هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2680 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ الفَزَارِيُّ ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، قَالَ : سَمِعْتُ البَرَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، يَقُولُ : أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ مُقَنَّعٌ بِالحَدِيدِ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أُقَاتِلُ أَوْ أُسْلِمُ ؟ قَالَ : أَسْلِمْ ، ثُمَّ قَاتِلْ ، فَأَسْلَمَ ، ثُمَّ قَاتَلَ ، فَقُتِلَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : عَمِلَ قَلِيلًا وَأُجِرَ كَثِيرًا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2680 حدثنا محمد بن عبد الرحيم ، حدثنا شبابة بن سوار الفزاري ، حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، قال : سمعت البراء رضي الله عنه ، يقول : أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل مقنع بالحديد ، فقال : يا رسول الله أقاتل أو أسلم ؟ قال : أسلم ، ثم قاتل ، فأسلم ، ثم قاتل ، فقتل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عمل قليلا وأجر كثيرا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Al-Bara:

A man whose face was covered with an iron mask (i.e. clad in armor) came to the Prophet (ﷺ) and said, O Allah's Messenger (ﷺ)! Shall I fight or embrace Islam first? The Prophet (ﷺ) said, Embrace Islam first and then fight. So he embraced Islam, and was martyred. Allah's Messenger (ﷺ) said, A Little work, but a great reward. (He did very little (after embracing Islam), but he will be rewarded in abundance).

Abu 'Ishâq dit: J'ai entendu alBarâ' () dire: «Un homme, portant un casque en fer, vint trouver le Prophète  et lui dit: Ô Messager d'Allah  ! doisje combattre puis embrasser l'Islam? — Embrasse l'Islam, lui répondit le Prophète, puis va combattre. En effet, l'homme embrassa l'Islam puis alla combattre et fut en fin de compte abattu. Alors, le Messager d'Allah  dit: II a peu œuvré mais il vient d'avoir une grande Récompense. »

":"ہم سے محمد بن عبدالرحیم نے بیان کیا ‘ کہا ہم سے شبابہ بن سوار فزاری نے بیان کیا ‘ کہا ہم سے اسرائیل نے بیان کیا ‘ ان سے ابواسحاق نے بیان کیا کہ میں نے براء بن عازب رضی اللہ عنہ سے سنا ‘ وہ بیان کرتے تھے کہرسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم کی خدمت میں ایک صاحب زرہ پہنے ہوئے حاضر ہوئے اور عرض کیا یا رسول اللہ ! میں پہلے جنگ میں شریک ہو جاؤں یا پہلے اسلام لاؤں ۔ آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا پہلے اسلام لاؤ پھر جنگ میں شریک ہونا ۔ چنانچہ وہ پہلے اسلام لائے اور اس کے بعد جنگ میں شہید ہوئے ۔ رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ عمل کم کیا لیکن اجر بہت پایا ۔

Abu 'Ishâq dit: J'ai entendu alBarâ' () dire: «Un homme, portant un casque en fer, vint trouver le Prophète  et lui dit: Ô Messager d'Allah  ! doisje combattre puis embrasser l'Islam? — Embrasse l'Islam, lui répondit le Prophète, puis va combattre. En effet, l'homme embrassa l'Islam puis alla combattre et fut en fin de compte abattu. Alors, le Messager d'Allah  dit: II a peu œuvré mais il vient d'avoir une grande Récompense. »

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [2808] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ هُوَ الْحَافِظُ الْمَعْرُوفُ بِصَاعِقَةَ وَإِسْرَائِيلُ هُوَ بن يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ .

     قَوْلُهُ  أُتِيَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ وَوَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّهُ مِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي النَّبِيتِ بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ بَعْدَهَا تَحْتَانِيَّةٌ سَاكِنَةٌ ثُمَّ مُثَنَّاةٌ فَوْقَ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَأَمْكَنَ تَفْسِيرُهُ بِعَمْرِو بْنِ ثَابِتِ بْنِ وَقَشٍ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالْقَافِ بَعْدَهَا مُعْجَمَةٌ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ بِأَصْرَمَ بْنِ عَبْدِ الْأَشْهَلِ فَإِنَّ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ بَطْنٌ مِنَ الْأَنْصَارِ مِنَ الْأَوْسِ وَهُمْ غَيْرُ بني النبيت وَقد أخرج بن إِسْحَاقَ فِي الْمَغَازِي قِصَّةَ عَمْرِو بْنِ ثَابِتٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ أَخْبِرُونِي عَنْ رَجُلٍ دَخَلَ الْجَنَّةَ لَمْ يُصَلِّ صَلَاةً ثُمَّ يَقُولُ هُوَ عَمْرُو بْنُ ثَابت قَالَ بن إِسْحَاقَ قَالَ الْحُصَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ.

.

قُلْتُ لِمَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ كَيْفَ كَانَتْ قِصَّتُهُ قَالَ كَانَ يَأْبَى الْإِسْلَامَ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ بَدَا لَهُ فَأَخَذَ سَيْفَهُ حَتَّى أَتَى الْقَوْمَ فَدَخَلَ فِي عُرْضِ النَّاسِ فَقَاتَلَ حَتَّى وَقَعَ جَرِيحًا فَوَجَدَهُ قَوْمُهُ فِي الْمَعْرَكَةِ فَقَالُوا مَا جَاءَ بِكَ أَشَفَقَةً عَلَى قَوْمِكَ أَمْ رَغْبَةً فِي الْإِسْلَامِ قَالَ بَلْ رَغْبَةً فِي الْإِسْلَامِ قَاتَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَصَابَنِي مَا أَصَابَنِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ كَانَ عَمْرُو يَأْبَى الْإِسْلَامَ لِأَجْلِ رِبًا كَانَ لَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ قَالَ أَيْنَ قَوْمِي قَالُوا بِأُحُدٍ فَأَخَذَ سَيْفَهُ وَلَحِقَهُمْ فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالُوا إِلَيْكَ عَنَّا قَالَ إِنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ فَقَاتَلَ حَتَّى جُرِحَ فَجَاءَهُ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فَقَالَ خَرَجْتَ غَضَبًا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ ثُمَّ مَاتَ فَدَخَلَ الْجَنَّةَ وَمَا صَلَّى صَلَاةً فَيُجْمَعُ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ بِأَنَّ الَّذِينَ رَأَوْهُ وَقَالُوا لَهُ إِلَيْكَ عَنَّا نَاسٌ غَيْرُ قَوْمِهِ.

.
وَأَمَّا قَوْمُهُ فَمَا شَعُرُوا بِمَجِيئِهِ حَتَّى وَجَدُوهُ فِي الْمَعْرَكَةِ وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ حَدِيثِ الْبَابِ بِأَنَّهُ جَاءَ أَوَّلًا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَشَارَهُ ثُمَّ أَسْلَمَ ثُمَّ قَاتَلَ فَرَآهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ قَالُوا لَهُ إِلَيْكَ عَنَّا وَيُؤَيِّدُ هَذَا الْجَمْعَ .

     قَوْلُهُ  لَهُمْ قَاتَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَأَنَّ قَوْمَهُ وَجَدُوهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالُوا لَهُ مَا قَالُوا وَيُؤَيِّدُ الْجَمْعَ أَيْضًا مَا وَقَعَ فِي سِيَاقِ حَدِيثِ الْبَرَاءِ عِنْدَ النَّسَائِيِّ فَإِنَّهُ أَخْرَجَهُ مِنْ رِوَايَةِ زُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ نَحْوَ رِوَايَةِ إِسْرَائِيلَ وَفِيهِ أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ أَنِّي حَمَلْتُ عَلَى الْقَوْمِ فَقَاتَلْتُ حَتَّى أُقْتَلَ أَكَانَ خَيْرًا لِي وَلَمْ أُصَلِّ صَلَاةً قَالَ نَعَمْ وَنَحْوُهُ لِسَعِيدِ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ وَزَادَ فِي أَوَّلِهِ أَنَّهُ قَالَ أَخَيْرٌ لِي أَنْ أُسْلِمَ قَالَ نَعَمْ فَأَسْلَمَ فَإِنَّهُ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ إِنَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ وَمَا صَلَّى لِلَّهِ صَلَاةً.

.
وَأَمَّا كَوْنُهُ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ وَنُسِبَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ إِلَى بَنِي النَّبِيتِ فَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّ لَهُ فِي بَنِي النَّبِيتِ نِسْبَةٌ مَا فَإِنَّهُمْ إِخْوَةُ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ يَجْمَعُهُمُ الِانْتِسَابُ إِلَى الْأَوْسِ .

     قَوْلُهُ  مُقَنَّعٌ بِفَتْحِ الْقَافِ وَالنُّونُ مُشَدَّدَةٌ وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ تَغْطِيَةِ وَجْهِهِ بِآلَةِ الْحَرْبِ .

     قَوْلُهُ  وَأُجِرَ كَثِيرًا بِالضَّمِّ عَلَى الْبِنَاءِ أَيْ أُجِرَ أَجْرًا كَثِيرًا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْأَجْرَ الْكَثِيرَ قَدْ يَحْصُلُ بِالْعَمَلِ الْيَسِيرِ فَضْلًا مِنَ الله واحسانا( قَولُهُ بَابُ مَنْ أَتَاهُ سَهْمٌ غَرْبٌ) بِتَنْوِينِ سَهْمٍ وَبِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ هَذَا هُوَ الْأَشْهَرُ وَسَيَأْتِي بَيَانُ الْخِلَافِ فِيهِ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ عَمَلٍ صَالِحٍ قَبْلَ الْقِتَالِ)
وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ إِنَّمَا تُقَاتِلُونَ بِأَعْمَالِكُمْ هَكَذَا وَقَعَ عِنْدَ الْجَمِيعِ وَلَعَلَّهُ كَانَ قَالَهُ أَبُو الدَّرْدَاءِ.

     وَقَالَ  إِنَّمَا تُقَاتِلُونَ بِأَعْمَالِكُمْ وَإِنَّمَا.

.

قُلْتُ ذَلِكَ لِأَنَّنِي وَجَدْتُ ذَلِكَ فِي الْمُجَالَسَةِ لِلدِّينَوْرِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ قَالَ أَيُّهَا النَّاسُ عَمَلٌ صَالِحٌ قَبْلَ الْغَزْوِ فَإِنَّمَا تُقَاتِلُونَ بِأَعْمَالِكُمْ ثُمَّ ظَهَرَ لِي سَبَبُ تَفْصِيلِ الْبُخَارِيِّ وَذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ الطَّرِيقَ مُنْقَطِعَةٌ بَيْنَ رَبِيعَةَ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ وَقَدْ رَوَى بن الْمُبَارَكِ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ عَنِ بن حَلْبَسٍ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ بَيْنَهُمَا لَامٌ سَاكِنَةٌ وَآخِرُهُ سِينٌ مُهْمَلَةٌ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ إِنَّمَا تُقَاتِلُونَ بِأَعْمَالِكُمْ وَلَمْ يَذْكُرْ مَا قَبْلَهُ فَاقْتَصَرَ الْبُخَارِيُّ عَلَى مَا وَرَدَ بِالْإِسْنَادِ الْمُتَّصِلِ فَعَزَاهُ إِلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ وَلِذَلِكَ جَزَمَ بِهِ عَنْهُ وَاسْتَعْمَلَ بَقِيَّةَ مَا وَرَدَ عَنْهُ بِالْإِسْنَادِ الْمُنْقَطِعِ فِي التَّرْجَمَةِ إِشَارَةً إِلَى أَنَّهُ لَمْ يغفله .

     قَوْلُهُ  وَقَولُهُ تَعَالَى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لم تَقولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ إِلَى قَوْله بُنيان مرصوص ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ الْبَرَاءِ فِي قِصَّةِ الَّذِي قتل حِين أسلم قَالَ بن الْمُنِيرِ مُنَاسَبَةُ التَّرْجَمَةِ وَالْآيَةِ لِلْحَدِيثِ ظَاهِرَةٌ وَفِي مُنَاسَبَةِ التَّرْجَمَةِ لِلْآيَةِ خَفَاءٌ وَكَأَنَّهُ مِنْ جِهَةِ أَنَّ اللَّهَ عَاتَبَ مَنْ قَالَ إِنَّهُ يَفْعَلُ الْخَيْرَ وَلَمْ يَفْعَلْهُ وَأَثْنَى عَلَى مَنْ وَفَّى وَثَبَتَ عِنْدَ الْقِتَالِ أَوْ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَى مَنْ قَدَّمَ عَلَى الْقِتَالِ قَوْلًا غَيْرَ مَرَضِيٍّ فَكَشَفَ الْغَيْبَ أَنَّهُ أَخْلَفَ فَمَفْهُومُهُ ثُبُوتُ الْفَضْلِ فِي تَقْدِيمِ الصِّدْقِ وَالْعَزْمِ الصَّحِيحِ عَلَى الْوَفَاءِ وَذَلِكَ مِنْ أَصْلَحِ الْأَعْمَالِ انْتَهَى وَهَذَا الثَّانِي أَظْهَرُ فِيمَا أَرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

     وَقَالَ  الْكِرْمَانِيُّ الْمَقْصُودُ مِنَ الْآيَةِ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ .

     قَوْلُهُ  فِي آخِرهَا صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مرصوص لِأَنَّ الصَّفَّ فِي الْقِتَالِ مِنَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ قَبْلَ الْقِتَالِ انْتَهَى وَسَيَأْتِي تَفْسِيرُ قَوْلِهِ مَرْصُوصٌ فِي التَّفْسِيرِ

[ قــ :2680 ... غــ :2808] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ هُوَ الْحَافِظُ الْمَعْرُوفُ بِصَاعِقَةَ وَإِسْرَائِيلُ هُوَ بن يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ .

     قَوْلُهُ  أُتِيَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ وَوَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّهُ مِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي النَّبِيتِ بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ بَعْدَهَا تَحْتَانِيَّةٌ سَاكِنَةٌ ثُمَّ مُثَنَّاةٌ فَوْقَ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَأَمْكَنَ تَفْسِيرُهُ بِعَمْرِو بْنِ ثَابِتِ بْنِ وَقَشٍ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالْقَافِ بَعْدَهَا مُعْجَمَةٌ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ بِأَصْرَمَ بْنِ عَبْدِ الْأَشْهَلِ فَإِنَّ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ بَطْنٌ مِنَ الْأَنْصَارِ مِنَ الْأَوْسِ وَهُمْ غَيْرُ بني النبيت وَقد أخرج بن إِسْحَاقَ فِي الْمَغَازِي قِصَّةَ عَمْرِو بْنِ ثَابِتٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ أَخْبِرُونِي عَنْ رَجُلٍ دَخَلَ الْجَنَّةَ لَمْ يُصَلِّ صَلَاةً ثُمَّ يَقُولُ هُوَ عَمْرُو بْنُ ثَابت قَالَ بن إِسْحَاقَ قَالَ الْحُصَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ.

.

قُلْتُ لِمَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ كَيْفَ كَانَتْ قِصَّتُهُ قَالَ كَانَ يَأْبَى الْإِسْلَامَ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ بَدَا لَهُ فَأَخَذَ سَيْفَهُ حَتَّى أَتَى الْقَوْمَ فَدَخَلَ فِي عُرْضِ النَّاسِ فَقَاتَلَ حَتَّى وَقَعَ جَرِيحًا فَوَجَدَهُ قَوْمُهُ فِي الْمَعْرَكَةِ فَقَالُوا مَا جَاءَ بِكَ أَشَفَقَةً عَلَى قَوْمِكَ أَمْ رَغْبَةً فِي الْإِسْلَامِ قَالَ بَلْ رَغْبَةً فِي الْإِسْلَامِ قَاتَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَصَابَنِي مَا أَصَابَنِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ كَانَ عَمْرُو يَأْبَى الْإِسْلَامَ لِأَجْلِ رِبًا كَانَ لَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ قَالَ أَيْنَ قَوْمِي قَالُوا بِأُحُدٍ فَأَخَذَ سَيْفَهُ وَلَحِقَهُمْ فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالُوا إِلَيْكَ عَنَّا قَالَ إِنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ فَقَاتَلَ حَتَّى جُرِحَ فَجَاءَهُ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فَقَالَ خَرَجْتَ غَضَبًا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ ثُمَّ مَاتَ فَدَخَلَ الْجَنَّةَ وَمَا صَلَّى صَلَاةً فَيُجْمَعُ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ بِأَنَّ الَّذِينَ رَأَوْهُ وَقَالُوا لَهُ إِلَيْكَ عَنَّا نَاسٌ غَيْرُ قَوْمِهِ.

.
وَأَمَّا قَوْمُهُ فَمَا شَعُرُوا بِمَجِيئِهِ حَتَّى وَجَدُوهُ فِي الْمَعْرَكَةِ وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ حَدِيثِ الْبَابِ بِأَنَّهُ جَاءَ أَوَّلًا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَشَارَهُ ثُمَّ أَسْلَمَ ثُمَّ قَاتَلَ فَرَآهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ قَالُوا لَهُ إِلَيْكَ عَنَّا وَيُؤَيِّدُ هَذَا الْجَمْعَ .

     قَوْلُهُ  لَهُمْ قَاتَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَأَنَّ قَوْمَهُ وَجَدُوهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالُوا لَهُ مَا قَالُوا وَيُؤَيِّدُ الْجَمْعَ أَيْضًا مَا وَقَعَ فِي سِيَاقِ حَدِيثِ الْبَرَاءِ عِنْدَ النَّسَائِيِّ فَإِنَّهُ أَخْرَجَهُ مِنْ رِوَايَةِ زُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ نَحْوَ رِوَايَةِ إِسْرَائِيلَ وَفِيهِ أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ أَنِّي حَمَلْتُ عَلَى الْقَوْمِ فَقَاتَلْتُ حَتَّى أُقْتَلَ أَكَانَ خَيْرًا لِي وَلَمْ أُصَلِّ صَلَاةً قَالَ نَعَمْ وَنَحْوُهُ لِسَعِيدِ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ وَزَادَ فِي أَوَّلِهِ أَنَّهُ قَالَ أَخَيْرٌ لِي أَنْ أُسْلِمَ قَالَ نَعَمْ فَأَسْلَمَ فَإِنَّهُ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ إِنَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ وَمَا صَلَّى لِلَّهِ صَلَاةً.

.
وَأَمَّا كَوْنُهُ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ وَنُسِبَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ إِلَى بَنِي النَّبِيتِ فَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّ لَهُ فِي بَنِي النَّبِيتِ نِسْبَةٌ مَا فَإِنَّهُمْ إِخْوَةُ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ يَجْمَعُهُمُ الِانْتِسَابُ إِلَى الْأَوْسِ .

     قَوْلُهُ  مُقَنَّعٌ بِفَتْحِ الْقَافِ وَالنُّونُ مُشَدَّدَةٌ وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ تَغْطِيَةِ وَجْهِهِ بِآلَةِ الْحَرْبِ .

     قَوْلُهُ  وَأُجِرَ كَثِيرًا بِالضَّمِّ عَلَى الْبِنَاءِ أَيْ أُجِرَ أَجْرًا كَثِيرًا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْأَجْرَ الْكَثِيرَ قَدْ يَحْصُلُ بِالْعَمَلِ الْيَسِيرِ فَضْلًا مِنَ الله واحسانا

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب عَمَلٌ صَالِحٌ قَبْلَ الْقِتَالِ
وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: إِنَّمَا تُقَاتِلُونَ بِأَعْمَالِكُمْ.

وَقَولُهُ: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُونَ * إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} [الصف: 2 - 4] .

( باب) بالتنوين يذكر فيه ( عمل صالح قبل القتال) : وفي نسخة باب عمل صالح بالإضافة.

( وقال أبو الدرداء) : عويمر بن مالك الأنصاري مما ذكره الدينوري في المجالسة ( إنما تقاتلون بأعمالكم) أي متلبسين بأعمالكم، ( وقوله عز وجل) بالرفع عطفًا على المرفوع السابق ( { يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون} ) .
كان المؤمنون يقولون لو علمنا أي الأعمال أحب إلى الله لعملناه فأنزل الله تعالى: { إن الله يحب الذين يقاتلون} [الصف: 4] فكرهوا القتال فوعظهم الله وأدّبهم فقال: لِمَ تقولون ما لا تفعلون ( { كبر مقتًا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون} ) أي عظم ذلك في البغض وهذا من أفصح الكلام وأبلغه في معناه قصد في كبر التعجب من غير لفظه، ومعنى التعجب بتعظيم الأمر في قلوب السامعين لأن التعجب لا يكون إلا من شيء خارج عن نظائره وأشكاله، وأسند كُبر إلى أن تقولوا ونصب مقتًا على تفسيره دلالة على أن قولهم ما لا يفعلون مقت خالص لا شوب فيه لفرط تمكن المقت منه واختير لفظ المقت لأنه أشد البغض وأبلغه ( { إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله} ) أي في طاعته ( { صفًّا} ) صافين أنفسهم ( { كأنهم بنيان مرصوص} ) [الصف: 3، 4] أي كأنهم في تراصّهم بنيان رصّ بعضه إلى بعض والمراد أنهم لا يزولون عن أماكنهم، ولفظ رواية أبي ذر بعد قوله: { ما لا تفعلون} إلى قوله: { كأنهم بنيان مرصوص} فلم يذكر ما بينهما.

قال ابن المنير: ومناسبة الآية للترجمة فيها خفاء وكأنه من جهة أن الله تعالى عاتب من قال أنه يفعل الخير ولم يفعله وأثنى على من وفى وثبت عند القتال أو من جهة أنه أنكر على من قدّم على القتال قولاّ غير مرضي، ومفهومه ثبوت الفضل في تقديم الصدق والعزم الصحيح على الوفاء وذلك من أصلح الأعمال.
وقال الكرماني: والمقصود من ذكر هذه الآية ذكره { صفًّا} إذ هو عمل صالح قبل القتال.


[ قــ :2680 ... غــ : 2808 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ الْفَزَارِيُّ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ -رضي الله عنه- يَقُولُ: "أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَجُلٌ مُقَنَّعٌ بِالْحَدِيدِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُقَاتِلُ أَوْ أُسْلِمُ؟ قَالَ: أَسْلِمْ ثُمَّ قَاتِلْ.
فَأَسْلَمَ ثُمَّ قَاتَلَ فَقُتِلَ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: عَمِلَ قَلِيلاً وَأُجِرَ كَثِيرًا".

وبه قال: ( حدّثنا) ولأبي ذر: حدّثني بالإفراد ( محمد بن عبد الرحيم) المعروف بصاعقة قال: ( حدّثنا شبابة بن سوار) بفتح الشين المعجمة وتخفيف الموحدة وبعد الألف موحدة ثانية وسوار بفتح السين المهملة وتشديد الواو وبعد الألف راء ( الفزاري) بفتح الفاء وتخفيف الزاي قال: ( حدّثنا إسرائيل) بن يونس بن أبي إسحاق ( عن) جده ( أبي إسحاق) عمرو بن عبد الله السبيعي أنه ( قال: سمعت البراء) بن عازب ( رضي الله عنه يقول: أتى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رجل) قال الحافظ ابن حجر: لم
أعرف اسمه لكنه أنصاري أوسي من بني النبيت بنون مفتوحة فموحدة مكسورة فتحتية ساكنة ففوقية كما في مسلم، ولولا ذلك لأمكن تفسيره بعمرو بن ثابت بن وقش بفتح الواو والقاف بعدها معجمة وهو المعروف بأصيرم بني عبد الأشهل فإن بني عبد الأشهل بطن من الأنصار من الأوس وهم غير بني النبيت، ويمكن أن يحمل على أن له في بني النبيت نسبة فإنهم إخوة بني عبد الأشهل يجمعهم الانتساب إلى الأوس ( مقنع) بفتح القاف والنون المشددة أي غطى وجهه ( بالحديد فقال: يا رسول الله أقاتل وأسلم) ؟ ولأبي ذر عن المستملي: أو أسلم ( قال) عليه الصلاة والسلام:
( أسلم ثم قاتل) ( فأسلم ثم قاتل فقتل فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) : ( عمل قليلاً وأجر) بضم الهمزة مبنيًّا للمفعول أجرًا ( كثيرًا) بالمثلثة.
وأخرج ابن إسحاق في المغازي بإسناد صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه كان يقول: "أخبروني عن رجل دخل الجنة لم يصلِّ صلاة ثم يقول هو عمرو بن ثابت".

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  (بابٌُ عمَلٌ صالِحٌ قَبْلَ القِتالِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان تَقْدِيم عمل صَالح قبل الْقِتَال، هَذَا على تَقْدِير إِضَافَة الْبابُُ إِلَى عمل، وَيجوز قطعه عَن الْإِضَافَة، وَيكون التَّقْدِير: هَذَا بابُُ يذكر فِيهِ عمل صَالح قبل الْقِتَال، يَعْنِي: كَون عمل صَالح قبله.

وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: إنَّمَا تُقَاتِلُونَ بأعْمَالِكُمْ

أَبُو الدَّرْدَاء اسْمه عُوَيْمِر بن مَالك الخزرجي الْأنْصَارِيّ، وروى الدينَوَرِي هَذَا التَّعْلِيق من طَرِيق أبي إِسْحَاق الْفَزارِيّ عَن سعيد بن عبد الْعَزِيز عَن ربيعَة بن يزِيد أَن أَبَا الدَّرْدَاء قَالَ: أَيهَا النَّاس! عمل صَالح قبل الْغَزْو فَإِنَّمَا تقاتلون بأعمالكم، أَي: متلبسين بأعمالكم.
فَإِن قلت: مَا وَجه تَقْسِيم البُخَارِيّ هَذَا حَيْثُ جعل الشّطْر الأول تَرْجَمَة والشطر الثَّانِي أصلا مُعَلّقا؟ .
قلت: نظر البُخَارِيّ فِي هَذَا دَقِيق، وَذَلِكَ أَنه لما علم انْقِطَاع الطَّرِيق فِي الشّطْر الأول بَين ربيعَة بن يزِيد وَأبي الدَّرْدَاء جعله تَرْجَمَة، وَعلم اتِّصَال الطَّرِيق فِي الشّطْر الثَّانِي وَعَزاهُ إِلَى أبي الدَّرْدَاء بالجزمم فَإِن قلت: مَا وَجه الِاتِّصَال؟ قلت: روى عبد الله بن الْمُبَارك فِي كتاب الْجِهَاد عَن سعيد بن عبد الْعَزِيز عَن ربيعَة بن يزِيد عَن ابْن حَلبس عَن أبي الدَّرْدَاء.
قَالَ: إِنَّمَا تقاتلون بأعمالكم، فاقتصر على هَذَا الْمِقْدَار، بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون اللَّام وَفتح الْبَاء وَفِي آخِره سين مُهْملَة..
     وَقَالَ  ابْن مَاكُولَا، يزِيد بن ميسرَة بن حَلبس، يروي عَن أم الدَّرْدَاء عَن أبي الدَّرْدَاء، وَأَخُوهُ يُونُس بن ميسرَة بن حَلبس، يروي عَن مُعَاوِيَة ابْن أبي سُفْيَان وَأبي إِدْرِيس الْخَولَانِيّ وَغَيرهمَا، وأخوهما أَيُّوب بن ميسرَة بن حَلبس.

و.

     قَوْلُهُ  عزَّ وجَلَّ { يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ الله أنْ تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُونَ إنَّ الله يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كأنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} (الصَّفّ: 2 4) .

وَقَوله تَعَالَى، يجوز بِالرَّفْع والجر بِحَسب عطفه على قَوْله: عمل صَالح قبل الْقِتَال، قيل: لَا مُنَاسبَة بَين التَّرْجَمَة وَالْآيَة.
ورد بِأَنَّهَا مَوْجُودَة من حَيْثُ إِن الله عَاتب من قَالَ بِمَا لَا يفعل، وَأثْنى على من وفى وَثَبت عِنْد الْقِتَال، والثبات عِنْده من أصلح الْأَعْمَال..
     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: وَالْمَقْصُود من ذكر هَذِه الْآيَة ذكر: صفا أَي: صافين أنفسهم، أَو مصفوفين، إِذْ هُوَ عمل صَالح قبل الْقِتَال.
وَقيل: يجوز أَن يُرَاد اسْتِوَاء بنيانهم فِي الْبناء حَتَّى يَكُونُوا فِي اجْتِمَاع الْكَلِمَة كالبنيان.
وَقيل: مَفْهُومه مدح الَّذين قَالُوا وعزموا وقاتلوا، وَالْقَوْل فِيهِ والعزم عملان صالحان.
قَوْله: { يَا أَيهَا الَّذين} (الصَّفّ: 2 4) .
إِلَى آخِره.
قَالَ مقَاتل فِي (تَفْسِيره) قَوْله: { يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا.
.
}
(الصَّفّ: 2 4) .
إِلَى آخِره: يَعِظهُمْ بذلك، وَذَلِكَ أَن الْمُؤمنِينَ قَالُوا: لَو نعلم أَي الْأَعْمَال أحب إِلَى الله لعملنا، فَأنْزل الله تَعَالَى: { إِن الله يحب الَّذين يُقَاتلُون فِي سَبيله} (الصَّفّ: 2 4) .
يَعْنِي: فِي طَاعَته { صفا كَأَنَّهُمْ بُنيان مرصوص} (الصَّفّ: 2 4) .
فَأخْبر الله تَعَالَى بِأحب الْأَعْمَال إِلَيْهِ بعد الْإِيمَان، فكرهوا الْقَتْل فوعظهم الله وأدبهم فَقَالَ: { لم تَقولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} (الصَّفّ: 2 4) .
وَفِي (تَفْسِير النَّسَفِيّ) : قيل: إِن الرجل كَانَ يَجِيء إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيَقُول: فعلت كَذَا وَكَذَا، وَمَا فعل فَنزلت: { لم تَقولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} (الصَّفّ: 2 4) ..
     وَقَالَ  الضَّحَّاك: كَانَ الرجل يَقُول: قَاتَلت وَلم يُقَاتل، وطعنت وَلم يطعن، وَصَبَرت وَلم يصبر، فَنزلت هَذِه الْآيَة..
     وَقَالَ  ابْن عَبَّاس: كَانَ نَاس من الْمُؤمنِينَ قبل أَن يفْرض الْجِهَاد يَقُولُونَ: وَدِدْنَا لَو أَن الله تَعَالَى دلنا على أحب الْأَعْمَال إِلَيْهِ فنعمل بِهِ، فَأخْبرهُم الله تَعَالَى: أَن أفضل الْأَعْمَال الْجِهَاد، وَكره ذَلِك نَاس مِنْهُم، وشق عَلَيْهِم الْجِهَاد وتباطؤا عَنهُ، فَنزلت هَذِه الْآيَة..
     وَقَالَ  ابْن زيد: نزلت فِي الْمُنَافِقين، كَانُوا يُعِدون الْمُؤمنِينَ النَّصْر وَيَقُولُونَ: لَو خَرجْتُمْ خرجنَا مَعكُمْ ونصرناكم، فَلَمَّا خرج النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نكصوا عَنهُ، فَنزلت هَذِه الْآيَة.
قَوْله: (لِمَ؟) هِيَ لَام الْإِضَافَة دَاخِلَة على: مَا، الاستفهامية، كَمَا دخل عَلَيْهَا غَيرهَا من حُرُوف الْجَرّ فِي قَوْلك: بِمَ وفيم وَعم وإلام وعلام، وَإِنَّمَا حذفت الْألف لِأَن مَا، والحرف كشيء وَاحِد، وَوَقع اسْتِعْمَالهَا كثيرا فِي كَلَام المستفهم..
     وَقَالَ  الْحسن: إِنَّمَا بدأهم بِالْإِيمَان تهكماً بهم، لِأَن الْآيَة نزلت فِي الْمُنَافِقين وبإيمانهم.
قَوْله: (كبر مقتاً) هَذَا من أفْصح الْكَلَام وأبلغه فِي مَعْنَاهُ، قصد فِي كبر التَّعَجُّب من غير لَفظه، وَمعنى التَّعَجُّب تَعْظِيم الْأَمر فِي قُلُوب السامعين، لِأَن التَّعَجُّب لَا يكون إلاَّ من شَيْء خَارج عَن نَظَائِره وأشكاله، وَأسْندَ: كبر، إِلَى: أَن تَقولُوا، وَنصب: مقتاً، على تَفْسِيره، دلَالَة على أَن قَوْلهم: مَا لَا يَفْعَلُونَ) ، مقت خَالص لَا شوب فِيهِ لفرط تمكن المقت مِنْهُ، واختير لفظ: المقت، لِأَنَّهُ أَشد البغض وأبلغه.
قَوْله: (صفا) أَي: صافين أنفسهم أَو مصفوفين.
قَوْله: (مرصوص) ، أَي: كَأَنَّهُمْ فِي تراصهم من غير فُرْجَة بُنيان رص بعضه إِلَى بعض.



[ قــ :2680 ... غــ :2808 ]
- حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ قَالَ حدَّثنا شَبابَُُةُ بنُ سَوَّارِ الفَزَارِيُّ قَالَ حدَّثنا إسْرَائيلُ عنْ أبِي إسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ البَرَاءَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ يَقُولُ أتَى النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَجُلٌ مُقَنَّعٌ بالحَدِيدِ فقالَ يَا رسولَ الله أُقَاتِلُ واسْلِمُ قَالَ أسْلِمْ ثُمَّ قاتِلْ فأسْلَمَ ثُمَّ قاتَلَ فقُتِلَ فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَمِلَ قَلِيلاً وأُجِرَ كَثِيراً.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (أسلم ثمَّ قَاتل) فَأسلم ثمَّ قَاتل وَقد أَتَى بِالْعَمَلِ الصَّالح بل بِأَفْضَل الْأَعْمَال وأقواها صلاحاً، وَهُوَ الْإِسْلَام، ثمَّ قَاتل بعد أَن أسلم.
وَمُحَمّد بن عبد الرَّحِيم أَبُو يحيى كَانَ يُقَال لَهُ: صَاعِقَة.

وَهُوَ من أَفْرَاد البُخَارِيّ، وشبابُة بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وَتَخْفِيف الْبَاء الْمُوَحدَة وَبعد الْألف بَاء أُخْرَى: ابْن سوار، بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَتَشْديد الْوَاو بعد الْألف رَاء: الْفَزارِيّ، بِفَتْح الْفَاء وَتَخْفِيف الزَّاي، وَقد مر فِي كتاب الْحيض، وَإِسْرَائِيل هُوَ ابْن يُونُس بن أبي إِسْحَاق عَمْرو بن عبد الله السبيعِي وَإِسْرَائِيل هَذَا يروي هُنَا عَن جده أبي إِسْحَاق.
والْحَدِيث من أَفْرَاده.

قَوْله: (رجل) قَالَ الْكرْمَانِي: قيل: اسْمه الأصرم بِالْمُهْمَلَةِ عَمْرو بن ثَابت الأشْهَلِي وحاله من الغرائب لِأَنَّهُ دخل الْجنَّة وَلم يسْجد لله سَجْدَة قطّ.
قلت: قَالَ الذَّهَبِيّ فِي: بابُُ الْألف: أَصْرَم.
وَيُقَال أصيرم بن ثَابت بن وقش الأشْهَلِي، اسْتشْهد يَوْم أحد.

     وَقَالَ  فِي بابُُ الْعين: عَمْرو بن ثَابت بن وقش الأوسي الأشْهَلِي، ابْن عَم عباد بن بشر، اسْتشْهد بِأحد..
     وَقَالَ  أَبُو عمر: وَفِي بابُُ الْهمزَة: أَصْرَم الشقري، كَانَ فِي النَّفر الَّذين أَتَوا رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من بني شقرة، فَقَالَ لَهُ: مَا اسْمك؟ فَقَالَ: أَصْرَم فَقَالَ: أَنْت زرْعَة..
     وَقَالَ  فِي بابُُ الْعين: عَمْرو بن ثَابت بن وقش بن رَغْبَة بن عبد الْأَشْهَل الْأنْصَارِيّ الأشْهَلِي اسْتشْهد يَوْم أحد، وَهُوَ الَّذِي قيل: إِنَّه دخل الْجنَّة وَلم يصل لله سَجْدَة، فِيمَا ذكره الطَّبَرِيّ.
وَفِيه نظر.
قَوْله: (مقنع) على صِيغَة الْمَفْعُول، أَي: منشى بالحديد.
قَوْله: (وأُجِرَ) على صِيغَة الْمَجْهُول.

وَفِيه: أَن الله تَعَالَى يُعْطي الثَّوَاب الجزيل على الْعَمَل الْيَسِير تفضلاً مِنْهُ على عباده، فَاسْتحقَّ بِهَذَا نعيم الْأَبَد فِي الْجنَّة بِإِسْلَامِهِ، وَإِن كَانَ عمله قَلِيلا، لِأَنَّهُ اعْتقد أَنه لَو عَاشَ لَكِن مُؤمنا طول حَيَاته، فنفعته نِيَّته، وَإِن كَانَ قد تقدمها قَلِيل من الْعَمَل، وَكَذَلِكَ الْكَافِر إِذا مَاتَ سَاعَة كفره يجب عَلَيْهِ التخليد فِي النَّار، لِأَنَّهُ انضاف إِلَى كفره اعْتِقَاد أَنه يكون كَافِرًا طول حَيَاته لِأَن الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ.