هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2473 حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ ، عَنْ مُغِيرَةَ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ سَهْمِ بْنِ مِنْجَابٍ ، عَنْ قَزَعَةَ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَا تُسَافِرِ الْمَرْأَةُ ثَلَاثًا إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2473 حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا جرير ، عن مغيرة ، عن إبراهيم ، عن سهم بن منجاب ، عن قزعة ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تسافر المرأة ثلاثا إلا مع ذي محرم
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

شرح الحديث من فـــتح المــــنعم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسافر المرأة ثلاثاً، إلا مع ذي محرم.


المعنى العام

المرأة كالجوهرة، تصان في حرز مثلها، عرضة للطمع، تحاط بسياج ووقاية من الأخطار التي تتهددها، وهي ضعيفة لا تقوى أمام الرجل على الدفاع عن نفسها، فكان أمنها في عدم خلوة الرجل الأجنبي بها، وكان سفرها بدون زوج أو محرم مجالاً للاعتداء عليها فإذا أضفنا إلى ذلك نوازعها ونفسها الأمارة بالسوء وشهوتها الجامحة، ورغبتها في الرجل وهي لا تقل عن رغبته فيها كان في سفرها وغربتها وبعدها عمن يحميها وعمن تخشاه وتخافه، وعمن يعرفها وتعرفه، وعمن تأنس إليه وتستنجد به، كان في كل ذلك مع مشاعر الخوف في الغربة الكثير والكثير من الأخطار عليها، خصوصاً في عصور تكثر فيها الذئاب البشرية وتقل فيها الرقابة الدينية الداخلية، وتقعد فيها شياطين الإنس والجن على رأس الطرق وفوهات المسالك من هنا كانت حكمة التشريع، وكان النهي الإلهي على لسان الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم لا تسافر المرأة إلا ومعها زوجها أو محرم لها، ولا يخلون رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما، فلا تجتمع المرأة برجل أجنبي إلا أن يكون معهما أبوها أو أخوها أو أمها أو أختها أو ابنها المميز أو عمها أو خالها أو ابن أخيها أو ابن أختها.

وليس في ذلك امتهان لها أو تحقير، وإنما هو في حقيقته تقديس وإعزاز وتكريم، وإنما يصان في الحقيقة الغالي النفيس، وقد جعلها الشارع صنو روح الرجل ودمه، يذود عنها كما يذود عن نفسه، ويبذل في سبيل الحفاظ عليها دمه، فقال صلى الله عليه وسلم من قتل دون عرضه فهو شهيد.

المباحث العربية

( لا تسافر المرأة) لا نافية، والفعل مرفوع، فهو خبر بمعنى النهي، أو ناهية، والفعل مجزوم، ويحرك بالكسر للتخلص من التقاء الساكنين، والنفي أبلغ من النهي، لأن سياقه في صورة الخبر أبلغ في المنع، لإشعاره بأنه أمر ممتثل فعلاً يخبر عنه.

( ثلاثاً) أي ثلاث ليال، وفي ملحق الرواية الأولى فوق ثلاث أي فوق ثلاث ليال وفيها ثلاثة أي ثلاثة أيام، وليس المقصود الزمن والأيام والليالي، وإنما المقصود مسافة السير فيها، كما هو في الرواية الثانية مسيرة ثلاث ليال.

( إلا ومعها ذو محرم) لها، أو ذو محرم منها، كما في الرواية الثالثة والعاشرة والحادية عشرة، وفي الرواية السابعة إلا ومعها رجل ذو حرمة منها قال النووي: واعلم أن حقيقة المحرم من النساء التي يجوز النظر إليها، والخلوة بها، والمسافرة بها كل من حرم نكاحها على التأبيد بسبب مباح لحرمتها، فقولنا على التأبيد احتراز من أخت الزوجة وعمتها وخالتها ونحوهن، وقولنا بسبب مباح احتراز من أم الموطوءة بشبهة وبنتها، فإنهما تحرمان على التأبيد، وليستا محرمتين، لأن وطء الشبهة لا يوصف بالإباحة، وقولنا لحرمتها احتراز من الملاعنة، فإنها محرمة على التأبيد بسبب مباح، وليست محرماً، لأن تحريمها ليس لحرمتها، بل عقوبة وتغليظاً.
اهـ

والاستثناء مفرغ من جميع الأحوال، أي لا يحل لها السفر في حال من الأحوال إلا مصاحبة محرماً لها.

( لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر) أي يحرم، لأن نفي الحل يفيد الحرمة، وقوله تؤمن بالله واليوم الآخر للإثارة والتهييج للالتزام بالحكم، أي من كانت هذه صفتها لا يليق بها أن تفعل ما يلوث هذه الصفة، واختار الإيمان بالله واليوم الآخر من بين ما يجب الإيمان به، لأنهما المبدأ والجزاء، وما بينهما لازم لهما.

( تسافر مسيرة ثلاث ليال) الفعل مسبوك بمصدر من غير سابك، فاعل لا يحل أي لا يحل لها السفر، وقد صرح بحرف المصدر في الرواية الحادية عشرة ، ففيها أن تسافر....

( عن قزعة عن أبي سعيد قال: سمعت منه حديثاً) أي قال قزعة: سمعت من أبي سعيد الخدري حديثاً.

( فأقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم أسمع؟) الكلام على تقدير همزة الاستفهام الإنكاري، بمعنى النفي، والفاء عاطفة على محذوف، والتقدير أأكذب فأقول...؟ لا يقع مني ذلك.

( قال: سمعته يقول...) أي قال قزعة: سمعت أبا سعيد الخدري يقول.

( لا تشدوا الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد) الرحال جمع رحل، وهو للبعير كالسرج للفرس، وكنى بشد الرحال عن السفر، لأنه لازمه في ذاك الوقت غالباً، فالمعنى لا تسافروا بالرواحل أو الخيل أو البغال أو الحمير أو بالسيارة أو بالطائرة أو بالقطار أو مشاة إلا إلى ثلاثة مساجد.

قال الحافظ ابن حجر: والاستثناء مفرغ من عموم الأماكن، والتقدير لا تشد الرحال إلى موضع، ولازمه منع السفر إلى كل موضع غيرها، لأن المستثنى منه في المفرغ مقدر بأعم العام، لكن يمكن أن يكون المراد بالعموم هنا الموضع المخصوص، وهو المسجد.
اهـ كما سيأتي في فقه الحديث.

( مسجدي هذا) أي مسجده بالمدينة صلى الله عليه وسلم.

( والمسجد الحرام) أي المحرم.
قال الحافظ ابن حجر: والمراد به جميع الحرم، وقيل: يختص بالموضع الذي يصلي فيه، دون البيوت وغيرها من أجزاء الحرم.

( والمسجد الأقصى) أي بيت المقدس، وسمي الأقصى لبعده عن المسجد الحرام في المسافة، وقيل في الزمان، وفيه نظر.
وقال الزمخشري: سمي الأقصى لأنه لم يكن حينئذ وراءه مسجد، وقيل لبعده عن الأقذار والخبث، وقيل هو أقصى بالنسبة إلى مسجد المدينة، لأن مسجد المدينة بعد عن مكة، وبيت المقدس أبعد منه.

( لا تسافر المرأة يومين من الدهر) أي مسيرة يومين، كما صرح به في الرواية الرابعة.

( أو زوجها) عدم ذكره في الروايات الأخرى للعلم به، فهو معلوم بالطريق الأولى.

( فأعجبنني وآنقنني) بفتح النونين وبقاف ساكنة بينهما، جمع مؤنث ماض، أي الكلمات الأربع أعجبنني قال النووي: وإنما كرر المعنى لاختلاف اللفظ، والعرب تفعل ذلك كثيراً للبيان والتوكيد، قال تعالى: { { أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة } } [البقرة: 157] .
والصلاة من الله الرحمة، وقال تعالى: { { فكلوا مما غنمتم حلالاً طيباً } } [الأنفال: 69] .
والطيب هو الحلال.

( واقتص باقي الحديث) بقيته ولا صوم يومين.
الفطر والأضحى، ولا صلاة بعد صلاتين.
بعد العصر حتى تغرب الشمس، وبعد الصبح حتى تطلع الشمس، ولا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد.
مسجد الحرام ومسجدي ومسجد الأقصى.

( لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم) قال النووي هذا استثناء منقطع لأنه متى كان معها محرم لم تبق خلوة، فتقدير الحديث لا يقعدن رجل مع امرأة إلا ومعها محرم وقوله صلى الله عليه وسلم ومعها ذو محرم يحتمل أن يريد محرماً لها، ويحتمل أن يريد محرماً لها، أوله، وهذا الاحتمال الثاني هو الجاري على قواعد الفقهاء، فإنه لا فرق بين أن يكون معها محرم لها كابنها وأخيها وأمها وأختها أو يكون محرماً له كأخته وبنته وعمته وخالته، فيجوز القعود معها في هذه الأحوال.

وللمسألة بقية تأتي في فقه الحديث.

فقه الحديث

اختلفت ألفاظ مسافة السفر بين الروايات ثلاثاً.
فوق ثلاث.
ثلاثة.
يومين من الدهر.
مسيرة ليلة.
مسيرة يوم.
مسيرة يوم وليلة.
وبدون تحديد مسافة لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم.

هذه روايات مسلم، وفي رواية لأبي داود لا تسافر بريداً والبريد مسيرة نصف يوم.

قال النووي: قال العلماء: اختلاف هذه الألفاظ لاختلاف السائلين، واختلاف المواطن، ليس في النهي عن الثلاثة تصريح بإباحة اليوم والليلة أو البريد.
قال البيهقي: كأنه صلى الله عليه وسلم سئل عن المرأة تسافر ثلاثاً بغير محرم؟ فقال لا.
وسئل عن سفرها يومين بغير محرم؟ فقال: لا.
وسئل عن سفرها يوماً؟ فقال: لا.
وكذلك البريد.
فأدى كل ما سمعه، ما جاء منها مختلفاً في روايات واحد فيحمل على أنه سمعه في مواطن، فروى تارة هذا، وتارة هذا، وكله صحيح، وليس في هذا كله تحديد لأقل ما يقع عليه اسم السفر، ولم يرد صلى الله عليه وسلم تحديد أقل ما يسمى سفراً، فالحاصل أن كل ما يسمى سفراً تنهى عنه المرأة بغير زوج أو محرم، سواء كان ثلاثة أيام أو يومين أو يوماً أو نصف يوم أو غير ذلك، لرواية ابن عباس المطلقة روايتنا الثانية عشرة وهذا يتناول جميع ما يسمى سفراً.

ثم قال النووي واستدل أصحاب أبي حنيفة برواية ثلاثة أيام لمذهبهم، وقالوا إن قصر الصلاة في السفر لا يجوز إلا في سفر يبلغ ثلاثة أيام.
وهذا الاستدلال فاسد.
اهـ

وقال العيني رواية غير ابن عباس زادت على رواية ابن عباس، فالأخذ بالزائد أولى، ولكن الزائد في نفسه مختلف، فرجح خبر الثلاث.
اهـ

والتحقيق أن رواية ابن عباس غير مضطربة، ورواية غيره مضطربة، فكان الأخذ بالسالمة من الاضطراب أولى من الأخذ بالروايات المضطربة.
ثم إن الزيادة في رواية ابن عباس، لأنها زيادة في الاحتياط والمنع الذي استهدفه الحديث، ثم إن قياس المنع من سفر المرأة على قصر الصلاة قياس فاسد بداهة.
فالعلة في هذا غير العلة في ذاك، فالأصل والفرع لا يشتركان في علة واحدة، إذ علة قصر الصلاة للمسافر التخفيف لحصول المشقة بالسفر، وعلة منع المرأة من السفر وحدها حمايتها وتحقيق الأمن لها، ومجرد سفرها وبعدها عن وطنها وأهلها وحماتها يثير الخوف عليها، ولو كان ذلك ميلاً واحداً، ولذا حرمت الخلوة بها ولو كانت في ديار أهلها.

وتفرع من هذه المسألة مسائل:

الأولى: هل ينطبق ذلك على سفرها لحج الفريضة؟.

الثانية: وهل ينطبق ذلك على سفرها لحج التطوع؟ وللأمور المندوبة؟.

الثالثة: وهل ينطبق ذلك على سفرها لهجرتها من دار الكفر إلى دار الإسلام؟.

الرابعة: وهل يطبق ذلك على العجوز التي لا تشتهى كما يطبق على الشابة؟.

أما عن المسألة الأولى فقد قال النووي أجمعت الأمة على أن المرأة يلزمها حجة الإسلام إذا استطاعت، لعموم قوله تعالى: { { ولله على الناس حج البيت } } وقوله صلى الله عليه وسلم: بني الإسلام على خمس... الحديث.
واستطاعتها كاستطاعة الرجل، لكن اختلفوا في اشتراط المحرم لها، فأبو حنيفة يشترطه لوجوب الحج عليها، إلا أن يكون بينها وبين مكة دون ثلاث مراحل، ووافقه جماعة من أصحاب الحديث وأصحاب الرأي، وحكي ذلك عن الحسن البصري والنخعي.

وقال عطاء وسعيد بن جبير وابن سيرين ومالك والأوزاعي والشافعي في المشهور عنه: لا يشترط المحرم، بل يشترط الأمن على نفسها.
قال النووي: قال أصحابنا: يحصل الأمن بزوج أو محرم أو نسوة ثقات، ولا يلزمها الحج عندنا إلا بأحد هذه الأشياء، فلو وجدت امرأة واحدة ثقة لم يلزمها.
لكن يجوز لها الحج معها.
هذا هو الصحيح.
وقال بعض أصحابنا: يلزمها بوجود نسوة أو امرأة واحدة، وقد يكثر الأمن، ولا تحتاج إلى أحد، بل تسير وحدها في جملة القافلة، وتكون آمنة والمشهور من نصوص الشافعي وجماهير أصحابه هو الأول.
اهـ

ومن الواضح أن مالكاً والشافعية والجمهور اعتمدوا على حكمة التشريع، وعلة منع السفر، ولم يعتمدوا ظاهر النصوص، بينما اعتمد أبو حنيفة نصوص النهي عن سفرها.

وأما عن المسألة الثانية فإن من منعها من السفر لحج الفريضة إلا بالمحرم يمنعها من السفر لحج التطوع وللأمور المندوبة من باب أولى.
أما الجمهور الذي أباح لها السفر لحج الفريضة بدون محرم أو زوج فقد اختلفوا، يقول النووي: واختلف أصحابنا في خروجها لحج التطوع وسفر الزيارة، فقال بعضهم: يجوز لها الخروج فيها مع نسوة ثقات، كحجة الإسلام وقال الجمهور: لا يجوز إلا مع زوج أو محرم، وهذا هو الصحيح، للأحاديث الصحيحة.
وقال القاضي واتفق العلماء على أنه ليس لها أن تخرج في غير الحج والعمرة إلا مع ذي محرم.
إلا الهجرة من دار الحرب.

المسألة الثالثة الهجرة من دار الحرب إلى دار الإسلام.
قال القاضي عياض: اتفقوا على أن عليها أن تهاجر من دار الحرب إلى دار الإسلام وإن لم يكن معها محرم، والفرق بينها وبين الحج أن إقامتها في دار الكفر حرام، إذا لم تستطع إظهار الدين، وتخشى على دينها ونفسها، وليس كذلك التأخر عن الحج، فإنهم اختلفوا في الحج.
هل هو على الفور؟ أو على التراخي؟.

المسألة الرابعة قال الباجي: هذا عندي في الشابة، أما الكبيرة غير المشتهاة فتسافر كيف شاءت في كل الأسفار بلا زوج ولا محرم قال النووي وهذا الذي قاله الباجي لا يوافق عليه، لأن المرأة مظنة الطمع فيها، ومظنة الشهوة، ولو كانت كبيرة، وقد قالوا لكل ساقطة لاقطة، ويجتمع في الأسفار من سفهاء الناس وسقطهم من لا يرتفع عن الفاحشة بالعجوز وغيرها، لغلبة شهوته، وقلة دينه ومروءته وخيانته ونحو ذلك.

ويؤخذ من الأحاديث فوق ما تقدم:

1- استدل الشافعية بعموم قوله: إلا ومعها ذو محرم أن جميع المحارم سواء في ذلك، فيجوز لها المسافرة مع محرمها بالنسب كابنها وأخيها وابن أخيها وابن أختها وخالها وعمها، ومع محرمها بالرضاعة، كأخيها من الرضاع وابن أخيها وابن أختها منه ونحوهم، ومع محرمها من المصاهرة، كأبي زوجها وابن زوجها، ولا كراهة في شيء من ذلك، وكذا يجوز لكل هؤلاء الخلوة بها والنظر إليها من غير حاجة، ولكن لا يحل النظر إليها بشهوة من أحدهم.
قال النووي: هذا مذهب الشافعي والجمهور، ووافق مالك على ذلك كله إلا ابن زوجها فكره سفرها معه، لفساد الناس بعد العصر الأول، ولأن كثيراً من الناس لا ينفرون من زوجة الأب نفرتهم من محارم النسب.
وعموم هذا الحديث يرد عليه.

2- ومن الرواية الثالثة، ومن قوله لا تشدوا الرحال... إلخ فضيلة هذه المساجد الثلاثة، ومزيتها على غيرها، لكونها مساجد الأنبياء، صلوات الله وسلامه عليهم، ولفضل الصلاة فيها.
قال النووي ولو نذر الذهاب إلى المسجد الحرام لزمه قصده بحج أو عمرة، ولو نذر الذهاب إلى أحد المسجدين الآخرين فقولان للشافعي أصحهما عن أصحابه يستحب قصدهما، ولا يجب، والثاني يجب، وبه قال كثيرون من العلماء، وأما باقي المساجد سوى الثلاثة فلا يجب قصدها بالنذر، ولا ينعقد نذر قصدها.
هذا مذهبنا ومذهب العلماء كافة إلا محمد بن مسلمة المالكي فقال: إذا نذر قصد مسجد قباء لزمه قصده، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأتيه كل سبت راكباً وماشياً، وقال الليث بن سعد: يلزمه قصد ذلك المسجد، أي مسجد كان، وعلى مذهب الجماهير لا ينعقد نذره، ولا يلزمه شيء، وقال أحمد يلزمه كفارة يمين.

واختلف العلماء في شد الرحال وإعمال المطي إلى غير المساجد الثلاثة كالذهاب إلى قبور الصالحين، وإلى المواضع الفاضلة ونحو ذلك.
فقال الشيخ الجويني من أصحابنا هو حرام، وهو الذي أشار القاضي عياض إلى اختياره، والصحيح عند أصحابنا، وهو الذي اختاره إمام الحرمين والمحققون أنه لا يحرم ولا يكره، قالوا والمراد أن الفضيلة التامة إنما هي في شد الرحال إلى هذه الثلاثة خاصة.
والله أعلم.

3- ومن الرواية الثانية عشرة، من قوله: لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم حرمة اختلاء المرأة بالأجنبي من غير ثالث، وهذا باتفاق العلماء، وكذا لو كان معهما من لا يستحى منه لصغره، كابن سنتين وثلاث ونحو ذلك، فإن وجوده كالعدم، قال النووي: وكذا لو اجتمع رجال بامرأة أجنبية فهو حرام بخلاف ما لو اجتمع رجل بنسوة أجانب، فإن الصحيح جوازه، لأن الأطماع تنقطع بجماعتهن لأن النساء يستحين من بعضهن بعضاً في ذلك.
وقال القفال كما يحرم على الرجل أن يخلو بامرأة واحدة كذلك يحرم عليه أن يخلو بنسوة، ولو خلا رجل بنسوة وهو محرم إحداهن جاز، قال أصحابنا ولا فرق بين الخلوة في صلاة وغيرها، ويستثنى من هذا كله مواضع الضرورة.

4- واستدل بها بعضهم على أن حج الرجل مع امرأته إذا أرادت حجة الإسلام أولى من سفره إلى الغزو.

5- واستدل بعضهم بقوله انطلق فحج مع امرأتك على وجوب السفر على الزوج مع امرأته إذا لم يكن لها غيره، وبه قال أحمد، وهو وجه الشافعية، والمشهور أنه لا يلزمه، فلو امتنع إلا بأجرة لزمها، فهو في حقها كالمؤونة.

6- وفيه تقديم الأهم من الأمور المتعارضة، فإن الرجل لما عرض له الغزو والحج رجح الحج، لأن امرأته لا يقوم غيره مقامه في السفر معها، بخلاف الغزو.

7- واستدل به بعضهم على أنه ليس للزوج منع امرأته من الحج الفرض، وبه قال أحمد، وهو وجه للشافعية، والأصح عندهم أن له منعها لكون الحج على التراخي.

8- وقد يستدل به على أن الحج على الفور، إذ لو كان على التراخي لقيل للرجل اذهب للغزو هذا العام، واخرج مع امرأتك في عام قابل.

والله أعلم