوجدَ من ذَلِك بلة فَلَا غسل عَلَيْهِ، وَإِن لم يكن كَذَلِك اغْتسل، وَفِيه قَول ثَالِث: وَهُوَ أَن لَا يغْتَسل حَتَّى يُوقن بِالْمَاءِ الدافق هَكَذَا، وَهُوَ قَول قَتَادَة..
     وَقَالَ  مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأَبُو يُوسُف: يغْتَسل إِذا علم بِالْمَاءِ الدافق،.

     وَقَالَ  الخاطبي: ظَاهر وَيُوجب الِاغْتِسَال إِذا رأى البلة، وَإِن لم يتَيَقَّن أَنه المَاء الدافق، وَرُوِيَ هَذَا القَوْل عَن جمَاعَة من التَّابِعين..
     وَقَالَ  أَكثر أهل الْعلم: لَا يجب عَلَيْهِ الِاغْتِسَال حَتَّى يعلم أَنه بَلل المَاء الدافق.

وَقَالَ ابْن عبد الْبر: فِيهِ دَلِيل على أَن النِّسَاء لَيْسَ كُلهنَّ يحتلمن، وَلِهَذَا أنْكرت عَائِشَة على أم سَلمَة، وَقد يعْدم الِاحْتِلَام فِي بعض الرِّجَال فالنساء أَجْدَر أَن يعْدم ذَلِك فِيهِنَّ، وَقد قيل: أَن إِنْكَار عَائِشَة لذَلِك إِنَّمَا كَانَ لصِغَر سنّهَا وَكَونهَا مَعَ زَوجهَا لِأَنَّهَا لم تَحض إلاَّ عِنْده، وَلم تفقده فقداً طَويلا إلأ بِمَوْتِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، فَلذَلِك لم تعرف فِي حَيَاته الِاحْتِلَام، لأنَّ الِاحْتِلَام لَا يعرفهُ النِّسَاء، وَلَا أَكثر الرِّجَال إلاَّ عِنْد عدم الرِّجَال بِعَدَمِ الْمعرفَة بِهِ، فَإِذا فقد النِّسَاء أَزوَاجهنَّ احتلمن.
وَالْوَجْه الأول عِنْدِي أصح، وَأولى، لِأَن أم سَلمَة فقدت زَوجهَا وَكَانَت كَبِيرَة عَالِمَة بذلك، وَأنْكرت مِنْهُ مَا أنْكرت عَائِشَة، فَدلَّ ذَلِك على أَن من النِّسَاء من لَا تنزل المَاء فِي غير الْجِمَاع الَّذِي يكون فِي اليقطة وَلقَائِل أَن يَقُول: إِن أم سَلمَة أَيْضا تزوجت أَبَا سَلمَة شَابة وَلما توفّي عَنْهَا زَوجهَا تزَوجهَا سيد الْمُرْسلين، لَا سِيمَا مَعَ شغلها بِالْعبَادَة وَشبههَا الَّتِى هِيَ وَجَاء لغَيْرهَا أَو تكون قالته إنكاراً على أم سليم لكَونهَا واجهت بِهِ سيدنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُوضحهُ، فَقَالَت أم سَلمَة وغطت وَجههَا.

وَقَالَ [قعابن بطال [/ قع فِيهِ دَلِيل على أَن كل النِّسَاء يحتملن.
وَفِيه: دَلِيل على وجوب الْغسْل على الْمَرْأَة بالإنزال، وَنفى ابْن بطال الْخلاف فِيهِ، وَقد ذكرنَا فِي أول الْبابُُ خلاف النَّخعِيّ.
وَفِيه: رد على من زعم أَن مَاء الْمَرْأَة لَا يبرز، وَإِنَّمَا تعرف إنزالها بشهوتها وَحمل قَوْله: إِذا رَأَتْ المَاء أَي: إِذا علمت بِهِ لِأَن وجود الْعلم هُنَا مُتَعَذر، لِأَن الرجل لَو رأى أَنه جَامع وَعلم أَنه أنزل فِي النّوم ثمَّ اسْتَيْقَظَ فَلم ير بللاً لَا يجب عَلَيْهِ الْغسْل فَكَذَلِك الْمَرْأَة، وَإِن أَرَادَ علمهَا بذلك بعد أَن استيقظت فَلَا يَصح، لِأَنَّهُ لَا يسْتَمر فِي الْيَقَظَة مَا كَانَ فِي النّوم إلاَّ إِن كَانَ مشاهداً، فَحمل الْكَلَام على ظَاهره هُوَ الصَّوَاب.
فَإِن قلت: قد جَاءَ عَن أم سَلمَة، فَضَحكت، وَجَاء، فغطت وَجههَا، فَمَا التَّوْفِيق بَينهمَا.
قلت: معنى ضحِكت تبسمت تَعَجبا، وغطت وَجههَا، حَيَاء وَمعنى: تربت يَمِينك، فِي الأَصْل، لَا أَصَابَت خيرا، غير أَن فِي (لِسَان الْعَرَب) يُطلق ذَلِك وأمثالها، وَيُرَاد بِهِ الْمَدْح وَفِي كتاب (أدب الْخَواص) للوزير أبي الْقَاسِم المغربي، وَفِي كتاب (الأيك والغصون) لأبي الْعَلَاء المعري معنى قَوْله: ترَتّب يَمِينك أَي: افْتَقَرت من الْعلم مِمَّا سَأَلت عَنهُ أم سليم وَفِي (الْمُحكم) ترب الرجل صَار فِي يَده التُّرَاب، وترب ترباً لصق بِالتُّرَابِ من الْفقر وترب ترباً ومتربة خسر وافتقر، وَحكى قطرب: ترب وأترب.
قَوْله: (وألت) بعد قَوْله اتربت يَمِينك مَعْنَاهُ: صاحت لما أَصَابَهَا من شدَّة، هَذَا الْكَلَام، وَرُوِيَ ألت، بِضَم الْهمزَة مَعَ التَّشْدِيد أَي: طعنت بالآلة، وَهِي الحربة العريضة النصل.